آخر تحديث للموقع :

الأثنين 7 ربيع الأول 1446هـ الموافق:9 سبتمبر 2024م 10:09:23 بتوقيت مكة
   مشاهدات من زيارة الأربعين 2024م ..   تم بحمد الله إصلاح خاصية البحث في الموقع ..   افتتاح مرقد الرئيس الإيراني الراحل ابراهيم رئيسي ..   ضريح أبو عريانة ..   شكوى نساء الشيعة من فرض ممارسة المتعة عليهن ..   باعتراف الشيعة أقذر خلق الله في شهوة البطن والفرج هم أصحاب العمائم ..   قصة الجاسوسة الإسرائيلية في إيران ..   طقوس جديدة تحت التجربة ..   تحريض مقتدى الصدر على أهل السنة ..   فنادق جديدة في بغداد وكربلاء لممارسة اللواط ..   يا وهابية: أسوار الصادق نلغيها ..   حتى بيت الله نحرقة، المهم نوصل للحكم ..   كيف تتم برمجة عقول الشيعة؟ ..   لماذا تم تغيير إسم صاحب الضريح؟ ..   عاشوريات 2024م ..   اكذوبة محاربة الشيعة لأميركا ..   عند الشيعة: القبلة غرفة فارغة، والقرآن كلام فارغ، وحبر على ورق وكتاب ظلال ..   الأطفال و الشعائر الحسينية .. جذور الإنحراف ..   من يُفتي لسرقات وصفقات القرن في العراق؟ ..   براءة الآل من هذه الأفعال ..   باعترف الشيعة أقذر خلق الله في شهوة البطن والفرج هم أصحاب العمائم ..   الشمر زعلان ..   معمم يبحث عن المهدي في الغابات ..   من كرامات مقتدى الصدر ..   من صور مقاطعة الشيعة للبضائع الأميركية - تكسير البيبسي الأميركي أثناء قيادة سيارة جيب الأميركية ..   من خان العراق ومن قاوم المحتل؟   ركضة طويريج النسخة النصرانية ..   هيهات منا الذلة في دولة العدل الإلهي ..   آيات جديدة ..   من وسائل الشيعة في ترسيخ الأحقاد بين المسلمين ..   سجود الشيعة لمحمد الصدر ..   عراق ما بعد صدام ..   جهاز الاستخبارات الاسرائيلي يرفع السرية عن مقطع عقد فيه لقاء بين قاسم سليماني والموساد ..   محاكاة مقتل محمد الصدر ..   كرامات سيد ضروط ..   إتصال الشيعة بموتاهم عن طريق الموبايل ..   أهل السنة في العراق لا بواكي لهم ..   شهادات شيعية : المرجع الأفغاني إسحاق الفياض يغتصب أراضي العراقيين ..   محمد صادق الصدر يحيي الموتى ..   إفتتاح مقامات جديدة في العراق ..   كمال الحيدري: روايات لعن الصحابة مكذوبة ..   كثير من الأمور التي مارسها الحسين رضي الله عنه في كربلاء كانت من باب التمثيل المسرحي ..   موقف الخوئي من انتفاضة 1991م ..   ماذا يقول السيستاني في من لا يعتقد بإمامة الأئمة رحمهم الله؟ ..   موقف الشيعة من مقتدى الصدر ..   ماذا بعد حكومة أنفاس الزهراء ودولة العدل الإلهي في العراق - شهادات شيعية؟ ..

" جديد الموقع "

هداية المُرتاب إلى فضائل الآل والأصحاب ..
الكاتب : فيصل نور ..

بسم الله الرحمن الرحيم

فهرس الكتاب
 
الإهــــداء.
المقدمة. 
فضائل أمة محمد صلى الله عليه وسلم في كتب ومرويات الشيعة. 
إعطاء الله هذه الأمة مرتبة الخليل والكليم والحبيب. 
ذكر بعض ما خص الله به هذه الأمة دون سائر الأمم. 
فضائل الصحابة من القرآن الكريم. 
فضائل الصحابة من السنة وأقوال أئمة أهل البيت رحمهم الله تعالى. 
الكلام في روايات الحوض.
حب الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم وتفانيهم دونه. 
روايات في فضائل الأنصار رضي الله عنهم. 
بشارات نبوية تحققت في عهد الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم. 
روايات في إقرار الصحابة بفضائل علي بن أبي طالب  رضي الله عنهم أجمعين. 
إقرار أهل البيت بفضائل الصديق والفاروق رضي الله عنهما. 
فضائل أبي بكر الصديق وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهما. 
الثناء والتقدير المتبادل بين آل الصديق وآل علي بن أبي طالب  رضي الله عنهم أجمعين. 
روايات الصديقة عائشة في فضائل فاطمة رضي الله عنها 
روايات الصديق في فضائل أهل البيت رضي الله عنهم. 
فضائل الفاروق عمر رضي الله عنه. 
إقرار أهل البيت رضي الله عنهم بفضائل الفاروق رضي الله عنه. 
روايات عمر وآل عمر في فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنهم. 
روايات في فضائل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه  من طرق أهل السنة. 
روايات أهل البيت في فضائل الصحابة رضوان الله عليهم. 
عقيدة الشيعة في الصحابة رضي الله عنهم. 
روايات عن أئمة أهل البيت ترد عقيدة الشيعة في ردة الصحابة رضوان الله عليهم. 
فضائل الصدّيق رضي الله عنه في آية الغار  وموقف الشيعة منها والرد عليهم. 
من شبهات النواصب. 
صرف الشيعة وتأويلهم لسائر فضائل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين. 
تعظيم الشيعة لليهود والنصارى. 
عتاب آية الله العظمى العلامة جعفر السبحاني لما أوردناه في كتابنا الإمامة والنص والرد عليه  
أوجه الشبه بين اليهود والرافضة. 
روايات في ذكر من أنكر ولاية علي بن أبي طالب من الأنبياء والملائكة والجمادات والحيوانات والنباتات وسائر المخلوقات. 
الخلاصة وفيه ذكر حسن إختيار الصحبة والزوجة.
أهم مصادر الكتاب. 
فهرس الكتاب.

الإهداء
شر الأزمنة أن يتبجّح الجاهل، ويسكت العاقل،
ولكنَّ القبة الجوفاء لا ترجع غير الصدى.
 
فإلى القباب غير الجوفاء.
أهدي هذا الكتاب

 

 بسم الله الرحمن الرحيم



     إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد:
فلا جدال بين المسلمين في أن الله عزوجل  قد ختم بعثة رسله وأنبيائه بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولا شك في أن من خُتمت به رسالات السماء يكون أفضل الأنبياء والرسل عليهم السلام، وأصحابه خير الأصحاب، وأمته خير الأمم، وزمانه خير الأزمنة.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذي يلونهم.
وعن الإمام الكاظم عن آبائه رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: القرون أربعة: أنا في أفضلها قرناً([1]).
وفي رواية: إن الله أخرجني في خير قرن من أمتي([2]).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وآله وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وآله وسلم فوجد قلوبَ أصحابهِ خيرَ قلوبِ العبادِ، فجعلهم وزراءَ نبيهِ يُقاتِلون على دينه([3]).
وعن الإمام العسكري عليه السلام قال إن الله أخرج من صلب آدم ذرية منهم الأنبياء والرسل والخيار من عباد الله أفضلهم محمد ثم آل محمد، ومن الخيار الفاضلين منهم أصحاب محمد وخيار أمة محمد.([4])
ثم نبتت في الإسلام نابتة أقدمت على وجوه الصحابة الأخيار وعيون الأتقياء الأبرار الذين سبقوا إلى الإسلام، واختصوا بصحبة رسول الأنام، وشاهدوا المعجزات، وقطعت أعذارهم الآيات، وصدَّقوا بالوحي، وانقادوا إلى الأمر والنهي، وجاهدوا المشركين، ونصروا رسول رب العالمين حين كفر الناس، وصدَّقوه حين كذَّبه الناس، وعزَّروه، ونصروه وآووه وواسوه بأموالهم وأنفسهم، وقاتلوا غيرهم على كفرهم حتى أدخلوهم في الإسلام. فأحالت هذه النبتة الخبيثة فضائل هؤلاء الأبرار إلى مثالب، وزعمت أن شرهم كان هو الغالب، وجعلت من خير القرون شر البرية، ومن أفعالهم غاية الرزية، فلم يتركوا وسيلةً للحط من أقدارهم إلا وسلكوها، ولا فضيلةً ثبتت في الكتاب إلا وردّوها، ولا منقبةً جاءت في السنة إلا وكذبوها، ولا كرامة وردت في أثر أو عن إمام إلا وأولوها، ولا آية نزلت في المنافقين إلا فيهم جعلوها؛ فإن لم يجدوا إلى ذلك سبيلاً وأعيتهم الحيلة والبديل وضعوا من الأكاذيب ما وضعوا، وحاكوا فيهم من القصص ما حاكوا، فخلصوا من حيث أرادوا أم لم يريدوا إلى أن جهود خاتم الأنبياء والمرسلين طوال الأعوام الثلاثة والعشرين لم تحقق سوى بضع نفر أقاموا على الدين، وأضحى سائر الأصحاب في زعمهم منافقين ومرتدين، ناصبوا العداء لأهل بيت خير الأنبياء والمرسلين، فخالفوا الرسول وعاندوا أهله، ولم يسلم منهم أحد بعده، واجتمعوا على غصب حق الإمام، وإقامة الفتنة في الأنام، واستأثروا بالخلافة، وسارعوا إلى الترأس على الكافة([5]).
فكان من أمر هؤلاء أن لبّسوا الأمر على الأتباع والمريدين وأضاعوا بفعالهم هذه معالم الدين، حتى صار الحق عندهم باطلاً والباطل يقيناً، بل وجعلوا لعنهم من أعظم القربات، والتسابق إلى الحط من قدرهم أعظم الطاعات، ومن سبهم طلباً للمغفرات، وتغافلوا عما نزل في تعظيمهم من آيات، وما جاء في منزلتهم من بينات، ونسوا أن الله عزوجل لم يلزمنا بسب حتى من استحق السب، ولم يحثنا على لعن حتى من استحق اللعن كإبليس.
فلو أن مسلماً عاش عمر نوح عليه السلام ولم يلعن إبليس، لن يسأله الله عن ذلك، ولن يكون بتركه اللعن هالكاً. فكيف بأصحاب رسول صلى الله عليه وآله وسلم الذين قال فيهم: لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي([6]).  وقال فيهم كما يروي الإمام الكاظم عن آبائه رضي الله عنه: أنا أمَنَةٌ لأصحابي، فإذا قبضت دنا من أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمَنَةٌ لأمتي، فإذا قبض أصحابي دنا من أمتي ما يوعدون، ولا يزال هذا الدين ظاهراً على الأديان كلها ما دام فيكم من قد رآني([7]).
ولعمري لو جعلوا عوض اللعنة أستغفر الله؛ لكان ذلك خيراً لهم، ولو التمسوا الأعذار لسيئاتهم المغمورة في بحور حسناتهم، لكان هذا أنفع لهم، ولكن. (وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ ۚ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [هود: 34].

ونحن في هذا المختصر، وهو أقرب إلى البحث الروائي سنبين إن شاء الله تعالى فضائل هذه الأمة العظيمة وعلى رأسها هذا الجيل المثالي، جيل صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسوف نتطرق على وجه الخصوص إلى بيان علاقة المودة والمحبة التي كانت تربط بين آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته رضي الله عنهم أجمعين.
ولن نتطرق إلى رد الشبهات التي أثارها هؤلاء فيهم، فليس هذا غايتنا في هذا الكتاب. وسنقتصر على إيراد جميع النصوص والروايات من مصادر الشيعة([8])كشأن جميع سلسلة الحقائق الغائبة، دون اعتبار صحة السند أو نقد المتون أو علة إيراد القوم لها. فحسبنا في ذلك بيان حقائق غيبها أو عمد إلى تأويلها وصرفها عن ظاهرها بشتى السبل كل من أراد إظهار هذا الجيل العظيم بمظهر لا يتفق مع قول الله عزوجل: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ۚ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) [آل عمران: 110]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: وفيتم سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله([9]).
وبعد ذلك نترك القارئ ليتساءل عن علة إخفاء هؤلاء كل هذه النصوص والحقائق، وكلها صادرة من معين واحد، والله من وراء القصد.
 
ونسأل الله أن يوفقنا لما فيه الخير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
 

                                                                                                                                                                                                               فيصل نور                                                                                                                                                                                                                         2008 م  -1429 هـ

فضائل أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم في كتب ومرويات الشيعة


قبل الشروع في بيان منزلة الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، نبدأ هنا بسرد روايات متفرقة ومختصرة في كتب ومرويات الشيعة في فضائل هذه الأمة، منها:
     عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: لما خلق الله محمداً قال: أنت صفيي وأنت حبيبي وخير خلقي، أمتك خير أمة أخرجت للناس([10]).
     وقال عليه السلام: خلق الله ملائكة يصلون على محمد وآل محمد، ويستغفرون لامته إلى يوم القيامة ([11]).
ورووا إن الله تعالى بعث جبرئيل إلى النبي أن بشر أمتك بالزين والسناء، والرفعة والكرامة، والنصر والتمكين في الأرض([12]).
     وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: يدخل من أمتي سبعون ألفاً الجنة بغير حساب.
     وفي بعض الروايات: ومع كل واحد سبعون ألفاً([13]).
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً أنه قال: أنا أكثر النبيين تبعاً يوم القيامة([14]).
     وعنه أيضاً صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: أهل الجنة عشرون ومائة صف، هذه الأمة ثمانون صفاً([15]).
     وفي رواية: عشرون ومائة ألف صف، ثمانون ألف صف أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأربعون ألف صف من سائر الأمم([16]).
     وقال رضوان خازن الجنة عليه السلام: إن الله قسم الجنة لأمة محمد أثلاثاً، فثلث يدخلون الجنة بغير حساب، وثلث يحاسبون حساباً يسيراً، وثلث تشفع لهم فتشفع فيهم([17]).
     وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: مثل أمتي كالمطر، يجعل الله تعالى في أوله خيراً، وفي آخره خيراً([18]).
     وقال صلى الله عليه وآله وسلم: أمتي أمة مباركة([19]).
     وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: أمتي هذه أمة مرحومة([20]).
     وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: إنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله([21]).
     وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: أنتم زينتم ستين أمة - وفي رواية: أنتم وفيتم سبعين أمة - أنتم خيرها وأكرمها على الله([22]).
     وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: حبي خالط دماء أمتي، فهم يؤثروني على الآباء وعلى الأمهات وعلى أنفسهم([23]).
     وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ما وجدت في أمتي الا خيرا([24]).
     وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ما أعطيت أمة من اليقين أفضل مما أُعطيت أمتي([25]).
     وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لي فضل على النبيين، فما من نبي إلا دعا على قومه بدعوة وأنا أخرت دعوتي لأمتي لأشفع لهم يوم القيامة([26]).
     وقال صلى الله عليه وآله وسلم: كيف تهلك أمة أنا أولها، وعيسى بن مريم في آخرها، والمهدي من أهل بيتي في وسطها ؟ !([27]).
     وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: قال: أبشروا أبشروا، إنما أمتي كالغيث، لا يدرى آخره خير أم أوله، أو كحديقة أطعم منها فوج عاما، ثم أطعم منها فوج عاما لعل آخرها فوجا يكون اعرضها عرضا، وأعمقها عمقا، وأحسنها حسنا، كيف تهلك أمة انا أولها والمهدى أوسطها، والمسيح آخرها([28]).
    وهكذا كان شأنه صلى الله عليه وآله وسلم في حياته حيث لم يدع مناسبة إلا وذكر فيها فضائل امته حتى في آخر عهده بالدنيا حيث قال رسول صلى الله عليه وآله وسلم: رب سلم أمة محمد من النار، ويسر عليهم الحساب. فقالت أم سلمة: يا رسول الله، ما لي أراك مغموما متغير اللون ! فقال: نعيت إلي نفسي هذه الساعة([29]).
 
والروايات في الباب كثيرة وفيما ذكرناه كفاية.
     ورواياتهم تبين أن إظهار الله عزوجل لفضل ومنزلة هذه الأمة كان سبباً في أن يتمنى الأنبياء والرسل عليهم السلام أن تكون أمتهم أو أن يكونوا منهم:
فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إن الله تعالى جلَّ ثناؤه أرى إبراهيم صورة محمد وأمته، فقال: يا رب! ما رأيت من أمم الأنبياء أنور ولا أزهر من هذه الأمة فمن هذا؟ فنودي هذا محمد. ولقد فضل الله أمته صلى الله عليه وآله على سائر الأمم بأشياء كثيرة. الرواية ([30]).
وهذا موسى عليه السلام يكلمه ربه عزوجل فيقول له: يا موسى! أما علمت أن فضل أمة محمد على جميع الأمم كفضله - وفي بعض المصادر: كفضلي - على جميع خلقي. فقال موسى: يا رب! ليتني كنت أراهم، فأوحى الله عزوجل إليه: يا موسى! إنك لن تراهم، فليس هذا أوان ظهورهم، ولكن سوف تراهم في الجنات - جنات عدن والفردوس - بحضرة محمد، في نعيمها يتقلبون، وفي خيراتها يتبحبحون([31]).
ولما سأل موسى ربه أن يكون منهم أبى الله عزوجل عليه ذلك:
فعن الرضا عليه السلام قال: إن موسى عليه السلام سأل ربه عزوجل: يا رب! اجعلني من أمة محمد. فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى! إنك لا تصل إلى ذلك([32]).
وفي رواية: يا رب! إني أجد في الألواح أمة هي خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون في الخلق السابقون في دخول الجنة فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول والكتاب الآخر، ويقاتلون الأعور الكذاب فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إني أجد في الألواح أمة إذا همَّ أحدهم بحسنة ثم لم يعملها كتبت له حسنة، وإن عملها كتبت له عشر أمثالها، وإن همَّ بسيئة ولم يعملها لم تكتب، وإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم السابقون وهم المشفوع لهم فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد، قال موسى عليه السلام: رب اجعلني من أمة أحمد([33]).
وفي رواية عن الرضا عليه السلام في حديث مناجاة موسى قال: يا رب! فإن كان محمد وأصحابه كما وصفت فهل في أمم الأنبياء أفضل عندك من أمتي؟ ظللت عليهم الغمام، وأنزلت عليهم المن والسلوى، وفلقت لهم البحر. فقال الله جل جلاله: يا موسى! أما علمت أن فضل أمة محمد على جميع الأمم كفضله على جميع خلقي([34]).
وهذا عيسى عليه السلام سأل ربه عن عين طوبى في الجنة؟ فقال له: حرام يا عيسى على الأمم أن يشربوا منها حتى يشرب منها أمة ذلك النبي، في رواية: ذلك النبي([35])
وفي رواية: وتلك الجنة محرمة على الأمم حتى يدخلها أمة ذلك النبي([36]).
وهذا إلياس عليه السلام كان يدعو ويقول: اللهم اجعلني من الأمة المرحومة المغفورة([37]).
وذكروا في رواياتهم أن الأنبياء عندما يمرون على فقراء أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقولون: هؤلاء من الملائكة، وتقول الملائكة: هؤلاء من الأنبياء، فيقولون: نحن لا ملائكة ولا أنبياء، بل نفر من فقراء أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فيقولون: بم نلتم هذه الكرامة؟ فيقولون: لم يكن أعمالنا شديداً، ولم نصم الدهر، ولم نقم الليل، ولكن أقمنا الصلوات الخمس، وإذا سمعنا ذكر محمد صلى الله عليه وآله وسلم فاضت دموعنا على خدودنا([38]).
وحتى الأبالسة لم يخف عليهم منزلة هذه الأمة، فهاهم يقولون لإبليس: إن هذه أمة مرحومة معصومة، ومالنا ولا لك عليهم سبيل([39]).
وذلك لقول الله عزوجل بأنهم أمة مرحومة، وقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: إن أمتي أمة مرحومة([40]).
فلا غرابة إذاً أن نرى الملائكة يوم القيامة يدعون ربهم أن يُسلِّم هذه الأمة، وييسر عليهم الحساب، فقد روى القوم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما نعي إليه نفسه قال وقد سألته الزهراء رضي الله عنها: أين ألقاك؟ قال: عند الصراط، جبرئيل عن يميني، وميكائيل عن يساري، والملائكة من خلفي وقدامي ينادون: رب سلِّم أمة محمد من النار ويسر عليهم الحساب([41]). 

إعطاء الله هذه الأمة مرتبة  الخليل والكليم والحبيب
قال صاحب روضة الواعظين: وقيل إن الله ـ أعطى هذه الأمة مرتبة الخليل، ومرتبة الكليم، ومرتبة الحبيب:

فأما مرتبة الخليل فإن إبراهيم عليه السلام سأل ربه خمس حاجات فأعطاها إياه بسؤاله، وأعطى ذلك هذه الأمة بلا سؤال:
الأول: سأل الخليل المغفرة بالتعريض، فقال: والذي أطمع ان يغفر لي خطيئتي يوم الدين [الشعراء: 82]، وأعطى هذه الأمة بلا سؤال، فقال:  يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا  [الزمر: 53].
والثاني: سأل الخليل فقال:  (ولا تخزني يوم يبعثون) [الشعراء: 87]، وقال لهذه الأمة: (يوم لا يخزى الله النبي والذين آمنوا معه) [التحريم: 8].
والثالث: سأل الخليل الوراثة، فقال: (واجعلني من ورثة جنة النعيم) [الشعراء: 85]، وقال لهذه الأمة: (أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) [المؤمنون: 10-11].
والرابع: سأل الخليل القبول، فقال:(ربنا تقبل منا) [البقرة: 127]، وقال لهذه الأمة: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده [الشورى: 25].
والخامس: سأل الخليل الأعقاب، فقال: (رب هب لي من الصالحين) [الصافات: 100] وقال لهذه الأمة: (وهو الذي جعلكم خلائف في الأرض) [الأنعام: 165].

ثم أعطى الخليل ست مراتب بلا سؤال، وأعطى هذه الأمة جميع ذلك بلا سؤال:
الأول: قال للخليل: (ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما) [آل عمران: 67]، وقال لهذه الأمة: هو سماكم المسلمين [الحج: 78].
والثاني: قال للخليل: (يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم) [الأنبياء: 69]، وقال لهذه الأمة: (وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها) [آل عمران: 103].
والثالث: قال للخليل: (وبشرناه بغلام حليم) [الصافات: 101]، وقال لهذه الأمة: (وبشر المؤمنين بان لهم من الله فضلا كبيرا) [الأحزاب: 47].
والرابع: قال للخليل: (سلام على إبراهيم) [الصافات: 109]، وقال لهذه الأمة: (قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى) [النمل: 59].
والخامس: قال للخليل: (واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق) [ص: 45]، وقال لأمة الحبيب: (وعبادة الرحمن) [الفرقان: 63].

والسادس: قال للخليل: (شاكرا لأنعمه اجتباه) [النحل: 121]، وقال لهذه الأمة: (هو اجتباكم) [الحج: 78].


وأما مرتبة الكليم فإن الله تعالى أعطى الكليم عشر مراتب، وأعطى أمة محمد عشر أمثالها:
الأول: قال للكليم: (وأنجينا موسى) [الشعراء: 65]، وقال لأمة محمد: (كذلك حقا علينا ننجي المؤمنين) [يونس: 103].
والثاني: أعطى الكليم النصرة فقال: (انني معكما أسمع وأرى) [طه: 46]، وقال لأمة محمد: (ان الله مع الذين اتقوا) [النحل: 128].
والثالث: القربة، قال: (وقربناه نجيا) [مريم: 52]، وقال لهذه الأمة: (ونحن أقرب منكم) [الواقعة: 85].
والرابع: المنة، قال تعالى: (ولقد مننا على موسى وهارون) [الصافات: 114]، وقال لهذه الأمة: بل الله يمن عليكم [الحجرات: 17].
والخامس: الأمن والرفعة، فقال: (ولا تخف انك أنت الأعلى) [طه: 68]، وقال لهذه الأمة: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون ان كنتم مؤمنين) آل عمران: 139].
والسادس: المعرفة والشرح في الصدر، قال الكليم: (رب اشرح لي صدري) [طه: 25]، فأعطاه ذلك بقوله: (قد أوتيت سؤلك) [طه: 36]، وقال لأمة محمد: (أفمن شرح الله صدره للاسلام) [الزمر: 22].
والسابع: التيسير، قال: (ويسر لي امرى) [طه: 26]، وقال لهذه الأمة: (يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) [البقرة: 185].
والثامن: الإجابة، قال تعالى: (قد أجيبت دعوتكما) [يونس: 89]، وقال لهذه الأمة: (ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله) [الشورى: 26].
والتاسع: المغفرة، قال الكليم: (رب انى ظلمت نفسي فاغفر لي) [القصص: 16]، وقال لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم: (يدعوكم ليغفر لكم ذنوبكم) [إبراهيم: 10].
والعاشر: النجاح، قال: (قد أوتيت سؤلك يا موسى) [طه: 36]، وقال لهذه الأمة: (واتاكم من كل ما سألتموه) [إبراهيم: 34]، وفي ضمنها وما لم تسألوه كقوله: (واء للسائلين) [فصلت: 10] أي: لمن سأل ولمن لم سأل.


وأما مرتبة الحبيب فإن الله سبحانه أعطى حبيبه صلى الله عليه وآله وسلم تسع مراتب، وأعطى أمته مثلها تسعاً:
الأول: التوبة، فقال للحبيب: (قد تاب الله على النبي) [التوبة: 117]. وقال لأمته: (والله يريد أن يتوب عليكم) [النساء: 27]، وقال: (ثم تاب عليهم ليتوبوا) [التوبة: 118].
والثاني: المغفرة، قال تعالى: (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك) [الفتح: 2]، وقال لأمته: (ان الله يغفر الذنوب جميعا) [الزمر: 53].
والثالث: النعمة، فقال له: (ويتم نعمته عليك) [الفتح: 2]، وقال لأمته: (وأتممت عليكم نعمتي) [المائدة: 3].
والرابع: النصرة، قال تعالى: (وينصرك الله نصرا عزيزا) [الفتح: 3]، وقال لأمته: (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) [الروم: 47].
والخامس: الصلوات، قال له: (إن الله وملائكته يصلون على النبي) [الأحزاب: 56]، وقال لأمته: (هو الذي يصلى عليكم وملائكته) [الأحزاب: 43].
والسادس: الصفوة، قال للحبيب: (الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس) [الحج: 75]؛ يعني: محمداً صلى الله عليه وآله وسلم. وقال لأمته: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) [فاطر: 32].
والسابع: الهداية، فقال للحبيب: (ويهديك صراطا مستقيما) [الفتح: 2]، وقال لأمته: (وان الله لهادي الذين آمنوا إلى صراط مستقيم) [الحج: 54].
والثامن: السلام، فقال للحبيب في ليلة المعراج: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وقال لأمته: (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة) [الأنعام: 54].
والتاسع: الرضا، فقال للحبيب: ولسوف يعطيك ربك فترضى [الضحى: 5]، وقال لأمته: (وليدخلنهم مدخلا يرضونه) [الحج: 59]، يعني: الجنة([42]).


ومن مرويات القوم في فضل هذه الأمة ما روي عن الصادق عليه السلام عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: مما أعطى الله به أمتي وفضلهم به على سائر الأمم ثلاث خصال لم يعطها إلا نبي، وذلك أن الله تبارك وتعالى كان إذا بعث نبياً قال له: اجتهد في دينك ولا حرج عليك، وإن الله تبارك وتعالى أعطى ذلك لأمتي، حيث يقول: ((وما جعل عليكم في الدين من حرج)) [الحج: 78]، يقول: من ضيق.

وكان إذا بعث نبياً قال له: إذا أحزنك أمر تكرهه فادعني أستجب لك، وإن الله أعطى أمتي ذلك، حيث يقول: ((ادعوني أستجب لكم)) [غافر: 60].

وكان إذا بعث نبياً جعله شهيداً على قومه، وإن الله تبارك وتعالى جعل أمتي شهداء على الخلق، حيث يقول: (ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس) [الحج: 78]([43]). 


ذكر بعض ما خص الله به هذه الأمة دون سائر الأمم
ذكر النيسابوري في الروضة بعض ما خص الله به هذه الأمة فقال: ومن رحمة الله سبحانه على هذه الأمة تخصيصه إياهم دون الأمم:
ما خص به شريعتهم من التخفيف والتيسير، فقال سبحانه: (يريد الله ان يخفف عنكم) [النساء: 28]. وقال: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) [المائدة: 6]. وقال: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج). وقال: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) [الحج: 78]. وقال: (يريد الله بكم اليسر) [البقرة: 185]. وقال: (ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليكم) [الأعراف: 157]. وغيرها من الآيات.

وكان مما أنعم الله تعالى على هذه الأمة: أن الأمم الماضية كانوا إذا أصابهم بول أو غائط أو شيء من النجاسات كان تكليفهم قطعه وإبانته من أجسادهم، فخفف الله عن هذه الأمة بأن جعل الماء طهوراً لما يصيب أبدانهم وأثوابهم، قال الله تعالى: (وأنزلنا من السماء ماء طهورا) [الفرقان: 48].

ومنها: أنهم كانوا يعتزلون النساء في حال الحيض، فلم يكونوا يؤاكلونهن ولا يجالسونهن، وما أصاب الحائض من الثياب والفرش والأواني وغير ذلك نجس، حتى لا يجوز الانتفاع به، وأباح لنا جميع ذلك إلا الوطء.
ومنها: أن صلاتهم كانت خمسين صلاة، وصلاتنا خمس، وفيها ثواب الخمسين.
ومنها: زكاتهم ربع المال، وزكاتنا ربع العشر، وثوابه ربع المال.
ومنها: أنهم كانوا إذا فرغوا من الطعام ليلة صيامهم حرم عليهم الطعام والشراب والجماع إلى مثلها من الغد، وأحل الله لنا التسحر والوطء في ليالي الصوم، فقال: (كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) [البقرة: 187]؛ يعني: بياض النهار من سواد الليل، وقال: (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) [البقرة: 187]، يعني: الجماع.

ومنها: كانت الأمم السالفة تجعل قربانها على أعناقها إلى بيت المقدس، فمن قبل ذلك منه أرسلت عليه نار فأكلته، ومن لم يقبل منه رجع مثبوراً، وقد جعل الله قربان أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم في بطون فقرائها ومساكينها، فمن قبل ذلك منه ضعف له أضعافاً مضاعفة، ومن لم يقبل منه رفعت عنه به من عقوبات الدنيا.
ومنها: أن الله تعالى كتب عليهم في التوراة القصاص والدية في القتل والجراح، ولم يرخص لهم في العفو وأخذ الدية، ولم يفرق بين الخطأ والعمد في وجوب القصاص، فقال: (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) [المائدة: 45]، ثم خفف عنا في ذلك فخير بين القصاص والدية والعفو، وفرق بين الخطأ والعمد، فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى " إلى قوله: " فمن عفي له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه باحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة) [البقرة: 178].

ومن ذلك: تخفيف الله عنا في أمر التوبة، فقال لبني إسرائيل: (وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم) [البقرة: 54]، فكانت توبتهم أن يقتل بعضهم بعضاً، فيقتل الأب ابنه، والابن أباه، والأخ أخاه، والأم ولدها، ومن فر من القتل أو دفع عن نفسه أو اتقى السيف بيده أو ترحم على ذي رحمة لم تقبل توبته، ثم أمرهم الله بالكف عن القتل بعد أن قتلوا سبعين ألفاً في مكان واحد، فهذه توبتهم.

وجعل توبتنا الاستغفار باللسان، والندم بالجنان، وترك العود بالأبدان، فقال عزوجل: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون) [آل عمران: 135]. وقال: (أفلا يتوبون إلى الله) [المائدة: 74]، وقال: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله) [الحديد: 16].

ومن الأمم السالفة من ينظر إلى امرأة بريبة يؤمر بقلع العين لتقبل عنه التوبة، وكفارتنا فيه غض البصر، والتوبة بالقلب، والعزم على ترك العودة إليه.
وكان منهم من يلاقي بدنه امرأة حراماً فيكون التوبة منه إبانة ذلك العضو من نفسه، وتوبتنا فيه: الندم وترك العود إليه.
ومن يرتكب منهم الخطيئة في خفية وخلوة يخرج وخطيئته مصورة على باب داره: ألا إن فلان بن فلان ارتكب البارحة خطيئة كذا وكذا، وكان ينادى عليه من السماء بذلك فيفتضح وينتهك ستره، ومن يرتكب منا الخطيئة ويخفيها عن الأبصار فيطلع عليه ربه، فيقول للملائكة: عبدي قد ستر ذنبه عن أبناء جنسه لقلة ثقته بهم، والتجأ إلي لعله تتبعه رحمتي، اشهدوا أني قد غفرتها له؛ لثقته برحمتي، فإذا كان يوم القيامة وأوقف للعرض والحساب يقول: عبدي أنا الذي سترتها عليك في الدنيا، وأنا الذي أسترها عليك اليوم.
ومما فضل الله به هذه الأمة: أن قيض لهم الأكرمين من الملائكة يستغفرون لهم ويسترحمون لهم - أي يطلبون لهم الرحمة - فقال سبحانه: الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد

ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا [غافر: 7].
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: المؤمنون شهداء في الأرض، وما رأوه حسناً فهو عند الله حسن، وما رأوه قبيحاً فهو عند الله قبيح.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: يا ليتني قد لقيت إخواني. فقيل: يا رسول الله! أولسنا إخوانك آمنا بك وهاجرنا معك واتبعناك ونصرناك؟ قال: بلى. ولكن إخواني الذين يأتون من بعدكم، يؤمنون بي كإيمانكم، ويحبوني كحبكم، وينصروني كنصركم، ويصدقوني كتصديقكم، يا ليتني قد لقيت إخواني([44]).
وعن الإمام موسى بن جعفر رحمهما الله في خبره الطويل قال: حدثني أبي جعفر، عن أبيه، قال: حدثني أبي علي قال: حدثني أبي الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: بينما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جلوس في مسجده بعد وفاته عليه السلام يتذاكرون فضل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ دخل علينا حبر من أحبار يهود أهل الشام قد قرأ التوراة والإنجيل والزبور، وصحف إبراهيم والأنبياء، وعرف دلائلهم. فسلَّم علينا وجلس. فسألهم عن فضائل أمة محمد فقال له أمير المؤمنين عليه السلام. قال تعالى: (لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم و تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء) [البقرة: 284] كانت هذه الآية قد عرضت على سائر الأمم من لدن آدم إلى أن بعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فأبوا جميعاً أن يقبلوها من ثقلها، وقبلها محمد، فلما رأى الله عزوجل منه ومن أمته القبول خفف عنه ثقلها فقال الله عزوجل: (آمن الرسول بما انزل إليه من ربه)  [البقرة: 285]، ثم إن الله عزوجل تكرم على محمد وأشفق على أمته من تشديد الآية التي قبلها هو وأمته، فأجاب عن نفسه وأمته فقال: (والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله)، فقال الله عزوجل: لهم المغفرة والجنة إذا فعلوا ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) [البقرة: 285] - يعني: المرجع في الآخرة - فأجابه: قد فعلت بتائبي أمتك، قد أوجبت لهم المغفرة، ثم قال الله تعالى: أما إذا قبلتها أنت وأمتك وقد كانت عرضت من قبل على الأنبياء والأمم فلم يقبلوها فحق علي أن أرفعها عن أمتك، فقال الله تعالى: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت) [البقرة: 286] من خير  (وعليها ما اكتسبت)  [البقرة: 286] من شر، ثم ألهم الله عزوجل نبيه أن قال: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) [البقرة: 286] فقال الله سبحانه: أعطيتك لكرامتك يا محمد! إن الأمم السالفة كانوا إذا نسوا ما ذكروا فتحت عليهم أبواب عذابي، ورفعت ذلك عن أمتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا) [البقرة: 286]. يعني بالآصار: الشدائد التي كانت على الأمم ممن كان قبل محمد، فقال عزوجل: لقد رفعت عن أمتك الآصار التي كانت على الأمم السالفة، وذلك أني جعلت على الأمم أن لا أقبل فعلا إلا في بقاع الأرض التي اخترتها لهم وإن بعدت، وقد جعلت الأرض لك ولأمتك طهورا ومسجدا، فهذه من الآصار وقد رفعتها عن أمتك.

وقد كانت الأمم السالفة تحمل قرابينها على أعناقها إلى بيت المقدس، فمن قبلت ذلك منه أرسلت على قربانه ناراً تأكله، ومن لم يقبل منه ذلك رجع مثبوراً، وقد جعلت قربان أمتك في بطون فقرائها ومساكينها، فمن قبلت ذلك منه أُضاعف له الثواب أضعافا مضاعفة، وإن لم أقبل ذلك منه رفعت عنه به عقوبات الدنيا، وقد رفعت ذلك عن أمتك وهي من الآصار التي كانت.
وكانت الأمم السالفة مفروضاً عليهم صلاتها في كبد الليل وأنصاف النهار، وهي من الشدائد التي كانت وقد رفعتها عن أمتك، وفرضت عليهم صلاتهم في أطراف الليل والنهار في أوقات نشاطهم.
وكانت الأمم السالفة مفروضاً عليهم خمسون صلاة في خمسين وقتاً، وهي من الآصار التي كانت عليهم، وقد رفعتها عن أمتك.
وكانت الأمم السالفة حسنتهم بحسنة واحدة، وسيئتهم بسيئة واحدة، وجعلت لأمتك الحسنة بعشر أمثالها، والسيئة بواحدة.
وكانت الأمم السالفة إذا نوى أحدهم حسنة لم تكتب لهم، وإذا هم بالسيئة كتبتها عليهم وإن لم يفعلها، وقد رفعت ذلك عن أمتك، فإذا هم أحدهم بسيئة ولم يعملها لم تكتب عليه، وإذا هم أحدهم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة.
وكانت الأمم السالفة إذا أذنبوا كتبت ذنوبهم على أبوابهم، وجعلت توبتهم من الذنب أن أُحرِّم عليهم بعد التوبة أحب الطعام إليهم.
وكانت الأمم السالفة يتوب أحدهم من الذنب الواحد المائة سنة والمأتي سنة، ثم لم أقبل توبته دون أن أعاقبه في الدنيا بعقوبة، وقد رفعت ذلك عن أمتك، وإن الرجل من أمتك ليذنب المائة سنة ثم يتوب ويندم طرفة عين فأغفر له ذلك كله وأقبل توبته.
وكانت الأمم السالفة إذا أصابهم نجس قرضوه من أجسادهم، وقد جعلت الماء طهوراً لأمتك من جميع الأنجاس، والصعيد في الأوقات.
وهذه الآصار التي كانت عليهم رفعتها عن أمتك. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم إذ قد فعلت ذلك بي فزدني، فألهمه الله سبحانه أن قال: (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به) [البقرة: 286]. قال الله عزوجل: قد فعلت ذلك بأمتك، وقد رفعت عنهم عظيم بلايا الأمم، وذلك حكمي في جميع الأمم أن لا أكلف نفساً فوق طاقتها. قال: (واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا) [البقرة: 286] قال: قال الله تعالى: قد فعلت ذلك بتائبي أمتك. ثم قال: (فانصرنا على القوم الكافرين) [البقرة: 286]. قال الله عزوجل: قد فعلت ذلك وجعلت أمتك يا محمد كالشامة البيضاء في الثور الأسود، هم القادرون، وهم القاهرون، يستخدمون ولا يُستخدمون لكرامتك، وحق عليَّ أن أُظهر دينك على الأديان حتى لا يبقى في شرق الأرض ولا غربها دين إلا دينك، ويؤدون إلى أهل دينك الجزية وهم صاغرون.

وإن الله تعالى جل ثناؤه أرى إبراهيم صورة محمد وأمته، فقال: يا رب! ما رأيت من أمم الأنبياء أنور ولا أزهر من هذه الأمة، فمن هذا؟ فنودي هذا محمد حبيبي، لا حبيب لي من خلقي غيره، أجريت ذكره قبل أن أخلق سمائي وأرضي، وسميته نبياً وأبوك آدم يومئذ من الطين، وأجريت فيه روحه.
قال اليهودي: فأخبرني عما فضَّل الله به أمته على سائر الأمم. قال عليه السلام: لقد فضل الله أمته صلى الله عليه وآله وسلم على سائر الأمم بأشياء كثيرة أنا أذكر لك منها قليلاً من كثير:
     ومنها: قول الله عزوجل: (كنتم خير أمة أخرجت للناس)[آل عمران:110].

ومنها: أنه إذا كان يوم القيامة وجمع الله الخلق في صعيد واحد سأل الله عزوجل النبيين: هل بلَّغتم؟ فيقولون: نعم. فيسأل الأمم، فيقولون: ما جاءنا من بشير ولا نذير. فيقول الله جل ثناؤه - - وهو أعلم بذلك - للنبيين: من شهداءكم اليوم؟ فيقولون: محمد وأمته، فتشهد لهم أمة محمد بالتبليغ، وتصدَّق شهادتهم وشهادة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فيؤمنون عند ذلك، وذلك قوله تعالى: (لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) [البقرة: 143]. يقول: يكون محمد عليكم شهيداً أنكم قد بلَّغتم الرسالة.

ومنها: أنهم أول الناس حساباً، وأسرعهم دخولاً إلى الجنة قبل سائر الأمم كلها.
ومنها أيضاً: أن الله عزوجل فرض عليهم في الليل والنهار خمس صلوات في خمسة أوقات: اثنتان بالليل، وثلاث بالنهار، ثم جعل هذه الخمس صلوات تعدل خمسين صلاة، وجعلها كفارة خطاياهم، فقال عزوجل:  (إن الحسنات يذهبن السيئات) [هود: 114]. يقول: صلاة الخمس تكفر الذنوب ما اجتنبت الكبائر.

ومنها أيضاً: أن الله تعالى جعل لهم الحسنة الواحدة التي يَهِم بها العبد ولا يعملها حسنة واحدة يكتبها له؛ فإن عملها كتبت له عشر حسنات وأمثالها، إلى سبعمائة ضعف فصاعداً.
ومنها: أن الله عزوجل يدخل الجنة من أهل هذه الأمة سبعين ألفاً بغير حساب، ووجوههم مثل القمر ليلة البدر، والذين يلونهم على أحسن ما يكون الكوكب الدري في أفق السماء، والذين يلونهم على أشد كوكب في السماء إضاءة، ولا اختلاف بينهم ولا تباغض.
ومنها: أن القاتل منهم عمداً إن شاء أولياء المقتول أن يعفوا عنه فعلوا، وإن شاءوا قبلوا الدية، وعلى أهل التوراة وهم أهل دينك: يقتل القاتل ولا يُعفى عنه ولا تؤخذ منه دية، قال الله عزوجل: (ذلك تخفيف من ربكم ورحمة)  [البقرة: 178].

ومنها: أن الله عزوجل جعل فاتحة الكتاب نصفها لنفسه، ونصفها لعبده، قال الله تعالى: قسمت بيني وبين عبدي هذه السورة، فإذا قال أحدهم: (الحمد لله) فقد حمدني. وإذا قال: (رب العالمين) فقد عرفني، وإذا قال: (الرحمن الرحيم) فقد مدحني. وإذا قال: (مالك يوم الدين) فقد أثني علي. وإذا قال: (إياك نعبد وإياك نستعين) فقد صدق عبدي في عبادتي بعد ما سألني، وبقية هذه السورة له.

ومنها: أن الله تعالى بعث جبرائيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن بشر أمتك بالزين والسناء والرفعة والكرامة والنصر.
ومنها: أن الله سبحانه أباح صدقاتهم يأكلونها، ويجعلونها في بطون فقرائهم يأكلون منها ويطعمون، وكانت صدقات من قبلهم من الأمم المؤمنين يحملونها إلى مكان قصي فيحرقونها بالنار.
ومنها: أن الله عزوجل جعل الشفاعة لهم خاصة دون الأمم، والله تعالى يتجاوز عن ذنوبهم العظام لشفاعة نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم.
ومنها: أن يقال يوم القيامة: ليتقدم الحامدون، فتقدم أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم قبل الأمم، وهو مكتوب: أمة محمد الحامدون، يحمدون الله عزوجل على كل منزلة، ويكبرونه على كل نجد، مناديهم في جوف السماء له دوي كدوي النحل.
ومنها: أن الله لا يهلكهم بجوع، ولا يجمعهم على ضلالة، ولا يسلط عليهم عدواً من غيرهم، ولا يساخ ببقيتهم، وجعل لهم الطاعون شهادة.
ومنها: أن الله جعل لمن صلى على نبيه عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورد الله سبحانه عليه مثل صلاته على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ومنها: أنه جعلهم أزواجاً ثلاثة أمماً، فمنهم ظالم لنفسه، ومنهم مقتصد، ومنهم سابق بالخيرات، والسابق بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب، والمقتصد يحاسب حساباً يسيراً، والظالم لنفسه مغفور له إن شاء الله.
ومنها: أن الله عزوجل جعل توبتهم الندم والاستغفار والترك للإصرار، وكانت بنو إسرائيل توبتهم قتل النفس.
ومنها: قول الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: أمتك هذه مرحومة، عذابها في الدنيا الزلزلة والفقر.
ومنها: أن الله عزوجل يكتب للمريض الكبير من الحسنات على حسب ما كان يعمل في شبابه وصحته من أعمال الخير، يقول الله سبحانه للملائكة: استكتبوا لعبدي مثل حسناته قبل ذلك ما دام في وثاقي.
ومنها: أن الله عزوجل ألزم أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم كلمة التقوى، وجعل بدء الشفاعة لهم في الآخرة.
ومنها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى في السماء ليلة عرج به إليها ملائكة قياماً وركوعاً منذ خلقوا، فقال: يا جبرئيل! هذه هي العبادة، فقال جبرئيل: صدقت يا محمد، فاسأل ربك أن يعطي أمتك القنوت والركوع والسجود في صلاتهم، فأعطاهم الله تعالى ذلك، فأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقتدون بالملائكة الذين في السماء، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن اليهود يحسدونكم على صلاتكم وركوعكم وسجودكم)([45]).
ولا يسعنا هنا حصركل ما ورد من روايات القوم في بيان فضائل أمة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ففيما أوردناه كفاية.
فإذا علمت هذا فيقيناً أن الرعيل الأول من هذه الأمة الذين بُعث فيهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أفضل هذه الأمة وأعظمها، وقد بيَّن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هذا؛ حيث قال: إن الله أخرجني في خير قرن من أمتي([46]).
وعن الكاظم عن آبائه رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: القرون أربعة أنا في أفضلها قرناً([47]).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم يقتل بهذه الحرة خيار أمتي بعد أصحابي([48]).
وهذا أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام يقول لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الإسراء كما في الرواية: مرحباً بالنبي الصالح، والابن الصالح، والمبعوث الصالح في الزمان الصالح([49]).
وجاء عن ابن عباس رضي الله عنه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أصحابي الذين سلكوا منهاجي أفضل أصحاب النبيين والمرسلين، وابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين، والطاهرات من أزواجي أمهات المؤمنين، وأمتي خير أمة أخرجت للناس، وأنا أكثر النبيين تبعاً يوم القيامة([50]).
فهذه الروايات وغيرها من الروايات تُظهر فضل أناس ذلك الزمان الصالح والقرن المفضل وهم جيل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. وقد ذكر القوم عن العسكري عليه السلام أنه قال: إن آدم عليه السلام سأل الله عزوجل أن يعرفه بفضل صحابة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، فقال عزوجل: إن رجلاً من خيار أصحاب محمد لو وزن به جميع أصحاب المرسلين لرجح عليهم. يا آدم لو أحب رجل من الكفار أو جميعهم رجلاً من آل محمد وأصحابه الخيرين لكافأه الله عن ذلك بأن يختم له بالتوبة والإيمان، ثم يدخله الله الجنة، إن الله ليفيض على كل واحد من محبي محمد وآل محمد وأصحابه من الرحمة ما لو قسمت على عدد كعدد كل ما خلق الله من أول الدهر إلى آخره وكانوا كفاراً لكفاهم ولأداهم إلى عاقبة محمودة الإيمان بالله حتى يستحقوا به الجنة، ولو أن رجلاً ممن يبغض آل محمد وأصحابه الخيرين أو واحداً منهم لعذبه الله عذاباً لو قُسِّم على مثل عدد ما خلق الله لأهلكهم الله أجمعين([51]).
وروى القوم عن الرضا عليه السلام أن موسى عليه السلام سأل ربه: هل في أصحاب الأنبياء أكرم عندك من صحابتي؟ فقال عزوجل: يا موسى! أما علمت أن فضل صحابة محمد على جميع صحابة الأنبياء المرسلين كفضل آل محمد على جميع آل النبيين، وفضل محمد على جميع المرسلين([52]).
والأفضلية هذه من مستلزماتها: الوسطية، كما أكَّدها الله عزوجل في آيات عدة، كقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) [البقرة: 143]. ولا يخفى أن أول من خوطب بهذه الآية هم الصحابة رضوان الله عليهم تماماً كما كانوا هم أول من خاطب الله عزوجل في قوله: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ). [آل عمران: 110].

فعن الصادق عليه السلام قال: يعني الأمة التي وجبت لها دعوة إبراهيم عليه السلام، فهم الأمة التي بعث الله فيها ومنها وإليها، وهم الأمة الوسطى، وهم خير أمة أخرجت للناس([53]).
ويقول الطبرسي وغيره في تفسير قوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ). [آل عمران: 110] معناه: أنتم خير أمة، وإنما قال: كنتم؛ لتقدم البشارة لهم في الكتب الماضية([54]).
وقيل إن المراد: كنتم خير أمة عند الله في اللوح المحفوظ، أو مبشَّرٌ بها في الكتب الماضية([55]). وقد ذكرنا بعضاً من ذلك.
ويقول الطباطبائي في ميزانه: الآية تمدح حال المؤمنين في أول ظهور الإسلام من السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار([56]).
وجاء في رواياتهم قوله صلى الله عليه وآله وسلم: طوبى لمن رآني، وطوبى لمن رأى من رآني، وطوبى لمن رأى من رأى من رآني. وفي رواية: إلى السابع ثم سكت([57]).

بعض فضائل الصحابة من القرآن الكريم
والقرآن مليء بعشرات النصوص الدالة على إيمان وفضل هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم، كقوله تعالى: ( وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الأنفال: 62 - 64].
وقوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الأنفال: 74 - 75].

وقوله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 100].

وهذه الآية من النصوص الصريحة على رضى الله سبحانه عن الصحابة ومن اتبع منهجهم وسار على هداهم.
ويقول الطبرسي في تفسيره هذه الآية: فيها دلالة على فضل السابقين ومزيتهم على غيرهم؛ لما لحقهم من أنواع المشقة في نصرة الدين، فمنها: مفارقة العشائر والأقربين. ومنها: مباينة المألوف من الدين. ومنها: نصرة الإسلام وقلة العدد وكثرة العدو، ومنها: السبق إلى الإيمان والدعاء إليه([58]).
ويقول الطباطبائي:. وهذا نعم الشاهد على أن المراد بالسابقين الأولين هم الذين أسسوا أساس الدين ورفعوا قواعده قبل أن يُشيَّد بنيانه ويهتز راياته، صنف منهم بالإيمان واللحوق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم والصبر على الفتنة والتعذيب، والخروج من ديارهم وأموالهم بالهجرة إلى الحبشة والمدينة، وصنف بالإيمان ونصرة الرسول وإيوائه وإيواء من هاجر إليهم من المؤمنين والدفاع عن الدين قبل وقوع الوقائع.([59]).
ولا شك أن الله عزوجل لا يرضى لعباده اتباع من خالف نهجه ثم يعدهم الجنات والفوز العظيم لولا أنهم تمسكوا بهدية ونالوا رضاه، فبمجموعهم ارتفع عنهم الخطأ والضلالة، فكانوا القدوة وأصبحوا بذلك أولى، وهم رضوان الله عليهم أول من شملهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا تجتمع أمتي على ضلالة أو خطأ.
وفي رواية: إن أمتي لا تجتمع على ضلالة، فإذا رأيتم اختلافاً فعليكم بالسواد الأعظم.
وفي رواية: إن الله لا يجمع أمتي - أو قال: أمة محمد - على ضلالة، ويد الله على الجماعة، ومن شذ شذ إلى النار.
وقال: عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة، ولم يجمع الله عزوجل أمتي إلا على هدى.
وقال: لا يجمع الله عزوجل أمر أمتي على ضلالة أبداً.
وقال: لن تجتمع أمتي على ضلالة أبداً.
وقال: إن الله تعالى قد أجار أمتي أن تجتمع على الضلالة وغيرها([60]).
وفي هذا قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: وما كان الله ليجعلهم - أي: المهاجرين والأنصار - وفي لفظ: ليجمعهم) على ضلالة ولا يضربهم بالعمى([61]).
ويقول عليه السلام للخوارج وقد خطَّئوه وضلَّلوه: فإن أبيتم إلا أن تزعموا أني أخطأت وضللت فلم تضللون عامة أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بضلالي([62]).
     حتى صار إجماعهم حجة أقر بها علماء القوم في كتبهم كقول أحدهم في أحد المسائل: روى حديث انشقاق القمر جماعة كثيرة من الصحابة منهم عبد الله بن مسعود، وأنس بن مالك، وحذيفة بن اليمان، وابن عمر، وابن عباس، وجبير بن مطعم، وعبد الله بن عمر، وعليه جماعة المفسرين، إلا ما روي عن عثمان بن عطاء، عن أبيه أنه قال: معناه وسينشق القمر. وروي ذلك عن الحسن، وأنكره أيضا البلخي. وهذا لا يصح لأن المسلمين أجمعوا على ذلك، فلا يعتد بخلاف من خالف فيه، ولأن اشتهاره بين الصحابة يمنع من القول بخلافه([63]).
     نعود إلى ما كنا فيه.
وعن الصادق عليه السلام وقد سأله سائل: إن للإيمان درجات ومنازل يتفاضل المؤمنون فيها عند الله؟ قال: نعم. قلت: صفه لي رحمك الله حتى أفهمه؟ قال: إن الله سبق بين المؤمنين كما يسبق بين الخيل يوم الرهان، ثم فضلهم على درجاتهم في السبق إليه، فجعل كل امرئ منهم على درجة سبقه لا ينقصه فيها من حقه، ولا يتقدم مسبوق سابقاً، ولا مفضول فاضلاً، تفاضل لذلك أوائل هذه الأمة وأواخرها، ولو لم يكن للسابق إلى الإيمان فضل على المسبوق إذاً للحق آخر هذه الأمة أولها، نعم ولتقدموهم إذا لم يكن لمن سبق إلى الإيمان الفضل على من أبطأ عنه، ولكن بدرجات الإيمان قدم الله السابقين، وبالإبطاء عن الإيمان أخر الله المقصرين؛ لأنا نجد من المؤمنين من الآخرين من هو أكثر عملاً من الأولين وأكثرهم صلاة وصوماً وحجاً وزكاة وجهاداً وإنفاقاً، ولو لم يكن سوابق يفضل بها المؤمنون بعضهم بعضاً عند الله لكان الآخرون بكثرة العمل مقدمين على الأولين ولكن أبى الله عزوجل أن يدرك آخر درجات الإيمان أولها، ويقدم فيها من أخر الله أو يؤخر فيها من قدم الله.
قلت: أخبرني عما ندب الله عزوجل المؤمنين إليه من الاستباق إلى الإيمان؟ فقال: قول الله عزوجل: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الحديد: 21] وقال: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ)  [الواقعة: 10-11] وقال: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 100] فبدأ بالمهاجرين الأولين على درجة سبقهم، ثم ثنى بالأنصار ثم ثلث بالتابعين لهم بإحسان، فوضع كل قوم على قدر درجاتهم ومنازلهم عنده.

ثم ذكر ما فضل الله عزوجل به أولياءه بعضهم على بعض، فقال عزوجل: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ.) [البقرة: 253] إلى آخر الآية وقال: (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ) [الإسراء: 55] وقال: (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا) [الإسراء: 21] وقال:  (هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ) [آل عمران: 163] وقال: (. وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ.) [هود: 3] وقال: (الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) [التوبة: 20] وقال: (لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا * دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [النساء: 95-96] وقال: (. لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) [الحديد: 10] وقال: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [المجادلة: 11] وقال: (. ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ.) [التوبة: 120] وقال: (. وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ.) [البقرة: 110] وقال: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [الزلزلة: 7-8] فهذا ذكر درجات الإيمان ومنازله عند الله عزوجل ([64]).

وهكذا. لا تكاد تخلو سورة من سور القرآن الكريم المدنية إلا وتحدثت عن جهادهم في سبيل الله عزوجل، فاقرأ - مثلاً - قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) [التوبة: 20 - 22].

وقوله تعالى: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ. [الحج: 40]. قال أبو جعفر عليه السلام: نزلت في المهاجرين([65]).
وقوله تعالى: (لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 88 - 89].

وقوله تعالى: (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [الحديد: 10].

وقوله جل ثناؤه: (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) [آل عمران: 172-174].

وقوله تعالى: (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ) [الأنفال: 11].

وهذه الآية نزلت في غزوة بدر، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه - لما سأله أن يدعه يضرب عنقه -: وما يدريك يا عمر! لعل الله اطلع على أهل بدر فغفر لهم، فقال لهم: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم([66]).
وقال تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) [البقرة: 214].

قال الطبرسي: قيل: نزلت في المهاجرين من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة، إذ تركوا ديارهم وأموالهم ومسهم الضر([67]).
وجاء في ديوان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قول في الصحابة الكرام:
فجــاء بفرقــان من الله مـنــــــزل                      مبينـــــة آيــاتــــــه لـــذوي العقــل
فــآمـــن أقـــوام كـــرام وأيـقنوا                       وأمسوا بحمد الله مجتمعي الشمل
وأنكــر أقــوام فزاغـت قلوبهم                        فـزادهم الرحمن خبـلاً على خبــــل
وأمكـــن منهم يوم بدر رسوله                         وقوماً غضاباً فعلهم أحسن الفعل
بأيديهم بيـــــض خفاف قواطع                        وقد حادثوهـا بالجلاء وبالصقل([68])
وقد وصف الله تعالى أصحاب نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بالصدق والتقوى، ووعدهم بالفلاح في مواطن كثيرة: منها: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة: 119]، وقد وردت أقوال في تفسيرها:
فذكر بعض المفسرين أنها نزلت في محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم([69]).
ولا تخفى منزلة من أُمرنا بالاقتداء بهم، وهذا الأمر باقٍ إلى يوم القيامة، ولا يحتج هنا بأن هذا إنما كان في حال الصلاح قبل الردة كما يدعي القوم، فإن ذلك مقياس البشر لا مقياس علَّام الغيوب الذي لا تخفى عنه خافية في السماء أو الأرض، فضلاً عن سرائر النفوس.
وقال آخر: وهم من لا يجوز عليهم الكذب، والكون معهم والانقياد لهم وإطلاق الأمر به يقتضي فرقاً بين من يحب معه ومن يحب عليه ([70]).
وقال آخر: وهم الذين صدقوا ما عاهدوا الله عزوجل عليه من جهاد عدوه، وبذل أنفسهم في سبيله، ونصرة رسوله، وإعزاز دينه، حيث يقول: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [الأحزاب: 23]([71]).

وقد جاء في تفسير الآية من طرق القوم ما يناسب نزولها في الصحابة من باب أولى رغم حملهم إياها على الأئمة:
1- يقول أبو الصلاح الحلبي:. يعني: الاقتداء بهم، إذ الأمر بالكون معهم في المكان لا فائدة فيه، وذلك يقتضي وجوب الاقتداء بهم في كل شئ؛ لأنه سبحانه يخص شيئا من شيء، ولا يحسن الأمر بالاقتداء على هذا الوجه مع جواز القبيح على المقتدى به، وإذا ثبت عصمة الصادقين ثبت توجه الخطاب إلى ما ذكرناه؛ لما بيناه من الاعتبار.
لأنه تعالى وصف المأمور باتباعهم بالصدق عنده سبحانه، وذلك مانع من توجهه إلى من يجوز عليه الكذب.)([72]).
2- ويقول: أمر باتباع المذكورين، ولم يخص جهة الكون بشيء دون شيء، فيجب اتباعهم في كل شيء، وذلك يقتضي عصمتهم؛ لقبح الأمر بطاعة الفاسق أو من يجوز منه الفسق)([73]).
3- ويقول المفيد: ومن ذلك: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة: 119]: وقد ثبت أن المنادى به غير المنادى إليه، وأن المأمور بالاتباع غير المدعو إلى اتباعه. فدل ذلك على أن المأمورين باتباع الصادقين ليسوا هم الأمة بأجمعها، وإنما هم طوائف منها، وأن المأمور باتباعه غير المأمور بالاتباع، ولا بد من تمييز الفريقين بالنص، وإلا وقع الالتباس وكان فيه تكليف ما لا يطاق([74]).
4- ويقول عبدالله شبر: ليس المراد بالصادقين في الجملة إذ ما من أحد إلا هو صادق في الجملة حتى الكافر، والله سبحانه لا يأمر بالكون معه، بل المراد بهم الصادقون في أيمانهم وعهودهم وقصودهم وأقوالهم وأخبارهم وأعمالهم وشرائعهم في جميع أحوالهم وأزمانهم([75]).
وإذا تركنا كل التأويلات التي ساقها القوم في تفسير هذه الآيه وكذلك الروايات، وفسرنا القرآن بالقرآن، فسنجد أن الآية تنطبق بوضوح على قوله عزوجل: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [الحشر: 8]. إذاً: فهؤلاء هم المعنيون بالآية.

ولعل ما يدل على ذلك: الأدعية التي رواها الشيعة من طرقهم عن الأئمة، كقول الصادق رحمه الله: ربنا إنك أمرتنا بطاعة ولاة أمرك، وأمرتنا أن نكون مع الصادقين، فقلت: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)، وقلت: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة: 119]. فسمعنا وأطعنا، ربنا فثبت أقدامنا وتوفنا مسلمين مصدقين لأوليائك، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب([76]).

ومن ذلك: ما يذكر عن الإمام زين العابدين رحمه الله: أنه كان إذا تلى قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة: 119] يقول دعاءً طويلاً يشتمل على طلب اللحوق بدرجة الصادقين والدرجات العلية([77]).
فكيف يستقيم هذا إن كانوا هم المقصودين؟!
وفي الصحابة الكرام يقول عزوجل: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [الفتح: 29].

ففي هذه الآية مع غيرها من الدلائل: أن الله يغيظ بالصحابة رضوان الله عليهم من ينتقص من حقهم ومنزلتهم التي أنزلهم الله.
وروى القوم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سأل قوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيمن نزلت هذه الآية: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)[الفتح: 29]؟ قال: إذا كان يوم القيامة عقد لواء من نور أبيض، ونادى منادٍ: ليقم سيد المؤمنين ومعه الذين آمنوا فقد بعث محمد، فيقوم علي بن أبي طالب فيعطي الله اللواء من النور الأبيض بيده، تحته جميع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار لا يخالطهم غيرهم حتى يجلس على منبر من نور رب العزة، ويعرض الجميع عليه رجلاً رجلاً فيعطى أجره ونوره، فإذا أتى على آخرهم قيل لهم: قد عرفتم موضعكم ومنازلكم من الجنة، إن ربكم يقول لكم: عندي لكم مغفرة وأجر عظيم - يعني: الجنة - فيقوم علي بن طالب والقوم تحت لوائه معهم حتى يدخل الجنة([78]).

وعلى صلة بالآية السابقة روى القوم عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ) [البقرة: 146] الآية.

قال: نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى، يقول الله تبارك وتعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ) [البقرة: 146] يعني: يعرفون رسول الله كما يعرفون أبناءهم؛ لأن الله عزوجل قد أنزل عليهم في التوراة والإنجيل والزبور صفة محمد وصفة أصحابه ومهاجرته، وهو قوله تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ)[الفتح: 29]، وهذه صفة رسول الله في التوراة وصفة أصحابه، فلما بعثه الله عزوجل عرفه أهل الكتاب؛ كما قال جل جلاله: (فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ) [البقرة: 89] ([79]).

وبعد سرد هذه الروايات نعود إلى ما كنا فيه من ذكر فضائل الصحابة من القرآن، فيقول الله عزوجل:(لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) [الفتح: 18-20].

يقول الطبرسي: يعني: بيعة الحديبية، وتسمى بيعة الرضوان لهذه الآية ورضا الله سبحانه عنهم، وإرادته تعظيمهم وإثابتهم، وهذا إخبار منه سبحانه أنه رضي عن المؤمنين إذ بايعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديبية تحت الشجرة المعروفة وهي شجرة السمرة([80]).
وكان عدد الصحابة رضوان الله عليهم يوم بيعة الرضوان ألفاً ومائتين، وقيل: وأربعمائة. وقيل: وخمسائة. وقيل: وثمانمائة([81]).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أخبرنا الله عزوجل أنه رضي عنهم - أي: عن أصحاب الشجرة - فعلم ما في قلوبهم، هل حدثنا أحد أنه سخط عليهم بعد؟([82]).
وقال سبحانه فيهم: (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)[الحج: 78].

قالوا: فيه أقوال: الأول: أن المعنى: لتشهدوا على الناس بأعمالهم التي خالفوا فيها الحق في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ) [الزمر: 69] وقال: (وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) [غافر: 51]. وقيل: الاشهاد أربعة: الملائكة، والأنبياء، وأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والجوارح.

والثاني: أن المعنى: لتكونوا حجة على الناس فتبينوا لهم الحق والدين، ويكون الرسول شهيداً مؤدياً إليكم.
والثالث: إنهم يشهدون للأنبياء على أممهم المكذبين لهم بأن قد بلغوا، وجاز ذلك لإعلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم إياهم بذلك: (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) [البقرة: 143] أي: شاهداً عليكم بما يكون من أعمالكم. وقيل: حجة عليكم. وقيل: شهيداً لكم بأنكم قد صدقتم يوم القيامة فيما تشهدون به.  (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) قيل: هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاصة. وقيل: هو خطاب للصحابة، ولكنه يعم سائر الأمة([83]).

وعلى أي حال فلا يسعنا هنا حصر جميع الآيات الدالة على فضائل الصحابة خشية خروجنا عما التزمنا به من الإيجاز، ففيما أوردناه آنفاً غنىً. لذا فإننا نختم هذا بإيراد قوله تعالى: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر: 8 - 10].


فضائل الصحابة من السنة وأقوال أئمة أهل البيت رحمهم الله تعالى
روي أن نفراً من أهل العراق وفدوا على الإمام زين العابدين رحمه الله، فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فلما فرغوا من كلامهم، قال لهم: ألا تخبروني: أنتم المهاجرون الأولون: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [الحشر: 8]؟ قالوا: لا. قال: فأنتم  ( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) [الحشر: 9] قالوا: لا. قال: أما أنتم قد تبرأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين، وأنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله فيهم: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ) [الحشر: 10] اخرجوا عني فعل الله بكم([84]).

ولم يزل زين العابدين عليه السلام وهو يرى نفسه من الفريق الثالث يدعو الله لهم بالمغفرة، فيقول في أحد أدعيته:. اللهم وأصحاب محمد خاصة الذين أحسنوا الصحبة، والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره، وكانفوه وأسرعوا إلى وفادته، وسابقوا إلى دعوته، واستجابوا له، حيث أسمعهم حجة رسالته، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته، وانتصروا به، ومن كانوا منطوين على محبته يرجون تجارة لن تبور في مودته، والذين هجرتهم العشائر إذ تعلقوا بعروته، وانتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظل قرابته، فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك، وأرضهم من رضوانك وبما حاشوا الخلق عليك، وكانوا مع رسولك دعاة لك إليك، واشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم، وخروجهم من سعة المعاش إلى ضيقه، ومن كثرت في إعزاز دينك من مظلومهم، اللهم وأوصل إلى التابعين لهم بإحسان الذين يقولون: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ) [الحشر: 10] خير جزائك الذين قصدوا سمتهم، وتحروا وجهتهم في بصيرتهم، ولم يختلجهم شك في قفو آثارهم والائتمام لهم يدينون بدينهم، ويهتدون بهديهم، يتفقون عليهم ولا يتهمونهم فيما أدوا إليهم([85]).

ولا عجب في أن ينتهج الإمام السجاد عليه السلام نهج جده أمير المؤمنين رضي الله عنه في بيان فضائل الصحابة لأهل العراق، فعن الباقر عليه السلام قال: صلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالناس الصبح بالعراق، فلما انصرف وعظهم فبكى وأبكاهم من خوف الله تعالى، ثم قال: أما والله لقد عهدت أقواماً على عهد خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنهم ليصبحون ويمسون شعثاً غبراً خمصاً بين أعينهم كركب المعزى، يبيتون لربهم سجداً وقياماً، يراوحون بين أقدامهم وجباههم، يناجون ربهم، ويسألونه فكاك رقابهم من النار، والله لقد رأيتهم مع ذلك وهم جميع مشفقون منه خائفون([86]).
وعن زين العابدين عليه السلام قال: صلى أمير المؤمنين الفجر ثم لم يزل في موضعه حتى صارت الشمس على قيد رمح، وأقبل على الناس بوجهه، فقال: والله لقد أدركت أقواماً يبيتون لربهم سجداً وقياماً، يخالفون بين جباههم وركبهم، كأن زفير النار في آذانهم، إذا ذكر الله عندهم مادوا كما يميد الشجر([87]).
وكان رضي الله عنه يقول لمعاوية: أما بعد: فإن لله عباداً آمنوا بالتنزيل، وعرفوا التأويل، وفقهوا في الدين، وبيَّن الله فضلهم في القرآن الكريم، وأنتم في ذلك الزمان أعداء للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فكنتم فيمن دخل هذا الدين إما رغبة وإما رهبة، على حين فاز أهل السبق بسبقهم، وفاز المهاجرون والأنصار بفضلهم، ولا ينبغي لمن ليست له مثل سوابقهم في الدين ولا فضائلهم في الإسلام أن ينازعهم الأمر الذي هم أهله وأولى به فيجور ويظلم([88]).
     ويقول رضي الله عنه: ليس المهاجر كالطليق. وفي رواية: ما للطلقاء وأبناء الطلقاء، والتميز بين المهاجرين الأولين ؟([89]).
     وقال: ألا ترى أن قومًا استشهدوا في سبيل الله تعالى من المهاجرين والأنصار، ولكلّ فضل([90])
وقال رضي الله عنه مادحاً لهم ومعاتبا أصحابه بعد أن تخاذلوا عنه: أين القوم الذين دعوا إلى الإسلام فقبلوه، وقرأوا القرآن فأحكموه. وهيجوا إلى القتال فولهوا وله اللقاح إلى أولادها، وسلبوا السيوف أغمادها. وأخذوا بأطراف الأرض زحفا زحفا وصفا صفا. بعض هلك وبعض نجا. لا يبشرون بالأحياء، ولا يعزون عن الموتى. مره العيون من البكاء. خمص البطون من الصيام. ذبل الشفاه من الدعاء. صفر الألوان من السهر. على وجوههم غبرة الخاشعين. أولئك إخواني الذاهبون. فحق لنا أن نظمأ إليهم ونعض الأيدي على فراقهم([91]).
     وقال رضي الله عنه  ذاماً لشيعته مادحاً لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: جفاة طغام، عبيد أقزام، جمعوا من كل أرب، وتلقطوا من كل شوب، ممن ينبغي أن يفقه ويؤدّب، ويعلّم ويدرب، ويولّى عليه، ويؤخذ على يديه، ليسوا من المهاجرين والأنصار، ولا من الذين تبوءوا الدار والإيمان([92]).
     وقال رضي الله عنه: لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا، ما يزيدنا ذلك إلا إيماناً وتسليماً ومضياً على اللقم، وصبراً على مضض الألم وجدا في جهاد العدو، ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين، يتخالسان أنفسهما أيهما يسقي صاحبه كأس المنون، فمرة لنا من عدونا، ومرة لعدونا منا، فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت وأنزل علينا النصر، حتى استقر الإسلام ملقياً جرانه ومتبوئاً أوطانه، ولعمري لو كنا نأتي ما أتيتم ما قام للدين عمود، ولا أخضر للإيمان عود، وأيم الله لتحتلبنها دماً ولتتبعنها ندماً([93]). وفي رواية: لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وإن القتل ليدور على الآباء والأبناء والإخوان والقرابات، فما نزداد على كل مصيبة وشدة إلا إيمانا، ومضيا على الحق، وتسليما للأمر، وصبرا على مضض الجراح.([94]).
وقال رضي الله عنه: فما سمعت بأحد ولا رأيته هو أنصح لله في طاعة رسوله ولا أطوع لنبيه في طاعة ربه ولا أصبر على اللاواء والضراء وحين البأس ومواطن المكروه مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من هؤلاء النفر الذين سميت لك، وفي المهاجرين خير كثير تعرفه جزاهم الله خيراً بأحسن أعمالهم([95]).
     ولم يكن رضي الله عنه يفرق بين أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم كما يفعل من يدعي موالاته والسير على نهجه، فعن أبي عمرو الكندي قال: كنا ذات يوم عند علي عليه السلام فقالوا: يا أمير المؤمنين! حدثنا عن أصحابك! قال: عن أي أصحابي؟ قالوا: عن أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم. قال: كل أصحاب محمد أصحابي([96]).
     وقال فيهم الإمام الصادق رحمه الله: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اثني عشر ألفاً. ثمانية آلاف من المدينة، وألفان من مكة، وألفان من الطلقاء، ولم ير فيهم قدري ولا مرجيء ولا حروري ولا معتزلي ولا صاحب رأي، كانوا يبكون الليل والنهار، ويقولون: اقبض أرواحنا من قبل أن نأكل خبز الخمير([97]).
     ومن وصايا الإمام الصادق رحمه الله: لا تدع اليقين بالشك، والمكشوف بالخفي، ولا تحكم ما لم تره بما تروى، قد عظم الله أمر الغيبة وسوء الظن بإخوانك من المؤمنين، فكيف بالجرأة على إطلاق قول واعتقاد زور وبهتان في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال الله عزوجل: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) [النور: 15] وما دمت تجد إلى تحسين القول والفعل غيبتك وحضرتك سبيلاً فلا تتخذ غيره، قال الله: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا)[البقرة: 83] واعلم أن الله تعالى اختار لنبيه أصحابه، طائفة أكرمهم بأجل الكرامة، وحلاهم بحليه التأييد والنصر والاستقامة لصحبته على المحبوب والمكروه، وأنطق لسان نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم بفضائلهم ومناقبهم وكراماتهم، واعتقد محبتهم وذكر فضلهم وحذر مجالسه أهل البدع فإنها تنبت في القلب كفراً وضلالاً مبيناً، وإن اشتبه عليك فضيلة بعضهم فكلهم إلى علَّام الغيوب، وقل: اللهم إني محب لمن أحببته ورسولك، ومبغض لمن أبغضته أنت ورسولك([98]).

     وما كان للصادق رحمه الله أن يقول هذا لولا علمه بمنزلة الصحبة.  كيف لا وهو يعلم أن جده أمير المؤمنين رضي الله عنه كان يسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحق الصحبة حيث قال  رضي الله عنه وقد أخبره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما يلقى بعده، فبكى رضي الله عنه، وقال: يا رسول الله، أسألك بحق صحبتي إياك، لما دعوت الله عزوجل  أن يقبضني إليه. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: أتسألني أن أدعو ربي لأجل مؤجل ؟ قال: فعلى ما أقاتلهم ؟ قال: على الاحداث في الدين  ([99]).
     وعن الباقر عليه السلام قال: إن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم سألوه: هل يخاف عليهم النفاق؟ فقال: كلا. ولولا أنكم تذنبون فتستغفرون الله لخلق الله خلقا حتى يذنبوا، ثم يستغفروا الله فيغفر الله لهم([100]).
     وإذا قارنت هذه الروايات بقوله سبحانه عن المهاجرين والأنصار: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 100]، علمت أن الله عزوجل لمَّا وعدهم بالجنات والخلود فيها؛ دل ذلك على أنهم يموتون على الإيمان والهدى، ولا ينافي هذا وقوع المعاصي منهم فهم غير معصومين، ووعد الله حقٌ لا خلف فيه، ومن أصدق من الله قيلاً، ومن أصدق من الله حديثاً.

     وبناءً على هذا يتضح أن هؤلاء -المهاجرين والأنصار- لا يمكن أن يكونوا هم المردودون في حديث الحوض؛ لوعد الله عزوجل لهم بالجنات والخلود فيها ووعد الله حق، وكذا لإخباره سبحانه أنه رضي عنهم كما في نفس الآية.
وأما المراد بحديث الحوض ففيه عدة أقوال:
     منها: أنه من أسلم ولم يحسن إسلامه ممن كان باليمامة مثلاً وشهد حجة الوداع مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم اتبع بعد ذلك أحد الذين ادعوا النبوة كطليحة وسجاح أو غيرهما.
وينبغي أن يعلم أيضاً: أن هؤلاء قليلٌ، لا كما يصورهم بعض أصحاب الهوى؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبر: أنه يعرض عليه زمرٌ من أصحابه. وفي رواية: رجالٌ وفي رواية: أناسٌ ثم بيَّن أن من يخلص من بين تلك الزمر مثل همل النعم، ولم يقل: إنَّ الذين يردون عليه جميع أصحابه ولا يخلص منهم إلا مثل همل النعم، فتأمل الفرق!
وقد فصلنا القول في هذا في موقعنا، فراجعه إن شئت، ولكن لا بأس أن أنقل هنا ما ذكره شيخنا الفاضل محمد سالم الخضر في هذا الشأن، حيث قال حفظه الله: ولعل من أبرز ما استدل به الشيعة الإثنا عشرية على ردة الصحابة وانقلابهم على أعقابهم: حديث المذادة عن الحوض، والذي روي بأكثر من لفظ عند أهل السنة والشيعة الإثني عشرية، فقد روى البخاري عن أنس ابن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ليرِدنّ عليّ ناسٌ من أصحابي الحوض، حتى عرفْتُهُمُ اخْتُلِجوا دوني فأقول: أُصيحابي، فيقول: لا تَدْري ما أحدثوا بعدك([101]).
وعن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إني فرطكم على الحوض، من مرَّ عليَّ شرب، ومن شرب لم يظمأ أبداً، ليردنّ عليَّ أقوامٌ أعرفهم ويعرفونني، ثم يُحال بيني وبينهم. قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عياش فقال: هكذا سمعت من سهل؟ فقلت: نعم. فقال: أشهَدُ على أبي سعيد الخدري لسمعتُهُ وهو يزيد فيها: فأقول: إنهم مني. فيُقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول: سحقاً سحقاً لمن غيّر بعدي([102]).
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنّي على الحوض حتى أنظر مَنْ يَرِد عليّ منكم، وسيؤخذ ناسٌ دوني، فأقول: يا ربّ! منّي ومن أُمتي؟ فيُقال: هل شعرت ما عملوا بعدك؟ والله ما بَرِحوا يرجعون على أعقابهم. فكان ابن أبي مُليكة يقول: اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نُفتن عن ديننا([103]).
وفي رواية ابن مسعود رضي الله عنه: وليُرفَعَنّ رِجال منكم([104]). وفي أخرى: يرد عليّ يوم القيامة رهطٌ من أصحابي، فيُجلون عن الحوض([105]) وفي ثالثة: فإذا زُمرةٌ حتى إذا عرفتهم([106]).
وفي رواية ابن المُسَيّب عن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم: يَرِد على الحوض رجال من أصحابي فيُحلؤون عنه([107]).
المناقشة:
لقد ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجال من أصحابه كانوا على الإيمان فزلزل الله عزوجل من في قلبه مرض فارتد عن الإسلام، واتبع مسيلمة الكذّاب وطليحة بن خويلد والأسود العنسي وسجاح.
يقول المؤرخ الشيعي سعد القمي في المقالات والفرق): وارتد قوم فرجعوا عن الإسلام، ودعت بنو حنيفة إلى نبوة مسيلمة، وقد كان ادعى النبوة في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبعث أبو بكر إليهم الخيول عليها خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي، فقاتلهم وقُتل من قُتل ورجع من رجع منهم إلى أبي بكر فسمّوا أهل الردة)([108]).
ويقول الإمام علي عن إمساكه عن بيعة الخليفة الراشد أبي بكر في بادئ الأمر ثم مبايعته له ومؤازرته له وللصحابة في دحر المرتدين: فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام، يدعون إلى محق دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل.([109]).
ويقول: فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته، ونهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل وزهق، وكانت كلمة الله هي العليا ولو كره الكافرون، فتولى أبو بكر تلك الأمور فيسّر وسدد وقارب واقتصد، فصحبته مناصحاً وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهداً([110]).
ولذلك وجد الشيخ محمد كاشف آل الغطاء نفسه مضطراً للاعتراف بهذه الحقيقة فقال عن الإمام علي رضي الله عنه: وحين رأى أنّ الخليفتين - أعني: الخليفة الأول والثاني - بذلا أقصى الجهد في نشر كلمة التوحيد وتجهيز الجنود وتوسيع الفتوح ولم يستأثرا ولم يستبدا بايع وسالم)([111]).
أقول: وحديث الحوض يشير إشارة واضحة إلى هؤلاء النفر - أي: بني حنيفة وأمثالهم - الذين مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم على الإيمان فانقلبوا على أعقابهم، واستبدلوا الإيمان بالكفر، فسلّط الله عليهم جند الإيمان الأذلة على المؤمنين الأعزة على الكافرين، فمات من هؤلاء المرتدين من مات ليلقى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيُذاد عن الحوض، ورجع إلى الإيمان من رجع، وفي الحديث: إنّ الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر([112]).
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا يريد علماء الشيعة الإثني عشرية من إثارة هذا الحديث أمام البسطاء من الناس؟
لعلك أدركت أيها القارئ الكريم أنّ علماء الشيعة الإثني عشرية أرادوا الطعن في كبار صحابة رسول الله أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعائشة، وحفصة، والزبير، وطلحة، وغيرهم) والحديث بالنسبة لهم صيد ثمين، إذ يُمكن لهم أن يجعلوا هؤلاء الأصحاب ممن أحدثوا بعد رسول الله فيستحقون البوار والخسران يوم القيامة، هكذا وبكل سهولة!
ولذا تجد أنّ علماء الشيعة الإثني عشرية قد اجتهدوا في عدّ وحصر ما يرونه إحداثاً في دين الله من قبل هؤلاء الأصحاب، وألّفوا في ذلك المصنفات لإقناع الناس بصحة ما يدّعونه في صحابة رسول الله، لكن ماذا يفعل هؤلاء الحماسيون لو أنّ حماسهم ورغبتهم في التشفي من أصحاب رسول الله قابله حماس آخر من إباضي أو ناصبي حاقد على الإمام علي، ففعل مع الإمام علي ما يفعله هؤلاء مع باقي الصحابة؟
إن الظلم والبهتان لا يُعرف له صاحب، ولا يظنن أحدٌ أنّ الظلم يقع على أناس دون آخرين، وأنّ سهامه التي يوجهها لصحابة رسول الله ستصيب قوماً وتستثني آخرين، فالحديث عام لا يستثني عمار بن ياسر، ولا المقداد بن الأسود، ولا أبا ذر، ولا سلمان الفارسي رضي الله عنهم، وغيرهم ممن يجلهم الشيعة الإثنا عشرية، بل لا يستثني الحديث علياً نفسه رضي الله عنه.
وكل من في قلبه غل على صحابي يستطيع - وفقاً لميزانهم الأعوج - أن يجعله ممن انقلبوا على أعقابهم.
     وفي هذا كفاية لنعود إلى ذكر أقوال الأئمة رحمهم الله في مدح الصحابة رضي الله عنهم:
فمن أقوالهم: قول الإمام الصادق رحمه الله: كان بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يضع حصاة في فمه، فإذا أراد أن يتكلم بما علم أنه لله وفي الله ولوجه الله أخرجها، وإن كثيراً من الصحابة كانوا يتنفسون تنفس الغرقى، ويتكلمون شبه المرضى([113]).
فبهذه الأخلاق صلح أمر هؤلاء الكرام، كما قال علي رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: إن صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين وهلاك آخرها بالشح والأمل([114]).
وكان من فضائل هذا الجيل المثالي: أن نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من يأتي من بعده أن يذكرهم بسوء أو ينتقصهم فقال: إذا ذكر أصحابي فأمسكوا([115]).
وعن الرضا، عن آبائه رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من سب نبيا قتل، ومن سب أصحابي جلد. وفي رواية عنه أيضاً عن آبائه عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من سب نبياً قتل، ومن سب صاحب نبي جلد، وفي لفظ: من سبني فاقتلوه، ومن سب أصحابي فقد كفر. وفي خبر آخر: ومن سب أصحابي فاجلدوه ([116]).
وعن الصادق عن آبائه عن علي رضي الله عنه قال: أوصيكم بأصحاب نبيكم، لا تسبوهم وهم الذين لم يحدثوا بعده ولم يؤووا محدثاً، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوصى بهم. وفي رواية: الله الله في أصحاب نبيكم، الذين لم يحدثوا حدثاً ولم يؤوا محدثاً، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوصى بهم([117]).
ولا يسعف القوم حمل قوله هذا على من لم يحدث بعده، فإن علياً رضي الله عنه وهو راوي الحديث لم ير ذلك في أهل الشام الذين رأوا الخروج عليه، حيث قال فيهم كما يروي القوم عن جعفر، عن أبيه: أن عليا عليه السلام كان يقول لأهل حربه: إنا لم نقاتلهم على التكفير لهم، ولم نقاتلهم على التكفير لنا، ولكنا رأينا أنا على حق، ورأوا أنهم على حق([118]).
وعن جعفر عليه السلام أيضاً، عن أبيه عليه السلام: أن علياً عليه السلام لم يكن ينسب أحداً من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق، ولكنه كان يقول: هم إخواننا بغوا علينا([119]).
     وكان يراهم من أهل القبلة حيث قال رضي الله عنه: وقد فتح باب الحرب بينكم وبين أهل القبلة ([120]).
     وقال رضي الله عنه ولكنّا إنما أصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام، على ما دخل فيه من الزيغ والاعوجاج، والشبهة والتأويل، فإذا طمعنا في خصلة يلمّ الله بها شعثنا، ونتدانى بها إلى البقية فيما بيننا، رغبنا فيها، وأمسكنا عمّا سواها([121]).
     بل كان رضي الله عنه لا يرضى حتى بالسب حيث قال لجيشه في صفين ً: إني أكره لكم أن تكونوا سبابين، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم، وذكرتم حالهم، كان أصَوَب في القول، وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبكم إياهم: اللهم احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم([122]).
وعن مروان بن الحكم الذي كان الحسن والحسين رضي الله عنهما يصليان خلفه كما روي موسى الكاظم موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام: كان الحسن والحسين عليهما السلام يصليان خلف مروان بن الحكم، فقالوا لأحدهما: ما كان أبوك يصلي إذا رجع إلى البيت ؟ فقال عليه السلام: لا والله، ما كان يزيدون([123]).
وعن بسام قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الصلاة خلف بني أمية ؟ فقال: صل خلفهم فإنا نصلي خلفهم ! قال: قلت: يا أبا جعفر، إن الناس يقولون: إن هذا منكم تقية ؟ فقال: قد كان الحسن والحسين يصليان خلف مروان يبتدران الصف، وإن كان الحسين ليسبه وهو على المنبر أفتقية هذه ؟ وعن علي بن جعفر: روى عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال: صلى حسن وحسين عليهما السلام خلف مروان، ونحن نصلي معهم. وعن جعفر بن محمد، عن أبيه، كان الحسن والحسين يصليان خلف مروان ولا يعيدان ([124]).
يقول مروان:: لما هزمنا علي بالبصرة، رد – أي علي رضي الله عنه - على الناس أموالهم، من أقام بينة أعطاه، ومن لم يقم بينة أحلفه. قال: فقال له قائل: يا أمير المؤمنين! أقسم الفئ بيننا والسبي. قال: فلما أكثروا عليه، قال: أيكم يأخذ أم المؤمنين في سهمه؟ فكفوا.([125]).
وقال رضي الله عنه وأرضاه: إن ربنا واحد، ونبينا واحد، ودعوتنا في الإسلام واحدة، لا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم ولا يستزيدونا، الأمر واحدٌ إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء([126]).
     وعن إبن عباس رضي الله عنهما قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام: إن شاء الناس قمت لهم خلف مقام إبراهيم عليه السلام فحلفت لهم بالله، ما قتلت عثمان، ولا أمرت بقتله، ولقد نهيتهم فعصوني([127]).
وكيف لا يكون بريء من دم عثمان وهو كما ذكر المسعودي - وهو من مؤرخي الشيعة -: أنه لما بلغه أنهم يريدون قتله - أي عثمان - بعث بابنيه الحسن والحسين مع مواليه بالسلاح إلى بابه لنصرته، وأمرهم أن يمنعوه منهم. فصدُوهم عن الدار، واشتبك القوم، وجُرح الحسن، وشُبئَ قنبر. ولما بلغه مقتل عثمان دخل عليّ الدار، وهو كالواله الحزين وقال لابنيه: كيف قتل أمير المؤمنين وأنتما على الباب؟ ولَطَم الحسن وضرب صدر الحسين([128]).
بل وقد حضر هو بنفسه مراراً وطرد الناس عنه. ([129]) وانعزل عنه بعد أن دافع عنه طويلاً بيده ولسانه([130])، بعد أن قال عثمان: أعزم عليكم لما رجعتم فدفعتم أسلحتكم ولزمتم بيوتكم.
وكان يقول رضي الله عنه: والله لقد دفعت عنه حتى خشيت أن أكون آثماً([131]).
وكان رضي الله عنه أثناء الحصار يبعث إليه بالماء مع ابنه الحسن رضي الله عنهم أجمعين([132]).
بل أنه حمل على الخوارج طلباً بدم بن الأرت فكيف بدم عثمان أو إتهمامه بدمه رضي الله عنهما. فقد روى أنه رضي الله عنه لما انتهى إليهم – أي الخوارج - قال لهم: أقيدونا بدم عبد الله بن خباب فقالوا: كلنا قتله فقال: احملوا عليهم([133]).
وعلى ذكر الخوارج، فإن هذا هم مسلكهم في علي حيث حملوا روايات المدح فيه على حاله قبل كفره بزعمهم، فتدبر!!
وعوداً على بدئ.
نعود إلى موضوعنا فنقول: وكان صلى الله عليه وآله وسلم يوصي من سيأتي بعد صحابته بالتمسك بكتاب الله عزوجل وسنته صلى الله عليه وآله وسلم وهديهم رضي الله عنهم، ويؤكد أن ظهور هذا الدين إنما بمن بقي منهم رضي الله عنهم وأرضاهم.
     فعن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما وجدتم في كتاب الله عزوجل فالعمل به لا عذر لكم في تركه، وما لم يكن في كتاب الله عزوجل وكانت فيه سنة مني فلا عذر لكم في ترك سنتي، وما لم يكن فيه سنة مني فما قال أصحابي فقولوا به، فإنما مثل أصحابي فيكم كمثل النجوم بأيما أُخذ اهتدي، وبأي أقاويل أصحابي أخذتم اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة([134]).
وعن الكاظم عن آبائه رحمهم الله أجمعين: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنا أمَنَةٌ لأصحابي، فإذا قبضت دنا من أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمَنَةٌ لأمتي، فإذا قبض أصحابي دنا من أمتي ما يوعدون، ولا يزال هذا الدين ظاهراً على الأديان كلها ما دام فيكم من قد رآني([135]).
وكذلك كان شأن أئمة آل البيت رضي الله عنهم، فقد كانوا يحثون غيرهم على العمل بسيرتهم.
     فهذا الحسن رضي الله عنه اشترط في صلحه مع معاوية: أن يعمل معاوية بسيرة الشيخين حيث قال في كتاب الصلح:
     بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما صالح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان: صالحه على أن يسلم إليه ولاية أمر المسلمين على أن يعمل فيهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وسيرة الخلفاء الراشدين. وفي رواية الصالحين([136]).
بل وكان الحسن رضي الله عنه يرى أن معاوية خير له من شيعته.
فعن زيد بن وهب الجهني قال: لما طعن الحسن بن علي عليه السلام بالمدائن أتيته وهو متوجع، فقلت: ما ترى يا بن رسول الله فإن الناس متحيرون؟ فقال: أرى والله أن معاوية خير لي من هؤلاء، يزعمون أنهم لي شيعة، ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي، وأخذوا مالي([137]).
وفي الرواية فوائد أخرى لا تخفى على المتدبر ليس هذا مجال بسطها.
وعن علي بن أبي حمزة قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال له أبو بصير: جعلت فداك! أقرأ القرآن في شهر رمضان في ليلة؟ فقال:. كان أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ أحدهم القرآن في شهر أو أقل([138]).
    وعنه أيضاً عليه السلام قال: إذا طلع الفجر فلا نافلة، وإذا زالت الشمس يوم الجمعة فلا نافلة، وذلك أن يوم الجمعة يوم ضيق، وكان أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم يتجهزون للجمعة يوم الخميس لضيق الوقت([139]).
ولنكتفي بهذا القدر من الروايات في حثهم على اتباع هدي الصحابة رضي الله عنهم.

حب الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم وتفانيهم دونه 
     وفي المقابل كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على درجة عالية من الأخلاق في تعاملهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وطاعتهم وحبهم وإخلاصهم له.
     فهذا عثمان رضي الله عنه لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة الحديبية إلى أهل مكة، وقال له: انطلق إلى قومك من المؤمنين فبشرهم بما وعدني ربي من فتح مكة، فلما انطلق عثمان لقي أبان بن سعيد فتأخر عن السرح فحمل عثمان بين يديه، ودخل فأعلمهم، وكانت المناوشة، فجلس سهيل بن عمرو عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجلس عثمان في عسكر المشركين، وبايع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المسلمين، وضرب بإحدى يديه على الأخرى لعثمان، وقال المسلمون: طوبى لعثمان قد طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وأحل. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما كان ليفعل. فلما جاء عثمان قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أطفت بالبيت؟ فقال: ما كنت لأطوف بالبيت ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يطف به([140]).
وهذا أنس رضي الله عنه يقول: لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا إليه لما يعرفون من كراهيته لذلك([141]).
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: لقد كنت أريد أن أسأل رسول الله عن الأمر فأؤخره سنتين من هيبته([142]).
وعن أنس رضي الله عنه: لما نزلت الآية - أي: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ) [الحجرات: 2] - فقد ثابت فتفقده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبر بشأنه، فدعاه فسأله فقال: يا رسول الله! لقد أنزلت هذه الآية وإني جهوري الصوت، فأخاف أن يكون عملي قد حبط. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لست هناك، إنك تعيش بخير وتموت بخير، وإنك من أهل الجنة([143]).

وعن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قبة من أدم، وقد رأيت بلالاً الحبشي وقد خرج من عنده ومعه فضل وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فابتدره الناس، فمن أصاب منه شيئاً تمسح به وجهه، ومن لم يصب منه شيئاً أخذ من يدي صاحبه فمسح وجهه([144]).
وعن أسامة بن شريك قال: أتيت النبي وأصحابه حوله كأنما على رؤوسهم الطير([145]).
وعن المغيرة رضي الله عنه: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرعون بابه بالأظافير([146]).
وعن عروة بن مسعود حين وجهته قريش عام القضية إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ورأى من تعظيم أصحابه له وأنه لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوءه وكادوا يقتتلون عليه، ولا يبصق بصاقاً ولا يتنخم نخامةً إلا تلقوها بأكفهم، فدلكوا بها وجوههم وأجسادهم، ولا تسقط منه شعرة إلا ابتدروها، وإذا أمرهم بأمر ابتدروا أمره، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون النظر إليه تعظيماً له، فلما رجع إلى قريش قال: يا معشر قريش! إني أتيت كسرى في ملكه وقيصر في ملكه، والنجاشي في ملكه، وإني والله ما رأيت مَلِكاً في قومه مثل محمد في أصحابه([147]).
وعن أنس رضي الله عنه قال: لقد رأيت رسول الله والحلاق يحلقه وأطاف به أصحابه، فما يريدون أن يقع شعرة إلا في يد رجل([148]).
ولما أراد المشركون قتل زيد بن الدثنة رضي الله عنه قالوا له: أتحب أنك الآن في أهلك وأن محمداً مكانك؟ قال: والله ما أحب أن محمداً يشاك بشوكة وأني جالس في أهلي. فقال أبو سفيان: والله ما رأيت من قوم قط أشد حباً لصاحبهم من أصحاب محمد([149]).
     وقال ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: والذي بعثك بالحق نبيا إن في قلبي من محبتك ما لو قطعت بالسيوف ونشرت بالمناشير وقرضت بالمقاريض وأحرقت بالنيران وطحنت بأرحاء الحجارة كان أحب إلي وأسهل علي من أن أجد لك في قلبي غشا أو غلا أو بغضا لاحد من أهل بيتك وأصحابك. وأحب الخلق إلي بعدك أحبهم لك، وأبغضهم إلي من لا يحبك ويبغضك أو يبغض أحدا من أصحابك، يا رسول الله هذا ما عندي من حبك وحب من يحبك وبغض من يبغضك أو يبغض أحدا ممن تحبه فان قبل هذا مني فقد سعدت، وإن أريد مني عمل غيره فما أعلم لي عملا أعتمده وأعتد به غير هذا، أحبكم جميعا أنت وأصحابك وإن كنت لا أطيقهم في أعمالهم. فقال صلى الله عليه وآله: أبشر فإن المرء يوم القيامة مع من أحبه، يا ثوبان لو كان عليك من الذنوب ملا ما بين الثرى إلى العرش لانحسرت وزالت عنك بهذه الموالاة أسرع من انحدار الظل عن الصخرة الملساء المستوية إذا طلعت عليه الشمس ومن انحسار الشمس إذا غابت عنها الشمس([150]).
     وروايات المرء مع من أحب كثيرة، وهاك أخرى: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم متى الساعة ؟ فقال: ما أعددت لها ؟ فقال: حب الله ورسوله. وفي رواية: ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صيام ولا صدقة، لكن أحب الله ورسوله، فقال: إنك مع من أحببت. وفي رواية: قال: يا رسول الله إني أحب الصوامين ولا أصوم وأحب المصلين ولا أصلي، وأحب المتصدقين ولا أصدق، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أنت مع من أحببت ولك ما كسبت. وفي رواية عن أنس: قال: ونحن كذلك. قال: نعم ففرحنا يومئذ فرحا شديدا. وفي رواية: عن أبي أبو ذر قال: قلت: يا نبي الله إني أحب أقواما ما أبلغ أعمالهم، قال: فقال: يا أبا ذر المرء مع من أحب وله ما اكتسب. وفي رواية: فقال: يا رسول الله إني أحبك، فقال: إنك لتحبني ؟ فقال: والله إني لأحبك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت مع من أحببت. وفي رواية عن الباقر عليه السلام: قال الله تعالى: يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ [الحشر: 9] إن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله احب المصلين ولا اصلي واحب الصوامين ولا أصوم ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنت مع من أحببت([151]).
 
.عدنا:
     وعن أنس قال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل حائطا للأنصار وفيه غنم، فسجدت له، فقال أبو بكر: نحن أحق لك بالسجود من هذا الغنم،: فقال إنه لا ينبغي لاحد أن يسجد لاحد ولو جاز ذلك لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ([152]).
     وفي رواية عن  أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم قاعدا، إذ مر به بعير فبرك بين يديه ورغا، فقال عمر: يا رسول الله، أيسجد لك هذا الجمل ! فان سجد لك فنحن أحق ان نفعل، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: لا، بل اسجدوا لله([153]).
     وكما كان أصحابه رضوان الله عليهم معه كان هو صلى الله عليه وآله وسلم في محبته وتعامله معهم كذلك ومن ذلك:
- ما رواه عنه ابن مسعود رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا يبلغني أحد منكم عن أصحابي شيئاً، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر([154]).
- وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه، فإن كان غائباً دعا له، وإن كان شاهداً زاره، وإن كان مريضاً عاده([155]).
- وكان في دعائه صلى الله عليه وآله وسلم: لا عيش إلا عيش الآخرة، اللهم ارحم الأنصار والمهاجرة([156]).
- وكان يقول صلى الله عليه وآله وسلم فيهم: المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة([157]). وذكر القمي في قوله تعالى: إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ [الأنفال: 34] قال: أنت وأصحابك يا محمد. وفي رواية: يعني أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم([158]).
     وعن عبد الله بن مسعود، قال: نعى إلينا حبيبنا ونبينا صلى الله عليه وآله وسلم نفسه - فبأبي وأمي ونفسي له الفداء - قبل موته بشهر، فلما دنا الفراق جمعنا في بيت، فنظر إلينا، فدمعت عيناه، ثم قال: مرحبا بكم، حياكم الله، حفظكم الله، نصركم الله، نفعكم الله، هداكم الله، وفقكم الله، سلمكم الله، قبلكم الله، رزقكم الله، رفعكم الله، أوصيكم بتقوى الله، وأوصي الله بكم([159]).
ولم يقتصر بيانه صلى الله عليه وآله وسلم لفضائلهم في حياته - كما يزعم القوم - من أن ذلك إنما هو في حال صلاحهم، بل بيَّن فضلهم في حال وفاته، وذلك باستغفاره لما قد يبدر منهم من ذنوب.
    فعن الباقر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو في نفر من أصحابه: إن مقامي بين أظهركم ومفارقتي خيرٌ لكم، فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري وقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أما مقامك بين أظهرنا فهو خير لنا، فكيف يكون مفارقتك إيانا خير لنا؟ قال: أما مقامي بين أظهركم إن الله يقول: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الأنفال: 33]، وأما مفارقتي إياكم فإنه خير لكم، فإن أعمالكم تعرض علي كل اثنين وخميس فما كان من حسن حمدت الله تعالى عليه، وما كان من سيئ استغفرت لكم([160]).

وفي رواية عن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: حياتي خير لكم ومماتي خير لكم فأما حياتي فإن الله هداكم بي من الضلالة، وأنقذكم من شفا حفرة من النار، وأما مماتي فإن أعمالكم تعرض علي، فما كان من حسن استزدت الله لكم، وما كان من قبيح استغفرت الله لكم([161]).
     وفي رواية عنه أيضا عليه السلام قال: قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه حياتي خير لكم ومماتي خير لكم قالوا اما حياتك يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقد عرفنا فما في وفاتك قال اما حياتي فان الله يقول وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون واما وفاتي فتعرض على أعمالكم فاستغفر لكم([162]).
     وبين صلى الله عليه وآله وسلم أن من أسباب ثبات المؤمنين على الصراط هو شدة حبهم لأصحابه رضي الله عنهم.
     فعن الباقر عن آبائه رحمهم الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أثبتكم على الصراط أشدكم حباً لأهل بيتي ولأصحابي([163]).
وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أصحابه أجمع ما كانوا فقال: يا أصحاب محمد! لقد رأيت الليلة منازلكم في الجنة وقرب منازلكم من منزلي([164]).
     وفي رواية أخرى قال: مضيت مع جبرئيل فدخلت البيت المعمور فصليت فيه ركعتين ومعي أناس من أصحابي عليهم ثياب جدد وآخرون عليهم ثياب خلقان فدخل أصحاب الجدد وحبس أصحاب الخلقان ثم خرجت فانقاد لي نهران نهر يسمى الكوثر، ونهر يسمى الرحمة فشربت من الكوثر واغتسلت من الرحمة ثم انقادا لي جميعا حتى دخلت الجنة فإذا على حافتيها بيوتي وبيوت أزواجي وإذا ترابها كالمسك([165]).
     وقد كان الأصحاب من مهاجرين وأنصار وكذا أهل البيت رضي الله عنهم أجمعين يختصمون لا في حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهم فحسب، بل في أيهم أولى بذلك الحب وأيهم أحب إليه.
فعن كعب بن عجرة رضي الله عنه أن المهاجرين والأنصار وبني هاشم اختصموا في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أينا أولى به وأحب إليه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أما أنتم يا معشر الأنصار! فإنما أنا أخوكم. فقالوا: الله أكبر! ذهبنا به ورب الكعبة. وأما أنتم يا معشر المهاجرين! فإنما أنا منكم. فقالوا: الله أكبر! ذهبنا به ورب الكعبة. وأما أنتم يا بني هاشم فأنتم مني وإلي. فقمنا وكلنا راضٍ مغتبط برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم([166]).
     أما أفضليتهم على سائر البشر فكان أمراً مسلما عندهم، حتى كانت أسئلتهم له صلى الله عليه وآله وسلم: هل أحد خير منا، أسلمنا معك، وجاهدنا معك ؟([167]).
 
روايات في فضائل الأنصار رضي الله عنهم 
     وما دمنا قد ذكرنا الأنصار فلا بأس من إيراد شيء من فضائلهم.
روى القوم عن الصادق عليه السلام أنه قال: ما سلت السيوف، ولا أقيمت الصفوف في صلاة ولا زحوف، ولا جهر بأذان، ولا أنزل الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) حتى أسلم أبناء القيلة: الأوس والخزرج([168]).

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار. يا معشر الأنصار، أما ترضون أن يرجع غيركم بالشاء والنعم وترجعون أنتم وفي سهمكم رسول الله؟ قالوا: بلى رضينا. قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينئذٍ: الأنصار كرشي وعيبتي، لو سلك الناس وادياً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار، اللهم اغفر للأنصار([169]).
وزاد الطبرسي عليه السلام بعد قوله: لسلكت شعب الأنصار: زاد: ولولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار([170]).
- قال الصادق رحمه الله: جاءت فخذ من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسلموا عليه فرد عليهم السلام. فقالوا: يا رسول الله! لنا إليك حاجة. فقال: هاتوا حاجتكم. قالوا: إنها عظيمة. فقال: هاتوها ما هي؟ قالوا: أن تضمن لنا على ربك الجنة. قال: فنكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأسه، ثم نكت في الأرض ثم رفع رأسه. فقال: أفعل ذلك بكم على أن لا تسألوا أحداً شيئاً. قال: فكان الرجل منهم يكون في السفر فيسقط سوطه فيكره أن يقول لإنسان: ناولنيه، فراراً من المسألة فينزل فيأخذه، ويكون على المائدة فيكون بعض الجلساء أقرب إلى الماء منه، فلا يقول: ناولنيه حتى يقوم فيشرب([171]).
     وفي رواية قال عليه السلام: فضمن لهم الجنة، فكان الرجل منهم يسقط سوطه وهو على دابته فينزل حتى يتناوله كراهية أن يسأل أحدا شيئا، وإنه كان الرجل لينقطع شسعه فيكره أن يطلب من أحد شسعا([172]).
     وقال لامرأة أنصارية وهبت نفسها له صلى الله عليه وآله وسلم: رحمك الله ورحمكم يا معشر الأنصار! نصرني رجالكم، ورغبت فيَّ نساؤكم([173]).
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا معشر الأنصار إن الله قد أحسن إليكم الثناء فما تصنعون ؟ قالوا: نستنجي بالماء([174]).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب والفضل بن العباس رضي الله عنهم دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه الذي قبض فيه، فقالوا: يا رسول الله! هذه الأنصار في المسجد تبكي رجالها ونساؤها عليك. فقال: وما يبكيهم؟ قالوا: يخافون أن تموت. فقال: أعطوني أيديكم، فخرج في ملحفة وعصابة حتى جلس على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال فيما قاله: أوصيكم بهذا الحي من الأنصار، فقد عرفتم بلاءهم عند الله عزوجل وعند رسوله وعند المؤمنين، ألم يوسعوا في الديار ويشاطروا الثمار ويؤثروا وبهم الخصاصة؟ فمن ولي منكم أمراً يضر فيه أحداً أو ينفعه فليقبل من محسن الأنصار وليتجاوز عن مسيئهم، وكان آخر مجلس جلسه حتى لقى الله عزوجل ([175]).
وفي الرواية رد على من قال بان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر جل الصحابة بالخروج في جيش أسامة وأنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: لعن الله من تخلف عن جيش أسامة.
وما دمنا في هذا، فلا بأس من ذكر روايات أخرى في الباب أوردها القوم في مصنفاتهم، كرواية أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه الذي قبض فيه يقول وقد امتلأت الحجرة من أصحابه: أيها الناس، يوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بي، وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم، ألا إني مخلف فيكم كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي. ثم أخذ بيد علي عليه السلام فرفعها فقال: هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي، خليفتان بصيران لا يفترقان حتى يردا علي الحوض، فأسألهما ماذا خلفت فيهما. وفي رواية عن فاطمة الزهراء رضي الله عنها قالت: سمعت أبي صلى الله عليه وآله وسلم وسلم في مرضه الذي قبض فيه يقول، وقد امتلأت الحجرة من أصحابه. الرواية ([176]).
     وعن علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه الذي قبض فيه كان رأسه في حجري والبيت مملوء من أصحابه، من المهاجرين والأنصار، والعباس بين يديه، يذب عنه بطرف ردائه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يغمى عليه ساعة ويفيق ساعة([177]).
     وقال أمير المؤمنين عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله: من يعينني على غسلك يا رسول الله ؟ قال جبرئيل. فلما غسله وكفنه أدخلني وأدخل أبا ذر والمقداد وفاطمة وحسنا وحسينا عليهم السلام فتقدم وصففنا خلفه فصلى عليه وعائشة في الحجرة لا تعلم قد أخذ جبرئيل ببصرها ثم أدخل عشرة من المهاجرين وعشرة من الأنصار فيصلون ويخرجون، حتى لم يبق من المهاجرين والأنصار إلا صلى عليه([178]).
    أين هذا من قول البعض: مرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرضه الذي انتقل به إلى الرفيق الأعلى، فوجس منه خيفة الفراق، وهو يعلم أن أمته على شفا جرف هار من بحر للفتن متلاطم والعرب مغلوبة على أمرها تحرق الأرم عليه وعلى قومه وأهل بيته. إذ يعقد اللواء بيده للشاب أسامة بن زيد أميرا على الجيش بعد يوم واحد من ابتداء شكاته. ثم يضم تحت لوائه شيوخ المهاجرين والأنصار وجلتهم ووجوههم منهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة وسعد بن أبي وقاص وأسيد بن حضير وبشير بن سعد وغيرهم. ثم يشدد في الخروج ويلعن المتخلف منهم. أن النبي قد علم بقرب أجله. فكيف يخلي المدينة من شيوخ المهاجرين والأنصار وزعمائهم وأهل الحل والعقد منهم. فلا بد أن يكون كل ذلك لأمر ما عظيم.ألخ([179]).
     ومن قولهم إنه صلى الله عليه وآله وسلم عقد لأسامة بن زيد بن حارثة الأمرة، وندبه أن يخرج بجمهور الأمة إلى حيث أصيب أبوه من بلاد الروم([180]).
     بل في الروايات ما يؤكد أن الصديق رضي الله عنه أيضاً كان فيمن جهز النبي صلى الله عليه وآله وسلم فضلاً عن صلاته بالناس في مرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مما يدل على تعارض هذه الروايات من روايات كونه في جيش أسامة وأنه قد تخلف عنه رضي الله عنهما.
     تقول الرواية: لما أجتمع الأنصار في السقيفة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأتى عمر الخبر أقبل إلى منزل النبي صلى الله عليه وآله فأرسل إلى أبي بكر، وأبو بكر في الدار وعلي بن أبي طالب عليه السلام دائب في جهاز النبي صلى الله عليه وآله فأرسل إلى أبي بكر أن اخرج إلي، فأرسل إليه إني مشتغل، فأرسل إنه قد حدث الأمر لا بد لك من حضوره فخرج إليه، فقال أما علمت أن الأنصار قد اجتمعت في سقيفة بني ساعدة يريدون أن يولوا هذا الأمر سعد بن عبادة، وأحسنهم مقالة من يقول: منا أمير ومن قريش أمير. القصة([181]).
نعود إلى ذكر فضائل الأنصار.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ألا وإن الأنصار ترسي، فاعفوا عن مسيئهم وأعينوا محسنهم([182]).
وعن الكاظم عليه السلام قال: لما حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الوفاة دعا الأنصار وقال: يا معشر الأنصار! قد حان الفراق، وقد دعيت وأنا مجيب الداعي، وقد جاورتم فأحسنتم الجوار، ونصرتم فأحسنتم النصرة، وواسيتم في الأموال، ووسعتم في المسلمين، وبذلتم لله مهج النفوس، والله يجزيكم بما فعلتم الجزاء الأوفى([183]).
وقال لهم صلى الله عليه وآله وسلم: انكم سترون بعدى أثرة فاصبروا حتى تلقوني([184]).
وقال علي رضي الله عنه في مدحهم: هم والله ربوا الإسلام كما يربى الفلو مع غنائهم، بأيديهم السياط وألسنتهم السلاط([185]).
وعنه رضي الله عنه قال: أما بعد: أيها الناس! فوالله لأهل مصركم في الأمصار أكثر من الأنصار في العرب، وما كانوا يوم أعطوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يمنعوه ومن معه من المهاجرين حتى يبلغ رسالات ربه إلا قبيلتين، صغير مولدهما وما هما بأقدم العرب ميلاداً، ولا بأكثرهم عدداً، فلما آووا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه ونصروا الله ودينه رمتهم العرب عن قوس واحدة، وتحالفت عليهم اليهود، وغزتهم اليهود والقبائل قبيلة بعد قبيلة، فتجردوا لنصرة دين الله، وقطعوا ما بينهم وبين العرب من الحبائل، وما بينهم وبين اليهود من العهود، ونصبوا لأهل نجد وتهامة وأهل مكة واليمامة وأهل الحزن والسهل وأقاموا قناة الدين، وتصبروا تحت أحلاس الجلاد، حتى دانت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العرب ورأى فيهم قرة العين قبل أن يقبضه الله إليه([186]).
وحصر كل ما جاء في فضائلهم سيطول طولاً يخرجنا عن خطة الكتاب، وفيما أوردناه كفاية لمن شرح الله صدره لمعرفة منزلة هذا الجيل العظيم.
وأي شيء أعظم من أن يصفهم صلى الله عليه وآله وسلم بقرة عينه، وهم أهل بيته رضي الله عنهم، حيث قال أمير المؤمنين رضي الله عنه: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا احمر البأس وأحجم الناس قدَّم أهل بيته فوقى بهم أصحابه حر السيوف والأسنة([187]).
وليس بعزيز على الله بعد كل هذا أن يجعلهم أئمة ويجعلهم وارثين، وأن يستخلفهم في الأرض، كما قال في محكم كتابه: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [النور: 55].

     فالله عزوجل - كما في هذه الآية – وعد المؤمنين بالاستخلاف والتمكين من الأعداء، ولا بد من وقوع ما وعد به ضرورةً، لامتناع الخلف في وعده تعالى، ووقع ذلك في عهد الخلفاء الراشدين الذين كانوا حاضرين وقت نزول هذه الآية، كما ذكر ذلك بعض المفسرين.
     يقول علي  رضي الله عنه أما إنه ما كان لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم مُنجّم ولا لنا من بعده حتى فتح الله علينا بلاد كسرى وقيصر أيها الناس توكلوا على الله وثقوا به فإنه يكفي ممن سواه([188]).
     فهو رضي الله عنه يرى ذلك فتح من الله عزوجل رغم أن ذلك كان في خلافة الصديق والفاروق وذي النورين رضي الله عنهم وفي هذا رد على من طعن في بيعتهم وعدها غير شرعية وأن الصحابة رضي الله عنهم خالفوا وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم في إمرة علي  رضي الله عنه من بعده صلى الله عليه وآله وسلم. كيف!؟ وهو عندما آلت إليه البيعة لم يتخلف عنه أحد كما يقول في ذلك مالك بن أوس بن الحدثان: لما ولي علي بن أبي طالب عليه السلام أسرع الناس إلى بيعته المهاجرون والأنصار وجماعة الناس، لم يتخلف عنه أحد من أهل الفضل([189]).
     فما الذي يجعلهم يسرعون هنا، ويحجمون هناك؟ 

بشارات نبوية تحققت في عهد الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم 
وحيث أن الحديث قد قادنا إلى هذا فلنورد هنا بعضاً من البشارات النبوية على صاحبها وآله أفضل الصلاة وأزكى التسليم، والتي وعد بها أصحابه ووقعت في عهد أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم:
منها: ما كان يوم حفر الخندق، عندما اعترضت المسلمين صخرة فاستعصت عليهم، فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخذ المعول، وضرب به ضربة فلمعت منها برقة كأنها مصباح في جوف ليل مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تكبيرة فتح، فكبر المسلمون، ثم ضرب ضربة أخرى، فلمعت برقة أخرى، ثم ضرب به الثالثة فلمعت برقة أخرى، فقال صلى الله عليه وآله وسلم عن الأولى: أضاءت لي منها قصور الحيرة ومدائن كسرى، وأخبرني جبرئيل أن أمتي ظاهرة عليها، ثم ضربت الضربة الثانية فبرق الذي رأيتم، أضاءت لي منها قصور الحمر من أرض الروم، فأخبرني جبرئيل أن أمتي ظاهرة عليها فابشروا، فاستبشر المسلمون، وقالوا: الحمد لله موعد صدق وعدنا النصر بعد الحصر. فقال المنافقون: ألا تعجبون؟! يمنيكم ويعدكم الباطل، ويعلمكم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى، وأنها تفتح لكم وأنتم تحفرون الخندق من الفرق - أي: الخوف - ولا تستطيعون أن تبرزوا؟ فنزل القرآن:(وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا) [الأحزاب: 12]([190])

فمتى تحققت هذه البشارات؟ وهل تجد هنا مكاناً لما نسب إليه صلى الله عليه وآله وسلم من قوله: وانصر من نصره، واخذل من خذله)؟
الجواب: لا يشك عاقل في أن هذه البشارات قد تحققت في عهد الخلفاء الثلاثة الذين اتسعت في عهدهم رقعة الفتوحات الإسلامية وامتدت إلى أقصى الأرض.
ومنها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: إنكم ستفتحون مصر، فإذا فتحتموها فاستوصوا بالقبط خيراً، كان لهم رحم وذمة. يعني: أن أم إبراهيم منهم. أي: مارية القبطية([191]).
وفي رواية: الله الله في القبط، فإنكم ستظهرون عليهم ويكونون لكم عدة وأعواناً في سبيل الله([192]).
ومن البشارات التي تدل على عدالة الصحابة وإيمانهم، قوله صلى الله عليه وآله وسلم: إن ابني هذا - يعني: الحسن بن علي رضي الله عنهما - سيد، وسيصلح الله به بين فئتين من المسلمين، وكان كما قال ص([193]).
ومنها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: يقتل بهذه الحَرة خيار أمتي بعد أصحابي. قال أنس بن مالك رضي الله عنه: قتل يوم الحرة سبعمائة رجل من حملة القرآن، فيهم ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم([194]).
وبهذا يظهر فساد القول بخلاف الصحابة رضوان الله عليهم لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، واغتصاب الخلفاء الثلاثة لحق علي رضي الله عنهم أجمعين، وتصرفهم في الأرض بغير وجه حق، وقد رأيت أن ظاهر أحوالهم معه وأحواله معهم رضي الله عنهم أجمعين تنبئ بخلاف ذلك، فلم يكن يجمعهم سوى المحبة والاحترام، وإقرار كل واحد منهم لفضيلة الآخر.

روايات في إقرار الصحابة بفضائل علي بن أبي طالب  رضي الله عنهم أجمعين 
     لعل في انتقالنا للحديث عن علاقة الصحابة رضي الله عنهم مع علي رضي الله عنه وذكر نصوص في هذا المقام مما يزيل شبهة اختلافهم المزعومة، فإن ذلك أبلغ في المراد في بيان ما كانوا عليه من ألفة حميمة ومحبة خالصة لا تشوبها تلك التـرهات التي أراد من أراد أن يصور بها ذلك المجتمع العظيم من مجتمع مليء بالأحقاد والضغائن والمؤامرات والاغتيالات والعدواة. إلى آخر ما ذكروه.
وحيث إننا قد لا يسعنا ذكر موقف كل صحابي على حدة مع الإمام علي وموقفه معه، فإننا نذكر مواقف عامة لهؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم، وحبهم له، وحربهم معه([195])، وذلك على كل حال من طرق القوم:
فعن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال: كان أصحاب محمد إذا أقبل علي قالوا: قد جاء خير البرية([196]).
وكانوا يعملون على إرضائه والاقتداء بهدية رضي الله عنه عنهم، فلما ورد بسبي الفرس إلى المدينة في عهد الفاروق رضي الله عنه أعتق الأمير رضي الله عنه لوجه الله حقه وحق بني هاشم، فقالت المهاجرون والأنصار: قد وهبنا حقنا لك يا أخا رسول الله! فقال: اللهم فاشهد أنهم قد وهبوا وقبلت وأعتقت، ولم يخالفه عمر رضي الله عنه في ذلك، وقال: سبق إليها علي بن أبي طالب، ونقض عزمتي في الأعاجم([197]).
وفي رواية: قد وهبت لله ولك يا أبا الحسن ما يخصني وسائر ما لم يوهب لك([198]).
وكانوا يحفظون له قدره في أدق المسائل، فانظر - مثلاً - ما ذكره القوم عن أبي رافع رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا جلس ثم أراد أن يقوم لا يأخذ بيده غير علي، وإن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يعرفون ذلك له، فلا يأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غيره([199]).
ويناسب المقام هنا القول بأن شأنهم هذا مع الثقل الأصغر -أهل بيت النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم- هو ذات الشأن مع الثقل الأكبر –القرآن- حيث أقر الخوئي بذلك، فقال:. اهتمام الصحابة بذلك - أي: حفظ القرآن - في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبعد وفاته يورِّث القطع بكون القرآن محفوظاً عندهم جمعاً أو متفرقاً، حفظاً في الصدور، أو تدويناً في القراطيس، وقد اهتموا بحفظ أشعار الجاهلية وخطبها، فكيف لا يهتمون بأمر الكتاب العزيز، الذي عرضوا أنفسهم للقتل في دعوته، وإعلان أحكامه، وهجروا في سبيله أوطانهم، وبذلوا أموالهم، وأعرضوا عن نسائهم وأطفالهم، ووقفوا المواقف التي بيَّضوا بها وجه التاريخ، وهل يحتمل عاقل مع ذلك كله عدم اعتنائهم بالقرآن حتى يضيع بين الناس؟!([200]).

إقرار أهل البيت بفضائل الصديق والفاروق رضي الله عنهما
وهنا نصل إلى موقف علي من الشيخين رضي الله عنهم، وموقفهما معه، دون التطرق إلى ذكر تفاصيل بقية الصحابة رضوان الله عليهم إلا فيما ندر، لأسباب لا يجهلها أحد، منها أن النصيب الأكبر من العداء للصحابة إنما هو متوجهة إليهما، ثم قس على هذا اعتقادهم فيمن دونهما.
فنقول: إن إقرار أهل البيت بفضائل الصديق والفاروق رضي الله عنهما لايكاد يغادر حتى أدق المسائل؛ مما لها دلالة لا تخفى على المنصف المتجرد من الأهواء في إظهار العلاقة الحميمة التي تربط بعضهم ببعض، فمنها مثلاً:
أولاً: أن علياً رضي الله عنه لم يفته أن يُسمي أحد أبنائه بأبي بكر([201])، وآخر بعمر([202])، وثالثاً بعثمان([203]).
وهؤلاء الثلاثة ولدوا في عهد الخلفاء الثلاثة كما لا يخفى.
وكذلك كان شأن ابنه الحسن رضي الله عنه حيث سمى أحد أبنائه بأبي بكر([204])، وآخر، بل واثنين آخرين بعمر([205]).
وستقف أخي القارئ الكريم بعد قليل على علة تسميته أسماء أبنائه بعمر مراراً.
ولم يخالفهم في ذلك الحسين رضي الله عنه، فقد سمَّى أحد أبنائه بأبي بكر([206])، وآخر بعمر([207]).
وكذلك شأن ابنه زين العابدين رحمه الله، حيث سمَّى أحد أولاده باسم الخليفة الثاني عمر رضي الله عنه ([208]).
وآخر بعثمان([209])، أما هو فقد أحب أن يكنى بأبي بكر([210]).
وكذا حال بقية أهل البيت، فها هو الكاظم يسمي أحد أبنائه بأبي بكر([211])، وآخر بعمر([212])، وكان ابنه الرضا يكنى بأبي بكر([213])، واستمر الحال في أعقابهم رحمهم الله.
ولعل في سرد هذه الأسماء ما يؤيد أن حب آل البيت لهم ممتد في أبنائهم وأبناء أبنائهم:

  • أبو بكر بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن عيسى بن إدريس بن إدريس بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
  • أبو بكر بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
  • أبو بكر بن محمد بن علي بن أبي طالب بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
  • أبو بكر بن إسماعيل بن الحسين بن محمد بن علي بن أحمد بن علي بن عبد الله بن الحسن بن محمد بن علي العريضي بن جعفر الصادق.
  • أبو بكر بن محمد بن زيد بن محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسن بن علي بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن علي.
  • أبو بكر بن عيسى المبارك بن عبد الله بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي
  • أبو بكر بن الحسن المجتبى.
  • أبو بكر بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
  • أبو بكر بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن عيسى بن إدريس بن إدريس بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
  • أبو بكر بن محمد بن علي بن أبي طالب بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
  • أبو بكر بن الحسين الشهيد بن علي.
  • أبو بكر بن إسماعيل بن الحسين بن محمد بن علي بن أحمد بن علي بن عبد الله بن الحسن بن محمد بن علي العريضي بن جعفر الصادق.
  • أبو بكر بن محمد بن زيد بن محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسن بن علي بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن علي.
  • أبو بكر بن عيسى المبارك بن عبد الله بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
  • عمر بن الحسن المجتبى.
  • عمر بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
  • عمر بن عبد الله بن محمد بن علي العمق بن محمد بن أحمد المسور بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
  • عمر بن إدريس بن إدريس بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
  • عمر بن يحيى بن يحيى بن محمد بن إدريس بن إدريس بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
  • عمر بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن عيسى بن إدريس بن إدريس بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
  • عمر بن إسحاق بن إبراهيم الغمر بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
  • عمر بن أبي العباس محمد بن أبي علي محمد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
  • عمر الأشرف بن علي زين العابدين.
  • عمر بن إسحاق بن الحسن بن علي زين العابدين.
  • عمر بن محمد بن إسماعيل بن محمد الأرقط بن عبد الله الباهر بن علي زين العابدين.
  • عمر بن محمد الأكبر بن عمر الأشرف بن علي زين العابدين.
  • عمر بن محمد بن عمر بن محمد الأكبر بن عمر الأشرف بن علي زين العابدين.
  • عمر بن علي بن عمر الأشرف بن علي زين العابدين.
  • عمر بن محمد بن عمر بن علي بن عمر الأشرف بن علي زين العابدين.
  • عمر بن الحسن الأفطس بن علي بن علي زين العابدين.
  • عمر بن علي بن عمر بن الحسن الأفطس بن علي بن علي زين العابدين.
  • عمر بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن علي زين العابدين.
  • عمر بن محمد الفدان بن عمر بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن علي زين العابدين.
  • عمر بن الحسين بن أحمد المحدث بن عمر بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن علي زين العابدين.
  • عمر بن يحيى بن أحمد بن الحسين بن أحمد المحدث بن عمر بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن علي زين العابدين.
  • عمر بن يحيى بن الحسين بن أحمد المحدث بن عمر بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن علي زين العابدين.
  • عمر بن محمد الغلق بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن عيسى بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن علي زين العابدين.
  • عمر بن عيسى المختفي بن زيد الشهيد بن علي زين العابدين.
  • عمر بن ثابت بن محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن الحسن بن موسى حمصة بن علي بن الحسين الأصغر بن علي زين العابدين.
  • عمر بن محمد أبي الفتح بن أبي الحسين محمد بن عبيد الله بن علي بن عبيد الله بن علي العابد بن عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن علي زين العابدين.
  • عمر بن سليمان بن عبد الله بن الحسن بن علي العريضي بن جعفر الصادق.
  • عمر بن علي بن أحمد بن علي بن عبد الله بن الحسن بن علي العريضي بن جعفر الصادق.
  • عمر بن إسماعيل بن الحسين بن محمد بن علي بن أحمد بن علي بن عبدالله بن الحسن بن علي العريضي بن جعفر الصادق.
  • عمر بن موسى الكاظم.
  • عمر بن أحمد بن الحسين بن موسى الكاظم.
  • عمر بن الحسين سبتي بن محمد الحائري بن إبراهيم المجاب بن محمد العابد بن موسى الكاظم.
  • عمر بن جعفر الأبله بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
  • عمر بن إسماعيل بن عمر بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
  • عمر بن إبراهيم بن عمر بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
  • عمر بن علي الطبيب بن عبيد الله بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
  • عمر بن عبد الله بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
  • عمر بن علي بن الحسين بن عبد الله بن محمد الصوفي بن يحيى الصوفي بن عبد الله بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
  • عمر المنجوري بن محمد المنجوري بن عبد الله بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
  • عمر بن القاسم بن علي المشطب بن محمد المنجوري بن عبد الله بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
  • عمر بن محمد الأكبر بن عمر المنجوري بن محمد المنجوري بن عبد الله بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
  • عمر بن جعفر الملك بن محمد المنجوري بن عبد الله بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
  • عمر بن عبد الله بن جعفر الأصغر بن محمد الحنفية بن علي.
  • عمر بن علي بن الحسين بن علي بن عمر بن علي.
  • عمر بن الحسين بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
  • عمر بن علي بن عمر بن علي زين العابدين.
  • عمر بن الحسن بن علي بن علي زين العابدين.
  • عمر بن محمد الأكبر بن عمر الأطرف بن علي.
  • عمر بن أبي الغنائم محمد بن عمر بن يحيى بن الحسين بن أحمد بن عمر بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة.
  • عمر بن الحسين بن محمد بن عمر بن محمد بن عمر الشجري  بن علي بن عمر الأشرف.
  • عمر بن إدريس بن إدريس بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى.
  • عثمان بن علي بن أبي طالب.
  • عثمان بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
  • عثمان بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

ولا يسعنا إحصاء كل ما ورد في هذا الباب خشية الخروج عن موضوع الكتاب.
ولا شك أن لعامل الاسم دلالة نفسية لا تخفى على المتأمل، ولعل من يزعم أنه من شيعة الأمير وأهل بيته رضي الله عنهم أن يسأل نفسه إن كان يستطيع أن يُسمي أحد أبنائه باسم من اغتصب حق الأمير وأهان زوجته وقتل ابنه، وحرق بيته وحرَّف القرآن وابتدع في الدين. إلى آخر ما زعموه فيهم.
وهنا روايات في كتب القوم تدل على أهمية عامل الاسم وعميق دلالته.
منها: أن معاوية استعمل مروان بن الحكم على المدينة وأمره أن يفرض لشباب قريش ففرض لهم، فقال علي بن الحسين: فأتيته، فقال: ما اسمك؟ فقلت: علي بن الحسين. فقال: ما اسم أخيك؟ فقلت: علي. فقال: علي وعلي؟ ما يريد أبوك أن يدع أحداً من ولده إلا سماه علياً؟ ثم فرض لي فرجعت إلى أبي فأخبرته. فقال: لو ولد لي مائة لأحببت أن لا أسمي أحداً منهم إلا علياً([214]). وفي رواية: أن يزيد قال له: واعجباً لأبيك سمى علياً وعلياً؟ فقال: إن أبي أحب أباه، فسمى باسمه مراراً([215]).
فلا ينبغي الغفلة عن هذه الحقيقة وأهميتها في الشرع، فقد أورد القوم من طرقهم عن الأئمة عشرات الروايات في هذا الشأن، لا نرى بأسا من ذكر بعضها لما له صلة بالباب، ونبدأها بهذه الرواية التي تدل على عظم الأجر الذي يجنيه من ينحل أولاده اسماً من أسماء من له شأن.
فعن ربعي بن عبد الله قال: قيل لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك! في الإسلام إنا نسمي بأسمائكم وأسماء آبائكم فينفعنا ذلك؟ فقال: إي والله وهل الدين إلا الحب؟ قال الله:(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران: 31]([216]).

فهذه الرواية وأمثالها رد على من زعم من القوم وقد أعيتهم الحيلة في رد مسألة تسمية الأئمة بأسماء الخلفاء الراشدين: بأن مسألة التسمية من المباحات التي لا يترتب عليها حكم أو أجر.
وعن أبي الحسن عليه السلام قال: أول ما يبر الرجل ولده أن يسميه باسم حسن، فليحسن أحدكم اسم ولده.
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: استحسنوا أسماءكم فإنكم تدعون بها يوم القيامة، قم يا فلان بن فلان إلى نورك، وقم يا فلان بن فلان لا نور لك([217]).
ولا شك أن أول مراتب الاستحسان: هو عدم اختيار أسماء أعداء أهل البيت، وهذا أمر مسلَّم به عند الشيعة، حتى عقدوا في هذا أبواباً في مصنفاتهم كباب: كراهة التسمية بأسماء أعداء الأئمة عليهم السلام([218])، وذكروا فيها روايات عدة كرواية أبي جعفر عليه السلام قال: إن الشيطان إذا سمع منادياً ينادي باسم عدو من أعدائنا اهتز واختال([219]).
فراجع فيما سبق وانظر كم ترددت في بيوت آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وذرياتهم أسماء أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ألد أعداء أهل البيت -كما يزعم القوم- وانظر كم أفرحوا الشيطان بذلك. ولكن هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً.
والعجيب - وهكذا يريد لنا القوم أن نعتقد - أن أئمة أهل البيت عمدوا إلى ترك الأسماء التي حثّ عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخالفوه في ذلك وأخذوا بأسماء أعدائه.
فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ولد لي غلام، فماذا أسميه؟ قال: بأحب الأسماء إلي: حمزة([220]).
فأنظر هل تجد في أسماء أولاد أمير المؤمنين وابنه الحسين رضي الله عنهما - مثلاً - اسم حمزة أحب الأسماء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أم تجد أبو بكر وعمر عثمان وهم من هم في معتقد الشيعة؟
الغريب في الأمر أن روايات القوم تدل على مخالفة أئمة أهل البيت لأوامر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الشأن، فإضافة إلى ما مر هناك روايات - مثلاً - تنهى عن التكني بأبي بكر([221])، أو بأبي القاسم([222]) إذا كان الاسم محمداً. ورغم ذلك فهناك -مثلاً- من أبناء أمير المؤمنين رضي الله عنه من يكنى بأبي القاسم وبأبي بكر ويحملان اسم محمد([223]).
والمسألة فيها طول، ونختم بهذه الرواية – كما في كتب القوم - التي نهى فيها الكاظم وهو لا زال في المهد عن التسمية بأسماء أعداء أهل البيت ففيها دلالة أخرى على أهمية عامل الاسم، فعن يعقوب السراج قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وهو واقف على رأس أبي الحسن موسى عليه السلام وهو في المهد يساره طويلاً، فجلست حتى فرغ فقمت إليه، فقال: أدن من مولاك فسلم. فدنوت منه فسلمت. فرد علي بكلام فصيح ثم قال لي: اذهب فغير اسم ابنتك التي سميتها أمس، فإنه اسم يبغضه الله، وكانت ولدت لي ابنة فسميتها بالحميراء، فقال أبو عبد الله عليه السلام: انته إلى أمره ترشد، فغيرت اسمها([224]). والحميراء هو لقب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهو تصغير حمراء.
والروايات في الباب كثيرة، حتى عقد علماء الشيعة أبواباً كثيرة في مصنفاتهم في استحباب الأسماء وكراهيتها، فراجعها إن شئت([225]).

فضائل الصديق وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهما
لاشك أن علياً وكذا أهل بيته رضي الله عنهم يعرفون قدر خليفة رسول الله وابنته أم المؤمنين، ومنزلتهما وصحبتهما من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبلائهما لنصرة الإسلام بما لا يخفى على العدو فضلاً عن الصديق.
فها هو أبو جهل يقول: من جاء بمحمد أو دل عليه فله مائة بعير، أو جاء بابن أبي قحافة أو دل عليه فله مائة بعير([226]).
فجعل مكافأة من دل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصاحبه الصديق ورفيقه في الغار رضي الله عنه سواء.
وعلى ذكر قصة الهجرة فقد ذكروا أن الله عزوجل أوحى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم في قصة ليلة المبيت: آمرك أن تستصحب أبا بكر فإنه إن آنسك وساعدك ووازرك وثبت على ما يعاهدك ويعاقدك كان في الجنة من رفقائك، وفي غرفاتها من خلصائك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر: أرضيت أن تكون معي يا أبا بكر! تطلب كما أطلب، وتعرف بأنك أنت الذي تحملني على ما أدعيه، فتحمل عني أنواع العذاب؟ قال أبو بكر: يا رسول الله! أما أنا لو عشت عمر الدنيا أعذب في جميعها أشد عذاب لا ينزل علي موت مريح ولا فرج منج، وكان في ذلك محبتك لكان ذلك أحب إليَّ من أن أتنعم فيها، وأنا مالك لجميع ممالك ملوكها في مخالفتك، وهل أنا ومالي وولدي إلا فداؤك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا جرم أن اطلع الله على قلبك ووجد ما فيه موافقاً لما جرى على لسانك، جعلك مني بمنزلة السمع والبصر والرأس من الجسد، وبمنزلة الروح من البدن كعلي الذي هو مني كذلك([227]).
وعلى ذكر التشبيه بالمنزلة، فقد جاء عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أبا بكر مني بمنزلة السمع، وإن عمر مني بمنزلة البصر، وإن عثمان مني بمنزلة الفؤاد([228]).
وإذا كان الأمر كذلك فلا غرابة أن يشبِّه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر رضي الله عنه بنبيين من أولي العزم، وهما: إبراهيم وعيسى عليهما السلام([229]).
وعن سلمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: ما سبقكم أبو بكر بصوم ولا صلاة ولكن بشئ وقر في نفسه([230]).
كيف لا يقولها في صاحب الموقف العظيم يوم حروب الردة حيث قال: لا أحل عقدة عقدها رسول الله، ولا أنقصكم شيئاً مما أخذ منكم نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولأجاهدنكم، ولو منعتموني عقالاً مما أخذ منكم نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم لجاهدتكم عليه([231]).
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إنا لنرى أبا بكر أحق الناس بها - أي: الخلافة - إنه لصاحب الغار، وثاني اثنين، وإنا لنعرف له سنه، ولقد أمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالصلاة وهو حي([232]).
وعنه رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على جبل حراء إذ تحرك الجبل. فقال له: قر، فليس عليك إلا نبي وصديق شهيد([233]).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: رحم الله أبا بكر كان والله للقرآن تالياً، وعن المنكر ناهياً، وبذنبه عارفاً، ومن الله خائفاً، وعن الشبهات زاجراً، وبالمعروف آمراً وبالليل قائماً وبالنهار صائماً، فاق أصحابه ورعاً وكفافاً، وسادهم زهداً وعفافاً، فغضب الله على من أبغضه وطعن عليه([234]).
وقد تزوج علي من أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين بعد وفاته، وربى ابنه محمداً، وكان يقول: هو ابني من ظهر أبي بكر([235]).
وكان أبو بكر قد بعثها لرعاية فاطمة رضي الله عنها في مرضها، ثم غسلها وتكفينها بعد وفاتها رضي الله عنها.
وفي هذا رد على من زعم أنها مرضت وتوفيت ودفنت ليلاً دون علمه رضي الله عنهما لخلاف مزعوم بينهما.
فكيف ذلك وهو القائل رضي الله عنه مخاطباً علياً وفاطمة رضي الله عنهما: والله ما تركت الدار والمال، والأهل والعشيرة إلا ابتغاء مرضاة الله ومرضاة رسوله ومرضاتكم أهل البيت([236]). وقال: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحبُ إليّ من أن أصل من قرابتي([237])، وقال: ارقبوا محمداً في أهل بيته([238]).
ولشدة حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له وتدليلاً على عظمة الموالاة بينهما صاهره وتزوج ابنته عائشة رضي الله عنها ولها من العمر ست أو سبع سنوات، على خلاف في كتب التاريخ([239]).
وعائشة رضي الله عنها هي أم المؤمنين الصديقة المبرأة من فوق سبع سموات كما في سورة النور تكذيباً لأهل الإفك، وهي الغائبة الحاضرة في قلبه صلى الله عليه وآله وسلم، فعن علي رضي الله عنه قال: دخلت السوق فابتعت لحماً بدرهم وذرة بدرهم، فأتيت بهما فاطمة، حتى إذا فرغت من الخبز والطبخ قالت: لو أتيت أبي فدعوته، فخرجت وهو مضطجع يقول: أعوذ بالله من الجوع ضجيعاً. فقلت: يا رسول الله! عندنا طعام، فاتكأ علي ومضينا نحو فاطمة، فلما دخلنا قال: هلمي من طعامنا، ثم قال: اغرفي لعائشة فغرفت([240]).
وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه أنه سمع رجلا يسب عائشة فقال: اسكت مقبوحاً منبوحاً والله إنها لزوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة([241]).
وكان أزواجه صلى الله عليه وآله وسلم يعلمن شدة حبه صلى الله عليه وآله وسلم لها ان، فكن يهبن لياليهن لها كما فعلت سودة بنت زمعة بعد نزول آية التخيير([242])، وآية التخيير هي قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 28 - 29].

ومعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يطلق عائشة رضي الله عنها. فدل ذلك على أنها معه في الدار الآخرة. فتدبر!!
وعن الصادق عليه السلام قال: إنما خير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمكان عائشة، فاخترن الله ورسوله، ولم يكن لهن أن يخترن غير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ([243]).
وروى الصادق عن أبيه عن علي بن الحسين رضي الله عنهم قال: حدثني أبي أن أبا ذر قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه الذي قبض فيه إذ دعا بالسواك، فأرسل به إلى عائشة فقال: لتبلينه لي بريقك ففعلت، ثم أتي به فجعل يستاك به، ويقول بذلك: ريقي على ريقك يا حميراء([244]).
فلا غرابة إذاً أن سمَّى بعض الأئمة رحمهم الله بناتهم بعائشة، كالكاظم، والرضا، والهادي([245])رحمهم الله؛ فتأمل هذا أيضاً!! 

الثناء والتقدير المتبادل بين آل الصديق وآل علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين
وقد كانت الصديقة رضي الله عنها تحفظ قدر أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وتذكر فضائله ولا تكتمها، رغم كل ما حصل وقيل، وهذه روايات أوردها القوم من طرقهم ترد عليهم:
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت رجلاً كان أحب إلى رسول الله منه، وما رأيت امرأة كانت أحب إلى رسول الله من امرأته([246]).
وعنها رضي الله عنها قالت: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأقبل علي بن أبي طالب فقال: هذا سيد العرب([247]).
وعنها رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ذكر علي عبادة([248]).
وعنها رضي الله عنها قالت: زينوا مجالسكم بذكر علي([249]). وعنها رضي الله عنها قالت وقد ذكر عندها علي بن أبي طالب: كان من أكرم رجالنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ([250]).
وسئلت رضي الله عنها عنه فقالت: ذاك خير البشر، ولا يشك فيه إلا كافر([251]). وفي رواية: ذاك من خير البرية ولا يشك فيه إلا كافر([252]).
وقالت رضي الله عنها وقد سئلت: من كان أحب الناس إلى رسول الله؟ قالت: فاطمة. فقلت: إنما سألتك عن الرجال؟ قالت: زوجها. والله إنه كان صواماً قواماً، ولقد سالت نفس رسول الله في يده فردها إلى فيه([253]).
    وعنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما حضره الموت: ادعوا لي حبيبي. فقلت لهم: ادعوا له ابن أبي طالب، فوالله ما يريد غيره، فلما جاءه فرج الثوب الذي كان عليه ثم أدخله فيه، فلم يزل يحتضنه حتى قبض ويده عليه. وفي رواية: قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في بيتها لما حضره الموت: ادعوا لي حبيبي، فدعوت له أبا بكر فنظر إليه ثم وضع رأسه ثم قال: ادعوا لي حبيبي، فدعوت له عمر فلما نظر إليه قال: ادعوا لي حبيبي، فقلت: ويلكم ادعوا له علي بن أبي طالب فوالله ما يريد غيره، فلما رآه أفرج له الثوب الذي كان عليه ثم أدخله فيه ولم يزل يحتضنه حتى قبض ويده عليه([254]).
وقالت لأخيها محمد بن أبي بكر رضي الله عنه: إلزم علي بن أبي طالب فإني سمعت رسول الله يقول: الحق مع علي وعلي مع الحق لا يفترقان حتى يردا عليَّ الحوض([255]).
وعن جميع بن عمير قال: قالت عمتي لعائشة وأنا أسمع لها: أنت مسيرك إلى علي ما كان؟ قالت: دعينا منك، إنه ما كان من الرجال أحب إلى رسول الله من علي، ولا من النساء أحب إليه من فاطمة([256]).
وكانت تتذكر هذا المسير فتقول رضي الله عنها: والله لو كان لي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشرون كلهم ذكر مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فثكلتهم بموت أو قتل كان أيسر عليَّ من خروجي على علي ا([257]).
ومن الروايات التي ترد على الخلاف الموهوم بينهما رضي الله عنهما بسبب معركة الجمل، وأن ما حصل لم يكن سوى اجتهاد مأجور عليه.
قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد ذكر النبي خروج بعض نسائه فضحكت عائشة فقال: انظري يا حميراء لا تكونين هي. ثم التفت إلى علي فقال: يا أبا الحسن إن وليت من أمرها شيئا فارفق بها([258]).
     ومن الحقائق التي تخفى أو أخفيت عن البعض أن عائشة وطلحة والزبير رضي الله عنهم لم يخرجوا على أمير المؤمنين ولا إليه حيث كان في المدينة، بل خرجوا إلى البصرة بغرض الإصلاح، فتبعهم أمير المؤمنين علي رضي الله عنه.
     روى القوم أن علياً عليه السلام لما نزل بالربذة سئل البعض عن قدومه إليها، فقيل: خالف عليه طلحة والزبير وعائشة، وصاروا إلى البصرة، فخرج يريدهم، فصار إليه – أي الراوي - فجلست حتى صلى الظهر والعصر، فلما فرغ من صلاته قام إليه ابنه الحسن بن علي عليهما السلام فجلس بين يديه، ثم بكى، وقال: يا أمير المؤمنين، إني لا أستطيع أن أكلمك، وبكى. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: لا تبك يا بني، وتكلم، ولا تحن حنين الجارية. فقال: يا أمير المؤمنين، إن القوم حصروا عثمان يطلبونه بما يطلبونه، إما ظالمون أو مظلومون، فسألتك أن تعتزل الناس وتلحق بمكة حتى تؤوب العرب وتعود إليها أحلامها، وتأتيك وفودها، فوالله لو كنت في جحر ضب لضربت إليك العرب آباط الإبل حتى تستخرجك منه، ثم خالفك طلحة والزبير فسألتك أن لا تتبعهما وتدعهما، فإن اجتمعت الأمة فذاك، وإن اختلفت رضيت بما قضى الله، وأنا اليوم أسالك ألا تقدم العراق وأذكرك بالله أن لا تقتل بمضيعة. الرواية([259]).
     ومن قصص يوم الجمل قول علي عليه السلام: عرقبوه - أي جمل عائشة - فإنه شيطان وقال لمحمد بن أبي بكر: انظر إذا عرقب الجمل فأدرك أختك فوارها. ثم قال له: شأنك وأختك فلا يدن منها أحد سواك ([260]).
    وبعد إنتهاء معركة الجمل قالت عائشة لعلي عليه السلام: ملكت فاسجح فجهزها أحسن الجهاز وبعث معها بتسعين امرأة أو سبعين([261]).
    ونهى عليه السلام أن يتبع مول أو أن يجهز على جريح أو أن يقتل مستأسر. وقال: ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن تحيز إلى عسكر الإمام فهو آمن. ولم يأخذ أثقالهم، ولا سبى ذراريهم ولا غنم شيئا من أموالهم([262]).
عدنا إلى عائشة وفضائل علي رضي الله عنهما.
ولما بلغها قتله رضي الله عنه للخوارج قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: يقتلهم خير أمتي بعدي وفي رواية: هم شر الخلق والخليقة، يقتلهم خير الخلق والخليقة وأعظمهم عند الله تعالى يوم القيامة وسيلة. وفي أخرى: اللهم إنهم شرار أمتي يقتلهم خيار أمتي، وما كان بيني وبينه إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها([263]).
 
وغيرها كثير، فلم أُخفيت هذه وأُظهرت تلك وكلها من معين واحد.

روايات الصديقة عائشة في فضائل فاطمة رضي الله عنها
وعلى ذكر فاطمة رضي الله عنها ففضائلها التي روتها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في كتب القوم أكثر من أن تحصى، ولا بأس بذكر بعضها:
منها: أنها قالت: قلت: يا رسول الله! مالك إذا جاءت فاطمة قبّلتَها حتّى تجعل لسانك في فيها كله، كأنّك تريد أن تلعقها عسلاً؟! قال: نعم يا عائشة! إنّي لمّا أُسري بي إلى السماء أدخلني جبرئيل الجنة، فناولني منها تفّاحةً فأكلتها فصارت نطفةً في صلبي، فلمّا نزلت واقعت خديجة، ففاطمة من تلك النطفة، وهي حوراء إنسيّة، فكلّما اشتقت إلى الجنة شمت رائحة النبي([264]).
وعنها رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكثر تقبيل فاطمة ‘، فأنكرت ذلك عائشة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا عائشة. فما قبّلتها قطّ إلاّ وجدت رائحة شجرة طوبى منها([265]).
وعنها رضي الله عنها قالت: وكانت - أي: فاطمة رضي الله عنها - لا تحيض قط؛ لأنّها خلقت من تفاحة الجنّة([266]).
وعنها رضي الله عنها: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا حميراء! إن فاطمة ليست كنساء الآدمييّن، ولا تعتلّ كما يعتللن([267]).
وعنها رضي الله عنها قالت: أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال النبي: مرحباً بابنتي فأجلسها عن يمينه.([268]).
وعنها رضي الله عنها قالت: ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ودلاً وهدياً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ([269]).
وعنها رضي الله عنها قالت: ما رأيت قطّ أحداً أفضل من فاطمة غير أبيها([270]).
وعنها رضي الله عنها قالت: ما رأيت أحداً كان أشبهَ كلاماً وحديثاً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من فاطمة رضي الله عنها([271]).
وعنها رضي الله عنها قالت: ما رايت أحداً من الناس كان أشبه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم كلاماً ولا حديثاً ولا جلسة من فاطمة([272]).
وعنها رضي الله عنها أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يقبّل فاطمة فقالت له: أتحبّها يا رسول الله؟ قال: أما والله لو علمت حبّي لها لازددت لها حبّاً، إنّه لما عُرِج بي إلى السماء الرابعة أذّن جبرئيل وأقام ميكائيل، ثم قيل لي: ادن يا محمّد! فقلت: أتقدّم وأنت بحضرتي ياجبرئيل؟ قال: نعم، إنّ الله عزوجل  فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرّبين، وفضّلك أنت خاصّة. فدنوت فصلّيت بأهل السّماء الرّابعة، ثمّ التفتّ عن يميني فإذا أنا بابراهيم عليه السلام في روضة من رياض الجنّة، وقد اكتنفها جماعةٌ من الملائكة، ثمّ إنّي صرت إلى السّماء الخامسة، ومنها إلى السّادسة فنوديت: يا محمّد! نعم الأب أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك عليّ. فلمّا صرت إلى الحجب، أخذ جبرئيل عليه السلام بيدي فأدخلني الجنّة، فإذا أنا بشجرة من نور في أصلها ملكان يطويان الحليَّ والحلل. فقلت: حبيبي جبرئيل لمن هذه الشجرة؟ فقال: هذه لأخيك عليّ بن أبي طالب عليه السلام وهذان الملكان يطويان له الحليّ والحلل إلى يوم القيامة. ثمّ تقدّمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزَبد وأطيب رائحةً من المسك وأحلى من العسل، فأخذت رطبةً فأكلتها، فتحوّلت الرطبة نطفةً في صلبي، فلمّا أن هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، ففاطمة حوراءٌ إنسيّةٌ، فإذا اشتقت إلى الجنّة شممت رائحةَ فاطمة ‘([273]).
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم: لما جاء رسولَ الله الأجلُ فهبط ملك الموت فوقف شبه أعرابي ثمّ قال: السلامُ عليكم يا أهلَ بيت النّبوة! ومعدنَ الرسالة، ومختلفَ الملائكة! أدخلُ؟ فقالت عائشة لفاطمة: أجيبي الرجلَ([274]).
وعنها رضي الله عنها قالت: قال علي رضي الله عنه للنّبي صلى الله عليه وآله وسلم لما جلس بينه وبين فاطمة رضي الله عنها وهما مضطجعان: أيّنا أحبُّ إليك أنا أو هي؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: هي أحبُّ إليَّ، وأنت أعزُّ عليَّ منها([275]).
وعنها رضي الله عنها قالت في جواب من سألها عن علي رضي الله عنه: تسألني عن رجل والله ما أعلم رجلاً كان أحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من عليّ، ولا في الأرض امرأة أحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من فاطمة([276]).
وعنها رضي الله عنها قالت: أنّ فاطمة - رضي الله عنها - كانت إذا دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قام لها من مجلسه، وقبَّلَ رأسها، وأجلسها مجلسه، وإذا جاء إليها لقيته، وقبَّل كلّ واحد منهما صاحبه وجلسا معاً([277]).
وعنها رضي الله عنها أنّها قالت: وكانت إذا دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخذ بيدها فقبَّلها ورحّب بها وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت إليه، ورحّبت به، وأخذت بيده فقبّلتها([278]).
وعنها رضي الله عنها: كان النّبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا قَدِم من سَفَر قبَّلَ نحرَ فاطمة ‘، فقال: منها أشمُّ رائحةَ الجنّة([279]).
وعنها رضي الله عنها: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا اشتقتُ إلى الجنّة قَبَّلتُ نحرَ فاطمة([280]).
وعنها رضي الله عنها: كان النّبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا قَدم من مغازيه قبَّل فاطمة رضي الله عنها([281]).
وعنها رضي الله عنها: كان النّبي صلى الله عليه وآله وسلم كثيراً ما يقبّل عَرف فاطمة رضي الله عنها([282]).
وعن معاذ رضي الله عنه قال: يا عائشة! كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند شدّة وجعه؟ قالت رضي الله عنها: أمّا رسول الله فلم أقدر الثبات عنده، ولكن دونك هذه ابنته فاطمة، فاسألهْا فإنّهالم تزل إلى جانبه([283]).
وعنها رضي الله عنها: ما رأيت أحداً قطّ أصدق من فاطمة غير أبيها، قال: - أي الراوي - وكان بينهما شيء فقالت: يارسول الله! سلها فإنّها لا تكذب([284]).
وعنها رضي الله عنها قالت: كنّا نخيط، ونغزل، وننظم الأبرة باللّيل في ضوء وجه فاطمة ل([285]).
وعنها رضي الله عنها أنها قالت لفاطمة رضي الله عنها: ألا اُبشّرك؟ إنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: سيّدات نساء أهل الجنّة أربع: مريم بنت عمران، وفاطمة بنت محمد، وخديجة بنت خويلد، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون([286]).
وعنها رضي الله عنها عن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنّه قال: يا فاطمة! أبشري فإنّ الله اصطفاك على نساء العالمين، وعلى نساء الإسلام وهو خيرُ دين([287]).
وعنها رضي الله عنها أن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم قال - وهو في مرضه الّذي توفّي فيه -: يا فاطمة! ألا ترضينَ أن تكوني سيّدةَ نساء العالمين، وسيّدةَ نساء هذه الاُمّة، وسيّدة نساء المؤمنين([288]). وفي رواية: قالت: أسر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى فاطمة شيئا فضحكت، فسألتها قالت: قال لي: ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة أو نساء المؤمنين، فضحكت لذلك([289]).
وعنها وعن أمّ سلمة رضي الله عنهما قالتا: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نجهّز فاطمة حتّى ندخلها على علي، فعمدنا إلى البيت ففرشناه تراباً ليّنا من أعراض البطحاء، ثمّ حشونا مرفقتين ليفاً فنفشناه بأيدينا، ثمّ أطعمنا تمراً وزبيباً وسقينا ماءً عذباً، وعمدنا إلى عود فعرضناه في جانب البيت ليلقى عليه الثّوب ويعلَّق عليه السّقاء، فما رأينا عرساً أحسنَ من عرس فاطمة([290]).
وعنها رضي الله عنها قالت: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت عليّاً فقال: يا عائشة! لم يكن قطّ في الدّنيا أحد أحب إلى الله منه وأحب إلي منه ومن زوجته فاطمة ابنتي، ومن ولديه الحسن والحسين رضي الله عنهما. يا عائشة! تعلمين أيّ شيء رأيت لابنتي فاطمة ولبعلها؟ قالت: لا. فاخبرْني يا رسول الله! قال: يا عائشة! إنّ ابنتي سيّدة نساء العالمين، وإنّ بعلها لا يُقاس بأحد من النّاس، وإنّ ولديه الحسن والحسين هما ريحانتاي في الدّنيا والآخرة. يا عائشة! أنا وفاطمة والحسن والحسين وابن عميّ عليٌّ في غرفة من درّة بيضاء أساسها من رحمة الله تعالى وأطرافها من عفو الله تعالى ورضوانه، وهي تحت عرش الله تعالى، وبين علي وبين نور الله بابٌ ينظر إلى الله وينظر الله إليه، وذلك وقت يلجم الله النّاس بالعرق، على رأسه تاجٌ قد أضاء نوره ما بين المشرق والمغرب، وهو يرفل في حلّتين حمراوين. يا عائشة! خلقت ذريّة محبّينا من طينة تحت العرش، وخلٍقت ذريّة مبغضينا من طينة الخَبال وهي في جهنّم([291]).
وعنها رضي الله عنها: قال النّبي صلى الله عليه وآله وسلم: ينادي منادٍ يوم القيامة: غضّوا أبصاركم حتّى تمرّ فاطم بنت محمّد النّبي صلى الله عليه وآله وسلم ([292]).
وعنها رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كان يـومُ القيامة نادى منادٍ: يا معاشر الخلائق! طأطئوا رؤوسكم حتّى تجوز فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ([293]).
والحق: أن الروايات التي ذكرها القوم من طرقهم عن الصديقة عائشة في بيان فضائلهما رضي الله عنهم أجمعين كثيرة، وإنما أوردناها لنتساءل عن العلة والسر في ذكر القوم للروايات الموضوعة في العداء الموهوم بينهما رضي الله عنهما والتكتم عن ذكر الروايات السابقة وكلها من طرقهم وبذات الأسانيد.

روايات الصديق في فضائل أهل البيت رضي الله عنهم
وعلى أي حال نعود إلى ما كنا فيه من ذكر الصديق رضي الله عنه، ونورد هنا ما أورده القوم من طرقهم في بيان ذكر الصديق رضي الله عنه لفضائل علي رضي الله عنه، والحال هنا كالحال فيما مر من شأن ابنته رضي الله عنها.
فعن أبي بكر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى اله عليه وآله وسلم يقول: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة([294]).
وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: رأيت أبا بكر يكثر النظر إلى وجه علي، فقلت له: يا أبه! أراك تكثر النظر إلى وجه علي؟ فقال: يا بنية! سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: النظر إلى وجه علي عبادة([295]).
وعن الشعبي قال: مر علي بن أبي طالب على أبي بكر ومعه أصحابه رضي الله عنهم، فسلم عليهم ومضى، فقال أبو بكر رضي الله عنه: من سرَّه أن ينظر إلى أول الناس في الإسلام سبقاً، وأقرب الناس برسول الله قرابة فلينظر إلى علي بن أبي طالب([296]).
وعن أبي بكر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذلك لما سمع صوت خرج من النخلة. قال صلى الله عليه وآله وسلم: أتدرون ما قالت النخلة؟ قال أبو بكر: قلنا: الله ورسوله أعلم. قال صلى الله عليه وآله وسلم: صاحت: هذا محمد رسول الله، ووصيه علي بن أبي طالب([297]).
وقال أبو بكر لعلي رضي الله عنهما وكانا قد وقفا عند باب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أيهما يطرق الباب: أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن علياً يجئ يوم القيامة ومعه أولاده وزوجته على مراكب من البدن فيقول أهل القيامة: أي نبي هذا؟ فينادي مناد: هذا حبيب الله، هذا علي بن أبي طالب([298]).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما جاء أبو بكر وعلي رضي الله عنهما لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد وفاته بستة أيام قال علي لأبي بكر: تقدم - أي: في الدخول إلى الحجرة التي فيها القبر الشريف - فقال أبو بكر: يا علي! ما كنت لأتقدم رجلاً سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: علي مني كمنزلتي من ربي([299]).
وقال رضي الله عنه: أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله: من أراد أن ينظر إلى آدم وعلمه وإلى يوسف وحسنه، وإلى موسى وصلاته، وإلى عيسى وزهده، وإلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم وخلقه فلينظر إلى علي([300]).
وروي عنه أيضاً رضي الله عنه أنه قال: ما أنا بالذي يتقدم على رجل قال في حقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أعطيت خير النساء لخير الرجال([301]).
وروي عنه أيضاً رضي الله عنه أنه قال: أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أن جبريل أتاني فقال لي: يا محمد! إن الله عزوجل يقرؤك السلام ويقول لك: أنا أحبك وأحب علياً([302]).
وروي عنه أيضاً رضي الله عنه أنه قال: أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله - يوم حنين وخيبر وقد أهدي إليه تمر ولبن -: هذه هدية من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب([303]).
وروي عنه أيضاً رضي الله عنه أنه قال: أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسلم: بين قصري وقصر إبراهيم الخليل، قصر علي بن أبي طالب([304]).
وروي عنه أيضاً رضي الله عنه أنه قال: أنا لا أتقدم على رجل قال في حقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يجيء علي على مركب من مراكب الجنة، فينادى مناد: يا محمد! كان لك في الدنيا والد حسن، وأخ حسن، أما الوالد الحسن فأبوك إبراهيم الخليل، وأما الأخ الحسن فعلي بن أبي طالب ا([305]).
وعن قيس بن أبي حازم قال: التقى أبو بكر وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما فتبسم أبو بكر في وجه علي رضي الله عنهما فقال علي رضي الله عنه له: مالك تبسمت؟ قال رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا يجوز أحد الصراط إلا من كتب له علي الجواز([306]).
وعن الحبشي بن جنادة قال: كنت جالساً عند أبي بكر الصديق فقال: من كانت له عند رسول الله عدة فليقم. فقام رجل فقال: إنه قد وعدني ثلاث حثيات من تمر. فقال أبو بكر: أرسلوا إلى علي فجاء فقال أبو بكر: يا أبا الحسن! إن هذا يزعم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعده أن يحثي له ثلاث حثيات من تمر، فاحثها له، فحثاها. فقال أبو بكر: عدوها، فوجدوا في كل حثية ستين تمرة لا تزيد واحدة على الأخرى. فقال أبو بكر: صدق الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الهجرة ونحن خارجون من الغار نريد المدينة -: يا أبا بكر! كفي وكف علي في العدل سواء. وورد أيضاً في العدد بدلاً عن في العدل)([307]).
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: حدثني أبو بكر قال: سمعت أبا هريرة يقول: جئت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين يديه تمر، فسلمت عليه، فرد علي وناولني من التمر ملء كفه، فعددته ثلاثاً وسبعين تمرة، ثم مضيت من عنده إلى عند علي بن أبي طالب عليه السلام وبين يديه تمر، فسلمت عليه، فرد علي وضحك إلي وناولني من التمر ملء كفه فعددته فإذا هو ثلاث وسبعون تمرة، فكثر تعجبي من ذلك، فرجعت إلى النبي فقلت: يا رسول الله! جئتك وبين يديك تمر فناولتني ملء كفك، فعددته ثلاثاً وسبعين تمرة، ثم مضيت إلى عند علي بن أبي طالب وبين يديه تمر فناولني ملء كفه فعددته ثلاثاً وسبعين، فتعجبت من ذلك، فتبسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: يا أبا هريرة! أما علمت أن يدي ويد علي في العدل سواء([308]).
وعن أبي الأسود الدؤلي قال: سمعت أبا بكر يقول: أيها الناس! عليكم بعلي بن أبي طالب فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: علي خير من طلعت عليه الشمس وغربت بعدي([309]).
وعن أبي رافع، قال: كنت قاعداً بعد ما بايع الناس أبا بكر، فسمعت أبا بكر يقول للعباس: أنشدك الله! هل أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جمع بني عبد المطلب وأولادهم وأنت فيهم وجمعكم دون قريش، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: يا بني عبد المطلب! إنه لم يبعث الله نبياً إلا جعل له من أهله أخاً ووزيراً ووصياً وخليفة في أهله، فمن منكم يقوم ويبايعني على أن يكون أخي ووزيري ووصيي وخليفتي في أهلي؟ فلم يقم منكم أحد. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: يا بني عبد المطلب! كونوا في الإسلام رؤساء ولا تكونوا أذناباً، والله ليقومن قائمكم أو لتكونن في غيركم ثم لتندمن، فقام علي من بينكم، فبايعه على ما شرط له ودعا إليه، أتعلم هذا له من رسول الله ص؟ قال العباس: نعم([310]).
وعن أنس بن مالك قال: قال أبو بكر عند موته: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن على الصراط لعقبة لا يجوزها أحد إلا بجواز من علي بن أبي طالب([311]).
وعن أبي بكر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيم خيمة وهو متكئ على قوس عربية، وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين فقال: يا معشر المسلمين! أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة، وحرب لمن حاربهم، لا يحبهم إلا سعيد الجد، طيب الولادة، ولا يبغضهم إلا شقي الجد، رديء الولادة. فقال رجل لزيد - راوي الحديث -: يا زيد، أأنت سمعت هذا منه - أي: من أبي بكر؟ قال زيد: أي ورب الكعبة([312]).
وعن أبي بكر في تفسير قوله تعالى: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) [الشورى: 23] أنه قال: ارقبوا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم في أهل بيته([313]).

وعن عثمان بن عفان، عن عمر بن الخطاب، عن أبي بكر بن أبي قحافة رضي الله عنهم، قال: سمعت رسول الله يقول: إن الله تبارك وتعالى خلق من نور وجه علي بن أبي طالب ملائكة يسبحون ويقدسون ويكتبون ثواب ذلك لمحبيه ومحبي ولده([314]).
فلا يفوتك أن تتدبر في سند هذه الرواية.
ومثلها عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، قال: سمعت أبا بكر بن أبي قحافة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن الله تعالى خلق من نورٍ وجه علي بن أبي طالب سبعين ألف ألف ملك يسبحون ويقدسون ويكتبون ذلك لمحبيه ومحبي ولده([315]).
وعن أبي بكر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: علي عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ([316]).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن عن يمنى العرش كراسي من نور عليها أقوام تلألأ وجوههم نوراً. فقال أبو بكر: أنا منهم يا نبي الله؟ قال: أنت على خير. قال: فقال عمر: يا نبي الله أنا منهم؟ فقال له مثل ذلك، ولكنهم [كذا] قوم تحابوا من أجلي، وهم هذا وشيعته، وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب([317]).
وعن ابن عمر رضي الله عنه: أن اليهود جاءوا إلى أبي بكر فقالوا: صف لنا صاحبك. فقال: يا معشر اليهود! لقد كنت معه في الغار كأصبعي هاتين، ولقد صعدت معه جبل حرا وخنصري في خنصره، ولكن الحديث عنه شديد وهذا علي بن أبي طالب. فأتوا علي بن أبي طالب وقالوا: يا أبا الحسن! صف لنا ابن عمك، فوصفه لهم ص([318]).
وفي رواية: أن أبا بكر صلَّى العصر ثم خرج يمشي ومعه علي، فرأى الحسن يلعب بين الصبيان، فحمله أبو بكر على عاتقه، وقال: بأبي شبيه بالنبي ليس شبيهاً بعلي، وعلي يضحك([319]).
ولما قَتل علي عمرو بن ود، قام أبو بكر وقبل رأسه. وفي رواية: أبو بكر وعمر([320]).
وعن أم جعفر: أن فاطمة رضي الله عنها قالت لأسماء بنت عميس رضي الله عنها: إني أستقبح ما يصنع بالنساء، يطرح على المرأة الثوب فيصفها، قالت: يا ابنة رسول الله! ألا أريك شيئاً رأيته بالحبشة؟ فدعت بجرائد رطبة فحنتها، ثم طرحت عليها ثوباً. فقالت فاطمة: ما أحسن هذا وأجمله! إذا مت فغسليني أنت وعلي ولا يدخلن أحد عليَّ. فلما توفيت جاءت عائشة لتدخل، فقالت أسماء: لا تدخلي. فشكت إلى أبي بكر. فجاء، فوقف على الباب، فكلم أسماء. فقالت: هي أمرتني. قال: فاصنعي ما أمرتك، ثم انصرف([321]).
وكان أبو بكر رضى الله عنه كثيراً ما يعمل بما يشير به علي رضى الله عنه عند بعث الجنود، ولا يأذن له بالخروج مع المجاهدين؛ حرصاً على بقائه معه للانتفاع برأيه ومشورته، كاستشارته رضي الله عنه علياً في غزوة الروم، وتشير علي عليه السلام إياه بالفتح، فقال أبو بكر لعلي رضي الله عنهما عند عزمه فتح الروم: ماذا ترى يا أبا الحسن؟ فقال: أرى أنك إن سرت إليهم بنفسك أو بعثت إليهم نصرت عليهم إن شاء الله. فقال: بشرك الله بخير ومن أين علمت ذلك؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا يزال هذا الدين ظاهراً على كل من ناواه حتى يقوم الدين والله ظاهرون فقال: سبحان الله! ما أحسن هذا الحديث، لقد سررتني به سرك الله([322]).
ومنها: رجوعه رضي الله عنه إلى رأي على رضي الله عنه في قتال أهل الردة، وقد شاوره في قتالهم بعد أن شاور الصحابة فاختلفوا عليه، فقال له: ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال: أقول لك: إن تركت شيئاً مما أخذه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منهم فأنت على خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال: أما إن قلت ذلك لأقاتلنهم وإن منعوني عقالاً([323]).
ودوره وكذا دور صاحبيه رضي الله عنهم في قصة زواجه من الزهراء رضي الله عنها لا يخفى، فقد ذكرت الروايات عنه أنه قال: أتاني أبو بكر وعمر فقالا: لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت له فاطمة. الرواية([324]).
وروى القوم: أن أبا بكر وعمر كانا ذات يومٍ جالسين في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعهما سعد بن معاذ الأنصاري، فتذاكروا من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال أبو بكر: قد خطبها الأشراف من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: إن أمرها إلى ربها إن شاء أن يزوجها زوجها، وإن علي بن أبي طالب لم يخطبها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يذكرها له ولا أراه يمنعه من ذلك إلا قلة ذات اليد، وإنه ليقع في نفسي أن الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم إنما يحبسانها عليه. قال: ثم أقبل أبو بكر على عمر بن الخطاب وعلى سعد بن معاذ، فقال: هل لكما في القيام إلى علي بن أبي طالب حتى نذكر له هذا، فإن منعه قلة ذات اليد واسيناه وأسعفناه؟ فقال له سعد بن معاذ: وفقك الله يا أبا بكر! فما زلت موفقاً، قوموا بنا على بركة الله ويمنه. قال سلمان الفارسي: فخرجوا من المسجد والتمسوا علياً، فقال له أبو بكر: يا أبا الحسن! إنه لم يبق خصلة من خصال الخير إلا ولك فيها سابقة، وأنت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمكان الذي عرفت من القرابة والصحبة والسابقة، وقد خطب الأشراف من قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابنته فاطمة فردهم. وقال: إن أمرها إلى ربها، إن شاء أن يزوجها زوجها، فما يمنعك أن تذكرها لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتخطبها منه، فإني أرجو أن يكون الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم إنما يحبسانها عليك، قال: فتغرغرت عينا علي بالدموع وقال: يا أبا بكر! لقد هيجت مني ساكناً، وأيقظتني لأمر كنت عنه غافلاً، والله إن فاطمة لموضع رغبة، وما مثلي قعد عن مثلها غير أنه يمنعني من ذلك قلة ذات اليد. فقال أبو بكر: لا تقل هذا يا أبا الحسن! فإن الدنيا وما فيها عند الله تعالى ورسوله كهباء منثور. الرواية([325]).
وقال رضي الله عنه ذاكراً لذلك: فخرجت من عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسرعاً وأنا لا أعقل فرحاً وسروراً، فاستقبلني أبو بكر وعمر فقالا: ما وراءك؟ فقلت: زوجني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابنته فاطمة، وأخبرني أن الله عزوجل زوجنيها من السماء، وهذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خارج في أثري ليظهر ذلك بحضرة الناس، ففرحا بذلك فرحاً شديداً، ورجعا إلى المسجد([326]).
وحصل ذلك الفرح منهما رضي الله عنهما على الرغم من انهما قد طلبا الزهراء من أبيها صلى الله عليه وآله وسلم مراراً كما تذكر روايات القوم([327]).
     وروايات زواج الأمير من الزهراء رضي الله عنهما لا تخلو من دلائل على منزلة الصديق وتقديمة، كقول الأمير رضي الله عنه: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قم فبع الدرع، فقمت فبعته وأخذت الثمن ودخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فسكبت الدراهم في حجره، فلم يسألني كم هي ولا أنا أخبرته، ثم قبض قبضة ودعا بلالا فأعطاه وقال: ابتع لفاطمة طيبا. ثم قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الدراهم بكلتا يديه فأعطاها أبا بكر وقال: ابتع لفاطمة ما يصلحها من ثياب وأثاث البيت، وأردفه بعمار بن ياسر وبعدة من أصحابه، فحضروا السوق فكانوا يعرضون الشئ مما يصلح فلا يشترونه حتى يعرضوه على أبي بكر فان استصلحه اشتروه([328]).
وكذلك كان موقف عثمان رضي الله عنه في شأن هذه الزيجة، فعن علي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: يا أبا الحسن! انطلق الآن فبع درعك وائتني بثمنه حتى أهيئ لك ولابنتي فاطمة ما يصلحكما. قال علي: فانطلقت فبعته بأربعمائة درهم سود هجرية من عثمان بن عفان، فلما قبضت الدراهم منه وقبض الدرع مني قال: يا أبا الحسن! ألست أولى بالدرع منك وأنت أولى بالدراهم مني. فقلت: بلى. قال: فإن الدرع هدية مني إليك فأخذت الدرع والدراهم، وأقبلت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فطرحت الدرع والدراهم بين يديه، وأخبرته بما كان من أمر عثمان، فدعا له بخير. وقبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبضة من الدراهم، ودعا بأبي بكر فدفعها إليه، وقال: يا أبا بكر! اشتر بهذه الدراهم لابنتي ما يصلح لها في بيتها([329]).
وفضائل الصديق رضي الله عنه كثيرة، وحسبنا قول الأمير رضي الله عنه مراراً وتكراراً على منبر الكوفة: لا أوتى برجل يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري([330]).
وقوله رضي الله عنه: خير هذه الأمة بعد نبيها: أبو بكر وعمر([331]).
وقوله رضي الله عنه: خير الناس بعد النبيين: أبو بكر ثم عمر([332]).
كيف لا يقولها وقد علم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر([333]).
وكثيراً ما كان علي رضي الله عنه يمدحهما بعد وفاتهما رضي الله عنهما ويقول: إن الله سبحانه بعث محمداً، فأنقذ به من الضلالة، ونعش به من الهلكة، وجمع به بعد الفرقة، ثم قبضه الله إليه وقد أدى ما عليه، فاستخلف الناس أبا بكر، ثم استخلف أبو بكر عمر، فأحسنا السيرة وعدلا في الأمة، وقد وجدنا عليهما أن توليا الأمر دوننا، ونحن آل رسول الله وأحق بالأمر، فغفرنا ذلك لهما([334]).
     وقال رضي الله عنه: إن الله بحسن صنعه وقدره وتدبيره اختار الإسلام دينا لنفسه وملائكته ورسله وبعث به أنبياءه إلى عباده فكان مما أكرم الله هذه الأمة وخصهم به من الفضل أن بعث محمدا صلى الله عليه وآله إليهم فعلمهم الكتاب والحكمة والسنة والفرائض وأدبهم لكيما يهتدوا وجمعهم لكيما لا يتفرقوا وزكاهم لكيما يتطهروا فلما قضى من ذلك ما عليه قبضه الله إليه فعليه صلوات الله وسلامه ورحمته ورضوانه. ثم إن المسلمين من بعده استخلفوا أميرين منهم صالحين أحييا السيرة ولم يعدوا السنة([335]).
وقال رضي الله عنه: فتولى أبو بكر تلك الأمور، وسدد وقارب واقتصد، وتولى عمر الأمر فكان مرضي السيرة ميمون النقيبة([336]).
وقال لأبي سفيان: لولا أنا رأينا أبا بكر لها أهلاً لما تركناه([337])، وهو رضي الله عنه يؤكد بهذا على مسألة الشورى في تولي الخلافة.
وكتب القوم مليئة بمثل هذه الروايات ومن ذلك قوله رضي الله عنه لمعاوية: إن الناس تبع المهاجرين والأنصار وهم شهود للمسلمين في البلاد على ولاتهم وأمراء دينهم، فرضوا بي وبايعوني، ولست أستحل أن أدع ضرب معاوية يحكم على هذه الأمة، ويركبهم ويشق عصاهم([338]).
فلما بلغ معاوية ذلك قال: ليس كما يقول، فما بال من هو هاهنا من المهاجرين والأنصار لم يدخلوا في هذا الأمر؟ فقال: ويْحَكُم! هذا للبدريين دون الصحابة، وليس في الأرض بدري إلا وقد بايعني وهو معي، أو قد أقام ورضي، فلا يغرنكم معاوية من أنفسكم ودينكم([339]).
ولما قيل له رضي الله عنه: ألا توصي؟ قال: ما أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأوصي، ولكن إن أراد الله بالناس خيراً فسيجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم.
وروى صعصعة بن صوحان: أن ابن ملجم - لعنه الله - لما ضربه عليه السلام دخلنا إليه فقلنا: يا أمير المؤمنين! استخلف علينا. قال: لا. فإنا دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين ثقل فقلنا: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استخلف علينا. فقال: لا. إني أخاف أن تتفرقوا عنه كما تفرقت بنو إسرائيل عن هارون، ولكن إن يعلم الله في قلوبكم خيراً اختار لكم([340]).
وعن جعفر الصادق عن أبيه: أن رجلاً من قريش جاء إلى أمير المؤمنين فقال سمعتك تقول في الخطبة آنفاً: اللهم أصلحنا بما أصلحت به الخلفاء الراشدين، فمن هم؟ قال: حبيباي وعماي: أبو بكر وعمر، إماما الهدى وشيخا الإسلام ورجلا قريش، والمقتدى بهما بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، من اقتدى بهما عُصم، ومن اتبع آثارهما هُدي إلى صراط مستقيم([341]).
وكان من دلائل اقتدائه بهما: أنه لما كلم في رد فدك فقال: إني لأستحي من الله أن أرد شيئاً منع منه أبو بكر وأمضاه عمر([342]).
بل وكان رضي الله عنه يحث غيرة للاقتداء بهما، كما يروي القوم: أنه قال لعثمان: وما ابن قحافة ولا ابن الخطاب بأولى بعمل الحق منك، وأنت أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشيجة رحم منهما، وقد نلت من صهره ما لم ينالا([343]).
فما كان له رضي الله عنه أن يدعوه إلى ذلك لو لا أنه رأى فيهما ما يستوجب الاقتداء بسيرتهما الحسنة وعملهما بالحق، واتباعهما لسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
. لم لا وهو القائل في خلافتهما رضي الله عنهم أجمعين: فلم أر بحمد الله إلا خيراً([344]).
ولم لا وهو يتذكر قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإخباره له بما يلقى بعده فسأله: فعلام أقاتلهم؟ قال: على الإحداث في الدين ومخالفة الأمر([345]).
فهل قاتلهم علي رضي الله عنهم أجمعين؟
وكان كثيرا ما يؤكد تمسكهما بهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فعن الضحاك بن مزاحم عن علي عليه السلام قال: كان خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يحبس شيئاً لغد، وكان أبو بكر يفعل([346]).
لذا تولاهما وبايعهما، وقد أقر بهذا علماء الشيعة، فيقول آل كاشف الغطاء: وحين رأى أن الخليفتين -أعني: الخليفة الأول والثاني، أي: أبو بكر وعمر - بذلا أقصى الجهد في نشر كلمة التوحيد وتجهيز الجنود وتوسيع الفتوح ولم يستأثرا ولم يستبدا بايع وسالم([347]).
ومقولة آل كاشف الغطاء هذه تذكرني بأقوال أخرى في الباب، كقوله أيضاً بأن أخبار أئمة الشيعة النهي عن ذلك، أي: سب الصحابة([348]).
وقول آخرين كقول الصدر: أن الصحابة بوصفهم الطليعة المؤمنة والمستنيرة كانوا أفضل وأصلح بذرة لنشوء أمة رسالية، حتى أن تاريخ الإنسان لم يشهد جيلاً عقائدياً أروع وأنبل وأطهر من الجيل الذي أنشأه الرسول القائد([349]).
وقول محمد جواد مغنية الذي ينفي أن يكون لسب الخصوم السياسيين لأهل البيت صلة في التشيع([350]).
وقول الدكتور أحمد الوائلي: الذي يقطع بأن السب لم يظهر على لسان أحد من شيعة علي عليه السلام، لا في عهد علي عليه السلام ولا بعده في الجيل الأول من أجيال التابعين([351]).
وقد كان علي رضي الله عنه مستشاراً للخليفتين ووزيراً لهما، وهذا أحب إليه من إمرة المؤمنين، حيث كان كثيراً ما يردد: أنا لكم وزيراً خير لكم مني أمير. ([352])
وكتب الشيعة مليئة بروايات قضاياه وأحكامه في عهدهم رضي الله عنهم، حتى جعلوا لذالك أبواباً مستقلة في مصنفاتهم، كباب: باب: قضاياه صلوات الله عليه، وما هدى قومه إليه مما أشكل عليهم من مصالحهم([353]).
وكان يستمد شرعية حكمه عندما اضطربت عليه الأمور من طريقة بيعتهما رضي الله عنهم أجمعين، حيث كان يقول: إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار فإن اجتمعوا على رجل وسمَّوه إماماً كان ذلك لله رضاً؛ فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه؛ فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين([354]).
وعلى أي حال فالأمر فيه طول ونكتفي بما ذكرنا.
ولم يكن شأن أولاده وأحفاده مختلفاً عنه رضي الله عنه في حبه ومودته وتعظيمه للصحابة وعلى رأسهم الشيخين: أبي بكر وعمر رضي الله عنهما،  فهذا الصادق عليه السلام يفتخر ويقول: ولدني أبو بكر مرتين([355])، وذلك أن أمه هي أم فروة بنت القاسم بن أبي بكر، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ([356]).
وكان عليه السلام يحث أصحابه على تولي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما،  كما قال لأم خالد: توليهما؟ فقالت: فأقول لربي إذا لقيته: إنك أمرتني بولايتهما. قال: نعم([357]).
وروي عنه رحمه الله أنه كان يتولاهما ويأتي القبر فيسلم عليهما مع تسليمه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم([358]).
وهذا أبوه الباقر عليه السلام لما سئل: أرأيت أبا بكر وعمر هل ظلماكم من حقكم شيئاً - أو قال -: ذهبا من حقكم بشيء؟ فقال: لا. والذي أنزل القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيراً ما ظلمانا من حقنا مثقال حبة من خردل. قلت: جعلت فداك أفأتولاهما؟ قال: نعم ويحك! تولهما في الدنيا والآخرة، وما أصابك ففي عنقي. ثم قال: فعل الله بالمغيرة وبنان، فإنهما كذبا علينا أهل البيت([359]).
وكذا فعل عمه الإمام زيد بن علي رحمهما الله حيث رفض أن يتبرأ منهما، بل وسمى من لم يتولاهما بالرافضة، بل وقال: أعلم والله أن البراءة من الشيخين البراءة من علي.
وفي رواية: أقبل إليه نفر من أصحابه الذين كانوا قد بايعوه فقالوا له: إنا قد بايعناك وإنا خارجون معك، ولكن ما تقول في هذين الرجلين الظالمين: أبي بكر وعمر؟ فقال زيد بن علي: مهلاً! لا تقولوا فيهما إلا خيراً، فإني لا أقول فيهما إلا خيراً، ولا سمعت من آبائي أحداً يقول فيهما إلا خيراً. فغضب القوم ثم قالوا: إن جعفر بن محمد هو أحق بهذا الأمر منك، ثم تركوه وصاروا إلى جعفر بن محمد بالمدينة، فدخلوا وسلموا عليه وقالوا: يا بن رسول الله! إنا كنا بايعنا عمك زيد بن علي وهممنا بالخروج معه، ثم إنا سألناه عن أبي بكر وعمر فذكر أنه لا يقول فيهما إلا خيراً، قال: فقال جعفر بن محمد: وأنا لا أقول فيهما إلا خيراً، فاتقوا الله ربكم، وإن كنتم بايعتم عمي زيد بن علي فوفوا له بالبيعة وقوموا بحقه، فإنه أحق بهذا الأمر من غيره ومني([360]).
وهذا الإمام الجواد عليه السلام يقول في معرض كلامه عن بعض المرويات في الفضائل: لست بمنكر فضائل عمر، ولكن أبا بكر أفضل من عمر([361]).
ونكتفي بهذه الروايات في فضائل أبي بكر رضي الله عنه والذي سماه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالصديق، والذي يروي القوم أن عروة بن عبد الله سأل الباقر عليه السلام عن حلية السيوف؟ فقال: لا بأس به، قد حلَّى أبو بكر الصديق سيفه، فقال: فتقول الصديق؟ قال: فوثب وثبة واستقبل القبلة وقال: نعم الصديق، نعم الصديق، نعم الصديق، فمن لم يقل له: الصديق فلا صدق الله له قولاً في الدنيا ولا في الآخرة([362]).
ويقيناً أن الباقر رحمه الله يذكر وهو يقول هذا، قصة الرجل الذي جاء إلي أبيه زين العابدين رحمه الله وقال له "كما يروي الباقر نفسه": أخبرني عن أبي بكر فقال زين العابدين: عن الصديق ؟ فقال وتسميه الصديق، فقال ثكلتك أمك قد سماه صديقا رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار ومن لم يسمه صديقا فلا صدق الله عز وجل قوله في الدنيا والآخرة اذهب فأحب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما([363]).
وعلى ذكر حلية السيف، فقد ذكر القوم عن عبد الله بن الزبير الأسدي وكان في صحابة محمد بن عبد الله بن الحسن الملقب بالنفس الزكية، قال: رأيت محمد بن عبد الله عليه سيف محلى يوم خرج، فقلت له: أتلبس سيفاً محلى؟ فقال: أي بأس بذلك؟ قد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يلبسون السيوف المحلاة([364]).
ويناسب المقام هنا أن نذكر أن هذا كان حال أصحاب علي رضي الله عنه أيضاً في مديحهم للشيخين رضي الله عنهما.
فهذا مالك بن الأشتر، أشجع أصحاب أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، يقول في حق الشيخين: أيها الناس! إن الله تبارك وتعالى بعث فيكم رسوله محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بشيراً ونذيراً، وأنزل عليه كتاباً بين فيه الحلال والحرام والفرائض والسنن، ثم قبضه إليه وقد أدى ما كان عليه، ثم استخلف على الناس أبا بكر فسار بسيرته واستسن بسنته، واستخلف أبو بكر عمر فاستسن بمثل تلك السنة.
وفي موقف آخر قال: أما بعد: فإن الله تبارك وتعالى أكرم هذه الأمة برسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فجمع به كلمتها وأظهرها على الناس، فلبث بذلك ما شاء الله أن يلبث ثم قبضه الله عزوجل إلى رضوانه، ومحل جنانه صلى الله عليه وآله وسلم كثيراً، ثم ولي من بعده قوم صالحون عملوا بكتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وجزاهم بأحسن ما أسلفوا من الصالحات([365]).

فضائل الفاروق عمر رضي الله عنه
أما الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإليك بعض ما أورده القوم في كتبهم لتقف على فضله ومنزلته من خلال رواياتهم عن أئمتهم وأقوال علمائهم:
فكما مر بك آنفاً من تشبيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر رضي الله عنه بإبراهيم وعيسى رضي الله عنه، فقد شبه عمر بنوح وموسى إ([366]).
وكما شبه منزلة أبي بكر منه بمنزلة السمع، فقد شبه منزلة عمر منه بالبصر([367]).
وكان صلى الله عليه وآله وسلم يعرف قدره، ويقدر رأيه، فقد روي أن المسلمين لما كانوا بإزاء الروم إذ أصاب الناس جوع، فجاءت الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاستأذنوه في نحر الإبل، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى عمر بن الخطاب، فقال: ما ترى فإن الأنصار جاءونى يستأذنوني في نحر الإبل؟ فقال: يا نبي الله، فكيف لنا إذا لقينا العدو غداً رجالاً جياعاً؟ فقال: ما ترى؟ قال: مر أبا طلحة فلينادِ في الناس بعزمة منك: لا يبقى أحد عنده طعام إلا جاء به، وبسط الأنطاع فجعل الرجل يجيء بالمد ونصف المد، فكان جميع ماجاءوا به سبعة وعشرين صاعاً أو ثمانية وعشرين صاعاً لا يجاوز الثلاثين، واجتمع الناس يومئذ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم يومئذ أربعة آلاف رجل، فدعا رسول الله ثم أدخل يده في الطعام، فأكلوا جميعاً وبقي كثير من الطعام([368]). فاسأل نفسك عن علة استشارته صلى الله عليه وآله وسلم لعمر رضي الله عنه من دون هؤلاء الأربعة آلاف؟
وكان صلى الله عليه وآله وسلم يذكره إذا ما أُهدي إليه شيئاً، فعن تميم الداري رضي الله عنه قال: أهدي فرس لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقال له: الورد، فأعطاه عمر([369]).
وكان صلى الله عليه وآله وسلم كثيراً ما يبشره بالآخرة، فعندما قال له الفاروق رضي الله عنه: لأنت أكرم على الله من قيصر وكسرى وما هما فيه من الدنيا وأنت على الحصير قد أثر في جنبك، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أما ترضى أن يكون لهم الدنيا ولنا الآخرة([370]).
وفي أخرى: قال رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله! أنت نبي الله وصفوته وخيرته من خلقه، وكسرى وقيصر على سرر الذهب وفرش الديباج والحرير، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أولئك قوم عجلت طيباتهم وهي وشيكة الانقطاع، وإنما أخرت لنا طيباتنا([371]).

إقرار أهل البيت رضي الله عنهم بفضائل الفاروق رضي الله عنه 
كان حب علي رضي الله عنه لعمر الفاروق أمراً ظاهراً، اقرأ معي هذه الروايات التي أسوقها لك من كتب القوم، فقد جاء في نهج البلاغة وهو من أعظم كتب الشيعة منزلة، حتى قالوا فيه: كتاب كأن الله رصع لفظه بـجوهر آيات الكتاب المنزل)، وبلغت شروحه ثمانين كتاباً، جاء فيه: أن علياً عليه السلام قال لعمر بن الخطاب لما شاوره في الخروج إلى غزو الروم: إنك متى تسر إلى هذا العدو بنفسك فتلقهم فتنكب لا تكن للمسلمين كانفة دون أقصى بلادهم، ليس بعدك مرجع يرجعون إليه، فابعث إليهم رجلاً محرباً، واحفز معه أهل البلاء والنصيحة، فإن ظهر الله فذاك ما تحب، وإن تكن الأخرى، كنت ردءاً للناس ومثابة للمسلمين([372]).
وعندما استشاره لقتال الفرس بنفسه قال له: إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلة، وهو دين الله الذي أظهره، وجنده الذي أعده وأمده حتى بلغ ما بلغ وطلع حيث طلع، ونحن على موعود من الله، والله منجز وعده، وناصر جنده، ومكان القيم بالأمر مكان النظام من الخرز يجمعه ولا يضمه، فإن انقطع النظام تفرق الخرز وذهب، ثم لم يجتمع بحذافيره أبداً. والعرب اليوم وإن كانوا قليلاً فهم كثيرون بالإسلام، عزيزون بالاجتماع، فكن قطباً واستدر الرحى بالعرب، واصلهم دونك نار الحرب، فإنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها، حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهم إليك مما بين يديك، إن الأعاجم إن ينظروا إليك غداً يقولوا: هذا أصل العرب، فإذا قطعتموه استرحتم، فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك، وطمعهم فيك([373]).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: رحم الله أبا حفص عمر! كان والله حليف الإسلام، ومأوى الأيتام، ومنتهى الإحسان، ومحل الإيمان، وكهف الضعفاء، ومعقل الحنفاء، قام بحق الله عزوجل صابراً محتسباً، حتى أوضح الدين وفتح البلاد وأمن العباد، فأعقب الله على من تنقصه اللعنة إلى يوم الدين([374]).
ولما طعن عمر رضي الله عنه دخل عليه هو وعلي رضي الله عنهما فقال: سمعنا صوت أم كلثوم: واعمراه! وكان معها نسوة يبكين فارتج البيت بكاءً، فقال عمر: ويل عمر! إن الله لم يغفر له! فقلت: والله إني لأرجو ألا تراها إلا مقدار ما قال الله تعالى: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا) [مريم: 71] إن كنت ما علمنا لأمير المؤمنين وسيد المسلمين تقضى بالكتاب وتقسم بالسوية. فأعجبه قولي فاستوى جالساً فقال: أتشهد لي بهذا يا ابن عباس؟ فكععت - أي: جبنت - فضرب علي عليه السلام بين كتفي وقال: أشهد. وفي رواية: لم تجزع يا أمير المؤمنين؟ فوالله لقد كان إسلامك عزاً، وإمارتك فتحاً، ولقد ملأت الأرض عدلاً. فقال: أتشهد لي بذلك يا ابن عباس؟ قال: فكأنه كره الشهادة فتوقف، فقال له علي عليه السلام قل: نعم. وأنا معك. فقال: نعم.

وفى رواية أنه قال: مسست جلده وهو ملقى فقلت: جلد لا تمسه النار أبداً، فنظر إليَّ نظرة جعلت أرثى له منها. قال: وما علمك بذلك؟ قلت: صحبت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأحسنت صحبته([375]).
فلا عجب إذاً أن سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ربه عزوجل أن يعز الإسلام بعمر بن الخطاب([376]).
وكان علي رضي الله عنه وزيره ومستشاره، ولم يكن بينهما سوى المودة والاحترام، فعندما يكون علي رضي الله عنه بحضرة عمر بن الخطاب يستأذنه في حل بعض المشكلات، فيقول: أتأذن لي أن أقضي بينهم؟ فيرد عمر رضي الله عنه: سبحان الله! وكيف لا وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: أعلمكم علي بن أبي طالب، هذا كما يروي القوم([377]).
وعندما يكون علي رضي الله عنه غائباً ويريده الفاروق في شيء يذهب إليه بنفسه وهو الخليفة، فيلقاه علي رضي الله عنه في الطريق، فيقول له: هلاَّ أرسلت إلينا فنأتيك؟ فيقول عمر: الحكم يؤتى إليه في بيته([378]).
وهل هناك أعظم دليلاً على المحبة والمودة من تزويج علي رضي الله عنه ابنته أم كلثوم للفاروق عمر؟([379])
وعندما توفي عمر رضي الله عنه قال فيه علي عليه السلام: لله بلاء فلان، فلقد قوم الأود، وداوى العمد، وأقام السنة، وخلف الفتنة، ذهب نقي الثوب، قليل العيب، أصاب خيرها، وسبق شرها، أدى إلى الله طاعته، واتقاه بحقه، رحل وتركهم في طرق متشعبة، لا يهتدي بها الضال، ولا يستقين المهتدي([380]).
وقال فيه: ووليهم وال فأقام واستقام حتى ضرب الدين بجرانه([381]).
وقال رضي الله عنه فيه وفي صاحبه الصديق رضي الله عنه: لعمري إن مكانهما في الإسلام لعظيم، وإن المصاب بهما لجرح في الإسلام شديد، فرحمهما الله وجزاهما أحسن ما عملا([382]).
ولم يكن رضي الله عنه يخالفه في هديه وسيرته وكذلك في هدي وسيرة صاحبه الصديق رضي الله عنهم أجمعين، حتى بعد وفاتهما كما تؤكد ذلك بعض الروايات.
منها أنه لما وصل الأمر إلى علي بن أبي طالب عليه السلام كلم في رد فدك فقال: إني لأستحي من الله أن أرد شيئا منع منه أبو بكر وأمضاه عمر([383])   
ولما قدم رضي الله عنه إلى الكوفة قيل له:  يا أمير المؤمنين، أتنزل القصر ؟، قال:  لا حاجة لي في نزوله، لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يبغضه، ولكني نازل الرحبة([384]).
وكعادة القوم لم يقفوا عاجزين أمام هذه المرويات فصرفوها عن ظاهرها كشأنهم في جل فضائلهم و ما لا يوافق هواهم، ومن ذلك قولهم: إنه عليه السلام عاش بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أربعاً وعشرين سنة وستة أشهر ممنوعاً من التصرف، مستعملاً التقية والمداراة([385]).
,وقال آخر: ولما جلس أمير المؤمنين عليه السلام على سرير الخلافة لم يتمكن من إظهار ذلك القرآن وإخفاء هذا لما فيه من إظهار الشنعة على من سبقه كما لم يقدر على النهي عن صلاة الضحى, وكما لم يقدر على إجراء المتعتين متعة الحج ومتعة النساء ([386]).
نعود إلى ما كنا فيه.
فلا غرابة إذاً أن نرى الأمير وقد دخل على الفاروق رضي الله عنه، بعد وفاته وهو مسجى. فيقول: لوددت أن ألقى الله تعالى بصحيفة هذا المسجى.
وفي رواية: إني لأرجو الله أن ألقى الله تعالى بصحيفة هذا المسجى([387]).
وفي رواية عن ابن عباس قال: وضع عمر بن الخطاب على سريره فتكنفه الناس يدعون ويثنون ويصلون عليه قبل أن يرفع وأنا فيهم قال فلم يرعني إلا برجل قد أخذ بمنكبي من ورائي فالتفت إليه فإذا هو علي فترحم على عمر وقال ما خلفت أحدا أحب إلى أن ألقى الله بمثل عمله منك وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك وذاك أنى كنت أكثر أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول جئت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت انا وأبو بكر وعمر فإن كنت لأرجو أو لأظن أن يجعلك الله معهما([388]).
وروايات الشيعة تأكد معيتهما هذه مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقديمهما في جل الأمور، على الرغم من ردهم لجل فضائلهما رضي الله عنهما. فهذة المعيّة مسلمة عند أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكتب القوم طافحة بتأكيد ذلك، ولا نرى بأساً من ذكر طرفاً منها بغض النظر عن صحة بعضها:
     من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لسهيل بن عمرو لطلبه على رد من أسلم من مواليهم: لتنتهين يا معشر قريش أو ليبعث الله عليكم رجلا يضربكم على تأويل القرآن كما ضربتكم على تنزيله، فقال له بعض أصحابه: من يا رسول الله ؟ أبوبكر ذلك الرجل ؟ قال: لا. قال: فعمر؟ قال: لا، ولكنه خاصف في الحجرة، فنظروا فإذا علي عليه السلام في الحجرة يخصف نعل رسول الله صلى الله عليه وآله([389]).
     وعن أنس قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبو بكر وعمر في ليلة ظلماء مكفهرة. الرواية([390]).
     وفي رواية: أمطرت المدينة مطرا شديدا، ثم ضجت الناس، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الصحراء ومعه أبو بكر، فلما خرجوا فإذا هم بعلي عليه السلام مقبل فلما رآه النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قال: مرحبا بالحبيب القريب.الرواية([391]).
     وعن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال: أتيت – وفي رواية: دخلت على - النبي صلى اللة عليه وآله وسلم وعنده أبو بكر وعمر.ألخ([392]).
     وفي قصة فتح مكة. خرج أبو سفيان حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا محمد أحقن دم قومك. وأجر بين قريش، وزدنا في المدة. فقال صلى الله عليه وآله وسلم أغدرتم يا أبا سفيان ؟ قال: لا. قال صلى الله عليه وآله وسلم: فنحن على ما كنا عليه. فخرج فلقي أبا بكر، فقال: أجر بين قريش. قال: ويحك وأحد يجير على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ثم لقي عمر بن الخطاب، فقال له مثل ذلك. ثم خرج فدخل على أم حبيبة، فذهب ليجلس على الفراش، فأهوت إلى الفراش فطوته. فقال: يا بنية ! أرغبت بهذا الفراش عني ؟ فقالت: نعم هذا فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ما كنت لتجلس عليه، وأنت رجس مشرك([393]).
     ورواية قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: والذي نفسي بيده لتقيمن الصلاة ولتؤتن الزكاة أو لأبعثن إليكم رجلا مني - أو كنفسي- فليضربن أعناق مقاتليكم، وليسبين ذراريكم، فرأى أناس أنه يعني أبا بكر أو عمر ([394]).
     وذكروا أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وآله في بقرة قتلت حمارا، فقال أحدهما: يا رسول الله، بقرة هذا الرجل قتلت حماري. فقال رسول الله عليه وآله السلام:  اذهبا إلى أبي بكر فاسألاه عن ذلك فجاءا إلى أبي بكر وقصا عليه قصتهما، فقال: كيف تركتما رسول الله صلى الله عليه وآله وجئتماني ؟ قالا: هو أمرنا بذلك، فقال لهما: بهيمة قتلت بهيمة، لا شئ على ربها. فعادا إلى النبي صلى الله عليه وآله فأخبراه بذلك فقال لهما:  إمضيا إلى عمر بن الخطاب وقصا عليه قصتكما واسألاه القضاء في ذلك فذهبا إليه وقصا عليه قصتهما، فقال لهما: كيف تركتما رسول الله صلى الله عليه وآله وجئتماني ؟ قالا: هو أمرنا بذلك، قال: فكيف لم يأمركما بالمصير إلى أبي بكر ؟ قالا: قد أمرنا بذلك فصرنا إليه. فقال: ما الذي قال لكما في هذه القضية ؟ قالا له: كيت وكيت، قال: ما أرى فيها إلا ما رأى أبو بكر. فعادا إلى النبي صلى الله عليه وآله فخبراه الخبر.الرواية([395]).
     وعن أبي جعفر عليه السلام: قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: إن ثور فلان قتل حماري ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وآله: ائت أبا بكر فسله، فأتاه فسأله فقال: ليس على البهام قود، فرجع إلى النبي صلى الله عليه وآله فأخبره بمقالة أبي بكر فقال له النبي صلى الله عليه وآله: ائت عمر فسله فأتاه فسأله فقال مثل مقالة أبي بكر([396]).
     وعبد الله بن مسعود قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة وفد الجن قال: فحط على ثم ذهب فلما رجع تنفس وقال: نعيت إلي نفسي يا ابن مسعود، فقلت: استخلف يا رسول الله. قال: من ؟ قلت: أبا بكر، قال: فمشى ساعة ثم تنفس وقال: نعيت إلي نفسي يا ابن مسعود، فقلت: استخلف يا رسول الله. قال: من ؟ قلت: عمر، فسكت، ثم مشى ساعة وتنفس وقال: نعيت إلي نفسي يا ابن مسعود، فقلت: استخلف يا رسول الله. قال: من ؟ قلت: عثمان، فسكت، ثم مشى ساعة فقال: نعيت إلي نفسي يا ابن مسعود، فقلت: استخلف يا رسول الله قال: من ؟ قلت: علي بن أبي طالب ؟ فتنفس ثم قال: والذي نفسي بيده لئن أطاعوه ليدخلن الجنة أجمعين أكتعين([397]).
    ورووا أن رجلاً أتى أبا عبد الله عليه السلام فقال له: يرحمك الله هل تشيع الجنازة بنار ويمشي معها بمجمرة أو قنديل أو غير ذلك مما يضاء به ؟ قال فتغير لون أبى عبد الله عليه السلام من ذلك واستوى جالسا ثم قال: إنه جاء شقي من الأشقياء إلى فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لها: أما علمت أن عليا قد خطب بنت أبي جهل فقالت: حقاً ماتقول ؟ فقال: حقاً ما أقول ثلاث مرات فدخلها من الغيرة مالا تملك نفسها وذلك أن الله تبارك وتعالى كتب على النساء غيرة وكتب على الرجال جهادا وجعل للمحتسبة الصابرة منهن من الأجر ما جعل للمرابط المهاجر في سبيل الله، قال: فاشتد غم فاطمة من ذلك وبقيت متفكرة هي حتى أمست وجاء الليل حملت الحسن على عاتقها الأيمن والحسين على عاتقها الأيسر وأخذت بيد أم كلثوم اليسرى بيدها اليمنى ثم تحولت إلى حجرة أبيها فجاء علي فدخل حجرته فلم ير فاطمة فاشتد لذلك غمه وعظم عليه ولم يعلم القصة ما هي فاستحى ان يدعوها من منزل أبيها فخرج إلى المسجد يصلي فيه ما شاء الله ثم جمع شيئا من كثيب المسجد واتكى عليه، فلما رأى النبي صلى الله عليه وآله ما بفاطمة من الحزن أفاض عليها من الماء ثم لبس ثوبه ودخل المسجد فلم يزل يصلي بين راكع وساجد وكلما صلى ركعتين دعا الله ان يذهب ما بفاطمة من الحزن والغم وذلك أنه خرج من عندها وهي تتقلب وتتنفس الصعداء فلما رآها النبي صلى الله عليه وآله انها لا يهنيها النوم وليس لها قرار قال لها قومي يا بنية فقامت فحمل النبي صلى الله عليه وآله الحسن وحملت فاطمة الحسين وأخذت بيد أم كلثوم فانتهى إلى علي عليه السلام وهو نايم فوضع النبي صلى الله عليه وآله رجله على رجل علي فغمزه وقال قم يا أبا تراب فكم ساكن أزعجته ادع لي أبا بكر من داره وعمر من مجلسه وطلحة فخرج علي فاستخرجهما من منزلهما واجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وآله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا علي أما علمت أن فاطمة بضعة منى وأنا منها فمن آذاها فقد آذاني من آذاني فقد آذى الله ومن آذاها بعد موتى كان كمن آذاها في حياتي ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتى، قال: فقال علي بلى يا رسول الله، قال فما دعاك إلى ما صنعت ؟ فقال علي والذي بعثك بالحق نبيا ما كان مني مما بلغها شئ ولا حدثت بها نفسي، فقال النبي صدقت وصدقت ففرحت فاطمة عليها السلام بذلك وتبسمت حتى رئي ثغرها. الرواية([398]).
    وفي الرواية فوائد لا تخفى على المتدبر.
     وروى الطوسي أنه لما كان يوم بدر وأسرت الاسرى، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما ترون في هؤلاء القوم ؟ فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، هم الذين كذبوك وأخرجوك فاقتلهم. ثم قال أبو بكر: يا رسول الله، هم قومك  وعشيرتك، ولعل الله يستنقذهم بك من النار. ثم قال عبد الله بن رواحة: أنت بواد كثير الحطب، فاجمع حطبا فانصب فيه نارا وألقهم فيه. فقال العباس بن عبد المطلب: قطعك رحمك. قال: ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قام فدخل، وأكثر الناس في قول أبي بكر وعمر، فقال بعضهم: القول ما قال أبو بكر، وقال بعضهم: القول ما قال عمر، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ما اختلافكم - يا أيها الناس - في قول هذين الرجلين، إنما مثلهما مثل إخوة لهما ممن كان قبلهما، نوح وإبراهيم وموسى وعيسى، قال نوح: وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً [نوح: 26] وقال إبراهيم: فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [إبراهيم: 36] وقال موسى: اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ [يونس: 88] وقال عيسى: " إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة: 118] ([399]).
     وعن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد قدم عليه وفد أهل الطائف: يا أهل الطائف، والله لتقيمن الصلاة، ولتؤتن الزكاة، أو لأبعثن إليكم رجلا كنفسي، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يقصعكم بالسيف " فتطاول لها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأخذ بيد علي عليه السلام فأشالها، ثم قال: هو هذا. فقال أبو بكر وعمر: ما رأينا كاليوم في الفضل قط([400]).
    ولما دخل أبو سفيان المدينة لتجديد العهد بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين قريش، عندما كان من بني بكر في خزاعة وقتلهم من قتلوا منها، فقصد أبو سفيان ليتلافى الفارط من القوم، وقد خاف من نصرة رسول الله صلى الله عليه وآله لهم، وأشفق مما حل بهم يوم الفتح. فأتى النبي صلى الله عليه وآله وكتمه في ذلك، فلم يرد عليه جوابا. فقام من عنده، فلقيه أبو بكر فتشبث به وظن أنه يوصله إلى بغيته من النبي صلى الله عليه وآله فسأله كلامه له، فقال: ما أنا بفاعل. لعلم أبي بكر بأن سؤاله في ذلك لا يغني شيئا. فظن أبو سفيان بعمر بن الخطاب ما ظنه بأبي بكر فكتمه في ذلك، فدفعه بغلظة وفظاظة كادت أن تفسد الرأي على النبي صلى الله عليه وآله([401]).
    وذكروا ان رفقاءه – أي النبي صلى الله عليه وآله وسلم -: علي وابناه، وحمزة، وجعفر، وسلمان، وأبو ذر، والمقداد، وعمار وحذيفة، وابن مسعود، وبلال، وأبو بكر، وعمر([402]).
     وغيرها كثير.
 

روايات عمر وآل عمر في فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنهما 
     وقد ملأ القوم مصنفاتهم من روايات مدح الفاروق رضي الله عنه وآله لأمير المؤمنين رضي الله عنه بحيث يصعب حصرها، وهي يقيناً قد غُيّبت عن عوام الشيعة، ولعلك وأنت تقرأ بعضها تتيقن من هذا.
     من ذلك مثلاً: لما قيل لعمر رضي الله عنه: نراك تصنع بعلي شيئاً لا تصنعه بأحدٍ من أصحاب النبي؟ قال: إنه مولاي([403]).
فالقوم بهذه الرواية يؤكدون بأن معنى الموالاة والولاية بعيدة جداً عما حملت عليه من كونها الخلافة العامة للمؤمنين، وإلا لما ذكرها الفاروق رضي الله عنه وهو يرى أنه قد اغتصبها.
ويؤكد هذا أيضاً: هذه الرواية التي ذكرها القوم عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: معاشر المسلمين! أنصتوا يرحمكم الله، واعلموا أن في جهنم وادياً يعرف بوادي الضباع، وفي ذلك الوادي بئر، وفي ذلك البئر حية، فشكت جهنم من ذلك إلى الله عزوجل، وشكا الوادي من تلك البئر، وشكا ذلك البئر من تلك الحية إلى الله تعالى في كل يوم سبعين مرة، فقيل: يا رسول الله! ولمن هذا العذاب المضاعف الذي يشكو بعضه من بعض؟ قال: هو لمن يأتي يوم القيامة وهو غير ملتزم بولاية علي بن أبي طالب([404]).
وعن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن فاطمة وعلياً والحسن والحسين في حظيرة القدس في قبة بيضاء سقفها عرش الرحمن عزوجل ([405]).
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال: كفوا عن ذكر علي بن أبي طالب فقد رأيت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه خصالاً لأن تكون لي واحدة منهن في آل الخطاب أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، كنت أنا وأبو بكر وأبو عبيدة في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فانتهيت إلى باب أم سلمة وعلي قائم على الباب فقلنا: أردنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فقال عليه السلام: يخرج إليكم. فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسرنا إليه فاتكأ على علي بن أبي طالب عليه السلام ثم ضرب بيده منكبه ثم قال: إنك مخاصم تخاصم، أنت أول المؤمنين إيماناً، وأعلمهم بأيام الله، وأوفاهم بعهده، وأقسمهم بالسوية، وأرأفهم بالرعية، وأعظمهم رزية، وأنت عاضدي وغاسلي ودافني، والمتقدم إلى كل شديدة وكريهة، ولن ترجع بعدي كافرا، وأنت تتقدمني بلواء الحمد، وتذود عن حوضي([406]).
وقال رضي الله عنه: وقد رأى رجلاً يسب علياً عليه السلام فقال: إني أظنك منافقاً، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إنما علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي([407]).
وقوله رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: حب علي براءة من النار([408]).
     وعن جعفر بن محمد، عن أبيه الباقر عليهما السلام، عن جابر قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ينقطع يوم القيمة كل سبب ونسب إلا سببي ونسبي([409]).
     وعلى ذكر سند الرواية هذه، فروايات الإمام الباقر رحمه الله في كتب أهل السنة أكثر من روايات أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم خيبر: لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كراراً غير فرار، يفتح الله عليه، جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، فبات المسلمون كلهم يستشرفون لذلك، فلما أصبح قال صلى الله عليه وآله وسلم: أين علي بن أبي طالب؟ قالوا: أرمد العين. قال صلى الله عليه وآله وسلم: آتوني به. فلم أتاه. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أدن مني، فدنا منه، فتفل في عينيه ومسحهما بيده، فقام علي بن أبي طالب عليه السلام بين يديه وكأنه لم يرمد وأعطاه الراية، فقتل مرحب، وأخذ مدينة خيبر([410]).
وقال رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لو اجتمع الناس على حب علي بن أبي طالب لما خلق الله النار([411]).
وقوله رضي الله عنه: أشهد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لسمعته وهو يقول: لو أن السماوات السبع والأرضين السبع وضعن في كفة ميزان ووضع إيمان علي في كفة ميزان لرجح إيمان علي([412]).
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي: لو كان البحر مداداً، والرياض أقلاماً، والأنس كتاباً، والجن حساباً، ما أحصوا فضائلك، يا أبا الحسن([413]).
وقال رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ما اكتسب مكتسب مثل فضل علي، يهدي صاحبه إلى الهدى، ويرده عن الردى([414]).
وقوله رضي الله عنه: والله لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي بن أبي طالب: من أحبك أحبني، ومن أحبني أحب الله، ومن أحب الله أدخله الجنة مدلا([415]).
وقوله رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي بن أبي طالب عليه السلام: من أحبك يا علي كان مع النبيين في درجتهم يوم القيامة، ومن مات يبغضك فلا يبالي مات يهودياً أو نصرانياً([416]).
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال وقد ذكر عنده علي عليه السلام: ذلك صهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نزل جبرئيل فقال: يا محمد، إن الله يأمرك أن تزوج فاطمة ابنتك من علي([417]).
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: النظر إلى وجه علي عبادة([418]).
وقال رضي الله عنه: كنت أنا وأبو عبيدة وأبو بكر وجماعة من أصحابه إذ ضرب بيده على منكب علي عليه السلام فقال: يا علي! أنت أول المؤمنين إيمانا، وأول المسلمين إسلاما، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى. يا علي! إنما أنت بمنزلة الكعبة تؤتى ولا تأتي، فإذا أتاك هؤلاء القوم فسلموا إليك هذا الأمر فاقبله منهم، فان لم يأتوك فلا تأتهم([419]).
وقوله رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام: أنا خاتم الأنبياء، وأنت خاتم الأولياء([420]).
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: يا علي! يدك في يدي تدخل معي الجنة يوم القيامة حيث أدخل([421]).
وقوله رضي الله عنه: تحببوا إلى الأشراف وتوددوا، واتقوا على أعراضكم من السفلة، واعلموا أنه لا يتم شرف إلا بولاية علي([422]).
وقوله رضي الله عنه: علي عليه السلام أعلم الناس بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وآله وسلم ([423]).
وقوله رضي الله عنه: علي عليه السلام مولى من كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مولاه([424]).
وعنه أيضاً رضي الله عنه  قال: كانت في أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثماني عشرة سابقة، خص منها علي بن أبي طالب عليه السلام بثلاث عشرة وشاركنا في خمس([425]).
وعنه أيضاً رضي الله عنه قال: أعطي علي بن أبي طالب عليه السلام خمس خصال، إن تكن لي الواحدة منهن فهي أحب إلي من الدنيا والآخرة، فقالوا: وما هي يا عمر؟ قال: أوله تزويجه بفاطمة رضي الله عنه، وفتح بابه إلى المسجد حين سدت أبوابنا، وانقضاض الكوكب في حجرته، ويوم خيبر قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، كرار غير فرار، يفتح الله عليه يديه، والله لقد كنت أرجو أن تكون في ذلك([426]).
وعن أبي هريرة قال: قال عمر بن الخطاب: لقد أعطى علي بن أبي طالب عليه السلام ثلاث خصال، لأن تكون لي خصلة منها أحب إلى من أن أعطى حمر النعم. قيل: وما هن يا أمير المؤمنين؟ قال: تزوجه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسكناه المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يحل له فيه ما يحل له، والراية يوم خيبر([427]).
وعن علي بن الحسين عن عمه الحسن بن علي رضي الله عنه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن في علي خصالاً لأن يكون فيَّ إحداهن أحب إليَّ من الدنيا وما فيها، سمعت رسول الله يقول: اللهم ارحمه وترحم عليه، وانصره وانتصر به، وأعنه واستعن به، فإنه عبدك وكتيبة رسولك([428]).
وعن علي بن الحسين عن أبيه قال: قال عمر بن الخطاب: عيادة بني هاشم سنة، وزيارتهم نافلة([429]).
ولا يفوتك النظر في سند هذه الرواية!!
وروي أن علياً عليه السلام جلس إلى عمر في المسجد وعنده ناس، فلما قام عليه السلام عرض واحد بذكره ونسبه إلى التيه والعجب. فقال عمر: حق لمثله أن يتيه!! والله لولا سيفه لما قام عمود الإسلام، وهو بعد أقضى الأمة وذو سابقتها وذو شرفها([430]).
وروي أن رجلاً نازع عمر في مسالة. فقال عمر: بيني وبينك هذا الجالس وأشار إلى علي بن أبي طالب عليه السلام وكان جالساً في المسجد. فقال الرجل: هذا الأبطن!! - الظاهر أنه لم يكن يعرف علياً  عليه السلام. فنهض عمر عن مجلسه وأخذ بتلبيبه حتى شاله من الأرض، ثم قال: ويلك أتدري من صغرت؟! هذا علي بن أبي طالب مولاي ومولى كل مسلم([431]).
وفي رواية: أمر عمر علياً عليه السلام أن يقضي بين رجلين فقضى بينهما، فقال الذي قضى عليه: هذا الذي يقضي بيننا؟! وكأنه ازدرى علياً عليه السلام. فأخذ عمر بتلبيبه فقال: ويلك! وما تدري من هذا؟ هذا علي بن أبي طالب عليه السلام، هذا مولاي ومولى كل مؤمن، فمن لم يكن مولاه فليس بمؤمن([432]).
وروي أن عمر سأل عن علي عليه السلام فقيل له: ذهب إلى أرضه. فقال: اذهبوا بنا إليه، فوجدوه يعمل فعملوا معه ساعة ثم جلسوا يتحدثون، فقال له علي عليه السلام: أرأيت لو جاءك قوم من بني إسرائيل فقال لك أحدهم: أنا ابن عم موسى عليه السلام، أكانت له عندك أثرة على أصحابه؟ قال عمر: نعم. قال علي عليه السلام: فأنا والله أخو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وابن عمه. قال: فنزع عمر رداءه فبسطه، فقال: والله لا يكون لك مجلس غيره حتى نفترق([433]).
وروي أن عمر أتاه رجلان فسألاه عن طلاق العبد، فانتهى إلى حلقة فيها رجل أصلع فقال: يا أصلع! كم طلاق العبد؟ فقال له بإصبعيه هكذا وحرك السبابة والتي تليها، فالتفت إليه فقال: اثنتين. فقال: أحدهما سبحان الله جئناك وأنت أمير المؤمنين، فسألناك فجئت إلى رجل والله ما كلمك. قال: ويلك أتدري من هذا، هذا علي بن أبي طالب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لو أن السماوات والأرضين وضعتا في كفة ووضع إيمان علي في كفة لرجح إيمان علي([434]).
وعن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة([435]).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما فتح الله تعالى المدائن على أصحاب رسول الله في أيام عمر، فأمر بالنطاع فبسطت في مسجد رسول الله، وأمرنا بالأموال فأفرغت عليها، ثم اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأول من بدر إليه الحسن بن علي رضي الله عنه، فقال: يا أمير المؤمنين! أعطني حقي مما فتح الله تعالى على المسلمين. فقال: بالرحب والكرامة، فأمر له بألف درهم، ثم انصرف فبدر إليه ابنه عبد الله بن عمر فقال: يا أمير المؤمنين أعطني حقي مما فتح الله تعالى على المسلمين. فقال: بالرحب والكرامة، فأمر له بخمسمائة درهم، فقال: يا أمير المؤمنين! أنا رجل مشيد كنت أضرب بالسيف بين يدي رسول الله والحسن والحسين رضي الله عنه طفلان يدرجان في سكك المدينة تعطيهم ألفا ألفا وتعطيني خمسمائة درهم. فقال: اذهب فائتني بأب كأبيهما وأم كأمهما، وجد كجدهما وجدة كجدتهما، وعم كعمهما، وخال كخالهما، فإنك لا تأتيني بهم، أما أبوهما فعلي المرتضى، وأمهما فاطمة الزهراء، وجدهما محمد المصطفى، وجدتهما الخديجة الكبرى، وعمهما جعفر بن أبي طالب، وعمتهما أم هاني بنت أبي طالب، وخالهما إبراهيم بن رسول الله، وخالتهما رقية وأم كلثوم بنتا رسول الله([436]).
     وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: لما طعن عمر أتاه الناس فقالوا: استخلف علي بن أبي طالب. قال: إذن يحملكم على طريقه من الحق([437]).
     وعن سعيد بن المسيب رحمه الله، عن عمر أنه سمع رجلاً يذكر علياً عليه السلام بشر، فقال: ويلك! تعرف من في هذا القبر؟ وأشار إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فسكت الرجل. فقال عمر: فيه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، إذا آذيت علياً فقد آذيته([438]).
     وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مشيت وعمر بن الخطاب في بعض أزقة المدينة فقال: والله لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي بن أبي طالب: من أحبك أحبني، ومن أحبني أحب الله، ومن أحب الله أدخله الجنة مدلاً([439]).
     وعن ابن عمر بن الخطاب قال: قال أبي: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: يا علي! مد يدك في يدي تدخل معي يوم القيامة حيث أدخل([440]).
     وعن العباس بن عبد المطلب قال: سمعت عمر بن الخطاب وقد سمع رجلاً يسب علياً، وهو يقول: إني لأظنك من المنافقين. فقال: كفوا عن ذكر علي إلا بخير، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: في علي ثلاث خصال، وددت لو أن لي واحدة منهن أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، وذاك إني كنت أنا وأبو بكر وأبو عبيدة بن الجراح ونفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ ضرب النبي صلى الله عليه وآله وسلم على كتف علي وقال: يا علي! أنت أول المسلمين إسلاماً، وأول المؤمنين إيمانا، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى، كذب من زعم أنه يحبني وهو يبغضك. يا علي! من أحبك فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله تعالى، ومن أحبه الله تعالى أدخله الجنة، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغضه الله تعالى، ومن أبغضه الله تعالى أدخله النار([441]).
وعن عمر رضي الله عنه قال: وأما أنت يا علي فوالله لو وزن إيمانك بإيمان أهل الأرض لرجحتهم، ثم قام علي عليه السلام وخرج فقال عمر: والله إني لأعلم مكان الرجل لو وليتموه أمركم ليحملنكم على المحجة البيضاء([442]).
وعنه أيضاً قال: كفوا عن علي بن أبى طالب، عليه السلام فإني سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: فيه خصال لو أن خصلة منها في جميع آل الخطاب كان أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس، إني كنت ذات يوم أنا وأبو بكر وعبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان وأبو عبيدة بن الجراح في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فانتهيا إلى باب أم سلمة، فإذا نحن بعلي عليه السلام متكئ على نجف الباب، فقلنا له: أردنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فقال: هو في البيت يخرج عليكم الآن، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فثرنا حوله فاتكأ على علي عليه السلام، ثم ضرب بيد علي منكبه وقال: كس ابن أبي طالب! إنك تخاصم بسبع خصال ليست لأحد: إنك أول المؤمنين معي إيمانا، وأعلمهم بأيام الله، وأوفاهم بعهد الله، وأرأفهم بالرعية، وأقسمهم بالسوية، وأعلمهم بالقضية، وأعظمهم عند الله مؤنة([443]).
عن زيد بن أسلم عن أبيه، عن عمر: أنه دخل على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا فاطمة! والله ما رأيت أحداً أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منك، ووالله ما كان أحد من الناس بعد أبيك صلى الله عليه وآله وسلم أحب إلي منك([444]).
وعنه أيضاً قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما عقد المؤاخاة بين أصحابه قال: هذا علي أخي في الدنيا والآخرة، وخليفتي في أهلي، ووصيي في أمتي، ووارث عملي وقاضي ديني، ماله مني مالي منه، نفعه نفعي وضره ضري، من أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني([445]).
وعن ابن عمر قال: سألني أبي عمر بن الخطاب، فقال لي: يا بني! من أخير الناس بعد رسول الله؟ فقلت له: من أحل الله له ما حرَّم على الناس وحرَّم عليه ما أحل للناس. فقال: والله لقد قلت وصدقت، حرمت على علي بن أبي طالب الصدقة وأحلت للناس، وحرم عليهم أن يدخلوا المسجد جنباً وأحل له([446]).
وسأل رجل عمر بن الخطاب، فقال: يا أمير المؤمنين! ما تفسير سبحان الله؟ فقال: إن في هذا الحائط رجلاً كان إذا سئل أنبأ، وإذا سكت ابتدأ، فدخل الرجل فإذا هو علي بن أبي طالب عليه السلام([447]).
وعن الأعمش قال: جاء رجل مشجوج الرأس يستعدي عمر على علي فقال علي عليه السلام: مررت بهذا وهو يقاوم امرأة فسمعت ما كرهت. فقال عمر: إن لله عيوناً وإن علياً من عيون الله في الأرض.
وفي رواية للأصمعي أنه قال: رأيته ينظر إلى حريم الله. فقال عمر: اذهب وقعت عليك عين من عيون الله، وحجاب من حجب الله، تلك يد الله اليمنى يضعها حيث يشاء([448]).
وعن عروة بن الزبير قال: إن رجلاً وقع في علي بن أبي طالب عليه السلام بمحضر من عمر، فقال له عمر: تعرف صاحب هذا القبر؟ هو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب، وعلي بن أبي طالب بن عبدالمطلب، فلا تذكر علياً إلا بخير، فإنك إن أبغضته آذيت هذا في قبره([449]).
عن ابن عباس قال: استعدى رجل عمر على علي، وعلي عليه السلام جالس، فالتفت عمر إليه فقال: يا أبا الحسن! قم فاجلس مع خصمك، فقام فجلس مع خصمه فتناظرا، وانصرف الرجل فرجع علي عليه السلام إلى مجلسه، فتبين عمر التغير في وجهه. فقال: يا أبا الحسن! مالي أراك متغيراً؟ قال علي عليه السلام: كنيتني بحضرة خصمي فهلا قلت: يا علي! قم فاجلس مع خصمك؟ فأخذ عمر برأس علي عليه السلام فقبل بين عينيه، ثم قال: بأبي أنتم وأمي بكم هدانا الله، وبكم أخرجنا الله من الظلمات إلى النور([450]).
وكان عمر رضي الله عنه يأمر أصحابه، ويقول: لا تعصوا لعلي أمراً([451]).
وروى القوم أن أسقفاً من نجران سأل عمر مسألة فلم يجد له جواباً، وبينما هو كذلك فإذا بباب المسجد علي بن أبي طالب عليه السلام، فقام عمر بن الخطاب والجماعة على أقدامهم، وقال: يا مولاي! أين أنت عن هذا الأسقف الذي قد علا منه الكلام؟ أخبره يا مولاي بالعجل إنه يريد الإسلام، فأنت البدر التمام، ومصباح الظلام، وابن عم رسول الأنام([452]).
وفي رواية: هذا مشكل لا يحله إلا نبي، أو وصي نبي فقوموا بنا إلى أبي الحسن([453]).
     وسأل رجل ابن عمر عن مسألة فلم يدر بما يجيبه فقال: اذهب إلى ذلك الغلام فاسأله وأعلمني بما يجيبك، وأشار به إلى محمد بن علي الباقر، فأتاه وسأله فأجابه فرجع إلى ابن عمر فأخبره فقال ابن عمر انهم أهل بيت مفهمون ([454]).
     وذكروا أنه لما هلك أبو بكر واستخلف عمر أقبل يهودي من عظماء يهود يثرب وتزعم يهود المدينة أنه أعلم أهل زمانه حتى رفع إلى عمر فقال له: يا عمر إني جئتك أريد الإسلام فإن أخبرتني عما أسألك عنه فأنت أعلم أصحاب محمد بالكتاب والسنة وجميع ما أريد أن أسأل عنه، قال: فقال له عمر: إني لست هناك لكني أرشدك إلى من هو أعلم أمتنا بالكتاب والسنة وجميع ما قد تسأل عنه وهو ذاك - فأومأ إلى علي عليه السلام([455]).
     وعن الصادق عليه السلام قال: لما هلك أبو بكر واستخلف عمر رجع عمر إلى المسجد فقعد فدخل عليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين إني رجل من اليهود وأنا علامتهم، وقد أردت أن أسألك عن مسائل إن أجبتني فيها أسلمت قال: ما هي ؟ قال: ثلاث وثلاث وواحدة، فإن شئت سألتك وإن كان في القوم أحد أعلم منك فأرشدني إليه قال: عليك بذلك الشاب يعني علي بن أبي طالب عليه السلام([456]).
     وسئل يهوديان عمر: أين ربك ؟ قال: فوق سبع سماوات: قالا: هل غير هذا ؟ قال: لا، قالا: دلنا على من هو أعلم منك، فأرشدهما إلى علي صلوات الله عليه([457]).
     وجاءه يهودي من يهود المدينة وهم يزعمون أنه من ولد هارون أخي موسى عليهما السلام حتى وقف على عمر فقال له: يا أمير المؤمنين أيكم أعلم بعلم نبيكم وبكتاب ربكم حتى أسأله عما أريد ؟ قال: فأشار عمر إلى علي بن أبي طالب عليه السلام([458]).
     وجاء قوم من أحبار اليهود إلى عمر بن الخطاب يسألونه فقال: يا أبا الحسن ما أرى جوابهم إلا عندك([459]).
وقال رضي الله عنه: علي أقضانا([460]).
 
وكثيراً ما كان يردد رضي الله عنه كما تروي كتب القوم:
اللهم إني أعوذ بك من معضلة ليس لها أبو الحسن.
- ولا أبقاني الله لمعضلةٍ ليس لها أبو الحسن.
- ولا أبقاني الله بعدك.
- ولولا علي لهلك عمر.
- ولا عشت في أمة لست فيها يا أبا الحسن!.
- عجزت النساء أن تلدن مثل علي، اللهم لا ترني شدة إلا وأبو الحسن إلى جنبي.
- أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن!.
- اللهم لا تبقني لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب حياً.
- ويا أبا الحسن منكم أخذنا العلم وإليكم يعود، بعد أن قبَّل ما بين عينيه.
- ولا يفتين أحد في المسجد وعلي حاضر([461]).
ولما دوَّن الدواوين بدأ بالحسن والحسين رضي الله عنه فملأ حجرهما من المال، فقال ابن عمر: تقدمهما علي ولي صحبة وهجرة دونهما؟ فقال عمر: اسكت لا أم لك، أبوهما خير من أبيك، وأمهما خير من أمك([462]).
وعن يحيى بن سعيد قال: أمر عمر الحسين بن علي رضي الله عنه أن يأتيه في بعض الحاجة، فقال الحسين عليه السلام، فلقيه عبد الله بن عمر فقال له الحسين عليه السلام: من أين جئت؟ قال: قد استأذنت على عمر فلم يؤذن لي، فرجع الحسين عليه السلام، فلقيه عمر فقال له: ما منعك يا حسين أن تأتيني؟ قال: قد أتيتك، ولكن أخبرني عبد الله بن عمر أنه لم يؤذن له عليك فرجعت. فقال عمر: وأنت عندي مثله؟ وأنت عندي مثله؟ وهل أنبت الشعر على الرأس غيركم؟([463]).
وعن عبد الله بن عمر قال: كنا إذا عددنا أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قلنا: أبو بكر وعمر وعثمان. فقال رجل: يا أبا عبد الرحمن! فعلي عليه السلام؟ قال علي من أهل البيت لا يقاس به أحد، مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي درجته، إن الله يقول:(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) [الطور: 21] ففاطمة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في درجته وعلي معهما([464]).

    ولما علم ابن عمر بخروج الحسين عليه السلام، قدم راحلته، وخرج خلفه مسرعا، فأدركه في بعض المنازل، فقال: أين تريد يا بن رسول الله ؟ قال: العراق. قال: مهلا ارجع إلى حرم جدك. فأبى الحسين عليه السلام عليه، فلما رأى ابن عمر إباءه قال: يا أبا عبد الله، اكشف لي عن الموضع الذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقبله منك. فكشف الحسين عليه السلام عن سرته، فقبلها ابن عمر ثلاثا وبكى، وقال: أستودعك الله يا أبا عبد الله، فإنك مقتول في وجهك هذا([465]).
     وقبل ذلك ندم على عدم مقاتله مع أمير المؤمنين علي رضي الله عنهما حيث قال: مهما آسى عليه من شئ فإنى لا آسي على شيء أسفي على أنى لم أقاتل الفئة الباغية مع علي([466]).
    فهل يقول عاقل بعد ذلك بخلاف هذا، وأن عمر وآل عمر رضي الله عنهم ظلموا آل البيت وفعلوا وفعلوا مما تورده كثير من الروايات المكذوبة عنهم؟ فأي علة وراء إخفاء كل هذه الروايات التي مرت وهي غيض من فيض وكلها من معين واحد ؟
وما دمنا في هذا فلا بأس أن نُعَرِّج قليلاً إلى ذكر مرويات أخرى لصحابة آخرين مما يناسب الباب:
عن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: خلقت أنا وعلي من نور واحد، قبل أن يخلق الله آدم بأربعة آلاف عام، فلما خلق الله آدم ركب فيه ذلك النور في صلبه، فلم يزل شيئاً واحداً حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، ففي النبوة وفي علي الوصية([467]).
وعن ابن عباس قال: رجع عثمان إلى علي عليه السلام، فسأله المصير إليه، فصار إليه فجعل يحد النظر إليه، فقال له علي عليه السلام: يا عثمان! مالك تحد النظر إلي؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: النظر إلى وجه علي عبادة([468]).
وعن معاوية بن أبي سفيان أنه كان يرسل أناساً يسأل علياً عليه السلام عن المشكلات - سواءً معضلاته أو معضلات غيره - فكان علي عليه السلام يجيبه، فقال أحد بنيه: تجيب عدوك؟ فقال عليه السلام: أما يكفينا أن احتاجنا وسألنا؟([469]).
وروي أن رجلاً سأل معاوية بن أبي سفيان عن مسالة فقال: اسأل عنها علياً عليه السلام فهو أعلم. فقال: يا أمير المؤمنين! جوابك فيها أحب إلي من جواب علي. قال معاوية: بئس ما قلت، لقد كرهت رجلاً كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يغره بالعلم غراً، ولقد قال له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وكان عمر إذا أشكل عليه شئ أخذ منه - ويلجأ إلى علي في حل مسائله - ثم قال معاوية للرجل: قم لا أقام الله رجليك، ومحا اسمه من الديوان.
     وفي رواية: ولقد كان عمر يسأله ويأخذ عنه ولقد شهدته إذا أشكل عليه شئ قال: هاهنا علي، قم لا أقام الله رجليك([470]).
     وكتب إليه – أي معاوية - ملك الروم: إن أجبتني عن هذه المسائل حملت إليك الخراج وإلا حملت أنت، فلم يدر معاوية فأرسلها إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأجاب عنها([471]).
ومر معاوية بن أبي سفيان بالمدينة فجلس في مجلس فيه سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس، فالتفت إلى عبد الله بن عباس فقال: يا ابن عباس! إنك لم تعرف حقنا من باطل غيرنا. وقرعه ابن عباس بجواب فحار منه معاوية، فتركه وأقبل على سعد فقال: يا أبا إسحاق! أنت الذي لم تعرف حقنا، وجلس فلم يكن معنا ولا علينا. فقال سعد: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي عليه السلام: أنت مع الحق والحق معك حيثما دار. فقال معاوية: لتأتيني على هذا ببينة. فقال: سعد: هذه أم سلمة تشهد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقاموا جميعاً فدخلوا على أم سلمة، فقالوا: يا أم المؤمنين! إن الأكاذيب قد كثرت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا سعد يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لم نسمعه، أنه قال لعلي: أنت مع الحق والحق معك حيثما دار. فقالت أم سلمة: في بيتي هذا، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام. فقال معاوية لسعد: يا أبا إسحاق! ما كان ألوم الآن - أي: إنك يا سعد ألوم الناس عندي - إذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجلست عن علي عليه السلام، لو سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكنت خادماً لعلي حتى أموت. وفي رواية: فإني لو سمعت من النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثل الذي سمعت فيه لكنت خادماً لعلي عليه السلام ما عشت([472]).
وسأل معاوية يوماً جلساءه: من أكرم الناس أباً وأماً وجداً وجدةً وعماً وعمةً وخالاً وخالةً؟ فقالوا: أنت أعلم. فأخذ معاوية بيد الحسن بن علي رضي الله عنه وقال: هذا! أبوه علي بن أبي طالب عليه السلام، وأمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وجده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وجدته خديجة زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعمه جعفر، وعمته هالة بنت أبي طالب، وخاله القاسم بن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وخالته زينب بنت رسول الله ص([473]).
وعن ضرار بن ضمرة وهو من أصحاب علي عليه السلام وشيعته: أنه دخل ذات يوم على معاوية وكان ذلك بعد شهادة أمير المؤمنين علي عليه السلام. فقال معاوية لضرار بن ضمرة: صف لي علياً؟ فقال ضرار: أو تعفيني؟ قال: بل صفه. قال: أو تعفيني؟ قال: لا أعفيك. فبدأ ضرار بذكر فضائل الإمام وخلقه وأدبه ثم قال: وأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه، وهو قائم في محرابه قابض على لحيته، يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين، وكأني أسمعه وهو يقول: يا دنيا يا دنيا! إليك عني، أبي تعرضت أم إلي تشوقت؟ لا حان حينك، هيهات هيهات غري غيري، لا حاجة لي فيك، قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها، فعيشك قصير، وخطرك يسير، وأملك حقير، آه من قلة الزاد، وطول الطريق، وبعد السفر، وعظيم المورد. فذرفت دموع معاوية حتى خرت على لحيته، فما يملكها وهو ينشفها بكمه، وقد اختنق القوم بالبكاء، ثم قال معاوية: رحم الله أبا الحسن! كان والله كذلك([474]).
وروي أن أجور التميمي قدم على معاوية بن أبي سفيان وقال: يا أمير المؤمنين! جئتك من عند ألأم الناس، وأبخل الناس، وأعيى الناس، وأجبن الناس - يقصد بذلك علياً عليه السلام فقال له معاوية: ويلك! وأنى أتاه اللؤم؟ ولكنا نتحدث أن لو كان لعلي عليه السلام بيت من تبن وآخر من تبر لأنفد التبر قبل بيت التبن. وأنى له العي وإن كنا نتحدث أنه ما جرت المواسي على رأس رجل من قريش أفصح من علي عليه السلام. ويلك وأنى أتاه الجبن وما برز له رجل قط إلا صرعه؟ والله يا بن أجور لولا الحرب خدعة لضربت عنقك، اخرج فلا تقيمن في بلدي([475]).
وعن جابر قال: كنا عند معاوية فذكر علي عليه السلام فأحسن ذكره، وذكر أبيه وأمه ثم قال: وكيف لا أقول هذا لهم، وهم خيار خلق الله وعترة نبيه، أخيار أبناء أخيار([476]).
وكان معاوية يكتب فيما ينزل به ليسأل له علي عليه السلام عن ذلك، فلما بلغه قتله قال: ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبي طالب عليه السلام. فقال له أخوه عتبة: لا يسمع هذا منك أهل الشام. فقال له: دعني عنك([477]).
ولما جاء نعيه عليه السلام إلى معاوية، فاسترجع، وكان قائلاً مع امرأته فاختة بنت قرظة نصف النهار في يوم صائف، فقعد باكياً وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ماذا فقدوا من العلم؟ فقالت له امرأته: تسترجع عليه اليوم وتبكي وأنت تطعن عليه بالأمس؟! فقال: ويحك! لا تدرين ما ذهب من علمه وفضله وسوابقه، وما فقد الناس من حلمه وعلمه([478]).
وسأل معاوية عقيلاً عن قصة الحديدة المحماة، فبكى عقيل وقال: أنا أحدثك يا معاوية عنه! ثم أحدثك عما سألت. نزل بالحسين عليه السلام ابنه ضيف، فاستسلف درهماً اشترى به خبزاً، واحتاج إلى الإدام، فطلب من قنبر خادمهم أن يفتح له زقاً من زقاق العسل جاءتهم من اليمن، فأخذ منه رطلاً، فلما طلبها علي عليه السلام ليقسمها قال: يا قنبر! أظن أنه حدث بهذا الزق حدث، فأخبره. فغضب عليه السلام وقال: علي بالحسين، فرفع عليه الدرة. فقال الحسين عليه السلام: بحق عمي جعفر -وكان علي عليه السلام إذا سئل بحق جعفر سكن-. فقال له: فداك أبوك، وإن كان لك فيه حق فليس لك أن تنتفع بحقك قبل أن ينتفع المسلمون بحقوقهم! أما لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقبل ثنيتك لأوجعتك ضرباً. ثم دفع إلى قنبر درهماً كان مصروراً في ردائه وقال: اشتر به خير عسل تقدر عليه. قال عقيل: والله لكأني أنظر إلى يدي علي عليه السلام وهي على فم الزق، وقنبر يقلب العسل فيه، ثم شده وجعل يبكي ويقول: اللهم اغفر لحسين فإنه لم يعلم. فقال معاوية: ذكرت من لا ينكر فضله، رحم الله أبا حسن! فلقد سبق من كان قبله، وأعجز من يأتي بعده! هلم حديث الحديدة. قال عقيل: نعم. أقويت وأصابتني مخمصة شديدة فسألته فلم تند صفاته، فجمعت صبياني وجئته بهم والبؤس والضر ظاهران عليهم. فقال عليه السلام: ائتني عشية لأدفع إليك شيئاً، فجئته يقودني أحد ولدي فأمره بالتنحي، ثم قال: ألا فدونك فأهويت - حريصاً قد غلبني الجشع - أظنها صرة فوضعت يدي على حديدة تلتهب، فلما قبضتها نبذتها وخرت كما يخور الثور تحت يد جازره. فقال عليه السلام: ثكلتك أمك! أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه! أتئن من الأذى ولا أئن من لظى؟ ثم قرأ: (إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ) [غافر: 71] ثم قال: ليس لك عندي فوق حقك الذي فرضه الله لك إلا ما ترى، فانصرف إلى أهلك. فجعل معاوية يتعجب من هذه الحكاية ويقول: هيهات هيهات! عقمت الأمهات أن يلدن مثله([479]).

     وقد اعترف علماء الشيعة بذلك رغم كل محاولاتهم لتشويه الحقائق وإظهار الحقيقة بصورة مغايرة للواقع، فهذا الطبرسي مثلاً يقول: وكذلك معاوية - وإن كان قد أظهر عداوته، وبنى أكثر أموره على العناد - لم ينكر جميع حقوقه، ولا دفع عظيم منزلته في الدين، بل قفا أثر طلحة والزبير في التعلل بطلب دم عثمان، وكان يظهر القناعة منه بأن يقره على ولايته التي ولاه إياها من كان قبله، فيكف عن خلافه، ويصير إلى طاعته، ولم يمكنه الدفع لكونه عليه السلام الأفضل في الإسلام والشرف والوصلة بالنبي عليه السلام والعلم والزهد، ولا الإنكار لشيء من ذلك، ولا الادعاء لنفسه مساواته فيه، أو مقارنته ومداناته، وقد كان يحضره الجماعة كالحسن بن علي وابن عباس وسعد بن مالك فيحتجون عليه بفضل أمير المؤمنين عليه السلام على جميع الصحابة، فلا يقدم على الإنكار عليهم، مع إظهاره في الظاهر البراءة منه، والخلاف عليه. وكان تقدم عليه وفود أهل العراق من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام فيجرعونه السم الذعاف من مدح إمام الهدى صلوات الله عليه، وذمه في أثناء ذلك، فلا يكذبهم ولا يناقض احتجاجاتهم، وكان من أمر الوافدات عليه في هذا المعنى ما هو مشهور، مدون في كتب الآثار مسطور([480]).
     ولم يسعفهم الحظ في نقلٍ صحيح في ذم الآل حتى عن يزيد. يقول الطبرسي: قد كان من أمر ابنه يزيد لعنه الله مع الحسين عليه السلام ما كان من القتل والسبي والتنكيل، ومع ذلك فلم يحفظ عنه ذمه بما يوجب إخراجه عن موجب التعظيم، بل قد أظهر الندم على ذلك، ولم يزل يعظم سيد العابدين عليه السلام بعده، ويوصي به، حتى أنه آمنه من بين أهل المدينة كلهم في وقعة الحرة، وأمر مسلم بن عقبة بإكرامه، ورفع محله، وأمانه مع أهل بيته ومواليه([481]).
     حتى أقروا بذلك لجميع الأمة فقال الطبرسي: ومما يدل على إمامتهم أيضا إجماع الأمة على طهارتهم وظاهر عدالتهم وعدم التعلق عليهم أو على أحد منهم بشيء يشينه في ديانته([482]).
     عدنا.
     وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: معاشر الناس أحبوا عليا فإن لحمه لحمي، ودمه دمي، لعن الله أقواما من أمتي ضيعوا فيه عهدي ونسوا فيه وصيتي، ما لهم عند الله من خلاق([483]).
     وعنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: النظر إلى وجه علي بن أبي طالب عبادة ([484])   
     وعنه أيضاً وقد ذكروا عليا عليه السلام فقال: إنه كان من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمنزلة خاصة، ولقد كانت له عليه دخلة لم تكن لأحد من الناس([485]).
     وقال رضي الله عنه أيضاً: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من رزقه الله حب الأئمة من أهل بيتي فقد أصاب خير الدنيا والآخرة، فلا يشكن أحد أنه في الجنة فإن في حب أهل بيتي عشرون خصلة، عشر منها في الدنيا وعشر منها في الآخرة.الرواية([486]).
     وعنه أيضاً قال: أمر الناس بخمس، فعملوا بأربع وتركوا واحدة فقيل: يا أبا سعيد ما هذه الأربع التي عملوا بها ؟، فقال: الصلاة، والزكاة، والحج، وصوم شهر ومضان، فقيل: فما الواحدة التي تركوها ؟، قال: ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام([487]).
     وقوله أيضاً: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اشتد غضب الله على اليهود حين قالوا: عزير ابن الله، واشتد غضب الله على النصارى حين قالوا: المسيح ابن الله، واشتد غضب الله على من أراق دمي وآذاني في عترتي([488]).
     وقال أيضاً في قوله تعالى: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ  [محمد: 30] قال: ببغض علي بن أبي طالب عليه السلام([489]).
     وعنه أيضاً قال: لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى تسأل عن أربعة عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن حبنا أهل البيت ([490]).
     وقال: كانت أمارة المنافقين بغض علي بن أبي طالب عليه السلام، فبينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد ذات يوم، في نفر من المهاجرين والأنصار، وكنت فيهم، إذ أقبل علي عليه السلام فتخطى القوم حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان هناك مجلسه الذي يعرف به، فسار رجل رجلا وكانا يرميان بالنفاق، فعرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أرادا، فغضب غضبا شديدا حتى التمع وجهه، ثم قال: والذي نفسي بيده، لا يدخل عبد الجنة حتى يحبني، ألا وكذب من زعم أنه يحبني وهو يبغض هذا، وأخذ بكف علي عليه السلام، فأنزل الله عز وجل هذه الآية في شأنهما: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [المجادلة: 9]([491]).
     وعن عبد الله بن عمر قال: كنا نفاضل فنقول: أبو بكر، وعمر وعثمان ويقول: قائلهم فلان وفلان. فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمان فعلي ؟ قال: علي من أهل بيت لا يقاس بهم أحد من الناس، علي مع النبي في درجته([492]).
     وعن عبد الرحمن بن عوف سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنا الشجرة، وفاطمة فرعها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرتها، وشيعتنا ورقها، وأصل الشجرة في جنة عدن، وسائر ذلك في الجنة([493]).
     وقال عمرو بن العاص لمعاوية مادحاً علي عليه السلام:
معاوي لا تشمت بفارس بهمة * لقى فارسا لا تعتليه الفوارس
معاوي لو أبصرت في الحرب مقبلا * أبا حسن يهوي دهتك الوساوس
وأيقنت أن الموت حق وأنه * لنفسك إن لم تمعن الركض خالس([494]).
     وعن عبد الله بن مسعود، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالسا في جماعة من أصحابه إذ أقبل علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في حكمته، وإلى إبراهيم في حلمه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب ([495]).
     وعنه أيضاً قال: قرأت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبعين سورة من القرآن، أخذتها من فيه، وزيد ذو ذؤابتين يلعب مع الصبيان، وقرأت سائر - أو قال: بقية - القرآن على خير هذه الأمة وأقضاهم بعد نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب صلوات الله عليه([496]).
     وقال رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كان يوم القيامة يقعد علي بن أبي طالب عليه السلام على الفردوس، وهو جبل قد علا على الجنة وفوقه عرش رب العالمين، ومن سفحه تنفجر أنهار الجنة وتتفرق في الجنان، وهو جالس على كرسي من نور، يجري بين يديه نهر من التسنيم لا يجوز أحد على الصراط إلا ومعه براءة بولاتيه وولاية أهل بيته، وهو مشرف على الجنة فيدخلها محبيه، ومشرف على النار فيدخلها مبغضيه([497]).
     وعن أبي موسى الأشعري وابن عباس، قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأمتي، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض ([498]).
     وعن سعيد بن المسيب: سألت سعد بن أبي وقاص، أسمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس معي نبي ؟ قال: نعم. فقلت: أنت سمعته ؟ قال: فأدخل إصبعيه في أذنيه وقال: نعم، والا فاستكتا([499]).
     وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن أخي ووزيري ووصيي علي بن أبي طالب([500]).
     وعنه أيضاً قال: والله الذي لا اله الا هو لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب([501]).
     وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفا لا حساب عليهم. قال أنس: ثم التفت إلى علي عليه السلام فقال: هم من شيعتك وأنت إمامهم([502]).
     وقوله: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: والذي بعثني بالحق نبيا لو جاء أحدكم يوم القيامة بأعمال كأمثال الجبال ولم يجئ بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام لأكبه الله عز وجل في النار([503]).
     وعنه أيضاً قال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتى ذات يوم ويده في يد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ولقيه رجل إذ قال له: يا فلان لا تسبوا عليا فإنه من سبه فقد سبني ومن سبني فقد سب الله، والله يا فلان إنه لا يؤمن بما يكون من علي وولد علي في آخر الزمان إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد قد امتحن الله قلبه للإيمان، يا فلان إنه سيصيب ولد عبد المطلب بلاء شديد وأثرة وقتل وتشريد فالله الله يا فلان في أصحابي وذريتي وذمتي فإن لله يوم ينتصف فيه للمظلوم من الظالم. إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ [الحجرات: 4]([504]).
فهذه نماذج بسيطة عن بعض الصحابة فيما ورد من طرق الإمامية في فضائل أمير المؤمنين علي رضي الله وأرضاه.
ولو أردنا استيفاء كل ما جاء في هذا الشأن من موارده لطال الباب، وخرجنا عن خطة الكتاب، ولكن فيما ذكرنا كفاية لمن أراد الله له الهداية.

 
روايات في فضائل أمير المؤمنين وآل البيت رضي الله عنهم من طرق أهل السنة
     ربما يتوهم متوهم هنا أن أهل السنة والجماعة لا يروون أمثال هذه الفضائل في كتبهم، حسداً وبغضاً لأهل البيت رضي الله عنهم كما يروج ذلك أعداؤهم.
فأقول: إن من إنصاف أهل السنة أنهم يردون أي حديث أو رواية في فضائل الشيخين وسائر الصحاية رضي الله عنهم أجمعين إن كانت ضعيفة، ويأخذون بأحاديث فضائل أمير المؤمنين رضي الله عنه وسائر الصحابة إن كانت صحيحة، خلافاً لمنهج من سواهم من فرق المسلمين.
ومصنفات أهل السنة مليئة بروايات فضائل أهل البيت رضي الله عنهم، سواء أصحت أم لم تصح، يذكرونها أمانة في النقل، لإيراد كل ما جاء في الباب دون اعتبار صحة السند، كشأن جل المصنفِين، عملاً بمقولة: من أسند فقد برئت ذمته.
وهذه نماذج مختصرة لبعض الراويات التي حوتها مصادر أهل السنة في فضائل علي رضي الله عنه، تردُ على من يتهمهم بأنهم يكتمون فضائله، يذكرونها رغم أن جلها لم تصح، فكيف يزعمون أنهم كتموا ما صح؛ ونحن هنا عندما نوردها لن نقوم بتوثيقها أو تخريجها وإنما سنذكرها إجمالاً على سبيل الحكاية، وهي آثار ومرويات كثيرة منها الصحيح والضعيف والموضوع.
منها:

  •  علي سيد المسلمين.
  •  علي إمام المتقين.
  •  علي قائد الغر المحجلين.
  •  علي يعسوب المؤمنين.
  •  علي ولي المتقين.
  •  علي يعسوب الدين.
  •  علي أمير المؤمنين أمير كل مؤمن.
  •  علي سيد ولد آدم ما خلا النبيين.
  •  علي خاتم الوصيين.
  •  علي أول من يرى رسول الله يوم القيامة.
  •  علي أول من يصافح النبي يوم القيامة.
  •  علي الصديق الأكبر.
  •  علي فاروق هذه الأمة.
  •  علي الفاروق بين الحق والباطل.
  •  علي أول من صدق رسول الله آمن رسول الله.
  •  علي أول من آمن بالله.
  •  علي يعسوب المسلمين.
  •  علي خليفة رسول الله في أمته من بعده.
  •  علي يعسوب قريش.
  •  علي خير من تركه رسول الله.
  •  علي سيد العرب.
  •  علي سيد في الدنيا والآخرة.
  •  علي سيد المؤمنين.
  •  علي وزير رسول الله.
  •  علي صاحب رسول الله.
  •  علي أول من وحد الله مع رسوله.
  •  علي منجز وعد رسول الله.
  •  علي موضع سر رسول الله.
  •  علي خير من تركه خلفه رسول الله من بعده.
  •  علي قاضي دين رسول الله.
  •  علي أخو رسول الله في الدنيا والآخرة.
  •  علي عيبة علم رسول الله.
  •  علي باب رسول الله الذي يؤتى منه.
  •  علي وصي رسول الله.
  •  علي القائم بأمر رسول الله.
  •  علي الإمام على أمة رسول الله إمام الأمة.
  •  علي خليفة الله في أرضه بعد رسوله.
  •  علي إمام خلق الله البرية.
  •  علي مولى البرية.
  •  علي وارث علم رسول الله.
  •  علي أبو ذرية النبي ولد النبي.
  •  علي عاضد رسول الله.
  •  علي أمين رسول الله على وحيه.
  •  علي مولى من كان رسول الله مولاه.
  •  علي صاحب لواء رسول الله في المحشر.
  •  علي قاضي عداء رسول الله.
  •  علي الذائد عن حوض رسول الله.
  •  علي أبو هذه الأمة.
  •  علي صاحب حوض رسول الله.
  •  علي قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.
  •  علي ولي المؤمنين كل مؤمن بعد رسول الله.
  •  علي صفي رسول الله.
  •  علي حبيب رسول الله.
  •  علي سيد الأوصياء الوصيين.
  •  علي أفضل الوصيين.
  •  علي خاتم الأوصياء.
  •  علي خير الأوصياء الوصيين.
  •  علي إمام الأتقياء.
  •  علي وارث النبي.
  •  علي سيف الله.
  •  علي الهادي.
  •  علي أبو الأئمة الطاهرين.
  •  علي أقدم الناس سلما.
  •  علي وزير رسول الله في السماء والأرض.
  •  علي أحب الأوصياء إلى الله.
  •  علي أعظم أشرف الناس حسبا.
  •  علي أكرم الناس منصبا.
  •  علي أرحم الناس بالرعية.
  •  علي أعدل الناس بالسوية في الرعية.
  •  علي أبصر الناس بالقضية.
  •  علي ولي الله.
  •  علي ولي رسول الله في الدنيا والآخرة.
  •  علي ولي المؤمنين بعد رسول الله.
  •  علي المؤدي عن رسول الله.
  •  علي إمام كل مؤمن ومؤمنة.
  •  علي ولي كل مؤمن ومؤمنة.
  •  علي الآخذ بسنة رسول الله.
  •  علي الذاب عن ملة رسول الله.
  •  علي أولى الناس بعد رسول الله.
  •  علي أول الناس المؤمنين إيماناً.
  •  علي أوفى الناس المؤمنين بعهد الله.
  •  علي أقوم الناس بعهد الله.
  •  علي أقسم الناس المؤمنين بالسوية.
  •  علي أرأف الناس المؤمنين بالرعية.
  •  علي أعدل الناس في الرعية.
  •  علي أمين الله على سره.
  •  علي أعظم الناس عند الله مزية.
  •  علي سيد الأولين والآخرين ما خلا النبيين.
  •  علي قبلة العارفين.
  •  علي أول المسلمين الأصحاب إسلاماً.
  •  علي أقدم الأمة سلما إيماناً.
  •  علي أكثر الأمة علماً.
  •  علي أعظم الأمة أفضل الأمة.
  •  أوفر الأمة حلما أحلم الناس.
  •  علي أحسن الناس خلقاً.
  •  علي أعلم الأمة بالله.
  •  علي أول الناس ورودا على الحوض.
  •  علي آخر الناس عهدا برسول الله.
  •  علي أول الناس لقيا برسول الله.
  •  علي أشجع الناس قلباً.
  •  علي أسخى الناس كفاً.
  •  علي قسيم الجنة والنار.
  •  علي أصح الناس ديناً.
  •  علي أفضل الناس يقينا.
  •  علي أكمل الناس حلما.
  •  علي راية الهدى.
  •  علي منار الإيمان.
  •  علي إمام أولياء الله.
  •  علي نور جميع من أطاع الله.
  •  علي صاحب راية رسول الله يوم القيامة.
  •  علي أمين رسول الله.
  •  علي ثقة رسول الله.
  •  على مفاتيح خزائن رحمة الله.
  •  علي كبير الناس.
  •  علي نور أولياء الله.
  •  علي إمام من أطاع الله.
  •  علي أمين رسول الله في القيامة.
  •  علي صاحب حوض رسول الله.
  •  علي حبيب قلب رسول الله.
  •  علي مستودع مواريث الأنبياء.
  •  علي أمين الله على أرضه.
  •  علي حجة الله على بريته.
  •  علي ركن الإيمان.
  •  علي عمود الإسلام.
  •  علي مصباح الدجى.
  •  علي منار الهدى.
  •  علي العلم المرفوع لأهل الدنيا.
  •  علي الطريق الواضح.
  •  علي الصراط المستقيم.
  •  علي الكلمة التي ألزمها الله المتقين.
  •  علي أعلم المؤمنين بأيام الله.
  •  علي أعظم المؤمنين رزية.
  •  علي غاسل رسول الله.
  •  علي دافن رسول الله.
  •  علي المتقدم إلى كل شديدة وكريهة.
  •  علي أقوم الناس بأمر الله.
  •  علي الرءوف بالناس.
  •  علي الأواه.
  •  علي الحليم.
  •  علي أفضل الناس منزلة.
  •  علي أقرب الناس قرابة.
  •  علي أعظم الناس غنى.
  •  علي حجة رسول الله.
  •  علي باب الله.
  •  علي خليل الله.
  •  علي خليل رسول الله.
  •  علي سيف رسول الله.
  •  علي الطريق إلى الله.
  •  علي النباء العظيم.
  •  علي المثل الأعلى.
  •  علي إمام المسلمين.
  •  علي سيد الصديقين.
  •  علي قائد المسلمين إلى الجنة.
  •  علي أتقى الناس.
  •  أفضل الناس هذه الأمة.
  •  أعلم الناس.
  •  صالح المؤمنين.
  •  عالم الناس الدال.
  •  العابد.
  •  الهادي.
  •  المهدي.
  •  الفتى.
  •  المجتبى للإمامة.
  •  صاحب رسول الله في المقام المحمود.
  •  الملك في الآخرة.
  •  صاحب سر رسول الله.
  •  الأمين في أهل الأرض.
  •  الأمين في أهل السماء.
  •  محيي سنة رسول الله.
  •  ممسوس في ذات الله.
  •  أكمل الأمة يقينا.
  •  مقيم الحجة.
  •  حجة النبي على أمته يوم القيامة.
  •  علي شيخ المهاجرين والأنصار.
  •  لحم رسول الله ودمه وشعره.
  •  أبو السبطين.
  •  أبو الريحانتين.
  •  مفرج الكرب عن رسول الله.
  •  أسد الله في أرضه.
  •  سيف الله على أعدائه.
  •  حبيب الله.
  •  حامل راية رسول الله.
  •  صاحب لواء الحمد.
  •  أول من يدخل الجنة.
  •  أول من يقرع باب الجنة.
  •  رباني هذه الأمة.
  •  ديان العرب.
  •  ديان هذه الأمة.
  •  ذو قرني الجنة.
  •  عبقري أصحاب رسول الله.
  •  أمير البررة، وقاتل الفجرة، وقاتل الكفرة.
  •  الأخيشن الأخشن المخشوشن الأخشى في ذات الله.
  •  علي صهر رسول الله.
  •  خير البشر.
  •  خير الناس.
  •  خير الناس.
  •  خير الرجال.
  •  خير هذه الأمة بعد نبيها.
  •  خير من طلعت عليه الشمس وغربت بعد النبي.
  •  صاحب رسول الله في الجنة.
  •  أمير آيات القرآن.
  •  صاحب لواء رسول الله في الدنيا والآخرة.
  •  إمام البررة.
  •  رفيق رسول الله في الجنة.
  •  أحب الخلق إلى الله ورسوله.
  •  باب العلم.
  •  أحب الرجال إلى النبي.
  •  أقرب الناس من رسول الله.
  •  أجود الناس منزلة.
  •  أعظم الناس عند الله عناء.
  •  أعظم الناس على الله.
  •  علي قائد الأمة إلى الجنة.
  •  حجة الله على الناس بعد رسول الله.
  •  أمين رسول الله.
  •  الصديق.
  •  الشاهد.
  •  أقرب الناس إلى الجنة.
  •  قائد المؤمنين إلى الجنة.
  •  المهتدي.
  •  أبو اليتامى والمساكين.
  •  زوج الأرامل.
  •  ملجأ كل ضعيف.
  •  مأمن كل خائف.
  •  حبل الله المتين.
  •  العروة الوثقى.
  •  كلمة التقوى.
  •  عين الله.
  •  لسان الله الصادق.
  •  جنب الله.
  •  يد الله المبسوطة على عباده بالمغفرة والرحمة.
  •  علي باب الحطة.
  •  علي أول من صدق رسول الله.
  •  أول من وحد الله.
  •  باب علم رسول الله.
  •  باب مدينة العلم.
  •  أبو العترة الطاهرة الهادية.
  •  وارث علم النبيين.
  •  أحكم الناس حكما.
  •  حجة الله في أرضه بعد النبي.
  •  علي أمين رسول الله على حوضه.
  •  ولي كل مؤمن ومؤمنة كل مسلم ومسلمة.
  •  ولي من كان رسول الله وليه.
  •  خليفة الله على عباده.
  •  المبلغ من الله ورسوله.
  •  قاصم عداة رسول الله.
  •  خدن رسول الله.

وغيرها كثير ونكتفي بهذا القدر.
ويقيناً أن الكثير من الشيعة قد يدهش لوجود أمثال هذه الروايات عند أهل السنة وكيف أن الصورة التي رسمها ويرسمها لهم مشايخهم مختلفة بترديدهم الدائم  أن كتب أهل السنة خالية عن ذكر فضائل آل البيت رضي الله عنهم.
وإليك المزيد من مرويات فضائلهم من طرق أهل السنة، والروايات الآتية جميعما صحيحة السند.
     فعن أبي بكر رضي الله عنه قال: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي([505]).
     وعنه أيضاً رضي الله عنه قال: ارقبوا محمدا صلى الله عليه وسلم في أهل بيته([506]).
     وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم للحسن اللهم إني أحبه فأحبه وأحبب من يحبه([507]).
     وعنه أيضاً رضي الله عنه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر لأعطين هذه الراية رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه قال عمر بن الخطاب ما أحببت الإمارة إلا يومئذ قال فتساورت لها رجاء أن ادعى لها قال فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فأعطاه إياها([508]).
     وعن عقبة بن الحارث قال رأيت أبا بكر رضي الله عنه وحمل الحسن وهو يقول بأبي شبيه بالنبي ليس شبيه بعلي وعلي يضحك([509]).
وعن عبد اللَّه بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال النبي الله صلى الله عليه وسلم هما ريْحانتاي من الدنيا([510]).
     وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال أخرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم الحسن فصعد به المنبر فقال ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين([511]).
     وعن أسامة بن زيد قال كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يأخذني والحسن فيقول اللهم إني أحبهما فأحبهما([512])   
     وعن البراء رضي الله عنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم والحسن بن علي على عاتقه يقول اللهم إني أحبه فأحبه([513]).
و عن سعد بن أبي وقاص قال خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب في غزوة تبوك فقال يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان فقال أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي([514]).
وعن زيد بن أرقم فلما جلسنا إليه قال له حصين لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال يا ابن أخي والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فما حدثتكم فاقبلوا وما لا فلا تكلفونيه ثم قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي فقال له حصين ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده قال وهم ؟ قال هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس قال كل هؤلاء حرم الصدقة ؟ قال نعم([515]).
 
وعلى أي حال ليست غايتنا هنا حصر كل ما جاء من طرق أهل  السنة  في فضائل آل البيت رضي الله عنهم، ففيما أوردناه كفاية لتحقيق المقصود.

روايات أهل البيت في فضائل الصحابة رضوان الله عليهم
ولم يكن حال بقية الأئمة رحمهم الله ورضي عنهم خلاف حال الأمير علي رضي الله عنه في حب الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ومعرفة قدرهم وصدقهم كما مرَّ بك من روايات، وإليك المزيد:
فهذا الحسين رضي الله عنه يحتج على أعدائه يوم كربلاء ويأمرهم بسؤال من بقي من الصحابة رضوان الله عليهم ليخبروهم بفضله، حيث قال: وإن كذبتموني فإن فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم، اسألوا جابر بن عبدالله الأنصاري، وأبا سعيد الخدري، وسهل بن سعد الساعدي، وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك، يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة - أي: قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في السبطين رضي الله عنهما: هذان سيدا شباب أهل الجنة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لي ولأخي([516]).
فهل رأى رضي الله عنه في هؤلاء كاتمين لفضائل أهل البيت رضي الله عنهم وهو يأمر أعداءه بسؤالهم؟!
ويقيناً أنه رضي الله عنه يستحضر وهو يقول هذا، قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه رضي الله عنهم إن ابني هذا يقتل بأرض العراق، فمن أدركه منكم فلينصره.([517])
فهل رآهم صلى الله عليه وآله وسلم جاحدين لفضله وأهل بيته رضي الله عنهم فيأمرهم بنصرته.
وهذا ولده زين العابدين عليه السلام يروي عنه سعيد بن مرجانة: كنت يوماً عند علي بن الحسين عليه السلام فقلت: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله تعالى بكل إرب منها إرباً منه من النار حتى أنه ليعتق باليد اليد وبالرجل الرجل وبالفرج الفرج، فقال علي عليه السلام: أنت سمعت هذا من أبي هريرة؟ فقال سعيد: نعم. فقال لغلام له أفره غلمانه - وكان عبد الله بن جعفر قد أعطاه بهذا الغلام ألف دينار فلم يبعه -: أنت حر لوجه الله تعالى([518]).
وهذا الصادق عليه السلام وقد سأله ابن حازم عن أصحاب رسول الله: صدقوا على محمد أم كذبوا؟ فيقول: بل صدقوا. قلت: فما بالهم اختلفوا؟ فقال: أما تعلم أن الرجل كان يأتي رسول الله فيسأله عن المسألة فيجيبه فيها بالجواب، ثم يجيبه بعد ذلك بما ينسخ ذلك الجواب، فنسخت الأحاديث بعضها البعض([519]).
ولعمري ما حاد قول أهل البيت رضي الله عنهم عن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في خطبة الوداع وفي مرض موته: ليبلغ الشاهد الغائب، وكذا قال في مرض موته صلى الله عليه وآله وسلم([520])
فلم يكن يراهم كذابين ويأمرهم بالتبليغ!!
وعندما كان من يدعي أنه من شيعة أهل البيت في الكوفة يشتمون أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد سأله أبو حنيفة رحمه الله، وقال: يا ابن رسول الله! لو أرسلت إلى أهل الكوفة فنهيتهم أن يشتموا أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم فإني تركت بها أكثر من عشرة آلاف يشتمونهم؟ فقال الصادق رحمه الله: لا يقبلون مني([521]).
ولعمري فقد صدق الصادق رحمه الله، فلا يزال أهل الكوفة هم أهل الكوفة إلى يومنا هذا.
وكيف يرضى بشتمهم وقد علم أن جده صلى الله عليه وآله وسلم نهى أصحابه عن سب أبي جهل وهو من هو، فقال: يأتيكم عكرمة مؤمناً مهاجراً فلا تسبوا أباه، فإن سب الميت يؤذي الحي ولا يبلغ([522]).
وقال لأبيه: إن الله يا أبا جهل إنما دفع عنك العذاب لعلمه بأنه سيخرج من صلبك ذرية طيبة عكرمة ابنك([523]).
وعكرمة رضي الله عنه أسلم بعد فتح مكة، فهل كانت منزلة أبي جهل رأس الكفر كمنزلة الصديق والفاروق وذي النورين وبقية المهاجرين والأنصار والأصحاب؟!
وكيف يرضى بلعنهم وقد علم أن جده أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا لعن آخر هذه الأمة أولها فليرتقب عند ذلك ثلاثة: الريح الحمراء، والخسف، والمسخ. الحديث([524]).
وفي رواية: إذا لعن آخر هذه الأمة أولها فمن كان عنده علم فليظهره، فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله على محمد.
وفي أخرى: إذا لعن آخر هذه الأمة أولها، فمن كتم حديثا فقد كتم ما أنزل الله([525]).
فالأئمة كانوا يحبون أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم جميعاً، بل قد رووا فضائلهم وأثنوا عليهم، ودافعوا عنهم، ولكن من ينتسب إلى هؤلاء الأئمة هم الذين يسبون، ووضعوا في ذلك روايات ونسبوها إلى الأئمة، ولم يستجيبوا للأئمة في ترك السب لهوى في نفوسهم والله حسيبهم ومجازيهم.
وفي عجالة هذه بعض المرويات العامة في آحاد الصحابة ففيها مزيد من البيان لفضائلهم رضي الله عنهم أجمعين:
     عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن لكل نبي أمينا، وإن أميني أبو رافع([526]).
     قال رسول الله صلى الله عليه وآله: معاشر الناس أحبوا موالينا مع حبكم لآلنا، هذا زيد بن حارثة وابنه أسامة من خواص موالينا فأحبوهما، فوالذي بعث محمدا بالحق نبيا لينفعكم حبهما ". قالوا: وكيف ينفعنا حبهما ؟ قال: إنهما يأتيان يوم القيامة عليا عليه السلام بخلق عظيم من محبيهما أكثر من ربيعة ومضر بعدد كل واحد منهم، فيقولان: يا أخا رسول الله هؤلاء أحبونا بحب محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وبحبك، فيكتب لهم علي عليه السلام جوازا على الصراط، فيعبرون عليه ويردون الجنة سالمين([527]).
     قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في زيد بن أرقم وقد عاده من مرض كان به: ليس عليك من مرضك بأس، ولكن كيف بك إذا عمرت بعدي فعميت ؟ قال: إذا أحتسب وأصبر، قال: إذا تدخل الجنة بغير حساب([528]).
     قال رسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: دخلت الجنة فإذا على حافتيها بيوتي وبيوت أزواجي وإذا ترابها كالمسك فإذا جارية تنغمس في أنهار الجنة فقلت لمن أنت يا جارية ؟ فقالت لزيد ابن حارثة فبشرته بها حين أصبحت([529]).
     قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:.أخذ اللواء زيد بن حارثة فقاتل زيد فقتل، فرحم الله زيدا. ثم أخذ اللواء جعفر بن أبي طالب فقاتل جعفر فقتل، فرحم الله جعفرا. ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فقاتل عبد الله بن رواحة فقتل فرحم الله عبد الله. قال: فبكى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وهم حوله فقال: ما يبكيكم ؟ فقالوا: ما لنا لا نبكي وقد ذهب خيارنا وأشرافنا وأهل الفضل منا. فقال: لا تبكوا، فإنما مثل أمتي كمثل حديقة قام عليها صاحبها فأصلح رواكيها وهيأ مساكبها. وحلق سعفها، فأطعمت عاما فوجا. ثم عاما فوجا، ثم عاما فوجا فلعل آخرها طعما أن يكون أجودها قنوانا. وأطولها شمراخا. والذي بعثني بالحق ليجدن ابن مريم في أمتي خلفا من حواريه([530]).
     عن ابن عباس في قوله: أول من يشفع يوم القيامة في أمته رسول الله وأول من يشفع في أهل بيته وولده أمير المؤمنين وأول من يشفع في الروم المسلمين صهيب وأول من يشفع في مؤمني الحبشة بلال([531]).
     أن عليا عليه السلام جاء في نفر من المسلمين نحو سلمان وأبي ذر والمقداد وبلال وخباب وصهيب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسخر بهم أبو جهل والمنافقون وضحكوا وتغمزوا ثم قالوا لأصحابهم: رأينا اليوم الأصلع فضحكنا منه، فأنزل الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ [المطففين: 29] السورة، فَالْيَوْمَ الَّذِينَ  يعني عليا وأصحابه مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ [المطففين: 34]) يعني أبا جهل وأصحابه إذا رأوهم في النار وهم على الأرائك ينظرون. وفي رواية: عن ابن مسعود وابن عباس " إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا " يعني كفار قريش ومترفيهم كأبي جهل والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وأصحابهم " كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا " يعني أصحاب النبي صلى الله عليه وآله مثل عمار وخباب وبلال وغيرهم " يَضْحَكُونَ " على وجه السخرية بهم والاستهزاء في دار الدنيا "([532]).
     وقف أمير المؤمنين عليه السلام على قبر خباب بن الأرت في ظهر الكوفة، وهو أول من دفن هناك فقال عليه السلام - في تأبينه -: رحم الله خبابا، لقد أسلم راغبا، وهاجر طائعا، وعاش مجاهدا، وابتلي في جسمه أحوالا، ولن يضيع الله أجر من أحسن عملا([533]).
     عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من كان كثير القراءة لسورة الأحزاب كان يوم القيامة في جوار محمد صلى الله عليه وآله وأزواجه([534]).
     إن الله عز وجل عرف نبيه أسماء أزواجه في دار الدنيا، وأسماء أزواجه في الآخرة، وأنهن أمهات المؤمنين، وأحد من سمى له زينب بنت جحش([535]).
     قال رسول الله صلى الله عليه وآله ,وسلم: أم أيمن امرأة من أهل الجنة([536]).
     أن سعد بن عبادة الأنصاري أتاه عشية وهو صائم فدعاه إلى طعامه، ودعا معه علي بن أبي طالب عليه السلام، فلما أكلوا قال النبي صلى الله عليه وآله: نبي ووصي، يا سعد أكل طعامك الأبرار، وأفطر عندك الصائمون، وصلت عليكم الملائكة. فحمله سعد على حمار قطوف وألقى عليه قطيفة([537]).
     عن جعفر ابن محمد، عن أبيه عليهما السلام: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى على سعد بن معاذ، فقال: لقد وافى من الملائكة للصلاة عليه تسعون ألف ملك، وفيهم جبرئيل يصلون عليه. فقلت: يا جبرئيل، بما استحق صلاتكم عليه ؟ قال: بقراءته قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص] قائما وراكبا وماشيا وذاهبا وجائيا([538]).
     أن النبي قال لسعد: اللهم سدد رميته وأجب دعوته، وذلك أنه كان يرمي، فيقال أنه تخلف يوم القادسية عن الوقعة لفترة عرضت له فقال فيه الشاعر:
ألم تر أن الله أظهر دينه   * وسعد بباب القادسية معصم
رجعنا وقد آمت نساء كثيرة * ونسوة سعد ليس فيهن أيم
فبلغ ذلك سعدا فقال: اللهم اخرس لسانه فشهد حربا فأصابته رمية فخرس من ذلك لسانه. ورأي سعد رجلا بالمدينة راكبا على بعير يشتم عليا عليه السلام فقال: اللهم إن كان هذا الشيخ وليا من أوليائك فأرنا قدرتك فيه فنفر به بعير فألقاه فاندقت رقبته([539]).
     عن علي عليه السلام: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفدي رجلا بأبويه إلا سعدا، سمعته يقول: ارم سعد، فداك أبي وأمي([540]).
     أن أبا أيوب الأنصاري رئي عند خليج قسطنطينية فسئل عن حاجته، قال: أما دنياكم فلا حاجة لي فيها، ولكن إن مت فقدموني ما استطعتم في بلاد العدو، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: يدفن عند سور القسطنطينية رجل صالح من أصحابي، وقد رجوت أن أكونه، ثم مات، فكانوا يجاهدون والسرير يحمل ويقدم([541]).
     لما أقبل أهل مؤتة تلقاهم النبي صلى الله عليه وآله فجعلت الصحابة يحثون عليهم التراب ويقولون: يا فرار فررتم عن سبيل الله، فقال صلى الله عليه وآله: ليسوا بفرار ولكنهم الكرار. وفي رواية: أنتم الكرار في سبيل الله([542]).
     عن العسكري عليه السلام: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أعجب أمر هؤلاء الملائكة حملة العرش في كثرتهم وقوتهم وعظم خلقهم ؟. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: هؤلاء مع قوتهم لا يطيقون حمل صحائف يكتب فيها حسنات رجل من أمتي، قالوا: ومن هو يا رسول الله لنحبه ونعظمه ونتقرب إلى الله بموالاته ؟ قال: سعد بن معاذ الأوسي الأنصاري. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عباد الله إنما يعرف الفضل لأهل الفضل أهل الفضل ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لسعد: أبشر فإن الله يختم لك بالشهادة ويهلك بك أمة من الكفرة ويهتز عرش الرحمان لموتك ويدخل بشفاعتك الجنة مثل عدد شعور حيوانات بني كلب([543]).
     قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عباد الله هذا سعد بن معاذ من خيار عباد الله آثر رضى الله على سخط قراباته وأصهاره من اليهود، وأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر([544]).
     عن الصادق عليه السلام  قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن سعد بن معاذ قد مات. فقام صلى الله عليه وآله وسلم وقام أصحابه معه فأمر بغسل سعد وهو قائم على عضادة الباب، فلما أن حنط وكفن وحمل على سريره، تبعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلا حذاء ولا رداء، ثم كان يأخذ يمنة السرير مرة ويسرة السرير مرة حتى انتهى به إلى القبر، فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى لحده وسوى اللبن عليه وجعل يقول: ناولوني حجرا، ناولوني ترابا رطبا، يسد به ما بين اللبن، فلما أن فرغ وحثا التراب عليه وسوى قبره، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إني لأعلم أنه سيبلى ويصل البلى إليه، ولكن الله يحب عبدا إذا عمل عملا أحكمه. فرجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ورجع الناس، فقالوا له: يا رسول الله، لقد رأيناك صنعت على سعد ما لم تصنعه على أحد، إنك تبعت جنازته بلا رداء ولا حذاء ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إن الملائكة كانت بلا رداء ولا حذاء، فتأسيت بها، قالوا: وكنت تأخذ يمنة السرير مرة ويسرة السرير مرة ؟ قال: كانت يدي في يد جبرئيل عليه السلام آخذ حيث يأخذ.([545]).
     إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج في جنازة سعد وقد شيعه سبعون ألف ملك([546]).
     عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان البراء بن معرور الأنصاري بالمدينة، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة، والمسلمون يصلون إلى بيت المقدس فأوصى إذا دفن ان يجعل وجهه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فجرت فيه السنة ونزل به الكتاب. وفي رواية: وأنه أوصى بثلث ماله فنزل به الكتاب وجرت به السنة([547]).
     عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجل يقال له: ذو النمرة وكان من أقبح الناس وإنما سمي ذو النمرة من قبحه فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله أخبرني ما فرض الله عز وجل علي فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فرض الله عليك سبعة عشر ركعة في اليوم والليلة وصوم شهر رمضان إذا أدركته والحج إذا استطعت إليه سبيلا والزكاة وفسرها له، فقال: والذي بعثك بالحق نبيا ما أزيد ربي على ما فرض علي شيئا، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ولم يا ذا النمرة فقال: كما خلقني قبيحا قال: فهبط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله: إن ربك يأمرك أن تبلغ ذا النمرة عنه السلام وتقول له: يقول لك ربك تبارك وتعالى: أما ترضى أن أحشرك على جمال جبرئيل عليه السلام يوم القيامة ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا ذا النمرة هذا جبرئيل يأمرني أن أبلغك السلام ويقول لك ربك: أما ترضى أن أحشرك على جمال جبرئيل ؟ فقال: ذو النمرة فإني رضيت يا رب فوعزتك لأزيدنك حتى ترضى([548]).
     عن الصادق عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اشترى فرسا من أعرابي فأعجبه فقام أقوام من المنافقين حسدوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ما أخذ منه فقالوا للأعرابي: لو تبلغت به إلى السوق بعته بأضعاف هذا فدخل الأعرابي الشره فقال، ألا أرجع فأستقيله ؟ فقالوا: لا ولكنه رجل صالح فإذا جاءك بنقدك فقل: ما بعتك بهذا فإنه سيرده عليك فلما جاء النبي صلى الله عليه وآله أخرج إليه النقد فقال: ما بعتك بهذا فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: والذي بعثني بالحق لقد بعتني بهذا فقام خزيمة بن ثابت فقال يا أعرابي أشهد لقد بعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الثمن الذي قال: فقال الأعرابي: لقد بعته وما معنا من أحد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لخزيمة: كيف شهدت بهذا ؟ فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي تخبرنا عن الله وأخبار السماوات فنصدقك ولا نصدقك في ثمن هذا فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شهادته شهادة رجلين فهو ذو الشهادتين([549]).
     عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال " بشر قاتل ابن صفية بالنار "([550]).
     ولما جاءه ابن جرموز برأس الزبير وسيفه تناول سيفه وقال عليه السلام: سيف طال ما جلى به الكرب عن وجه رسول الله. وفي رواية: طالما جلد به الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ([551]).
     تهيأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في رجب لغزو الروم، وكتب إلى قبائل العرب ممن قد دخل في الإسلام وبعث إليهم الرسل يرغبهم في الجهاد والغزو، وكتب إلى تميم وغطفان وطي، وبعث إلى عتاب بن أسيد عامله على مكة يستنفرهم لغزو الروم. فلما تهيأ للخروج قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ورغب في المواساة وتقوية الضعيف والإنفاق، فكان أول من أنفق فيها عثمان بن عفان جاء بأواني من فضة فصبها في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجهز ناسا من أهل الضعف، وهو الذي يقال إنه جهز جيش العسرة. وقدم العباس على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأنفق نفقة حسنة وجهز، وسارع فيها الأنصار، وأنفق عبد الرحمن والزبير وطلحة، وأنفق ناس من المنافقين رياء وسمعة، فنزل القرآن بذلك([552]).
     وعن العسكري: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أعجب أمر هؤلاء الملائكة حملة العرش في كثرتهم وقوتهم وعظم خلقهم ؟. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: هؤلاء مع قوتهم لا يطيقون حمل صحائف يكتب فيها حسنات رجل من أمتي، قالوا: ومن هو يا رسول الله لنحبه ونعظمه ونتقرب إلى الله بموالاته ؟ قال: سعد بن معاذ الأوسي الأنصاري. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عباد الله إنما يعرف الفضل لأهل الفضل أهل الفضل ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لسعد: أبشر فان الله يختم لك بالشهادة ويهلك بك أمة من الكفرة ويهتز عرش الرحمان لموتك ويدخل بشفاعتك الجنة مثل عدد شعور حيوانات بني كلب([553]).
والحق: أن هذه المسألة يطول فيها الكلام، ولو ذهبنا إلى إيراد كل ما ورد في فضل الصحابة رضي الله عنهم من كتب الشيعة لطال بنا المقام، ولكن فيما أوردناه في هذه العجالة كفاية لمن شرح الله صدره.

عقيدة الشيعة في الصحابة رضي الله عنهم
والآن. وبعد أن عشنا كل هذه اللحظات المفعمة بالحب والثناء المتبادل بين الآل والأصحاب رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين، نأتي إلى السؤال الجدير بالطرح هنا وهو: ما موقف القوم وهم يدعون اتباعهم لأهل البيت رحمهم الله من تلك الروايات، وكلها من طرق الأئمة، وثابتة في مصنفاتهم، وقد رأيت أنها تخالف عقيدتهم في الصحابة؟
وستقف عزيزي القارئ هنا على حقيقة هامة وهي: أن التشيع شيء والرفض شيء آخر، وقد عزمت إن شاء الله تعالى إن كان في العمر بقية أن أصنف كتاباً في هذا الشأن، اخترت له اسم: "أئمة أهل البيت وأئمة الرافضة صورتان متضادتان"، وسيقف فيه القارئ على حقيقة: أن جل ما في أيدي الشيعة اليوم ليس له صلة بأئمة أهل البيت رحمهم الله، وإنما هو من وضع أئمة الرافضة، ونسبت زوراً إلى أهل البيت رحمهم الله.
وقبل أن نجيب على موقف الشيعة -ونقصد هنا تحديداً الرافضة- عن موقفهم من هذه الروايات نبين بإيجاز نتفاً من هذه العقيدة حتى تتضح الصورة، وندع الروايات هي التي تتكلم:
أول هذه الروايات التي وضعوها ونسبوها إلى الأئمة تذكر أن الصحابة رضوان الله عليهم قد ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلم يبق إلا علي وبنو هاشم وأبو ذر وسلمان في أناس نزر([554]).
ثم جاءت روايات أخرى استثنت الكثير ممن في الرواية السابقة، فنسبوا إلى الصادق عليه السلام أنه قال: الولاية للمؤمنين الذين لم يغيروا ولم يبدلوا بعد نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم واجبة، مثل: سلمان الفارسي، وأبي ذر الغفاري، والمقداد بن الأسود الكندي، وعمار بن ياسر، وجابر بن عبدالله الأنصاري، وحذيفة بن اليمان، وأبي الهيثم بن التيهان، وسهل بن حنيف، وأبي أيوب الأنصاري، وعبدالله بن الصامت، وعبادة بن الصامت، وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين، وأبي سعيد الخدري، ومن نحا نحوهم وفعل مثل فعلهم([555]).
وعزَّ على آخرين أن يروا هذا العدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يرتد، فجعلوهم أربعة، فرووا عن علي رضي الله عنه أنه قال: إن الناس ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غير أربعة، وحددوا هؤلاء الأربعة بالمقداد بن الأسود، وأبي ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، وعمار بن ياسر([556]).
ثم أسقطوا عمار بن ياسر رضي الله عنه فرووا عن الباقر عليه السلام أنه قال: كان الناس أهل ردة. وفي رواية: ارتد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا ثلاثة، فقال الراوي: ومن الثلاثة؟ قال: المقداد، وأبو ذر، وسلمان الفارسي. وفي رواية: عن الصادق قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ارتد الناس كفاراً إلا ثلاثاً: سلمان، والمقداد، وأبوذر([557]).
وعن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما قبض صار الناس كلهم أهل جاهلية إلا أربعة: علي، والمقداد، وسلمان، وأبو ذر. فقلت: فعمار؟ فقال: إن كنت تريد الذين لم يدخلهم شيء فهؤلاء الثلاثة([558]).
ولا أدري أين ذهب الحسن والحسين وفاطمة وبقية أهل البيت عليهم السلام؟!
وعن المفضل قال: عرضت على أبي عبدالله أصحاب الردة، فكلما سميت إنساناً. قال: اعزب. حتى قلت: حذيفة؟ قال: اعزب. قلت: ابن مسعود؟ قال: اعزب. ثم قال: إن كنت تريد الذين لم يدخلهم شيء فعليك بهؤلاء الثلاثة: أبي ذر، وسلمان، والمقداد([559]).
وعن حمران بن أعين قال: قلت لأبي جعفر: جعلت فداك! ما أقلنا! لو اجتمعنا على شاة ما أفنيناها. فقال: ألا أحدثك بأعجب من ذلك؟ المهاجرين والأنصار ذهبوا. إلا وأشار بيده ثلاثة فقلت: جعلت فداك! ما حال عمار؟ قال: رحم الله عماراً أبا اليقظان! بايع وقتل شهيداً، فقلت في نفسي: ما شيء أفضل من الشهادة؟ فنظر إليَّ، فقال: لعلك ترى أنه مثل الثلاثة، هيهات، هيهات([560]).
أقول: لعل سبب ذلك أنه رضي الله عنه كثيراً ما كان يردد: غداً ألقى الأحبة، محمداً وصحبه، وفي لفظ: وحزبه([561]). فشطب اسمه من قائمة غير المرتدين.
ثم أسقط الجميع سوى المقداد، فرووا عن الباقر أنه قال: إن أردت الذي لم يشك ولم يدخله شيء فالمقداد.
وفي رواية: ما بقي أحد إلا وقد جال جولة، إلا المقداد بن الأسود فإن قلبه كان مثل زبر الحديد([562]).
ولعل سبب إسقاطهم لسلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري رضي الله عنهما أيضاً، أنهما كانا يتوليان أبا بكر وعمر رضي الله عنهما،  فحسب الأول أنه كان والياً للفاروق رضي الله عنه على المدائن([563])، وكان يردد كشأن عمار: غداً ألقى الأحبة محمداً وصحبه.
أما الآخر فقد مرَّ بك طرف من قوله لعثمان رضي الله عنه: اتبع سنة صاحبيك لا يكن لأحد عليك كلام.
وفي رواية: أما رأيت رسول الله ورأيت أبا بكر وعمر، هل هديك كهديهم؟ فدفعا ثمن ذلك بأن أسقطهم القوم من قائمة المؤمنين فألحقوهم بالمرتدين
أما القوم فيذكرون أن سبب ذلك ما رووه عن الصادق عليه السلام أنه قال: إن سلمان كان منه إلى ارتفاع النهار، فعاقبه الله أن وجئ في عنقه حتى صيرت كهيئة السَّلعة حمراء، وأبو ذر كان منه إلى وقت الظهر، فعاقبه الله إلى أن سلَّط عليه عثمان حتى حمله على قتب وأكل لحمة إليته وطرده عن جوار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأما الذي لم يتغير منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى فارق الدنيا طرفة عين فالمقداد بن الأسود([564]).
ومن يدري فلعل هناك رواية أسقطته أيضاً ولم نقف عليها.
ولا يختلف هذا الأمر عند الشيعة المعاصرين، وقد ذكرنا بعضاً من ذلك في كتابنا: التقية الوجه الآخر)، والبحث في هذا طويل وقد جمعنا في هذا الباب آلاف الأدلة والشواهد على عقيدة الشيعة في الصحابة، وستجده - إن شاء الله تعالى - في كتابنا: (تسديد الإصابة لمن أنكر طعن الشيعة وتكفيرهم للصحابة)، ضمن سلسلة الحقائق الغائبة، ولكن لا بأس من ذكر قول أو أكثر لبعض المعاصرين لمناسبة المقام.
يقول محمد رضا المظفر: مات النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ولا بدَّ أن يكون المسلمون كلهم، لا أدري الآن قد انقلبوا على أعقابهم. ([565])
ويقول نور الله التستري: جاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهدى خلقاً كثيراً، لكنهم بعد وفاته ارتدوا على أعقابهم.([566])
ويقول آخر: فكشف الله تعالى برسوله طريق الحق وأوضح لهم نهج الصدق، فأسلم القليل شوقا إلى نور الأنوار، أو خوفا من دخول النار، واستسلم الكثير رغبة في جاه الرسول المختار؛ لما سمعوا في ذلك عن راهبيهم من الأخبار، أو رهبة عن اعتضاده بصاحب ذي الفقار، والذين معه أشداء على الكفار فداموا مجبولين على توشح النفاق وترشح الشقاق. يتبسم في كل وقت ثغورهم، والله يعلم ما تكن صدورهم([567]).
ويقول حسن الخرساني: أن لعن الشيعة للصحابة أسوة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واقتفاء لأثره. وإنهم مطرودين من الحضرة النبوية وملعونين من الله على لسان سفيره([568]).
ويقول محمد الوصيدي: إن حديث ارتداد الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الأحاديث المتواترة، ووجهه: أن إنكار ضروري الدين والمذهب يوجب الإرتداد، فلما كانت الإمامة والخلافة أصلاً من أصول الدين، ومما آتاه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بالقطع، فمن ردّ على الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأنكر ماجاء به يكون مرتداً بإجماع المسلمين. وهذا معنى ارتداد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا الثلاثة المذكورة([569]).

روايات عن أئمة أهل البيت ترد عقيدة الشيعة في ردة الصحابة رضوان الله عليهم
الطريف أن من تناقضات القوم التي لا تنتهي أنهم أوردوا روايات تناقض روايات الارتداد، منها عامة وأخرى خاصة، وقبل الشروع في ذكر الروايات العامة، نورد  نماذج في تلك الخاصة التي جاءت في آحاد الصحابة رضي الله عنهم.
فمن الروايات التي ذكرت ردة الصحابة رضي الله عنهم مثلاً ما مر ذكره من رواية المفضل الذي قال فيها: عرضت على أبي عبدالله أصحاب الردة، فكلما سميت إنساناً. قال: اعزب. حتى قلت: حذيفة؟ قال: اعزب. قلت: ابن مسعود؟ قال: اعزب. ثم قال: إن كنت تريد الذين لم يدخلهم شيء فعليك بهؤلاء الثلاثة: أبي ذر، وسلمان، والمقداد.
فقد أورد القوم ما يضاد هذه الرواية، حيث ذكروا:
     والولاية للمؤمنين الذين لم يغيروا و لم يبدلوا بعد نبيهم صلى الله عليه وآله واجبة مثل حذيفة بن اليمان([570]).
     وعن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين: خلقت الأرض لسبعة، بهم يرزقون وبهم ينصرون وبهم يمطرون، منهم: سلمان الفارسي والمقداد وأبو ذر وعمار وحذيفة. وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام([571]).
     أما الروايات العامة فهاك امثلة عليها:
منها رواية الكافي عن الباقر عليه السلام أنه قال: إن الناس لما صنعوا ما صنعوا إذ بايعوا أبا بكر لم يمنع أمير المؤمنين من أن يدعو إلى نفسه إلا نظره للناس، وتخوفاً عليهم أن يرتدوا عن الإسلام، فيعبدوا الأوثان، ولا يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وكان أحب إليه أن يقرهم على ما صنعوا من أن يرتدوا عن الإسلام([572]).
    وقوله رضي الله عنه: لولا مخافة الفرقة بين المسلمين وأن يعود الكفر ويبور الدين لكنا على غير ما كنا لهم عليه فولي الأمر ولاة لم يألوا الناس خيرا([573]).
وقوله رضي الله عنه في الكتاب الذي أرسله مع مالك بن الأشتر إلى أهل مصر: أما بعد. فإن الله سبحانه بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم نذيراً للعالمين، ومهيمناً على المرسلين، فلما مضى عليه السلام تنازع المسلمون الأمر من بعده، فوالله ما كان يلقى في روعي ولا يخطر ببالي أن العرب تزعج هذا الأمر من بعده عن أهل بيته، ولا إنهم منحوه عني من بعده، فما راعني إلا انثيال الناس على أبي بكر يبايعونه، فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً، تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل، يزول منها ما كان كما يزول السراب، أو كما يتقشع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق، واطمأن الدين وتنهنه([574]).
وقوله رضي الله عنه: بايع الناس أبا بكر وأنا والله أولى بالأمر وأحق به منه، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف. ثم بايع أبو بكر لعمر وأنا والله أحق بالأمر منه فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفارا([575]).
    وقوله رضي الله عنه: لما قبض نبيه صلى الله عليه وآله وسلم استأثرت علينا قريش بالأمر ودفعتنا عن حق نحن أحق به من الناس كافة فرأيت أن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين وسفك دمائهم والناس حديثو عهد بالإسلام والدين يمخض مخض الوطب يفسده أدنى وهن ويعكسه أقل خلق فولي الأمر قوم لم يألوا في أمرهم اجتهادا ثم انتقلوا إلى دار الجزاء والله يتولى تمحيص سيئاتهم والعفو عن هفواتهم([576]).
    وقوله رضي الله عنه: قد جرت أمور صبرنا عليها وفى أعيننا القذى تسليما لأمر الله تعالى فيما امتحننا به ورجاء الثواب على ذلك وكان الصبر عليها أمثل من أن يتفرق المسلمون وتسفك دماءهم([577]).
    وقوله رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله قبض وأنا أولى الناس به وبالناس من بعده ؟ قلنا اللهم نعم قال فعدلتم عني وبايعتم أبا بكر فأمسكت ولم أحب أن أشق عصا المسلمين وأفرق بين جماعاتهم([578]).
    وقوله رضي الله عنه والله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين([579]).
    وعن جعفر بن محمد، عن أبيه: أن عليا عليه السلام كان يدعو على الخوارج فيقول في دعائه: " اللهم رب البيت المعمور، والسقف المرفوع، والبحر المسجور، والكتاب المسطور. أسألك الظفر على هؤلاء الذين نبذوا كتابك وراء ظهورهم، وفارقوا أمة أحمد عليه السلام عتوا عليك "([580]).
وعنه أيضا عليه السلام وقد سئل: ما منع أمير المؤمنين أن يدعو الناس إلى نفسه ويجرد في عدوه سيفه؟ فقال: تخوف أن يرتدوا ولا يشهدوا أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم([581]).
وروى الطوسي: أن الأشعث بن قيس ارتد وأناس من العرب لما مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقالوا: نصلي، ولا نؤدي الزكاة؟ فأبى عليهم أبو بكر ذلك وقال: لا أحل عقدة عقدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا أنقصكم شيئاً مما أخذ منكم نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم ولأجاهدنكم، ولو منعتموني عقالا مما أخذ منكم نبي لجاهدتكم عليه، ثم قرأ: (
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) [آل عمران: 144] حتى فرغ من الآية، فتحصن الأشعث بن قيس هو وأناس من قومه في حصن وقال الأشعث: اجعلوا لسبعين منا أماناً، فجعل لهم، ونزل بعد سبعين ولم يدخل نفسه فيهم. فقال له أبو بكر: إنه لا أمان لك إنا قاتلوك([582]).

وذكر ابن طاووس أن الإسلام لم يلبث بعد فوت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في طوايف العرب إلا في أهل المدينة وأهل مكة وأهل الطائف، وارتد سائر الناس ثم قال: ارتدت بنو تميم والرباب واجتمعوا على مالك بن نويرة اليربوعي، وارتدت ربيعة كلها وكانت لهم ثلاثة عساكر: عسكر باليمامة مع مسيلمة الكذاب، وعسكر مع معرور الشيباني، وفيه بنو شيبان وعامة بكر بن وايل، وعسكر مع الحطيم العبدي، وارتد أهل اليمن: ارتد الأشعث بن قيس في كندة، وارتد أهل مأرب مع الأسود العنسي، وارتدت بنو عامر إلا علقمة بن علاثة([583]).
بل أن كتب القوم مليئة بالروايات الدالة على إيمان الصحابة كفرادى ومجموع رضي الله عنهم وحرصهم على الإسلام وتطبيق تعاليمة والدعوة إليه. نورد بعضاً منها فهي تتحدث عن نفسها:
     قال رجل من اليهود: إنني من ولد داود على دين اليهودية، وقد جئت لأسأل عن أربعة أحرف فإن خبرت بها أسلمت. فقالوا له: انتظر قليلا، وأقبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من بعض أبواب المسجد، فقالوا له: عليك بالفتى([584]).
     عن عبد الله بن عباس قال: قدم يهوديان أخوان من رؤساء اليهود بالمدينة فقالا: يا قوم إن نبينا حدثنا عنه أنه قد ظهر نبي بتهامة يسفه أحلام اليهود، ويطعن في دينهم، ونحن نخاف أن يزيلنا عما كان عليه آباؤنا فأيكم هذا النبي فإن يكن الذي بشر به داود آمنا به واتبعناه، وإن لم يكن يورد الكلام على ائتلافه ويقول الشعر ويقهرنا بلسانه جاهدناه بأنفسنا وأموالنا فأيكم هذا النبي ؟ فقال المهاجرون والأنصار: إن نبينا صلى الله عليه وآله قد قبض، فقالا: الحمد لله فأيكم وصيه فما بعث الله عز وجل نبيا إلى قوم إلا وله وصي يؤدي عنه من بعده ويحكي عنه ما أمره ربه فأومأ المهاجرون والأنصار إلى أبى بكر فقالوا: هو وصيه فقالا لأبي بكر: إنا نلقي عليك من المسائل ما يلقى على الأوصياء ونسألك عما تسأل الأوصياء عنه، فقال لهما أبو بكر: ألقيا ما شئتما أخبركما بجوابه إن شاء الله. إلى أن قال: فبقي أبو بكر لا يرد جوابا وتخوفنا أن يرتد القوم عن الإسلام، فأتيت منزل علي بن أبي طالب عليه السلام فقلت له: يا علي إن رؤساء اليهود قد قدموا المدينة وألقوا على أبي بكر مسائل فبقي أبو بكر لا يرد جوابا([585]).
     دخل يهودي في زمن خلافة أبي بكر عليه فقال: أني أسألك عن أشياء، قال: اسأل عما بدا لك، وعما تريد. قال له اليهودي: أخبرني عما ليس لله، وعما ليس عند الله، وعما لا يعلمه الله. قال أبو بكر: هذه مسائل الزنادقة يا يهودي، قال: فعند ذلك هم المسلمون بقتل اليهودي. فجاء علي عليه السلام فقال له أبو بكر يا أبا الحسن إن هذا اليهودي سألني عن مسائل الزنادقة. القصة([586]).
     وفد وفد من بلاد الروم إلى المدينة على عهد أبي بكر وفيهم راهب من رهبان النصارى فقال: أنا من بلاد الروم جئت مسألة إن أجابني عنها أسلمت، فقال له أبو بكر: سل عما بدا لك. فقال الراهب: والله لا أفتح الكلام ما لم تؤمني من سطوتك وسطوة أصحابك فقال أبو بكر: أنت آمن، وليس عليك بأس، قل ما شئت. فقال الراهب: أخبرني عن شئ: ليس لله، ولا من عند الله، ولا يعلمه الله. فارتعش أبو بكر. فقال: يا عدو الله لولا العهد لخضبت الأرض بدمك([587]).
     - وفد الأسقف البحراني على عمر بن الخطاب لأجل أدائه الجزية فدعاه عمر إلى الإسلام فقال له الأسقف أنتم تقولون إن الله جنة عرضها السماوات والأرض فأين تكون النار قال فسكت عمر ولم يرد جوابا فقال له الجماعة الحاضرين أجبه يا أمير المؤمنين حتى لا يطعن في الإسلام. فدخل علي عليه السلام فضج الناس عند رؤيته فقام عمر بن الخطاب والجماعة على أقدامهم وقال يا مولاي أين كنت عن هذا الأسقف الذي قد علانا منه الكلام؟ أخبره يا مولانا إنه يريد الإسلام([588]).
     وعلى ذكر عمر رضي الله عنها فكتب القوم مشحونة بمايدل على نقض مسألة الإرتداد في شأنه. منها:
     - عن الباقر عليه السلام قال: ولى عمر رجلا كورة من الشام فافتتحها، وإذا أهلها أسلموا، فبنى لهم مسجدا. الرواية([589]).
     - أتى قوم من اليهود عمر بن الخطاب وهو يومئذ وال على الناس فقالوا: أنت والي هذا الأمر بعد نبيكم. وقد أتيناك نسألك عن أشياء إن أنت أخبرتنا بها آمنا وصدقنا واتبعناك. فقال: سألتم عمر بن الخطاب عما ليس له به علم ولكن ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله يخبركم بما سألتموني عنه، فأرسل إليه فدعاه فلما أتاه قال له: يا أبا الحسن إن معاشر اليهود سألوني عن أشياء لم أجبهم فيها بشيء وقد ضمنوا لي إن أخبرتهم أن يؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم([590]).
     قال عمر لنصراني آمن هو وأصحابه: الحمد لله الذي هداك أيها الرجل إلى الحق وهدى من معك إليه([591]).
     إن الأشعث ابن قيس نكح المستعيذة في زمان عمر فهم برجمها فأخبر أن النبي صلى الله عليه وآله فارقها قبل أن يمسها فخلاها([592]).
     وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: مر عمر بن الخطاب على الحجر الأسود فقال والله يا حجر إنا لنعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع إلا أنا رأينا رسول الله صلى الله عليه وآله يحبك فنحن نحبك، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام كيف يا بن الخطاب فوالله ليبعثنه الله يوم القيامة وله لسان وشفتان فيشهد لمن وافاه وهو يمين الله في أرضه يبايع بها خلقه، فقال عمر: لا أبقانا الله في بلد لا يكون فيه علي بن أبي طالب. في رواية: أنه قبل الحجر ثم قال: والله لقد علمت أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يقبلك ما قبلتك وقرأ لقد كان لكم في رسول الله صلى الله عليه وآله أسوة حسنة فقال له علي عليه السلام بلى إنه يضر وينفع، إن الله لما أخذ المواثيق على ولد آدم كتب ذلك في ورق وألقمه الحجر، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يؤتى بالحجر الأسود يوم القيامة وله لسان يشهد لمن قبله بالتوحيد، فقال: لا خير في عيش قوم لست فيهم يا أبا الحسن، أو لا أحياني الله لمعضلة لا يكون فيها ابن أبي طالب حيا، وأعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن([593]).
     والرواية أيضا شاهدة على العلاقة بينهما رضي الله عنهما، حيث قربهما من بعض في حضرهما وسفرهما وسائر أمورهما. مما يأكد إستيزاره لهم رضي الله عنهم أجميعن، وهذا مصداقاً لقوله عليه السلام: أنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا([594]).
     بل أن أمر مشاورتهم له ومصاحبته لهم كانت معروفة، فقد روى القوم عن شريح بن هاني الحارثي: أن عليا عليه السلام أوصاه بكلمات إلى عمرو بن العاص - إلى أن قال: - فبلغ عمرا شريح ذلك فتمعر وجه عمرو بن العاص، ثم قال: متى كنت أقبل مشورة علي وأنتهي إلى أمره أو أعتد برأيه ؟ فقال له شريح: وما يمنعك يا ابن النابغة ! أن تقبل من مولاك وسيد المسلمين بعد نبيهم مشورته ؟ فقد كان من هو خير منك أبو بكر وعمر يستشيرانه ويعملان برأيه([595]).
     وإليك أخرى لصحبته لهم رضي الله عنهم أجميعن:.قدم عمر بن الخطاب حاجا، ومعه طائفة من المهاجرين والأنصار فيهم علي بن أبي طالب عليه السلام. الرواية([596]).
     ولم يقتصر الأمر على الصحبة بل على إقامة الحد عليه إن خرج عن الدين.
فقد روي أن عمر بن الخطاب خط يوماً فقال: لو صرفناكم عما تعرفون إلى ما تنكرون ما كنتم صانعين ؟ فقام علي عليه السلام فقال: إذا كنا نستتيبك، فإن تبت قبلناك، قال: وإن لم أتب ؟ قال: إذا نضرب الذي فيه عيناك، فقال: الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من إذا اعوججنا أقام أودنا([597]).
عدنا.
    أما في حياته صلى الله عليه وآله وسلم فحدث ولا حرج من عدد الروايات عند القوم في حرص عمر رضي الله عنه على الإسلام، ولا بأس من ذكر بعضها.
     فعن الصادق عليه السلام قال: حدثني أبي محمد بن علي، عن جابر بن عبد الله، قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنا من جانب وعلي أمير المؤمنين عليه السلام من جانب، إذ أقبل عمر بن الخطاب ومعه رجل قد تلبب به، فقال: ما باله ؟ قال: حكى عنك يا رسول الله، أنك قلت: من قال " لا إله إلا الله محمد رسول الله " دخل الجنة، وهذا إذا سمعه الناس فرطوا في الأعمال، أفأنت قلت ذلك، يا رسول الله ؟ قال: نعم.الرواية([598]).
     وكان كثيرأ ما يسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بضرب أعناق المنافقين، والروايات في هذا كثيرة، منها.فقام عمر بن الخطاب وقال: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، فقال رسول الله: وما يدريك يا عمر لعل الله اطلع على أهل بدر فغفر لهم، فقال لهم: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. وقام رجل فقال: اعدل يا محمد فإنك لم تعدل، فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا في أصحاب له، وإن أصحابا لهذا يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. فقال عمر بن الخطاب. دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ([599]).
وغيرها كثير وكلها تعارض روايات الردة كشأن جل عقائد القوم. وصدق شيخ طائفتهم الطوسي عندما قال: لا يكاد يتفق خبر إلا وبإزائه ما يضاده ولا يسلم حديث إلا وفي مقابلته ما ينافيه، حتى جعل مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا، وتطرقوا بذلك إلى إبطال معتقدنا([600]).
نعود إلى تساؤلنا السابق، وهو أن ما أوردناه يتعارض مع دعوى القوم ومعتقدهم في صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهل وقف القوم أمام هذه الروايات وعشرات أمثالها موقف المتفرج؟!
لا شك أن الكثير من بسطاء الشيعة قد يدهشون من وجود أمثال هذه الروايات وهي صريحة الدلالة على إيمان الصحابة رضوان الله عليهم وفضلهم، وقد كانت لي مواقف مع بعضهم ممن استغرب وجود أمثال تلك المرويات في بطون كتبهم، وهي تتعارض مع الصورة المشوهة التي رسمها لهم علماؤهم، حتى يتسنى لهم إظهار مذهبهم بالصورة التي يريدونها، حتى بلغ بهم الأمر أن خشي هؤلاء العلماء مع تعاقب الأزمنة أن يذكروا كل تلك الفضائل أو يتعرضوا لها.
بل كان العكس، فلا يزال الكثير من علماء الشيعة - إن لم نقل أكثرهم - أشبه بالذباب الذي يتتبع مواطن الجرح ويدع مواطن البرء، فلا يزال الكثير منهم يبحث في مزابل التاريخ عن روايات موضوعة واهية لمن له أدنى دراية بعلم الحديث ليظهرها للغافلين أو المغفلين من بني جلدته، أو ينتقي من تلك الروايات التي تتحدث عما شجر بينهم من خلاف محمود ليظهرها بالشكل الذي يريد، وهي أبعد ما تكون عن الحقيقة.
ولكن لن تسمع منهم من يملك الجرأة وهو على المنبر ليذكر شيئاً مما ذكرناه، لا أقل من عند ذكرهم للمصيبة أيام عاشوراء، أن ممن قتل مع الحسين رضي الله عنه أبو بكر بن علي، وعمر بن علي، وعثمان بن علي، وأبو بكر بن الحسن، وعمر بن الحسن. وهكذا؛ لأنه يعرف تماماً ما ستثيره هذه الأسماء لو ذكرت - مثلاً - عند ذاك الجالس تحت منبره، وقد رضع الحقد لهؤلاء العظماء.
وعلى أي حال لسنا بصدد تحليل هذه المسائل، وإنما ذكر موقف القوم من هذه الفضائل.
أقول: لم يقف القوم مكتوفي الأيدي أمام كل هذا؛ بل كانت لهم ردود وتأويلات، وكثيراً من تلك الروايات التي اوردناها تحمل في ذاتها نصوص ردها من خلال زيادات أضافوها في المتون نفسها لصرف ما جاء فيها من فضائل، ولكننا نقلنا موضع الشاهد منها وتركنا تأويلاتهم وردودهم حيث أننا سنذكر بعضاً منها هنا.
 فأما ما كان من فضائلهم في القرآن الكريم فقد علمت قولهم في ذلك من ادعاء التحريف والتغيير فيه، أو صرف آياته إلى ما يخدم غرضهم، حتى قالوا بحذف الصحابة رضوان الله عليهم لكل ما فيه من مدائح آل الرسول والأئمة الطاهرين وفضائح المنافقين وإظهار مساويهم([601]).
 ولا بأس من ذكر أمثلة قليلة على ذلك:
فمن الآيات التي تدل على فضائل الصحابة رضي الله عنهم، وقالوا فيها أنها محرفة: قوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) [آل عمران: 110]. فعن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لقارئ هذه الآية: خير أمة يقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين بن علي عليه السلام؟ فقيل له: وكيف نزلت يا بن رسول الله؟ فقال إنما نزلت: كنتم خير أئمة أخرجت للناس([602]).
ومنها: قولهم في قوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) [النور: 55]. قالوا: إن الوعد بالاستخلاف في الآية متوجه إلى ذوي الإيمان ما في الباطن والظاهر، ومن تقدم على أمير المؤمنين عليه السلام ضال، فاقتضى خروجهم من حكم الآية([603]).

ومنها: قوله تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) [الفتح: 18]. وحيث أن أبا بكر وعمر وكثير ممن تابعهم ورضي بهم من جملة المبايعين باتفاق فيجب توجه الرضوان إليهم، وذلك يمنع من كفرهم، ويقتضي ثبوت إيمانهم وإمامتهم. فقالوا: إنه لا حجة لهم فيها؛ لجواز الكفر بعد الإيمان والسخط بعد الرضوان، فعلى هذا لو سُلَّم بتوجه الرضوان إلى المبايعين لم يمنع من السخط بما أحدثوه بعد البيعة من جحد النص، كما لم يمنع ذلك من فسق طلحة والزبير، وغيرهما من جملة المبايعين([604]).

والغريب أنهم يقولون: إن من مات على كفره فلا يجوز أن يكون قد سبق منه إيمان([605]).
ومنها: قوله تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)[الفتح: 29]، فأخبر سبحانه بالمغفرة للذين معه صلى الله عليه وآله وسلم وهم أصحابه رضي الله عنهم أجمعين، وذلك ينافي القول بضلالهم والمبايع لهم.

فقالوا: أنه تعالى لم يُرد بقوله: والذين معه في الزمان ولا المكان ولا على ظاهر الإسلام؛ لأنه لا مدحة في ذلك، والآية مختصة بمدح المذكور فيها، والقطع على ثوابه، وذلك يدل على إرادته سبحانه بالذين معه المؤمنين حقاً، فليدل الخصوم على ثبوت إيمان من جعلوا الآية مدخوله عند الله؛ ليسلم لهم الظاهر، بل الثابت ضلالهم بالبرهان المانع من ثبوت البرهان واستحقاق الرضوان.
وقالوا: إن المذكورين فيها موصوفون بصفات معلوم خلو القوم منها، وتكاملها لأمير المؤمنين وحمزة رضي الله عنه، وخاصة شيعتهم كعمار، وأبي ذر، ومقداد، وسلمان([606]).
ومن ذلك: قوله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 100]. والمتقدمون على علي رضي الله عنه وأكثر من عقد لهم وبايعهم من جملة هؤلاء المذكورين، وقد أخبر سبحانه برضاه عنهم واستحقاقهم الثواب، وذلك منافٍ لما يقولونه فيهم.

فقالوا: إن الوعد في الآية متوجه إلى من وقع سبقه واتباعه لوجهه المخصوص قربة لله تعالى، فليدلوا على كون القوم كذلك ليتوجه الرضوان إليهم، ولن يجدوه، بل الموجود ضلالهم وخروج أفعالهم من قبل الطاعات.
وثانيها: أن الرضوان مشترط بالموافات، ولم يواف القوم بما سبقوا إليه، لردهم أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في وصيته.
وثالثها: أن وقوع السبق موقع القربة لا يمنع من عصيان في المستقبل، والآية خطاب لغيرهم، وهم الذين لم يتدينوا بجحد النص([607]).
ومن ذلك: قوله تعالى: (لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [الحديد: 10]. قالوا: إن الخطاب في الآية متوجه إلى من أنفق وقاتل قبل الفتح من المؤمنين عند الله تعالى، متقرباً بهما للوجه الذي شرعه، فليدلوا على تكامل هذه الصفات للقوم؛ ليسلم لهم المقصود، لأنه لا حكم ولا إنفاق ولا قتال من دون الإيمان الذين هم براء منه([608]).

وفيما ذكرناه كفاية، فقد ساروا على نفس المنوال في رد بقية الآيات.
أما ما كان من شأن الروايات فقد اضطرب القوم اضطراباً شديداً في صرف هذه الروايات عن ظاهرها حتى فتحوا الباب على أنفسهم ليواجهوا بمثله، وسنذكر بعض هذه التأويلات لتقف عليها، ففيها طرافة، وفضائل أخرى للصحابة رضوان الله عليهم لم نذكرها. 

فضائل الصدّيق رضي الله عنه في آية الغار  وموقف الشيعة منها والرد عليهم
من ذلك قولهم في آية الغار، وهي قول الله تعالى: (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 40].

فقد اتفق المسلمون شيعة وسنة في نزول هذه الآية في قصة هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصاحبه الصديق رضي الله عنه، ونزولها في غار ثور في طريقهما إلى المدينة.
وفي الآية فضائل جمة للصديق رضي الله عنه:
منها: عتاب الله للمسلمين جميعاً، وخروج الصديق منها.
ومنها: النص على صحبته لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يثبت ذلك لغيره من أصحابه، حتى قالوا في ذلك: إن إنكار صحبته كفر.
ومنها: ما تضمنته من تسلية النبي صلى الله عليه وآله وسلم له بقوله: (لَا تَحْزَنْ)، وتعليل ذلك بمعية الله سبحانه الخاصة المفادة بقوله: (žإِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) وهي كقوله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام: (قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) [طه: 46]، ولم يثبت مثل ذلك في غيره، بل لم يثبت لنبي معية الله سبحانه له ولآخر من أصحابه، وكان في ذلك إشارة إلى أنه ليس فيهم كالصديق رضي الله عنه.

ومنها: نزول السكينة على الصديق على خلاف في المسألة.
ولن نطيل المقام في المسألة، حيث إنا سنسهب إن شاء الله تعالى كما ذكرنا في تفنيد شبهات القوم في كتابنا: (شبهات طال حولها الجدل)، وإنما مرادنا هنا إيقافك على تأويلات القوم للفضائل وصرفها عن ظاهرها، وإليك بعض أقوالهم في آية الغار:
أولاً: قولهم بالتحريف، وأن هذه الآية حذف منها كلمة رسوله، فعن ابن الحجال قال: كنت عند أبي الحسن الثاني ومعي الحسن بن الجهم، فقال له الحسن: إنهم يحتجون علينا بقول الله تبارك وتعالى: (ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ) [التوبة: 40].

قال: وما لهم في ذلك؟ فوالله لقد قال الله: فأنزل الله سكينته عليه، وما ذكره فيها بخير. قال: قلت له أنا: جعلت فداك، وهكذا تقرءُونها؟ قال: هكذا قرأتها([609]).
وفي رواية: عن زرارة قال: قال أبو جعفر: (فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ)[الفتح: 26] ألا ترى أن السكينة إنما نزلت على رسوله([610]

وذكر يوسف البحراني: أن الصحابة تصرفوا في هذه الآية لدفع العار عن شيخ الفجار - يعني: الصديق رضي الله عنه - حيث الوارد في أخبارنا أنها نزلت: [فأنزل الله سكينته على رسوله وأيده بجنود لم تروها]، فحذفوا لفظ [رسوله] وجعلوا محله الضمير([611]).
ثم تفنن القوم في صرف جميع وجوه الفضيلة في الآية إلى ضدها، ونذكر منها:
قوله تعالى: (ثَانِيَ اثْنَيْنِ) [التوبة: 40] بيان حال للرسول صلى الله عليه وآله وسلم باعتبار دخوله الغار ثانيا ودخول أبي بكر أولاً، ولا أدري أي شأن في هذا حتى ينزل الله فيه قرآناً!!

ومنها: أن وصفهما بالاجتماع في مكان واحد ليس فيه فضيلة؛ لأن المكان يجمع المؤمن والكافر، ومثلوا لذلك بأمثلة: كسفينة نوح حيث جمعت النبي والشيطان والبهيمة.
ومنها: أن ذكر الصحبة يجمع المؤمن والكافر، والدليل على ذلك قول الله تعالى: (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا) [الكهف: 37].

وأيضاً: اسم الصحبة يطلق على العاقل والبهيمة، والدليل على ذلك من كلام العرب أنهم سموا الحمار صاحباً، فقالوا:
إن الحمار مع الحمـار مطية             فإذا خلوت به فبئس الصاحب
ومنها: أن قوله: (لَا تَحْزَنْ) وبال عليه ومنقصة له، ودليل على خطئه، لأن قوله: لا تحزن نهي، وصورة النهي قول القائل: لا تفعل، فلا يخلو أن يكون الحزن وقع من أبي بكر طاعة أو معصية، فإن كان طاعة فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا ينهى عن الطاعات بل يأمر بها ويدعو إليها، وإن كان معصية فقد نهاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنها، وقد شهدت الآية بعصيانه بدليل أنه نهاه.
أما قوله: (إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبر أن الله معه، وعبَّر عن نفسه بلفظ الجمع كقوله:(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9].

وقد قيل أيضاً في هذا: إن أبا بكر قال: يا رسول الله! حزني على أخيك علي بن أبي طالب ما كان فيه. فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)؛ أي: معي ومع أخي علي بن أبي طالب.

أما نزول السكينة فإنما كان ذلك على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فدل إخراجه من السكينة على إخراجه من الإيمان.
وأضافوا: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما أراد الهجرة فوجئ بأبي بكر في الطريق، فخاف أن يدل كفار قريش عليه، فاضطر إلى أخذه معه؛ لأن أبا بكر أراد الهرب من مكة ومفارقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل هجرته.
وقال آخرون: فلسنا نعلم استصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم له، لأنه روي: أنه فقد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتبعه. وقيل: إنه لحقه بعدالة السفر، فسأله الصحبة، فلم يتمكن من كتمانه، ولو كان بأمره لاحتمل أموراً:
منها: أنه كان معه في بيت عائشة، بحيث لا يخفى عليه شيء من أمره، فلم يجد بداً من استصحابه، خوفاً من إذاعته، إما لضعف رأي أو دين.
ومنها: للأنس به.
ومنها: إسلامه ظاهره له وظنه به الخير.
ومنها: التكدير على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بجزعه في الغار، وقد كان يكفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم تعلق خاطره المقدس بالسلامة من الكفار، فزاده جزع صاحبه شغلاً في خاطره، ولو لم يصحبه لاستراح من كدر جزعه واشتغال سرائره، وكان الخوف على النبي صلى الله عليه وآله وسلم لولا أن أوحي إليه من أن يبلغ الجزع بأبي بكر أن يخرج من الغار ويخبر به الطالبين له من الأشرار، فصار معه كالمشغول بحفظ نفسه من ذل صاحبه وضعفه، زيادة على ما كان مشغولاً بحفظ نفسه، وغيرها.
ومن الطرائف: أن علماء القوم تسابقوا إلى ادعاء هذه الكشوفات العظيمة ونسبتها إلى أنفسهم، فمنهم من نسب هذه الأكاذيب إلى الأئمة، ومنهم من نسبها إلى نفسه. وهكذا، بل ومنهم من نسبه إلى الخليفة المامون ([612]).
وأطرف منه: ذكرهم – على الرغم من كل هذا - أن الزنادقة كانوا يعرفون فضيلة الغار حيث يروون مثلاً: أن ابن الكواء قال لعلي: أين كنت حيث ذكر الله أبا بكر فقال: ثاني اثنين إذ هما في الغار([613]
والكلام في شأن ملاقاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم للصديق رضي الله عنه في الطريق وأخذه معه مخافة أن يشي به إلى الكفار ترده رواية عند القوم تقول:
إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن خرج من بين القوم ليلة الهجرة مضى حتى أتى إلى أبي بكر فنهض معه وذهبا إلى الغار([614]).
بل وأوردوا قول الصديق رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شأن ابتياع الرواحل: قد كنت أعددت لي ولك يا نبي الله! راحلتين نرتحلهما إلى يثرب([615]).
والغريب أن يأتي مغمور بعد 14 قرن ليقول إن الذي كان مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الغار رجلاً آخر وليس الصديق رضي الله عنه. ناسياً عشرات الروايات من طرق أضرابه التي تؤكد هذه الحقيقة المسلمة، وقد ذكرنا بعضها وإليك المزيد دون اعتبار صحة أسانيدها:
     لما توجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الغار ومعه أبو بكر، أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليا عليه السلام أن ينام على فراشه ويتوشح ببردته، فبات علي عليه السلام موطنا نفسه على القتل، وجاءت في رجال قريش من بطونها يريدون قتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما أرادوا أن يضعوا عليه أسيافهم لا يشكون أنه محمد  صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: أيقظوه ليجد ألم القتل ويرى السيوف تأخذه، فلما أيقظوه ورأوه عليا عليه السلام تركوه وتفرقوا في طلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم([616]).
    وفي رواية. ثم ضمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى صدره وبكى إليه وجدا به، وبكى علي عليه السلام جزعاً لفراق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. واستتبع رسول صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر بن أبي قحافة وهند بن أبي هالة، فأمرهما أن يقعدا له بمكان ذكره لهما من طريقه إلى الغار، ولبث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكانه مع علي عليه السلام يوصيه ويأمره في ذلك بالصبر حتى صلى العشاءين. ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في فحمة العشاء الآخرة، والرصد من قريش قد أطافوا بداره، ينتظرون أن ينتصف الليل وتنام الأعين، فخرج وهو يقرأ هذه الآية وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ [يس: 9]  وأخذ بيده قبضة من تراب، فرمى بها على رؤوسهم، فما شعر القوم به حتى تجاوزهم، ومضى حتى أتى إلى هند وأبي بكر فنهضا معه، حتى وصلوا إلى الغار. ثم رجع هند إلى مكة بما أمره به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ودخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبو بكر إلى الغار([617]).
     وفي رواية:.أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هندا أن يبتاع له ولصاحبه بعيرين، فقال أبو بكر: قد كنت أعددت لي ولك يا نبي الله راحلتين نرتحلهما إلى يثرب. فقال: إني لا آخذهما ولا أحدهما إلا بالثمن([618]).
     وعن مجاهد، قال: فخرت عائشة بأبيها ومكانه مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الغار، فقال عبد الله بن شداد بن الهاد: وأين أنت من علي بن أبي طالب حيث نام في مكانه وهو يرى أنه يقتل ؟ فسكتت ولم تحر جوابا ([619]).
     وكان علي يجهز النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين كان في الغار يأتيه بالطعام والشراب، واستأجر له ثلاث رواحل، للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ولأبي بكر ولدليلهم([620]).
     وعن أبى عبد الله قال لما كان رسول الله صلى الله عليه وآله في الغار قال لأبي بكر كأني انظر إلى سفينة جعفر في أصحابه يقوم في البحر وانظر إلى الأنصار محتسبين في أفنيتهم.الرواية([621]).
     وبقى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الغار ثلاثة أيام، ثم أذن الله له في الهجرة وقال: اخرج عن مكة يا محمد، فليس لك بها ناصر بعد أبي طالب، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأقبل راع لبعض قريش يقال له: ابن أريقط فدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال له: أئتمنك على دمي، فقال: إذا والله أحرسك ولا أدل عليك فأين تريد يا محمد ؟ قال: يثرب، قال: لأسلكن بك مسلكا لا يهتدي فيها أحد فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ائت عليا وبشره بأن الله تعالى قد أذن لي في الهجرة، فهيئ لي زادا وراحلة وقال أبو بكر: اعلم عامر بن فهيرة أمرنا وقل له: ائتنا بالزاد والراحلة([622]).
     وعن خالد بن نجيح قال قلت لأبي عبد الله جعلت فداك سما رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر الصديق قال نعم قال فكيف قال حين كان معه في الغار قال رسول الله صلى الله عليه وآله إنى لأرى سفينة جعفر بن أبي طالب تضطرب في البحر ضالة قال يا رسول الله صلى الله عليه وآله وإنك لتراها قال نعم فتقدر أن ترينها قال ادن منى قال فدنا منه فمسح على عينيه ثم قال انظر فنظر أبو بكر فرأى السفينة وهي تضطرب في البحر ثم نظر إلى قصور أهل المدينة فقال في نفسه الآن صدقت أنك ساحر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله الصديق أنت([623]).
     جاء أبو بكر وعلي عليه السلام نائم، وأبو بكر يحسب أنه نبي الله، فقال: أين نبي الله ؟ فقال علي: إن نبي الله قد انطلق نحو بئر ميمون فأدركه، قال: فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار، وجعل عليه السلام يرمى بالحجارة كما كان يرمى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يتضور قد لف رأسه، فقالا: إنك كنت، لو كان صاحبك لا يتضور قد استنكرنا ذلك منك([624]).
     وفي الرواية فوائد أخرى لمن تدبر.
     وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقبل يقول لأبي بكر في الغار: اسكن فإن الله معنا. الرواية([625]).
     وقال المفيد: أما خروج أبي بكر مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الغار فغير مدفوع، وكونه في الغار معه غير مجحود، واستحقاق اسم الصحبة معروف([626]).
     ويقول المجلسي في تفسير ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ يعني: أنه كان هو وأبو بكر في الغار ليس معهما ثالث؟ وقوله: إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ. أي إذ يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الغار لأبي بكر. ([627]).
     ويقول الطبرسي: "ثَانِيَ اثْنَيْنِ " أحد اثنين كقوله: ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ [المائدة: 73]، وهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الغار وأبو بكر([628]).
     وهكذا قال سائر علماء الإمامية في تفسير هذه الآية ([629]).
والروايات والأقوال في الباب كثيرة لا يسعنا حصرها، وفيما أوردناه كفاية لتفنيد هذه الشبهة.
والواقع: أن الردود على هذه الترهات وعلى ما يأتي كثيرة، ولا يسعنا إيرادها، بل ليس ذلك غايتنا هنا أصلاً، وتجدها في موقعنا فراجعها إن أحببت. ولكن لا بأس من أن نورد هنا بعضاً منها ليتبين للقارئ فساد ما مر:
قال تعالى مخاطباً موسى وهارون عليهما السلام: (قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ) [طه: 46].

     وقال تعالى مخاطباً النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [يونس: 65].

     وقال مخاطباً نبيه صلى الله عليه وآله وسلم: (وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) [الحجر: 88].

     وقال تعالى: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) [النحل: 127].

     وكرر ذلك فقال تعالى: (وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ) [النمل: 70]

     وقال تعالى: (وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ) [العنكبوت: 33].

     وقال تعالى: (قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى ) [طه: 21].

     وقال تعالى: (قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى) [طه: 68].

     وقال تعالى: (وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) [النمل: 10].

     وقال تعالى: (وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ) [القصص: 31].

     والآيات في الباب كثيرة، فاسأل القوم هل قوله: [لا تخافا - لا يحزنك - لا تحزن - لا تخف] وبال على الأنبياء عليهم السلام ومنقصة لهم، ودليل على خطئهم، لأن قوله: [لا تخافا - لا يحزنك - لا تحزن - لا تخف] نهي، وصورة النهي قول القائل: لا تفعل، فلا يخلو أن يكون الحزن والخوف وقع من هؤلاء الأنبياء عليهم السلام طاعة أو معصية، فإن كان طاعة فإن الله عزوجل لا ينهى عن الطاعات بل يأمر بها ويدعو إليها، وإن كان معصية فقد نهاهم عزوجل عنها، وقد شهدت الآيات بعصيانهم بدليل أن الله عزوجل نهاهم؟!
فتدبر ما سيئول إليه منطق القوم!!
ولم يشأ القوم أن يتركوا القصة تنتهي إلى هنا، بل جعلوا نهاية رحلة الهجرة بالصورة التي توضحها هذه الرواية.
تقول الرواية: إن أبا بكر لما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى قباء فنزل بهم ينتظر قدوم علي، قال أبو بكر: انهض بنا إلى المدينة فإن القوم قد فرحوا بقدومك، وهم يتريثون إقبالك إليهم، فانطلق بنا ولا تقم ههنا تنتظر علياً، فما أظنه يقدم إليك إلى شهر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلاماً أسرعه: ولست أريم حتى يقدم ابن عمي وأخي في الله عزوجل، وأحب أهل بيتي إلي، فقد وقاني بنفسه من المشركين. قال: فغضب عند ذلك أبو بكر واشمأز وداخله من ذلك حسد لعلي، وكان ذلك أول عداوة بدت منه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في علي، وأول خلاف على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فانطلق حتى دخل المدينة وتخلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقباء حتى ينتظر علياً([630]).
وعلى ذكر لقب الصديق، فقد قلب القوم هذه المنقبة إلى مثلبة، فقد أنكر بعضهم كلياً أن يكون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقَّب أبا بكر بالصديق، وأقر آخرون بذلك ولكن جعلوها هكذا كما تقول رواية خالد بن نجيح، قال: قلت لأبي عبدالله: جعلت فداك! سمَّى رسول الله أبا بكر بالصديق؟ قال: نعم، قال: فكيف؟ قال: حين كان معه في الغار، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إني لأرى سفينة جعفر بن أبي طالب تضطرب في البحر ضالة، قال: يا رسول الله! وإنك لتراها؟ قال: نعم، قال: فتقدر أن ترينيها؟ قال: ادن مني، قال: فدنا منه، فمسح على عينيه، ثم قال: انظر، فنظر أبو بكر فرأى السفينة وهي تضطرب في البحر، ثم نظر إلى قصور أهل المدينة، فقال في نفسه: الآن صدقت إنك ساحر، فقال رسول الله: أنت الصديق([631]).
وهكذا، وكأنهم بهذا يفتحون الباب لمبغضي الأمير علي رضي الله عنه لأن يقولوا: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يأمره بالمبيت على فراشه ليلة الهجرة إلا ليقتله المشركون ظناً منهم أنه النبي فيستريح منه، ولو علم فيه خيراً لاصطحبه معه.
ولو قيل بأن العبرة في ذلك: أنه رضي الله عنه قد افتدى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه، فيقال: ليس في الأمر افتداء، وذلك أن الأمير - كما يرى القوم - سيكون خليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأمر موته مستبعد هنا؛ فتنتفي الفضيلة المنسوبة إليه، وإن قالوا: إن احتمال الموت قائماً فقد أبطلوا القول بإمامته.
وهكذا تؤول سائر فضائله رضي الله عنه، فيقال –مثلاً- في قوله صلى الله عليه وآله وسلم له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. لو علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صحبته خيراً أو لرأيه ومشورته منفعة لاصطحبه معه في تلك الغزوة - أي: غزوة تبوك - ففي هذه الغزوة لم يأذن لأحدٍ بالتخلف عنها وهي آخر مغازيه، ولم يجتمع معه أحد كما اجتمع له فيها، فلم يتخلف عنه إلا النساء والصبيان أو من هو معذور لعجزه عن الخروج أو من هو منافق، ولم يكن في المدينة رجال من المؤمنين يستخلف عليهم كما كان يستخلف في كل مرة، بل كان هذا الاستخلاف أضعف من الاستخلافات المعتادة؛ لأنه لم يبق في المدينة رجال من المؤمنين أقوياء يستخلف عليهم أحد كما كان يُبقي في جميع مغازيه، وقد اصطحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم من يعظم انتفاعه به ومعاونته له، ويحتاج إلى مشاورته والانتفاع برأيه ولسانه ويده وسيفه، والمتخلف إذا لم يكن له في المدينة سياسة كثيرة لا يحتاج إلى هذا كله.
وقد أدرك علي رضي الله عنه ذلك - أي: أنه لا فائدة ترجى من ورائه إن بقي - فأخذ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك، وتواتر قوله للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله! تخلفني مع النساء والصبيان؟ وفي بعض الروايات: أنه لحق به فقال صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي ألم أخلفك على المدينة؟ فما زال يعارض ذلك حتى استرضاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال له: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؛ ويؤول هذا - أيضاً - بأن المراد بالمنزلة التخلف والمكث عند من بقي من النساء والصبيان فحسب، كما تخلف هارون على من بقي لما خرج موسى للقاء ربه.
وهذه أيضاً لا تخلو من معارضتها لعقيدة العصمة، فلا بد أن يكون ما اتخذه النبي صلى الله عليه وآله وسلم صواباً وذلك لعصمته، أو خلاف ذلك بدلالة اعتراض الأمير على ذلك.
بل ويمكن القول بأنه صلى الله عليه وآله وسلم أراد الإشارة إلى خلافة الصديق رضي الله عنه، فمعلوم أن من خرج في صحبة موسي عليه السلام في رحلته هو يوشع بن نون، ومن بقي هو هارون عليه السلام، وكذلك من خرج مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في رحلته هو الصديق رضي الله عنه ومن بقي: علي رضي الله عنه، ومعلوم أيضاً أن وصي موسى كان يوشع، فتأمل!!
والقول في المسألة كثير وطويل!!
وكذا شجاعته رضي الله عنه يمكن أن تؤول بأن ذلك إنما كان ملك على صورته، وليس هو علي رضي الله عنه، وقد روى القوم بأن أمير المؤمنين عليه السلام كان أشجع البرية، وأنه بلغ من بأسه وخوف الأعداء منه عليه السلام أن جعل الله عزوجل الملائكة على صورته، ليكون ذلك أرعب لقلوبهم([632]).
إذ ربما يكون ما ظهر منه هنا أو هناك من شجاعة وبطولة إنما كان من هذا الملك أو ذاك.
وإن رُد على ذلك بأن نزول الملائكة على صورته في ذاته فضيلة له، رُد على ذلك بأن الملائكة بل وجبرئيل عليه السلام أعظم الملائكة كان ينزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحياناً على صورة دحية الكلبي رضي الله عنه([633])، وهكذا.
حتى في أبسط المسائل كدعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم له: أعلى الله كعبك يا علي([634]).
فيمكن أن يؤوله الناصبة على أن ذلك إنما كان دعاءً عليه لا له، فإعلاء الكعب كناية عن الصلب.
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي! أقر الله عينك([635])، دعاء له بالعمى، فأقر الله عينك أي: أسكنها عن الحركة وإذا سكنت العين عن الحركة عميت.
من شبهات النواصب
وقد أعجبني ما سطره شيخنا محمد سالم الخضر في كتابه القيم: (ثم أبصرت الحقيقة)، في هذا الباب، وها أنا أنقله بتمامه، ولتقرأ معي ما سيقوله الناصبي الحاقد بتمعن وإنصاف لترى كيف يُمكن للنظرية الشيعية أن تنسف نفسها بنفسها!
على أني منذ البداية أبرأ إلى الله من الطعن في الإمام علي صراحة أو ضمناً، فالإمام علي إمام هدى، وله من المكانة والتقدير في قلوبنا ما يستحقه أمثاله من أرباب المناقب والمآثر العظيمة إلى جانب قرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلا نرتضي فيه طعناً أو انتقاصاً كما لا نرتضي ذلك في باقي الصحابة.
لكني أريدك أيها القارئ الكريم أن تستشعر معي ظلم الشيعة الإثنى عشرية لأبي بكر وعمر وعثمان وباقي الصحابة، وتتلمس كيف يُمكن أن ينقلب هذا الظلم ظلماً لعلي بن أبي طالب كذلك حينما تكون الكلمة للناصبي والعدو المستهدف هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
يقول الناصبي: لقد رأيت في علي بن أبي طالب مثالاً للإحداث بعد رسول الله، ولهذا أبغضته وتبرأت منه!
ترك الإمامة وهي أعظم أركان الدين، والتي وردت فيها روايات شيعية كثيرة في بيان منزلتها وكونها أصلاً للدين لا يقوم إلا به!
وتخلى عن الزهراء‘ يوم أن ضُربت وصُبّت عليها المصائب!
ولم يقدّم تجاه قضية فدك المغصوبة أي شيء، فلم ينتصر لبنت رسول الله!
وحكّم الرجال في كتاب الله وكل من شارك في التحكيم كافر علي وأبو موسى الأشعري ومعاوية وعمرو بن العاص.
وحجتي في الحديث ظاهرة، فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد قال في نص الحديث: فأقول: يا رب! مني ومن أمتي؟، وفي هذا دلالة قاطعة على أنّ المراد بالحديث هو علي بن أبي طالب؛ فإنكم تروون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في علي بن أبي طالب: علي مني وأنا من علي، وتلك قرينة!
وقرينة أخرى أستدل بها على أنّ المراد بالحديث علي بن أبي طالب: هي إخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن المبدّلين من بعده بقوله: أمراء يكونون من بعدي فمن غشي أبوابهم فصدّقهم في كذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، ولا يرد عليّ الحوض، وقد غشي علي بن أبي طالب الظلمة أبا بكر وعمر وعثمان وكان مستشاراً ووزيراً لهم كما تشهد بذلك كتب الشيعة الإثني عشرية من أولها إلى آخرها.
وقد توعده النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث بسحب المنزلة التي أُعطيت له بقوله فليس مني ولست منه، ولا يرد عليّ الحوض؛ لأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما كان يعلم بما سيحدثه من بعده من الركون للظلمة، وحب الدنيا والأُعطيات والامتيازات.
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: فإذا جئتم قال الرجل: يا رسول الله، أنا فلان بن فلان فأقول: أما النسب فقد عرفته، ولكنكم أخذتم بعدي ذات الشمال وارتددتم على أعقابكم القهقرى، يؤكد تماماً أنّ المراد بالحديث هو علي بن أبي طالب لا غيره!!
فالرجل الذي أتى رسول الله لم يقل له أنا فلان بن فلان، لتعريف النبي صلى الله عليه وآله وسلم به؛ لأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد صرّح بالحديث ذاته بمعرفته له ولمن معه فقال: أما النسب فقد عرفته. وقال: أعرفهم ويعرفوني، لكن الرجل أراد الإشارة إلى نسبه وقربه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ظناً أنّ ذلك سيشفع له، فيجيبه الرسول بقوله: أما النسب فقد عرفته؛ أي: إنّ النسب والقرابة لها مقامها لكن ليس مع الإحداث من بعدي، وهذا ما حصل حين تركت ابنتي تُضرب ولم تفعل شيئاً، وحين فعلت كذا وكذا.
ويقول الناصبي: وما يؤكد أنّ ذاك الرجل هو علي بن أبي طالب هو صدر حديث المذادة عن الحوض، حيث يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: تزعمون أنّ قرابتي لا تنفع قومي والله إنّ رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، إذا كان يوم القيامة يُرفع لي قوم يُؤمر بهم ذات اليسار، فيقول الرجل: يا محمد! أنا فلان بن فلان، ويقول الآخر: أنا فلان بن فلان، فأقول: أما النسب قد عرفت، ولكنكم أحدثتم بعدي وارتددتم على أعقابكم القهقرى.
وفي رواية المفيد والطوسي في أماليهما عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول على المنبر: ما بال أقوام يقولون: إنّ رحم رسول الله لا ينفع يوم القيامة؟ بلى والله! إنّ رحمي لموصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس! فرطكم يوم القيامة على الحوض، فإذا جئتم قال الرجل: يا رسول الله! أنا فلان بن فلان، فأقول: أما النسب فقد عرفته، لكنكم أخذتم بعدي ذات الشمال، وارتددتم على أعقابكم القهقرى.
فالرجل قد جاء متصوراً أنّ رحمه وقرابته ونسبه سيشفعان له إحداثه وتبديله لدين المصطفى، فقرر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الرواية الشيعية أنّ القرابة شافعة، لكنها لن تنفع من أحدث وارتد على عقبيه.
ومما يؤكد أنّ المراد هنا علي بن أبي طالب هو ما ورد في كتب الشيعة الإثني عشرية من أحاديث كثيرة تفيد أنّ الناس يُدعون يوم القيامة بأسماء أمهات، لكن الرجل الذي أخبر عنه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم هو من رحم رسول الله، وقد أخبر الرسول الكريم بكل صراحة أنّ هذا الرجل سيقول أنا فلان بن فلان لا فلان بن فلانة.
ويكمل الناصبي كلامه قائلاً: فإن حاولت الدفاع عن علي بن أبي طالب واستشهدت بحديث لعمار أو سلمان أو المقداد فأخبرك منذ البداية أنهم ممن انقلبوا على أعقابهم مع علي بن أبي طالب والحديث يشملهم فارتضاؤهم له وتزكيتهم له وقبولهم لإمامته كافٍ لاستحقاقهم المصير ذاته.
فإن قلت: وأين الأحاديث التي وردت في فضل علي وعمار وفلان وفلان؟
أجبتك بأنّ فضائل أبي بكر وعمر وفلان وفلان لم تشفع لهم عندكم بل قلتم بانقلابهم على أعقابهم وشككتم بتلك الفضائل، وكذلك الحال في علي بن أبي طالب ولا فرق!
هذا بعض ما يُمكن أن يقوله الناصبي في الإمام علي بن أبي طالب والمقربين منه.
أقول مخاطباً أرباب الضمائر الحية: هكذا تنسف النظرية الشيعية نفسها بنفسها. ولن يستطيع الرد على هذا الناصبي الحاقد إلا أهل السنة الذين عرفوا لصحابة رسول الله حقهم وفضائلهم، وأدركوا أبعاد أحداث الفتنة وأسبابها، وقالوا للناصبي وللشيعي الإمامي: على رسلكما. إنّ الذين أحدثوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فئة ارتدت عن الإسلام. قاتلها أبو بكر وعلي والصحابة. فلقي حتفه من تلك الفئة من لقي وهو على الكفر، ليذاد يوم القيامة عن الحوض والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول: أصحابي أصحابي) والملائكة تجيبه إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك).
ما أجمل الإنصاف وأندره!! وما أجمل أن يدرك المرء المعاني الجليلة التي يذكرها هذا الحديث!! لكن ماذا تفعل مع التعصب وأهله؟!. انتهى كلامه حفظه الله([636]).
يقول: رؤية ناصبي للإمام علي:
لنفترض الآن أنّ ذاك الناصبي بدأ ينقب في كتب الشيعة الإثنى عشرية دون غيرها، ويتصيد العثرات ويعنون لكل ما يسطره من روايات بعناوين توحي بمضامينها حسب فهمه، فإنّ ما سيجده هو الآتي:
1- الإمام علي والدّين:
فمن الأمور التي سيقف عليها هذا الناصبي الخبيث المتصيّد للعثرات، حديث رواه الحر العاملي في وسائل الشيعة 18/ 317. عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: أعوذ بالله من الكفر والديّن، قيل: يا رسول الله! أتعدل الدّين بالكفر؟ قال: نعم.
فيأتي برواية شيعية أخرى رواه الحر العاملي عن علي بن طاووس بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: قُبض علي عليه السلام وعليه دين ثمانمائة ألف درهم، فباع الحسن عليه السلام ضيعة له بخمسمائة ألف، فقضاها عنه، وباع بيعة له بثلاثمائة ألف فقضاها عنه.
ويقول لك الناصبي: انظر. هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعدل الديّن بالكفر، وهذا علي يموت وعليه دين، بالضبط كما يفعل الشيعة الإثنا عشرية عادة مع أبي بكر وعمر وباقي الصحابة، لا يريد المرء منهم أن يتفهم النصوص، ولا أن يجمع بينها، ولا يتأكد من ثبوتها، ولا أن يُحسن الظن، ولا أن يعرف لهؤلاء الصحابة فضلهم، ويعلم أنهم بشر يخطئون ويصيبون.
فأما الشيعي الإثنا عشري فسيقف مبهوتاً أمام هذا الناصبي الخبيث. كل ما سيفعله أحد أمرين: إما تكذيب الروايات السابقة منها واللاحقة) أو شتم الناصبي ولعنه؛ لأنه لن يستطيع الطعن في منهجية ذاك الناصبي، فالمنهجية بينهما مشتركة، هذا يطعن في علي ويستخدم النصوص بغير حق، وذاك يطعن في أبي بكر وعمر والبقية ويستخدم النصوص بغير حق فيهم!
فإن قال له الشيعي: الإمام علي له من الفضائل كذا وكذا، فكيف تقول عنه هذا وتحمّل النصوص ما لا تحتمل.
فسيقول له الناصبي: ليست مشكلة، أنتم تناسيتم فضائل أبي بكر وعمر وطعنتم فيهما، ولم تجدوا حرجاً في ذلك، فما الحرج في فعلي؟ وعلي عندي ممن أحدثوا في الدين من بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أم أنكم تكيلون خصومكم بغير ما تكيلون به أنفسكم؟
2- إهانة اسم الله!
وسيستدل الناصبي بما رواه شيخ القميين عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد ص154 عن جعفر الصادق عن أبيه الباقر قال: كان نقش خاتم أبي محمد بن علي (ع): العزة لله جميعاً، وكان في يساره يستنجي بها، وكان نقش خاتم علي (ع): الملك لله، وكان في يده اليسرى يستنجي بها.
ويُلحق هذه الرواية بتعليق المحقق الأردبيلي عليها والذي يقول فيه: ويمكن استفادة استحباب التختم باليسار منهما، وعدم تحريم التنجيس أيضاً إلا أن يكون ذلك ثابتاً بالإجماع ونحوه، أو يحمل على عدم وصول النجاسة إليه.
فيقول: انظر. هذا هو إمامكم علي يهين اسم الله بهذه الصورة، يستنجي باليد التي وضع فيها خاتماً عليه الملك لله! وهذا هو الكفر بعد الإيمان.
أما الشيعي الإثنا عشري فلن يستطيع أن يرد على هذا الناصبي إلا بتكذيبه للرواية وشتمه للناصب.
وسيرد عليه الناصبي قائلاً: سبحان الله! ها أنتم تقبلون كل الروايات التي تطعن فينا نحن النواصب، وتقبلون كذلك الروايات التي تطعن في أهل السنة وغيرهم من الفرق، وتقبلون قبل كل هذا الروايات الطاعنة في أبي بكر وعمر وعثمان والزبير وطلحة وغيرهم، فما الذي جعل الروايات الطاعنة في علي دائماً ضعيفة مكذوبة، والروايات الطاعنة فينا وفي غيرنا دائماً صحيحة، اللهم إلا الهوى!
وهكذا يفعل الهوى في أصحابه، ولو التزم الفريقان الإنصاف وتقوى الله في تحري الحق ودراسة أسانيد الروايات حق الدراسة، لما وجدنا من يطعن في صحابي.
3 - النظرة السلبية للمرأة:
قال الناصبي: لقد كرّم الله تعالى المرأة، وقرر مساواتها للرجل في أصل الخلق، وفي التكاليف، وفي الجزاء، فقال عزّ من قائل: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) [النساء: 1] وقال: ¨b(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 35] وقال: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) [آل عمران: 195].

لكن إمامكم علي بن أبي طالب له رؤية أخرى، لا توافق الكتاب ولا السنة! فهو القائل: المرأة عقرب حلوة اللبسة، والقائل أيضاً: المرأة شر كلها، وشر ما فيها أنه لا بد منها)2).
فأيّ نظرة جائرة هذه؟! ومن أين استقى إمامكم هذه النظرة الظلامية للمرأة؟ ولماذا أعرض عن القرآن والسنة وتأثر بالجاهلية في نظرتها السلبية للمرأة؟
فبماذا سيجيبه الشيعي؟ أتراه سيُكذّب نهج البلاغة، أم يتأول هذه النصوص ويحملها على غير محملها خروجاً من المأزق؟
4- اتهام الإمام علي بخيانة صحابي استضافه في بيته!
وسيستدل الناصبي بما ذكره العلامة الشيعي الكبير يوسف البحراني في الكشكول (3/ 76): قال السيد الجليل المحدّث نعمة الله الجزائري في كتابه زهر الربيع المشهور بين الناس: وذكر صاحب كتاب إحقاق الحق: أنّ السبب في تحريم متعة النساء أنه أضاف أمير المؤمنين عليه السلام ليلة وأنامه معه في داره، فلما أصبح قال له: يا علي! ألست قد قلت: من كان في البلد فلا ينبغي له أن يبات عزباً؟ فقال عليه السلام: اسأل أختك، وكان عليه السلام قد تمتع بها في تلك الليلة!
فإلى هذه الدرجة يصل الانحطاط حين يريد هؤلاء التشفي بعمر بن الخطاب رضي الله عنه بِنسبة استمتاع الإمام علي بن أبي طالب بأُخته!
بالله عليكم!! أمن الدين أم مِن الأخلاق أن تستضيف رجلاً في بيتك فتتفاجأ به وقد تعدّى على محارمك بهذه الصورة؟!
أترى هؤلاء الذين يدّعون التشيع للإمام علي بن أبي طالب يعرفون شيئاً عن أخلاق ودين وقيم الإمام علي؟!
خلاصة الكلام:
إنّ الروايات السابقة روايات شيعية اثني عشرية لا دخل للنواصب ولا الزيدية ولا أهل السنة ولا المعتزلة ولا أي طائفة بها، بل هي شيعية اثني عشرية صرفة، فالحجة فيها قائمة على الإثنى عشرية إن استدل بها النواصب على معتقدهم في الإمام علي.
إنّ نظرة عوراء لرجل مؤمن مجاهد مبشر بالجنة كتلك التي رأيناها كفيلة بأن تستوقفك أيها الشيعي المنصف!
إنّ هذه النظرة العوراء التي جعلت فرقة كالخوارج تطعن في الإمام علي على كل ما يُنسب له صحيحاً كان أم ضعيفاً متناسية فضله وتضحياته للإسلام وطاعته لله وللرسول وجهاده مع الصحابة إلى حد أن باتت تلك الفرقة تكفّره وتلعنه وتطعن فيه ليل نهار!!
هذه النظرة العوراء في حقيقتها هي أخت شقيقة لنظرة عوراء أخرى لا زالت الشيعة الإثنا عشرية تنظر بها إلى صحابة رسول الله الذين قدموا للإسلام ما قدّموا، وضحّوا بأرواحهم وأموالهم ولطخوا الأرض بدمائهم في سبيل رفعة هذا الدين، حتى لا يكاد كتاب شيعي يخلو من طعن في صحابي من صحابة رسول الله، وكأنّ تلك الفئة المختارة لصحبة خاتم الأنبياء والمرسلين لم تكن إلا فئة تجري وراء الدنيا ووراء مصالحها وأهوائها.
عجباً لأولئك النفر الذين يتصيدون العثرات لأصحاب رسول الله! أما تفكروا في ذنوبهم؟ أما يخافون من سوء العاقبة والمنقلب وهم يعادون الأخيار ويتهمونهم بأشنع التهم؟! انتهى كلامه.
وهكذا تؤول سائر فضائله رضي الله عنه، ونحن نعلم يقيناً فساد ما مر بك، ولكن هل يرضى القوم بهذا المنهج، وهل به سيسلم أحد إذا ما نحن صرفنا النصوص عن ظاهرها وأولناها؟!
ثم أنه يمكننا، وبعد أن ننتهي من رد جميع فضائله رضي الله عنه بهذا المنهج، نستطيع أن نعرج على طعون الشيعة في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فنردها ونحيلها إلى فضائل بذات المنهج.
وخذ على ذلك مثالاً: فقصة هَم عمر بحرق دار علي وفاطمة رضي الله عنهما يمكننا أن نقول: إنها فضيلة لعمر، فبعض الروايات المزعومة تذكر بأنه قد همّ بحرق البيت ولم يفعل، ومعلوم من الدين أن من همّ بالسيئة ولم يفعلها لم تكتب عليه، بل تكتب له حسنة. وفي أخرى: عشر حسنات. كما في بعض الروايات.
إذاً فقصة حرق الدار من فضائل عمر وليست من مثالبه، هذا حسب منهج القوم، كما فعلوا مع قصة الغار التي جعلوها منقصة للصديق رضي الله عنه، وهكذا سائر ما نسب إليهم من نقائص. فتأمل!!
ثم هل ننسى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأسامة بن زيد رضي الله عنه وقد قتل اليهودي الذي قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فقال له: قتلت رجلاً شهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ فقال أسامة: يا رسول الله! إنما قالها تعوذاً من القتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أفلا شققت الغطاء عن قلبه، لا ما قال بلسانه قبلت، ولا ما كان في نفسه علمت، فحلف أسامة بعد ذلك أنه لا يقاتل أحداً شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله([637]).
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعمه العباس رضي الله عنه يوم بدر وقد قال له: إنني أسلمت. فقال: الله أعلم بإسلامك، إن يكن ما تذكر حقاً فإن الله عزوجل سيجزيك عليه، فأما ظاهر أمرك فقد كنت علينا([638]).
وما رواه الصادق رحمه الله أنه كان في بني إسرائيل عابد، فأوحى الله إلى داود أنه مراء، قال: ثم إنه مات فلم يشهد جنازته داود عليه السلام، قال: فقام أربعون من بني إسرائيل، فقالوا: اللهم! إنا لا نعلم منه إلا خيراً وأنت أعلم به منا، فاغفر له، قال: فلما غسل أتى أربعون غير الأربعين، وقالوا: اللهم! إنا لا نعلم منه إلا خيراً وأنت أعلم به منا فاغفر له، فلما وضع في قبره قام أربعون غيرهم، فقالوا: اللهم! إنا لا نعلم منه إلا خيراً وأنت أعلم به منا فاغفر له، قال: فأوحى الله إلى داود عليه السلام: ما منعك أن تصلي عليه؟ فقال داود: للذي أخبرتني. قال: فأوحى الله إليه أنه قد شهد قوم فأجزت شهادتهم، وغفرت له ما علمت مما لا يعلمون([639]).
نعود إلى ما كنا فيه من الحديث عن فضيلة صحبة الصديق رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في الهجرة، ونكتفي بما أوردناه، إذ أن مطاعن القوم في ذلك كثيرة، وكذلك الردود، ولكن ننهي ذلك بهذه الرواية التي أوردها القوم، فقد ذكروا: أن الله عزوجل أوحى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم في قصة ليلة المبيت: آمرك أن تستصحب أبا بكر فإنه إن آنسك وساعدك ووازرك وثبت على ما يعاهدك ويعاقدك كان في الجنة من رفقائك، وفي غرفاتها من خلصائك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر: أرضيت أن تكون معي يا أبا بكر! تطلب كما أطلب، وتعرف بأنك أنت الذي تحملني على ما أدعيه، فتحمل عني أنواع العذاب؟
قال أبو بكر: يا رسول الله! أما أنا لو عشت عمر الدنيا أعذب في جميعها أشد عذاب لا ينزل علي موت مريح ولا فرج منج، وكان في ذلك محبتك لكان ذلك أحب إليَّ من أن أتنعم فيها وأنا مالك لجميع ممالك ملوكها في مخالفتك، وهل أنا ومالي وولدي إلا فداؤك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا جرم أن اطلع الله على قلبك ووجد ما فيه موافقاً لما جرى على لسانك، جعلك مني بمنزلة السمع والبصر والرأس من الجسد، وبمنزلة الروح من البدن كعلي الذي هو مني كذلك([640]).
وعلى ذكر التشبيه بالمنزلة، فقد أورد القوم عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أبا بكر مني بمنزلة السمع، وإن عمر مني بمنزلة البصر، وإن عثمان مني بمنزلة الفؤاد([641]).
ولا شك أنك تنتظر كيف أولوا هذا الحديث، فإليكها: روى القوم أن معنى ذلك: أنهم سيسألون عن ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام لقوله تعالى: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) [الإسراء: 36] ([642]).

حتى وإن قلت: إن الآية عامة لجميع المكلفين فَلِمَ خص هؤلاء الثلاثة بالذكر؟
تجدهم يقولون: إنهم لشدة خلطتهم واطلاعهم على ما أبداه في أمير المؤمنين بمنزلة السمع والبصر والفؤاد، فتكون الحجة عليهم أتم، ولذا خصوا في تلك الآية مع عموم السؤال لجميع المكلفين([643]).
وكذا قولهم في بعثة أبي بكر رضي الله عنه بسورة براءة إلى المشركين، الذي أجمع عليه المفسرون ونقله الأخباريون من شيعة وسنة، ثم أخذها منه ودفعها إلى علي عليه السلام، لم تسلم من رد القوم لها، فقد عزَّ على القوم أن بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصديق رضي الله عنه ابتداءً، فرووا أن الباقر قال: لا والله! ما بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر ببراءة أهو كان يبعث بها ثم يأخذها منه. الرواية([644]).
وهنا أعود إلى ذكر أقوال القوم في تأويل وصرف فضائل الأصحاب:
ومنها: حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ما كلمت أحداً في الإسلام إلا أبى علي وراجعني الكلام، إلا ابن أبي قحافة فإني لم أكلمه في شيء إلا قبله واستقام عليه.
قالوا: إنما أسلم أو استسلم أبو بكر طمعا في جاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودولته، الذي وجد الإخبار عنه عن بعض الرهابين وأحبار أهل الكتاب، فلسبق هذا الوجدان والطمع استسلم ولم يتردد بين يدي النبي ص([645]).
ومنها: حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم:
ما سبقكم أبو بكر بصوم ولا صلاة ولكن بشيء وقر في نفسه.
قالوا: مراده صلى الله عليه وآله وسلم: هو حب الرئاسة التي صار مفتوناً بها، ويزعم أتباعه الرعاع أن المراد به: الخلوص والاعتقاد بالله ورسوله([646]).
ومنها: عتق الصديق لبلال رضي الله عنه.
قالوا: إن إعتاق أبي بكر لبلال من ماله لا يصلح؛ لأن يصير منة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكم من عبد لله أعتقه غير أبي بكر من المهاجرين والأنصار في زمانه صلى الله عليه وآله وسلم مع احتمال أن يكون إعتاقه لبلال في كفارة قسم أو صوم أو إظهار ونحو ذلك، فلا منة له في ذلك على الله تعالى ولا على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم([647]).
والمضحك أن هذه الكفارات لم تكن قد شرعت بعد، عندما عتق بلال رضي الله عنه حيث كان عتقه في بدء الدعوة.
ومنها: قوله تعالى: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) [آل عمران: 159] فعن ابن عباس رضي الله عنها: أنها نزلت في أبي بكر وعمر.

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله أمرني أن أستشير أبا بكر وعمر.
قالوا: بعد تسليم صحة الخبر لا دلالة في الآية على فضل أبي بكر وصاحبه عمر؛ لجواز أن يكون ذلك الأمر لتأليف قلوبهم وتطييب خواطرهم لا للحاجة إلى رأيهم، فغاية ما يلزم منها أن يكونا من مؤلفة القلوب.
وقال بعض مشايخنا قدس الله سره: إن الله تعالى أعلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن في أمته بل في صحابته الملازمين له من يبتغى له الغوائل، ويتربص به الدوائر، ويسر خلافه، ويبطن مقته، ويسعى في هدم أمره، وينافقه في دينه، ولم يعرفه أعيانهم، ولا دله عليهم بأسمائهم فأمره بمشورتهم ليصل بما يظهر منهم إلى باطنهم، فإن الناصح يبدو نصيحته في مشورته والغاش المنافق يظهر ذلك في مقالته، فاستشارهم صلى الله عليه وآله وسلم لذلك([648]).
وعلى ذكر المشورة، فقد جعل القوم هذا المبدأ الإسلامي العظيم عبثاً، حيث قالوا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يشاور أصحابه لفقر منه إلى رأيهم، ولا حاجة دعته إلى مشورتهم. ألا ترى إلى قوله عز وجل: Pشَاوِرْهُمْ فِي الأمر فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ) [آل عمران: 159] فعلق وقوع الفعل بعزمه دون رأيهم ومشورتهم ؟ ولو كان إنما أمره بمشورتهم للاستعانة برأيهم لقال له: فإذا أشاروا عليك فاعمل وإذا اجتمع رأيهم على شئ فامضه([649]).
أقول: لا مفر عند القوم من هذا الاعتقاد والتأويل والتفسير، فخلافه يهدم دينهم وعلى رأسها مسألة الإمامة أصل الخلاف مع مخالفيهم. ولكن لا بأس من نقل بعض  الروايات في الباب من طرق القوم، ثم نترك التدبر للقارئ الكريم.
     بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيضا عينا له على العير اسمه عدي، فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره أين فارق العير نزل جبرائيل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره بنفير المشركين من مكة فاستشار أصحابه في طلب العير وحرب النفير. فقام أبو بكر فقال: يا رسول الله إنها قريش وخيلاؤها ما آمنت منذ كفرت ولا ذلت منذ عزت ولم تخرج على هيئة الحرب([650]).
    وفي حديث أبي حمزة: قال أبو بكر: أنا عالم بهذا الطريق، فارق عدي العير بكذا وكذا، وساروا وسرنا فنحن والقوم على ماء بدر يوم كذا وكذا كأنا فرسا رهان، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: اجلس فجلس. ثم قام عمر بن الخطاب فقال مثل ذلك، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: اجلس فجلس. ثم قام المقداد فقال: يا رسول الله إنها قريش وخيلاؤها وقد آمنا بك وصدقنا وشهدنا أن ما جئت به حق. والله لو أمرتنا أن نخوض جمر الغضا وشوك الهراس لخضناه معك. والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى صلى الله عليه وآله وسلم: فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ [المائدة: 24]. ولكنا نقول امض لأمر ربك فإنا معك مقاتلون فجزاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيرا على قوله ذاك، ثم قال: أشيروا علي أيها الناس. وإنما يريد الأنصار لأن أكثر الناس منهم ولأنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا: إنا براء من ذمتك حتى تصل إلى دارنا ثم أنت في ذمتنا نمنعك مما نمنع أبناءنا ونساءنا فكان صلى الله عليه وآله وسلم يتخوف أن لا يكون الأنصار ترى عليها نصرته إلا على من دهمه بالمدينة من عدو أن ليس عليهم أن ينصروه خارج المدينة([651]).
     وعن عبد الله بن مسعود أنه قال: لما كان يوم بدر وأسرت الأسرى، قال رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم: ما ترون في هؤلاء القوم ؟ فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، هم الذين كذبوك وأخرجوك فاقتلهم. ثم قال أبو بكر: يا رسول الله، هم قومك وعشيرتك، ولعل الله يستنقذهم بك من النار. ثم قال عبد الله بن رواحة: أنت بواد كثير الحطب، فاجمع حطبا فانصب فيه نارا وألقهم فيه. القصة([652]).
     وقال عليه السلام: أشيروا علي، ورأي صلى الله عليه وآله أن لا يخرج من المدينة لهذه الرؤيا. القصة([653]).
     وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين سألوه أن يحكم فيهم رجلا: اختاروا من شئتم من أصحابي. فاختاروا سعد بن معاذ، فرضي بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فنزلوا على حكم سعد بن معاذ. فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسلاحهم، فجعل في قبته، وأمر بهم فكتفوا وأوثقوا وجعلوا في دار أسامة، وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى سعد بن معاذ فجئ به، فحكم فيهم بأن يقتل مقاتليهم، وتسبى ذراريهم ونساؤهم، وتغنم أموالهم. القصة([654]).
     واستشار أصحابه في غزوة الخندق فقال سلمان: يا رسول الله إن القليل لا يقاوم الكثير في المطاولة، قال: فما نصنع ؟ قال: نحفر خندقا يكون بيننا و بينهم حجابا، فيمكنك منعهم في المطاولة، ولا يمكنهم أن يأتونا من كل وجه، فنزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: أشار بصواب. القصة([655]).
     وشاور صلى الله عليه وآله أصحابه في حصن الطائف، فقال له سلمان الفارسي: يا رسول الله أرى أن تنصب المنجنيق على حصنهم فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله فعمل منجنيق([656]).
     وأمر رسول الله بقطع أعنابهم وتحريقها - أي أهل الطائف أثناء حصارهم - فنادى سفيان بن عبد الله الثقفي: لم تقطع أموالنا ؟ إما أن تأخذها إن ظهرت علينا، وإما أن تدعها لله والرحم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: فإني أدعها لله والرحم، فتركها([657]).
 
نعود إلى ما كنا فيه من مسألة تأويل الفضائل وصرفها:
ومنها: في قوله تعالى: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) أن أبا بكر اشترى بلالاً من أمية بن خلف وأبي بن خلف ببردة وعشرة أواق، فأعتقه لله فأنزل الله هذه الآية، أي: إن سعى أبي بكر وأمية وأبى لمفترق فرقاً عظيماً، فشتان ما بينهما.

قالوا: بعد تسليم صحة رواية النزول في كون معنى الآية على ما ذكر لا دلالة فيها إلا على الفرق بين سعي أبي بكر وسعي كافرين، وليس في هذا فضيلة كما لا فضيلة بين فرعون ونحوه من كل جبار عنيد في أن يقال: إنه أصلح من الشيطان المريد([658]).
ومنها: رواية أن بعضهم مر بنفر يسبون الشيخين فأخبر علياً، وقال: لولا أنهم يرون أنك تضمر ما أعلنوا ما اجترأوا على ذلك. فقال علي: أعوذ بالله رحمهم الله ثم نهض وأخذ بيد ذلك المخبر وأدخله المسجد فصعد المنبر ثم قبض على لحيته وهي بيضاء، فجعلت دموعه تتحادر على لحيته، وجعل ينظر البقاع حتى اجتمع الناس، ثم خطب خطبة بليغة من جملتها: ما بال أقوام يذكرون أخوي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووزيريه وصاحبيه وسيدي قريش وأبوي المسلمين وأنا بريء مما يذكرون، وعليه معاقب، صحبا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالجد والوفاء، والجد في أمر الله تعالى، يأمران وينهيان ويقضيان ويعاقبان، لا يرى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كرأيهما رأياً، ولا يحب كحبهما حباً، لما يرى من عزمهما في أمر الله، فقبض وهو عنهما راض والمسلمون راضون، فما تجاوزا في أمرهما وسيرتهما رأي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمره في حياته وبعد موته، فقبضا على ذلك رحمهم الله تعالى فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة! لا يحبهما إلا مؤمن فاضل، ولا يبغضهما ويخالفهما إلا شقي مارق، وحبهما قربة وبغضهما مروق، ثم ذكر أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر بالصلاة، وهو يرى مكان علي.
ثم ذكر أيضاً: أنه بايع أبا بكر ثم ذكر استخلاف أبي بكر لعمر. ثم قال: ألا ولا يبلغني عن أحد أنه يبغضهما إلا جلدته حد المفتري.
قالوا: يعلم من هذا الخبر وكثير من أمثاله بعد تسليم صحتها: أنه عليه السلام كان في زمانه متهماً بأعمال التقية في شأن الشيخين، ويظهر منه أن تجويز التقية والحكم بشرعيتها ليس من مخترعات الشيعة كما قد يتوهم، وأي تقية أظهر من أنه عليه السلام قال في ضمن جوابه لسؤال ذلك البعض قوله رحمهم الله بضمير الجمع، الظاهر في كونه راجعاً إلى تلك النفر السابين المذكورين في الخبر، غاية الأمر أنه عليه السلام ذكر أولاً قوله: أعوذ بالله؛ ليوقع في وهم ذلك البعض أنه عليه السلام يستعيذ من سب الشيخين، فيذهل بعد ذلك عن ظهور إرجاع الضمير الآتي في قوله: رحمهم الله إلى تلك النفر السابين ويزعم بقرينة الاستعاذة المطلقة المبهمة: أن ضمير الجمع راجع إلى الشيخين من أجل توهمه أن تلك الاستعاذة المطلقة منصرفة إلى الاستعاذة من سبهما، وأن الإتيان بضمير الجمع دون التثنية للتعظيم، وأما باقي الأوصاف المذكورة لهما من الوزارة والسيادة وأبوة المسلمين مع أن الأخير منها غصب لما خص به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، من كونه أبا للمسلمين كأزواجه بكونهن أمهاتهم مسوقة تهكماً على طبق ما يصفهما به أولياؤهما، كقوله تعالى: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ [الدخان: 49]([659]).
ومنها: الرواية الأخرى: ما اجترأوا على ذلك - أي: سب الشيخين - إلا وهم يرون أنك موافق لهم منهم عبد الله بن سبأ وكان أول من أظهر ذلك لهما، فقال علي: معاذ الله! أن أضمر لهما ذلك، لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن الجميل.
قالوا: بعد تسليم صحتها يتوجه عليه: أن غاية ما يدل عليه هو استعاذة علي عليه السلام عن سب الشيخين، والسب مما يستعيذ منه الشيعة أيضاً، ولا يجوزونه بالنسبة إلى الكافر فضلاً عن المسلم والمنافق، وإنما الذي جوزوه هو اللعن على من يستحقه كما مر وفرق ما بينهما بين.
وأما قوله عليه السلام: لعن الله من أظهر لهما إلا الحسن الجميل فلا دليل فيه على عدم استحقاق الشيخين عنده للعن المتنازع فيه؛ لأن مراده بالحسن الجميل ما هو اللائق بهما عند الله، وإن كان طعناً أو لعناً، ضرورة أن الحسن الجميل بحال الجبت والطاغوت وفرعون ونمرود ليس إلا مثل ذلك([660]).
ومنها: رواية أبي جعفر عن أبيه علي بن الحسين رضي الله عنه أنه قال لجماعة خاضوا في أبي بكر وعمر ثم في عثمان: ألا تخبروني أنتم المهاجرون الأولون (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [الحشر: 8]؟ قالوا: لا. قال: فأنتم  (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الحشر: 9]؟ قالوا: لا. قال أما أنتم فقد برئتم أن تكونوا في أحد هذين الفريقين، وأنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله عزوجل فيهم: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا) [الحشر: 10].

قالوا: إن ما نقله عنه عليه السلام إنما يدل على أن المخاطبين لم يكونوا من الفريقين المذكورين في الآيتين ولا دلالة له على أن الثلاثة كانوا داخلين فيهما، وبالجملة هذا كلام مجمل مبهم مستعمل في مقام التقية، وإجماله أقوى قرينة على ذلك فلا ينتهض حجة علينا أصلاً([661]).
ومنها: رواية الحسين بن محمد بن الحنفية أنه قال: يا أهل الكوفة! اتقوا الله عزوجل ولا تقولوا لأبي بكر وعمر ما ليسا بأهل له، إن أبا بكر الصديق كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الغار ثاني اثنين، وإن عمر أعز الله به الدين.
قالوا: يمكن أن يكون مراده بقوله: (اتَّقُوا اللَّهَ) : الأمر بالتقية كما فسر قوله تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات: 13] بأن المراد: أعملكم بالتقية، فسقط الاستدلال، وبالجملة ما روي عنه كلام مجمل مبهم لا يصدر مثله إلا في مقام التقية، أما لفظ: (#öqs)¨?$# ؛ فلما عرفت.

وأما قوله: ولا تقولوا لأبي بكر وعمر ما ليسا بأهل له؛ فلما مر من أن ما يستأهله الشيخان عند أهل البيت وشيعتهم هو الذم دون المدح، فهذا الخبر لنا لا علينا.
ولا ينافي هذا الحمل ما استدل به عليه السلام بعد ذلك مما يوهم اعتقاده فيهما اتصافهما بالفضل والكمال؛ لأن هذا مجرد وهم لا يذهب إليه من له أدنى فهم.
وأما ما ذكره عليه السلام من صحبة الغار، فلما سنبينه في موضعه اللائق من أنه لا يوجب لأبي بكر إلا العار والشنار.
وأما قوله: إن عمر أعز الله به الدين؛ فلأنه في الحقيقة إشارة إلى فجوره وتذكر لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر.
والملخص: أنه قد جرت عادة الأئمة عليهم السلام وأكابر شيعتهم في مقام عروض الخوف والتقية أن يضحكوا على لحية الخصام، بإلقاء مثل هذه الكلمات الجامعة البالغة في درجات الإيهام والإبهام الذي لا يطلع على حقائقها إلا ذوو الأفهام([662]).
ومنها: رواية جعفر الصادق عليه السلام أنه قال: ما أرجو من شفاعة علي شيئاً إلا وأنا أرجو من شفاعة أبي بكر مثله، ولقد ولدني مرتين.
قالوا: الخبر كذب، أو قصد به مجرد التقية.
وأما قوله عليه السلام: ولقد ولدني مرتين فبيان للواقع لا للافتخار به، كيف وقوم أبي بكر أرذل طوائف قريش، وقال علي عليه السلام في شأن محمد بن أبي بكر: إنه ولد نجيب من أهل بيت سوء([663]).
ومنها: رواية زيد بن علي أنه قال لمن يتبرأ منهما: أعلم والله أن البراءة من الشيخين البراءة من علي. قالوا: بعد تسليم صحة السند أراد عليه السلام بقوله: البراءة من علي أن علياً عليه السلام أمر شيعته بالتقية والاحتراز عن الطعن في أبي بكر وعمر فمن تبرأ عنهما تبرأ عن علي عليه السلام لمخالفة أمره([664]).
ومنها: مقالة زيد بن علي عليه السلام لما سئل عن الشيخين: أين أبو بكر وعمر؟ فقال: هما أقاماني هذا المقام. يعني: لو كانا خليفة في هذا الزمان لما اضطر زيد إلى ذلك.
قالوا: إن مراده: أن غصبهما الخلافة عن آبائه عليهم السلام وحملهما الناس على رقاب آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أوجب إذلال زيد وسائر أولادهم عليهم السلام، وجرأت من غصب الخلافة بعدهما من بني أمية على سفك دمائهم وإقامتهم مقام فنائهم([665]).
ومنها: رواية سالم بن أبي الجعد قلت لمحمد بن الحنفية عليه السلام: هل كان أبو بكر أول القوم إسلاماً؟ قال: لا. قلت: فبمن علا أبو بكر؟ قال لأنه كان أفضل إسلاماً حين أسلم، حتى لحق بربه.
قالوا: الظاهر: أن مراد السائل سؤاله عن وجه علو أبي بكر في أرض الخلافة، واستعلائه على عرش الإمامة.
وقوله عليه السلام: لأنه كان أفضل إسلاماً حين أسلم لا يصلح وجهاً له إلا تهكماً واستهزاءً؛ لأن غاية ما يدل عليه أفضلية إسلام أبي بكر حين إسلامه على ما بعده من الأحيان، وليس في ذلك دلالة على فضيلة يستحق بها الخلافة، بل يدل على سوء عاقبته بمخالفته رسول صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك ونحوه بعد حين، فتأمل([666]).
ومنها: عن سالم قال: دخلت على أبي جعفر فقال وأراه قال ذلك من أجلي: اللهم! إني أتولى أبا بكر وعمر وأحبهما، اللهم! إن كان في نفسي غير هذا فلا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة.
قالوا: الظاهر أن قوله قال ذلك من أجلي أي: لأجل خاطري، صريح في أنه فهم منه عليه السلام أعمال التقية معه([667]).
ومنها: عن سالم عن جعفر أنه قيل له: إن فلاناً يزعم أنك تتبرأ من أبي بكر وعمر فقال برء الله من فلان، إني لأرجو أن ينفعني الله بقرابتي من أبي بكر، ولقد مرضت فأوصيت إلى خالي عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر.
قالوا: هذا أيضاً كسابقه مما ذكره عليه السلام لأجل خاطر سالم لعنه الله تقية منه، وضحك به على لحيته، ولا دلالة في قوله عليه السلام: نفعني الله بقرابتي من أبي بكر على النفع الديني([668]).
ومنها: قول جعفر عن أبيه رضي الله عنه: أن علياً عليه السلام لم يكن ينسب أحداً من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق، ولكنه كان يقول: هم إخواننا بغوا علينا.
قالوا: محمول على التقية([669]).
ومنها: حديث علي رضي الله عنه: أثبت حراء، فما عليك إلا نبي وصديق وشهيد.
قالوا: إنما عنى: إن عليك نبي الله وصديقاً وشهيداً يعني علياً عليه السلام([670]).
ومنها: ما كان من شأن آيات الإفك التي نزلت في تبرئة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما المبرأة من فوق سبع سموات في القصة المعروفة، فقلب القوم القصة رأساً على عقب، فجعلوا كل تلك الآيات نازلة في ذم عائشة رضي الله عنها لا تبرئتها.
فقالوا: إن هذه الآيات نزلت في مارية القبطية وما رمتها به عائشة([671]).
ومنها: قولهم في لقب الفاروق رضي الله عنه:
فعن خالد بن يحيى قال: قلت لأبي عبدالله: لم سمي عمر الفاروق؟ قال: نعم. ألا ترى أنه قد فرق بين الحق والباطل، وأخذ الناس بالباطل([672]).
ولا أدري إن كانت هذه الرواية مدحاً له أم ذماً، وإن كنت أظنها الأخيرة، ولكن ما ذنب عمر رضي الله عنه إن أخذ الناس بالباطل؟
وعلى ذكر التسمية، فقد قالوا في علة تسمية أمير المؤمنين رضي الله عنه لأبنائه بأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم: أنه قد كان علم أن شيعته سيحتاجون في آخر الزمان إلى الترحم على أبى بكر وعمر وعثمان تقية من شيعتهم، فسمى بنيه بأسمائهم، حتى يكون ذلك الترحم واقعاً عليهم؛ ولأن ينصب لهم من إذا قصدوا إليه بالترحم أصابوا الحق.
ومنها: قول علي في الفاروق رضي الله عنهم لما قبض: لوددت أن ألقى الله تعالى بصحيفة هذا. وفي رواية: إني لأرجو أن ألقى الله تعالى بصحيفة هذا المسجى.
فكان تأويلهم لهذا: أن عمر واطأ أبا بكر والمغيرة وسالماً مولى أبي حذيفة وأبا عبيدة على كتابة صحيفة بينهم يتعاقدون فيها على أنه إذا مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يورثوا أحداً من أهل بيته، ولم يولوهم مقامه من بعده، وكانت الصحيفة لعمر إذ كان عماد القوم، فالصحيفة التي ود أمير المؤمنين ورجا أن يلقى الله عزوجل بها هي هذه الصحيفة؛ ليخاصمه بها ويحتج عليه بمضمونها([673]).
وعلى ذكر هذه الصحيفة وذكر سالم مولى أبي حذيفة، روى القوم عن الصادق عليه السلام أنه قال: أن تلقيب سالم بالأمين؛ لأنهم لما كتبوا الصحيفة وضعوها على يد سالم، فصار الأمين([674]).
ومنها: رواية أن علي قال لعمر وهو مسجى: صلى الله عليك ودعا له.
قالوا: لعل تلك الصلاة وقعت عنه عليه السلام عندما سجي عمر بثوب الكفن ووضع في بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم مترصدين لدفنه في جواره صلى الله عليه وآله وسلم وعلي عليه السلام إنما صلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمشاهدته لمرقده حينئذ فاشتبه الأمر على الناس، وعلى تقدير تسليم وقوع تلك الصلاة قبل كفن عمر وإخراجه إلى بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فيجوز أن يكون عليه السلام قد استحضر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذهنه ذلك الوقت، فصلى عليه بصيغة الخطاب، كما في قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة: 5] فوقع الاشتباه، وأما الدعاء فلعله كان عليه سراً لا جهراً، أو كان جهراً ولكن بإعماله عليه السلام الألفاظ الإيهامية([675]).

ومنها: رواية الصادق عليه السلام التي سئل فيها عن أبي بكر وعمر: فقال: كانا إمامين قاسطين عادلين، كانا على الحق وماتا عليه، فرحمة الله عليهما يوم القيامة، فلما خلا المجلس قال له بعض أصحابه: كيف قلت يا ابن رسول الله؟! فقال: نعم. أما قولي: كانا إمامين، فهو مأخوذ من قوله تعالى: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ [القصص: 41]. وأما قولي: قاسطين، فهو من قوله تعالى: (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا) [الجن: 15]. وأما قولي عادلين، فهو مأخوذ من قوله تعالى: (الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) [الأنعام: 1]، وأما قولي: كانا على الحق، فالحق علي عليه السلام. وقولي: ماتا عليه، المراد أنه لم يتوبا عن تظاهرهما عليه، بل ماتا على ظلمهما إياه. وأما قولي: فرحمة الله عليهما يوم القيامة، فالمراد به أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينتصف له منهما، آخذاً من قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) [الأنبياء: 107]([676]).

ومنها: رواية أبي جحيفة قال: دخلت على علي في بيته فقلت: يا خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! فقال: مهلاً يا أبا جحيفة! ألا أخبرك بخير الناس بعد رسول الله ص؟ أبو بكر وعمر، ويحك يا أبا جحيفة! لا يجتمع حبي وبغض أبي بكر وعمر في قلب مؤمن.
قالوا: لا يلزم من كون أبي جحيفة صحابياً صاحباً لعلي عليه السلام كما ذكره علماء الرجال من الطرفين أن يكون كل ما نقل عنه صحيحاً، لجواز أن يكون الخلل فيمن نقل عنه من أهل السنة الذين جرت عادتهم على وضع الخبر على سادات أهل البيت([677]).
ولا ننسى تأويلهم لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب، فقد أورد القوم عن محمد بن مروان أنه قال: سألت أبا عبد الله: جعلت فداك! قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أعز الإسلام بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب؟ فقال: يا محمد! قد والله قال ذلك، وكان أشد عليَّ من ضرب العنق، ثم أقبل علي، فقال: هل تدري ما أنزل الله يا محمد؟ قلت: أنت أعلم جعلت فداك. قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان في دار الأرقم، فقال: اللهم أعز الإسلام بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب، فأنزل الله: (وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا) [الكهف: 51]([678]).

ومنها: قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا سارية الجبل في الرواية المشهورة فقالوا: إنما كان ذلك أن عمر شكا إلى علي عليه السلام غمة لانقطاع خبر عسكر المسلمين، فأخبرهم بخبرهم، وأن عسكر المشركين أحاطوا بهم، وأنهم إن لم يصعدوا الجبل قتلوا عن آخرهم، فسأله أن يريه إياهم، فصعد المنبر معه، ومسح على عينيه فرآهم، وقال: يا سارية الجبل، فسمعوا صوته، ثم جاء الخبر بما قال علي عليه السلام، ووعده عمر أنه إن فعل ذلك خلع نفسه ولم يفعل([679]).
ومنها: صلاته عليه السلام خلف الخلفاء الثلاثة ي. قالوا في ذلك: جعلهم بمثل سواري المسجد([680]).
ومنها: جلوس أبي بكر وعمر مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في العريش يوم بدر، حيث كانوا معه في مستقره يدبران الأمر معه صلى الله عليه وآله وسلم، ولولا أنهما أفضل الخلق عنده ما اختصهما بالجلوس معه، قالوا في ذلك: إنه صلى الله عليه وآله وسلم علم أنهما لا يصلحان للقتال، فإما أن ينهزما أو يوليا الدبر، كما صنعا يوم أحد وخيبر وحنين، أو يلحقهما من الخوف والجزع فيصيران إلى أهل الشرك مستأمنين([681]).
رغم كذب ادعاء الهروبات هذه إلا أن الطريف الذي يستحق الذكر هنا أن قصة الجلوس في العريش هذه إنما كانت يوم بدر، وغزوة بدر كانت أولى الغزوات، فكيف تفسر هذا؟!
والغريب أن يردد ذلك أساطين القوم كالمفيد والحلي، وهو أمر لا يجهله حتى الصبيان!
ومنها: ما تواتر من قول علي عليه السلام على منبر الكوفة: لا أوتى برجل يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري([682]).
فمن ذلك: ما قاله المفيد: إنما أَوجب عليه حد المفتري من حيث أَوجب لهما بالمفاضلة ما لا يستحقانه من الفضل؛ لأن المفاضلة لا تكون إلا بين متقاربين في الفضل، والرجلان - أي: أبو بكر وعمر - بجحدهما النص قد خرجا عن الإيمان، فبطل أن يكون لهما فضل في الإسلام، فكيف يحصل لهما ما يقارب فضل أمير المؤمنين؟([683]).
     وقول المفيد هذا غير مفيد ولعل نسي قول الأمير رضي الله عنه: أني لست دون أحدهما وفي رواية ولست بدون أحد الرجلين([684]).
 ومن ذلك: ما ذكره الفضل بن شاذان، حيث قال: إنما روى هذا الحديث سويد بن غفلة، وقد أجمع أهل الآثار على أنه كثير الغلط.
أما كذب الادعاء الآخر - أي: القول بإجماع أهل الآثار على أنه كثير الغلط - فليته دلنا على هؤلاء.
وحسبك رد الخوئي على رواية ابن شاذان هذه بعد إيراده لأقوال أضرابه في وثاقة ابن غفلة وأنه من أولياء أمير المؤمنين بقوله: هذه الرواية مرسلة لا يعتمد عليها، وكيف يصح ذلك وقد اعتمد الفضل بنفسه على رواية سويد بن غفلة كما عرفت، على أن هذه الرواية رويت عن سفيان الثوري، عن محمد بن المنكدر، دون سويد بن غفلة([685]).
ويشير بقوله: وقد اعتمد الفضل بنفسه على رواية سويد بن غفلة، إلى ما أورده الطوسي في تهذيبه من طريق ابن شاذان نفسه عن حنان قال: كنت جالساً عند سويد بن غفلة، فذكر حديثاً ثم قال الطوسي: قال الفضل: وهذا الخبر أصح مما رواه سلمة بن كهيل؛ لأن سلمة لم يدرك علياً، وسويد قد أدرك علياً([686]).
ومثل هذا القول قوله - رضي الله عنه -: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر. فمن رادٍ للخبر من أصله، ومن قائل: إن الباقر سئل عن هذا القول، فقال: إن الرجل يفضل على نفسه من ليس هو مثله حباً وتكرماً([687]).
وقال آخر: قد يكون قوله صلوات الله عليه: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر على معنى أن من ولي مكانهما بعدهما من المتغلبين شر على الأمة، وأنهما خير منهم في سيرتهما في الناس([688]).
ومنها: ما جاء في بعض الروايات في أسباب نزول قوله تعالى: (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ) [التحريم: 3]، من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد بشَّر زوجته حفصة بنت عمر بأن أبا بكر الصديق سيلي الخلافة بعده، ومن بعده سيلي عمر بن الخطاب([689]).

وزادوا في ذلك بأن حفصة لما أخبرت عائشة وأخبرا أبويهما بذلك، اجتمعوا على أن يسموا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم([690]).
وعلى ذكر البشارة هذه، فقد زعم القوم أن ولاية أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مذكورة في كتاب دانيال عليه السلام، وأنهما رضي الله عنهما كانا على علم بهذا؛ لهذا أسلما وتبعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم طلباً للولاية التي ذكرها دانيال في كتابه الموجود الآن بأيدي أهل الكتاب في الفصل التاسع منه([691]).
     لطيفة: ذكر أحد الباحثين أن النبي زكريا قال في سفره ابتهجي يا بنة صهيون، اهتفي يا بنت أورشليم هو ذا ملكك يأتي إليك، هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وعلى جحش بن أتان واقطع المركبة من افرايم والفرس من أورشليم وتقطع قوس الحرب ويتكلم بالسلام ـ أي الإسلام وهذا احد أسمائه كما قال الله: ادخلوا في السلم كافة ـ للأمم وسلطانه من البحر إلى البحر ومن النهر إلى أقاصي الأرض) 9: 9 ـ 10 الطبعة البروتستنتية ـ دار الكتاب المقدس. ولو تأملت قليلا وركّزت ذهنك برهة لوجدت أن الصفات التي جاءت في حق الفاروق كالتالي:
عادل ومنصور وديع وراكب على حمار.
     إنها ثلاث صفات تدل على الفاروق خاصة في مسيره نحو بيت المقدس، وتجد كل صفة منها مفصول بينها حرف: العطف واو). والذي يلفت النظر بحق أننا لو رتبنا الحروف الأولى من هذه الصفات لوجدنا:
عادل = ع، منصور = م، راكب حمار = ر. فإن النتيجة تكون: عمر !
عدنا.
ومنها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر.
قال العلامة الحلي في ذلك: إن الاقتداء بالفقهاء لا يستلزم كونهم أئمة، وهو أيضاً معارض لحديث: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم([692]).
وقال آخر: قال صلى الله عليه وآله وسلم: اقتدوا بالذين من بعدي أبا بكر وعمر بالنصب على النداء، على أن يكونا مأمورين بالاقتداء، واللذان بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتاب الله وعترته، كما ذكر في الخبر المشهور، ويحتمل الرفع على أن يكون المعنى: اقتدوا أبو بكر وعمر بالذين من بعدي كتاب الله وعترته، ويظهر من كلام الشيخ الأجل ابن بابويه القمي في كتاب عيون أخبار الرضا: إن الرواية قد وردت على طبق هذين الاحتمالين فتأمل هذا([693]).
وقال آخر وهو أيضاً لم يستطع رد الحديث لصحته: هذا الخبر لا يداني خبر الغدير؛ لأنه من الآحاد([694]).
وقال: إن قوله: (بعدي) مجمل، ليس فيه دلالة على المراد بعد وفاتي، أو بعد حالٍ من أحوالي.
أقول: هل يرى القوم هذا التأويل في جميع الروايات التي وضعوها في إمامة علي رضي الله عنه.
وقال آخر: إن سبب هذا الخبر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان سالكاً بعض الطريق وهما متأخران عنه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم لبعض من سأله عن الطريق الذي يسلكه به: اقتدوا باللذين من بعدي.
وقال آخر: إن الحديث روي بصيغة: أبو بكر وعمر. ومنهم من روى: أبا بكر وعمر ولو كانت الرواية صحيحة لكان معنى قوله بالنصب: اقتدوا باللذين من بعدي: كتاب الله والعترة يا أبا بكر وعمر. ومعنى قوله بالرفع: اقتدوا أيها الناس وأبو بكر وعمر باللذين من بعدي: كتاب الله والعترة([695]).
وعلى ذكر رواية: أصحابي كالنجوم فقد عدَّ المحدثون من أهل السنة هذا الحديث من الموضوعات، ورغم ذلك يروي القوم عن الأئمة ما يفيد صحته.
فعن الرضا أنه سئل عن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم)، وعن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: دعوا لي أصحابي) فقال: هذا صحيح، يريد من لم يغير بعده ولم يبدل. قيل: وكيف نعلم أنهم قد غيَّروا وبدلوا؟ قال: لما يرونه من أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: ليذادن رجال من أصحابي يوم القيامة عن حوضي، كما تذاد غرائب الإبل عن الماء. فأقول: يا رب! أصحابي أصحابي. فيقال لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: بعداً لهم وسحقاً، أفترى هذا لمن لم يغير ولم يبدل([696]
والطريف: أن علم الهدى وغيره خالفوا الرضا في هذا، فبينما يرى الرضا صحة الحديث الأول باعتبار الثاني يرى هؤلاء ضعف الأول باعتبار الحديث الثاني([697]).
ومن لم يعجبه كل ذلك فقد روي عن الباقر عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إنما مثل أصحابي فيكم كمثل النجوم بأيها أخذ اهتدي، وبأي أقاويل أصحابي أخذتم اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة. فقيل: يا رسول الله! ومَنْ مِنْ أصحابك؟ قال: أهل بيتي([698]).
فهذا يصحح الحديث، وذاك يضعفه، وآخر يصححه ولكن يحمل مقصود الصحبة في الحديث على أهل البيت. وهكذا.
والغريب: أن كل رواية فيها مدح لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالوا: إن المقصود منها أهل البيت، كالرواية السابقة.
ورواية: افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، فقيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله! وما تلك الواحدة؟ قال: هو ما نحن عليه اليوم أنا وأصحابي([699]).
فالمجلسي عند نقله للرواية السابقة عن الصدوق حذف كلمة وأصحابي، وجعل محلها وأهل بيتي ([700])، فعلها مرتين وأراح نفسه من عناء التأويل.
وعلى أي حال: لسائلٍ أن يتساءل: هل يحمل القوم روايات: ليذادن رجال من أصحابي يوم القيامة عن حوضي. الحديث. على أهل البيت؟
وما دمنا في ذكر النجوم، فمقولة: إن أبا بكر وعمر شمسا هذه الأمة وقمرا هذه الأمة، ذكروا فيها عن الرضا أنه قال: إن الشمس والقمر يعذبان، فلما استغرب هذا منه قال: إنما عناهما لعنهما الله، أو ليس قد روى الناس: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن الشمس والقمر نوران في النار؟ قيل: بلى. فقال: وهما في النار والله ما عنى غيرهما([701]).
ويبدو أن واضع هذه الرواية لم يقف على ما وضعه آخر وهو قول الصادق: (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ) [الشمس: 1]، الشمس أمير المؤمنين، والقمر الحسن والحسين.

أو إيرادهم عنه صلى الله عليه وآله وسلم: مثلي فيكم مثل الشمس، ومثل علي مثل القمر([702]).
أو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: أنا كالشمس وعلي كالقمر وأهل بيتي كالنجوم([703]).
وإذا عدنا إلى ما كنا فيه، فسنجد رواية يذكرها القوم عن رسول صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: قال إن الله اختارني واختار لي أصحاباً، فجعل لي منهم وزراء وأنصاراً وأصهاراً، فمن حفظني فيهم حفظه الله ومن آذاني فيهم آذاه الله.
قالوا: لو صح هذا الحديث فالمراد بالوزراء فيه: علي عليه السلام والجمع للتعظيم([704]).
وحديث ابن عباس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
قالوا: الظاهر أن المراد سب جميع الأصحاب بحيث يدخل فيه المقبول منهم والمردود، على أن يكون الإضافة في أصحابي للاستغراق، ولا كلام في أن ساب الجميع ملعون، بل الظاهر: أن المراد كون السب لأجل الصحابية، لا لأجل استحقاق ذلك الصحابي لذلك([705]).
حتى زواج الفاروق رضي الله عنه من أم كلثوم ابنة علي رضي الله عنه، وزواج عثمان ذي النورين من رقية وأم كلثوم بنتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان للقوم فيهما تأويلات ورُدود.
فزواج عثمان رضي الله عنه من بنتين من بنات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد ثقل على القوم، وهم يرون أن من فضائل علي رضي الله عنه زواجه من فاطمة رضي الله عنها. فكيف بمن تزوج ببنتين من بناته صلى الله عليه وآله وسلم؟! فكان مما قالوه في ذلك: أن رقية وأم كلثوم ليستا من بناته صلى الله عليه وآله وسلم([706]).
ولم يكتفوا بذلك؛ بل زادوا أن عثمان رضي الله عنه قد قتلهما([707]).
بل وذهب بعضهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس عنده بنت باسم أم كلثوم، وإنما ذلك من زيف الأمويين الذين اختلقوها، وزوجوها عثمان الأموي([708]).
وأنكر آخرون أن يكون عثمان رضي الله عنه قد تزوجهما أصلاً([709]).
وغيرها من التأويلات لهذه الزيجة أعرضنا عن ذكرها.
أما قولهم في زواج عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أم كلثوم رضي الله عنها. فمنهم من رفض الزواج من أصله. وقال: إن الخبر الوارد بتزويج أمير المؤمنين ابنته من عمر لم يثبت. وطريقه من الزبير بن بكار، ولم يكن موثوقاً به في النقل، وكان متهماً فيما يذكره من بغضه لأمير المؤمنين وغير مأمون([710]).
هذا رغم أن كتب القوم الرجالية تورد في ترجمة ابن بكار هذا أنه أعلم الناس قاطبة بأخبار قريش وأنسابها، وأنه نقل عنه روايات يظهر منها بطلان مذهب العامة، وحقيقة مذهب الخاصة([711]).
ورغم أن أخبار هذه الزيجة وردت من طرق كثيرة ليس فيها ابن بكار، حتى قال المجلسي في قول المفيد الآنف الذكر: إن إنكار المفيد عليه السلام أصل الواقعة إنما هو لبيان أنه لم يثبت ذلك من طرقهم، وإلا فبعد ورود ما مرَّ من الأخبار إنكار ذلك عجيب([712]).
أما أنا فلا أرى قول المفيد عجيباً فماذا عساه أن يقول؟!
ومنهم من قال: إن من تزوجها عمر لم تكن سوى جنية من نجران وليست أم كلثوم، فرووا عن الصادق أنه قال: إن أمير المؤمنين أرسل إلى جنية من أهل نجران يهودية يقال لها: سحيقة بنت جريرية، فأمرها فتمثلت في مثال أم كلثوم، وحجبت الأبصار عن أم كلثوم، وبعث بها إلى الرجل، فلم تزل عنده حتى أنه استراب بها يوماً، فقال: ما في الأرض أهل بيت أسحر من بني هاشم، ثم أراد أن يظهر ذلك للناس فقتل وحوت الميراث وانصرفت إلى نجران، وأظهر أمير المؤمنين أم كلثوم([713]).
أما من أقر بهذه الزيجة، فقال: إن الصادق عليه السلام قال في ذلك: إن ذلك فرج غصبناه([714]).
ولعمري إن حكاية ابن بكار وجنية نجران أحب إلي من نسبة هذا إلى الصادق رحمه الله.
وقد علق المجلسي على الرواية السابقة وغيرها التي تؤكد هذه الزيجة بقوله: هذه الأخبار لا تنافي ما مرَّ من قصة الجنية؛ لأنها قصة مخيفة أطلعوا عليها خواصهم، ولم يكن يتم بها الاحتجاج على المخالفين.
بل ربما كانوا يحترزون عن إظهار أمثال تلك الأمور لأكثر الشيعة أيضاً، لئلا تقبله عقولهم، ولئلا يغلوا فيهم([715]).
والجدير بالذكر هنا أن من نتاج هذا الزواج زيد، الذي كان يفتخر بهذه الزيجة ويقول:  أنا ابن الخليفتين وذلك أن عمر بن الخطاب أبوه، وأمه هي أم كلثوم بنت علي رضي الله عنهم أجمعين.
وعلى أي حال، ففيما ذكرناه من تأويلات لهذا الزواج كفاية وإلا لطال بنا المقام.
ومن ذلك: قولهم في روايات مدح الأمير لخلافة الشيخين رضي الله عنهما التي مرت بك، من أنها على الظاهر عند الناس أو تقية، ثم أراحوا أنفسهم فقالوا: بل الظاهر: أنها من إلحاقات المخالفين([716])، وللقوم عذرهم.
حتى قال ميثم البحراني في ذلك: واعلم أن الشيعة قد أوردوا هنا سؤالاً فقالوا: إن هذه الممادح التي ذكرها في حق أحد الرجلين تنافي ما أجمعنا عليه من تخطئتهما وأخذهما لمنصب الخلافة، فإما أن لا يكون هذا الكلام من كلامه عليه السلام، وإما أن يكون إجماعنا خطأ([717]).
وقالوا في الروايات المنافية لردة الصحابة رضوان الله عليهم كرواية الكافي التي مرَّت بك وفيها قول الباقر: أن علياً عليه السلام كان الأحب إليه أن يقرهم على ما صنعوا من أن يرتدوا عن الإسلام. الرواية.
قالوا: أي: على ظاهره، وهذا لا ينافي ما مر، وسيأتي أن الناس ارتدوا إلا ثلاثة؛ لأن المراد فيها ارتدادهم عن الدين واقعاً، وهذا محمول على بقائهم على صورة الإسلام وظاهره، وإن كانوا في أكثر الأحكام الواقعية في حكم الكفار([718]).
ويقول المجلسي مضطراً بعد أن أورد العشرات من الروايات في فضائل الصحابة: وينبغي أن تعلم أن هذه الفضائل إنما هي لمن كان مؤمناً منهم لا المنافقين كغاصبي الخلافة وأضرابهم وأتباعهم، ولمن ثبت منهم على الإيمان واتِّباع الأئمة الراشدين، لا الناكثين الذين ارتدوا عن الدين([719]).
وقال آخر بعد أن أورد عدة روايات في هذا الشأن: كـاللهم امض لأصحابي هجرتهم، ولا تردهم على أعقابهم، الأنصار كرشي وعيبتي، في كل دور الأنصار خير، المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة، اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر للمهاجرين والأنصار، قبل بدء القتال في غزوة بدر قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم! إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد، طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى ثم طوبى - سبع مرات - لمن لم يرني وآمن بي، قال له رجلان: يا رسول الله! أرأيت من رآك فآمن بك وصدقك واتبعك، ماذا له؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: طوبى له، لا زال هذا الدين ظاهرا على الأديان كلها، ما دام فيكم من رآني، أثبتكم على الصراط أشدكم حبا لأهل بيتي ولأصحابي. كان بين خالد بن الوليد وبين أحد المهاجرين الأوائل كلام، فقال خالد له: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها، فسمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك فقال: دعوا لي أصحابي، فوالذي نفسي بيده! لو أنفقتم مثل أحد أو مثل الجبال ذهبا ما بلغتم أعمالهم. إلخ.
قال: ما تقدم من ثناء مشروط بشروط، منها: الإيمان الحقيقي، فلا يكون من في قلبه مرض مرادا قطعاً، والاستقامة على المنهج الإسلامي وحسن العاقبة؛ لأن بعض الصحابة ارتدوا ثم عادوا إلى الإسلام، وبعضهم منافقون أسروا نفاقهم، ولكنه ظهر من خلال أعمالهم ومواقفهم([720]).
أي: أن كل هذه الآيات والروايات التي ذكرناها في هذا الكتاب لا تنطبق إلا على الثلاثة الذين لم يرتدوا كما مرَّ بك، وهم بهذا يعلنون فشل صاحب الرسالة صلى الله عليه وآله وسلم في تربية هذا الجيل العظيم، حتى توفي وترك بعده أكثر من مائة ألف من المنافقين والناكثين والمرتدين.
حتى من تفاءل خيراً وظن أن أناساً آخرين دخلوا الدين بعد ردة الصحابة يفاجأ بارتدادهم بعد مقتل الحسين إلا ثلاثة أيضاً، كما يروي القوم ذلك عن الصادق([721]).
ولم يسلم من تأويلهم أيضاً نهي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وكذا الأئمة عن لعن الصحابة رضوان الله عليهم، وإليك واحدة من تلك وهي كثيرة:
فعن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا عملت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء، قيل: يا رسول الله، وما هي؟ فذكر منها: ولعن آخر هذه الأمة أولها([722]).
قال الصدوق: يعني بقوله: ولعن آخر هذه الأمة أولها): الخوارج، الذين يلعنون أمير المؤمنين وهو أول الأمة إيماناً بالله عزوجل وبرسوله ص([723]).
وهكذا وكما فعل غيره جعل آخر أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثين سنة بعد وفاته!
وقبل كل هذا أو بعده اضطربوا في رد بيعة علي للثلاثة رضي الله عنهم أجمعين، كقولهم: إنه تأخر في بيعته، كما تذكر بعض الروايات.
وليس يخلو تأخره من أن يكون هدى وتركه ضلالاً، أو يكون ضلالاً وتركه هدى وصواباً، أو يكون خطأ وتركه خطأ، فلو كان التأخير ضلالاً وباطلاً لكان أمير المؤمنين قد ضل بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بترك الهدى الذي يجب المصير إليه، وبطل أن يكون تأخره عن بيعة أبي بكر ضلالاً، وإن كان تأخره هدى وصواباً وتركه خطأ، فليس يجوز أن يعدل عن الصواب إلى الخطأ، ولا عن الهدى إلى الضلال، إلى أن خلصوا إلى القول بأنه رضي الله عنه لم يبايع من سبقوه قط([724]).
ولا نرد على هذا سوى سؤال القوم عن الروايات العديدة من طرقهم والتي تدل صراحة على بيعته رضي الله عنه لمن سبقوه، كقوله رضي الله عنه لنفر من قريش في ذكر البيعة: فبايعتم أبا بكر وعدلتم عني، فبايعت أبا بكر كما بايعتموه، ثم بايعت عمر كما بايعتموه، ثم بايعتم عثمان فبايعته([725]).
وقوله رضي الله عنه: فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته، ونهضت معه في تلك الأحداث حتى زهق الباطل، وكانت كلمة الله هي العليا وأن يرغم الكافرون، فتولى أبو بكر تلك الأمور فيسر وسدد وقارب واقتصد، فصحبته مناصحاً وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهداً. فلما احتضر بعث إلى عمر فولاه فسمعنا وأطعنا وناصحنا وتولى عمر الأمر وكان مرضي السيرة ميمون النقيبة ([726]).
ولما بويع لأبي بكر الصديق رضي الله عنه جاء أبو سفيان إلى علي رضي الله عنه فقال أغلبكم على هذا الأمر أقل بيت في قريش أما والله لأملأنها خيلا ورجالا إن شئت فقال علي ما زلت عدوا للإسلام وأهله فما ضر ذلك الإسلام وأهله شيئا إنا رأينا أبا بكر لها أهلا. وفي رواية: لولا إنا رأينا أبا بكر لها أهلا لما تركناه([727]).
وقوله رضي الله عنه: ما غضبنا إلا لأنا قد أخرنا عن المشاورة، وإنا نرى أبا بكر أحق الناس بها بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنه لصاحب الغار وثاني اثنين، وإنا لنعلم بشرفه وكبره ولقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة بالناس وهو حي([728]).
وقد أقر بذلك آل كاشف الغطاء حيث قال: وحين رأى - أي: عليّ بن أبي طالب - أن الخليفتين -أعني: الخليفة الأول والثاني، أي: أبا بكر وعمر بذلا أقصى الجهد في نشر كلمة التوحيد وتجهيز الجنود وتوسيع الفتوح ولم يستأثرا ولم يستبدا بايع وسالم([729]).
بل واستعداده لبيعة غيرهم، كقوله لطلحة لما برز الناس للبيعة عند بيت المال: ابسط يدك للبيعة، فقال له طلحة: أنت أحق بذلك مني، وقد استجمع لك الناس ولم يجتمعوا لي([730]).
وورع هؤلاء وإيمانهم مسلم به حتى عند القوم بل سائر المسلمين، فقد ذكر ابن شهرآشوب صاحب المناقب: المعروفون من الصحابة بالورع: علي وأبو بكر وعمر وابن مسعود وأبو ذر وسلمان وعمار والمقداد وعثمان بن مظعون وابن عمر، ومعلوم أن أبا بكر توفي وعليه لبيت مال المسلمين نيف وأربعون ألف درهم وعمر مات وعليه نيف وثمانون ألف درهم وعثمان مات وعليه مالا يحصى كثرة وعلي مات وما ترك إلا سبعمائة درهم فضلا عن عطائه أعدها الخادم([731]).
زقال في موضع آخر: المشهور من الصحابة بالنفقة في سبيل الله علي وأبو بكر وعمر وعثمان و عبد الرحمن وطلحة([732]).
فتدبر في قوله: المعروفون و المشهور.
وغيرها كثير حتى أقر بها المتأخرون([733]).
فانظر كيف توفق بينها؟!
وعلى أي حال، نكرر هنا ونقول: إنه لا يسعنا حصر كل ما أورده القوم في ذلك.

تعظيم الشيعة لليهود والنصارى
ومن الأمور الغريبة عند القوم: أنهم وهم يستميتون بشتى الوسائل والسبل من لي أعناق الآيات، وتأويل المتشابهات، ووضع الأحاديث والروايات في إثبات أن مجتمع الصحابة رضوان الله عليهم هذا الجيل المثالي كان خليطاً من المنافقين والحاقدين والمتآمرين، ثم المرتدين عن الإسلام، واستماتتهم في صرف كل ما من شأنه أنه فضيلة بأي حيلة كانت أو وسيلة، حتى لو كان يمجها العقل، ولم يسعفهم فيه النقل، تراهم مع ذلك يظهرون اليهود والنصارى بمنزلةٍ لم يجعلوها لأصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فاقرأ معي مثلاً هذه الروايات وهي في الأصل طويلة، ولكننا أخذنا منها مواضع الحاجة:
دخل نفر من اليهود على أبي بكر وقالوا: أنت خليفة رسول الله؟ قال نعم. قالوا: أعطنا عدتنا من رسول الله. قال: وما عدتكم؟ قالوا: أنت أعلم بعدتنا إن كنت خليفة، وإن لم تكن خليفة فكيف جلست مجلس نبيك بغير حق لك، ولست له أهلاً؟ قال: فقام وتحير في أمره ولم يعلم ماذا يصنع، وإذا برجل من المسلمين قد قام وقال: اتبعوني حتى أدلكم على خليفة رسول الله، قال فخرجوا اليهود من بين يدي أبي بكر وتبعوا الرجل حتى أتوا منزل فاطمة، وطرقوا الباب فإذا بالباب قد فتح وقد خرج عليهم علي وهو شديد الحزن على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما رآهم قال: أيها اليهود! تريدون عدتكم من رسول الله؟ قالوا: نعم. فخرج إليهم إلى ظاهر المدينة إلى الجبل الذي صلى عنده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما رآى مكانه تنفس الصعداء وقال: بأبي من كان بهذا الجبل عنده هنيئة ثم صلى ركعتين، وإذا بالجبل قد انشق وخرجت النوق منه، وهي سبع نوق، فلما رأوا ذلك قالوا بلسان واحد: نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأن ما جاء به من عند ربنا هو الحق وأنك خليفته حقا ووصيه ووارث علمه، فجزاك الله وجزاه عن الإسلام خيراً، ثم رجعوا إلى بلادهم مسلمين موحدين([734]).
وسأل يهوديان علياً رضي الله عنه: أين ربك؟ فأجابهما عن ذلك. فقالا: إنك لأنت الخليفة حقاً، وإنك لأنت أحق بهذا الأمر وأولى به ممن غلبك عليه([735]).
وجاء يهودي آخر وسأله: عن أول حجر وضع على وجه الأرض، وأول شجرة نبتت على وجه الأرض، وأول عين نبعت على وجه الأرض، وكم لهذه الأمة بعد نبيها من إمام عادل، وأين مَنزِلَ محمدٍ من الجنة، ومن يسكن معه، وعن وصي محمدٍ كم يعيش بعده، وهل يموت أو يقتل؟ فأجابه عليه السلام عن كل ذلك، فوثب إليه اليهودي، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنك وصي رسول الله([736]).
وجاءه آخران من يهود خيبر وسألاه: عن الواحد والاثنين والثلاثة والأربعة والخمسة والستة والسبعة والثمانية والتسعة والعشرة والعشرين والثلاثين والأربعين والخمسين والستين والسبعين والثمانين والتسعين والمائة؟ فأجابهما عن ذلك فأسلما على يديه([737]).
وجاء قوم من اليهود في عهد عمر وسألوا: عن أقفال السموات السبع ومفاتيحها، وعن قبر سار بصاحبه، وعمن أنذر قومه ليس من الجن ولا من الإنس، وعن موضع طلعت عليه الشمس ولم تعد إليه، وعن خمسة لم يخلقوا في الأرحام، وعن واحد واثنين وثلاثة وأربعة وخمسة وستة وسبعة وثمانية وتسعة وعشرة وحادي عشر وثاني عشر؟ فأجابهما علي عليه السلام عن ذلك، فأقبل اليهود يقولون: نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأنك ابن عم رسول الله، ثم أقبلوا على عمر، فقالوا: نشهد أن هذا أخو رسول الله، وأنه أحق بهذا المقام منك، وأسلم من كان معهم وحسن إسلامهم([738]).
وسأله يهودي: أخبرني عما ليس لله، وعما ليس عند الله، وعما لا يعلمه الله؟ فأجابه عن ذلك، فأسلم اليهودي([739]).
وسأله آخر: أخبرني عن قرار هذه الأرض، وشبَّه الولد أعمامه، ومن أي النطفتين يكون الشعر والعظم والعصب؟ ولم سميت السماء سماء، والدنيا دنيا، والآخرة آخرة، وآدم آدم، وحواء حواء، والدرهم درهماً، والدينار ديناراً؟ ولم قيل للفرس: أجد، وللبغل: عد، وللحمار: حر؟ فأجابه عن كل ذلك، فأسلم على يده، ولازمه حتى قتل في صفين([740]).
وسأل جاثليق النصارى عليا عليه السلام: أمؤمن أنت عند الله أم عند نفسك؟ وعن منزلتك في الجنة ما هي؟ وعن الله تعالى أين هو اليوم؟ وغيرها. فأجابه علي عليه السلام فأسلم وقال: أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأنك وصي رسول الله، وأحق الناس بمقامه، وأسلم الذين كانوا معه كإسلامه([741]).
وسأله وفد نجران: أنتم تقولون: إن لله جنة عرضها السماوات والأرض فأين تكون النار؟ وعن أرض طلعت عليها الشمس ساعة ولم تطلع مرة أخرى؟. الرواية. فأجابه أمير المؤمنين على ذلك فقال الأسقف: مد يدك فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول، وأنك خليفة الله في أرضه ووصي رسوله([742]).
وآخر أسلم، لأن علياً أخبره باسم عين شربوا منها في طريقهم إلى صفين، فكان أول من أصابته الشهادة، فنزل علي عليه السلام وعيناه تهملان، وهو يقول: المرء مع من أحب، الراهب معنا يوم القيامة، ورفيقي في الجنة([743]).
وسأله آخر: عن أول حرف كلَّم الله تعالى به نبيكم لما أسري به ورجع من عند ربه، وعن الملك الذي زحم نبيكم ولم يسلم عليه، وعن الأربعة الذين كشف عنهم مالك طبقاً من النار وكلموا نبيكم، وعن منبر نبيكم أي موضع هو من الجنة؟ فأجابه عن كل ذلك، فأسلم، وقال: أشهد أنك عالم هذه الأمة، ووصي رسول الله ص([744]).
وسأله يهودي آخر: أين الله؟ فأجابه. فأسلم وقال: أشهد أنك أحق بمقام نبيك ممن استولى عليه([745]).
وآخران كانا صديقين لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد آمنا بموسى رسول الله، وأتيا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم وسمعا منه، ثم أتياه، وقالا: إنك لأنت الخليفة حقاً، نجد صفتك في كتبنا ونقرأه في كنائسنا، فما منع صاحبيك أن يكونا جعلاك في موضعك الذي أنت أهله؟ فقال عليه السلام: قدما وأخرا وحسابهما على الله عزوجل ([746]).
أقول: في الرواية دليل على أن خلافة الشيخين رضي الله عنهما لو تأخرت لكانت صحيحة.
وسأله أسقف نجراني: أنتم تقولون: إن لله جنة عرضها السموات والأرض، فأين تكون النار وغيرها؟ فأجابه عن ذلك، فقال الأسقف: مد يدك فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأنك خليفة الله في أرضه ووصي رسوله([747]).
وآخر فسر له قول الناقوس عندما يدق فأسلم([748]).
حتى من مات منهم على الكفر فكان له نصيب من ذلك، فقد روى القوم: أن يهودياً كان يحب علياً حباً شديداً، فمات ولم يسلم، فقال تعالى: أما جنتي فليس له فيها نصيب، ولكن يا نار لا تهيديه - أي: لا تزعجيه([749]). وغيرها.
والروايات في الباب كثيرة وطويلة، وما أوردناه يوفي بالمقصود، وهو أن القوم أرادوا أن يقولوا: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طيلة دعوته التي امتدت إلى ثلاثة وعشرين عاماً لم يستطع أن يخرج من أصحابه الذين قال فيهم الله عزوجل: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) [البقرة: 143].

وقوله: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [آل عمران: 110].

وقوله: (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [الأنفال: 62 - 63].

وقوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الأنفال: 74 - 75].

وقوله: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 100].

وقوله: (الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) [التوبة: 20-22].

وقوله: )الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ *) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ( [آل عمران: 172 - 174].

وقوله: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [الفتح: 29].

وغيرها من الآيات.
نقول: لم يستطع أن يخرج من هؤلاء الأصحاب سوى عصابات من المنافقين والمجرمين والمتآمرين الحاقدين، ما إن تركهم حتى ارتدوا على أعقابهم.
بينما يرينا القوم أن علياً رضي الله عنه وفي لحظاتٍ استطاع أن يقنع من قال الله تعالى فيهم: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة: 120].

وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)[المائدة: 51].

وقال: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [المائدة: 64].

وقال: (َتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) [المائدة: 82].

وقال: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [التوبة: 30] بمجرد أن أجابهم عن أول شجرة نبتت على الأرض، أو عن الواحد والاثنين، أو لماذا قيل للبغل: عد، وللحمار: حر.


عتاب آية الله العظمى العلامة جعفر السبحاني والرد عليه
قد عتب علينا الشيخ العلامة آية الله العظمى جعفر السبحاني لما أوردناه في كتابنا: (الإمامة والنص) قائلاً: كيف ينسب الكاتب إلى الشيعة تعظيم اليهود والنصارى مع أن إمام الشيعة وإمام المسلمين علي بن أبي طالب عليه السلام هو الّذي استأصل شأفة اليهود في قلاعهم، وسقاهم كؤوس الذلّ بسيفه وسنانه، وقتل أبطالهم، وفي مقدمتهم مرحب الخيبري مرتجزاً:
أنا الّذي سمتني أمي حيدرة             ضرغام آجام وليث قسورة
وقد كرّمه الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم عندما بعثه لقتال الخيبريين بقوله: لأُعطينّ الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح على يديه، كرار غير فرار، وقد أطاح بقوله: غير فرار باللذَيْن أخذا الراية، من قبَل ثم رجعا منهزمينَ، واتُّهما بالجبن والفرار.
ثم عدتُ إلى متن الكتاب حتّى أقرأ ذلك الفصل عن كثب وأتعرّف على حقيقة هذه الدعوى، دعوى تعظيم الشيعة لليهود والنصارى أو ليس رجال الشيعة هم الذين أخرجوا اليهود عن الوطن الإسلامي - في جنوب لبنان - صاغرين وبذلك صاروا أسوة لأبطال فلسطين وقدوة لأبناء الحجارة وعلّموهم بأنّ التحرّر من ذلّ العدوان الصهيوني لا يُكتب إلاّ بالتضحية والعمليات الاستشهادية؟! ([750]).
فرددت عليه فيما رددت: أما استنكاركم عنوان: تعظيم الشيعة لليهود والنصارى. وذكره لمواقف الشيعة من اليهود ومآثر حزب الله، فأقول:
لا شك أنكم يا شيخنا! لم يسعفكم الوقت لتدبر الكتاب ومقاصده، فأدى ذلك إلى هذا التصور الخاطئ لبعض عناوينه، فلا أظن أن عاقلاً من أهل السنة يفكر في الطعن في أئمة أهل البيت عليهم السلام، ويتهمهم بهذه العقائد الفاسدة كالغلو، وتحريف القرآن، وتكفير الصحابة، وتعظيم اليهود والنصارى وعقائد ما أنزل الله بها من سلطان.
ويقيني أن الشيخ وهو من هو لم يغب عنه هذا وما أردتم بذكركم لموقف أمير المؤمنين رضي الله عنه من اليهود إلا إيهام القارئ بأننا نرمي إلى الطعن في الأئمة وشيعتهم المخلصين، وأنت تعلم يقيناً أننا ننزههم عن أمثال هذه العقائد، وأن مصنفات أهل السنة في نقد عقائد الشيعة إنما تنصب فيما نسب إليهم من عقائد، وهم منها براء، وإن استخدامنا لمصطلح الشيعة إنما هو من باب المشاكلة والتجاوز، فقد ذكرتم بأنفسكم في أحد تصانيفكم: أنّ الشيعة - في الواقع - هم أهل السنّة، فإنّه إذا كانت اللفظة لا تعني سوى الاهتمام بالسنّة وشؤونها فأئمّة الشيعة وتلاميذ مدرستهم هم الذين أحيوا السنّة وأماتوا البدعة([751]).
وهذا دليل على أن في استعمال المصطلحات سعة، وهذا تماماً ما نقصده، فنحن المسلمين كلنا شيعة نحب آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إن كان هذا هو الفهم للتشيع، فالتشيع لأهل البيت فخر لا ينبغي أن ينسب إليه من لا يستحقه، لذا نفى الإمام زيد عليه السلام صفة الشيعة والتشيع عن بعض أصحابه وأسماهم بالرافضة، وهذا كقول الإمام الشافعي رحمه الله:
إن كان رفضاً حبُّ آلِ محمدٍ             فليشهدِ الثقلانِ أَني رافضي
نافياً ومستبعداً  أن يكون حب آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم رفضاً، لا كما توهمتم وذكرتم في أحد مصنفاتكم؛ لذا قال في أحد أشعاره:
قالوا ترفضت؟ قلت: كلا ما الرفض ديني ولا اعتقادي
أي أن الرفض لا علاقة له بالتشيع وحب آل البيت كما بين زيد رحمه الله، وهذا هو مقصد ومنهج أهل السنة في مصنفاتهم.
وأربأ بكم يا شيخنا! أن يغيب عنكم هذا الفهم، فتتهموننا بالطعن في الشيعة، وأمير المؤمنين وآل البيت رضي الله عنهم.
ثم هل لنا أن نقول بالمثل - من باب إساءة الفهم والظن - أنكم وقد استنكرتم مسألة تعظيم الشيعة لليهود والنصارى ولم تستنكروا رد الشيعة لجميع فضائل الصحابة، وصرفها وتأويلها، وهو العنوان الذي ورد قبل عنوان التعظيم، هل نفهم من هذا مثلاً: أنكم تقرون بأن هذا هو عقيدة أهل البيت في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله سلم؟ وهل لنا أن نقول مثلاً: إنكم وقد تطرقتم إلى قضية تعظيم الشيعة لليهود واستنكاركم لها، وتجاهلكم باباً بأكمله في عدم تعظيم الشيعة للقرآن والقول بتحريفه، إنكم تقرون بأن هذا هو عقيدة أهل البيت في القرآن؟
فنحن عندما نورد مثلاً عشرات النصوص من طرقكم في طعنكم وتكفيركم صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم نعقبه بنصوص صريحة في تعظيمكم لليهود والنصارى في الباب نفسه، فنحن نعلم يقيناً أن روايات المسألتين التكفير هنا والتعظيم هناك لا تصح نسبتها إلى الأئمة رحمهم الله، وكذلك لا ينبغي فهم مقاصد عنوان التعظيم بمنأى عما سبقه، وإلا نشأ فهم خاطئ للعنوان على أن المقصود به الأئمة رضي الله عنهم وشيعتهم.
لهذا فنحن لم نضع قضية التعظيم هذه في باب آخر؛ لعدم وجود الرابط بينهما، ولرفع هذا اللبس نقول: إننا عندما نذكر في الفصل الذي يسبق تعظيم الشيعة لليهود والنصارى عشرات الروايات في الطعن في الصحابة وتكفيرهم، وصرف سائر نصوص فضائلهم وإظهار مجتمعهم على أنه خليط من المنافقين والحاقدين والمتآمرين ثم المرتدين عن الإسلام، ثم نذكر في فصل تعظيم الشيعة لليهود والنصارى روايات من أمثال:
- أن يهودياً سأل أمير المؤمنين لم قيل للفرس: أجد، وللبغل: عد، وللحمار: حر؟ فأجابه عن ذلك، فأسلم على يده ولازمه حتى قتل في صفين.
- وآخر أسلم لأن علياً عليه السلام أخبره باسم عين شربوا منها في طريقهم إلى صفين، فكان أول من أصابته الشهادة فنزل علي عليه السلام وعيناه تهملان وهو يقول: المرء مع من أحب، الراهب معنا يوم القيامة ورفيقي في الجنة.
وآخر سأله أين الله؟ فأجابه، فأسلم، وقال: أشهد أنك أحق بمقام نبيك ممن استولى عليه.
- وآخران قالا له: إنك لأنت الخليفة حقا نجد صفتك في كتبنا، ونقرؤه في كنائسنا، فما منع صاحبيك أن يكونا جعلاك في موضعك الذي أنت أهله؟
- وآخر يقول: مد يدك فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأنك خليفة الله في أرضه ووصي رسوله.
- وآخر كان يحب عليا، فمات ولم يسلم، فقال تعالى: أما جنتي فليس له فيها نصيب، ولكن يا نار! لا تهيديه - أي لا تزعجيه -.
بينما عز عليكم أن تجعلوا ذلك للشيخين رضي الله عنهما، بل وضعتم عشرات الروايات في قصص تعذيبهما في النار وتفننتم في ذلك، كرواية أنهما يضربان بسياط من نار لو وقع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها إلى مغربها، ولو وضعت على جبال الدنيا لذابت حتى تصير رماداً، فيضربان بها([752]).
وفي رواية: ‏إن في النار لواديا يقال له: سقر، لم يتنفس منذ خلقه الله، لو أذن الله عزوجل له في التنفس بقدر مخيط لأحرق ما على وجه الأرض، وإن أهل النار ليتعوذون من حر ذلك الوادي ونتنه وقذره، وما أعد الله فيه لأهله، وإن في ذلك الوادي لجبلاً يتعوذ جميع أهل ذلك الوادي من حر ذلك الجبل ونتنه وقذره وما أعد الله فيه لأهله، وإن في ذلك الجبل لشعباً يتعوذ جميع أهل ذلك الجبل من حر ذلك الشعب ونتنه وقذره وما أعد الله فيه لأهله، وإن في ذلك الشعب لقليباً يتعوذ أهل ذلك الشعب من حر ذلك القليب ونتنه وقذره، وما أعد الله فيه لأهله، وإن في ذلك القليب لحية يتعوذ جميع أهل ذلك القليب من خبث تلك الحية ونتنها وقذرها، وما أعد الله في أنيابها من السم لأهلها، وإن في جوف تلك الحية لسبعة صناديق فيها خمسة من الأمم السالفة، واثنان من هذه الأمة - وهما أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وأرضاهما وأخزى مبغضهما([753]).
وعشرات الروايات غيرها، فلا بد إذن أن يتبادر إلى ذهن القارئ علة وضع روايات في إنكار الصحابة لأحقية علي رضي الله عنه في الخلافة - بزعمكم - وأخرى في إخلاص وإقرار اليهود والنصارى بإمامته وإسلامهم واستشهادهم ورفقتهم لهم رضي الله عنه في الجنة، وعدم تعذيب من مات منهم على يهودية لمجرد سؤال أو لقاء لم يتجاوز اللحظات، وليس لثلاث وعشرين سنة؟
فلا بد أن يقف القارئ ويتساءل عن منشأ وجذور مثل هذه العقائد، لذا لا ينبغي الغفلة عن أن هذا لا تعلق له بالتشيع بالمفهوم الصحيح، وهذا ما نأخذه عليكم غفر الله لنا ولكم عندما أقحمتم أمير المؤمنين رضي الله عنه في سياق كلامكم في الرد علينا، مستغلين الأسلوب العاطفي لإثارة المشاعر.
ويحضرني هنا استنكاركم لهذا الأسلوب حيث قلتم: إن في البحوث التاريخية يجب أن يستخدم الأُسلوب البرهاني بدل الأُسلوب الخطابي، إذ لكلّ أُسلوب مجاله الخاص، ولكنك - يا للأسف - استخدمت إثارة العواطف والمشاعر مكان الاستدلال بالوثائق التاريخية.
وناقضتم أنفسكم مرة أخرى في السياق نفسه، عندما قلتم: أي تلازم بين الطعن في المدعو، والطعن في الداعي، فالقرآن يطعن في قوم نوح وعاد وثمود، فهل معنى هذا أنّه يطعن في الدعاة (فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) [يونس: 35]؟!

فلم لم يطبق الشيخ هذا المنهج علينا، ويقول بأننا نطعن في عقائد المنتسبين إلى التشيع، ولا نطعن في الأئمة رحمهم الله؟!
أما قولكم: أو ليس رجال الشيعة هم الذين أخرجوا اليهود عن الوطن الإسلامي - في جنوب لبنان - صاغرين وبذلك صاروا أسوة لأبطال فلسطين وقدوة لأبناء الحجارة، وعلّموهم بأنّ التحرّر من ذلّ العدوان الصهيوني لا يُكتب إلاّ بالتضحية والعمليات الاستشهادية؟!
فأحيلكم إلى هذا الرابط من موقعنا:
http:/ / www.fnoor.com/ main/ articles.aspx?article_no=14211

ولا أزيد على هذا سوى القول بأن أهل مكة أدرى بشعابها.
وما دمنا قد تطرقنا إلى هذا الأمر فلا أرى بأساً من بيان علة قولنا: تعظيم الشيعة - أو في حقيقة الأمر - الرافضة لليهود كما ذكرنا، وبيان جذور الكثير من العقائد التي نسبت إلى أئمة أهل البيت رحمهم الله، رغم أن هذا الكتاب ليس مكان ذلك، ولكن لا بأس بالتطرق إليه بإيجاز شديد بنقل هذا الجدول الذي يبين أوجه الشبه بين الرافضة واليهود كما ذكره الكثير من العلماء:

أوجه الشبه بين الرافضة واليهود
 

اليهود الرافضة
يطلقون لقب وصي على من يستخلف شئون البشر بعد موسى عليه السلام. يطلقون لقب وصي على من يتولى شئون المسلمين بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
يقولون: إن الله تعالى نص على يوشع وصياً لموسى عليه السلام. يقولون: إن الله تعالى نص على علي عليه السلام وصياً للنبي عليه الصلاة والسلام.
يقولون: إن الله تبارك وتعالى قال ليوشع: اليوم أبتدي أعظمك في أعين جميع بني إسرائيل، لكي يعلموا أني كما كنت مع موسى أكون معك. يقولون: لعلي والأئمة منزلة تعادل منزلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
يقولون بوجوب تنصيب وصي بعد النبي، وأن الأمة بغير وصي كالغنم التي لا راعي لها. يعتقدون أن الأرض لو بقيت بغير إمام لساخت.
يقولون:. حينئذ كلم يوشع الرب يوم أسلم الرب الأموربين أمام بني إسرائيل وقال أمام عيون إسرائيل: يا شمس! دومي على جبعون، ويا قمر: على وادي ايلون. فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب من أعدائه. وفي سفر ياشر: فوقفت الشمس في كبد السماء، ولم تعجل للغروب نحو يوم كامل.
[الإصحاح العاشر فقرات 12 - 14].
من الروايات عن الصادق عليه السلام أنه قال: إن علياً لما صلى الظهر التفت إلى جمجمة تلقاءه فقال: أيتها الجمجمة من أين أنت؟ فقالت: أنا فلان بن فلان ملك بلاد آل فلان، فقال لها أمير المؤمنين: فقصي عليّ الخبر وما كنت وما كان عصرك، فاشتغل بها حتى غابت الشمس، فكلمها بثلاثة أحرف من الإنجيل؛ لأن لا يفقه العرب كلامها، قالت: لا أرجع وقد أفلت فدعا الله عزوجل، فبعث إليها سبعين ألف ملك بسبعين ألف سلسلة حديد، فجعلوها في رقبتها وسحبوها على وجهها حتى عادت بيضاء نقية، حتى صلى أمير المؤمنين عليه السلام ثم هوت كهوي الكوكب.
يقولون: الملك في آل داود ولا يجوز أن يخرج الملك منهم إلى غيرهم إلى يوم القيامة؛ لأنه هكذا قال الرب لا ينقطع لداود إنسان يجلس على كرسي بيت إسرائيل. سفر إرميا، الإصحاح الثالث والثلاثون.
ويكون لداود ونسله وبيته وكرسيه سلام إلى الأبد من عند الرب. سفر الملوك الأول، الإصحاح الثاني.
يقولون: الإمامة في نسل الحسين، ولا تخرج عنهم إلى يوم القيامة.
يقولون: الكهانة في ولد هارون دون ولد موسى مع أن موسى أفضل من هارون. يقولون: الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن مع أن الحسن أفضل من الحسين ب.
يشترط اليهود في ملوكهم: أن يعيدوا بناء هيكل سليمان، وأن يحملوا تابوت عهد الرب. يشترط الشيعة لصحة إمامة أئمتهم: أن يحملوا سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهم يشبهون السلاح فيهم بالتابوت في بني إسرائيل.
انقطاع ملك آل داود من بني إسرائيل، والذي زعم اليهود أنه لا ينقطع إلى يوم القيامة منذ زمن بعيد جداً. انقطاع إمامة ولد الحسين فلا الحسين ولا أبناؤه تولوا إمارة المسلمين في يوم من الأيام.
عندما يعود مسيح اليهود يضم مشتتي اليهود من كل أنحاء الأرض ويكون مكان اجتماعهم مدينة اليهود المقدسة وهي القدس. عندما يخرج مهدي الشيعة يجتمع إليه الشيعة من كل مكان، ويكون مكان اجتماعهم المدينة المقدسة عند الشيعة وهي الكوفة.
عندما يأتي مسيح اليهود تخرج جثث العصاة ليشاهد اليهود تعذيبهم. وعندما يأتي مهدي الشيعة يخرج أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - من قبورهم فيعذبهم.
 
يحاكم مسيح اليهود كل من ظلم اليهود ويقتص منهم. يحاكم مهدي الشيعة كل من ظلم الشيعة ويقتص منهم.
عندما يخرج مسيح اليهود تتغير أجسام اليهود، فتبلغ قامة الرجل منهم مائتي ذراع وكذلك تطول أعمارهم. عندما يخرج مهدي الشيعة تتغير أجسام الشيعة، فتصير للرجل منهم قوة أربعين رجلاً، ويطأ الناس بقدميه، وكذلك يمد الله لهم في أسماعهم وأبصارهم.
في عهد مسيح اليهود تكثر الخيرات عند اليهود، فتنبع الجبال لبناً وعسلاً وتطرح الأرض فطيراً وملابس من الصوف. في عهد مهدي الشيعة تكثر الخيرات عند الشيعة، وينبع من الكوفة نهران من الماء واللبن يشرب منهما الشيعة.
مسيح اليهود معدوم لا وجود له. مهدي الشيعة معدوم لا وجود له.
يزعم اليهود أن الله أراد إهلاك بني إسرائيل، وبينما المَلك يهلك ندم الله تعالى على ذلك، وأمر المَلك بالكف عن الإهلاك. يزعم الشيعة أن الله أراد أن يهلك الناس في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم ما لبث أن بدا له، فرجع عن الإهلاك.
يدعي اليهود: أن الله تعالى نصب شاول ملكاً على بني إسرائيل، ثم ندم وتأسف على ذلك. يدعي الشيعة: أن الله تعالى قد عين إسماعيل بن جعفر وأبا جعفر، بن محمد بن علي إمامين للشيعة ثم بدا له فغيرهما.
 
يزعم اليهود أن صفة الندم لا تنفك عن الله تعالى فهو دائماً يندم على الشر. تزعم الشيعة أن الله اشترط لنفسه البداء، وأن يقدم ما يشاء ويؤخر.
يعتقد اليهود: أن في إطلاق صفة الندم على الله تعالى مدحاً وتعظيماً له تعالى. جاء في أسفارهم: إن ربكم رءوف رحيم يندم على الشر. ويعتقد الشيعة: أن في إطلاق صفة البداء على الله تعالى مدحاً وتعظيماً وعبادة لله تعالى، قالوا: ما عبد الله بشيء مثل البداء وما عظم بمثل البداء.
زعم اليهود: أن عيسى عليه السلام وأتباعه كفرة مرتدون خارجون عن الدين. زعم الشيعة: أن الصحابة رضي الله عنهم كفار مرتدون عن الإسلام ولم يدخلوا في الدين إلا نفاقاً ورياءً.
رمى اليهود مريم ‘ بالفاحشة مع تبرئة الله تعالى لها. رمى الشيعة عائشة - رضي الله عنها - بالفاحشة مع تبرئة الله تعالى لها.
يرمز اليهود لعيسى بعدة رموز منها جيشو، وهو مقتبس من تركيب أحرف كلمات ثلاث: إيماش، شيمو، فيزيكر، أي ليمح اسمه وذكره، ويرمزون إليه بـذلك الرجل وابن النجار وابن الحطاب، كما يرمزون لمريم بـماري. يرمز الشيعة في كتبهم للخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين برموز تشبه رموز اليهود، فيرمزون لأبي بكر وعمر بالجبت والطاغوت، وزريق وحبتر، وفرعون وهامان، والعجل والسامري، والأعرابيين، والأول والثاني، وفلان وفلان، وغيرها من هذه الرموز، ويرمزون لعثمان بـنعثل والثالث. ويرمزون لمعاوية بـالرابع ولبني أمية بـأبي سلامة، ويرمزون لعائشة بأم الشرور، وصاحبة الجمل وعسكر بن هوسر.
غالى اليهود في موسى عليه السلام حتى زعموا أن الله خاطبه قائلاً: إنا جعلناك إلهاً لفرعون وهارون أخوك يكون نبياً. غالى الشيعة في علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - حتى ادعوا فيه الربوبية، قالوا في تفسير قوله تعالى: (قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ) [الكهف: 87]، قالوا: يرد إلى أمير المؤمنين.
غالى اليهود في النبي دانيال، وقالوا: إن اسمه كاسم الله، وأن روح الإله قد حلت فيه، وأن فيه حكمة كحكمة الله، وفطنة كفطنة الله. غالى الشيعة في أئمتهم، حتى أطلقوا عليهم أسماء الله الحسنى ووصفوهم بصفات الله العلى، وكذبوا على الأئمة أنهم قالوا: نحن الأسماء الحسنى، نحن منبت الرحمة، ومعدن الحكمة، ومصابيح العلم، وكذبوا على علي رضي الله عنه أنه قال: أنا علم الله، وأنا قلب الله الواعي، ولسان الله الناطق، وعين الله الناظرة، وأنا جنب الله وأنا يد الله.
يقولون: إن بعض أنبيائهم يعلمون الغيب كزعمهم أن إيليا كان يعلم متى ينزل المطر. يعتقدون أن أئمتهم يعلمون الغيب، وأنه لا يخفى عليهم شيء في السماوات ولا في الأرض، وأنهم يعلمون ما في أصلاب الرجال وما في أرحام النساء، ويعلمون ما في الجنة والنار، ويعلمون ما كان وما سيكون إلى يوم القيامة
جاء في التلمود: إن التوراة أشبه بالماء، والمشنا أشبه بالنبيذ، والغامارا أشبه بالنبيذ العطري، والإنسان لا يستغني عن الثلاثة الكتب المذكورة كما أنه لا يستغني عن الثلاثة الأصناف السالف ذكرها. قال الشيرازي: وكما أن كيان الإسلام كان يحتاج إلى جهود محمد وعلي والحسين معاً؛ لأن تعاليم محمد إنشائية، وتعاليم علي تربوية، وتعاليم الحسين إمدادية، وإذا لم تتفاعل هذه العناصر الثلاثة معاً لا يبرز الإسلام إلى الوجود.
يعتقدون أن حاخاماتهم أفضل من الأنبياء، قالوا: أقوال الحاخامات أفضل من أقوال الأنبياء. وقالوا: التفت على أقوال الحاخامات أكثر من التفاتك إلى شريعة موسى. يعتقدون أن أئمتهم أفضل من الأنبياء. وقالوا: إن من ضروريات مذهبنا: أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل. وقالوا أيضاً: علي خير البشر ومن أبى فقد كفر.
 
يعتقدون أن أنبياءهم وحاخاماتهم يستطيعون إرجاع الحياة للأموات من الإنسان والحيوان. يقولون: إن أئمتهم يستطيعون إرجاع الحياة للأموات من الإنسان والحيوان.
يقولون بعصمة حاخاماتهم وأن الله جعلهم معصومين من الخطأ والنسيان. يقولون بعصمة أئمتهم، وأنه لا يجوز عليهم سهو ولا غفلة، ولا خطأ ولا نسيان.
يعتقدون أن أقوال الحاخامات مثل الشريعة. أي: التوارة. يقولون: إن تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن يجب تنفيذها.
يعتقدون أن من جادل حاخامه فكأنما جادل العزة الإلهية. يعتقدون أن الراد على الأئمة كالراد على الله تعالى. وقالوا أيضاً: الراد على أمير المؤمنين في كبير أو صغير، على حد الشرك بالله.
يقولون: الربانيون يعلمون أهل السماء الأبرار. يقولون: الأئمة هم الذين علَّموا الملائكة التوحيد وذكر الله.
يقولون: إن الله يستشير الحاخامات عندما توجد معضلة لا يمكن حلها في السماء. يقولون: إن الملائكة إذا تشاجروا في مسألة ما يتحاكمون فيها إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
 
يقولون بأن مخافة الربانيين هي مخافة الله نفسها. وقالوا: كلمات الربانيين في كل عصر ومصر هي كلمات الله. يقولون: نعتقد أن الأئمة أمرهم أمر الله ونهيهم نهيه، وطاعتهم طاعته ومعصيتهم معصيته.
يقولون أن إيليا هو دابة الأرض. يقولون: إن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - هو دابة الأرض.
خذل اليهود موسى عليه السلام عندما أمرهم بالقتال، ودخول الأرض المقدسة بعد أن أخرجهم من مصر، وحررهم عن ذل العبودية لفرعون، فكان جوابهم له كما أخبر الله تعالى عنهم:(قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) خذل الشيعة أئمتهم في مواطن عديدة وتركوا مناصرتهم في أصعب الظروف، فقد خذلوا علياً رضي الله عنه مرات كثيرة، وتقاعسوا عن القتال معه، حتى اشتهر سبه لهم وذمه، وخذلوا أيضاً أبناءه من بعده، فقد خذلوا الحسن رضي الله عنه وخذلوا الحسين رضي الله عنه وخذلوا زيد بن علي.
يدعي اليهود أنهم شعب الله المختار، وأنهم خاصة الله من بين كل الشعوب وأمته المقدسة. يدعي الشيعة أنهم شيعة الله وأنصار الله، وأنهم خاصة الله وصفوته من خلقه.
يقولون بأن الله سخط على كل الأمم ما عدا اليهود، قالوا: الرب سخط على كل الأمم. رووا عن أئمتهم: والناس يمسون ويصبحون في سخط الله. وعن علي أنه قال لهم: أبشروا، فوالله لقد مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو ساخط على أمته إلا الشيعة.
يعتقدون بأن أرواحهم مخلوقة من الله تعالى، وليس ذلك لأحد غيرهم. قالوا: تتميز أرواح اليهود عن باقي الأرواح بأنها جزء من الله. يروون عن الأئمة: إن الله جعل لنا شيعة فجعلهم من نوره.
وعنهم أيضاً: خلق الله أرواح شيعتنا من طينتنا، ولم يجعل لأحد في مثل خلقهم نصيباً إلا للأنبياء.
يعتقدون: أنه لولا اليهود لم يخلق هذا الكون، ولولاهم لانعدمت البركة من الأرض. قالوا: لو لم يخلق الله اليهود لانعدمت البركة من الأرض ولما خلق الأمطار والشمس. يعتقدون: أنه لولا الشيعة لم يخلق الله هذا الكون، ولولاهم ما أنعم الله على أهل الأرض. رووا عن أئمتهم أنهم قالوا: والله لولاكم ما زخرفت الجنة، والله لولاكم ما خلقت حوراء، والله لولاكم ما نزلت قطرة، والله لولاكم ما نبتت حبة، والله لولاكم ما قرت عين.
وعن الباقر أنه قال لهم: لولا ما في الأرض منكم ما رأيت بعين عشباً أبداً، والله لولا ما في الأرض منكم ما أنعم الله على أهل خلافكم ولا أصابوا الطيبات.
يقولون: كل ما في الأرض هو ملك لهم، ولا يحق لغير اليهودي أن يمتلك شيئاً منه، وأنه يجوز لليهودي أن يسترد هذه الأملاك بأي وسيلة إذا امتلكها غير اليهودي. يقولون: إن الأرض كلها ملك للأئمة، وقد منحوها لهم، ومن امتلك منها شيئاً من غير الشيعة فإنه حرام عليه، وإذا قام القائم فسوف يسترده منه.
جاء في التلمود: إن الحقيقة المقررة عند الربانيين أنه يمكن لليهودي أن يأخذ أي شيء يخص المسيحيين أياً كان السبب، حتى بالاحتيال؛ لأنه لم يأخذ سوى ما يخصه. رووا عن أبي عبد الله أنه قال: إن الأرض كلها لنا، وكل ما في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون، وأما ما كان في أيدي غيرهم فإن كسبهم من الأرض حرام عليهم، حتى يقوم قائمنا فيأخذ الأرض من أيديهم ويخرجهم صغرة.
يعتقدون أنهم لا يدخلون النار وإن كانوا مذنبين. قالوا: النار لا سلطان لها على مذنبي بني إسرائيل، ولا سلطان لها على تلامذة الحكماء. قالوا: لا يدخل النار منهم أحد، وإن كانوا عاصين. رووا عن الأئمة: والله لا يدخل النار منكم اثنان لا والله ولا واحد. وزعموا أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: بشر علياً أن شيعته الطائع والعاصي من أهل الجنة.
 
يعتقدون أن كل الناس ما عداهم يدخلون النار ويكونون خالدين مخلدين فيها. جاء في التلمود: النعيم مأوى أرواح اليهود ولا يدخل الجنة إلا اليهود، أما الجحيم فمأوى الكفار من المسيحيين والمسلمين، ولا نصيب لهم فيها سوى البكاء لما فيه من الظلام والعفونة. يعتقدون أن كل الناس ما عداهم وأئمتهم سيدخلون النار. رووا عن أئمتهم أنهم قالوا: صرنا نحن وهم - أي: الشيعة - الناس وسائر الناس همج للنار وإلى النار.
يستعمل اليهود الغدر والاحتيال لقتل مخالفيهم. جاء في التلمود: محرم على اليهودي أن ينجي أحداً من الأجانب من هلاك أو يخرجه من حفرة يقع فيها، بل عليه أن يسدها بحجر. يستعمل الشيعة الغدر والاحتيال لقتل مخالفيهم. رووا أن أبا عبد الله سئل عن قتل الناصب فقال: حلال الدم والمال، اتقى عليك، فإن قدرت أن تقلب عليه حائطاً أو تغرقه في ماء؛ لكي لا يشهد به عليك فافعل.
حرم في التشريع اليهودي زواج اليهودي بغير اليهودية، ومن فعله كان آثماً مخالفاً للتعاليم اليهودية. جاء في سفر الخروج: احترز من أن تقطع عهداً مع سكان الأرض تأخذ من بناتهم لبنيك. وفي سفر التثنية: لا تقطع لهم حداً، ولا تشفق عليهم، ولا تصاهرهم. حرّم الشيعة الزواج من غيرهم وخاصة من أهل السنة، ويرون أن من فعل ذلك فقد انتهك محارم الله. فقد روي عن أبي عبد الله أنه قال: تصافحون أهل بلادكم وتناكحونهم، أما إنكم لو صافحتموهم انقطعت عروة من عرى الإسلام. وإذا ناكحتموهم انتهك الحجاب بينكم وبين الله. وعن أبي جعفر أنه سئل عن مناكحة الناصب والصلاة خلفه فقال: لا تناكحه ولا تصل خلفه.
يعتقدون أن أرواحهم مصدرها روح الله، ومصدر أرواح غيرهم الروح النجسة، أو أرواح الشيطان يقولون: إن أصل طينتهم من الجنة، وأصل طينة عدوهم من النار.
يعقتدون إن نجاسة مخالفيهم لازمة لأصل خلقهم، وأنهم لا يطهرون. جاء في التلمود: لا تزول النجاسة من النوخريم. أي الأجانب. يقولون: أن نجاسة مخالفيهم لازمة لأصل خلقهم وأنهم لا يطهرون. جاء في الكافي: لا تغتسل من البئر التي تجتمع فيها غسالة الحمام، فإن فيها غسالة ولد الزنا، وهو لا يطهر إلى سبعة آباء، وفيها غسالة الناصب وهو شرهما.
يقولون: إن نجاسة الأميين تنتقل على أي شيء يلمسونه بأيديهم، فلذلك يوجبون غسل الآنية التي يلمسونها. جاء في التلمود: إذا اشترى يهودي إناء من آكوم - أي أجنبي - فيجب على اليهودي غسله في حوض كبير. يقولون: إن نجاسة النواصب تنتقل إلى أي شيء يلمسونه، ولذلك يوجبون غسل أيديهم عند مصافحتهم. جاء في الكافي: أن رجلاً سأل أبا عبد الله فقال: ألقى الذمي فيصافحني قال: امسحها بالتراب وبالحائط. قال: قلت: فالناصب؟ قال: اغسلها.
يفضل اليهود الكلب على من عداهم. جاء في التلمود: إن الكلب أفضل من الأجانب. يفضل الشيعة الكلب على أهل السنة، جاء في رواياتهم: ما خلق الله شيئاً شراً من الكلب والناصب شر منه. وفي رواية: إن الناصب أهون على الله من الكلب.
حرف اليهود كتبهم حتى يثبتوا الملك من الله تبارك وتعالى لأوليائهم. ادعى الشيعة تحريف القرآن حتى يثبتوا الإمامة لعلي بن أبي طالب والأئمة من بعده.
يقول أحد حاخامات اليهود: يلزم اليهودي ألا يجاهر بقصده الحقيقي حتى لا يضيع اعتبار الدين أمام أعين باقي الأمم. يروون عن أبي عبد الله قال: اتقوا على دينكم فاحجبوه بالتقية، فإنه لا إيمان لمن لا تقية له.
جاء في التلمود: إذا أنت دخلت قرية ووجدت أهلها يحتفلون بعيد عليك التظاهر بمشاركتهم الابتهاج العظيم، لكن تكتم بغضاءك. تروي الشيعة عن أبي عبد الله أنه قال: إياكم أن تعملوا عملاً يعيرونا به، فإن ولد السوء يعير والده بعمله، كونوا لمن انقطعتم إليه زينا، ولا تكونوا عليه شيناً، صلوا في عشائرهم وعودوا مرضاهم واشهدوا جنائزهم، لا يسبقونكم إلى شيء من الخير.
يعتقدون أنه يجوز لليهودي أن يحلف يميناً كاذبة وخاصة مع باقي الشعوب. يقولون: استعمال التقية في دار التقية واجب ولا حنث ولا كفارة عمن حنث تقية، يدفع بذلك ظلماً عن نفسه.
يقولون: إن دينا بنت يعقوب عليه السلام خرجت وهي عذراء فافترعها مشرك. يقولون: إن عمر اغتصب أم كلثوم بنت علي رضي الله عنهم أجمعين.
اليهود يعادون جبريل عليه السلام. الشيعة تقدح في جبريل وتمقته؛ لأنه في زعمهم قد أرسل إلى علي فغلط فنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم. حتى قالوا في ذلك شعراً:
خان الأمين وصده عن حيدرا ** تالله ما كان الأمين أمينا
ولكن نفوا ذلك وقالوا: إن هذا الشعر إنما قالته الشيعة في أبي عبيدة بن الجراح أمين الأمة.
لا يزالون يتقلبون في الذلة والمسكنة والهوان. حاولوا مراراً في عصور مختلفة الاستبداد بالأمر والنهوض بأعباء الملك والسلطان وانتزاعه من أيدي أهله، وقد نالوا جزءاً طفيفاً من ذلك في فترات من الزمن، ودانت لقوتهم بعض الأقطار أحياناً قصيرة زائلة، ولكنهم ما زالوا أذلة صاغرين حتى في أيام دولتهم وسلطانهم، وحتى في الأقطار التي دانت لهم في الظاهر واعترفت لهم بالملك.
يتعشقون القبور ويهيمون بها هياماً ويصيرونها مساجد غلواً وافتتاناً، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. يغلون في القبور والمشاهد غلواً قبيحاً، ويتعشقونها كاليهود وأشد، حتى صيروها مشاهد ومعابد ومساجد، وهم يحجون إليها كما يحج المسلمون إلى البيت الحرام من كل مكان
ليس لدينهم ولما يأثرونه ويذكرونه عن أنبيائهم أسانيد صحيحة ولا ضعيفة، ولا لمن يروون عنهم كتب تراجم صحيحة معتبرة لها أسانيد متصلة، بها يعرف حال الرواة الدينية والعلمية والخلقية. ليس لعقائدهم ومفرداتهم التي باينوا بها أهل السنة والجماعة واختصوا بها وصاروا بها رافضة مستقلين عن غيرهم أسانيد صحيحة، ولا روايات متصلة مقبولة، ولا لمن يروون عنهم ما يروون من هذه المفاريد والخصائص تراجم معروفة صحيحة ينقدون بها هؤلاء الرواة ويعلمون بها مكانتهم العلمية والدينية والخلقية([754]).

وفي الحقيقة، قد لا تجد شيئاً من عقائد الرافضة التي خالفوا بها المسلمين إلا ولها أصل في عقائد اليهود والنصارى أو غيرهم، اللهم! إلا فارق واحد وهو إنك لو سألت اليهود: من خير أهل ملتكم؟ لقالوا أصحاب موسى عليه السلام.
وإذا سألت النصارى: من خير أهل ملتكم؟ لقالوا أصحاب عيسى عليه السلام.
وإذا سألت الرافضة، من شر أهل ملتكم؟ لقالوا أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم!
وعلى أي حال، إن أردت المزيد من التفاصيل في هذا الباب، فراجع كتاب: عبد الله بن سبأ وإمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه)، وكتاب: الصراع بين الإسلام والوثنية). وغيرهما من الكتب التي تعتني ببيان ذلك.
ثم اعلم أن ما ذكرناه يقتصر على النزعات اليهودية في الفكر الشيعي، أما جذور عقائدهم المستمدة من سائر المذاهب والأديان والنحل، فأمر فيه طول، وليس هذا الكتاب مكانه.
 

روايات في ذكر من أنكر ولاية علي بن أبي طالب من الأنبياء والملائكة  والجمادات والحيوانات والنباتات وسائر المخلوقات
 
قبل أن أختم الكتاب أود أن أذكر حقيقة قد لا يعلمها كثير من الناس، وهذه الحقيقة هي أن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، ليسوا هم فقط من أنكر ولم يقر بإمامة علي رضي الله عنه بزعم الشيعة، الأمر الذي استدعى كفرهم وردتهم بزعمهم، بل هناك آخرون من سائر خلق الله عزو جل بين مقر ومنكر، وإليك بعضاً من هذه الروايات التي تتكلم عن نفسها، وهي لا تخلو من طرافة أرى أن القارئ العزيز بحاجة إليها بعد كل ما مر:
فعن سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما من شيء ولا من آدمي، ولا إنسي ولا جني، ولا ملك في السماوات إلا ونحن الحجج عليهم، وما خلق الله خلقا إلا وقد عرض ولايتنا عليه، واحتج بنا عليه، فمؤمن بنا وكافر جاحد حتى السماوات والأرض والجبال([755]).
وعن الرضا في يوم الغدير قال: وفي يوم الغدير عرض الله الولاية على أهل السماوات السبع، فسبق إليها أهل السماء السابعة فزين بها العرش، ثم سبق إليها أهل السماء الرابعة فزينها بالبيت المعمور، ثم سبق إليها أهل السماء الدنيا فزينها بالكواكب، ثم عرضها على الأرضين فسبقت إليها مكة فزينها بالكعبة، ثم سبقت إليها المدينة فزينها بالمصطفى محمد ، ثم سبقت إليها الكوفة فزينها بأمير المؤمنين عليه السلام، وعرضها على الجبال، فأول جبل أقر بذلك ثلاثة أجبال: العقيق، وجبل الفيروز، وجبل الياقوت؛ فصارت هذه الجبال جبالهن وأفضل الجواهر، وسبقت إليها جبال أخر فصارت معادن الذهب والفضة، وما لم يقر بذلك ولم يقبل صارت لا تنبت شيئاً، وعرضت في ذلك اليوم على المياه فما قبل منها صار عذباً، وما أنكر صار ملحا أجاجا، وعرضها في ذلك اليوم على النبات فما قبله صار حلواً طيباً، وما لم يقبل صار مراً، ثم عرضها في ذلك اليوم على الطير فما قبلها صار فصيحاً مصوتاً، وما أنكرها صار أخرس ألكن([756]).
وعن سدير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول أمير المؤمنين عليه السلام: إن أمرنا صعب مستصعب لا يقر به إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان، فقال: إن في الملائكة مقربين وغير مقربين، ومن الأنبياء مرسلين وغير مرسلين، ومن المؤمنين ممتحنين وغير ممتحنين، فعرض أمركم هذا على الملائكة فلم يقر به إلا المقربون، وعرض على الأنبياء فلم يقر به إلا المرسلون، وعرض على المؤمنين فلم يقر به إلا الممتحنون. قال: ثم قال لي: مر في حديثك([757]).
وقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: يا علي! ما بعث الله نبياً إلا وقد دعاه إلى ولايتك طائعاً أو كارهاً([758]).
وروى القوم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ما تكاملت النبوة لنبي في الأظلة حتى عرضت عليه ولايتي، وولاية أهل بيتي، ومثلوا له فأقروا بطاعتهم وولايتهم([759]).
ورووا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن الله عزوجل عرض الولاية على الملائكة، فمن قبلها كان عنده من المقربين([760]).
وعن الصادق رحمه الله: أن ممن لم يقبلها من الملائكة ملكاً يقال له: فطرس، فكسر الله جناحه([761]).
ومن هؤلاء: آدم عليه السلام: فزعموا أنه عرضت عليه الولاية فأنكرها حسداً فرمته الجنة بأوراقها، فلما تاب إلى الله من حسده وأقر بالولاية ودعا بحق هؤلاء الخمسة: محمد، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين صلوات الله عليهم، غفر الله له([762]).
وفي رواية: أن آدم نظر إليهم بعين الحسد وتمني منزلتهم، فتسلط الشيطان عليه، حتى أكل من الشجرة التي نهي عنها، وتسلط على حواء لنظرها إلى فاطمة بعين الحسد حتى أكلت من الشجرة كما أكل آدم؛ فأخرجهما الله عزوجل عن جنته، وأهبطهما إلى جوار الأرض([763]).
ومنهم: يونس عليه السلام، حيث رووا أن علياً عليه السلام قال: إن الله عرض ولايتي على أهل السموات وعلى أهل الأرض، فأقر بها من أقر، وأنكرها من أنكر. أنكرها يونس فحبسه الله في بطن الحوت حتى أقر بها([764]).
وفي رواية أن عبدالله بن عمر دخل على زين العابدين، وقال: يا ابن الحسين! أنت الذي تقول: إن يونس بن متّى إنما لقي من الحوت ما لقي لأنه عرضت عليه ولاية جدي فتوقف عندها؟ قال: بلى ثكلتك أمك. قال: فأرني برهان ذلك إن كنت من الصادقين، فأمر بشد عينيه بعصابة وعيني بعصابة، ثم أمر بعد ساعة بفتح أعيننا، فإذا نحن على شاطئ البحر تضرب أمواجه، فقال ابن عمر: يا سيدي! دمي في رقبتك، الله الله في نفسي. فقال: هنئيه وأريه إن كنت من الصادقين. ثم قال: يا أيها الحوت! قال: فأطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم وهو يقول: لبيك لبيك يا ولي الله. فقال: من أنت؟ قال: أنا حوت يونس يا سيدي! قال: أنبئنا بالخبر. قال: يا سيدي! إن الله تعالى لم يبعث نبياً من آدم إلى أن صار جدك محمد إلا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت، فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلص، ومن توقف عنها وتمنع من حملها لقي ما لقي آدم عليه السلام من المعصية، وما لقي نوح من الغرق، وما لقي إبراهيم عليه السلام من النار، وما لقي يوسف عليه السلام من الجب، وما لقي أيوب عليه السلام من البلاء، وما لقي داود عليه السلام من الخطيئة، إلى أن بعث الله يونس عليه السلام، فأوحى الله إليه: أن يا يونس! تول أمير المؤمنين علياً والأئمة الراشدين من صلبه. قال: فكيف أتولى من لم أره ولم أعرفه، وذهب مغتاظاً، فأوحى الله تعالى إلي أن التقمي يونس ولا توهني له عظماً، فمكث في بطني أربعين صباحاً، يطوف معي البحار في ظلمات ثلاث، ينادي: أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، وقد قبلت ولاية علي بن أبي طالب والأئمة الراشدين من ولده، فلما آمن بولايتكم أمرني ربي فقذفته على ساحل البحر، فقال زين العابدين: ارجع أيها الحوت إلى وكرك، واستوى الماء([765]).
ولا بأس من أن نذكر أمثلة قليلة على بعض هذه الأصناف.
فمن البلدان: رووا عن الصادق أنه قال: إن الله عزوجل عرض ولايتنا على أهل الأمصار فلم يقبلها إلا أهل الكوفة. وفي رواية: ما قبلها قبول أهل الكوفة([766]).
ومن الطيور: ما رووه عن علي عليه السلام أنه قال: إن الله عرض أمانتي وولايتي على الطيور، فأول من آمن بها البزاة البيض والقنابر، وأول من جحدها البوم والعنقاء، فلعنهما الله تعالى من بين الطيور، فأما البوم فلا تقدر أن تظهر بالنهار لبغض الطيور لها، وأما العنقاء فغابت في البحار لا ترى، وإن الله عرض أمانتي على الأرضين، فكل بقعة آمنت بولايتي جعلها طيبة زكية، وجعل نباتها وثمرتها حلواً عذباً، وجعل ماءها زلالاً، وكل بقعة جحدت إمامتي وأنكرت ولايتي جعلها سبخاً، وجعل نباتها مراً علقماً، وجعل ثمرها العوسج والحنظل، وجعل ماءها ملحاً أجاجاً([767]).
وعلى ذكر البومة، أقول: حتى البومة لم تسلم من خلاف القوم فيها، فقد أورد القوم ما يخالف ما مر من علة اختفائها في النهار، وروا عن الصادق عليه السلام قال: إنها لم تزل تأوي العمران أبداً، فلما قتل الحسين آلت على نفسها أن لا تأوي العمران أبداً، ولا تأوي إلا الخراب، فلا تزال نهارها صائمة حزينة، حتى يجنها الليل، فإذا جنها الليل فلا تزال ترن على الحسين حتى تصبح([768]).
وروى القوم: أن الأوز قال له عليه السلام: السلام عليك يا أمير المؤمنين! وخليفة رب العالمين([769]).
وهذا دراج قال له علي: مذ كنت أنت في هذه البرية، ومن أين مطعمك ومشربك؟ فقال: يا أمير المؤمنين! من أربعمائة سنة أنا في هذه البرية، ومطعمي ومشربي إذا جعت فأصلي عليكم فأشبع، وإذا عطشت فأدعوا على ظالميكم فأروى([770]).
وفي الحيوانات: ذكروا أن جملاً قال لعلي عليه السلام: يا أمير المؤمنين! عليك السلام. وفي رواية: يا أمير المؤمنين! وخير الوصيين! الرواية([771]).
وقال سبع: يا أمير المؤمنين، ويا خير الوصيين! ويا وارث علم النبيين! ويا مفرق بين الحق والباطل، ما افترست منذ سبع شيئاً، وقد أضر بي الجوع. الرواية([772]).
وروى القوم أن جبرئيل عليه السلام خطب في الوحوش: يا معشر الوحوش! إن الله عزوجل قد دعا محمداً فأجابه، واستخلف على عباده من بعده علي بن أبي طالب، وأمركم أن تبايعوه، فقالوا: سمعنا وأطعنا، ما خلا الذئب فإنه جحد([773]).
وروى القوم: أن اليهود لما ناظرته عليه السلام في النبوة، نادى جمال اليهود: أيتها الجمال! اشهدي لمحمد ووصيه، فنطقت جمالهم وثيابهم كلها: صدقت يا علي! إن محمداً رسول الله، وإنك يا علي! حقاً وصيه([774]).
وفي موقف آخر: فأنطق الله ثيابهم التي عليهم وخفافهم التي في أرجلهم، يقول كل واحد منها لِلابِسِه: كذبت يا عدو الله! بل النبي محمد هذا، والوصي علي هذا([775]).
ورووا أن أسداً قال لأحد أصحاب علي عليه السلام: أقرئ وصي محمد مني السلام([776]).
وهذا أسد آخر قال لعلي عليه السلام: السلام عليك يا أمير المؤمنين! ورحمة الله وبركاته يا بن عم رسول الله([777]).
وأسد آخر قال: يا أمير المؤمنين! نحن معاشر الوحوش لا نأكل لحم محبيك ومحب عترتك، فنحن أهل بيت نتخذ بحب الهاشميين وعترتهم، فقال له: أيها السبع! أين تأوي وأين تكون؟ قال: يا مولاي! إني مسلط على أعدائك كلاب أهل الشام، أنا وأهل بيتي، وهم فريستنا.([778]).
وهذا ضب، وقف واستقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومرغ خديه في التراب، ثم رفع رأسه وأنطقه الله تعالى فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه، وسيد المرسلين، وأفضل الخلق أجمعين، وخاتم النبيين، وقائد الغر المحجلين، وأشهد أن أخاك علي بن أبي طالب على الوصف الذي وصفته، وبالفضل الذي ذكرته، وأن أولياءه في الجنان مكرمون، وأن أعداءه في النار خالدون([779]).
وهذان ذئبان، قالا لعلي عليه السلام: السلام عليك يا حليف الندى، ومعدن النهى، ومحل الحجى، وعالماً بما في الصحف الأولى، ووصي المصطفى! السلام عليك يامن أسعد به محبيه، وأشقى بعداوته شانئيه، وجعله سيد آل محمد وذويه! السلام عليك يامن لو أحبه أهل الأرض كما يحبه أهل السماء لصاروا خيار الأصفياء، ويا من لو أحس بأقل قليل من بغضه من أنفق في سبيل الله ما بين العرش إلى الثرى لانقلب بأعظم الخزي والمقت من العلي الأعلى([780]).
وهذه بقرة تقول: لا إله إلا الله رب العالمين، ومحمد رسول الله سيد النبيين، وعلي سيد الوصيين([781]).
وهذا فيل قال لعلي رضي الله عنه: يا علي! كلنا نعرف محمدا، ونؤمن برب محمد إلا هذا الفيل الأبيض، فإنه لا يعرف محمدا، ولا آل محمد([782]).
وقالت حية: يا رسول الله! إني ملك غضب علي رب العالمين، جئت إلى هذا الوصي أطلب إليه أن يشفع لي إلى الله تعالى([783]).
وهذا ظبي أمر الصادق بشيء، فقال الظبي: برئت من ولايتكم أهل البيت إن لم أف([784]).
وهذا عقرب رفض نوح عليه السلام أن يحمله معه في السفينة، فقال: عاهدتك أن لا ألسع أحداً يقول: سلام على محمد وآل محمد، وعلى نوح في العالمين([785]).
وكذلك الحيتان، حيث خرجت من المياه فاغرة أفواهها وتقول لعلي عليه السلام: يا أمير المؤمنين! عرضت ولايتك علينا فقبلناها، ما خلا الجري والمارماهي والزمار([786]).
وفي رواية: أن الجري خرجوا من البحر وقالوا بصوت عالٍ: يا أمير المؤمنين، نحن طائفة من بني إسرائيل، عرضت علينا ولايتكم فأبينا أن نقبلها فمسخنا الله جرياً([787]).
والحمير أيضاً، فهذا حمار لكعب بن الأشرف، قال: يا عبد الله! بئس العبد أنت، شاهدت آيات الله وكفرت بها، أنا حمار قد أكرمني الله بتوحيده، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خالق الأنام ذو الجلال والإكرام، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، سيد أهل دار السلام، مبعوث لإسعاد من سبق علم الله له بالسعادة، وإشقاء من سبق الكتاب عليه بالشقاوة، وأشهد أن علي بن أبي طالب وليه ووصي رسوله، يسعد الله من يسعد إذا وفقه لقبول موعظته، والتأدب بأدبه، والايتمار بأوامره، والانزجار بزواجره، وأن الله تعالى بسيوف سطوته وصولات نقمته يكبت ويخزي أعداء محمد، حتى يسوقهم بسيفه الباتر، ودليله الواضح الباهر إلى الإيمان به، أو يقذفه في الهاوية إذا أبى إلا تمادياً في غيه، وامتداداً في طغيانه وعمهه، ما ينبغي لكافر أن يركبني، بل لا يركبني إلا مؤمن بالله، مصدق بمحمد رسول الله في أقواله، متصوب له في جميع أفعاله، وفي فعل أشرف الطاعات في نصبه أخاه علياً وصياً وولياً، ولعلمه وارثاً، وبدينه قيماً، وعلى أمته مهيمناً، ولديونه قاضياً، ولعداته منجزاً، ولأوليائه موالياً، ولأعدائه معادياً، فقال رسول الله : يا كعب بن أشرف! حمارك أعقل منك([788]).
وهكذا. حتى جعلوا من جانبٍ آخر الحيوانات تعترض من لا يحب أهل البيت، فهذا كلب لأحد أهل الذمة عض اثنين من الصحابة فشكوا أمره إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأمر بقتله، فقال الكلب: يا رسول الله! إن القوم الذين ذكرتهم منافقون نواصب، يبغضون ابن عمك علي بن أبي طالب، ولولا أنهم كذلك ما تعرضت لهم، ولكنهم جاءوا يرفضون علياً ويسبونه، فأخذتني الحمية الأبية والنخوة العربية، ففعلت بهم. وكان من موقف هذا الكلب أن شهد صاحبه الذمي أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن علياً أمير المؤمنين، وأسلم جميع من كان في داره([789]).
والله أعلم إن كان هذا الكلب من الذين ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الإسلام أم بقي على إسلامه!!
ومن الجمادات، رووا عن الحسن والحسين رضي الله عنهما أنهما قالا: إن الله عزوجل عرض ولايتنا على المياه، فما قبل ولايتنا عذب وطاب، وما جحد ولايتنا جعله الله عزوجل مراً وملحاً أجاجاً([790]).
وعن حمدان بن سليمان أنهما رضي الله عنه قالا: يا أبا سعيد! تأتي ماء ينكر ولايتنا في كل يوم ثلاث مرات: إن الله عزوجل عرض ولايتنا على المياه فما قبل ولايتنا عذب وطاب، وما جحد ولايتنا جعله الله عزوجل مراً أو ملحاً أجاجاً([791]).
ورووا: أن الله عزوجل عرض ولاية علي على السموات والأرض فقبلتاهما([792]).
وقالوا: إن الشمس سلمت على علي عليه السلام وقالت له: وعليك السلام يا ولي الله ووصي رسوله.
وفي رواية: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا خير الأوصياء!.
وفي أخرى: وعليك السلام يا أخا رسول الله ووصيه وحجته على خلقه!.
وأخرى: وعليك السلام يا أمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين([793]).
وهذا جام قال: لا إله إلا الله خالق الظلمات والنور، اعلموا معاشر الناس إني هدية الصادق إلى نبيه الناطق، لا يأكل مني إلا نبي أو وصي([794]).
وقال جام آخر: السلام عليك يا حبيب الله وصفوته، ونبيه المختار من العالمين، والمفضل على أهل الملل أجمعين من الأولين والآخرين، وعلى وصيك خير الوصيين، وأخيك خير المؤاخين، وخليفتك خير المستخلفين([795]).
وكذلك طومارة عبدالله بن سلام حيث قال: يا بن سلام! هذا علي بن أبي طالب المالئ جنان الله بمحبيه، ونيرانه بشانئيه، الباث دين الله في أقطار الأرض وآفاقها، والنافي للكفر عن نواحيها وأرجائها، فتمسك بولايته تكن سعيداً، واثبت على التسليم له تكن رشيداً([796]).
وهذه جمجمة، قال لها علي عليه السلام: أقسمت عليك يا جمجمة أخبريني من أنا، ومن أنت؟ فنطقت الجمجمة بلسان فصيح، وقالت: أما أنت فأمير المؤمنين، وسيد الوصيين.([797]).
وجاء في الرواية أيضاً: أن الحصى نطقت في يده عليه السلام قائلة: لا إله إلا الله محمد رسول الله، رضيت بالله رباً، وبمحمد نبياً، وبعلي بن أبي طالب وليا([798]).
وهذه أحجار أقبلت على محمد وعلي كل حجر منها ينادي: السلام عليك يا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف! السلام عليك يا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. السلام عليك يا رسول العالمين وخير الخلق أجمعين! السلام عليك يا سيد الوصيين، ويا خليفة رسول رب العالمين([799]).
وبساط قال: أنا بساط أنطقني الله وأكرمني بالنطق بتوحيده وتمجيده، والشهادة لمحمد نبيه بأنه سيد أنبيائه، ورسوله إلى خلقه، والقائم بين عباد الله بحقه، وب‍إمامة أخيه، ووصيه ووزيره، وشقيقه وخليله، وقاضي ديونه، ومنجز عداته، وناصر أوليائه وقامع أعدائه، والانقياد لمن نصبه إماماً وولياً، والبراءة ممن اتخذه منابذاً وعدواً([800]).
وقال بساط آخر: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهاً واحداً أحداً صمداً قيوماً أبداً لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، ولم يشرك في حكمه أحداً، وأشهد أنك يا محمد عبده ورسوله، أرسلك بالهدى ودين الحق ليظهرك على الدين كله ولو كره المشركون، وأشهد أن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أخوك ووصيك وخليفتك في أمتك، وخير من تتركه على الخلائق بعدك، وأن من والاه فقد والاك، ومن عاداه فقد عاداك، ومن أطاعه فقد أطاعك، ومن عصاه فقد عصاك، وأن من أطاعك فقد أطاع الله، واستحق السعادة برضوانه، وأن من عصاك فقد عصى الله، واستحق أليم العذاب بنيرانه([801]).
وكذا فعلت شجرة حيث قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنك عبده ورسوله، أرسلك بالحق بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وأشهد أن علياً ابن عمك، وهو أخوك في دينك، أوفر خلق الله من الدين حظاً، وأجزلهم من الإسلام نصيباً، أنه سندك، وظهرك، قامع أعدائك، ناصر أوليائك، باب علومك، وأمينك، وأشهد أن أولياءك الذين يوالونه، ويعادون أعداءه حشو الجنة، وأن أعداءك الذين يوالون أعداءه، ويعادون أولياءه حشو النار([802]).
وصخرة، حيث سألها علي عليه السلام عن الماء؟ فقالت: تحتي يا وصي محمد([803]).
وكذا ذكروا أن سوطاً شهد بإمامته عليه السلام، حيث قال: إني سوط قد أنطقني الله بتوحيده وأكرمني بتمجيده، وشرفني بتصديق نبوة محمد سيد عبيده، وجعلني ممن يوالي خير خلق الله بعده، وأفضل أولياء الله من الخلق حاشاه، والمخصوص بابنته سيدة النسوان، والمشرف ببيتوتته على فراشه أفضل الجهاد، والمذل لأعدائه بسيف الانتقام، والباين في أمته بعلوم الحلال والحرام، والشرائع والأحكام([804]).
وأما العقيق الأحمر فذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي عليه السلام: تختم بالعقيق الأحمر، فإنه أقر لله عزوجل بالوحدانية، ولي بالنبوة، ولك يا علي بالوصية، ولولدك بالإمامة([805]).
ويظهر من هذه الرواية أن هناك فرقاً بين الوصي والإمام!!
ولنعرج قليلا إلى الفاكهة والخضروات والأشجار، فقد ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يمشي مع علي عليه السلام بين نخلات، فنادت نخلة إلى نخلة: هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذا وصيه. وقالت أخرى: هذا محمد سيد المرسلين، وهذا علي سيد الوصيين، فسميت الصيحانية([806]).
وأما البطيخ ذكروا فيه أن علياً عليه السلام أخذ بطيخة ليأكلها فوجدها مرة فرمى بها، وقال: بعداً وسحقاً. فقيل: يا أمير المؤمنين! وما هذه البطيخة؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله تبارك وتعالى أخذ عقد مودتنا على كل حيوان ونبات، فما قبل الميثاق كان عذباً طيباً وما لم يقبل الميثاق كان مالحاً زعاقاً([807]).
وفي رواية: إن الله تبارك وتعالى طرح حبي على الحجر والمدر والبحار والجبال والشجر، فما أجاب إلى حبي عذب وطاب، وما لم يجب إلى حبي خبث ومر، وإني لأظن أن هذا البطيخ مما لم يجب إلى حبي([808]).
وفي أخرى: إن الله تبارك وتعالى عرض ولايتنا على أهل السماوات وأهل الأرض من الجن والإنس والثمر وغير ذلك، فما قبل منه ولايتنا طاب وطهر وعذب، وما لم يقبل منه خبث وردىء ونتن([809]).
وكذلك الباذنجان، حيث رووا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: كلوا الباذنجان فإنها شجرة رأيتها في جنة المأوى، شهدت لله بالحق، ولي بالنبوة، ولعلي بالولاية([810]).
وكذلك الأرز حيث رووا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: حبة أقرت لله بالوحدانية، ولي بالنبوة، ولأخي علي بالوصية([811]).
والأمر فيه طول حتى اختصر بعضهم الطريق فذكروا أن جل المخلوقات أبت الإقرار بولاية علي عليه السلام، إلا قليل.
فرووا عن الباقر عليه السلام أنه قال: بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي: أنت الذي احتج الله بك في ابتدائه الخلق حيث أقامهم أشباحاً، فقال لهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى. ومحمد رسولي؟ قالوا: بلى. قال: وعلي أمير المؤمنين؟ فأبى الخلق جميعاً استكباراً وعتواً عن ولايتك إلا نفر قليل، وهم أقل الأقلين وهم أصحاب اليمين([812]).
ويبدو أن آخرين قد استكثروا حتى هذه القلة، فقالوا بكفر الجميع، فذكروا أن سلمان دخل على علي عليه السلام فسأله عن نفسه. فقال: يا سلمان! أنا الذي دعيت الأمم كلها إلى طاعتي فكفرت([813]).
ولا نطيل عليك أيها القارئ الكريم، فحسبك فيما أوردناه.
وهكذا تجد أن القوم يرون أن من ذكرنا من أنبياء وملائكة عليهم السلام، وأكثر من مائة ألف صحابي رضي الله عنهم من أعظم أمة اختارها الله عزوجل لخاتم أنبيائه، وأعظمهم، جحدوا ولاية علي رضي الله عنه، بينما يرون أن البزاة البيض والقنابر، والإوز، والجمال، والأسود، والضب، والحيات، والظباء، والعقارب، والحيتان، والباذنجان، والبطيخ، والرز، والحصى والصخور والجبال. إلخ، حتى حمار كعب بن الأشرف وكلاب أهل الذمة التي أخذتها النخوة العربية قد أقرت بفضل أهل البيت وبولايتهم!!

الخلاصــــة
لا شك عزيزي القارئ أنك قد تيقنت من أن الصورة التي يستميت الشيعة في إظهارها عن هذا الجيل المثالي مغايرة تماماً للواقع، فالله عزوجل هو الذي بعث في هذا الجيل أعظم أنبيائه حيث علمهم القرآن والسنة، بل وزكاهم وطهرهم ليبلغوا هذا العلم إلى من بعدهم، كما قال سبحانه: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [آل عمران: 164].

وقال: uqè(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [الجمعة: 2].

وتبين لك أيضاً: أن هذا الجيل المثالي وعده الله جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً، وذلك في قوله سبحانه: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ) [التوبة: 100].

ثم قال في الآية التي بعدها مباشرة: (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) [التوبة: 101] فجعل المهاجرين والأنصار غير المنافقين كما سبق ذكره في أول الباب.

ونختم كتابنا بذكر بعض روايات حسن اختيار الصحبة لما له من صلة وثيقة بموضوع كتابنا.
فقد وأورد الشيعة في ذلك عشرات الروايات في مصنفاتهم لا يتسع المقام هنا لحصرها، وإليك بعضها:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المرء على دين خليله وقرينه([814]).
وفي رواية: وقال صلى الله عليه وآله وسلم: والمرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل([815]).
وفي رواية أخرى: عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المرء على دين من يخالل، فليتق الله المرء ولينظر من يخالل([816]).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: اختبروا الناس بأخدانهم، فإنما يخادن الرجل من يعجبه نحوه([817]).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: أربعة مفسدة للقلوب. منها مجالسة الموتى. فقيل له: يا رسول الله! وما مجالسة الموتى؟ قال: مجالسة كل ضال عن الإيمان، وجائر في الأحكام([818]).
وعن الصادق عليه السلام عن آبائه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: أولى الناس بالتهمة من جالس أهل التهمة([819]).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: من تبسم في وجه مبتدع فقد أعان على هدم الإسلام، وقال: من أحدث في الإسلام أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين([820]).
ورووا عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم - في وصيته له - قال: يا أبا ذر! الجليس الصالح خير من الوحدة، والوحدة خير من جليس السوء([821]).
ورووا أن سليمان عليه السلام قال: لا تحكموا على رجل بشيء حتى تنظروا من يصاحب؛ فإنما يعرف الرجل بأشكاله وأقرانه، وينسب إلى أصحابه وأخدانه([822]).
وعن الصادق عليه السلام أنه قال: فيما وعظ الله به عيسى! عليه السلام: يا عيسى، اعلم أن صاحب السوء يعدي، وأن قرين السوء يردي، فاعلم من تقارن([823]).
وعنه أيضاً عن أبيه رضي الله عنه قال: قال لي أبي علي بن الحسين عليهم السلام: يا بني انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق. فقلت: يا أبه! من هم عرفنيهم؟ قال: إياك ومصاحبة الكذاب؛ فإنه بمنزلة السراب يقرب لك البعيد، ويبعد لك القريب، وإياك ومصاحبة الفاسق فإنه بائعك بأكلة، وأقل من ذلك. الحديث([824]).
ومن وصية أمير المؤمنين لولده الحسن رضي الله عنه أنه قال فيها: إياك ومواطن التهمة، والمجلس المظنون به السوء؛ فإن قرين السوء يغر جليسه([825]).
وعن الصادق عليه السلام أنه قال: لا تصحبوا أهل البدع ولا تجالسوهم فتصيروا عند الناس كواحد منهم([826]).
وعن علي بن الحسين عليه السلام - في حديث طويل - قال: إياكم وصحبة العاصين، ومعونة الظالمين، ومجاورة الفاسقين، احذروا فتنتهم، وتباعدوا من ساحتهم([827]).
وسئل الصادق عليه السلام عن قول الله عزوجل: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا) [النساء: 140] إلى آخر الآية، فقال إنما عنى بهذا: الرجل يجحد الحق ويكذب به، ويقع في الأئمة، فقم من عنده ولا تقاعده كائناً من كان([828]).

وعن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عن أبيه عليهم السلام قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: ليس لك أن تقعد مع من شئت، لأن الله تبارك وتعالى يقول: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [الأنعام: 68]([829]).

وعن أبي جعفر، عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: مجالسة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار، فمن اشتبه عليكم أمره ولم تعرفوا دينه فانظروا إلى خلطائه؛ فإن كانوا أهل دين الله فهو على دين الله، وإن لم يكونوا على دين الله فلا حظ لهم في دين الله، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يواخين كافراً، ولا يخالطن فاجرا، ومن آخى كافراً أو خالط فاجراً كان فاجراً كافراً([830]).
وعن الصادق عليه السلام: من جالس أهل الريب فهو مريب([831]).
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: جمع خير الدنيا والآخرة في مصادقة الأخيار، وجمع الشر: مؤاخاة الأشرار([832]).
وعنه أيضاً عليه السلام أنه قال: لا تصحب المائق، فإنه يزين لك فعله، ويريد أن تكون مثله، واحذر صحابة من يضل رأيه، وينكر عمله؛ فإن الصاحب معتبر بصاحبه([833]).
وقال عليه السلام: وإياك ومصاحبة الفساق، فإن الشر بالشر ملحق([834]).
وقال أيضاً في وصيته للحسن رضي الله عنه: قارن أهل الخير تكن منهم، وباين أهل الشر تبن عنهم([835]).
وروي أن عبد الله بن جعفر افتقد صديقاً له من مجلسه، ثم جاءه فقال: أين كانت غيبتك؟ قال: خرجت إلى عرض من أعراض المدينة مع صديق لي. فقال له: إن لم تجد من صحبة الرجال بداً فعليك بصحبة من إن صحبته زانك، وإن تغيبت عنه صانك، وإن احتجت إليه أعانك، وإن رأى منك خلة سدها، أو حسنة عدها، أو وعدك لم يحرمك، وإن كثرت عليه لم يرفضك([836]).
وعن الصادق عليه السلام قال: لا تصحب الفاجر فيعلمك من فجوره، ثم قال عليه السلام: أمرني والدي بثلاث ونهاني عن ثلاث، فكان فيما قال لي: يا بني! من يصحب صاحب السوء لا يسلم، ومن يدخل مداخل السوء يتهم، ومن لا يملك لسانه يندم.([837]).
وعن يحيى قال: سألت أبي زيد بن علي رضي الله عنه: من أحق الناس أن يحذر؟ قال: ثلاثة: العدو الفاجر، والصديق الغادر، والسلطان الجائر([838]).
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: إياك ومخالطة السفلة؛ فإن مخالطة السفلة لا تؤدي إلى خير([839]).
وأخيراً: فقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم، وأكثروا من سبهم، والقول فيهم والوقيعة، وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام، ويحذرهم الناس، ولا يتعلمون من بدعهم؛ يكتب الله لكم بذلك الحسنات، ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة([840]).
وعلى صلة بموضوع الصحبة، أرى لزاماً أن أعرج قليلاً لمسألة المصاهرة بين الآل والأصحاب وبين أبنائهم وأحفادهم رضي الله عنهم أجميعن.
     فالمصاهرات بينهم قد تجاوزت حد المزايدات والتأويلات، مصداقاً لقول الله عزوجل:)فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ [الرعد: 17](
     ولا شك أن آل البيت رضي الله عنهم أعرف الناس بقوله تعالى: (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [النور: 32]).
     وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً [الفرقان: 74]).
     وقوله تعالى: (عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً [التحريم: 5])
 وأعرف بسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي أتاه رجل يستأمره في النكاح كما يروي الباقر رحمه الله، فقال: نعم انكح وعليك بذوات الدين تربت يداك، وقال: إنما مثل المرأة الصالحة مثل الغراب الأعصم الذي لا يكاد يقدر عليه([841]).
     وقوله أيضاً رحمه الله: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من تزوج امرأة لا يتزوجها إلا لجمالها لم ير فيها ما يحب، ومن تزوجها لمالها لا يتزوجها إلا له وكله الله إليه، فعليكم بذات الدين([842]).
     وآل البيت رحمهم الله وقد جعلوا هذه الآيات والأحاديث نصب أعينهم اختاروا لنطفهم خير الأرحام. ونحن في هذه العجالة نورد بعضاً من هذه الزيجات، وسترى أن كثيراً منها يكون الزوج من آل البيت، ومعلوم أن الخطبة تأتي من الرجل. فتأمل.
     ولسنا بحاجة للتذكير بما هو مشهور ومعلوم كزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أم المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما، أو زواجه صلى الله وآله وسلم من أم المؤمنين حفصة بنت الفاروق عمر رضي الله عنهما، أو زواج عثمان من رقية وأم كلثوم بنات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وزواج عمر من أم كلثوم بنت علي رضي الله عنهم أجمعين. فذلك أشهر من أن يغيب عن احد. ولكن سوف نقتصر على ذكر بعض الزيجات التي نظن أن البعض ليس على علم بها، وذلك طلباً للاختصار.
من ذلك:
     زواج الحسن من حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر.
     روى أبو الحسن المدائني أن الحسن عليه السلام تزوج حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر وكان المنذر بن الزبير يهواها فأبلغ الحسن عنها شيئا فطلقا فخطبها المنذر فأبت أن تزوجه وقالت: شهرني. فخطبها عاصم بن عمر بن الخطاب ([843]).
 
     زواج موسى الجون من أم سلمة.
     قال أبونصر: ولد موسى الجون ابن عبد الله المحض - عبد الله بن موسى أمه أم سلمة بنت محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمان بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه([844]).
     وقال ابن عنبة: إبراهيم بن الجون، وأمهما أم سلمة بنت محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمان بن أبي بكر وأم طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمان عائشة بنت طلحة بن عبيد الله، وأمها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق([845]).
 
     زواج الباقر من أم فروة.
     القاسم بن محمد بن أبي بكر، هو جد الإمام الصادق عليه السلام لأمه أم فروة. وأم فروة "أم الإمام الصادق " هي بنت القاسم الفقيه ابن محمد بن أبي بكر وأمها أسماء بنت عبد الرحمان بن أبي بكر([846]).
     وقال ابن عنبه: وجلالة قدره أشهر من أن ينبه عليها، ولد سنة تسع وخمسين بالمدينة في حياة جده الحسين عليه السلام وتوفى في ربيع الآخر سنة أربع عشرة ومائة في أيام هشام بن عبد الملك وهو ابن خمسين وخمس سنوات ودفن بالبقيع. وأعقب من ابى عبد الله جعفر الصادق عليه السلام وحده وأمه أم فروة بنت القاسم الفقيه ابن محمد بن أبي بكر. وأمها أسماء بنت عبد الرحمان بن أبي بكر، ولهذا كان الصادق عليه السلام يقول: ولدني أبو بكر مرتين([847]).
     وقال أبونصر: ولد الباقر عليه السلام أربعة بنين وابنتين درجوا كلهم إلا أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، إليه انتهى نسبه وعقبه وكل من انتسب إلى محمد الباقر عليه السلام من غير ولده جعفر الصادق عليه السلام فهو كذاب دعى لا خلاف فيه، أم الصادق عليه السلام أم فروة بنت القاسم ابن محمد ابن أبي بكر، وأمها أسماء بنت عبد الرحمان ابن أبي بكر، كان أبو بكر ولد الصادق عليه السلام مرتين من قبل أمهاته([848]).
     وقال الخوئي: محمد الباقر عليه السلام: وأمه (الصادق) أم فروة بنت القاسم الفقيه ابن محمد ابن أبي بكر، وأمها أسماء بنت عبد الرحمان بن أبي بكر، ولهذا كان الصادق عليه السلام يقول: ولدني أبو بكر مرتين([849]).
     ويقول المرعشي: جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. الإمام العلم، أبو عبد الله، الهاشمي العلوي، الحسيني المدني، سبط القاسم بن محمد ابن أبي بكر، أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر. وأمها أسماء بنت عبد الرحمان بن أبي بكر، ولهذا كان جعفر يقول: ولدني الصديق مرتين([850]).
     وهكذا ذكر وأجمع سائر علماء الإمامية، ولا داعي لتكراره([851]).
     لذا قال الجزائري: أما أبوبكر فلم يتعرض أحد لنسبه بسوء. فلعله لأن الأئمة عليهم السلام من نسله، وذلك لأن أم فروة هي أم الصادق عليه السلام بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر([852]).
 
     زواج إسحاق من أم حكيم.
     يقول الشاهرودي: إسحاق بن عبد الله بن جعفر الطيار، ويقال له إسحاق العريضي: لم يذكروه. هوالذي تزوج أم حكيم أخت أم فروة بنتي القاسم بن محمد بن أبي بكر، فولدت أم حكيم لإسحاق القاسم، وأم فروة مولانا الصادق صلوات الله عليه. وكان القاسم والصادق عليه السلام ابني خالة. وكان القاسم رجلا " جليلا " أميرا " على اليمن، وهو والد داود بن القاسم المعروف بأبي هاشم الجعفري وسيأتون. و يروي عن أبيه، وعنه أخوه إسماعيل([853]).
 
     زواج العوام من صفية بنت عبدالمطلب.
     صفية بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشية الهاشمية أم الزبير بن العوام، توفيت سنة عشرين ولها ثلاث وسبعون سنة([854]).
     صفية بنت عبد المطلب وهي أم الزبير بن العوام، توفيت سنة (20) في خلافة عمر بن الخطاب ودفنت بالبقيع([855]).
     الزبير بن العوام القرشي الأسدي، ابن عمة النبي صلى الله عليه وآله، صفية بنت عبد المطلب، اعتنق الإسلام بأول صباه، هاجر إلى الحبشة ثم المدينة، انتخبه عمر في الشورى، انسحب من قتال علي في الجمل، اغتاله ابن جرموز سنة 36 ه‍([856]).
   لم يكن في إنفاذ الزبير مع أمير المؤمنين عليه السلام فضل يعتد به، لأنه لم يكف مهما، ولا أغنى بمضيه شيئا، وإنما أنفذه رسول الله صلى الله عليه وآله لأنه في عداد بني هاشم من جهة أمه صفية بنت عبد المطلب، فأراد عليه السلام أن يتولى العمل، بما استسر به من تدبيره، خاص أهله، وكانت للزبير شجاعة وفيه إقدام، مع النسب الذي بينه وبين أمير المؤمنين عليه السلام([857]).
     الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى الأسدي يكنى أبا عبد الله وكان أمه صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو ابن عمة رسول الله وابن أخي خديجة بنت خويلد زوج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم شهدا الجمل مقاتلا لعلي عليه السلام فناداه على ودعاه فانفرد به وقال له: أتذكر إذا كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنظر إلى وضحك وضحكت، فقلت أنت: لا يدع ابن أبي طالب زهوه، فقال: ليس بمزه، ولتقاتلنه وأنت له ظالم ؟ فذكر الزبير ذلك فانصرف عن القتال فنزل بوادي السباع، وقام يصلى فأتاه ابن جرموز فقتله([858]).
 
     زواج فاطمة بنت علي من المنذر بن عبيدة بن الزبير.
     كانت فاطمة ابنة علي عند أبي سعيد بن عقيل فولدت له حميدة، ثم خلف عليها سعيد بن الأسود بن أبي البختري فولدت له برة وخالدة، ثم خلف عليها المنذر بن عبيدة بن الزبير بن العوام، فولدت له عثمان وكثيرة([859]).
 
     زواج عمرو ورقية.
     قال أبو الحسن العمرى في المجدي: خرجت أم الحسن وهي لأم ولد إلى عبد الله بن الزبير، وخرجت أم عبد الله وهي لأم ولد إلى زين العابدين عليه السلام فولدت له حسنا وحسينا والباقر وعبد الله، وخرجت أم سلمة وهي لأم ولد إلى عمر بن زين العابدين، وخرجت رقية إلى عمرو بن المنذر ابن الزبير بن العوام([860]).
 
     زواج محمد وفاختة.
     ولد محمد بن عبد الله - عبد الله وعليا أمهما سلمة بنت محمد بن الحسن ابن الحسن بن علي عليه السلام، والطاهر أمه فاخته بنت فليح بن محمد بن المنذر بن الزبير([861]).
 
     زواج الحسين وأمينة.
     ومحمد بن الحسين بن الحسن بن علي بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام وأمه أمينة بنت حمزة بن المنذر بن الزبير([862]).
     ولد الحسين بن الحسن - محمدا وعليا وحسنا وفاطمة أمهم أمينة بنت حمزة ابن المنذر بن الزبير([863]).
 
     زواج الحسين وخالدة.
     وأما عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن علي زين العابدين " ع " ويكنى أبا على وأمه أم خالد، وقال أبو نصر البخاري: خالدة بنت حمزة بن مصعب بن الزبير بن العوام([864]).
     ولد الحسين بن علي بن الحسين عليه السلام عبد الله، وعبيد الله وعليا. أمهم خالدة بنت حمزة بن مصعب بن بن الزبير([865]).
     عبيد الله الأعرج ابن الحسين الأصغر بن علي زين العابدين عليه السلام، ويكنى أبا علي، وأمه أم خالد، وقال أبو نصر البخاري: خالدة بنت حمزة بن مصعب بن الزبير بن العوام([866]).
     أبو القاسم عبد الله العقيقي بن الحسين الأصغر ابن الإمام زين العابدين عليه السلام. ذكره ضامن بن شدقم في كتابه فقال: قال جدي حسن المؤلف طاب ثراه أمه خالدة بنت حمزة بن مصعب بن الزبير([867]).
 
     زواج الحسين من أم إسحاق.
     عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام يكنى أبا محمد وأمه فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب. وأمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله([868]).
     سئل أبو جعفر لما حج عبد الله بن الحسن عن ابنيه ؟ فقال. لا علم لي بهما حتى تغالظا فأمصه أبو جعفر فقال. يا أبا جعفر بأي أمهاتي تمصني أبفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله أم فاطمة بنت الحسين أم خديجة بنت خويلد أم أم إسحاق بنت طلحة ؟ !([869]).
     وأمها: أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله. حيث كانت عند الإمام الحسن عليه السلام، وقد أنجبت منه طلحة الذي درج ولا عقب له. ثم تزوجها الحسين عليه السلام بوصية من أخيه الحسن عليه السلام فولدت له فاطمة([870]).
     من أخبارهم أولاد الحسن بن علي عليهما السلام خمسة عشر ولدا ذكرا وأنثى: زيد بن الحسن وأختاه أم الحسن وأم الحسين أمهم أم بشير بنت أبي مسعود عقبة بن عمرو بن ثعلبة الخزرجية. والحسن بن الحسن أمه خولة بنت منظور الفزارية. وعمرو بن الحسن وأخواه القاسم و عبد الله ابنا الحسن أمهم أم ولد. و عبد الرحمن بن الحسن أمه أم ولد. والحسين بن الحسن الملقب بالأثرم وأخوه طلحة بن الحسن وأختهما فاطمة بنت الحسن، أمهم أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي([871]).
     الحسين الأصغر قتل مع أبيه عليه السلام بالطف من كربلاء أمه أم ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود..وفاطمة بنت الحسين أمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله([872]).
     فاطمة بنت حسين بن علي بن أبي طالب وأمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله تزوجها ابن عمها حسن ابن حسن بن علي بن أبي طالب فولدت له عبد الله وإبراهيم وحسنا وزينب ثم مات عنها فخلف عليها عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان فولدت له القاسم ومحمدا وهو الديباج سمي بذلك لجماله ورقية فمات عنها([873]).
 
     زواج عبدالله بن عمرو بن عثمان من فاطمة بنت الحسين.
     وتزوج عبد الله بن عمرو بن عثمان فاطمة بنت الحسين عليه السلام([874]).
     محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان وإنما ذكرنا خبره معهم لأنه كان أخاهم لأمهم، وكان هوى لهم وكان عبد الله ابن الحسن يحبه محبة شديدة، فقتل معه لما قتل. وأمه فاطمة بنت الحسين كان عبد الله بن عمرو تزوجها بعد وفاة الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب([875]).
     محمد الديباج بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان وهذا أي محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان إنما أخذ مع بني الحسن ولم يكن منهم لأنه أخو عبد الله المحض من أمه وأمهما فاطمة بنت الحسين عليه السلام وتزوج عبد الله بن عمرو بن عثمان بفاطمة بنت الحسين بعد ما توفي الحسن المثنى فأولدها محمدا([876]).
 
     زواج زيد بن عمرو بن عثمان من سكينة بنت الحسين.
     إن زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان لما تزوج سكينة بنت الحسين خف أبي على قلبها. وحج سليمان بن عبد الملك وهو خليفة فاستأذن زيد بن عمرو سكينة. وكانت لزيد صنيعة.ألخ([877]).
 
     زواج إبراهيم بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي من رقية بنت محمد الديباج بن عبدالله بن عمرو بن عثمان بن عفان.
.رقية وكانت تحت إبراهيم بن عبد الله المحض([878]).
.رقية زوجة إبراهيم([879]).
 
     زواج عبدالله بن الحسن بن علي بن أبي طالب من سكينة بنت الحسين.
   تزوج سكينة بنت الحسين غير زوج، أولهم عبد الله بن الحسن بن علي وهو ابن عمها وأبو عذرتها([880]).
 
     زواج مصعب بن الزبير من سكينة بنت الحسين.
     نكاح سكينة بنت الحسين صلوات الله عليه. مع مصعب بن زبير([881]).
     وتزويج مصعب بن الزبير سكينة بنت الحسين عليه السلام([882]).
     كتب مصعب إلى سكينة بنت الحسين عليه السلام، وكانت زوجته.ألخ([883]).
     لما أرادت سكينة بنت الحسين بن علي عليه السلام الرحيل من الكوفة إلى المدينة - بعد قتل زوجها المصعب بن الزبير حف بها أهل الكوفة. فقالت لا جزاكم الله خيرا من قوم ولا أحسن الخلافة عليكم قتلتم أبي وجدي وأخي وعمي وزوجي([884]).
 
     زواج إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف من سكينة بنت الحسين.
     إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف كان قصيرا و تزوج سكينة بنت الحسين بن علي رضي الله عنهما فلم ترض به فخلعت منه([885]).
     فطلقها فخلف عليها إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، فكره ذلك أهلها وخاصموه([886]).
 
     زواج عبدالله بن عثمان بن عبدالله بن حكيم بن حزام من سكينة بنت لحسين.
     تزوج سكينة بنت الحسين غير زوج، أولهم عبد الله بن الحسن بن علي وهو ابن عمها وأبو عذرتها،.وعبد الله بن عثمان الحزامي([887]).
 
     زواج الأصبغ بن عبدالعزيز بن مروان من سكينة بنت الحسين.
     والأصبغ بن عبد العزيز بن مروان ولم يدخل بها([888]).
     والأمر فيه طول. وفيما أوردناه من حسن الصحبة واختيار الزوجة كفاية.
فهل فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته رضي الله عنهم بمقتضى هذه النصائح والإرشادات، وأخذوا بها، فهجروا الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وأظهروا البراءة منهم، وأكثروا من سبهم، والوقيعة فيهم، أم أنهم صاهروهم وصاحبوهم وترحموا عليهم وأسموا أبناءهم بأسمائهم، وحثوا الغير على اتباع نهجهم، فيدخلون تحت قوله عزوجل: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) [الصف: 2-3]؟!

  ومما سبق تبين لك أيها القارئ الكريم لِمَ أثنى الله عزوجل على ذلك الجيل وهو أعلم بهم حين أثنى عليهم، فهل يصح بعد ذلك لمن يدعي حب آل البيت أن ينقل الروايات المكذوبة عنهم والتي تخالف القرآن ويردها العقل ويترك غيرها وهي منقولة أيضاً عن الأئمة رحمهم الله وموافقة لكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم؟!!
     وآخر القول: الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، فنسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
     وختاماً! أود أن أنبه إلى أن القوم قد اوردوا أخباراً كثيرة جداً في جل أبواب الكتاب التي مرت بك، تركناها حذرا من الإسهاب وحجم الكتاب. ولعلنا في طبعات قادمة إن شاء الله نوفي الموضوع حقه خاصةً التركيز على ذكر ما جاء في فضائل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة رحمهم الله، وبإتقان أفضل من هذا الكتاب الذي وضعناه في عجالة ظهرت هفواتها جلية في تداخل مباحث الكتاب وأبوابه.
  

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 
أهم مصادر السلسلة

1) الاحتجاج: الطبرسي، تحقيق وتعليق وملاحظات السيد محمد باقر الخرسان، طبعة: 1386 - 1966 م)، الناشر: دار النعمان للطباعة والنشر، النجف الأشرف.
2) الاختصاص: محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالمفيد - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
3) الاعتقادات في دين الإمامية، الشيخ الصدوق- الطبعة: الثانية - سنة الطبع: 1414 - 1993 م - الناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان.
4) الأربعون حديثا: الشهيد الأول، تحقيق: مدرسة الإمام المهدي عليه السلام، سنة الطبع ذي الحجة 1407)، المطبعة: أمير، قم، الناشر: مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام، قم المقدسة، برعاية محمد باقر الموحد الأبطحي الاصفهاني.
5) الأسرار الفاطمية: محمد فاضل المسعودي، تحقيق وتقديم السيد عادل العلوي، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1420 - 2000 م، مطبعة: أمير - قم، الناشر: مؤسسة الزائر في الروضة المقدسة لفاطمة المعصومة ‘ للطباعة والنشر - رابطة الصداقة الإسلامية.
6) الأعلام من الصحابة والتابعين للحاج حسين الشاكري، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1418، المطبعة: ستارة.
7) الأمالي: الصدوق، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية - مؤسسة البعثة - قم، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1417، الناشر: مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة.
8) الأنوار البهية: عباس القمي، تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1417، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
9) الأنوار الساطعة: غالب السيلاوي، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1421، المطبعة: علمية،
10) الأنوار اللامعة في شرح الزيارة الجامعة شرح آل كاشف الغطاء  : عبد الله الشبر، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1403 - 1983 م، الناشر: مؤسسة الوفاء - بيروت - لبنان.
11) الأنوار النعمانية: نعمة الله الجزائري - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
12) الإفصاح: المفيد، تحقيق: مؤسسة البعثة، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1414 - 1993 م، الناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان.
13) الإكمال في أسماء الرجال: الخطيب التبريزي، تحقيق: تعليق: أبي أسد الله بن الحافظ محمد عبد الله الأنصاري، الناشر: مؤسسة أهل البيت عليه السلام.
14) الإمام علي عليه السلام في آراء الخلفاء: مهدي فقيه إيماني، تحقيق وترجمة: يحيى كمالي البحراني، الطبعة: الأول، سنة الطبع: 1420، مطبعة: پاسدار إسلام، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية.
15) الإمام علي بن أبي طالب: أحمد الرحماني الهمداني، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1417، الناشر: المنير للطباعة والنشر - تهران.
16) الإمامة في أهم الكتب الكلامية: علي الميلاني، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1413 - 1372 ش، مطبعة: مهر - قم، الناشر: منشورات شريف الرضي.
17) الإمامة والتبصرة: علي بن الحسين القمي - مؤسسة آل البيت لإحياء التراث - بيروت.
18) الإمامة وأهل البيت: محمد بيومي مهران، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1415 - 1995 م، مطبعة: نهضت، الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية.
19) الإيضاح: الفضل بن شاذان الأزدي، تحقيق: السيد جلال الدين الحسيني الأرموي المحدث، سنة الطبع: 1363 ش، الناشر: مؤسسة انتشارات وچاپ دانشگاه تهران.
20) البدعة، مفهومها، حدها، آثارها: جعفر السبحاني، سنة الطبع: 1416، المطبعة: اعتماد - قم، الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام، توزيع: مكتبة التوحيد - قم - ايران.
21) البرهان في تفسير القرآن: هاشم البحراني - مؤسسة الوفاء - بيروت.
22) البيان في تفسير القرآن: الخوئي، الطبعة: الرابعة، سنة الطبع: 1395 - 1975 م، الناشر: دار الزهراء للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان.
23) البيان في عقائد أهل الإيمان: الشريعتي الأصفهاني، وفي أصل الكتاب لا يوجد أي معلومات عن هوية الكتاب سوى نسبته إلى مؤلفه.
24) التبيان: الطوسي، تحقيق وتصحيح: أحمد حبيب قصير العاملي، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: رمضان المبارك 1409، المطبعة: مطبعة مكتب الإعلام الإسلامي، الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي.
25) التحرير الطاوسي: الشيخ حسن صاحب المعالم، تحقيق: فاضل الجواهري،
26) التحصين: ابن طاوس، تحقيق: الأنصاري،
27) التفسير الصافي: الفيض الكاشاني، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: رمضان 1416 - 1374 ش، مطبعة: مؤسسة الهادي - قم المقدسة، الناشر: مكتبة الصدر - طهران.
28) الثاقب في المناقب: ابن حمزة الطوسي، تحقيق: نبيل رضا علوان، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1412، المطبعة: الصدر - قم، الناشر: مؤسسة أنصاريان للطباعة والنشر - قم المقدسة.
29) الجمل: الشيخ المفيد - الناشر: مكتبة الداوري - قم - ايران.
30) الحدائق الناضرة: يوسف البحراني - دار الأضواء - بيروت.
31) الحكومة الإسلامية: الإمام الخميني.
32) الخرائج والجرائح: قطب الدين الراوندي- الطبعة الأولى - سنة الطبع: ذي الحجة 1409 - مؤسسة الإمام المهدي - قم المقدسة.
33) الخصائص الفاطمية: محمد باقر الكجوري، ترجمة: سيد علي جمال أشرف، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1380 ش، المطبعة: شريعت، الناشر: انتشارات الشريف الرضي.
34) الخصال: الصدوق، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، سنة الطبع: 18 ذي القعدة الحرام 1403 - 1362 ش، الناشر: منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة.
35) الخطط السياسية لتوحيد الأمة الإسلامية: أحمد حسين يعقوب- الطبعة: الثانية- سنة الطبع: 1415- الناشر: دار الفجر - لندن.
36) الخلاف: الشيخ الطوسي - سنة الطبع: جمادي الآخرة 1407- الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
37) الدر النظيم: ابن حاتم العاملي، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
38) الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة: السيد على خان المدنى- سنة الطبع: 1397- الناشر: منشورات مكتبة بصيرتي - قم.
39) الرسائل الرجالية: أبي المعالي محمد بن محمد ابراهيم الكلباسي- الطبعة: الأولى- سنة الطبع: 1422 - 1380ش- الناشر: دار الحديث.
40) الروائع المختارة من خطب الإمام الحسن: السيد مصطفى الموسوي- الطبعة: الأولى- سنة الطبع: 1395 - 1975 م- الناشر: دار المعلم للطباعة.
41) الرواشح السماوية: الميرداماد محمد باقر الحسيني الأستر آبادي، تحقيق: غلام حسين، نعمة الله الجليلي، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1422-1380ش، المطبعة: دار الحديث، الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر.
42) الروض النضير في معنى الغدير: فارس حسون كريم، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1419، المطبعة: دانش، الناشر: مؤسسة أمير المؤمنين عليه السلام للتحقيق - قم - إيران.
43) الزام الناصب في إثبات الحجة الغائب: الشيخ علي اليزدي الحائري - تحقيق: السيد علي عاشور.
44) السقيفة أم الفتن: الدكتور الخليلي - الطبعة: الأولى- الناشر: الإرشاد للطباعة والنشر - بيروت - لندن.
45) السقيفة وفدك: للجوهري، تقديم وجمع وتحقيق: الدكتور الشيخ محمد هادي الأميني، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1413 - 1993 م، المطبعة: شركة الكتبي للطباعة والنشر - بيروت - لبنان، الناشر: شركة الكتبي للطباعة والنشر - بيروت - لبنان.
46) السقيفة: الشيخ محمد رضا المظفر - الطبعة: الثانية - سنة الطبع: جمادي الثاني 1415 - الناشر: مؤسسة أنصاريان.
47) السيدة فاطمة الزهراء: محمد بيومي، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: رمضان المبارك 1418 هـ - 1376 ش، المطبعة: سفير أصفهان، باهتمام: السيد محمود بن مرحوم السيد محمد مير هندي الأصفهاني
48) الشافي في الإمامة: الشريف المرتضى، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1410، مطبعة: مؤسسة إسماعيليان - قم، الناشر: مؤسسة إسماعيليان - قم
49) الشورى والنص، مركز الرسالة، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1417، المطبعة: مهر - قم، الناشر: مركز الرسالة - قم - إيران.
50) الشيعة في الميزان: محمد جواد مغنية، الطبعة: الرابعة، سنة الطبع: 1399 - 1979 م، الناشر: دار التعارف للمطبوعات - بيروت - لبنان.
51) الشيعة في أحاديث الفريقين: مرتضى الأبطحي، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1416، المطبعة: أمير، الناشر: المؤلف.
52) الشيعة هم أهل السنة: محمد التيجاني، الناشر: مؤسسة أنصاريان للطباعة والنشر - قم - إيران.
53) الصحابة في القرآن والسنة والتاريخ: مركز الرسالة، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1419، المطبعة: مهر - قم، الناشر: مركز الرسالة - قم - إيران.
54) الصحابة في نظر الشيعة الإمامية: أسد حيدر.
55) الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: جعفر مرتضى، الطبعة: الرابعة، سنة الطبع: 1415 - 1995 م، الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان عليه السلام دار السيرة - بيروت - لبنان.
56) الصحيفة السجادية الكاملة - الإمام زين العابدين عليه السلام، خط حاج عبد الرحيم أفشاري زنجاني، سنة الطبع: 1404 - 1363 ش، مطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
57) الصراط المستقيم: علي بن يونس العاملي، تصحيح وتعليق: محمد الباقر البهبودي، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1384، المطبعة: الحيدري، الناشر: المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية.
58) الصوارم المهرقة: الشهيد نور الله التستري، تحقيق: السيد جلال الدين المحدث، سنة الطبع: 1367، المطبعة: نهضت.
59) الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف: ابن طاوس، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1399، المطبعة: الخيام - قم.
60) العترة والصحابة في السنة: محمد حياة الأنصاري، المطبعة: خط المؤلف.
61) العدد القوية: علي بن يوسف الحلي، تحقيق: السيد مهدي الرجائي، إشراف: السيد محمود المرعشي، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1408، المطبعة: سيد الشهداء عليه السلام، الناشر: مكتبة آية الله المرعشي العامة.
62) العقائد الإسلامية، مركز المصطفى، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: محرم الحرام 1419، المطبعة: مهر، الناشر: مركز المصطفى للدراسات الإسلامية - قم - إيران، برعاية المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني.
63) العقد النضيد: لقمي لمحمد بن الحسن القمي، تحقيق: علي أوسط الناطقي، المساعد: سيد هاشم شهرستاني، لطيف فرادي، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1423 - 1381ش، المطبعة: دار الحديث، الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر، قم.
64) العوالم. الإمام الحسين: عبد الله البحراني، تحقيق: مدرسة الإمام المهدي عليه السلام، الطبعة: الأولى المحققة، سنة الطبع: 1407 - 1365 ش، المطبعة: أمير - قم، الناشر: مدرسة الإمام المهدي عج) بالحوزة العلمية - قم المقدسة، بإشراف: محمد باقر الموحد الأبطحي الأصفهاني.
65) الغدير: عبدالحسين أحمد الأميني النجفي - دار الكتب الإسلامية - طهران.
66) الغيبة للطوسي: محمد بن جعفر الطوسي، شيخ الطائفة - مكتبة الألفين - الكويت.
67) الغيبة للنعماني: محمد بن إبراهيم بن جعفر النعماني - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
68) الفائق في رواة وأصحاب الإمام الصادق عليه السلام هـ): عبد الحسين الشبستري، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1418المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
69) الفصول المختارة: المفيد- الطبعة: الثانية- سنة الطبع: 1414 - 1993 م- الناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان.
70) الفصول المهمة في أصول الأئمة للحر العاملي، تحقيق وإشراف: محمد بن محمد الحسين القائيني، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1418 - 1376 ش، المطبعة: نگين - قم، الناشر: مؤسسة معارف إسلامي إمام رضا ع).
71) الفصول المهمة في معرفة الأئمة: ابن الصباغ، تحقيق: سامي الغريري، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1422، المطبعة: سرور، الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر، قم قرب ساحة الشهداء.
72) الفوائد الرجالية: السيد بحر العلوم- الطبعة: الأولى- الناشر: مكتبة الصادق - طهران.
73) الفوائد المدنية والشواهد المكية: محمد أمين الإسترآبادي، السيد نور الدين العاملي- الطبعة: الأولى- سنة الطبع: منتصف شعبان المعظم 1424- الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
74) القيادة في الإسلام: محمد الريشهري، تعريب: علي الأسدي، الطبعة: الأولى، مطبعة: دار الحديث، الناشر: مؤسسة دار الحديث الثقافية - قم - إيران.
75) الكافئة: المفيد، تحقيق: علي أكبر زماني نژاد، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1414 - 1993 م)، الناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان.
76) الكافي: محمد بن يعقوب الكليني - صحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري - سنة الطبع 1985 م- دار الأضواء - بيروت.
77) اللمعة البيضاء: التبريزي الأنصاري- الطبعة: الأولى- سنة الطبع: 21 رمضان 1418- الناشر: دفتر نشر الهادي - قم - ايران.
78) المحاسن: أحمد بن محمد بن خالد البرقي- سنة الطبع: 1370 - المطبعة: الناشر: دار الكتب الإسلامية - طهران.
79) المحتضر: حسن بن سليمان الحلي - إنتشارات المكتبة الحيدرية - إيران.
80) المسانيد: محمد حياة الأنصاري: محمد حياة الأنصاري.
81) المصباح: الكفعمي - الطبعة: الثالثة - سنة الطبع: 1403 - 1983 م - الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت.
82) الأربعون حديثاً: محمد بن مكي العاملي الجزيني الملقبا بلشهيد لأول - المطبعة: أمير - سنة الطبع 1407 - قم - الناشر: مؤسسة الإمام المهدي عج) - قم المقدسة بإشراف: محمد باقر الموحد الأبطحي الأصفهاني.
83) المنتخب من الصحاح الستة: أبو أسد الله حياة بن الحافظ الحاج محمد عبد الله الأنصاري الملتاني الباكستاني.
84) النصائح الكافية: محمد بن عقيل- الطبعة: الأولى- سنة الطبع: 1412- الناشر: دار الثقافة للطباعة والنشر - قم.
85) الهجوم على بيت فاطمة ع هـ): عبد الزهراء مهدي - الطبعة: الأولى المحققة)- سنة الطبع: 1421.
86) اليقين: السيد ابن طاووس- الطبعة: الأولى- سنة الطبع: ربيع الثاني 1413- الناشر: مؤسسة دار الكتاب الجزائري).
87) أبو هريرة: السيد شرف الدين - الناشر: مؤسسة أنصاريان للطباعة والنشر - قم.
88) أجوبة مسائل جيش الصحابة لعلي الكوراني العاملي، الطبعة الأولى 1423)، دار السيرة.
89) أصل الشيعة وأصولها: كاشف الغطاء، تحقيق: علاء آل جعفر، الطبعة الأولى، سنة الطبع: 1415، مطبعة: ستارة، الناشر: مؤسسة الإمام علي ع).
90) أصول الحديث: الدكتور عبد الهادي الفضلي، الطبعة: الثالثة، سنة الطبع: ذي القعدة 1421، الناشر: مؤسسة أم القرى للتحقيق والنشر - بيروت - لبنان.
91) أضواء على عقائد الشيعة الإمامية: جعفر السبحاني، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1421، الناشر: مؤسسة الإمام الصادقع). قم.
92) أعلام الدين في صفات المؤمنين: الديلمي، تحقيق: مؤسسة آل البيت عليه السلام لإحياء التراث، قم، الناشر: مؤسسة آل البيت عليه السلام لإحياء التراث. قم.
93) أعيان الشيعة: محسن الأمين، تحقيق: تحقيق وتخريج حسن الأمين، الناشر: دار التعارف للمطبوعات - بيروت - لبنان.
94) ألف سؤال وإشكال: علي الكوراني العاملي، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1424 - 2003 م، الناشر: دار السيرة.
95) أم المؤمنين تأكل أولادها: نبيل فياض - 2004 م.
96) أمالي الطوسي: محمد بن الحسن الطوسي، شيخ الطائفة - مكتبة العرفان - الكويت.
97) أمالي المفيد: محمد بن محمد بن النعمان، المفيد - دار التيار الجديد ودار المرتضى.
98) أمان الأمة من الاختلاف للطف الله الصافي، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1397، المطبعة: العلمية - قم.
99) أنصار الحسين: محمد مهدي شمس الدين، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1401 - 1981 م، الناشر: الدار الإسلامية.
100) أهل البيت في الكتاب والسنة: محمد الريشهري- الطبعة: الثانية، مع التصحيح والإضافات- سنة الطبع: 1375 ش- المطبعة: دار الحديث.
101) إعلام الورى بأعلام الهدى: الطبرسي تحقيق: مؤسسة آل البيت عليه السلام لإحياء التراث، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: ربيع الأول 1417، مطبعة: ستارة - قم، الناشر: مؤسسة آل البيت عليه السلام لإحياء التراث - قم المشرفة
102) إغتيال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: الشيخ نجاح الطائي- الطبعة: الأولى- سنة الطبع: 1419- دار الهدى لإحياء التراث - بيروت - لندن.
103) أين سنة الرسول وماذا فعلوا بها ؟: أحمد حسين يعقوب- الطبعة: الأولى - سنة الطبع: 1421 - 2001 - الناشر: الدار الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان.
104) بحار الأنوار: محمد باقر المجلسي - مؤسسة الوفاء - بيروت.
105) بشارة المصطفى: محمد بن علي الطبري الشيعي، تحقيق جواد القيومي الأصفهاني، الطبعة الأولى، سنة الطبع: 1420، المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
106) بصائر الدرجات: محمد بن الحسن بن فروخ الصفار القمي - منشورات مكتبة المرعشي النجفي - قم.
107) بلاغة الإمام علي بن الحسين عليه السلام هـ): جعفر عباس الحائري، جمع وتحقيق: جعفر عباس الحائري، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1425 - 1383ش، المطبعة: دار الحديث، الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر. ايران: قم المقدسة.
108) بناء المقالة الفاطمية: ابن طاوس، تحقيق: علي العدناني الغريفي، الطبعة الأولى، سنة الطبع: 1411 - 1991 م، الناشر: مؤسسة آل البيت عليه السلام لإحياء التراث - قم.
109) بيت الأحزان: عباس القمي، الطبعة: الجديدة الأولى، سنة الطبع: 1412، المطبعة: أمير، الناشر دار الحكمة - قم - إيران.
110) تاج المواليد المجموعة هـ): الطبرسي، سنة الطبع: 1406، المطبعة: الصدر، الناشر: مكتب آية الله العظمى المرعشي النجفي - قم، طبعة حجرية عليه السلام اسم المجموعة: مجموعه نفيسه عليه السلام باهتمام: السيد محمود المرعشي.
111) تاريخ الكوفة: البراقي، تحقيق: تحقيق ماجد أحمد العطية عليه السلام استدراكات السيد محمد صادق آل بحر العلوم المتوفي 1399 ه‍، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1424 ه‍ عليه السلام 1382 ش عليه السلام شريعت، الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية.
112) تاريخ اليعقوبي: أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب ابن واضح الكاتب العباسي المعروف باليعقوبي، الناشر: دار صادر - بيروت - لبنان.
113) تأويل الآيات: شرف الدين الحسيني، تحقيق: مدرسة الإمام المهدي عج)، الطبعة الأولى، سنة الطبع: رمضان المبارك 1407 - 1366 ش، المطبعة: أمير - قم، الناشر: مدرسة الإمام المهدي عج) - الحوزة العلمية - قم المقدسة، بإشراف: السيد محمد باقر الموحد الأبطحي الأصفهاني.
114) تحف العقول: ابن شعبة الحراني، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1404 - 1363 ش، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
115) تذكرة الفقهاء ط. ج: العلامة الحلي، تحقيق: مؤسسة آل البيت عليه السلام لإحياء التراث، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: محرم 1414، المطبعة: مهر - قم، الناشر: مؤسسة آل البيت عليه السلام لإحياء التراث - قم.
116) تعليقة على منهج المقال: الوحيد البهبهاني.
117) تفسير الأصفي: الفيض الكاشاني، تحقيق: مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1418 - 1376 ش، مطبعة مكتب الإعلام الإسلامي، الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي.
118) تفسير البرهان: هاشم البحراني - الطبعة الثانية - 1983 مؤسسة الوفاء - بيروت.
119) تفسير العسكري: المنسوب للإمام العسكري - مدرسة الإمام المهدي - قم.
120) تفسير العياشي: محمد بن مسعود العياشي، تحقيق: الحاج السيد هاشم الرسولي المحلاتي، الناشر: المكتبة العلمية الإسلامية - طهران.
121) تفسير القمي: علي بن إبراهيم القمي، تصحيح وتعليق وتقديم: السيد طيب الموسوي الجزائري، الطبعة: الثالثة، سنة الطبع: صفر 1404، الناشر: مؤسسة دار الكتاب للطباعة والنشر - قم - إيران.
122) تفسير الميزان: الطباطبائي، الناشر: منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية - قم المقدسة.
123) تفسير أبي حمزة الثمالي: أعاد جمعه وتأليفه: عبد الرزاق محمد حسين حرز الدين، مراجعة وتقديم: الشيخ محمد هادي معرفة، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1420 - 1378 ش، مطبعة الهادي، الناشر: دفتر نشر الهادي.
124) تفسير جوامع الجامع: الطبرسي، تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1418، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
125) تفسير فرات الكوفي: فرات بن إبراهيم الكوفي، تحقيق: محمد الكاظم، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1410 - 1990 م، الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي - طهران.
126) تفسير كنز الدقائق: الميرزا محمد المشهدي، تحقيق: الحاج آقا مجتبى العراقي، سنة الطبع: شوال المكرم 1407، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
127) تفسير مجمع البيان: الطبرسي، تحقيق وتعليق: لجنة من العلماء والمحققين الأخصائيين، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1415 - 1995 م، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت - لبنان، بتقديم محسن الأمين العاملي.
128) تفسير نور الثقلين: الحويزي، تصحيح وتعليق: هاشم الرسولي المحلاتي، الطبعة: الرابعة، سنة الطبع: 1412 - 1370 ش، المطبعة: مؤسسة إسماعيليان، الناشر: مؤسسة إسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع - قم.
129) تقريب المعارف: لأبي الصلاح الحلبي، تحقيق: فارس تبريزيان الحسون، سنة الطبع: 1417 - 1375 ش، الناشر: المحقق.
130) تقوية الإيمان: محمد بن عقيل، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1414 - 1993 م، الناشر: دار البيان العربي - بيروت - لبنان.
131) تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين: شرف الإسلام بن سعيد المحسن بن كرامة، نحقيق: تحسين آل شبيب الموسوي، الطبعة الأولى، سنة الطبع: 1420هـ - 2000 م، مطبعة: محمد، الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية.
132) تنزيه الأنبياء: الشريف المرتضى، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1409 - 1989 م، الناشر: دار الأضواء - بيروت - لبنان.
133) تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية: أبو طالب التجليل التبريزي.
134) تهذيب الأحكام: محمد بن جعفر الطوسي، تحقيق وتعليق: السيد حسن الموسوي الخرسان، الطبعة: الثالثة، سنة الطبع: 1364 ش، المطبعة: خورشيد، الناشر: دار الكتب الإسلامية - طهران.
135) تهذيب الأحكام: محمد بن جعفر الطوسي، شيخ الطائفة - دار الأضواء - بيروت.
136) تهذيب المقال في تنقيح كتاب رجال النجاشي: محمد علي الأبطحي، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1417، المطبعة: نگارش، الناشر: ابن المؤلف السيد محمد - قم المقدسة.
137) توضيح المسائل: وحيد الخراساني، سنة الطبع: 1421، المطبعة: نگارش - قم، الناشر: مدرسه باقر العلوم عليه السلام - قم.
138) جامع الرواة: محمد علي الأردبيلي- الناشر: مكتبة المحمدي.
139) جامع أحاديث الشيعة: البروجردي، سنة الطبع: 1399، المطبعة: المطبعة العلمية - قم، ألف تحت إشراف آية الله العظمى حاج حسين الطباطبائي البروجردي.
140) جواهر التاريخ: علي الكوراني، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1425 - 2004م، المطبعة: شريعت - قم، الناشر: دار الهدى للطباعة والنشر.
141) جواهر الكلام: الجواهري، تحقيق وتعليق: عباس القوچاني، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1365 ش، المطبعة: خورشيد، الناشر: دار الكتب الإسلامية - طهران.
142) حقائق التأويل: الشريف الرضي، شرح: محمد رضا آل كاشف الغطاء، الناشر: دار المهاجر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان، مع دار الكتب الإسلامية - قم - إيران.
143) حلية الأبرار: هاشم البحراني، تحقيق: الشيخ غلام رضا مولانا البروجردي، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1414، المطبعة: بهمن، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية - قم - إيران.
144) حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي: صائب عبد الحميد، الطبعة: الثانية، الناشر: الغدير للدراسات والنشر بيروت - لبنان.
145) حوار مع فضل الله حول الزهراء س هـ): هاشم الهاشمي الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1422 ه‍ عليه السلام قم، الناشر: دار الهدى.
146) حياة الإمام الرضا عليه السلام هـ): باقر شريف القرشي، الناشر: انتشارات سعيد بن جبير - قم.
147) حياة أمير المؤمنين عليه السلام) عن لسانه: محمد محمديان، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1417، المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
148) خاتمة المستدرك: الميرزا النوري الطبرسي، تحقيق: مؤسسة آل البيت عليه السلام لإحياء التراث، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: رجب 1415، المطبعة: ستارة - قم، الناشر: مؤسسة آل البيت عليه السلام لإحياء التراث - قم - إيران.
149) خلاصة الأقوال: الحلي، تحقيق: جواد القيومي، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: عيد الغدير 1417، المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي، الناشر: مؤسسة نشر الفقاهة.
150) خلاصة عقبات الأنوار: حامد النقوي، سنة الطبع: 1405، المطبعة: خيام، الناشر: مؤسسة البعثة - قسم الدراسات الإسلامية - طهران - إيران.
151) خلفيات كتاب مأساة الزهراء عليه السلام هـ): جعفر مرتضى، الطبعة: الخامسة، سنة الطبع: 1422، المطبعة: دار السيرة، الناشر: دار السيرة - بيروت - لبنان.
152) در المنضود: الگلپايگاني، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: شوال المكرم 1412، المطبعة: أمير، الناشر: دار القرآن الكريم - قم المقدسة.
153) دراسات في الحديث والمحدثين: هاشم معروف، الطبعة الثانية: 1398 هـ 1978م، الناشر: دار التعارف للمطبوعات بيروت- لبنان.
154) درر الأخبار: حجازي، خسرو شاهي - سنة الطبع: 20 جمادي الثاني 1419- الناشر: دفتر مطالعات تاريخ ومعارف إسلامي.
155) دلائل الإمامة: ابن جرير الطبري الشيعي، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية - مؤسسة البعثة - قم، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1413، الناشر: مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة.
156) رجال ابن داود: ابن داوود الحلي، تحقيق وتقديم: السيد محمد صادق آل بحر العلوم، سنة الطبع: 1392 - 1972 م، الناشر: منشورات مطبعة الحيدرية - النجف الأشرف.
157) رجال الطوسي: محمد بن جعفر الطوسي، تحقيق: جواد القيومي الأصفهاني، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: رمضان المبارك 1415، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
158) رسائل الكركي: المحقق الكركي - الطبعة: الأولى - سنة الطبع: 1409- الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي - قم.
159) رسائل المرتضى: الشريف المرتضى، تقديم: السيد أحمد الحسيني، وإعداد: السيد مهدي الرجائي، سنة الطبع: 1405، المطبعة: مطبعة الخيام - قم، الناشر: دار القرآن الكريم - قم.
160) رسائل في دراية الحديث: أبو الفضل حافظيان البابلي، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1425 - 1383ش، المطبعة: دار الحديث، الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر، إيران: قم المقدسة.
161) رسائل ومقالات: جعفر السبحاني، الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام - قم.
162) رمز الصحة: محمود الأصفهانى، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1403، المطبعة: مطبعة الآداب - النجف الأشرف، الناشر: مكتبة الداوري - قم - إيران.
163) روضة الواعظين: الفتال النيسابوري منشورات الرضي قم - إيران.
164) رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين: لعلي خان الشيرازي - مؤسسة النشر الإسلامي.
165) رياض المسائل: علي الطباطبائي، تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: ذي الحجة الحرام 1412، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
166) سر الإسراء في شرح حديث المعراج: علي سعادت پرور، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1416 - 1374 ش، المطبعة: سپهر، الناشر: مكتبة التشيع.
167) سر السلسلة العلوية: أبو نصر البخاري، منشورات المطبعة الحيدرية ومكتبنها في النجف الأشرف، 1962 م - 1381هـ.
168) سعد السعود: ابن طاووس، سنة الطبع: 1363، مطبعة أمير - قم، منشورات: الرضي - قم.
169) سفينة النجاة: السرابي التنكابني، تحقيق: السيد مهدي الرجائي، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1419 - 1377 ش، المطبعة: أمير - قم، الناشر: المحقق.
170) سنن الإمام علي عليه السلام) لجنة الحديث معهد باقر العلوم عليه السلام)، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1380ش، المطبعة: اعتماد الناشر: نور السجاد، الناشر: نور السجاد: قم - ساحة آستانه، معهد باقر العلوم عليه السلام، التابع لمنظمة الإعلام الإسلامي.
171) سنن النبي: الطبطبائي، تحقيق وإلحاق: الشيخ محمد هادي الفقهي، سنة الطبع: رمضان 1419، المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
172) شبهات وردود: سامي البدري، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1417 ه‍، الناشر: نشر حبيب.
173) شجرة طوبى: الحائري، الطبعة: الخامسة، سنة الطبع: محرم الحرام 1385، الناشر: منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها - النجف الأشرف.
174) شرح الأخبار: القاضي النعمان المغربي، تحقيق: محمد الحسيني الجلالي، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1414، المطبعة: مطبعة مؤسسة النشر الإسلامي، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
175) شرح الأزهار: الإمام أحمد المرتضى، الناشر: مكتبة غمضان - صنعاء - اليمن.
176) شرح العينية الحميرية: الفاضل الهندي، تحقيق: لجنة تحقيق، قدم له جعفر السبحاني، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1421، المطبعة: اعتماد - قم، الناشر: مكتبة التوحيد - قم.
177) شرح أصول الكافي: مولى محمد صالح المازندراني - دار إحياء التراث العربي - بيروت.
178) شرح إحقاق الحق: السيد المرعشي، تعليق: السيد شهاب الدين المرعشي النجفي، تصحيح: السيد إبراهيم الميانجي، الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي - قم - إيران.
179) شرح مائة كلمة لأمير المؤمنين: ميثم البحراني، تصحيح وتعليق: مير جلال الدين الحسيني الأرموي المحدث، الناشر: منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة.
180) شرح منهاج الكرامة في معرفة الإمامة: السيد علي الميلاني- الطبعة: الأولى- سنة الطبع: 1418 - 1997 م - الناشر: مؤسسة دار الهجرة.
181) شرح نهج البلاغة: إبن أبي الحديد - دار إحياء التراث العربي - بيروت.
182) شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور: الحاج ميرزا أبي الفضل الطهراني، تحقيق: السيد علي الموحد الأبطحي، الطبعة: الثالثة، سنة الطبع: 1409، المطبعة: سيد الشهداء عليه السلام - قم - إيران، الناشر: سيد علي الموحد الأبطحي.
183) صحيفة الحسين: جمع الشيخ جواد القيومي، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1374 ش، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
184) صحيفة الرضا عليه السلام)، مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام)، تحقيق: مؤسسة الإمام المهدي عج)، سنة الطبع: 1408 - 1366 ش،
185) طرائف المقال: البروجردي، تحقيق: السيد مهدي الرجائي، الطبعة: الأولى، سنة الطبع:، 1410المطبعة: بهمن - قم، الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي العامة - قم المقدسة.
186) طرق حديث الأئمة الإثنا عشر: كاظم آل نوح، سنة الطبع: 1398، مطبعة المعارف - بغداد 1374، الناشر: منشورات مكتبة القرآن والعترة.
187) عبد الله بن سبأ: مرتضى العسكري، الطبعة: السادسة مصححة، سنة الطبع: 1413 - 1992 م، الناشر: نشر توحيد.
188) عجائب أحكام أمير المؤمنين: محس الأمين، تحقيق: فارس حسون كريم، سنة الطبع: 1420 - 2000 م، المطبعة: محمد، الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية.
189) عقائد الإمامية: محمد رضا المظفر، تقديم: الدكتور حامد حفني داود، الناشر: انتشارات أنصاريان - قم- إيران.
190) علل الشرائع: محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، تقديم: السيد محمد صادق بحر العلوم، سنة الطبع: 1385 - 1966 م، الناشر: منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها - النجف الأشرف.
191) عمدة الطالب: ابن عنبة، تصحيح: محمد حسن آل الطالقاني، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1380- 1961 م، الناشر: منشورات المطبعة الحيدرية - النجف الأشرف.
192) عوالي اللئالي: ابن أبي جمهور الأحسائي، تقديم: شهاب الدين النجفي المرعشي، تحقيق: الحاج آقا مجتبى العراقي، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1403 - 1983 م، المطبعة: سيد الشهداء - قم.
193) عيون الحكم والمواعظ: علي بن محمد الليثي الواسطي، تحقيق: الشيخ حسين الحسيني البيرجندي، الطبعة: الأولى، المطبعة: دار الحديث، الناشر: دار الحديث.
194) عيون المعجزات: حسين بن عبد الوهاب، سنة الطبع: 1369، المطبعة: الحيدرية - نجف، الناشر: محمد كاظم الشيخ صادق الكتبي.
195) عيون أخبار الرضا: محمد بن علي بن بابويه القمي، الصدوق - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
196) غاية المرام: السيد هاشم البحراني - تحقيق السيد على عاشور.
197) غنائم الأيام: الميرزا القمي- الطبعة: الأولى- سنة الطبع: 1417 - الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي.
198) فقه الصادق عليه السلام هـ): محمد صادق الروحاني، الطبعة: الثالثة، سنة الطبع: 1412، المطبعة: العلمية، الناشر: مؤسسة دار الكتاب - قم.
199) فقه القرآن: القطب الراوندي، تحقيق: السيد أحمد الحسيني، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1405، الناشر: مكتبة آية الله العظمى النجفي المرعشي، باهتمام: السيد محمود المرعشي.
200) فلك النجاة في الإمامة والصلاة: علي محمد فتح الدين الحنفي، تحقيق وتقديم: الشيخ ملا أصغر علي محمد جعفر، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1418 - 1997 م، المطبعة: صدر، الناشر: مؤسسة دار الإسلام.
201) فهارس رياض السالكين: محمد حسين المظفر، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1419، المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
202) في خبر تزويج أم كلثوم من عمر: السيد علي الميلاني - الطبعة: الأولى - سنة الطبع: 1418- المطبعة: ياران - قم.
203) في ظل أصول الإسلام: جعفر السبحاني، سنة الطبع: 1410، الناشر: مؤسسة إمام الصادق ع). قم.
204) في ظلال التشيع: محمد علي الحسيني - الطبعة الأولى 1983 م - مكتبة الألفين - الكويت.
205) في ظلال التوحيد: جعفر السبحاني، سنة الطبع: 1412، الناشر: معاونية شؤون التعليم والبحوث الإسلامية في الحج.
206) في ظلال نهج البلاغة: محمد جواد مغنية.
207) قاموس الرجال: محمد تقي التستري، الطبعة: الاولى، سنة الطبع: 1419 ه‍ عليه السلام قم، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
208) قرب الإسناد: الحميري القمي - مؤسسة آل البيت عليه السلام لإحياء التراث - قم.
209) قصص الأنبياء: الجزائري- الناشر: منشورات الشريف الرضي - قم - ايران.
210) قواعد المرام في علم الكلام: ميثم البحراني، تحقيق: أحمد الحسيني، باهتمام: السيد محمود المرعشي، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1406هـ)، المطبعة: مطبعة الصدر، الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي.
211) كتاب الأربعين: محمد طاهر القمي الشيرازي، تحقيق السيد مهدي الرجائي، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1418) مطبعة: أمير، قم.
212) كتاب الطهارة: السيد الخميني- توزيع: مطبعة مهر - قم.
213) كتاب الطهارة: الشيخ الأنصاري- الطبعة: الأولى- سنة الطبع: 1415- المطبعة: مؤسسة الهادي - قم.
214) كتاب سليم بن قيس: تحقيق محمد باقر الأنصاري.
215) كشف الأسرار: الإمام الخميني.
216) كشف الحقائق: علي آل محسن: الشيخ علي آل محسن- الطبعة: الثالثة منقحة ومزيدة- سنة الطبع: 1419 - 1999 م- الناشر: دار الميزان للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان.
217) كشف الغمة: علي بن عيسى الإربلي - دار الأضواء - بيروت.
218) كشف اليقين: العلامة الحلي- الطبعة: الأولى- سنة الطبع: 1411.
219) كمال الدين: محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، الصدوق - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
220) لماذا لم يصل علي على الملوك الثلاث؟: نجاح الطائي - الطبعة الأولي - 2009 - دار الهدى لإحياء التراث - قم المقدسة.
221) ليالٍ يهودية: نجاح عطا الطائي - الطبعة الأولى - 1423 - 2003 م - دار الهدى لإحياء التراث - قم المقدسة.
222) مجلة تراثنا: مؤسسة آل البيت- الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم المشرفة.
223) مجمع الفائدة: المحقق الأردبيلي- الناشر: منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة.
224) مجمع النورين: الشيخ أبو الحسن المرندي - طبعة حجرية.
225) مختصر البصائر: الحسن بن سليمان الحلى - تحقيق: مشتاق المظفر.
226) مختصر بصائر الدرجات: الحسن بن سليمان الحلي - سنة الطبع: 1370 - 1950 م- الناشر: منشورات المطبعة الحيدرية - النجف الأشرف.
227) مدينة المعاجر: هاشم البحراني - مؤسسة المعارف الإسلامية - قم - ايران.
228) مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار: أبوالحسن العاملي النباطي الفتوني - طبع كمقدمة لتفسير البرهان لهاشم البحراني.
229) مستدرك الوسائل: الميرزا النوري - مؤسسة آل البيت عليه السلام لإحياء التراث - بيروت - لبنان.
230) مستدرك سفينة البحار: الشيخ علي النمازي الشاهرودي - مؤسسة النشر الإسلامي - قم.
231) مستدركات علم رجال الحديث: الشيخ علي النمازي الشاهرودي- الطبعة: الأولى- سنة الطبع: ربيع الآخر 1412- المطبعة: شفق - طهران.
232) مستطرفات السرائر: ابن إدريس الحلي، تحقيق: لجنة التحقيق، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1411، مطبعة مؤسسة النشر الإسلامي، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
233) مسند الإمام الرضا عليه السلام هـ): المؤلف: الشيخ عزيز الله عطاردي- سنة الطبع: ربيع الآخر 1406- الناشر: المؤتمر العالمي الإمام الرضا ع).
234) مصباح البلاغة مستدرك نهج البلاغة هـ): الميرجهاني- سنة الطبع: 1388.
235) مصباح الفقيه: آقا رضا الهمداني- الناشر: منشورات مكتبة الصدر - طهران.
236) مصباح المتهجد: الشيخ الطوسي - الطبعة: الأولى- سنة الطبع: 1411 - 1991 م - الناشر: مؤسسة فقه الشيعة - بيروت - لبنان.
237) معالم الزلفى: هاشم البحراني - الطبعة الأولى - 1424 - 2003 م - الناشر: مؤسسة أنصاريان للطباعة والنشر - قم.
238) معالم الفتن: سعيد أيوب- الطبعة: الأولى- سنة الطبع: 1416- الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلامية.
239) معالم المدرستين: السيد مرتضى العسكري - الطبعة: سنة الطبع: 1410 - 1990 م - الناشر: مؤسسة النعمان للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان.
240) معاني الأخبار: محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، الصدوق - مكتبة الصدوق - طهران.
241) معجم رجال الخوئي: أبو القاسم الخوئي - منشورات مدينة العلم - قم.
242) مفتاح الكرامة: السيد محمد جواد العاملي - الطبعة: الأولى - سنة الطبع: 1419- الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
243) مقاتل الطالبيين: أبو الفرج الاصفهاني - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
244) مكاتيب الرسول: الأحمدي الميانجي - سنة الطبع: 1998 م - الناشر: دار الحديث.
245) مكتبة أهل البيت عليهم السلام - النسخة الأولى - 2005 م.
246) مكيال المكارم: ميرزا محمد تقي الأصفهاني- الطبعة: الأولى - سنة الطبع: 1421 - الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت.
247) من لا يحضره الفقيه: محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، الصدوق - دار الأضواء - بيروت.
248) من وراء المحرقة الكبرى لكتب البشرية؟: نجاح الطائي - الطبعة الأولى - 2009 - دار الهدى لإحياء التراث - قم.
249) مناقب آل أبي طالب: محمد بن علي بن شهرأشوب المازندراني - دار الأضواء - بيروت.
250) منتخب الأثر: لطف الله الصافي - مكتبة الصدر - طهران.
251) منتهى المطلب: المؤلف: العلامة الحلي - الطبعة: الأولى- الناشر: مجمع البحوث الإسلامية - إيران - مشهد.
252) مواقف الشيعة: الأحمدي الميانجي - مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
253) موسوعة الإمام علي في الكتاب والسنة والتاريخ: محمد ريشهري - دار الحديث للطباعة والنشر.
254) موسوعة المصطفى والعترة عليهم السلام: احاج حسين الشاكري - شر الهادي - قم - إيران.
255) موسوعة أحاديث أهل البيت عليهم السلام: هادي النجفي - دار إحياء التراث العربي بيروت - لبنان.
256) موسوعة شهادة المعصومين عليه السلام هـ): لجنة الحديث في معهد باقر العلوم عليه السلام)- الطبعة: الأولى - الناشر: انتشارات نور السجاد.
257) موسوعة كلمات الإمام الحسن عليه السلام هـ): لجنة الحديث في معهد باقر العلوم عليه السلام) - الطبعة: الأولى- المطبعة: الآثار - قم.
258) ميزان الحكمة: لمحمد الريشهري - الطبعة الأولى - دار الحديث.
259) نشأة التشيع: السيد طالب الخرسان- الطبعة: الأولى- سنة الطبع: 1412 - 1991 م- الناشر: انتشارات الشريف الرضي.
260) نظريات الخليفتين: الشيخ نجاح الطائي.
261) نظرية عدالة الصحابة والمرجعية السياسية في الإسلام رأي الشيعة - رأي السنة حكم الشرع: أحمد حسين يعقوب - مؤسسة أنصاريان للطباعة والنشر شارع شهداء - قم - إيران الطبعة: ذي القعدة 1413.
262) نفحات الأزهار: السيد على الميلاني - مطبعة مهر، إيران.
263) نفس الرحمن في فضائل سلمان: ميرزا حسين النوري الطبرسي- الطبعة: الأولى- الناشر: مؤسسة الآفاق.
264) نقد الرجال: التفرشي- الطبعة: الأولى- سنة الطبع: شوال 1418- الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم.
265) نهج البلاغة: المنسوب لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب - دار الأندلس - بيروت.
266) نهج الحق وكشف الصدق: العلامة الحلي - سنة الطبع: ذي الحجة 1421- الناشر: مؤسسة الطباعة والنشر دار الهجرة - قم.
267) نهج السعادة: الشيخ المحمودي - الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت - لبنان.
268) وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة: الحر العاملي - دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان.
269) وضوء النبي صلى الله عليه وآله وسلم: السيد علي الشهرستاني - الطبعة: الأولى- المطبعة: ستارة - قم.
270) يهود بثوب الإسلام: نجاح الطائي - الطبعة الثالثة - 2004 م - دار الهدى لإحياء التراث الإسلامي - لندن.
.. وعشرات غيرها مذكورة في الحواشي.
 


([1])مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 14/ 342، النوادر، لفضل الله الراوندي، 125، بحار الأنوار، للمجلسي، 6/ 315، 22/ 309، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 20/ 362، مستدرك سفينة البحار، لعلي النمازي، 8/ 509
([2]) الخصال، للصدوق، 425، علل الشرائع، للصدوق، 1/ 128، معاني الأخبار، للصدوق، 51، بحار الأنوار، للمجلسي، 16/ 92، ميزان الحكمة، لمحمد الريشهري، 4/ 3186
([3]) السقيفة وفدك، للجوهري، 65، شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد، 6/ 39، نفحات الأزهار، لعلي الميلاني، 16/ 268
([4]) تفسير الإمام العسكري (عليه السلام)، 384، بحار الأنوار، للمجلسي، 11/ 137، 21/ 227، 26/ 339
([5]) راجع كتابنا " تسديد الإصابة" من سلسلة الحقائق الغائبة.
([6])إحقاق الحق، لنور الله التستري، 267، 269، نفس الرحمن في فضائل سلمان، للنوري الطبرسي، 591
([7]) النوادر، لفضل الله الراوندي، 146، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 309
([8]) حذفنا الكثير من المصادر طلباً للاختصار.
([9]) مجمع البيان، للطبرسي، 1/ 810، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، للمنتظري، 2/ 226
([10]) بحار الأنوار، للمجلسي، 15/ 29، 54/ 200
([11]) المصادر السابقة
([12]) بحار الأنوار، للمجلسي، 16/ 342، إثبات الهداة، للحر العاملي، 1/ 363
([13]) الإرشاد، للمفيد، 1/ 42، الروضة في فضائل أمير المؤمنين، لشاذان بن جبرئيل القمي، 171، مشكاة الأنوار، لعلي الطبرسي، 174، بحار الأنوار، للمجلسي، 27/ 142، 38/ 190، 65/ 31، 139، تفسير مجمع البيان، للطبرسي، 7/ 126، إعلام الورى بأعلام الهدى، للطبرسي، وعشرات غيرها وفي بعضها أضافوا: "أنت وشيعتك يا علي".
([14]) أمالي الصدوق، 179، بحار الأنوار، للمجلسي، 7/ 130، 8/ 22، ميزان الحكمة، للريشهري، 1/ 109، 4/ 3202، موسوعة الإمام علي، 2/ 146، غاية المرام، للبحراني، 1/ 85، 2/ 200
([15]) الاحتجاج، للطبرسي، 1/ 57، بحار الأنوار، للمجلسي، 7/ 130، 9/ 292، 16/ 329، 108/ 99، التفسير الصافي، للفيض الكاشاني، 5/ 125، 7/ 94، تفسير نور الثقلين، للحويزي، 5/ 219
([16]) الكافي، للكليني، 2/ 596، بحار الأنوار، للمجلسي، 7/ 131، 319، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 1/ 108، 15/ 10، مستدرك سفينة البحار، لعلي النمازي، 6/ 297
([17]) بحار الأنوار، للمجلسي، 17/ 298، الخرائج والجرائح، للرواندي، 183، مستدرك سفينة البحار، للنمازي، 4/ 387
([18]) ميزان الحكمة، لمحمد الريشهري، 4/ 2819، معجم أحاديث الإمام المهدي، 1/ 514
([19]) ميزان الحكمة، لمحمد الريشهري، 1/ 108، النصائح الكافية، لمحمد بن عقيل، 169، الانتصار، للعاملي، 1/ 152
([20]) ميزان الحكمة، لمحمد الريشهري، 1/ 108، نظرة عابرة إلى الصحاح الستة، لعبد الصمد شاكر، 404
([21]) دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، للمنتظري، 2/ 226 (الحاشية) ميزان الحكمة، لمحمد الريشهري، 1/ 108
([22]) تفسير مجمع البيان، للطبرسي، 2/ 362، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، للمنتظري، 2/ 226 (الحاشية) البيان في عقائد أهل الإيمان، للشريعتي الأصفهاني، 23
([23]) أنظر هذه الرواية وغيرها في: بحار الأنوار، للمجلسي، 16/ 342، مستدرك سفينة البحار، لعلي النمازي، 1/ 187، تقريب المعارف، لأبي الصلاح الحلبي، 395
([24]) إقبال الأعمال، لابن طاووس، 2/ 40، بحار الأنوار، للمجلسي، 35/ 289
([25]) ميزان الحكمة، لمحمد الريشهري، 1/ 108
([26]) بحار الأنوار، للمجلسي، 9/ 298، 37/ 36، الأمالي، للصدوق، 259
([27]) أنظر هذه الرواية وغيرها في: عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، للصدوق، 2/ 66، كمال الدين وتمام النعمة، للصدوق، 282، كفاية الأثر، للخزاز القمي، 141، دلائل الامامة، لمحمد بن جرير الطبري (الشيعي)، 443، نوادر المعجزات، لمحمد بن جرير الطبري (الشيعي)، 197، العمدة، لابن البطريق، 432، 437، الصراط المستقيم، لعلي بن يونس العاملي، 2/ 110، 115، 124، 254، بحار الأنوار، للمجلسي، 36/ 244، 333، 367، الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة، للحر العاملي، 344
([28]) العمدة، لابن البطريق، 432، بحار الأنوار، للمجلسي، 36/ 367، معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام) لعلي الكوراني العاملي، 1/ 512، شرح إحقاق الحق، للمرعشي، 29/ 452، 599
([29]) الأمالي، للصدوق، 734، روضة الواعظين، للفتال النيسابوري، 74، مناقب آل أبي طالب، لابن شهر آشوب، 1/ 202، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 509
([30]) إرشاد القلوب، 2/ 217، بحار الأنوار، للمجلسي، 16/ 347، الدر النظيم، لابن حاتم العاملي، 78
([31]) علل الشرايع، للصدوق، 2/ 417، عيون أخبار الرضا، للصدوق، 2/ 256، تفسير العسكري، 32، بحار الأنوار، للمجلسي، 13/ 341، 26/ 275، 89/ 225، 247، 92/ 224، 96/ 186، تأويل الآيات، لشرف الدين الحسيني، 1/ 419، البرهان، لهاشم البحراني، 3/ 228، تفسير نور الثقلين، للحويزي، 41/ 18، / 130، منتهى المطلب، للحلي، 2/ 681، من لا يحضره الفقيه، للصدوق، 2/ 327، المحتضر، لحسن الحلي، 247، 309، الجواهر السنية، للعاملي، 249، جامع أحاديث الشيعة، للبرجودي، 11/ 65، بشارة المصطفي، للطبري الشيعي، 331، قصص الأنبياء، للجزائري، 343
([32]) بحار الأنوار، للمجلسي، 13/ 344، 16/ 354، 17/ 32، 26/ 268، 43/ 205، الجواهر السنية، للعاملي، 66، صحيفة الرضا، 152، 294
([33]) بحار الأنوار، للمجلسي، 13/ 344، 16/ 354، 26/ 268، تفسير أبي حمزة الثمالي، 177، مستدرك سفينة البحار، لعلي النمازي، 1/ 186، إثبات الهداة، للحر العاملي، 1/ 191
([34]) علل الشرائع، للصدوق، 2/ 417، عيون أخبار الرضا، للصدوق، 2/ 256، من لا يحضره الفقيه، للصدوق، 2/ 327، الجواهر السنية، للحر العاملي، 248، الفصول المهمة في أصول الأئمة، للحر العاملي، 1/ 407، بحار الأنوار، للمجلسي، 13/ 341، 26/ 275، 89/ 225، 247، 96/ 186، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 11/ 65، تفسير الإمام العسكري (عليه السلام)، 32
([35]) انظر، بحار الأنوار، للمجلسي، 8/ 118، سفينة البحار، لعلي النمازي، 6/ 612، الجواهر السنية، للعاملي، 113، إثبات الهداة، للحر العاملي، 1/ 171، 197
([36]) أمالي الصدوق، 164، بحار الأنوار، للمجلسي، 14/ 286، إثبات الهداة، 1/ 171، 197، وانظر روايات أخرى في تحريم دخول الأمم السابقة الجنة قبل أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في: بحار الأنوار، للمجلسي، 8/ 5، 16/ 326، 26/ 318، 27/ 129، 36/ 64، 39/ 214، 218، 45/ 403، تأويل الآيات، لشرف الدين الحسيني، 2/ 629، البرهان، لهاشم البحراني، 4/ 262، كشف الغمة، للأربلي، 1/ 321، مائة منقبة، لمحمد بن أحمد القمي، 82، مناقب آل أبي طالب، لابن شهر آشوب، 3/ 28، العقد النضيد والدر الفريد، لمحمد بن الحسن القمي، 81، المحتضر، لحسن بن سليمان الحلي، 174، تفسير فرات الكوفي، 456، تفسير جوامع الجامع، للطبرسي، 3/ 449، تفسير مجمع البيان، للطبرسي، 9/ 289، كشف الغمة، للإربلي، 1/ 328، كشف اليقين، للحلي، 385، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكتاب والسنة والتاريخ، لمحمد الريشهري، 8/ 150، غاية المرام، لهاشم البحراني، 4/ 239، 7/ 37، 52
([37]) مناقب آل أبي طالب، لابن شهر آشوب، 1/ 118، بحار الأنوار، للمجلسي، 13/ 401، 17/ 301، مستدرك سفينة البحار، لعلي النمازي، 1/ 186، قصص الأنبياء، للجزائري، 364
([38]) جامع الأخبار، 129، بحار الأنوار، للمجلسي، 72/ 48، مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 10/ 318، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 122/ 559
([39]) إثبات الهداة، للحر العاملي، 2/ 21، بحار الأنوار، للمجلسي، 28/ 261، الاحتجاج، للطبرسي، 1/ 106
([40]) نور الثقلين، للحويزي، 3/ 523، بحار الأنوار، للمجلسي، 14/ 286، 16/ 145، 52/ 181، أمالي الصدوق، 164، كمال الدين، للصدوق، 96، جوامع الجامع، للطبرسي، 2/ 574
([41]) أمالي الصدوق، 507، 508، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 509، روضة الواعظين، للنيسابوري، 74، مناقب آل أبي طالب، لابن شهر آسوب، 1/ 202، موسوعة أحاديث أهل البيت، لهادي النجفي، 9/ 145، 146، مجمع النورين، للمرندي، 70، موسوعة شهداء المعصومين، 1/ 81
([42]) روضة الواعظين، للنيسابوري، 299، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 444، 108/ 308
([43]) قرب الإسناد، للحميري، 84، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 444، 23/ 340، 90/ 290، التفسير الصافي، للكاشاني، 3/ 392، الأمثل، لمكارم الشيرازي، 10/ 409
([44]) انظر، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 450
([45]) انظر، حلية الأبرار، لهاشم البحراني، 1/ 31، 244، بحار الأنوار، للمجلسي، 10/ 28، 16/ 341، 351، 17/ 274، 108/ 127
([46]) مر تخريج الرواية
([47]) مر تخريج الرواية
([48]) بحار الأنوار، للمجلسي، 18/ 125، مستدرك سفينة البحار، لعلي النمازي، 2/ 254، إعلام الورى، للطبرسي، 1/ 95، إثبات الهداة، للحر العاملي، 1/ 365
([49]) انظر: بحار الأنوار، للمجلسي، 18/ 318، مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 1/ 250، تأويل الآيات، لشرف الدين الحسيني، 1/ 266، مستدرك سفينة البحار، للنمازي، 6/ 286، 266
([50]) الأمالي، للصدوق، 374، التحصين، لابن طاووس، 561، موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) لهادي النجفي، 1/ 280، بشارة المصطفى، لمحمد بن علي الطبري (الشيعي)، 65، فاطمة والمفضلات من النساء، لعبد اللطيف البغدادي، 175، غاية المرام، لهاشم البحراني، 1/ 85 في (الهامش)، 176، 7/ 40
([51]) تفسير الامام العسكري، ع، 390، بحار الأنوار، للمجلسي، 26/ 331، 94/ 109، مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 7/ 515، مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 7/ 515، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 9/ 406،
([52]) انظر، تفسير العسكري، 31، بحار الأنوار، للمجلسي، 13/ 341، 26/ 275، 92/ 224، 99/ 185، تأويل الآيات، لشرف الدين الحسيني، 1/ 418، البرهان، لهاشم البحراني، 3/ 228، تفسير نور الثقلين، للحويزي، 4/ 130، المحتضر، للحلي، 274
([53]) ميزان الحكمة، لمحمد الريشهري، 1/ 112، تفسير العياشي، 1/ 195، تفسير نور الثقلين، للحويزي، 1/ 383
([54]) مجمع البيان، للطبرسي، 1/ 810، الينابيع الفقهية، لعلي أصغر مرواريد، 9/ 134، حقائق التأويل، للشريف الرضي، 219، التبيان، للطوسي، 2/ 557، فقه القرآن، للقطب الراوندي، 1/ 360
([55]) دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، للمنتظري، 2/ 227، مجمع البيان، للطبرسي، 2/ 362
([56]) تفسير الميزان، 3/ 376
([57]) الأمالي، للصدوق، 484، الخصال، للصدوق، 342، كنز الفوائد، لأبو الفتح الكراجكي، 265، الأمالي، للطوسي، 440، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 305، 313، 34/ 331، 12/ 67، مستدرك سفينة البحار، للنمازي، 6/ 613، درر الأخبار، لحجازي، خسرو شاهي، 192، موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) لهادي النجفي، 6/ 321، تفسير نور الثقلين، للحويزي، للحويزي، 2/ 505
([58]) مجمع البيان، للطبرسي، 5/ 98
([59]) تفسير الميزان، 9/ 373
([60]) انظر هذه الروايات في: تحف العقول، لابن شعبة الحراني، 458، التعجب، لإبي الفتح الكراجكي، 65، الاحتجاج، للطبرسي، 2/ 251، بحار الأنوار، للمجلسي، 2/ 225، 5/ 20، 68، 108/ 64، مستدرك سفينة البحار، لعلي النمازي، 2/ 101، موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) لهادي النجفي، 2/ 348، تفسير الميزان، للطباطبائي، 6/ 19، أعيان الشيعة، لمحسن الأمين، 3/ 664، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكتاب والسنة والتاريخ، لمحمد الريشهري، 8/ 287، موسوعة المصطفى والعترة، (عليهم السلام)، للحاج حسين الشاكري، 14/ 209، غاية المرام، لهاشم البحراني، 2/ 21، 143، 366، مصباح الهداية في إثبات الولاية، لعلي البهبهاني، 316، الشيعة في الميزان، لمحمد جواد مغنية، 324، 428، هوية التشيع، لأحمد الوائلي، 148
([61])أعيان الشيعة، لمحسن الأمين، 1/ 471، بحار الأنوار، للمجلسي، 32/ 380، 33/ 78، مصباح البلاغة مستدرك نهج البلاغة، للميرجهاني، 4/ 27، كتاب الأربعين، للقمي، 164، الغدير، للأميني، 9/ 157، 10/ 298، نهج السعادة، للمحمودي، 4/ 93
([62]) نهج البلاغة، 2/ 7، بحار الأنوار، للمجلسي، 33/ 373، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكتاب والسنة والتاريخ، لمحمد الريشهري، 6/ 364
([63]) تفسير مجمع البيان، للطبرسي، 9/ 310، بحار الأنوار، للمجلسي، 17/ 348، تفسير نور الثقلين، للحويزي، 5/ 174، موسوعة التاريخ الإسلامي، لمحمد هادي اليوسفي، 1/ 499
([64]) الكافي، للكليني، 2/ 41، 42، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 308، 309، 66/ 8، 9، موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) لهادي النجفي، 1/ 503، تفسير نور الثقلين، للحويزي، للحويزي، 2/ 255، 5/ 205، 246
([65]) تفسير مجمع البيان، للطبرسي، 7/ 156، التفسير الصافي، للفيض الكاشاني، 3/ 381، تفسير نور الثقلين، للحويزي، 3/ 501، تفسير الميزان، للطباطبائي، 14/ 395، تأويل الآيات، لشرف الدين الحسيني، 1/ 338
([66]) مجمع البيان، للطبرسي، 9/ 270، الإرشاد، 34، إعلام الورى، 66، بحار الأنوار، للمجلسي، 21/ 94، 121، 125، 31/ 253، تفسير نور الثقلين، للحويزي، للحويزي، 5/ 301، تفسير فرات، 2/ 421، الإفصاح، للمفيد، 49، الأربعين، للشيرازي، 314، مواقف الشيعة، للميانجي، 2/ 255، نهج السعادة، للمحمودي، 5/ 220، تفسير الميزان، 19/ 236، الأمثل، لمكارم الشيرازي، 18/ 236، أعيان الشيعة، 1/ 113، 116
([67]) تفسير مجمع البيان، للطبرسي، 2/ 68
([68]) ديوان أمير المؤمنين (عليه السلام)، 107، مناقب آل أبي طالب، لابن شهر آشوب، 1/ 75، 2/ 331، بحار الأنوار، للمجلسي، 19/ 321، 41/ 94
([69]) انظرمثلاً مجمع البيان، للطبرسي، 3/ 122
([70]) انظر إشارة السبق، لأبي المجد الحلبي، 59
([71]) انظر، كتاب الغيبة، للنعماني، 64
([72]) الكافي، لأبي الصلاح الحلبي، 95
([73]) تقريب المعارف، لأبي الصلاح الحلبي، 179
([74]) المسائل العكبرية، للشيخ المفيد، 47
([75]) الأنوار اللامعة في شرح الزيارة الجامعة، شرح آل كاشف الغطاء، لعبد الله شبر، 114(الحاشية)
([76]) تهذيب الأحكام، للطوسي، 3/ 147، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 7/ 402، موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) لهادي النجفي، 8/ 30، تفسير نور الثقلين، للحويزي، للحويزي، 1/ 319، 2/ 281، تفسير كنز الدقائق، للمشهدي، 2/ 29، غاية المرام، لهاشم البحراني، 1/ 343، كشف المهم في طريق خبر غدير خم، لهاشم البحراني، 215
([77]) انظر، المراجعات، لشرف الدين، 69، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 1/ 40، أمان الأمة من الاختلاف، للطف الله الصافي، 186، مكاتيب الرسول، للأحمدي الميانجي، 1/ 573، مجموعة الرسائل، للطف الله الصافي، 2/ 74، نهج الحق وكشف الصدق، للحلي، 227هـ، نفحات الأزهار، لعلي الميلاني، 2/ 60
([78]) أمالي الطوسي، 387، بحار الأنوار، للمجلسي، 8/ 4، كنز جامع الفوائد، 345، البرهان، لهاشم البحراني، 4/ 202، مناقب آل أبي طالب، لابن شهر آشوب، 3/ 27، تفسير نور الثقلين، للحويزي، 5/ 79، 245، التحصين، لابن طاووس، 556، تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبين، لابن كرامة، 162، كشف اليقين، للحلي، 418، غاية المرام، للبحراني، 4/ 262، 7/ 45
([79]) بحار الأنوار، للمجلسي، 69/ 92، التفسير الصافي، للفيض الكاشاني، 5/ 45، 6/ 509، تفسير نور الثقلين، للحويزين، للحويزي، 1/ 99، 138، 708، 2/ 84، 5/ 77، تفسير كنز الدقائق، للميرزا محمد المشهدي، 1/ 369، تفسير الميزان، للطباطبائي، 1/ 334
([80]) مجمع البيان، للطبرسي، 5/ 176
([81]) مجمع البيان، للطبرسي، 5/ 167، بحار الأنوار، للمجلسي، 20/ 346، 365، 24/ 93، 36/ 55، 121، روضة الكافي، للكليني، 322، تأويل الآيات، لشرف الدين الحسيني، 2/ 595، البرهان، لهاشم البحراني، 4/ 196، مناقب آل أبي طالب، لابن شهر آشوب، 2/ 22، تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبين، لابن كرامة، 160
([82]) الإرشاد، 13، روضة الواعظين، للنيسابوري، 75، بحار الأنوار، للمجلسي، 38/ 243، 40/ 51، تفسير فرات، 2/ 421، كشف الغمة، للإربلي، 1/ 81، كشف اليقين، للحلي، 33
([83]) تفسير مجمع البيان، للطبرسي، 1/ 418، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 442، 23/ 334، التبيان، للطوسي، 2/ 7، مجلة تراثنا، لمؤسسة آل البيت، 11/ 28
([84]) كشف الغمة، للإربلي، 2/ 291، الفصول المهمة، لابن الصباغ، 2/ 864، الصوارم المهرقة، لنور الله التستري، 249، الشيعة في الميزان، لمحمد جواد مغنية، 293، الإمامة وأهل البيت، لمحمد بيومي مهران، 3/ 39
([85]) الصحيفة السجادية الكاملة، للإمام زين العابدين (عليه السلام)، 39، رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (عليه السلام) للسدي علي خان المدني الشيرازي، 2/ 81، الشيعة في الميزان، لمحمد جواد مغنية، 293، رسائل ومقالات، لجعفر السبحاني، 47، 427
([86]) الكافي، للكليني، 2/ 236، وسائل الشيعة، للحر العاملي، 1/ 65، الإرشاد، للمفيد، 1/ 237، الأمالي، للطوسي، 102، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 306، 64/ 302، 66/ 303، وقال في بيانه: جميع: أي، مجتمعون على الحق، لم يتفرقوا كتفرقكم
([87]) الكافي، للكليني، 2/ 236، وسائل الشيعة، للحر العاملي، 1/ 65، 87، الإرشاد، للمفيد، 1/ 237، الأمالي، للطوسي، 102، حلية الأبرار، للبحراني، 2/ 182، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 306، 64/ 302، 66/ 303، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 1/ 408
([88]) بحار الأنوار، للمجلسي، 32/ 429، 33/ 74 (الحاشية)، مصباح البلاغة، للميرجهاني، 4/ 25، نهج السعادة، للمحمودي، 4/ 218 (الحاشية)
([89]) نهج البلاغة، خطب الإمام علي (عليه السلام)، 3/ 17، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 284، 33/ 105، 106، 107، مستدرك سفينة البحار، لعلي النمازي، 1/ 228، 6/ 573، أعيان الشيعة، لمحسن الأمين، 1/ 509، الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، لجعفر مرتضى، 3/ 237، نفس الرحمن في فضائل سلمان، للنوري الطبرسي، 283 (الحاشية)
([90]) نهج البلاغة، 3/ 32، الاحتجاج، للطبرسي، 1/ 259، بحار الأنوار، للمجلسي، 33/ 58
([91]) نهج البلاغة، 1/ 234، الاختصاص، للمفيد، 156، بحار الأنوار، للمجلسي، 33/ 362، 40/ 112، 66/ 308، رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (عليه السلام) للشيرازي، 2/ 108، نفس الرحمن في فضائل سلمان، للنوري الطبرسي، 169
([92]) نهج البلاغة، 2/ 231، الغارات، للثقفي، 1/ 312، بحار الأنوار، للمجلسي، 33/ 323
([93]) نهج البلاغة، 1/ 104، الغارات، لإبراهيم الثقفي، 2/ 373 (الحاشية)، بحار الأنوار، للمجلسي، 32/ 549، موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) لهادي النجفي، 2/ 162
([94]) نهج البلاغة، خطب الإمام علي (عليه السلام)، 1/ 236، الاحتجاج، للطبرسي، 1/ 274، بحار الأنوار، للمجلسي، 33/ 369
([95]) بحار الأنوار، للمجلسي، 33/ 112، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكتاب والسنة والتاريخ، للريشهري، 6/ 25
([96]) الغارات، للثقفي، 1/ 177، نفس الرحمن في فضائل سلمان، للنوري الطبرسي، 210
([97]) الخصال، للصدوق، 640، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 305، حدائق الأنس، 200 مستدرك سفينة البحار، للشاهرودي، 6/ 173، خاتمة المستدرك، للنوري الطبرسي، 2/ 212
([98]) مصباح الشريعة، 67، خاتمة المستدرك، للنوري الطبرسي، 1/ 209 (الهامش)، تفسير نور الثقلين، للحويزي، 3/ 582، ميزان الحكمة، 3/ 2330
([99]) الأمالي، للطوسي، 502، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكتاب والسنة والتاريخ، لمحمد الريشهري، 5/ 50
([100]) الكافي، للكليني، 2/ 424، تحف العقول، لابن شعبة الحراني، 38، بحار الأنوار، للمجلسي، 6/ 42، 67/ 57، موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) لهادي النجفي، 9/ 182، ميزان الحكمة، للريشهري، 2/ 1173، تفسير العياشي، 1/ 109
([101]) رواه البخاري برقم، 6582 واللفظ له، ومسلم برقم، 2304
([102]) رواه البخاري برقم، 6585، ومسلم برقم 2290-2291
([103]) رواه البخاري برقم، 6593، ومسلم برقم، 2293
([104]) رواه البخاري برقم، 6576
([105]) رواه البخاري برقم، 6585
([106]) رواه البخاري برقم، 6587
([107]) رواه البخاري برقم، 6586
([108]) المقالات والفرق، لسعد القمي، 4
([109]) رسائل المرتضى، 3/ 21 (الهامش) نهج البلاغة، 3/ 119، الغارات، للثقفي، 1/ 305 (الهامش)، بحار الأنوار، للمجلسي، 28/ 186 هامش، موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام)، 5/ 102، 11/ 6 ميزان الحكمة، للريشهري، 1/ 132
([110]) بحار الأنوار، للمجلسي، 30/ 12، 33/ 568 جواهر التاريخ، لعلي الكوراني، 1/ 412، نهج السعادة، للمحمودي، 5/ 210
([111]) أصل الشيعة وأصولها، لمحمد كاشف الغطا، 193
([112]) أحمد في المسند برقم، 5885، أخرجه الترمذي برقم (3537)، وقال: "هذا حديث حسن غريب"، الحديث أيضا أخرجه ابن ماجة (4253) في "سننه"، لكنه رواه من حديث عبد الله بن عمرو، وهو وهم نبه عليه غير واحد من الحفاظ، والصواب: عبد الله بن عمر، كما عند الترمذي والإمام أحمد.
([113]) مصباح الشريعة، 20، بحار الأنوار، للمجلسي، 68/ 284، 71/ 284، مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 9/ 21، جامع السعادات، للنراقي، 2/ 267
([114]) أمالي الصدوق، 189، بحار الأنوار، للمجلسي، 67/ 173، 311، 70/ 173، 311، 73/ 164، 300، الخصال، للصدوق، 79، روضة الواعظين، للنيسابوري، 433، وسائل الشيعة، للحر العاملي، 2/ 438، 16/ 16، 2/ 651، 11/ 315
([115]) نور الثقلين، 4/ 407، بحار الأنوار، للمجلسي، 55/ 276، 58/ 276، خلاصة عقبات الأنوار، لحامد النقوي، 3/ 182، نفحات الأزهار، للميلاني، 3/ 170
([116]) صحيفة الرضا (عليه السلام) مؤسسة الإمام المهدي (عليه السلام)، 299، بحار الأنوار، للمجلسي، 76/ 222 (الهامش)، قاموس الرجال، للتستري، 9/ 512، معارج اليقين في أصول الدين، للسبزواري، 456، 456، جواهر الكلام، للجواهري، 41/ 437، در المنضود، للگلپايگاني، 2/ 257، فقه الصادق (عليه السلام) لمحمد صادق الروحاني، 25/ 476 (الهامش)، مسند زيد بن علي، 464، 495، وسائل الشيعة، للحر العاملي، 28/ 213، مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 18/ 172، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 25/ 495، 26/ 73، حياة الإمام الرضا (عليه السلام)، لباقر شريف القرشي، 1/ 248
([117]) أمالي الطوسي، 332، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 306، 42/ 249، 75/ 100، مستدرك سفينة البحار، للشاهرودي، 6/ 174، من لا يحضره الفقيه، للصدوق، 4/ 191، تهذيب الأحكام، للطوسي، 9/ 177، كتاب سليم بن قيس، 446، مقاتل الطالبيين، للأصفهانى، 24، الكافي، للكليني، 7/ 52، تحف العقول، لابن شعبة الحراني، 199، كشف الغمة، لابن أبي الفتح الإربلي، 2/ 59
([118]) قرب الإسناد، للحميري القمي، 93، بحار الأنوار، للمجلسي، 32/ 324، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 13/ 93
([119]) قرب الاسناد، للحميري القمي، 94، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، للمنتظري، 2/ 806، نظام الحكم في الإسلام، للمنتظري، 409، وسائل الشيعة، للحر العاملي، 15/ 83، بحار الأنوار، للمجلسي، 32/ 324، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 13/ 93
([120]) نهج البلاغة، 2/ 86، بحار الأنوار، للمجلسي، 34/ 249، ميزان الحكمة، للريشهري، 3/ 2109، موسوعة الإمام علي في الكتاب والسنة والتاريخ، للريشهري، 7/ 185
([121]) نهج البلاغة، 1/ 236، الاحتجاج، للطبرسي، 1/ 274، بحار الأنوار، للمجلسي، 33/ 369، الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة، للحر العاملي، 45
([122]) نهج البلاغة، 2/ 185، بحار الأنوار، للمجلسي، 32/ 561، موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) لهادي النجفي، 5/ 27، 8/ 213، ميزان الحكمة، لمحمد الريشهري، 2/ 1236، سنن الإمام علي (عليه السلام) للجنة الحديث معهد باقر العلوم (عليه السلام)/ 206، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكتاب والسنة والتاريخ، للريشهري، 9/ 318، موسوعة المصطفى والعترة (عليهم السلام) للحاج حسين الشاكري، 10/ 223
([123]) النوادر، لفضل الله الراوندي، 163، بحار الأنوار، للمجلسي، 44/ 123، 85/ 92، مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 6/ 456، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 6/ 415، درر الأخبار، لحجازي خسرو شاهي، 604
([124]) موسوعة كلمات الإمام الحسين (عليه السلام)، للجنة الحديث في معهد باقر العلوم (عليه السلام)، 817، مجلة تراثنا، لمؤسسة آل البيت، 10/ 148
([125]) السرائر، لابن إدريس الحلي، 2/ 18، تذكرة الفقهاء، للعلامة الحلي، 9/ 425، مختلف الشيعة، للعلامة الحلي، 4/ 453، جواهر الكلام، للجواهري، 21/ 336، قرب الإسناد، للحميري القمي، 132، علل الشرائع، للصدوق، 2/ 603، تهذيب الأحكام، للطوسي، 6/ 155، وسائل الشيعة، للحر العاملي، 15/ 78، بحار الأنوار، للمجلسي، 33/ 441، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 13/ 102
([126]) نهج البلاغة، 114، بحار الأنوار، للمجلسي، 33/ 307
([127]) الأمالي، للطوسي، 269، بحار الأنوار، للمجلسي، 31/ 505، حياة أمير المؤمنين (عليه السلام) عن لسانه، لمحمد محمديان، 3/ 377
([128]) مروج الذهب، للمسعودي، 1/ 441
([129]) شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد، 10/ 256
([130]) شرح نهج البلاغة، لميثم البحراني، 4/ 354
([131]) نهج البلاغة، 2/ 233، بحار الأنوار، للمجلسي، 31/ 268 (الهامش)، شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد، 13/ 296 وقال في شرحه، ويحتمل أنه يريد، لقد دفعت عنه حتى كدت أن ألقي نفسي في الهلكة، وأن يقتلني الناس الذين ثاروا به، فخفت الإثم في تغريري بنفسي وتوريطها في تلك الورطة العظيمة ويحتمل أنه يريد، لقد جاهدت الناس دونه ودفعتهم عنه، حتى خشيت أن أكون آثماً بما نلت منهم من الضرب بالسوط، والدفع باليد، والإعانة بالقول أي فعلت من ذلك أكثر مما يحب أعيان الشيعة، لمحسن الأمين، 1/ 443، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكتاب والسنة والتاريخ، للريشهري، 3/ 261، 264، موسوعة شهادة المعصومين (عليه السلام) للجنة الحديث في معهد باقر العلوم، ع، 1/ 323
([132]) دلائل الإمامة، لابن جرير الطبري (الشيعي)، 168، مدينة المعاجز، لهاشم البحراني، 3/ 235، الدر النظيم، لابن حاتم العاملي، 503، موسوعة كلمات الإمام الحسن (عليه السلام) للجنة الحديث في معهد باقر العلوم، ع، 51
([133]) بحار الأنوار، للمجلسي، 33/ 347، شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد، 2/ 271
([134]) معاني الأخبار، للصدوق، 50، بحار الأنوار، للمجلسي، 2/ 220، 22/ 307، الاحتجاج، للطبرسي، 2/ 259
([135]) نوادر الراوندي، 23، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 309، خلاصة عقبات الأنوار، 1/ 80، 3/ 168، دراسات في الحديث والمحدثين، لهاشم معروف، 78، إحقاق الحق، للتستري، 267، نفحات الأزهار، للميلاني، 1/ 80، 3/ 157، 12/ 68
([136]) بحار الأنوار، للمجلسي، 44/ 65، الفصول المهمة في معرفة الأئمة، لابن الصباغ، 2/ 729 (الحاشية) جواهر التاريخ، للكوراني، 3/ 55، 69، 89، صلح الحسن، لشرف الدين، 259، شرح إحقاق الحق، 33/ 532، موسوعة كلمات الحسن، 133، أعيان الشيعة، لمحسن الأمين، 1/ 570، كشف الغمة، لابن أبي الفتح الإربلي، 2/ 193، الخصائص الفاطمية، لمحمد باقر الكجوري، 2/ 578، الأئمة الإثني عشر، لجعفر السبحاني، 61، أضواء على عقائد الشيعة الإمامية، لجعفر السبحاني، 146، الروائع المختارة من خطب الإمام الحسن (عليه السلام)، لمصطفى الموسوي، 103 وغيرها كثير.
([137]) الاحتجاج، للطبرسي، 2/ 10، معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام) لعلي الكوراني، 3/ 166، الخصائص الفاطمية، لمحمد باقر الكجوري، 2/ 575، موسوعة شهادة المعصومين (عليه السلام) للجنة الحديث في معهد باقر العلوم، ع، 1/ 411، موسوعة كلمات الإمام الحسن (عليه السلام) للجنة الحديث في معهد باقر العلوم، ع، 129، بحار الأنوار، للمجلسي، 44/ 20، الانتصار، للعاملي، 9/ 234
([138]) وسائل الشيعة، للحر العاملي، 6/ 215، الكافي، للكليني، 2/ 617، شرح أصول الكافي، للمازندراني، 11/ 53، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 15/ 52، موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) لهادي النجفي، / 4/ 273، 9/ 113، التفسير الصافي، 1/ 70
([139]) الأمالي، للطوسي، 696، بحار الأنوار، للمجلسي، 87/ 22، كتاب الصلاة، تقرير بحث المحقق الداماد، لمؤمن، 99 (الحاشية) وسائل الشيعة، للحر العاملي، 7/ 329، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 6/ 84، 179
([140]) الكافي، للكليني، 8/ 325، شرح أصول الكافي، للمازندراني، 12/ 451، بحار الأنوار، للمجلسي، 20/ 367، تفسير نور الثقلين، للحويزي، 5/ 67
([141]) مكارم الأخلاق، 16، بحار الأنوار، للمجلسي، 16/ 229، 70/ 207، موسوعة أحاديث أهل البيت، 1/ 136، منية المريد، للشهيد الثاني، 209، جامع السعادات، للنراقي، 1/ 310
([142]) مكارم الأخلاق، 16، بحار الأنوار، للمجلسي، 16/ 229، 70/ 207، موسوعة أحاديث أهل البيت، 1/ 136، منية المريد، للشهيد الثاني، 209 مكاتيب الرسول، للمياجي، 1/ 422
([143]) التفسير الصافي، 5/ 48، 6/ 514، 8/ 48، 6/ 514، تفسير نور الثقلين، للحويزي، 5/ 80، تفسير جوامع الجامع، 3/ 399
([144]) بحار الأنوار، للمجلسي، 17/ 33، عيون أخبار الرضا، للصدوق، 1/ 74، مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 2/ 214، مستدرك سفينة البحار، لعلي النمازي، 1/ 420، مسند الإمام الرضا، 2/ 495
([145]) المحاسن، للبرقي، 1/ 125، (الهامش)، عيون أخبار الرضا، للصدوق، 2/ 284، معاني الأخبار، للصدوق، 83، مكارم الأخلاق، للطبرسي، 15، الأربعون حديثاً، للشهيد الأول، 53، حلية الأبرار، للبحراني، 1/ 177، بحار الأنوار، للمجلسي، 16/ 153، 17/ 32، 36/ 144، 45/ 75، 46/ 71، 47/ 99، 88/ 208، سنن النبي، للطباطبائي، 105، موسوعة أحاديث أهل البيت، 1/ 135، موسوعة كلمات الحسين، 687
([146]) بحار الأنوار، للمجلسي، 17/ 37، الرواشح السماوية، لميرداماد، 263، 318
([147]) شرح أصول الكافي، للمازندراني، 12/ 454، بحار الأنوار، للمجلسي، 17/ 32، في ظل أصول الإسلام، للسبحاني، 193
([148]) بحار الأنوار، للمجلسي، 17/ 32، 20/ 332، 343، شرح الشفاء، 1/ 67، مجمع البيان، للطبرسي، 9/ 117، مناقب آل أبي طالب، لابن شهر آشوب، 1/ 203، حلية الأبرار، 1/ 317، معالم المدرستين، لمرتضى العسكري، 1/ 35
([149]) بحار الأنوار، للمجلسي، 20/ 152، مستدركات علم رجال الحديث، للنمازي، 3/ 471
([150]) تفسير الإمام العسكري (عليه السلام)، المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام)، 370، بحار الأنوار، للمجلسي، 27/ 100
([151]) أنظر هذه الروايات في: تذكرة الفقهاء، للحلي، 4/ 76، الكافي، للكليني، 8/ 80، مناقب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، لمحمد بن سليمان الكوفي، 2/ 477، الأمالي، للطوسي، 116، 312، 632، بحار الأنوار، للمجلسي، 27/ 105، 122، 137، 65/ 63، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 16/ 210، ميزان الحكمة، لمحمد الريشهري، 1/ 521، تفسير فرات الكوفي، لفرات بن إبراهيم الكوفي، 430، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، لناصر مكارم الشيرازي، 15/ 504، 19/ 106، معجم رجال الحديث، للخوئي، 8/ 310، كشف الغمة، لابن أبي الفتح الإربلي، 2/ 39، أهل البيت في الكتاب والسنة، لمحمد الريشهري، 428، 449، الإثنا عشرية، للحر العاملي، 154، 304 وغيرها
([152]) الخرائج والجرائح، لقطب الدين الراوندي، 1/ 39، مناقب آل أبي طالب، لابن شهر آشوب، 1/ 86، مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 14/ 246، بحار الأنوار، للمجلسي، 17/ 408، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 20/ 244، مستدرك سفينة البحار، لعلي النمازي، 4/ 464
([153]) الخرائج والجرائح، لقطب الدين الراوندي، 2/ 495، مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 4/ 480، 14/ 246، بحار الأنوار، للمجلسي، 17/ 399، 23/ 241، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 5/ 288، مستدرك سفينة البحار، لعلي النمازي، 4/ 464، تفسير فرات الكوفي، لفرات بن إبراهيم الكوفي، 388
([154]) مكارم الأخلاق، للطبرسي، 21، بحار الأنوار، للمجلسي، 16/ 236، سنن النبي، للطباطبائي، 128، موسوعة أحاديث أهل البيت، 1/ 138، الأمثل، لمكارم الشيرازي، 18/ 537
([155]) مكارم الأخلاق، 17، بحار الأنوار، للمجلسي، 16/ 233، دراسات في ولاية الفقيه، 2/ 792، سنن النبي، للطباطبائي، 122، موسوعة أحاديث أهل البيت، 1/ 139، ميزان الحكمة، للريشهري، 1/ 50، 4/ 3224، تفسير الميزان، 6/ 314
([156]) مناقب آل أبي طالب، لابن شهر آشوب، 1/ 185، بحار الأنوار، للمجلسي، 19/ 124، 20/ 218، 238، 22/ 354، تفسير نور الثقلين، للحويزي، 4/ 244، القمي، 2/ 153، الخرائج والجرائح، للراوندي، 3/ 1048، تفسير الصافي، للكاشاني، 4/ 171، 6/ 21
([157]) الأمالي، للطوسي، 268، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 311، جواهر التاريخ، لعلي الكوراني، 2/ 16، 96، الصحابة في القرآن والسنة والتاريخ، لمركز الرسالة، 62
([158]) بحار الأنوار، للمجلسي، 9/ 211، 19/ 37، تفسير القمي، لعلي بن إبراهيم القمي، 1/ 277، التفسير الصافي، للفيض الكاشاني، 2/ 298، تفسير نور الثقلين، للحويزي، 2/ 150
([159]) الأمالي، للطوسي، 207، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 455
([160]) البصائر، للصفار، 464، تفسير العياشي، 2/ 54، بحار الأنوار، للمجلسي، 23/ 338، أمالي الطوسي، 408، تفسير القمي، 1/ 276، معاني الأخبار، للصدوق، 113، وسائل الشيعة، آل البيت، 16/ 111، وسائل الشيعة، الإسلامية، 11/ 389، ينابيع المعاجز، للبحراني، 106، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 13/ 303
([161]) بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 550، 27/ 299، 108/ 398، درر الأخبار، لخسروشاهي، 196
([162]) بصائر الدرجات، لمحمد بن الحسن الصفار، 465، بحار الأنوار، للمجلسي، 23/ 34
([163]) النوادر، لفضل الله الراوندي، 123، بحار الأنوار، للمجلسي، 27/ 133، وقد حذفت بعض المصادر كلمة "أصحابي" أنظر، الجعفريات، 182 بإسناده عن آبائه (عليهم السلام) عنه صلى الله عليه وآله، وليس فيه، ولأصحابي، فضائل الشيعة، 48/ 3 عن إسماعيل بن مسلم الشعيري عن الإمام الصادق عن أبيه عليهما السلام عنه صلى الله عليه وآله وليس فيهما، ولأصحابي، الغايات، 231 عن الإمام الصادق عن آبائه (عليهم السلام) عنه صلى الله عليه وآله وفيه، أشدكم حبا، لي ولأهل بيتي
([164]) شرح إحقاق الحق، للتستري، 6/ 187، 223/ 205، المسترشد، للطبري الشيعي، 353 (الحاشية) أهمية الحديث عند الشيعة، للعراقي، 168
([165]) تفسير القمي، لعلي بن إبراهيم القمي، 2/ 10، بحار الأنوار، للمجلسي، 8/ 123، تفسير الميزان، للطباطبائي، 13/ 14
([166]) بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 312، مناقب آل أب طالب، لابن شهرآشوب، 3/ 112
([167]) الأمالي، للطوسي، 391، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 307، درر الأخبار، لحجازي خسرو شاهي، 192
([168]) بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 312، نفسير نور الثقلين، 5/ 80، تفسير مجمع البيان، للطبرسي، 9/ 217، تفسير الميزان، 18/ 317
([169]) الإرشاد، 75، إعلام الورى، 126، بحار الأنوار، للمجلسي، 21/ 159، 172، مستدرك سفينة البحار، للنمازي، 10/ 70، أعيان الشيعة، لمحسن الأمين، 1/ 281، كشف الغمة، للإربلي، 1/ 224، الاحتجاج، للطبرسي، 1/ 90، 211
([170]) مجمع البيان، للطبرسي، 5/ 19، بحار الأنوار، للمجلسي، 21/ 162، 22/ 137، التفسير الكاشف، 7/ 290، تفسير الميزان، للطباطبائي، 9/ 233، الأعلام من الصحابة والتابعين، للحاج حسين الشاكري، 11/ 25
([171]) الكافي، للكليني، 4/ 21، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 129، أمالي الطوسي، 675، منتهى المطلب، للحلي، 1/ 544، من لا يحضره الفقيه، للصدوق، 2/ 71، وسائل الشيعة، آل البيت، 9/ 440، وسائل الشيعة، الإسلامية، 6/ 307، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 8/ 450، موسوعة أحاديث أهل البيت، 8/ 340
([172]) الأمالي، للطوسي، 664، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 142، 82/ 164، 93/ 157، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 5/ 227، ميزان الحكمة، لمحمد الريشهري، 2/ 1253، السجود مفهومه وآدابه والتربة الحسينية، لمركز الرسالة، 31، مستدرك الوسائل، للنوري الطبرسي، 4/ 471
([173]) تفسير القمي، 2/ 169، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 196، 211، الكافي، للكليني، 4/ 79، تفسير نور الثقلين، للحويزي، 4/ 292، 293، تفسير الصافي، 4/ 196، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 20/ 130، التفسير الصافي، 4/ 196، 6/ 56، تفسير الميزان، 16/ 342
([174]) منتهى المطلب، للحلي، 1/ 44، وسائل الشيعة، للحر العاملي، 1/ 250، بحار الأنوار، للمجلسي، 80/ 344
([175]) أمالي المفيد، 28، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 475، 28/ 177، غاية المرام، للبحراني، 2/ 366
([176]) الأمالي، للطوسي، 479، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 476، 38/ 118، 89/ 80، خلاصة عبقات الأنوار، لحامد النقوي، 1/ 163، 7/ 210، جامع أحاديث الشيعة، للبروجردي، 1/ 35، 78، 212، كشف الغمة، لابن أبي الفتح الإربلي، 2/ 35، موسوعة المصطفى والعترة، (عليهم السلام)، للحاج حسين الشاكري، 13/ 353، موسوعة شهادة المعصومين (عليه السلام)، للجنة الحديث في معهد باقر العلوم (عليه السلام)، 1/ 75، كتاب الولاية، لابن عقدة الكوفي، 242، غاية المرام، لهاشم البحراني، 1/ 254، 2/ 359، 5/ 288
([177]) الأمالي، للطوسي، 600، بحار الأنوار، للمجلسي، 22/ 500، موسوعة شهادة المعصومين (عليه السلام)، للجنة الحديث في معهد باقر العلوم (عليه السلام)، 1/ 48، غاية المرام، لهاشم البحراني، 1/ 256، 2/ 231، 6/ 158
([178]) كتاب سليم بن قيس، تحقيق محمد باقر الأنصاري، 144، الاحتجاج، للطبرسي، 1/ 106، الحدائق الناضرة، ليوسف البحراني، 10/ 451، جواهر ال