الكاتب : د. نوري المرادي
أفتى باقر حكيم يوم أمس ((بعدم جواز العنف سبيلا ضد قوات التحالف لإنهاء إحتلالها للعراق)) لكنه أضاف لفتواه بحياء، أن: ((العنف يجب أن يكون السبيل الأخير))
وهكذا، يتحفنا إبن عائلة حكيم الأصفهاني بفتوى جديدة، بعد فتاويها وطروحاتها السابقة من قبيل: (جواز إتخاذ الكفار أولياءً رغم تحريم القرآن) و(تحريم رد الجندي على النار في القتال في كردستان، وإن كان واضحا أن بعض الكتائب الكردية بقيادة الموساد اليهودي) و(تكفير الشيوعية) و(معاداة الزعيم الراحل عبدالكريم قاسم).
ولا يخفى أن لاحقة ((أن يكون العنف هو السبيل الأخير)) مفبركة على إلتزامات أعطاها حكيم خلال تعامله السابق مع الأمريكيين وخصوصا في مؤتمر لندن سيء الصيت. لأن العنف وحيث يجب أن يكون هو السبيل الأخير، فلابد إن اللجوء إليه يتم حين يثبت شرعا أن الأمل إنقطع نهائيا بتكوين حكومة وطنية، ويثبت شرعا أن وعد الأمريكان بشأن مؤقتية خلافتهم للعراق منسوخ حرفيا عن وعد معاوية إبن أبي سفيان للإمام الحسن (ع) وبشهادة أربعة مراجع عدول. قبل هذا لا يجوز قطع الأمل،،، والذي حتما سوف لن ينقطع وخلفه عملاء نجيبون للمحافل الماسونية كباقر وعبدو الذين تربوا بحضرة أخيهم الأكبر مهدي وأبيهم محسن. ناهيك عن التلاعب اللئيم والتحريف الذين سينتهجهما هذين الأخوين، والذي تبدو علاماته واضحة من الآن عبر التشويه المقصود عندما يكني حكيم بفتواه عن ((المقاومة المسلحة)) بتسمية ((العنف)) وكذلك من خلال التركيز على التسمية (قوات التحالف) أو ربطها المباشر مع الإحتلال.
على أن هذا يبقى أهون من توقيت الفتوى ذاته.
فمالمعلوم، أن الأمم المتحدة حين إعترفت بالأمريكيين كقوة إحتلال، فقد شرعت مقاومتهم، بكافة السبل. وأهمها، بله السبيل التقليدي الوحيد بمعرفة الأمم المتحدة وبمعرفة ساسة العالم أجمع، وهو المقاومة المسلحة. والفتوى إذا لتقلل من شرعية المقاومة ليس إلا.
كما بات واضحا للشعب العراقي وللعالم ونقلا بالصورة الحية، أن المحتل صار يتصرف كالجبان الذليل الذي ما أن يختلي ببيت أو شارع حتى يعيث به فسادا وموتا غير عابئ بشرف ولا بحرمة ولا بحياة إنسان. ويداهم بالليل وبالنهار ومتى أمره مزاجه. لكن حكيم يرى في هذا أمرا يحل بال مجادلة والإسترحام وحسب.
كما باتت واضحة تلك الفاجعة الكبرى التي صارت حديث القاصي والداني وهي شراء اليهود للعقارات العراقية، تمهيدا لإدعاء سوف لن ننتظر طويلا حتى يظهر بأن هتلر قتل اليهود في الناصرية، وأن شارون ولد بالكفل. وعن هذه التي يراها ويسمعها لا يقول حكيم صهيون النجيب شيئا، إن ل م يباركها.
وعليه فلهذا الزنيم المدعي المرجعية أقول:
يا باقر مهلا!
لقد نبهك الله عز وجل ولم ترعو. فإن كنت ناسٍ فأذكرك. لقد صفعوك بالتعال في مسجد أعظم في قم وصفعوا مجيد خوئي بالنعال في مسجد بطهران. ومجيد ذهب، وهي عبرة، فأنت لاحق به لا محالة، ويا سوء دربك!
ستذهب، وبحوبة آل البيت وحرمتهم على الله، ملعونا مسخا لا يكاد المرء يرى فيك هيئة البشر.
ستذهب، وبحوبة الأرض الطاهرة في الكوفة والنجف وكربلاء والكفل، التي بدأ رئيسك الصهيوني يشتريها بمباركتك. ستذهب ولن يتدنس ثرى العراق بجثتك!
أفت ما شئت! لن تنفع فتاويك حليفك الأمريكي، الذي بدأ يتكبد خسائر شديدة وبدأ المقاومون العراقيون الأبطال يذيقوه الموت غصة بعد غصة، وبدأوا يحولون بينه وبين حلمه بالمليارات القادمة من نفط العراق فلا يكاد يرقع أنبوبا حتى يفتقوا عليه آخر.
اللعنة على العملاء!
اللعنة على من تاجر بالدين!
اللعنة على وجه سيماؤه في الدنيا صفعة من نعال!
* * * * * * * * * * * * * * *
تلك الفتوى .. لتلك المعادلة!
شبكة البصرة
د. نوري المرادي
جراء فتواك، ما فوك يا باقر الذي فـُض!
على تعليقي على فتوى باقر حكيم الأخيرة، رد سادة، منهم شاكر زويد وحيدر السماوي والطريحي والدكتور وليد الحيالي، بعضهم شاتما والآخر مذكرا بفنيان الدنيا وضرورة أن يحتسب المرء لآخرته، فلا ينسى أن يحتاط بزاد من بركات حكيم.
(...)
إلا أن ما آلمني هو رد السيد رياض الطريحي. ليس لشدة كلماته، إنما لما عسكه. فهي خيبة عظيمة حين أكتشف أن السيد رياض الطريحي يفترض بأن ما سمعه من الروزخونات كفاه فوضعه بمصاف المتكلمين. وهي خيبة أعظم حين أكتشف أن السيد رياض، هذا الذي إفترضته كاتبا عاقلا وطنيا، يظهر نفسه بهذا المستوى السطحي من التفكير فيساوي بين الإمام علي (ك) وبين باقر حكيم، فيعلن: ((إ ن نوري المرادي هو إبن ملجم )) لأنه نال من حكيم.
إخوتي! إنّ من أخذته الحمية على المراجع، أخطأ ولا شك. فلست أتهم المراجع ولست أتهم الدين، ولا الخليقة. وموقفى من السادة السستاني وفضل الله والشهيدين الصدر، والحائرى وغيره معروفة وموثقة، ويمكن مراجعتها على (كتابات) و(الحوار المتمدن) ولست بنية التكرار لأن هذا السيد أو ذاك تبرم على جهل.
والحمية على المراجع، هي أصلا حمية مسخ، لكونها لا تعكس مدى ورع المرجع، وإنما تعكس مدى تبعية المريد له. وهي إذن، هرمية حزبية كافرة حرام وعلى النمط الفاشي للحزبية. وجل الله وعلا عن أن يكون قد أنزل بها سلطانا، وتسامى أل البيت عن أن يقبلوها بمشايعيهم.
كما إنها حمية إنتقائية فاسدة، لآنها مبنية على العصبية الباطنية. فالذين تأججت عواطفهم فثاروا علي تناولي حكيم، هؤلاء، سبق وشتموا مراجع من وزن السيد فضل الله والحائري والروحاني والتبريزي،، وعلى مواقع الإنترنيت. شتموا أو تواطأوا عليها بالخرس.
وأنا حقيقة، وربما لكوني لست مشركا بالله، لا أضع حفنة من البشر، مراجع أو مسؤولين حزبيين، مصاف الآلهة وأفترض بهم المنقذ من الضلال السياسي في العالم. أنا لا أضع المراجع في غير موقعهم الصحيح. وموضعهم الصحيح هو علماء دين وحسب، وتماما كموقع علماء الدين السنة، وعلماء الدين المسيحيين، والمنداء، واليزيديين. موقعهم واحد لا يزيدون ولا ينقصون. فمن ساهم منهم ب مكافحة الإحتلال وعالج القضية الوطنية، فأجره على الله وعلى الشعب، وهو ليس منخي على أية حال، فمن الإيمان بالله الدفاع عن الوطن والحوب. ومن تعامل منهم مع عدو أمته، رغم منع الدين والكتب السماوية لهذا، وخان وطنه وشعبه، فمنبوذ من ذلك الشعب، والله سبحانه لا يقتص من شعب كره خائنه.
أما أن أحتسب لآخرتي كما طلب السيد السماوي، فهذا ما أفعله، رغم ماركسيتي. وأنا مثلا مقتنع كليا لو أن باقر حكيم عزيز على الله حقا لما صفعوه بالنعال على وجهه وفي مسجد وللأئمة على الله حق العصمة وإكرام جباههم. وما من إمام إلا أن أنتصر أو قتل دون دعواه، لا أن يسمح الله بصفعه بالأحذية. ومن صفع حكيم ليس عملاء نظام صدام ولا يهود ولا نصارى، بل هم شيعة لا يشك أحد بورعهم وتدينهم، وعلى مرأى من كل ساسة وقادة دولة إيران بما فيها إطلاعات التي صمم حكيم. ولا عاقبهم الله سبحانه ولا عاقبهم المرجع الأعلى للشيعة.
ربما! فالله يمهل ولا يهمل! وقد يعاقبني مستقبلا، لو صدقت دعوى العلامة رياض الطريحي من أن باقر حكيم بمصاف الإمام علي (ك). ولا راد لقضاء الله وحكمه. وهو عقاب أما أن يكون جماعيا أو بالدور. وفي كلتا الحالتين سأحاجج الباري عز وجل، أن يخفف علي العقاب مقارنة بالمئتي شخصية شيعية التي صفعته. أن يخففه عني، بحكم جهلي بمقام باقر ومقام المسجد، الأمر الذي كان لابد ويعرفه الذين صفعوه، بحكم إستهالهم العلم من المراجع.
السؤال الذي أوجهه للطريحي والسماوي وغيرهم من السادة الفائرة دماؤهم على باقر حكيم، هو: إن عائلة حكيم التي تسيل منها الفتاوي كاللعاب، لماذا لم تفت بمقاومة الإحتلال الإسرائيلي؟! وباقر حكيم لماذا يسكت الآن عن شراء اليهود للعقارات في العراق؟! وباقر حكيم، هل يتجرأ ويعرض على المسلمين الشيعة مواد ما إتفق عليه قبيل سماح المحتل له بدخول العراق؟!
فهل لفتوى حكيم علاقة بالمعادلة التي صاغها ساطع الحصري أم لا؟!
أعني، أن يكون ما للشيعة البكاء والنحيب، وما لغيرهم هو الحكم؟!
وحاشى أن أكون فتنيا، وحاشى أن أغمط حق طائفة على أخرى. إنما الوقائع تقول، أن الإحتلال راحل، فوق الدرع أو تحته. وإن الأرض، ذات الغالبية الشيعية مثلها مثل بقية الأراضي العراقية، تفور، وقد سمعنا ما قاله المواطن المجري بأنه لا ينتظر سوى الفتوى ليفجر نفسه بالعدو. والمراجع السنة، حاليا يناصرون المقاومين العراقيين الأبطال، ويدعموهم بالنصوص الشرعية والمال وحتى الأرواح. بينما، وفي حين يتحفز الصدريون من الشيعة للوثبة، يخرج هذا الدعي باقر حكيم، ليفتي بما ينجد المحتل من جانب، ومن جانب آخر، يزرع فتنة داخل الجسد الشيعي حيث لا مجال الآن على قائد شاب كمقتى الصدر، وهو الذي يعرف معدن باقر حكيم حق المعرفة، لا مجال له الآن بإصدار فتوى معاكسة ويبدأ بالمقاومة. لأن هذا معناه إقتتالا شيعيا شيعيا. ومن يشك بمقدرة باقر حكيم على هذا، فليراجع كيف تسبب بقتل الصدر الأول والصدر الثاني وإجهاض الإنفتاضة.
والنتيجة، أن ينشغل الشيعة بأنفسهم عوضا عن إشتراكهم الفعال بالمقاومة وطرد العدو. والعدو مطرود وراحل، وهو أما أن يتفاوض مع طارده، أو يترك له السلطة ويهرب بجلده. وليس سرا أن من يطرد العدو، هم مجموعة من العسكر أو السياسيين الذين سيعسكر العمل المقاوم أفكارهم. وهؤلاء سيحكمون العراق لسنة أو سنين قبل أن يقبلوا بإنتخابات عامة. وإن قبلوا، فسيكونوا قد ضمنوا مراتب الجيش بالكامل، وعندها، لن ينفع البكاء على غمط حقوق ولا المباهلة بالأكثرية. على الأقل من باب أن هذه الأكثرية لم تساهم بما يناسب حجمها في طرد المحتل.
هل إنتبهت يا طريحي، يا منتهل من الحكيم علمه، إلى هذا؟!
_____________________________
شبكة البصرة
الاثنين 11 رمضان 1425 / 25 تشرين الاول 2004