الانتخابات العراقية صارت على الأبواب، وكلما اقتربت ترتفع وتيرة العنف ومستواه. ومهما قلنا، فإن الإصرار الأميركي على إجراء الانتخابات في موعدها له هدف وحيد، وهو إظهار أن العملية السياسية في العراق تتقدم، رغم الواقع الموجود على الأرض.
وفي الحقيقة أن الأوضاع غير مناسبة إطلاقاً الآن لإجراء الانتخابات فمن الواضح أن التدخل الخارجي قائم، كما أنه من الصعب ـ بوجود قوات احتلال ـ أن يتمكن العراقيون من التعبير عن إراداتهم الحقيقية بحرية. فالأميركيون يحتلون العراق، وهذه حقيقة لا يمكن تجميلها، والإيرانيون يتدخلون في العراق، وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها. وفي هذا الوضع الشائك، يزداد الانقسام بين فئات الشعب العراقي، وخطوة بعد خطوة تعتمد كل فئة على قوة خارجية تدعمها.. وهكذا يتحول العراق تدريجياً إلى ساحة لحروب بالوكالة بين أطراف خارجية.
والسؤال الذي يجب الإجابة عنه قبل إجراء الانتخابات هو: هل هناك إرادة لتحميل السُنة العرب في العراق مسؤولية الممارسات التي حصلت تحت حكم صدام حسين؟ ومع اقتراب موعد محاكمة الرئيس المخلوع، فإن الانتخابات إذا جرت في ظل إرادة تميل إلى تحميلهم المسؤولية، فإنها لن تكون انتخابات بمقدار ما ستكون محاكمة للسُنة العرب ككل. ونحن نعرف أن بعض القيادات الشيعية أطلقت تصريحات تدعو إلى استغلال الظروف حتى يتمكن الشيعة من الاستئثار بحكم العراق على حساب السُنة، بحجة تعويض سنوات القهر السابقة. ونحن نعرف أن نظام صدام ارتكب أعمالاً شنيعة بحق الأكراد والشيعة، ولكن هذه الأعمال لا تبرر إرادة استبعاد السنة من أن يكون لهم صوت قوى في حكم العراق فالنتيجة لن تكون لصالح الاستقرار في العراق.
والمطلوب من رئيس العراق ورئيس وزرائه أن يوضحا هذه النقطة جيداً، وأن يتبنيا طريقة لإتاحة الفرصة لكل العراقيين، بمن فيهم المقاتلون السنُة الذين يحملون السلاح، وذلك حتى يتأكد هؤلاء المقاتلون أنهم يملكون حصة في مستقبل العراق الجديد.
وإذا لم يتحقق ذلك، فإن الانتخابات ستكون حكماً على السنة العرب في العراق، مما يعني حكماً استمرار العنف وتصاعده، وتوسعه إقليمياً إلى حدود لا يمكن تصورها.
_________________________
خالد أبو ظهر الوطن العربي ـ العدد 1452ـ 31/12/2004a
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video