الكاتب : د. غالب الفريجات
كان البعث وما زال في تشخيصه للشعوبية الفارسية متقدما، وعلى وجه التحديد الشعوبية الخمينية الفارسية، بعد شعارات تصدير الثورة، وحملات مفاتيح االجنة ، وقبر زاده واعلانه بغداد وعدن فارسيتان، واخيرا الشيطان الاكبر العشيق السري الذي تتلذذ الفارسية الخمينية معاشرته في السر، لان نكهة المعاشرة السياسية في السر تخفي الطلاء الشعوبي الفارسي تحت الشعارات الا سلامية العلنية.
الدعوات الاخيرة للحذر من الشعوبية الفارسية تبدو تحضيرا لدور فارسي في العراق بالتحالف مع العدو الامبريالي الصهيوني ، فالعراق يتعرض لحلف غير مقدس امريكي صهيوني فارسي عربي رجعي عميل ، كل طرف من هذه الاطرافيخدم سيده حتى يتسنى للمشروع الامبريالي الامريكي الفاشل في العراق ان يمدد بقاءه لاطول مدة ممكنة ، وغاب عن كل هذه الاطراف ان كل مخططاتها سيتم القاؤها في مزبلة التاريخ على ايدي ابطال الشعب العراقي ، ابطال المقاومة لان لكل طرف من هذه الاطراف تجاربه الفاشلة مع العراق ، وقد ذهبت جميعها على صخرة الصمود العراقي.
لقد فشلت امريكا في تدجين النظام الوطني في العراق ، وقامت بمحاولات عديدة ، من الجيب الكردي العميل ، وحرب الثماني سنوات الفارسية ، والعدوان الثلاثيني حتى الغزو الذي يتخبط في العراق على ايدي ابطال المقاومة العراقية .
لقد فشلت الحركة الصهيونية لا عن الطريق الامريكي ولا البابوي في تدجين النظام الوطني في العراق لاغرائه في خيانة التسوية والسلام الكاذب مع الكيان الصهيوني ، ولم تتمكن من اختراق العراق حتى الساعات الاولى للغزو الامبريالي الامريكي .
لقد فشلت الخمينية الفارسية في حربها العدوانية لمدة ثماني سنوات واضطر زعيمها الملهم تلميذ المخابرات الامريكية لتجرع السم مع توقيعه الموافقة على وقف اطلاق النار بعد الهزيمة المريرة التي اصابت جيش مفاتيح الجنة ، ثم فشل في حركة التمردالتي صاحبت العدوان الثلاثينيفي مطلع التسعينات من القرن الماضي ، بالاتفاق مع الادارة الامريكية ادارة بوش الاب ، وعا ودت الفارسية الخمينية حظها في الغزو الامريكي للعراق بالاتفاق السري مع الادارة الامريكيةفي جنيف على تحييد ايران مقابل ان يكون لها نصيب في الكعكة العراقية ، وقد تم لها ذلك عن طريق عملائها من جماعة الحكيم والجعفري والسيستاني .
غباء الساسة الفرس اكثر من غباء الامريكيين في فهم كيمياء الشعب العراقي ، فالفرس يعلمون انهم قدهزموا خمس مرات في العراق عندما ارادوا ان يكون العراق حصة من املاك الدولة الفارسية ، وغباء الامريكان يتمثل في عدم فهم طبيعة النظام الوطني في العراق ، فاذا كان النظام الوطني العراقي قد وعى تماماانه غير قادر على المواجهة النظامية مع القوة الامريكية ، فهو يعي انه قادر على تهشيم رأس هذه القوة ،وقد ارسل الئيس صدام حسين اكثر من رسالة بهذا الخصوص عل امريكا تفكر مليا قبل غزوها للعراق، ومن هذه الرسائل قوله ان المسمار العراقي سيكون المسمار الاول في نعش الامبراطورية الامريكية ، وخطاب سيادته الذي اكد فيه ان العراقيين مصممون على نحر برابرة القرن العشرين على اسوار بغداد وهاهم الامريكان يصرخون رعبا وفزعا من مارد المقاومة العراقية الباسلة .
اما الصهيونية ، فهي لم تفهم طبيعة ان الصراع مع الامة التي يمثلها العراق هي في حتميتها لصالح الامة ، لان قوة الحق تغلب حق القوة ، وهذه نتيجة حتمية لكل ابجديات الصراع على مر التاريخ ، وان الوجود الصهيوني على ارض فليطين هي مسألة وقت ليس الا ، وقد اكد البعث مرارا ان فلسطين عربية من البحر الى النهر، وان المشروع الصهيوني هو رأس حربة للمشروع الامبريالي العالمي في الوطن العربي ، وان هزيمة المشروع الامريكي المؤكدة على ارض العراق هو بداية لانهيار المشروع الصهيوني في فلسطين .
اما النظام العربي الرسمي فتدخلاته ومداخلاته تبقى خارج النص ، لانها عاجزة عندما تحين ساعة المواجهة على الصمود ففاقد الشئ لا يعطيه ، فمن يعجز عن حماية نفسه ونظامه لا يملك التأثيرالفاعل، وان تظاهر بذلك الدور الدينكاشوتي في الطرق لخدمة الاسياد الامريكان والصهاينة .
الاطراف الاربعة خائبة تماما وهي غير قادرة على حماية نفسها من المد القومي العروبي الجهادي على ارض العراق ، لذا فالوعي والتشخيص المبكر من المد الفارسي كان للبعث ، لان المد الفارسي والتواطؤ كان له دور كبير في الغزو الامبريالي الامريكي الصهيوني ، وكذلك المداخلات والتدخلات العربية حد الخيانة ، ولا يبقى امام هذه الاطراف الا ان تضرب رؤوسها على صخرة الصمود والمقاومة العراقية ، حتى يتم تهميشها والاجهاز عليها ، ليبقى العراق بوجهه العروبي القومي منارة اشعاع حضاري وجهادي للمساهمة الفعلية على كنس التواجد الامبريالي والصهيوني على امتداد الوطن العربي .
__________________________
شبكة البصرة
الثلاثاء 23 ذي القعدة 1425 / 4 كانون الثاني 2005