سمعنا الكثير عن "مظلومية" الشيعة في زمن حكم حزب البعث العربي الاشتراكي وعدم مساواتهم مع بقية أطياف الشعب العراقي، وهي في الحقيقة أكاذيب مفبركة كجزء من برامج التأثير الإعلامي والنفسي على المواطن العراقي التي خططت لها جهات الإعلام والحرب النفسية الأميركية من اجل تثبيت مرتكزات مشروعها الاحتلالي في العراق.
وبدلا من الخوض في الكثير من تفاصيل هذا المخطط الخبيث وأهدافه، سنجعل الإجابة والرد على هذه الأكاذيب بشكل مختصر وابتدائها بنفسي. فأنا من بيئة شيعية (أقصد بذلك أن والدي ينحدر من عائلة شيعة) وعملت موظفا في الدولة العراقية وقريبا من مصدر القرار بل ومشاركا في صنعه في الشأن الاقتصادي والإداري للدولة، ولم يسألني أحد يوما ما هي الطائفة التي انتمي إليها أو من أي مذهب أنا، ولم أسمع مثل هكذا تساؤل أو تمييز بين الذين عملت بمعيتهم بمسؤوليات ومهام أعلى أو أدنى، مع الإشارة إلى أن من بين زملائي من تولى مسؤولية وزارية أو قيادية متقدمة، ولم أسمع يوما تساؤلا عن انتمائهم الطائفي.
وعندما كنا نكلف بتقييم ترشيح موظفا لمسؤولية متقدمة في الدولة العراقية لم يخطر ببال أحد التساؤل عما هو انتمائه المذهبي أو الطائفي، كما يحلوا لمروجي أكاذيب المشروع الاحتلالي.
واليوم تضطرنا أكاذيب المحتلين وعملائهم التي يحاولون من خلالها خداع الناس لأجل ضرب وحدة الشعب العراقي، إلى إثبات حقائق عن طبيعة كوادر الدولة العراقية وأصل انتماءاتها لدحض هذه الأكاذيب وليس لتكريسها أو من باب الدفاع عن النظام السياسي كما قد يحلوا للبعض أن يحرف الأمور طبقا لمنهج الكذب والتضليل الذي يروجون له، وإنما إثباتا للحق وإظهار للحقيقة. لذا لا بد من إدراج هذه الحقائق وهي غيض من فيض:
* في زمن البعث عين الفريق أول الركن سعدي طعمة الجبوري وزيرا للدفاع.
* تعيين أول رئيس أركان للجيش العراقي من الشيعة تم في زمن البعث هو الفريق الركن عبد الواحد شنان آل رباط.
* أطول مدة قضاها في المنصب كوزير خارجية للعراق كان من الشيعة، وقد تم ذلك في زمن البعث وهو الدكتور سعدون حمادي، ثم تولى الوزارة طيلة التسعينات محمد سعيد الصحاف، وهو شيعي أيضاً.
* أطول مدة قضاها في المنصب كوزير نفط في زمن البعث في العراق كان من الشيعة وهو الدكتور سعدون حمادي.
* أكثر فترة تولى فيها الشيعة منصب محافظ البنك المركزي العراقي كان ذلك في زمن البعث وهم الدكتور عبد الحسن زلزلة و طارق التكمه جي وهذا ما لم يحصل في أي عهد سابق.
* لأول مرة في تاريخ دولة العراق يتولى فيها شخص شيعي منصب مدير الأمن العام وهي في زمن البعث وكان ذلك الشخص هو ناظم كزار وكان معاونه هو علي رضا باوة (شيعي فيلي).
* المسؤول الأول عن التحقيقات الجنائية للمنتمين إلى "حزب الدعوة" الذين مارسوا العمالة إلى ايران والقيام بتفجيرات في داخل العراق في الثمانينات والتسعينيات والذي استطاع إنهاء الدور التخريبي لهذا الحزب، كان من الشيعة، وهو عقيد الأمن علي الخاقاني، وهو من أهالي النجف، وهذا ما لا يستطيع إنكاره أحد بمن فيهم حسين الشهرستاني.
* تولى رئاسة محمكة الثورة التي اختصت بالنظر في قضايا التآمر، شيعيان هما هادي علي وتوت ومسلم الجبوري.
* في زمن البعث تناوب اثنان من الشيعة على رئاسة الوزارة هما الدكتور سعدون حمادي ومحمد حمزة الزبيدي.
* أطول فترة قضاها رئيسا للمجلس الوطني العراقي كان من الشيعة وهو الدكتور سعدون حمادي.
* شركة النفط الوطنية المسؤولة عن إنتاج وتصدير النفط العراقي ترأسها ثلاثة من الشيعة ولأطول مدة وهم عبد الامير الانباري وفاضل الجلبي (ابن عم احمد الجلبي) ورمزي سلمان الذي تولى رأستها عندما تمت تسميتها لاحقا بهيئة تسويق النفط (سومو).
* أكثر من 60 بالمائة من المدراء العامين في هيئة التصنيع العسكري كانوا من الشيعة وأكثر من سبعين في المائة من الكادر الهندسي والفني المتقدم فيها هم من الشيعة.
* معظم خبراء وعلماء منظمة الطاقة الذرية كانوا من الشيعة من بينهم جعفر ضياء جعفر وحسين اسماعيل البهادلي وحسين الشهرستاني.
* نائب رئيس هيئة التصنيع العسكري للشؤون الفنية هو الدكتور نزار القصير وهو أهم شخص في هذه الهيئة كونه المسؤول عن كل مشاريع تطوير الانتاج فيها، وكان من الشيعة أيضاً.
* أكثر من ستين بالمائة من المدراء العاميين في الدولة العراقية وكوادرها الفنية والتقنية والعلمية الذين يشغلون المناصب والمسؤوليات المتقدمة فيها هم من الشيعة.
* أطول فترة قضى فيها شخص عراقي في منصب مدير عام في الدولة العراقية منذ تأسيها وحتى الغزو كان من الشيعة هو مدحت الهاشمي مدير عام الشركة العامة للسيارات.
* جميع المدراء العاميين لدوائر التربية في المحافظات العراقية في وسط وجنوب العراق كانوا من الشيعة طيلة فترة حكم البعث.
* إن أكثر من ستين بالمائة من البعثيين هم من الشيعة وكان الكادر الوسطي في البعث يتألف من أكثر من سبعين بالمائة من الشيعة وهم أساس بنية الحزب التنظيمية والتكوينية وهم من تولى العمل الجماهيري والتنظيمي فيه.
* إبان الحرب العراقية - الايرانية كان قائد صنف المدفعية هو اللواء الركن حامد الورد - شيعي، وقائد صنف الدروع هو اللواء الركن صبيح عمران الطرفة - شيعي، وأمين السر العام لوزارة الدفاع (أي الشخص الثاني بعد وزير الدفاع) هو اللواء الركن سعدون شكارة المالكي، شيعي، ثم لاحقا اللواء الركن جياد الامارة - شيعي، وقائد الفيلق الثالث هو الفريق الركن سعدي طعمة الجبوري، شيعي، ومدير دائرة التوجية السياسي عبد الجبار محسن اللامي، شيعي، وقائد قوات الحدود هو الفريق الركن علي الشلال، ناهيك عن عدد كبير من قادة الفيالق وأمراء الألوية وكبار ضبط الجيش والمستشارين العسكريين هم من الشيعة.
* المندوبين الدائمين للعراق في الأمم المتحدة خلال حكم البعث كان عددهم عشرة أشخاص توالوا على هذا المنصب منهم أربعة شيعه هم:
1 - طالب شبيب..
2 – عبد الأمير الانباري وهو قد أمضى أطول مدة في المنصب وتولاه مرتين.
3 - محمد صادق المشاط.
4 - سعيد الموسوي.
كما تولى المنصب شخص واحد كردي هو عصمت كتاني، وكذلك شخص واحد فيلي هو عبد الكريم الشيخلي. اما السنة الذين تولوا هذا المنصب فهم:
1 - عدنان الباجه جي.
2 - صلاح عمر العلي.
3 - نزار حمدون.
4 - محمد الدوري.
* مندوبي العراق في اليونسكو هما اثنان من الشيعة:
1 - عزيز حاج قلي شيعي فيلي.
2 - عبد الأمير الانباري شيعي.
* آخر رئيس تحرير لجريدة (الثورة) الناطقة بحزب البعث هو سامي مهدي، شيعي.
* المستشار الإعلامي للرئيس صدام حسن، شيعي وهو عبد الجبار محسن.
* مستشار الرئيس صدام للشؤون الحزبية شيعي وهو محسن راضي سلمان.
* مرافق الرئيس صدام طيلة فترة السبعينات والثمانينيات وحتى بداية التسعينيات هو صباح مرزة محمود وهو كردي فيلي وشيعي.
* كما شغل منصب سكرتير الرئيس للشؤون الصحفية صباح سلمان وهو شيعي أيضا.
* كانت أسس الترشيح لمنصب المدير العام أو للدرجة الخاصة (رئيس مؤسسة أو هيئة أو وكيل وزارة أو سفير أو وزير) في الدولة العراقية تتم على أساس الكفاءة والاختصاص أولا والولاء للعراق ثانيا وحسن السيرة والسلوك ثالثا ثم العمل على تحقيق مباديء السابع عشر من تموز، تلك المباديء التي لا يشوبها شائبة من أجل خدمة العراق وتقدمه ورقيه.
* جميع المطربين والملحنين وشعراء الأغنية الذين تغنوا للبعث وبحب القائد في زمن البعث كانوا من الشيعة.
* جميع الشعراء الشعبيين الذين كتبوا قصائدا للبعث وللقائد في زمن البعث كانوا من الشيعة.
ومن مفارقات الزمن ومهازله أن البعثيين الذين انقلبوا على البعث وارتضوا الارتماء في أحضان أجهزة المخابرات الأميركية وتعاونوا معها على العدوان على العراق وعلى احتلاله كانوا من الشيعة وهم من يتباكون اليوم على اضطهاد الشيعة في زمن البعث كما يدعون، ولكن هؤلاء لا يمثلون أبناء العراق الاصطلاء سواء كانوا من شيعة أم من انتماء آخر، وإنما هم مجرد حفنة من الحثالات والعملاء المأجورين المروجين لمشروع الاحتلال لغايات دنيئة، ومنهم على سبيل المثال:
* اياد علاوي، شيعي - عضو شعبة.
* طاهر البكاء، شيعي - عضو شعبة.
* راسم العوادي، شيعي - عضو فرع.
* حازم الشعلان، شيعي - عضو قاعدة.
* داود البصري، شيعي، يكتب في الصحافة، كان نصير متقدم في منظمة السفارة العراقية في الكويت.
* زهير كاظم عبود، شيعي - عضو فرقة.
* منذر الفضل، شيعي - عضو فرقة.
* العميد توفيق الياسري، شيعي - عضو شعبة.
* فالح حسون الدراجي، شيعي - مؤلف أغاني، عضو عامل.
* هاشم العقابي، شاعر، شيعي - عضو عامل في تنظيمات فرع صدام.
* حسن العلوي، صحفي، شيعي - عضو فرقة.
* عبد الكريم المحمداوي، رئيس عرفاء هارب من الخدمة في الجيش العراقي، شيعي، نصير متقدم في تنظيمات شعبة الرافدين العسكرية فرع ذي قار العسكري.
وقبل أن أنهي هذه المشاركة البسيطة لا بد من أن ذكر بعض الأشياء التي ربما هي خافية عن البعض:
أولا: الدكتور عدنان عزيز جابرو الذي كان مدير عام في الدولة، هو رجل مسيحي ورشح لمسؤليات وزارية أكثر من مرة وكان يرفضها بشدة لأنه متمسك في الموقع الذي كان يخدم فيه المواطنين وكان أجرأ شخص عرفته في حياتي في الصراحة والمواجهة مع كل أعضاء القيادة والمسؤولين وهو لم يكن بعثيا ولم يكن يتجاوز طوله كشخص مترا واحدا.
ثانيا: الدكتور اوميد مدحت مبارك، هو رجل كردي ومستقل، لجهة الانتماء السياسي وكان عضوا في المجلس الوطني ولكونه طبيباً فقد كان أحد أعضاء لجنة الشوؤن الاجتماعية والصحية فيه والتي من مهامها تقييم أعمال وزارة الصحة وخدماتها. وقد تحدث في إحدى جلسات المجلس في هذا الإطار بجرأة وانتقد الوزير عن ضعف خدمات الوزارة الذي كان على رأسها في حينها الدكتور صادق حميد علوش عضو قيادة المكتب المركزي لحزب البعث العربي الاشتراكي وأحد قدامى البعثيين، حيث تمت إقالته بعد تلك الانتقادات التي وجهها الدكتور اوميد مدحت له، وصدر قرار بتعيين الدكتور اوميد مدحت مستشارا في الرئاسة ثم وزيرا للصحة لاحقا. ولا أدري أية مظلومية يمكن أن تتحدث بها أية جهة، اللّهم إلا عملاء الاحتلال والمندمجين مع مشروعه.
ثالثا: لأول مرة في تاريخ الدولة العراقية يكون محافظ البنك المركزي العراقي من الإخوة المسيحيين هو السيد صبحي فرنكول وكان ذلك إبان حكم حزب البعث والذي كان يحظى باحترام غير تقليدي على كل من تولوا هذا المنصب لمهنيته العالية وخبرته الكبيرة حتى أنه تم تجديد خدمته رغم تجاوزه السن القانونية ورغبته الدائمة في اعتزال العمل، وكان معاوني المحافظ في تلك الفترة هما عاصم محمد صالح "شيعي" واسامة الجلبي، شيعي (وهو ابن عم احمد الجلبي)!.
رابعا: أسوة بالمدراء العامين والوزراء وكبار المسؤولين في الدولة العراقية الذين كانوا يزودون بسيارة شخصية من الدولة كل سنتين بسعر استيرادها ومعفاة من الرسم الكمركي لغرض انجاز مهام عملهم بعد إلغاء تجهيز دوائر الدولة بالسيارات الخاصة، فإن سدنة الروضة الحيدرية والروضة الحسينية والروضة العباسية والروضة الكاظمية كانوا يزودون أيضا بهذه السيارات أسوة بالمدراء العامين والمسؤولين في الدولة العراقية ويشمل هذا الإجراء كذلك كبار رجال الدين في كربلاء والنجف وبغداد والبصرة ومن بينهم السيستاني. كما كانوا يستلمون نفس المخصصات المالية الخاصة الممنوحة للمسؤولين في الدولة العراقية لتعزيز قدراتهم في الإنفاق إزاء الظروف الاقتصادية، ونحن شهود على ذلك أمام الله قبل أي شخص آخر بحكم مسؤوليتنا الوظيفية السابقة.وسأبقى شاهدا ما حييت على إصدار أوامر منح سيارات المرسيدس للكثير منهم من السرية النقلية للقصر الجمهوري وكان من بينهم المرحوم محمد صادق الصدر.
خامسا: لا بد من ذكر احد قادة الجيش العراقي الأبطال وهو الفريق الركن (يالجين عمر عادل) وهو تركماني، حيث ولأول مرة في تاريخ العراق يكون تركمانيا قائدا لفيلق وهو أحد أبطال الحرب مع ايران وقائدا للفيلق السادس خلال عدوان عام 1991، ثم معاونا لرئيس أركان الجيش في التسعينيات رغم كل الإصابات التي تحملها جسده من أجل العراق.
سادسا: أما القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي بعد استلامه للسلطة في عام 1968 وحتى الغزو فكانت تضم العديد من أعضائها من الشيعة من بينهم الأبرز ممن تسلموا مسؤوليات كبيرة في الدولة جعفر قاسم حمودي، عدنان حسين الحمداني، نعيم حداد، محمد حمزة الزبيدي، حسن علي العامري، سعدون شاكر، عزيز صالح النومان، مزبان خضر هادي، وآخرين غيرهم كانوا فيها كمسؤولين في قيادة الحزب لم نذكرهم لأن مقالنا يقتصر على تناول موضوع تولي المسؤولية في الدولة العراقية.
هذه مجرد إشارات بسيطة تدلل على أن العراق كان دولة حقيقية ليس لها علاقة بطبيعة الانتماءات المذهبية أو الطائفية أو الدينية إطلاقا وفقا لما يروج له الآن المحتلون وعملائهم من اجل تكريس مشروع تفتيت العراق. وقد وددت أن أسطرها وأنا أتقصى أخبار ابن العم العميد ع. م، الذي استولت عصابة بدر "التي تدعي أنها شيعية" على داره وفرهدوها وطردوا عائلته منها واعتدوا على زوجته بعد سماعهم أنه قد يكون من رجال المقاومة، وإن كان من بيئة شيعية فهو عراقي قبل كل شيء وهذا ما لا يفهمه الأنذال والعملاء.
يعني اذا ابن كركوك سيقول ان الحزب ارتكب مذابح بحقهم فهو حزب 80% شيعة.