هذه المذكرات فيها الكثير من الحقائق التي تدينه بشكل غير مباشر في بداية عام إيراني سماه شريكه خامنئي عام الخميني ،والجبهتان سمتاه عاما مصيريا لوجوب الخلاص من الأزمة خلاله، وهذه المذكرات أشبه باعترافات واضحة دون نقد أو تعليق عليها، ولا شك أن ابن سلول رفسنجان يرمي إلى هدف سياسي من وراء نشرها الآن بالذات بعد17عاما، وهو يدعي أنه ينشر مذكراته اليومية كما هي لكن هناك نواح كثيرة تظهر فيها آثار الحوادث المستقبلية ، وهو يقول بأنه لم يكتب مذكراته قبل عام 81 م لكن في عام 80م كان هناك اتفاق سري مع ريغان مرشح رياسة الجمهورية الأمريكية وبوش اللذين أصبحا الرئيس ونائب الرياسة الأمريكية ،كما تقول (انقلاب اسلامى 463 ) وتمت الانتخابات في إيران وقال رفسنجاني :لما اختار الشعب رئيسا من غير المشايخ ذهبت إلى الإمام وقلت كيف هذا ؟ قال أنتم حاولوا أن تسيطروا على المجلس ،ولما أعطت أمريكا الضوء الأخضر لمهاجمة إيران تم بموافقة الخميني الاتفاق السري بشأن قضية الرهائن بينه وبين جماعة ريغان و بوش، ولما هاجم العراق إيران هتف الملالي قادة الحزب الجمهوري: إن ذهاب نصف إيران أقل ضررا من نجاح بني صدر الذي لم يوافق الآيات ، ولولا هذه الحرب لم تقم لمشايخ الطائفة قائمة في رأس السلطة .واستمر الاعتداء على حقوق الشعب، كما استمر الاعتداء على حقوق الأقليات القومية و الدينية و المؤسسات والأحزاب السياسية بشكل يومي حيث لم تبق في عام 1981م أكثر من جريدتين مستقلتين غير مرتبطتين بالملالي،( الميزان و انقلاب اسلامى) ، وقام الخميني خلافا للدستور الذي وضعه بتأسيس المجلس الأعلى للقضاء ،ثم فرضوا على الشعب حكومة رجائي وبدءوا بفتح أبواب الفساد المالي، وهذه المافيات على اقتصاد إيران قد وجدت نطفتها منذ ذلك اليوم،ثم شكلوا حرسا لأمن المجلس كان يخول رئيس المجلس بتهديد النواب بهم
ونحن نختار من هذه المذكرات من الفقرات ما نراه أهم من غيره أو تعيننا على تفسير الحوادث ، ونبدأها بالحرب التي استمرت 8 سنوات بكل حماقة وجنون طائفي كي يستطيعوا تأسيس الهلال الشيعي مشتملا على العراق و سوريا و لبنان وكردستان التركية بزعامة أوجالان النصيري و انتهت بعد ذلك بشكل صلح مسلح، وكل منها يدعم حزبا مسلحا من عدوه في بلده
تجنب إنهاء الحرب!
كان بني صدر منذ البدايات تقريبا يريد إنهاء الحرب وكان يقول كما اشتهر عنه :لوقدمنا شط العرب إلى العراق فهذا سيكون أقل ضررا من أن نتعاون مع إسرائيل و نشتري منها الأسلحة
مختارات من مذكرات رفسنجاني
يقول رفسنجاني في مذكراته (12 فروردين =مارس 81 ) (سمعت خطاب الإمام عبر الإذاعة ..تكلم فيه عن الحرب و الوفد القادم للصلح..وينتقد بني صدر لأنه كتب بالأمس في مذكراته يميل إلى إنهاء الحرب ويرغب في الصلح..) ويكتب في اليوم التالي(ذهبت صباحا إلى الإمام … قلت إن الإمام مع رغبته في إنهاء الحرب ..ولايرى الإمام من المصلحة أن نتنازل ولا يقبل من أن يُشترط أننا لا نساعد الشعب العراقي بعد الصلح ضد صدام! .. خاصة مع توقعات الشعب العراقي )
للعلم: بناء على هذه المذكرات فإن خميني –في هذه المرحلة- كان يرغب في إنهاء الحرب لكن ابن سلول رفسنجان هو الذي كان يصر على استمرارها و ليبرر ذلك لإمامه يخترع شرطا لم يكن موجودا البتة لدى الوفدين، وفد الدول الإسلامية للصلح ووفد دول عدم الانحياز، ولم يتكلم عنه أحد، وإذا نظرنا حالة الصلح المسلح بين الطرفين ووجود حربين مسلحين لكل بلد ضد الآخر، ودمار إيران وخسارة 1000 مليار دولار على قول رفسنجاني ، خاصة إذا عرفنا أن رفسنجاني هو الذي دعا الرئيس العراقي لحضور المؤتمر الإسلامي في طهران ، فكل ذلك يدل على سخافة الدليل الذي اعتمده رفسنجاني لإقناع الخميني باستمرار الحرب ، ونعلم أن أمريكا وبريطانيا قد ساهمتا في إيقاد فتنة الحرب و استمرارها وبناء على قول وزير الدفاع البريطاني، وهناك وثائق متعددة تثبت ما نقول لكننا نختار وثيقتين توضحان اعترافات رفسنجاني، 1- نشر العراقيون لقاء صدام حسين بالسفيرة الأمريكية أبريل جلاسبي لما استولوا على الكويت في صيف 90م وهذا اللقاء نشر في جريدة دير إشبيغل (24 سبتمبرو2 اكتوبر90)ونشرت ترجمته الفارسية ولقاء آخر لصدام بمسئول أمريكي آخر هو جوزف ويلسون في (انقلاب اسلامى) ،ولم تكذب أمريكا هذا اللقاء و ما دار بينهما،يقول صدام لجلاسبي : (هل هذا هو جزاء العراق في مقابل تثبيت المنطقة و حمايتها من الطوفان الذي نعلم جميعا أنه كان يريد الاستيلاء على كل المنطقة و لم يكن يريد أن يترك منها شيئا؟ أين وفاء أمريكا بمواثيقها؟! يتساءل صدام في لقائه بويلسون "إذا كان العراق عدوا لأمريكا فلماذا قمتم بمساعدته في حربه مع إيران؟"
لا بأس أن نعيد إلى الذاكرة أن العلاقات العراقية الأمريكية التي كانت مقطوعة قبل شهرين من بدء الحرب توطدت بشكل غير رسمي بعد نشوب الحرب،
2 –قال وزير الدفاع البريطاني في حكومة تاتشر، آلن كلارك في محكمة كانت تدرس بيع الأسلحة غير القانونية لإيران ،قال في 4نوفمبر 92:إن التصعيد المزايد واستمرار الحرب العراقية الإيرانية كان يخدم بشكل كبير جدا المنافع البريطانية والغربية وقد رتبنا أسباب استمرارها ، ويوضح كما يلي: ومن مقتضى الواقعية في السياسة أن بريطانياوحلفاوها كان يجب عليها استمرار الحرب كلما أمكن، ويقول في جريدة ديلي تلغراف بعد يومين من محاكمته "يجب على سياسة إنكلترا أن تخطو خطى رسمها اللورد بالمرستون، انكلترا لا تعرف عدوا و لا صديقا تعرف فقط مصالحها، وقد كان هذا الفصل من التمثيلية من مسرحية العالم مليئا بالطمع والخيانة ،وكل من يأتي في الدرجة الثانية فلن يكون له وجود، ويجب تخديم كل شيء لصالح انكلترا في كل لحظة و أي وضع"
إيقاظ : بناء على هذا فإن الحرب التي بدأها الأمريكان و الغرب و هيؤوا وقودها و استغلوا حماقات زعماء الثورة و أطماعهم الطائفية كي لا ينشر طوفان الثورة الإيرانية ولا تكون إيران أسوة تحتذى في المنطقة الإسلامية، كان بواسطة مباشرة من رفسنجاني والغرب حيث تعاونا على استمرارها و إذكائها.