بسم الله الرحمن الرحيم
الكاتب يصادم ضرورة ظهور المهدي الموعود
على لسان النبي (ص) عند المسلمين بكونها فرضية مختلقة.
إذ كان الكاتب يفترض اختلاق روايات ظهور المهدي بيد الغلاة الباطنيين فماذا يصنع بروايات أهل السنة في صحاحهم وكتبهم الأخرى المعتمدة وماذا يصنع بحديث الثقلين هل هو من وضع الغلاة الباطنيين قبل زمن النبي (ص) أو في زمن النبي (ص) أو أن القرآن وسورة الكهف والخضر من وضع الغلاة.
وماذا يصنع بحديث الأئمة اثنا عشر كلهم من قريش، وبحديث من مات ولم يعرف أو يبايع إمام زمانه مات ميتة جاهلية، وحديث لا تخلو الأرض من حجة، وهل النبوة باطنية وبطون، وهل الوحي النازل على النبي غلو باطني ؟
والذي يظهر من الكاتب أن عقلية السرية في نظام المخابرات الدولية وقوى المال والسلاح في العصر الحديث هي عقلية غلو وغلاة باطنيين لأن الباطنية تدعو إلى السرية والتستر ففرق المخابرات فرق غلاة باطنية، والمنهج الصحيح أن يخرجوا إلى السطح في العمل شاهر ظاهر بكل أوراقهم وقواهم، ويظهر من الكاتب أن اتفاق المسلمين على وجود الخضر المذكور في سورة الكهف مع موسى، وقيامه بالوظائف الإلهية أن السورة من وضع الغلاة الباطنية وكذلك اتفاق المسلمين على بقاء الخضر في السرية والتستر حياً إلى يوم القيامة غلو باطني من جميع المسلمين.
ثم إنه يدعي اتفاق الكل على إنكار ولادة الإمام الثاني عشر بن الحسن العسكري وأنه لا ينكر هذا الاتفاق أحد، ولا أدري كيف لا يحترم الكاتب أبسط درجات العقل للقارئ وأن المخاطب له أدنى درجات الشعور والفهم، فكل الطائفة الإمامية المتفقة لا تملأ عيناه وكل ما ذكرناه في مقالة سابقة رداً عليه من قائمة ما يزيد على السبعة والثلاثين من عمدة علماء أهل السنة في كتبهم ذكروا ولادة وشدة الخوف المحيطة بها مع ذكر أسماء كتبهم وصفحاتها كل ذلك ربما لم يستطع الكاتب أن يبصره، ولكن القارئ بصير.
وكأن الكاتب يسبح في بحر الخيال الشعري ونغمات الألفاظ من دون معاينة المعاني التي يمرّ بها، ثم أنه يقرّ بمقام أهل البيت وأن الغلاة حاولوا أن يلصقوا أنفسهم بأهل البيت وهذا مناقضة لنفسه، فإنه لا يعترف بتراث أهل البيت وأقوالهم المتواترة في إمامتهم وإمامة المهدي ابنهم قبل تولده بقرنين إلى نصف القرن ثم أن الكاتب أراد تصوير اتحاد التأليه عند الغلاة بالمهدوية، بأن المهدوية طور من الأطوار السابقة على الألوهية، ولكن القارئ لا يجد إلا مداعبة الألفاظ الاطوارية في سجع الكلام.
والسبب في توحيده بين الاعتقاد بالمهدي في روايات الفريقين وبين الغلو والباطنية ولو كانت الروايات من طرق أهل السنة هو أن الكاتب يرى أن القول بظهور المهدي كمصلح للعالم يستلزم القول بالإمامة الإلهية ومن ثم يحتج على علماء السنة الذين يثبتون ولادة الإمام الثاني عشر بن الحسن العسكري بأنهم إما شيعة أو كلامهم ذكروا كافتراض فهو يرى التلازم بين الإقرار بوجود أو ظهور المهدي كمصلح إلهي للبشرية وبين الإمامة الإلهية، وحيث أنه يرى أن الإمامة الإلهية عين القول بالغلو وتأليه الأئمة أو القول بنبوتهم، فيرى أن المهدوية عين الغلو والتأليه ومن يرى أن روايات ظهور المهدوي وجدت في صحاح أهل السنة من قبل الغلاة أو أن علماء السنة الذين كتبوا الصحاح شيعة أو أن ذكرهم لتلك الروايات افتراض افترضوه لا إسناد خبر للنبي (ص).
أما سبب رأي الكاتب أن الإمام المعهودة إمامته من الله هي غلو ونبوة أو تأليه فيستدل عليه بما يلي :-
1 –
أنكم تقولون بأنه يعلم الغيب.
2 –
أنه يوحى إليه أو يلهم.
3 –
أن تعرض عليه الأعمال.
4 –
أنه أعلم من الملائكة.
5 –
يقدر على التصرفات التكوينية فهو شرك مع الله تعالى.
6 –
أن الإمام الثاني عشر ابن خمس سنين كيف تعلّم العلوم الدينية ويعلم الغيب.
لكن يجيبه الإمامية بقوله تعالى {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحد إلا من إرتضى من رسول} وعن الثاني بقوله تعالى { قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي} وقوله تعالى {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم} وقوله تعالى {إني جاعل في الأرض خليفة.... وعلم آدم الأسماء كلها} فعهد الله في سورة البقرة الإمامة لإبراهيم تعنى أن الإمامة عهد إلهي، وهو جاعل في الأرض خليفة فلم يكن التعبير جاعل نبياً أو رسولاً، وقوله تعالى بنحو التأبيد لهذا الجعل في الأرض.
وجوابهم عن الثالث: قوله تعالى {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} وقوله تعالى {كلا إن كتاب الأبرار لفي علييّن وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون} وعن الرابع قوله تعالى {وعلم آدم الأسماء كلها.... قال يا آدم أنبئهم بأسماء هؤلاء...... وقال للملائكة اسجدوا لآدم}، وعن الخامس {وقال الذي عنده علم الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} وقوله تعالى {وكفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب}، وعن السادس {يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبياً}، وقوله تعالى {أشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً، قال إني عبد الله آتاني الكتاب صبياً}، فكل هذه الأمور يثبتها القرآن لأفراد من البشر ولم تستلزم الوهية هؤلاء الأفراد وما ذكرناه نموذج من الآيات وإلا فهي كثيرة جداً في هذا الصدد، ولعل الكاتب لا يجرء على التصريح بالقول بأن في القرآن غلو ورائحة باطنية، وعلى كل حال فاللازم على الكاتب هوتركيزالحوارعلى البحث في مايثبته القرآن هل هو الامامة الالهية أم سلطة الجماعة بعد كون منهجه على عدم الوثوق بأي رواية من طرف السنة ولا من طرف الشيعة مضافاً إلى لزوم المنهج الحسي عنده وان كان غاب عن الحس فهو باطنية وغلو وتأليه.
ثم إن الكاتب يدعي اتفاق الكل على عدم ولادة الحجة ويعلل ذلك بان علماء السنة في مجموع مقالاته أن من ذكر ولادته من علماء السنة لعلهم شيعة والشيعة الذين ذكروا ولادته وضاعين ومختلقين.
ثم إنه يطعن على الإسماعيلية مع أنه يطالب الآصفي في نقاشه له باحتمال انطباق العترة في حديث الثقلين على أئمة الإسماعيلية، ولعله يؤمن بمنطق التضاد الديالكتيكي.
ثم أنه يكرر بأمانة وصفاء أنه لابد من التأكد من حقيقة الظروف المحيطة بوفاة الإمام فهو لم يتيقن من جور بني العباس.
ويدعي أن السرية في الولادة مذهب باطني، وهذا يستلزم أن ما في القرآن الكريم من خفاء وسرية ولادة موسى مذهب باطني تسلل إلى القرآن الكريم، ولن ابتعد عن الحقيقة إذا قلت أن منهج الكاتب يتطابق مع العلمانيين في عدم الوثوق بأي حديث مروي عند أهل السنة والشيعة كما لا يثق بما وراء الحس الظاهري حتى في إخبارات القرآن الكريم.
ولعله من هذا الباب حكمه بالغلو على مفاد الآية {إنا أنزلنا الكتاب لتحكم بين الناس بما أراك الله} وأن في الآية نحو شرك بالله.
ثم أنه ادعى أن الشيعة ترفض كتاب الصفار وما أدري من الذي روى الكتاب عن الصفات أليس هم أعلام ومراجع الطائفة فكيف رفضوا الكتاب!!.
ثم ادعى أن كل ما روى عن المهدي فهي الفزاري وآدم البلخي والرازي والخصيبي، ثم يناقض نفسه على منطق الديالكتيك بأن علماء الشيعية يرفضون أحاديث هؤلاء الأربعة.
فلا أدري كيف يجمع بين حصة الروايات حول المهدي في كتبنا عن هؤلاء الأربعة ويقرر بأن الشيعة يرفضون أحاديث الأربعة، كما في قوله أن العبرتائي شيخ الشيعة وإقراره بأن الشيعة لعنته وأن العبرتائي اختلق ولادة الإمام الثاني عشر، ولعله يرى شيخ القوم هو الذي يلعن من قومه وأن الذي يختلق مذهب يتبعه جماعه في مذهبه متابعتهم له هي بلعنه.
والحاصل أن المتراآى من منهج الكاتب هو عدم وثوقه بأي حديث مروي عن طرق أهل السنة والشيعة، عدم وثوقه بأي عقيدة ما وراء الحس الظاهري تحمل في طياته الغيب والغيبوبة عن الحس، أن ما يوجد في الشريعة مطلقاً من وراء الحس هو من صنع الغلاة والباطنية، وما أدري إذا وصلت النوبة إلى القرآن الكريم فماذا سيكون كلامه.
وعلى أية حال فالحوار معه في الروايات نقلية كانت أو تاريخية هو حوار في حلقة مفرغة لأنه يشكك في كل ذلك ولا يذعن بأي دليل وبرهان على حجية الخبر ولو المتواتر.
ثم انه يشكل على نظرية التقية وأنها خلاف الأمانة ومن مذهب الباطنية أيضاً ولا أدري ماذا يقول في الآيات الكريمة {بل فعله كبيرهم إن كانوا ينطقون} {أيتها العير إنكم لسارقون} {فلما رأى الشمس قال هذا ربي هذا اكبر} {إلا أن تتقوا منهم تقاة} ولعل التقية عنده تسربت إلى الآيات بفعل الغلاة الباطنية.
------------------
البحراني
|