آخر تحديث للموقع :

السبت 10 ربيع الآخر 1446هـ الموافق:12 أكتوبر 2024م 09:10:46 بتوقيت مكة
   أنظر كيف يحث علماء الشيعة أتباعهم على هجر القرآن ..   عند الشيعة من لا يعتقد بتحريف القرآن لا يعتبر من شيعة أهل البيت ..   مصحف آل الصدر وسورة مقتدى الصدر ..   هل هناك فرق بين الله عزوجل والأئمة عنتد الشيعة؟ ..   يعتقد الشيعة أن القرآن من دون العترة كتاب ضلال ..    مشاهدات من زيارة الأربعين 2024م ..   تم بحمد الله إصلاح خاصية البحث في الموقع ..   ضريح أبو عربانة ..   شكوى نساء الشيعة من فرض ممارسة المتعة عليهن ..   باعتراف الشيعة أقذر خلق الله في شهوة البطن والفرج هم أصحاب العمائم ..   قصة الجاسوسة الإسرائيلية في إيران ..   طقوس جديدة تحت التجربة ..   تحريض مقتدى الصدر على أهل السنة ..   فنادق جديدة في بغداد وكربلاء لممارسة اللواط ..   يا وهابية: أسوار الصادق نلغيها ..   حتى بيت الله نحرقة، المهم نوصل للحكم ..   كيف تتم برمجة عقول الشيعة؟ ..   لماذا تم تغيير إسم صاحب الضريح؟ ..   عاشوريات 2024م ..   اكذوبة محاربة الشيعة لأميركا ..   عند الشيعة: القبلة غرفة فارغة، والقرآن كلام فارغ، وحبر على ورق وكتاب ظلال ..   الأطفال و الشعائر الحسينية .. جذور الإنحراف ..   من يُفتي لسرقات وصفقات القرن في العراق؟ ..   براءة الآل من هذه الأفعال ..   باعترف الشيعة أقذر خلق الله في شهوة البطن والفرج هم أصحاب العمائم ..   الشمر زعلان ..   معمم يبحث عن المهدي في الغابات ..   من كرامات مقتدى الصدر ..   من صور مقاطعة الشيعة للبضائع الأميركية - تكسير البيبسي الأميركي أثناء قيادة سيارة جيب الأميركية ..   من خان العراق ومن قاوم المحتل؟   ركضة طويريج النسخة النصرانية ..   هيهات منا الذلة في دولة العدل الإلهي ..   الشيعة والآيات الجديدة ..   من وسائل الشيعة في ترسيخ الأحقاد بين المسلمين ..   سجود الشيعة لمحمد الصدر ..   عراق ما بعد صدام ..   جهاز الاستخبارات الاسرائيلي يرفع السرية عن مقطع عقد فيه لقاء بين قاسم سليماني والموساد ..   محاكاة مقتل محمد الصدر ..   كرامات سيد ضروط ..   إتصال الشيعة بموتاهم عن طريق الموبايل ..   أهل السنة في العراق لا بواكي لهم ..   شهادات شيعية : المرجع الأفغاني إسحاق الفياض يغتصب أراضي العراقيين ..   محمد صادق الصدر يحيي الموتى ..   إفتتاح مقامات جديدة في العراق ..   كمال الحيدري: روايات لعن الصحابة مكذوبة ..   كثير من الأمور التي مارسها الحسين رضي الله عنه في كربلاء كانت من باب التمثيل المسرحي ..   موقف الخوئي من انتفاضة 1991م ..   ماذا يقول السيستاني في من لا يعتقد بإمامة الأئمة رحمهم الله؟ ..   موقف الشيعة من مقتدى الصدر ..   ماذا بعد حكومة أنفاس الزهراء ودولة العدل الإلهي في العراق - شهادات شيعية؟ ..

" جديد الموقع "

الثورة الإيرانية في بعدها السياسي ..

ويشمل الفصول التالية:

الفصل الأول: الولايات المتحدة الأمريكية والثورة الإيرانية.

الفصل الثاني: أطماع الرافضة في الخليج والعراق.

الفصل الثالث: ماذا وراء التقارب النصيري الرافضي.

الفصل الرابع: أوكارهم في العالم الإسلامي.

الفصل الخامس: الوضع الداخلي في إيران.

الفصل الأول

الولايات المتحدة الأمريكية والثورة الإيرانية

ويشمل الأبحاث التالية:

1_ أصول لا بد من معرفتها.

2_ إيران إلى أين.

3_ الولايات المتحدة والثورة الإيرانية.

4_ من أفواههم ندينهم.

المبحث الأول

أصول لا بد من معرفتها

سيجد القراء عبارات في هذه الدراسة يصعب عليهم فهمها إما لأنهم يرون أنها تخالف ما سبق أن اطلعوا عليه من آراء ودراسات سياسية، أولأنها تبدولهم متناقضة .. لهذا رأينا أن نحدد أصولا عامة نبين من خلالها واقع الرافضة وسائر الفرق الباطنية وما هوالأسلوب الذي يعتمدون عليه في سياسة أمورهم. ولقد اعتمدنا في تحديد هذه الأصول عن تاريخهم، وعقائدهم، وخبرتنا الخاصة من خلال رصدنا لأخبارهم، وأهم هذه الأصول ما يلي:

1_ مركز قيادة الشيعة والفرق الباطنية المتفرعة عنها في مختلف أنحاء العالم إيران. أشار الخميني الى هذه الحقيقة في كتابه الحكومة الاسلامية، وصرح بذلك ما يسمى آية الله

شر يعتمداري في لقاء له مع صحيفة السياسة 26/ 6/1978 قال فيه: إن زعامة الشيعة في إيران وفي قم بالذات وطالب بمجلس أعلى للشيعة في العالم.

واذا كان لا بد من التفريق ما بين الشاه المخلوع والزعماء الدينيين، فالتنظيم الباطني الرافضي العالمي كان وما زال مرتبطا مع الزعماء الدينيين وليس مع الشاه، مرتبطا بهم من خلال (الحسينيات) و(الحوازات العلمية)، ويتولى العلماء الإيرانيون توجيه وتثقيف الشيعة في معظم بلدان العالم، وتراهم يغيرون ويبدلون في أسمائهم فيحذفون منها الكنية الفارسية ويضيفون إليها أصلا عربيا.

ومن ثم يزعمون أنهم من أصل عربي ومن آل البيت، وأن جدهم هاجر لإيران

-218 - 

قبل كذا سنة وأنهم اليوم عادوا الى وطنهم وأملاكهم ويشهد لهم بذلك جميع الشيعة من سكان البلد العربي الذي استوطنوا فيه.

2_ ليس لخلافات الشاه المخلوع مع الخميني أثر كبير عند أبناء الطائفة خارج إيران، فالمهم ولاء الطائفة وأنصارها للقيادة السياسية والزعامة الدينية في إيران معا، ونضرب مثالين على ذلك:

المثال الأول: في تشرين الثاني من عام 1968 قام شاه إيران بزيارة للكويت، وقبل الزيارة عرض الشيعة ومعظمهم من الإيرانيين على الحكومة أن يقوموا بفرش طريقه كله بالسجاد، من المطار الى قصر الضيافة، وهي مسافة تكاد تصل الى عشرة كيلومترات، فأجابتهم الحكومة بالموافقة شريطة أن يفعلوا الشيء نفسه مع كل رئيس يزور البلاد فأبوا .. هؤلاء التجار كانوا يرفعون ويزينون دورهم ومكاتبهم بصورة الشاه فاستبدلوها بصورة الخميني عندما خرج الشاه من البلاد، وابتهجوا بالثورة المسماة بالاسلامية ن وما سمعنا أن واحدا منهم قد امتدت إليه أصابع الثورة بالاتهام لأنه من (السافاك) مع ان عدد (السافاك) فيهم كبير جدا.

المثال الثاني: كان لقيادة النظام النصيري في سورية صلات وثيقة مع شاه إيران المخلوع ونظامه، وصارت لهم صلات أوثق وأقوى مع الثورة الجديدة بقيادة الخميني، وليس هناك من نيقول: كيف كانت علاقتهم قوية مع الشاه ثم أصبحت كذلك مع الخميني؟!

المهم أنهم حلفاء وأنصار للقيادة السياسية الإيرانية مهما كانت هويتها، وللزعامة الدينية في قم.

ومما يجدر ذكره أن كثيرا من الآيات في داخل إيران وخارجها كان لها صلات متينة مع شاه ايران المخلوع، وكانوا يطالبون بإصلاحات دون أن يتطرقوا لخلع الشاه.

-219 - 

ومن هذه الآيات من كان أعلى مرتبة دينية من الخميني كشر يعتمداري والخوئي.

3_ معظم الفرق الباطنية المتفرعة عن الشيعة لها جذور فارسية، فالنصيريون مثلا ينتمون الى جدهم محمد بن نصير وهومولى!! من موالى بني نمير (232_260) سامراء، ثم هاجر أحفاده الى سورية خلال الغزوالقرمطي لبلاد الشام، واستوطنوا في جبال الكلبيين في الشمال الغربي من سورية، وسميت فيما بعد بجبال النصيرية نسبة إليهم.

وعقيدة النصيرية تشبه الى حد بعيد عقائد المجوس في اعتمادها على السرية وأخذها بالتقية والحلول وتناسخ الأرواح.

فارتباط النصيرية بإيران ارتباط عرقي من جهة، وعقائدي من جهة أخرى.

4_ الخلافات التي كانت _ وما زالت _ قائمة بين زعماء الأحزاب السياسية، وأسرة بهلوى، وسادة الحوزات العلمية في قم ومشهد وغيرهما، ليس لها أي تأثير على سياسة إيران الخارجية، وأطماع الفرس في عدد من الدول المجاورة:

فالشاه محمد رضا كان ينادي بالبحري وشط العرب، وكان قد احتل الجزر العربية الثلاث (طمب الكبرى، والصغرى، وأبي موسى).

وجاء زعماء ثورة الخميني فزعموا ان الجزر المحتلة فارسية. وأن الخليج فارسي، وتمادوا أكثر فطالبوا بالبحرين والعراق ومكة والمدينة وجنوب لبنان، بل ويحاولون إقامة إمبراطورية شيعية كبرى تمتد لتشمل جميع البلدان الاسلامية تحت قيادة مرشد يجب أن تكون جنسيته ايرانية

-220 - 

كما نص دستورهم مؤخرا، فقالوا صراحة لا يجوز أن يكون هذا المرشد عراقيا أولبنانيا.

وفي 20/ 10/1979 أجرت صحيفة الأنباء حوارا مع الدكتور شابور بختيار رئيس وزراء ايران السابق.

وعندما سألت الصحيفة بختيار عن الجزر العربية المحتلة، زعم أنها ليست عربية وأنه لا مالك لها، كما رفض الاعتراف بحق كل من الأكراد وعرب ايران والبلوش في الاستقلال الذاتي ضمن دولة ايران.

أدلى بختيار بهذه التصريحات في وقت عصيب بالنسبة له، ومن مصلحته أن يداهن فيه للدول العربية المجاورة لإيران التي أغضبتها ثورة الخميني، لكنه أبى أن يأخذ بالتقية وحرص على الوضوح والصراحة وهوفي حالة الضعف.

ومن هنا نقول أن سياسة الخميني الخارجية لا تختلف عن سياسة الشاه أوسياسة بختيار. تعددت الأسباب والموت واحد.

5_ الشيعة والنصيريون وسائر الفرق الباطنية التي تتفرع عن الشيعة يعتمدون إصدار التصريحات المتضاربة، ويفتعلون الخلافات:

فهذا يهدد بتصدير الثورة وبعد أن يصبح هذا التهديد حديث العالم يصدر مسؤول آخر تصريحا يؤكد فيه ان ثورتهم غير قابلة للتصدير، وأن الذي أصدر التصريح الأول ليس مسؤولا، ومن ثم يركب الباطنيون كل موجة من موجات التحرر والباطنية والثورية والجمهورية وما الى ذلك من شعارات حديثة.

والشعارات التي يرفعونها ليست أكثر من استهلاك محلي وتخطيط مرحلي، وتراهم

-221 - 

يقولون شيئا ويقصدون شيئا آخر. وهذا الأسلوب يتمشى مع عقيدتهم في التقية، ويلائم شدة إيمانهم بالسرية.

لقد كذب الروافض على الله وعلى رسوله وكذبوا على أصحاب رسول الله، وعلى علي وأبنائه الذين يقولون بعصمتهم، وملأوا التاريخ دسا وافتراء، وسبق أن نقلنا _ في الباب الثاني _ أقوال علماء الجرح والتعديل بهم، فلا يصح اعتقاد الصدق بأقوالهم وأفعالهم.

وهم بعد ذلك أشربوا حب الغدر، فمن يراقب أحوالهم يرى أنهم يستمرون سنوات طويلة في حركة من الحركات الوطنية، حتى يتمكنوا من السيطرة عليها واحتوائها، فاذا نجحوا في تحقيق هدفهم قلبوا ظهر المجن لشركائهم، وداسوا بأقدامهم الشعارات التي كانوا يطوفون حولها ويدعون الناس الى تعظيمها وعبادتها.

ووصف علماؤنا أسلوبهم هذا فقالوا:

(يميلون الى كل قوم بسبب يوافقهم ويميزون من يمكن أن يخدعوه ممن لا يمكن، فهم يدخلون على المسلمين من جهة ظلم الأمة لعلي وقتل الحسين رضي الله عنهما، وان كان المخاطب يهوديا دخلوا عليه من جهة انتظار المسيح ومسيحهم هوالمهدي، وان كان نصرانيا فاعكس وهكذا).

أما السرية فهي أصل من أصولهم حتى لوكان الحكم لهم وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على غموضهم وعدم وضوح أهدافهم. فهم يقولون في أجهزة إعلامهم شيئا، ويبيتون في الخفاء خلافهم، وكل من يتعاملوا معه لا بد ان يهيأ نفسه لمفاجآت كثيرة تخالف ما يعرفه عنهم.

-222 - 

6_ ينظر الباطنيون الرافضة الى المسلمين العرب بمنظار الحقد والكراهية، لا لشيء إلا لأنهم هدموا مجد فارس وقهروا سلطان كسرى، والتاريخ خير شاهد على عمق تعاونهم مع الكفرة والمشركين والاستعانة بهم ضد السنة المسلمين:

استخدمهم التتار في أبشع مجازر شهدها التاريخ الاسلامي، وكان زعيمهم نصير الكفر الطوسي وزيرا لهولاكوودليلا له في إبادة معظم المسلمين في بغداد.

واستخدمهم النصارى في الحروب الصليبية المشهورة وتطوع النصيريون فقاتلوا المسلمين في ساحل بلاد الشام، وعملت الدولة العبيدية المجوسية كل ما تقدر عليه من أجل تثبيت أقدام الصليبيين في مصر، كما قام بعض الأمراء من الشيعة الإمامية بتسليم مناطقهم للصليبيين دون قتال في بعض أجزاء الشام.

واستخدمهم البرتغاليون والانكليز ضد الدولة العثمانية المسلمة وضد المسلمين بشكل عام، ولعب الصفويون دورا خبيثا في تمكين الكفرة المستعمرين من ثغور بلاد المسلمين.

وسنذكر شواهد كثيرة في الفصول المقبلة على تعاونهم مع الموارنة وأمريكا وإسرائيل كما حصل في حرب لبنان عام 1975، وكما هوحاصل في ايران اليوم.

إنهم مطايا لأعداء الاسلام في كل عصر ومصر، وواهم جدا من أحسن الظن بهم واعتقد

بأن شيعة اليوم خير من شيعة الأمس.

7_ للباطنيين الرافضة جذور اشتراكية قديمة ذلك لأن القرامطة غصن من غصون شجرتهم

-223 - 

الخبيثة التي غرسها (مزدك) وجاء أبوحامد القرمطي من بعده ليتعهدها ويرعاها.

ومن الأساليب التي يستخدمها الباطنيون الرافضة في نشر دعوتهم:

الفوضى فلا يأمن الانسان في ظل أنظمتهم على نفسه وماله وعرضه، ويستغلون هذه الفوضى فيعمدون الى تصفية خصومهم وارهاب من لم يصف.

8_ ليس في عقيدتهم أصول تمنعهم من المحرمات أوتردعهم عن فعل المنكرات فإيمانهم بالتقية جعل منهم أكذب أمة، وعقيدتهم في المتعة جعلت من معظمهم زناة بغاة، ووقاحتهم مع أصحاب رسول الله (ص) سهلت عليهم شتم المؤمنين والافتراء على المتقين

أجل أية عقيدة هذه التي تربي عليها رفعت الأسد وأبناء ملته؟!.

بل أية عقيدة هذه التي خرجت الموسيقار الدكتور صادق طباطبائي نائب رئيس الوزراء الايراني؟!.

وننكر أن منهم من يتظاهر بالخلق الحسن، ولكن أي خلق هذا الذي لا يتورع صاحبه عن الكذب والشتم والزنا باسم المتعة ومصاحبة أهل الشر؟!.

*******

هذه الأصول لا بد أن يتذكرها القراء عند قراءة كتب الرافضة، وعند الدخول معهم بحوار، وعند متابعة أنشطتهم وتقويم منهجهم ومخططاتهم.

وعند تجاهل هذه الأصول سيجد من يتصدى للحكم عليهم نفسه أمام تناقضات وقضايا متضاربة. فقد يحكم عليهم من خلال رأي سمعه من أحد زعمائهم ويقبل هذا الرأي

-224 - 

لأنه لا يعلم أن عقيدة هذا الزعيم تبيح له الكذب باسم (التقية)، ومن ثم قد يقرأ رأيا لهذا الزعيم يناقض ما سمعه منه فيقول بكل سذاجة وغفلة عن الرأي الثاني: لقد افترت هذه الجهة التي نقلت عنه الرأي الثاني، وهذه من الوسائل التي تحارب أجهزة الاعلام العالمية الدعاة الى الله.

وجملة القول فإن الشيعة اليوم نجحوا في إقامة دولة لهم في ايران، ويتطلعون الى تحقيق امبراطورية كبرى، ولا يستطيع أي كاتب أوباحث في قضايا العالم الاسلامي أن يتجاهلهم، ودراسة شؤونهم لا بد لها من خلفيات وخطوط عريضة.

مثلا من يكتب عن اليهود لا بد أن يلم بتاريخهم، ومواقفهم من أنبياء الله، ونظرتهم الى غير اليهود، وحبهم للمال .. واذا أهمل الكاتب هذه القضايا فستكون نتائج بحثه تافهة لا قيمة لها.

لهذا ولغيره قدمنا هذه الأصول عن الرافضة لتكون في أذهان قرائنا وهم يتابعون معنا هذه الدراسة.

-225 - 

المبحث الثاني

إيران إلى أين؟!

رياح التغير التي تهب على ايران منذ بضعة أشهر وضعت الناس أمام عدد من الأسئلة:

_ متى وكيف ستنتهي هذه الأحداث؟!.

_ هل أحداث ايران داخلية أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟!.

_ هل سيتأثر الوفاق الدولي بهذه الأحداث؟!.

وللإجابة على هذه الأسئلة لا بد لنا من التعرف على المعارضة التي تواجه الشاه.

المعارضة:

خصوم الشاه في داخل ايران كثر، فهناك أطراف لم يرد ذكرها اعلاميا ومنها: الأكراد، عرب الأحواز، البلوش.

وسنخص في هذا التقرير الحركات والأحزاب التي لعبت دورا فعالا في مواجهة نظام الشاه ومن أبرزها:

1_ حزب توده:

وهوحزب شيوعي مرتبط بالاتحاد السوفياتي، ويتحدث عنه وعن أثره صنفان من الناس:

أنصار الشاه في داخل ايران وخارجها، وخاصة في الاطار العربي .. يزعم هؤلاء أن حزب توده من أقوى المعارضين، وهوالبديل الوحيد عند سقوط الشاه

-226 - 

وعندئذ ستكون المنطقة مهددة باجتياح شيوعي يعيد للأذهان ذكرى غزوالتتار"1".

والشيعة يقولون عكس الكلام الأول: حزب توده لا قيمة له، واذا أقاموا حكومتهم فسيمارس الحزب نشاطه وسيكون لأفراده حرية سياسية في ظل نظام شيعة الخميني.

والذي نراه أن حزب توده نشأ في ايران عام 1942م وانتظم في صفوفه كثير من العمال، وتزعم المعارضة بعد عودة الشاه عام 1953، وللحزب جناح عسكري يقوم بأعمال عنف في ايران، ويمتلك محطة بث من ألمانيا الشرقية .. ولا نملك أرقاما دقيقة عن عدد أفراد الحزب ومدى قوته لأنه يمارس نشاطه بشكل سري، غير أن شاه ايران ومخابراته _ السافاك _ قد أنهكوا الحزب خلال ربع قرن كانوا يمارسون أشد أنواع الاضطهاد والتنكيل والقتل مع أفراده، ولكن الحزب لا يملك قواعد شعبية واسعة تمكنه من حكم ايران اذا رحل الشاه.

والحديث عن حزب توده يقودنا الى الحديث عن الاتحاد السوفياتي الذي يمول الحزب ويحركه كيفما يريد: فالاتحاد السوفياتي يحد ايران شمالا، ويتطلع للوصول الى شواطئها الدافئة منذ عهود القياصرة، وسبق له أن اقتسم مع بريطانيا ايران عام 1907، وفي عهد

كتب هذا التقرير في تاريخ 2/ 2/1399، وكان الخميني ما زال في (نوفل لوشاتل) بفرنسا، والشاه ما زال على رأس الحكم في طهران .. وعلى وجه التحديد جاء هذا التقرير في المرحلة التي سبقت تشكيل حكومة شابور بختيار بقليل. ونسوقه دون ان نحذف منه أونضيف إليه شيئا.

-227 - 

عقد رضا بهلوى مع السوفيات معاهدة عام 1921، أعطاهم بموجبها امتيازات في بلاده، وفي عام 1940، عرض ستالين على هتلر _ الزعيم الألماني _ اقتسام ايران بينهما فرفض الأخير وحاول مع بريطانيا فرفضت، وهذا الرفض الغربي أغضب ستالين فلجأ الى تشكيل جمهورية في (أذربيجان) الفارسية وجعل عاصمتها تبريز.

وفي عام 1946 اضطر السوفيات الشيوعيون الى الرحيل من ايران المحتلة تحت تهديد الولايات المتحدة لهم.

وحاجة السوفيات اليوم الى احتلال ايران أشد من حاجتهم في الماضي فالدراسات الاقتصادية تؤكد أن الاتحاد السوفياتي سيكون في عداد الدول المستوردة للبترول منذ عام 1985، وقبل هذا فهويخشى من الأسلحة الأمريكية التي تتكدس في ايران، ويعلم أن هذه الأسلحة سيستخدمها الأمريكان ضده عند اللزوم، ويشعر السوفيات بأن شاه ايران قد أساء لهم كثيرا. أساء لهم في حربه للشيوعيين داخل ايران، وفي قضائه على الثورة الشيوعية في ظفار، وفي حربه للشيوعيين حكام عدن.

ويتابع السوفيات أخبار ايران بقلق، يتابعها من خلال اللعبة الدولية مع الأمريكان وقد تبادلت الدولتان الانذارات، وصرح كارتر أخيرا بأنه لا دليل عنده بأن السوفيات يتدخلون في اضطرابات ايران الداخلية، ويتابع السوفيات أخبار ايران عن طريق عميله _ حزب توده _.

وخلاصة القول: لن يرث الشيوعيون حكم ايران اذا رحل الشاه، وليس من مصلحتهم أن يستمر الحكم العسكري الديكتاتوري المناوئ لهم، وأحسن مناخ يناسب الشيوعيين في ايران أن يكون الحكم (ديمقراطيا) وأن يشتركوا فيه، وسيتاح لهم استغلال الأحزاب

-228 - 

اليسارية كحركة فدائيي الشعب وهوتنظيم ماركسي يتخذ من حرب العصابات داخل المدن وسيلة لتحقيق منهجه، والاتحاد الشيوعي الإيراني وهوتنظيم ماركسي كذلك .. كما أن حزب توده سيتخذ من الجبهة الوطنية سلما لتحقيق أطماعه، أما اذا تقسمت ايران الى دويلات طائفية فسيعود السوفيات الى اقامة جمهوريتهم القديمة (أذربيجان).

وطريقة الشيوعيين معروفة يستغلون الديمقراطية حتى اذا وصل الأمر إليهم أذاقوا المواطنين أشد ألوان التنكيل والاضطهاد.

2_ الجبهة الوطنية:

امتداد لحركة رئيس الوزراء السابق الدكتور مصدق، وتضم عدة تنظيمات:

تنظيم سياسي يتزعمه الدكتور كريم سنجابي، وآخر باسم (لجنة حركة دعم اليسار في ايران) وثالث باسم (مجاهدوالشعب أوالاسلام الثوري).

والجبهة الوطنية حركة مجردة من أي فكر وتشبه الى حد كبير الأحزاب الوطنية في البلاد العربية كحزب الوفد في مصر، وحزب الأمة في السودان، والحزب الوطني أوحزب الشعب في سورية وأمجاد زعماء هذه الأحزاب صنعها الاستعمار ليتترس من ورائها.

فالدكتور كريم سنجابي قام بزيارة عمل للخميني في فرنسا واتفق معه على كل شيء كما صرحا في البيانات التي صدرت عنهما ولا ندري كيف سمح له الشاه بمغادرة البلاد في ظل حكومة عسكرية ارهابية، ثم ألقى القبض عليه وأفرج عنه بعد أيام وتبين أنه عقد عدة اجتماعات مع الشاه ومع مسؤولين أمريكيين كبار"1"

الهدف 14/ 12/1978.

-229 - 

ومن الذين تطرح أسماؤهم لتشكيل وزارة (علي أميني) وهورئيس وزراء سابق (61، 62) وجاءت وزارته بعد الدستور، وفي عهد وزارته أبرمت معاهدة السنتو، ووجهت إليه تهمة ابتزاز الأموال بعد إقالة وزارته، وكانت أمريكا هي التي جاءت به"2".

وكذلك غلام حسين صديقي والدكتور بختيار والسيد انتظام، وكلف مؤخرا الدكتور بختيار وكلهم عملاء للولايات المتحدة الأمريكية، حتى أن عباس هويدا أرادت أمريكا أن تصنع منهم بطلا فألقى نظام الشاه القبض عليه وأودعه معتقلا من المعتقلات الايرانية، ورضا محمد بن الشاه يتظاهر بالاصلاح ويدعوالطلبة الايرانيين الى الالتقاء معه ودراسة الأوضاع الراهنة في ايران.

3_ الزعامة الشيعية:

كان لعلماء الشيعة الكلمة الأولى في سياسة ايران في العهود التي سبقت أسرة بهلوى، ثم نشب خلاف عنيف بينهم وبين رضا بهلوى، واستمرت معارضتهم بعد هلاك رضا، وقاد المعارضة الدينية ضد محمد رضا (روح الله الخميني)، وانتهت هذه المعارضة عند إخراجه من ايران.

ويطالب الخميني _ اليوم _ بطرد الأسرة البهلوية، وانهاء النظام الملكي، وقيام نظام جمهوري ديمقراطي يحكم الشريعة الاسلامية _ حسب عقيدة الشيعة _. وفي الوقت نفسه يطالب آية الله شر يعتمداري بالعودة الى دستور 1906 وتحكيم الشريع الاسلامية، وتحقيق حكم ديمقراطي ولا مانع من بقاء أسرة بهلوى في الحكم.

ايران في ربع قرن ص48،62.

-230 - 

ويبدوأن القول عند الشيعة ما يقوله الخميني فلقد سموه قائدهم الأعلى، وصاروا يتحركون حسب الأوامر الصادرة عنه .. ولما كانت معارضة الخميني أقوى ما يواجهه الشاه فسنرى هل هي ذاتية مستلقة أم أن لها جذور خارجية؟!.

الدور الأمريكي:

تزعم الادارة الأمريكية أن المخابرات المركزية قد قصرت في مهمتها، وأن بعض المسؤولين فيها يستجوبون من قبل البيت الأبيض وهيئة المحققين في الكونغرس"3".

وهذه الرواية مرفوضة جملة وتفصيلا ذلك لأن في ايران أكثر من (40000) عسكري أمريكي _ على ذمة لوموند الفرنسية وغيرها _ يعملون كخبراء وقادة في وزارتي الداخلية والخارجية، وفي دوائر الأمن و(السافاك) وشركات النفط. ويمتلكون أحدث أجهزة التجسس ولهم مطلق الحرية داخل ايران وخارجها على حدود ايران مع السوفيات وفي منطقة الخليج، ونسبتهم الى الجيش الايراني تعادل 7/ 1، وفي كل طائرة من الطائرات (اف14) 15 خبيرا عسكريا أمريكيا"4".

فكيف نصدق بعد هذا كله أن حوادث ايران كانت مفاجئة للمخابرات الأمريكية وهي تحاسب الآن على تقصيرها؟!.

أما الرواية الثانية فهي تقول: ان وكالة المخابرات الأمريكية أرادت تأديب الشاه، وتقليص سلطاته، وتحجيم وزنه في المنطقة فوقعت الفوضى وتجاوزت الاضطرابات حدودها، وهذه الرواية قوية لأسباب كثيرة من أهمها:

عن الواشنطن بوست في منتصف كانون الأول عام 1978.

مجلة أفياشن ويك.

-231 - 

1_ صار الشاه يتطلع لإقامة امبراطورية فارسية كبرى تكون الدولة السادسة في العالم، ومن أجل تحقيق أطماعه راح يمتلك أحدث أنواع الأسلحة في العالم، وأنفق على التسلح أكثر من عشرين ألف مليون دولار، ولجأ الى الترف والاسراف في المناسبات لتكون أعياده ملائمة لمكانته التي يتطلع إليها.

2_ قام بزيارة للإتحاد السوفياتي، واستقبل مسؤولين سوفيات، وكانت أمريكا تنظر الى هذه الاتصالات نظرة شك وريبة.

3_ لقد نفذ صبر الأمريكان عندما أخذ الشاه يعاملهم معاملة الند للند. ففي 15/ 3/1976 نقلت عنه وكالة الأنباء التصريح التالي:

(إن ايران تستطيع أن تضر بالولايات المتحدة المريكية بقدر ما يستطيع الأمريكيون الاضرار ببلاده ان لم يكن أكثر. وقال ان أي انتقام ايراني لن يكون قائما على أساس مبدأ ايران كمصدرة رئيسة للنفط وإنما سيكون بوسعها خلق متاعب للولايات المتحدة في منطقة الخليج). قال هذا الكلام في مقابلة مع مجلة أمريكية"5".

وفي عام 1977 تبنى زيادة أسعار النفط بنسبة 15%، كما تبنى عدم زيادة انتاج النفط.

فكيف تصمت المخابرات الأمريكية على تمرد عميل من عملائها تكفلت بحمايته منذ ربع قرن، ولقد كلفها الكثير، وصار الوجود الأمريكي في بلده قضية حياة أوموت.

وكان الشاه مدركا لدور المخابرات الأمريكية وتورطها في أحداث بلاده.

هي. يو. اس. نيوز أندرورلد ريبورت.

-232 - 

قال في مجلس خاص لبعض الزائرين الأمركيين أنه تلقى تقارير مفادها أنه ربما كان الأمريكيون بالاشتراك مع شركات النفط متورطين في اثارة بعض الاضطرابات الأخيرة"6".

وفي حديث للشاه مع مجلة (تايم) الأمريكية الأسبوعية انتقد وكالة الاستخبارات المركزية التي قال أنها بدأت منذ 15 عام بإقامة اتصالات مع المنشقين عنه للاحتفاظ بنفوذ لدى أي واحد قد يتمكن من الاحاطة به .. وأضاف الشاه قائلا اذا ترك العرش فإن ألوفا من الناس سيموتون في القتال الذي سيتبع ذلك. واذا حدث ذلك فإنه يشعر بأن القوة الشيوعية في النهاية ستفرض سيطرتها على ما سيكون بلدا مفلسا ومقسما"7".

يتحدث الشاه عن المخابرات الأمريكية حديث المطلع العارف لأسلوبها ونهجها. فهي لا تلتزم في تعاملها مبدأ من المبادئ ولا تتقيد بأية قاعدة من قواعد الأخلاق. إن عقيدتها المصلحة وخلقها التآمر على أعز أصدقائها، ومن الخطوط العريضة لسياستها التعامل في كل بلد مع عدة أطراف لتبقى مصالحها مضمونة مهما حصل من تغييرات وانقلابات.

وقد بلغ الشاه الستين وليس له عشيرة أوحزب قوي يرثه عند هلاكه، وسئم الشعب من حكمه، وها هويحاول التخلص منه، ويبحث عن بديل له .. وأقوى بديل معقول للشاه شيعة الخميني لا سيما والشعوب أخذت تطالب بالاسلام فليكن هذا الاسلام شيعيا أمريكيا عفوا لقد تحدثنا عن النتائج قبل سرد الأدلة والأسباب

صحيفة (كريستيان سانيس مونيتور) ترجمة الصحف العربية 30/ 12/78

الترجمة عن الصحف العربية 21/ 11/78.

-233 - 

مر معنا قبل قليل تصريح الشاه يتهم فيه وكالة المخابرات الأمريكية بأنها وراء التخطيط للاطاحة به، وأن لها صلات قوية مع المعارضة، والخميني يقف على رأس المعارضة.

فهل صحيح ما يقوله الشاه، وكيف نجمع بين هذا القول وهالة الزهد والتقوى التي أحيط بها الخميني؟!.

ونود أولا أن نسوق هذه الفتوى التي أفتى بها الخميني في صدد حديث له عن التقية:

(واذا كانت ظروف التقية تلزم أحدا منا بالدخول في ركب السلاطين، فهنا يجب الامتناع عن ذلك حتى لوأدى الامتناع الى قتله، إلا أن يكون في دخوله الشكلي نصر حقيقي للاسلام والمسلمين، مثل دخول علي بن يقطين، ونصير الدين الطوسي رحمهما الله"8").

والخميني اذن قد اتخذ من الطوسي قدوة له، والطوسي وزير المجرم هولاكوالتتري، وهوالذي سهل له مذبحة بغداد، ويبدوان النصر الحقيقي للاسلام _ كما يراه الخميني _ هوتذبيح المسلمين السنة، وأضاف الخميني قائلا:

(وطبيعي أن يسمح الاسلام بالدخول في أجهزة الجائرين اذا كان الهدف الحقيقي من وراء ذلك هوالحد من المظالم أوأحداث انقلاب على القائمين بالأمر، بل إن ذلك الدخول قد يكون واجبا. وليس عندنا في ذلك خلاف"9").

الحكومة الاسلامية للخميني، ص128.

ولاية الفقيه ص142_ 143.

-234 - 

واذن فالخميني يرى أن التعامل والتعاون ومع أعداء الاسلام واجبا اذا كان في ذلك مصلحة لمذهبه، ولهذا أجاز خدمة الطوسي للغزاة التتار.

وعلى هذه الأساس ففي تعاون الخميني مع المخابرات الأمريكية مصلحة له ولمذهبه الذي يبشر به ذلك لأن سلاح بلده كله منهم، ولأن اقتصاد بلده قائم عليهم، ولأنهم حريصون على الاسلام الشيعي الذي يبشر به الخميني، وطريقة تعاملها مريحة فهي تسمح له أن يهاجمها، وأن يصدر أشد التصريحات ضدها كما يفعل ابن ملته النصيري حافظ الأسد، وفي المسرحية التي يمثلها النظام الأمريكي مع الدول التي تدين شعوبها بالاسلام لابد من تمثيل دور البطل.

وبعد فتوى الخميني نستعرض بعض الأخبار التي تكشف أبعاد هذا الخميني.

1_ ذكرت وكالة الأنباء في 6/ 12/1978 إن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى لاجراء اتصالات مع الزعيم الديني المعارض آية الله الخميني .. ولكن لم يعرف في هذا الحال ما اذا كانت اتصالات كهذه قد تمت فعلا مع الامام الخميني. وقالت المصادر أن الحكومة الأمريكية بدأت محاولات الاتصال هذه في أعقاب تحقيقات أجراها خبراء تابعون لها توصلوا الى قناعة بأن العاهل الايراني يواجه مشكلات خطيرة.

2_ نقلت بعض الصحف أن الملك حسين قابل الخميني للتوسط بينه وبين الشاه، ثم نفى الخميني هذه الأنباء وما كان منتظرا منه إلا نفيها، ثم نقلت وكالة الأنباء قبل شهر أن الزعيم السوداني صادق المهدي قابل الخميني موفدا من قبل البيت الأبيض، ولم يكذب الخميني هذا الخبر أويصدقه.

-235 - 

3_ أرسل الشاه قبل ستة أشهر كتابا الى الحكومة العراقية يقول فيها: ان الدور سيأتي على بغداد بعد طهران، فالولايات المتحدة تحاول استبدال الأنظمة في المنطقة عن طريق تحريك الصراعات المذهبية والدينية، وقد طلب الشاه في كتابه أن يراقب نشاط آية الله الخميني لأن له صلات مع المخابرات الأمريكية.

وتقول أوساط البلاط الايراني أن (داريوس هومون) وزير الاعلام الايراني السابق _ الذي نشر مقالا هاجم فيه الخميني متصل بالمخابرات الأمريكية وكان هجومه هذا بإيعاز منها"10".

وتحريك الصراعات المذهبية والدينية _ الذي جاء في الرسالة التي بعث بها الشاه الى حكومة العراق _ تحدثت عنه كثير من الصحف الغربية ولهذا فأمريكا تعمل على احتواء العمل الاسلامي: تارة عن طريق مساجد الضرار، وتارة عن طريق الأنظمة العسكرية، ومن مصلحتها أن تبقى الأوضاع السياسية في العالم الاسلامي متوترة، وتبنيها للرافضة يحقق لها هذه المصلحة.

4_ كيف وافقت الحكومة الفرنسية على أن تكون أراضيها ميدانا للتآمر على صديقها الحميم محمد رضا بهلوى وبينهما كثير من المعاهدات والاتفاقات؟! أما أن تسمح للخميني بالإقامة في أرضها فهذا قد يكون طبيعيا ولا اعتراض عليه.

ولكن السؤال: كيف سمحت للخميني أن يحرك اضطرابات ايران من فرنسا رغم احتجاج السفارات الايرانية في مختلف الدول الأوروبية؟.

ترى هل توافق فرنسا على أن يقود عالم من علماء السنة المعارضة ضد الدولة التي ينتسب

الحوادث العدد 1156، 29/ 12/1978.

-236 - 

إليها من داخل فرنسا؟ لا نعتقد ذلك. وقبل يومين زار وفد من وزارة الخارجية الفرنسية الخميني وعرضوا عليه استمرار الإقامة في فرنسا. إنه كرم حاتم!!.

نعود الى سياسة الوفاق بين أمريكا والاتحاد السوفياتي.

لا نظن أن حوادث ايران ستحدث خللا في سياسة الوفاق، فالدولتان غير مستعدتين لأن يعرضا بعضهما للخطر من أجل مصالح لكل منهما في ايران، فالكرة الأرضية واسعة، وما يخسره أحدهما هنا يربحه هناك.

تبادلت الدولتان الانذارات بعدم التدخل في شؤون ايران الداخلية ثم اطمأن كل منهما للآخر. ان السوفيات يسيطرون على القرن الافريقي، وحزب توده داخل ايران، وبوسعهم أن يحركوا ثوار ظفار واليمن الجنوبي وأن يفجروا حوادث جديدة في اليمن الشمالي.

والأمريكان يملكون رومانيا. وخطر قد ينتقل الى بقية دول أوربا الشرقية، ويستطيعون تحريك المسلمين السنة داخل الأتحاد السوفياتى عن طريق أنصارهم في ايران، وقد يضطرون الى دعم سياد بري وتحريكه من جديد عن طريق بعض الأنظمة الموالية لها في المنطقة.

من الملاحظ ان الخصمين متكافآن فلا بد من مقايضة صفقة بصفقة والحل الأخير أن يتحرك الأمريكيون لإنهاء الاضطرابات في ايران بطريقة لا تغضب السوفيات .. وقد بدأ الأمريكيون بالتحرك فشكل البيت الأبيض لجنة لهذا الغرض برئاسة (برزنسكي) مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي كارتر وعضوية (جورج بول) وكيل وزارة الخارجية الأسبق لشؤون الشرق الأوسط و(ريتشارد هولمز)

-237 - 

الرئيس السابق لجهاز المخابرات الأمريكية وسفير الولايات المتحدة في ايران، وباشرت اللجنة مهمتها.

أما التوقعات التي ستسفر عنها الأحداث فلا تخرج عن الاطارين التالين:

1_ استمرار الشاه اما بشخصه عن طريق شق المعارضة، أوكما حصل أيام مصدق، أوعن طريق ابنه فيتنازل هوعن العرش ويقوم مجلس وصاية في البلاد.

2_ أما الاحتمال الأقوى فستكون في استمرار الفوضى في البلاد حتى تأتي الحكومة التي يريدها الخميني، ويطبق ما وعد به أي النظام الشيعي، ولن يقبل السنة بهذا الوضع، وهذا يعني قيام معارك طائفية، وستتبنى أمريكا موقف الشيعة وتدعمهم.

والمهم ليس في بقاء الشاه أورحيله بل المهم أن المنطقة أقبلت على مخطط جديد سينفذه الشيعة، وسيكون وجودهم في المنطقة أخطر من وجود اسرائيل، واذا بقي الشاه فسيكون بقاؤه الى حين تطييبا لخواطر أصدقائه من حكام المنطقة أما حكمه عمليا فقد انتهى وبدأ حكم شيعة الخميني.

وهذا الوضع الجديد يجب أن ينتبه المسلمون إليه، وان يتحركوا ويخططوا على أساس أن هناك خطرا جديدا يهدد العالم الاسلامي.

اللهم إني قد بلغت فاشهد.

-238 - 

المبحث الثالث

الولايات المتحدة الأمريكية والثورة الإيرانية

ملأ الخميني وأنصاره الدنيا صراخا ضد الولايات المتحدة الأمريكية وكان مما قالوا:

_ أمريكا هي التي تدرب رجال (السافاك) وتمدهم بأجهزة التعذيب والتنصت.

_ أمريكا تستغل بترول ايران وسائر موارده الاقتصادية، ثم تستغل هذه الموارد في تمزيق المعارضة ودعم نظام الشاه.

_ أمريكا وراء اضطهاد معظم شعوب العالم شرقية كانت أوغربية.

ووعد الخميني بتقليم أظافر الولايات المتحدة، وظن الناس أن هناك طحنا وراء هذه الجعجعة .. وبعدما قامت جمهوريته فوجئ الناس بمواقف مغايرة لما كان الثوار يتحدثون عنها.

فالولايات المتحدة الأمريكية كانت في طليعة الدول التي سارعت في الاعتراف بالنظام الجديد في طهران.

ولم تلجأ الثورة الى اغلاق سفارة الولايات المتحدة في طهران، وفي حين أغلقت السفارة الاسرائيلية، والولايات المتحدة أشد خطرا من اسرائيل، ولولاها لانهارت اسرائيل وغير اسرائيل.

وعاد النفط الايراني يتدفق على مستودعات التخزين في الولايات المتحدة، وهذه لا تمانع من تقديمه لإسرائيل ... كما عاد الجنرالات الأمريكان الى أماكن عملهم

-239 - 

وقدرت بعض الصحف عدد الخبراء الذين لم يغادروا ايران بأكثر من سبعة آلاف خبير!!

إن مجريات الأحداث تدفعنا الى وضع كثير من اشارات الاستفهام حول هذه الثورة وقائدها، وبعض هذه الاشارات وردت في تقريرنا السابق (ايران الى أين؟)، غير أن معظم الاسلاميين الدعاة صعب عليهم أن يتصوروا ارتباط هذا الخميني وثورته بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد يتساءلون باستغراب:

هذا الخميني صاحب اللحية البيضاء الذي هز العالم بجرأته وشجاعته .. هذا الخميني الذي طرح الشعار الاسلامي بكل عزة وإباء كيف يكون ذليلا أمام كارتر يتلقى منه الأوامر والتعليمات؟!.

ومن جهة أخرى، كيف يكون عميلا للولايات المتحدة الأمريكية، وهوالذي يهددها ويكيل لها الاتهامات، وصحف وأجهزة اعلام الولايات المتحدة تهاجمه وتهاجم ثورته وأنصاره، وتنعتهم بأبشع النعوات وأحطها؟!.

ويستمر بعض الاسلاميين في استنكارهم لاتهامنا للخميني قائلين:

أليس من العرف السائد اتهام الجماعة الاسلامية بالعمالة لانجلترا أوللولايات المتحدة الأمريكية؟!.

ونحب أولا أن نلفت انتباه هؤلاء الدعاة وغيرهم الى قضايا سريعة، ثم نمضي في وضع النقاط على الحروف وبسط ما عندنا من أدلة، ومعاذ الله أن نقول بما لا نعلم، أما عن جرأة الخميني فجمال عبد الناصر كان أكثر منه جرأة ضد الولايات المتحدة الأمريكية.

ومنذ وصول عبد الناصر الى سدة الحكم وحتى هلاكه، وهووأجهزة إعلامه يهاجم

-240 - 

الولايات المتحدة: وأجهزة إعلام الولايات المتحدة وصحفها تهاجمه، ثم تبين أنه كان ممثلا وأن (مايلز كوبلند) _ من كبار موظفي المخابرات الأمريكية _ هوالذي ساهم في كتابة خطابه الذي هاجم فيه الولايات المتحدة وأعلن عن شراء صفقة أسلحة من (تشيكوسلوفاكيا).

ومن هنا نعلم أنه من الممكن أن يتظاهر زعيم من زعماء العالم الثالث بعداوته للولايات المتحدة، وتهاجمه صحف وأجهزة إعلام الولايات المتحدة ويكون في الحقيقة عميلا من عملائها.

والعمالة للولايات المتحدة لها أشكال مختلفة منها: الارتباط الشخصي، ومنها ارتباط غير مباشر، أواحتواء الولايات المتحدة لثورة من الثورات عن طريق عدد من رجالات هذه الثورة، وان كان البعض الآخر لايعلم بذلك .. والصورة التي تدور بأذهان بعض الاسلاميين عن العمالة صورة بدائية ساذجة ليس هذا موضع نقدها.

وأخيرا لماذا يحيط بعض الاسلاميين الخميني بهالة من الزهد والتقوى .. ففي الباب الثاني (الخميني بين التطرف والاعتدال) سردنا أدلة كافية تثبت فساد عقيدته وسوء هويته وأنه عدوللاسلام والمسلمين، ثم سقنا في تقريرنا السابق (ايران الى أين؟!) فتواه بجواز العمالة للمستعمرين عندما بارك جهد نصير الكفر الطوسي مع الكفرة الغزاة من التتار، وتسائلنا عن السر الذي جعل فرنسا تقبل باستضافته وتتركه يحرك ثورة ضد أعز أصدقائها من قلب فرنسا، وبقي لنا مثال واحد:

لماذا مكث الخميني في العراق ثلاثة عشرة عاما. وهوعلى هامش الأحداث، ثم جاءته هذه البطولة والعنتريات بعد أن ساءت علاقات الشاه مع الولايات المتحدة الأمريكية وبعد أن راحت تبحث عن بديل له؟!.

-241 - 

وقبل أن نغادر هذه الاشارات السريعة الى صلب الموضوع نحب أن نطمئن إخواننا الى أن هناك اتصالات كثيرة جرت بين الخميني بالذات وبين الادارة الأمريكية، وهذه بعض الأدلة:

_ نقلت وكالة الأنباء من واشنطن في 12/ 2/1979 تصريحا لكارتر قال فيه أنه أجرى عدة اتصالات مع أبرز زعماء الثورة الايرانية فهل هوصادق فيما ادعاه، وهل الخميني من الذين أجرى اتصالات معهم؟!.

_ في 21/ 1/1979 وصل0 (رامزي كلارك) النائب العام الأمريكي السابق باريس قادما من طهران وأجرى محادثات مع زعيم المعارضة الايرانية الخميني، ونقل له وجهة نظر الرئيس الأمريكي كارتر في الأحداث _ كما ذكرت وكالات الأنباء _ وقال عند وداع الخميني:

(إن أملي كبير في أن تحقق هذه الانتفاضة العدالة الاجتماعية للشعب الايراني).

_ في لقاء للزعيم السوداني صادق المهدي مع مجلة المستقبل العدد 151 بتاريخ 12/ 1/1980. اعترف بأن الادارة الأمريكية وسطته في قضية الرهائن وأنه زار الخميني لهذا الغرض وأضاف قائلا ليست هذه هي المرة الأولى التي يتوسط فيها بين الادارة المريكية والخميني، وسبق أن أشرنا الى وساطة قام بها عندما كان الخميني في فرنسا"1".

_ قال الدكتور ابراهيم يزدي وزير الخارجية الايرانية في حديث له مع صحيفة ايانديغان الايرانية نقلته رويتر في 6/ 8/1979 قال أن كارتر حذر الخميني اذا لم يؤيد بختيار وجاء هذا التحذير ضمن رسالة نقلها مبعوثان رئاسيان فرنسيان الى الخميني في منفاه

انظر (ايران الى أين؟).

-242 - 

في نوفل لوشاتوفي فرنسا.

المهم عندنا ليس مضمون الرسالة وإنما أن نثبت أن هناك رسالة من كارتر للخميني نقلها مبعوثان رئاسيان فرنسيان، واليزدي لا نتوقع منه أن يكشف كل ما تضمنته الرسالة.

_ ذكرت محطة تلفزيون (ان. بي. سي) الأمريكية أن شيخ الاسلام راضي الشيرازي أحد الشخصيات الدينية الايرانية قد عولج سرا في الولايات المتحدة لمدة أربعة أشهر.

وقالت المحطة أن الشيخ الشيرازي أصيب في حادث اعتداء على حياته في يوليوالماضي حيث نقل للعلاج الى الولايات المتحدة وعولج في مستشفى بولاية مينسوتا.

وقال ناطق باسم الخارجية الأمريكية أنه ليس للشيرازي علاقات بالمجلس الثوري الحاكم في ايران ولكنه صديق للإمام آية الله الخميني (!!).

ولم تذكر محطة التلفزيون ما اذا كان شيرازي قد غادر الولايات المتحدة أم لا"2".

فكيف تكون أمريكا أمينة على علاج صديق الخميني في وقت احتجاز الهائن؟!.

وكيف علمت أمريكا بأنه ليس من أعضاء المجلس الثوري علما بأن أسماء أعضاء هذا المجلس سرية؟!.

واشنطن _ الوكالات _ 19/ 1/1980.

-243 - 

لقاءات بروس لينجن مع الخميني

عقد بروس لينجن القائم بالأعمال الأمريكي ثلاث لقاءات سرية مع الخميني في قم، كما عقد لقاء رابعا في طهران خلال الزيارة الخاطفة التي قام بها الخميني الى عاصمة بلاده، وكانت لقاءات قم في منتصف آب من عام 1979.

وأسفرت هذه الاجتماعات عن النتائج التالية:

_ الاضطرابات التي وقعت في الأهواز تمخضت عن اضطراب في الانتاج النفطي الايراني أدى الى أزمة زيت الوقود (الكيروسين) فسارعت الولايات المتحدة الى سد حاجة الحكومة الايرانية، وجاء الكونغرس ليكشف هذه الصفقة السرية.

_ الثورة الكردية دفعت حكومة طهران الى استيراد قطع الغيار وأجهزة الصيانة من الولايات المتحدة من أجل تشغيل الطائرات المقاتلة وطائرات الهيلوكوبتر حاملة الجنود.

وقالت صحيفة الوطن العربي الصادرة في باريس: أن أول لقاء بين يروس والخميني في قم تم برفقة حراس الثورة، وحمل الأول ملفا عن حركة العصيان الكردية وعن تمويل السوفيات لها، وفي اللقاء الثاني حمل بروس للخميني ترجمة لخطب كارتر التي تتناول كثيرا من النواحي الروحية بالاضافة الى الدفاع عن مبادئ حقوق الانسان.

وأضافت صحيفة الوطن أن الطائرات الايرانية استخدمت مطار مدريد كمحطة استراحة وحيدة في طريق عودتها من الولايات المتحدة محملة بقطع الغيار اللازمة بعد انقطاع دام ثمانية أشهر"3".

الوطن العربي، العدد 139، في 11،17/ 10/1979.

-244 - 

قد يكون في الخبر الأخير مجال للقبول أوالرافض لأن صحيفة من الصحف انفردت بنشره، أما نتائجه فلقد جاءت فعلا موافقة لصيغة الخبر الذي نشر، فإيران كانت بأمس الحاجة الى قطع الغيار وأجهزة الصيانة من أجل تشغيل الطائرات المقاتلة وطائرات الهيلوكوبتر حاملة الجنود، واعترف ابراهيم يزدي في مقابلة له مع وكالة الاسوشيتدبرس أن محادثات جرت مع الحكومة الأمريكية حول حفظ وصيانة قسم من المعدات _ على حد قوله _ التي لدى ايران، وأن هذه القطع قد وصلت طهران فعلا"4".

لكن يزدي لم يكشف النقاب عن أي مستوى كانت هذه المحادثات ولم يتطرق الى حقيقة اللقاءات التي تمت بين الخميني والقائم بالأعمال الأمريكي _ بروس _!!.

واذا كان هناك مجال لرفض الخبر الأخير أوقبوله، فليس هناك مجال لإنكار الوساطة التي تمت بين الادارة الأمريكية والخميني عن طريق صادق المهدي أوعن طريق كلارك أوعن طريق مبعوثين من رئاسة الجمهورية الفرنسية، وبشكل أوضح أنها محادثات وليست وساطة، وفي هذه الأخبار أدلة صريحة على أن هناك اتصالات بين الشيطان الرجيم كارتر والزاهد والبطل _ كما يتصوره بعض من الاسلاميين _ الخميني!

وننتقل الآن الى عرض وثائق ثلاث:

الأولى: تصريحات للشاه المخلوع.

الثانية: صادرة عن شركاء الخميني الذين اختلفوا معه بعد نجاح الثورة.

الثالثة: صادرة عن صحيفة الوطن الكويتية.

طهران _ الوكالات في 5/ 7/1979.

-245 - 

الوثيقة الأولى:

اعترافات الشاه:

قال الشاه في مذكراته بأنه علم بوجود الجنرال هويزر بعد حضوره الى طهران ببضعة أيام، وهويزر هونائب رئيس أركان القيادة الأمريكية في أوروبا، ضرورة تقتضيها طبيعة علاقتنا مع الولايات المتحدة، فإيران عضوفي حلف السنتووتحركات هويزر كانت تعد سلفا، ويتم الاتفاق عليها مسبقا، أما هذه المرة فلم يحدث شيء من ذلك على الاطلاق. فقد أحيط وصوله الى ايران بسرية مطلقة.

ومضى الشاه في حديثه:

إن جنرالاتي ما كانوا يعلمون شيئا عن زيارة هويزر، وعندما انتشر خبر زيارته قالت أجهزة إعلام السوفيات:

ان الجنرال هويزر وصل الى طهران للقيام بانقلاب عسكري. ومن باريس تولت صحيفة (النيويورك هيوالد _ تريبيون) تصحيح الخبر فقالت كل ما ينبغي أن نفعله هوأن نستبدل عبارة (القيام) بعبارة منع لتصبح مهمة هويزر هي (منع الانقلاب العسكري).

وأضاف الشاه قائلا:

فهل كان خطر الانقلاب العسكري موجودا؟ لا أعتقد ذلك، فجنرالاتي ملتزمون بالقسم الذي أقسموه لحماية العرش والدستور. ولكن مخابرات حلف شمال الأطلسي ووكالة المخابرات المركزية لديهما ما يكفي من المبررات للاعتقاد بأن الدستور سيتعرض للانتهاك، ولذلك فإنه من الضروري تحييد الجيش الايراني. وهذا هوالسبب الذي دفع

-246 - 

الجنرال هويزر للحضور الى طهران، وأنا أعرف أن الجنرال هويزر كان منذ فترة طويلة على اتصال بمهدي بازاركان (المهندس الناجح الذي تزعم حركة تحرير ايران التي كانت في الأصل جزءا من الجبهة الوطنية، الى أن وجدت نفسها على خلاف مع الجبهة بسبب تأكيد الجبهة على الاشتراكية).

ثم قال الشاه:

وعرض الجنرال هويزر عرضا غريبا على رئيس أركاني الجنرال قره باغي .. هذا العرض هو: أن يلتقي مهدي بازار (الذي عينه الخميني رئيسا للوزراء بعد الاطاحة بي) .. وقد أخبرني الجنرال قره باغي بقصة هذا العرض، ولا أحد يعرف ما حدث بعد ذلك، ومهدي بازاركان والجنرال هويزر هما الوحيدان اللذان يعرفان فيما اذا تمت (طبخة) من وراء ظهور الجميع .. وكل ما أعرفه في هذا الصدد هوأن الجنرال قره باغي استخدم نفوذه لإقناع الضباط الذين تحت أمرته بعدم المشاركة في الأحداث التي حدثت بعد ذلك

وقد شاهدت هويزر مرة واحدة أثناء زيارته الغريبة لطهران، لقد جاء لزيارتي برفقة السفير الأمريكي سوليفان في آخر مقابلاتي معه وكان الشيء الوحيد الذي يدور في رأس الرجلين هو: معرفة في أي يوم وفي أي وقت سأغادر طهران.

وبقي الجنرال هويزر بضعة أيام في طهران بعد رحيلي عنها (في 19 يناير)، وحيث أنه نجح في اقناع جنرالات الجيش الايراني بالتخلي عن الدكتور شابور بختيار رئيس الحكومة الائتلافية التي شكلت لإنقاذ البلد في أوج محنتها، فان كل ما تبقى له لتنفيذ مهمته هو

-247 - 

(قطع رأس الجيش الايراني). وتحقق له ما أراد .. فقد قتل الجنرالات الكبار واحدا بعد آخر، باستثناء الجنرال قره باغي فقد تمكن مهدي بازاركان من إنقاذه .. وأثناء المحاكمة التي سبقت إعدام الجنرال ربيعي رئيس أركان السلاح الجوي الايراني، سأله المحققون عن الدور الذي لعبه الجنرال هويزر في طهران. فأجاب:

لقد ألقى الجنرال هوزيزر، بالامبراطور، خارج هذا البلد، كما يلقي بالفأر الميت.

وتحت عنوان فتش عن الأمركيين والبريطانيين قال الشاه بأنه اكتشف منذ سنتين أن تصرف الأمريكيين مثير لقلقه فبعضهم كان ينصحني أن أعامل الشعب بأسلوب ديمقراطي، وبعضهم كان يطالبني بالحزم والشدة، ويركز على دور سفيري الولايات المتحدة وبريطانيا، ثم يسرد الشاه القصة التالية:

وهذا التضارب في الآراء لم يكن المفاجئة الوحيدة لي من جانب الحلفاء الذين وقفت الى جانبهم فترة طويلة .. فعندما أحرق المتظاهرون السفارة البريطانية، أرسلت أحد جنرالاتي لمقابلة الملحق العسكري في السفارة .. فاستقبله الملحق العسكري وهويصيح في وجهه (إنكم لم تستوعبوا حتى الآن بأن القضية لا يمكن أن تحل إلا سياسيا).

وهذا يعني بصريح العبارة أن بريطانيا كانت تتوقع مني أن أنحني أمام ضغوط المعارضة. وقد أخبرني السيناتور محمد علي مسعودي في نهاية ديسمبر أن (جورج لامبراسكين) السكرتير الأول في السفارة الأمريكية في طهران قال له:

-248 - 

(سيقوم نظام جديد في طهران قريبا).

وكان السكرتير على حق .. ففي 11 يناير، بعد الزيارة الغامضة التي قام بها الجنرال هويزر الى ايران أعلن في واشنطن لا في ايران أنني على وشك مغادرة طهران. وبعد ذلك بخمسة أيام فقط، طرت بصحبة الامبراطورة الى المنفى"5".

عن مجلة (ناو) البريطانية. ترجمة الصحف العربية 9/ 12/1979.

-249 - 

الوثيقة الثانية:

شهادة شركاء الخميني:

من الحركات السياسية التي لعبت دورا رئيسيا في الاطاحة بالشاه. الجبهة الوطنية _ سنجابي _ وفدائيوخلق، ومجاهدوخلق .. ثم اختلفوا مع الخميني وأنصاره، وقامت الصحفية هدى الحسيني بإجراء لقاءات معهم فأدلوا بشهادات مهمة، وننقل فيما يلي فقرات من هذا التقرير.

قالت هدى الحسيني:

(هؤلاء الثوار الجدد يرفضون ثورة خميني باعتبارها _ في زعمهم _ ثورة بإيحاء أمريكي، ويعتبرون أن أمريكا كانت وراء خلع الشاه ومجيء الخميني. ويعطون إثباتات على ذلك! ويبدأون قائلين:

إن أمريكا جيمي كارتر منذ البدء ضد الشاه للأسباب التالية:

_ لقد كان الشاه على خلاف مع الحزب الديمقراطي وأغلبية أعضاء الكونغرس كانت ضده، لأنه كان يعتبر نفسه صقرا من صقور الأوبيك، وهوالذي تزعم حملة رفع أسعار البترول. صحيح أن احتياجات أمريكا للنفط الايراني لم تتعد 5%. إنما دول أوروبا الغربية هي التي تتهم أمريكا لأن رفع أسعار البترول يمكن الشيوعيين من احراز انتصارات في الداخل شبيهة بانتصارات الحزب الشيوعي الايطالي.

ويضيف شركاء الخميني: أنه بعد انقلاب الحبشة صارت أمريكا تفكر بإيران وبكيفية أخذ المبادرة للمحافظة على مصالحها بعدما فقدت أكبر قاعدة لها وهي أسمرا. ولأن الشاه صار متقدما في السن وولي العهد ما زال صغيرا جرى تغيير دستورى يجعل الزوجة

-250 - 

وصية عليه. (أثناء الثورة كان الكثير من الايرانيين يعتقدون أن الامبراطورة فرح ديبا ستقوم بانقلاب لعزل الشاه بمعاونة أردشير زاهدي ورئيس الحكومة السابق أمير عباس هويدا) إلا أن تجربة الأرجنتين أثبتت أن امرأة لا تستطيع مواجهة الحكم في بلد كثير المصاعب، فكان لا بد للأمريكيين أن يفكروا في البحث عن وضع يحافظون فيه على أنفسهم سواء عبر أسرة بهلوى أودونها المهم مصلحة أمريكا. ثم لاحظ الأمريكيون النشاط الشيوعي الذي بدأ يثبت وجوده عبر أعمال ارهابية منظمة ومتشعبة ووجدوا أن الاتحاد السوفياتي هوالمستفيد الوحيد من الوضع للحصول من ايران على كل ما يريد خاصة الغاز. وجاء وضع أفغانستان والقرن الأفريقي واليمن الجنوبية حيث أحكم الحصار حول ايران وجعلها تحت رحمة المد اليساري فكان لا بد من انقاذ الوضع.

_ ويقول الثائرون الجدد على الشاه والخميني وأميركا، أنه كان أمام الولايات المتحدة عدة حلول:

الانقلاب العسكري لم يكن مرغوبا من جانب الشعب الايراني فكان لا بد أن يتم التغيير على مستوى شعبي في شكل ثورة تعتمد على التيار الغالب وهوالتيار الديني وبالتالي كان لا بد من البحث عن شخصية تصلح للقيام بهذا الدور فكان الخميني حاضرا. ثم ان فرنسا لم تقبل إقامة الخميني في أراضيها من تلقاء نفسها انما كان ذلك بعلم الشاه على أساس أن يضعوه باستمرار في الصورة بالنسبة الى تحركات الخميني إلا أن الأمريكيين والفرنسيين أيضا لم يزودوا الشاه سوى بخبر واحد أساء إليه. زودوه بنتيجة الاتصالات بين الخميني وكريم سنجابي وأوعزوا إليه بإلقاء القبض على سنجابي.

-251 - 

_ جاء قائد قوات الحلف الأطلسي في أوروبا الى ايران حيث بقي طوال شهر كانون الثاني (يناير)، بعد تشكيل حكومة شابور بختيار، ليقنع الشاه بالسفر المؤقت ويقنع الجيش بعدم القيام بانقلاب، بل بتأييد بختيار، وتم استخدام بختيار لاخراج الشاه.

_ بعدما كان الأمريكيون يعلنون تأييدهم للشاه حتى آخر لحظة. امتنعوا عن استقباله، ولم يتصل به كارتر منذ غادر ايران حتى سفره الى جزر البهاماس.

_ عام 1953 أجهض الأمريكيون ثورة مصدق لأنهم كانوا بحاجة الى الشاه، اليوم كان باستطاعتهم أن يجهضوا هذه الثورة لوأنها ضد مصالحهم.

_ امتناع الأمريكيين من مراقبة ابراهيم يزدي يعني أنه غير محتاج لرقابة ويعني أنهم يعرفون الشخصيات المؤثرة.

_ بمجرد نجاح الثورة أعلن قائد الجيش أنه لا بد من عودة الخبراء الأمريكيين، وأن النفط سيعود ضخه لدول الغرب بما فيها أميركا. وعندما وقع الهجوم على السفارة الأمريكية انتقل ابراهيم يزدي نفسه لفك الحصار عنها _ قائد الجيش المقصود محمد ولي قرني _.

_ دفع الخبراء الأمريكيون أجار ثلاثة أشهر مسبقا عن منازلهم لدى مغادرتهم ايران.

_ كان هناك محاولة لسحق حركة الخميني ليل 11 شباط _ فبراير الماضي _ لكن وقعت أمور غير مفهومة حتى الآن أفشلت المحاولة. ثم أعقب ذلك اعلان الجيش الايراني بوقوفه على الحياد.

-252 - 

هذا الاعلان غير مجرى الأمور ثم صدرت أوامر وتعليمات للجيش بالتخلي عن السلاح، وشملت هذه الأوامر أيضا العناصر المكلفة بالحفاظ على السفارات.

_ لم يركز كارتر على حقوق الانسان إلا في ايران، وكان الشاه قد صرح مرة أن دولتين تعملان ضده هما أميركا وليبيا.

انتهت اعترافات شركاء الخميني في الثورة الحوادث: 1171 تاريخ 13/ 4/1979.

-253 - 

الوثيقة الثالثة:

كشفت صحيفة الوطن الكويتية عن أسرار فشل محاولة عسكرية دبرها الجيش الايراني تستهدف سحق حركة الخميني وكانت مقررة ليل 11 شباط.

قالت الوطن في تقرير سري لها نقلا عن سفير لدولة من دول أوروبا الغربية في بيروت:

(إن الولايات المتحدة بالتحديد هي التي طلبت من كبار قادة الجيش وجنرالاته اتخاذ هذا الموقف في اللحظة الأخيرة .. وأن الخارجية الأمريكية أبلغت سفيرها في طهران (سوليفان) أن يسعى بالسرعة القصوى الى اقناع كبار الجنرالات بعدم الاقدام على أية خطوة تصعيدية واعلان جانب الحياد في الخصومات السياسية.

فعلا وبعد ثورة سلاح الطيران، أمر الجنرال قره باغي في بيان لقواده بالعودة الى ثكناتها وتفادي المزيد من العنف وإراقة دماء جديدة، وفي اليوم نفسه _ 14 شباط الماضي _ اجتمع كبار الجنرالات وقادة الجيش وأصدروا بيانا جاء فيه:

(للحيلولة دون انتشار الفوضى ولمنع إراقة الدماء قرر المجلس الأعلى للجيش الاحتفاظ بحياده، بمنأى عن الخصومات السياسية الحالية، ولهذا السبب يعطى أمرا لكافة الجنود بالعودة الى ثكناتهم ووحداتهم).

وقال السفير أن سبب هذا الاجراء خطورة استمرار الصراع بين الجيش والشعب، والخوف من تغلغل اليساريين المتطرفين واستفادتهم من الصراع القائم بين الجيش وأنصار الخميني، والاحتفاظ بقوة الجيش ليلعب دورا مستقبليا كذلك الدور الذي لعبه (سوهارتو) في أندونيسيا والجنرالات في تشيلي بعد أن أطاحوا بالرئيس التشيلي الراحل

-254 - 

(سلفادور اليندى). وأضاف السفير الغربي: أن الانقلاب العسكري تلجأ إليه الولايات المتحدة إذا أفلت أمر الثورة من يدها وعجزت عن احتوائها"6".

وقفات عند هذه الوثائق:

عندما نسوق فقرات من مذكرات الشاه التي نشرها لا يعني ذلك أننا نصدق كل ما قاله. لقد زعم الشاه أن حكمه ديمقراطي، وأنكر الجرائم التي ارتكبها (السافاك)، وكان كاذبا في هذا كله، أما حديثه عن الولايات المتحدة الأمريكية، ودورها في الثورة التي أطاحت به ففيه عبرة لكل حاكم خائن يربط مصيره بمصير حزب من أحزاب الولايات المتحدة، ويترك لسادة البيت الأبيض الحبل على غاربه يصولون ويجولون في بلده وهولا يعصي لهم أمرا، ولا يرد لهم طلبا.

وادارة كارتر صممت على خلع الشاه وطرده من ايران لأنه بدأ يحاول الخروج عن الدور المرسوم له وراح يتحداها في قضية رفع أسعار النفط، ولأنه على خلاف مع الحزب الديمقراطي _ حزب كارتر _ وصديق حميم لقادة الحزب الجمهوري _ انظر الوثيقة الثانية وتقريرنا السابق ايران الى أين _.

وقضية خلع الشاه كانت مدار خلاف بين الحزبين.

فكارتر ومساعدوه أعربوا عن وجهة نظرهم صراحة وأيدوا نظام الخميني بدون تحفظ وإليكم بعضا من مواقفهم:

(16) الوطن 18/ 3/1979

-255 - 

_ نشرت التايم في 5 مارس 1979 تصريحا للرئيس الأمريكي كارتر رد فيه على معارضيه فكان مما قاله:

(ان الذين يطلبون من الولايات المتحدة أن تتدخل بشكل مباشر لوقف الأحداث مخطئون ولا يعرفون الحقائق القائمة في ايران).

وبمناسبة الهجوم على السفارة الأمريكية في الأيام للثورة قال كارتر:

(ان حكومة الدكتور بازرجان كانت متعاونة للغاية في تأمين سلامة الرعايا الأمريكيين مما يشجع على استمرار الأمل بقيام تعاون سليم وفعال مع القيادة الايرانية الجديدة. وأضاف قائلا:

(أننا سنحاول العمل بطريقة وثيقة مع الحكومة القائمة في ايران. وقد سبق أن أجرينا اتصالات مع أبرز زعمائها (!!) منذ بعض الوقت"7").

_ وفي حديث لوزير الدفاع الأمريكي (براون) مع (سي. بي. اس) وصف حكومة بازركان بأنها متعاونة جدا، وباستطاعة الأمريكان أن يقيموا معها علاقات ودية.

تاريخ المقابلة 25/ 2/1979.

_ وقدم مساعد وزير الخارجية الأمريكية (هارولد ساوندرز) تقريره ألقاه أمام لجنة شؤون الشرق الأوسط قال فيه:

(ان المصالح الأمريكية لم تتغير في ايران، ولنا مصلحة قوية في أن تبقى ايران دولة حرة مستقرة ومستقلة).

واشنطن الوكالات في 12/ 2/1979.

-256 - 

فعلا ان مصالح أمريكا لم تتغير في ايران، والادارة الأمريكية من أعرف الناس بمصالحها وهي التي تعبد مصالحها وذاتها، ولوتعرضت مصالحها للخطر لما صمتت ولما قالت على لسان رئيسها:

ان الذين يطلبون من الولايات المتحدة أن تتدخل بشكل مباشر لوقف الأحداث مخطئون ولا يعرفون الحقائق القائمة في ايران.

أما قادة الحزب الجمهوري فشنوا حملة عنيفة ضد كارتر، واتهموه بخيانة الشاه والغدر به، ووصف (جورج بوش) كارتر بالنفاق وقرأ عبارات من الخطاب الذي ألقاه كارتر عندما استقبل شاه ايران في أول زيارة قام بها الأخير لأمريكا بعد نجاح كارتر:

(إني فخور بصداقتك لأنك حولت ايران الى جزيرة أمان، ولأنك حميت الديمقراطية).

وعلق بوش على هذا الكلام قائلا: ان كارتر في ذلك الحين كان قد أعطى كلمة السر للمخابرات المركزية بأن تبدأ بتدمير سلطة الشاه.

ومما يجدر ذكره أن جورج بوش خدم في المخابرات المركزية ويعرف خفايا أمورها"8".

ووقعت معركة عنيفة بين وزير خارجية الولايات المتحدة السابق كيسنجر وبريجنسكي مستشار كارتر لشؤون الأمن القومي، واتهم الأول الأخير بالتآمر على شاه ايران، وندد بموقف كارتر ومساعديه من الشاه الذي خدم سياسة الولايات المتحدة أكثر من ثلاثين سنة.

(8) الحوادث العدد 1163 تاريخ 16/ 2/1979.

-257 - 

ونعود الى اعترافات الشاه لنستخرج منها النتائج التالية:

1_ زيارة الجنرال هويزر نائب رئيس أركان القيادة الأمريكية في أوروبا لطهران قبيل رحيل الشاه بقليل تمت فعلا.

تحدث عنها الشاه في مذكراته، وتحدث عنها شركاء الخميني في الوثيقة الثانية وقالوا أنه بقي طوال شهر كانون الثاني. وتحدثت الصحف ووكالات الأنباء عن وجوده في ايران في تلك الفترة.

2_ فعلا _ كما قال الشاه _ أعلن في واشنطن في 11 يناير أن الشاه على وشك مغادرة ايران، وتناقلت وكالات الأنباء هذا الخبر في حينه فكيف جاء الاعلان من الادارة الأمريكية وليس من بلاط الشاه وأجهزة اعلامه؟!.

3_ ان قاصمة ظهر الشاه كانت في (تحييد الجيش)، فالجيش الايراني من أقوى جيوش الشرق الأوسط، وطاعته للشاه كانت مطلقة، ولا ينافس الشاه في هذه الطاعة إلا الادارة الأمريكية.

ولقد قررت قيادة الجيش سحق حركة الخميني، وحددت موعدا لذلك تاريخ 11 شباط.

وجاء هذا التحديد على لسان السفير الغربي في حديثه مع الوطن في 18/ 3/1979.

كما جاء التحديد على لسان شركاء الخميني في حديثهم مع الحوادث بتاريخ 13/ 4/1979.

كما جاءت الاشارة إليه في تصريحات الشاه، وكان الجيش قادرا على حسم الموقف، بل كان بوسع أي ضابط طيار أن يسقط طائرة الخميني يوم وصوله الى طهران، وهذا أقل ما كان منتظرا في تلك الفترة.

-258 - 

وأجمعت الوثائق الثلاث أن الجنرال هويزر كان وراء تحييد الجيش. علما بأن هذه الوثائق صادرة عن جهات سياسية مختلفة من حيث الاتجاه، ومن حيث الزمن .. فأصحاب الوطن وشركاء الخميني من ألد أعداء الشاه.

ليس من المصادفات أن تجتمع جهات سياسية ليست على رأي وعقيدة واحدة نقول: أن تجتمع على اتهام الادارة الأمريكية، وأن يكون هذا الاتهام معقولا ومقبولا عند من كان يتابع أحداث المرحلة التي سبقت انتصار ثورة الخميني.

4_ قال الشاه: إن هناك اتصالات جرت بين (هويزر)، والدكتور بازركان، وكانت هذه الاتصالات من وراء ظهر الشاه، وعن طريق الجنرال قره باغي .. وأضاف الشاه قائلا:

وأنا أعرف أن الجنرال هويزر كان منذ فترة طويلة علىاتصال بمهدي بازركان. ثم قال:

( .. ولا أحد يعرف ما حدث بعد ذلك، ومهدي بازركان والجنرال هويزر هما الوحيدان اللذان يعرفان فيما ذا تمت _ طبخة _ من وراء ظهور الجميع).

وقال أيضا: أن السيناتور محمد علي مسعودي أخبره أن (جورج لامبراسكيس) السكرتير الأول في السفارة الأمريكية في طهران قال له:

(سيقوم نظام جديد في طهران قريبا).

انتهى كلام الشاه.

-259 - 

وفعلا قام نظام جديد في طهران، وكان الدكتور مهدي بازركان رئيسا لأول حكومة وما زال من كبار أعضاء مجلس الثورة .. ولعب بازركان دورا مهما في عودة علاقات ايران مع الولايات المتحدة الأمريكية، وفي عهده استمر التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، وعاد تصدير النفط الى الولايات المتحدة.

وننقل فيما يلي: تصريحا لبازركان كان يتحدث فيه عن موقف بلاده من الولايات المتحدة.

وحديثا له مع إذاعة طهران يتحدث عن رأيه بالغرب .. ووثيقة صادرة عن الطلبة الذين احتجزوا الرهائن وعثروا على وثائق في السفارة الأمريكية، ومنها وثيقة تدمغ بازركان، وتكشف عمالته للولايات المتحدة، ولكن الخميني تدخل لصالح شريكه بازركان فصمت الطلبة:

-260 - 

موقف بازركان من الولايات المتحدة

جاء في حديث لبازركان مع صحيفة (نيويورك تايمز) (أعرب رئيس الوزارء الايراني عن عزم حكومته على الاستمرار في علاقتها الطيبة مع الولايات المتحدة، وأبدى مجددا أسفه للهجوم الذي تعرضت له السفارة الأمريكية في طهران يوم الأربعاء الماضي وبالنسبة لتصدير النفط الايراني قال بازركان: إن بلاده سوف تستأنف تصديره قريبا الى جميع أنحاء العالم بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية"9").

الغرب هوالذي صنع إيران

أدلى الدكتور مهدي بازركان رئيس الوزراء الايراني في حديث أذاعه الراديوالحكومي قال فيه:

(إن جوهر الوجود الايراني كدولة قد تولد من اتصالنا مع الغرب، وإنه لمما يتنافى مع المبادئ الشرعية الاسلامية تدمير كل ما هوأجنبي).

وأضاف قائلا:

(إن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم لم يعارض مطلقا الغرب أوأي شيء غير عربي، فالنبي والاسلام منزهان عن الأهواء).

وقال أيضا:

(وأنه فيما عدا القصائد الفارسية القديمة للفردوس فإنه لا توجد أية فكرة عن القومية، وقد ظهر مفهوم الأمة والشعب الواحد فقط بعد تبلور الغرب).

(9) 19/ 2/1979 ترجمة الصحف العربية ...

-261 - 

وقال:

أنه يتعين تطوير رؤية اسلامية جديدة في إهاب غربي. واستطرد قائلا: إننا لا نستطيع أن نغلق أبوابنا أمام كل فكرة أجنبية. وأعاد بازركان للأذهان أيام دراسته عندما كان الجلوس على كرسي يعتبر تشبها بالغرب وضد الاسلام. وأضاف أن دراسته بالخارج كانت تعد أيضا شيئا ضد التقاليد والاسلام.

ويعتبر تصريح بازركان متباينا في مواجهة الأحكام القاطعة التي أصدرها الإمام الخميني ضد الغرب ومساوئه. وكان الخميني قد صرح منذ ثلاثة أيام في مدينة قم بقوله:

(يجب أن تنقطع صلتنا بالغرب"10").

حركة الحرية عميلة للولايات المتحدة

ظهر اثنان من الطلاب على التلفزيون الايراني في 7/ 2/1400 وقالا أنه تم العثور على وثائق في السفارة ربطت بين منظمة تدعى (حركة الحرية) _ كان الدكتور بازركان أحد مؤسسيها _ وبين الولايات المتحدة.

ووجه الدكتور بازركان وزعيمان آخران بالحركة رسالة الى المدعي العام الاسلامي وصفوا فيها المزاعم بأنها لا أساس لها من الصحة وطالبوا بإجراء تحقيق ومحاكمة الطلاب.

وأصدر الطلبة فيما بعد بيانا تراجعوا فيه عن دعوى زميلهما علما بأن الطالبين قالا بأن

باريس _ ا ف ب (أي وكالة فرانس برس) _ رويتر _ ي ب 12/ 9/1979.

-262 - 

لديها أدلة على ارتباط حركة الحرية بالولايات المتحدة، ويظن أن الخميني تدخل في الأمر لحساب بازركان.

ومن الجدير بالذكر أن زعماء هذه الحركة هم:

1_ الدكتور مهدي بازركان رئيس الوزراء السابق.

2_ حسن نزيه نقيب المحامين والمدير العام لشركة النفط الوطنية الايرانية سابقا.

3_ المهندس عزت الله سحابي عضومجلس الخبراء الدستوري. ومن المفيد بالذكر أن بازركان أتم دراسته الهندسية في فرنسا على نفقة الشاه رضا بهلوى الخاصة"11".

وخلاصة القول:

قالت أجهزة اعلام السوفيات: إن الجنرال (هويزر) وصل الى طهران للقيا بانقلاب عسكري. ومن باريس تولت صحيفة (النيويورك هيرالد تريبيون) تصحيح الخبر فقالت كل ما ينبغي أن نفعله هوأن نستبدل عبارة (القيام) بعبارة (منع) لتصبح مهمة هويزر هي (منع الانقلاب العسكري) أي تحييد الجيش.

وقال الشاه: ان هويزر كان على اتصال مع بازركان منذ مدة طويلة، واتصل به خلال زيارته لطهران _ أي قبيل رحيل الشاه بقليل _.

وجاء الطلبة الذين احتجزوا الرهائن فأكدوا للملأ في 7/ 2/1400 أن بازركان وحركته (حركة الحرية) كانوا على صلة مع الولايات المتحدة الأمريكية حسب وثائق

نيوزويك 17/ 2/1979.

-263 - 

عثروا عليها في السفارة، وصمت الطلبة بعد تدخل الخميني لا يغير من الحقيقة التي قيلت من على شاشة التلفزيون الايراني.

وثبت من خلال الأدلة التي سقناها أن محادثات قد جرت بين الخميني والادارة الأمريكية سواء كانت بشكل مباشر أوغير مباشر.

وسمعنا بعض الاسلاميين يقول: نعم حصل تدخل أمريكي ولكن لصالح بختيار والجواب أن الأدلة التي بين أيدينا تثبت أنه لصالح الخميني وثورته، ومن كان يملك مناقضة لما نقول فليتفضل.

من أفواههم ندينهم

لوسلمنا جدلا برأي القائلين ببراءة الخميني من أي ارتباط خارجي فهل تكفي هذه البراءة للقول بأن الثورة كلها مستقلة ولا صلة لها بالولايات المتحدة الأمريكية.

والجواب: لا بد من معرفة أحوال أعمدة الحكم في ايران كرئيس الوزراء، والوزراء، وقادة الجيش وكبار ضباطه، والآيات والمراجع الدينية وأعضاء المجلس الثوري والمجلس الاستشاري، فإن كان معظمهم ملوثا فهذا يعني أن الثورة ملوثة.

وسنتقصى في هذا البحث أحوال بعض أعمدة الحكم، ونحكم عليهم لا من خلال شهادة أنصار الشاه أوبعض الأنظمة المعادية لثوار الخميني .. وإنما سنحكم عليهم من خلال شهادات المسؤولين في الحكم، وما أذيع عنهم رسميا في أجهزة الاعلام لطهران، فإن كان ما قيل عنهم صحيحا فيكون هذا حكم على الثورة كلها، وإن كان ما قيل عنهم كذبا فهذا يعني أن أجهزة اعلامهم تقوم على الكذب، وتصريحات آياتهم وكبار

-264 - 

المسؤولين فيهم كاذبة، وأن الثورة كلها تقوم على سواعد كاذبة فاجرة والعياذ بالله وهذان أمران أحلاهما مر.

أما الخميني فلقد تقدم به السن، وكثرت أمراضه وعلى رأسها مرض القلب، وصار على حافة قبره _ كما يقال _، وسيمارس الحكم من خلال مجلس الوزراء والمجلس الثوري أي من خلال الشخصيات التي سنتحدث عنها فيما يلي:

ثلاثة وزراء من عملاء السافاك

طهران _ وكالات: وجهت تهمة بصورة غير مباشرة أمس الى 3 وزراء بأنهم كانوا عملاء للبوليس السري السابق (السافاك) بالرغم من دفاع رئيس الوزراء الايراني مهدي بازركان عنهم.

ونسبت (فرانس برس) الى تقارير غير مؤكدة أن الوزراء الثلاثة هم:

1_ رضا صدر وزير التجارة.

2_ محمد آيزادي وزير الزراعة.

3_ كاظم سامي وزير الصحة.

وأشارت الى احتمال تنحيتهم من خلال عملية تعديل شامل للوزارة. ووصفت صحف طهران الأنباء وردود الفعل عليها بأنها (فضيحة) "12".

وفعلا تم إبعاد الوزراء الثلاثة.

الوكالات 28/ 10/1979.

-265 - 

سافاك في مكتب الخميني

اعتقل ثلاثة أشخاص بتهمة التجسس داخل اللجان الثورية التابعة للخميني، وصرح مصدر مسؤول في دائرة أركان الحرس الثوري قولها أن أحد المعتقلين يعمل في دائرة التلكس التابعة لمقر الخميني، والاثنين الآخرين كانا من عملاء السافاك"13".

والسؤال المطروح: هل كان اعتقالهم بسبب خلاف بينهم وبين خصوم لهم في اللجان كانوا يعرفون أمرهم أم أنهم فعلا كانوا مجهولين من قبل اللجان؟!.

حزب الجمهورية الاسلامي عميل للولايات المتحدة

بعث حجة الاسلام علي طهراني _ وهوعالم ديني ذونفوذ في مشهد _ رسالة الى الامام الخميني اتهم فيها ثلاثة من كبار الزعماء الدينيين الايرانيين ومن بينهم آية الله محمد بهيشتى سكرتير مجلس الثورة بأنهم على علاقة بالولايات المتحدة وبأنهم يسعون الى الاستيلاء على السلطة.

ويتهم حجة الاسلام _ في هذه الرسالة التي نشرتها صحيفة (الجمهورية الاسلامية) في 19/ 1/1980 _ آية الله بهيشتى وكذلك آية الله هاشم راسفينجاني وزير الداخلية وعلى خامنائي امام المسجد الكبير في طهران بمحاولة الاستيلاء عل الحكم بترشيح علاء الدين فارس لتمنثيل حزب الجمهورية الاسلامي في انتخابات الرئاسة.

وقال العالم الديني أنه يتعين أن يكشف الطلبة الاسلاميون عن الوثائق التي في حوزتهم

(13) كونا 16/ 4/1979.

-266 - 

والتي عثروا عليها في السفارة الأمريكية والتي سوف تثبت العلاقات الوثيقة بين الزعماء الدينيين الثلاثة وعباس أمير انتظام المتحدث السابق باسم الحكومة والمسجون حاليا بتهمة التجسس لحساب الولايات المتحدة"14".

ومن الجدير بالذكر أن حزب الجمهورية الاسلامي هوأكبر حزب في ايران، وهوحزب الخميني بصورة غير رسمية، وقادة هذا الحزب يهيمنون على مجلس الوزراء، والمجلس الثوري، ومن المنتظر أن يحرزوا أكثر الأصوات في مجلس الشورى القادم، وهذا الاتهام لهم يأتي من مرجع ديني كبير في مشهد، ويتحدث عن علم عندما يطالب بكشف الوثائق التي عثر عليها الطلبة.

أمير عباس انتظام

_ سئل محمد المنتظري الابن عن أمير المؤمنين عباس انتظام فأجاب بأنه صهيوني، وحين سئل عن السبب الذي ترك فيه هذا الرجل وغيره في صفوف الثورة قال لقد كشفت خيوطا كثيرة ولكن الثورة لا تستطيع اكتشاف كل شيء بين يوم وليلة"15".

_ نسبت فرانس برس الى انتظام قوله:

ان ايران التي لديها من المعدات العسكرية التي تزيد قيمتها عن أربعين مليار دولار وتتطلب صيانتها مساعدة الفنيين الأجانب!! تفكر _ أي ايران _ في استدعاء هؤلاء الخبراء في المستقبل بشرط ألا يشكل ذلك ذريعة لواشنطن أوالى دولة أخرى للتدخل في الشؤون

عن وكالة فرانس برس 20/ 1/1980.

ندوة صحفية في هيلتون الكويت في 18/ 7/1979.

-267 - 

الداخلية للأمة"16".

اعتقال عباس انتظام

أذاع التلفزيون الايراني أمس أنه قد ألقي القبض على عباس أمير انتظام المتحدث السابق باسم حكومة مهدي بازركان وسفير ايران في السويد بأمر من المدعي العام الاسلامي.

وأشار التلفزيون الى أنه قد ألقى القبض على أمير انتظام بسبب قيام الطلبة الاسلاميين الذين يحتلون سفارة الولايات المتحدة في طهران بتقديم وثائق تثبت علاقته بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية"17".

روحاني عميل للشاه

آية الله روحاني هوالذي نادى بضم البحرين الى ايران، واستجاب له شيعة الخليج، وهم موقنون بأنه ليس هناك من خلاف بينه وبين الخميني لا سيما أنه أعلن مرة بأن البحرين جزء من ايران في مسجد كان الخميني متواجدا فيه، ويبدوأنه يتزعم الشيعة في أوروبا، ولنستمع هنا الى شهادة بعض بني قومه به:

سفير ايران في باريس:

أذاع شمس الدين اميرالاي سفير ايران في باريس اليوم بيانا هاجم فيه بشدة روحاني فقال:

طهران _ الوكالات 23/ 6/1979.

السياسة الكويتية 1/ 2/1400، وذاعة التلفزيون يوم الأربعاء 30/ 1/1400.

-268 - 

(ان روحاني ليس مكلفا بأي مهمة وليست له أي صفة تمثيلية رسمية أودينية وكل ما يزعمه في هذا الشأن لا أساس له. وفضلا عن ذلك فإن الملف الذي يدينه بشدة والموجود في سفارة ايران في باريس يقدم الدليل على أنه تعاون لعدة سنوات تعاونا وثيقا مع الشاه السابق وأجهزته).

باريس _ ا ف ب 4/ 10/1979

وبينما يصر زعماء ايران أن روحاني ليس له صفة تمثيلية رسمية، نجده يصدر أمرا بعزل السفير اميرالاي فبأي حق يصدر هذا الأمر؟!.

شهادة محمد منتظري:

اعترف الشيخ محمد منتظري بوجود شخصيات دينية تتستر باسم الدين بهدف التسلل الى الثورة وإضعافها وإرباكها.

وضرب أمثلة على ذلك بقوله أن روحاني وأشقاؤه عملاء للمخابرات المركزية، وكذلك الحال بالنسبة الى عباس أمير انتظام.

جاءت هذه الشهادة خلال مؤتمر صحفي عقده المنتظري في هيلتون الكويت. الهدف 19/ 7/1979.

شهادة أردكاني:

قام شمس الدين أردكاني سفير ايران لدى الكويت بزيارة لاتحاد الامارات العربية، وفي تصريح أدلى به لصحيفة (الفجر) الصادرة في (أبوظبي) عن آية الله روحاني قال:

(ان روحاني شخص عادي ولا وزن له في ايران، ومن الناحية الدينية لا يحمل أي لقب علمي.

-269 - 

وأضاف قائلا:

الأمريكية وللموساد الصهيوني حيث أنهما كانا يبحثان عن شخص يسيء للعلاقات بين ايران والعرب.

وقال السفير بأنه متأكد بأن سيد روحاني شقيق روحاني كان عميلا للسافاك وممثلا دينيا للشاه في أوروبا"18").

روحاني: أمريكا أعطتنا الضوء الأخضر

في حديث مع مجلة (باري ماتش) قال آية الله روحاني:

(لقد كان الجيش بيد يدي ال 40 ألف مستشار أميركي، ومنذ اللحظة التي أعطت فيها أمريكا الضوء الأخضر للثورة، _ فأنا مقتنع بأن أمريكا قد أعطتنا الضوء الأخضر_ لم يعد بمقدور الجيش أن يفعل غير ما يفعله الآن وهواطلاق بارود الولاء الشكلي للشاه. عندما سيفهم هذا الجيش، أنه أمام ثورة وليس أمام مجرد حوادث شغب فإنه سيقع في أحضان الشعب).

الوطن الكويتية 11/ 2/19709 عن باري ماتش

وآية الله روحاني كان ممثلا للخميني في واشنطن عندما كان الأخير في فرنسا.

السياسة الكويتية 26/ 12/79 عن أبوظبي _ ق. ن. ا.

-270 - 

الفريق توكلى

نصرت الله توكلى مستشار الخميني العسكري قال عنه مجاهدوخلق بأن له علاقة بالسافاك. وقدم عنه عضواللجنة الأمريكية للحريات الشخصية والفنية في ايران (رالف شيونمان) تقريرا اتهمه فيه بالعمالة لأمريكا، وأولت الصحف الايرانية اهتماما كبيرا بتصريحات لجنة الحريات فأثارت ضجة، واتهم توكلي (شيونمان) بالعمالة للمخابرات الأمريكية، وأدت هذه الضجة الى استقالة توكلي من منصبه"19".

وشاركت منظمة (فدائيي خلق) في إثارة الضجة ضد توكلي واتهمته بالعمالة للسافاك وللمخابرات المركزية واستغربت وجوده في السلطة"20".

الجنرال محمد ولي قرني

بعد أن تولى الجنرال محمد ولي قرني رئاسة الأركان، طالب بعودة الخبراء الأمريكان العسكريين، وأعاد كثيرا من عملاء الشاه للجيش .. وكان الجنرال قرني قد دبر انقلابا عسكريا ضد الشاه قبل عشرين سنة، ثم أطلق سراحه بضغط من الولايات المتحدة الأمريكية.

ويقول فدائيوخلق بأن معارضته للشاه كانت في اطار توزيع الأدوار، وهوموال للأمريكيين.

وكان محمد ولي قرني من الشخصيات القوية المرشحة لأكبر المناصب لولا عملية الاغتيال التي تعرض لها وأودت بحياته، واتهمت بقتله منظمة الفرقان.

الثورة العراقية 25/ 2/1979.

الوطن العربي العدد 109 في 22/ 3/1979.

الوطن العربي العدد 109.

-271 - 

حسن حبيبي

اتهم حسن حبيبي من أكثر من جهة سياسية في ايران .. ومن ثم ورد اسمه في مجلة (كونترسباي) التي تصدر في الولايات المتحدة العدد الثالث من شهر كانون الأول 1978م بقلم (جون كلي) وورد عن حبيبي المعلومات التالية:

جرى استدعاء الدكتور حسن حبيبي الى الولايات المتحدة الأمريكية، والتحق رسميا بالمخابرات المركزية في 15/ 5/1963.

ومما يجدر ذكره أن الدكتور حسن حبيبي هوالناطق الرسمي بلسان مجلس الثورة الايرانية، ومرشح رئاسة الجمهورية.

ابراهيم يزدي

درس ستة عشر عاما في الولايات المتحدة الأمريكية، ويحمل الجنسية الأمريكية الى جانب جنسيته الايرانية، وزوجته أمريكية أصلا وفصلا.

وكان ابراهيم يزدي مسؤولا عن الأنشطة والتظاهرات المعادية للشاه خلال إقامته هناك، وقاد اليزدي التظاهرة المشهورة عند زيارة الشاه للبيت الأبيض، وكاد المتظاهرون أن يتسلقوا جدار البيت الأبيض، واستغربت الصحف آنذاك موقف كارتر المتخاذل، ومن بين هذه الصحف النهار العربي والدولي في عددها الصادر بتاريخ 20/ 5/1978 وتساءلت لماذا وقفت ادارة كارتر هذا الموقف ولم تقمع المتظاهرين.

ترى لماذا تركت المخابرات المركزية الحبل على غاربه له، هل كان يعجزها تدبير مؤامرة لاغتياله أوتسليمه لشاه ايران أوتمكين السافاك من البطش به؟!.

-272 - 

لست وحدي الذي استغرب موقف المخابرات الأمريكية من يزدي بل لقد استغرب مجاهدوخلق"22".

والجواب على هذا السؤال جاء عندما قاد ابراهيم يزدي حراس الثورة، وفك الحصار عن السفارة الأمريكية، وأنقذ حياة السفير، وكان لموقفه هذا أطيب الأثر في نفوس الادارة الأمريكية.

وكشف السيناتور الأمريكي جيمس أبورزق النقاب عن مساعدات سياسية (!!) وغير سياسية قدمها لممثلي الخميني _ ابراهيم يزدي _ في واشنطن، كما ساعد على اطلاق سراح الطلبة الايرانيين الذين اعتقلوا بعد مظاهراتهم التي قاموا بها في الثاني من فبراير 1978 ضد الشاه.

في حديث له مع اليونايتدترس الوكالات 1/ 3/1979.

ثم أصبح ابراهيم يزدي رئيسا لاتحادات الأساتذة والطلاب الايرانيين خارج ايران ثم نائب رئيس الحكومة للشؤون الثورية ووزير الخارجية وأحد مؤسسي الحرس الثوري.

وخلال المدة التي كان فيها اليزدي مسؤولا نادى بعدم قطع علاقات بلاده مع الغرب"23".

وأجرى محادثات مع مسؤوليين أمريكيين انتهت باستيراد كميات كبيرة من قطع الغيار 5/ 7/1979 وكالات _ وقابل فانس في الأمم المتحدة كما قابل مع بازركان كرايسكي في الجزائر في 1/ 11/1979.

الحوادث 13/ 4/1979.

الوكالات 23/ 6/1979.

-273 - 

قطب زادة

صادق قطب زادة من أكثر أنصار الخميني ريبة وغموضا، ولقد لعب وما زال يلعب دورا رئيسيا في السياسة الايرانية الخمينية، واتهم من قبل الطلبة بالعمالة لأمريكا، كما اتهم من قبل المنظمات الشيعية المتطرفة التي اختلفت مع الخميني.

كتبت عنه مجلة (دير شبيغل) الألمانية الغربية تحقيقا نختار منه هذا المقطع:

( .. كان قد تقدم بقامته الطويلة وأناقته المعتادة لشغل منصب مراسل خارجي لمجلة _ دير شبيغل _ منذ ثلاث سنوات. ولقد أوضح وقتها كيف يطارده البوليس السري الايراني (السافاك) في عهد الشاه.

وأضافت قائلة:

في عام 1959 سجل قطب زادة نفسه كابن لتاجر أخشاب في جامعة جورج تاون في واشنطن لدراسة الدبلوماسية، واتضح لزملائه حبه الكبير للسيارات الأميركية الكبيرة، وفي عام 1967 أبعد عن الولايات المتحدة وأصبح عدوا لها وبدأ يتصل بالثوار العرب في ليبيا وسورية والعراق"24").

زادة وسورية

بواسطة من الامام موسى الصدر وافقت الحكومة السورية على تعيين صادق قطب زادة في أوائل السبعينات مديرا ثانيا لمكتب وكالة الأنباء السورية (سانا) في باريس.

دير شبيغل 15/ 1/1980 الترجمة.

-274 - 

ومن هنا سر المودة القائمة بينه وبين الوزير السوري عبد الحليم خدام"25".

لقطب زادة صلات قوية مع حافظ الأسد وأخيه رفعت، والخدام خادم لهم.

قطب زادة عميل لأكثر من جهة

نشرت مجلة (نيوزويك) في عددها الصادر بتاريخ 11/ 12/1978 بأن شخصية سورية الأصل تقف وراء الخميني .. وأن هذه الشخصية الغامضة _ حسب رأي المخابرات الفرنسية _ ذات صلة قوية بالحزب الشيوعي الفرنسي والايطالي، وأنها تعمل أيضا لحساب المخابرات الليبية.

انتهى الخبر.

ونحب أن نسجل عند هذا الخبر الملاحظات التالية:

1_ صادق قطب زادة ايراني ولكنه يحمل الجنسية السورية نظرا للصلات الوثيقة بين النصيريين والرافضة، ومن هنا جاء قول المجلة شخصية سورية الأصل.

2_ لصادق قطب زادة صلات قوية مع موسى الصدر وهوالذي قدمه لحافظ الأسد الذي منحه الجنسية وعينه مديرا لوكالة (سانا) في باريس.

كما أنه له صلات قوية مع الخميني منذ أوائل إقامته في العراق وبعض الصحفيين

الحوادث العدد 1207 في 21/ 12/1979.

-275 - 

الغربيين الذين زاروا بغداد اتصلوا بالخميني، وأثار هذا الاتصال اشكالات، وكان اتصالهم بناء على توصية من قطب زادة.

3_ فعلا كان قطب زادة حلقة وصل بين القذافي والرافضة وعلى رأسهم الخميني:

صرح بذلك القذافي لوكالات الأنباء في 5/ 4/1980 وهذه عبارة القذافي (انني أعرف وزير الخارجية الايراني السيد قطب زادة معرفة جيدة منذ أن كان حلقة وصل بيني وبين الامام الخميني أثناء وجوده في باريس عندما كانت ليبيا تقدم المساعدات المادية والمعنوية للثورة الاسلامية قبل سقوط الشاه).

وقال علي الحجتي الكرماني زوج بنت رضا الصدر شقيق موسى الصدر في لقاء له مع الحوادث أن الخميني أرسل قطب زادة الى القذافي لبحث مشكلة اختفاء الصدر.

(الحوادث العدد 1165)

كما ذكرت الوطن العربي العدد 110 عن صلات قطب زادة مع القذافي.

4_ يستغرب بعض الناس قول (النيوزويك) بأن قطب زادة يعمل لأكثر من جهة، وعلى الأغلب لا تدري كل جهة بارتباطه مع الجهة الأخرى، وقد تدري أحيانا بل هي التي تكلفه بإقامة علاقات مع الخصم.

_ في 17/ 4/1400 ذكرت بعض الصحف أن لقاء سريا حصل بين قطب زادة ورفعت الأسد وفانس في فرنسا.

-276 - 

هل مات الطالقاني مسموما؟!

وقع صدام بين آية الله محمود طالقاني وآية الله الخميني منذ بداية الثورة، وكان خميني شديد الخشية من شعبية طالقاني وحسن صلاته مع الجبهة الوطنية من جهة وفصائل اليسار من جهة أخرى.

وعندما خرج طالقاني غاضبا من طهران أغلقت المدينة أبوابها وخرج أنصاره في مظاهرة زاد عدد المشتركين فيها على خمسين ألف متظاهر، وعندها لم يجد الخميني ما يقوله إلا الكلام الذي اعتاد أن يصرح به ضد خصومه:

المخابرات الأمريكية وعملاء السافاك اندسوا في المظاهرة المؤيدة للطالقاني.

وكان موت طالقاني المفاجئ مثار استغراب عند الناس داخل ايران وخارجها .. وجاء محمد منتظري عضواللجنة الاستشارية للهيئة القيادية للحزي الاسلامي الايراني فقال:

(انني أعتقد بأن آية الله محمود طالقاني قد دس له السم من جانب عملاء صهاينة. وأضاف قائلا: (إنه تم احباط محاولة لاغتيال طالقاني خلال شهر حزيران الماضي. وقال أيضا:

(لقد فقدنا بوفاته أحد كبار الزعماء الثوريين الذي ناضل طوال خمسين عاما ضد الصهيونية والامبريالية والطغيان وضد النظام الملكي لأسرة بهلوى"26").

باريس، وكالة فرانس برس، رويتر، ي ب، 12/ 9/1979.

-277 - 

خلاف الخميني مع شر يعتمداري

خلاف الخميني مع شر يعتمداري ليس سرا من الأسرار، فمنذ اليوم الذي وصل فيه الأول الى طهران، والناس كل الناس يتحدثون عن سوء العلاقات بينهما، ولم يتحرج شر يعتمداري في لقاءاته الصحفية من الاشارة إلى ما بينه وبين الخميني من تباين في وجهات النظر لكنه حاول أن يخفف من حجم الخلاف وأنه في الفروع والأسلوب وليس في الأهداف والأصول.

يختلف شر يعتمداري مع الخميني في ولاية الفقيه، وفي الدستور الذي منح الخميني سلطة لا تقل عن ديكاتورية الشاه، وفي موقف النظام وحراس الثورة من سكان أذربيجان، وفي قضية احتلال السفارة الأمريكية في طهران.

ووصل الخلاف بينهما الى قم، فنشبت أكثر من معركة بين أنصارهما أسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى، كما وقعت معارك كثيرة في مدينة تبريز، وعقد الزعيمان فيما بينهما عددا من اللقاءات فلم تسفر عن أي نتيجة إيجابية.

وكان الخميني أوأحد مساعديه يصرح إثر كل معركة بأن السافاك والمخابرات المركزية وراء أنصار شر يعتمداري، وإن كانوا أحيانا يلجأون الى التلميح دون التصريح.

وحاول شر يعتمداري أن يغادر مدينة قم الى إقليم أذربيجان أوالى مشهد ولكن حيل بينه وبين تحقيق هذه الرغبة، وصرح أنصاره بأن السلطة قد فرضت الاقامة الجبرية على امامهم.

وفيما يلي بعض التهم التي وجهها أنصار الخميني وحراس الثورة والصحف الى شر يعتمداري:

-278 - 

1_ سئل آية الله حسين منتظري لماذا طلب من شر يعتمداري حل حزبه فأجاب:

لأن هذا الحزب يضم مجموعة من الانتهازيين ومن السافاك الذين تسللوا إليه. ثم سئل المنتظري عن خلاف شر يعتمداري مع الخميني حول (ولاية الفقيه) فأجاب: لولا (ولاية الفقيه) من أين لشر يعتمداري هذه المكانة.

النهار العربي والدولي 24 - 30/ 12/1979.

وآية الله حسين منتظري عضومجلس قيادة الثورة، وخطيب الجمعة في طهران ومن أقرب المقربين الى الخميني وهوفي أجوبته هنا لم يقل كما قال غيره:

ليس لشر يعتمداري علاقة بهذا الحزب بل أثبت بأنه حزبه، وأن الطلب فعلا قد وجه الى شر يعتمداري.

وفي جوابه الثاني حاول أن يقلل من شأن شر يعتمداري، وأن الثورة هي التي صنعت له هذه المكانة.

والحق يقال أن لشر يعتمداري مكانة مرموقة في ايران، وقد تعرض لاضطهاد الشاه، ودوهم بيته أكثر من مرة وأطلق السافاك النار داخل منزله. والمنتظري ليس محقا في قوله، بل إن الثورة هي التي صنعت الخميني وشر يعتمداري أقدم منه وأعلى مكانة، لكن المطالب التي كان ينادي بها شر يعتمداري لا تمانع من بقاء الشاه.

2_ طهران _ وكالة أنباء فرانس برس:

-279 - 

ذكرت صحيفة العمل الايرانية أن آية الله شر يعتمداري أجرى اتصالات مع موظفي (السافاك).

وأفادت بعض المستندات التي نشرتها صحيفة (العمل) والتي يرجع تاريخها الى 23 سبتمبر سنة 1978 أن شر يعتمداري قد دعا الشاه الى الصبر والجلد لحل المصاعب بالطرق السلمية وذلك خلال مباحثاته مع أحد رجال (السافاك).

كما ذكر آية الله شر يعتمداري للشاه اقتراحاته حول (طريق الاعتدال لانقاذ التاج والعرش ونظام الحكم) على حد قول الصحيفة.

ونشرت الصحيفة مستندات أخرى تكشف عن الاستثمارات المالية التي قام بها آية الله شر يعتمداري في أعمال تجارية مختلفة وأفادت الصحيفة أيضا أن الزعيم الديني قد استثمر بوجه خاص (90) مليون ريال في شركة (لاسيياك) لأجهزة إطفاء الحريق.

وذكر المراقبون أن الصحيفة لم توضح مصدر هذه المستندات التي من الصعب إثبات صحتها. أما سكرتارية آية الله شر يعتمداري فلم يكن لها ردود فعل تجاه هذه المطبوعات"27".

ويبدوأن اتصالات من هذا القبيل قد تمت بين شر يعتمداري والشاه، والأول كان يطالب بعودة دستور 1906 الذي يمنح سلطات واسعة لمراجع الشيعة، وطالب كذلك بقيام حكم ديمقراطي، ولم يكن من المنادين بولاية الفقيه أوحكم الآيات.

السياسة 14/ 1/1980 عن وكالة أنباء فرانس برس.

-280 - 

وأشار الشاه في مذكراته أن الجنرال ناصر مقدم نقل له اقتراحا مهما من شخصية دينية بارزة (هكذا وصف الشاه هذه الشخصية دون أن يذكر الاسم)، وبناء على اقتراح هذه الشخصية غير حكومة جامشيد أموزيغار وحاول أن يجري بعض الاصلاحات خاصة الاصلاحات التي ترضي رجال الدين كاعتماد التقويم الهجري واغلاق (الكازينوهات) ونوادي القمار.

من هوالانكليزي المرافق لشر يعتمداري؟!

تحت هذا العنوان نشرت صحيفة المستقبل الصادرة في فرنسا الخبر التالي:

بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها تبريز عاصمة مقاطعة أذربيجان في ايران والتي شهدت فتالا عنيفا بين مؤيدي آية الله الخميني وآية الله شر يعتمداري تتركز الأضواء على البريطاني الأشقر (جون كوبر) الذي يعمل كمترجم لآية الله شر يعتمداري.

ويتسائل بعض المراقبين عن الدور الحقيقي له فى الخط السياسي الذي يدعوله شريعتمداري.

جون كوبر كان قد اعتنق الاسلام وتابع الدروس في الدين الاسلامي في الجامعات الايرانية وفي المدارس في قم"28".

المستقبل العدد 148 تاريخ 22/ 12/1979

-281 - 

شر يعتمداري رهن الاقامة الجبرية

ذكرت وكالة (فرنس برس) أن الامام آية الله شر يعتمداري لن يتمكن يوم الأربعاء من استقبال أنصاره كما يحدث كل عام بمناسبة الاحتفال بحداد الأربعين على استشهاد الامام الحسين وجاء في بيان لوكالة الأنباء الايرانية أن شر يعتمداري طلب من أنصاره ألا يحاولوا الالتقاء به دون ان يوضحوا سبب ذلك.

ويأتي هذا التصريح في الوقت الذي راجت فيه شائعات في ايران حول احتمال تقييد حرية تحركات الزعيم الديني الثائر في ايران. ولم يطرأ شيء حتى الآن لينفي هذه الشائعات.

طهران _ كونا 7/ 1/1980.

أذاع راديوبغداد تصريحا لشر يعتمداري في 25/ 12/1979 قال فيه أنه لا يختلف عن أي سجين آخر في ايران وأنه قيد الاقامة الجبرية، وأن حراس الثورة يحرسون منزله.

وبعد:

هذا هوالخميني قائد الثورة الايرانية. وهؤلاء هم أركان وقادة الثورة الايرانية وهذه هي أسرار الثورة الايرانية والدور الذي لعبته الادارة الأمريكية مع الخميني، والدور الذي لعبه الجنرال (هويزر) مع بازر كان وقيادة الجيش.

فكيف يستمر قادة الجماعات الاسلامية في تأييدهم للخميني وثورته؟!.

كيف أدوا صلاة الغائب على موتاهم؟!.

-282 - 

كيف تكرس هذه الجماعات خلاف السنة فيما بينهم، ويتفقون على الخميني، ولا يتفقون مع بعضهم؟!.

قد يقولون: نعم هناك شخصيات ملوثة في الثورة، ولا يعلم الخميني عن أمرها شيئا أوأنه يعلم وسيقلم أظافرهم، ومن قبل قال الناصريون: ان الخيانة جاءت من عبد الحكيم عامر وصلاح نصر فقلنا لهم كما نقول لقادة الجماعات الاسلامية:

ان الخميني شخص قوي الشخصية، وشديد الذكاء، ويملك رصيدا من الخبرة لايستهان به، وله الكلمة الأولى فكيف يجهل أوضاع الذين يتعامل معهم منذ سنوات طويلة .. كيف نصدق أنه يجهل صلات بازركان مع هويزر، وارتباط مستشاريه مع المخابرات المركزية.

((فإنها تعمى الأبصار ولكن لا تعمى القلوب التي في الصدور)). الحج 46

قضية احتجاز الرهائن:

قام مجموعة من الطلبة الايرانيين باحتلال السفارة الأمريكية واحتجاز العاملين فيها واتخاذهم كرهائن، وأعلن الخميني أنه يؤيد الطلبة فيما أقدموا عليه، وجرت مفاوضات بين الحكومتين الايرانية والأمريكية أصرت الأولى أن لا تسلم الرهائن إلا اذا قامت الولايات المتحدة بتسليم الشاه للسلطة الايرانية، وأثارت هذه العملية ضجة عالمية، وسارعت الجماعات الاسلامية كعادتها الى تأييد الخميني، واعتبرت عمله بطولة وتقليما لأظافر الولايات المتحدة في المنطقة.

وبعد أن بينا بالأدلة والبراهين ارتباط ثورة الخميني بالولايات المتحدة لا نرغب أن نعطي هذه العملية حجما كبيرا، وإنما نود أن نسجل الملاحظات التالية:

-283 - 

1_ جاءت عملية احتجاز الرهائن في ظروف لا تحسد عليه الثورة الايرانية، فالثورات الداخلية اندلعت من كل مكان، وبدأت الخصومات والمعارك بين أعضاء الثورة:

فهناك خلاف شديد بين شر يعتمداري والخميني، وخلاف آخر بين بازركان ومجموعته من جهة وحزب الجمهورية الاسلامي وأنصاره من جهة أخرى، وهناك خلاف بين حراس الثورة من جهة وأنصار شر يعتمداري من جهة أخرى، وبين حراس الثورة ومعظم فصائل اليسار.

وهناك مشكلة الدستور والتصويت عليه، وما يجره هذا التصويت من خلافات ومعارك، ولهذا قام الخميني وأنصاره بعملية بارعة جعلت معظم الناس يتجهون الى الخطر الأمريكي الخارجي الذي يهدد ايران، ونجح الخميني في تمرير الدستور، وتجديد الثورة، وابعاد وزارة بازر كان، وصرلف انتباه الناس الى ضراوة القضايا الداخلية.

2_ العملية ليست أكثر من تمثيلية مصطنعة، فلوكانت السلطة الايرانية صادقة لأغلقت سفارة الولايات المتحدة منذ بداية حكمها، ولوكانت الادارة الأمريكية مقتنتعة بأن العملية عدائية لعاملت ايران بالمثل، ولكن السفارة الايرانية في الولايات المتحدة لم تمس بأذى، وهناك أكثر من مائة ألف ايراني في الولايات المتحدة بينهم، خمسون ألف طالب لم تقم الولايات المتحدة بأي اجراء فعال ضدهم، وكان بوسعها أن تعتقل أضعاف عدد المحتجزين بسفارة الولايات المتحدة في طهران حسب مبدأ المعاملة بالمثل.

3_ العملية مكنت الولايات المتحدة من ارسال جيش جرار ومعدات حربية الى منطقة الخليج، وأخذت هذه القوات مواقعها في البحر العربي ومياه الخليج،

-284 - 

وصار من المؤكد أنها ستقيم قواعد لها في سلطنة عمان والصومال وكينيا .. والذي سهل للولايات المتحدة اقامة هذه القواعد عملية احتجاز الرهائن وتحت ستار محاصرة ايران.

4_ قلنا طبيعي جدا أن يقوم ثوار الخميني بإغلاق سفارة الولايات المتحدة عند وصولهم للحكم أما أن يقبلوا التمثيل الدبلوماسي معها، ويعطوها موثقا ثم يغدروا بها فليس هذا العمل من خلق المسلمين الصادقين فكيف صنعت منه بطولة.

5_ هناك مفاوضات ومباحثات سرية بين الخميني وسلطته من جهة، وبين كارتر وإدارته من جهة ثانية، وأشارت بعض الصحف الى هذه المفاوضات ومن ذلك.

قال هيكل إن الاتصالات سرية جرت بين كارتر والخميني وبين صدر وأنهم اتفقوا على الافراج عن الرهائن _ قال هذا في مقال نشر في الصنداي تايمز _ وترجم الى الصحف العربية في 4/ 2/1980.

قالت صحيفة (سان فرانسيسكوأكرامينر) إن كارتر أرسل ما لا يقل عن ثلاث رسائل للخميني بواسطة دبلوماسي أمريكي. في 16/ 2/1980.

وتناقلت الصحف أيضا أخبارا عن لقاء لقطب زادة مع فانس تم في فرنسا سراَ، واجتماعات عقدها القائم بأمر السفارة الأمريكية _ والملتجئ في وزارة الخارجية الايرانية_ مع عدد من المسؤولين في طهران.

وسوف ينكشف سر مثير في موضوع الشاه، وخلاصته أن الشاه فر من بنما الى مصر

-285 - 

بعد أن أدرك أن هناك مؤامرة يدبرها كارتر مع الخميني لقتله سواء عن طريق عملية جراحية أوعن طريق تسليمه لطهران.

والله أعلم.

الشيوعيون وثورة الخميني:

صرح الخميني خلال اقامته في فرنسا بأن السوفيات لم ولن يؤيدوا حركته، لأن السوفيات من الدول المنتفعة من نظام الشاه"30".

وقبل رحيل الشاه صدر تصريح لليونيد بريجنيف نشر في الصفحة الأولى في البرافدا هاجم فيه الخميني وقال أنه يعمل لحسابه الشخصي وعليه أن لا ينتظر أي دعم من السوفيات"31".

وهاجمت اذاعة موسكوالخميني واتهمته بأنه رجل مهووس. وعندما قال الخميني بأن الاتحاد السوفياتي من الدول المنتفعة من الشاه كان محقا، فعلاقة السوفيات مع الشاه كانت قوية جدا، فكان لهم في ايران (5000) خبير سوفياتي يشرفون على مشاريع الغاز الطبيعي وبناء السدود ومحطات الكهرباء والمشاريع الزراعية المتطورة .. وتشير الأرقام التي وزعها (موسكونارودني بنك) عام 1976 أن صادرات روسيا لإيران بلغت 218 مليون دولار بينما بلغت الواردات 227 مليون دولار"32".

وليس من مصلحة السوفيات قيام جمهورية اسلامية في دولة تجاور مناطق اسلامية

(30) الوطن الكويتية 8/ 12/1978.

(31) الحوادث العدد 1171 تاريخ 13/ 4/1979.

(32) الحوادث العدد 1160 تاريخ 26/ 1/1979.

-286 - 

من الاتحاد السوفياتي، ويضاف الى هذا العداء المستحكم ما بين الشيوعية العلمانية الالحادية والاسلام. لجميع الأسباب السابقة غير مستغرب أن يهاجم السوفيات ثورة الخميني، ويهاجم أنصار الخميني الشيوعيين حتى أن أحد آياتهم قال: لوصافحني شيوعي لغسلت يدي لأطهرها من النجاسة، وندد بازركان رئيس الحكومة المؤقتة بحزب توده واتهمه بخيانة مصدق والعمالة للاتحاد السوفياتي"33".

وتغير موقف الاتحاد السوفياتي بعد مغادرة الشاه لايران، وفي نفس البرافدا التي شتمت الخميني كتبت تقول في 21/ 1/1979:

(ان القادة الايرانيين يتمتعون بسمعة تاريخية طيبة في معارضة الطغيان وأنهم عبروا دائما عن احتجاج الشعب على نظام الشاه الاستبدادي المدعوم بالسيطرة الأمريكية"34".

وقال زعيم حزب تودة (نور الدين كيا نوري) 63 سنة بأن الشيعة لهم جذور ديمقراطية عبر تاريخهم الطويل ولذلك فليس هناك تناقض بين الاشتراكية العلمية والمضمون الاجتماعي للاسلام .. بل هناك لغة مشتركة"35".

وتبرأ الاتحاد السوفياتي وحزب توده من عملية مهاجمة فدائيي الخلق للسفارة الأمريكية، وقال وكالة تاس بأن المخابرات الأمريكية تعاونت مع بعض فصائل اليسار وبقايا السافاك في تنفيذ العملية.

وقام السوفيات بتوزيع كتب على المسلمين يتحدثون فيها عن وجوه الشبه ما بين

(33) لوموند الفرنسية في 28/ 2/1979.

(34) الوطن العربي الصادرة في باريس العدد: 108.

(35) نفس المصدر السابق.

-287 - 

الشيوعية والاسلام، وأعلن (فدائيوخلق) في كتاب لهم بعنوان (العدل طريق الحكم) أن الاسلام والماركسية كلاهما يدعوالى العدل الاجتماعي والاسلام والماركسية مذهب واحد _ كما يرون"36" _.

كيف تغير موقف الاتحاد السوفياتي وحزب توده؟!.

لسنا وحدنا الذين نستعرب هذا التغيير في موقف السوفيات. لقد استغرب قبلنا (فدائيوخلق) موقف حزب توده فقالوا: (إن الذي يثيرنا أكثر أن حزب توده الشيوعي متحمس للجمهورية الاسلامية أكثر من المتعصبين الدينيين وأكثر من آيات الله ألا يدعوهذا للإستغراب وطرح عدة أسئلة"37").

في يوم واحد اعتذر الخميني عن استقبال السفير الباككستاني في طهران وأحاله على الخارجية نظرا لمشاغله الكثيرة في حين استقبل سفير الاتحاد السوفياتي (فينوجرادوف) وخصه بلقاء طويل"38".

ولم يتضرر السوفيات من ثورة الخميني. لقد عاد الخبراء السوفيات الى ايران، وعاد تصدير الغاز الطبيعي الى ايران، وأيد شيوعيوالخليج الثورة: أيدها ثوار عمان، واليمن الديمقراطية، وشيوعيوالكويت والبحرين.

والأسئلة التي تفرض نفسها: كيف أيد الشيوعيون عالما رجعيا كانت اذاعتهم تهاجمه وتتهمه بالتعصب؟!.

(36) مجلة أكتوبر العدد 123 في 4/ 3/1979.

(37) الحوادث، العدد 1171 في 13/ 4/1979، في لقاء لمسؤول من قادة فدائيي خلق مع هدى الحسيني.

(38) الهدف الكويتية في 1/ 5/1979.

-288 - 

_ كيف أقام الخميني علاقات طيبة مع حزب الحادي اتخذ من حرب الله والأديان والرسل واليوم الآخر شعارا له؟!.

_ كيف يتعاون الخميني مع حزب ونظام أباد ملايين المسلمين في ثورته الحمراء، وحرم البقية الباقية منهم من حرية العبادة، ومن الصلاة والصوم والحج؟!.

_ كيف يقف هذا الموقف من يزعم بأنه داعية الاسلام وقائد للجمهورية الاسلامية؟!.

لا داعي للإستغراب وكثرة الأسئلة. فلقد كشف لنا زعيم حزب تودة سرا خطيرا في تصريحه الآنف ذكره.

أما خطة الشيوعيين: فالاستمرار في التأييد مناسبا لهم. أنه بالنسبة إليهم (تكتيك مرحلي)، ولذلك أسباب من أهمها: أن ثوار الخميني يصفون فئات تعادي الشيوعيين، وهذه التصفية تنهك أنصار الخميني من جهة وتنهي عدوا آخر من مصلحة الشيوعيين إنهاؤه، وهذه الهدنة تساعدهم على جمع صفوفهم واستغلال الظروف المناسبة وتمكنهم من البحث عن الأعوان الذين يشكلون معهم جبهة وطنية تطيح بالمتطرفين من أنصار الخميني.

وهناك عدد من الأوراق يستغلها الشيوعيون منها: الحزب اليساري الديمقراطي الكردي الذي يتعاون معهم.

ومنها الجبهة الوطنية _ كريم سنجابي _ الذي استقال من الحكومة المؤقتة احتجاجا على ديكتاتورية الخميني ولجانه.

-289 - 

ومنها آية الله الطالقاني الذي يغازل اليساريين، ونادى _ في أكثر من مناسبة _ بمنح الحرية لليساريين وحزب تودة"39".

وينشط الشيوعيون في مناطق حساسة في ايران: في أذربيجان المجاورة للاتحاد السوفياتي وبين الأكراد، وبين عمال النفط في جنوب ايران، وبين طلاب الجامعات.

صحيح أن الشيوعيين لا يستطيعون الانفراد في الحكم، ولكنهم يستطيعون ذلك ضمن جبهة وطنية ديمقراطية يهيمنون عليها، وعبر عن ذلك زعيم حزب تودة فقال:

( .. ان الحزب لا يرى ضرورة لسفك الدماء، فقد نصل الى أهدافنا بالوسائل السلمية، ورفع كيانوري شعار الجبهة الوطنية الديمقراطية"40").

كيانوري: الخميني يساند الشيوعيين

أعرب نور الدين كيانوري السكرتير الأول لحزب (توده) الحزب الشيوعي الايراني في حديث نشرته صحيفة (نيبزا بادساج) اليومية المجرية في 18/ 1/1980 عن مساندته الكاملة لسياسة آية الله الخميني.

وذكر كيانوري أن أهم عامل في ايران حاليا هو(مكافحة الامبريالية). وأضاف أن التغييرات (الاقتصادية بشكل خاص) التي تجري حاليا في ايران هي لصالح الشعب وقال:

(39) وكالات الأنباء 20/ 4/1979.

(40) الوطن العربي، العدد 108. كتب هذا التقرير قبل هلاك الطالقاني.

-290 - 

(ان حزبنا يناضل من أجل تأصيل جذور هذه العملية).

وردا على سؤال عن حظر الصحيفة التي يصدرها الحزب قال (كيانوري) لقد اعترف الخميني بتأثيرنا على الجماهير وهوالآن يساند نشاطنا تماما مثلما يفعل مجلس الثورة.

ومضى سكرتير حزب تودة قائلا ان حزبنا لم يتمتع قط بحرية مثلما هوالحال الآن وأضاف:

ان الخميني يناضل ضد الامبريالية وبقايا النظام الملكي ويود اقامة حكومة ديمقراطية.

وكالة أنباء فرانس برس 19/ 1/1980.

الثورة الايرانية ومنظمة التحرير:

ثورة الرافضة أعادت للأذهان أسلوب عبد الناصر الدعائي والاعلامي.

_ انها ثورة والشباب مفتونون بالثورة والثوريين.

_ وهي جمهورية تقدمية أطاحت بالنظام الامبراطوري الملكي العفن، وأخذت على عاتقها محاربة الأنظمة الرجعية والامبريالية.

_ وهي اسلامية وأمتنا عطشى. وقد طال ترقبها وانتظارها للصحوة الاسلامية والثورة الاسلامية التي وتعيد لها الخلافة.

_ والثورة ضد الاستعمار الصهيوني والامبريالية الأمريكية.

_ والثورة تنادي بتحرير فلسطين كل فلسطين وتندد بؤتمرات جنيف وكامب ديفد والقدس.

-291 - 

ياالله هذا اليوم الذي ينتظره الفلسطينيون بفارغ الصبر!. الخميني سيحرر لهم القدس وحيفا والجليل!!.

كان ياسر عرفات أول من يزور طهران مهنئا، وراح يوزع قبلاته المشهورة على وجوه قادة الثورة وخاطب الخميني قائلا:

(ان ثورة ايران ليست ملكا للشعب الايراني فقط .. إنها ثورتنا أيضا فنحن نعتبر الامام الخميني ثائرنا ومرشدنا الأول _ عرفات يقول مثل هذا الكلام لكاسترو_ الذي يلقي بظله ليس على ايران فحسب بل على الأماكن المقدسة والمسجد الأقصى في القدس"41").

وفي 11/ 2/1979 تحولت سماء المخيمات الفلسطينية في بيروت والضواحي المحيطة بها الى كتلة من النيران. فقد أخذ الفلسطينيون والمواطنون اللبنانيون كذلك يطلقون العيارات النارية من مختلف الأسلحة بكثافة غير عادية ابتهاجا بنجاح ثورة الخميني.

ترى هل نسى قادة المنظمة دور الرافضي الباطني حافظ الأسد وكيف وقع مع الموازنة ضد الفلسطينيين واللبنانيين المسلمين؟.

أم نسوا غدر الصدر بهم عندما انضم الى الجيش النصيري عند دخوله لبنان، وأمر منظمة الأمل وعساكره التي تعمل في جيش لبنان الغربي بالانضمام الى الجيش السوري؟!.

الى متى يبقى الفلسطينيون سلما للزعامة في العالم العربي والاسلامي؟!

(41) الغارديان عن الصحف العربية 21/ 2/1979.

-292 - 

واختار منظمة التحرير المهرج المعروف (هاني الحسن) ليكون مندوبها في طهران، وناطقا فضوليا باسم حركة الخميني، ولا يخجل من الوقوف خطيبا في احدى المظاهرات ويقول:

(غدا تركيا وبعد غد فلسطين"42").

وتركيا السنة عدوة تقليدية لإيران الرافضة، وهذه هي المهمة التي تريدها حركة الخميني من منظمة التحرير، تريد أن تسخر الفلسطينيين كما سخرهم عبد الناصر من قبل وأوعز إليهم أن يرددوا: تحرير الرياض وعمان ودمشق وبغداد قبل تحرير فلسطين.

والسؤال المطروح:

هل صحيح أن ايران ستقوم أوستساهم بتحرير فلسطين؟!

والجواب على هذا السؤال جاء بدون تصريح على لسان زعيم الثورة الخميني ونده (شر يعتمداري)

قال الخميني في أول لقاء له مع عرفات بعد نجاح الثورة:

(ان ايران ستقوم بدورها في القضية الفلسطينية عندما تتلخص من تركه الشاه"43").

واعتذر آية الله شر يعتمداري عن تقديم مساعدات للثورة الفلسطينية نظرا لأن ايران تمر الآن في ظروف حرجة، وهي _ أي ايران _ قد تحتاج الى مساعدة"44".

(42) وكالات الأنباء 14/ 3/1979.

(43) وكالات الأنباء 20/ 2/1979.

(44) الوطن العربي العدد 108 تاريخ 9 - 15/ 3/1979.

-293 - 

وقد يطول الزمن وتمر سنوات دون أن تتحرر ايران من تركة الشاه كما وعد الخميني عرفات بذلك.

لاسيما والخميني عندما غضب من شر يعتمداري قال بأن معظم أنصاره من السافاك، وعندما غضب من الطالقاني قال: معظم الذين تظاهروا من أجله عملاء للمخابرات الأمريكية.

ان وعد الخميني لعرفات غير محدود وليس معرفا أجله، وأبشرى بطول سلامة يا إسرائيل اذا كان عدوك الخميني وقومه.

ثم جاء (أمير انتظام) الناطق الرسمي باسم الحكومة فاتهم الفلسطينيين بأنهم يفتشون البيوت والفنادق الايرانية، ونفى أن تكون ايران على استعداد لمساعدتهم ماديا.

ثم قال في مؤتمر صحفي:

(المؤامرة على خوزستان يقوم بها مجموعة من الانفصاليين اتفقوا مع شعب لا أرض له لإثارة الشعب).

وعندما سئل هاني الحسن عن موقف أمير انتظام واليزدي وقطب زاده لم ينكر عداءهم للثورة وانما قال:

ايران أفضل من بعض الأنظمة العربية، وكانت سيفا مسلطا علينا فصارت معنا.

وعندما سئل عن موقف الثورة من الجزر العربية والخليج زعم أن الموقف سيتغير بعد الانتخابات وأن تصريحات القادة الجدد التي لا تختلف عن تصريحات الشاه (تكتيكية) "45".

(45) الحوادث العدد 1174 في 4/ 5/1979.

-294 - 

وسيستمر هاني الحسن وعرفات وسائر قادة المنظمة بسياسة التضليل والدجل وغسل الأدمغة، ومن فقد إيمانه وعقيدته فقد كل شيء والعياذ بالله.

الفاتيكان والثورة:

وجه الخميني كتابا الى النصارى في جميع بلاد العالم جاء فيه:

( .. والسلام على رجال الدين والقسيسين والرهبان الذين يحملون تعاليم عيسى بن مريم ويدخلون الطمأنينة الى أرواح العصاة والمعاندين .. وتحية الى المسيحيين المحبين للحرية الذين يستقون العظة من تعاليم المسيح).

الخميني اذن يعتقد بأن القسيسين والرهبان يحملون تعاليم عيسى بن مريم. ونحن المسلمين نعتقد بأن عيسى بن مريم بريء من القسيسين والهبان لأنهم مشركون وكفرة.

وإيمان النصارى بعيسى بن مريم لا يختلف عن إيمان الرافضة بمحمد صلى الله عليه وسلم.

ثم أضاف قائلا برسالته:

(إني أناشدكم يا أبناء الأمم المسيحية، باسم شعب ايران المغلوب على أمره أن تصلوا في أعيادكم المقدسة من أجل أمتنا التي ترزخ تحت نير الطغيان، وأن تدعوا الله العلي القدير أن يكتب لها الخلاص منه).

يرجوالخميني دعاء الذين يصلون للأب وروح القدس، ينتظر الفرج من صلاة عبادة الأوثان .. ولا غرابة في ذلك فأوثان النصارى كأوثان الرافضة وصدق الله العظيم:

-295 - 

(تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون) البقرة: 118.

ألم نقل لكم أن الرافضة يميلون لكل قوم بسبب يوافقهم"46". وللخميني علاقات قوية مع البابا وأعوانه، فعندما نجحت ثورته سارع البابا يوحنا بوليس الثاني بتأييدها ضمن رسالة حملها السفير البابوي في طهران للخميني"47".

وقام المطران هيلاريون كابوتشي بزيارة لإيران وصرح بأنه يتحدث ويعمل كرجل من رجال الكنيسة وليس كسياسي وأنه يود أن يشارك في التقارب بين المسيحية والاسلام، وأثنى على الزعيم الخميني الذي يسعده انضمام المسيحيين تحت لواء الجمهورية الاسلامية كما يعتبر اليهود في ايران أشقاء لمواطنيهم المسلمين"48"!!.

ومما هوجدير بالذكر أن كابوتشي مرشح لدور في المنطقة كذلك الدور الذي لعبه الخميني، ودعوته للتقارب الاسلامي المسيحي شعار رفعته أمريكا منذ أيام ايزنهاور ووزيره دالس في الخمسينيات.

وقبل زيارة كابوتشى لإيران قام بزيارة للبنان والتقى مع ادمون رزق _ زعيم كتائبي _ ليصلح بينهم وبين دمشق، كما أنه عقد عدة اجتماعات مع الرئيس النصيري حافظ الأسد وبعد هذه الجولات عاد الى الفاتيكان وبإيجاز هذا هوخط سير كابوتشي:

(46) نشرت صحافة الغرب الرسالة في 22 محرم 1399 الموافق 23 ديسمبر سنة 1978.

طهران، كونا، 18/ 2/1979.

الصحف العربية 29/ 3/1979.

-296 - 

الفاتيكان _ حافظ الأسد _ الكتائب _ الخميني. فماذا بعد هذا؟؟

************

والسؤال المطروح كيف اجتمع على تأييد الثورة الايرانية الشيوعيون والنصارى، ودول أوروبا الغربية والجماعات الاسلامية؟!.

وسيأتي ذلك اليوم الذي يعلم الناس فيه أن اليهود كانوا وراء هذه الثورة كما كان ابن سبأ وراء نشوء كيانهم أصلا.

عدد مرات القراءة:
3876
إرسال لصديق طباعة
 
اسمك :  
نص التعليق :