آخر تحديث للموقع :

الأحد 4 رمضان 1444هـ الموافق:26 مارس 2023م 09:03:18 بتوقيت مكة

جديد الموقع

من يوالي أمريكا ليس مسلمًا ولو كان مبارك أو السيستاني ..
الكاتب : محمود شنب

الجنرال "تومى فرانكس" قائد الحملة الأمريكية على العراق يقول فى مذكراته التى نشرت حديثـًا تحت عنوان ( جندى أمريكى ـ كيف كسبنا الحرب ) ان معظم معلوماته عن أسلحة الدمار العراقية جاءت عن طريق الملك حسين والرئيس مبارك ... الأول استقى معلوماته من جهات إستخبارية موثقة ، والثانى استقاها من محادثات أجراها مسئولوه المصريين مع نظرائهم العراقيين ، ويقول تومى فرانكس ان الرئيس مبارك أبلغه فى يناير 2003 أن الرئيس العراقى قد أسرَ له بأنه يمتلك أسلحة دمار شامل وسوف يستخدمها إذا حاولت أمريكا دخول العراق ..

هذا الكلام لا يمكن نفيه ولا يمكن تصديقه ، وذلك لأسباب عديدة أهمها أن الرئيس مبارك مهيئ لأن يقول مثل هذا الكلام بعد أن توغلت قدماه وانزلقت دون تحفظ فى خدمة البيت الأبيض ، والمتأمل فى تصريحات الرئيس مبارك فى كل الأزمات التى تكون أمريكا طرفـًا فيها يجد انحيازه التام لأمريكا ، وعليه فمن السهل تصديق تومى فرانكس فيما قاله عن الرئيس مبارك حتى ولو كان كاذبًا .

أليس الرئيس مبارك بنفسه هو الذى اعترف وقال فى أهرام 9 يونيو 2002 : ( إننا نتعاون مع الاستخبارات الأمريكية قبل وقت طويل من الحادى عشر من سبتمبر ) وقال أيضًا : ( لقد قدمنا معلومات على مدى أكثر من عام قبل هجمات الحادى عشر من سبتمبر ولكننا كثفنا منها خاصة بعد الحادى عشر من سبتمبر بعد أن زرعنا بطريقة ما أشخاصًا يتمتعون بصفات خاصة كانوا هناك فى أفغانستان ) .. إنه بهذا الاعتراف الرهيب يقر بأنه كان ينقل أخبار المجاهدين المسلمين إلى القوات الأمريكية الكافرة ويعمل جاسوسًا لحساب أمريكا !!

يقول حسب الله الكفراوى : ( لولا وقفة مبارك ما كان لأمريكا ـ أكبر قوة فى التاريخ والعالم والمعاصر ـ أن تدخل إلى المنطقة تحت أى مسمى ، وإلا كانت هناك فيتنام أخرى أو حرب صليبية ، لكن الذى أعطاها الشرعية هو الرئيس مبارك ، والرئيس مبارك هو الذى جعل الملك فهد يطلب قوات أمريكية ، وأن مصر هى التى صنعت حرب الخليج ) ... هذا قول الوزير حسب الله الكفراوى الذى كان محسوبًا على النظام المصرى الذى يخضع لحكم مبارك .

ويقول الدكتور محمد عباس : ( لقد حصلت مصر فى عهد السادات على نصف جائزة نوبل ، وقيل أيامها انها كانت جائزة فى التمثيل .. الآن مصر لا تمثل بل تقدم خدمات حقيقية وجادة لأمريكا لا تقاس بها أى خدمات قدمتها أى دولة أخرى فى العالم ) .

إن قائمة التعاون المصرى الأمريكى فى هذا المجال أمر لا يمكن حصره ، وهذا ما يدفعنا لتصديق تومى فرانكس حتى لو كان كاذبًا ، لأن الرئيس مبارك يستحق هذه الاتهامات وأكثر بعد أن عاش فى الظل الأمريكى لأكثر من ربع قرن وقبل أن يدور مع الدائرين فى الفلك الأمريكى البغيض ، ومن حام حول الحمى سقط فيه ، ولقد سقط مبارك ولن تقوم له قائمة لأنه لم يعمل وفق عقيدة إيمانية تمنعه من موالاة الكفار ، ولم يعمل بنصيحة سيدنا رسول الله القائلة : (( إحذروا الشبهات )) والذى يضبط فى ملهى ليلى لا يمكن أن يدعى أنه كان يصلى ، ومن يصادق المجرم لابد أن يكون مثله ، ويظل المرء على دين خليله حتى يفارقه ، ومبارك حتى هذه اللحظة التى ترتكب فيها أمريكا أبشع الجرائم فى حق اخوتنا فى العراق وفلسطين ـ مازال متمسكـًا بعلاقاته بأمريكا ومازال يتباهى بتلك العلاقة ويصفها فى كل مناسبة بالعلاقة الاستراتيجية ضاربًا عرض الحائط بكل ما جاء فى القرآن والسنه بخصوص موالاة الكفار وقضايا الولاء والبراء على الرغم من علمه بالنص القرآنى (( ومن يفعل ذلك فليس من الله فى شئ )) ولقد تجاوز الرئيس مبارك فى علاقته بأمريكا مرحلة الركون ووصل إلى مراحل التبعية والإندماج ناسيًا ـ أو متناسيًا ـ قول الله تعالى : (( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار )) وها هو الشرر يتطاير من فم تومى فرانكس ويصل إلينا عن طريق مبارك ، ويضع حاكمنا فى وضع لا يُحسد عليه ، لأننا لو صدقنا تومى فرانكس فمن الضرورى أن نـُحمل الرئيس مبارك تبعية كل ما حدث ويحدث الآن فى العراق .

إن الفتنة أشد من القتل ، ولقد سبقت فتنة مبارك قتل الأمريكان لإخوتنا فى العراق .

إن نقد الرئيس مبارك لا يجلب لنا غير الأسى والأسف لأننا ننتقد رجلاً كان فى يومًا من الأيام موضع فخر الأمة حينما قاد الضربة الجوية الأولى فى حرب أكتوبر 73 ... كان موضع فخرنا ـ يومًا ما ـ فصار اليوم كما نراه ... ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : (( إن منكم من يعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه القول ويعمل بعمل أهل النار فيكون من أهلها .... ))

إن تاريخ مبارك الوطنى توقف تمامًا عند حرب أكتوبر ، وبدأ تاريخه المؤسف مع شعبه ووطنه منذ اليوم الأول لتولى السلطة وارتباطه المريب بأمريكا ، ولا أمل فى إصلاح مبارك بعد أن ختم الله على قلبه وسمعه وبصره ولم يعد يرى إلا ما تراه أمريكا .

والمشكلة ان مبارك لا يجد أدنى معارضة من أى مؤسسة أو جهة فى الدولة فهو يتصرف بمنتهى الحرية وفق مزاجه الخاص ولا يجد من يحاسبه بعد أن صنع مؤسسات الدولة بنفسه وقام نظامه على ادارتها ، ولذلك فإنه لا يخشى على مستقبله السياسى من أى مقاومة حقيقية بعد أن تم تغييب الشعب وتنحيته عن قضايا الأمة ، ومبارك يعتمد فى كل قراراته على مجموعة من المثقفين الذين ينتموا إلى المدرسة الأمريكية ويديروا مصالحها فى البلاد ، ولذلك فإننا لا نشاهد على السطح أى خلافات عند اتخاذ القرارات الصعبة لاتفاق الجميع فى الرؤيا والهدف حسبما يريد مبارك وتريد أمريكا .

والمثقفون فى مصر استحسنوا نفاق الحاكم واستسهلوا هذا الطريق وأصبحت مغازلتهم للحاكم لا تتوقف صباح مساء .. يمجدوه فى الخطأ ويمجدوه فى الصواب .. إذا سافر بكوا عليه نثرًا وشعرًا ، وإذا عاد حمدوا الله على سلامته نفاقـًا وكذبًا ، وإذا مرض قالوا فيه قصائد ، وإذا تعافى عاشوا تحت أقدامه ما بين راكع وساجد !!

لقد اختار المثقفون الطريق السهل لبلوغ المناصب والعيش فى الأضواء .. تركوا العمل وتفرغوا لمغازلة الحاكم والتسبيح بحمده ، وفى النصف قرن الأخير لم يصل مسئول واحد إلى منصبه عن طريق عمله وإخلاصه وإنما عن طريق تملقه ونفاقه ، والحكام والمثقفون بعضهم أولياء بعض .. كل منهم يفسد الآخر بنفاقه وكذبه .. مبارك يعطى جوائز الدولة التقديرية والأوسمة واليناشين ، والمثقفون يدعمون أركان حكمه بنشر الزيف والكذب على الملايين .. هذه الأمور أفسدت المناخ العام فى مصر وأبعدت الصالح والمتميز بعيدًا عن الصورة بعد أن قفلت الدولة فى وجهه كل طرق العمل والإنتاج ويسرت له طرق التزلف والنفاق .

ومنظومة الفساد إذا تمكنت من أمة تحولت إلى قوة قهر فاعلة تضمن لنفسها الاستمرار والتماسك وإخضاع كل حاكم جديد لإرادتها ، بحيث انها لا تتغير بتغير الحاكم وإنما هى التى تغير الحاكم وتخضعه للعمل وفق منظومتها ورؤيتها الخاصة ، وذلك لشعور الحاكم بأن هذه المنظومة التى تنتشر وتتغلغل فى كل قطاعات الدولة هى القادرة على منحه الشرعية الدائمة أو سلبها منه .

مشكلتنا الكبرى تكمن فى أننا فرطنا فى كل شئ .. حتى فى القيم والمبادئ ـ مقابل جهالات من العلِم الكاذب الذى لا يقدم ولا يؤخر ..

لقد وضعت الأمة ثقتها فى مثقفون خونه ، وتركنا الحبل على الغارب لكل وضيع عاد من الغرب وهو يحمل شهادات علمية لا تخدم إلا صاحبها .. هؤلاء القوم الذين أرسلناهم للتعلم فى دول الغرب لم نؤهلهم أولاً من حيث التربية والخلق القويم ، ولم نربهم على الوطنية وعشق الوطن ، وتركناهم فريسة سهلة لأطماع الغرب ومشاريعه ، فعادوا إلينا بشهادات لم يؤهلوا من حيث التربية لحملها بعد أن افتقدت لبنات تكوينهم الأولى أصول التربية الإسلامية القويمة التى تحفظهم من السقوط والتدنى .

لقد فرحنا كثيرًا بحملة الدكتوراه ، ولم ندرك أبدًا أن دمار الوطن سيكون على أيدى هؤلاء القوم الذين عادوا من الغرب بعقول غير العقول وآمال غير الآمال .. فرحنا بهم فرحة الأم التى ضحت بكل شئ وجاعت وتعرت من أجل تعليم إبنها وهى لا تدرى أنه بالعلم الفاسد سينسلخ عنها ويتبرأ منها ويفرط فيها .. عاشت تتباهى به ويستعر منها ، وتتحدث عنه وينكرها .. عاد إلى وطنه وكأنه عائد إلى الجحيم .. عاد وترك قلبه هناك ، وعيون الغرب تراقبه خطوة خطوة وتـُعبد له الطريق حتى يصبح الدكتور وزيرًا ، والوزير رئيسًا للوزراء ، واللص حاكمًا للبلاد ، حتى تكتمل منظومة الفساد التى تتحكم فى كل مقدرات البلاد .

كل مصائب الأمة أتت من المثقفين من أسبانيا إلى أفغانستان وباكستان حتى وصلت إلى العراق وفلسطين مرورًا بكل العواصم العربية من المحيط إلى الخليج ..

إنها اللحظة الجهنمية التى تمكن الغرب فيها من مقدراتنا وتسلل عن طريقها إلى ديارنا وعقولنا ..

إن أفضل مفكرينا الآن وكتابنا وغالبية النخب المثقفة يطلون علينا من كل منافذ الثقافة والإعلام ليزيفوا الوعى وينشروا الوهن ويرغبوا السقوط ويدعوننا للتكيف مع الخطأ والتعاون مع قوات الاحتلال من خلال دعوة التحضر والعقلانية .

أنظر إلى مثقفو الوطن فلا أجد إلا دُمى صنعها الغرب على عينه يحركها وقتما يشاء وينفذ بها ما يشاء .. يدفع ببعضهم داخل البلاد الآمنة لإحداث الفتنة من الداخل ، ويحتفظ ببعضهم لإثارة القلاقل والزلازل وتنصيبهم عند النوازل كما هو الحال فى أفغانستان والعراق .

أرجو أن ينتبه كل قارئ ويستطلع بنفسه أحوال أمته ويرقب من يخون ويعرف من يغدر ويعبث بأمن الوطن وسلامته .

الفلاح فى أرضه لم يخون .. العامل فى مصنعه لم يخون .. الإنسان البسيط لم يخون .. الخيانة خرجت من رحم العِلم الغير أخلاقى .. العلم الذى لا يعرف الشرف أو الفضيلة والذى لم يجعل للوطن نصيبًا من تفكيره ..

إن العلم النافع يُعد أحد روافد الحكمة ، وإذا لم يقترن العلم بالحكمة يصبح بعد أن يتمكن من ألد أعداء الحق والحكمة ، وأخطر ما يواجه العالم اليوم هو انسحاب الحكمة من كل شئ بعد أن اكتسحت المادية حياة الناس ، واحتل العلم الملوث قواعد الحكمة المهشمة وطردها منه مغترًا بقوته وقدرته على التغيير بعد أن تنوعت أسلحة دماره وتغلغلت فى الخونه أفكاره ، وجلست الحكمة وحيدة ما بين العقل والعدل وإلى جوارها أسلحة المنطق والصبر ، فالمنطق لا يفيد إذا ما ووجه بالقبضة الحديدية ، والصبر لا يصلح إذا ما ووجه بسرعة العلم الأسطورية .

انتبــاه

نجح السيستانى فيما فشلت فيه أمريكا وعملائها .. استطاع السيستانى أن يضرب المقاومة فى مقتل ... سلاح السيستانى الذى وجه ضد المقاومة العراقية كان أقوى من الصواريخ والطائرات الأمريكية ... يا قوم ... هل تعالج بريطانيا السيستانى من أجل أن يرتد عليها فى العراق ويناصبها العداء ؟!!السيستانى وإيران والبرادعى يحتاجوا إلى ألف علامة استفهام!!

_____________________________

[email protected]

شبكة البصرة

السبت 12 رجب 1425 / 28 آب 2004

عدد مرات القراءة:
1986
إرسال لصديق طباعة
 
اسمك :  
نص التعليق :