الكاتب : من ردود العلماء ..
حديث المناشدة
قال الرافضي : (( وعن عامر بن واثلة قال : كنت مع عليّ عليه السلام يوم الشورى يقول لهم : لأحتجنّ عليكم بما لا يستطيع عربيّكم ولا عجميّكم تغيير ذلك ، ثم قال : أنشدكم بالله أيها النفر جميعا ، أفيكم أحد وحّد الله تعالى قبلي ؟ قالوا اللهم لا . قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد له أخ مثل أخي جعفر الطيَّار في الجنة مع الملائكة غيري ؟ قالوا : اللهم لا . قال : فأنشدكم بالله : هل فيكم أحد له عمّ مثل عمي حمزة أسد الله وأسد رسوله سيد الشهداء غيري ؟ قالوا : اللهم لا . قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت محمد سيدة نساء أهل الجنة غيري ؟ قالوا : اللهم لا . قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد له سبطان مثل سبطيّ الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة غيري ؟ قالوا : اللهم لا . قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد ناجى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشر مرات قدّم بين يدي نجواه صدقة غيري ؟ قالوا: اللهم لا . قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، ليبلغ الشاهد الغائب غيري ؟ قالوا : اللهم لا . قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإليّ يأكل معي من هذا الطير ، فأتاه فأكل معه غيري؟ قالوا : اللهم لا . قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه إذ رجع غيري منهزما غيري؟ قالوا : اللهم لا . قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبني وكيعة : لتنتهنّ أو لأبعثنّ إليكم رجلا نفسه كنفسي وطاعته كطاعتي ، ومعصيته كمعصيتي يفصلكم بالسيف غيري ؟ قالوا : اللهم لا . قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كذب من زعم أنه يحبني ويبغض هذا غيري ؟ قالوا : اللهم لا . قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد سلَّم عليه في ساعة واحدة ثلاثة آلاف من الملائكة : جبرائيل وميكائيل وإسرافيل حيث جئت بالماء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من القليب غيري ؟ قالوا:اللهم لا . قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد نودي به من السماء: لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا عليّ غيري؟ قالوا : اللهم لا . قال : قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له جبريل هذه هي المواساة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنه مني وأنا منه . فقال جبريل : وأنا منكما غيري؟ قالوا : اللهم لا . قال فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم غيري ؟ قالوا: اللهم لا . قال فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إني قاتلت على تنزيل القرآن وأنت تقاتل على تأويله غيري ؟ قالوا : اللهم لا . قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحد رُدّت عليه الشمس حتى صلى العصر في وقتها غيري ؟ قالوا : اللهم لا . قال فأنشدكم بالله هل فيكم أحد أمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يأخذ ((براءة )) من أبي بكر، فقال له أبو بكر : يا رسول الله أنزل فيّ شيء ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنه لا يؤدّي عني إلا عليّ غيري ؟ قالوا : اللهم لا .
قال:فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق كافر غيري؟ قالوا : اللهم لا .
قال:فأنشدكم بالله هل تعلمون أنه أمر بسدّ أبوابكم وفتح بابي فقلتم في ذلك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما أنا سددت أبوابكم ولا فتحت بابه ، بل الله سد أبوابكم وفتح بابه غيري؟ قالوا : اللهم لا .
قال:فأنشدكم بالله أتعلمون أنه ناجاني يوم الطائف دون الناس فأطال ذلك ، فقلتم : ناجاه دوننا ، فقال : ما أنا انتجيته بل الله انتجاه غيري ؟ قالوا : اللهم نعم .
قال:فأنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : الحق مع عليّ وعليّ مع الحق يزول الحق مع عليّ كيفما زال ؟ قالوا : اللهم نعم .
قال:فأنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، لن تضلوا ما استمسكتم بهما ، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ؟ قالوا : اللهم نعم .
قال:فأنشدكم بالله هل فيكم أحد وقى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه من المشركين واضطجع في مضجعه غيري ؟ قالوا : اللهم لا .
قال:فأنشدكم بالله هل فيكم أحد بارز عمر بن عبد ودّ العامري حيث دعاكم إلى البراز غيري ؟ قالوا : اللهم لا.
قال:فأنشدكم بالله هل فيكم أحد نزل فيه آية التطهير حيث يقول ]إِنّمَا يُريدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيًرا[([32])غيري ؟ قالوا : اللهم لا.
قال:فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت سيد المؤمنين غيري؟ قالوا : اللهم لا .
قال:فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما سألت الله شيئا إلا وسألت لك مثله غيري ؟ قالوا : اللهم لا .
ومنها ما رواه أبو عمرو الزاهد عن ابن عباس قال : لعليّ أربع خصال ليست لأحد من الناس غيره ، هو أوّل عربي وعجمي صلّى مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو الذي كان لواؤه معه في كل زحف ، وهو الذي صبر معه يوم حنين، وهو الذي غسَّله وأدخله قبره .
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : مررت ليلة المعراج بقوم تُشرشر أشداقهم ، فقلت: يا جبريل من هؤلاء ؟ قال : قوم يقطعون الناس بالغيبة . قال : ومررت بقوم وقد ضوضؤا ، فقلت : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال: هؤلاء الكفار. قال : ثم عدلنا عن الطريق فلما انتهينا إلى السماء الرابعة رأيت عليّا يصلّي ، فقلت : يا جبريل هذا عليّ قد سبقنا . قال : لا ليس هذا عليًّا . قلت : فمن هو ؟ قال : إن الملائكة المقرَّبين والملائكة الكروبيين لما سمعت فضائل عليّ وخاصته وسمعت قولك فيه : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، اشتاقت إلى عليّ ، فخلق الله تعالى مَلَكا على صورة عليّ ، فإذا اشتاقت إلى عليّ جاءت إلى ذلك المكان ، فكأنها قد رأت عليًّا .
وعن ابن عباس قال : إن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم قال : ذات يوم وهو نشيط : أنا الفتى ابن الفتى أخو الفتى . قال : فقوله : أنا الفتى ، يعني هو فتى العرب، وقوله ابن الفتى، يعني إبراهيم من قوله تعالى: ]سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ [([33])، وقوله أخو الفتى ، يعني عليًّا ، وهو معنى قول جبريل في يوم بدر وقد عرج إلى السماء وهو فرح وهو يقول : لا سيف إلا ذو الفقار ولافتى إلا عليّ.
وعن ابن عباس قال: رأيت أبا ذر وهو متعلق بأستار الكعبة وهو يقول من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر ، لو صمتم حتى تكونوا كالأوتار ، وصليتم حتى تكونوا كالحنايا ، ما نفعكم ذلك حتى تحبوا عليًّا )).
والجواب : أما قوله عن عامر بن واثلة وما ذكره يوم الشورى ، فهذا كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث ، ولم يقل علي ّ رضي الله عنه يوم الشورى شيئا من هذا ولا ما يشابهه ، بل قال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : لئن أمرتك لتعدلنّ ؟ قال : نعم . قال : وإن بايعت عثمان لتسمعن وتطيعن ؟ قال : نعم . وكذلك قال لعثمان . ومكث عبد الرحمن ثلاثة أيام يشاور المسلمين .
ففي الصحيحين 0 وهذا لفظ البخاري([34]) - عن عمرو بن ميمون في مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (( فلما فُرغَ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط فقال عبد الرحمن : اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم . قال الزبير : قد جعلت أمري إلى عليّ . وقال طلحة : قد جعلت أمري إلى عثمان . وقال سعد : قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن . فقال عبد الرحمن : أيكم تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه ؟ فأُسْكِتَ الشيخان . فقال عبد الرحمن : أتجعلونه إليَّ والله عَلَيَّ أن لا آلو عن أفضلكم . قالا : نعم ، فأخذ بيد أحدهما فقال : لك قرابة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والقدم في الإسلام ما قد علمت ، فالله عليك لئن أمَّرتك لتعدلن ولئن أمَّرت عليك لتسمعن ولتطيعن . ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك ، فلما أخذ الميثاق قال : ارفع يدك يا عثمان )) .
وفي هذا الحديث الذي ذكره الرافضي أنواع من الأكاذيب التي نزّه الله عليًّا عنها ، مثل احتجاجه بأخيه وعمه وزوجته ، وعليّ رضي الله عنه أفضل من هؤلاء ، وهو يعلم أن أكرم الخلق عند الله أتقاهم . ولو قال العباس : هل فيكم مثل أخي حمزة ومثل أولاد إخوتي محمد وعلي وجعفر ؟! لكانت هذه الحجة من جنس تلك ، بل احتجاج الإنسان ببني إخوته أعظم من احتجاجه بعمه . ولو قال عثمان : هل فيكم من تزوج بنتَى نبي لكان من جنس قول القائل : هل فيكم من زوجته كزوجتي ؟ وكانت فاطمة قد ماتت قبل الشورى كما ماتت زوجتا عثمان ، فإنها ماتت بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم
بنحو ستة أشهر .
وكذلك قوله : (( هل فيكم مَنْ له ولد كولدي ؟)) .
وفيه أكاذيب متعددة ، مثل قوله (( ما سألت الله شيئاً إلا وسألت لك مثله )) . وكذلك قوله : (( لا يؤدّي عني إلا عليّ )) من الكذب .
وقال الخطابي في كتاب (( شعار الدين )) : ((وقوله : لا يؤدّي عني إلا رجل من أهل بيتي )) هو شيء جاء به أهل الكوفة عن زيد بن يُثَيْع ، وهو متهم في الرواية منسوب إلى الرفض . وعامة من بلّغ عنه غير أهل بيته ، فقد بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسعد بن زرارة إلى المدينة يدعوا الناس إلى الإسلام ، ويعلّم الأنصار القرآن ، ويفقههم في الدين . وبعث العلاء بن الحضرمي إلى البحرين في مثل ذلك ، وبعث معاذاً وأبا موسى إلى اليمن ، وبعث عتاب بن أسيد إلى مكة . فأين قول من زعم أنه لا يبلِّغ عنه إلا رجل من أهل بيته ؟!
وأما حديث ابن عباس ففيه أكاذيب : منها قوله : كان لواؤه معه في كل زحف ، فإن هذا من الكذب المعلوم ، إذ لواء النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يوم أُحد مع مصعب بن عمير باتفاق الناس ، ولواؤه يوم الفتح كان مع الزبير بن العوام ، وأمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يركز رايته بالحجون ، فقال العباس للزبير بن العوام: أهاهنا أمرك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تركز الراية ؟ أخرجه البخاري في صحيحه([35]) .
وكذلك قوله : (( وهو الذي صبر معه يوم حُنين )) .
وقد عُلم أنه لم يكن أقرب إليه من العباس بن عبد المطلب ، وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، والعباس آخذ بلجام بغلته ، وأبو سفيان بن الحارث آخذ بركابه ، وقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (( ناد أصحاب السمرة )) قال : فقلت بأعلى صوتي : أين أصحاب السمرة ؟ فوالله كأن عطفتهم عليّ حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها ، فقالوا : يالبيك يالبيك . والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : (( أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب )) ونزل عن بغلته وأخذ كفًّا من حصى فرمى بها القوم وقال : (( انهزموا ورب الكعبة )) قال العباس : (( فوالله ما هو إلا أن رماهم فمازلت أرى حدّهم كليلا وأمرهم مدبرا ، حتى هزمهم الله)) أخرجاه في الصحيحين . وفي لفظ البخاري قال : (( وأبو سفيان آخذ بلجام بغلته )) وفيه : (( قال العباس: لزمت أنا وأبو سفيان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم حُنين فلم نفارقه))([36]).
وأما غُسله صلى الله عليه وآله وسلم وإدخاله قبره ، فاشترك فيه أهل بيته ، كالعباس وأولاده، ومولاه شقران ، وبعض الأنصار، لكن عليٌّ كان يباشر الغسل ، والعباس حاضر لجلالة العباس ، وأن عليًّا أولاهم بمباشرة ذلك .
وكذلك قوله : (( هو أوّل عربي وعجمي صلّى )) يناقض ما هو المعروف عن ابن عباس .