أكثر ما ظل يشغل بالنا في الآونة الأخيرة كشعوب خليجية هو وقوفنا وسط حيرة من أمرنا بين الدور الذي تلعبه إيران وما تثيره من مشاكل وتدخلات في دول الخليج العربي، ودور الإخوان المسلمين أو ما يعرف بالإسلام السياسي منذ أن سيطرت هذه الجماعات على دول الربيع العربي.
ومع دخول الثورة السورية سنتها الثالثة في مدرسة الكفاح من أجل الحرية، وضح جلياً لكل متابع للمشهد السياسي العام ضلوع إيران في نشر خلاياها الأمنية والاستخباراتية في منطقة الخليج وتدخلها السافر في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربي، حيث كانت وزارة الداخلية السعودية قد أعلنت أن شبكة التجسس التي تم الكشف عنها مؤخرا في المملكة، والتي تضم 16 سعودياً بالإضافة إلى إيراني ولبناني، مرتبطة بأجهزة الاستخبارات الإيرانية، كما كشفت السلطات البحرينية عن خلية إرهابية تهدف إلى تأسيس قوات معارضة مسلحة تحمل اسم "جيش الإمام" لتنفيذ عدد من الأعمال الإرهابية ضد العديد من النقاط الحيوية والعسكرية في مملكة البحرين.
وفي الأسبوع الماضي أشار أستاذ العلوم السياسية والمفكر السياسي الكويتي الدكتور عبد الله النفيسي في ندوة بديوان النائب الكويتي السابق المحامي حسين براك الدوسري إلى خطة إيران في تدريب الشباب الصفويين في دول الخليج، وذلك بترتيب سفرهم إلى صعدة في اليمن، حيث يستقبلهم هناك الحرس الثوري الإيراني ثم يقوم بإرسالهم إلى 4 جزر تستأجرها إيران في إريتريا لتدريب هؤلاء الشباب على إقامة المعسكرات القتالية والتدريب على السلاح والتنظيم السياسي والإعلامي. كما أكد الدكتور النفيسي أن النظام في البحرين كاد أن يسقط لولا تدخل قوات درع الجزيرة، وأن إيران تعتبر الكويت والبحرين وقطر شظايا جغرافية، وأن لديها نشاطا في عدد من دول الخليج في كل من الكويت والمنطقة الشرقية من السعودية والبحرين وقطر والإمارات، مبيناً أن الحديث عن كون مظاهرات المنطقة الشرقية والبحرين هي مظاهرات شرعية هدفها المطالبة بحقوق ومكتسبات وأنها مظاهرات ضد الاستبداد، هو كلام غير صحيح، فمن يطالب بالحقوق لا يرفع صورة خامنئي. وهنا لابد من القول إن على دول الخليج أن تأخذ حذرها من أي ردود أفعال محتملة قد تأتي من قبل الصفويين في حالة سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.
كذلك ومن ضمن آثار الربيع العربي طفوّ التيار الإسلام السياسي على السطح المتمثل في جماعة الإخوان المسلمين، مما جعل وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان في العام الماضي يؤكد أنه يجب على دول الخليج أن تتعاون لمنع جماعة الإخوان المسلمين من التآمر على الحكومات الخليجية، متهماً إياها بأنها "لا تؤمن بالدولة الوطنية ولا بسيادة الدول"، وكانت الإمارات قد ألقت القبض على عدد من الإسلاميين واتهمتهم بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين من أجل التآمر للإطاحة بالحكومة. كما ردد ضاحي خلفان قائد شرطة دبي في أكثر من مناسبة أن هناك مخططا دوليا من جانب جماعة الإخوان المسلمين ضد دول الخليج العربي. كما أعلنت السلطات الأمنية المختصة في الإمارات وبالتنسيق مع الجهات الأمنية المختصة بالمملكة العربية السعودية، إلقاء القبض على خلية منظمة من مواطني البلدين، كانت تخطط لتنفيذ أعمال تمس بالأمن الوطني لكلا البلدين وبعض الدول الشقيقة.
فعلى الشعوب الخليجية أن تتوحد لمواجهة الأخطار الداخلية والخارجية التي تحدق بأمنها ومكتسباتها، وألا تنساق وراء الشعارات التي تجرهم إلى قاع الطائفية السحيق وإلى تمزيق النسيج الوطني للمجتمع الخليجي، وعلى الحكومات الخليجية استثمار جهودها بما فيه صالح شعوبها والتركيز على موضوع المواطنة، وعليها أن تقف "كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، وعلينا جميعا أن نعمل من أجل ضمان أمن واستقرار الخليج العربي. خالد عبد الرحيم السيد
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video