أحيى الانتصار الكبير للرئيس محمد خاتمي في 1997 تساؤلا كبيرا لدى الغرب متمثلا في دوائره الإعلامية والأكاديمية والسياسية وهوإلى أي مدى يستطيع الإسلام خلق شكل للحياة المعاصرة متوائم مع الديموقراطية والرأسمالية وآليات النظام الدولي، وتحكمت الإجابة على هذا التساؤل في نظرة الغرب لمفهوم الاعتدال والإصلاح ليس فقط في إيران وإنما في العالم الإسلامي، وبالطبع لعبت الحالة الإيرانية الدور الرئيسي باعتبارها النموذج الإسلامي الذي ترجم مؤسسيا أيديولوجية ثورية وإسلامية. وتختلف منطلقات الغرب الفكرية والقيمية في تقييم الخطاب الإصلاحي عن الرؤى الإيرانية بثوابتها ومعاييرها الإسلامية آلتي تميزها بالرغم من التفاوت فيما بينها.
يكتسب الخطاب الإصلاحي أهمية قصوى في هذه المرحلة الحاسمة من تطور الجمهورية الإيرانية الإسلامية ومسار نموذجها السياسي الإسلامي، فمستقبل هذا النموذج مرتبط بمآل ومصير هذا الخطاب بمقولاته ورموزه وطموحاته، حيث تسود لغة الإصلاح الشارع الإيراني حتى أن مرشحي الرئاسة العشرة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة اجتمعوا على استخدام لغة الإصلاح بالرغم من وجود رموز محافظة بينهم. ولكن ما زال التيار المحافظ المنافس يحوز تفوقا على مستوى المؤسسات المحورية آلتي يسيطر عليها مثل مجلس صيانة الدستور ومجلس تشخيص المصلحة والباسيج والقضاء وجميعها تحت سلطة مرشد الثورة الكبيرة. ومن ثم لا يمكن اعتبار حركة الإصلاح حركة مؤقتة بل هي حركة أصيلة ومتجذرة لدى قطاعات كبيرة من المجتمع الإيراني، ولكنها مستمرة في ظل التنافس مع تيار مواز له حججه ومنطقه المختلف. ولا يجب التعامل مع الخطاب الإصلاحي باعتباره كتلة واحدة، بل باعتباره تيارا رئيسيا في داخله تتعدد الرؤى ولكن في ظل خلفية عامة رئيسية تجمع
الإصلاحيين وتميزهم عن المحافظين. فهناك درجة من الانقسام الأيديولوجي تكسر وحدة الحركة الإصلاحية. ولذا من الأهمية معرفة محاور الاختلاف داخل الجناح الإصلاحي وما هي حدوده؟
من ناحية أخري، ما هي رؤية الغرب لهذا التيار، هل يقيمه من معاييره الخاصة ويرى فيه ما يريد أن يراه وليس ما يمثله بالفعل غافلا خصوصية مضامين كثير من المفاهيم المتفق عليها في السياق الإسلامي، ثم هل يسعى التيار الإصلاحي إلى مخاطبة العالم الغربي أكثر من مخاطبته المجتمع الإيراني، ففي ظل حجم المتحقق من دعواه يثور التساؤل حول جدية تطبيق مفاهيم الإصلاح والأدق القدرة على تطبيقها ولذا، قد يكون الاعتقاد السائد هوتوظيف هذه اللغة الإصلاحية لقطاع كبير من النخبة الإيرانية لكسب جبهات خارجية لإيران هي في أمس الحاجة إليها على الأقل على الصعيد الاقتصادي. وتكتسب هذه التساؤلات مزيدا من الأهمية في ظل توجه السيد خاتمي للغرب من منطلقات ثقافية بالأساس ومعتمدا على استراتيجيات وأدوات ثقافية في المقام الأول في محاولة لنفى صورة الإرهاب آلتي يحاول الغرب إلصاقها بإيران منذ قيام الثورة.
ومن الأهمية بمكان إدراك التباين أيضا داخل المعسكر الغربي فيما يخص الموقف من التيار الإصلاحي وهى المواقف آلتي تباينت بين عدم الاعتراف بمصداقيته وبين التأييد سواء عن اقتناع بأهمية هذا التيار واقترابه من المفاهيم الغربية أومن منطلق تحجيم التيار المقابل المنافس وهوالتيار المحافظ والحد من قدرته على تشكيل النظام الإيراني بشكل متشدد معاد لمنظومة القيم الغربية.
استراتيجية الإصلاحيين:
اختار السيد خاتمي وقطاع عريض من جناحه الإصلاحي تفادى المصادمات الرئيسية مع الجناح المحافظ واختار ألا تنزل الأغلبية العريضة من الإيرانيين إلى الشوارع، خاصة بعد أن خفت حدة التفاؤل في القدرة على تطبيق الإصلاحات المرجوة وآلتي سادت عقب انتخاب السيد خاتمي في 1997، وكان قد كثر الحديث عن
انتخاب السيد خاتمي باعتباره ثورة ثانية وربيع طهران وظهرت المقارنة مع ثورة جورباتشوف وأن التغيير قادم وسيحسم صراع السلطة، ثم بدا حاليا أنه لا يمكن كسر هذا الصراع بسهولة وأن التغيير لن يأتي سريعا.
يقوم نهج الرئيس السيد خاتمي على التغيير البطيء التدريجي وترك الملفات محل الخلاف الكبير مثل قضية الانفتاح على الولايات المتحدة وتوسيع الهامش الديموقراطي من خلال تخفيف القيود على تأسيس الأحزاب السياسية، كما انتهج نفس السياسة التي اتبعها في ولايته الأولى القائمة على تحييد التيار المحافظ، من خلال إسناد بعض المسؤوليات الرسمية لعدد من رموزه على الرغم من استفزاز ذلك الإصلاحيين. ويكمل ذلك قيام السيد خاتمي بالابتعاد بمسافة عن التيار الإصلاحي لكي يستفد من دعم المرشد الأعلى الذي يسعى للاقتراب منه.
ووصف محمد على أبطحى هذه الاستراتيجية بأنها مركبة ومعقدة ولكنها منظمة تعتمد خيار التعاون والتنسيق مع المرشد على أمل بلوغ نقطة التحالف معه، لأن أي صدام أواختلاف بين الرجلين يصل بالأمور إلى طريق مسدود خاصة وأن آية الله خامنئى لا يزال الأقوى أفقيا أي في مؤسسات النظام والدولة والسيد خاتمي هوالأقوى عموديا أي في العلاقة بين الدولة والشعب (بين مؤسساتها والمجتمع (وأي محاولة من السيد خاتمي - رغم شعبيته - لتجاهله لن تفلح.
وبذلك يعمل السيد خاتمي بهدوء من أجل الانخراط النافذ والمثمر في نسيج الدولة والإدارة، وقيل أنه نجح في تعيين ما لا يقل عن خمسة آلاف مسؤول في مواقع أساسية ومفاتيح في الدولة والإدارة بلا ضجيج. باختصار انصب تأكيد السيد خاتمي على تعظيم الاستفادة من المتاح في الدستور.
ونجح بالفعل السيد خاتمي في تفادى أي قطبية فجة ومثيرة للطرف الآخر بالرغم من النقد الذي تعرض له من مسانديه والداعين إلى نهج طريق أكثر تصادمية وتصارعا مع المتشددين مستغلين الدعم الجماهيري لمثل هذه المبادرات. ولكن في الحقيقة نجحت
استراتيجية السيد خاتمي في حل كثير من الصراعات من خلال إجراء مفاوضات ناجحة مع المحافظين، مثال ذلك المحادثات آلتي أجريت في ظل قتل بعض النشطاء والكتاب العلمانيين والتي أدت إلى استصدار وزارة الاستخبارات اعترافا عاما معلنا. لقد استطاع أسلوب رجل الدولة الهادئ الذي تبناه السيد خاتمي في كثير من المجالات الأخرى توسيع مجال حرية حركته منها على سبيل المثال، أنه استمر في الإشارة إلى أحقية مجلس الشورى في إبعاد الوزراء حتى بعد إبعاد نورى ولكنه في نفس الوقت اختار موسوى لارى الذي يعد امتدادا لسياسات الأول. من الواضح أن الحلول الوسط والتفاوض والمساومات سواء سرية أوشبه سرية ستستمر بين أجنحة النخبة حيث يعمل قطاع منها على دفع النظام من خلالها إلى مزيد من الانفتاح.
بزغ رأى من داخل الإصلاحيين - يتسع بمرور الوقت - أن هناك نوعا من الوهن والخمول بدأ يسيطر على روح هذه الحركة حيث ظهرت تصورات يائسة محبطة بين المحللين والنخب السياسية فيما يتعلق بتيار الثانى من خرداد; فهناك مجموعة من الأحداث أدخلت المحيط السياسي الإيراني في مرحلة جديدة من الائتلاف شبه المعلن بين التيارين (الإصلاحي والمحافظ) في معادلة سياسية جديدة. يوما بعد يوم يتضح أكثر أن الإصلاحيين داخل الحكومة ليس لديهم الرغبة في تجاوز الخط الأحمر الذي وضعه المحافظون، حيث أن الفشل والتكلفة الباهظة التي دفعوها قد دفعتهم للاعتدال. وتركزت أحاديث معظم الإصلاحيين على سبل التقريب بين مطالب الشعب وقدرات واحتياجات الحكومة ونظام الجمهورية الإسلامية. وسعت القوى السياسية التي كانت تريد إقصاء المحافظين عن السلطة فيما بعد إعادة انتخاب السيد خاتمي إلى إضفاء المعقولية على هذه المطالب وتحجيمها وذلك من خلال قنوات النظام الموجودة وتطبيقها في حدود إمكانيات النظام وبالسرعة والشدة التي يتحملها النظام. وغلب على خطاب الإصلاحيين داخل الحكومة في تلك الآونة كلمات ومصطلحات
مثل الاعتدال وترجيح الحد الأدنى للمطالب الشعبية على الحد الأقصى لها والتحرك التدريجي والهدوء الفعال. أما القطاع غير الحكومي والأكثر تهميشا من هذا التيار فقد عمد إلى خطاب نقد الماضي والتوجه المتوازن بين مفهومي الجمهورية والإسلامية، وفى نفس الوقت ظل الجناح الراديكالي للإصلاحيين متمسكا بشعاراته ومطالبه وغير مستعد للإذعان لسلطة المحافظين. وهناك جماعة من مؤيدي حركة الإصلاح تكرس هجوم المحافظين عليها واعتبروها خارج النظام وليس داخله وهى ما سمي بالقوى القومية الدينية التي تريد من السيد خاتمي التصدي لمعارضي الإصلاح بقوة وسرعة أكبر وضخ دماء جديدة لشرايين جسد الإصلاحيين الهزيل لأن فشل الإصلاح يعنى مواجهة خطر الديكتاتورية الشاملة.
ويبدوأنه أمام تزايد حذر السيد خاتمي في ولايته الثانية ظهر قلق عميق لدى مؤيدي الإصلاحات سواء في الداخل أوالخارج من مفهوم الحاكمية الإسلامية وهى تحوطه في التعامل الجدى مع المؤسسات الاحتكارية والسلطوية داخل النظام، وتعجب كثير من المحللين من أن مؤيديه يائسون ومنافسيه مسرورون. ومما لاشك فيه أن هذا النوع من التعامل من قبل السيد خاتمي قد حد من توليد الأزمات المتبعة على يد المحافظين. ويرى بعض مؤيدي الإصلاح أنها ملابسات ضرورية لسياسة الإصلاح ويتحدثون عن أهمية مواكبة المحافظين للإصلاحات، خاصة وأن المصالحة والتوازن الفعلي أمر مفيد للإصلاحات وأن تحويل المحافظين الرافضين للإصلاح إلى مؤيدين له أمر له أهمية كبرى ويمكن أن يقلل من الضغط الواقع على عملية الإصلاح، ولكن منفذى الإصلاح لا يعتبرون هذا المنحى سببا كافيا للتنازلات السياسية المقدمة من قبل زعماء التيار الإصلاحي.
إن أبرز نتائج هذه المعادلة هي السكوت السياسي للسيد خاتمي حيال قص أجنحة القوى القومية الدينية وتأثير هذه المصالحة على معنويات أفراد حركة الإصلاح. وكان الانشقاق الأخير في حزب مكتب تدعيم الوحدة إحدى نتائج
التفسخ الذي وقع بين الإصلاحيين. وبذلك سادت النظرة داخل التحليلات الإيرانية إلى التيارالإصلاحى كتحالف بين ثلاثة قطاعات: قطاع من القوى الأكثر محافظة داخل جبهة الثانى من خرداد والممثلة في مجمع روحانيون مبارز، وكوادر البناء حيث إن الحركة قد حققت أهدافها برئاسة المجلس السادس وأن المعادلة السياسية الجديدة مناسبة للحصول على الحد القصى من مطالبه. أما القطاع الأوسط من الإصلاحيين والذي يضم السيد خاتمي وحزب المشاركة الإسلامي فقد لجأ إلى المعادلة الجديدة لمواجهة الهجوم الشامل للمحافظين ويرى أن الوضع القائم أفضل من فقدان إنجازات الثانى من خرداد. في حين أن القطاع الراديكالي من جبهة الثانى من خرداد يتعامل مع المعادلة الجديدة تعاملا مزدوجا، فمجموعة المثقفين والصحفيين والجامعيين من هذه الجبهة ذهبت مذهب السيد خاتمي وأسلوبه المعتدل يهيئ الفرصة لإعادة النظر في أساليب الماضي واستراتيجيات وخطط الإصلاح ولتطبيق برامجه وفضح نتيجة أعمال المحافظين وبذلك فإن تقليل ضربات الإصلاح يهيئ الفرصة لتجديد قواه. وتمثل المجموعة الثانية شخصيات منفردة واتضحت الفرقة بشكل اكثر جدية في القطاع الطلابي منعكسة على مكتب تدعيم الوحدة.
ومن ثم فقد تعرض السيد خاتمي لكثير من الانتقادات من الإصلاحيين الإيرانيين ومن بعض الدوائر الغربية، حيث رأت صحيفة صدا الإيرانية المقربة من التيار الإصلاحي أن القيادة الإصلاحية غير قادرة على وضع خطط استراتيجية دفاعية أوهجومية ضد التيار المحافظ، ويعتقد الكثيرون أن السيد خاتمي منظر جيد لكنه غير قادر على تطبيق البرامج الإصلاحية، وأضاف المحلل الإيراني عماد الدين باقي أن حكومة السيد خاتمي تهاونت وفقدت زمام المبادرة أمام المتشددين وأهدرت قدرات الحركة الإصلاحية وتتحمل مسؤولية الوضع الراهن; كما أعلن الكسندر ادلر أن السيد خاتمي ابن المؤسسة عاجز عن تطويرها لا سلما ولا حربا أوعن الالتزام بوعوده
الإصلاحية، إن السيد خاتمي ذاته بات مدركا أنه لا يستطيع تنفيذ برنامجه.
وفى الوقت ذاته ظهرت دعاوى بين الإصلاحيين لضرورة تطوير طريقة مواجهة المحافظين في الفترة الرئاسية الثانية للسيد خاتمي للحيلولة دون أفول نجم المشروع الإصلاحي والعمل على اتخاذ تكتيكات مؤثرة لتحديد التوازن الجديد في القوى قبل تطبيق الإصلاحات ومنها تكريس الاهتمام بالشعبية ونقد الذات وإنشاء مؤسسات مدنية قبل تطبيق الإصلاحات بالإضافة إلى الاستمرار في المباحثات والمساومات حتى تكون المواجهة محسوبة.
بل إن البعض تخطى الحديث عن الاستراتيجية الهادئة إلى الدعوى بتبنى استراتيجية الردع الفعال بهدف التصدي الوقائي للمعارضة المناهضة للإصلاحات، لأن المحافظين قاموا باستغلال تبنى الإصلاحيين لاستراتيجية الهدوء الفعال من أجل إصابة عملية الإصلاح بالشلل الكامل مستخدمين في ذلك آليات شبه قانونية، فبدأ يزيد الإحباط الناجم عن عدم جدوى الإصلاحات وتتدعم نظرية نهاية عملية الإصلاح. وأفاضت منظمة مجاهدى الثورة الإسلامية (التي أغلقت الجريدة عصرما الناطقة باسمها في يناير2002 (بأن عدم استغلال الإصلاحيين بشكل كامل للحقوق والصلاحيات الدستورية لديهم لم يقابله مهادنة من المعارضين، بل زادت شدة الضغط الواقع على مجلس الشورى والحكومة ورئيس الجمهورية، حيث انتقلت الضغوط من هيكل الحركة الإصلاحية والطلاب والصحافة غير الحزبية والقوى الاجتماعية إلى المؤسسات الرسمية الإصلاحية والحكومة وكذلك الأحزاب. إن استراتيجية الهدوء الفعال وتعطيل الإمكانات والصلاحيات القانونية من قبل الإصلاحيين (مثال ذلك إيقاف مجلس الشورى مشروع تعديل قانون الصحافة حتى يحول دون خلق أجواء العنف والفوضى (قد زاد من العداء في مواجهة الإصلاحات بدلا من تشجيع حسن النوايا والتعاون. ولذا، رأى هذا الاتجاه أن المقاومة أوالردع الفعال خطوة جديدة في طبيعة ونهج الحركة الإصلاحية، حيث ينبغي على الإصلاحيين
الاستفادة من صلاحياتهم القانونية، وألا يفزعوا من ضغوط أعداء الإصلاح وألا يستدرجوا لواحد من الخيارين الخاطئين: التصالح والتسليم أوالانفعال والاستعفاء. فعند قيام النواب الإصلاحيين بالتصويت على تلك المشروعات الإصلاحية بالرغم من علمهم برفض مجلس صيانة الدستور مسبقا فإنهم سيثبتون رغبتهم في الإصلاح وأن المحافظين هم العقبة. ويجب ملاحظة أن هذه الدعوى الجديدة ما زالت في إطار المنطق الإصلاحي والتي تعتمد على الإصلاح التدريجى والطابع السلمى والديموقراطية.
وفى هذا السياق بدت الأزمة الأخيرة، عندما تم رفض مشروعي القانون اللذين صوت لصالحهما مجلس الشورى الإسلامي: الأول خاص بالانتخاب ويسمح بتوسيع مجال ونطاق الترشيح، والثانى خاص بتوسيع سلطات رئيس الجمهورية بشكل يمكنه من تطبيق الدستور كحام له، كاختبار جديد لاستراتيجية المهادنة التي اتبعها القطاع الأكبر من الإصلاحيين وتأكيد آخر للسلطات الدستورية الضخمة تحت يد المحافظين. ويصبح السؤال الآن إلى متى ستصمد استراتيجية المهادنة وماذا يملك المعسكر الإصلاحي حقيقة لتغيير ميزان القوة بدون تعريض النظام ذاته إلى هزة عنيفة تؤثر عليه تأثيرا عكسيا غير مرغوب فيه؟
قضايا الإصلاحيين:
لم تتفق الكتابات سواء الإيرانية أوالغربية عند تحديد التيار الإصلاحي، فهناك من رآه تحالفا ما بين اليمين المعاصر مع اليسار المعاصر في مقابل التحالف المحافظ ما بين اليمين التقليدى واليسار التقليدي، حيث أن اليمين عموما يميل فيما يخص القضايا الاقتصادية إلى صالح السوق الحرة وإن اختلفوا في داخلهم حول الأبعاد الاقتصادية التي لها الأولوية والاستراتيجيات الاقتصادية الواجب تبنيها، في حين يهتم اليسار أكثر بمسألة العدالة الاجتماعية وكذلك اليسار ليس موحدا في أفكاره حول الاقتصاد. وبدأ الاختلاف حول القضايا السياسية العريضة مثل الانفتاح والديموقراطية يفسر أكثر الانقسام الثنائى الرئيسى للتيارات
السياسية الإيرانية. ويشار إلى جبهة الثانى من خرداد باعتبارها اليمين واليسار المعاصرين التي تكونت كتحالف يجمع أكثر من تنظيم وشخصية لدفع إيران بعيدا عن الحكم التسلطي.
فعلى سبيل المثال، تختلف النظرة داخل اليسار الإسلامي فيما يخص الديموقراطية، حيث أن اليسار التقليدى يقف بنموذج الديموقراطية عند المشاركة في حين ينطلق به اليسار الجديد إلى أبعد من ذلك إلى ضرورة توفير النظام للمنافسة حتى تتوافر البدائل التي يختار فيما بينها الشعب. ومن ثم فإن قواعد اللعبة الديموقراطية يجب أن تطبق على الجميع وليس من الضرورى أن يكون اليسار هوالتيار الفائز دوما في هذه اللعبة. وفى المجال الاقتصادي فإن اليسار التقليدى يرحب بأي تدخل من الدولة ويعتبره إيجابيا، في حين أن اليسار الجديد لا يرى أن كل تدخل دولة مفيد وأنه يمكن استخدام آلية السوق كآلية لتخصيص الموارد، فالخلاف الرئيسى حول مسائل تخص الحداثة والالتزام بالديموقراطية، فاليسار الجديد لا يوافق على تدخلات الدولة في جميع نواحى الحياة ويدعولحماية المجتمع المدنى وعدم تحول الجميع إلى خدام الدولة.
من أجل إيضاح التداخل بين التنظيمات عند تصنيفها بحسب التيارات الأيديولوجية، لابد من الفصل ما بين القضايا الاقتصادية- الاجتماعية من جانب والقضايا السياسية- الثقافية من جانب آخر. ففي السياق الإيراني يختص التمييز ما بين اليسار واليمين بالنوعية الأولى من القضايا: فالتيار اليمينى يؤيد توسيع دور القطاع الخاص في حين يدافع اليساريون عن أهمية دور الدولة ومزيد من عدالة توزيع الدخل. أما التمييز ما بين التيار المحافظ والتيار المعتدل الإصلاحي فينصب على المسائل السياسية والثقافية: فالمحافظون يؤمنون بعدم إطلاق الحريات السياسية والثقافية، في الوقت الذي يدعوفيه اليمين لمزيد من الانفتاح السياسي والثقافي. ولا يشترط أن يرتبط اليمين بالاعتدال بل قد يظهر على العكس تنظيم يسارى إصلاحي.
ومن ثم لا تناسب منظومة القيم الليبرالية الغربية التي تربط بين السوق الحرة والحريات المدنية والسياسية الواقع الإيراني بحيث تتداخل المواقف الأيديولوجية بالنظر للقضية محل البحث.
انتقل كل من اليمين الإصلاحي واليسار الإصلاحي بعيدا عن منظوره التقليدى بعد انتخاب السيد خاتمي لكى يركز أساسا على تطوير الليبرالية السياسية ولكن في إطار ولاية الفقيه التي يتوسعون في تعريفها. لقد تباينا فيما بينهما حول السياسة الاقتصادية وكيفية تحقيق الليبرالية السياسية والاجتماعية- الثقافية. وحتى قريبا دافع اليسار الإسلامي عن السياسات الاقتصادية الاشتراكية التقليدية وأظهروا اهتماما أقل بتحقيق النموالاقتصادي أومحاربة التضخم. ولكن انتقل كثير من عناصر اليسار الإسلامي إلى الاقتراب من رؤى الليبرالية الجديدة للوسط واتضح ذلك منذ عام 1999 عندما تعرضت خطة التنمية الموجهة للنموالتي قدمها السيد خاتمي لنقد ضعيف من اليسار. ومن ثم يضم تحالف اليسار والوسط الإسلامي رؤى مختلفة فيما يخص السياسة الاقتصادية وهى الاختلافات المسكوت عنها الآن. في حين أن التباين حول خطوات الإصلاح السياسي والاجتماعي- الثقافى وأدوات تحقيقه أكثر وضوحا وانقساما، مثال ذلك، عدم الاتفاق حول تأييد رافسنجانى في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والتي كان ضعف أدائه سببا وراء إضعاف تيار اليمين الإصلاحي وتراجع بعض عناصره ليقترب من مواقع اليسار الإسلامي ويقلل من الاختلافات فيما بينهما على الأقل مؤقتا.
تحتل قضية التغيير مكانة محورية عند الفصل بين الإصلاحي والمحافظ وغيره حيث تتباين النظرة لمدى أهمية الحاجة إلى التغيير بل ودرجة ومعدل هذا التغيير.
يسود داخل خطاب الإصلاح الإيراني إيمان خاص من قبل السيد خاتمي - كما أشار محمد على ابطحي- بأن الثورة في حاجة إلى التجديد يسمح لها بالتفاعل مع المتغيرات المحلية والدولية ليكتمل ما أرسى خلال عقدين، وبدون ذلك فقد تتعمق
الفجوة بين الثورة والشعب تدريجيا مما قد يهددها بالزوال، حيث لا يدعوالإصلاحيون إلى تغيير مبادئ وأسس الحكم. ولقد أكد د. رضا السيد خاتمي أنه على مستوى الشعارات ليس هناك فرق كبير بين الإصلاحيين والمحافظين ولكن تظهر الفروق الجوهرية على مستوى فهم الشعارات والرؤى والبرامج، فالتيار المحافظ يتمسك بالحكم الديني في صورة أكثر تقليدية، في حين أن الإصلاحيين يسعون إلى تجديد هذه الصورة بما يلبى احتياجات المسلمين المعاصرة.
وتركزت الحملات الانتخابية للإصلاحيين على دور الدين في السياسة وتوزيع القوة بين الرئيس والمرشد والبطالة وتدهور الخدمات العامة. وارتبط هذا الخطاب بقضية محورية هي الديموقراطية.
تتبنى النخبة الإصلاحية الإيرانية ومناصريها من المفكرين والمثقفين خطابا داعيا للديموقراطية مؤكدا على حكم القانون وسيادة الشعب ومزيدا من المشاركة الشعبية في السياسة والحرية الفردية وحرية الصحافة، وبتوسيع هذه المفاهيم فهي تدعوإلى إصلاح وتحويل جميع المؤسسات التسلطية، وتركز إحدى الدعاوى على إصلاح مبدأ سلطة التصديق أوالترشيح التي تستخدمها مؤسسة مجلس صيانة الدستور في كثير من الحالات وأصبح هذا المجلس مستهدفا رئيسيا من الخطاب الإصلاحي الإيراني، ولتحديد سلطته كانت وزارة الداخلية في ظل قيادة عبد الله نورى قد قدمت مشروع قانون لمجلس الشورى لتعديل قوانين الانتخابات وتحديد مسؤوليات مجلس صيانة الدستور لإلغاء حق إبعاد المرشحين للانتخابات. كما وجه نقدا إلى مجلس الخبراء فيما يخص بناؤه وأداؤه: فخلال انتخابات 1998 لمجلس الخبراء أثيرت شروط العضوية وظهرت المطالبة بفتح بابها للنساء وللأشخاص العاديين غير الدينيين، بل امتد الأمر إلى المطالبة بالانتخاب المباشر للزعيم في الصحافة الإصلاحية.
وجاء دفاع السيد خاتمي عن الديموقراطية الدينية ليؤكد أن الحكومة الدينية لا تعنى أن الحاكم أوالدولة تملى التعليمات على الشعب وعليه
الطاعة. بل إن تعزيز الجمهورية الإسلامية ديموقراطيا يتم من خلال الإرساء التام لما أسماه سيادة الشعب الدينية. كما أكد أن الثانى من خرداد له هوية دينية واضحة مع الالتزام بحرية الرأي.
ولم يستمر منصب مرشد الثورة بعيدا عن التساؤلات حيث أثيرت مسألتان رئيسيتان شرط الخبرة والمعرفة الدينية لتولى هذا المنصب، وثانيا مدى الممارسة الفعلية لمرشد الثورة لسلطته.
وهناك تفسيرات مختلفة لمبدأ ولاية الفقيه بعضها ديموقراطى والبعض الآخر سلطوي، والتباين فى الرأى يظهر حول ما إذا كان الله أم الشعب هوالذى يعطى للمرشد شرعيته داخل الجبهة الديموقراطية الدينية - على الأقل بين المؤمنين بولاية الفقيه - فهناك من يرى أن حق حكم الذات مكفول للشعب ويمكن لهم إيداع هذا الحق لمن يرتضوه، وينحصر الخلاف الثانى فى علاقة الولى الفقيه بالشعب، ويعتقد اليسار الجديد أنها علاقة تمثيلية وليست شكلا رعويا للسلطة قائما على عدم أهلية الشعب لحكم ذاته. وهناك تباينات أيضا خاصة بحدود سلطة ولاية الفقيه ويرى أن الدستور يحدد هذه الحدود وأن المرشد ليس له الحق فى تخطى هذه الحدود الدستورية والتى تحدد شكل قاعدة العقد معه وبمجرد انتهاكها ينكسر القانون ويصبح عدم لزومية اتباع قيادته. ومن هنا لا يناقش اليسار الجديد مسألة قبول ولاية الفقيه بل إن للجدل مستويات أخرى تدور حول حدود ومساءلة السلطة السياسية وحق الشعب فى حكم ذاته. ويحترم اليسار الجديد المراكز الرسمية ولكنه يعطيها تفسيرات دستورية بمقتضاها يتساوى الزعيم مع المواطن العادى أمام القانون، ويعارض بشدة تفسير مجلس الخبراء لمفهوم ولاية الفقيه، واقترب تنظيم كوادر البناء من تفسير اليسار لهذا المفهوم.
ومن ناحية أخري، أشار على أبطحى أن ولاية الفقيه لم تكن من الالتزامات الأولية القطعية بالنسبة للإمام الخوميني، حيث أن نظرية ولاية الفقيه المطلقة تتبنى عنصر المصلحة، فإذا كان شيء ما يمثل مصلحة للشعب
لابد أن يكون متوافقا مع الدين. ومن هنا فبالرغم مما يمثله نقد ولاية الفقيه كمفهوم ومؤسسة من دليل على تصاعد حدة الهجوم على أحد أهم الأسس النظرية للجمهورية الإيرانية الإسلامية، إلا أنه ما زال داخل سياق إصلاح آليات الجمهورية الإسلامية وتقديم صيغة أكثر ديموقراطية للنظام الإسلامي، أى فى نطاق الإصلاح من داخل النظام ومؤسسات الدولة وليس الخروج والثورة عليه من خارجه.
وفى هذا الإطار رأت بعض الأقلام الغربية أن تعرض الإصلاحيين لهذا الموضوع يختص بمدى ملاءمة هذا المنصب أكثر من نقده وإدانته، ورأوا أن تركيز السيد خاتمى ومناصريه فى أكثر من موضع على السيادة الشعبية وضرورة الموافقة الشعبية لشرعية النظام إنما يعنى تركيزه على البعد الجمهورى من النظام السياسى فى مواجهة السلطة الملهمة إلهيا لولى الفقيه، كما تعرضت بعض عبارات السيد خاتمى وفق هذا المنظور بشكل غير مباشر لهذه القضية: مثال ذلك مناقشة قوة التفسير المطلقة لدى البشر مؤكدا على أهمية إدراك السياق المحدد للتفسير البشرى بخلاف الوحى الإلهى المطلق باعتبارها نقدا لسلطة الولى الفقيه. وكانت السلطة القضائية ودورها أيضا هدفا آخر للتحالف الإصلاحى خاصة بعد دورها فى الاعتقالات التى رآها الإصلاحيون غير ملائمة.
ومن القضايا الأخرى المرتبطة بالمسألة الديموقراطية حرية الصحافة والمجتمع المدني. حيث يرى الإصلاحيون أن العقبة الأساسية أمام استقلالية الصحافة ليست مالية بل سياسية وقانونية خاصة وأنه ليس هناك أى حصانة للصحفي، كما أن على الناشرين مسؤوليات ولا حديث عن الحقوق. وكانت مراجعة قانون الصحافة أولى أولويات الإصلاحيين فى مجلس الشورى الجديد (ولكن جاء تدخل آية الله خامنئى ليحد من انطلاقهم فى هذا الموضوع) كما يسعون الى إحداث إصلاح قضائى وإنهاء احتكار الدولة للإذاعة والتلفزة.
ينظر اليسار الجديد الى المجتمع المدنى باعتباره جميع أنواع الجمعيات التطوعية والتى ليست
بالضرورة اقتصادية وتضم الأعمال الخيرية والتعاونيات والأحزاب السياسية وتجمعات المواطنين، باختصار أى جمعية تجمع الأفراد سويا وتسمح لهم أن يتبعوا مصالحهم وأهدافهم الجماعية داخل إطار من التنظيم المستقل، ولكن يجب أن يتأسس المجتمع المدنى على منافسة مفتوحة ولكن فى الوقت الذى يتم فيه العمل على حماية الفرد من الدولة القوية لا يجب السماح لتكريس عدم المساواة فى المجتمع، حيث يسعى اليسار الجديد فى هذا الإطار إلى الكفاح من أجل جمع مثاليات المساواة مع الحرية.
إذن يمكن تقسيم المشاركين والمتقبلين لمبدأ الإصلاح وأهميته فى المرحلة الراهنة التى تمر بها الجمهورية الإسلامية ليس فقط بناء على مواقعهم الاجتماعية بل على رؤاهم لمدى ونطاق الإصلاح أيضا إلى ثلاث مجموعات رئيسية: الأولى توافق على الإصلاح بشرط استمراره فى تبرير ولاية الفقيه وآثارها التطبيقية فى السياسات الحكومية والتشريع والحفاظ على الآراء المبنية على ما يسمى بالفقه التقليدي، أما الجماعة الثانية داخل معسكر الإصلاح فتتميز برغبتها فى تطبيق إجراءات إصلاحية أوسع وأشمل تقوم على تبنى الشريعة من منظور يتلاءم مع المتطلبات الحالية، وفى سبيل ذلك هى على استعداد أن تنظم حلقات النقاش الفقهية وأن تتخطى حدود الفقه التقليدي من خلال تطبيق مبدأ الضرورة والمصلحة خاصة عند الحديث عن السياسات الحكومية التطبيقية والعملية، فى حين أن الجماعة الثالثة التى تضم المثقفين الإسلاميين فإنها تدافع عن مفهوم إصلاحى راديكالى لرؤية الإسلام للإنسان والعالم المحيط وتطالب هذه الجماعة بإحلال ولاية الفقيه بما أسمته الإدارة العلمية أى أن يضطلع خبراء معاصرون بمهام إدارة الحكومة ونظرا لأنها جماعة أغلبها من المثقفين فينظر إليها على أنها تعمل خارج النظام.
ومن ثم كان هناك تعددية فى معنى الإصلاح نفسه وهناك المتشددون فيه والذاهبون إلى حد الانفصال التام عن منظومة القيم الإسلامية وهم ما
يمكن تسميتهم بالانقلابيين (وهم الأقل عددا)، وهناك التجديديون الذين يقبلون تجديد وإصلاح آليات عمل الجمهورية الإسلامية وإعادة بناء الأدوار المختلفة لمؤسساتها ورسم علاقة جديدة فيما بينها، ومع اختلاف الآراء فى هذه الجماعة إلا أن الإلتزام بالقيم الإسلامية وبمبدأ ولاية الفقيه هوأهم ما يجمعها.
رؤية غربية مختلفة للإصلاح الإيراني:
حددت بعض الأقلام الغربية مسائل أربعة رئيسية للإصلاح: منها الإصلاحات الاقتصادية التى يبغيها معظم الإيرانيين لتوافر فرص العمل وتحد من التضخم وترفع من مستويات المعيشة، وثانيا التخفيف من القيود الاجتماعية والثقافية الإسلامية خاصة الحجاب والعلاقات النوعية والوصول للثقافة والإعلام الغربي، وثالثا علاقات أفضل مع الولايات المتحدة والغرب عامة التى قد تحسن من الاقتصاد وتسهل من السفر والاحتكاك بالخارج وأخيرا يفضل معظم الايرانيين (وفق هذه الكتابات) مزيدا من الليبرالية السياسية التى تزيد من المحاسبة العامة، وبمفهوم أوسع الليبرالية السياسية التى تضم الإصلاح الاقتصادي.
تكمن الأزمة الحالية - وفق الكتاب الغربيين- فى تعريف الإسلام الحقيقي وهى ليست بالجديدة فى إيران. ويكمن الاختلاف الرئيسى بين سوروش وغيره من المفكرين المحافظين فى تفسير مفهوم ولاية الفقيه، والمشكلة الرئيسية عند الأول تنحصر فى مسألة الفرض على الشعب فى حين أنه فى الجمهورية لابد أن يتم حكم الدولة من خلال حقوق الشعب. ومن هنا كثر الحديث عند الغرب عن ماهية الإسلام الحقيقية وأى إسلام نتحدث وكأنه لابد من وجود نسخة وحيدة وسائدة يتبناها المسلمون.
بعد أن ارتبط سوروش بأسلمة المجال الثقافى فى بدايات الثمانينيات تحول لأن يصبح الزعيم الفكرى لليسار الإسلامى ويعمل على تقديم مفهوم نقدى ودستورى للجمهورية الإسلامية وولاية الفقيه. وتركز معظم الكتابات الغربية على سوروش وفكره ويرون انه مثل كثير من المفكرين الدينيين قد انضم إلى
صفوف المفكرين العلمانيين بسبب حاجة المجتمع إلى خطاب سياسى جديد، وتعددت كتاباته السياسية التى تناقش علاقة الديموقراطية بالدين والسياسة بالدين، وقدم مفهوم الديموقراطية الإسلامية القائم على مفهوم المنطق الجماعي، وأكد أن المنطق الجماعى فى مجتمع إسلامى سيختار حكومة إسلامية. وترى معظم الكتابات الغربية أيضا أن سوروش بتحجيمه مجال الدين يزيد من استقلالية السياسة والديموقراطية، وعند الحديث عن شرعية الحكومة استخدم المسؤولية الحكومية وشرح الديموقراطية باعتبارها شكل من أشكال الحكومة حيث يكون فيها تنظيم الشعب لقواعده وقوانينه أداء إنسانيا وحقا غير دينى ومن ثم ترى كثير من الكتابات الغربية بل والإيرانية فى بعض الأحيان أن مشروع الديموقراطية الإسلامية يقود فى النهاية إلى العلمانية. ويروا أنه بمتابعة العقبات والصعاب التى يواجهها المفكرون الدينيون فى المجتمع فإن نهاية حلم خلق ديموقراطية إسلامية يقوى من العلمانية والأفكار الديموقراطية مما يفتح المجال أمام الكتاب للدفاع عن حرية التفكير والرأى والكتابة والنشر وكافة الحريات الاجتماعية والفردية. ومن الواضح فى نظرهم ان انضمام المفكرين الدينيين الى صفوف المدافعين عن الحرية سوف يقوى من مكانة المفكرين فى المجتمع. وكأن الدفاع عن الحرية يوازى الدفاع عن العلمانية والمنظومة الغربية بأكملها من ورائها. بل إنهم يرون أن إعلان المفكرين الدينيين أن اقترابهم ليس اقترابا علمانيا إنما هوخطاب دفاعي، وأنه بعد فشل مشروع خلق ديموقراطية إسلامية تغير خطاب المفكرين الدينيين وبدأت تظهر مصطلحات مثل المجتمع المدنى والديموقراطية لتحل محل المجتمع الدينى والديموقراطية الدينية فى الخطاب الجديد. مما يعنى تحولا تجاه خطاب أكثر تسامحا ومتقبلا لحرية الفكر للجميع. ويرى هذا الاتجاه أن سوروش وصل بالتدريج الى قبول واقعى بعلمانية المجال السياسي. ويرحب المفكرون العلمانيون بهذا الاتجاه
ويرونه انتصارا ولكنها فرحة خاطئة - وفق البعض الآخر - تجد جذورها فى الرغبة فى إلغاء الآخر ويجب ان تبنى دعاوى القوة العلمانية على المشاركة الديموقراطية للدين فى السياسة وليس لفصل الدين عن السياسة.
واشتركت هذه الرؤى مع نظرة كثير من الكتاب الغربيين أمثال اوليفر روى الذى رأى فشل الإسلام السياسي، وفرانسوا بورجات الذى اقترح ضرورة التحديث فى الإسلام، أوأولفى كارى الذى تحدث عن احتمال العلمانية فى الإسلام، وهى الاقترابات الثلاثة التى رأت اتجاهات غربية أخرى ضرورة مراجعة مبرراتها خاصة وأن الحقائق الاجتماعية فى النظام الإسلامى الذى جاءت بناء على مأسسة الثورة تختلف عن الإسلام السياسى فى الحركات الإسلامية المعارضة، وبذلك فإنه إسلام دولة الآن وليس إسلام معارضة. ومن ثم يوجد داخل كل من الرؤى الغربية والإيرانية جماعة ترى فى الاتجاهات الفكرية الإيرانية الجديدة نوعا من العودة إلى العلمانية وإقرارا بنجاح نماذجها.
يتضح معنى الإصلاح عند هذه الجماعة من المفكرين الغربيين حيث يأملون أن تقع الاصلاحات فى البنية الدينية وما يتبعها من أصل النظام الإسلامى الإيراني، وأن تتوجه ايران نحونظام علمانى تعددى بحيث يكون للدين فيها دور تابع لغيره من المؤثرات، حتى أن برومبرج اعتبر كتاب بيم موج خطوة إيجابية لتوجيه التراث الفكرى للخومينى صوب الديموقراطية الغربية ويرى أن إيران لديها أكثر من مارتن لوثر واحد لهم أساليب متفاوتة ولكن يسعون وراء أهداف متشابهة وهى القضاء على السلطة السياسية للدين أوالحد منها على الأقل وأنه رغم عدم خوض السيد خاتمى فى مسألة ولاية الفقيه إلا أنها مثارة من قبل كثير من الإصلاحيين التى تضع هذه السلطة موضع تساؤل علني، هوباختصار يرى أن إصلاحات السيد خاتمى هى الليبرالية فنظرية المجتمع المدنى عنده مأخوذة من الفكر السياسى الغربى وأن جميع الإصلاحيين داعمون للحرية السياسية إلا أن الإسلاميين
اليساريين متوجسين خيفة من الإصلاحات الاقتصادية.
وشاع أيضا الاعتقاد فى الرؤى الغربية أن دفاع السيد خاتمى عن حكم القانون والمجتمع المدنى خلق أزمة دستورية ميزت مرحلة جديدة فى فترة ما بعد الثورة فى إيران، وأن خطاب السيد خاتمى والتيار الإصلاحي من ورائه للتنمية السياسية فى ظل حكم القانون متناقضا بشكل حاد مع الخطاب الثورى الإسلامى وشعار الحكومة الإسلامية الذى قام عليه، حيث هنا حل الانتخاب الشعبى محل الكاريزما الثورية والتفويض الإلهى كأساس لشرعية الحكم. وبالرغم من عدم تعرض السيد خاتمى لمبدأ ولاية الفقيه إلا أن التناقض بين التفويض الشعبى للرئيس وتفويض المرشد كما نص عليه الدستور برز على السطح بوضوح الآن.
بدا التباين واضحا عند تناول مفهوم الإصلاح لدى الرؤية الغربية من جانب والإيرانية (خاصة القطاع الأكبر من الإصلاحيين (من جانب آخر. فلقد ارتبط الإصلاح فى التحليلات الغربية بمدى الاقتراب من النموذج الغربى الليبرالى والشكل العلمانى للديموقراطية كما هومطبق فى الغرب; فى حين لم ينفصل خطاب معظم الإصلاحيين عن منظومة القيم الإسلامية الأساسية التى طرحها نموذج الجمهورية الإسلامية.
ولا يعتمد نجاح تجربة السيد خاتمى على هزيمة المحافظين من عدمه وإنما على الحلول الوسط ومدى القدرة على التوفيق التى يقوم بها الإصلاحيون معهم. ويسمح هذا الاقتراب من تحليل التغييرات فى النظام وكذلك فى إسلامية النظام على الطريقة الإيرانية متخطية التحليل الضيق للصراع - الذى ساد بعض الكتابات الغربية - بين الأجنحة النخبوية وجعله صراعا بين المسلمين الغربيين الرجال الطيبين Muslim Western the good guys وهم المعتدلون فى مواجهة الراديكاليين اوالمحافظين Bad Guys ويصبح الأوائل ضحايا وشهداء الجماعة الثانية. وبالمثل أيضا يجب تخطى التفسيرات المبسطة للتغييرات الحادثة فى النظام الإيرانى باعتبارها مواجهة بين نظام متخلف قهرى من جانب، ومجتمع
مدنى طيب يمثل التطور والحرية، فلا يمكن الاعتماد على ثنائية جامدة تفصل بين الدولة والمجتمع تجعل الأول ممثلا للأسوأ والثانى ممثلا للأفضل حيث أن هناك نظاما شموليا يواجهه مجتمع ليس أمامه بديل إلا المقاومة أوالقبول، إنما من الأوقع تقدير المساحة المشتركة المتداخلة بين الاثنين، خاصة وأن كلا الجناحين يدرك أهمية الحفاظ على الآخر من أجل الحفاظ على نظام الجمهورية.
وهنا يطرح الغرب تساؤله الهام: ما هوالأمر المتميز دينيا فى هذه الحركة؟ والإجابة هى أن هذه الجماعة ترى أنها مازالت تتمسك بأن الدين والالتزام الدينى يجب أن يكون موجودا بشكل ديموقراطى فى المجال السياسي، ويؤكد اليسار الجديد أن لكل فرد الحق فى اختيار خياراته الشخصية فى حياته الخاصة، فى حين أن المجال العام يجب أن تديره قوانين تعكس إرادة الأغلبية بدون إغفال حقوق الأقلية، حيث تقوم رؤيتهم للدين على تفسيرات جديدة ونقد للتفسيرات التقليدية والتى تتماشى أكثر مع المنطق المعاصر ودفاعا عن التعددية الدينية، وأنه من المقبول أن يتداخل الدين مع السياسة بشرط ترك الحياة الخاصة للأفراد وأن تسيطر القواعد الدينية فى المحيط الاجتماعى من خلال قنوات ديموقراطية.
وعند رؤية الغرب لأهداف الإصلاح ومن ثم نجاحه يظهر اتجاه سائد يرى أنه لا يمكن أن ينجح بدون تحويل الجمهورية الثيوقراطية راديكاليا - ولكن ما هومعيار النجاح عند الإيرانيين أنفسهم؟
باختصار فإن الجمهورية الإسلامية تعنى ببساطة الحكومة الدينية الديموقراطية لأن مواطنيها يختارون بشكل ديموقراطى أن يحكموا مجالهم العام وفقا للمعايير الدينية (وليس العلمانية). كما أن القوانين الضعيفة خير من اللا قانون ومن هنا ينطلق الدفاع عن الدستور بالرغم من مشاكله وتناقضاته. اختلفت النظرة أيضا إلى معدل وسرعة التحول، ولكن سادت تلك النظرة الداعية للتدرج حيث كثيرا ما طرح هذا المنطق: إن تجربة الديموقراطية لا يمكن أن تنجح وتصل
الى ذروتها خلال عقدين ولابد من السير بتأمل وتأن فى هذا الاتجاه. ومن هنا تتسم رؤى الإصلاحيين بالواقعية والمرحلية والإيمان بالأسلوب التدريجى المرحلى فى تحقيق الأهداف.
لا يمكن وضع حدود فاصلة ما بين الرؤى الغربية من جانب والرؤى الإيرانية من جانب آخر، فهناك تفاوت فى الآراء داخل كل منظومة يجعل من الأجدر الحديث عن وجود فريقين: جماعة فكرية ترى فى الخطاب الإصلاحى الإيرانى استمرارا لطريق إسلامية النظام سواء أكانت أقلام إيرانية أوغربية، وفريق ثان يرى الإصلاح مرادفا للسعى إلى علمنة النظام معلنة بذلك فشل الإسلام السياسى فى مرحلة التطبيق المؤسسي.
باستعراض سريع لبعض الأدبيات والمقالات الغربية، وجدت صورة لم تكن متوقعة بسبب التداخل الكبير بين الرؤى الإيرانية والغربية، فهناك بعض الكتابات التى بقراءتها كان من المتوقع أن تكون لأقلام غربية فإذا بها إيرانية وصادرة ليست من عناصر المعارضة الإيرانية فى المنفى وإنما من أقلام إيرانية فى الداخل ولها منشورات باسمها، وعلى الجانب الآخر هناك بعض الكتابات الغربية التى تبدومدافعة أوبمعنى أدق متفهمة للخصوصية الإيرانية ولا تهاجم منظومتها بشكل غير علمى أوغير موضوعي، ووفق معايير غربية خاصة بها بل تحاول أن تضع بالفعل الخطاب الإصلاحى الإيرانى فى سياقه الداخلى والخارجي. ولكن هذا لا يمنع من وجود خلاف بين الرؤيتين الغربية والإيرانية لمفهوم الإصلاح فيما يخص بعض النقاط الجوهرية ومفاهيم بعض الدعاوى الإصلاحية والهدف منها.
كثيرا ما أثار الغرب التناقض بين مبدأين متنازعين للسيادة، الأول خاص بالسيادة الشعبية ويختص الشق الثانى بالسيادة الإلهية، على أساس أنه التناقض الرئيسى الذى يتسم به النظام السياسى الإيرانى ويسبب مشاكل وتوترات كبيرة، وبالتالى فإن الإصلاحيين سيعملون على تكريس الشرعية الشعبية لتدعيم التحول الديموقراطي، فى حين أن خطاب الإصلاحيين فى معظمه لا يرى تناقضا
بين إسلامية النظام وجمهوريته، وأن هذه الثنائية ليست تناقضا بقدر ما هى تميزا وتوزيع دستورى للسلطات وأن دور الشعب الأول يتركز فى اختيار إسلامية النظام بشكل ديموقراطي. وبالرغم من إشارة الكتابات الغربية إلى بعض مقولات الإصلاحيين والسيد خاتمى الخاصة التى تؤكد على الدستور باعتباره قاعدة الإجماع الوطنى وأن ولاية الفقيه هى محور النظام، إلا أنها لا تعتمد عليها فى استخراج نتائج تحليلاتها وتركز فقط على جوانب الخلاف الصراعية بين التيارين. وبذلك غلب على الرؤى الغربية وضع الهدف قبل التحليل ثم تسوق التحليل لتحقيق هذا الهدف باعتباره غاية الإصلاح فى إيران.
فى النهاية يقدم التيار الإصلاحى قراءة جديدة لمفهوم الجمهورية الإسلامية وسلطات مؤسساتها ولعلاقة الإسلام بالنظام السياسى والمجال العام الاجتماعى وليس الفصل بينهما وعلمنة النظام كما اتضحت فى بعض الرؤى الغربية.
خطاب طموح وإنجاز محدود:
اتضحت إنجازات الخطاب الإصلاحى على مستوى تطوير وعى وإدراك المجتمع الإيراني وإدخال مفاهيم جديدة فى منظومة تفكيره، كما اكتسب النظام الإيراني ديناميكية ملحوظة عملت على تجديده والابتعاد به عن الجمود.
لقد تركزت مطالب الرئيس على إدارة أكثر كفاءة ودرجة حراك أكبر داخل النخب الحاكمة. فى نفس الوقت لم يرض عن عمليات إغلاق الصحف وفرض حدود على حرية الصحافة. وذكر محمد على أبطحى أن أهم إنجاز تحقق فى هذا العهد حتى الآن هوإدراك الشعب لحقوقه جيدا وتعمقت مفاهيم الحريات العامة والمجتمع المدنى وسيادة القانون ومبدأ الدستور.
ولم يعد أحد يقبل بفكرة أن الولى الفقيه هوهبة من الله وهوالمناخ الذى دفع على آية الله خامنئى فى خطابه فى ذكرى وفاة الإمام الخومينى فى 4/ 6/1002 الى التأكيد على أن شرعية النظام مستمدة من الشعب وإذا جرت محاولة العودة للوراء ستكون التكاليف باهظة وسيدفع النظام الإسلامى ثمنا غاليا.
وأظهرت الحركة الإصلاحية مرونة واضحة
كدليل على تفاؤلها وثقتها فى المستقبل، ومن مؤشرات ذلك أنه بعد إلغاء كثير من الصحف الإصلاحية يتم إنشاء غيرها ومازالت تنظم المظاهرات. فمن أهم إنجازات الحركة الإصلاحية حتى الآن نموالإعلام الصحفى المستقل وثبوت قدرته على الاستمرار بالرغم من ثقل الضغوط.
عند محاولة وضع عملية الإصلاح فى سياق الخريطة السياسية الإيرانية، يتضح محدودية إمكانيات إدخال السيد خاتمى إصلاحاته خلال ولايته الثانية، ولكن استطاع الخطاب الإصلاحى الهادئ المعدل للسيد خاتمى أن يعطى للدول الأجنبية انطباعا بإمكانية إجراء تعديلات هامة على السياسة الإيرانية مما يتطلب دعم السيد خاتمى والعمل على فك الحصار عن إيران وهورأى الدول الأوروبية التى تجرى ما يسمى بالحوار النقدى مع إيران. كما نظر بعض المراقبين الغربيين أن وجود السيد خاتمى حاليا داخل السلطة السياسية إنما هونوع من امتصاص لغضب الشارع الإيرانى والذى كان من المحتمل أن يؤدى إلى فرض إصلاحات جذرية للنظام السياسى وكأن ظهور السيد خاتمى زاد من عمر النظام الإسلامى وفق بعض الرؤى الغربية. وينظر الغرب بحذر للتجربة الديموقراطية الإيرانية حتى أن بعض المراقبين يعتبرونها مجرد تقسيم للأدوار يحسن من صورة إيران الخارجية باعتبارها دولة ديموقراطية تتصارع داخلها التيارات السياسية وفق انتخابات تنافسية نزيهة، وبالفعل نجحت إيران فى إضعاف الموقف الأمريكى المتمسك بعزل إيران واختلفت الدول الأوروبية معها.
ومن الأهمية إدراك خصوصية الصراع السياسى الداخلى الإيرانى لأنه ليس مباراة صفرية بل غير صفرية حيث يستطيع كل من طرف أن يجنى مكاسب حتى وإن تكبد خسائر. وينظر المحافظون على سبيل المثال الى الإصلاحيين باعتبارهم يمثلون اختلافا فى الرؤى ولكنهم لايقدمون بديلا حقيقيا منافسا.
ومن ناحية أخري، أصرت كوادر الإصلاح على الأرضية العريضة حتى يتفادوا نظاما حادا جامدا مما يسمح بخلق وتكوين قاعدة عريضة. وكأن
التحالفات الواسعة والغطاء الفضفاض أمر تتطلبه المرحلة الحالية، ويرى معظم الإصلاحيين أنه الأسلوب الأنسب فى المرحلة الحالية من أجل توحيد الجهود أمام القطاع النخبوى الأكثر تحفظا. ولن تثار التساؤلات حول مرحلة ما بعد السيد خاتمى وما قد تفرزه من انقسامات حادة داخل صفوف الإصلاحيين.
ومن الواضح أن هناك مشكلة على مستوى التطبيق ونطاق التنفيذ ترجع الى مشاكل تخص العلاقة بين التيار الإصلاحى ومنافسه وإلى التعددية الواضحة داخل هذا التيار ذاته، وإلى ما اتسم به الخطاب الإصلاحى فى معظمه بالعمومية الواضحة فمازال الحديث كثير عن ماهية الإسلام الحقيقى وضرورة إيجاد حلول عصرية بدون تحديد فى معظم الأحيان، ومازالت العموميات تحكم الخطاب الإصلاحى أكثر من التفاصيل الإجرائية وآليات التنفيذ.
وبغض النظر عن النقد الذى يمكن توجيهه للرؤى الغربية التى تتجاهل الخصوصية الإسلامية والإيرانية عند تحليلها الخطاب الإصلاحي، إلا أن الأمر المؤكد أن هناك ترحيبا غربيا شبه عام بهذا الخطاب وبمقولاته وإن اختلف الغرب فى داخله حول أسباب ذلك. ولقد تمثلت أهم نجاحات التيار الإصلاحى فى كسر العزلة التى كانت مفروضة على إيران (خاصة من الولايات المتحدة) وتغيير صورة إيران من دولة دينية تسلطية إلى دولة تسير بخطى واسعة تجاه تدعيم نموذجها الديموقراطى ولم تعد النظرة العدائية لإيران هى السائدة فى الدوائر الغربية، مما يجعل مكاسب الخطاب الإصلاحى خارجية أكثر منها داخلية.
د. باكينام الشرقاوي
(مختارات إيرانية: العدد 38 - سبتمبر 2003)