اتهمت نيابة أمن الدولة العليا الحرس الثوري الإيراني بتجنيد محمود دبوس المواطن المصري من مدينة السويس لإرسال معلومات عن مصر والسعودية، والإعداد للقيام بعلميات تخريبية في مصر والسعودية، من خلال محمد رضا حسين دوست الموظف الإداري بمكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة، مما يجعل من الضرورة بمكان التعريف بحراس الثورة الإيرانية ودورهم في تصدير الثورة الإسلامية.
يقول الخميني عن حرس الثورة: لو لم يكن حراس الثورة ما كانت الدولة، إني أوقر الحراس وأحبهم وعيني عليهم، فلقد حافظوا على البلاد عندما لم يستطيع أحد. ومازالوا، إنهم مرآة تجسم معاناة هذا الشعب وعزيمته في ساحة العركة وتاريخ الثورة (جمهوري إسلامي في 15/ 1/ 1984) ويقول هاشمي رفسنجاني رئيس مجمع تحديد مصلحة النظام الإيراني في بيان دور الحرس الثوري: إن جيش حراس الثورة الإسلامية الذي تشكل من أكثر الأشخاص تجربة ونضجا، عليه مسئولية المحافظة على منجزات الثورة ودستورها، لقد كان دور الحراس مؤثرا في إحباط كل مؤامرات القوى الاستكبارية ضد الثورة، سواء في أعمال التخريب أو التضليل أو جبهات القتال، كما قاموا بدور كبير في رفع الروح المعنوية للجماهير، وكان دورهم الفني أهم من دورهم العسكري، وقد غطى جهازهم الإعلامي الاحتياجات الإعلامية، كذلك كان لهم دور كبير خارج البلاد في تصدير الثورة الإسلامية، فأثبتوا أنهم جهاز يمكن الاعتماد عليه. (كيهان في 7/12/1984).
وترجع أهمية حراس الثورة إلى أسلوب إنشائه عندما تم تدريب الشباب المتحمس في معسكرات الثوار في مختلف أنحاء العالم على أداء المهام القتالية من الالتحام إلى حرب المدن وحرب العصابات ، ثم كلفوا بحماية قادة الثورة فكان ولاؤهم المطلق للثورة ومبادئها وأهدافها، وتم تحويلهم إلى جيش له قواته البرية والبحرية والجوية فضلا عن وحدات الصواريخ والمصانع الحربية، في 21/ 4/1979م من خلال إدارة عقائدية سياسية على أساس أيديولوجية النظام، فلا يقف واجبه عند حد الدفاع عن البلاد، إنما يتخطاه إلى إقرار الأمن وتعقب أعداء الثورة وتعمير البلاد والدعاية للثورة وتصديرها إلى الخارج. وقد تم إلحاق قوات التعبئة العامة (بسيج) به لإكمال دوره، وقد أكد الخميني على ضرورة تعميم نظام البسيج في العالم الإسلامي،ونشر خلايا مقاومة البسيج في المنطقة والعالم الإسلامي بإدارة صحيحة وتخطيط سليم وتشكيل أصولى لتأكيد استمرار الثورة ورسالتها. (اطلاعات في 23/ 11/ 1993).
ويبدو نشاط جيش الحراس الثقافي بارزا فيما يصدره من مجلات وصحف نوعية ومتخصصة كثيرة، فضلا عن محطة إذاعة خاصة، ومطبعة خاصة لطبع الكتب والنشرات والصور والملصقات، إضافة إلى مساحة كبيرة في محطات الاذاعة وقنوات التليفزيون، وفي مجال التعليم أنشأ جامعة خاصة باسم جامعة الإمام الحسين تضم عددا من الكليات الهندسة والطب والعلوم والإعلام والعلوم الإنسانية والعلوم الإدارية والعلوم الأساسية فضلا عن كليات أكاديمية للعلوم العسكرية مثل القيادة والأركان والحرب الكيماوية وكلية ضباط الحراس وكلية الدراسات العليا.
كانت بصمات الحراس واضحة على النشاط الخارجي للنظام بعد حصول اثنين من قادته وهما على محمد بشارتي على منصب تائب وزير الخارجية، وحسين شيخ الإسلام على منصب وكيل وزارة الخارجية، فاستفاد من الغطاء الدبلوماسي في تصدير الثورة الإسلامية إلى دول العالم، كما كان محسن رضائي قائد الحراس يتمتع بحق الاتصال المباشر بالزعيم منذ أن كان حارسا خاصا للخميني. وقد بدأت الجهود الجدية للحراس في تصدير الثورة عن طريق العنف في سبتمبر 1982م عندما شاركت وحدة منهم حزب الله في لبنان ضد القوات الإسرائيلية، ثم توالت أعمالهم العنيفة في شكل أعمال تخريبية في دول الخليج خاصة في المملكة العربية السعودية والبحرين، كما استطاعوا تكوين شبكة من العملاء في أوروبا.
وقد تنوعت أعمال الحراس في هذا المجال بين التدخل السياسي أو العسكري غير المكشوف لمساندة الثوريين الإسلاميين في الدول الأخرى، وأعمال عنف موجهة للمصالح الأمريكية والغربية في مناطق متفرقة، وعمليات سرية ضد الحكومات العربية المحافظة، واغتيال خصوم النظام في الخارج، وتجنيد العناصر المحلية الغاضبة على حكوماتها، وتدريب المتشددين الإسلاميين، والتدريب على خطف الطائرات التجارية، وإمساك الرهائن والمفاوضة حول إطلاق سراحهم، والاستيلاء على شحنات الأسلحة. وقد لقيت أعمال الحراس العنيفة في الخارج معارضة من بعض القادة السياسيين ومنهم الرئيس رفسنجاني الذي سحب بشارتي من وزارة الخارجية وعينه وزيرا للداخلية كما سحب حسين شيخ الإسلام من وكالة وزارة الخارجية.
لم يمنع اتخاذ الرئيس خاتمي سياسة إزالة التوتر عملية دعم حراس الثورة, وقد كان متصورا مع تأكيد الرئيس خاتمي على سيادة القانون وتثبيت المؤسسات الدستورية والالتزام بدولة المؤسسات أن يقوم بمراجعة أوضاع المؤسسات الثورية وعلى رأسها جيش الحراس، وقد أثار الإصلاحيون الجدل حول وضع هذا الجيش ومدى دستوريته، وطالبوا بحله أو دمجه في الجيش النظامي، وقد رفض الحراس بعد الدور الكبير الذي قاموا به في الحرب العراقية الإيرانية الاندماج مع الجيش العامل، وأصدروا بيانا شديد اللهجة، جاء فيه: إن حراس الثورة والبسيج قد عقدوا ميثاق الدم مع ربهم وشعب بلادهم على أن لا يكون في إيران زقاق بلا شهيد أو منزل بلا بسيجي، وسوف ينفذون قانون الثورة والحسم الإسلامي لحراسة الحق والعدل دون تردد. (همشهري في 18/4/ 2000) .
وقد ساعد ارتباط الحراس بقيادات النظام على زيادة نفوذهم في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية فضلا عن المجال الأمني والعسكري، وقد استطاعوا بذلك أن يحددوا عمل وزارة المعلومات (المخابرات العامة) في إطار الأمن الداخلي لينفردوا بعملية تصدير الثورة في الخارج، وإن كان قد غلب عليها الطابع الثقافي.
وإذا كان جيش حراس الثورة سوف يظل لفترة قوة ذات توجه أيديولوجي، مع ذلك فإن قوة الحراس ونفوذهم المرتبط بالتوجه الأيديولوجي للنظام الحاكم سوف يضعف مع توخي النظام الاعتدال لتحقيق أهداف براجماتية.
____________________________
مختارات إيرانية العدد 54 يناير 2005