الكاتب : د. علاء أبو عامر
نفى أحمد الشيباني مستشار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر(صقر المقاومة العراقية) إدعاءات الحكومة العراقية المعينة من قبل سلطات الاحتلال الأمريكية بأن تكون عناصر من الشرطة العراقية قد دخلت الصحن الحيدري الشريف ولكنه أكد أن السيد مقتدى الصدر قد أمر بتسليم مفاتيح الصحن إلى المرجعية الدينية الشيعية ممثلة بآية الله العظمى علي السيستاني .... في المقابل أكد المتحدث باسم البنتاغون ما قاله أنصار الصدر وكذب تصريح وكيل وزارة الداخلية العراقي المؤقت حول دخول عناصر الشرطة العراقية إلى الصحن ، ممثلي السيستاني صرحوا بأنهم لم يتسلموا أي مفاتيح .......اليوم قيل أنهم استلموا المفاتيح .......
وفي دوامة الكذب والكذب المضاد من قبل الأطراف المتعاركة في النجف ، تبقى حقيقة واحدة أن مقتدى الصدر لن يخرج من بلده ومسقط رأسه مدينة النجف كما قال هو وأتباعه إلا شهيداً أزمة الصحن الحيدري والمدينة القديمة سببها سيطرت عناصر جيش المهدي عليهما واحتماء الزعيم الشاب (مقتدى ) بمرقد الأمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بعد أن غادرتها الآلهة الصغيرة (المراجع الدينية) الأربع إلى جهات أربع فقد ذهب السيستاني إلى لندن ومحمد سعيد الحكيم وإسحاق فياض إلى ألمانيا وبشير ألنجفي إلى إيران في خطة مدبرة وسابقة تحدث لأول مرة جعلت المدينة المقدسة وأهلها بلا حماية في ظل صمت هذه الحوزة الدينية عن جرائم قوات الاحتلال الأمريكية وعملائها من شرطة إياد علاوي التي استباحت المقابر والبيوت والمساجد ودماء البشر .
في الحقيقة أنا لست مطلعاً بما فيه الكفاية على الفلسفة الدينية الشيعية المتعلقة بتقديس القبور وصور الأولياء والذي كنت أشاهده واستغربه في أفغانستان عندما عملت دبلوماسياً في سفارة بلادي هناك فقد كنت أرى النسوة من الطائفة الشيعية من قومية الهازاره يجلسن حول القبور ويتحدثن معها راجيات صاحب القبر تحقيق رغبة لهن ...وشاهدته في ضريح السيدة زينب قرب مدينة دمشق وفي العراق من خلال التلفزيون في مدن كربلاء والنجف وغيرها ...
هذا الأمر محرم لدى أهل السنة والجماعة ويعادل فيما يعادل عبادة الأوثان وفق ما أخبرني به أحد المشايخ ..ولا تعليق لدي في هذا الشأن إيجابياً كان أو سلبياً .... فأنا أحترم كل المذاهب والأديان ولكل معتقد وجماعة فلسفتها فإذا جهلناها لا يجب علينا تجريمها أو إدانتها ، لكن اللجوء إلى بيوت العبادة للاحتماء بها من بطش العدو هي ظاهرة وجدت في كل الحروب منذ عصور قدماء الفراعنة مروراً بالعصور الوسطى والحديثة في أوروبا وحتى حصار كنيسة المهد في بيت لحم عندما احتمى فيها مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين ، ظناً منهم أن هناك قدسية كبيرة للمكان كونه أقدس أقداس الدين المسيحي وهو ما اعتقدوا أنه سيجر أوروبا وأمريكا وباقي العالم المسيحي إلى الدخول في أزمة سياسية ودينية مع دولة اليهود ولكن ما حصل في النتيجة تبخر أمالهم أدراج الرياح ففي زمن جورج بوش الابن ومحافظيه الجدد لا مكان مقدس ولا شيء مقدس سوى مصالح أمريكا وإسرائيل .
الحوزة العلمية أو المرجعية الشيعية يجب أن تكون مدانة عربياً وإسلامياً وشيعياً فقد أفتى أية الله علي السيستاني عند بدء العدوان الأمريكي - البريطاني على العراق لأبناء طائفته بعدم قتال قوات الاحتلال وقد التزمت كل مدن الجنوب بهذه الفتوة ( إلا فيما ندر حيث أن بعض هذه المدن مختلطة ويوجد فيهاعشائر سنية ومواطنين عراقيين من أبناء الطائفة الشيعية ذو فكر قومي من أفراد ومليشيات حزب البعث وفدائيي صدام ) وعلمنا فيما بعد من المقاتلين العرب الذين خدموا في تلك الأنحاء من العراق أن بعض البيوت الشيعية كانت تطلق عليهم النار من الخلف عندما كانوا يواجهون القوات الغازية ، مقاتلو جيش المهدي صرحوا في أكثر من مناسبة أن من يقاتلونهم في النجف من العراقيين ليسوا من الشرطة العراقية بل عناصر من قوات فيلق بدر الشيعية التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق وهو ما يعني أن هناك أسرار كثيرة وراء صمت المرجعيات وسماحها باستباحة الدم الشيعي من الشيعة أنفسهم ومن قوات الاحتلال ومن عملائه من البشمركة الكردية .
فما هي حقيقة هذه الأسرار ؟؟ أحد أهم هذه الأسرار يمكننا حله والكشف عنه من خلال مباركة آية الله علي السيستاني لحكومة أياد علاوي الشيعي المذهب وبغض النظر عن المنصب الشرفي الذي هو أشبه ما يكون بالقبعة التي على الرأس الذي حصل عليه عجيل الياوور السعودي الجنسية والسني الانتماء فإن باقي جسم الحكومة ومواقعها الحساسة ذهبت إلى المحسوبين على الطائفة الشيعية ومن بينها منصب رئيس الوزراء الذي يعتبر الحاكم الفعلي للعراق ( هذا لو كان العراق مستقلاً وذو سيادة وهو ليس كذلك بالطبع) .
الهم الأكبر لهذه المراجع الدينية هي السيطرة على النظام السياسي في العراق باعتبار الشيعة هم الطائفة الأكبر في هذا البلد ومهما حاول البعض من العراقيين التخفيف من وطأة المسألة الطائفية وتفشيها فإن المشاهد المحايد يرى ملامحها بوضوح ..
وقد عبر صدر الدين القبنجي أحد زعماء ( المجلس الأعلى ) في أكثر من مناسبة عن كراهيته وحقده على تيار الصدر مبرراً ذلك بقوله : أن الصدر وجماعته يلعبون لصالح أعداء الشيعة ويريدون أن يضيعوا المكتسبات التي حققها أتباع المذهب من رحيل نظام صدام .
هذا السر ليس السر الوحيد بل السر الأكبر في الاختلاف ما بين تيار الصدر وغيره من التيارات يكمن في الاختلافات الفلسفية أو التفسيرية لبعض المسائل الدينية والدنيوية لدى الشيعة منها : " تجاوز التيار الصدري "جدلية الفقيه والمكلف؛ مَنْ يذهب إلى مَنْ ؟ التي ترى أنه لا يجب على الفقيه أن يذهب إلى المكلف ويبلغه حكمه, بل يجب على المكلف نفسه أن يأتي إلى الفقيه ويسأله, وقد انتقد مؤسس التيار المرجع الشيعي محمد صادق الصدر هذه الظاهرة, مؤكدًا على أن هذه الظاهرة ترسخ المقاطعة والانفصال النفسي والاجتماعي بين المرجعية والجماهير، مؤكدًا على أن ما أسماه "الحوزة الناطقة المجاهدة" [أي حوزته] ينبغي ألا تكف عن النشاط في مختلف الاتجاهات وبمختلف الأساليب.
و لقد دشن الصدر بنظرته تلك مرحلة جديدة في العلاقة بين المرجعية والجماهير، تختلف في حقيقتها اختلافًا جذريًا عن المرجعيات الأخرى الساكنة التي تنتظر من يأتي ليسأل.
ولا شك أن هذه الإشكالية لها مردودها السياسي في التيار الصدري, الذي حمل إرثه مقتدى نجل محمد صادق الصدر, وتضع مفصلاً هامًا في التباين ما بين هذا التيار وغيره. " .
" وهناك أطروحات يعتقد بها الكثير من المحللين السياسيين الدوليين من بينهم عدد من المنظرين والخبراء الأمريكيين وتتمحور هذه الأطروحات حول وجود تنافس وعداء مبطن بين إيران وبين مقتدى الصدر، نظرًا لطبيعة الصدر "القومية", وإصراره على تشكيل قيادة شيعية منافسه لطهران, تتولى توجيه الشيعةفي العالم، ويدخل في هذا الإطار مسألة الصراع بين قم والنجف على المرجعية الشرعية للشيعة في العالم.
في هذا السياق يرى الخبير الأمريكي جوان كول أستاذ التاريخ الشرق أوسطي في جامعة ميشيجان أن الصدر ذو نزعة قومية عراقية، وأنه دائم الانتقاد لآيات الله في العراق الذين يتحدثون اللغة العربية بلكنة فارسية.
ويرى كول أن آيات الله في طهران يجدون في الصدر وأطروحاته السياسية والفكرية تهديدًا لآيات الله ودورهم.
وعلى خلاف ما يزعم المحافظون الجدد, يرى كول أن الرسالة التي تلقاها الصدر من زيارته الأخيرة لطهران, بعد سقوط بغداد, واضحة وهي عدم وجود دعم له من قبل طهران وضرورة تعاونه بشكل أكبر مع القوى السياسية الشيعية الأخرى.
وقد ترجحت هذه الفرضية, لدى بعض المراقبين, من خلال غياب الدعم الشعبي والسياسي للصدر من قبل إيران أو القوى الشيعية الأخرى التي تعتبر تاريخيًا تابعة لإيران كمجلس قيادة الثورة الإسلامية, والقيادة الحالية لحزب الدعوة."
تيار الصدر تيار شيعي عروبي مختلف عن غيره من التيارات الشيعية الأخرى تيار يرفض الاحتلال وأعوان الاحتلال ومتمسك باستقلال العراق وسيادته وهو يسعى لاستقلال حقيقي و سيادة حقيقية ومن الواضح بأن هذا التيار هو تيار الأغلبية الساحقة من شيعة العراق ،،، أنه حركة المحرومين والمستضعفين فيهذا البلد وهو أشبه ما يكون بحزب الله في لبنان مع الفارق في القوى الإقليمية التي تقف وراءه والمرجعيات الدينية التي تؤازره والفارق في الطبيعة الاجتماعية ففي مقابل تماسك الشيعة في لبنان هناك تشتت للشيعة في العراق.
تقول القصة الشائعة عن اكتشاف مرقد الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، هو أن الخليفة العباسي هارون الرشيد كان يصطاد الغزلان في هضبة النجف عندما شاهد قطيع غزلان يحتمي في ظل مرقد إسلامي، وقد رفضت كلاب الصيد المرافقة له الاقتراب من الغزلان في ذلك المكان. وعندما تحقق الرشيد من الموقع عرف انه مرقد الإمام علي، فأمر بالاهتمام به وزيارته.
الكلاب رفضت الاقتراب من المكان المقدس الذي احتمت فيه الغزلان وقوات الاحتلال وعملائها من أولئك المنتسبين لعلي وأبنائه زوراً وبهتاناً لا يخافون الله ولا قدسية المكان الطاهر ... مقتدى المحتمي بالأمام الشهيد لا يحتمي كما احتمت الغزلان خوفاً وجبناً ولكنه يريد من هذا الاحتماء بعلي تذكير بعض الجبناء والمتخاذلين أن علي و ولده الحسين كانوا رجالاً وأبطالاً وقضوا شهداء في الدفاع عن الإسلام وديار العروبة وصوناً للمبادئ والشرف ... لقد تجاوز الأعداء كل الخطوط الحمراء التي وضعها إله النجف آية الله علي السيستاني واخترقوها إلى قدس الأقدس ولم ينطق هو أتباعه إلا عندما تعلق الأمر بالمفاتيح الحيدرية والأموال التي بداخله متى تصحوا ضمائر هؤلاء الذين يقدسون كل شيء إلا الدماء البشرية التي هي عند الله ورسوله وصحابته وأتباعه المخلصين أهم من كل الشجر والحجر والمال
____________________________
شبكة البصرة
الاربعاء 9 رجب 1425 / 25 آب 2004