يقف المراقب حائراً من التحركات والتصريحات والمتناقضة والمتعاكسة لقادة الشيعة في العراق وإيران والتي تصل إلى القتل والاغتيال. فلا يزال مقتدى الصدر ملاحقاً بتهمة اغتيال عبد المجيد الخوئي ولا يزال إياد علاوي صاحب الأمر في الهجوم على النجف وأما السسيتاني فقد آثر المغادرة حتى لا يكون ضمن الشهود.
حتى نستطيع فهم السياق الذي تحري فيه الأعمال والتصريحات نحتاج إلى الاستعانة بالتاريخ والذي يحوي العديد من العبر والفوائد:
فقد شهدت بلاد الشام صراعات دموية بين فروع القرامطة: قرامطة العراق وقرامطة الشام وقرامطة البحرين ومن ثم حدثت صراعات بين القرامطة والفاطميين في بلاد الشام وهم على مذهب واحد!
وكانت هذه الفرق الشيعية في صراعها الشيعي الشيعي تتعاون مع قوى سنية ضد أعدائها من الشيعة!!
ومن يعود لأحداث القرنين الثالث والرابع هجري لبلاد الشام يجد تفصيلات هذه الصراعات.
والذي نريده من هذه الأحداث التاريخية أمور عدة:1. أن القوى الشيعية ليست موحدة بسبب العقيدة الملفقة التي تؤمن بها والقابلة للتطور والزيادة والنقصان كما حدث مع الخميني حين أعلن ولاية الفقيه فقد عارضها الكثير من الشيعة.
2. هناك صراع حقيقي بين الفصائل الشيعة قديما وحديثاٌ.
3. لا مبادئ مقدسة لدى الفصائل الشيعية فبسهولة يتم التحالف مع الأعداء على الأصدقاء.
4. لفهم ما جرى قديماً وجرى حديثاً لا بد من أدراك خريطة القوى الشيعية و حقيقة مقاصد كل فصيل فيها .
وهنا نقدم قراءة أوليه للقوى الشيعية في العراق اليوم حتى تساهم في إدراك حقيقة الموقف والتصريحات المتناقضة لشيعة العراق :
1. يمكن تقسيم القوى الشيعية اليوم إلى قسمين رئيسين هما شيعة إيران وشيعة العراق.
2. شيعة إيران يسيطر يسيطر عليها العنصر الفارسي حتى أن الإيرانيين الشيعة من توصيات غير فارسيه يعدون شيعة من درجة ثانية أو كما يسمونهم شيعة معاوية!!
3. شيعة العراق ينقسمون إلى شيعة من أصل إيراني أو فارسي أو أعجمي وهم المراجع الكبرى (السيستاني ،الحائري، النجفي،...) وشيعة من أصول عربية وهم تيار الصدر والذي يتزعمه اليوم مقتدى الصدر ابن المرجع الشيعي محمد صادق الصدر.
4. شيعة العراق المنحدرون من أصول إيرانية لا ترغب بالخضوع لسيطرة إيران لعدة أسباب منها ـ عدم إيمانها بولاية الفقيه.
ـ أنهم أعلى في الرتبة من قادة إيران.
ـ لا يؤمنون بالخط الثوري التي تحمله إيران.
ولذلك هناك هجوم إيراني على مراجع النجف.
5. شيعة العرب في العراق أتباع الصدر يؤمنون بالأسلوب الثوري ولا يؤمنون بولاية الفقيه ولا بولاية مراجع النجف.
6. هذا الوضع سبب تحالف بين مقتدى الصدر وإيران ضد مرجعية النجف مع العداء بين الصدر وإيران على ولاية الفقيه وعدم تبعية الصدر للعجم.
ولكنه تحالف مصالح: الصدر يحتاج دعم إيران عسكرياً ومالياً وإيران تريد إسقاط المرجعية العراقية.
ولذلك غادر السسيتاني وغيره النجف عند تصفية جيش المهدي لأنها حرب تدار بالوكالة بين إيران وأمريكا.
هناك تيار شيعي عراقي ثالث وهو التيار الشيعي العلماني. المتمثل بجماعة الجلبي وحزب علاوي وهو يعادي إيران وتيار الصدر وعلى حذر من تيار المرجعية في العراق.
هذه باختصار قراءة أولية للقوى الشيعية في العراق إدراكها يسهل فهم المواقف والتصريحات الصادرة عن شيعة العراق وتوضح سبب اندلاع صراعات ثم توقفها وتحالفات ثم انفكاكها.
والجميع يعمل لما يعتقد أن فيه مصلحة الشيعة فهذا هو القاسم المشترك بينهم .