رؤية الله تعالى في ضوء القرآن والسنة والعقل
رؤية الله تعالى موضوع مهم والعلم به ضروري ؛ إذ أنه باب من أبواب العقيدة الإسلامية، وقد أوردنا في هذا المبحث خلاصة اعتقاد أهل السنة والجماعة في إثبات رؤية المؤمنين ربهم في الجنة، وأن رؤيتهم لربهم في الدنيا ممكنة ولم تقع لأحد لضعفنا وعجزنا، وأدلة أهل السنة والجماعة في إثبات رؤية الله تعالى قطعية الثبوت من جهة القرآن فهو قطعي كله ومن جهة السنة فقد نقلت أحاديث إثبات الرؤية نقلاً متواترًا، لذا لم نبحث في سندها ورواتها عملاً بمنهج أهل مصطلح الحديث، فهي تفيد العلم اليقيني، وقد قسّمنا البحث في فصول تسعة هي:
1 - الرؤية في الدنيا.
2 - الرؤية في الآخرة من الكتاب والسنة.
3- الرؤية في الآخرة من كتب الشيعة.
4 - هل رأى محمدًا صلى الله عليه وسلم ربه ؟
5 - مناظرات حول الرؤيا.
6- من أقوال أئمة السنة في إثبات الرؤيا.
7- وقفة مع آية ( لَن تََراِني )..
8- هل الرؤية تستلزم التجسيم ؟!
9- العجز في تفسير حرف ( إِلَي ) في الآية.
10- المصادر (1)
الرؤية في الدنيا: رؤية الله تعالى عند أهل السنة ممكنة في الدنيا وإن لم تقع لأحد، وتعليل ذلك كما ذكر صاحب الطحاوي: يرجع إلى عجز أبصارنا، لا لإمتناع الرؤية، فهذه الشمس إذا حدّق الرائي البصر في شعاعها ضعف عن رؤيتها لا لإمتناع في ذات المرئي ؛ بل لعجز الرائي، فإذا كان في الدار الآخرة أكمل الله قوى الآدميين حتى أطاقوا رؤيته، ولهذا لما تجلى الله للجبل ( خر موسى صعقًا، فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين ) (الأعراف:143). ولهذا كان البشر يعجزون عن رؤية الملك في صورته ؛ إلا من أيّده الله كما أيّد نبينا، قال الله تعالى: ( وقالوا لولا أنزل عليه ملك، ولو أنزلنا ملكًا لقضي الأمر ثم لا ينظرون، ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون) (الأنعام:8،9).
ومن أقوى الأدلة على إمكانية الرؤية في الدنيا سؤال موسى عليه السلام الرؤية: ( قال رب أرني أنظر إليك، قال لن تراني ؛ ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني ) (الأعراف:142، 143 )، وذلك من عدة أوجه:
أولاً: لا يظن بكليم الله ورسوله الكريم وأعلم الناس بربه في وقته أن يسأل ما لا يجوز.
ثانيًا: أن الله عز وجل لم ينكر عليه سؤاله: ولما سأل نوح عليه السلام ربه نجاة ولده أنكر عليه سؤاله، وقال:( إني أعظك أن تكون من الجاهلين )(هود:46).
ثالثًا: أنه تعالى قال: ( لن تراني )، ولم يقل: إني لا أُرى، ولا تجوز رؤيتي، أو لست بمرئي، والفرق بين الجوابين ظاهر.
رابعًا: وهو قوله تعالى: ( ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني ) (الأعراف:143)، فاعلمه أن الجبل مع قوته وصلابته لا يثبت للتجلي في هذه الدار، فكيف بالبشر الذي خلق من ضعف ؟!!.
(2) الرؤية في الآخرة: رؤية الله تعالى لأهل الجنة حق بغير إحاطة ولا كيفية، كما نطق به الكتاب العزيز.. قال تعالى: ( وجوهٌ يومئذٍ ناضرةٌ * إلى ربها ناظرةٌ ) (القيامة:2223)، وتفسير ذلك على ما أراد الله تعالى وعلمه، وكل ما جاء في ذلك من الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كما قال، ومعناه على ما أراد، وقد خالف في ذلك الجهمية والمعتزلة والخوارج، والإمامية، وقولهم باطل مردود بالكتاب والسنة، فقد قال بثبوت الرؤيا الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام المعروفون بالإمامة والدين وأهل الحديث.
الأدلة من القرآن:
1 - قول الله تعالى: ( وجوهٌ يومئذٍ ناضرةٌ * إلى ربها ناظرةٌ )(القيامة:2223) في تفسير الطبري عن الحسن قال: " نظرت إلى ربها فنضرت بنوره "، وقال عكرمة: ( وجوهٌ يومئذٍ ناضرةٌ ) قال: " من النعيم"، ( إلى ربها ناظرةٌ ) قال: " تنظر إلى ربها نظرًا "، ثم حكى عن ابن عباس رضي الله عنهما مثله.
2 - قول الله تعالى: ( لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد )(ق:35) قال الطبري في جامع البيان: " قال علي بن أبي طالب، وأنس بن مالك رضي الله عنهما: " هو النظر إلى وجه الله عز وجل ".
3 - قول الله عز وجل: ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة )(يونس:26).. فالحسنى:هي الجنة، وزيادة: هي النظر إلى وجهه الكريم.. فسرها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الإمام مسلم عن صهيب قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) قال: [ إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، نادى منادٍ: يا أهل الجنة: إن لكم عند الله موعدًا ويريد أن ينجزكموه، فيقولون: ما هو ؟ ألم يثقل موازيننا، ويبيض وجوهنا، ويدخلنا الجنة، ويجرنا من النار؟ فيكشف الحجاب، فينظرون إليه، فما أعطاهم شيئًا أحب إليهم من النظر إليه وهي الزيادة ]
الأدلة من السنة:
4 - وقد جاءت الأحاديث في إثبات الرؤية كثيرة وأهمها حديث أبي هريرة في الصحيحين: [ أن ناسًا قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: هل تضارون الشمس ليس دونها سحاب ؟ قالوا: لا، قال: فإنكم ترونه كذلك ].
(3) الرؤية في الآخرة من كتب الشيعة: فقد جاء في "لئالى الأخبار" (4/410-411 ) لعمدة العلماء والمحققين محمد التوسيركاني في " باب في أن أهل الجنة يسمعون صوته " هذا الحديث - وهو حديث طويل - ونصه: ( في أن أهل الجنة يسمعون صوته تعالى ويخاطبهم وينظرون إليه وهما ألذ الأشياء عندهم قال (ع) في حديث يذكر فيه إشتغال المؤمنين بنعم الجنة: فبينما هم كذلك إذ يسمعون صوتاًمن تحت العرش: يا أهل الجنة كيف ترون منقلبكم ؟ فيقولون: خير المنقلب منقلبنا وخير الثواب ثوابنا، قد سمعنا الصوت واشتهينا النظر وهو أعظم ثوابنا وقد وعدته ولا تخلف الميعاد فيأمر الله الحجاب فيقوم سبعون ألف حاجب فيركبون على النوق والبرازين وعليهم الحلى والحلل فيسبرون في ظل العرش حتى ينتهوا إلى دار السلام وهي دار الله دار البهاء والنور والسرور والكرامة فيسمعون الصوت فيقولون: يا سيدنا سمعنا لذاذة منطقك وأرنا وجهك فيتجلى لهم سبحانه وتعالى، حتى ينظرون إلى وجهه تبارك وتعالى المكنون من كل عين ناظر فلا يتمالكون حتى يخروا على وجوههم سجدا فيقولون: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك يا عظيم قال فيقول: يا عبادي إرفعوا رؤسكم ليس هذا بدار عمل.... فإذا رفعوا رفعوها وقد أشرقت وجوههم من نور وجهه سبعين ضعفا ثم يقول: يا ملائكتي أطعموهم واسقوهم..يا ملائكتي طيبوهم فيأتيهم ريح من تحت العرش يمسك أشد بياضا من الثلج ويعبر وجوههم وجباههم وجنوبهم تسمى المثيرة فيستمكنون من النظر إلى وجهه فيقولون يا سيدنا حسبنا لذاذة منطقك والنظر إلى وجهك لا نريد به بدلا ولا نبتغي به حولا فيقول الرب إني أعلم أنكم إلى أزواجكم مشتاقون وان أزواجكم إليكم مشتاقات ارجعوا إلى أزواجكم قال: فيقولون: يا سيدنا اجعل لنا شرطاً قال فإن لكم كل جمعة زورة ما بين الجمعة سبعة آلاف سنة مما تعدّون قال فينصرفون فيعطى كل رجل منهم رمانة خضر في كل رمانة سبعون حلة.... حتى يبشروا أزواجهم وهن قيام على أبواب الجنان قال: فلما دنى منها نظرت إلى وجهه فأنكرته من غير سوء، وقالت: حبيبي لقد خرجت من عندي وما أنت هكذا قال: فيقول: حبيبتي تلومني أن أكون هكذا وقد نظرت إلى وجه ربي تبارك وتعالى فأشرق وجهي من نور وجهه، ثم يعرض عنها فينظر إليها نظرة فيقول: حبيبتي لقد خرجت من عندك و ماكنت هكذا فنقول: حبيبي تلومني أن أكون هكذا، وقد نظرت إلى وجه الناظر إلى وجهه ربي فأشرق وجهي من وجه الناظر إلى وجه ربي سبعين ضعفا، فنعانقه من باب الخيمة والرب يضحك إليهم ).
وفي " البحار" (8/126ح27 باب الجنة و نعيمها ) عن عاصم بن حميد عن أبي عبد الله (ع) قال: (مامن عمل حسن يعمله العبد إلا وله ثواب في القرآن إلا صلاة الليل، فإن الله لم يبين ثوابها لعظيم خطرها عنده فقال:{ تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا} إلى قوله:{ يعملون } ثم قال: إن لله كرامة في عباده المؤمنين في كل يوم جمعة، فإذا كان يوم الجمعة بعث الله إلى المؤمن ملكا معه حلة فينتهي إلى باب الجنة فيقول: اسأذنوا لي على فلان فيقال له: هذا رسول ربك على الباب، فيقول: لأزواجه أي شيئ ترين عليّ أحسن ؟ فيقلن: يا سيدنا والذي أباحك الجنة ما رأينا عليك شيئا أحسن من هذا بعث إليك ربك، فيتزر بواحدة ويتعطف بالأخرى فلا يمرّ بشيئ إلا أضاء له حتى ينتهي إلى الموعد، فإذا اجتمعوا تجلى لهم الرب تبارك وتعالى، فإذا نظروا إليه خرّوا سجدا فيقول: عبادي ارفعوا رؤوسكم ليس هذا يوم سجود ولا يوم عبادة قد رفعت عنكم المؤونة، فيقولون: يارب وأي شيئ أفضل مما أعطيتنا، أعطيتنا الجنة، فيقول: لكم مثل ما في أيديكم سبعين ضعفا، فيرجع المؤمن في كل جمعة بسبعين ضعفا مثل ما في يديه وهو قوله:{ وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } وهو يوم الجمعة ).
وأخرج الصدوق في " التوحيد" (ص117ح20 ) بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: قلت له: أخبرني عن الله عز وجل هل يراه المؤمنون يوم القيامة ؟ قال: نعم، وقد رأوه قبل يوم القيامة، فقلت: متى ؟ قال: حين قال لهم: { أَلَسْتُ بِرَبّكُمْ قَالُوا بَلَى } ثم سكت ساعة، ثم قال: وإن المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم القيامة، ألست تراه في وقتك هذا ؟ قال أبو بصير: فقلت: له جعلت فداك فأحدث بهذا عنك ؟ فقال لا، فإنك إذا حدثت به أنكره منكر جاهل بمعنى ما تقوله ثم قدر أن ذلك تشبيه كفر وليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين، تعالى الله عما يصفه المشبهون والملحدون.
وجاء اثبات الرؤية من كلام الامام السجاد رحمه الله تعالى الذي أعرض " المؤلف الأمين " عن ذكره هنا واقتصر على بعض الأذكار بقوله " وإليك ما يحضرني من نصوصها في الموضوع "، فحاول طمسها في مهدها، ولو كانت هذه النصوص في صالحه ما طمسها ومرّ عليها هكذا مرور الكرام، وهكذا يفعلون، ولكن شاء الله أن يفضح أمر " آية الكذب التدليس "، وإليك هذه الأدعية. قال في دعاء المتوسلين: ( وأقررت أعينهم بالنظر إليك يوم لقائك ). وقال في دعاء آخر وهو دعاء المحبين: ( ولا تصرف عني وجهك ). وفي دعاء آخر وهو: ( وشوقته إلى لقائك وضيته بقضائك ومنحته بالنظر إلى وجهك ). وفي دعاء آخر وهو مناجاة الزاهدين: ( ولا تحجب مشتاقيك عن النظر إلى جميل رؤيتك ). وفي دعاء آخر وهو مناجاة المفتقرين: ( واقدر أعيينا يوم لقائك برؤيتك ). وفي دعاء آخروهو في استكشاف الهموم ( رغبتي شوقاً إلى لقائك..) الصحيفة السجادية الكاملة ص: 317 أما ما لفقه عبد الحسين في كتابه " كلمة حول الرؤية " (ص39)، واستشهاده ببعض أدعية السجاد على نفي الرؤية، فإن هذا جهل بكلام العرب، وغريب أمر هذا المؤلف إذ كيف تستعجم عليه اللغة وقد وصل إلى درجة العلاّمة. فمثلا استشهاده بقول السجاد: ( إلهي قصرت الألسن عن بلوغ ثنائك كما يليق بجلالك، وعجزت العقول عن إدراك كنه جمالك، وانحصرت الأبصار دون النظر إلى سبحات وجهك، ولم تجعل للخلق طريقا إلى معرفتك إلا بالعجز عن معرفتك الحمد لله الأول بلا أول كان قبله، والآخر بلا آخر يكون بعده، الذي قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين، وعجزت عن نعته أوهام الواصفين...). فأين نفيه رحمه الله رؤية الله ؟، بل لم يستطع المؤلف أن يورد دعاء واحد يدل على نفي الرؤية وهذا عجيب، مما يدل أنه وأتباعه ليسوا شيعة أهل البيت، بل شيعة الطوسي والمجلسي والمفيد وأضرابهم !، بل وهذا من عقائد المعتزلة وغيرهم الذين نفوا رؤية الباري تعالى يوم القيامة، وأما مذهب أهل البيت هم على مذهب أهل السنة من السلف القائلين برؤية الله تعالى يوم القيامة.
(4) هل رأى رسول الله ربه ؟ هذه مسألة خلاف بين أهل السنة والجماعة، فمنهم من نفى رؤيته بالعين، ومنهم من أثبتها له، وحكى القاضي عياض في كتابه " الشفا " اختلاف الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم في رؤيته صلى الله عليه وسلم، وإنكار عائشة رضي الله عنها أن يكون صلى الله عليه وسلم رأى ربه بعين رأسه، وأنها قالت لمسروق حيث سألها: هل رأى محمدٌ صلى الله عليه وسلم ربه ؟ فقالت: لقد قف شعري مما قلت، ثم قالت: من حدّثك أن محمدُا صلى الله عليه وسلم رأى ربه، فقد كذب "(أخرجه البخاري ) ثم قال: وقال جماعة بقول عائشة رضي الله عنها، وهو المشهور عن ابن مسعود، وأبي هريرة. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم رأى ربه بعينيه "(رواه البخاري). والتحقيق في هذه المسألة هو ما قاله القاضي عياض في كتابه " الشفا ": وأما وجوبه لنبينا صلى الله عليه وسلم والقول بأنه رآه بعينه، فليس فيه دليل قاطع ولا نص، والمعول فيه على " آية النجم " والتنازع فيها مأثور، والاحتمال لها ممكن. قال القاضي ابن أبي العز الدمشقي في شرح العقيدة الطحاوية: " وهذا القول الذي قاله القاضي عياض رحمه الله هو الحق ".
(5) مناظرات حول رؤية الله تعالى: قال سفيان بن عيينة في شأن بشر بن غياث المريسي، وإنكاره الرؤية: قاتل الله الدويبة، ألم تسمع إلى قوله تعالى: ( كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون ) (المطففين:15) فإذا احتجب عن الأولياء والأعداء، فأي فضل للأولياء على الأعداء. (سير أعلام النبلاء 8:312). وقال الربيع بن سليمان: حضرتُ محمد بن إدريس الشافعي وقد جاءته رقعة من الصعيد فيها: ما تقول في قول الله تبارك وتعالى: ( كلا إنهم عن ربهم يؤمئذٍ لمحجوبون ) (المطففين:15) ؟ قال الشافعي: فلما أن حجب هؤلاء في السخط كان في هذا دليل على أنهم يرونه في الرضا. قال الربيع: قلت: يا أبا عبد الله وبه تقول ؟ قال: نعم، وبه أدين الله، لو لم يوقن محمد بن إدريس أنه يرى ربه لما عبد الله تعالى.(شرح السنة 3:506 برقم:883: طبقات الشافعية السبكي 2:81). وقال الشافعي أيضًا: ما حجب الفجار إلا وقد علم أن الأبرار يرونه عز وجل.(تفسير ابن كثير 4:451). وروى اللالكائي عن زكريا بن يحيي بن حمدويه قال: سمعت رفيق نُعيم بن حماد يقول: لما صرنا إلى العراق، وحبس نعيم بن حماد، دخل عليه رجل في السجن من هؤلاء، فقال لنعيم: أليس الله قال: ( لا تُدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) (الأنعام:103) فقال نعيم: بلى، ذاك في الدنيا، قال: وما دليلك ؟ فقال نعيم: إن الله هو البقاء، وخلق الخلق للفناء، فلا يستطيعون أن ينظروا بأبصار الفناء إلى البقاء، فإذا جدد لهم خلق البقاء فنظروا بأبصار البقاء إلى البقاء (شرح السنة3:508 برقم:890 ). مناظرة الإمام مالك للجهمية في رؤية الله تعالى: قال القاضي عياض في سيرة الإمام مالك: قال ابن نافع وأشهب وأحدهما يزيد على الآخر قلت: يا أبا عبد الله: ( وجوٌ يومئذٍ ناضرةٌ * إلى ربها ناظرةٌ ) (القيامة:22 23) ينظرون إلى الله ؟ قال: نعم، بأعينهم هاتين، فقلت له: فإن قومًا يقولون: لا يُنظر إلى الله، إن ناظرة بمعنى منتظرة إلى الثواب، قال: كذبوا، بل ينظر إلى الله، أما سمعت قول موسى عليه السلام: ( رب أرني أنظر إليك ) (الأعراف:143) ؟ أفترى موسى سأل ربه محالاً ؟ فقال الله: ( لن تراني ) في الدنيا ؛ لأنها دار فناء، ولا ينظر إلى ما بقي بما يفنى، فإذا صاروا إلى دار البقاء، نظروا بما بقي إلى ما بقي، وقال: ( كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون ) (المطففين:15). مناظرة الإمام أحمد للجهمية في الرؤيا: قال أحمد رحمه الله: فقلنا لهم: لم أنكرتم أن أهل الجنة ينظرون إلى ربهم؟!! فقالوا: لا ينبغي لأحد أن ينظر إلى ربه؛ لأن المنظور إليه معلوم موصوف لا يُرى، إلا شيء يفعله، فقلنا لهم: أليس الله يقول: ( وجوهٌ يومئذٍ ناضرةٌ * إلى ربها ناظرةٌ ) ؟ فقالو: إن معنى: ( إلى ربها ناظرة ) أنها تنتظر الثواب من ربها، وإنما ينظرون إلى فعله وقدرته، وتلوا آية من القرآن: ( ألم تر إلى ربك كيف مد الظل )(الفرقان:45). فقالوا: إنه حين قال: (ألم تر إلى ربك ) أنهم لم يروا ربهم ؛ ولكن المعنى ألم تر إلى فعل ربك، فقلنا: إن فعل الله لم يزل العباد يرونه، وإنما قال: ( وجوهٌ يومئذٍ ناضرةٌ * إلى ربها ناظرةٌ ) قالوا: إنما " تنتظر " الثواب من ربها. فقلنا: إنها مع ما تنتظر من الثواب هي ترى ربها، فقالوا: إن الله لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة، وتلوا آية من المتشابه من قول الله جل ثناؤه: ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) (الأنعام:103)، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف معنى قول الله: ( لا تدركه الأبصار ) وقال: [ إنكم سترون ربكم ]، وقال لموسى: ( لن تراني ) ولم يقل: لن أُرى، فأيهما أولى أن نتبع النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: [ إنكم سترون ربكم ] أو قول الجهمي حين قال: " لا ترون ربكم "، والأحاديث في أيدي أهل العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أهل الجنة يرون ربهم لا يختلف فيها أهل العلم.. وإنا لنرجوا أن يكون الجهم وشيعته ممن لا ينظرون إلى ربهم ويحجبون عن الله ؛ لأن الله قال للكفار: (كلا إنهم عن ربهم يومئذًٍ لمحجوبون ) فإذا كان الكافر يحجب عن الله، والمؤمن يحجب عن الله، فما فضل المؤمن على الكافر ؟! (الرد على الجهمية والزنادقة أحمد بن حنبل ص127129)
(6) من أقوال أئمة السنة في إثبات الرؤية: قال ابن قدامة المقدسي في " لمعة الاعتقاد ": " والمؤمنون يرون ربهم في الآخرة بأبصارهم ويزورونه، ويكلمهم ويكلمونه، قال الله تعالى: ( وجوهٌ يومئذٍ ناضرةٌ * إلى ربها ناظرةٌ ) وقال تعالى: ( كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون ) (المطففين:15)، فلما حجب أولئك في حال السخط دل على أن المؤمنين يرونه في حال الرضى، وإلا لم يكن بينهما فرق، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: [ إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته ](متفق عليه)، وهذا تشبيه للرؤية بالرؤية، لا للمرئي بالمرئي، فإن الله تعالى لا شبيه له، ولا نظير " (ابن قدامة المقدسي: لمعة الاعتقاد) قال الإمام الطحاوي: ** " والرؤية حق لأهل الجنة، بغير إحاطة ولا كيفية كما نطق به كتاب ربنا: ( وجوهٌ يومئذٍ ناضرةٌ * إلى ربها ناظرةٌ ) وتفسيره على ما أراده الله تعالى وعلمه، وكل ما جاء في ذلك من الحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كما قال، ومعناه على ما أراد، لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا، فإنه ما سلم في دينه إلا من سلم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ورد علم ما اشتبه عليه إلى عالمه. ** ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام، فمن رام علم ما حظر عنه علمه، ولم يقنع بالتسليم فهمه، حجبه مرامه عن خالص التوحيد، وصافي المعرفة، وصحيح الإيمان، فيتذبذب بين الكفر والإيمان، والتصديق والتكذيب والإقرار والإنكار موسوسًا تائهًا شاكًا لا مؤمنًا مصدقًا، ولا جاحدًا مكذبًا. ** ولا يصح الإيمان بالرؤية لأهل دار السلام لمن اعتبرها منهم بوهم أو تأولها بفهم، إذ كان تأويل الرؤية وتأويل كل معنى يضاف إلى الربوبية بتر ك التأويل ولزوم التسليم، وعليه دين المسلمين. ** " ومن لم يتوق النفي والتشبيه زل ولم يصب التنزيه، فإن ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدانية، منعوت بنعوت الفردانية، ليس في معناه أحد من البرية، وتعالى عن الحدود والغايات، والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات " (الطحاوي ). قال الإمام أحمد:... " وأن أهل الجنة يرون ربهم بأبصارهم لا محالة ". قال الإسماعيلي: " ويعتقدون جواز الرؤيا من العباد المتقين لله عز وجل في القيامة، دون الدنيا، ووجوبها لمن جعل الله ذلك ثوابًا له في الآخرة، كما قال: ( وجوه يومئذٍ ناضرةٌ * إلى ربها ناظرةٌ )، وقال في الكفار: ( كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون )، فلو كان المؤمنون كلهم والكافرون كلهم لا يرونه، كانوا جميعًا عنه محجوبين، وذلك من غير اعتقاد التجسيم في الله عز وجل ولا التحديد له ؛ ولكن يرونه عز وجل بأعينهم على ما يشاء هو بلا كيف " ( الإسماعيلي ). قال ابن تيمية: " وقد دخل أيضًا فيما ذكرناه من الإيمان به وبكتبه وبملائكته وبرسله، الإيمان بأن المؤمنون يرونه يوم القيامة عيانًا بأبصارهم كما يرون الشمس صحوًا ليس بها سحاب، وكما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته، يرونه سبحانه وهم في عرصات القيامة، ثم يرونه بعد دخول الجنة كما يشاء الله تعالى " (ابن تيمية: العقيدة الواسطية ). قال ابن خزيمة: " إن رؤية الله التي يختص بها أولياؤه يوم القيامة هي التي ذكر في قوله: ( وجوهٌ يومئذٍ ناضرةٌ * إلى ربها ناظرةٌ ). ويفضل بهذه الفضيلة أولياءه من المؤمنين. ويحجب جميع أعدائه عن النظر إليه من مشرك ومتهود ومتنصر ومتمجس ومنافق، كما أعلم في قوله: ( كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون ). وهذا نظر أولياء الله إلى خالقهم جل ثناؤه بعد دخول أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، فيزيد الله المؤمنين كرامةً وإحسانًا إلى إحسانه تفضلاً منه وجودًا بإذنه إياهم النظر إليه ويحجب عن ذلك جميع أعدائه ". وقال الإمام أبي الحسن الأشعري: قال الله تعالى: ( وجوه يومئذ ناضرة ) يعني مشرقة، ( إلى ربها ناظرة ) يعني رائية، وليس يخلو النظر من وجوه نحن ذاكروها: إما أن يكون الله سبحانه عنى نظر الاعتبار، كقوله تعالى: ( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ) . أو يكون عنى نظر الانتظار، كقوله تعالى: ( ما ينظرون إلا صيحة واحدة ). أو يكون عنى نظر التعطف، كقوله تعالى : ( ولا ينظر إليهم يوم القيامة ) . أو يكون عنى نظر الرؤية. فلا يجوز أن يكون الله عز وجل عنى نظر التفكير والاعتبار؛ لأن الآخرة ليست بدار اعتبار. ولا يجوز أن يكون عنى نظر الانتظار؛ لأن النظر إذا ذكر مع ذكر الوجه فمعناه نظر العينين اللتين في الوجه، كما إذا ذكر أهل اللسان نظر القلب فقالوا: " انظر في هذا الأمر بقلبك "، لم يكن معناه نظر العينين، وكذلك إذا ذكر النظر مع الوجه لم يكن معناه نظر الانتظار؛ الذي يكون للقلب، وأيضا فإن نظر الانتظار لا يكون في الجنة؛ لأن الانتظار معه تنغيص وتكدير، وأهل الجنة في ما لا عين رأت ولا أذن سمعت من العيش السليم والنعيم المقيم. وإذا كان هذا هكذا لم يجز أن يكونوا منتظرين؛ لأنهم كلما خطر ببالهم شيء أتوا به مع خطوره ببالهم. وإذا كان ذلك كذلك فلا يجوز أن يكون الله عز وجل أراد نظر التعطف؛ لأن الخلق لا يجوز أن يتعطفوا على خالقهم. وإذا فسدت الأقسام الثلاثة صح القسم الرابع من أقسام النظر، وهو أن معنى قوله: ( إلى ربها ناظرة ) أنها رائية ترى ربها عز وجل ( كتاب الإبانة عن أصول الديانة – لأبي الحسن الأشعري ) قال النووي: اعلم أن مذهب أهل السنة بأجمعهم أن رؤية الله تعالى ممكنة غير مستحيلة عقلا وأجمعوا أيضاً على وقوعها في الآخرة وأن المؤمنين يرون الله تعالى دون الكافرين وزعمت طائفة من أهل البدع المعتزلة والخوارج وبعض المرجئة أن الله تعالى لا يراه أحد من خلقه وأن رؤيته مستحيلة عقلا، وهذا الذي قالوه خطأ صريح وجهل قبيح وقد تظافرت أدلة الكتاب والسنة واجماع الصحابة فمن بعدهم من سلف الأمة على اثبات رؤية الله تعالى في الآخرة للمؤمنين ورواها نحو عشرين صحابياً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآيات القرآن فيها مشهورة واعتراضات المبتدعة عليها لها أجوبة مشهورة في كتب المتكلمين من أهل السنة وكذلك باقي شبههم وهي مستقاة في كتب الكلام (صحيح مسلم بشرح النووي / باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة لربهم). وقال الإمام ابن حجر العسقلاني في الفتح نقلا عن ابن بطال: ذهب أهل السنة وجمهور الأمة إلى جواز رؤية الله في الآخرة ومنع الخوارج والمعتزلة وبعض المرجئة وتمسكوا بأن الرؤية توجب كون المرئي محدثا وحالا في مكان، وأولوا قوله: ( نَاظِرَة ) بمنتظرة وهو خطأ لأنه لا يتعدى بإلى، ثم ذكر نحو ما تقدم ثم قال وما تمسكوا به فاسد لقيام الأدلة على أن الله تعالى موجود، والرؤية في تعلقها بالمرئي بمنزلة العلم في تعلقه بالمعلوم فإذا كان تعلق العلم بالمعلوم لا يوجب حدوثه فكذلك المرئى. قال وتعلقوا بقوله تعالى: ( لاَ تُدْرِكُهُ الأبْصَرُ ) (الأنعام:103). وقوله عز وجل لموسى: ( لَن تَرَنىِ ) (الأعراف /143). والجواب عن الأول: أنه لا تدركه الأبصار في الدنيا جمعاً بين دليلي الآيتين، وبأن نفي الادراك لا يستلزم نفي الرؤية لإمكان رؤية الشئ من غير إحاطة بحقيقته. فتح الباري (( 13 / 436 )). على أن العقل الصحيح لا يخالف القرآن والسنة الثابتة الصحيحة،ولا يتعارضان أبداً، وما ظهر من تعارض في الظاهر، فإنه لعدم صحة في النقل، أو عدم كمال في العقل، على أن العقل إذا ترك ونفسه، لم يحكم باستحالة رؤيته إلا إذا صرفه برهان.
(7) وقفة مع آية ( لَن تََراِني ).. ادعي الزمخشري المعتزلي أن ( لن ) لتأبيد النفي كقوله ( لن يخلقوا ذباباً ) (الحج:73) وكذا في ( ولن تفعلوا ) (البقرة:24). وردّ غيره بأنها لو كانت للتأبيد لم يقيد منفيها باليوم في ( فلن أكلم اليوم إنسياً ) (مريم:26) ولم يصح التوقيت في ( لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى ) (طه:91) ولكان ذكرُ ( الأبد ) في ( ولن يتمنوه أبداً ) (البقرة:95) تكراراً !! والأصل عدمه واستفادة التأبيد في ( لن يخلقوا ذباباً ) (الحج:73) ونحوه من خارج. ووافقه على إفادة التأبيد ابنُ عطية وقال في قوله ( لن تراني ) (الأعراف:143) لو بقينا على هذا النفي لتضمن أن موسى لا يراه أبداً , ولا في الآخرة , لكن ثبت في الحديث المتواتر أنّ أهل الجنة يرونه. وعكس ابن الزملكاني مقالة الزمخشري فقال: إن ( لنْ ) لنفي ما قرب , وعدم امتداد النفي , ولا يمتدُ معنى النفي , قال وسرّ ذلك أنّ الألفاظ مشاكلة للمعاني و ( لا ) آخرها الألف , والألف يمكن امتداد الصوت بها , بخلاف النون , فطابق كلّ لفظٍ معناه , قال ولذلك أتي ب ( لن ) حيث لم يرد به النفي مطلقاً , بل في الدنيا حيث قال ( لن تراني ) (الأعراف:143) وب ( لا ) في قوله ( لا تدركه الأبصار ) (الأنعام:103) حيث أُريد نفي الإدراك على الإطلاق وهو مغاير للرؤية.
(8) هل الرؤية تستلزم التجسيم ؟! أن الرؤية المعهودة عندنا لا تقع إلا على الألوان لا على ما عداها, وهذا مبعد عن الباري عز وجل, وقد احتج من أنكر الرؤية علينا بهذه الحجة بعينها وهذا سوء وضع منه لأننا لم نقل قط بتجويز هذه الرؤية على الباري عز وجل وإنما قلنا إنه تعالى يرى في الآخرة بقوة غير هذه القوة الموضوعة في العين الآن لكن بقوة موهوبة من الله تعالى, وبيان ذلك أننا نعلم الله تعالى بقلوبنا علماً صحيحاً وهذا لا شك فيه, فيضع الله تعالى يوم القيامة في الأبصار قوة يُشاهد الله تعالى بها ويرى كالتي وضعها في الدنيا في القلب, كالتي وضعها الله تعالى في أذن موسى عليه السلام حتى سمعه مكلماً له. ولا حجة لهم في قوله تعالى ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) (الأنعام:103) لأن الله تعالى إنما نفى الإدراك, والإدراك في اللغة يعني زائد على النظر والرؤية, فالإدراك منتف عن الله سبحانه وتعالى على كل حال في الدنيا والآخرة, لأن في الإدراك معنى من الإحاطة ليس في الرؤية, برهان ذلك في قوله تعالى ( فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين ) (الشعراء:61). ففرق الله تعالى بين الإدراك والرؤية فرقاً جلياً لأنه تعالى أثبت الرؤية بقوله ( فلما تراءى الجمعان ) وأخبر تعالى أنه رأي بعضهم بعضاً فصحت منهم الرؤية لبني إسرائيل, ونفى الله الإدراك بقول موسى عليه السلام ( كلا أن معي ربي سيهدين ) فأخبر تعالى أنه رأي أصحابُ فرعون بني إسرائيل ولم يدركوهم, وشك أن ما نفاه الله عز وجل فهو غير الذي أثبته, فالإدراك غير الرؤية.
(9) العجز تفسير حرف ( إِلَي ) في الآية. نقول: إن لفظ الجهة فيه إجمال, فإن أريد بالجهة أنه حالٌّ في شيء من مخلوقاته فهذا باطل والأدلة ترده, وهذا لا يلزم من إثبات الرؤية, وإن أريد بالجهة أنه سبحانه فوق مخلوقاته فهذا ثابت لله سبحانه ونفيه باطل, وهو لا يتنافى مع رؤيته سبحانه. ومما يبطل قول المعتزلة: أن الله عز وجل أراد بقوله: ( إلى ربها ناظرة ) نظر الانتظار، أنه قال: (إلى ربها ناظرة) ونظر الانتظار لا يكون مقرونا بقوله: ( إلى ) ؛ لأنه لا يجوز عند العرب أن يقولوا في نظر الانتظار " إلى "، ألا ترى أن الله تعالى لما قال: ( ما ينظرون إلا صيحة واحدة ) لم يقل " إلى "؛ إذ كان معناه الانتظار. وقال عز وجل مخبرا عن بلقيس: ( فناظرة بم يرجع المرسلون )، فلما أرادت الانتظار لم تقل " إلى ". وقال امرؤ القيس: فإنكما إن تنظراني ساعة من الدهر تنفعني لدى أم جندب وقد اعترض شيخ المعتزلة أبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي ( توفي بالبصرة 303 ه ) فقال: إن ( إلي ) هاهنا ليست حرف جر لكنها اسم وهي واحدة الآلاء وهي النعم وهي في موضع مفعول ومعناه نعم ربها منتظرة , وهذا بعيد لوجهين أحدهما: أنّ الله تعالى أخبر أن تلك الوجوه قد حصلت لها النضرة وهي النعمة , فإذا حصلت لها النعمة فبعيد أن تنتظر لما قد حصل لها , وإنما تنتظر ما لم يقع بعد , والثاني تواتر الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم ببيان أن المراد بالنظر: هو الرؤية لما تأوله المتأولون, وقال بعضهم إن معناها إلي ثواب ربها أي منتظرة ناظرة. وهذا فاسد جداً لأنه لا يقال في اللغة نظرت إلي فلان بمعنى انتظرته. وحمل الكلام على ظاهره الذي وضع له في اللغة فرض لا يجوز تعديه إلا بنصّ أو إجماع, لأن من فعل ذلك فقد أفسد الحقائق كلها والشرائع كلها والمعقول كله, فإن قالوا إن حمل الكلام على المعهود أولى من حمله على غير المعهود, قيل لهم الأولى في ذلك حمل الأمور على معهودها في اللغة, ما لم يمنع من ذلك نصّ أو إجماع أو ضرورة, ولم يأت نصٌّ ولا إجماع ولا ضرورة تمنع مما ذكرنا في معنى النظر فقد وافقنا المعتزلة على أنه لا عالم عندنا إلا بضمير ولا فعّال إلا بمعاناة, ولا رحيم إلا برقة, ثم أجمعوا معنا على أن الله تعالى عالم بكل ما يكون بلا ضمير, وأنه عز وجل فعّال بلا معاناة, ورحيم بلا رقة, فأيُّ فرق بين تجويزهم ما ذكرنا وبين عدم تجويزهم رؤية ونظراً , بقوة غير القوة المعهودة لولا الخذلان ومخالفة القرآن والسنن نعوذ بالله من ذلك, وقد ألف الإمام الدارقطني كتاباً في هذه المسألة واسماه (( الرؤية )). وقال بعض المعتزلة هل إذا رؤى الباري تعالى أكله يرى أم بعضه ؟! قيل: وهذا سؤال تعلموه من الملحدين إذ سألونا نحن والمعتزلة فقالوا: إذا علمتم الله تعالى أكله تعلمونه أم بعضه؟! وهذا سؤال فاسد مغالط به لأنهم أثبتوا كلاَّ وبعضاً حيث لا كل ولا بعض, والبعض والكل لا يقعان إلا في ذي نهاية, والباري تعالى خالق النهاية والمتناهي فهو تعالى لا متناهٍ ولا نهاية له فلا كل له ولا بعض. والآية المذكورة والأحاديث الصحاح المأثورة في رؤية الله تعالى يوم القيامة موجبة للقبول, لتظاهرها وتباعد ديار الناقلين لها, ورؤية الله عز وجل يوم القيامة كرامة للمؤمنين لا حرمنا ذلك الله من فضله, ومحال أن تكون هذه الرؤية رؤية القلب لأن العارفين به تعالى يرونه في الدنيا بقلوبهم, وكذلك الكفار في الآخرة بلا شك, فإن قال قائل إنما أخبر الله تعالى بالرؤية عن الوجه, قيل له وبالله تعالى التوفيق: معروف في اللغة التي خوطبنا بها أن تنسب الرؤية إلي الوجه والمراد بها العين, قال بعض الأعراب: أنافس من ناجاك مقدار لفظة ** وتعتادُ نفسي إن نأت عنك عينها وإنّ وجوهاً يصطبحن بنظرة ** إليك لمحسودٌ عليك عيونُها.
_____________________________
(10) المصادر:
الفصل في المِلل والأهواء والنِحل – ابن حزم الظاهري
الإبانة – أبي الحسن الأشعري
الإتقان في علوم القرآن – السيوطي
البرهان – عبد الله الناصر
صفوة التفاسير – محمد علي
فتح الباري – ابن حجر العسقلاني
شرح صحيح مسلم – النووي
شرح العقيدة الواسطية لابن تيمية – صالح الفوزان
تهذيب شرح العقيدة الطحاوية – عبد المنعم مصطفى.
إثبات رؤية الله تعالى يوم القيامة من كتب الإمامية
المكان: السـ أم القرى ـعودية
نشرةارسل: السبت يوليو 16, 2005 2:13 am… موضوع الرسالة: إثبات رؤية الله تعالى يوم القيامة من كتبكم يا إمامية!!! …رد مع اشارة الى الموضوع
من المعلوم إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة عند اهل السنةوالجماعة من منطلق قوله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)
جاء في البخاري عن أبي هريرة قال قال الناس يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال هل تضامون في الشمس ليس دونها سحاب قالوا لا يا رسول الله قال هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب قالوا لا يا رسول الله قال فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك) صحيح البخاري , (2/ 2704). وذكره مسلم في صحيحه , (1/ 163)
ولكن نرى الإمامية ينكرون هذه الرؤية ,,
ويقولون بأنها فكرة يهودية مستوردة!!
ولكن نجد هذه الرؤية ثابته عندهم في كتبهم:
فقد جاء في "لآليء الأخبار" (4/ 410 - 411) لعمدة علمائهم ومحققيهم محمد التوسيركاني في " باب في أن أهل الجنة يسمعون صوته " هذا الحديث - وهو حديث طويل - ونصه: (في أن أهل الجنة يسمعون صوته تعالى ويخاطبهم وينظرون إليه وهما ألذ الأشياء عندهم قال (ع) في حديث يذكر فيه إشتغال المؤمنين بنعم الجنة: فبينما هم كذلك إذ يسمعون صوتاًمن تحت العرش: يا أهل الجنة كيف ترون منقلبكم؟ فيقولون: خير المنقلب منقلبنا وخير الثواب ثوابنا، قد سمعنا الصوت واشتهينا النظر وهو أعظم ثوابنا وقد وعدته ولا تخلف الميعاد فيأمر الله الحجاب فيقوم سبعون ألف حاجب فيركبون على النوق والبرازين وعليهم الحلى والحلل فيسبرون في ظل العرش حتى ينتهوا إلى دار السلام وهي دار الله دار البهاء والنور والسرور والكرامة فيسمعون الصوت فيقولون: يا سيدنا سمعنا لذاذة منطقك وأرنا وجهك فيتجلى لهم سبحانه وتعالى، حتى ينظرون إلى وجهه تبارك وتعالى المكنون من كل عين ناظر فلا يتمالكون حتى يخروا على وجوههم سجدا فيقولون: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك يا عظيم قال فيقول: يا عبادي إرفعوا رؤسكم ليس هذا بدار عمل .... فإذا رفعوا رفعوها وقد أشرقت وجوههم من نور وجهه سبعين ضعفا ثم يقول: يا ملائكتي أطعموهم واسقوهم.. يا ملائكتي طيبوهم فيأتيهم ريح من تحت العرش يمسك أشد بياضا من الثلج ويعبر وجوههم وجباههم وجنوبهم تسمى المثيرة فيستمكنون من النظر إلى وجهه فيقولون يا سيدنا حسبنا لذاذة منطقك والنظر إلى وجهك لا نريد به بدلا ولا نبتغي به حولا فيقول الرب إني أعلم أنكم إلى أزواجكم مشتاقون وان أزواجكم إليكم مشتاقات ارجعوا إلى أزواجكم قال: فيقولون: يا سيدنا اجعل لنا شرطاً قال فإن لكم كل جمعة زورة ما بين الجمعة سبعة آلاف سنة مما تعدّون قال فينصرفون فيعطى كل رجل منهم رمانة خضر في كل رمانة سبعون حلة .... حتى يبشروا أزواجهم وهن قيام على أبواب الجنان قال: فلما دنى منها نظرت إلى وجهه فأنكرته من غير سوء، وقالت: حبيبي لقد خرجت من عندي وما أنت هكذا قال: فيقول: حبيبتي تلومني أن أكون هكذا وقد نظرت إلى وجه ربي تبارك وتعالى فأشرق وجهي من نور وجهه، ثم يعرض عنها فينظر إليها نظرة فيقول: حبيبتي لقد خرجت من عندك و ماكنت هكذا فنقول: حبيبي تلومني أن أكون هكذا، وقد نظرت إلى وجه الناظر إلى وجهه ربي فأشرق وجهي من وجه الناظر إلى وجه ربي سبعين ضعفا، فنعانقه من باب الخيمة والرب يضحك إليهم).
وفي " البحار" (8/ 126 - 127). باب الجنة و نعيمها. عن عاصم بن حميد عن أبي عبد الله (ع) قال: (مامن عمل حسن يعمله العبد إلا وله ثواب في القرآن إلا صلاة الليل، فإن الله لم يبين ثوابها لعظيم خطرها عنده فقال: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا} إلى قوله: {يعملون} ثم قال: إن لله كرامة في عباده المؤمنين في كل يوم جمعة، فإذا كان يوم الجمعة بعث الله إلى المؤمن ملكا معه حلة فينتهي إلى باب الجنة فيقول: اسأذنوا لي على فلان فيقال له: هذا رسول ربك على الباب، فيقول: لأزواجه أي شيئ ترين عليّ أحسن؟ فيقلن: يا سيدنا والذي أباحك الجنة ما رأينا عليك شيئا أحسن من هذا بعث إليك ربك، فيتزر بواحدة ويتعطف بالأخرى فلا يمرّ بشيئ إلا أضاء له حتى ينتهي إلى الموعد، فإذا اجتمعوا تجلى لهم الرب تبارك وتعالى، فإذا نظروا إليه خرّوا سجدا فيقول: عبادي ارفعوا رؤوسكم ليس هذا يوم سجود ولا يوم عبادة قد رفعت عنكم المؤونة، فيقولون: يارب وأي شيئ أفضل مما أعطيتنا، أعطيتنا الجنة، فيقول: لكم مثل ما في أيديكم سبعين ضعفا، فيرجع المؤمن في كل جمعة بسبعين ضعفا مثل ما في يديه وهو قوله: {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} وهو يوم الجمعة).
وإذا لم يستطع الإمامية فهم هذه الرواية، نورد لهم كلام إمامهم ووصيهم الرابع (علي بن الحسين) فقد أثبت رؤية الله تعالى في الآخرة كما جاء في الصحيفة السجادية ,,
فقد قال رحمه الله تعالى ما نصه: (واقدر أعيينا يوم لقائك برؤيتك)
وقد أثبت الصدوق هذه الرؤية في الدنيا قبل الآخرة في " التوحيد" (ص 117 - 120) بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: قلت له: أخبرني عن الله عزوجل هل يراه المؤمنون يوم القيامة؟ قال: نعم، وقد رأوه قبل يوم القيامة، فقلت: متى؟ قال: حين قال لهم: {أَلَسْتُ بِرَبّكُمْ قَالُوا بَلَى} ثم سكت ساعة، ثم قال: وإن المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم القيامة، ألست تراه في وقتك هذا؟ قال أبو بصير: فقلت: له جعلت فداك فأحدث بهذا عنك؟ فقال لا، فإنك إذا حدثت به أنكره منكر جاهل بمعنى ما تقوله ثم قدر أن ذلك تشبيه كفر وليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين، تعالى الله عما يصفه المشبهون والملحدون.
وجاء اثبات الرؤية من كلام الامام السجاد رحمه الله تعالى قال في دعاء المتوسلين: (وأقررت أعينهم بالنظر إليك يوم لقائك).
وقال في دعاء آخر وهو دعاء المحبين: (ولا تصرف عني وجهك).
وفي دعاء آخر وهو: (وشوقته إلى لقائك وضيته بقضائك ومنحته بالنظر إلى وجهك).
وفي دعاء آخر وهو مناجاة الزاهدين: (ولا تحجب مشتاقيك عن النظر إلى جميل رؤيتك).
وفي دعاء آخر وهو مناجاة المفتقرين: (واقدر أعيينا يوم لقائك برؤيتك).
وفي دعاء آخروهو في استكشاف الهموم: (رغبتي شوقاً إلى لقائك.. ).
_________________
الزميل العلواني .....
انتم تقولون بالرؤية التجسيمية يعني جسم وبدن وكما هو واضح من سياق الحديث الذي اوردته لأبي هريرة ............
اما بالنسبة لمذهب الامامية فينفون الرؤية التجسيمية اطلاقا ولكن يقولون بالرؤية الروحية ........
فحاشا لله سبحانه وتعالى ان يكون من جسد او ان تراه الاعين راي مادة ..........
تعالى عن ذلك علوا كبيرا .............
ولو تقرا الاحاديث التي اوردتها عن طرق الاماية لاتجد فيها نص يدل على الرؤية الجسدية .......
ثم انتة لو تقرا كل عقائد الشيعة الامامية فانك تجد انهم ينفون التجسيم عن الله تبارك وتعالى .......
الرجوع الى المقدمة…
استعرض نبذة عن المستخدمين ارسل رسالة خاصة…
العلواني
ما تقول في قول حجة الإمامية وعلامتهم الميرزا محمد تقي (المتوفي سنة 1312 هـ)
الحديث الثاني والتسعون:
مدينة المعاجز عن دلائل الطبري رحمه الله [طبعا الطبري الشيعي المتوفي في أوائل القرن الرابع) قال أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون عن أبيه عن أبي علي محمد بن همام عن أحمد بن الحسين المعروف بابن أبي القاسم عن أبيه عن الحسين بن علي عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبدالله (ع) لما منع الحسين (ع) وأصحابه الماء نادى فيهم من كان ظمآن فليجئ فأتاه رجل رجل فيجعل أبهامه في راحة واحدهم فلم يزل يشرب الرجل حتى ارتووا فقال بعضهم والله لقد شربت شرابا ما شربه أحد من العالمين في دار الدنيا فلما قاتلوا الحسين (ع) فكان في اليوم الثالث عند المغرب أعقد الحسين رجلا رجلا منهم يسميهم بأسماء آبائهم فيجيبه الرجل بعد الرجل فيقعد من حوله ثم يدعو بالمائدة فيطعمهم ويأكل معهم من طعام الجنة ويسقيهم من شرابها ثم قال أبو عبدالله (ع) والله لقد رآهم عدة من الكوفيين ولقد كرّر عليهم لو عقلوا قال ثم خرجوا لرسلهم فعاد كل واحد منهم إلى بلادهم ثم أتى لجبال رضوي فلا يبقى أحد من المؤمنين إلاّ أتاه وهو على سرير من نور قد حفّ به ابراهيم وموسى وعيسى! وجميع الانبياء! ومن ورائهم المؤمنون ومن ورائهم الملائكة ينظرون ما يقول الحسين (ع) قل فهم بهذه الحال إلى أن يقوم القائم و إذا قام القائم (ع) وافو فيها بينهم الحسين (ع) حتى يأتي كربلاء فلا يبقى أحد سماوي ولا أرضي من المؤمنين إلاّ حفّوا بالحسين (ع) حتى أن الله تعالى يزورالحسين (ع) ويصافحه ويقعد معه على سرير, يا مفضل هذه والله الرفعة التي ليس فوقها شيئ لا لورائها مطلب)..
انظر: صحيفة الأبرار , (2/ 199 - 200).
ورواه هاشم البحراني , انظر: مدينة المعاجز , (3/ 464).
ولما راجعت دلائل الإمامة للطبري الشيعي الذي أشرفت على تحقيقه قسم الدراسات الإسلامية بمؤسسة البعثة بقم وأخرجته في طبعته الأولى سنة 1413 هـ
وجدت الخبر مبتورا وأبدلت منه هذه الجملة: (فلا يبقى أحد سماوي ولا أرضي من المؤمنين إلا حفوا بالحسين حتى إن الله تعالى يزور الحسين ويصافحه ويقعد معه على سرير.. ).
بجملة مبتورة وهي: (فلا يبقى أحد سماوي ولا أرضي من المؤمنين إلا حف به يزوره ويصافحه ويقعد معه على السرير.. ) , (ص 189).
وهذا إن دل فهو يدل على التحريف الحاصل في كتبهم وأنها لم تنقل إلينا على الوجه المطلوب ,,
وأن هناك أيدي خفيه تتلاعب بالنصوص وهذا لم يبينه إلا إثبات بعضهم للروايات
وذكر مصادرها الأصلية في كتبهم مما كشف لنا الخبايا المستورة ,,
وقال هذا الحجة!!! في تعليقه على الرواية ما نصه: (يقول محمد تقي الشريف مصنف هذا الكتاب: هذا الحديث من الأحاديث المستصعبة!! التي لا يحتملها إلاّ ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان وهو حقيق بأن يشرح شرحا وافيا ولكن القلب عن ذلك عليل , واللسان كليل!!!) , صحيفة الأبرار , (2/ 200).
_________________
بو جاسم
بارك الله فيك أخي العلواني الموقر
إضافةً إلى ردك الطيب
صفة اليد من كتب الإمامية:
من الصفات التي ثبتت لله - عز و جل - صفة اليد و هي صفة حقيقية تليق بجلاله و لا مثيل لها و لا نعرف كيفيتها و هي من الصفات الخبرية الغيبية التي ليس للعقل فيها مجال.
قال تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (75) سورة ص
و قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء} (64) سورة المائدة
و قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (67) سورة الزمر
و عن أبي جعفر - عليه السلام - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه و آله و سلم -:
((المتحابون في الله يوم القيامة على أرض زبرجدة خضراء في ظل عرشه عن يمينه و كلتا يديه يمين وجوههم أشد بياضاً و أضوأ من الشمس الطالعة يغبطهم بمنزلتهم كل ملك مقرب و كل نبي مرسل يقول الناس من هؤلاء فيقال هؤلاء المتحابون في الله))
الكافي: 2/ 126، و انظر أيضاً بحار الأنوار: 7/ 159
حكم من أنكر رؤية الله سبحانه وتعالى
وقال أبو بكر المروذي سمعت أحمد يقول من زعم أن الله لا يرى في الآخرة فهو كافر.
طبقات الحنابلة 1 /22
وقال حنبل بن إسحاق سمعت أبا عبد الله يقول من زعم أن الله لا يرى في الآخرة فقد كفر بالله وكذب بالقرآن ورد على الله أمره يستتاب فإن تاب وإلا قتل والله تعالى لا يرى في الدنيا ويرى في الآخرة.
طبقات الحنابلة 1 /55
أخبرنا محمد بن عمر الخطيب الأنباري، قال: ثنا أحمد بن يعقوب القرنجلي، قال: ثنا أحمد بن أصرم المعقلي، قال: ثنا أبو موسى الأنصاري، قال: قيل لمالك: إنهم يزعمون أن الله لا يرى، فقال مالك: السيف السيف
شرح اصول اعتقاد اهل السنة 2/ 394
687 - أخبرنا أحمد بن طلحة بن هارون، أخبرنا علي بن محمد بن أحمد القزويني، قال: ثنا الحسن بن علي الطنافسي، قال: قال لي علي بن زنجلة: وسمعت أبا مروان، يقول: قال ابن عيينة : « من لم يقل إن القرآن كلام الله وإن الله يرى في الجنة فهو جهمي »
شرح اصول اعتقاد اهل السنة 2 /402
580 - وحدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد الصندلي قال: نا الفضل بن زياد قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل، وبلغه عن رجل أنه قال: إن الله تعالى لا يرى في الآخرة، فغضب غضبا شديدا ثم قال : من قال بأن الله تعالى لا يرى في الآخرة فقد كفر، عليه لعنة الله وغضبه، من كان من الناس، أليس الله عز وجل قال وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة (1) وقال تعالى: كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون (2) هذا دليل على أن المؤمنين يرون الله تعالى
الشريعة للاجري 2 /138
583 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال: نا أبو داود السجستاني قال: سمعت أحمد بن حنبل: وذكر عنده شيء من الرؤية فغضب وقال : « من قال: إن الله تعالى لا يرى، فهو كافر »
الشريعة للاجري 2 /141
584 - حدثنا أبو مزاحم موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان قال: حدثنا العباس بن محمد الدوري قال: سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام يقول: « وذكر عنده هذه الأحاديث في الرؤية فقال: هذه عندنا حق، نقلها الناس بعضهم عن بعض » قال محمد بن الحسين رحمه الله: فمن رغب عما كان عليه هؤلاء الأئمة الذين لا يستوحش من ذكرهم، وخالف الكتاب والسنة، ورضي بقول جهم وبشر المريسي وبأشباههما، فهو كافر ، فأما ما تأدى إلينا من التفسير في بعض ما تلوته، مما حضرني ذكره: فأنا أذكره إن شاء الله، ثم أذكر السنن الثابتة في النظر إلى الله تعالى، مما يقوى به قلوب أهل الحق، وتقر به أعينهم، وتذل به نفوس أهل الزيغ، وتسخن به أعينهم في الدنيا والآخرة
الشريعة للاجري 2/ 142
الرؤية عند ابن حجر :
وَفِيهِ إِثْبَات رُؤْيَة اللَّه تَعَالَى فِي الْآخِرَة ، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَقَوْل مَنْ أَثْبَتَ الرُّؤْيَة وَوَكَّلَ عِلْم حَقِيقَتهَا إِلَى اللَّه فَهُوَ الْحَقّ، وَكَذَا قَوْل مَنْ فَسَّرَ الْإِتْيَان بِالتَّجَلِّي هُوَ الْحَقّ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ تَقَدَّمَهُ قَوْله " هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَة الشَّمْس وَالْقَمَر " وَزِيدَ فِي تَقْرِير ذَلِكَ وَتَأْكِيده وَكُلّ ذَلِكَ يَدْفَع الْمَجَازَ عَنْهُ وَاَللَّه أَعْلَم.
فتح الباري 18 /419
وَكَذَا فِي حَدِيث أَنَس وَابْن عَبَّاس، وَقِيلَ الْمُرَاد بِاللِّقَاءِ رُؤْيَة اللَّه، ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ. وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيّ بِأَنَّ أَحَدًا لَا يَقْطَع لِنَفْسِهِ بِرُؤْيَةِ اللَّه، فَإِنَّهَا مُخْتَصَّة بِمَنْ مَاتَ مُؤْمِنًا، وَالْمَرْء لَا يَدْرِي بِمَ يُخْتَم لَهُ، فَكَيْف يَكُون ذَلِكَ مِنْ شُرُوط الْإِيمَان ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَاد الْإِيمَان بِأَنَّ ذَلِكَ حَقّ فِي نَفْس الْأَمْر، وَهَذَا مِنْ الْأَدِلَّة الْقَوِيَّة لِأَهْلِ السُّنَّة فِي إِثْبَات رُؤْيَة اللَّه تَعَالَى فِي الْآخِرَة إِذْ جُعِلَتْ مِنْ قَوَاعِد الْإِيمَان
فتح الباري 1 /80
اثبات النووي للرؤية قاله ابن حجر:
قَالَ النَّوَوِيّ: مَذْهَب أَهْل السُّنَّة أَنَّ رُؤْيَة الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهُمْ مُمْكِنَةٌ وَنَفَتْهَا الْمُبْتَدِعَة مِنْ الْمُعْتَزِلَة وَالْخَوَارِج، وَهُوَ جَهْل مِنْهُمْ، فَقَدْ تَضَافَرَتْ الْأَدِلَّة مِنْ الْكِتَاب وَالسُّنَّة وَإِجْمَاع الصَّحَابَة وَسَلَف الْأَمَة عَلَى إِثْبَاتهَا فِي الْآخِرَة لِلْمُؤْمِنِينَ، وَأَجَابَ الْأَئِمَّة عَنْ اِعْتِرَاضَات الْمُبْتَدِعَة بِأَجْوِبَةٍ مَشْهُورَةٍ، وَلَا يُشْتَرَط فِي الرُّؤْيَة تَقَابُل الْأَشِعَّة وَلَا مُقَابَلَة الْمَرْئِيّ وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَة بِذَلِكَ فِيمَا بَيْن الْمَخْلُوقِينَ وَاَللَّه أَعْلَم.
فتح الباري 18 / 419
برواية صحيحة عن المعصوم الناس شاهدوا ربهم معاينة
تفسير القمي
ج1
حدثني ابي عن ابن ابى عمير عن ابن مسكان عن ابى عبدالله (عليه السلام) " واذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم علي انفسهم الست بربكم قالوا بلي " قلت معاينة كان هذا قال نعم فثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه ولولا ذلك لم يدر احد من خالقه ورازقه. فمنهم من اقر بلسانه في الذر ولم يؤمن بقلبه فقال الله " فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل "
مختصر بصائر الدرجات للحسن الحلي
ص (412)
[ 478/40 ] علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في قول الله عزّ وجلّ ( وإذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم وأشهدهم على أنفسهم الست بربّكم قالوا بلى ) (5) قلت : معاينة كان هذا ؟ قال : « نعم ، فثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه ، ولولا ذلك لم يدر أحد من خالقه ورازقه ، فمنهم من أقرّ بلسانه في الذرّ ولم يؤمن بقلبه ، فقال الله تعالى ( فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل )
بــراءة آدم حقيقة قرآنية
سماحة آية الله المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي
د ـ قد دلت بعض تلك الروايات الصحيحة سنداً أيضاً على أن الناس ينسون ما أخذه الله عليهم.
فقد روى القمي عن ابن ابي عمير، عن ابن مسكان، عن الإمام الصادق في قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى﴾..([6]).
قلت: معاينة كان هذا؟!
قال: نعم، فثبتت المعرفة، ونسوا الموقف، وسيذكرونه الخ..»
الميزان في تفسير القرآن للطباطبائي
سورة الأعراف
172 - 174
اذكر لهم موطنا قبل الدنيا أخذ فيه ربك «من بني آدم من ظهورهم ذريتهم» فما من أحد منهم إلا استقل من غيره و تميز منه فاجتمعوا هناك جميعا و هم فرادى فأراهم ذواتهم المتعلقة بربهم «و أشهدهم على أنفسهم» فلم يحتجبوا عنه و عاينوا أنه ربهم كما أن كل شيء بفطرته يجد ربه من نفسه من غير أن يحتجب عنه، و هو ظاهر الآيات القرآنية كقوله «و إن من شيء إلا يسبح بحمده و لكن لا تفقهون تسبيحهم»: إسراء: 44.
و في تفسير القمي، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: «و إذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم - و أشهدهم على أنفسهم أ لست بربكم قالوا بلى» قلت: معاينة كان هذا؟ قال: نعم فثبتت المعرفة و نسوا الموقف و سيذكرونه و لو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه و رازقه فمنهم من أقر بلسانه في الذر و لم يؤمن بقلبه فقال الله: «فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل». أقول: و الرواية ترد على منكري دلالة الآية على أخذ الميثاق في الذر تفسيرهم قوله: «و أشهدهم على أنفسهم أ لست بربكم» أن المراد به أنه عرفهم آياته الدالة على ربوبيته، و الرواية صحيحة و مثلها في الصراحة و الصحة ما سيأتي من رواية زرارة و غيره.
و في الكافي، عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: «حنفاء لله غير مشركين» قال: الحنفية من الفطرة التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله قال: فطرهم على المعرفة به. قال زرارة: و سألته عن قول الله عز و جل: «و إذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم - و أشهدهم على أنفسهم أ لست بربكم قالوا بلى» الآية قال: أخرج من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة فخرجوا كالذر فعرفهم و أراهم نفسه، و لو لا ذلك لم يعرف أحد ربه. و قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): كل مولود يولد على الفطرة يعني على المعرفة بأن الله عز و جل خالقه، كذلك قوله: «و لئن سألتهم من خلق السموات و الأرض ليقولن الله». أقول: و روى وسط الحديث العياشي في تفسيره، عن زرارة بعين اللفظ، و فيه شهادة على ما تقدم من تقرير معنى الإشهاد و الخطاب في الآية خلافا لما ذكره النافون أن المراد بذلك المعرفة بالآيات الدالة على ربوبيته تعالى لجميع خلقه.
وفي فضيحة قويه لمحرفي الكلم والكتاب الرافضة أخوان اليهود
قال الطبطبائي مباشرة بعد رواية زرارة السابقة مايلي
و قد روي الحديث في المعاني، بالسند بعينه عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) إلا أنه قال: فعرفهم و أراهم صنعه بدل قوله: فعرفهم و أراهم نفسه، و لعله من تغيير اللفظ قصدا للنقل بالمعنى زعما أن ظاهر اللفظ يوهم التجسم، و فيه إفساد اللفظ و المعنى جميعا، و قد عرفت أن الرواية مروية في الكافي، و تفسير العياشي، بلفظ: أراهم نفسه.
الأن السؤال لأتباع مذهب المراجع ماحكم من يجوز الرؤية؟