الكاتب : د. أمير حداد
لماذا يغير المرء عقيدته؟
بينما كنت منهمكنا في اعداد احدى المحاضرات إذا باحدى الطالبات تستأذن في الدخول .. وما أن اذنت لها حتى دخلت ومعها صويحباتها . ولم يترك لي المجال لأسألها عن حاجتها فقد ابتدرتني قائله:
اريد أن اسألك سؤالا واحدا وارجو أن تجيبني بصراحة؟ ما الذي يجعل الأنسأن يغير عقيدته ؟
لم اكن اتوقع منها هذا السؤال ولكني لم اظهر اي علامة استنكار في اجابتي ..فظنت أنني أنتظر توضيحا فقالت:
لكي اوضح لك السؤال , لم يتنكر الأنسأن لعقيدة آبائه واجداده التي تربي عليها؟ وهل هناك شيء في الدنيا يستحق أن يغير الأنسأن عقيدته من اجله ..
اجبتها على الفور ..
أن سؤالا عاما كهذا لا يمكن اجابته الا بصورة عامة .. فهلا خصصت سؤالك ووضحت مأربك ؟
قالت: لماذا غيرت عقيدتك أنت ؟
ولم اشأ أن اسألها عن مصدر علمها أني غيرت عقيدتي ولم اكن افكر في يوم من الايام أني غيرت عقيدتي .. واجبتها..
لقد بحثت عن الحق في بطون الكتب وفي نقاشات السادة والعلماء ومن الأشرطة حتى شرح الله صدري لما أنا عليه الآن .
وهو الذي ارجو أن يكون ما كأن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته والذي ارجو أن يتوفاني عليه ..
قالت: ولكن الا تظن أن اصدقاءك وزوجتك هو الذين اثروا عليك؟
لم اشأ أن اجيب على هذا التساؤل فطرحت سؤالا آخر ..
هل تريدين أن تصلي الى الحق؟ تعالي نناقش بعض ما أنت عليه من عقائد .. أنت تعتقدين أن الصحابة جميعا ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم الا ثلاثة او خمسة اليس كذلك ؟
قالت: لنفترض أن ما قلته صحيح ..
قلت: كيف يتزوج رسولك بابنة رجل منافق يكفر بعد وفاته صلى الله عليه وسلم؟
أن احدنا نحن الرجال اذا سمع أن هناك سيء الأخلاق والسمعة - لا منافق ولا كافر فإنه لا يفكر بالاقتران بإبنته فكيف ترضين ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم .. بل ومع اثنين من زوجاته رضوان الله عليهم أجمعين ؟!
ثم كيف يصف تبارك وتعالى ابوبكر بالصحبة في قوله .. اذا يقول لصاحبه لا تحزن .. وتقولين أنه منافق .. أن إنكار صحبة ابي بكر رضي الله عنه كفر لأنه أنكار لشيء من القرآن.
قالت بثقة: ولكن كلمة صاحب لا تعني صحبة الالفة والمحبة دائما بل قد تكون صحبة مكان كما قال تعالى في قصة يوسف: يا صاحبي السجن.. فهل اصحاب سجن يوسف كانوا صحابة له.. اجبتها: وهل حقا تظنين أن الصحبة التي ذكرت في حق ابي بكر كتلك الني ذكرت لاصحاب يوسف .. وهل كان مخيرا في أن يدخل السجن او لا يدخل ليصاحب اولئك صحبة مكأن .
ثم كيف يقترن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم برجل يرتد بعد موته .. ام أنه كان يجهل كل هذه المساوئ في ابي بكر وعمر رضي الله عنهما .. وعلمهما غيره من البشر ..
ومن المعلوم في العقيدة أن زوجة الرجل في الدنيا هي زوجته في الآخرة أن دخلا الجنة .
قاطعتني قائلة: لم ارد أن أناقشك في الصحابة ولكن سؤالي كان عن سبب تغيير عقيدتك ؟ فقلت: بل هذا الأمر من صلب العقيدة .. فمن نقل لنا القرآن . ومن نقل لنا السنة .. إننا إن قلنا أن الصحابة كفروا أو ارتدوا فإننا نطعن في صحة القرآن الذي بين أيدينا . وقد طعن كثيرون في صحته في امهات الكتب المعتمدة عندهم. فكل ما نعتقده باطل لأن الكافر ليس اهلا بنقل شيء من الاخبار.
قالت: وهل تنكر أنت الإمامة؟ قلت: أن كنت تعنين الإمامة بمعنى الصلاح والتفضيل بالتقوى والإيمان فأني اثبتها لابي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن والحسين وزين العابدين والصادق رضوان الله عليهم اجمعين .. أما أن كنت تردين بالإمامة تلك المنزلة التي تؤهل الامام أن يتصرف في الكون كيف يشاء ويعلم الغيب ويبلغ مراتب الرسل والملائكة المقربين .. فأني لا اثبت هذا الأمر .. وسيد الأئمة وهو محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكن له تصريف شيء في هذا الكون .. ولم يكن يعلم الغيب لقوله تعالى: ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء . فأي امامة تردين؟
قالت: لنرجع الى موضوع العقيدة؟
قلت: ابدئي من حيث شئت . تردين أن نبدأ بقضية الايمان بالله تعالى واسمائه وصفاته ام الإيمأن بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم ام الإيمأن بالقرآن . قالت: ظننت أننا متفقون في قضايا الإيمان بالله والرسول والقرآن؟
قلت: هذا مجرد ظن .
فالعقيدة المسطرة في امهات الكتب التي تعتبرينها مراجع صحيحة تناقض العقيدة المسطرة في الكتب التي اعتبرها أنا مراجع صحيحة ولهذا الإختلاف في المراجع ارتأيت أن نبني نقاشنا على شيء نتفق عليه .. فأن كنت تؤمنين بأن كتاب الله مرجع .. فإني سأثبت لك أن تلك المراجع المعتمدة تخالف ما في القرآن .. وأن كنت نعتقدين أن القرآن الذي بين ايدينا محرف .. فإني سأثبت لك بالعقل أن ما أنت عليه لا يتفق والفطرة السليمة. قالت مقاطعة: ولكني اعتقد أن هذا القرآن غير محرف وصحيح ولا غبار عليه بع هذه عقيدة كل مسلم.
قلت: فإن اخترت لك حديثا صحيحا صريحا في احد مراجعك يقول أن هذا القرآن محرف .. ترددت قليلا ثم قالت: لعلك لم تفهم معنى الحديث كما ينبغي .
قلت: بل سألحق الحديث بشرح صاحب الكتاب واخذ شرحه هو لا شرحي أنا .
قالت: في اي كتاب هذا؟
قلت: هذه مشكلتك ومشكلة الكثيرين .. أنهم لا يعرفون اصول دينهم وما تحويه مراجعهم المعتمدة عند علمائهم .. اقرئي حديث كذا في صفحة كذا من كتاب كذا .. للعالم كذا. واقرئي ما سطر في كتابه صفحة كذا.. وعندما تتيقنين أن ما اقول لك موجود .. عندئذ نستطيع أن نكمل النقاش
_____________________________
المصدر: كلمات في العقيدة - تأليف الدكتور: أمير حداد ، ص، 158
الدار السلفية ، ط 1 - 1986م