سوء الأوضاع الداخلية وهجرة الأدمغة
أبرزت الصحف الايرانية انباء هجرة الأدمغة من ايران وحملت لجان حراس الثورة الايرانية مسؤولية هجرة الكفاءات العلمية الى خارج ايران.
وأوضحت صحيفتا اطلاعات وكيهان أن كثيرين من الأطباء والعلماء وأطباء الأسنان واساتذة الجامعات يغادرون طهران وأضافت أن بعض الوزراء وكبار رجالات الدولة وبعض القادة الدينيين دأبوا على التحذير من أن البلاد قد صدمت بعد الثورة بتسرب العقول الى الخارج.
ومنذ أسابيع قليلة والتقارير الصحفية تركز على تفاقم الهجرة الى الخارج ومضاعفات ذلك على الوضع في البلاد وعزت الصحف سبب الهجرة الى تزايد عمليات التحقيق وتطهير المتهمين بالتعاون مع نظام الشاه السابق.
وقالت صحيفة (اطلاعات) من أصل (14000) طبيب هاجر (5000) الى خارج البلاد منذ بدء الثورة.
وقالت جريدة (كيهان) المؤيدة للامام الخميني أن اللجان التي تقوم بعمليات التطهير تعلم أن حوالي (200) طبيب أسنان منهم بعض أساتذة الجامعات غادروا ايران خلال الشهور الماضية وأضافت أن الرقم يعادل عشر أطباء الأسنان في ايران.
وتساءلت الصحيفة عما اذا كانت لجان التطهير تعلم أن العلماء أخذوا يتركون البلاد شيئا فشيئا وان الأساتذة الذين هم في المستويات العالية بدأوا يهجرون ايران ليدرسوا في البلدان الاستعمارية"1".
وكالة رويتر 5/ 8/1979.
-468 -
كتب (نيد تيمكو) في صحيفة (كريستيان سانيس مونيتور) يقول:
حقق اليساريون نجاحات بين صفوف العمال الايرانيين، وهم بمثابة قنبلة موقوتة تهدد النظام الحاكم، وقد تبين من التطورات الأخيرة ما يلي:
نسبة البطالة تتراوح بين 20 الى 50 بالمئة وكذلك التضخم، كما تضاعفت أسعار اللحوم تقريبا.
فالنشاطات السياسية في ارتفاع أما الانتاج فمنخفض، ضاعف النظام الجديد الأجور بل زادها أكثر من الضعف في حالات كثيرة ومنح العمال نظريا نصيبا من الأرباح. ولكن عددا غير قليل من الدبلوماسيين يقولون أن ذلك _ مثل استيلاء الخميني على شعار معاداة الامبريالية _ قد ينتهي لصالح اليسار. ففي مصنع يملكه أحد التشيكيين قام العمال بمنع دخول رجال الدين. الذي نقلناه هوخلاصة المقال"2".
ترجمة الصحف العربية 26/ 12/1979.
-469 -
المبحث الأول
الثورة والوضع الداخلي
قدمت صحيفة (دير شبيغل الألمانية الغربية) دراسة عن الأوضاع الداخلية في ايران، ولما لهذه الدراسة من أهمية، ولأن معظم الصحف التي تحدثت عن ايران مؤخرا جاءت معلوماتها مطابقة لهذه الدراسة .. لهذا نعرض فيما يلي ملخصا لهذه الدراسة:
لقد عادت الموسيقى الأمريكية الصاخبة (الروك) للأسماع مرة أخرى، ولم تندفع البنوك في تطبيق أمر الخميني بالامتناع عن استعمال الدولار. ففي الفنادق الكبيرة يدفع الزبائن بالدولار الأمريكي، ولقد حاول احد الهولنديين الذي اصطحب معه نقودا بالفرنك السويسري والفولدن الهولندي أن يستبدلها بالتومان، بدون طائل، فالجميع يريدون الدولار فقط، وحتى في فرع البنك في مطار طهران.
واذا نظرنا الى ايران بعد سنة من الثورة نجدها تعاني من وضع اقتصادي لا تحسد عليه مع هبوط كبير في مستوى المعيشة، واختفاء المواد الغذائية، وارتفاع عدد العاطلين عن العمل، مع تمزق سياسي فظيع يحوي في طياته خطرا كبيرا للدولة.
كان مهدي بازركان قد أمر أيام حكمه ببناء خمسة ملايين بيت لحل أزمة السكن التي تواجهها الطبقات الشعبية الفقيرة في كافة المدن الايرانية ولكن هيهات فموارد الدولة قليلة، ومن الصعوبة بمكان الحصول على مواد البناء من اسمنت وحديد وخشب.
قليلون في ايران الذين يعلمون أن الخميني كان يبني شبكة ثورية من منفاه في العراق ..
-470 -
والتي حصلت على تأييد حكومة حزب البعث العراقية المطلق في بغداد ووصلت هذه الشبكة الى كل أطراف ايران قاطبة. لقد كان رسل الخميني يتجولون في كل مكان من ايران، كما كانوا يوزعون الأموال اللازمة للثورة وتهيئة الجماهير لها أيضا، وكانوا يساعدون الفقراء في بناء بيوت لهم أوتمويل زواجهم، واليوم لا يتمكن أنصار الخميني من تقديم المساعدات للطلاب والعائلات المحتاجة.
لقد تراجع الأنتاج الصناعي الى النصف ولا يزال يتراجع، فمصانع الأحذية ليس لها جلد، ومصانع السيارات ليس لديها قطع ولهذا هبط انتاجها الى (50 ألف سيارة) بعد أن كان (100 ألف).
ويشكوالتجار من تراجع البيع وقلة الأرباح، وأصبحت الشوارع مليئة بالشباب العاطلين عن العمل والذين لا يرغبون في التصادم بعائلاتهم في البيوت تماما كما كان الوضع في برلين عام 1929 وبيروت عام 1976.
ولقد أصبحت محطة القطار المبنية من الرخام في طهران مأوى للمطرودين. ونجد اليوم في ايران (3.8 مليون) عاطل عن العمل، وفي ساحة بهلوى سابقا يبيع أولاد صغار يرتدون ألبسة رثة السجائر الأمريكية وفي الواقع نجد دائما أن نصف المحلات التجارية مقفلة لأن أصحابها يخافون من السرقات ومن هجوم الشبان العاطلين عن العمل، أولأنهم خرجوا مؤقتا الى خارج ايران. والذين بقوا في محلاتهم يواجهون سيلا من طالبي العمل بأجور متدنية جدا.
وليس من الغريب أن ترتفع نسبة الأجرام بشكل سريع في جوكهذا، حيث تسرق البيوت والحوانيت في وضح النهار _ لقد سرق أحد محطات البنزين مرتين في يوم واحد _
وقال المجني عليه، انهم جميعا يحملون أنواعا متعددة من الأسلحة، ولم يعد اللصوص
-471 -
يهتمون بالأموال قدر اهتمامهم بالمواد الغذائية التي ارتفعت أسعارها 30 بالمائة، وتقل المواد الرئيسية بصورة مضطردة مثل الرز والسكر لذا فان أية مقاطعة سيكون لها تأثير فظيع وحتى لولم تقدم أمريكا على حصار المرافيء الأيرانية فان التموين بالمواد الغذائية سيتعثر كثيرا، لأن الدولة لم تستورد احتياجاتها والأحتياطي الموجود لا يكفي، اضافة الى أن ربع الأراضي الزراعية لم تعد تزرع نتيجة للأحداث السياسية، لهذا ستواجه ايران كارثة في المحصول القادم سيكون لها عواقب وخيمة.
ويوجد في ايران اليوم طبقة جديدة، هي جموع الشبان المسلحة بالرشاشات الأمريكية والألمانية وهي تعادل في حجمها قوات البوليس ولقد استلمت مهامها وسيطرت على الشارع والمقدرات الأخرى ويتقاضى كل منهم ما يعادل ألفي مارك شهريا، ويعد هذا من أعلى الرواتب في ايران في الوقت الحاضر، ولقد بلغ عددهم في نهاية العام الفائت في طهران وحدها عشرة آلاف مسلح. لقد بدأت تظهر في شوارع العاصمة مظاهر سلبية كثيرة.
اذن الأنهيار الأداري، والبطالة المتفاقمة والتضخم المالي وقلة االمواد الغذائية هي المشاكل التي تواجه النظام الجديد الذي لم يتمكن حتى الآن من التأثير على اتجاه الجيل الجديد المتعلق بالموسيقى الغربية، والمسرح الحر والفن. لذا فقد حقق الفيلم الفرنسي (حالة حصار) أكبر دخل في دور سينما طهران، ولقد عمدت طالبات المدارس والجامعات اللواتي كن يلبسن العباءة السوداء منذ فترة تعاطفا مع الثورة الى نزعها والعودة الى اللباس الأوروبي والتجول في الأسواق.
وأضافت الصحيفة قائلة.
-472 -
ان التجار الذين تحملوا أعباء مصاريف حركة الخميني وكان عددهم في طهران تسعة آلاف تاجر قد أوقفوا التبرعات والمدفوعات لأن النظام الجديد لم يحقق لهم ما كانوا يصبون اليه "1".
صحف الثورة الأيرنية هي التي تحدثت عن هجرة الأدمغة واالكفاءات العلمية من ايران، وعزت سبب الهجرة الى تزايد عمليات التحقق والتفتيش، ولواستطاع العلماء التعبير عن حرياتهم لما غادروا بلدهم.
وتحدثت الصحف في تقارير ميدانية عن الأنهيار الأقتصادي، وتزايد العاطلين عن العمل، وارتغاع نسبة الأجرام وقطاع الطرق بل أن جهاز حراس الثورة صار ملجأ للمجرمين واللصوص .. ومن جراء ذلك اضطر أصحاب كثير من الحوانيت الى اغلاقها خوفا من السرقة.
كيف يستطيع ان يعيش بلد هاجر ثلث أطبائه الى الخارج لأنهم صدموا بالثورة؟ .
ترى أليس من الأفضل أن يعكف الخميني وثواره على دراسة هذه الظواهر الشاذة بدلا من التآمر على الخليج والعراق وسورية وكثير من بلدان العالم الأسلامي ؟
أهذه هي الثورة الاسلامية التي نريد ان نقدمها للناس كبديل لهذه الأوضاع الفاسدة في عالمنا الاسلامي أم أن ثوار الخميني أرادوا الاساءة للاسلام عندمت تظاهروا أنهم دعاة له ؟!
16/ 1/1980 ترجمة الدراسة في الصحف العربية.
-473 -
المبحث الثاني
الانهيار الخلقي قبل الثورة وبعده
قالت مجلة اطلاعات الايرانية:
أصبحت أدوات استعمال المواد في ايران جزءا من عادات وتقاليد المجتمع، وكان يتم توزيع المواد المخدرة في ضيافات أهل البلاط والتجار وسكان شمال طهران.
وأغلب المباني الحديثة في طهران توجد فيها غرفة خاصة لاستعمال وتدخين الأفيون هكذا تفسخت وتهدمت المداميك الأخلاقية للمجتمع الايراني.
ان الادمان على المخدرات من أكبر مشاكل الحكومة الايرانية لأنه أخذ يبتلع الشباب بشكل غريب جدا، واذا لم تعالج هذه المشكلة فإنها تصبح قريبا أزمة اجتماعية خانقة تهدد كيان المجتمع الايراني.
والاحصائية التي قدمتها وزارة الصحة الايرانية في عام 1978 الى منظمة الأمم المتحدة تقول:
ان 2754 كيلوغراما من الأفيون، 47696 كيلوغراما من الهيروين، و496345 كيلوغراما من الحشيش ضبطت من المهربين في عشرة أقاليم ايرانية وأما ما ضبط من المهربين في نفس العاصمة طهران فيقدر ب 30 كيلوغراما من الأفيون، 27178 كيلوغراما من الهيروين، و2800245 كيلوغراما من الحشيش.
وقد وجدت احصائية في ايران تقول: انه في سنة 1970 كانت الأراضي المخصصة
-474 -
لزراعة الخشخاش المنتج للأفيون 12 ألف هكتار، وفي عام 1975 أصبحت 17 ألف هكتار وفي 1976 أصبحت 22 ألف هكتار.
وتوجد احصائيات عديدة في ايران تظهر أن سجون ايران كانت مملوءة بالمهربين ومع ذلك ازداد عدد المهربين والمدمنين في السنوات الأخيرة.
وفي ثمانية أشهر من عام 1976 كان هناك 12 ألف مهرب يطاردون في ايران لالقاء القبض ويقدر عدد المدمنين في احصائيات غير رسمية حوالي مليون مدمن على المخدرات، ولكن احصائية وزارة الصحة الايرانية تقدر عدد المدمنين ما بين 600 الى 700 الف شخص ويقدر عدد المدمنين الحاملين لبطاقات جواز استعمال المواد المخدرة 164 ألف شخص"1".
وجاءت الثورة الايرانية الخمينية فمنعت بيع الخمور، وجددت منع بيع المخدرات، علما بأن المنع كان ساري المفعول في أواخر أيام الشاه، وان كانت اليد التي وقعت قرار منعه هي نفسها التي تدير كثيرا من الشبكات التي تقوم بترويجه والتجارة به.
وبعد ثمانية أشهر من عمر الثورة جاء الخبر التالي:
ذكرت مصادر شرطة سكونتلانديارد البريطانية أن الهيروين الايراني قد يصبح متوفرا في لندن مثل (سندويشات) الهوت دوغر والهامبورغر. وكانت بذلك تشير الى أن ايران قد أصبحت مصدر 58 بالمئة من الهيروين الذي يهرب الى الجزر البريطانية.
الوطن عن مجلة اطلاعات الايرانية العدد تاريخ 30/ 9/1979 والعدد 8/ 10/1979
-475 -
وتشير معلومات متوافرة لدى البوليس الدولي أن مافيا المخدرات تغتنم الفوضى السياسية في ايران لاقامة عدد من مراكز تحويل الأفيون الى هيروين ولتجنيد الايرانيين المسافرين من أجل أن يحملوا كميات متصاعدة من الهيروين الى العواصم الأوروبية"2".
ويعتقد أن ايران تحتل المرتبة الثانية في العالم بعد الولايات المتحدة من حيث معدل ادمان الهيروين. وان 75% من حالات الادمان تتراوح أعمارهم بين 15 و30 عاما"3".
تعليق:
في 18/ 10/1979 أي بعد ثمانية أشهر من عمر الثورة جاءت تقارير البوليس الدولي تقول: ان الفوضى السياسية في ايران ساعدت على زيادة تصدير المخدرات من ايران الى أوروبا.
وقال تقرير شرطة سكونتلانديارد أن 58% من الهيروين الذي يهرب الى الجزر البريطانية يأتيها من ايران.
وضبطت قوات أمن أحد البلدان العربية نوعا من المخدرات تعارف المهربون على تسميته (الخميني).
وعند الحديث عن الانهيار الخلقي في ايران يجيبنا أنصار الخميني:
هذه تركة ورثناها عن عهد الشاه الفاسد ونحتاج الى زمن غير قليل لاصلاح ما أفسده الطاغية ونقول:
مجلة الوطن العربي الصادرة في باريس العدد 140 تاريخ 18_25/ 10/1979.
لوموند 19/ 2/1979.
-476 -
صحيح أن عهد الشاه كان سببا في هذا الانهيار الخلقي ولكن هناك أسباب أخرى أهمها:
1_ معظم الآيات والمراجع الدينية يستخدمون الدخان، ولا يخجلون من شربه في المساجد والحسينيات والندوات العامة، ويشجعون على زراعته واباحة الدخان مقدمة لاباحة غيره.
2_ المتعة: من الأمور التي يدعولها الشيعة زواج المتعة، وهذا الزواج يبيح لأي انسان أن يعيش مع أي امرأة غير متزوجة مدة زمنية ثم يتخلى عنها ثم يستمتع بغيرها وتستمتع هي بغيره.
وهذه المتعة حرام في ديننا، وانتشارها في ايران ساعد على تفشي الزنا والفجور، وتحدث عن هذه الظاهرة عدد من العلماء والتجار الذين قاموا بزيارة لإيران، وكيف تحولت معظم الفنادق والبيوتات الى مواخير للخنا والفجور.
وجاء في بعض الاحصائيات أن عدد المواخير التي يرتادها الفتيان والفتيات لاقامة حفلات (تحشيش) كبير جدا وعدد الذين يرتادونها يزيد على ثلاثة ملايين من الجنسين، وعدد حاملي بطاقات التخدير مليون، وأعدمت حكومة الشاه أكثر من شخص عام 1971 دون جدوى.
3_ التقية والكذب: ان المراجع الدينية عند الرافضة تربي الشباب والطلاب على الكذب، واذا تفشى الكذب في أمة فقدت أخلاقها وانهارت قيمها.
هذه أسباب الانهيار الخلقي في ايران. ولقد صدر عن قيادة الثورة قرار بمنع المخدرات
-477 -
والخمور، وهذا القرار لا يجدي فتيلا لأن المهم منع الأسباب التي تؤدي الى استخدام المخدرات.
ومرة أخرى نعود الى طرح السؤال: لوكان الخميني وثواره يريدون الاسلام فعلا، ويطمعون في مرضاة الله أما كان من الواجب عليهم أن يشغلوا أنفسهم في اصلاح هذا الانهيار الخلقي ومعالجة الوضع الداخلي بدلا من التآمر على مسلمي الخليج والعراق وسورية؟ ؟.
-478 -
المبحث الثالث
أحوال المسلمين في ايران
أحوال المسلمين في ايران تذكرنا بأحوال المسلمين في الاتحاد السوفياتي، وفي الفلبين، وفي الحبشة، وعند الحديث عنهم هناك مجموعة من الأسئلة تفرض نفسها:
_ كم نسبة المسلمين السنة في ايران؟؟
_ كم عدد طلابهم في الأزهر أوفي الجامعة الاسلامية؟؟
_ هل يشاركون مع اخوانهم المسلمين في العالم الاسلامي الأنشطة والعمل الاسلامي؟؟
_ ما هي نسبتهم في الحكومات التي تعاقبت على ايران، ونسبتهم في المجالس النيابية؟؟
لا توجد دراسة ميدانية تبين أن نسبة المسلمين السنة في ايران، ويبدوأن معظم الذين كتبوا عن ايران تأثروا بالمعلومات والدراسات التي ينشرها المتعصبون من الرافضة، ففي كتاب صادر عن دار المعارف المصرية يقول مؤلف الكتاب أن نسبة المسلمين السنة في ايران تبلغ 4% حسب تعداد 1966 أي أن عددهم (850 ألف نسمة).
وفي كتاب صادر عن النهار لكاتب رافضي اسمه حسن أمين زعم فيه أن نسبة المسلمين السنة 8%.
ويبدوأن الدكتور محمد عبد الغني سعودي تأثر بحسن أمين فزعم أن نسبة السنة في ايران 8%.
-479 -
وهذه النسب التي ذكرها هؤلاء الكتاب ان دلت على شيء فإنما تدل على كذب بعضهم وجهل الآخرين منهم.
واعتمادا منا على بعض الدراسات كالدراسة التي قدمها الدكتور موسى الموسوي في كتابه (ايران في ربع قرن)، وكتاب (ايران ديكتاتورية وتطور) للكاتب البريطاني (فريدها ليداي) الاختصاصي في شؤون الخليج والقضايا الأفريقية، ودراسة قدمتها (لوموند الفرنسية) في 19/ 2/1979، ومعلومات لدينا من أصدقائنا الذين لهم اطلاع في مثل هذه الأمور. أقول اعتمادا منا على هذه المعلومات نقدم دراسة موجزة جدا عن أحوال المسلمين:
1_ المسلمون العرب:
تحدثنا عن أوضاعهم في الفصل الثاني عند حديثنا عن مؤامرة الرافضة على الخليج. يبلغ عدد سكانهم حوالي ثلاثة ملايين معظمهم من المسلمين السنة، وهم محرومون من الوظائف المهمة وسوء أوضاعهم الاقتصادية لا تسمح لهم تعليم أبنائهم، ومعظم أبنائهم يعملون في دول الخليج كخدام أوفي أعمال بسيطة جدا.
وقد ظهرت لهم منظمة عام 1958 اسمها (جبهة تحرير الأهواز)، وشنت هجمات ضد نظام الشاه في أواسط الستينات لكن نشاطها توقف عام 1975م على أثر تسوية الخلافات العراقية الايرانية.
2_ المسلمون الأكراد:
قال زعيمهم الروحي الشيخ الحسيني أن عدد الأكراد ثلاثة ملايين ونصف المليون. في حديث له مع رويتر 6/ 8/1979. ومعظمهم من المسلمين السنة، ونجح الرافضة في نشر مذهبهم بين الأكراد فتشيعت نسبة قليلة منهم.
-480 -
يسكن الأكراد في اقليم كردستان واقليم اللور أي في غرب ايران، ومنطقتهم مهملة ومضطهدة أشد الاضطهاد، ولم تدخل الاصلاحات الثقافية والسياسية هذه المنطقة إلا مدينة (كرمنشاه) لوقوعها بين بغداد وطهران. والأكراد محرومون من المشاركة في الحكم، فمنذ عدة سنوات لم يدخل أحد منهم في الوزارة، وليس هناك سفير كردي واحد بين السفراء، ولهم أربعة نواب بينما ينص الدستور على أن لكل 200 ألف ناخب نائبا واحدا، وثار الأكراد أكثر من مرة، لكن الدولة استخدمت سبيل الابادة والافناء، ويعيشون في بؤس وضنك شديدين.
وفي عام 1965 أسس الأكراد الحزب الديمقراطي الكردي، وفي عام 1965 ظهر اتجاه ثوري في الحزب، وتمكن هذا الاتجاه من قيادة حرب عصابات ضد الشاه في عام 1967 استمرت 18 شهرا.
3_ البلوش:
عدد سكانهم يقارب المليون نسمة، والغالبية العظمى منهم من السنة ويسكنون في شرق ايران وجنوبها الشرقي، ويعملون بتربية الحيوانات، وهم أكثر فئات الشعب فقرا، ويحظون بأدنى متوسط سنوي للدخل.
ومن شدة فقرهم يأكلون حشائش الأرض ونواة التمر، وبعضهم يمشون عراة ولا يجدون غير غبار الريح لهم سترا، ويعيشون على شكل قبائل، ويتحلون بالشجاعة، وورثوا عن أجدادهم المقاومة المسلحة في ايران وباكستان.
4_ الأتراك:
يعيشون في المناطق الشمالية الغربية في أذربيجان والجهات الشمالية الشرقية في خراسان، ومعظمهم من السنة وعددهم ستة ملايين. ويتكلم سكان هذه المنطقة اللغة التركية، وأبرز مدينة في هذه المنطقة تبريز.
-481 -
ومن أبرز الحركات في أذربيجان (رابطة أذربيجان الديمقراطية)، ولقد اندمجت هذه الرابطة مع حزب تودة عام 1960.
5_ التركمان:
عددهم حوالي مليون نسمة، غالبيتهم من السنة، يسكنون شمال شرق ايران، ويعملون في الزراعة وتربية الأغنام.
وفي ايران أقليات من النصارى، واليهود، والزردشتيين، والبهائيين وتبلغ نسبتهم
حوالي 2% من السكان.
وقالت صحيفة (هيرالد تريبيون) 20/ 2/1979 بأن نسبة الفرس في ايران 50% من عدد السكان. وحسب احصائية عام 1970 فإن نسبة الشيعة 62%، والسنة 36%.
وهذه النسبة توافق احصائية نشرتها مجلة المستقبل العدد 123، 30/ 6/1979.
ومما يجدر ذكره أن نسبة المسلمين السنة في ايران كانت تزيد عام 65% في عهد الصفويين أي قبل حوالي ثلاثة قرون وما زالت تنخفض نسبتهم حتى وصلت 36% وستستمر نسبتهم في الانخفاض لأنهم هدف من أهداف الغزوالرافضي.
-482 -
وضع المسلمين بعد الثورة:
ظن المسلمون أنهم سينالون حقوقهم كمواطنين بعد أن رحل عهد الظلم والطغيان، وكيف لا يكون ذلك وهذه الثورة تنادي بالاسلام، والاسلام دين الحق والعدل.
وصدم المسلمون بحقيقة هذه الثورة، صدموا عندما علموا بأنها شيعية مجوسية، ففي الأحواز دلت نتائج الانتخابات على أن المسلمين السنة لن يكون لهم ولوممثل واحد في مجلس الخبراء، وفي اقليم أذربيجان لم تعلن نتائج الانتخابات عندما علمت السلطة أن الذين نجحوا من غير الشيعة ثم أعيدت الانتخابات وفرضت السلطة من فرضت من أنصارها.
أما في كردستان ففرضت السلطة رجلي دين من شيعة الخميني مع أنهما ليسا من الأكراد.
وثبت أن ثورة الخميني فارسية أولا، وشيعية ثانيا:
أما أنها شيعية:
فمن الممكن معرفة هذا من كتب الخميني وتصريحاته، ثم من تركيبة مجلس الثورة، ومجلس الوزراء، وقيادة الجيش. ثم الدستور، وقد نقلنا بعض فقراته في الباب الثاني من هذا الكتاب فصل (الخميني بين التطرف والاعتدال).
أما أنها فارسية جاهلية:
فإليكم هذه الأدلة:
-483 -
عيد النوروز
_ ألقى الخميني خطابا بمناسبة عيد النوروز الايراني أذاعه راديوطهران في 20/ 3/79 طالب فيه بدعم الحكومة، وحث الشعب على دعم الجيش وقال:
نحن بحاجة للجيش الذي يجب أن يحظى بدعم وتأييد الشعب، وحذر أفراد الجيش ممن سخروا أنفسهم لخدمة الطاغوت"1".
وعيد رأس السنة الايراني أوالنوروز هوعيد جاهلي مجوسي ابطله الاسلام، وثوار الخميني كانوا يهاجمون الشاه محمد رضا بهلوى لأنه عمل على احياء العادات والتقاليد المجوسية الفارسية التي أبطلها الاسلام فكيف تناسى الخميني تعاليم الاسلام وعاد الى جحر الضب الذي دخل فيه الشاه؟؟
الخليج فارسي
نقل عن الخميني أنه قال لياسر عرفات عند بداية حكمه:
الخليج اسلامي وليس عربيا أوفارسيا.
وسر العرب من تصريح الخميني غير أن هذا التصريح إن ثبتت نسبته للخميني فهوتضليل وتزييف وفي أول وزارة أكد الدكتور سنجابي وزير الخارجية في مقابلة له مع صحيفة (لوموند) الفرنسية أن مسألة سحب قوات ايرانية من ثلاث جزر تشرف على مدخل مضيق هرمز ليست واردة (أبوموسى وطنب الصغرى والكبرى).
الوكالات 21/ 3/1979.
-484 -
ونقل عن سنجابي قوله ان هذه الجزر ايرانية.
وسئل السيد انتظام مساعد رئيس الوزراء الايراني للشؤون الادارية والناطق الرسمي للحكومة عن تغيير اسم الخليج الفارسي فأجاب بأن شعب ايران لا يوافق على تغيير اسم خليج فارسي أبدا"2".
مؤتمر صحفي 11/ 3/1979 ونقلته الصحف العربية في 12/ 3.
-485 -
المبحث الرابع
زعيم الشيعة يجب ان يكون ايرانيا
طهران _ أ. ف. ب .. طرح أحمد الخميني نجل آية الله الخميني مشكلة جنسية الخليفة المتوقع لوالده كمرشد أعلى للأمة الايرانية في رسالة مفتوحة الى آية الله حسين منتظري رئيس الجمعية التأسيسية. وأشار ابن آية الله الخميني في رسالته الى التناقض الذي جرى في منح سلطات واسعة وخاصة القيادة العامة للجيش الايراني الى مرشد لم يحدد الدستور أن يكون حاملا للجنسية الايرانية.
وفي معرض حديثه الضمني عن مشكلة خلافة والده طرح السؤال التالي:
(واذا كان المرشد الأعلى عراقيا كما كان الحال بالنسبة لآية الله حكيم الذي كان زعيم الطائفة الشيعية حتى وفاته منذ بضعة أعوام أوباكستانيا أوكويتيا ؟.)
وأشار أيضا الى أن الجمعية التأسيسية قد عهدت اليه بقيادة الجيش الايراني وأضاف قائلا:
(وفي حال نشوب حرب بين ايران والعراق ماذا يستطيع أن يفعل المرشد الأعلى العراقي الجنسية، اعلان الحرب على بلاده وإلا فماذا نحن فاعلون؟؟
واختتم حديثه بقوله: (اذا كنتم تقولون أن الاسلام لا يعرف الحدود فأنتم تمزحون"1")
15 اكتوبر 1979.
-486 -
نعم يا كسرى خميني ان الاسلام الذي شرفنا الله بحمله لا يعرف الحدود، وقولنا هذا حقيقة وليس مزاح، أما مجوسيتكم فلا تعرف إلا الحدود والطائفية.
-487 -
المبحث الخامس
لماذا تنازل الفارسي
طهران _ بودابست _ أ. ف. ب:
ذكر الراديوالأيراني بأن حزب الجمهورية الأسلامية - وهوأهم تشكيل سياسي في ايران - قرر عدم تقديم مرشح عنه لأنتخابات الرئاسة المقرر اجراؤها يوم 25/ 1/1980 وكان هذا الحزب _ الذي يستلهم سياسته بصورة مطلقة من الامام الخميني _ قد رشح جلال الدين فارسي للانتخابات .. واضطر (فارسي) وهومن أب وأم أفغانيين الى التنازل عن ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة لعدم توافر شروط الانتخابات التي ينص عليها الدستور وهي أن يكون المرشح (ايراني الأصل).
جلال الدين فارسي من غلاة الرافضة، وهوموضع تقدير واحترام الخميني، ومدعوم من حزب الجمهورية الاسلامية أقوى حزب في ايران ومن الذين ناضلوا ضد الشاه، وفوق ذلك فهوايراني، ولكنه يرجع الى أصول أفغانية فلهذا تنازل عن ترشيح نفسه لأنه ليس (ايراني الأصل).
ان الأنصار قبلوا قيادة قريش وهم ليسوا من أهل المدينة أصلا، وقضية العرق والجنس في الاسلام قضية جاهلية، وما عرف التاريخ الاسلامي لسيرة خير القرون قضية كهذه القضايا التي يطرحها سادة قم.
وكالة أنباء فرانس برس 19/ 1/1980.
-488 -
المبحث السادس
قيادات زائفة
شيعة الخميني كانوا يخططون تخطيطا رهيبا منذ سنوات طويلة، وكانوا يعلمون خطر غير الفرس عليهم عندما تقوم دولتهم، كما أنهم كانوا يخططون من أجل ألا تقوم قائمة للمسلمين السنة في ايران فكان من أهم ما أقدموا عليه احتواء الحركات الحزبية في الأحواز وكردستان وأذربيجان عن طريق تنصيب قادة شيعة لها.
ففي الأحواز كان السيد عباس مهري أحد قادة جبهة تحرير الأهواز التي تأسست في عام 1964، وكان لها مكاتب في معظم البلدان العربية.
وهدف الجبهة أن تتحرر منطقة الأحواز من سيطرة الفرس، وتعود جزءا من البلدان العربية، ومهري فارسي وليس عربي، فكيف قبل مغفلوا الأحواز بقيادته، وقد ثبت أنه من جماعة الخميني وحاول ضم الكويت الى ايران ومن أجل هذا قامت السلطة الكويتية بطرده.
ومن قادة عرب الأحواز الامام طاهر الخاقاني، ولقد فات أهل الأحواز أن الخاقاني شيعي، والمذهب الامامي الجعفري هوفي حقيقته تنظيم حزبي غير قابل أن يجمع المنتسب إليه ولائين في آن واحد، إلا اذا كان ولاؤه للجهة الأخرى ولاءا شكليا القصد منه معرفة أسرارهم وخبايا أمورهم، وأفاق أهل الأحواز من نوم عميق فوجدوا أسرارهم مكشوفة أمام خصومهم، وفي ما يلي خبران يكشفان شخصية الخاقاني.
-489 -
المبحث السابع
الخاقاني ينادي بالولاء للخميني
أصدر الامام طاهر الخاقاني الزعيم الديني للأقلية العربية في مقاطعة خوزستان (الأهواز) الغنية بالنفط بيانا دعا فيه أتباعه الى البقاء على الولاء للثورة الاسلامية وحثهم على تخليص أنفسهم من أعداء الثورة.
وقال الخاقاني أن ايران دولة دينية وليست دولة عنصرية وأشار الى أن نضال الخمكيني يجب أن يكون له الاعتبار الأول (ولن نسمح لأحد بالتنازل عن أي شبر من ايران سواء في خوزستان (الأهواز) أوفي أي جزء من البلاد).
واضاف بأنه سيبقى في (قم) لبعض الوقت لأسباب صحية .. وكان قد انتقل إليها من (خر مشهر) يوم الأحد الماضي مع بعض أفراد عائلته"1".
خاقاني: رفضت اعلان الجهاد
سئل خاقاني عن موقفه من الخلاف القائم بين أهالي الأحواز والحكومة فأجاب بأن عرب الأحواز طالبوني مرة باعلان الجهاد ضد الحكومة ولكنني رفضت.
وأضاف قائلا بأنه أقنع المسؤولين عن المركز الثقافي العربي في خر مشهر بإغلاقه لعدم استفزاز السلطات وأبلغت السلطات بذلك.
طهرنا _ كونا _ الوكالات 23 يوليو1979.
-490 -
وسئل عن آية الله كرامي الأهوازي الذي يتمتع بعلاقات طيبة مع الأدميرال أحمد مدني فأجاب بأن كرامي من أنصار الشاه، وكان يعتبره نبيا، وهوالآن مع الخميني لأنه انتهازي.
ميدل إيست الترجمة 7/ 9/1979.
-491 -
المبحث الثامن
شر يعتمداري يتبرأ من حزبه
وجه آية الله كاظم شريعتمداري الرجل الثاني في ايران والزعيم الديني لأذربيجان نداء الى الهدوء والى الوحدة الوطنية في بيان أذيع بالراديويوم السبت 5/ 1/1980.
وأكد الزعيم الايراني ان أي خلاف في البلاد لا يعود بالنفع إلا على الاستعمار وعلى حساب الاسلام ويرى أن على جميع الايرانيين أن يظلوا متحدين لمواجهة العدوالمشترك الامبريالية الأمريكية.
وأكد أن لا علاقة له بالحزب الجمهوري للشعب المسلم الذي يعلن أعضاؤه ولاءهم له ويشتبكون في تبريز مع المؤيدين للامام الخميني وقال:
اذا عاود هذا الحزب الذي حل نفسه بنفسه نشاطه فإنني لن أؤيده أبد"1".
اتهمت حكومة طهران الحزب الجمهوري للشعب المسلم بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم وألقت القبض على عشرين ضابطا في قاعدة تبريز الجوية، ووجهت اليهم محكمة ما يسمى بالثورية الاسلامية تهمة تدبير مؤامرة لقلب نظام الحكم.
طهران: وكالات الأنباء 6/ 1/1980.
-492 -
وكانت محكمة الثورية الاسلامية في تبريز قد حكمت بالاعدام على (11) شخصا من مناهضي الثورة"2".
صحيح أن هناك خلافا بين شريعتمداري والخميني، ولكن هذا الخلاف لا يتعدى أصول الشيعة، واذا ظهر خطر يهدد الشيعة فيجمد خلافهما حتى ينتهيا من درء الخطر.
طهران وكالة أنباء فرانس برس 20/ 1/1980.
-493 -
المبحث التاسع
الخميني والثورات الداخلية
_ طهران _ كونا _ الوكالات: هدد الامام آية الله الخميني بالذهاب بنفسه الى كردستان اذا لمس أي تقصير من الجيش في القضاء على العدوبأسرع وقت ممكن.
وعندما قال الطالقاني وهاشم صباغيان وزير الداخلية وقائد الجيش أن الأكراد طلبوا مهلة لكي يتسنى لهم بحث مطالبهم أجاب الخميني:
إنهم يخدعونكم .. ان هؤلاء القوم يكذبون عليكم فهم يريدون الحصول على مهلة جديدة لزيادة عتادهم العسكري)
1/ 9/1979.
_ وصف الخميني الحزب الديمقراطي الكردستاني ومنظمة ثوار فدائيي الشعب التي قامت بدور بارز في ثورة شباط بالفساد واتهمهما بأنهما (عميلان للأجانب) عميلان لأمريكا.
وفي اشارة منه الى القتال في المنطقة الكردية من ايران قال بأن السيد عبد الرحمن قاسملوزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني والشيخ عز الدين الحسيني الزعيم الروحي الكردي هما فاسدان ومسؤولان عن القتل في المنطفة.
وكان آية الله الخميني قد وصف المتمردين بأنهم كافرون ينبغي معاملتهم بقسوة" 1".
السياسة 19/ 8/79 عن وكالة رويتر.
-494 -
يعتقد الخميني بأن الأكراد كافرون وينبغي معاملتهم بقسوة، وهدد ان يقاتلهم بنفسه، ورفض اعطاءهم مهلة علما بأن الجيش الذي اتهمه الخميني بالضعف فعل الأعاجيب في كل من كردستان والأحواز.
الاسلام بريء منهم
سأشرب دماء العرب
الشيخ محمد طاهر الخاقاني الزعيم الديني في اقليم (حوزستان) وهوشيعي، نقلت عنه صحيفة ميدل إيست في لقاء معه أنه قال:
قال لي الحاكم الأدميرال أحمد مدني:
ان العرب يثيرون الشغب، وهدد بتوجيه ضربة قاسية لهم وقال: سأشرب دماءهم كالماء اذا استمروا في الضغط لتحقيق مطالبهم.
القبس الكويتية 7/ 9/1979 عن الميدل إيست.
من أخلاق رئيس المحاكم الاسلامية
أعداء الاسلام يعلمون جيدا أخلاق القضاة في تاريخنا الاسلامي.
لقد ضرب قضاة هذه الأمة أروع الأمثال في الصدق والتقوى والتجرد.
كان الذمي من اليهود والنصارى يخاصم امير المؤمنين، وكان القاضي لا يفرق بينهما عند النظر في الدعوة، وربما تعرض القاضي للسجن وغيره من أجل ان يتخلص من هذه الوظيفة خشية الوقوع في الاثم من حيث لا يشعر.
ولسنا هنا في مجال الحديث عن تجرد القضاة في تاريخ الاسلام الناصع، فلهذا الموضوع مجال آخر كتبت فيه المجلدات وشهد بعدل قضاة الاسلام العدوقبل الصديق .. وإنما نحن
-495 -
نحن الآن في صدد الحديث عن محاكم الثورة التي نسبت للاسلام ظلما وعدوانا.
قالت مجلة (بارى ماتش) الفرنسية أن كثيرا من الذين حكم عليهم المسمى بآية الله صادق خلخالي رئيس المحاكم الأسلامية في ايران، تقول الصحيفة أن كثيرا من الذين حكم عليهم بالأعدام في مدينة (سننداج) جرحى وجيء بهم وهم محمولون على النقالات، وقالت منظمة (فدئي الخلق) أن خلحخالي حكم على أولاد صغار بالموت في كردستان.
كذب خلخالي هذه الأخبار المنسوبة اليه في لقاء معه مع مجلة اطلاعات الأيرانية، ونقلت بعض الصحف العربية وقلئع مؤتمره في 16 اكتوبر سنة 1979.
وفي 8/ 8/1979 نسبت وكالة رويتر الى صادق خلخالي قوله:
لقد أرسلت مجموعة لاغتيال الشاه الذي يعيش مع عائلته في المكسيك، وقال عن بختيار:
(لواتيح لي المجال فسأخنق شابور بختيار بيدي الاثنتين).
وأعلن آية الله خلخالي أن الرجل الذي نفذ حكم الأعدام بالسيد أمير عباس هويدا اضطر الى اطلاق رصاصة ثانية أصابت رأس هويدا لأن الأولى استقرت في عنقه.
وأضاف قائلا أنه حكم شخصيا على أكثر من 400 شخص بالاعدام في طهران وحدها، كما أنه حكم على عدد من الأشخاص في مقاطعة (الأحواز) وقد نقلت جثث هؤلاء من السجن ليلا.
-496 -
وقال:
(وفي بعض الليالي كانت جثث 30 شخصا أوأكثر تنقل في شاحنات).
فهل هذا الرجل رئيس محكمة اسلامية أورئيس عصابة؟؟
وهل سمعتم أورأيتم أن قاضيا من قضاة الاسلام يتمنى أن يخنق متهما بيديه؟؟.
ولله في خلقه شؤون ..
وبعد:
هذه هي بعض أحوال المسلمين السنة في ايران قبل الثورة وبعدها:
انهم يعانون أشد أنواع الفقر والبؤس، ولا يملكون حرية التعبير عن أنفسهم فماذا قدمنا لهم؟؟.
من المؤسف أننا لا نجد مجلة اسلامية واحدة قامت بعرض مشاكلهم، ماذا يضير أصحاب هذه المجلات لوزارروا بلوشستان وقدموا إستطلاعا عن أوضاع السكان هناك؟؟
أليس من حق اخوانهم في الأحواز وكردستان وبلوشستان وأذربيجان ومناطق التركمان أن تبسط مآسيهم على صفحات هذه المجلات؟؟.
أليس من الواجب على قادة الجماعات الاسلامية أن يزوروا هذه المناطق ويسمعوا وجهة نظر السكان فيها؟؟.
في جامعات الشيعة عناية منقطعة النظير بشؤون الشيعة في الخليج والعراق وايران
-497 -
وباكستان وأفغانستان فلماذا تهمل الجامعة الاسلامية والأزهر والمعاهد الشرعية في البلدان العربية أبناء السنة في ايران؟؟.
لماذا لا تنعقد الندوات والمؤتمرات من اجل انقاذ أبناء المسلمين في ايران من براثن المجوسية والباطنية؟؟.
ربما أجابنا عظم قادة الجماعات الاسلامية كعادتهم في القول بدون ريبة:
هل تريد منا أن نساعد القوميين العرب في الأحواز، والقوميين الأكراد في كردستان، والشيوعيين في أذربيجان؟؟.
فأقول: أليس تقصيرنا هوالسبب في هذه الانحرافات كيف سبقنا القوميون والشيوعيون الى أرض خرجت لنا فحول العلماء، وأبطال الوغى؟؟
أيها الدعاة في كل أرض: ان اخوانكم في ايران بأمس الحاجة الى عونكم ورعايتكم.
أيها التجار وأصحاب المال: ان مناطق المسلمين في ايران تدعوكم من أجل اقامة المدارس والمساجد والنوادي.
ان الأرض تميد من تحتنا، وإن أياما عصيبة تنتظرنا، وإن خطرا أكيدا يهددنا ولا بد من وحدة الكلمة واخلاص القصد، والتعاون على البر والتقوى ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز.
تمهيد
لعل من أخطر ما يواجهنا أثناء النظر في الأحداث المستجدة لأي قضية، النظر إليها باعتبارها حادثة وليدة لا علاقة لها بأصول سالفة؛ فهي لقيطة لا يُعرف لها نسب، ولا يستشرف لها مستقبل. حتى أولئك الذين يميلون إلى (تربيط) الأحداث بالسابق واللاحق يحيدون في التربيط أحياناً، ويرجعونها إلى غير مرجعها، فأصبحوا كالذين ينسبون اللقيط إلى غير والده. ومن نماذج هذه الأحداث ما ظهر أخيراً من دعوات الدولة الإيرانية إلى فتح باب التقارب، وفتح صفحة جديدة مع العالم كله، بما في ذلك (الشيطان الأكبر) أمريكا. وجاءت هذه الدعوة مع بداية عهد (جورباتشوف) الإيراني!! آية الله محمد خاتمي، الذي أغدقت عليه منذئذٍ ألقاب الاستنارة والانفتاح، فما هي ـ يا تُرى ـ المهام التنويرية والانفتاحية التي يجري على طريقها ويقوم بها؟!
إن موضوع (التقرب) الإيراني إلى الغرب، و(التقارب) مع العرب، جدير بالاهتمام والبحث لسبر غوره وإدراك ماهيته.
وقبل البدء في تفاصيل (التقرب) و(التقارب) لا بد من بيان قواعد ثلاث ينبني عليها فهم خلفيات ذلك الموضوع، وهي:
(أصل هذه الدعوة وهدفها)، (تعليل أصل الدعوة وأصول التقرب)، (طريقة الغرب في حرب الإسلام).
القاعدة الأولى: أصل الدعوة وهدفها.
إذا حدد الهدف الأكبر لأي دعوة أوحركة أودولة، كان السعي لتحقيقه بعد ذلك لا يعدوأن يكون طرائق ووسائل، وكثيراً ما يتم الخلط بين الأهداف والوسائل وبين الأصول والطرائق المؤدية إليها، لذلك كان لا بد من إيضاح الهدف الأساس الذي يحرك الدعوة الإيرانية، والذي قامت لأجله الدولة وتسعى إلى تحقيقه، ولن نذهب في التاريخ بعيداً، بل سنكتفي بوثيقة حديثة وسارية المفعول في عهد خاتمي نفسه توضح الغاية العظمى للدولة (*)
. فقد أرسل مجلس شورى الثورة الثقافية الإيرانية رسالة إلى المحافظين في الولايات الإيرانية، سرية للغاية، كان مما جاء فيها: "الآن بفضل الله، وتضحية أمة الإمام الباسلة!! قامت دولة الإثنى عشرية في إيران، بعد عقود عديدة، ولذلك فنحن ـ وبناء على إرشادات الزعماء الشيعة المبجلين ـ نحمل واجباً خطيراً وثقيلاً وهوتصدير الثورة؛ وعلينا أن نعترف أن حكومتنا فضلاً عن مهمتها في حفظ استقلال البلاد وحقوق الشعب، فهي حكومة مذهبية ويجب أن نجعل تصدير الثورة على رأس الأولويات. لكن نظراً للوضع العالمي الحالي والقوانين الدولية ـ كما اصطلح على تسميتها ـ لا يمكن تصدير الثورة بل ربما اقترن ذلك بأخطار جسيمة مدمرة.
ولهذا فإننا من خلال ثلاث جلسات وبآراء شبه إجماعية من المشاركين وأعضاء اللجان وضعنا خطة خمسينية تشمل خمس مراحل، ومدة كل مرحلة عشر سنوات، لنقوم بتصدير الثورة الإسلامية إلى جميع الدول ونوحد الإسلام أولاً!! لأن الخطر الذي يواجهنا من الحكام الوهابيين وذوي الأصول السنية أكبر بكثير من الخطر الذي يواجهنا من الشرق والغرب!! لأن هؤلاء (أهل السنة والوهابيين) يناهضون حركتنا وهم الأعداء الأصليون لولاية الفقيه والأئمة المعصومين، حتى إنهم يعدون اعتماد المذهب الشيعي مذهباً رسمياً ودستوراً للبلاد أمراً مخالفاً للشرع والعرف. وإن سيطرتنا على هذه الدول تعني السيطرة على نصف العالم، ولإجراء هذه الخطة الخمسينية يجب علينا بادئ ذي بدء أن نحسن علاقاتنا مع دول الجوار، ويجب أن يكون هناك احترام متبادل وعلاقة وثيقة وصداقة بيننا وبينهم حتى إننا سوف نحسن علاقتنا مع العراق بعد الحرب، وذلك أن إسقاط ألف صديق أهون من إسقاط عدوواحد. إن الهدف هوفقط تصدير الثورة؛ وعندئذ نستطيع رفع لواء هذا الدين الإلهي وأن نُظهر قيامنا في جميع الدول، وسنتقدم إلى عالم الكفر بقوة أكبر، ونزين العالم بنور الإسلام والتشيع حتى ظهور المهدي الموعود". ا هـ (1).
ومن خلال هذه الوثيقة نخلُص إلى الآتي:
1 - الهدف هوتصدير الثورة الرافضية.
2 ـ المذهب الرافضي الإثنا عشري؛ هومذهب الحق ـ كما يزعمون ـ الذي يجب أن يُوحَّد المسلمون عليه.
3 ـ أهل السنة ألد الأعداء لكونهم يرفضون هذا المذهب.
4 ـ خطر أهل السنة هوالأكبر وهوأبشع من خطر الغرب النصراني، والشرق الشيوعي.
5 ـ التقارب وسيلة لتحقيق الهدف الأسمى.
6 ـ القضاء على أهل السنة مطلب رئيس لتحقيق الأهداف.
هذه هي القاعدة الأولى التي حُددت من خلالها الأهداف والوسائل، وتبين معها أن (التقارب) وسيلة لتحقيق الأهداف المرسومة.
القاعدة الثانية: تعليل أصل الدعوة وأصول (التقرب).
هذه الدعوة ليست بالجديدة، فهي متجذرة في مبادئهم، وكما نقلنا أصل دعوتهم من كلامهم، سننقل من كلام أئمتنا تعليلاً لهذه الدعوى، فهذا شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ـ رحمه الله ـ يقول: (من معتقداتهم أنهم يكفِّرون كل من اعتقد في أبي بكر وعمر والمهاجرين والأنصار العدالة أوترضى عنهم، ويسمون مذهبهم مذهب الجمهور، ويرون في أهل الشام ومصر والحجاز والمغرب واليمن والعراق وسائر بلاد الإسلام أنه لا يحل نكاح هؤلاء ولا ذبائحهم ... ويرون أن كفر هؤلاء أغلظ من كفر اليهود والنصارى، لأن أولئك عندهم كفار أصليون وهؤلاء مرتدون، ولهذا السبب يعاونون الكفار على الجمهور من المسلمين، فيعاونون التتار على الجمهور، وهم كانوا أعظم الأسباب في خروج جنكيز خان ملك الكفر إلى بلاد الإسلام، وفي قدوم هولاكوإلى بلاد العراق، وفي أخذ حلب ونهب الصالحية وغير ذلك بخبثهم ومكرهم، لما دخل فيه من توزَّر منهم للمسلمين، وغير من توزر منهم" (2)
وقال ـ رحمه الله ـ: "والرافضة تحب التتار ودولتهم لأنه يحصل لهم بها من العز ما لا يحصل بدولة المسلمين. والرافضة هم معاونون للمشركين واليهود والنصارى على قتال المسلمين، وهم كانوا من أعظم الأسباب في دخول التتار قبل إسلامهم إلى أرض المشرق بخراسان والعراق والشام، وكانوا من أعظم معاونة لهم على أخذهم لبلاد الإسلام، وقتل المسلمين، وسبي حريمهم ... وإذا غلب المسلمون النصارى والمشركين كان ذلك غصة عند الرافضة، وإذا غلب المشركون والنصارى المسلمين كان ذلك عيداً ومسرة عند الرافضة (3).
من خلال هذه القاعدة، يتبين أن (التقرب) إلى ملل الكفر وسيلة دائمة لتحقيق خطوة كبيرة، وهي القضاء على أهل السنة، لتحقيق الهدف الأكبر.
القاعدة الثالثة: طريقة الغرب في حرب الإسلام.
لا شك أن ملل الكفر على اختلافها وتعددها، وبرغم خلافاتها وعداوتها فيما بينها، يجمعها أصل عام هوحرب الإسلام الصحيح وأهله، وهذا هوهدفهم جميعاً الذي يسعون لتحقيقه؛ فلا مانع من أن تكون بينهم خلافات عظيمة وحروب وقتال، لكن إذا تعلق الأمر بحرب الإسلام الحق الذي أنزله الله على نبيه (صلى الله عليه وسلم)، فإن ذلك محل اتفاق عندهم جميعاً؛ هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية ـ ولتحقيق ذلك الهدف ـ يتعاونون ويستخدمون الذين يلتقون معهم في الهدف نفسه، وإن كانوا منتسبين إلى الإسلام، ويرون أن ذلك أدعى لتحقيق مآربهم، بل حتى قد يتطلب الأمر استغلال أهل الإسلام الحق في تمرير مخططاتهم وإن كان أولئك يغفلون عن ذلك، والأمثلة على ذلك كثيرة تكاد ألا تحصى، وليس هنا محل بسطها. من ناحية ثالثة: لا يمنع من ذلك أن يكسب أهل الكفر مكاسب أخرى: سياسية أواقتصادية أواجتماعية أثناء سعيهم لتحقيق ذلكم الهدف الأكبر، ولكنها كذلك وسائل وطرق تعين على مواصلة السير في الطريق الطويل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. هذه القاعدة، هي ما يتعامل به أهل الكفر مع الروافض، حيث تم التوافق في الهدف ويتم التعاون في الوسائل، كالعلاقات الاقتصادية والسياسية، ولكن هذا التعاون يتلوَّن ويتغير بتبدل الأوضاع والأزمان؛ إذ من الحمق الثبات على طريق واحدة في الحرب. وهذا ما سنراه من تطور مراحل (التقرب) بين الروافض وملل الكفر.
من تاريخ (التقرب)
مرت طرق ووسائل الروافض لتحقيق هدفهم الأكبر بأطوار مختلفة على مدى التاريخ الإسلامي، من خلال الدعوات السرية، والحركات الفردية، ومروراً باختراق الدولة الإسلامية بوزراء وأعوان، وانتهاءً بإنشاء دول ظهرت ثم بادت ثم ظهرت مرة أخرى. ولعلنا نستعرض بشكل سريع شيئاً من ذلك التاريخ كي يكون دليلاً واضحاً لمن أراد البينة، وسنقتصر في العرض على من ذُكر (تقربهم) لأهل الكفر للقضاء على من يخالفهم من أهل الإسلام، وإلا فإن هناك نماذج أخرى من الروافض كانت لهم أدوار مساعدة وخطيرة تؤدي إلى الهدف ذاته.
الخليفة العباسي (الناصر):
هوأبوالعباس أحمد بن المستضيء بأمر الله، كانت خلافته سبعاً وأربعين سنة، فلم يَلِ الخلافة من بني العباس أطول مدة منه، وكان متشيعاً ويميل إلى مذهب الإمامية، ويعتبره الشيعة من أعلام المائة السابعة لهم، وقد حمَّل عدد من المؤرخين القدامى والمحدثين الخليفة الناصر مسؤولية اختراق المغول لديار الإسلام، فقد راسلهم وأطمعهم في ذلك (4).
الشيطان الرجيم، الملقب بـ (الملك الرحيم):
وهوآخر ملوك البويهيين (2) وهوالسلطان بدر الدين لؤلؤ الأرمني الأتابكي، كان يبعث كل سنة إلى (مشهد علي) قنديلاً ذهباً زنته ألف دينار، قال ابن كثير: وهذا دليل على قلة عقله… (5).
ونقل بعض المؤرخين أنه كان من بين المحرضين لهولاكوعلى قتل الخليفة. ووصلت علاقته بهولاكووأسرته إلى حد المصاهرة، فقد تزوج ولده الملك الصالح إسماعيل ابنة هولاكو(6).
الوزير ابن العلقمي:
ذكر ابن كثير أن ابن العلقمي كان شيعياً جلداً ورافضياً خبيثاً، تولى الوزارة للخليفة العباسي المستعصم أربعة عشر عاماً، مالأ خلالها على الإسلام وأهله أنواع الكفار حتى فعلوا بالإسلام وأهله ما فعلوا، وكاتب ابن العلقمي هولاكووجسَّره وقوَّى عزمه على قصد العراق؛ ليتخذ عنده يداً وليتمكن من أغراضه، وقال إنه دبر على الإسلام وأهله ما وقع من الأمر الفظيع الذي لم يؤرخ أبشع منه منذ بنيت بغداد إلى هذه الأوقات، ولم ينج أحد سوى أهل الذمة من اليهود والنصارى!! ومن التجأ إليهم وإلى دار الوزير ابن العلقمي (7).
كانت هذه إحدى المراحل التي مر بها الروافض لتحقيق هدفهم، وهو(التقرب) من أهل الكفر لتنفيذ غرضهم الهام وهوالقضاء على أهل الإسلام، ولكن مرت مراحل أخرى لم يسعوا فيها إلى التقرب؛ لأنهم لم يكونوا بحاجة لذلك فقد قاموا بمفردهم بالمهمة والغرض؛ وذلك من خلال دويلاتهم (القرامطة والعبيديين) حتى قيَّض الله ـ تعالى ـ لهذه الأمة صلاح الدين وقضى عليهم، فعادوا إلى مرحلة السرية، حتى تمكنوا من إعلان دولة أخرى (بتقرب آخر) وكانت مرحلة جديدة، بشكل جديد يتواكب والمستجدات العالمية في ذلك الوقت.
الدولة الصفوية:
أسس إسماعيل الصفوي دولته عام 1500م، وأعلن أن (التشيع) دين الدولة، وحارب أهل السنة ـ الذين كانوا الأكثرية، ففي تبريز ـ العاصمة ـ وحدها كانوا لا يقلون عن 65% من السكان وقد قتل منهم في تبريز في يوم واحد 40 ألف سني!! وبإنشاء هذه الدولة دخلت الإثنا عشرية مرحلة هامة في تحقيق الهدف؛ فقد أصبح للمذهب دولة وهوأمر ليس بالهين، وبلغت الدولة قوتها في عصر الشاه الصفوي الذي استعان بالإنجليز، وأقام لهم مراكز في إيران، واستطاع الشاه الصفوي أن يحقق مكاسب وانتصارات على الدولة العثمانية، عندما استغل حربها مع النمسا ودعم الإنجليز له. ولقد كان مترسخاً لدى الغرب وقتها، أن المعين لهم على هدم دولة الخلافة هوالشاه الصفوي، وتعاونوا معه بما يحتاج إليه في ذلك (8).
وعلى إثر ظهور البرتغاليين في المنطقة بدأت إيران إقامة علاقات تجارية مع إنجلترا وفرنسا وهولندا، ومهدت هذه العلاقات إلى اتصالات على مستوى دبلوماسي وديني عند اعتلاء شاه عباس الأول عرش فارس عام 1587م، وسجلت تغييرات أساسية في البلاد وفي علاقاتها مع الغرب، وكان من نتائج التحول السياسي الذي أحدثه شاه عباس أن غص بلاطه بالمبشرين والقسس، وبنى الغربيون الكنائس في إيران، لإدخال من لم يقتل ولم يُشيع من المسلمين في دين النصارى. وعمل الصفويون على تحويل الحجاج الإيرانيين من مكة إلى مشهد، وقد حج الشاه عباس الصفوي سيراً على الأقدام من أصفهان إلى مشهد زيادة في تقديسه لضريح الإمام (علي الرضا) وليكون في عمله هذا قدوة للإيرانيين، ومنذ ذلك العهد أصبحت (مشهد) مدينة مقدسة عند الشيعة الإيرانيين (9). الدولة البهلوية:
كل شيء في أوله له قوة ونشاط، ثم ما يلبث أن يفتر، وعند هذه المرحلة، كان لا بد من تجديد القوة والنشاط للسعي إلى تحقيق الهدف، وقد شاخت الدولة الصفوية، وانتهى الدور المنوط بها، فكان أن جيء بالدولة البهلوية مع بدايات هذا القرن، الذي كانت تصاغ فيه سياسات عسكرية وسياسية جديدة لكل العالم، جيء بها لتكون أداة في تثبيت الأوضاع الجديدة، بعد أن يتم إلغاء الخلافة الإسلامية، وكانت الدولة البهلوية مرحلة جديدة وطور آخر من مراحل (التقرب)، وقتها كان الإسلام وكل ما ينتسب إليه مقصوداً من قِبَل الغرب، فلا إسلام سنياً ولا رافضياً، كانوا يريدون نموذجاً كذلك الذي زُرع في تركيا. ففي عام 1926م ألغى رضا بهلوي الحجاب الشرعي، وكانت زوجته أول من كشفت عن رأسها في احتفال رسمي، ثم أمر الشرطة بمضايقة النساء اللواتي رفضن الاقتداء بها وخرجن محجبات، وما كانت امرأة تخرج من بيتها محجبة إلا وعادت إليه سافرة. وفي عام 1927م ألغى رضا بهلوي أحكام الشريعة الإسلامية ـ على المذهب الشيعي ـ ووضع قانوناً مدنياً وآخر للعقوبات بُنيا على الأساس الفرنسي. وفي عام 1930م قلص مادة التعليم الديني في المدارس الحكومية ثم جعلها غير إلزامية في المدارس الابتدائية والثانوية، وفرض اللغة الفارسية بدلاً من اللغة العربية. وكان رضا خان صديقاً حميماً لكمال أتاتورك، ويحرص دوماً على تقليده واقتفاء خطاه، ولهذا كان رضا بهلوي في حربه للإسلام صورة طبق الأصل عن أتاتورك. وفي عام 1935م غيَّر اسم الدولة فأصبحت (إيران) بعد أن كانت (فارس)، وخدم رضا بهلوي أسياده الإنجليز وغيرهم حتى عام 1941م، ثم اختاروا ابنه محمد رضا ملكاً لإيران. وشاه إيران الجديد كان على صلة وثيقة ـ منذ أن كان طالباً ـ بعميل المخابرات البريطانية (مسيوبراون) وتقول زوجته "ثريا" في مذكراتها: "لم يحيرني ولم يدهشني في المدة التي قضيتها مع الشاه شيء أكثر من هذا الاتصال الوثيق الغامض بينه
وبين مسيوبراون، لقد كان باستطاعتي أن أسأله عن أي شيء إلا عن شخصية براون وعلاقته به". وفي عام 1948م اعترف شاه إيران محمد رضا بهلوي بدولة يهود وأقام علاقات متينة معها. جاء الإنجليز بالشاه في الأربعينيات، وفي الخمسينيات تولى الأمريكان حمايته، وقدموا له الخبراء وأعادوه إلى الحكم بعد عهد (مصدق)، ليصبح بعدها أسيراً لوكالة المخابرات الأمريكية، وجعل الأمريكان من إيران مركزاً لحماية مصالحهم في المنطقة، وعندما قويت شوكته، احتل جزر أبوموسى وطنب الكبرى والصغرى في الخليج (10).
الدولة الخمينية:
باستصحاب قاعدة التغيير السابقة المرتبطة بالقوة والضعف، فقد ضعف الشاه في سنواته الأخيرة، فكان لا بد من وجه جديد، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تغيرت كذلك الأوضاع الإقليمية والدولية؛ فقد ضغط العرب بسلاح النفط الذي يعد أهم مصالح الغرب في بلاد العرب، وارتمى منهم عدد غير قليل في أحضان الاتحاد السوفييتي السابق الذي كان على حالة من العداء مع الغرب لا تخفى، وظهرت ظاهرة ـ وكانت إحدى الكُبر المهددة للغرب ـ وهي الإسلام السياسي، أوالصحوة الإسلامية العارمة التي ظهرت في بقاع كثيرة، وهي صحوة (سنية) تمثل تضاداً للهدف الأساس، فلم يكن يجدي استخدام نموذج علماني جديد في إيران، بل كان لا بد من الكشف السافر والتهديد بالخطر الشيعي الذي أرعب المنطقة وقتها، ولم يكن له همٌّ إلا تصدير الثورة، وكانت حرب الخليج الأولى أكبر وأخطر تطور من نوعه في الصراع. وأيضاً فإن إظهار دولة شيعية في موقعها هذا ـ ومع اتصالها الوثيق بالغرب ـ يقف عائقاً أمام التهديد السوفييتي، وهي مصلحة كذلك للغرب. وسارع من سارع من المنطقة إلى الاحتماء بالغرب خوفاً من الزحف الرافضي، فكانت الأسلحة في الحرب بين إيران والعراق أمريكية!! ولنأت على بعض الأدلة:
-يقول أحد الصحفيين الإيرانيين: لقد أعطى الخميني عام 1984م الضوء الأخضر لإجراء محادثات سرية مع الولايات المتحدة بواسطة إسرائيل، وأوضحت التقارير الصادرة حول فضيحة (إيران جيت) المدى الذي وصله الخميني من الاتفاقيات السرية مع الأمريكيين، لقد انهار المشروع بأكمله عندما قرر آية الله حسين علي منتظري إدانة الاتصالات السرية مما أوقف المحادثات السرية بين طهران وواشنطن لتنتهي المسألة بإبعاد منتظري من طهران. ويقول الكاتب معتذراً ـ أومتهكماً ـ: ولولا (التقية) التي كان يمارسها أحياناً، لأصبح الخميني أبرز الزعماء الإيرانيين المواليين للولايات المتحدة (11).
-نشرت مجلة تايم الأمريكية في يوم 5/ 3/1979م تصريحاً للرئيس كارتر رد فيه على معارضيه، وكان مما قال: "إن الذين يطلبون من الولايات المتحدة أن تتدخل بشكل مباشر لوقف الأحداث مخطئون ولا يعرفون الحقائق القائمة في إيران!! لقد سبق أن أجرينا اتصالات مع أبرز زعمائها منذ بعض الوقت" (12).
-قدم مساعد وزير الخارجية الأمريكية (هارولد ساوندرز) تقريراً ألقاه أمام لجنة شؤون الشرق الأوسط، قال فيه: إن المصالح الأمريكية في إيران لم تتغير، ولنا مصلحة قوية في أن تبقى إيران دولة حرة مستقرة ومستقلة (13).
-وفي حديث لوزير الدفاع الأمريكي (براون) وصف حكومة (بازركان) - أول رئيس وزراء في عهد الخميني ـ بأنها متعاونة جداً وباستطاعة الأمريكان أن يقيموا معها علاقات ودية (14).
-وفي تصريح هام للراديوالحكومي قال بازركان: "إن جوهر الوجود الإيراني كدولة قد تولد من اتصالنا مع الغرب!! وإنه لما يتنافى مع المبادئ الإسلامية تدمير كل ما هوأجنبي".
-وأخيراً ننقل تصريحاً لآية الله روحاني الذي كان ممثلاً للخميني في واشنطن، عندما كان الأخير في فرنسا، يقول: "أنا مقتنع بأن أمريكا أعطتنا الضوء الأخضر" (15).
-وهناك أدلة أخرى كثيرة، أصبحت في حكم المتواتر من الأخبار (*)
وتغيرت أحوال الدولة الخمينية بعد وفاته، وتبدلت أحوال المنطقة، فسقط الاتحاد السوفييتي، وخاف الغرب من صحوة المسلمين هناك، والمنطقة كلها - كبقية العالم - تحت سيطرة الأمريكان، ولم يتمكن الروافض من تصدير ثورتهم بالشكل الذي يريدون، فكان لا بد من طور جديد لتنفيذ المرحلة الجديدة التي تمثلت في الدولة الرفسنجانية التي كانت مرحلة وسيطية بين الخميني وخاتمي، إذ رفسنجاني من تلك المؤسسة الدينية التي قامت بالثورة الشيعية وأبدى بعض من المرونة الظاهرة والانفتاح، والذي كان من نماذجه ما تمثل في صورة ابنته فائزة رفسنجاني، التي تطالب بحقوق المرأة، وكان لها بعض الفتاوى والمواقف التي تظهر تناقضاً مع مبادئ هذه المؤسسة. لقد كانت هذه المرحلة مطلوبة كتمهيد للنقلة الأوسع التي كانت على يد محمد خاتمي.
الهوامش:
(*)) من خلال نصوص هذه الوثيقة يتبين أن وقت صدورها كان وقت الحرب العراقية الإيرانية.
(1) انظر: د. عبد الرحيم البلوشي، رئيس رابطة أهل السنة في إيران ـ مكتب لندن ـ، الخطة السرية للآيات، مجلة البيان، العدد: 123.
(2) انظر: الفتاوى، ج/28/ 477 و478.
(3) الفتاوى، ج/28/ 527 و528، وانظر منهاج السنة، ج 2/ 104.
(4) انظر: د. سليمان العودة، كيف دخل التتر بلاد المسلمين، ص: 46 - 50.
(5) انظر بعض من تاريخهم ومعتقداتهم، عبد الرزاق حصان ـ المهدي والمهدوية: ص75.
(6) ابن كثير: البداية والنهاية، ج/ 13، ص: 203. (2) العودة، كيف دخل التتر، ص: 52، 53.
(7) ابن كثير، البداية والنهاية، ج/ 13، ص: 193، 202، 214، 215.
(8) انظر: محمد العبدة، مائة مشروع لتقسيم الدولة العثمانية، ص: 77، 125.
(9) راجع: عبد الله الغريب، الأبعاد التاريخية للثورة الإيرانية، ص: 81.
(10) انظر: السابق، ص: 91 - 94.
(11) أمير طاهري، جريدة الشرق الأوسط، عدد (6986).
(12) انظر: عبد الله الغريب، الجذور التاريخية، ص: 255.
(13) السابق، ص: 255.
(14) السابق، ص: 255.
(15) مقابلة مع صحيفة باري ماتش، نقلتها الوطن الكويتية، بتاريخ 11/ 2/1979م ـ السابق.
(*) في عام 1986م، قام مستشار الأمن القومي الأمريكي بَدْ مكفارلن بزيارة سرية لطهران، وحضر والوفد المرافق له على متن طائرة تحمل معدات عسكرية لإيران، وجلب الوفد معهم كعكة صنعت على شكل مفتاح كرمز لمفتاح الصداقة بين البلدين، كما قدموا إنجيلاً يحمل توقيع الرئيس ريجان، وكان الكشف عن هذه الزيارة هوما أثار القضية التي عرفت وقتها بـ "إيران جيت" والتي قام الأمريكان ـ بتعاون ومباركة يهودية ـ بتزويد إيران بأسلحة في وقت كانت تقوم فيه على حماية الخليج العربي من الزحف الرافضي الإرهابي!! انظر مزيداً من التفاصيل حول هذه القضية ومسار التعاون بين الدولتين في العهد الخميني، مذكرات وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت جورج شولتز، "نصر واضطراب"، ص 275 ـ 377، الأهلية للنشر، ط/1، 1414هـ ـ 1994م