"هذا المقال نموذج للتفسير الجديد للتاريخ الإسلامى على أسس طائفية شيعية وهو يأتى ضمن تيار القراءات المنحرفة للتاريخ الإسلامي كالقراءة الماركسية للتاريخ الإسلامى" الراصد
يتساءل الباحث البحريني حسن سعيد سيد مرزوق في كتابه "حركة الردة في البحرين" الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر بالاشتراك مع مركز الجلاوي للدراسات والبحوث وهو بصدد البحث في الردة بعد رسول الله هل كان جميع الخارجين آنذاك مرتدين؟ وهل وراء حروب الردة أهداف ذات طابع سياسي؟ أم أنها أهداف دينية محضة؟ وهل للصحابة مواقف متباينة إزاء هذه الحروب؟ وما دلالة ذلك؟
ويرى الباحث مرزوق أن هذه التساؤلات تستحق الطرح ومحاولة الإجابة عنها خصوصا أن معظم الكتابات التاريخية التي نقلت أحداث الردة لم تجهد نفسها بالسعي إلى الإجابة عن مثل هذه التساؤلات فنقلت أحداث الردة دون غربلة أو تمحيص وكانت تنتصر غالباً لرأي فريق في الصراع دون اعتبار للرأي الأخر.
كما يرى الباحث مرزوق أن حروب الردة تحتاج إلى دراسات علمية تستجلي حقائقها وتسعى للتعرف إلى طبيعة ما جرى فيها. ويتطرق الباحث مرزوق إلى الردة لغة واصطلاحا حيث جاء في تاج العروس: الردة "بالكسر: الاسم من الارتداد وقد ارتد وارتد عنه: تحول ومنه الردة عن الإسلام أي الرجوع عنه معدداً ما ورد في الموسوعة الفقهية حول الردة في الإصلاح وهي: كفر المسلم بقول صريح أو لفظ يقتضيه أو فعل يتضمنه ومقسماً إياها إلى أربعة أقسام هي: ردة في الاعتقاد: كالشرك بالله أو جحده أو نفي صفة ثابتة من صفاته. وردة في الأقوال: كسب الله أو سب الرسول. وردة في الأفعال كالسجود للشمس أو القمر وردة في الترك: كترك الصلاة أو الزكاة جحوداً لها لأن ذلك من المجمع عليه المعلوم من الدين بالضرورة.
كما يتطرق الباحث مرزوق إلى ثبوت الردة بالإقرار أو بالشهادة حيث تثبت الردة عن طريق الشهادة بشرطين: شرط بشاهدين في ثبوت الردة وتفصيل الشهادة حيث يجب التفصيل في الشهادة على الردة بأن يبين الشهود وجه كفره نظراً للخلاف في موجباتها وحفاظا على الأرواح.
ويبحث مرزوق في أسباب الردة مشيرا إلى أنه لمن التبسيط المخل بالحقيقة الادعاء بأن حركة الردة انطلقت نتيجة لعامل وحيد وهو الارتداد عن الدين والرغبة في العودة إلى أيام الجاهلية الأولى على الرغم من أن هذا الدافع كان له دوره في جزء معين من هذه الحركة مبيناً أنه قد كان لهذه الحركة عوامل عدة تضافرت جميعها وساهمت في إرباك هدوء الواقع المسلم وسكينته آنذاك.
ورغم أن عنوان الردة أطلق على جميع المساهمين في هذه الحركة إلا أنه كان من الواضح اختلاف دافع كل فئة عن الأخرى فهناك من كفر بالصلاة وهناك من منع الزكاة أما من كفر بالصلاة فوصفه بالردة لا جدال فيه لأنه كفر بمسلمة من مسلمات الدين وأما من منع الزكاة فهناك من منعها ظنا من أنها علامة للتبعية والضعف حيث الضعيف يعطي أمواله للقوي وهناك من منعها رفضا لما آلت إليه سقيفة بني ساعدة من إعطاء الخلافة لأبي بكر وحجبها عن علي بن أبي طالب اللاحق بها. ويستشهد الباحث مرزوق بما قاله د. إبراهيم بيضون: أن لحركة الردة اكثر من خلفية لا تبدو بالضرورة متجانسة ولكنها تضافرت مع بعضها وأدت إلى تفجير الوضع وحدوث ما حدث وهذا يعني أن الردة "الكلمة المتداولة" لا تأخذ بعدها الشمولي لدى جميع القبائل الرافضة لسيادة المدينة لأن بعضاً منها كانت تحركه دوافع سياسية أو اقتصادية لم تصب مطلقاً جوهر العقيدة ولكن غالبية القبائل قد ثارت على الأرجح تحت ضغط عوامل إيمانية موصولة في الوقت نفسه وبشكل باطني بعوامل سياسية.
ويشير الباحث مرزوق إلى أن التنوع في أسباب الحركة واضح المعالم لدى أبي بكر ولكنه رغم ذلك لم يشأ أن يميز بين دافع وآخر بين الكفر بالصلاة ومنع الزكاة ووصف الجميع بوصف واحد وهو الارتداد مشيراً إلى أن أبا بكر كان على علم بوجود قسمين لهذه الحركة وهما من كفر بالصلاة ومن منع الزكاة ومبينا أن عمر بي الخطاب ورغم تميزه بالشدة إلا أنه استطاع أن يلحظ الفرق بين الفريقين في الدوافع وبالتالي في أسلوب المواجهة ولم يستوعب فكرة المواجهة المسلحة لكليهما من التمايز في الدوافع في أسلوب آخر للضغط على أبي بكر جاء عمر بن الخطاب بحديث للرسول يؤيد مدعاة عله بذلك يستطيع ثني أبي بكر عن المواجهة المسلحة مع مانعي الزكاة.
ويؤكد الباحث مرزوق على أن إصرار أبي بكر على المواجهة المسلحة رغم المؤاخذات عليها كان دافعها كما يبدو القضاء على كل تمرد قد يشم منه الاعتراض على تنصيب أبي بكر خليفة للمسلمين أولا وشغل الرأي العام المدني بحادثة خارج المدينة تخفف من وطأة النقاش حول شرعية الخليفة الجديد وأهليته وتوجه الناس نحو مشكلة أهم في نظرهم وهو الإسلام كدين ثانيا.
_____________________________
راجعه زياد العناني الغد 18/1/2005