آخر تحديث للموقع :

الأثنين 7 ربيع الأول 1446هـ الموافق:9 سبتمبر 2024م 10:09:23 بتوقيت مكة
   مشاهدات من زيارة الأربعين 2024م ..   تم بحمد الله إصلاح خاصية البحث في الموقع ..   افتتاح مرقد الرئيس الإيراني الراحل ابراهيم رئيسي ..   ضريح أبو عريانة ..   شكوى نساء الشيعة من فرض ممارسة المتعة عليهن ..   باعتراف الشيعة أقذر خلق الله في شهوة البطن والفرج هم أصحاب العمائم ..   قصة الجاسوسة الإسرائيلية في إيران ..   طقوس جديدة تحت التجربة ..   تحريض مقتدى الصدر على أهل السنة ..   فنادق جديدة في بغداد وكربلاء لممارسة اللواط ..   يا وهابية: أسوار الصادق نلغيها ..   حتى بيت الله نحرقة، المهم نوصل للحكم ..   كيف تتم برمجة عقول الشيعة؟ ..   لماذا تم تغيير إسم صاحب الضريح؟ ..   عاشوريات 2024م ..   اكذوبة محاربة الشيعة لأميركا ..   عند الشيعة: القبلة غرفة فارغة، والقرآن كلام فارغ، وحبر على ورق وكتاب ظلال ..   الأطفال و الشعائر الحسينية .. جذور الإنحراف ..   من يُفتي لسرقات وصفقات القرن في العراق؟ ..   براءة الآل من هذه الأفعال ..   باعترف الشيعة أقذر خلق الله في شهوة البطن والفرج هم أصحاب العمائم ..   الشمر زعلان ..   معمم يبحث عن المهدي في الغابات ..   من كرامات مقتدى الصدر ..   من صور مقاطعة الشيعة للبضائع الأميركية - تكسير البيبسي الأميركي أثناء قيادة سيارة جيب الأميركية ..   من خان العراق ومن قاوم المحتل؟   ركضة طويريج النسخة النصرانية ..   هيهات منا الذلة في دولة العدل الإلهي ..   آيات جديدة ..   من وسائل الشيعة في ترسيخ الأحقاد بين المسلمين ..   سجود الشيعة لمحمد الصدر ..   عراق ما بعد صدام ..   جهاز الاستخبارات الاسرائيلي يرفع السرية عن مقطع عقد فيه لقاء بين قاسم سليماني والموساد ..   محاكاة مقتل محمد الصدر ..   كرامات سيد ضروط ..   إتصال الشيعة بموتاهم عن طريق الموبايل ..   أهل السنة في العراق لا بواكي لهم ..   شهادات شيعية : المرجع الأفغاني إسحاق الفياض يغتصب أراضي العراقيين ..   محمد صادق الصدر يحيي الموتى ..   إفتتاح مقامات جديدة في العراق ..   كمال الحيدري: روايات لعن الصحابة مكذوبة ..   كثير من الأمور التي مارسها الحسين رضي الله عنه في كربلاء كانت من باب التمثيل المسرحي ..   موقف الخوئي من انتفاضة 1991م ..   ماذا يقول السيستاني في من لا يعتقد بإمامة الأئمة رحمهم الله؟ ..   موقف الشيعة من مقتدى الصدر ..   ماذا بعد حكومة أنفاس الزهراء ودولة العدل الإلهي في العراق - شهادات شيعية؟ ..

" جديد الموقع "

قتل معاوية حِجْر بن عدي وأصحابه ..

معاوية ومقتل حجر بن عدي

ان خلاصة قصة قتل حجر بن عدي رحمه الله مبنية على امر قد وقع منه , فتعامل معه معاوية رضي الله عنه بما يتناسب مع المصلحة العامة للامة , وحتى لا يحدث شق عصا المسلمين .

قال القاضي ابن العربي : " فإن قيل فقد قتل حجر بن عدي وهو من الصحابة، مشهور بالخير، صبرا أسيرا بقول زياد . وبعثت إليه عائشة في أمره فوجدته قد فات بقتله. قلنا: قد علمنا قتل حجر كلنا، واختلفنا فقائل يقول: قتله ظلما، وقائل يقول: قتله حقا. فإن قيل الأصل قتله ظلما إلا أن يثبت عليه ما يوجب قتله. قلنا: الأصل أن قتل الإمام بالحق، فمن ادعى أنه بالظلم فعليه الدليل ، ولو كان ظلما محضا لما بقي بيت إلا لعن فيه معاوية وهذه مدينة السلام دار خلافة بني العباس، وبينهم وبين بني أمية ما لم يخف على الناس، مكتوب على أبواب مساجدها: "خير الناس بعد رسول الله أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم معاوية خال المؤمنين رضي الله عنه". ولكن حجرا فيما يقال رأى من زياد أمورا منكرة، فحصبه، وخلعه، وأراد أن يقيم الخلق للفتنة ، فجعله معاوية ممن سعى في الأرض فسادا، وقد كلمته عائشة في أمره حين حج، فقال لها: دعيني وحجرا حتى نلتقي عند الله " اهـ .[1]

ولم يقتل معاوية حجرا واصحابه الا بعد ان ثبت عنده ان السكوت على افعالهم يؤدي الى فتنة , فاستشار اصحابه في الحكم عليهم , ففي مسائل الامام احمد : " حَدثنَا صَالح قَالَ حَدثنِي أبي قَالَ حَدثنَا أَبُو الْمُغيرَة قَالَ حَدثنَا ابْن عَيَّاش قَالَ حَدثنِي شُرَحْبِيل بن مُسلم قَالَ لما بعث بِحجر بن عدي بن الأدبر وَأَصْحَابه من الْعرَاق إِلَى مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان اسْتَشَارَ النَّاس فِي قَتلهمْ فَمنهمْ المشير وَمِنْهُم السَّاكِت فَدخل مُعَاوِيَة إِلَى منزله فَلَمَّا صلى الظّهْر قَامَ فِي النَّاس خَطِيبًا فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ جلس على منبره فَقَامَ الْمُنَادِي فَنَادَى أَيْن عَمْرو بن الْأسود الْعَنسِي فَقَامَ فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ أَلا إِنَّا بحصن من الله حُصَيْن لم نؤمر بِتَرْكِهِ وقولك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي أهل الْعرَاق أَلا وَأَنت الرَّاعِي وَنحن الرّعية أَلا وَأَنت أعلمنَا بدائهم وأقدرنا على دوائهم وَإِنَّمَا علينا أَن نقُول {سمعنَا وأطعنا غفرانك رَبنَا وَإِلَيْك الْمصير} فَقَالَ مُعَاوِيَة أما عَمْرو بن الْأسود فقد تَبرأ إِلَيْنَا من دِمَائِهِمْ وَرمى بهَا مَا بَين عَيْني مُعَاوِيَة ثمَّ قَامَ الْمُنَادِي فَنَادَى أَيْن أَبُو مُسلم الْخَولَانِيّ فَقَامَ فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ أما بعد فَلَا وَالله مَا أبغضناك مُنْذُ أَحْبَبْنَاك وَلَا عصيناك مُنْذُ أطعناك وَلَا فارقناك مُنْذُ جامعناك وَلَا نكثنا بيعتنا مُنْذُ بايعناك سُيُوفنَا على عواتقنا إِن أمرتنا أطعناك وَإِن دَعوتنَا أجبناك وَإِن سبقتنا أدركناك وَإِن سبقناك نظرناك ثمَّ جلس ثمَّ قَامَ الْمُنَادِي فَقَالَ أَيْن عبد الله بن مخمر الشرعبي فَقَامَ فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ وقولك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي هَذِه الْعِصَابَة من أهل الْعرَاق إِن تعاقبهم فقد أصبت وَإِن تَعْفُو فقد أَحْسَنت فَقَامَ الْمُنَادِي فَنَادَى أَيْن عبد الله بن أَسد الْقَسرِي فَقَامَ فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ رعيتك وولايتك وَأهل طَاعَتك إِن تعاقبهم فقد جنوا أنفسهم الْعقُوبَة وَإِن تعفوا فَإِن الْعَفو أقرب للتقوى يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا تُطِع فِينَا من كَانَ غشوما لنَفسِهِ ظلوما بِاللَّيْلِ نؤوما عَن عمل الْآخِرَة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن الدُّنْيَا قد انخشعت أوتادها ومالت بهَا عمادها وأحبها أَصْحَابهَا واقترب مِنْهَا ميعادها ثمَّ جلس فَقلت لشرحبيل فَكيف صنع قَالَ قتل بَعْضًا واستحيى بَعْضًا وَكَانَ فِيمَن قتل حجر بن عدي بن الأدبر قَالَ قدم لتضرب عُنُقه فَقَالَ لَا تطلقوا عني حديدا وادفنوني وَمَا أصَاب الثرى من دمي فَإِنِّي ألتقي أَنا وَمُعَاوِيَة بالجادة قَالَ أَبُو الْمُغيرَة كَانَ ابْن عَيَّاش لَا يكَاد يحدث بِهَذَا الحَدِيث إِلَّا بَكَى بكاء شَدِيدا " اهـ .[2]

وقال الحافظ ابن عساكر : " وأنبأنا عبد الله حدثني أبو الحسن العطار نبأنا احمد بن شبوية حدثني سليمان بن صالح حدثني عبد الله بن المبارك عن عبيد الله بن أبي زياد عن ابن أبي مليكة أن معاوية جاء يستأذن على عائشة فأبت أن تأذن له فخرج غلام لها يقال له ذكوان قال ويحك ادخلني على عائشة فإنها قد غضبت علي فلم يزل بها غلامها حتى اذنت له وكان اطوع مني عندها فلما دخل عليها قال امتاه فيما وجدت علي يرحمك الله قالت غضبت عليك في انك جعلت منازل الحج قصورا وفجرت فيها العيون وجعلتها نخلا ووجدت عليك في شأن حجر واصحابه انك قتلتهم فقال لها أما قولك أني جعلت منازل الحاج بيوتا فان الحاج كانوا يقدمون فلا يجدون ظلا يستظلون فيه ولا يكون فيه امتعتهم وادواتهم ولا يستكنون من حر لا برد ولا مطر فجعلناها لهم ظلا يستظلون بها وما كان لي فيها قالت فان كنت إنما فعلت ذلك لذلك فلا بأس واما حجر واصحابه فاني تخوفت امرا وخشيت فتنة تكون تهراق فيها الدماء وتستحل فيها المحارم وأنت تخافيني دعيني والله يفعل بي ما يشاء قالت تركتك والله تركتك والله تركتك والله انتهى " اهـ .[3]

وفيه ايضا : " واخبرنا أبو عبد الله البلخي أنبأنا أبو القاسم بن العلاف أنبأنا علي بن احمد نبأنا أبو القاسم سالم نبأنا عبد الله بن احمد حدثنا أبي نبأنا عفان نبأنا إسماعيل بن إبراهيم بن علية نبأنا ايوب عن عبد الله بن أبي مليكة أو غيره شك إسماعيل قال لما قدم معاوية دخل على عائشة فقالت اقتلت حجرا قال يا أم المؤمنين إني وجدت قتل رجل في صلاح الناس خير من استحيائه في فسادهم انتهى " اهـ .[4]

ولقد كان حجر بن عدي رحمه الله من الصالحين ولا اشك بذلك , ولكن فعله من شق عصا المسلمين يترتب عليه محظور شرعي لما ثبت عن النبي صلى الله عليه واله وسلم بعدم مشروعية شق عصا المسلمين , قال الامام مسلم  : " وحَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَرْفَجَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ، فَاقْتُلُوهُ» " اهـ .[5]

وفيه : " 59 - (1852) حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ ابْنُ نَافِعٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ،، وقَالَ ابْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَرْفَجَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّهُ سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ، فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ» " اهـ .[6]

قال الامام النووي في شرح هذا الحديث : "  قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ) الْهَنَاتُ جَمْعُ هَنَةٍ وَتُطْلَقُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْفِتَنُ وَالْأُمُورُ الْحَادِثَةُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ) فِيهِ الْأَمْرُ بِقِتَالِ مَنْ خَرَجَ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ أَرَادَ تَفْرِيقَ كَلِمَةِ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَيُنْهَى عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ قُوتِلَ وَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ شَرُّهُ إِلَّا بِقَتْلِهِ فَقُتِلَ " اهـ .[7]

ولقد جاء ذكر حجر بن عدي في كتب الرافضة , وانه كان من طبعه الاعتراض , والغلظة مع الامراء , وقد نقل الرافضة اعتراض حجر بن عدي على الحسن رضي الله عنه , ومخاطبته له بسودت وجوه المؤمنين مرة , ومذل المؤمنين مرة اخرى ,  قال الشريف المرتضى : " فأشار المختار على عمه ان يوثقه ويسير به إلى معاوية على أن يطعمه خراج جوخي سنة. فأبي عليه وقال للمختار: قبح الله رأيك أنا عامل أبيه وقد أئتمنني وشرفني، وهبني نسيت بلاء أبيه أأنسى رسول الله صلى الله عليه وآله ولا أحفظه في ابن بنته وحبيبه ثم أن سعد بن مسعود أتاه عليه السلام بطبيب وقام عليه حتى برئ وحوله إلى بعض المدائن. فمن ذا الذي يرجو السلامة بالمقام بين أظهر هؤلاء القوم عن النصرة والمعونة ؟ وقد أجاب  (عليه السلام) حجر بن عدي الكندي لما قال له سودت وجوه المؤمنين، فقال عليه السلام ما كل أحد يحب ما تحب ولا رأيه كرأيك، وانما فعلت ما فعلت إبقاء عليكم " اهـ .[8]

وفي دلائل الامامة للطبري الشيعي : " 77 – 8 - قال أبو جعفر : حدثنا أبو محمد ، قال : أخبرنا عمارة بن زيد ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، قال : حدثنا محمد بن جرير ، قال : أخبرني ثقيف البكاء ، قال : رأيت الحسن بن علي ( عليه السلام ) عند منصرفه من معاوية ، وقد دخل عليه حجر ابن عدي ، فقال : السلام عليك يا مذل المؤمنين  . فقال : مه ، ما كنت مذلهم ، بل أنا معز المؤمنين ، وإنما أردت البقاء عليهم ، ثم ضرب برجله في فسطاطه ، فإذا أنا في ظهر الكوفة ، وقد خرج  إلى دمشق ومصر حتى رأينا  عمرو بن العاص بمصر ، ومعاوية بدمشق ، وقال : لو شئت لنزعتهما ، ولكن هاه هاه ، مضى محمد على منهاج ، وعلي على منهاج ، وأنا أخالفهما ؟ ! لا يكون ذلك مني " اهـ . [9]


1- العواصم من القواصم – ابو بكر محمد بن عبد الله المالكي – ص 326 .
2 - مسائل الامام احمد برواية ابي الفضل صالح بن احمد – احمد بن حنبل – ج 2 ص 328 – 331 .
3 - تاريخ دمشق – ابو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر – ج 12 ص 230 .
4 - تاريخ دمشق – ابو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر – ج 12 ص 229 .
5 - صحيح مسلم - بَابُ حُكْمِ مَنْ فَرَّقَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مُجْتَمِعٌ – ج 3 ص 1480 .
6 - صحيح مسلم - بَابُ حُكْمِ مَنْ فَرَّقَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مُجْتَمِعٌ – ج 3 ص 1479 .
7 - شرح صحيح مسلم – ابو زكريا يحيى بن شرف النووي – ج 12 ص 241 .
8 - تنزيه الانبياء – الشريف المرتضى – ص 222 – 223 .
9 - دلائل الامامة - محمد بن جرير الطبري ( الشيعي) - ص 166 .


 حجر بن عدي هل له صحبة ؟ 

للعلماء في حجر بن عديّ وصحبته قولان:
الأول: أن له صحبة ؛ فقد ذكر ابن سعد ومصعب الزبيري ــ فيما رواه الحاكم عنه ــ أنه وفد على النبي صلى الله عليه و سلم هو وأخوه هانئ بن عدي، 
قال ابن سعد في ( الطبقات ):" وذكر بعض رواة العلم أنه وفد إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، مع أخيه هانئ بن عدي، وشهد حجر القادسية". وقال ابن عبدالبر في ( الإستيعاب): "كان حجر من فضلاء الصحابة وصغر سنه عن كبارهم ".
ومال إلى ذلك الحاكم في مستدركه وجمع فضائله بعنوان: " ذكر مناقب حجر بن عدي رضي الله عنه و هو راهب اصحاب محمد صلى الله عليه و سلم" ، وهو ما رجحه الذهبي .

والثاني: أنه تابعيّ؛ ذكر ذلك ابن معين والبخاري وابن أبي حاتم عن أبيه وخليفة بن خياط وابن حبان.
قال ابن حبان في ( مشاهير علماء الأمصار ) ( رقم - 648 ): " حجر بن عدى الكندي واسم عدى هو الادبر وهو الذي يقال له حجر بن الادبر من عباد التابعين ممن شهد صفين مع على بن أبى طالب قتل سنة ثلاث وخمسين" .

وإنما يصح القول بالصحبة بأحد أمور:
أحدها: أن يقول من يُظنّ صحبته : رأيت رسول الله، أو سمعتُ، أو حدثني، أو قال لي رسول الله ... مما يدل على السماع من النبي صلى الله عليه وسلم أو رؤيته.
الثاني: أن يقول التابعي: حدثنا فلان ، وكان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، أو نحوها مما يدلّ على أن من فوقه قد رأى النبي أو سمع منه.
الثالث: أن يشتهر بين العلماء القول برؤيته للنبي ؛ إما إجماعًا منهم أو شهرةً متكاثرة بحيث يُعدّ المخالف لهم شاذًّا.
وبخلاف ذلك لا يمكن الجزم بالقول بالصحبة، والله تعالى أعلم.

وإذ انتفت هذه الأمور عن حال حجر بن عديٍّ رحمه الله ورضي عنه، مع جزم أئمة هذا الشأن بأنه تابعي ــ كالبخاري وابن معين وأبي حاتم الرازي وابن حبان ــ ممن لا يبلغ مبلغهم ابن سعد ولا مصعب الزبيري ولا ابن عبدالبر الذين قالوا بصحبته ؛ ثم إنّ ابن سعد اختلف قوله فيه؛ فمرّة ذكر أنه صحابي ومرة ذكر أنه تابعي من أهل الكوفة ؟! كما في ( الطبقات الكبرى ) له.
ومما يُستأنس به في القول أنه تابعي وليس صحابيًّا أنه ليست له رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما كل رواياته عن عليّ وعمّار بن ياسر وشراحيل بن مرة ، من أصحاب النبي .

(تنبيه ) بالتتبع لم أجد لحجر بن عديّ رواية عن النبي؛ وإنما روايته عن أصحاب النبي رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ إلا رواية واحدة في ( مستدرك الحاكم ــ تحقيق الوادعي ) (6053) من طريق عباد بن عمرو ثنا عكرمة بن عمار ثنا مخشى بن حجر بن عدي عن أبيه : أن النبي صلى الله عليه و سلم خطبهم فقال : أي يوم هذا قالوا : يوم حرام قال : فأي بلد هذا قالوا : البلد الحرام قال : فأي شهر : قالوا شهر حرام قال : فإن دماءكم و أموالكم و أعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا كحرمة شهركم هذا كحرمة بلدكم هذا ليبلغ الشاهد الغائب لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" .
قال العلامة مقبل الوادعي في تعليقه على الرواية من المستدرك ( 3/ 576):" في السند ( عباد بن عمر ) وصوابه ( عبادة بن عمر ) كما في ترجمة شيخه ( عكرمة بن عمار ) من ( تهذيب الكمال ) ، وعبادة بن عمر مقبول كما في ( التقريب ) ومعنى مقبول: أي إذا توبِع، وإلاّ فليّن" إهـ كلام الوادعي.
قلت: وأيضًا ( مخشي بن حجر ) لم أجد له ترجمة؛ فهو مجهول .
فالحديث ضعيف، ولو ثبت لكان مرجّحًا لقول من قال بصحبته.
فالخلاصة :أن البقاء على الأصل ــ وهو عدم الصحبة ــ حتى يأتي ما يثبتها، هو الراجح، والله تعالى أعلم 


كيف يكونُ مُعاوِيةُ بنُ أبي سُفْيانَ رضيَ اللهُ عنه عدلًا، وقد قتَلَ حُجْرَ بنَ عَدِيٍّ؟

ثم أصبَحَ الشيعةُ يعتمِدون على ما وضَعوهُ واختلَقوهُ، مع المبالَغةِ والتهويلِ، يشنِّعون بذلك على مُعاوِيةَ رضيَ اللهُ عنه فاصِلينَ بين الأسبابِ والنتائج.

2- خروجُ حُجْرِ بنِ عَدِيٍّ الذي تَحتَجُّ به الشِّيعةُ على الطعنِ في مُعاوِيةَ، إنما كان بتأليبٍ مِن الشِّيعة:

فقد كان حُجْرُ بنُ عَدِيٍّ الكِنْديُّ مِن كبارِ التابِعينَ على الصحيح، وقيل: إنه صحابيٌّ، وكان مِن السادةِ العُبَّادِ الصالِحين، وهو أحدُ أمراءِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه يومَ صِفِّينَ، ثم بايَعَ للحسَنِ، وكان مِن المعارِضينَ لصُلحِهِ مع مُعاوِيةَ، ثم بايَعَ لمُعاوِيةَ، وبَقِيَ في طاعتِهِ عَشْرَ سنواتٍ، وكان شديدًا في الإنكارِ على الوُلاةِ عَلانِيةً؛ قولًا وفعلًا، ورُوِيَ عنه: أنه كان يَفعَلُ ذلك مع المُغيرةِ بنِ شُعْبةَ، الذي كان يحلُمُ ويسكُتُ عنه، ثم تُوُفِّيَ المُغيرةُ، وتولَّى الكوفةَ بعده زيادٌ - وقد كان مِثلَ حُجْرٍ مِن أمراءِ عليٍّ - وبَقِيَ حُجْرٌ على طريقتِه، فحذَّره زيادٌ، فلم يتغيَّرِ الوضعُ، واجتمَعَ بعضُ الشِّيعةِ على حُجْرٍ، فتكلَّم زيادٌ يومًا على المِنبَرِ، فقال: إن مِن حقِّ أميرِ المؤمِنينَ كذا، مِرارًا، فأخَذَ حُجْرٌ كفًّا مِن حَصًا، فحصَبَهُ، وقال: كذَبْتَ، كذَبْتَ، عليكَ لَعْنةُ الله، فانحدَرَ زيادٌ مِن المِنبَرِ وصلَّى، ثم دخَلَ دارَهُ، واستَدْعَى حُجْرًا فأبى، فلم يَزَلْ به حتى قَدِمَ، وأرسَلهُ مقيَّدًا مع جماعةٍ مِن أصحابِهِ إلى مُعاوِيةَ، وأتبَعَهُ زيادٌ برسائلَ سبَقَتْهُ إلى مُعاوِيةَ: «إنْ كان لك في الكوفةِ حاجةٌ، فاكْفِني حُجْرًا»، وجعَلَ يَرفَعُ الكُتُبَ إلى مُعاوِيةَ حتى ألْهَفَهُ عليه، فلما وصَلَ حُجْرٌ، قال: السلامُ عليكَ يا أميرَ المؤمِنين، قال مُعاوِيةُ مغضَبًا: أَوَأَمِيرُ المؤمِنينَ أنا؟! قال: نَعَمْ، ثلاثًا، وكان مُعاوِيةُ قد استشار وجوهَ أصحابِهِ في القادِمين، فأشار بعضُهم بالقتلِ، وسكَت بعضُهم مصرِّحًا بطاعتِهِ لِمَا سيحكُمُ به مُعاوِيةُ، ثم كان حُكمُهُ فيهم أنْ قتَلَ بعضَهم؛ وفيهم حُجْرٌ، واستبقى بعضَهم، ولم يخالِفْهُ مَن حوله، وقال حُجْرٌ قبل أن تُضرَبَ عُنُقُهُ: «دَعُوني أُصَلِّي رَكْعَتَيْن»، ثم قال: «لا تَحُلُّوا قيودي، ولا تَغسِلوا عنِّي الدمَ؛ فإني أجتمِعُ أنا ومُعاوِيةُ إذَنْ على المَحَجَّة»، وكان مَقتَلُهُ بمَرْجِ عَذْراءَ (واسمُها اليومَ: عَدْرا)، قُربَ دِمَشقَ سنةَ إحدى وخمسين. ينظر: «بغيةُ الطلَب» لابن العَدِيم (5/ 2119)، و«مختصَرُ تاريخ دِمَشقَ» لابن منظور (6/ 238).

وروَى الطبَرانيُّ في «المعجَمِ الكبير» (3/70 رقم 2691)، عن ابنِ عُيَينةَ، عن عُبَيدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ الأصمِّ، عن عمِّه يَزيدَ بنِ الأصمِّ، قال: خرَجْتُ مع الحَسَنِ (يعني: ابنَ عليٍّ رضيَ اللهُ عنهما)، وجاريةٌ تَحُتُّ شيئًا مِن الحِنَّاءِ عن أظفارِه، فجاءَتْهُ إِضْبارةٌ مِن كُتُبٍ، فقال: يا جارِيةُ، هاتي المِخْضَبَ، فصَبَّ عليه ماءً، وأَلْقى الكُتُبَ في الماء، فلم يَفتَحْ منها شيئًا، ولم ينظُرْ إليه، فقلتُ: يا أبا محمَّدٍ، ممَّن هذه الكتُبُ؟ قال: مِن أهلِ العِراقِ، مِن قومٍ لا يَرجِعون إلى حقٍّ، ولا يقصُرون عن باطلٍ، أَمَا إنِّي لستُ أَخْشاهم على نَفْسي، ولكنِّي أَخْشاهم على ذلك، وأشار إلى الحُسَين»، قال الهَيثَميُّ في «المَجمَع» (6/243): «ورجالُهُ رجالُ الصحيح، غيرَ عبدِ اللهِ بنِ الحَكَمِ بنِ أبي زيادٍ؛ وهو ثِقةٌ».

ومِن هذا الخبَرِ يتبيَّنُ: أن الشِّيعةَ كانوا يَسعَوْنَ للفتنةِ، ويزيِّنون الخروجَ للحسَنِ رضيَ اللهُ عنه، وأنه كان يَعلَمُ منهم ذلك، ويَحذَرُهم، ويَخافُ منهم على أخيهِ الحُسَين، وقد حصَلَ ما كان يَخْشاهُ؛ فأخرَجوا الحُسَينَ، ثم خَذَلوهُ وأَسْلَموه، فكانوا السبَبَ المباشِرَ لاستشهادِهِ رضيَ اللهُ عنه.

كذلك: كان الأمرُ مع حُجْرٍ رحمه الله؛ فقد كانت الشِّيعةُ قد يَئِسَتْ مِن إخراجِ الحسَنِ رضيَ اللهُ عنه، وكان وجودُهُ كفيلًا برَدْعِ هؤلاءِ المتربِّصينَ للخروج، فلما مات، اجتمَعوا على حُجْرٍ، وصاروا يحرِّضونه، وقالوا له: «أنتَ شيخُنا، وأحقُّ الناسِ بإنكارِ هذا الأمر». ينظر: «أنسابُ الأشراف» للبلاذُريّ (5/ 247).

ومما يؤكِّدُ دَوْرَ أولئك الشِّيعةِ في التحريض، وأنهم ما أرادوا بذلك إلا الخروجَ على الجماعةِ وقتالَهم: ما رواهُ عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ - ومِن طريقِهِ ابنُ عساكِرَ (12/220)، وابنُ العَدِيمِ في «بغيةِ الطلَب» (5/2124) - عن إسماعيلَ بنِ عيَّاشٍ: «أنه سأل شُرَحْبِيلَ بنَ مسلِمٍ، عن أصحابِ حُجْرٍ: ما كان شأنُهم؟ قال: وجَدُوا كتابًا لهم إلى أبي بِلالٍ: إن محمَّدًا وأصحابَهُ قاتَلوا على التنزيل، فقاتِلوهم أنتم على التأويل».

3- بيَّن مُعاوِيةُ رضيَ اللهُ عنه عُذرَهُ في قتلِ حُجْرٍ:

حيثُ أخرَجَ ابنُ عساكِرَ في «تاريخِهِ» (12/230)، بسندِهِ إلى ابنِ أبي مُلَيكةَ، قال: «عن مُعاوِيةَ: جاء يستأذِنُ على عائشةَ، فأبَتْ أن تأذَنَ له، فخرَجَ غُلامٌ لها يقالُ له: ذَكْوانُ، قال: وَيْحَكَ! أَدخِلْني على عائشةَ؛ فإنها قد غَضِبَتْ عليَّ، فلم يَزَلْ بها غُلامُها حتى أَذِنَتْ له، وكان أطوَعَ منِّي عندها، فلما دخَلَ عليها، قال: أُمَّتَاهْ! فيما وجَدتِّ عَلَيَّ يَرحَمُكِ الله؟ قالت: وجَدتُّ عليكَ في شأنِ حُجْرٍ وأصحابِهِ: أنك قتَلْتَهم، فقال لها: وأما حُجْرٌ وأصحابُهُ، فإنني تَخَوَّفتُ أمرًا، وخَشِيتُ فِتْنةً تكونُ، تُهَراقُ فيها الدماءُ، وتُستحَلُّ فيها المَحارِمُ، وأنتِ تخافيني، دَعِيني، واللهُ يَفعَلُ بي ما يشاءُ، قالت: ترَكْتُكَ واللهِ، ترَكْتُكَ واللهِ، ترَكْتُكَ واللهِ».

وأخرَجَ ابنُ عساكِرَ في «تاريخِهِ» (12/229): «لما قَدِمَ مُعاوِيةُ، دخَلَ على عائشةَ، فقالت: أقتَلْتَ حُجْرًا؟! قال: يا أمَّ المؤمِنينَ، إنِّي وجَدتُّ قَتْلَ رجُلٍ في صلاحِ الناسِ خيرًا مِنِ استحيائِهِ في فسادِهم». وأخرَجَ الحاكمُ (3/ 469 رقم 5980)، عن أبي زُرْعةَ بنِ عَمْرِو بنِ جَريرٍ، قال: «مَا وَفَدَ جَرِيرٌ قَطُّ إِلَّا وَفَدتُّ مَعَهُ، وَمَا دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ إِلَّا دَخَلْتُ مَعَهُ، وَمَا دَخَلْنَا مَعَهُ عَلَيْهِ إِلَّا ذَكَرَ قَتْلَ حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ».

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:

  هذه الشبهةُ قائمةٌ على جهلٍ بتاريخِ مُعاوِيةَ رضيَ اللهُ عنه، والواقعةِ المستشكَلة. 

مختصَرُ الإجابة:

الجوابُ عن هذه الشبهةِ يحتاجُ إلى كشفِ ملابَساتِ مَقتَلِ حُجْرِ بنِ عَدِيٍّ؛ فقد كان خروجُ حُجْرِ بنِ عَدِيٍّ على مُعاوِيةَ رضيَ اللهُ عنه بتأليبٍ مِن الشِّيعة؛ فقد حثُّوه على الخروج، ثم خذَلوه، وكان مُعاوِيةُ رضيَ اللهُ عنه متأوِّلًا في قتلِهِ: أن في ذلك إسكانًا للفتنة، ورُوِيَ عنه أنه نَدِمَ على ذلك.

خاتمة الجواب

خاتِمةُ الجواب - توصية:

وبعد كلِّ هذا: فهذه القضيَّةُ قضيَّةٌ تاريخيَّةٌ لها تفاصيلُ، ويصعُبُ الجزمُ باستكمالِ تفاصيلِها؛ وبالتالي: يصعُبُ الجزمُ بالحقِّ فيها أحيانًا، وكلاهما الآنَ عند حكمٍ عدلٍ لن يَضِيعَ لأحدٍ فيها مثقالُ ذرَّةٍ، وإنما يَحفَظُ المسلِمُ لسانَهُ عما لم يُحِطْ به عِلمًا. وكتُبُ التواريخِ تَحْوي الغَثَّ والسمينَ، ومؤرِّخو المسلِمينَ - كالطبَريِّ مثلًا - قد يَرْوي أحدُهم عن بعضِ الأَخْباريِّين الذين اشتهَرُوا بالتشيُّع، أو اتُّهِموا بالكذب، إذِ القصدُ حفظُ المرويِّ، لا إثباتُ صدقِه؛ مما يُوجِبُ التأنِّيَ والتريُّثَ حالَ التعامُلِ معهم ومع كُتُبِهم.
المصدر: مركز اصول.

عدد مرات القراءة:
13142
إرسال لصديق طباعة
السبت 12 رجب 1435هـ الموافق:10 مايو 2014م 03:05:15 بتوقيت مكة
ابو الحق الطيب 
كله تبرير لخالكم معاوية حتى اختلط عليكم الحق من تعصبكم قاتلكم الله انى تأفكون
 
اسمك :  
نص التعليق :