الكاتب : حافظ موسى عامر ..
أصول وعقائد الشيعة تحت المجهر ودور إبن سبأ في تأسيسها ونشأتها
د. حافظ موسى عامر
رحمه الله تعالى
ط. مكتبة الإمام البخاري
مقدمة المؤلف
الحمد لله رب العالمين. والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا
محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فإنه في يوم الخميس ٣٠ من جمادى الثاني ١٤١٦ ه- الموافق ٢٣ من نوفمبر ١٩٩٥ م، وبتوفيق من الله تعالى،
تمت مناقشة رسالة الدكتوراه، المقدمة مني، إلى قسم الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق، جامعة القاهرة بعنوان:
(عصمة الإمام في الفقه السياسي الشيعي)
دراسة مقارنة
حيث خصصت الرسالة لبحث (العصمة الإمامية) عند الشيعة الاثني عشرية، دون الشيعة الإسماعيلية، ودون
الشيعة الزيدية.
هؤلاء الشيعة الاثنا عشرية، الذين حددوا الأئمة في اثني عشر، ألبسوهم لباس العصمة، التي لا تكون إلا للأنبياء
والمرسلين.
وقد تشكلت لجنة المناقشة من السادة:
١- معالي الأستاذ الدكتور/ أحمد كمال أبو اد.
أستاذ القانون العام - وزير الأعلام الأسبق (مشرف).
٢- فضيلة الأستاذ الدكتور/ يوسف قاسم.
رئيس قسم الشريعة الإسلامية - وكيل كلية الحقوق للدراسات العليا (مشرف).
٣- فضيلة الأستاذ الدكتور/ محمد إبراهيم الفيومي. رئيس قسم أصول الدين - كلية الدراسات الإسلامية
والعربية بجامعة الأزهر.
٤- فضيلة الأستاذ الدكتور/ محمود بلال مهران.
أستاذ الشريعة الإسلامية - كلية الحقوق - جامعة القاهرة.
وبعد إتمام المناقشة، تداولت اللجنة الموقرة ثم أعلنت قرارها بمنحي درجة الدكتوراه، في الحقوق بتقدير جيد جدا.
وكان على بعد ذلك، إعداد الرسالة للنشر، لتعم فائدا، فينتفعا المسلمون إذ تكونت الرسالة من ثلاثة أبواب:
الباب الأول: ماهية العصمة عند السنة، وعند الاثني عشرية، ومناقشة الاثني عشرية في عصمتهم الإمامية.
الباب الثاني: أهداف العصمة الإمامية الشيعية الاثني عشرية.
(الأهداف هي بذاا الآثار).
الباب الثالث: هيمنة العصمة الإمامية على نظرية ولاية الفقيه الشيعي وعلى الدستور الإيراني.
* وبما أن تلك الأبواب الثلاثة، تدور حول حقيقة (العصمة الإمامية) التي جعلها الشيعة لاثني عشر حدودهم في:
علي بن أبي طالب، ثم الحسن، ثم الحسين -رضي الله عن ثلاثتهم- ثم في ثمانية من ذرية الحسين دون الحسن،
هم: علي زين العابدين بن الحسين، محمد الباقر بن علي زين العابدين، جعفر الصادق بن محمد الباقر، موسى الكاظم
بن جعفر الصادق، علي الرضا بن موسى الكاظم، محمد الجواد بن علي الرضا، علي الهادي محمد الجواد، الحسن
العسكري بن علي الهادي رحمهم الله جميعا ثم الثاني عشر، الذي زعموه ابنا للحسن العسكري، فأسموه محمدا، ولقبوه
بألقاب (المهدي، الحجة، صاحب الزمان) بزعم ولادته عام ٢٥٥ ه، وزعم غيبته عام ٢٦٠ ه!! وزعم كونه حيا
إلى الآن، لم يمت مختفيا عن الأنظار، ليظهر آخر الزمان، فيملأ الأرض عدلا وقسطا بعد أن ملئت ظلما وجورا!!
* وحيث كانت (العصمة الإمامية) المفروضة على كل من هؤلاء الاثني عشر، هي إحدى العقائد الشيعية، المبني
على جدارها المذهب الشيعي، وكان هذا المذهب في حقيقته أجنبيا عن هؤلاء الأئمة، أقحمه عليهم آخرون، بدعوى
موالاة آل بيت النبي عليه صلوات الله وسلامه، فيتوجب علينا البحث عن حقيقة نشأة التشيع بمعانيه التاريخية
والمعاصرة، لنرى: هل فعلًا كان لأحد من هؤلاء الأئمة يد في نشأة التشيع، أم لا؟
وإذا لم يكن لأحدهم في النشأة من يد، فمن هم الذين كانوا وراء النشأة؟
ومن هو المفكر الأول المؤسس، الذي ألقى بأفكاره، لتتأصل بعد ذلك في عقائد؟
ثم ما هو مضمون العقائد الشيعية الاثني عشرية، التي اعتبرنا (العصمة الإمامية) هي حجر الزاوية في بنائها؟
يتعين علينا إلقاء الضوء على مضمون تلك العقائد مع المقارنة بينها وبين أفكار المؤسس، لنرى التوافق، بل
التطابق، بين الأفكار والعقائد.
هذا البحث، عن النشأة، وعن العقائد، يعتبر بابا تمهيديا للرسالة وأبواا الثلاثة، لم يكن في صلب الرسالة وأبواا
الثلاثة، ولم يخضع للمناقشة معها، لكنه من الأهمية بمكان لفهمها واستيعاا.
، قبل إنصاف صحابته ، لذا رأيت نشر هذا الكتاب، متزامنا مع نشر الرسالة إنصافا لآل بيت رسول الله
رضي الله تعالى عن جميع الأصحاب وجميع الآل.
فينقسم البحث في هذا الكتاب الأول إلى فصلين:
الفصل الأول: نشأة الشيعة.
الفصل الثاني: العقائد الشيعية الاثنا عشرية.
أسأل الله تعالى التوفيق والسداد والرشاد.
(وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإيه أنيب).
دكتور حافظ موسى عل ي عامر
تمهيد
في هذا الفصل بعون الله يتعين علينا: البحث التاريخي لاستخلاص النشأة من واقع الأدلة التاريخية، بإبراز المؤسس
الذي تنتمي إليه الشيعة، وتسليط الأنوار الكاشفة من خلال مصباح النصوص التاريخية على ذلك المؤسس.
لذا رأينا ترتيب مباحث ومطالب هذا الفصل كالتالي:
المبحث الأول: للتعريف بالمؤسس.
ونطلب فيه المطالب التالية:
المطلب الأول: التعرف على ابن سبأ في كتب الشيعة بنصوص من كتبهم.
المطلب الثاني: نعرض بعضا من نصوص أهل السنة عن ابن سبأ.
المطلب الثالث: نبين الأصل اليهودي اليمني لابن سبأ.
المطلب الرابع: نشير إلى جهالة نسبه كدأب قادة التنظيمات الخفية.
المبحث الثاني: نتتبع تحركات المؤسس في بلاد المسلمين، مع توضيح نواياه الباطنة، ومنهجه الحركي التنظيمي،
من خلال تحركاته وصنائعه، من واقع النصوص التاريخية، بصفته الأستاذ المعلم لكل شيعي على مر العصور، وذلك في
المطالب التالية:
المطلب الأول: نشير إلى مرور ابن سبأ بالحجاز، قادما من اليمن أول مرة، حيث لم يجد ثغرة ينفذ منها إلى
مجتمع المهاجرين والأنصار قبل الفتنة.
المطلب الثاني: نرى كيف بدأ ابن سبأ في ترويج صنائعه المنحرفة من البصرة، بعرض عينة من تلك الصنائع
المتمردة على الخلافة الراشدة، مع بيان صلاح ومآثر أمير البصرة من قبل الخليفة الراشد ذي النورين، على خلاف
شائعات الشيعة.
المطلب الثالث: نوضح أحوال الكوفة، التي مرا ابن سبأ، وكون من صنائعها جناحه الكوفي، حيث نشير إلى
الأشتر مسعر الفتنة، وندفع الشبهات الشيعية عن نقاء وصفاء سيرة الأميرين على الكوفة من قبل ذي النورين،
مؤكدين على حكمته وعدله وحزمه -رضي الله عنه وأرضاه.
المطلب الرابع: نبرز خيبة ابن سبأ في الشام، وكيف ركب خلافًا فقهيا اجتهاديا مألوفًا بين الصحابة، ليفتعل
حوله فتنة، ويبهرج منه أزمة رغم جلاء ووضوح أدب الصحابة الجم، ومسلكهم الرفيع، وتلطفهم جميعا عند
الاختلاف وعند الاتفاق سواء.
المطلب الخامس: عن خطوات ابن سبأ في مصر.
حيث نجده أولا: قد استمال أوباش القبائل اليمنية النازلة في مصر.
وثانيا: قام بتحريض من حمل في قلبه غلا ضد الخليفة، ممن كان منهم الشغب على أميرهم الفاتح.
وثالثا: سعى في استمالة صحابي جليل ضد الخليفة، الذي تجلى فيه سمو الأدب العثماني الراشد، والحرص على
تكريم وتوقير الصحابة.
ورابعا: إحكام مكيدة عزل فاتح مصر وواليها من عهد الفاروق.
وخامسا: عن مقالة ابن سبأ، والغدر اليهودي، الذي مكن لابن سبأ وشيعته تنظيم أنفسهم في اثنتي عشرة فرقة
ممن عميت بصائرهم.
المبحث الثالث: نتقصى بعض تزويرات إمام التزوير المؤسس، التي دبرها لسفك دماء الخليفة الراشد، وندلل على
كون ابن سبأ هو معلم الشيعة الأول، في تزوير الأحاديث والكتب والروايات والمقالات، لئلا نصدم بعد ذلك برواية
شيعية مفتعلة أو حديث شيعي موضوع، من دس أتباع إمام التزوير؛ الرأس المدبر الذي خطط لزحف ثلاثة تجمعات
ملعونة، من مصر ومن البصرة ومن الكوفة، في فتنة غرسوها في صدر الإسلام، فحاقتم اللعنة على لسان نبينا
محمد عليه صلوات الله وسلامه ويكون استعراض وتحليل التزويرات السبئية في المطالب التالية:
المطلب الأول: نرى كيف مهد حزب الفتنة بالتزوير على الخليفة.
المطلب الثاني: نعلم كيف كان تزويرهم على أمهات المؤمنين.
المطلب الثالث: نعلم كيف كان تزويرهم على كبار الصحابة (علي وطلحة، والزبير) -رضي الله عنهم.
المطلب الرابع: عن تزوير سبئي رابع بعد إقناع القطيع المخدوع بسلامة موقف الخليفة، مما أشيع ضده، ونحلل
تزوير الفتنة الكبرى هذا بحقائق فاضحة.
المطلب الخامس: نختصر تتابع أحداث جناية القتل الكبرى، ببيان كون الشيعة لا يرعون حرمة الحرم النبوي،
ومواجهة تزوير شيعي إضافي، من تزويرهم على أحد ممن زعموا إمامته لهم.
المبحث الرابع: نتابع فيه إبراز مكائد المؤسس، بعد جنايته الكبرى ودوره الرئيس البارز في إراقة دماء المسلمين
بسيوف بعضهم بعضا، هادفا مع تنظيمه الخفي إلى وقف المد الإسلامي، بإشغال الفاتحين بمحنة الحرب الأهلية، في
الصدام المؤلم، بوقائع الجمل، وصفِّين والنهروان، لذا تكون متابعة المكائد السبئية في المطالب التالية:
المطلب الأول: عن بيعة الإمام علي -كرم الله وجهه- من بين غبار الفوضى والعصيان العالق بجو المدينة بإثارة
ابن سبأ وشيعته القتلة وكيف كان اختيار الإمام للخلافة عن عقد بيعة، خاصة وعامة فلم تكن عن وصية موهومة،
وهو فيها زاهد، قد سعت إليه بقدر الله تعالى في حينها، دون تطلع منه إلى اعتلائها، ثم نشير إلى إساءة الشيعة، بما
زوروه على الإمام فيما أسموه (بالخطبة الشقشقية) بزعم أا شقشقة هدرت من فم الإمام، أساءواا إلى جميع الخلفاء
الراشدين الأربعة.
المطلب الثاني: عن ابن سبأ ووقعة الجمل، وكيف أنشب صنيعته (ابن جبلة) القتال أولا، وأنشب هو وشيعته
القتال ثانيا. بعد كيدهم بليل في جلسة سرية تاريخية، أدار فيها ابن سبأ المؤسس دفة المؤامرة فكانت مصيبة الجمل
بتدبير المؤسس.
المطلب الثالث: عن ابن سبأ وصفين والنهروان، وست نكبات شيعية، داهمت الإمام الخليفة الراشد الرابع -
رضي الله عنه- جميعها بتدبير ابن سبأ وشيعته، كادواا الإمام لئلا ينتصر، فأجبروه وهددوه أولا ليقبل التحكيم،
وأكرهوه ثانيا وفرضوا عليه نائبه في التحكيم، ثم كان دورهم السري ثالثا في إفراز الخوارج بإفشاء شعار لا حكم إلا
لله، كلمة حق يرادا باطل الخوارج، ومن خلف هذا الشعار كانت قيادة التنظيم السري القابعة في المدائن، حيث
كان المؤسس منفيا هناك بسبب تأليه الإمام فإذا كان الإمام قد أبى رتبة الألوهية، ونفى مؤسسها إلى المدائن، فها هو
المؤسس من مقره في المدائن يلبس الإمام رتبة الكفر بيد الخوارج، في مظاهرة أثيمة صاخبة في بيت الله، فكانت النكبة
الشيعية الرابعة، وفي نكبتهم الخامسة راحوا يشوهون السلف بوصف أحد الحكمين في التحكيم بالغدر والآخر
بالبلاهة، وعندما اجتهد الإمام وقرر مواصلة القتال خذلوه وتقاعسوا عن نصرته بتوجيه من تنظيمهم الخفي الأول
بالمدائن.
وأخيرا كانت النكبة الشيعية السادسة نتيجة لمكائد ابن سبأ ودسائسه، باغتيال الإمام، وقت الفجر في بيت الله،
بوجه الخوارج، أحد وجهي العملة اليهودية، التي زيفها وسبكها وطبعها وروجها في بلاد المسلمين ابن سبأ مؤسس
الشيعة بين صفوف جيش الإمام.
المبحث الخامس: نتعجب من محاولة شيعية معاصرة، لإنكار ابن سبأ وشطب شخصيته من التاريخ!! ونناقش
تلك المحاولة في:
المطلب الأول: عن كتاب بمثابة القشة التي يتعلقا الغريق، حيث نشير إلى أسلوب من أساليب الشيعة، في
طمس حقائق التاريخ، إذا كانت لا تتماشي مع أهدافهم.
المطلب الثاني: نشير إلى عقدة الشيعة الكامنة، من خلف تأليف ذلك الكتاب الذي حاولوا به إنكار مؤسسهم
ألا وهي كره الصحابة وكره من أحبهم وأثنى عليهم، والتاريخ قد أثبت أن الكاره الأول هو ابن سبأ، فلا يجديهم في
إنكاره كتاب ولا عشرات الكتب وذاك لب القضية.
خلاصة: من عشرات الأدلة الثابتة في تلك المباحث الخمسة، يثبت أنه من بطن ابن سبأ نشأت الشيعة.
فإلى المباحث الخمسة التاريخية، عن النشأة، كمدخل ضروري لفهم العصمة الإمامية الاثني عشري، وتقييم
شرعية الدستورية الاثني عشرية بعون الله تعالى.
المبحث الأول
المؤسس
نبحث عن أمر المؤسس في المطالب التالية:
المطلب الأول: ابن سبأ في كتب الشيعة.
المطلب الثاني: ابن سبأ في كتب السنة.
المطلب الثالث: الأصل اليهودي اليمني لابن سبأ.
المطلب الرابع: ابن سبأ مجهول النسب.
المطلب الأول
ابن سبأ في كتب الشيعة
قررت مصادر الشيعة ومراجعهم المعتمدة عندهم، وأكدت شخصية ابن سبأ، وأشارت إلى أفكاره وأفعاله.
وفيما يلي أذكر بعض تلك المراجع، وما أذكره قليل من كثير:
أولا: النوبختي:
.( أبو محمد الحسن بن موسى النوبختي، المتوفى سنة ٣١٠ ه الشيعي الإمامي الاثنا عشري( ١
قال: (فرقة قالت: إن عليا لم يقتل، ولم يمت، ولا يموت حتى يسوق العرب بعصاه، ويملأ الأرض عدلا وقسطا
كما ملئت ظلما وجورا، وهي أول فرقة قالت في الإسلام بالوقف بعد النبي -صلى الله عليه وآله- من هذه الأمة،
وأول من قال فيها بالغلو، وهذه الفرقة تسمى السبئية: أصحاب عبد الله بن سبأ، كان ممن أظهر الطعن على: أبي
بكر، وعمر، وعثمان، والصحابة، وتبرأ منهم، وقال: إن عليا -عليه السلام- أمره بذلك، فأخذه علي، فسأله عن
قوله هذا، فأقر به، فأمر بقتله، فصاح الناس إليه: يا أمير المؤمنين، أتقتل رجلا يدعو إلى حبكم أهل البيت وإلى
ولايتك والبراءة من أعدائك؟
فسيره علي إلى المدائن عاصمة إيران آنذاك وحكى جماعة من أهل العلم من أصحاب علي -عليه السلام- أن
عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم، ووالى علي -عليه السلام.
١) فرق الشيعة للنوبختي، ط المطبعة الحيدرية بالنجف، العراق ١٣٧٩ ه- ١٩٥٩ م بتعليق البحر العلوم، انظر: الشيعة والسنة ص )
٢٣ ،٢٢ ، والشيعة والتشيع ص ٥٤ لإحسان إلهي ظهير ط إدارة ترجمان السنة لاهور باكستان النوبختي هذا هو: أبو محمد الحسن
بن موسى النوبختي الشيعي الإمامي المتكلم الفيلسوف ، المبرز على نظرائه في زمانه من أعلام القرن الثالث الهجري ومن معالم
العلماء عند الشيعة الاثني عشرية، وقد وردت ترجمته في جميع كتب الجرح والتعديل لدى تلك الطائفة، وكل منهم وثقه وأثنى
، عليه. انظر: ترجمته الكنى والألقاب: عباس القمي الشيعي مؤسسة الوفاء ببيروت ط ثانية ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، ج ١ ص ١٥٤
.١٥٥
وكان يقول وهو على يهوديته في (يوشع بن نون) بعد موسى -عليه السلام-ذه المقالة: يوشع بن نون كان
وصي موسى. فقال في إسلامه بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وآله- في علي -عليه السلام- بمثل ذلك.
وهو أول من شهر القول بفرض إمامة علي -عليه السلام- وأظهر البراءة من أعدائه، وكاشف مخالفيه، فمن
هناك قال من خالف الشيعة: إن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية.
ولما بلغ عبد الله بن سبأ نعي علي بالمدائن؛ أي حال وجود عبد الله ابن سبأ منفيا بالمدائن قال للذي نعاه:
كذبت، لو جئتنا بدماغه في سبعين صرة وأقمت على قتله سبعين عدلا، لعلمنا أنه لم يمت ولم يقتل، ولا يموت حتى
.( يملك الأرض. انتهى( ٢
وقد ذكر مصادر شيعية أخرى أثبتت شخصية ابن سبأ وفرقته، يجدر بنا التأمل في هذا النص الشيعي.
فمنه يمكن فهم الملحوظات التالية:
١- النوبختي هذا: من أعلام القرن الثالث الهجري، هذا الزمان الذي اكتملت فيه عقيدة الشيعة الاثني عشرية وتم
( حبكها خلال سنوات الغيبة الصغرى المزعومة، لإمامهم الثاني عشر المزعوم (من عام ٢٦٠ ه إلى عام ٣٢٩ ه)( ٣
على مدار سبعين سنة.
خلال تلك السنوات، عكف أعيان التنظيم السري السبئي - سفراء الإمام الغائب الأربعة: محمد بن عثمان بن
سعيد العمري، ثم ابنه محمد، ثم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي، ثم علي بن محمد السمري، ومن كان خلف
الستار من ورائهم عكفوا على وضع لمسام النهائية لعقائدهم المبتكرة التي وضع أسسها سلفهم عبد الله بن سبأ.
وكان الحسن بن موسى النوبختي من معاصريهم.
٢) فرق الشيعة للشيخ المتكلم الجليل الحسن بن موسى النوبختي من أعلام القرن الثالث الهجري دار الأضواء بيروت الطبعة الثانية )
٢٣ وقد ذكر النوبختي الشيعي هذا فرقة السبئية ضمن ثلاث فرق، ثبتت على إمامة علي بن أبي - ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م ص ٢٢
طالب بعد قتله، وزعمت أن إمامته فرض من الله -عز وجل- ورسوله -عليه الصلاة والسلام- فبدأ بفرقة السبئية، وثنى بفرقة
الكيسانية القائلة بإمامة محمد بن الحنفية، وثلث بمن لزم القول بإمامة الحسن بن علي بعد أبيه.
٣) تاريخ الغيبة الصغرى محمد الصدر -الشيعي- دار التعارف بيروت ط الثانية ١٤٠٠ ه - ص ٣٣٩ وما بعدها، وسنعاين )
عجائب ذلك الكتاب بمشيئة الله.
ويلزم من ذلك أنه كان ممن ساهم بقلمه في تأصيل عقائدهم، فكان من الأعضاء البارزين في ذلك التنظيم.
٢- ويكون ذلك المبرز على نظرائه في زمانه، كما وصفه بذلك الرجالي الشيعي الشهير عندهم،
.( (النجاشي)( ٤
والذي قال عنه (نور الله التستري): (الحسن بن موسى النوبختي من أكابر هذا الطائفة، وعلماء هذه السلالة،
.( كان متكلما فيلسوفا، إمامي الاعتقاد)( ٥
يكون ذلك المذكور قد أقر بشخصية عبد الله بن سبأ الذي كان يهوديا، أدخل نفسه في الإسلام، وهو من
الكارهين الناقمين الحاقدين على الرعيل الأول من أهل الإسلام: أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة، فطعن عليهم وتبرأ
منهم.
٣- ويكون قد اعترف بزعامته له، ولكل شيعي، بدليل متابعتهم جميعا له في: الكره، والنقمة، والحقد، على
الرعيل الأول من أهل الإسلام، وإظهار الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم-
وإصرارهم حتى عصرنا هذا على التبري منهم، مشايعة لابن سبأ هذا.
٤- النوبختي وأمثاله، وجميع أتباعهم، الذين تسموا بلفظ: (الشيعة).
… هم في الحقيقة أشياع ابن سبأ، وليسوا من شيعة على بن أبي طالب -كرم الله وجهه- ولا من شيعة أهل
بيت النبي، كما يزعمون.
٥- عبد الله بن سبأ اليهودي المتمسلم كان من الكاذبين، حيث زعم أن عليا أمره بالطعن على أبي بكر وعمر
.( وعثمان والصحابة والتبري منهم، خلافًا للحقيقة والواقع، فعلي -كرم الله وجهه- لم يأمر بذلك( ٦
٦- فقد أبى -كرم الله وجهه- ذلك الإفك والبهتان، وأمر بقتل المفتري على الصحابة وذلك حكم تعزيري
حكم به إمام الأئمة المعصوم عندهم يسري على كل شيعي، وجميعهم سادرون في ذلك الافتراء والإفك والبهتان.
. ٤) الفهرست للنجاشي ص ٤٧ ط الهند سنة ١٣١٧ ه نقلا عن الشيعة والسنة إحسان إلهي ظهير هامش ص ٢٢ )
. ٥) مجالس المؤمنين للتستري ط إيران ص ١٧٧ نقلا عن المصدر السابق هامش ص ٢٢ )
٦) وسأدلل خلال الرسالة على موالاة آل البيت للصحابة، وعلى تبادل الحب والود والتوقير بين الصحابة وآل البيت الله بإذن الله. )
٧- حال الغوغاء، أتباع بن سبأ من تنفيذ حكم القتل فيه، بصياحهم في وجه الأمير -كرم الله وجهه- الذي
كثيرا ما اشتكى إلى ربه تعالى من دسائسهم مر الشكوى، كما سيأتي بيانه بمشيئة الله.
٨- كان صياحهم بلحن: الولاية والبراءة!!!: (أتقتل رجلا يدعو إلى حبكم أهل البيت وإلى ولايتكم والبراءة
من أعدائكم؟) وهذا اللحن هو يعنيه الذي صاغ على وتره النوبختي وأمثاله من أعضاء التنظيم السبئي، أغنية الشيعة
على مر العصور.
٩- فما كان من الأمير -كرم الله وجهه- إلا أن سير ابن سبأ إلى المدائن، عاصمة إيران آنذاك، فماذا كان
يفعل ذلك الزعيم التنظيمي المتمسلم في تلك البقاع من بلاد الإسلام؟ التي رفع راية الإسلام فوق ربوعها جيش الفتح
بقيادة الفاتح: سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- في عهد الفاروق: عمر بن الخطاب -رضي الله عنه. هل كان في
عزلة؟ أم كان في نزهه؟ أم كان في خلوة؟ وهو الكاره الناقم على الراشد الفاروق، وعلى الصحابي الفاتح.
هناك في إيران بذور بذور التشيع الأولى، في تربة وبيئة ملائمة لبذوره، حيث صارت تنمو مع السنين، حتى
اكتملت أعوادها في القرن الثالث الهجري، بتأصيل النوبختي وأمثاله.
١٠ - ابن سبأ هو المؤسس لدين الشيعة، الذي وضع لهم أسس عقائدهم منها: الوصية (قوله: يوشع بن نون
وصي موسى، فيكون علي وصي محمد).
- الإمامة (أشهر القول بفرض إمامة علي).
- الغيبة والرجعة (لا يموت حتى يملك الأرض) فضلا عن: الولاية والبراءة، وطعن الخلفاء الراشدين -رضي الله
عنهم- وأرضاهم.
هذه نتائج عشر لازمة من قول (النوبختي) المذكور في كتابه: (فرق الشيعة) ومكانته عند الشيعة كما ذكرنا، فهل
جانب الصواب من قال: إن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية؟
إن من قال ذلك قد أصاب كبد الحقيقة، وهذه لوازم عشر من نص واحد من نصوص الشيعة، من كتبهم فكيف
بعشرات بل مئات النصوص، التي بعون الله يتم سطرها في هذا الكتاب، وجميعها أدلة علمية دامغة، تثبت للقارئ بما
لا يدع مجالا لأدنى شك، بأن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية.
والنوبختي عندما ساق عبارته: (فمن هناك قال من خالف الشيعة: إن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية) لم يكن
يدري بعبارته هذه أنه يؤكد معنى عبارة: (يكاد المريب يقول خذوني).
ثانيا: القمي( ٧): (المتوفى سنة ٣٠١ ه) قبل النوبختي.
قال عن عبد الله بن سبأ ما قاله النوبختي، وذكر أن سبأ وأصحابه بعد خبر مقتل علي -كرم الله وجهه- توجهوا
إلى الكوفة، وحكى خبرهم هناك فقال: (ولما بلغ ابن سبأ وأصحابه نعي علي وهو بالمدائن قالوا للذي نعاه: كذبت يا
عدو الله، لو جئتنا بدماغه في صرة فأقمت على قتلة سبعين عدلا ما صدقناك، ولعلمنا أنه لم يمت ولم يقتل، وأنه لا
يموت حتى يسوق العرب بعصاه ويملك الأرض.
ثم مضوا من يومهم حتى أناخوا بباب علي، فاستأذنوا عليه استئذان الواثق بحياته، الطامع في الوصول إليه.
فقال لهم من حضره من أهله وأصحابه: سبحان الله أما علمتم أن أمير المؤمنين قد استشهد؟
قالوا: إنا نعلم أنه لم يقتل ولا يموت حتى يسوق العرب بسيفه وسوطه كما قادهم بحجته، وإنه ليسمع النجوى،
.( ويعرف تحت الديار المغفل، ويلمع في الظلام كما يلمع السيف الصقيل الحسام، وهذا مذهب السبئية) انتهى( ٨
ولنا وقفة مع خبر (القمي) هنا لنلاحظ:
٧) هو سعيد بن عبد الله الأشعري القمي. كان من أهل بلدة (قم) في إيران، التي تتواجد فيها قيادة (الحوزة العلمية) للشيعة في إيران )
حاليا قالوا عن هذا القمي: (أبو القاسم سعيد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمي، من أجلة شيوخ الطائفة وثقام، عده
الشيخ أي الطوسي في رجاله، من أصحاب الإمام العسكري وبالغوا في الثناء عليه، قال النجاشي في الفهرست ص ١٢٦ : شيخ
هذه الطائفة وفقيهها ووجهها. وقال الشيخ في رجاله عنه: جليل القدر صاحب تصانيف ويوجد ذكره الجميل في كتب التراجم
كلها، ثقة عند الاثني عشرية. انظر: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، تأليف: الشيخ محمد باقر السي الشيعي،
.١٨٧ - مؤسسة الوفاء بيروت ط ثانية ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م ج صفر ص ١٨٦
.٢١- ٨) المقالات والفرق للأشعري سعد بن عبد الله القمي ص ٢٠ )
١- ابن سبأ كون جماعة حال مقامه في المدائن، (اعتنقت أفكاره، كان له عليهم من التأثير البالغ فقد تحركوا
بأمره، يلعنون ويجاهرون ببدعته عن: الغيبة والرجعة وكانوا من أهل إيران.
٢- يتضح من هذه المقالة الكره والمقت للعرب خاصة (لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه)، (لا يموت حتى
يسوق العرب بسيفه وسوطه).
والقائل هو ابن سبأ الذي أشاع الكره والمقت تجاه العرب، الذين كانوا هم بيضة الإسلام، وبعث الله تعالى منهم
خاتم المرسلين عليه الصلاة والسلام، ونزل بلغتهم القرآن والذي قال مع ابن سبأ ذلك هم جماعة من إيران.
٣- الزعم بأن عل ي بن أبي طالب يعلم الغيب: (إنه ليسمع النجوى ويعرف تحت الديار المغفل).
أشركوه مع الله تعالى في العلم بالغيب، في صفة من صفاته تعالى، اختصا سبحانه في قوله: ﴿ما يكُونُ من
نجوى َثلَاَثة ِإلَّا هو راِبعهم وَلا خمسة ِإلَّا هو سادسهم وَلا َأدنى من ذَلك وَلا َأكَْثر ِإلَّا هو معهم َأين ما كَانوا﴾
.[ [اادلة: ٧
.[ وقوله تبارك اسمه: ﴿يعلَم السر وَأ خفَى﴾ [طه: ٧
مددوا ما في الآية الأولى إلى علي بن أبي طالب، بزعم أنه يسمع النجوى ومددوا ما في الآية الثانية إليه كذلك
بزعم معرفته بما تحت الديار المغفل، أي بما خفي خلف الجدران وما غفل عنه الناس من الأسرار.
٤- ركب السبئية جمال العربية، في وضع الخرافات والأساطير حول عل ي بن أبي طالب: (ويلمع في الظلام
كما يلمع السيف الصقيل الحسام) فكانوا الرواد الأوائل في ذلك الميدان لشيعتهم، فأثقلوا فيه كاهل أوراق كتبهم بمثل
تلك الخرافات والأساطير.
والتي سنشير إلى العشرات منها بمشيئة الله.
ثالثا: الكشي( ٩): المتوفى سنة ٣٤٠ ه.
الذي كانت داره مرتعا للشيعة. أكد ما أكده القمي والنوبختي في كتابه (معرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين
المعروف برجال الكشي) أهم كتب الرجال عند الشيعة قال: (ذكر بعض أهل العلم أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا
فأسلم، ووالى عليا (ع)، وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون: وصي موسى بالغلو، فقال في إسلامه بعد
في علي (ع) مثل ذلك، وكان أول من شهر بالقول بفرض إمامة علي، وأظهر البراءة من أعدائه، وفاة رسول الله
.( وكاشف مخالفيه وأكفرهم، فمن هاهنا قال من خالف الشيعة: أصل التشيع والرفض مأخوذ من اليهودية) انتهى( ١٠
ومن هذا النص نضيف على ما سبق اللمحة التالية: (وذكر بعض أهل العلم) ومن قبل قال: (النوبختي): (وحكى
جماعة من أهل العلم من أصحاب علي -عليه السلام)، فالخبر عندهم متواتر جماعة عن جماعة من أهل العلم الذين
أرخو تاريخهم، الموثوق فيهم عندهم..
وهناك روايتان أخرجهما الكشي الشيعي أيضا تثبتان شخصية ابن سبأ ولا اعتبار لدعوى حرقه بالنار، فالراجع
نفيه إلى المدائن.
قال: (وعن عبد الله بن سنان، قال: حدثني أبي عن أبي جعفر (ع) أن عبد الله بن سبأ كان يدعي النبوة، ويزعم
أن أمير المؤمنين (ع) هو الله تعالى عن ذلك، فبلغ ذلك أمير المؤمنين (ع) فدعاه وسأله، فأقر بذلك، وقال: نعم أنت
هو، وقد كان ألقى في روعي أنك أنت الله وأني نبي. فقال له أمير المؤمنين (ع): ويلك قد سخر منك الشيطان
٩) هو أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزير الكشي، من علماء الشيعة في القرن الرابع والهجري، كبير علماء التراجم المتقدمين )
عندهم الذي قالوا فيه: إنه ثقة عين بصير بالأخبار والرجال كثير العلم حسن الاعتقاد مستقيم المذهب، نقلا عن: الشيعة والسنة
.٢٠٩- ٢١ ، وانظر: بحار الأنوار للمجلسي الشيعي ج صفر ص ٢٠٥ - إحسان إلهي ظهير ص ٢٠
١٠ ) رجال الكشي ص ١٠١ ط مؤسسة الأعلمي كربلاء عراق ونقل: المامقاني إمام الجرح والتعديل عندهم مثل هذا عن (الكشي) )
في كتابه: "تنقيح المقال" ص ١٨٤ ج ٢ط طهران نقلا عن المصدر السابق ص ٢١ ، وانظر: اختيار معرفة الرجال المعروف برجال
- ٤٦٠ ه) ط إيران ١٣٨٤ ه - ص ١٠٨ - الكشي لشيخ الطائفة الإمامية أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي ( ٣٦٥
بحرف (ص) بين قوسين، أتبعوا ذكره ١٠٩ حديث برقم ١٧٤ ، ويلاحظ أن الشيعة في كتبهم، إذا ذكروا رسول الله
وإذا ذكروا أحد أئمتهم الاثني عشر، أتبعوا ذكره بحرف (ع) بين قوسين، ويقصدونذا الحرف ويقصدونذا الحرف عبارة
عبارة (عليه السلام) اختصار الصلاة على النبي بحرف (ص) ليست من عندنا.
فارجع عن هذا ثكلتك أمك وتب، فأبى فحبسه واستتابه ثلاثة أيام، فلم يتب فأحرقه بالنار وقال: إن الشيطان
.( استهواه فكان يأتيه ويلقي في روعه ذلك) انتهى( ١١
وقال الكشي في الرواية الثانية: عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول، وهو يحدث أصحابه
بحديث عبد الله بن سبأ وما ادعى من الربوبية في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فقال: إنه لما ادعى ذلك فيه استتابه
.( أمير المؤمنين -رضي الله عنه- فأبى أن يتوب فأحرقه في النار)انتهى( ١٢
الثابت أن ابن سبأ قد أفلت من الحرق، الذي احترق فيه بعض من افتتن بقوله، حيث راوغ وأظهر التوبة، كما
أظهر الدخول في الإسلام قبل ذلك، فكان نفيه إلى المدائن، وكان حرق المعاندين المنكوبين بفتنته.
روى الكشي الشيعي عن السبعين رجلا من الزط الذين ادعوا الربوبية في أمير المؤمنين قال: (عن أبي جعفر (ع))
قال: إن عليا (ع) لما فرغ من قتال أهل البصرة أتى سبعون رجلا من الزط فسلموا عليه وكلموه بلسام فرد عليهم
بلسام، وقال لهم: إني لست كما قلتم، أنا عبد الله مخلوق. قال فأبوا عليه، وقالوا له: أنت أنت هو. فقال لهم: لئن
لم ترجعوا عما قلتم في وتتوبوا إلى الله تعالى لأقتلنكم، قال: فأبوا أن يرجعوا ويتوبوا، فأمر أن تحفر لهم آبار فحفرت،
ثم خرق بعضها إلى بعض ثم فرقهم فيها، ثم طم رءوسها ثم ألهب النار في بئر فيها، ليس فيها أحد، فدخل الدخان
.( عليهم فماتوا) انتهى( ١٣
والظاهر أن دعوى حرق ابن سبأ كانت محاولة مبكرة لإخفاء زعامته لتنظيمات الشيعة، كمحاولة الشيعة
المعاصرة لإعدام عار شخصيته، كما سنرى.
رابعا: ابن بابويه القمي: (المتوفى سنة ٣٨١ ه).
أخرج عن أبي عبد الله جعفر الصادق عن آبائه، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: إذا
فرغ أحدكم من الصلاة، فليرفع يديه إلى السماء، ولينصب في الدعاء.
.١٠٧- ١١ ) اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشي لشيخ الطائفة الطوسي الشيعي ص ١٠٦ )
. ١٢ ) المرجع السابق ص ١٠٧ حديث برقم ١٧١ )
. ١٣ ) المرجع السابق ص ١٠٩ حديث برقم ١٧٥ )
فقال ابن سبأ: يا أمير المؤمنين: أليس الله في كل مكان؟
فقال: بلى. قال: فلم يرفع يديه إلى السماء؟
قال: أما تقرأ في القرآن: وفي السماء رزقكم وما توعدون؟
.( فمن أين يطلب الرزق إلا من موضعه، وموضع الرزق وما وعد الله في السماء) انتهى( ١٤
نلمح من هذا أن ابن سبأ عمد إلى التعالم والتزلف من الأمير -كرم الله وجهه- يسأله ويجادله، في فترة قبل نفيه
من الكوفة إلى المدائن.
خامسا: الطوسي: (المتوفى سنة ٤٦٠ ه).
روى عن أبان بن عثمان قال: (سمعت أبا عبد الله (ع) جعفر الصادق إمامهم السادس يقول: لعن الله عبد الله بن
سبأ، إنه ادعى الربوبية في أمير المؤمنين (ع)، وكان والله أمير المؤمنين -عليه السلام- عبدا لله طائعا، الويل لمن كذب
علينا، وإن قوما يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا، نبرأ إلى الله منهم، نبرأ إلى الله منهم) انتهى.
وروى أيضا عن علي بن الحسين زين العابدين أنه قال: (لعن الله من كذب علينا، إني ذكرت عبد الله بن سبأ
فقامت كل شعرة في جسدي لقد ادعى أمرا عظيما، ماله لعنه الله؟ كان عليا -عليه السلام- والله عبدا صالحا، أخو
الكرامة من الله إلا بطاعته) ما نال الكرامة من الله إلا بطاعته لله ولرسوله، وما نال رسول الله ، رسول الله
انتهى.
وروى كذلك عن أبي عبد الله أنه قال: (إنا أهل بيت صديقون، لا نخلو من كذاب يكذب علينا ويسقط صدقنا
أصدق الناس لهجة، وأصدق البرية كلها، وكان مسيلمة يكذب عليه، بكذبه علينا عند الناس، كان رسول الله
١٤ ) فقيه من لا يحضره الفقه لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، وهو مشهور عندهم بلقب: )
(الصدوق) تحقيق السيد حسن الخراسان ط الخامسة، نشر الشيخ علي الأخوندي ج ١ ص ٢١٣ ، وقد أورد المدعو (الصدوق)
الحديث مرسلا عن أمير المؤمنين، وهو الحديث الثامن من باب التعقيب. انظر: ترجمة القمي هذا في "الكنى والألقاب" عباس
. القمي الشيعي ج ١ ص ٢٢١ إلى ٢٢٣
وكان الذي يكذب عليه ويعمل في تكذيب وكان أمير المؤمنين -عليه السلام- أصدق من برأ الله بعد رسول الله
.( صدقه ويفتري على الله الكذب عبد الله بن سبأ لعنه الله) انتهى( ١٥
ادعاء الربوبية للإمام علي بن أبي طالب، مع إخراجه من العبودية لله تعالى إلى مقام الألوهية، حتى يعبده الناس من
دون الله، أو يشركوه مع الله في أصناف العبادة، مع الكذب عليه -رضي الله عنه- والعمل في تكذيب صدقه -رضي
الله عنه- مع افتراء الكذب على الله تعالى: ﴿ِإنما يفْترِي الْكَذب الَّذين َلا يؤمنونَ ِبآيات اللَّه وُأوَلئك هم الْكَاذبونَ﴾
. [ [النحل: ١٠٥
وسنجد أثر هذا التأليه، في العصمة الإمامية بارزا، كما سنجد أثر هذا الكذب، المركب المكعب، في الروايات
الموضوعة، على رسم عصمة الاثني عشر.
سادسا: ابن أبي الحديد: المتوفى سنة ٦٥٦ ه.
قال( ١٦ ): (وبمقتضى ما شاهد الناس من معجزاته؛ أي علي بن أبي بطالب وأحواله المنافية لقوى البشر، غلا فيه
من غلا حتى نسب إلى أن الجوهر الإلهي حل في بدنه، كما قالت النصارى في عيسى -عليه السلام. وأول من جهر
بالغلو في أيامه عبد الله بن سبأ، قام إليه وهو يخطب فقال له: أنت أنت، وجعل يكررها، فقال له: ويلك من أنا؟
١٥ ) "اختيار رجال الكشي" لأبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي الملقب بشيخ الطائفة الإمامية لخَّصه شيخ الطائفة من )
- كتاب "رجال الكشي المسمى بمعرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين" وكتاب الطوسي هو المتداول بأيدي الشيعة اليوم ص ١٠٧
١٠٨ ، وأخرج كذلك هذه الروايات السي (الشيعي) المتوفى ١١١٠ ه في موسوعته الحديثية "بحار الأنوار" باب نفي الغلو في
النبي والأئمة ج ٧ ص ٢٤٩ إلى ٢٥١ وكذلك نجد ترجمة عبد الله بن سبأ في كتاب "نقد الرجال" للتفرشي الشيعي ت
١٠١٥ ه - وكتاب "جامع الرواة للأردبيلي الشيعي ت ١١٠٠ ه -وغيرها كثير والنصوص الثلاثة واردة في "اختيار معرفة
الرجال المعروف برجال الكشي" لشيخ الطائفة الإمامية أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي تصحيح حسن المصطفوي ط
١٧٤ على التوالي والرواية ١٧٤ جاءت أيضا برقم ٥٤٩ ص -١٧٣- ١٠٨ أحاديث أرقام ١٧٢ - إيران ١٣٤٨ ه ص ١٠٧
.١٠٤- ٣٠٥ ، وانظر: ترجمة الطوسي الشيعي هذا في "بحار الأنوار" للمجلسي الشيعي ج صفر ص ٩١
١٦ ) "شرح ج البلاغة الجامع لخطب ورسائل وحكم أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب عليه وعلى آله السلام" لعبد الحميد )
٤٢٦ تحت - بن هبة الله بن محمد بن أبي الحديد المدائني، نشر دار الأندلس بيروت ط الثالثة ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م ج ١ ص ٤٢٥
عنوان: (في بعض إخباراته الغيبية وظهور الغلاة بسبب ذلك). والضمير عائد إلى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وابن أبي
الحديد. معنزلي المذهب، وليس شيعيا تضمن شرحه لنهج البلاغة كثيرا من المبالغات في أربعة مجلدات؛ لذا وضعت كلامه هنا
بين كتاب الشيعة وكتب أهل السنة.
فقال: أنت الله. فأمر بأخذه، وأخذ قوما كانوا معه على رأيه وقد كان علي عثر على قوم خرجوا من محبته باستحواذ
الشيطان عليهم، إلى أن كفروا برم وجحدوا ما جاء به نبيهم، واتخذوه ربا وإلها، وقالوا: أنت خالقنا ورازقنا،
فاستتام وتوعدهم فأقاموا على قولهم، فحفر لهم حفرا دخن عليهم فيها، طمعا في رجوعهم، فأبوا فحرقهم بالنار.
وقال:
إني إذا رأيت أمرا منكرا وقَّدت ناري ودعون قنبرا
ثم إن جماعة من أصحاب علي منهم عبد الله بن عباس، شفعوا في عبد الله بن سبأ خاصة، وقالوا: يا أمير
المؤمنين: إنه قد تاب فاعف عنه، فأطلقه، بعد أن اشترط عليه ألا يقيم في الكوفة، فقال: أين أذهب؟ قال: المدائن.
فنفاه إلى المدائن، فلما قتل أمير المؤمنين -عليه السلام- أظهر مقالته، وصارت له طائفة وفرقه يصدوقونه ويتبعونه،
وقال لما بلغه قتل علي: والله لو جئتمونا بدماغه في سبعين صرة لعلمنا أنه لم يمت ولا يموت حتى يسوق العرب
بعصاه، فلما بلغ ابن عباس ذلك قال: لو علمنا أنه يرجع لما تزوجنا نساءه، ولا قسمنا ميراثه ويستطرد ابن أبي الحديد
قائلا: قال أصحاب المقالات:
واجتمع إلى عبد الله بن سبأ بالمدائن جماعة على هذا القول منهم: عبد الله بن صبرة الهمداني، وعبد الله بن عمرو
بن حرب الكندي، وآخرون غيرهم، وتفاقم أمرهم وشاع بين الناس قولهم، وصار لهم دعوة يدعون إليها، وشبهة
يرجعون إليها وهي: ما ظهر وشاع بين الناس من إخبار بالمغيبات حالا بعد حال، فقالوا: إن ذلك لا يمكن أن يكون
إلا من الله تعالى، ومن حلت ذات الإله في جسده…إلخ انتهى.
من كلام ابن أبي الحديد هنا يمكن إضافة التالي إلى ما سبق من لمحات في روايات أهل التشيع:
١- يقول: (وبمقتضى ما شاهد الناس من كراماته) لأن المعجزات للأنبياء، والكرامات للأولياء.
أما ما ظهر وشاع بين الناس من إخبار بالمغيبات حالا بعد حال فالذي تولى كبره وإشاعته هو: عبد الله بن سبأ
وجماعته، غلوا في الإمام علي -رضي الله عنه- وهو ما سنرى أثره وبصمته، في العقائد الشيعية، التي جعل الإمام علام
الغيوب.
٢- ابن سبأ أول من ألَّه عليا -كرم الله وجهه- ونجا من الحرق، بإظهار التوبة بعد الاستتابة، وكانت له طائفة
وفرقة وجماعة، تفاقم أمرهم، وشاع بين الناس قولهم، وهذه الفرقة، كان منها الأغبياء، الذين أصروا على قولتهم التي
حرضهم إليها ابن سبأ، فكان مصيرهم الإعدام حرقا حتى الموت. وكان منها الأذكياء الذين راوغوا إلى حين،
وأظهروا التوبة، مع زعيمهم، لما رأوا قوة وشكيمة الأمير -كرم الله وجهه- في الدفاع عن التوحيد، حتى إذا قتل،
عادوا إلى دسهم وتنفيذ مأرم في إفساد التوحيد، إا جمعية يهودية متمسلمة تأسست لهدم التوحيد وتأليه البشر.
المطلب الثاني
ابن سبأ في كتب السنة
أجمع أهل السنة قديما وحديثا، على مكائد أعداء الإسلام السبئية، بقيادة رئيسهم عبد الله بن سبأ، اليهودي
المتمسلم، في القرن الأول الهجري، الذي اعتنق الإسلام ليكيد لأهله، بإفساد دينهم وبذر بذور الفتنة والشقاق بينهم.
وأنتقي بعض ما جاء في كتب أهل السنة، قديمها وحديثها، عن ذلك السبئي المشهور المفضوح، دون تعليق مني
على تلك النصوص لكفاية عباراا دليلا على إثبات المطلوب.
١- قال الطبري المتوفى ٣١٠ ه:
(كان عبد الله بن سبأ يهوديا من أهل صنعاء، أمه سوداء، فأسلم زمان عثمان، ثم تنقل في بلدان المسلمين يحاول
ضلالتهم، فبدأ بالحجاز، ثم البصرة، ثم الكوفة، ثم الشام فلم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشام، فأخرجوه
حتى أتى مصر، فاعتمر فيهم، فقال لهم فيما يقول: لعجب من يزعم أن عيسى يرجع ويكذب بأن محمدا يرجع، وقد
قال الله -عز وجل-: ﴿ِإنَّ الَّ ذي فَرض علَيك الْقُرآنَ َلرادك ِإَلى معاد﴾ [القصص: ٨٥ ]. محمد أحق بالرجوع من
عيسى قال: فقبل ذلك عنه. ووضع لهم الرجعة فتكلموا فيها.
ثم قال لهم بعد ذلك: إنه كان ألف نبي، ولكل نبي وصي، وكان علي وصي محمد، ثم قال: محمد خاتم الأنبياء،
وعلي خاتم الأوصياء.
وتناول أمر الأمة. ثم قال لهم بعد ذلك: إن عثمان ، ثم قال بعد ذلك: من أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله
فاضوا في هذا الأمر فحركوه، وابدؤوا بالطعن على أمرائكم، وأظهروا أخذها بغير حق، وهذا وصي رسول الله
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تستميلوا الناس، وادعوهم إلى هذا الأمر.
فبث دعاته، وكاتب من كان استفسد في الأمصار وكاتبوه، ودعوا في السر إلى ما عليه رأيهم، وأظهروا الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر، وجعلوا يكتبون إلى الأمصار بكتب يضعوا في عيوب ولام ويكاتبهم إخوام بمثل
ذلك، ويكتب أهل كل مصر منهم إلى مصر آخر بما يصنعون، فيقرؤه أولئك في أمصارهم وهؤلاء في أمصارهم، حتى
.( تناولوا بذلك المدينة، وأوسعوا الأرض إذاعة، وهم يريدون غير ما يظهرون، ويسرون غير ما يبدون)( ١٧
٢- أبو الحسن عل ي بن إسماعيل الأشعري: المتوفى سنة ٣٣٠ هجرية.
قال: (السبئية أصحاب عبد بن سبأ، يزعمون أن عليا لم يمت وأنه يرجع إلى الدنيا قبل يوم القيامة، فيملأ الأرض
عدلا كما ملئت جورا، وذكورا عنه أنه قال لعلي: أنت أنت، والسبئية يقولون بالرجعة، أن الأموات يرجعون إلى
.( الدنيا)( ١٨
٣- وقال أبو الحسين الملطي ت ٣٧٧ ه:
في في باب ذكر الرافضة وأصناف اعتقادهم: (والصنف الذي يقال لهم السبئية يزعمون أن عليا شريك النبي
النبوة، وأن النبي مقدم عليه إذا كان حيا. فلما مات ورث النبوة، فكان نبيا يوحى إليه، ويأتيه جبريل بالرسالة، كذب
.( خاتم النبيين)( ١٩ أعداء الله، محمد
.٣٤١- ١٧ ) "تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك" لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، دار المعارف القاهرة ط الرابعة ج ٤ص ٣٤٠ )
والرواية المذكورة نقلها الطبري عن السري عن شعيب عن سيف عن عطية عن يزيد الفقعسي في أحداث عام ٣٥ ه ورواية
حلقات الرواة المتضمنة لسيف بن عمر التميمي، هي أصدق وأوثق الروايات التي يصح الاعتدادا في تاريخ الطبري، دون بقية
الروايات، فقد أورد الطبري روايات عن أبي مخنف وعن الواقدي وغيرهما، وكان حريصا على ذكر مصادر أخباره وتسمية رواا،
لتكون من أمرهم على بينة، وقال في آخر مقدمة كتابه: فما يكن في كتابي هذا من خبر يستنكره قارئه، من أجل أنه لم يعرف له
وجها في الصحة، فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا وإنما أتى من قبل بعض ناقليه إلينا (انظر: مجلة الأزهر صفر ١٣٧٢ ص
٢١٥ ) فالواجب على الباحث الحذر، وتمحيص الروايات، ونبذ جميع ما يشوه السلف، حتى ولو كانت الرواية واردة في -٢١٠
تاريخ الطبري، وأن يعي أن التاريخ الإسلامي لم يبدأ تدوينه إلا بعد زوال بني أمية، وتولى تدوينه طوائف ثلاث: طائفة كانت
تنشد التقرب إلى مبغضي بني أمية، وأخرى حاقدة عمدت إلى تشويه سمعة أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وبني عبد شمس
جميعا، وثالثة من أهل الدين كالطبري وابن عساكر وابن الأثير وابن كثير، رأت من الإنصاف أن تجمع أخبار الإخباريين من كل
المذاهب والمشارب كلوط بن يحيى الشيعي المحترق، وسيف بن عمر العراقي المعتدل، مع إثبات الراوي ليكون الباحث على بصيرة
.٢٤٨- انظر: "العواصم من القواصم"، حاشية ص ١٧٧
١٨ ) "مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين" الأشعري مكتبة النهضة المصرية ط الثانية ١٣٨٩ ه بتحقيق محمد محي الدين عبد )
. الحميد ج ١ ص ٨٦
٤- وقال عبد الجبار الهمذاني ت ٤١٥ ه:
ولا يزال هؤلاء الشيع يقولون: الدلالة على أن أمير المؤمنين خير من أبي بكر وعمر وأن المعجزات كانت تظهر
على يديه: أن قوما في زمانه قد ادعوا فيه أنه إله العالمين ورب السماوات والأرضين، وأن مثل ذلك ما قيل في أبي بكر
وعمر قيل لهم: فقد ادعى قوم من الهند والعرب وغيرهم في الأصنام والبددة أا آلهة وأرباب وعبدوها، وادعى قوم
في الكواكب مثل ذلك، فينبغي على قياسكم أن يكون قد ظهر منها آيات ومعجزات. ومن عجيب الأمور أن أفعال
هؤلاء أي الأئمة وأقوالهم، تشهد بأم -عليهم السلام- ما ادعوا ما تدعيه الشيع لهم، من النصوص والوصايا
والمعجزات، وقد تيقن ذلك كل متوسم ومتأمل، فإن الذي ألقى في عسكر أمير المؤمنين، إلى قوم جهال لا يعرفون:
عبد الله بن سبأ وهو المعروف بابن سوداء، وكان يهوديا من ناحية اليمن، وكان خبيثا منكرا، فأظهر الإسلام في زمن
عثمان، وسار حتى أتى الحجاز، وأظهر التقشف والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاختلاط بالمسلمين، وكان
يطلب الرئاسة فلم يقم له سوق، ولم يؤبه له، فرحل إلى الكوفة، فأقام مدة يطلب ذلك، واختلط بالصحابة، وتقرب
إلى أبي الدرداء وعبادة بن الصامت، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ففطن أولئك له فنهوه، وتبين أمره بالشام
فرحل إلى مصر، وكان على هذا واغتر به قوم فأوقع خلافا بين الناس، ووافى عمار بن ياسر رسولا لعثمان إلى مصر
.( فحمل أقواما على أن بلغوا عمارا رحمة الله عليه، ممن بمصر عن الولاة مكروها، فثار من ذلك فتنة( ٢٠
٥- وقال عبد القاهرة البغدادي المتوفى ٤٢٩ ه:
السبئية أتباع عبد الله بن سبأ الذي غلا في علي بن أبي طالب، وزعم أنه كما نبيا، ثم غلا فزعم أنه إله، ودعا إلى
ذلك قوما من غواة الكوفة، ورفع خبرهم إلى علي -رضي الله عنه- وأمر علي بإحراق قوم منهم في حفرتين. ثم إن
١٩ ) "التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع" أبو الحسين محمد بن أحمد الملطي، تعليق محمد زاهد الكوثري، مكتبة المثنى بغداد )
.١٤٨-٢٦ - ١٣٨٨ ه ص ٢٥
٢٠ ) "تثبيت دلائل النبوة" لقاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد الهمذاني، حققه وقدم له الدكتور عبد الكريم عثمان، دار العربية )
.٥٤٥- للطباعة والنشر بيروت ج ٢ ص ٥٤٤
عليا -رضي الله عنه- خاف من إحراق الباقين منهم شماتة أهل الشام، وخاف اختلاف أصحابه عليه، فنفى ابن سبأ
.( إلى ساباط المدائن( ٢١
٦- ابن طاهر التميمي البغدادي ت ٤٢٩ ه:
قال تحت عنوان: بيان أحكام الكفر وأهل الأهواء والبدع، وحكم الغلاة من الروافض: أتباع ابن سبأ الذي
ادعى إلهية علي -رضي الله عنه- في حياته، وزعم أنه في السحاب، وأن الرعد صوته والبرق سوطه، ومنهم فرقة يقال
لهم الكاملية أكفروا الصحابة بتركهم بيعة علي، وأكفروا عليا بترك قتالهم، فهؤلاء كلهم مرتدون عن الدين،
.( وحكمهم حكم أهل الردة( ٢٢
٧- وقال ابن خلدون ت ٨٠٨ ه:
عبد الله بن سبأ ويعرف بابن السوداء، كان يهوديا، وهاجر أيام عثمان فلم يحسن إسلامه، وأخرج من البصرة
فلحق بالكوفة، ثم الشام وأخرجوه، فلحق مصر، وكان يكثر الطعن على عثمان ويدعو في السر لأهل البيت، ويقول:
إن محمدا يرجع كما يرجع عيسى، وعنه أخذ ذلك أهل الرجعة، وأن عليا وصي رسول الله حيث لم تجز وصيته، وأن
عثمان أخذ الأمر بغير حق، ويحرض الناس على القيام في ذلك والطعن على الأمراء، فاستمال الناس بذلك في الأمصار
.( وكاتب به بعضهم بعضا( ٢٣
٨- وقال ابن حزم الأندلسي ت ٤٥٦ ه:
٢١ ) "الفَرق بين الفرق" للبغدادي، (الفصل الأول في ذكر قول السبئية وبيان خروجها عن ملة الإسلام) تأليف عبد القاهر بن محمد )
.١٧٩ :١٧٧- البغدادي الإسفرائيني التميمي، دار الكتب العلمية بيروت ط أولى ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م ص ١٦
٢٢ ) أصول الدين أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي، ط أولى، التزم وطبعه مدرسة الإلهيات بدار الفنون التركية )
. باستانبول مطبعة الدولة ١٣٤٦ ه - ١٩٢٨ م ص ٣٣٢
١٠٢٨ . وابن خلدون هو أبو زيد - ٢٣ ) "تاريخ العلامة ابن خلدون"، دار الكتاب اللبناني بيروت ط ثالثة ١٩٦٧ ج ٢ ص ١٠٢٧ )
عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي المالكي الإشبيلي صاحب (مقدمة ابن خلدون خزانة العلوم الاجتماعية والسياسية
والأدبية) توفي بالقاهرة.
من الفرق الغالية الذين يقولون بالإلهية لغير الله -عز وجل- أولهم فرقة من أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري
لعنه الله، أتوا إلى علي بن أبي طالب فقالوا مشافهة، أنت هو فقال: ومن هو؟ قالوا: أنت الله. فاستعظم الأمر، وأمر
بنار فأججت، وأحرقهم بالنار، فجعلوا يقولون وهم يرمون في النار: الآن صح عندنا أنه الله تعالى؛ لأنه لا يعذب
.( بالنار إلا رب النار( ٢٤
٩- وقال الشهرستاني ت ٥٤٨ ه:
بعد إيراده موجز روايات المحدثين والمؤرخين في ابن سبأ والسبئية قال: وهو أي عبد الله بن سبأ أول من أظهر
القول بالنص بإمامة علي، ومنه انشعبت أصناف الغلاة، زعم أن عليا حي لم يمت، وفيه الجزء الإلهي، ولا يجوز أن
يستولي عليه، وهو الذي يجيء في السحاب إلى قوله: وإنما أظهر ابن سبأ هذه المقالة بعد انتقال علي -رضي الله عنه-
واجتمعت عليه جماعة، وهم أول فرقة قالت بالتوقف؛ الوقف والغيبة والرجعة، وقالت بتناسخ الجزء الإلهي في الأئمة
.( بعد علي( ٢٥
١٠ - ابن عساكر المتوفى ٥٧١ ه قال:
عبد الله بن سبأ تنسب إليه الطائفة السبئية، وهم الغلاة من الرافضة أصلهم من أهل اليمن، كان يهويا من أمة
سوداء، فأظهر الإسلام وطاف بلاد المسلمين، ليلفتهم عن طاعة الأئمة، ويلقي بينهم الشر، وكان قد بدأ أولا
بالحجاز، ثم البصرة، ثم الكوفة، ثم دخل دمشق أيام عثمان بن عفان فلم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشام،
.( فأخرجوه حتى أتى مصر، فاعتمر فيهم وأظهر مقالته بينهم( ٢٦
١١ - ابن الأثير الجزري المتوفى ٦٣٠ ه قال:
. ٢٤ ) "الفصل في الملل والأهواء والنحل" ابن حزم الأندلسي، ط محمد على صبيح، القاهرة ج ٤ ص ١٤٢ )
. ٢٥ ) الملل والنحل الشهرستاني دار الفكر ص ١٧٤ )
٢٦ ) "ذيب تاريخ دمشق الكبير" أبو القاسم علي بن الحسين بن هبة الله الشافعي المعروف بابن عساكر، دار المسيرة بيروت ط )
الثانية ١٣٩٩ ه - ١٩٧٩ م- ج ٧ ص ٤٣١ ، وسيرد بإذن الله ما جاء عن ابن سبأ في هذا المرجع من ص ٤٣١ إلى ٤٣٤
خلال البحث.
عبد الله بن سبأ رأس الغلاة من الرافضة وهو الذي قال لعلي -رضي الله عنه-: أنت الإله، فنفاه إلى المدائن، وله
.( أصحاب كانوا يعتقدون أن عليا لم يمت وأنه في السحاب( ٢٧
١٢ - وقال السمعاني المتوفى ٥٦٢ ه:
والذي أشار إلى كون الخوارج والرافضة هما جناحان لابن سبأ: عبد الله بن وهب السبئي رئيس الخوارج، وظني
أن ابن وهب هذا منسوب إلى عبد الله بن سبأ فإنه من الرافضة، وجماعة منهم ينسبون إليه يقال لهم: السبئية، وعبد
الله بن سبأ هو الذي قال لعلي -رضي الله عنه-: أنت الإله حتى نفاه إلى المدائن، وزعم أصحابه أن عليا -رضي الله
عنه- في السحاب، وأن الرعد هو صوته، والبرق سوطه، وفي هذا قال قائلهم:
( ومن قوم إذا ذكروا عليا يصلون الصلاة على السحاب( ٢٨
١٣ - وقال ابن تيمية المتوفى ٧٢٨ ه:
الرافضة تنتحل النقل عن أهل البيت، لما لا وجود له، وأصل من وضع ذلك لهم زنادقة، مثل رئيسهم الأول: عبد
نص على علي بالخلافة، وأنه ظلم ومنع حقه، وقال: إنه الله بن سبأ، الذي ابتدع لهم الرفض، ووضع لهم أن النبي
.( كان معصوما وغرض الزنادقة بذلك التوسل إلى هدم الإسلام، ولهذا كان الرفض باب الزندقة والإلحاد( ٢٩
١٤ - وقال الذهبي المتوفى ٧٤٨ ه:
عبد الله بن سبأ من غلاة الزنادقة ضال مضل...زعم أن القرآن جزء من تسعة أجزاء، وعلمه عند علي، فنهاه
.( علي بعد أن هم به( ٣٠
٢٧ ) "اللباب في ذيب الأنساب"، عز الدين ابن الأثير الجزري الشيباني، دار صادر بيروت ج ٢ ص ٩٨ ، وأيضا تردد ذكر ابن )
٣٦ ه ط دار الفكر بيروت ١٣٩٨ ه - ١٩٧٨ م. - سبأ في "الكامل في التاريخ" لابن الأثير ج ٢ حوادث ٣٠
٢٨ ) "الأنساب" للإمام أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني حققه محمد عوامه والناشر محمد أمين دمج بيروت )
. ط أولى ١٣٩٦ ه ١٩٧٦ م ج ٧ ص ٢٤
. ٢٩ ) "الفتاوى" ج ٢٢ ص ٣٦٧ وقد ورد ذكر ابن سبأ كذلك في مواضع كثيرة من "منهاج السنة" منها ج ٣ ص ٢٦١ )
١٥ - وقال الحافظ ابن كثير المتوفى ٧٧٤ ه:
وذكر سيف بن عمر سبب تألب الأحزاب على عثمان، أن رجلا يقال له: عبد الله بن سبأ، كان يهوديا، فأظهر
الإسلام، وسار إلى مصر، فأوحى إلى طائفة من الناس كلاما، اخترعه من عند نفسه، مضمونه أنه يقول للرجل أليس
أفضل منه فما تنكر قد ثبت أن عيسى بن مريم سيعود إلى هذه الدنيا؟ فيقول الرجل: نعم، فيقول له: فرسول الله
أن يعود إلى هذه الدنيا وهو أشرف من عيسى بن مريم -عليه السلام؟ ثم يقول: وقد أوصى إلى علي بن أبي طالب،
محمد خاتم الأنبياء، وعلي خاتم الأوصياء، ثم يقول: فهو أحق بالإمرة من عثمان، وعثمان معتد في ولايته ما ليس له،
فأنكروا عليه، وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فافتتن به بشر كثير من أهل مصر، وكتبوا إلى جماعات من
.( عوام أهل الكوفة والبصرة، فتمالئوا على ذلك، وتكاتبوا فيه، وتواعدوا أن يجتمعوا في الإنكار على عثمان( ٣١
١٦ - وقال المقريزي ت ٨٤٥ ه:
(وحدث أيضا في زمن الصحابة -رضي الله عنهم- مذهب التشيع لعلي ابن أبي طالب -رضي الله عنه- والغلو
فيه، فلما بلغه ذلك أنكره وحرق بالنار جماعة ممن غلا فيه وقام في زمنه عبد الله بن وهب بن سبأ، المعروف بابن
لعلي بالإمامة من بعده فهو وصي رسول الله وخليفته على أمته السوداء السبئي، وأحدث القول بوصية رسول الله
من بعده بالنص. وأحدث القول برجعة علي بعد موته إلى الدنيا، وبرجعة رسول الله أيضا وزعم أن عليا لم يقتل وأنه
حي، وأن فيه الجزء الإلهي، وأنه هو الذي يجيء في السحاب، وأن الرعد صوته والبرق سوطه، وأنه لا بد أن يترل إلى
الأرض فيملؤها عدلا كما ملئت جورا.
ومن ابن سبأ هذا تشعبت أصناف الغلاة من الرافضة، وصاروا يقولون بالوقف، يعنون أن الإمامة موقوفة على
أناس معينين، كقول الإمامية بأا في الأئمة الاثني عشر، وقول الإسماعيلية بأا في ولد إسماعيل بن جعفر الصادق،
وعنه أيضا أخذوا القول بغيبة الإمام والقول برجعته بعد الموت إلى الدنيا، كما يعتقد الإمامية إلى اليوم في صاحب
٣٠ ) "ميزان الاعتدال في نقد الرجال" أبي عبد الله بن أحمد بن عثمان الذهبي، دار أحياء الكتب العلمية عيسى البابي الحلبي ط أول )
١٢٨ جاء ذكر ابن سبأ في حوادث - ١٣٨٢ ه - ١٩٦٣ م ج ٢ ص ٤٢٦ ، وكذا في "تاريخ الإسلام" للذهبي ج ٢ ص ١٢٢
عام ٣٥ ه.
٣١ ) "البداية والنهاية" أبو الفداء الحافظ ابن كثير الدمشقي ج ٧ ص ١٦٧ ما بعدها، مكتبة المعارف بيروت ط ثانية ١٣٩٤ ه )
١٩٧٤ م ويرد في صفحات أخرى خلال البحث بإذن الله.
السرداب، وهو القول بتناسخ الأرواح، وعنه أخذوا أيضا القول بأن الجزء الإلهي يحل في الأئمة بعد علي بن أبي
طالب، وأم بذلك استحقوا الإمامة بطريق الوجوب كما استحق آدم -عليه السلام- سجود الملائكة، وعلى هذا
الرأي كان اعتقاد دعاة الخلفاء الفاطميين ببلاد مصر. وابن سبأ هذا هو الذي أثار فتنة عثمان بن عفان -رضي الله
عنه- حتى قتل.. وكان له عدة أتباع في عامة الأمصار وأصحاب كثيرون في معظم الأقطار فكثرت لذلك
.( الشيعة)( ٣٢
١٧ - ابن حجر العسقلاني المتوفى ٨٥٢ ه
قال ما مضمونه (حذفا لأسانيده): عبد الله بن سبأ من غلاة الزنادقة ضال مضل، زعم أن القرآن جزء من تسعة
أجزاء وعلمه عند علي… أول من كذب عبد الله بن سبأ، وأن المسيب بن نجبة أتى به إلى المنبر، فقالوا: ما شأنه:
قال: يكذب على الله وعلى رسوله. وقال علي بن أبي طالب لعبد الله بن سبأ: والله ما أفضى إلى رسول الله بشيء
كتمه أحدا من الناس، ولقد سمعته يقول: إن بين يدي الساعة ثلاثون كذابا وإنك لأحدهم، وعندما دخل سويد بن
غفلة على علي بن أبي طالب في إمارته وقال له: إني مررت بنفر يذكرون أبا بكر وعمر يرون أنك تضمر لهما مثل
ذلك، منهم عبد الله بن سبأ أول من وقع في أبي بكر وعمر.
فكان رد علي -رضي الله عنه-: ما لي ولهذا الخبيث الأسود، معاذ الله أن أضمر لهما إلا الحسن الجميل. ثم سيره
إلى المدائن، وقال: والله لا يساكنني في بلدة أبدا، ثم ض إلى المنبر حتى اجتمع الناس فذكر القصة في ثنائه عليهما
بطوله. وفي آخره: ألا ولا يبلغني عن أحد يفضلني عليهما إلا جلدته حد المفتري. وأخبار عبد الله بن سبأ شهيرة في
.( التواريخ وليست له رواية ولله الحمد( ٣٣
- ٣٢ ) "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار" المعروف بالخطط المقريزية تقي الدين أبي العباس دار صادر بيروت ج ٢ ص ٣٥٦ )
.٣٥٧
.٢٩٠- ٣٣ ) "لسان الميزان" شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ج ٣ ص ٢٨٩ )
١٨ - قال السيد محمد رشيد رضا ت ١٣٥٤ ه:
(كان التشيع للخليفة الرابع علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- مبدأ تفرق هذه الأمة المحمدية في دينها وفي
سياستها، وكان مبتدع أصوله يهودي اسمه: عبد الله بن سبأ، أظهر الإسلام خداعا، ودعا إلى الغلو في علي -كرم الله
.( وجهه- لأجل تفريق هذا الأمة، وإفساد دينها ودنياها عليها).( ٣٤
١٩ - وقال أحمد أمين ت ١٣٧٣ ه:
(وانتشرت الجمعيات السرية، في آخر عهد عثمان، تدعو إلى خلعه وتولية غيره، ومن هذه الجمعيات من كانت
تدعو إلى علي، ومن أشهر الدعاة له: عبد الله بن سبأ، وكان من يهود اليمن فأسلم، فقد تنقل في البصرة والكوفة
والشام ومصر يقول: إنه كان لكل نبي وصيا، وعلي وصي محمد، فمن أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله ووثب على
وصيه، وكان من أكبر الذين ألبوا على عثمان حتى قتل.
وقال: وفكر الرجعة أخذها ابن سبأ من اليهودية، فعندهم أن النبي إلياس صعد إلى السماء وسيعود فيعيد الدين،
إلى قوله: وتطورت هذه الفكرة عند الشيعة إلى العقيدة باختفاء الأئمة، وأن الإمام المختفي سيعود، فيملأ الأرض
عدلا، ومنها نبعث فكرة المهدي المنتظر.
وقال: والحق أن التشيع كان مأوى يلجأ إليه كل من أراد هدم الإسلام لعداوة أو حقد، ومن كان يريد إدخال
تعاليم آبائه من يهودية ونصرانية وزرادشتية) إلى قوله: كل هؤلاء كانوا يتخذون حب أهل البيت ستارا، يضعون
.( وراءه كل ما شاءت أهواؤهم، فاليهودية ظهرت في التشيع بالقول بالرجعة)( ٣٥
٦ محمد رشيد بن علي رضا بن محمد بن علي القلموني البغدادي الأصل - ٣٤ ) نقلا عن "السنة والشيعة" لإحسان إلهي ظهير ص ٤ )
الحسيني النسب، صاحب مجلة "المنار" وأحد رجال الإصلاح الإسلامي، ولد ونشأ في القلمون من أعمال طرابلس الشام
١٢٨٢ ه ورحل إلى مصر فاتصل بالشيخ محمد عبده وتتلمذ له، وأنشأ مدرسة الدعوة والإرشاد وقام برحلات، كان عضوا
بامع العلمي العربي بدمشق من علماء الأدب والتاريخ والحديث والتفسير، توفي بمصر انظر: "الأعلام" خير الدين الزركلي القاهر
٣٦٢ ، وانظر: عنه كذلك، "معجم المؤلفين" عمر رضا - ط ثالثة ١٣٨٩ ه وطبعه دار العلم للملايين، بيروت ج ٦ ص ٣٦١
.٣١١- كحالة دار إحياء التراث العربي، بيروت ج ٩ ص ٣١٠
٢٧٦ على التوالي. -٢٧٠- ٣٥ ) "فجر الإسلام" أحمد أمين دار الكتاب العربي بيروت ط عاشرة ١٩٦٩ م ص ٢٥٤ )
٢٠ - قال الشيخ محمد أبو زهرة:
في مقام تعداده لأسباب الفتن في عهد عثمان -رضي الله عنه-:
(ومن الأسباب، وهو أعظمها: وجود طوائف من الناقمين على الإسلام، الذين يكيدون لأهله، ويعيشون في
ظله، وكان أولئك يلبسون لباس الغيرة على الإسلام، وقد دخلوا في الإسلام ظاهرا، وأضمروا الكفر باطنا، فأخذوا
يشيعون السوء عن ذي النورين عثمان، ويذكرون علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بالخير، وينشرون روح الفتنة
.( في البلاد، ويتخذون مما يفعله بعض الولاة ذريعة لدعايتهم، وكان الطاغوت الأكبر لهؤلاء: عبد الله بن سبأ( ٣٦
٢١ - محمد فريد وجدي في دائرة المعارف قال:
السبئية أتباع عبد الله بن سبأ، الذي غلا في الانتصار لعلي، وزعم أنه كان نبيا ثم غلا فزعم أنه إله، ودعا إلى
ذلك قوما من أهل الكوفة فاتصل خبرهم بعلي فأمر بإحراق قوم منهم في حفرتين ثم خاف علي من إحراق الباقين أن
ينتقض عليه قوم، فنفى ابن سبأ للمدائن فلما قتل علي زعم ابن سبأ أن المقتول ليس عليا، وإنما كان شيطانا تصور
للناس في صورة علي، وأن عليا صعد إلى السماء كما صعد إليها عيسى بن مريم -عليه السلام- وقال: كما كذبت
اليهود والنصارى في دعواها قتل عيسى، كذلك كذبت النواصب والخوارج في دعواها قتل علي، وإنما رأت اليهود
والنصارى شخصا مصلوبا شبهوه بعيسى، كذلك القائلون بقتل علي رأوا قتيلا يشبه عليا فظنوا أنه علي، وعلي قد
صعد إلى السماء، وأنه سيترل إلى الدنيا وينتقم من أعدائه، وزعم بعض السبئية أن عليا في السحاب، وأن الرعد
صوته، ومن سمع منهم صوت الرعد قال: عليك السلام يا أمير المؤمنين.
وكان ابن السوداء في الأصل يهوديا من أهل الحيرة، فأظهر الإسلام وأراد أن يكون له عند أهل الكوفة سوق
ورياسة، فذكر لهم أنه وجد في التوراة أن لكل نبي وصي، وأن عليا وصي محمد، فلما سمعوا ذلك قالوا لعلي إنه من
محبيك، فرفع علي قدره وأجلسه تحت درجة منبره، ثم بلغه عنه غلوه فيه، فهم بقتله، فنهاه ابن عباس عن ذلك وقال
له: إن قتلته اختلف عليك أصحابك وأنت عازم على العود إلى قتال أهل الشام وتحتاج إلى مداراة أصحابك، فنفاه إلى
المدائن.
- ٣٦ ) "تاريخ المذاهب الإسلامية في السياسية والعقائد وتاريخ المذاهب الفقهية"، الإمام محمد أبو زهرة دار الفكر العربي ص ٢٩ )
وقد توفي ١٣٩٣ ه -رحمه الله.
وافتتن به الرعاع بعد مقتل علي وقال لهم ابن السوداء: والله لينبعن لعلي في مسجد الكوفة عينان تفيض إحداهما
عسلا والأخرى سمنا، ويغترف منها الشيعة.
وقال المحققون من أهل السنة: إن ابن السوداء كان على هوى دين اليهود، وأراد أن يفسد على المسلمين دينهم،
بتأويلاته في علي وأولاده، لكي يعتقدوا فيه ما اعتقدت النصارى في عيسى -عليه السلام- فانتسب إلى الرافضة
.( السبئية حين وجدهم أعرق أهل الأهواء في الكفر ودلس ضلالته في تأويلاته…إلخ)( ٣٧
٢٢ - أنور الجندي قال:
(قصة عبد الله بن سبأ ليست في حاجة إلى مزيد، فقد كان يهوديا ادعى الإسلام، وانتهز فرصة ما وجه لسياسة
عثمان من النقد في بعض التصرفات، فأشغل الفتنة، وأنزل بالعالم الإسلامي نارا ظلت متأججة مئات السنين، فهو
الذي طرح في أفق الفكر الإسلامي مذاهب الرجعة والوصية، ووضع أحاديث يدعما رأيه، كما أشاع نظرية الحق
الإلهي).
وقال: (ويشير الباحثون إلى أن محاولة اليهود لاحتواء الإسلام بدأت منذ وقت مبكر، بادعاء بعض اليهود اعتناق
الإسلام، ومحاولتهم إحداث الفتن بين المسلمين وإفساد عقيدم، ومن أول ذلك وضع الأحاديث، وكان لعبد الله بن
سبأ دوره في هذا وفي الفتنة على عهد عثمان، فقد وضع تعاليمه لهدم الإسلام، وألف جمعية سرية لبثّ تعاليمه، ومن
أعماله تألب أهل مصر على عثمان، وفي الفكر الباطني والمذاهب الضالة المتسترة بالتشيع من هذه المفاهيم الكثيرة).
وقال: (ولما انتهت المعارك بانتصار المسلمين وثبات الإسلام، حيث دانت لهم الجزيرة العربية كلها بدأت
مؤامرام اليهود بالكيد والدس وتزييف الحقائق، بما أطلق عليه اسم الإسرائيليات، والاغتيال والقتل، فكانوا وراء
مقتل عمر وعثمان وعلي، ووراء مؤامرة الخلاف بين الصحابة التي قادها عبد الله بن سبأ وكان له فيها دور
.( خطير)( ٣٨
.١٩- ٣٧ ) "دائرة معارف القرن العشرين" ج ٥ ص ١٧ )
٣٨ ) "المخططات التلمودية اليهودية الصهيونية في غزو الفكر الإسلامي" أنور الجندي دار الاعتصام ط الثانية ١٣٩٧ ه ١٩٧٧ م )
ص ١٩٤ ،١٢٠ ،١١٩ على التوالي.
ونكتفي بتلك النصوص، وهي قليل من كثير، وقد أثبتت دور تلك الشخصية في صدر الإسلام، وسنرى بمشيئة
الله خلال البحث وثاقة الصلة بين أفكار ابن سبأ، وبين جميع ما أحدثه الشيعة من أفكار وأفعال في محيط عالم
الإسلام، مما دعانا إلى اعتباره هو المؤسس وإلى المطلب الثالث من مطالب بحثنا عن المؤسس.
المطلب الثالث
الأصل اليهودي اليمني لابن سبأ
أولا: الأصل اليهودي:
الأصل اليهودي لابن سبأ لم يكن محل خلاف في الروايات التاريخية، أو لدى كتب الفرق وفي آراء المتقدمين
أمثال: الطبري وابن عساكر، وابن الأثير وابن حزم، أو أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية عليهم رحمة الله( ٣٩ ). هذا فضلا
عن مراجع الشيعة أنفسهم.
.( جاء في تاريخ الطبري: (كان عبد الله بن سبأ يهوديا، من أهل صنعاء)( ٤٠
.( وقال البغدادي: (وكان ابن السوداء في الأصل يهوديا)( ٤١
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وقد ذكر أهل العلم أن مبدأ الرفض إنما كان من الزنديق: عبد الله بن سبأ، فإنه
أظهر الإسلام وأبطن اليهودية، وطلب أن يفسد الإسلام، كما فعل بولص النصراني، الذي كان يهوديا في إفساد دين
.( النصارى)( ٤٢
ثانيا: الأصل اليمني:
الراجح من الروايات، أن نشأة ابن سبأ اليهودي كانت في اليمن، من صنعاء، كما روى الطبري، وأيده ابن
.( عساكر: (عبد الله بن سبأ الذي تنسب إليه السبئية أصله من أهل اليمن)( ٤٣
. ٣٩ ) "عبد الله بن سبأ" سليمان بن حمد العودة نشر دار طيبة ط الأولى ص ٤٥ )
. ٤٠ ) ج ٤ ص ٣٤٠ )
. ٤١ ) "الفَرق بين الفرق" ص ١٧٨ )
٤٢ ) "مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي الحنبلي وابنه محمد ج )
. ٢٨ ص ٤٨٣
. ٤٣ ) "تاريخ مدينة دمشق" ص ٢٣ نقلا عن "عبد الله بن سبأ" لسليمان بن حمد العودة ص ٣٩ )
حيث كان لليهود وجود فيها، يرجع في بعض الآراء إلى سنة ٧٠ م، وذلك حينما نزح اليهود من فلسطين، بعد
أن دمرها الإمبراطور الروماني (تيتوس) وحطم هيكل (أورشليم)، وعلى إثر ذلك تفرق اليهود في الأمصار، ووجد
بعضهم في اليمن بلدا آمنا، والتجؤوا إليه وفيه انتشرت اليهودية، وبعد أن استولى الأحباش على اليمن سنة ٥٢٥ م
بدأت النصرانية تدخل اليمن( ٤٤ ). ولكن اليهودية وإن ضعفت في اليمن، بدخول الأحباش فيها، فإا بقيت مع ذلك
محافظة على كياا، فلم تنهزم ولم تجتث من أصولها( ٤٥ ). فنشأة ابن سبأ كانت في بيئة يهودية، واليهودية التي عاشها
كانت تمتزجا تعاليم المسيحية.
ونستطيع بعد هذا أن نفهم الازدواجية في التأثير في الآراء، التي نادىا ابن سبأ وخاصة في عقيدة (الرجعة)،
و(الوصية) حينما قال: (العجب ممن يزعم أن عيسى يرجع، ويكذب بأن محمدا يرجع وقد قال الله -عز وجل-: ﴿ِإنَّ
الَّ ذي فَرض علَيك الْقُرآنَ َلرادك ِإَلى معاد﴾ .فمحمد أحق بالرجوع من عيسى… ولكل نبي وصي، وكان علي
.( وصي محمد)( ٤٦
ثالثا: ولا تعارض بين ما رآه البغدادي:
.( (وكان ابن سبأ في الأصل يهوديا من أهل الحيرة)( ٤٧
وتابعه أبو زهرة: (السبئية: وهم أتباع عبد الله بن سبأ، وكان يهوديا من أهل الحيرة، أظهر الإسلام، وأمه
.( سوداء، وكذلك يقال عنه: ابن السوداء وقد أشرنا أنه كان من أشد الدعاة ضد سيدنا عثمان وولاته)( ٤٨
وبين كون ابن سبأ يمنيا من أهل صنعاء وصنعاء عاصمة سبأ فهو سبئي، يمني، صنعاني كذلك.
.١٥٩- ٤٤ ) "اليمن عبر التاريخ" أحمد حسين ط الثالثة ١٤٠٠ ه الرياض ص ١٥٨ )
. ٤٥ ) "تاريخ العرب قبل الإسلام" جواد علي ج ٦ ص ٣٤ )
.٤٦- ٤٦ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٤٠ ، وانظر: "عبد الله بن سبأ" سليمان بن حمد العودة ص ٤٥ )
. ٤٧ ) "الفَرق بين الفرق" ص ١٧٨ )
. ٤٨ ) "تاريخ المذاهب الإسلامية" الإمام محمد أبو زهرة دار الفكر العربي ص ٣٨ )
فمن ذكر أنه من أهل الحيرة( ٤٩ )... ذكره بالنظر إلى زمن مكثه وإقامته في منطقة الكوفة والمدائن، حيث كون
العيون والأعوان في جمعيته السرية، وهو بعد أن نزح من صنعاء وفي تجواله في البلاد، دخل الكوفة في عهد عثمان -
رضي الله عنه- ثم أخرج منها سنة ٣٣ ه.
إلا أن صلته بالكوفة لم تنته فلقد بقيت ذيول الفتنة، في الرجال الذين بقي يكاتبهم ويكاتبونه، وتختلف الرجال
.( بينهم( ٥٠
ثم عاد إلى الكوفة بعد تنفيذ مؤامرته في قتل ذي النورين، وكانت عودته في ركاب السبئية المنبثين في جيش علي
بن أبي طالب -كرم الله وجهه- وأقاما زمنا إلى أن ألَّه الأمير -كرم الله وجهه- فنفاه إلى المدائن وعاد إليها ثالثة
بعد مقتل الأمير ينشر مقالته ويبدو أنه كان يتلون، فتارة يقول عن نفسه: إنه من اليمن، وأخرى يقول إنه من الحيرة.
رابعا: فإذ أضفنا إلى ما تقدم
أن قبيلة حمير من القبائل التي سكنت الكوفة، أصلها من القبائل النازحة من الجنوب، وقد سبق وبسطوا نفوذهم
في اليمن سنة ٢٧٥ م( ٥١ ) ويذكر أن عاصمتهم كانت ظفار( ٥٢ ) وأن ابن حزم نسب ابن سبأ إلى حمير فقال: والقسم
.( الثاني من فرق الغالية يقولون بالإلهية لغير الله -عز وجل- فأولهم قوم من أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري( ٥٣
ولاحظنا كذلك أن قبيلة "مذحج" كانت من القبائل المرتدة، وكان عليها ومن يليها: الأسود العنسي
الكاهن( ٥٤ ). وسكنت الكوفة كذلك.
٤٩ ) الحيرة: بالكسر ثم السكون وفتح الراء: مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة، على موضع يقال له (النجف) وقد نزل )
العرب العراق واتخذوا من الحيرة والأنبار منزلا وصار فيها من جميع القبائل، مذحج، وحمير، وطيء إلخ "معجم البلدان" ج ٢
. ص ٣٢٨
. ٥٠ ) "الطبري" ج- ص ٣٢٧ ابن الأثير ج ٣ ص ١٤٤ )
. ٥١ ) "محاضرات في تاريخ العرب" صالح العلي ط السادسة بغداد ج ١ ص ٢٧ )
. ٥٢ ) "المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام" جواد علي ط الأولى بيروت ١٩٦٩ م ج ٢ ص ٥١٠ )
. ٥٣ ) "الفصل في الملل والأهواء والنحل" ط الأولى ١٣٢١ ه مطبعة التمدن ج ٤ ص ١٧٦ )
. ٥٤ ) "البداية والنهاية" لابن كثير ج ٦ ص ٣٥٢ )
وأن قبيلة النخع قبيلة يمنية من قبائل "مذحج" برز منها الأشتر النخعي ممن ألَّب على مقتل الخليفة الراشد، عثمان
.( بن عفان -رضي الله عنه- وكان رأسا من رؤوس الفتنة، وقاد الطغمة، التي خرجت من منطقة الكوفة( ٥٥
إذا لاحظنا ذلك عن حمير، ومذحج، والنخع وجميعهم ممن سكنوا الكوفة وما يليها من الحيرة، وما كان لابن سبأ
فيها من إقامة ونشاط، حيث نزل على أهل ربعة اليمني أمكن فهم السبب في نسبة ابن سبأ إلى الحيرة، فضلا عن
نسبته إلى اليمن وصنعاء وسبأ وحمير. ولا تعارض.
خامسا: وأمكن كذلك التفطن إلى نوعية البشر الذين نزل فيهم ابن سبأ في تلك المنطقة.
وتمكنه من تنظيم جناح كوفي فعال في تنظيمه السري، من الموتورين الحاقدين، الذين لم يتمكن الإسلام في
قلوم، بقيادة الأشتر المذكور كما سيأتي بيانه بإذن الله.
قال ابن تيمية: وأما أهل الكوفة، فلم يكن الكذب في أهل بلد أكثر منه فيهم، ففي زمن التابعين، كانا خلق
.( كثيرون منهم معروفين بالكذب، لا سيما الشيعة، فإم أكثر الطوائف كذبا باتفاق أهل العلم( ٥٦
هذا فضلا عن إجلاء عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ليهود فدك وتيماء ووادي القرى إلى الكوفة، حيث
في وجعه الذي قبض فيه: لا يجتمعن بجزيرة العرب أقطعهم أرضا قريبا من الكوفة( ٥٧ ) تنفيذا لأمر رسول الله
دينان( ٥٨ ) فهؤلاء اليهود الذين سكنوا الكوفة، كانوا أنشط أعوان ابن سبأ، في تنفيذ مخططاته.
فالكوفة أول مصر نزغ الشيطان بينهم في الإسلام( ٥٩ ) وصف واليها سعيد بن العاص أهلها في رسالته إلى عثمان
بقوله: (إن أهل الكوفة قد اضطرب أمرهم، وغلب أهل الشرف فيهم والبيوتات والسابقة والقدمة، والغالب على
٥٥ ) "العواصم من القواصم" للقاضي أبي بكر العربي تحقيق محب الدين الخطيب ط ١٤٠٤ ه ص ١١٦ ، ولنا عودة إلى ذلك )
النخعي، الذي اعتبره الشيعة من أبطالهم وهو في الحقيقة من أصحاب ابن سبأ البارزين، الذي كان ابن سبأ يعمل من خلف
ستاره.
. ٥٦ ) "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" أحمد بن تيمية ج ٢٠ ص ٣١٦ )
٥٧ ) "المخططات التلمودية اليهودية الصهيونية في غزو الفكر الإسلامي" أنور الجندي دار الاعتصام ط الثانية ١٣٩٧ ه ١٩٧٧ م - )
. ص ١٩٣
.٤١٢- ٥٨ ) "السيرة النبوية" ابن هشام ج ٣ انظر: ص ٤١١ )
. ٥٩ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٢٥١ )
تلك البلاد روادف ردفت، وأعراب لحقت، حتى ما ينظر إلى ذي شرف ولا بلاء من نازلتها ولا نابتتها)… ولما بلغ
عثمان من القالة والإذاعة التي شاعت في أهل الكوفة قال: (يا أهل المدينة استعدوا واستمسكوا فقد دبت إليكم الفتن
.( فإن الناس يتمخضون بالفتنة)( ٦٠
الكوفة مصر الفتن، التي انكبت وانصبت في دار الإسلام، من عهد عثمان إلى عهد علي -رضي الله عنهما- إلى
عهدنا الراهن باسم النجف الأشرف حيث المصنع الجامعي الأكاديمي القائم بتصنيع وبلورة أفكار ابن سبأ، في قوالب
عقائد شيعية، ما أنزل اللها من سلطان، وسنرى مصداق ذلك خلال البحث بعون الله.
وإلى المطلب الرابع في بحثنا عن هوية المؤسس والله المستعان.
.٢٨٠- ٦٠ ) المرجع السابق ج ٤ص ٢٧٩ )
المطلب الرابع
ابن سبأ مجهول النسب
كدأب زعماء التنظيمات السرية اليهودية، على مر التاريخ، كان ابن سبأ مجهول النسب من جهتيه: جهة أبيه،
وجهة أمه.
وحينما سأله عبد الله بن عامر، والى البصرة من قبل عثمان -رضي الله عنه- مستفسرا عن هويته، ما أنت؟
أجاب بأنه رجل من أهل الكتاب رغب في الإسلام ورغب في جوارك( ٦١ ) دون أن يصرح له باسمه.
أما نسب ابن سبأ لأمه، فهو من أم حبشية، ولذلك كثيرا ما أطلقوا عليه ابن السوداء كما رأينا.
( ففي البيان والتبيين: (فلقيني ابن السوداء)( ٦٢
.( وفي الطبري: (نزل ابن السوداء على حكيم بن جبلة في البصرة)( ٦٣
.( وفي تاريخ الإسلام: (ولما خرج ابن السوداء إلى مصر)( ٦٤
وهمذا يتحدثون عن عبد الله بن سبأ، ولذلك قال المقريزي: (عبد الله بن وهب بن سبأ المعروف بابن
.( السوداء)( ٦٥ ) ومثل هذا كثير( ٦٦
.٣٢٧- ٦١ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٢٦ )
٦٢ ) للجاحظ: أبي عثمان عمرو بن بحر ت ٢٥٥ ه تحقيق عبد السلام هارون مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر القاهرة ط أولى )
. ١٣٦٨ ه ١٩٤٩ م/ ج ٣ ص ٨١
. ٦٣ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٢٦ )
٦٤ ) "تاريخ الإسلام وطبقات المشاهير والأعلام" أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي ت ٧٤٨ ه مكتبة القدس القاهرة ١٣٦٧ ه )
. ج ٢ ص ١٣٢
. ٦٥ ) "المواعظ والاعتبار" ج ٢ ص ٣٥٦ )
. ٦٦ ) انظر: "عبد الله بن سبأ" سليمان العودة دار طيبة ط الأولى ١٤٠٥ ه الرياض ص ٤٥ )
وجهالة نسب الزعيم السري اليهودي، الذي قاد عناصر الفتنة، في صدر الإسلام ليست بمستغربة، فهذه الجهالة
هي سمة الجمعيات السرية على مر العصور حتى إن الشيعة أنفسهم قرروا تلك الجهالة عن سفراء المهدي الثاني عشر
.( الموهوم، فقال أحدهم( ٦٧
١- عن السفير الأول (العمري):
إنه لم يرد في المصادر التاريخية تحديد عام ولادته، ولا عام وفاته، وإنما يرد اسمه أول ما يرد كوكيل خاص للإمام
الهادي إمامهم العشر وحين يلقى الإمام الهادي ربه سنة ٢٥٤ ه يصبح العمري وكيلا خاصا موثقا للإمام العسكري
إمامهم الحادي عشر.
ذا نشاط ملحوظ وبراعة في العمل، وقد أن يقال له (السمان)؛ لأنه كان يتجر بالسمن تغطية على الأمر يحمل
المال في زقاق السمن ويسير على المسلك الذي يخطه له الإمام، في الإخفاء والتكتم، ويظهر أمام الناس كتاجر اعتيادي
.( بالسمن، تغطية على حاله ومسلكه وعقيدته( ٦٨
٢- وعن السفير الثاني الذي هو ابن الأول
قال: (وإذ يكون تاريخ وفاة أبيه مجهولا، مع الأسف، يكون مبدأ توليه للسفارة مجهولا أيضا)، ثم رجح أن
.( (العمري) تولى السفارة خمس سنوات، وتولاها ابنه أربعين سنة، فهو أطول السفراء بقاء في السفارة( ٦٩
ومن الطرافة أن نذكر ما زعمه محمد الصدر الشيعي "مؤلف موسوعة الإمام المهدي" عن علم السفير الثاني هذا
بموعد موته قال:
(لقي ربه العظيم في جمادى الأولى سنة خمس وثلاثمائة( ٧٠ )، وكان يعلم بإرشاد من الإمام المهدي -عليه السلام-
بزمان موته، إذ حفر لنفسه قبرا، وأعد لنفسه ساجة نقش النقاش آيات من القرآن الكريم وأسماء الأئمة -عليهم
٦٧ ) هو محمد الصدر في موسوعته عن المهدي "تاريخ الغيبة الصغرى" وهو الكتاب الأول من الموسوعة المكونة من أربعة كتب. )
.٣٩٧- ٦٨ ) المرجع السابق ص ٣٩٦ )
. ٦٩ ) المرجع السابق ص ٤٠٤ )
.٤٠٤- ٧٠ ) المرجع السابق ص ٤٠٣ )
السلام- على حواشيها فرشها في قبره وقال أي السفير الثاني للراوي: فإذا كان يوم كذا وكذا من شهر كذا وكذا
من سنة كذا وكذا صرت إلى الله -عز وجل- ودفنت في القبر، وهذه الساجة معي. قال الراوي. فلما خرجت من
عنده أثبت ما ذكره، ولم أزل مترقبا به ذلك فما تأخر الأمر حتى اعتل أبو جعفر أي السفير الثاني فمات في اليوم
.( الذي ذكره، من الشهر الذي قاله، من السنة التي ذكرها) انتهى( ٧١
إم جازمون على إشراك الإمام مع الله تعالى في العلم بالغيب ثاني عشريهم الغائب يعلم موعد موت سفيره،
وبأي أرض يموت فمن الذي لقنهم هذه العقيدة؟ إن محمد الصدر وهو من الشيعة المعاصرين ينقل روايته عن شيخ
طائفتهم (الطوسي) المتوفى عام ٤٦٠ ه فمن أين جاء الطوسي بذلك الزعم؟
هل هناك من أهل بيت النبي الذين ينتحلون موالام من كفر بقوله تعالى: ﴿ِإنَّ اللَّه عنده علْم الساعة وينزلُ
الْغيثَ ويعلَم ما في الْأَرحامِ وما تدرِي نفْس ماذَا تكْسِب غَدا وما تدرِي نفْس ِبأَي َأ رضٍ تموت ِإنَّ اللَّه عليم خِبير﴾
[لقمان: ٣٤ ]. وزعم لنفسه العلم بما تكسب النفس غدا والدراية بأي أرض تموت نفسه أو نفس غيره؟
في كل صلاة. إا التنظيمات الخفية المتربصة بدين التوحيد حاشاهم وهم الذين نصلي عليهم مع نبينا
الإسلامي التي طورت أفكار ابن سبأ.
٣- وعن السفير الثالث اهول كذلك الحسين بن روح.
قال: (وهو كغيره من السفراء لم تذكر عام ولادته، ولا تاريخ مبدأ حياته، وإنما يلمع نجمه أول لمعانه كوكيل
مفضل لابن العمري السفير الثاني وقد تولى ابن روح السفارة عن المهدي بموت ابن العمري عام ٣٠٥ ه إلى أن
مات في شعبان عام ٣٢٦ ه)( ٧٢ ). (وكان من مسلكه الالتزام بالتقية المضاعفة، بنحو ملفت للنظر، بإظهار الاعتقاد
.( بمذهب أهل السنة من المسلمين)( ٧٣
٤- وعن رابعهم: (السمري):
. ٧١ ) المرجع السابق ص ٤٠٥ ناقلا من كتاب "الغيبة" للشيخ الطوسي ص ٢٢٢ )
. ٧٢ ) "تاريخ الغيبة الصغرى" محمد الصدر الشيعي ص ٤١٠ )
. ٧٣ ) المرجع السابق ص ٤١١ )
قال: (لم يذكر عام ميلاده، ولا تاريخ فجر حياته، وإنما ذكرا أولا كواحد من أصحاب الإمام العسكري، ثم
ذكر قائما بمهام السفارة المهدوية ببغداد، بعد الشيخ ابن روح بإيعاز منه عن الإمام المهدي إلى أن مات في النصف من
.( شعبان عام ٣٢٩ ه)( ٧٤
وبموت رابعهم، انتهت غيبة المهدي الصغرى الموهومة، وبدأت الغيبة الكبرى المزعومة. ولنا عودة إلى بحث هذه،
وتلك في مقام التدليل على اكتمال نضوج طبخة العقائد الشيعية.
فيما بين الزعيم المؤسس ابن سبأ اهول النسب في القرن الأول وبين السفراء الأربعة للمهدي المزعوم مجهولي
النسب كذلك في النصف الأخير من القرن الثالث، والثلث الأول من القرن الرابع ٢٦٠ ه - ٣٢٩ ه، وفي مقام
فضح السر الكامن المخبوء وراء تلك العقائد المبتدعة ألا وهو سلب خمس أموال المسلمين، لتصب في جيوب وخزائن
أعضاء التنظيمات السرية اليهودية المتمسلمة فيأكلوها سحتا، ويتقوواا لهدم كيان الإسلام.
وإلى المبحث الثاني نتبع فيه تحركات المؤسس في بلاد المسلمين.
.٤١٣- ٧٤ ) المرجع السابق ص ٤١٢ )
المبحث الثاني
تحركات المؤسس في بلاد المسلمين
نتتبع تحركات المؤسس في بلاد المسلمين، فنجعلها في المطالب الخمسة التالية:
المطلب الأول: ابن سبأ في الحجاز.
المطلب الثاني: ابن سبأ في البصرة.
المطلب الثالث: ابن سبأ في الكوفة.
المطلب الرابع: ابن سبأ في الشام.
المطلب الخامس: ابن سبأ في مصر.
المطلب الأول
ابن سبأ في الحجاز
نزح ابن سبأ من اليمن إلى الحجاز أولا، متجهزا بأفكاره وتطلعاته، يسعىما إلى هدم دين الإسلام على رءوس
أهله، وقد عبأ قلبه بالغل والحقد والمقت تجاه هذا الدين، بعدما فتحت كلمة التوحيد آفاق الأرض، وأضاءت
الشهادتان ظلمات العقول والقلوب، وحررما من عبودية العباد إلى عبودية رب العباد، مما أوقع الغيط والقهر في
قلوب أبناء يهود، الذين أجلاهم الإسلام من الحجاز، وطهر بلاد الحرمين الشريفين من رجسهم.
وليس هناك من سبيل لوقف المد الإسلامي، الزاحف براياته الظافرة دون كلل، على مدى ثلاث عقود من
الزمن، وقد عم الأمن والرخاء والعدل كافة الشعوب التي أنعم الله عليهادى الإسلام، فدخلت في دين الله أفواجا
ترفد جيوش الفتح ااهدة، الراغبة في الاستشهاد في سبيل الله، لتكون كلمة الله هي العليا.
ليس هناك من سبيل لإيقاف تلك الجيوش الظافرة، سوى إشغال المسلمين بأنفسهم بإثارة الفتنة بينهم فليكن
البدء أولا بالحجاز، بالسفر إلى العاصمة يدرس فيها ابن سبأ الأوضاع، ويراقب الأحوال عن كثب، متظاهرا
بالإسلام، عساه يجد ثغرة ينفذ منها إلى مأربه.
ويبدو أنه واجه في المدينة المنورة. الاستقرار والأمن والرخاء واليقين، والأخوة الإسلامية المتماسكة، والعدل
ومنادي الخليفة الراشد، الحليم ذي النورين -رضي الله عنه وأرضاه- ينادي: ، والتناصف، بين صحابة رسول الله
(اغدوا على أعطياتكم).
قال الحسن البصري: (شهدت منادي عثمان ينادي: يا أيها الناس: اغدوا على أعطياتكم، فيغدون ويأخذوا
وافية، يا أيها الناس: اغدوا على أرزاقكم، فيغدون ويأخذوا وافية، حتى والله سمعته أذناي يقول: اغدوا على
كسوتكم، فيأخذون الحلل، واغدوا على السمن والعسل، قال الحسن: أرزاق دارة وخير كثير، وذات بين حسن، ما
.( على الأرض مؤمن يخاف مؤمنا إلا يوده وينصره ويألفه)( ٧٥
٧٥ ) روى ذلك الحافظ بن عبد البر، انظر: "العواصم بن القواصم" حاشية محب الدين الخطيب ص ٥٥ ، وكذلك "ذو النورين )
.٢١- عثمان بن عفان" لمحب الدين الخطيب ط ثانية ١٤٠٧ ه المكتبة السلفية القاهرة ص ٢٠
فلم يجرؤ السبئي أن ينفذ خلال ذلك التماسك والتآلف، ولم يجسر على الجهر بمكنون صدره، وآثر التريث حتى
يكون له قوة سرية، يتمكنا من نقل أفكاره إلى حيز التنفيذ، وأخفى في نفسه ما الله مبديه بعد ذلك.
وتجاوز ابن سبأ الحجاز إلى الشمال الشرقي، إلى العراق، إلى البصرة والكوفة. فهناك من القبائل اليمنية، ومن
اليهود، ما يمكنه من تكوين الصنائع من بينهم، من الموتورين، الذين لم يتمكن الإسلام من قلوم، وآثروا عصبيام
القبلية، وأظهروا الإسلام بعد ردم، على كره وغصة ومضض في تلك اتمعات يمكنه ترويج بضاعة المطاعن
والمثالب ضد حاكم المسلمين، وتأليب الهمج المغمورين بنشر الأكاذيب والأراجيف عن الحكام وولاة الأمور.
أكاذيب وصفها أبو بكر بن العربي بقوله: (قالوا: متعدين متعلقين برواية كذابين: جاء عثمان في ولايته بمظالم
.( ومناكير)( ٧٦
(فلم يأت عثمان منكرا لا في أول الأمر ولا في آخره، ولا جاء الصحابة بمنكر، وكل ما سمعت من خبر باطل
.( إياك أن تلتفت إليه)( ٧٧
. ٧٦ ) "العواصم من القواصم" ص ٦١ )
. ٧٧ ) المرجع السابق ص ٦٠ )
المطلب الثاني
ابن سبأ في البصرة
صنيعته في البصرة:
هناك في البصرة كانت العينة الأولى من أعضاء التنظيم السري السبئي، قاطع الطريق المتمرد حكيم بن جبلة
العبدي( ٧٨ ) كان رجلا لصا إذا قفلت الجيوش خنس عنهم، فيسعى في أرض فارس، فيغير على أهل الذمة، فشكاه أهل
الذمة وأهل القبلة إلى عثمان، فكتب عثمان إلى عبد الله بن عامر أمير البصرة أن احبسه ومن كان مثله، فلا يخرجن
من البصرة حتى تأنسوا منه رشدا، فحبسه، أي منعه من مبارحة البصرة.
فلما قدم ابن السوداء البصرة، نزل على حكيم بن جبلة، واجتمع إليه نفر( ٧٩ ) فنفث فيهم سمومه ولقي هناك آذانا
.( صاغية، وإن كان لم يصرح لهم بكل شيء إلا أم قبلوا منه واستعظموه( ٨٠
استضاف حكيم بن جبلة ابن سبأ، الخبير في اقتناص أمثاله من المفسدين في الأرض، فجنده في قيادة تنظيمه
المخرب، صانع الفتنة في صدر الإسلام، فكان لحكيم هذا دوره البارز في مقتل عثمان -رضي الله عنه- أميرا على
إحدى الفرق الأربع الزاحفة من البصرة إلى المدينة، وكان له دوره في إنشاب القتال في وقعة الجمل كما سيأتي بيانه.
عاش ابن سبأ زمنا بين أهل البصرة في تكوين جناحه البصري التنظيمي، إلى أن بلغ أمر مساعيه المشبوهة إلى أمير
( البصرة: عبد الله بن عامر، بعد ثلاث سنين من إمارته عام ٣٣ ه بلغه أن في عبد القيس رجل نازل على حكيم( ٨١
٧٨ ) من قبائل القيس، أصلهم من عمان وسواحل الخليج العربي، وتوطن بالبصرة بعد تمصيرها، كان حكيم هذا شابا جريئا، وكانت )
الجيوش الإسلامية التي تزحف نحو الشرق لنشر الدعوة والفتوح تصدر عن البصرة والكوفة، فكان حكيم بن جبلة يرافق هذه
الجيوش، ويجازف في بعض حملات الخطر كما تفعل كتائب (الكوماندوز) في هذا العصر، قد استعملته جيوش أمير المؤمنين عثمان
. في إحدى هذه المهمات عند استكشاف الهند، انظر: "العواصم من القواصم" ص ١١٥
. ٧٩ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٢٦ )
. ٨٠ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٢٦ )
٨١ ) المرجع السابق ج ٤ ص ٣٢٦ )
وقد شاعت الإشاعات وأرجفت البصرة بالداعايات، حتى وصل الأمر في هذه السنة أن سير عثمان بعضا من أهل
.( البصرة إلى الشام وإلى مصر، كانوا من أهل الخلاف والتأليب وممالأة الأعداء( ٨٢
وكاد الأمر يستفحل في البصرة، إلا أن واليها الفطن عبد الله بن عامر تنبه لهذا المشبوه المخادع المراوغ النازل
عند حكيم، فأخرجه بعد أن سأله: ما أنت؟ فأخبره أنه رجل من أهل الكتاب رغب في الإسلام وفي جواره فرد عليه
.( ما يبلغني ذلك، اخرج عني، فأخرجه حتى أتى الكوفة( ٨٣
الأمير ابن عامر الفاتح ااهد:
ويجدر بنا قبل الانتقال من البصرة، أن ننوه إلى صلاح وبطولة أميرها من قبل عثمان -رضي الله عنه- عبد الله بن
عامر بن كريز الشاب المستقيم الداعية المبارك الفاتح ااهد، من أصل قرشي كريم عبشمي الآباء (من بني عبد شمس)
.( هاشمي الخؤولة، أخت أبيه هي: أروي بنت كريز أمها أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب بن هاشم، عمة النبي( ٨٤
فقال: لبني عبد شمس: هذا أشبه بنا منه بكم، ثم تفل في فيه فازدرده؛ أي جعل ولما ولد أتي به إلى رسول الله
فكان لا يعالج أرضا إلا ظهر فيها الماء( ٨٥ ). وهو أول من « أرجو أن يكون مسقيا » : فقال يبتلع ريق رسول الله
.( اتخذ الحياض بعرفة لحجاج بيت الله الحرام، وأجرى إليها الماء المعين( ٨٦
نشأ سخيا كريما شجاعا، وصولا لقرابته، ميمون النقيبة، كثير المناقب( ٨٧ )، له من الحسنات والمحبة في قلوب الناس
.( ما لا ينكر( ٨٨
. ٨٢ ) "البداية والنهاية" لابن كثير ج ٧ ص ١٨٢ )
.٣٢٧- ٨٣ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٢٦ )
. ٨٤ ) "العواصم من القواصم" حاشية محب الدين الخطيب ص ٨٤ )
٨٥ ) "الاستيعاب في معرفة الأصحاب" تأليف أبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن محمد بن عبد البر- الأندلسي المغربي- ت )
٤٦٣ ه تحقيق علي محمد البجاوي، مكتبة ضة مصر القاهرة ج ٣ ص ١٥١ وانظر: "أسد الغابة في معرفة الصحابة" ابن الأثير
أبو الحسن علي بن أبي الكرم الشيباني ابن الأثير، ت ٦٣٠ ه تحقيق محمد إبراهيم البنا ومحمد أحمد عاشور، ومحمود عبد
. الوهاب فايد، طبعة الشعب القاهرة ج ٣ ص ١٩١
٨٦ ) انظر: "الطبقات الكبرى" أبو عبد الله محمد بن سعيد الزهري ت ٢٣٠ ه طبعة دار صادر بيروت ج ت ص ٣٤ وانظر: "أسد )
الغابة" وانظر: "شذرات الذهب في أخبار من هذب" للمؤرخ الفقيه الأدب أبي الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي، ت
. ١٠٨٩ ه المكتب التجاري للطباعة والنشر بيروت ج ١ ص ٣٦
افتتح خراسان كلها( ٨٩ ) وأطراف فارس ناشرا لواء الإسلام على تلك الأصقاع النائية، التي أنجبت بعد ذلك محمد
بن إسماعيل البخاري ت: ٢٥٦ ه ومسلم بن حجاج القشيري ت: ٢٦١ ه وأبا عيسى الترمذي ت: ٢٩٧ ه
وغيرهم كثير من أفذاذ الحديث النبوي والفقه وكافة العلوم فتوحات بلغت أقصى المشارق قوضا ابن عامر آخر
.( أمل للإمبراطورية اوسية( ٩٠
ابن عامر الأمير وابن جبلة العميل:
هذا هو عبد الله بن عامر بن كريز، ابن خال عثمان، الذي ولاه على البصرة أميرا لها. وهذا هو حكيم بن جبلة،
.( العميل السبئي بالبصرة، الذي يترحم عليه الشيعة في كتابام إلى اليوم( ٩١
. ٣٢ "الاستيعاب" لابن عبد البر ج ٢ ص ٣٥٢ / ٨٧ ) "طبقات ابن سعد" ج ٥ )
.١٩٠- ٨٨ ) "منهاج السنة" لابن تيمية ج ٣ ص ١٨٩ )
٣٣ ، وانظر: كتاب: "خراسان" لمحمود شاكر، ط الرابعة ١٤٠٦ ه - / ١١٩ طبقات ابن سعد ج ٥ / ٨٩ ) "أسد الغابة" ج ٣ )
١٩٨٦ م المكتب الإسلامي ببيروت ودمشق حيث أوضح إعادة افتتاح خراسان على يد ابن عامر بتوجيه عثمان -رضي الله عنه-
(ص ٢١ ،٢٠ ) وصارت حينئذ خراسان ولاية إسلامية موحدة، وأصبحت اليوم تقع ضمن ثلاث دول: إحداها وهي بلاد
التركمان بمساحة ٤٥٠ ألف كم ٢ وتمثل القسم الأكبر من خراسان تحت السيطرة الروسية (ص ٦٢ ) من أشهر المدنا (عشق
أباد) حاضرة البلاد الآن، تقع إلى الغرب منها أطلال مدينة (نسا) التي ينسب إليها عالم الحديث المشهور النسائي، ت ٣٣٠ ه
(ص ٤٧ ) وجزء آخر بمساحة ٢٠٠ ألف كم ٢ من ولاية خراسان ضمن أفغانستان، من مدا (هراه) التي دار حولها جانب من
الجهاد الأفغاني المعاصر ضد الاحتلال الروسي، والجزء الثالث من أراضي خراسان ضمن إيران بمساحة ١٠٠ ألف كم ٢ في إقليم
طبرستان الذي يسميه الإيرانيون اليوم (إقليم مازندران) (وإقليم نيسابور)، حيث مدينة (مشهد) أكبر مدن خراسان الإيرانية اليوم
وهي مركز مقدس عند الشيعة الاثني عشريةا ضريح إمامهم الثامن (علي الرضا) ذو القبة المذهبة والمنارتين المذهبة أطرافهما،
.( يحج الشيعة إلى الضريح ويسمى الحاج إليها عندهم باسم (مشهدي) (ص ٦٠
٩٠ ) قضى ابن عامر على يزدجرد بن شهريار، آخر ملوك الفرس، ويعتقد الإيرانيون أن سلسلة ملوكهم بدأت بآدمهم الذي )
يسمونه (جيومرت) فلم يزل ملك أولاده منتظما على سياق إلى أن كان القضاء الأخير عليه بسلطان الإسلام في خلافة أمير
المؤمنين عثمان بجهاد هذا العبشمي الآباء، الهاشمي الخئولة عبد الله بن عامر بن كريز، وهي حرقة في قلوب أهل النزعة
اوسية، ضد الإسلام وعثمان وابن كريز، فهم يحقدون على هؤلاء ويحاربوم إلى يوم القيامة. (انظر: "العواصم" حاشية
.( الخطيب ص ٨٤
٩١ ) كتابات كثيرة يصعب عدها، أذكر منها كتاب "حياة الإمام الحسن بن علي" باقر شريف القرشي الشيعي الثناء والمدح كالوه )
. لحكيم بن جبلة، المشارك في مؤامرة قتل عثمان -رضي الله عنه- ج ١ ص ٣٨٤
.( ويعيبون ويطعنون على الأمير الشاب، الذي تجدد به شباب الفتوحات الشرقية( ٩٢
وأنى للشيعة من أولهم إلى آخرهم، أن يكون لهم وال مثله في الجهاد والغزوات وفي الفتوحات، وتقديم الهبات
.( والصلات والبر بالناس وعمل الخيرات( ٩٣
وطئ أهل فارس وطأة لم يزالوا منها في ذل( ٩٤ ). وذلك سبب نقمتهم عليه وتشويه سيرته.
وهو الزاهد العابد، لما كمل له الفتح في فارس وخراسان وكرمان وسجستان، قال له الناس: لم يفتح لأحد ما
فتح عليك، فقال: لا جرم لأجعلن شكري لله على ذلك أن أخرج محرما من موقفي هذا، فأحرم بعمرة من نيسابور
.( وقدم على عثمان( ٩٥
٢٤٥ - نشر مؤسسة الوفاء بيروت ط ثالثة - ٩٢ ) المرجع السابق حيث طعن وعيب وذم في عثمان وابن عامر، ج ١ ص ٢٤٣ )
١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م.
. ٩٣ ) "الشيعة والتشيع فرق وتاريخ" إحسان إلهي ظهير نشر إدارة ترجمان السنة لاهور باكستان ط أولى ١٤٠٤ ه - ص ١١٨ )
وعن ابن عامر أيضا قال محب الدين الخطيب -رحمه الله- في حاشيته على "العواصم من القواصم" إن مثله لو كان من سلف
الإنجليز أو الفرنسيين لخلدوا عظمته في كتب الدراسة والثقافة والتهذيب، ولتهافتت وزارات معارفنا على نقل ذلك من
كتبهم إلى كتبنا المدرسية، ليؤمن جيلنا بعظمة أسلاف المستعمرين، أما عظمة أسلافنا نحن فقد سلط الشيطان عليها قلوبا فاسدة،
تفيض بالسوء، وصدق أكاذيبها الأكثرون منا، فأمسينا كالأمة التي لا مجد لها، بينما هي نائمة على تراث من اد، لا تحلم
.( الإنسانية بمثله (ص ٨٥
.٢٦٦- ٩٤ ) "تاريخ العلامة ابن خلدون" دار الكتاب اللبناني بيروت ط ١٩٦٦ م ج ٢ ص ١٠١٠ "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٢٦٥ )
. ٩٥ ) "تاريخ العلامة ابن خلدون" ج ٢ ص ١٠١٥ وانظر: "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣١٤ )
المطلب الثالث
ابن سبأ في الكوفة
أميرها: سعيد بن العاص:
بعد إخراج ابن سبأ من البصرة، عام ٣٣ ه -كما ذكرنا- أتى الكوفة فأخرج منها كذلك ويبدو أن حزم
.( ويقظة أميرها سعيد بن العاص( ٩٦
حالت دون استدامة إقامة ابن سبأ بالكوفة، قبل مقتل عثمان وسعيد من الولاة الذين طعن الشيعة وما يزالون
على عثمان لتأميره على الكوفة لا لسبب إلا لكونه قرشيا أمويا فراحوا في كتابام ينسبون إليه أباطيلَ، يشوهونا
.( سيرته الحميدة( ٩٧
٩٦ ) سعيد بن العاص، تولى إمارة الكوفة عام ٣٠ ه إلى ٣٤ ه كان في الذروة العليا من فصحاء قريش وندبه عثمان عند كتابة )
. القرآن، فأقام عربية القرآن على لسانه، لأنه كان أشبههم لهجة برسول الله
وبلغ صدق إيمانه أن قال له عمر يوما: أنا لم أقتل أباك، وإنما قتلت خالي العاص بن هشام، فقال له سعيد: ولو قتلته لكنت على
الحق وكان على الباطل.
وهو فاتح طبرستان، وغزا جرجان، وكان في عسكره حذيفة وغيره من كبار الصحابة.
ببرده، فقالت: إني نذرت أن أعطي هذه البردة وحبسه شرفا، ما رواه عبد الله بن عمر بن الخطاب أن امرأة جاءت إلى النبي
أعطيها لهذا الغلام. وهو واقف (وكان هذا الغلام هو سعيد بن العاص ااهد الفاتح الذي يعير : لأكرم العرب، فقال لها
الروافض أمير المؤمنين عثمان بأن ولاه الكوفة)، فإن لم تكن إقامة القرآن على لسان سعيد بن العاص مفخرة عند الرافضة، فشهادة
النبي له بأنه أكرم العرب، من أعظم مفاخر الدنيا والدين، إلا أن له عيبا وهو أنه أحد الذين أخرجوا إيران من اوسية إلى
الإسلام بتسجيل التاريخ له، أنه فاتح طبرستان، وقائد كبار الصحابة في غزو جرجان.
وأحاديثه في صحيح مسلم وسنن النسائي وجامع الترمذي، ولكن الرافضة لا تعبأ بصحيح مسلم، ولا بجميع دواوين السنة
المحمدية، ما دامت مكتفية بأكاذيب كتام الذين يسمونه (الكافي).
بنور الوحي الإلهي، أن سعيدا سيكون أكرم العرب، فاشتهر بعد ذلك وحديث البردة من أعلام النبوة، حيث اكتشف النبي
بالكرم والبر، حتى كان إذا سأله السائل وليس عنده ما يعطيه، كتب بما يريد أن يعطيه مسطورا، فلما مات في قصره بالعقيق عام
٥٣ ه كان عليه ثمانون ألف دينار وفاها عنه ولده عمرو الأشدق، انظر: (حاشية محب الدين الخطيب على المنتقى من منهاج
٣٧٦ ) وغير ذلك من المناقب كثير عن سعيد بن العاص -رضي الله عنه- انظر: (طبقات ابن سعد ج ٥ - السنة للذهبي ص ٣٧٥
.(٨٧- ص ٢١ ، البداية والنهاية لابن كثير ج ٨ ص ٨٣
وهم في ذلك قائمون بتنفيذ سياسات ابن سبأ في الطعن على عثمان وولاة أموره قال لهم ابن سبأ في القرن الأول
الهجري: (ابدؤوا بالطعن على أمرائكم)( ٩٨ ). فأطاعوا أمره ولبوا نداءه على مر القرون حتى وقتنا الحاضر مما يدلنا على
أن الشيعة بجميع فرقهم هم في الواقع والحقيقة شيعة ابن سبأ ولو زعموا أم شيعة آل البيت، ويصير إثبات ذلك بإذن
الله تعالى.
وإذا كان ابن سبأ قد أخرج من الكوفة، كما سبق وأخرج من البصرة لكن ذلك لم يكن ليمنع من تأثيره فيها،
واستدامة العلاقة مع عناصر الفتنة فيها، ولذلك كانت المكاتبات جارية، بين ابن سبأ وبين أهل البصرة والكوفة،
.( وكانت الرجال تختلف بينهم( ٩٩
مسعر الفتنة: الأشتر
ومن المناسب هنا أن نسوق نبذة عن أحد المتآمرين من الكوفة الزعيم الشيعي (مالك بن الحارث الأشتر
.( النخعي)( ١٠٠
مسعر الفتنة، المشاكس المؤلب على عثمان -رضي الله عنه- كعينة سبئية أخرى اقتنصها ابن سبأ، وعمل تحت
ظلها.
كشف الأشتر عن رغبته في العلو والسلطان، وتشوفه وتطلعه إلى الإمارة وسعيه إليها طيلة حياته، حتى لو دفعته
تلك الرغبة إلى جريمة القتل؛ ما رواه الطبري أن عليا -كرم الله وجهه- لما فرغ من البيعة، وبعد وقعة الجمل، استعمل
عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- على البصرة، فلما بلغ الأشتر الخبر، باستعمال علي لابن عباس غضب وقال:
٩٧ ) انظر: بعض تلك الأباطيل في "حياة الإمام الحسن بن علي" باقر شريف القرشي الشيعي، مؤسسة الوفاء بيروت ط ثالثة )
.٢٤٣- ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، ج ١ ص ٢٤٠
. ٩٨ ) "ذيب تاريخ دمشق الكبير" لابن عساكر ج ٧ ص ٤٣١ )
. ٩٩ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٢٧ )
١٠٠ ) من النخع، قبيلة يمنية من قبائل مذحج، كان بطلا شجاعا من أبطال العرب، وكان أول مشاهده الحربية في اليرموك، وفيها )
فقد إحدى عينية، ثم شاء الله أن يكون سيفه مسلولا على إخوانه المسلمين في مواقف الفتنة، ولو أنه لم يكن ممن ألب على أمير
المؤمنين عثمان لكان له في التاريخ شأنا آخر، والذي دفعه في هذا الطريق غلوه في الدين وحبه للرئاسة والجاه، انظر: (العواصم من
.(١١٧- القواصم حاشية الخطيب ص ١١٦
علام قتلنا الشيخ إذن؟ اليمن لعبيد الله، والحجاز لقثم، والبصرة لعبد الله، والكوفة لعلي؟ ثم دعا بدابته فركب راجعا،
وبلغ ذلك عليا، فنادى: الرحيل ثم أجد السير فلحق به، فلم يره أنه بلغه عنه، وقال: ما هذا السير سبقتنا وخشي إن
.( ترك والخروج أن يوقع في نفس الناس شرا( ١٠١
براءة الوليد وعدل الخليفة:
وقبل ذلك زمن إمارة الوليد بن عقبة على الكوفة( ١٠٢ )، كان الأشتر يشعر في نفسه: بأنه أهل للولاية والرئاسة،
.( فانزلق مع العائبين على الدولة ورجالها، من الخليفة الأعلى بالمدينة إلى عامله على الكوفة (الوليد بن عقبة)( ١٠٣
وأسرع الأشتر مع مزوري مة شرب الوليد للخمر( ١٠٤ )، بالذهاب إلى المدينة لتوسيع دائرة الفتنة، فلعل وعسى
أن يوليه عثمان -رضي الله عنه- الإمارة بعد عزل الوليد وخاب سعيه، بتولية عثمان لسعيد بن العاص محل الوليد
١٠١ ) "تاريخ الطبري" ج ٥ ص ١٩٤ (عبيد الله، والقثم، وعبد الله، أبناء العباس عم علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم)، ويأبى )
الله تعالى تحقيق أمل الأشتر في الإمارة، فبعد أن اشترك في حرب صفين، وكان من أركاا سيفا مسلولا على المسلمين، في فتنة
سعر هو وأمثاله أوارها، ولاه علي -كرم الله وجهه- إمارة مصر، بعد صرف قيس بن سعد بن عبادة عنها، فلما وصل القلزم
٤٢٨ . "تاريخ / (السويس) شرب شربة عسل كان فيها حتفه، فقيل: إا كانت مسمومة، وكان ذلك عام ٣٨ ه الإصابة ٣
. الطبري" ج ٤ ص ٥٥٣
١٠٢ ) الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس، تولى الوليد إمارة الكوفة عام ٢٥ ه إلى ٣٠ ه (طبقات )
٨٢ ، وعند الطبري ضمن أحداث / ٢٥ ). (تاريخ خليفة بن خياط ص ١٥٧ )، (ابن الأثير الكامل ج ٣ - ابن سعد ج ٦ ص ٢٤
.( ١٦٥ ) (شذارت الذهب ج ٢ ص ٣٥ / سنة ٢٦ ه ج ٤ ص ٢٥١ ، ومثله ابن كثير البداية والنهاية ج ٧
١٠٣ ) قد يظن من لا يعرف صدر هذه الأمة أن أمير المؤمنين عثمان جاء بالوليد بن عقبة من عرض الطريق فولاه الكوفة، أما الذين )
أنعم الله عليهم بنعمة الأنس بأحوال ذلك العصر وأهله، فيعلمون أن دولة الإسلام الأولى في خلافة أبي بكر تلقفت هذا الشاب
الماضي العزيمة، الرضي الخلق، الصادق الإيمان، فاستعملت مواهبه في سبيل الله إلى أن توفي أبو بكر. انظر: (حاشية العواصم من
٨٧ حيث أشار محب الدين الخطيب إلى أعماله لأبي بكر في خلافته، التي كان الوليد فيها داعيا إلى الله -٨٦- القواصم ص ٨٥
تعالى يستعمل أساليب الحكمة والموعظة الحسنة، فضلا عن جهاده الحربي وعمله الإداري الذي كان كذلك زمن خلافة عمر).
وذا الماضي ايد جاء الوليد فتولى الكوفة لعثمان، وكان من خير ولاا، عدلا ورفقا وإحسانا، وكانت جيوشه مدة ولايته على
الكوفة لأكثر من خمس سنوات تسير في آفاق الشرق فاتحة ظافرة موفقة.
١٠٤ ) الذي زور مة شرب الخمر ضد الوليد، هم فريق من الأشرار وأهل الفساد بالكوفة أصاب بنيهم سيف الشريعة بالعقاب على )
يد الوليد، فوقفوا حيام على ترصد الأذى له، ومن هؤلاء رجال يسمى أحدهم أبا زينب بن عوف الأسدي، وآخر يسمى أبا
مورع، وثالث اسمه جندب أبو زهير، قبضت السلطات على أبنائهم في ليلة نقبوا فيها على ابن الحيسمان داره وقتلوه، وكان نازلا
على الكوفة، فإن لم يكن عثمان الراشد، بفراسته خبيرا بنوعيات الرجال فمن يكون؟ وتجلت عظمته -رضي الله
عنه- بإقامة الحد الشرعي على أخيه( ١٠٥ ) فرغم أن الوليد حلف لعثمان على براءته وأخبره خبر الشهود الزور، والدافع
لهم على التزوير، إلا أن الطيب الحليم الصارم في حدود الله تعالى، طيب قلب أخيه المظلوم وقال: (نقيم الحدود ويبوء
.( شاهد الزور بالنار)( ١٠٦
وعثمان -رضي الله عنه- هو القائل: ما وليت الوليد لأنه أخي، وإنما وليته لأنه ابن أم حكيم البيضاء، عمة
.( وتوأم أبيه( ١٠٧ ، رسول الله
وإن قرابة الوليد من عثمان، التي يزعم الكذبة أا سبب المحاباة منه له، إنما كانت سبب التسامح من عثمان في
.( عزله والقسوة عليه في نفس الوقت، لئلا يقول السفهاء: إن له هوى في ذوي قرابته( ١٠٨
وهو أبو شريح الخزاعي، حامل راية رسول الله على جيش خزاعة يوم فتح مكة، جاء هو بجواره رجل من أصحاب رسول الله
وابنه من المدينة إلى الكوفة ليسيرا مع أحد جيوش الوليد بن عقبة، التي كان يواصل توجيهها نحو الشرق للفتوح فشهد هذا
الصحابي وابنه ضد القتلة، فأنفذ الوليد فيهم حكم الشرع، أمام باب القصر بالرحبة (المرجع السابق ص ٩٥ ) (تاريخ الطبري) ج
.٢٧٢- ٤ ص ٢٧١
. ١٠٥ ) لأمه أروى بنت كريز أمها البيضاء أم حكيم بنت عبد المطلب عمة النبي )
١٠٦ ) المرجع السابق ص ٩٦ حيث واصل الخطيب -رحمه الله- وصف شهود الزور في قصة اام الوليد بالخمر، وما أدت إليه من )
إقامة حد الخمر على ظهر الوليد (ناقلا من حوادث عام ٣٠ ه من تاريخ الطبري حتى ص ٩٧ ) وحلَّل تحليلًا صائبا ص ٩٧ ما
ورد في صحيح مسلم ومسند أحمد عن تلك التهمة، وما زيد عليها من مة صلاة الوليد الصبح ركعتين والزعم بقوله:
(أزيدكم؟).
وعلق على تحليله الصائب فقال في ص ٩٨ : وفي اجتهادي أن مثل هؤلاء الشهود، لا يقامم حد الله، على ظنين من السوقة
والرعاع، فكيف بصحابي مجاهد، وضع الخليفة في يده أمانة قطر وقيادة جيوش، فكان عند الظن من حسن السيرة في الناس،
وصدق الرعاية لأمانات الله، وكان موضع الثقة، عند ثلاثة هم أكمل خلفاء الإسلام: أبي بكر وعمر وعثمان.
٩٣ نفى مة الفسوق عن ااهد - ١٠٧ ) المرجع السابق متن ص ٨٥ وفي بحث علمي قيم في حاشية محب الدين الخطيب ص ٩٠ )
الوليد يلطم به وجوه شيعة ابن سبأ، تلك التهمة الني تشدقا الشيعة على مر العصور، طعنا في عثمان وولاته مشايعة لزعيمهم
الذي دعاهم إلى الطعن على الأمراء حتى لا يتفرغ المسلمون للجهاد والفتح، وينشغلوا بالفتن وقتل بعضهم بعضا، إذ كيف يكون
موصوما بالفسق محل الثقة من رجلين أبي بكر وعمر، لا نعرف في أولياء الله -عز وجل- من هو أقرب إلى الله تعالى منهما.
١٠٨ ) المرجع السابق حاشية ص ٩٨ وفي ص ٩٩ أى الخطيب بحثه القيم بقوله: والآن أقولها لوجه الله صريحة مدوية: إن الوليد )
لو كان من رجال التاريخ الأوربي كالقديس لويس الذي أسرناه في دار ابن لقمان بالمنصورة لعدوه قديسا، ولويس التاسع لم
قرار إبعاد الأشتر والمشاغبين الناقمين على قريش:
عاد الأشتر بعد سعيه في مكيدة عزل الوليد، إلى الكوفة في ركاب الأمير الجديد سعيد بن العاص( ١٠٩ ). وكان
حريصا أن يكون من جلسائه في دار الإمارة. فهل أطاع وأخلص للأمير الجديد؟
لم يفعل، وإنما شاغب، وافتعل الشقاق والمشاكل التي أدت إلى قرار الخليفة بإبعاده والمشاغبين معه إلى معاوية -
.( رضي الله عنه- في الشام( ١١٠
وقد كان من معاوية لهم، نصحا وإرشادا، إلى الاستقامة وعدم شق عصا الجماعة، وكان منهم جدالا حاقدا،
تبين منه حسدهم ونقمتهم على قريش( ١١١ ). ومعلوم أن من تولى كبر النقمة على قريش، هم اليهود، الذين جندوا
منهم ابن سبأ وكانت بيئة الكوفة مهيأة لحضانة هذا الحسد وتلك النقمة على قريش بيضة الإسلام.
يحسن إلى فرنسا كإحسان الوليد بن عقبة إلى أمته، ولم يفتح للنصرانية كفتح الوليد للإسلام، والعجب من أمة تسيء إلى أبطالها
وتشوه جمال تاريخها ودم أمجادها كما يفعل الأشرار منا، ثم ينتشر كيد هؤلاء الأشرار حتى يظن الأخيار أنه هو الحق.
. ١٠٩ ) تاريخ الطبري ج ٤ ص ٢٧٩ )
١١٠ ) أثاروا فتنة في مجلس الأمير، يوم عدوان الأشتر وصحبه بضرب عبد الرحمن بن خنيس الأسدي وأبيه حتى غُشي عليهما، )
وأحاط بنو أسد بقصر الإمارة ليدفعوا عن رجليهما، فتلافي سعيد هذه الفتنة بحكمته، ورد بني أسد عن الأشتر وجماعته، وكتب
أشراف الكوفة وصلحاؤها إلى عثمان في إخراج هؤلاء المشاغبين من بلدهم فأخرجهم إلى الشام. (تاريخ الطبري ج ٤ ص
٣٢٣ )، والأشتر وهؤلاء المشاغبون هم من سلف الشيعة، منهم: ابن الكواء اليشكري، وصعصعة بن صوحان العبدي، -٣١٨
وأخوه يزيد، وكميل بن زياد النخعفي، جندب بن زهير الغامدي، جندب بن كعب الأزدي، ثابت بن قيس بن منقع، عروة بن
.٣٢٦- الجعد البارقي، عمر بن الحمق الخزاعي، (العواصم من القواصم ص ١٢٠ )، وانظر: "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٢٣
١١١ ) نص كلام معاوية -رضي الله عنه- كما رواه الطبري: (إنكم قوم من العرب لكم أسنان وألسنة، وقد أدركتم بالإسلام شرفا، )
فغلبتم الأمم وحويتم مراتبهم وموارثهم، وقد بلغني أنكم نقمتم قريشا، وإن قريشا لو لم تكن، عدتم أذلة كما كنتم، إن أئمتكم
لكم اليوم جنة، فلا تشذوا عن جنتكم، وإن أئمتكم اليوم يصبرون لكم على الجور، ويحتملون منكم المؤونة، والله َلتنتهن أو
َليبتلينكُم الله بمن يسومكم ثم لا يحمدكم على الصبر، ثم تكونون شركاء لهم فيما جررتم على الرعية في حياتكم وبعد موتكم).
وكان رد أحدهم استخفافا بقريش وحقدا عليها بأا: (لم تكن أكثر العرب ولا أمنعها في الجاهلية)، فقال معاوية متعجبا من
عقولهم الجاهلية: (أذكرك بالإسلام وتذكرني بالجاهلية؟ إن قريشا لم تعز في جاهلية ولا إسلام إلا بالله). انظر: (تاريخ الطبري ج
٣٢١ )، وكتب معاوية إلى عثمان: (إنه قدم على أقوام، ليست لهم عقول ولا أديان، أثقلهم الإسلام وأضجرهم - ٤ ص ٣١٩
العدل، لا يريدون الله بشيء، ولا يتكلمون بحجة، إنما همهم الفتنة وأموال أهل الذمة، والله مبتليهم ومختبرهم، ثم فاضحهم
. ومخزيهم). المرجع السابق ج ٤ ص ٣٢١
ولما عاين معاوية من الأشتر وجماعته الغل والبغضاء أخرجهم إلى جزيرة ابن عمر، تحت حكم عبد الرحمن بن
خالد بن الوليد، الذي كان يلي حمصا لمعاوية، ويتبعه منطقة الجزيرة: حران والرقة فقبض عليهم هذا الشبل المخزومي
.( بمثل مخالب أبيه، وحبسهم ووبخهم وحصرهم، وأمشاهم بين يديه أذلاء، حتى تابوا بعد حول( ١١٢
عصيان بعد توبة في يوم الجرعة:
وبعد أن تظاهروا بالتوبة، ذهب الأشتر نائبا عنهم إلى المدينة، ليرفع إلى عثمان توبتهم، فعفا عنه وعنهم الخليفة
الكريم السمح، وأباح لهم الذهاب حيث شاءوا.
فعاد الأشتر إلى زملائه الذين عند عبد الرحمن بن خالد في الجزيرة( ١١٣ ). وعندهم وجد كتابا من يزيد بن قيس
الأرحبي، يقول لهم فيه: (لا تضعوا كتابي من أيديكم حتى تجيئوا)، فتشاءموا من هذه الدعوة، وآثروا البقاء، وخالفهم
الأشتر، فرجع عاصيا بعد توبته وأسرع إلى الكوفة، والتحق بثوارها، وقد نزلوا الجرعة مكان مشرف على القادسية
وانضم إلى الفتنة التي تسمى في التاريخ: يوم الجرعة وكان ذلك عام ٣٤ ه.
في هذا العام، وفي الوقت الذي كان فيه الأشتر يعرض على عثمان توبته وتوبة زملائه، كان السبئيون في مصر،
يكاتبون أشياعهم في الكوفة والبصرة، بأن يثوروا على أمرائهم، وتواعدوا يوما وكانت جرثومة الفتنة في يد ابن سبأ
الذي اختار الإقامة في الفسطاط وكان لها جناح في البصرة، وللأشتر وإخوانه بقية في الكوفة، ولغياب أميرها في
.( المدينة لم يستقم ذلك إلا لجماعة الكوفة، فثارم يزيد بن قيس الأرحبي( ١١٤
وهناك في الجرعة تلقوا سعيد بن العاص، وهو عائد من المدينة فردوه، ولقي الأشتر مولى لسعيد فضرب الأشتر
.( عنقه( ١١٥
وشاء الله تحجيم تلك الفتنة، لتكون في الكوفة فقط، ذلك العام، وعالجها الخليفة بحكمته، لما بلغه أم يريدون
.( إقالة سعيد، بأبي موسى الأشعري، فأجام إلى ما طلبوا( ١١٦
. ١١٢ ) "العواصم من القواصم" ص ١٢١ )
. ١١٣ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٢٢ )
.٣٣٩- ١١٤ ) المرجع السابق حوادث عام ٣٤ ه ج ٣٣٠ ٤ )
.٣٣٥- ١١٥ ) المرجع السابق ج ٤ ص ٣٣٢ )
ولما فشل موعد عام ٣٤ ه، واقتصرت الفتنة على ما كان في الجرعة، اتعد السبئيون للسنة التالية ٣٥ ه وربتوا
أمرهم على التوجه إلى المدينة مع الحجاج كالحجاج وكان الأشتر مع خوارجه الكوفة رئيسا على فرقة من فرقهم
.( الأربع( ١١٧
هذا هو حال الكوفة التي مرا ابن سبأ وحال الأشتر من أعياا، الذي كان أداة في تنفيذ مخططات ابن سبأ.
. ١١٦ ) المرجع السابق ج ٤ ص ٣٣٢ )
. ١١٧ ) المرجع السابق ج ٤ ص ٣٤٩ )
المطلب الرابع
ابن سبأ في الشام
لم ترو لنا المصادر التاريخية أن ابن سبأ نجح في تجنيد فرد واحد من أهل الشام، لتنفيذ مؤامراته على الإسلام،
سواء قبل نجاح السبئية في قتل الخليفة الراشد عثمان -رضي الله عنه- أو بعد ذلك في جميع مراحل الفتنة.
فالواقع أن أهل الشام، كانوا في زمن أميرهم الصحابي الجليل السياسي المحنك الخبير بدروب فن الحكم والقيامة،
معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- كانوا يدا واحدة على من سواهم، شغلتهم الفتوح المظفرة عن وسوسة
شياطين الإنس والجن.
ولكن حالهم هذا لم يمنع ابن سبأ من المحاولة، عساه يتمكن من تكوين جناح آخر مخرب له في الشام.
كما نجح في تكوين جناحه البصري، وجناحه الكوفي، وكما سينجح بعد ذلك في تكوين جناحه المصري.
وكانت محاولته في فترتين:
المحاولة الأولى
عام ٣٠ ه في محاولة بذر الشقاق
روى الطبري عنها أنه لما ورد ابن السوداء الشام، لقي أبا ذر فقال: يا أبا ذر ألا تعجب إلى معاوية يقول: المال
مال الله، ألا إن كل شيء لله، كأنه يريد أن يحتجنه دون المسلمين، ويمحو اسم المسلمين.
فأتاه أبو ذر فقال: ما يدعوك إلى أن تسمي مال المسلمين (مال الله)؟ قال معاوية: يرحمك الله يا أبا ذر ألسنا عباد
الله، والمال ماله، والخلق والأمر أمره؟
فقال أبو ذر: فلا تقله.
قال معاوية: فإني لا أقول إنه ليس لله ولكن سأقول: مال المسلمين.
وأتى ابن السوداء عبد الله بن سبأ أبا الدرداء، فقال له أبو الدرداء: من أنت؟ أظنك والله يهوديا.
فأتى ابن سبأ عبادة بن الصامت، فتعلق به (ابن الصامت) فأتى به معاوية فقال: هذا والله الذي بعث عليك أبا
.( ذر( ١١٨
وقريب من هذه المعاني جاء في تاريخ ابن خلدون: (كان ابن سبأ يأتيه؛ أي أبا ذر فيغريه بمعاوية ويعيب قوله:
المال مال الله. ويوهم أن في ذلك احتجان للمال وصرفه عن المسلمين حتى عتب أبو ذر معاوية فاستعتب له وقال:
سأقول مال المسلمين، وأتى ابن سبأ إلى أبي الدرداء وعبادة بن الصامت بمثل ذلك، فدفعوه، وجاء به عبادة إلى معاوية
.( وقال: هذا الذي بعث عليك أبا ذر)( ١١٩
ركوب الخلافة لصنع الفتن:
ركب ابن سبأ خلافًا فقيها اجتهاديا، كل من طرفيه مثاب ومأجور اصطنع حوله فتنة، ورج منه أزمة. حتى
يروج عن الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- ما ليس فيهم من زعم التراع والتخاصم.
والواقع أنه ما كان بين الصحابة إلا الأدب، والمودة، وخشية الله تعالى وابتغاء مرضاته، في اتفاقهم واختلافهم
سواء.
اجتهاد أبي ذر الزاهد.
فأبو ذر -رضي الله عنه- يخشى فتنة المال على نفسه وعلى المسلمين، ويرى خطورة كتر المال على اتمع
الإسلامي، ووجوب إنفاقه في سبيل الله، فلا يبقى لدى المسلم سوى قوت يومه له ولعياله خشية ورهبة من عذاب
أليم في وعيد الله تعالى: ﴿والَّذين يكِْنزونَ الذَّ هب والْفضةَ وَلا ينفقُونها في سِبيلِ اللَّه فَبشرهم ِبعذَابٍ َأليمٍ﴾ [التوبة:
.[٣٤
فكان -رضي الله عنه- زاهدا، ينكر على كل من يقتني مالا من الأغنياء ويمنع أن يدخر فوق القوت متأولا الآية
.( الكريمة( ١٢٠
. ١١٨ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٢٨٣ )
. ١١٩ ) "ابن خلدون" ج ٢ ص ١٣٩ )
. ١٢٠ ) "البداية والنهاية" ابن كثير ج ٧ ص ١٧٠ )
فمذهبه أن الزهد واجب، وأن ما أمسكه الإنسان فاضلا عن حاجته فهو كتر يكوى به في النار( ١٢١ ). وهو
اجتهاد قصد به وجه الله تعالى بلا شك.
اجتهاد معاوية وحكمته وتلطفه:
ومعاوية -رضي الله عنه- يرى أن ما أديت زكاته ليس بكتر، وللمسلم أن ينتفع بماله، بالإنفاق أو الادخار، طالما
اكتسبه من حل وأدى حق الله فيه. وجمهور الصحابة كانوا على رأي معاوية، أن الكتر هو المال الذي لم تؤد حقوقه،
.( وقد قسم الله تعالى المواريث في القرآن، ولا يكون الميراث إلا ممن خلف مالا( ١٢٢
وفضلا عن ذلك. فإن معاوية كحاكم، يستحيل عليه أن يجبر الناس على زهد أبي ذر، ويصادر أموالهم يوزعهما
على غيرهم دون وجه حق، وأبو ذر يريد أن يوجب على الناس ما لم يوجب الله عليهم، ويذمهم على ما لم يذمهم
الله عليه، مع أنه مجتهد في ذلك مثاب على طاعته -رضي الله عنه- كسائر اتهدين( ١٢٣ )، فإذا كان معاوية قد
اختلف معه، إلا أنه يحفظ له هذه المكانة، ويقدرها حق قدرها.
أما الخلاف في كون المال (مال الله) أو (مال المسلمين) فهو خلاف لفظي لا أكثر فالمال أصله هو مال الله مالك
الملك، استخلف عليه العباد فترة ملكيتهم المؤقتة له، فما يملك أحد مالا على وجه الدوام، وإنما يزول المال منه بانتقال
ملكيته إلى آخر أو بوفاته فيمكن تسميته (مال الله) وتسميته (مال المسلمين) سواء.
. ١٢١ ) "منهاج السنة" ابن تيمية ج ٣ ص ١٩٨ )
. ١٢٢ ) المرجع السابق ج ٣ ص ١٩٨ )
، ٧٦ ، وانظر: "تاريخ ابن خلدون" ج ٢ ص ١٣٩ - ١٢٣ ) المرجع السابق ج ٣ ص ١٩٩ ، وانظر: "العواصم من القواصم" ص ٧٤ )
٢٨٦ ، عن أخبار أبي ذر -رضي الله عنه- تبين منها إكرام عثمان لأبي ذر بإقطاعه - وانظر: "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٢٨٣
الذي سبق وأمر أبا ذر صرمة من الإبل ومملوكين لخدمته، والإذن له بالخروج إلى الربذَة، برغبة أبي ذر، وطاعة لرسول الله
بالخروج إلى الربذَة، إذا بلغ البناء سلعا في أدب صحابي جم،ته الشيعة في روايام المزورة، حتى إن الطبري الناقل من هنا وهنا
أعرض هنا عن بشاعتهم بقوله: (وأما الآخرون، فإم رووا في سبب ذلك خروج أبي ذر إلى الربذَة أشياء كثيرة وأمورا شنيعة
. كرهت ذكرها). ج ٤ ص ٢٨٦
وقد فطن معاوية الحكيم إلى ذلك، وكان غاية في الأدب مع أخيه أبي ذر، في قول معاوية له عن تسمية المال:
(فإني لا أقول: إنه ليس لله، ولكن سأقول: مال المسلمين). جوابا منه -رضي الله عنه- رفيقا حليما، على شدة أبي
ذر في يه إياه: (لا تقله).
وذلك بعد أن تلطف معاوية داعيا لأخيه بالرحمة بلفظ رقيق، (يرحمك الله يا أبا ذر، ألسنا عباد الله والمال ماله
والخلق والأمر أمره؟).
وقد عقب ابن حجر على ذلك بقوله: (فيه ملاطفة الأئمة للعلماء، فإن معاوية، لم يجسر على الإنكار، عليه، حتى
.( كاتب من هو أعلى منه في أمره)( ١٢٤
ولما أرهق أبو ذر معاوية: لا يتعرض له ولا يؤذيه، وإنما يرفع أمره إلى عثمان قائلا: (إن أبا ذر قد أعضل
.( بي)( ١٢٥
مسلك رفيع ممن كانت تربيتهم في مدرسة النبوة، عليهما رحمة الله ورضوانه.
أسلوب المؤسس في بذر الشقاق:
نشط ابن سبأ في رحلته الأولى إلى الشام، وافتعل من ذلك المسلك الرفيع فتنة لترويجها في أوساط الفقراء ضد
الأغنياء، ويمكننا أن نستشف من نشاطه الآتي:
١- استطلاع دقيق للأحوال السياسية، في البلد الذي يترل فيه، منه علم الخلاف القائم.
٢- لقاء مع أحد طرفي الخلاف، وإظهار التأييد له والولاء والمتابعة وما يتبع ذلك من التتريين، بكون العامة
القاعدة الشعبية في صفه، ليستمر في تشدده.
٣- الإغراء بالطرف الآخر بدس سوء الظن به وإثارة الشبهات حوله بزعم ومة:
. ١٢٤ ) "فتح الباري" ج ٣ ص ٢٧٥ )
. ١٢٥ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٢٨٣ )
- الاستئثار بالمال دون المسلمين، وحجبه عنهم، وفي ذلك ما لا يخفى من طعن خطير في نزاهة الحاكم وذمته
المالية.
- محو اسم: (المسلمين) وكأن الصحابي الجليل معاوية ليس بمسلم، ويعادي المسلمين، ويسعى في محو اسمهم.
٤- سعى في توسيع شقة الخلاف، وتطويره إلى حركة، بضم أنصار جدد، إلى أبي ذر، من كبار الصحابة
الزاهدين، حيث واجه فراسة أبي الدرداء، الذي فطن إلى يهوديته، وفراسة عبادة بن الصامت الذي أمسك به وساقه
إلى الحاكم وفضح الله ضغينته.
٥- تبع ذلك إعلام الأكاذيب، بافتراء المطاعن وتشويه السلف، الذي امتد طوال القرون إلى عصرنا الراهن في
كتابات الشيعة المتابعين إمامه ابن سبأ مبتكرهم الأول في الطعن على خليفة المسلمين، وعلى عامله في الشام في آن
واحد.
إا نفثة من سموم ابن سبأ في الشام، شاء الله تعالى أن يتنبه إلى خطورا أولياء الأمور، ويقوا الشام شرها.
واستعصت الشام على ابن سبأ فغادرها أول مرة.
المحاولة الثانية
عام ٣٣ ه وخيبته الشامية
كانت محاولة ابن سبأ الشامية الثانية عام ٣٣ ه بعد مقامه وتجواله في ربوع العراق البصرة والكوفة ونجاحه في
تكوين فرع منظم له في كل منهما كما أسلفنا.
عاد يتسلل إلى الشام، بحثا عن وسيلة لتكوين فرع له هناك فلم يتمكن، في بلد عمه الحب والتآلف بين الراعي
والرعية، حيث كانت سيرة معاوية -رضي الله عنه- مع رعيته من خيار سير الولاة كانت رعيته يحبونه، وقد ثبت في
أنه قال: (خيار أئمتكم الذين تحبوم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار الصحيحين عن النبي
.( أئمتكم الذين تبغضوم ويبغضونكم وتلعنوم ويلعنونكم)( ١٢٦
لذلك لم يكن لابن سبأ دور فعال في الشام، بل أخرجه أهل الشام حتى أتى مصر كما جاء في رواية الطبري:
(كان عبد الله بن سبأ يهوديا من أهل صنعاء، أمه سوداء، فأسلم في زمن عثمان، ثم تنقل في بلاد المسلمين يحاول
ضلالتهم فبدأ بالحجاز، ثم البصرة، ثم الكوفة، ثم الشام فلم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشام، فأخرجوه حتى
.( أتى مصر، فاعتمر فيهم)( ١٢٧
. ١٢٦ ) "منهاج السنة" لابن تيمية ج ٣ ص ١٨٩ )
. ١٢٧ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٤٠ )
المطلب الخامس
ابن سبأ في مصر
كان ظهور ابن سبأ في مصر عام ٣٤ ه( ١٢٨ ). بعد أن لم يجد مرتعا لفساده في الحجاز، ولا في الشام، واكتفى
باصطناع الأعوان في البصرة والكوفة فاختار الإقامة في الفسطاط (واعتمر فيهم أي عاش بين أهلها عمرا) وهناك
كانت القنائص السبئية كثيرة، من المخالفين الكارهين لعثمان بن عفان، والمناوئين المشاغبين لولاة الأمور من قبله -
رضي الله عنه.
ذكر مؤرخ شيعي إيراني أن عبد الله بن سبأ توجه إلى مصر حينما علم أن مخالفي عثمان كثيرون هناك، فتظاهر
بالعلم والتقوى حتى افتتن الناس به، وبعد رسوخه فيهم بدأ يروج مذهبه ومسلكه، وأن لكل نبي وصيا وخليفة،
فوصي رسول الله وخليفته ليس إلا عليا المتحلي بالعلم والفتوى، والمتزين بالكرم والشجاعة، والمتصف بالأمانة
والتقى، وقال: إن الأمة ظلمت عليا، وعصبت حقه حق الخلافة والولاية، ويلزم الآن على الجميع مناصرته ومعاضدته،
.( وخلع طاعة عثمان وبيعته، فتأثر كثير من المصريين بأقواله وآرائه، وخرجوا على الخليفة عثمان( ١٢٩
هذا وقد نزل ابن سبأ في مصر على ربعه السبئي، من قبائل السكون اليمنية، التي سكنت مصر بعد الفتح
الإسلامي، كان فيهم فتية سوء وشؤم، مرضى السريرة والقلوب، عرفهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- صاحب
الفراسة بسيماهم.
روى الطبري أن عمر لما استعرض الجيوش للجهاد عام ١٤ ه، مرت أمامه قبائل السكون اليمنية مع أول
كنده، يتقدمهم حصين بن نمير السكوني، ومعاوية بن خديج أحد الصحابة الذين فتحوا مصر، ثم كان أحد ولاا،
فاعترضهم عمر، فإذا فيهم فتية دلم سباط، فأعرض عنهم ثم أعرض ثم أعرض حتى قيل له: مالك ولهؤلاء؟
١٢٨ ) ابن كثير في تاريخه "البداية والنهاية" وضع ظهور ابن سبأ في مصر ضمن أحداث سنة ٣٤ ه ج ٧ ص ١٨٣ ، وتابعه )
السيوطي فأشار إلى دخول ابن سبأ مصر في هذا التاريخ في كتاب "حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة" نشر مصطفى أفندي
. فهمي وأخويه، القاهرة ١٣٢١ ه ج ٢ ص ١٦٤
١٢٩ ) "تاريخ شيعي روضة الصفا" في اللغة الفارسية ج ٢ ص ٢٩٢ ط طهران نقلا عن "الشيعة والتشيع" إحسان إلهي ظهير ص )
.٥٦
فقال: إني عنهم لمتردد، وما أمر بي قوم من العرب أكره إلى منهم، فكان منهم: سوداء بن حمران، وخالد بن
.( ملجم، وكلاهما من البغاة على عثمان( ١٣٠
هذه الأصناف البشرية الهابطة، هي التي كان يتعرف عليها ابن سبأ في مصر، بذكائه الشيطاني، كي يعدها لتنفيذ
مخططه، لقلب نظام الحكم، بإزهاق روح الخليفة الراشد عثمان مع إظهار التشيع لعلي -كرم الله وجهه- وموالاته
وإشاعة الغلو فيه، فيترتب على ذلك إصابة الإسلام في الصميم:
- إراقة دماء الخليفة: تؤدي إلى فتنة ضرب المسلمين بعضهم رقاب بعض فتتوقف الدعوة، ويتوقف الفتح.
- إفساد دين التوحيد: بإلباسه ثوب الشرك بمظاهر تأليه علي بن أبي طالب أحد الذين يحبهم المسلمون لسابقته
وجهاده.
وما يتبع ذلك حتما من تشويه المربي صلوات الله وسلامه ، - تشويه رجالات سلف الأمة الذين رباهم النبي
عليه فلا يبقى إسلام أصلا، وإنما يكون مسخا مشوها.
هذا المسخ المشوه المنسوب إلى الإسلام، هو دين الشيعة بجميع أصنافهم، من وقت إمامهم ابن سبأ في القرن
الأول الهجري، إلى وقتنا الراهن وبمشيئة الله يكون زيادة بيان عند استعراض أفكار ابن سبأ ثم تطبيق هذه الأفكار على
عقائدهم، فنجد التطابق التام ونرجئ ذلك الآن لنتتبع خطوات ابن سبأ في مصر.
كانت خطوات ابن سبأ في مصر كالتالي:
أولا: استمالة وإعداد الناقمين:
١٣٠ ) "الطبري" ج ٤ ص ٨٦ انظر: حاشية "العواصم من القواصم" ص ١١٢ ،١١١ سودان بن حمران السكوني وابن ملجم: من )
قبائل مراد اليمنية النازلة في مصر كان هو وزميله خالد بن ملجم سنة ١٤ فتية أي في العقد الثاني من العمر/ ثم كانا حال كوما
من قنائص ابن سبأ ودعائم الفتنة في العقد الرابع لما سير السبئيون متطوعة الفتنة إلى المدنية، كان سودان قائدا لإحدى فرقهم
الأربع، ولما خرج لهم محمد بن مسلَمة وقت الحصار ليعظم لهم حق عثمان رآهم ينقادون لأربعة، هذا واحد منهم. (الطبري ج ٤
٣٩٤ ) وصف تسور سودان ومعه آخرون من دار عمرو بن حزم إلى دار عثمان، - ص ١١٨ )، وفي (الطبري ج ٤ ص ٣٩٣
وبعض تفاصيل ما وقع من سودان عند ارتكام الجناية العظمى، ولما انتهوا من قتل أمير المؤمنين خرج سودان من الدار وهو
.( ينادي: قد قتلنا ابن عفان. (تاريخ الطبري ج ٤ص ٣٧٩
استمالة أوباش القبائل اليمنية إلى أفكاره، وإعدادهم إلى تنفيذ مأربه وتأهيل الرءوس منهم إلى ذلك مثل: الغافقي
بن حرب العكي، كنانة ابن بشر التجيبي، سودان بن حمران السكوني، عبد الرحمن بن عديس البلوي، عبد الله بن
بديل بن ورقاء الخزاعي، قتيرة بن فلان السكوني، زرع بن يشكر اليافعي، سواد بن رومان الأصبحي، خالد بن
.( ملجم، عبد الله بن رزين، عروة بن شيم الليثي( ١٣١
عينات سبئية أخرى من مصر، جندهم ابن سبأ لقيادة الزحف إلى العاصمة، بعد أن تشربوا بأفكاره، وكان لكل
.( دوره البارز في قتل عثمان -رضي الله عنه- ولا يتسع اال إلا للتعريف الإجمالي ببعضهم( ١٣٢
ذكر الذهبي أن ابن السوداء لما خرج إلى مصر، نزل على كنانة بن بشر مرة، وعلى سودان بن حمران مرة،
.( وانقطع إلى الغافقي فكلمه، وأطاف به خالد بن ملجم وعبد الله بن رزين وأشباه لهم، فصرف لهم القول( ١٣٣
ثانيا: استمالة من يحمل في قلبه غلا ضد الخليفة:
. ١٣١ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٤٨ )
١٣٢ ) الغافقي بن حرب العكي: من أبناء وجوه القبائل اليمنية التي نزلت في مصر عند الفتح، استمالة ابن سبأ من ناحية افته )
على الرئاسة والجاه، وكان محمد بن أبي حذيفة بن عتبة الأموي، ربيب عثمان الآبق من نعمته، هو اليد اليمني لتنفيذ خطط
السبئيين في مصر، والغافقي للتصدر والظهور، ولاه ابن سبأ الرأس الخفي المستتر، قائدا عاما للفرق الأربع المفتونة، الخارجة من
مصر، متظاهرين بأم يقصدون الحج، وفي المدينة تطورت حركتهم إلى أن استفحل الأمر، ومنعوا عثمان من الصلاة بالناس في
المسجد النبوي، فصار الغافقي هو الذي يصلي بالناس. (تاريخ الطبري ج ٤ ص ٣٥٤ )، ثم لما أقنعهم الشيطان بالجرأة على
الجنابة الكبرى كان الغافقي أحد اترئين على الخليفة وضربه بحديدة معه، وضرب المصحف برجله فاستدار. (الطبري ج ٤ ص
٣٩١ )، وبعد قتل عثمان بقيت المدينة خمسة أيام وأميرها الغافقي بن حرب.
كنانة بن بشر التجيبي: أحد قنائص عبد الله بن سبأ في مصر. (الوافي بالوفيات ج ١٧ ص ٢٠ ) أحد الذين التقوا بعمار بن ياسر
بالفسطاط، ليجعلوه سبئيا كما سيأتي بيانه، صار أميرا على إحدى الفرق الأربع، التي خرجت من مصر في شوال ٣٥ ه بحيلة
الحج (تاريخ الطبري ج ٤ ص ٣٤٨ ) كان في طليعة من اقتحم الدار على عثمان، وبيده شعلة من نار تنضح بالنفط، ودخلت
الشعل على أثره (تاريخ الطبري ج ٤ ص ٣٨٠ ) اخترط السيف ليضعه في بطن أمير المؤمنين، فوقته زوجته نائلة بيدها فقطع كنانة
أصابعها، وأشعره مشقصا؛ أي نصلا طويلا عريضا فانتضح الدم على آية: ﴿فَسيكْفيكَهم اللهُ وهو السميع الْعلي م﴾ [البقرة:
١٣٧ ]، (الطبري ج ٤ ص ٣٩٣ )، وسبق التعريف بسودان بن حمران، والباقي من قنائص ابن سبأ على شاكلتهم ومن طينتهم،
.١١٣ - انظر: (حاشية العواصم من القواصم) لمحب الدين الخطيب ص ١١٢
. ١٣٣ ) "تاريخ الإسلام" ج ٢ ص ١٢٣ )
علم ابن سبأ من استخباراته من رجال تلك القبائل النازل في أهلها أن في مصر من الأعيان، من يحمل في قلبه غلا
ضد عثمان -رضي الله عنه- مثل محمد بن أبي بكر، و محمد بن أبي حذيفة، فسعى إليهما واستمال كلا منهما إلى
أفكاره، وحرضهما للانضمام إلى فرقه الزاحفة ضد الخليفة، فكانا عونا له في مصر، وعينا له في المدينة، ونجح في
إخراجهما عن جادة الصواب فكان ممن تمالأ على قتل عثمان -رضي الله عنه.
سئل سعيد بن المسيب، عن محمد بن أبي حذيفة: ما دعاه إلى الخروج على عثمان، فقال: كان يتيما في حجر
عثمان، ثم سأله الولاية حين ولي الخلافة، فأجابه عثمان: (أن لست هناك)؛ أي لست أهلا لها فما احتملها، وطلب
منه الإذن بالخروج، فأذن له بالذهاب حيث شاء، وجهزه من عنده، فلما وقع في مصر، كان فيمن تغير عليه أن منعه
الولاية( ١٣٤ )، ويقول ابن الأثير عن محمد بن أبي حذيفة كذلك:
.( (ثم سار إلى مصر فكان من أشد الناس تأليبا على عثمان)( ١٣٥
أما محمد بن أبي بكر، فقد سئل سلْم بن عبد الله: ما دعاه إلى ركوب عثمان؟ فأجاب: الغضب والطمع، فقيل
له: ما الغضب والطمع؟ قال: كان من الإسلام بالمكان الذي هو به، وغره أقوام فطمع، وكانت له دالة، فلزمه حق،
.( فأخذه عثمان من ظهرة ولم يدهن، فاجتمع هذا إلى هذا فصار مذمما بعد أن كان محمدا( ١٣٦
ومنهما كان الشغب على أميرهم الفاتح ااهد عبد الله بن سعد بن أبي سرح( ١٣٧ ). وإشاعة البلبلة بين صفوف
ااهدين، والتخاذل عند اللقاء مع الأعداء المحاربين، والتنقص من مقام الخليفة الراشد عثمان، والعناد والشقاق،
.١٨١ / ١٣٤ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٩٩ - ابن الأثير ٣ )
. ١٣٥ ) "أسد الغابة في معرفة الصحابة"، أبو الحسن علي الجزري، مطبعة الشعب القاهرة ج ص ٨٧ )
.١٨١ / ١٣٦ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٠٠ "ابن الأثير" ٣ )
١٣٧ ) نال ابن أبي سرح من سهام طعن الشيعة الكثير، بحجة سبق ارتداده عن الإسلام وإهدار دمه، وتغافلوا أنه جاء إلى الرسول )
تائبا وقبل الرسول توبته (منهاج السنة ج ٣ ص ١٧٨ ) وصلح حاله وظهرت منه أمارات محمودة في ولايته وخاصة في ميدان
الفتوح، لا سيما وقد قاتل تحت رايته كثير من الصحابة، ففي غزوه لأفريقيا كان معه العبادلة: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن
١١١ ) خليفة بن خياط (ص ١٥٩ ). يقول ابن هشام: (وقد حسن - عمرو، وعبد الله بن الزبير، (الصواعق المحرقة ص ١١٠
إسلامه بعد ذلك وولاه عمر بعض أعماله، ثم ولاه عثمان)، (السيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٦٣ ) وفي تاريخ البركي ثناء من
الليث بن سعد، إمام مصر وعالمها، على عبد الله بن سعد، وبالجملة فلم يظهر منه بعد إسلامه ما ينكر عليه كما يقول ابن الأثير
وتلك أخلاق يلهث وراءها ابن سبأ، فهي من سمات حزبه( ١٣٨ ). ومن هنا نفهم سبب غلو الرافضة، في تعظيم هذين
.( المذكورين بعد ذلك، على عادم الفاسدة، في أم يمدحون رجال الفتنة، الذين قاموا على عثمان( ١٣٩
ثالثا: محاولة استمالة وتحريض صحابي جليل:
اهتبل ابن سبأ وجماعته، فرصة قدوم الصحابي عمار بن ياسر( ١٤٠ ) -رضي الله عنه- إلى مصر، مبعوثا من قبل
الخليفة لاستطلاع أخبارها فاستمالوه.
(أسد الغابة ج ٣ ص ٢٦٠ )، أما ابن كثير فقد قال: إنه مات وهو ساجد في صلاة الصبح أو بعد انقضاء صلاا في بيته، (البداية
والنهاية ج ٧ ص ١٨٧ ) كل ذلك لم يملأ أعين الشيعة التي امتلأت بوحل الكره السبئي ضد الخليفة الراشد وعماله.
١٣٨ ) روى الطبري: ما كان من محمد بن أبي بكر، ومحمد بن أبي حذيفة حال خروجهما مع عبد الله بن سعد، لغزو البحر عام )
٣١ ه من رواية الواقدي: كان أول ما سمع من محمد بن أبي حذيفة، حين ركب الناس البحر، رفع صوته بالتكبير حين صلى
عبد الله العصر بالناس، فلما فرغ من صلاته سأل عن هذا الصوت؟ فقيل: هو صوت محمد بن أبي حذيفة، فدعاه واستنكر عليه
هذه البدعة، فأجابه أن ليس في التكبير بدعة ولا حدث، فلما كانت صلاة المغرب كبر محمد تكبيرة أرفع من الأولى تحدي وعناد
وشقاق لا محل له في عرض البحر لمن جعل الشهادة نصب عينيه، والموت قريب من الجميع، مما يفضح سريرة ابن أبي حذيفة في
كونه ما خرج لله، فلما قضيت الصلاة أنبه عبد الله وقال له: لولا أني لا أدري ما يوافق أمير المؤمنين لقاربت بين خطوك؛ أي
وضعتك في الأغلال، فرد عليه ابن أبي حذيفة: إنك لا تستطيع ذلك. فما كان من ابن أبي سرح إلا أن منعه الركوب معهم،
فركب في مركب ليس معه إلا القبط (تاريخ الطبري ج ٤ ص ٢٩١ )، وعن الزهري من رواية الواقدي أيضا قال: (خرج محمد
بن أبي حذيفة ومحمد بن أبي بكر عام خروج عبد الله بن سعد فأظهر َأعيب عثمان وما غير وما خالف به أبا بكر وعمر، وأن
أباح دمه ونزل القرآن بكفره، وأخرج رسول الله دم عثمان حلال، ويقولان: استعمل عبد الله بن سعد رجلًا أن رسول الله
قوما وأدخلهم، ونزع أصحاب رسول الله واستعمل سعيد بن العاص وعبد بن عامر، فبلغ ذلك عبد الله بن سعد فقال: لا تركبا
معنا، فركبا في مركب ما فيه أحد من المسلمين، ولقيا العدو، وكانا َأكَلَّ الناس قتاًلا، فقيل لهما في ذلك فقالا: كيف نقاتل مع
رجل لا ينبغي لنا أن نحكمه: عبد الله بن سعد، استعمله عثمان، وعثمان فعل وفعل، فأفسدا أهل تلك الغزاة، وعابا عثمان أشد
العيب، فأرسل عبد الله بن سعد إليهما ينهاهما أشد النهي وقال: والله لولا أني لا أدري ما يوافق أمير المؤمنين لعاقبتكما
/ ٥٩ ط دار الفكر بيروت ١٣٩٨ ه، ابن كثير ج ٧ - وحبستكما). "الكامل في التاريخ" لابن الأثير الجرزي، ج ٣ ص ٥٨
١٧٢ ، "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٢٩٢ في هذه الصفحة تقرأ: (ابن سعد يأمر المؤمنين بقراءة القرآن والصبر، حال قتالهم المتلاحم
مع الروم، على ظهور السفن، فيكتب الله له ولجنده النصر، بقتلهم الروم مقتلة عظمية لم ينج منهم إلا القليل، وخائن الجهاد
السبئي ابن أبي حذيفة يقول للرجل: أما والله لقد تركنا خلفنا الجهاد حقا فيقول الرجل: وأي جهاد؟ فيقول: عثمان بن عفان فعل
كذا وكذا.. حتى أفسد الناس).
. ١٣٩ ) "منهاج السنة" لابن تيمية ج ٢ ص ٢٠٠ )
فعبد أن نظم السبئية حملة الإشاعات، وفاحت إشاعام الكاذبة، وأوسعوا الأرض إذاعة، ولاحت في الأفق نذر
إلى عثمان -رضي الله عنه- عن الجميع، فقالوا: يا أمير المؤمنين، أيأتيك عن الفتنة، اجتمع أصحاب رسول الله
الناس الذي أتانا؟ قال: لا والله ما جاءني إلا السلامة. قالوا: فإنا قد أتانا، وأخبروه بالذي أسقط إليهم، قال: فأنتم
شركائي وشهود المؤمنين فأشيروا علي، قالوا: نشير عليك أن تبعث رجالا ممن تثقم إلى الأمصار، حتى يرجعوا
إليك بأخبارهم، فدعا محمد بن مسلَمة فأرسله إلى الكوفة، وأرسل أسامة بن زيد إلى البصرة، وأرسل عمار بن ياسر
إلى مصر، وأرسل عبد الله بن عمر إلى الشام، وفرق رجالا سواهم، فرجعوا جميعا قبل عمار، فقالوا: أيها الناس، ما
أنكرنا شيئا، ولا أنكره أعلام المسلمين ولا عوامهم، وقالوا جميعا: الأمر أمر المسلمين، أمراؤهم يقْسِطُونَ بينهم
.( ويقومون عليهم( ١٤١
واستبطأ الناس عمارا حتى ظنوا أنه قد اغتيل فلم يفجؤهم إلا كتاب من عبد الله بن سعد بن أبي سرح، يخبرهم
أن عمارا قد استماله قوم بمصر، وقد انقطعوا إليه، فيهم عبد الله بن السوداء، وخالد بن ملجم، وسودان بن حمران،
وكنانة بن بشر( ١٤٢ ). يريدونه على أن يقول بقولهم، يزعمون أن محمدا راجع، ويدعونه إلى خلع عثمان، ويخبرونه أن
رأي أهل المدينة على مثل رأيهم. فإن رأي أمير المؤمنين أن يأذن لي في قتله وقتلهم قبل أن يبايعهم فيكتب إليه عثمان:
لعمري إنك لجريء يا ابن أم عبد الله، والله لا أقتله ولا أنكؤه ولا إياهم، حتى يكون الله -عز وجل- ينتقم منهم
.( ومنه بما أحب، فدعهم ما لم يخلعوا يدا من طاعة يخوضوا ويلعبوا( ١٤٣
علم السبئيون ما كان من تعزير عثمان لعمار، وما قد يترسب في النفس من ذلك عن سعيد بن المسيب أنه كان
.( بين عمار وعباس ابن عتبة بن أبي لهب خلاف -قذف- حمل عثمان على أن يؤدما عليه بالضرب( ١٤٤
١٤٠ ) من عنس من اليمن، وهو حليف لبني مخزوم ويكنى أبو اليقظان، نزل بعد ذلك الكوفة، ولم يزل مع علي بن أبي طالب - )
رضي الله عنه- يشهد معه مشاهده، وقتل بصفين سنة سبع وثلاثين، ودفن هناك وهو ابن ثلاث وتسعين سنة، وقد شهد بدرا
(الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٦ ص ١٤ ) -رضي الله عنه وأرضاه.
. ١٤١ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٤١ )
. ١٤٢ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٢٤١ )
١٤٣ ) "ذيب تاريخ دمشق الكبير" لابن عساكر، ترتيب عبد القادر زيدان، دار المسيرة بيروت ط الثالثة ١٣٩٩ ه ج ٧ص )
.٤٣٢-٤٣١
. ١٤٤ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٩٩ )
فراحوا يركبون الضعف البشرى ويوغرون صدر عمار، ويحرضونه على السعي معهم في خلع عثمان وتولية علي
###من هنا، استمالوه فمكث فيهم زمنا يسمع لهم.
سمو الأدب العثماني الراشد:
في مشورم وهنا يتجلى سمو الأدب العثماني الراشد الكريم، والحرص على تكريم وتوقير صحابة رسول الله
وإنفاذ ما أشاروا به وعدم الاستبداد بالأمور دوم:
١- الصرامة في حدود الله تعالى، وعدم التفريط في إنفاذها أو الادهان، حتى لو كان ذلك من ظهر أخيه الوليد،
أو من ظهر ابن سلفه الراشد أبي بكر، أو من ظهر الهاشمي حفيد بن عبد المطلب، أو من ظهر الصحابي المسن عمار
بن ياسر رحم الله الجميع.
٢- تناسى عثمان اللين الصارم ما كان من عمار، و أولاه ثقته كسفير له إلى مصر، لتجلية أحوال الراعي
والرعية.
٣- وبدلا من قيام عمار بالمهمة، كحكم محايد وسفير فوق العادة، مال إلى طرف مشبوه ولما أبدى المسئول
قلقه، واستأذن الخليفة في الضرب على أيديهم كان من عثمان…
.( ٤- يه عن الشدة مع الصحابي جليل، وأمره بمعاملته بما يليق بمقامه وسابقته في الإسلام( ١٤٥
رابعا: مكيدة عزل فاتح مصر:
١٤٥ ) عن ذلك يكمل ابن عساكر روايته فيقول: وكتب عثمان إلى عمار: (إني أنشدك الله أن تخلع يدا من طاعة، أو تفارق )
الجماعة، فتبوء بالنار، ولعمري إني على يقين من الله تعالى لأستكملن أجلي ولأستوفين رزقي غير منقوص شيئا من ذلك، فيغفر
الله لك). فثار أهل مصر، فهموا بقتله وقتل أولئك، فنهاهم عنه عبد الله بن سعد وأقر عمارا، حتى إذا أراد القفل حمله وجهزه
بأمر عثمان، فلما قدم عليه قال له: (يا أبا اليقظان، قذفت ابن أبي لهب أن قذفك، وغضبت علي أن أخذت لك بحقك وله بحقه،
اللهم قد وهبت ما بيني وبين أمتي من مظلمة، اللهم إني متقرب إليك بإقامة حدودك في كل أحد ولا أبالي، أخرج عني يا عمار).
فخرج، فكان إذا لقي العوام نضح عن نفسه وانتفى من ذلك، وإذا لقي من يأمنه أقر بذلك وأظهر الندم، فلامه الناس وهجروه
.( وكرهوه. انظر: ("ذيب تاريخ دمشق الكبير" لابن عساكر ج ٧ ص ٤٣٢
أحكم السبئية مكيدة عزل عمرو بن العاص، فاتح مصر وواليها، من أيام عهد عمر بن الخطاب. رضي الله عن
عمر وعن عمرو.
روى سيف بن عمر عن أبي حارثة وأبي عثمان قالا: (لما قدم ابن السوداء مصر، عجمهم واستخلاهم
واستخلوه، وعرض لهم بالكفر فأبعدوه وعرض لهم بالشقاق فأطعموه، فبدأ فطعن على عمرو بن العاص، وقال: ما
باله أكثركم عطاء ورزقا، ألا سنصيب رجلا من قريش يسوي بيننا، فاستحلوا ذلك منه وقالوا: كيف نطيق ذلك مع
عمرو وهو رجل العرب؟ قال: ستعفون منه ثم نعمل عملنا ونظهر الائتمار بالمعروف والطعن فلا يرده علينا أحد،
فاستعفوا منه وسألوا عبد الله بن سعد؛ أي سألوا الخليفة عزل عمرو وتولية عبد الله فأشركه مع عمرو فجعله على
الخراج، وولى عمرا على الحرب ولم يعزله، ثم دخلوا بينهما حتى كتب كل واحد منهما بالذي بلغه عن صاحبه،
وركب أولئك؛ أي السبئية سافروا إلى المدينة واستعفوا من عمرو، وسألوا عبد الله بن سعد، فأعفاهم؛ أي أجام إلى
.( ما طالبوا وتم عزل عمرو بن العاص -رضي الله عنه)( ١٤٦
خامسا: مقالات التحريض الإعلامية:
بعدما أشرنا إلى بعض مكائد ابن سبأ في مصر، يجدر بنا قبل متابعة السبئية في زحفهم إلى المدينة، أن ننظر هنا إلى
ما أجمعت عليه المصادر التاريخية، عما كان يقوله ابن سبأ في مصر، لنضع تلك المقالات في الخلفية الذهنية لنا، عند
التقدم في أبحاثنا عن الاثني عشرية بعد ذلك بعون الله.
وما زلنا في ملاحقة ومراقبة أفعال ذلك المؤسس، حتى إذا انتهينا من تلك الملاحقة والمراقبة جلسنا نتدارس
أهداف ومناهج وأفكار بن سبأ، التي دسها في عالم المسلمين، والتي أشربتا قلوب الشيعة، وجرت مجرى الدم في
٤٣٣ ، ويكمل سيف الرواية بما يدل على حلم وصبر الخليفة - ١٤٦ ) "ذيب تاريخ دمشق الكبير" لابن عساكر ج ٧ ص ٤٣٢ )
في ملاينة رعيته، رغم علمه -رضي الله عنه- بحالهم وانحرافهم، قال: (فلما قدم عمرو على عثمان قال: ما شأنك يا أبا عبد الله؟
قال: والله يا أمير المؤمنين ما كنت منذ وليتهم أجمع أمرا ولا رأيا مني منذ كرهوني، وما أدري من أين أتيت. فقال عثمان: لكني
أنا أدري، لقد دنا أمر، هو الذي كنت أحذره، ولقد جاءني نفر من ركب تردد عنهم عمر وكرههم، ألا وإنه لا بد لما هو كائن
أن يكون، وإن كابرم كذبوا واحتجوا ولم تثبت لهم الحجة، وإني أكف عنهم ما لم ينتهكوا محرما، ووالله لأسيرن فيهم بالصبر
ولأتابعنهم ما لم يعص الله -عز وجل.
عروقهم وانعكست سوادا في بياض مئات الآلاف من الكتب ناصروا وشايعوا فيها مرجعهم الأول، ابن سبأ هذا،
إمامهم الأوحد.
أتى ابن سبأ مصر فاعتمر فيهم، وأظهر مقالته بينهم، وصرف لهم القول كان يقول:
١. العجب ممن يزعم أن عيسى يرجع ويكذب برجوع محمد، وقد قال الله -عز وجل-: ﴿ِإنَّ الَّ ذي فَرض
علَيك الْقُرآنَ َلرادك ِإَلى معاد﴾ ، فمحمد أحق بالرجوع من عيسى، فقبل ذلك عنه، ووضع لهم الرجعة فتكلموا
فيها.
٢. ثم قال بعد ذلك: إنه كان ألف نبي، ولكل نبي وصي.
٣. ثم قال: محمد خاتم الأنبياء، وعلي خاتم الأوصياء.
٤. ثم قال بعد ذلك: من أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله، ووثب على وصي رسول الله.
٥. ثم تناول الأمة.
٦. ثم قال لهم بعد ذلك: إن عثمان قد جمع أموالا أخذها بغير حق.
فاضوا في هذا الأمر فحركوه. ، ٧. وهذا وصي رسول الله
٨. وابدءوا بالطعن على أمرائكم.
٩. أظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فتستميلوا الناس.
١٠ . وادعوا إلى هذا الأمر.
١١ . فبث دعاته.
١٢ . وكاتب من كان استفسد في الأمصار وكاتبوه.
١٣ . ودعوا في السر إلى ما عليه رأيهم.
١٤ . وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
١٥ . وجعلوا يكتبون إلى الأمصار. بكتب يضعوا في عيوب ولام، ويكاتبهم إخوام بمثل ذلك.
١٦ . فكتب أهل كل مصر منهم إلى أهل كل مصر آخر، بما يصنعون فيقرأه أولئك في أمصارهم وهؤلاء
في أمصارهم.
١٧ . حتى تناولوا بذلك المدينة.
١٨ . وأوسعوا الأرض إذاعة.
١٩ . وهم يريدون غير ما يظهرون.
.( ٢٠ . ويسرون غير ما يبدون( ١٤٧
سادسا: تعبئة فرق الفتنة:
تحت لواء الغدر اليهودي السبئي، وذه المقالات الغريبة الهدامة تم لابن سبأ وشيعته، تنظيم أنفسهم في اثنتي
عشرة فرقة، أربع فرق من مصر، وأربع من البصرة، وأربع من الكوفة تشكلت كل فرقة من نحو مائة وخمسين مفتونا
.( أي من كل بلد نحو ستمائة رجل ممن عميت بصائرهم، وختم الله على قلوم، فهم لا يفقهون( ١٤٨
وقد سبق وأخفق السبئيون في الوثوب على ولام سنة ٣٤ ه، في الموعد الذي وقعت فيه فتنة يوم (الجرعة)
فتواعدوا لفتنة أخرى بمقياس أوسع، يتسللونا إلى قلب الخلافة الإسلامية، في العام التالي في شوال ٣٥ ه، عند
استعداد حجاج بيت الله لقصد الحرمين الشريفين، من مصر والبصرة والكوفة، يذهب الحجاج لتأدية الفريضة
والزيارة، ويذهب دعاة الفتنة للمجاهرة بمعصية الله، تحرك خطاهم اليد الخفية لابن سبأ، الذي كان ضمن ثوار مصر،
.( الزاحفين إلى المدينة، والذي كان حريصا على العمل من وراء ستار( ١٤٩
. ٣٤١ ، "ذيب تاريخ دمشق الكبير" لابن عساكر ج ٧ ص ٤٣١ - ١٤٧ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٤٠ )
١٤٨ ) أمراء فرق الفتنة من مصر هم: عبد الرحمن بن عديس البلوي، كنانة بن بشر التجيبي، سودان بن حمران السكوني، قتيرة )
بن فلان السكوني، ورئيسهم العام الغافقي بن حرب العكي، ومعهم مدبر الفتنة اليهودي المتمسلم: عبد الله بن سبأ.
أمراء فرق الفتنة من البصرة هم: حكيم بن جبلة العبدي، ذريح بن عباد العبدي، بشر بن شريح الحطم بن ضبيعة القيسي، ابن
المحرش بن عبد بن عمرو الحنفي، ورئيسهم العام: حرقوص بن زهير السعدي.
أمراء فرق الفتنة من الكوفة هم: الأشتر مالك بن الحارث النخعفي، زيد بن صوحان العبدي، زياد بن النضر الحارثي، عبد الله بن
.(٣٤٩- الأصم، ورئيسهم العام: عمرو بن الأصم. (تاريخ الطبري ج ٤ ص ٣٤٨
.١٢٣- ١٤٩ ) "العواصم من القواصم" حاشية ص ١٢٢ )
المبحث الثالث
إمام التزوير المؤسس وقتل الخليفة
بعد الإشارة إلى أستاذ التزوير الأول، ولعنته مع فرقه الثلاث نبين تزويراته في الفتنة العظمى في المطالب التالية:
المطلب الأول: التزوير على الخليفة.
المطلب الثاني: التزوير على أمهات المؤمنين.
المطلب الثالث: التزوير على كبار الصحابة.
المطلب الرابع: تزوير الفتنة الكبرى.
المعلم الأول للتزوير:
- إن المبتدع الأول للتزوير، في التاريخ الإسلامي، هو ابن سبأ، معلم الشيعة، الذي علمهم تزوير الكتب يكتب
ما تصبو إليه نفسه من مقالة أو دعوى أو رسالة لتحقيق هدف معين من أهدافه، وينسب ما كتب إلى علم من أعلام
الإسلام الموثوقين، مؤكدا صدور ذلك عمن اشتهر في أوساط المسلمين، بالتقى والصلاح والسابقة والسيرة الحسنة.
- وبذلك يتم تمرير ما يريدونه، ثم إحاطته بالدعاية الملحة والإعلام المركز، حتى يستقر في أذهان الناس، خصوصا
ضعاف العقول منهم أن العلم الصالح الشهير هذا قال ذلك فعلًا.
- وجميع عقائد الشيعة دون استثناء، هي بنات أفكار ابن سبأ، وتزوير من تزويراته، كما سنرى وها هو يسعى
في أعطاف جنده الملعونين إلى المدينة، بقصد قتل الخليفة، وقد ساند خطته بأنواع من مبتكرات التزوير، خدعا
القطيع السبئي السائر على دربه.
- وقبل استعراض ما جاء به سلف الشيعة، من ظلم وزور وقت قتل الراشد عثمان -رضي الله عنه وأرضاه-
نقرر اللعنة التي حاقت بابن سبأ وتجمعاته الثلاثة، الذين هم سالف الشيعة، وأبطالهم وقدوم، يرددون ويزينون ما
جاءوا به من ظلم وزور، وقد أبطلوا الحق، وأحقوا الباطل، في فتنة غرسوها في صدر الإسلام، ما كان منها إلا
.( الأشواك السامة على صفحات كتبهم إلى اليوم( ١٥٠
حاقت اللعنة بابن سبأ وتجمعاته الثلاثة:
- خرج عبد الله بن سبأ مع رفاقه مع مصر( ١٥١ ) إلى المدينة، حيث تم اللقاء مع رفاق الكوفة، ورفاق البصرة،
على أطراف المدينة عسكر البغاة من البصرة بذي خشب، والبغاة من الكوفة بالأعوص، والبغاة من مصر بذي المروة.
- وظن هؤلاء الطغاة أن الصحابة ممن يلهثون خلف الجاه والسلطان كما يفتري عليهم الشيعة إلى الآن، فكان
سعي السبئية المنكود، إلى كبار الصحابة، يغروم بخيانة أمانة البيعة لعثمان، ونبذها من أعناقهم:
١- سعى المصريون إلى علي بن أبي طالب، وقد سرح ابنه الحسن للدفاع عن عثمان، وعرضوا عليه الخلافة،
فصاحم فطردهم وقال: (لقد علم الصالحون، أن جيش ذي المروة، وذب خشب، والأعوص، معلونون على لسان
.( محمد
٢- وجاء البصريون إلى طلحة بن عبيد الله، وقد أرسل ابنيه للدفاع عن عثمان، بنفس عرض الخلافة، فصاحم
.( وطردهم وقال: (لقد علم المؤمنون، أن جيش ذي مروة، وذي خشب، والأعوص، ملعونون على لسان محمد
٣- وأتى الكوفيون الزبير بن العوام، وقد سرح ابنه عبد الله للدفاع عن عثمان، بعرض الخلافة كذلك، فصاح
.(١٥٢)م وطردهم، مقررا لعنة التجمعات السبئية الثلاثة، على لسان محمد
١٥٠ ) من شاء معاينة عينة من تلك السموم فليقرأ كتاب: علي ومناوئوه تأليف الدكتور نوري جعفر الشيعي من مطبوعات النجاح )
بالقاهرة رقم ١١ ط الرابعة ١٣٩٦ ه - ١٩٧٦ م.
١٥١ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٤٩ ، ويبدو أن ابن سبأ في مروره السابق على الحجاز، عاين الخليفة في حياة عادية كواحد من )
الناس لا يحتجب عنهم، بحرس ملكي أو جمهوري أو إمبراطوري، يؤم المسلمين في المسجد النبوي خمس مرات يوميا، لا يتقدمه
المشاة أو الخيالة أو راكبو الدراجات البخارية بلا فواصل ولا أبواب مغلقة ولا مواكب، ومدينة الرسول مفتوحة للجميع، لا يصد
عن الحرم النبوي الشريف مسلم، سمة انفردا الخلفاء الراشدون دون سائر حكام البشر، كانت في عين ابن سبأ عورة، يمكن
اختراقها إلى قلب الخلافة، إذا دخل المدينة ببعض (الميلشيات) المسلحة، حتى إذا يأت القوة المطلوبة كان الزحف الثلاثي الغادر
إلى المدينة، بتدبير وتخطيط ابن سبأ.
الطرد من رحمة الله تعالى لابن سبأ، ومن تبعه وأطاعه وسار على جه على لسان الصادق المصدوق عليه
صلوات الله وسلامه.
سفكوا الدم الحرام، واستحلوا البلد الحرام، وبوا المال الحرام، واستحلوا الشهر الحرام( ١٥٣ ). فحقت عليهم اللعنة
بشهادة المذكورين.
ابن سبأ زين لأهل مصر أن عليا أحق بالخلافة من عثمان، وزين لأهل البصرة أن طلحة أحقا، وزين لأهل
الكوفة أن الزبير أحقا فوجه كل تجمع من تجمعاته المنكودة إلى مقصوده وذلك حتى إذا ما تم قتل عثمان، اختلف
.( الناس فيما بينهم، فتبقى الفتنة قائمة بين المسلمين قاتل الله خبث اليهود وكيدهم( ١٥٤
. ١٥٢ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٥٠ )
١٥٣ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٤٩ ، هذا الاستحلال المربع، للحرمات الأربع، الذي اقترفه قتلة عثمان، وصفتهم به السيدة )
عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها وأرضاها- والشيعة يأبون ذلك عنها، ويصرون على الإساءة إلى مقامها الرفيع الشريف،
بافترائهم مة تحريضها على قتل عثمان.
. ١٥٤ ) "الخلفاء الراشدون" الدكتور أمين القضاة ص ٧٥ )
المطلب الأول
التزوير على الخليفة
تزوير سبئي:
١- قبل الزحف إلى المدينة، أوفد السبئيون منهم وفدا لمقابلة الخليفة، والعودة إلى أمصارهم بتزوير الحقيقة، لتعبئة
المخدوعين ضد الخليفة، كاتبوا أشياعهم من أهل الأمصار أن يتوافوا بالمدينة لينظروا فيما يريدون، وينظموا التعاون في
تنفيذ خطة ابن سبأ. وأظهروا أم يأمرون بالمعروف، ويسألون عثمان عن أشياء لتطير في الناس، ولتحقق عليه.
٢- أفصحوا عن سرهم لمن يثقون فيه فقالوا: (نريد أن نذكر لعثمان أشياء قد زرعناها في قلوب الناس، ثم نرجع
إليهم فترعم لهم أنا قررناها، فلم يخرج منها ولم يتب، ثم نخرج كأنا حجاج، حتى نقدم فنحيط به فنخلعه، فإن أبى
قتلناه).
٣- وعلى المنبر النبوي، فند عثمان جميع دعاويهم ومزاعمهم وأباطيلهم، بالحجة البينة النافية لكل شبهة، على
مرأى ومسمع من المهاجرين والأنصار، أهل السابقة والحق، الذين طلبوا قتل ذلك الوفد، فقال -رضي الله عنه-: (بل
نعفو ونقبل ونبصرهم بجهدنا، ولا نحاد أحدا حتى يركب حدا أو يبدي كفرا).
٤- فعادوا إلى أمصارهم، ينشرون اعترافا لعثمان بأخطاء ومظالم ابتكروها، وزعموا إصراره عليها زورا وتانا،
.( واتفقوا على غزوه مع الحجاج كالحجاج فتكاتبوا وقالوا: موعدكم ضواحي المدينة في شوال( ١٥٥
.٣٤٨- ١٥٥ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٤٦ )
المطلب الثاني
التزوير على أمهات المؤمنين
تزوير سبئي آخر:
١- محمد بن أبي حذيفة، صنيعة ابن سبأ في مصر، كان يزور الكتب على لسان أمهات المؤمنين، ويأخذ الرواحل
فيضمرها، ويجعل رجالا على ظهور البيوت، ووجوههم إلى وجه الشمس، لتلوح وجوههم تلويح المسافر، ثم يأمرهم
أن يخرجوا إلى طريق الحجاز بمصر، ثم يرسلوا رسلا يخبرون عنهم الناس، ليستقبلوهم باعتبارهم يحملون كتبا من
أزواج النبي، بالشكوى من حكم عثمان وتتلى تلك الكتب في الجامع الكبير (جامع عمرو) بالفسطاط ويتفرق الناس
.( بما قرئ عليهم( ١٥٦
٢- حتى إن مسروق بن الأجدع الهمداني من الأئمة الأعلام أئمة التابعين المقتدىم عاتب أم المؤمنين عائشة -
رضي الله عنها- على الزعم، بأا كتبت إلى الناس تأمرهم بالخروج على عثمان، فأقسمت له بالله الذي آمن به
.( المؤمنون وكفر به الكافرون: ما كتبت لهم سوادا في بياض( ١٥٧
٣- جاء المنافقون بالإفك يتهمون أمنا أم المؤمنين بالفاحشة، فتترلت الآيات البينات( ١٥٨ )، تبرئ ساحة الطاهرة
المطهرة الصديقة بنت الصديق يتعبد أبناؤها بتلاوا إلى قيام الساعة.
وجاء الشيعة بالإفك يتهمون أمنا أم المؤمنين بالتحريض على القتل فقال قائلهم: (كانت عائشة تؤلب الناس على
.( عثمان، وتدعو إلى قتله بكل مكان) انتهى( ١٥٩
. ١٥٦ ) "عثمان بن عفان" صادق إبراهيم عرجون، الدار السعودية للنشر والتوزيع ط الثالثة ١٤٠٤ ه ١٩٨٣ م ص ١٢٨ ، ١٢٧ )
. ١٥٧ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٤٨ )
١٥٨ ) الآيات من ١١ إلى ٢٦ من سورة النور. )
١٥٩ ) "علي ومناوئوه" تأليف الشيعي: الدكتور نوري جعفر ص ١١٩ قدم له الأستاذ عبد الهادي مسعود، بوزارة الثقافة والإرشاد )
القومي ومدرس الفهارس العامة بدار الكتب المصرية، راجعه وعلق عليه السيد مرتضى الرضوي مؤلف كتاب "مع رجال الفكر
بالقاهرة"، وهذان من أعضاء جماعة التقريب بالقاهرة. والكتاب أحد مطبوعات الشيعة التي أسموها "مطبوعات النجاح
بالقاهرة" يسعونا إلى نشر فكرهم السبئي في مصر.
٤- ويحيطون إفكهم بالتزوير اللازم، متبعين إمامهم ابن سبأ، مزورهم الأكبر( ١٦٠ ). فقال شيعي آخر من أتباعه:
(وهذه عائشة أم المؤمنين، خرجت بقميص رسول الله -صلى الله عليه وآله- فقالت للناس: هذا قميص رسول
.( الله لم يبل وعثمان قد أبلى سنته). ثم يقول: (أشهد أن عثمان جيفة على الصراط غدا) انتهى( ١٦١
٥- لو كان ابن سبأ قد آمن بقوله تعالى: ﴿النِبي َأوَلى ِبالْمؤمِنين من َأنفُسِهِم وَأزواجه ُأمهاتهم﴾ [الأحزاب:
٦]. لكان الشيعة قائمين برعاية حرمة الأمهات.
٦- إم لا يرعون حرمة، فقديما عمد أتباع ابن سبأ المحاصرون لعثمان، وقد منعوا عن داره الماء والزاد، إلى أمنا
أم حبيبة -رضي الله عنها- وهي على بغلة لها، تحاول اختراق الحصار، إلى دار عثمان لنجدته فضربوا وجه بغلتها
.( وقطعوا حبلها بالسيف فمالت رحالتها وتلقاها الناس، وأنقذوها وقد كادت تقتل( ١٦٢
٧- وحديثا يقول الشيعة: (لم تبق عائشة بالمدينة لتكف عن عثمان أذى الناس حين حصروه بداره وتمضي في
.( محاولة التخذيل عن الشيخ وبث كراهيته في نفوس الحجيج القادمين من كافة الأقطار). انتهى( ١٦٣
٨- والحقيقة أن أمنا -رضي الله عنها- تجهزت خارجة إلى الحج، هاربة من الغوغاء، أسلاف الشيعة الذين
كادوا يقتلون أم حبيبة، واستتبعت أخاها( ١٦٤ )، فأبى، فقالت: أما والله لئن استطعت أن يحرمهم الله ما يحاولون
.( لأفعلن( ١٦٥
١٦٠ ) ويقول شيعي ثالث (وبلغ الحال بعائشة أا كانت تف بقادة الوفود الزاحفة: اقتلوا نعثلا قتله الله) ناسبا إلى أم المؤمنين تسمية )
عثمان باسم يهودي قذر خسيس كان يسكن المدينة، في كتابه "الانتفاضات الشيعية عبر التاريخ" تأليف : هاشم معروف
١٨٣ ، ولم يدع هذا الكتاب في صفحاته التي بلغت ٥٢٧ زورا وإفكا وتانا -١٤٣- الحسيني، دار الكتب الشعبية بيروت ص ٧٣
شيعيا إلا وحشره في جميع تلك الصفحات.
. ١٦١ ) "شرح ج البلاغة" لابن أبي الحديد دار الأندلس بيروت ج ٤ ص ٤٥٨ )
. ١٦٢ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٨٦ )
. ١٦٣ ) "علي ومناوئوه" نوري جعفر الشيعي ص ١١٩ )
١٦٤ ) أي دعت أخاها محمد بن أبي بكر، وقد كان من أعيان الفتنة، أن يدع موقفه الحاقد المؤلب على عثمان ويلحقا -رضي الله )
عنها- إلى مكة، وقد تعجب حنظلة الكاتب إلى ما بأمر أخته عائشة فقال: يا محمد تستتبعك أم المؤمنين فلا تتبعها، وتدعوك
ذؤبان العرب إلى ما لا يحل فتتبعهم؟ وانصرف وهو يقول:
٩- ولكن حبك التزوير الشيعي اقتضى تصوير عائشة -رضي الله عنها- بأا: (لم تتحرج أن تصيح بعثمان من
وراء سترها على المنبر)( ١٦٦ )، وكأنه لا اعتبار عندها لحرمة المسجد النبوي، ولا حرمة المصلين.
إن ابن سبأ وشيعته قديما وحديثا جاؤوا ظلما وزورا.
عجبت لما يخوض الناس فيه يرومون الخلافة أن تزولا
ولو زالت لزال الخير عنهم ولاقوا بعدها ذلا ذليلا
وكانوا كاليهود أو النصارى سواء كلهم ضلوا السبيلا
. ١٦٥ ) تاريخ الطبري ج ٤ ص ٣٨٦ )
. ١٦٦ ) المرجع السابق ج ص ٣٨٦ )
المطلب الثالث
التزوير على كبار الصحابة
تزوير سبئي ثالث:
١- زعم البغاة أم تلقوا من علي وطلحة والزبير -رضي الله عنهم- كتابا يدعوم به للثورة على عثمان،
.( فقال البغاة لهم: (إنكم أرسلتم إلينا: َأقِْبلُوا إلى من غير سنة الله)( ١٦٧ ، بدعوى أنه غير سنة رسول الله
إن الروايات الموضوعة التي ابتكرها الشيعة الكارهون للصحابة، ودست في كتب تاريخنا ايد، زعمت أن
الصحابة كتبوا إلى الآفاق يأمرون الناس، بالقدوم إلى عثمان، بزعم إفساده دين محمد، فأقبلوا من كل أفق حتى
.( قتلوه( ١٦٨
ابن سبأ وصحبه البغاة، فعلوا فعلتهم الشنيعة، ويرمونا صحابة رسول الله، بكتب زوروها على ألسنة
الصحابة، وبعثواا إلى الآفاق.
٢- ولو آمن ابن سبأ والشيعة بقوله تعالى: ﴿ومن يكْسِب خطيَئةً َأو ِإثْما ُثم يرمِ ِبه برِيًئا فَقَد احتملَ بهتانا وِإثْما
مِبينا﴾ [النساء: ١١٢ ]، ما أقدموا على قتل الخليفة قديما، وما أشاعوا إجماع الصحابة على قتل عثمان حديثا حتى قال
أحدهم: إن مصرع عثمان أن على يد المهاجرين والأنصار تحريضا، ومباشرة من الوفود التي زحفت من مختلف
.( الأمصار( ١٦٩
وصدق ابن كثير في قوله: (إن هذا كذب على الصحابة)( ١٧٠ ). فتزوير الكتب في مأساة البغي على عثمان، كان
.( من أسلحة البغاة، استعملوه من كل وجه وفي كل الأحوال( ١٧١
. ١٦٧ ) "العواصم من القواصم" للقاضي أبي بكر العربي ص ٥٩ )
١٦٨ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٦٧ حيث نطالع رواية من تلك الروايات. )
. ١٦٩ ) "الانتفاضات الشيعية عبر التاريخ" هاشم معروف الحسيني الشيعي ص ١٤٣ )
١٧٠ ) "البداية والنهاية" ابن كثير ج ٧ ص ١٧٥ حيث قال ابن كثير: (وذكر ابن جرير من طريق محمد بن إسحاق عن عمه عبد )
الرحمن بن يسار، أن الصحابة كتبوا إلى الآفاق من المدينة، يأمرون الناس بالقدوم على عثمان ليقتلوه، وهذا كذب على الصحابة،
٣- لما جاء الثوار إلى علي -كرم الله وجهه- يطلبون منه القيام معهم إلى عثمان قال: والله لا أقوم معكم، قالوا:
فلم كتب إلينا؟ قال: والله ما كتبت إليكم كتابا قط. فنظر بعضهم إلى بعض( ١٧٢ )، مما يدل على أن هناك خادع
ومخدوع، أما المخادع فهو ابن سبأ ورءوس تنظيمه السري مزور الكتب، أما المخدوع فهم الكثرة من الغوغاء،
القطيع المنقاد لناعق السبئية فالذين نظر بعضهم إلى بعض، عندما حلف علي بأنه لم يكتب إليهم، هم الثوار العراقيون
المخدوعون يتعجبون كيف لم يكتب علي إليهم، وهم قد جاءهم كتابه، ومن ذا الذي يكون قد كتب الكتاب على
لسانه، إذا لم يكن هو الذي كتبه؟؟
الإجابة واضحة في التزوير التالي.
وإنما كتبت كتب مزورة عليهم، كما كتبوا من جهة علي وطلحة والزبير إلى الخوارج؛ أي الخوارج على عثمان كتبا مزورة
عليهم أنكروها).
. ١٧١ ) "العواصم من القواصم" لابن العربي حاشية الخطيب ص ١٠٩ )
. ١٧٢ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٥٥ )
المطلب الرابع
تزوير الفتنة الكبرى
تزوير سبئي رابع:
١- كانت في المدينة مواجهات بين الحق المقيم، والباطل الزاحف الغريب، ومن فوق المنبر النبوي الشريف، بجوار
طلع إمام الحق عثمان ذو النورين، يواجه أئمة الباطل وقطعام المخدوعة. ، قبره الشريف
وتمكن الخليفة بنور الحجة البالغة، وبنور سبقه وأياديه البيضاء في الإسلام والمسلمين، أن يفحم الجميع، ولم يترك
واردة ولا شاردة، مما أثاره الخادعون إلا وسلط عليها ضوء الحق المبين، مما أدى إلى اقتناع جمهور المخدوعين، رغم ما
أنفقه ابن سبأ، من جهد ومال وسنين، في تعبئتهم ضد نظام الحكم الراشد.
٢- وباقتناع عامة الثائرين، بطهر الخليفة وبراءته، مما افتراه المفترون، غادروا المدينة عائدين إلى أمصارهم، وكان
رجوعهم من طريقين مختلفين باختلاف اتجاه أمصارهم، فالمصريون اتجهوا شمالا لغرب ليسايروا ساحل البحر الأحمر
إلى السويس ومصر، والعراقيون من بصريين وكوفيين اتجهوا شمالا لشرق ليعبروا نجدا إلى العراق، وتقدما في السير،
وبين الفريقين مراحل بعيدة.
٣- فبينما هم كذلك، كل مجموعة في طريقها، إذا براكب يتعرض للمجموعة المصرية مرارا، أي يتعرض لهم ثم
يفارقهم، ويكرر ذلك ليلفت أنظارهم إليه ويثير شكوكهم فيه قالوا: ما لك قال: أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله
بمصر (عبد الله بن سعد بن أبي سرح) فَتشوه فإذا هم بكتاب على لسان عثمان عليه خاتمه إلى ابن أبي سرح، أن
يصلبهم ويقطع أيديهم وأرجلهم، وصاغ المزورون ما شاءوا لتجديد لهيب الفتنة في القلوب فكر المصريون فأقبلوا حتى
بغتوا أهل المدينة، فأتوا عليا فقالوا: ألم تر إلى عدو الله؛ إنه كتب فينا بكذا وكذا، وإن الله قد أحل دمه، قم معنا إليه.
قال: والله لا أقوم معكم، إلى أن قالوا: فلم كتبت إلينا؟
.( فقال: والله ما كتبت إليكم كتابا قط. فنظر بعضهم إلى بعض؟( ١٧٣
. ١٧٣ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٥٥ )
٤- وأعجب العجب أن قوافل الثوار العراقيين التي كانت متباعدة في الشرق عن قوافل الثوار المصريين في الغرب
عادتا معا إلى المدينة في آن واحد؛ أي أن قوافل العراقيين التي كانت بعيدة مراحل متعددة عن قوافل المصريين، ولا
علم لها بالرواية المسرحية التي مثلت في (البويب)( ١٧٤ )، رجعت إلى المدينة من الشرق وقت رجوع المصريين من
الغرب، ووصلتا إلى المدينة معا، كأنما كانوا على ميعاد.
حتى إن عليا -كرم الله وجهه- سألهم: كيف علمتهم يا أهل الكوفة ويا أهل البصرة، بما لقي أهل مصر وقد
سرتم مراحل، ثم طويتم نحونا هذا والله أمر أبرم بالمدينة.
.( قال الثوار العراقيون (بلسان رؤسائهم): فضعوه على ما شئتم: لا حاجة لنا في هذا الرجل، ليعتزلنا( ١٧٥
تحليل هذا التزوير:
هذا هو مضمون ذلك التزوير السبئي، وعليه يمكننا أن نقرر الحقائق التالية:
١- الذين استأجروا الراكب، ليمثل دور حامل الكتاب أمام قوافل المصريين، استأجروا راكبا آخر، خرج من
المدينة معه قاصدا قوافل العراقيين، ليخبرهم بأن المصريين اكتشفوا كتابا بعث به عثمان إلى عامله بمصر عبد الله بن
سعد، بحبس المصريين وقتلهم والتمثيل بجثثهم وعلى رأسهم محمد بن أبي بكر.
٢- اليد التي زورت الكتاب على لسان عثمان، وبعثت إلى العراقيين تخبرم بخبر ذلك الكتاب، وتطلب منهم
العودة إلى المدينة لمناصرة إخوام المصريين، هي نفس اليد التي زورت على لسان علي كتابا إلى الثوار العراقيين بأن
يعودوا.
٣- يبدو أنه جرى مؤتمر بين رؤساء الفرق، دبروا فيه ذلك التزوير، وأخفوا أمره عن جمهور الثائرين، والذي
تولى كبر ذلك التزوير، هما الأشتر النخعي، وحكيم بن جبلة، اللذان سبق التعريفما، واللذان تخلفا في المدينة عند
ارتحال المصريين والعراقيين عائدين إلى بلادهم( ١٧٦ )، ومن خلفهما زعيمهما المؤسس عبد الله بن سبأ.
١٧٤ ) اسم المكان الذي اعترض عنده الراكب المأجور قافلة المصريين. )
. ١٧٥ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٥١ )
. ١٧٦ ) المرجع ا لسابق ج ٤ ص ٣٧٥ )
٤- تم ذلك المؤتمر السبئي السري، بعدما حمل جمهور الثائرين رؤساءهم على الرضا بأجوبة أمير المؤمنين عثمان،
وارتحلوا من المدينة إلى بلادهم، وصارت موافقة الرؤساء على خطة التزوير، التي نسج خيوطها الثلاثي: الأشتر وابن
جبلة وابن سبأ، يدل على ذلك إجابة الثوار العراقيين على تساؤل وتعجب علي بن أبي طالب:
(كيف علمتم يا أهل الكوفة، ويا أهل البصرة، بما لقي أهل مصر، وقد سرتم مراحل ثم طويتم نحونا؟) فأجاب
الرؤساء: (فضعوه على ما شئتم، لا حاجة لنا إلى هذا الرجل، ليعتزلنا).
وهذا تسليم منهم بأن قصة الكتاب مفتعلة، وأن الغرض الأول والأخير هو خلع أمير المؤمنين وسفك دمه، وقد
فطن علي بفراسته -كرم الله وجهه- إلى ذلك المخطط عندما قال: (هذا والله أمر أبرم بالمدينة).
٥- لا يعقل أن يكون الكتاب (المزور) صادرا عن عثمان، ولا عن وزيره مروان، ولا عن أي إنسان يتصلما؛
لأنه لا مصلحة لهما في تجديد الفتنة بعد أن صرفها الله، وإنما المصلحة في ذلك للدعاة الأولين إلى إحداث هذا الشغب،
ومنهم الأشتر وحكيم بن جبلة اللذان تخلفا في المدينة، ولم يكن لهما أي عمل يتخلفان في المدينة من أجله، إلا مثل
هذه الخطط والتدابير التي لا يفكران يومئذ في غيرها، ناهيك عن ابن سبأ هادم الدين، الذي جعل هدم الخلافة
الإسلامية هدفه الأعلى.
٦- لا يعقل أن يكتب عثمان أو مروان إلى عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وهما يعلمان أنه خرج من مصر وغير
موجودا، فقد سبق وكتب عبد الله بن سعد إلى الخليفة يستأذنه بالقدوم عليه فأذن له، فقدم حتى إذا كان بأيله
(العقبة) بلغه أن المصريين قد رجعوا إلى عثمان وأم قد حصروه، فحاول العودة إلى مصر فمنعه ابن أبي حذيفة
صنيعة السبئية، الذي تغلب على مصر وطرد السائب بن هشام بن عمرو العامري، المستخلف من قبل ابن أبي سرح،
فتوجه ابن أبي سرح إلى فلسطين، وا أقام حتى قتل عثمان( ١٧٧ ). فكيف يكتب عثمان أو مروان إلى عبد الله،
وعندهما، كتابه الذي يستأذن به في القدوم إليهما في المدينة؟
٧- كل ذي علم بحال عثمان -رضي الله عنه- يعلم أنه لم يكن ممن يأمر بقتل محمد بن أبي بكر ولا أمثاله، ولا
يعرف عنه قط أنه قتل أحدا من هذا الضرب، وقد سعوا في قتله -رضي الله عنه- ودخل عليه محمد فيمن دخل، وهو
.٤٢١- ١٧٧ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٧٨ )
لا يأمر بقتالهم دفعا عن نفسه، فكيف يبتدئ بقتل معصوم الدم( ١٧٨ )؟ فالحق أنه لم يكن هناك كتابا بقتل أحد، لا من
عثمان ولا من مروان، ولكن الذي كان، إنما هو تدبير شيطاني خبيث، وكيد أثيم، وتآمر من حزب السبئيين، أشياع
رأس الشر وجرثومة الفساد، ابن السوداء عبد الله بن سبأ اليهودي، لتقويض الخلافة الإسلامية، وإشعار نار الفتنة،
.( وهدم بنيان الإسلام( ١٧٩
- ويجدر بي في هذا المقام مترحما على العلامة المحقق محب الدين الخطيب، أن أردد نداءه إلى المسلمين في هذا
العصر وفي كل عصر:
(إن الأيدي ارمة التي زورت الرسائل الكاذبة، على لسان عائشة وعلي وطلحة والزبير، هي التي رتبت هذا
الفساد كله، وهي التي طبخت الفتنة من أولها إلى آخرها، وهي التي زورت الرسالة المزعومة على لسان أمير المؤمنين
عثمان إلى عامله في مصر، في الوقت الذي كان يعلم فيه أنه لم يكن له عامل في مصر، وقد زورت هذه الرسالة على
لسان عثمان بالقلم الذين زورت به رسالة أخرى على لسان علي، كل ذلك ليرتد الثوار إلى المدينة، بعد أن اقتنعوا
بسلامة موقف خليفتهم، وأن ما كان قد سمع عنه كذب كله، وأنه كان يتصرف في كل أمر بما يراه حقا وخيرا، ولم
يكن صهر رسول الله، المبشر منه بالشهادة والجنة، هو اني عليه وحدهذه المؤامرة السبئية الفاجرة بل الإسلام نفسه
كان مجنيا عليه قبل ذلك، والأجيال الإسلامية التي تلقت تاريخ ماضيها الناصع، مشوها ومحرفا، هي كذلك ممن جنى
.( عليهم ذلك اليهودي الخبيث، والمنقادون له بخطام الأهواء والشهوات)( ١٨٠
هؤلاء المنقادون له هم من تسمى بلفظ (الشيعة الإمامية).
هم الناقمون على ذي النورين، الشامتون فيه، الفرحون بإهدار دمه.
هم الذين سمموا أجواء الإسلام بسموم التزوير.
هم الذين زعموا أم شيعة أهل بيت النبي كذبا وزورا.
. ١٧٨ ) "منهاج السنة" ابن تيمية ج ٣ ص ١٨٨ )
. ١٢٣ وتحقيق تزوير ذلك الكتاب في الصفحات من ١٢٠ إلى ١٢٧ - ١٧٩ ) "عثمان بن عفان" صادق إبراهيم عرجون ص ١٢٢ )
-١٠٩- ١٢٩ ، وانظر: عن ذلك التزوير ص ٥٩ - ١٨٠ ) "حاشية محب الدين الخطيب على العواصم من القواصم" ص ١٢٨ )
.١٢٧-١٢٥
لسبب واضح لا لبس فيه، هو أن أهل بيت النبي -عليهم رضوان الله تعالى- كانوا وما زالوا على سنته وهديه
لم يحيدوا عنها ولم يلبسوها بظلم ولم يخلطوها بشرك. ،
أما الشيعة فقد اتبعوا مذهبا آخر، وضعه لهم إمامهم عبد الله بن سبأ إمام التزوير زعيم الفتنة، فشايعه الأشقياء،
وعزروه ونصروه حتى قتلوا الخليفة، وعزروه ونصوره في تزوير التاريخ والعقائد حتى يومنا هذا، وإلى ما شاء الله.
وهذا الكتاب الذي أسطره إنما هو لإثبات هذا المضمون؛ ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة.
المطلب الخامس
الجناية الكبرى
الشيعة لا يرعون حرمة الحرم النبوي:
١- تتابعت أحداث الفتنة كقطع الليل البهيم وفي المسجد النبوي الشريف، والخليفة على منبره -رضي الله عنه-
ساعة خطبة الجمعة، وفي لغط مدبر أعمى أهوج، ولأول مرة، يحصب السبئيون الناس، حتى أخرجوهم من المسجد،
ويحصبون عثمان، حتى صرع عن المنبر مغشيا عليه. فاحتمل وأدخل داره( ١٨١ )، والذي تولى تنفيذ ذلك العدوان: ابن
.( أبي قتيره، وحكيم بن جبلة، مع شيعة ابن سبأ( ١٨٢
٢- وبعد تلك السابقة الشيعية الأثيمة، منعوا الخليفة الإمام الشرعي، من الصلاة بالمسلمين واقتحم الإمامة أمير
البغاة (الغافقي) ودان له المصريون والكوفيون والبصريون البغاة، وحاصروا دار عثمان أربعين يوما يمنعون عنه وأهل
بيته الزاد والماء، وتفرق أهل المدينة في حيطام، ولزموا بيوم، لا يخرج أحد ولا يجلس إلا وعليه سيفه، يمتنع به من
.( رهقِ القوم، ومن تعرض لهم وضعوا فيه السلاح( ١٨٣
٣- وأقبل علي حتى دخل على عثمان، وأقبل طلحة حتى دخل عليه، وأقبل الزبير حتى دخل عليه، يعودونه من
صرعته، ويشكون بثهم( ١٨٤ )، فهم جميعا -رضي الله عنهم- ضحايا فتنة سبئية عمياء.
وقد عبروا عن موقف أهل المدينة، واستنكارهم للأفعال السبئية، بعد استفحال الأمر على الجميع مما يتبين منه:
الود القائم بين الصحابة وإمامهم عثمان، وكل الروايات التي خالفت ذلك، والتي أثارت الشبهات، حول الصحابة،
. ١٨١ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٥٣ )
١٨٢ ) المرجع السابق ج ٤ ص ٣٥٣ ، فإذا طالعتنا بما يفعله الشيعة في أيامنا هذه، وقت مواسم الحج، من لغط وهياج وعدوان، في )
فلا تعجب فهؤلاء هم الخلف لبئس السلف. البلد الحرام والمسجد الحرام، ومدينة الرسول وحرمه
. ١٨٣ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٥٤ )
. ١٨٤ ) المرجع السابق ج ٤ ص ٣٥٣ )
ونسبت إليهم الرضا أو التواطؤ أو التحريض، فإنما هي روايات موضوعة مزورة، لا يلتفت إليها، ويجب تنقية تاريخنا
.( ايد من خبثها( ١٨٥
اختار عثمان الرفيق الأعلى
١- دخل الأشتر سفيرا للبغاة على عثمان فقال له: يريد القوم منك إما أن تخلع نفسه، أو تقص منها، أو يقتلوك
فقال: أما خلعي فلا أترك أمة محمد بعضها على بعض (فهو رضوان الله عليه رمز وحدة الأمة)، وأما القصاص
فصاحباي قبلي لم يقصا من أنفسهما ولا يحتمل ذلك بدني، وأما أن تقتلوني فوالله لئن قتلتموني لا تتحابون بعدي
.( أبدا، ولا تصلون جميعا بعدي أبدا، ولا تقاتلون بعدي عدوا جميعا أبدا( ١٨٦
٢- ودخل عليه عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- فقال له عثمان: انظر ما يقول هؤلاء؛ يقولون: اخلع نفسك
أو نقتلك قال له ابن عمر: أمخلد أنت في الدنيا؟ قال: لا. قال: هل يزيدون على أن يقتلوك؟ قال: لا: قال فلا تخلع
.( قميص الله عنك فتكون سنة، كلما كره قوم خليفتهم خلعوه أو قتلوه( ١٨٧
٣- آثر -رضي الله عنه- التضحية بنفسه، صابرا محتسبا، وافتدى بدمه دماء أمته مختارا، ولم يقصر من الصحابة
أحد في نصرته والذود عنه، ولكنه هو الذي عزم على الجميع من صحابته -رضي الله عنه- أن يكفوا أيديهم، وعز
عليه -رضي الله عنه- إراقة نقطة دم واحدة من دماء الصحابة الزكية، أو دماء أبنائهم النقية، في سبيل الدفاع عنه،
فدعا بالمصحف يأنس به، ويعتصم برحمة من أنزله، وأمر أهل المدينة بالرجوع، وأقسم عليهم، فرجعوا إلا الحسن بن
علي ومحمد بن طلحة وابن الزبير، وأشباه لهم من شباب الإسلام، جلسوا بالباب عن أمر آبائهم( ١٨٨ ) فأبى عليهم
١٨٥ ) انظر: "العواصم من القواصم" حاشية الخطيب ص ١٣٩ حيث حدد طريقين لتمييز الحق في تلك الروايات من الباطل: )
أحدهما طريق أهل الحديث في أن لا يقبلوا إلا الأخبار المسندة إلى أشخاص بأسمائهم، ثم يستعرضوا أحوال هؤلاء الأشخاص،
فيقبلوا من صادقهم ويضربوا وجه الكذاب بكذبه. والطريق الثاني: طريق علماء التاريخ، وهو أن يعرضوا كل خبر على سجايا من
يخبر عنه، ويقارنوه بسيرته، وهل هو ممن ينتظر وقوعه مما نسب إليه، ويلائم المعروف من سابقته وأخلاقه أم لا؟ وتمحيص تاريخنا
يحتاج إلى هاتين الطريقتين معا يقومما علماء راسخون فيهما.
٣٧٢ ، "البداية والنهاية" لابن كثير ج ٧ ص ١٨٤ ، "أنساب الأشراف" للبلاذري ج ٥ ص - ١٨٦ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٧١ )
.٩٢
. ١٨٧ ) "أنساب الأشراف" للبلاذري ج ٥ ص ٧٦ )
. ١٨٨ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٨٥ )
عثمان بأبوته الحانية وشفقته الغالية، أن يرى فيهم مكروها، فقال للحسن السبط -رضي الله عنه-: إن أباك اليوم لفي
.( أمر عظيم، فأقسمت عليك لما خرجت( ١٨٩
تزوير شيعي إضافي:
على الحسين بن علي وعلى كافة المهاجرين والأنصار -رضي الله عنهم-:
- وهنا يجدر بنا مواجهة تزوير شيعي، من تزويرام التي لا تعد ولا تحصى عن موقف الحسن، الذي يزعم
الشيعة الإمامية أنه إمامهم الثاني، وهو وأبوه وأمه وأخوه وذريام وكافة الصحابة والمهاجرين والأنصار، أنقياء أبرياء
من إساءام وتزويرام.
قال قائل الشيعة:
(وزعم غير واحد من المؤرخين أن الإمام الحسن وقف يوم الدار مدافعا عن عثمان بإيعاز من أبيه، وقد أبلى في
ذلك بلاء حسنا، وهذا القول من دون شك من موضوعات الأمويين ومن مفتريام، فإن الإمام الحسن وسائر البقية
الصالحة من المهاجرين والأنصار كانوا في معزل عن عثمان، بل ومن الناقمين عليه، ولم يحضر من يدافع عنه في
حصاره سوى بني أمية وبعض المنتفعين منهم، ولو كان له أي رصيد في اتمع لما تمكن الثائرون من قتله لقد اتفقت
كلمة الصحابة على خذلانه، ولم تظهر منهم بادرة من بوادر المساعدة والمؤازرة له، بل كانوا يمجدون الثورة،
ويبعثون روح الحماس في نفوس الثوار، وبعد هذا فكيف يمكن أن يخرق الإمام الحسن الإجماع ويمضي للدفاع عنه)
.( انتهى( ١٩٠
١- إننا إذا واجهنا كل تزوير شيعي، لتحليله وبيان انحرافه ولغو باطله، لما كفتنا الأسفار والدات وليقارن
القارئ بين ما سطرنا من حقائق وبين كلام هذا الشيعي، الذي أساء إلى الجميع وطعن في الجميع بسطور قليلة، وفي
تزوير واحد حيث قدح في مروءة الجميع، وصورهم ثائرين محرضين شركاء في دم الشهيد عثمان الذي أعدم رصيده
. ١٨٩ ) المرجع السابق ج ٤ ص ٣٩٢ )
٢٨٠ ، ويحيل الشيعي إلى زميله في احتراف - ١٩٠ ) "حياة الإمام الحسن بن علي" باقر شريف القرشي الشيعي ج ١ ص ٢٧٩ )
التزوير: الأميني في موسوعته المسماة "الغدير في الكتاب والسنة والأدب" عبد الحسين أحمد الأميني النجفي الشيعي ج ٩ ص
.٢٤٧-٢١٨
في اتمع فإذا كان حال الصحابة كذلك فلا مفر من إصابة الطعن الشيعي لمن رباهم في مدرسة النبوة فقد فشل
المربي وتخربت مدرسته، وهذا عين ما أراده ابن سبأ في تزويراته، هدما للإسلام ونبي الإسلام.
٢- وشيعة اليوم وشيعة الأمس وشيعة الغد، لم يقصروا ولن يقصروا في مؤازرة ابن سبأ وفي اجترار
.( تزويراته( ١٩١
٣- ثم كيف يفتري الأمويون على الحسن، أنه وقف يوم الدار مدافعا عن عثمان بإيعاز من أبيه. إن دفاع الحسن
عن عثمان بإيعاز من أبيه وبلاءه في ذلك بلاء حسنا، لمن مكارم الحسن ومن مآثر أبيه، فهل يفتري المفتري المكارم
والمآثر؟ أم يفتري المطاعن والمثالب؟
٤- وهب أن الأمويين وضعوا خبر دفاع الحسن عن عثمان بإيعاز من أبيه، فالمفهوم من تأليفهم ووضعهم لهذا
القول أم يبرءون الحسن وأباه من شبهة التواطؤ مع القتلة الثوار، وفي ذلك من الأمويين الثناء الجميل على الحسن
وأبيه فكيف يستقيم ذلك مع لعن الشيعة للأمويين وتكفيرهم، بزعم عداوم للحسن وأبيه؟
٥- لا إجابة سوى العلم والاطمئنان، بأنه لم يكن بين سلفنا الصالح العداوة المزعومة وإنما الذي غرس العداوة
والشقاق والبغضاء في تاريخنا هم الشيعة؛ شيعة ابن سبأ إمام الإمامية، وجميع السلف اجتهدوا في سعيهم إلى مرضاة
الله، ولم يكن هناك مزورين ولا ناكثين ولا قاسطين ولا بغاة، سوى حزب الشيعة قتلة عثمان أتباع ابن سبأ
اليهودي، وإن الأمويين وعلى رأسهم معاوية -رضي الله عنه- إن لم يكن لهم حسنة سوى الفهم والوعي والحذر
والتربصؤلاء السبئية القتلة، لكفتهم هذه الحسنة في رفع ذكرهم، رغم أنوف مزوري التاريخ وأعداء صحابة رسول
. الله
فطنة معاوية -رضي الله عنه.
١٩١ ) منهم: محمد حسين الزين في كتابه "الشيعة في التاريخ" ط ١٣٩٩ ،٢ ه- ١٩٧٩ م نشر دار الآثار بيروت ص ١٣٣ ، حيث )
زعم أن التاريخ حدثه بأن الذين حرضوا على قتل عثمان وخذلوه هم من أكابر الصحابة والتابعين في المدينة المنورة. ومنهم:
إبراهيم الموسوي الزنجاني في كتابه: "عقائد الإمامية الاثني عشرية" ط أولى ١٣٩٧ ه - ١٩٧٧ م ص ٥٣ حيث افترى اشتراك
الصحابة في مقتل عثمان، وغيرهم كثير في مئات المصنفات.
إن معاوية، كاتب الوحي، قد فطن مبكرا إلى خطورة الحركة السبئية التي تسمت بلفظ الشيعة وعزم على عثمان
عندما لاحت نذر فتنتهم، بالانطلاق معه إلى منعة الشام فقال: يا أمير المؤمنين، انطلق معي إلى الشام، فإن أهل الشام
بشيء، وإن كان فيه قطع خيط عنقي. قال: فأبعث على الأمر لم يزالوا فقال عثمان: أنا لا أبيع جوار رسول الله
إليك جندا منهم، يقيم بين ظهراني أهل المدينة، لنائبة إن نابت المدينة أو إياك. قال: أنا أقشر على جيران رسول الله
الأرزاق بجند تساكنهم وأضيق على أهل دار الهجرة والنصرة قال: والله يا أمير المؤمنين، َلتغتاَلن أو َلتغزين. قال:
.( حسبي الله ونعم الوكيل( ١٩٢
ألا ما أعظم سلفنا الصالح وما أبرهم وما أسعد من والاهم جميعا وأحبهم، وما أتعس وأبأس من أبغضهم، وفرق
بينهم، وأساء إليهم، وزور عليهم.
إيثار وشفقة عثمانية:
على نفسه وماله وأهله وكل ما يملك، والشفقة حتى ، إنه الإيثار من عثمان، لأُمة حبيِبه وصهرِه المصطفى
على قاتليه عندما قال لهم: (مهلا لا تقتلوني؛ إنكم إن قتلتموني وضعتم السيف على رقابكم، ثم لم يرفعه الله -عز
.( وجل- عنكم إلى يوم القيامة)( ١٩٣
.( وقال: (لأن أقتل قبل الدماء أحب إلى من أن أقتل بعد الدماء)( ١٩٤
وقال لما ألقى البغاة النيران في أبواب داره: (من كانت لي عليه طاعة فليمسك داره، فإنما يريدني القوم،
وسيندمون على قتلي، والله لو تركوني لظننت أني لا أحب الحياة، ولقد تغيرت حالي، وسقط أسناني، ورق عظمي،
.( لأصرعن مصرعي الذي كتب الله -عز وجل)( ١٩٥ ، وإني لصابر، كما عهد إليَّ رسول الله
. ١٩٢ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٤٥ )
. ١٩٣ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٩٥ )
٧٣٣ ه، المؤسسة المصرية العامة للتأليف - ١٩٤ ) "اية الأرب في فنون الأدب"، شهاب أحمد بن عبد الوهاب النويري ٦٧٧ )
. والترجمة والطباعة والنشر ج ٣ ص ٦
ولقي الشهيد ربه، راضيا مرضيا، اختار الله ليكون شهيدا على كل شيعي، إلى أن تقوم الساعة.
١٩٥ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٨٠ ، وب سلف الشيعة دار الشهيد، حتى تناولوا ما على النساء، ورجل يدعى كلثوم بن )
تجيب يقول للزوجة البارة نائلة التي قطع البغاة أصابعها حال دفاعها عن زوجها يقول ذلك الفاجر لنائلة: (ويح أمك من
عجيزة ما أتمك).
وتنادى القتلة بعد القتل: (أدركوا بيت المال، لا تسبقُوا إليه)، وأتوا بيت المال وانتهبوه وأهل المدينة يسترجعون ويبكون، والقتلة
.٣٩٢- الثوار البغاة يفرحون، الطبري ج ٤ ص ٣٩١
المبحث الرابع
مكائد المؤسس بعد جنايته الكبرى
نبحث تلك المكائد في المطالب التالية:
المطلب الأول: بيعة الإمام علي وإساءة الشيعة.
المطلب الثاني: ابن سبأ ووقعة الجمل.
المطلب الثالث: ابن سبأ ونكباته الشيعية في صفِّين والنهروان.
المطلب الأول
بيعة الإمام وإساءة الشيعة
كانت بيعة ولم تكن وصية موهومة:
١- بقيت المدينة بعد القتل خمسة أيام في قبضة الثوار البغاة، وأميرها أحدهم: الغافقي بن حرب، يلتمسون من
يجيبهم إلى القيام بالأمر فلا يجدونه المصريون يأتون عليا، والكوفيون يأتون الزبير، والبصريون يأتون طلحة، وثلاثتهم
يختبئون منهم ويلوذون بحيطان المدينة أي: بساتينها، ويتباعدون عنهم ويتبرءون منهم مرة بعد مرة، حتى إم جاءوا
سعد بن أبي وقاص فردهم بقوله: خرجت منها لا حاجة لي فيها وجاءوا عبد الله بن عمر الذي قال: إن لهذا الأمر
.( انتقاما، والله لا أتعرض له( ١٩٦
٢- ووقع أهل المدينة في حيرة واضطراب، ولم يجدوا لأنفسهم نجاة ومخرجا، سوى الإلحاح على الإمام علي بن
أبي طالب لينهض بالأمر، فكانت بيعته -رضي الله عنه- عن رضا المهاجرين والأنصار، أهل الحل والعقد، كبيعة
إخوانه الراشدين من قبل، جاءت في أواا المقدر، ثقيلة على نفسه، وهو منها متهيب ولها كاره يقول: لا تعجلوا فإن
عمر كان رجلا مباركا وقد أوصىا شورى، فأمهلوا يجتمع الناس ويتشاورون( ١٩٧ )، ويقول: لا حاجة لي في
.( أمركم، أنا معكم، فمن اخترتم فقد رضيت به، ويقول: لا تفعلوا، فإني أكون وزيرا خيرا من أن أكون أميرا( ١٩٨
.( ويقول: أنا أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم( ١٩٩
٣- كلمات دستورية استخلص منها رجال الفقه الدستوري، مبادئ خلافة النبوة، القائمة على الشورى، وعقد
البيعة بين الأمة وقائدها، لحراسة الدين وسياسية الدنيا، وليس أمر الخلافة -كما يزعم الشيعة- قائما على وصية
مزعومة، أو رموز موهومة.
زهد الإمام:
. ١٩٦ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٣٢ ، "الكامل لابن الأثير" ج ٣ ص ٩٩ . "البداية والنهاية" ابن كثير ج ٧ ص ٢٢٧ )
. ١٩٧ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٣٣ )
. ١٩٨ ) المرجع السابق ج ٤ ص ٤٢٧ ، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير ج ٣ ص ٩٨ )
. ١٩٩ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٣٤ ، "الكامل" ج ٣ ص ٩٩ )
كذلك قد فهمنا من هذه الكلمات: زهد الإمام علي، وعزوفه عن الخلافة، فهو يدري أا غرم وليست غنم،
وعلمنا أنه -رضي الله عنه- بوصفه لعمر بالبركة، قد ترحم وأثني على من سبقه -رضي الله عن الجميع- واختلف
إليه -كرم الله وجهه- أهل المدينة مرارا، صادقين في ولايته وحبه والرغبة في عدله وحزمه وشمائله، واختلف إليه
كذلك الثوار البغاة كاذبين، مظهرين له الولاية، ومبطنين به فتنة الأمة وإفساد الدين اختلفوا إليه بعد مقتل عثمان
.( مرارا( ٢٠٠
عقد البيعة على مرحلتين:
ولما اسقط في يده، -كرم الله وجهه- وأيقن أن لا مفر له من تحمل المسئولية َأبت شجاعته إلا الإقدام فقال: في
.( المسجد، فإن بيعتي لا تكون خفية، ولا تكون إلا عن رضا المسلمين( ٢٠١
وأكد: إن هذا أمركم، ليس لأحد فيه حق، إلا من أمرتم( ٢٠٢ ) إقرار أن سلطانه إنما هو مستمد عن عقد البيعة،
برضا الأمة، على مرحلتين: مرحلة خاصة بأهل الحل والعقد، وأخرى عامة في بيت الله، ونفيا لجميع مزاعم الشيعة،
التي ملئواا الدنياتانا وزورا.
هكذا كانت بيعة الإمام علي، من غير تشوف منه ولا تطلع إلى اعتلائها، ولا أسف ولا كمد ولا حزن على
فواا، كما يصوره الشيعة، ويسيئون إليه أبلغ إساءة، بإظهاره في هيئة الحريص المتكالب على الخلافة، وقد اغتاظ
وانقهر لفواا من يده إلى أبي بكر، ثم نقم على أبي بكر لاستخلافه عمر، ثم اغتم وانزوى واندحر في الشورى من
عبد الرحمن بن عوف في تقديمه عثمان هكذا يكتب الشيعة ويرددون دون ملل.
الإساءة الشيعية: نسبوا إليه كلاما، لا يتصور صدوره من مثله -كرم الله وجهه- إذ كيف يتصور أن يتفوق
عملاق الإسلام البليغ بما يسيء به إلى نفسه حاشاه.
شقشقة ساقطة:
. ٢٠٠ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٢٨ ، "الكامل لابن الأثير" ج ٣ ص ٩٨ )
. ٢٠١ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٢٧ ، "الكامل" ج ٣ ص ٩٨ )
. ٢٠٢ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٣٥ ، "الكامل" ج ٣ ص ٩٩ )
(أ) زعم الشيعة في سفرهم المسمى (ج البلاغة) على لسان الإمام علي في خطبة له أسموها (الخطبة الشقشقية)
أنه قال:
(أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة، وإنه ليعلم أن محلي منها القطب من الرحا، وينحدر عني السيل، ولا يرقى
إلى الطير، فسدلت دوا ثوبا، وطويت عنها كشحا، وطفقت أرتئي بين أن أجول بيد جذاء أو أصبر على طخية
.( عمياء، فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجا، أرى تراثي با) انتهى( ٢٠٣
١- فهل تفوه الإمام عليذا التقعر ضد أبي بكر؟
٢- وهل كان الإمام متكبرا يزكي نفسه وهو يتلو: ﴿فَلَا تزكُّوا َأنفُسكُم هو َأعلَم ِبمنِ اتقَى﴾ [النجم:
؟[٣٢
٣- وهل كان الإمام مريض القلب بالخلافة، حتى ظهر المرض في عينه قذى، وفي حلقه غصة كادت تخنقه؟
٤- وهل اعتبر الإمام علي خلافة المسلمين تركة موروثة؟
٥- وهل ام الإمام أمته الإسلامية بنهب ميراثه المزعوم؟
(ب) وزعموا أنه قال:
(حتى مضى الأول إلى سبيله، فأدلىا إلى ابن الخطاب بعده، فيا عجبا بينا هو يستقبلها في حياته، إذ عقدها
.( لآخر بعد مماته، لشد ما تشطر ضرعيها)انتهى( ٢٠٤
١- فهل شبه الإمام الخلافة بالبقرة الحلوب؟
٢- وهل تعجب الإمام من استخلاف أبي بكر لعمر ولم يبايع؟
٣- وهل افترى الإمام عليهما اقتسام حلب ضرعي بقرة الخلافة؟
٢٠٣ ) "شرح ج البلاغة الجامع لخطب ورسائل وحكم أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب"، لابن أبي الحديد، دار الأندلس )
بيروت ط ثالثة ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، ج ١ ص ٥٠ (الكشح، ما بين الخاصرة والجنب، جذاء: مقطوعة، الطخية: قطعة من الغيم
والسحاب، في العين قذى: أي صبرت على مضض كما يصبر الأرمد، في الحلق شجا: غصة في الحلق كما يصير من غص بأمر
فهو يكابد الخنق).
. ٢٠٤ ) المرجع السابق ج ١ ص ٥٤ )
(ج) ثم زعم الشيعة في خطبتهم الشقشقية على لسان علي قوله:
(إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه، بين نثيله ومعتلفه إلى أن انتكث فتله وأجهز عليه عمله وكبت به بطنته)
.( انتهى( ٢٠٥
١-فهل كان عثمان متكبرا رافعا نافشا جنبيه؟
٢-وهل بلغ سوء الأدب بالإمام أن يشبه عثمان بالبهيمة الواقفة بين روثها وعلفها؟
٣-وهل كان الإمام شامتا بما أصاب عثمان حتى يفرح بانتكاث فتله أي بذهاب دولته؟
٤-وهل برأ الإمام قتلة عثمان حتى ينسب الإجهاز عليه إلى عمله؟
٥-وهل كان الإمام شتاما يشتم عثمان بالبطنة والشراهة؟
إن الشيعة بتزويرام، أهانوا من نسبوا أنفسهم إلى ولايته وحقيقتهم أم أعداؤه وهذه عبارات ثلاث فقط، من
آلاف تعبيرام، التي وضعوها في ج بلاغتهم، من خلال كلماا رسموا صورة بشعة للإمام علي، وكأنه كئيب شتام،
فخور، متكبر، سيء الأدب، عاش ما يقرب من ربع قرن يغلي قلبه بالغل والحقد على أبي بكر وعمر وعثمان، وكأنه
قضى نصف عمره قبل توليه الخلافة: مريض القلب، منكمد، منقهر، يكابد غصته في حلقه، وقذى في عينه.
.( فهل كان الإمام علي رابع الخلفاء الراشدين كذلك؟( ٢٠٦
حاشاه، من دس وتزويرات الشيعة، الذين تابعوا في إساءم المذكورة سلفهم الأشتر حال مبايعته للإمام، عندما
.( أخذ الأشتر بيده فقبضها علي، فقال الأشتر: (أبعد ثلاثة، والله لئن تركتها لتعصرن عينيك عليها حينا). انتهى( ٢٠٧
فوضى وعصيان:
٢٠٥ ) المرجع السابق ج ١ ص ٦٦ (نافجا حضنيه : رافعا لهما، والحضن ما بين الأبط والكشح، يقال للمتكبر: جاء نافجا حضنيه، )
النثيل الروث المعتلف: موضع العلف، انتكث فتله، انتفض أو خاب سعيه/ البطنة: الإشراف والشراهة في الأكل)، وقد أسموها
الخطبة (الشقشقية) لكون الإمام علي في زعمهم هو الذي سمى كلامه فيها: شقشقة.
٢٠٦ ) هذه نبذة من إساءام إلى من يزعمون أم شيعته وهم في الحقيقة شيعة ابن سبأ، وسيرد بمشيئة الله من خلال البحث بيان )
إساءات أخرى إلى علي وفاطمة والحسن والحسين وذريام، وحتى إلى نبي الإسلام.
. ٢٠٧ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٣٣ )
١- وبعد البعية كان صدور الأمر الأول للخليفة: تنقية المدينة من فوضى الهمج الذين لا يرعون حرمة، وقد
اندسوا، وتكالبوا على المدينة، وركبوها وعبثوا بأمنها، فنادى: برئت الذمة من عبد لم يرجع إلى مواليه، يا أيها الناس،
.( أخرجوا عنكم الأعراب، يا معشر الأعراب، الحقوا بمياهكم( ٢٠٨
٢- وكان التذمر والعصيان السبئي الأول: ضد أوامر الخليفة الجديد تذامرت السبئية والأعراب؛ أبت السبئية
.( طاعة الخليفة، وأطاعهم الأعراب( ٢٠٩
.( ٣- وليس هذا التذمر العصيان فحسب، بل كان منهم التوعد والتهديد بقولهم: لنا غدا مثلها( ٢١٠
إا الفوضى التي دبرها ابن سبأ وأشياعه في صدر الإسلام وما أن فرغوا من قتل الخليفة الثالث حتى شرعوا في
تحدي الخليفة الرابع وأضمروا الإطاحة به هو كذلك وبدءوا يتربصون به الدوائر.
. ٢٠٨ ) المرجع السابق ج ٣ ص ٤٣٨ )
. ٢٠٩ ) المرجع السابق ج ٣ ص ٤٣٨ )
٢١٠ ) المرجع السابق ج ٣ ص ٤٣٨ )
المطلب الثاني
ابن سبأ ووقعة الجمل
اجتهادات صحابية ثلاثة:
تعالن السبئيون بذم قريش، وتحقير شأا، فأبى ذلك الإمام علي، وأذاع بيانه على الكافة، مدافعا عن قريش، مبينا
فضلهم وسبقهم، وحاجته إليهم، وعدم انعقاد الأمور دوم( ٢١١ ). فاجتمع طلحة والزبير، وعدة من الصحابة، بالخليفة
يتشاورون، كيف يواجهون أمر احتلال مدينتهم، وتمكن الثوار منها( ٢١٢ ). وبرزت من ذلك الاجتماع اجتهادات
ثلاثة، أصحاا جميعهم مثابون مأجورون، يأبون إلا الجماعة ومرضاة الله:
١- أصحاب الاجتهاد الأول: يرون مطاولة الثوار، ريثما دأ الأمور ويستقر الوضع الجديد، بمبايعة جميع
الأمصار، حتى لا يجد قتلة عثمان أنصارا يدافعون عنهم، أو يتخذوم ذريعة للشغب على الخليفة الجديد، وعلى رأس
.( هؤلاء الإمام علي( ٢١٣
٢١١ ) المرجع السابق ج ٣ ص ٤٣٨ )
٢١٢ ) قالوا: يا علي، إنا قد اشترطنا إقامة الحدود، وإن هؤلاء القوم قد اشتركوا في دم عثمان وأحلوا بأنفسهم، فقال لهم: يا إخوتاه، )
إني لست أجهل ما تعلمون، ولكني كيف أصنع بقوم يملكوننا ولا نملكهم، ها هم هؤلاء قد ثارت معهم عبدانكم، وثابت إليهم
أعرابكم، وهم خلالكم يسومونكم ما شاءوا، فهل ترون موضعا لقدرة على شيء مما تريدون؟ قالوا: لا. قال: فلا والله، لا أرى
إلا رأيا ترونه إن شاء الله، إن هذا الأمر أمر جاهلية، وإن لهؤلاء القوم مادة. وذلك أن الشيطان لم يشرع شريعة قط فيبرح
الأرض من أخذا أبدا، وإن الناس من هذا الأمر إن حرك على أمور: فرقة ترى ما ترون، وفرقة ترى ما لا ترون، وفرقة لا ترى
هذا ولا هذا، حتى يهدأ الناس، وتقع القلوب مواقعها، وتؤخذ الحقوق، فاهدءوا وانظر:وا ماذا يأتيكم ثم عودوا. "تاريخ الطبري"
.( ج ٤ ص ٤٣٧ (الكامل في التاريخ لابن الأثير ج ٣ ص ١٠٠
٢١٣ ) كان علي رضي الله عنه يعتقد أن هؤلاء الثوار مارقون عن الدين، مطالبون بدم عثمان، ويوجب ألا يفلتوا من العقاب، ولكن )
كيف يعاقبهم وما زالوا في المدينة، بحالة قوة وهيمنة، والمعاقب لا بد من كونه هو الأقوى، لذلك حينما طالبه بعض الصحابة
بمعاقبتهم وافقهم على ذلك، لكنه اعتذر عن تنفيذه في الحال لعدم تمكنه من معاقبتهم، وكان هذا الأمر سرا بينه وبين بعض
الصحابة، حتى لا ينتشر الأمر ويعلم الثوار بذلك فيجددوا ثورم ويقتلوا عليا وتجدد المأساة، ولقد كان الظرف يقتضي من علي
هذا الموقف السياسي، عله يستطيع أن يضع حدا للمأساة التي يعيشها المسلمون في المدينة آنذاك، وحتى يتمكن من ترتيب الأمور
على نحو يمكنه من التصرف والتعامل مع هذه الظروف وفق ما تقتضيه المصلحة. (انظر: في ذلك: "الخلفاء الراشدون"، للدكتور
.( أمين القضاة، مكتبة المنار الأردن ط أولى ١٤٠٦ ه، ١٩٨٦ م ص ٩١
٢- أصحاب الاجتهاد الثاني: على رأسهم طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة: يطالبون الخليفة الجديد بالتعجيل،
والبدء بالقصاص من قتلة عثمان وتطهير البلاد من رجسهم.
٣- أصحاب الاجتهاد الثالث: على رأسهم سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر، لزموا الحياد في هذه الفتنة،
ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من » : وتباعدوا عن أحداثها متمثلين قول رسول الله
.(٢١٤)« الماشي، والماشي فيها خير من الراكب، ومن يشرف لها تستشرفه، ومن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به
عزم طلحة والزبير على نجدة الإمام:
عند ذلك أصر وعزم كل من طلحة والزبير، على معاونة الخليفة في عجزه ومحنته، بجند يتمكنم من الإحاطة
بالبغاة، وكان استئذان كل منهما من الخليفة، قال طلحة: دعني آتي البصرة فلا يفجؤك إلا وأنا في خيل، وقال الزبير:
دعني آتي الكوفة فلا يفجؤك إلا وأنا في خيل. فرد علي متريثا: حتى أنظر في ذلك( ٢١٥ ) ولعل استئذاما في العمرة،
وإذن علي لهما كان فيه تورية على البغاة، وتخفية لعزمهما على نجدة الخليفة. هذه هي نية وباطن كل من طلحة
.( والزبير، لم يكن منهما نية غدر، ولا نكث أحد منهما في بيعته، كما يزعم الشيعة المخربون لتاريخ أبطالنا ايد( ٢١٦
٢١٤ ) رواه البخاري عن أبي هريرة: في كتاب المناقب (ك ٦١ ب ٢٥ ج ٤ ص ١٧٧ )، وفي كتاب الفتن (ك ٩٢ ب ٩ ج ٨ ص )
، ٩٢ ) وأعلن الحديث أبو موسى الأشعري في الكوفة قبل وقعة الجمل أنه سمعه من رسول الله. "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٨٣
.١١٧- "البداية والنهاية" ابن كثير ج ٧ ص ٢٣٧ "الكامل" ج ٣ ص ١١٦
. ٢١٥ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٣٨ ، "البداية والنهاية" ابن كثير ج ٧ ص ٢٢٩ ، "الكامل" ج ٣ ص ١٠١ )
٢١٦ ) يقول أحد هؤلاء الشيعة: (فنظر أمير المؤمنين في وجهيهما، طلحة والزبير وقرأ الغدر من فلتات لساما ودوران عيوما، وقد )
احمر وجهه ولاح الغضب فيه فقال: ولا ما تريدان العمرة، ولكنكما تريدان الغدرة) ص ٤٣٢ من كتاب: "الإمام علي من المهد
١٤٠٢ ه ١٩٨٢ م، وام ذلك القزويني الإمام علي أنه - إلى اللحد" السيد محمد كاظم القزويني مؤسسة الوفاء بيروت ط ١١
قال عنهما: (نكثا البيعة ونقضا العهد، وأخرجا عائشة من بيتها يريدان البصرة، لإثارة الفتنة وسفك دماء أهل القبلة) ص ٤٤١
المرجع المذكور، وزعم مخرب آخر، أن غرض طلحة والزبير من الخروج إلى البصرة كان الملك والإمارة، وأن كلا منهما يدعي
الخلافة دون صاحبه، ورمى ذلك المخرب عليا بخطبة في ج بلاغتهم رقموها برقم المائة والثامنة والأربعين، أسموهماا ناكثين،
ووضعوا أحاديًثا بأن عليا يحارب الناكثين، بل وحرفوا آيات الله، بزعمهم أن الرسول قال لأصحابه: ترجعون بعده كفارا، يضرب
بعضكم رقاب بعض. والتفت إلى علي وغمزه جبريل وأنزل: فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون بعلي ص ١٠٤ إلى ص ١١٠
ج ٩ من كتاب: "منهاج البراعة في شرح ج البلاغة"، ميرزا حبيب الله الخوني، مؤسسة الوفاء بيروت ط ١٤٠٣ ،٢ ه
١٩٨٣ م.
هدف الأم الإصلاح بين أبنائها:
وفي استصحاب طلحة والزبير لأم المؤمنين خير دليل على نية الإصلاح ولم الشمل امتثالا لقوله تعالى: ﴿َلا خير
في كَثيرٍ من نجواهم ِإلَّا من َأمر ِبصدقَة َأو معروف َأو ِإصلَاحٍ بين الناسِ ومن يفْعلْ ذَلك ابتغاءَ م رضاة اللَّه فَس وف
.[ نؤتيه َأجرا عظيما﴾ [النساء: ١١٤
فقد رجا طلحة والزبير، من صحبة الأم عائشة، أن يرعى الناس حرمة نبيهم، فيرجعوا إلى أمهم، ويسمعوا منها
دعوم إلى الألفة والاجتماع وتوحيد الجهود، لإنقاذ الإسلام والمسلمين من عناصر الفتنة.
فكان خروجها -رضي الله عنها- قياما بواجب الإصلاح بين أبنائها، وأفصحت عن هدف الإصلاح في المواطن
.( التي نزلتا( ٢١٧
- كذلك لم تكن هناك نية قتال عند الخليفة، ولا دار بخلده إلا الإصلاح، أفصح عنه لأهل الكوفة، قال: أقدمنا
.( على الإصلاح وإطفاء الثائرة، لعل الله يجمع شمل هذه الأمة بنا( ٢١٨
هدف الإمام لم الشمل ولم تكن عنده نية قتال:
وأجاب عن سؤال أحدهم: أترى لهؤلاء القوم حجة فيما طلبوا من هذا الدم؟ قال: نعم. قال: فترى لك حجة
.( بتأخيرك ذلك؟ قال: نعم، إن الشيء إذا كان لا يدرك فالحكم فيه أحوطه وأعمه نفعا( ٢١٩
٢١٧ ) كانت -رضي الله عنها- تقول: (والله ما مثلي يسير بالأمر المكتوم، ولا يغطي لبنيه الخبر: إن الغوغاء من أهل الأمصار )
وأحدثوا فيه الأحداث، وآووا فيه المحدثين، واستوجبوا فيه لعنة الله ولعنة رسوله، مع ما ونزاع القبائل غزوا حرم رسول الله
نالوا من قتل إمام المسلمين بلا تره ولا عذر، فاستحلوا الدم الحرام فسفكوه، وانتهبوا المال الحرام، وأحلوا البلد الحرام والشهر
الحرام، ومزقوا الأعراض والجلود، وأقاموا في دار قوم كارهين لمقامهم، لا يقدرون على امتناع ولا يأمنون فخرجت في المسلمين
أعلمهم: ما أتى هؤلاء القوم وما فيه الناس وراءنا، وما ينبغي لهم أن يأتوا في إصلاح هذا، وقرأت الآية المذكورة. "تاريخ الطبري"
. ٤٦٤ ، وانظر: "البداية والنهاية" ابن كثير ج ٧ ص ٢٣٨ ، "الكامل" لابن الأثير ج ٣ ص ١٠٨ - ج ٤ ص ٤٦٢
. ٢١٨ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٩٥ ، "البداية والنهاية" ابن كثير ج ٧ ص ٢٣٩ ، "الكامل" لابن الأثير ج ٣ ص ١٢١ )
. ٢١٩ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٩٦ ، "البداية والنهاية" ج ٧ ص ٢٣٩ ، "الكامل" ج ٣ ص ١٢١ )
وسأله آخر في طريقه إلى البصرة: يا أمير المؤمنين، أي شيء تريد وإلى أين تذهب بنا؟ قال: أما الذي نريد وننوي
فالإصلاح، إن قبلوا منا وأجابونا إليه قال: فإن لم يجيبوا إليه قال: ندعهم بعذرهم ونعطيهم الحق ونصبر، قال: فإن لم
.( يرضوا؟ قال: ندعهم ما تركونا. قال: فإن لم يتركونا؟ قال: امتنعنا منهم. قال: فنعم إذن( ٢٢٠
المؤسس وعناصر فتنتة أنشبوا القتال:
ولكن عناصر الفتنة أبت الإصلاح على أم المؤمنين وكبار الصحابة، فكان إنشاب القتال أولا، وإنشاب القتال
ثانيا.
أولا: ابن جبلة صنيعة بن سبأ أنشب القتال:
دخلت أم المؤمنين ومن معها البصرة، وأمرت بالكف وعدم التعرض لأحد إلا من بدأ بقتال، ونادى مناديها: من
لم يكن من قتلة عثمان فليكفف عنا، فإنا لا نريد إلا قتلة عثمان، ولا نبدأ أحدا.
فغدا الشقي: حكيم بن جبلة يجمع الجموع، ممن غزا معه عثمان من نزاع القبائل، وسار يسب أم المؤمنين، فنهاه
رجل وامرأة من قومه فقتلهما، وأنشب القتال( ٢٢١ ) فكان مصيره ومن معه القتل بشر قتلة( ٢٢٢ ) وكان ذلك قبل وصول
.( علي بجيشه إلى البصرة( ٢٢٣
ثانيا: ابن سبأ وشيعته أنشبوا القتال:
٣٥ ه يوم بيعته -١٢- - إن مأساة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، طوال مدة خلافته الراشدة، اعتبارا من ٢٥
٤٠ ه يوم استشهاده -رضي الله عنه وأرضاه- إنما كانت بسبب اندساس ابن سبأ وشيعته في جيشه، -٩- إلى ١٩
. ٢٢٠ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٧٩ ، "البداية والنهاية" ابن كثير ج ٧ ص ٢٣٥ . "الكامل" في التاريخ لابن الأثير ج ٣ ص ١١٥ )
٤٧٠ "البداية والنهاية" ج ٧ ص ٢٣٤ ،٢٣٣ ، "الكامل" ج ٣ ص ١٠٩ ، ولما أنشب - ٢٢١ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٦٦ )
الشقي القتال كان توجه طلحة والزبير إلى الله تعالى: الحمد لله الذي جمع لنا ثأرنا من أهل البصرة، اللَّهم لا تبق منهم أحدا، وأقد
منهم اليوم فاقتلهم.
٤٧٤ ، "الكامل" ج ٣ ص ١١١ كما حدثنا التاريخ أن الله تعالى تولى القصاص من قتلة - ٢٢٢ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٧٢ )
عثمان واحدا واحدا بشر قتلة، فرادى بعد ذلك.
.١١٣- ٢٣٤ ، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير، ج ٣ ص ١٠٥ - ٢٢٣ ) "البداية والنهاية" لابن كثير، ج ٧ ص ٢٣٢ )
وفي ذلك درس يجب أن يعيه كل مسلم، فلا يكفي صلاح القيادة فحسب، بل يلزم كذلك صلاح الجند والاطمئنان
إلى سلامة صفوفهم من كيد المندسين، وخبث أعداء الدين المخربين.
- ابن جبلة ومن معه قتلة عثمان، سبق إلى البصرة وكان معه ما كان، وبقية القتلة البغاة من مصر والكوفة،
انضموا إلى جيش الخليفة وبينهم ابن سبأ، يتربص ويخطط ويدبر.
- اندس السبئيون في جند الخليفة، ثم أقبل ابن سبأ محرك الفتنة، ومدبر مؤامراا، ولبس ثياب التقوى المزورة،
واندس في أنصار الخليفة ومحبيه، ثم تسلل إلى مكان القرب منه، حتى أجلسه تحت درجة منبره، ومن المؤكد أن هذا
الخبيث قد كان واسع الدهاء والمعرفة، عظيم الحيلة، حتى استطاع أن يتسلل بالخداع والنفاق إلى مقدمة صفوف
المسلمين، ثم وجد في قربه من الخليفة مجالا أمينا لمتابعة دسائسه ومكائده( ٢٢٤ ) حتى أنشب القتال كما سنرى.
حكمة الإمام وذعر القتلة:
١- وسعى الخليفة بحكمته، إلى اللقاء مع أخويه طلحة والزبير وأمهم، فأرسل إليهم ااهد الفاتح: القعقاع بن
عمرو، الذي نجح في سفارته، واقتنع الطرفان بوجوب الصلح، واستبشر المسلمون ببوادر الاتفاق، وأشرف القوم على
.( الصلح( ٢٢٥
٢- ولكن المشتركين في قتل عثمان قد أصام الذعر، من اتفاق الكلمة وتوحيد الصف ولم الشمل، وأيقنوا أن
في اجتماع العسكرين: التفرغ لهم وحصرهم، وقطع رقام بسيف القصاص الشرعي، فهم يحسون أن اختلاف علي
٢٢٤ ) "مكائد يهودية عبر التاريخ"، عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني في سلسلة أعداء الإسلام ( ١) دار القلم دمشق ط خامسة )
.١٥٥- ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ص ١٥٤
٥٠٦ ، حيث نقرأ: (فلما نزل الناس واطمأنوا، خرج علي وخرج طلحة -٥٠٥-٤٨٩- ٢٢٥ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٨٨ )
والزبير، فتواقفوا وتكلموا فيما اختلفوا فيه، فلم يجدوا أمرا هو أمثل من الصلح ووضع الحرب، حين رأوا الأمر قد أخذ في
الانقشاع، وأنه لا يدرك، فافترقوا عن موقفهم على ذلك، ورجع علي إلى عسكره، وطلحة والزبير إلى عسكرهما، فباتوا على
الصلح، وباتوا بليلة لم يبيتوا بمثلها للعافية من الذي أشرفوا عليه، والنزوع عما اشتهى الذين اشتهوا وركبوا ما ركبوا، وبات
، الذين أثاروا أمر عثمان بشر ليلة باتوها قط، قد أشرفوا على الهلكة). وانظر: "البداية والنهاية" ابن كثير، ج ٧ ص ٢٤٠ ،٢٣٨
. "الكامل" ج ٣ ص ١٢٠
مع عائشة وطلحة والزبير، لم يكن حول قضية معاقبة الثوار البغاة أو عدم معاقبتهم، فجميعهم مجمعون على وجوب
.( القصاص منهم، ولكن الخلاف كان حول توقيت العقاب( ٢٢٦
٣- وها هو الخليفة يعلن هذا المعنى في بيان عام، أذاعه على الكافة:
(حمد الله فيه وصلى على نبيه وذكر الجاهلية وشقاءها والإسلام والسعادة، وإنعام الله على الأمة بالجماعة،
ثم الذي يليه ثم حدث هذا الحدث الذي جره على هذه الأمة أقوام طلبوا هذه الدنيا، ، بالخليفة بعد رسول الله
حسدوا من أفاء الله عليه على الفضيلة، وأرادوا رد الأشياء على أدبارها، والله بالغ أمره ومصيب ما أراد.
٤- ثم أعلن -كرم الله وجهه- قراره: ألا وإني راحل غدا، فارتحلوا ألا ولا يرتحلن غدا أحد أعان على عثمان،
.( بشيء في شيء، من أمور الناس، وليغن السفهاء على أنفسهم( ٢٢٧
جلسة سرية برئاسة المؤسس:
وفي جلسة سرية، في جنح الظلام، اجتمع ابن سبأ برءوس أشياعه منهم: الأشتر، غلاب بن الهيثم، عدي بن
حاتم، سالم بن ثعلبة العبسي، شريح بن أوفى بن ضبيعة في عدة ممن سار إلى عثمان مثل خالد بن ملجم من المصريين
يقلبون أوجه النظر، ويدبرون جناية أخرى على الإسلام والمسلمين، وأدار ابن سبأ، مؤسس أول تنظيم شيعي سري
في الإسلام، دفة المباحثات، وهاكم مضبطة جلستهم:
١- افتتاح الجلسة بتقدير خطورة الصلح قالوا: (ما الرأي؟ وهذا علي أبصر الناس بكتاب الله، وأقرب ممن يطلب
قتلة عثمان وأقرم إلى العمل بذلك، وهو يقول ما يقول، ولم ينفر إليه إلا هم والقليل من غيرهم، فكيف به إذا شام
القوم وشاموه، وإذا رأوا قلتنا في كثرم؟ أنتم والله ترادون، وما أنتم بأنجى من شيء). انتهى.
٢- قال الأشتر( ٢٢٨ ): (أما طلحة والزبير فقد عرفنا أمرهما، وأما علي فلم نعرف أمره حتى كان اليوم، ورأي
الناس فينا واحد، وإن يصطلحوا وعلي، فعلى دمائنا. فهلموا فلنتواثب على علي، فنلحقه بعثمان، فتعود فتنة، يرضى
.( منا فيها بالسكون) انتهى( ٢٢٩
. ٢٢٦ ) "الخلفاء الراشدون أعمال وأحداث"، الدكتور أمين القضاة ص ١٠٧ )
. ٢٢٧ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٩٣ ، "البداية والنهاية" ابن كثير، ج ٧ ص ٢٣٩ ،٢٣٨ ، "الكامل" ج ٣ ص ١٢٠ )
ورد عبد الله بن السوداء رأي الأشتر بقوله: (بئس ما رأيت لو قتلناه قتلنا، أنتم يا قتلة عثمان من أهل الكوفة
بذي قار، خمسمائة أو نحو من ستمائة، وهذا ابن الحنظلية يقصد القعقاع بن عمرو وأصحابه في خمسة آلاف
بالأشواق إلى أن يجدوا إلى قتالكم سبيلا، وهم إنما يريدونكم، ولا طاقة لكمم) انتهى.
٣- جاء دور غلاب بن الهيثم قال: (انصرفوا بنا عنهم ودعوهم، فإن قلوا كان أقوى لعدوهم عليهم، وإن كثروا
كان أحرى أن يصطلحوا عليكم، دعوهم وارجعوا وتعلقوا ببلد من البلدان، حتى يأتيكم فيه من تثقون به وامتنعوا من
الناس) انتهى.
ورفض ابن سبأ ذلك بقوله: (بئس ما رأيت ود والله الناس أنكم على جديلة؛ أي على صعيد واحد ولم تكونوا
مع أقوام برآء، ولو كان ذلك الذي تقول، لتخطفكم كل شيء) انتهى.
٤- وقال عدي بن حاتم: (والله ما رضيت ولا كرهت، ولقد عجبت من تردد من تردد عن قتله في خوض
الحديث، فأما إذ وقع ما وقع، ونزل من الناسذه المترلة، فإن لنا عتادا من خيول وسلاح، فإن أقدمتم أقدمنا، وإن
أمسكتم أحجمنا) انتهى.
قال ابن السوداء: (أحسنت) انتهى.
٥- وقال سالم بن ثعلبة: (من كان أراد بما أتى الدنيا، فإني لم أرد ذلك، والله لئن لقيتهم غدا لا أرجع إلى بيتي،
ولئن طال بقائي إذا أنا لاقيتهم لا يزد على جزر جزور، وأحلف بالله إنكم لتفرقون السيوف فرق قوم لا تصير
أمورهم إلا إلى السيف) انتهى.
قال ابن السوداء مستحسنا الاتجاه إلى السيف: (قد قال قولا) انتهى.
٢٢٨ ) هذا الأشتر، مسعر الفتنة، بطل الشيعة، كان قبل هذا الاجتماع السري قد أسرع إلى الكوفة، واقتحم قصر الإمارة، واحتله )
وباشر طرد الأمير الصحابي الجليل أي موسى الأشعري، الذي أخلص في تحذير المسلمين من الفتنة، أهانه الأشتر وصاح به:
،٤٨٧- (اخرج من قصرنا لا أم لك، أخرج الله نفسك، فوالله إنك لمن المنافقين). انظر: "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٨٦
. "الكامل" ج ٣ ص ١١٨
. ٢٢٩ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٩٣ ، "البداية والنهاية" ابن كثير ج ٧ ص ٢٣٩ )
٦- وحث شريح بن أوفى المؤتمرين على إبرام أمرهم قال: (أبرموا أموركم قبل أن تخرجوا، ولا تؤخروا أمرا
ينبغي لكم تعجيله، ولا تعجلوا أمرا ينبغي لكم تأخيره، فإنا عند الناس بشر المنازل، فلا أدري ما الناس صانعون غدا،
إذا ما هم التقوا) انتهى.
٧- وختم ابن سبأ الجلسة بخطته التي لقنها للحاضرين قال: (يا قوم، إن عزكم في خلطة الناس، فصانعوهم، وإذا
التقى الناس غدا فأنشبوا القتال، ولا تفرغوهم للنظر، فإن من أنتم معه لا يجد بدا من أن يمتنع، ويشغل الله عليا
وطلحة والزبير ومن رأي رأيهم، عما تكرهون) انتهى.
.( وذا القرار السبئي تم ترتيب الجناية، واعتمد المؤتمرون القرار، وتفرقوا عليه، والناس لا يشعرون( ٢٣٠
وكانت مصيبة الجمل بتدبير المؤسس:
وصار التنفيذ، فغدوا مع الغلس، متسللين، ما يشعرم جيرام: فريق الجناة من عسكر البصرة في إغارة خاطفة
على عسكر الكوفة، وفريق مشابه من عسكر الكوفة في إغارة مباغته على عسكر البصرة فثار كل جانب إلى السلاح
وَلأْمة الحرب، واختلط الحابل بالنابل، وظن كل بصاحبه الشر والغدر، وخفيت حقيقة المؤامرة على كل من الطرفين،
.( وكانت طامة الصدام الأول بين أهل الإسلام، بتدبير مؤسس الشيعة اليهودي ابن سبأ( ٢٣١
.١٢١- ٥٠٦ ، "الكامل" ج ٣ ص ١٢٠ -٤٩٤- ٢٣٠ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤٩٣ )
٢٣١ ) انظر: في ذلك بحثا للدكتور/ إبراهيم علي شعوط- الأستاذ بجامعة الأزهر في كتابه "أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ"، ط )
خامسة ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م. المكتب الإسلامي بيروت ودمشق من ص ١٥٢ إلى ١٧٢ ، وانظر: "البداية والنهاية" ج ٧ ص
.١٢٤- ٢٤٠ ، "الكامل" لابن الأثير ج ٣ ص ١٢٣
المطلب الثالث
ابن سبأ ونكباته الشيعية في
صفين والنهروان
إا هنا نكبات شيعية متلاحقة، داهمت الإمام أمير المؤمنين، الخليفة الرشاد علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه-
بتدبير وفعل ابن سبأ اليهودي وشيعته، أعرضها في اللمحات التالية:
نكبة شيعية أولى: أكرهوا الإمام على قبول التحكيم لئلا ينتصر:
في ملحمة صفين المؤلمة، وقتما لاحت تباشير النصر لجيش علي -رضي الله عنه- ورأى معاوية -رضي الله عنه-
أن كفة جيش العراق قد رجحت حال القتال، استشار عمرو بن العاص -رضي الله عنه- فأشار عليه برفع المصاحف
على أسنة الرماح، فنادى منادي معاوية: (هذا كتاب الله بيننا وبينكم، من لثغور الشام بعد أهل الشام؟ ومن لثغور
.( العراق بعد أهل العراق؟ ومن لجهاد المشركين والكفار؟)( ٢٣٢
- وهذا عمل مقبول ومشروع، أن يحتكم المتنازعون إلى كتاب الله نزولا على قوله تعالى: ﴿فَإِنْ تنازعتم في
.[ شيءٍ فَردوه ِإَلى اللَّه والرسولِ ِإنْ كُنتم تؤمنونَ ِباللَّه والْيومِ الْآخرِ ذَلك خير وَأحسن تأْوِيلًا﴾ [النساء: ٥٩
وكانت فرصة الشيعة اهتبلوها، فعمدوا إلى فريق منهم وأوعزوا إليه لإجبار الخليفة وديده، ليقبل التحكيم، لا
رهبة من كلام الله، ولا رغبة في كتاب الله، وهم يقرءونه ولا يجاوز حناجرهم، وإنما طاعة لتوجيهات فورية من قيادة
تنظيمهم السري الميداني.
٢٣٢ ) "تاريخ الطبري" ج ٥ ص ٤٨ ، "البداية والنهاية" لابن كثير، ج ٧ ص ٢٧٣ ، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير ج ٣ ص )
.١٦١-١٦٠
- قال مسعر بن فدكي التميمي، وزيد بن حصين الطائي في عصابة معهما من القراء الذين صاروا خوارجا بعد
ذلك: (يا علي، أجب إلى كتاب الله -عز وجل- إذا دعيت إليه، وإلا ندفعك برمتك إلى القوم، أو نفعل بك كما
.( فعلنا بابن عفان، والله لتفعلنها أو لنفعلنها بك) انتهى( ٢٣٣
- اضطروه -كرم الله وجهه- إلى وقف القتال، فأرسل إلى الأشتر يرده عن القتال قائلا: (أقبل فإن الفتنة قد
.( وقعت)( ٢٣٤
وكم سبق في وقعة الجمل، أن رفع الكثير من المدافعين عن هودج أمهم عائشة المصحف، ينادون بالاحتكام إليه،
والسبئيون الذين أنشبوا القتال هناك، يأبون إلا الإقدام، ولا يفترون إنشابا.
رغم ما يزعهما الإمام -كرم الله وجهه- وينهاهم عنه، وكلما تقدم حامل لكتاب الله، عاجلوه ومزقوه
بالسهام والرماح( ٢٣٥ ). وضج ميدان القتال بدعاء الأم على قتلة عثمان: (اللهم العن قتلة عثمان في البر والبحر) وعلي
يجأر بإجابة الأم وترداد دعائها( ٢٣٦ ) حتى نال السبئيون ما يريدون، بدماء الآلاف، ودماء طلحة الذي قتلوه بسهم
حال المعركة، ودماء الزبير الذي اغتالوه بابن جرموز، بعد اعتزاله المعركة عائدا إلى المدينة.
٢٣٣ ) "تاريخ الطبري" ج ٥ ص ٤٩ ، "البداية والنهاية" لابن كثير، ج ٧ ص ٢٧٤ ، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير ج ٣ ص )
.١٦١
. ٢٣٤ ) "تاريخ الطبري" ج ٥ ص ٥٠ )
. ٢٣٥ ) المرجع السابق ج ٤ ص ٥٠٧ )
٢٣٦ ) المرجع السابق ج ٤ ص ٥١٣ ، وانظر: "البداية والنهاية" لابن كثير، ج ٧ ص ٢٤٠ حيث قال: (والسابئة أصحاب ابن )
السوداء قبحه الله لا يفترون عن القتل، ومنادي علي ينادي ألا كفوا، فلا يسمع أحد)، وفي ص ٢٤٣ قال: (نجد عائشة تناول
كعبا بن سوار قاضي البصرة مصحفا وقالت: ادعهم إليه، فلما تقدم رافعا له يدعوهم إليه، استقبله من في مقدمة جيش الكوفيين،
وكان عبد الله بن سبأ وهو ابن السوداء وأتباعه بين يدي الجيش، يقتلون من قدروا عليه من أهل البصرة لا يتوقفون في أحد، فلما
رأوا كعبا بن سوار رافعا المصحف رشقوه بنابلهم رشقة رجل واحد فقتلوه، ووصلت النبال إلى هودج أم المؤمنين عائشة -رضي
الله عنها- فجعلت تنادي، الله الله يا بِني، اذكروا يوم الحساب، ورفعت يديها تدعو على أولئك النفر من قتلة عثمان، فضج الناس
معها بالدعاء، حتى بلغت الضجة إلى علي، فقال: ما هذا؟ قالوا: أم المؤمنين تدعو على قتلة عثمان وأشياعهم، فقال: اللهم العن
قتلة عثمان، وجعل أولئك النفر لا يقلعون عن رشق هودجها بالنبال حتى بقي مثل القنفد.
. وانظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير ج ٣ ص ١٢٥
أما هنا في صفين، فالوضع يتباين ويختلف، فإذا انتصر علي في نزاعه مع معاوية، ودانت الأمة له بالطاعة،
وتوحدت كلمتها تحت لوائه لكان -كرم الله وجهه- أحزم وأقدر على اجتثاث الفتنة من جذورها، ولأعمل سيف
القصاص في رقاب أهلها، ثم لأقدم على مواصلة الفتح وبث الدعوة إلى الله، في الآفاق دون توقف، وهو المقدام
الجسور، حتى يدخل أرض الله ومن عليها في دار الإسلام.
إذن فيجب العمل على وقف انتصار الإمام، وعدم تفريغه لبلوغ مرامه، في القصاص، والانطلاق إلى الجهاد
والفتح، وإشغاله بدوام البلايا والمحن والفتن، وليكن إرغامه على قبول دعوة التحكيم بكتاب الله على خلاف
مسلكهم في وقعة الجمل، حيث أسقطوه وداسوه، ومزقوا أجساد من حملوه، لكنهم هنا في وقعة صفين، قد واتتهم
الفرصة الثمينة، في تضييع النصر من يدي الإمام، فأظهروا الرغبة في الترول على حكم الكتاب، لا رغبة فيه ولا رهبة
منه، فهم لا يرعون حرمته، لا هنا ولا هناك، لا أولا ولا آخرا.
نكبة شيعية ثانية: فرضوا على الإمام نائبه في التحكيم.
- إم الشيعة: الذين لم يقنعوا بإكراه الإمام علي لقبول التحكيم فحسب، بل فرضوا عليه نائبه في التحكيم
كذلك( ٢٣٧ ) وهم يعلمون مقدما موقف أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- في الفتنة، واتجاهه إلى إبعاد من
استشرف لها من قادة الأمة جميعهم، وإعادة أمر الخلافة إلى شورى الصحابة الأحياء، الذين توفي رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- وهو عنهم راض.
أما عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- الذي كان يرغب فيه الإمام ليكون نائبه في التحكيم، فصاحب حجج
قوية، يتمكنا من إقناع زميله نائب معاوية بسبق الإمام، وحاجة الأمة إليه للنهوضا من كبوا، وترضية عمرو
ومعاوية وجانب الشام لبذل البيعة، وإطلاعهم على نية الإمام وعزمه على القصاص من قتلة عثمان، إذا عاد الاستقرار
وتوحدت الأمة تحت راية الخليفة الراشد، وكان يمكن لابن عباس إزالة الشبهة العالقة بأذهان أهل الشام عن تواطؤ
٢٣٧ ) "تاريخ الطبري" ج ٥ ص ٥١ حيث نقرأ: (فقال الأشعث وأولئك الذين صاروا خوارجا بعد: فإنا قد رضينا بأبي موسى )
الأشعري، كان يحذرنا مما وقعنا فيه. قال علي: فإنكم قد عصيتموني في أول الأمر فلا تعصوني الآن، هذا ابن عباس نوليه ذلك،
فأبوا. فقال علي: فإني أجعل الأشتر، قال الأشعث: وهل سعر الأرض غير الأشتر؟). وانظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير ج ٣
ص ١٦٢ ، والحوار المذكور من رواية أبي مخنف الشيعي.
الإمام مع قتلة عثمان، وقد روى عنه وهو الصادق البار أنه قال: (والله ما قتلت عثمان ولا مالأت على قتله ولا
رضيت) وغاية الأمر أن الإمام لم يكن مع تفرق الناس عليه متمكنا من قتل عثمان، إلا بفتنة تزيد الأمر شرا وبلاء،
( ودفع أفسد الفاسدين بالتزام أدناهما أولى من العكس، لأن القتلة كانوا عسكرا، وكان لهم قبائل تغضب لهم( ٢٣٨
ويمكن لابن عباس تأمين أهل الشام، وتطمين عمرو ومعاوية على مصيرهم، وهم الوجلون من البيعة لعلي، لعلمهم
بواقع وجود الظلمة القتلة خلال جيش الإمام، وخوفهم من بغيهم وصيالهم إذا بايعوا، حتى قالوا: (لا يمكننا أن نبايع
إلا من يعدل علينا ولا يظلمنا ونحن إذا بايعنا ظلمنا عسكره كما ظلموا عثمان، وعلي إما عاجز عن العدل علينا أو
.( غير فاعل لذلك، وليس علينا أن نبايع عاجزا عن العدل علينا ولا تاركا له)( ٢٣٩
- وبالجملة كان يمكن لابن عباس تجميع القلوب، والدفع بالتي هي أحسن، حتى يجذب معاوية وعمرا وأهل
الشام إلى الدخول في طاعة الإمام ليكونوا له عونا على الإحاطة بمن عجز عن التمكن من رقام، فإذا وصل الفريقان
إلى الصلح، كما سبق ونجح القعقاع بن عمرو في سفارته، فهل يتمكن السبئيون بقيادة ابن سبأ إنشاب القتال هنا في
صفين، كما سبق وأنشبوه في وقعة الجمل، وأفسدوا به الصلح؟
- لا، لا يمكنهم تكرار ما فعلوه في الجمل هنا في صفين؛ فهناك كان لابن سبأ جناح سري بصري وجناح سري
كوفي، أمكنهما إنشاب القتال وإفساد الصلح وإذكاء حريق الفتنة، أما هنا في صفين فجميع شيعته داخل جيش
الإمام وحده، وليس له عميل في جيش الشام، وقد سبق وفشل مع رعية معاوية -رضي الله عنه- الذين كانوا من
.( أشد الناس محبة وموافقة له، ومعاوية من أعظم الناس إحسانا إليهم وتأليفا لقلوم( ٢٤٠
مما خيب ابن سبا في تكوين فرع له خلالهم، كما سبق وأوضحنا.
لم تخف هذه المعاني والنتائج السياسية، التي كان لابن عباس أن يحرزها، ولم تغب عن ذكاء التنظيم الخفي، إذن
فيجب عصيان رغبة الإمام، وإبعاد شبح خطورة ابن عباس، عن السفارة والمحادثات وهكذا كانت النكبة الشيعية
الثانية.
. ٢٣٨ ) "منهاج السنة" ابن تيمية ج ٢ ص ٢٠٩ )
. ٢٣٩ ) "منهاج السنة" ابن تيمية ج ٢ ص ٢٠٣ )
. ٢٤٠ ) "منهاج السنة" ابن تيمية ج ٢ ص ٢٠٢ )
نكبة شيعية ثالثة: دورهم السري في إفراز الخوارج:
- إا نكبات تواجد الشيعة السبئية خلال الصفوف خرجوا مع جيش علي إلى صفين، وهم متوادون أحباء،
فرجعوا متباغضين أعداء ما برحوا عسكرهم بصفين حتى فشا فيهم التحكيم( ٢٤١ ). بمعنى أم رفعوا شعار: (لا حكم
إلا لله).
- أكرهوا الإمام على قبول التحكيم، وهو من النصر قاب قوسين أو أدنى، وأكرهوه على قبول نائبه في ذاك
التحكيم، حتى تم تدوين وتوثيق وثيقة التحكيم في الثالث عشر من صفر عام ٣٧ ه، وا يجتمع الحكمان
.( ويتشاوران، ويعلنان حكمهما بين علي ومعاوية في رمضان( ٢٤٢
- هؤلاء أنفسهم أهل الكراهية والإكراه، عادوا من صفين، تجاه كوفتهم وبصرم، يتدافعون الطريق،
ويتشاتمون، ويضطربون بالسياط يقول بعضهم: (يا أعداء الله، أدهنتم في أمر الله -عز وجل- وحكمتم) ويقول
.( الآخرون: (فارقتم إمامنا وفرقتم جماعتنا)( ٢٤٣
- فلما دخل علي إلى الكوفة لم يدخلوا معه، بل تفرقوا عنه وراحوا يشاورون إلى أين يذهبون؟ خارجين عن
الطاعة، مخبولين، مارقين من الدين.
- ومن بين سطور صفحات التاريخ، نلمح بعض خيوط التنظيم السري لابن سبأ اليهودي، التي أمسك
بأطرافها، يحركها من خلف ستار مقره بالمدائن، حيث كان منفيا ذاك الحين إلى ساباط المدائن، كما سبق وذكرنا
تحت عنوان ابن سبأ في كتب الشيعة، وابن سبأ في كتب السنة.
- يبرز لنا شريح بن أوفى، أحد أعضاء الاجتماع السري المبرم ليلة إنشاب القتال في وقعة الجمل، وهو واحد من
رؤساء الشيعة الذين صاروا خوارجا بعد تشيعه، قال حال مشاورات الخوارج أين يذهبون؟ (نخرج إلى المدائن
فننزلها، ونأخذ بأبواا، ونخرج منها سكاا، ونبعث إلى إخواننا من أهل البصرة فيقدمون علينا).
. ٢٤١ ) "تاريخ الطبري" ج ٥ ص ٦٣ ، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير ج ٣ ص ١٦٤ )
.١٨٢- ٢٤٢ ) "أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ" الدكتور إبراهيم علي شعوط ص ١٧٢ )
. ٢٤٣ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٦٣ "الكامل في التاريخ" لابن الأثير ج ٣ ص ١٦٤ )
وقال زيد بن حصين الطائي: (إنكم إن خرجتم مجتمعين أتبعتم، ولكن اخرجوا وحدانا مستخفين، فأما المدائن
فإنا جيش يمنعكم ولا تطيقونه، ولكن سيروا حتى تترلوا جسر النهروان، وتكاتبوا إخوانكم من أهل البصرة) قالوا:
.( هذا الرأي( ٢٤٤
وهذا المتكلم الأخير من بني طَيء، ابن عم عدي بن حاتم الطائي، الذي كان عضوا آخر في الاجتماع السري
المظلم، ليلة الجمل، والذي يفتضح دوره هنا حالا بعون الله.
- ويبدو أن قيادة التنظيم السري اليهودي، وقد انتقلت إلى المدائن قد قدرت خطورة قدوم الخوارج إلى المدائن،
لما قد يؤدي إلى انكشاف أمر ابن سبأ، وافتضاح مخططاته، فتكون المواجهة المباشرة بين شوكة الشيعة الخوارج الملتفين
حول زعيمهم في المدائن، وبين علي بن أبي طالب، مما يعرقل ويهدم خطوات تنفيذ ابن سبأ لأهدافه، بصدام مباشر،
بين المسلمين وبينه، لا يحتمله ولا يطيقه، هذا فضلا عن أن ابن سبأ، لا يضمن هؤلاء المخبولين الجدد على نفسه،
ويكفيه أنه نجح في صنعهم من بين صفوف شيعته، بشريح بن أوفى وأمثاله، ويسره إراقة دمائهم بعيدا عن قيادته
المباشرة، وليستتر هو عن أضواء الأحداث، يرتب خططه في هدوء العمل السري الخفي.
- فلهذه الاعتبارات صدر قرار قيادة التنظيم السري القابعة في المدائن، برفض قبول الخوارج بالمدائن،
واستدراجهم إلى حروراء بالنهروان، وتكليف ضابط الاتصال الشيعي (عدي بن حاتم)( ٢٤٥ ) للعمل على تنفيذ ذلك.
وقد ترتب على ذاك القرار صراع، بين القيادة الميدانية للمارقين المخبولين، وبين قيادم الخفية صاحبة القرار،
فبعد أن اعتلى ذو الثفنات (عبد الله بن وهب الراسبي السبئي) قيادة الخوارج المارقين( ٢٤٦ ) توجه من فوره تجاه المدائن
٢٤٤ ) "تاريخ الطبري" ج ٥ ص ٧٥ ، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير ج ٣ ص ١٧٠ ، "البداية والنهاية" لابن كثير ج ٧ ص )
.٢٨٧
٢٤٥ ) ممن ألبوا على قتل عثمان، قال له معاوية -رضي الله عنه-: (أما والله إنك لمن البين على ابن عفان، وإنك لمن قتلته، وإني )
لأرجو أن تكون ممن يقتله الله به). ردا على ديداته، وقد كان عضوا في وفد مفاوضات جيش علي إلى معاوية، "البداية والنهاية"
لابن كثير ج ٧ ص ٢٥٨ ، وفي ص ٢٧٦ نجد ابن سيرين يروى أنه لما قتل عثمان قال عدي بن حاتم (مستخفا): (لا ينتطح في
قتله عنزان). فلما كان يوم صفين فقئت عينه، فقيل له: لا ينتطح في قتله عنزان؟ فقال: بلى وتفقأ عيون كثيرة.
وفي ص ٣١٠ نجد عدي بن حاتم يجادل الإمام علي مسفها سياسته، قال له وهو يخطب: قتلت أهل النهروان على إنكار الحكومة،
وقتلت الحريث بن راشد على مسألتهم إياك أيضا الحكومة، والله ما بينهما موضع قدم، فقال له علي: اسكت، إنما كنت أعرابيا
تأكل الضبع بجبل طيء بالأمس. فقال له عدي: وأنت والله قد رأيناك بالأمس تأكل البلح بالمدينة.
في نحو عشرين فارسا، فلما بلغ ساباط لقي عدي بن حاتم راجعا من المدائن، فعمد ابن وهب إلى قتل عدي، فمنعه
اثنان (التيهاني والبولاني).. وإرادة قتل عدي كانت بسبب إرسال عدي إلى سعد بن مسعود عامل علي على المدائن
يحذره أمرهم مما دفع أمير المدائن إلى إعلان حالة الطوارئ، فأخذ أبواب المدائن بالحراسات المشددة، وخرج في الخيل
يطارد ابن وهب، الذي اتقاه وراوغه فارا بليل إلى أصحابه المرابطين بالنهروان( ٢٤٧ ) وهكذا نجح عدي بن حاتم
الطائي، أحد كبار الشيعة( ٢٤٨ ) في تنفيذ قرار قيادته الخفية، فتمكن من صد الخوارج عن المدائن، وراح يتردد إلى
.( المدائن مرارا ذهابا بالمعلومات، وإيابا بالتوجيهات( ٢٤٩
نكبة شيعية رابعة: كلمة حق أرادواا باطلًا كفَّرواا الإمام:
- إن الخوارج ما هم إلا جزء من الشيعة، الذين دأبوا على إطلاق الشعارات البراقة، يبتغون من ابتكارها ترويج
باطلهم المنكر، وها هم لا يرعون لبيوت الله حرمة، ويثيرون الشغب في وجه الإمام علي -كرم الله وجهه- حال
قيامه في الناس على المنبر يخطبهم، برز إليه حرقوص بن زهير السعدي (أحد قتلة عثمان) وأطلق حنجرته بالشعار
٧٥ "البداية والنهاية" لابن كثير ج ٧ ص ٢٨٦ ، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير ج ٣ ص - ٢٤٦ ) "تاريخ الطبري" ج ٥ ص ٧٤ )
١٧٠ ، وسبق وذكرنا أن السمعاني في أنسابه نسب ابن وهب هذا إلى عبد الله بن سبأ، وأنه من الرافضة، مما يؤكد لنا أن الخوارج
والرافضة وجهان لعملة واحدة.
. ٧٦ ، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير ج ٣ ص ١٧٠ - ٢٤٧ ) "تاريخ الطبري" ج ٥ ص ٧٥ )
٢٤٨ ) عده أحمد الوائلي، الشيعي من روادهم الأوائل وطبقتهم الأولى مع الأشتر وحكيم بن جبلة وزيد بن صوصان وغيرهم في )
. ص ٣٧ « هوية التشيع » كتابه
٢٤٩ ) نستشف ذلك من روايات أبي مخنف الشيعي ومنها: (خرج طرفة بن عدي بن حاتم الطائر مع الخوارج، فاتبعه أبوه فلم يقدر )
عليه، فانتهى إلى المدائن ثم رجع، ص ٧٥ ج ٥، "الطبري"، ص ١٧٠ ج ٣، "ابن الأثير"، وقد انتقم الله تعالى فقتل طرفة مع شريح
بن أوفى في إبادة الخوارج، وبعد النهروان طلبه أبوه في القتلى فوجده ودفنه بيده ص ١٦٧ ج ٣ ابن الأثير). (عدي بن حاتم
استقبل وراء المدائن رجل من بني سدوس يقال له العيزار بن الأخنس، كان يرى رأي الخوارج، يسأل عدي: أسالم غانم أم ظالم
آثم؟ فقال عدي: لا، بل سالم غانم، ويقبض على عيزار رجلان مراديان ويذهبان به إلى الإمام علي الذي قال: ما يحل لنا دمه
ولكنا نحبسه، فقال عدي بن حاتم: يا أمير المؤمنين، ادفعه إلي وأنا أضمن ألا يأتيك من قبله مكروه، فدفعه إليه ص ٨٩ ج ٥
الطبري).
ونتسائل: ما معنى هذه الرموز؟ وما سبب ضمان عدي لعيزار المارق؟ لا معنى ولا سبب سوى أن عيزار هذا أحد معاوني
ضابط الاتصال، عضو في خليته، يبادلان المعلومات والتوجيهات بالرموز (الشفرة)، التي يمكن لراوية الشيعة أبي مخنف حل
ألغازها، فقد كان هو بدوره عضوا بارزا مؤرخا مشوها للصحابة، في تنظيمام السرية المتتابعة.
المصنوع بمصانع الشيعة: (لا حكم إلا لله) ثم جهر ينادي عليا بصياحه: يا علي تب من خطيئتك وارجع عن قضيتك،
واخرج بنا إلى عدونا نقاتلهم حتى نلقى ربنا. فقال الإمام: قد أردتكم على ذلك فعصيتموني قال حرقوص: ذلك
ذنب ينبغي أن نتوب منه.
وقام آخر يصيح: يا علي، أشركت في دين الله الرجال ولا حكم إلا لله وتنادوا من كل جانب: (لا حكم إلا
لله).
فقال الإمام: الله أكبر، كلمة حق يرادا باطل، فثاروا ووثبوا من نواحي المسجد، يصيحونتاف: (لا حكم
إلا لله).
.( ورموه -كرم الله وجهه- بالشرك والكفر( ٢٥٠
- من الذي دبر تلك المظاهرات المنكرة في بيوت الله ضد الإمام علي؟ إم هم أنفسهم الذين سبق وأثاروا
الشغب في الحرم النبوي في وجه عثمان -رضي الله عنه- وحصبوه والمصلين بالحجارة.
من المدبر سوى القيادة الخفية القابعة في المدائن؟
فلنربط خيوط ابن سبأ السرية، ونقول بكل ثقة: إن ابن سبأ بعد صياله ومن معه في وقعة الجمل، وإظهاره الورع
والتقى والزلفى إلى الإمام، حتى جلس تحت درجة منبره، وظن أنه قد استولى على خليفة المسلمين ووضعه في جيبه،
وزين له شيطانه أن هذا الخليفة ما هو إلا حاكم من حكام دنيا ابن سبأ، دنيا اليهود والنصارى الذين يفرحون
بالتمجيد والعلو والاستعلاء في الأرض، لما تصور اليهودي ذلك قذف (بقنبلة) التأليه في وجه الإمام قائلا له: أنت،
أنت، أنت الله، من نفس نوع (ماركة وموديل القنبلة)، التي سبق وفجرها سلفه بولص اليهودي، في عالم النصارى،
فقتلت التوحيد ومزقت أهله.
ولكن الإمام عليا، تلميذ الموحد الأول، عليه صلاة الله وسلامه، خيب ظن اليهودي، وانفجرت (القنبلة) في
وجهه هو، نفيا إلى المدائن ووجوه النفر الذين اتبعوه، حرقا بنار الدنيا، إلى نار جهنم.
٢٨٥ ، "الكامل في التاريخ" لابن - ٧٤ ، "البداية والنهاية" لابن كثير ج ٧ ص ٢٨٢ -٧٣- ٢٥٠ ) "تاريخ الطبري" ج ٥ ص ٧٢ )
. ج ٣ ص ١٦٩
وفي المدائن صار التدبير والتخطيط لفتنة جديدة، فتنة الخوارج بنكباا التي نعدد بعضها ونسلط الأضواء عليها
الآن.
فإذا كان الإمام قد تآبى على رتبة الألوهية، إذن فليكن مشركا كافرا.
وصدر قرار التنظيم السري بتقليد الإمام رتبة الكفر، وإلباسه تلك الرتبة في احتفال عام، في بيت الله، في مظاهرة
صاخبة، مع تزين المكان برايات وأضواء شعار: (لا حكم إلا لله) ويتم إلباس رتبة الكفر بيد من يطلق عليهم في
التاريخ لفظ: (الخوارج) وما هم إلا جزء من الشيعة؛ شيعة ابن سبأ اليهودي، الذين زعموا وما يزالون يزعمون، أم
شيعة بن أبي طالب، وآل بيت النبي وراحوا يشاغبون في مظاهرات صاخبة عدوانية على الحرم النبوي والحرم المكي في
عصرنا هذا بشعارات منكرة إحياءً لمسلك سلفهم.
نكبة شيعية خامسة: شوهوا الحكمين وخذلوا الإمام:
١) في رمضان ٣٨ ه اجتمع الحكمان في دومة الجندل واستخار كل منهما واستشار واتفقا على عودة أمر )
الخلافة إلى إرادة الأمة، ممثلة في أهل الحل والعقد، الموجودين على قيد الحياة من أعيان الصحابة، الذين توفي رسول
وهو راض عنهم. الله
مع تثبيت علي في إدارة شئون البلاد الواقعة تحت سلطانه وتثبيت معاوية في إدارة شئون البلاد الواقعة تحت
سلطانه مؤقتا إلى حين توحيد الأمة، بانتخاب الصحابة للخليفة منهما، أو من غيرهما.
- وقد قيل في الحكمين كلام كثير، اصطنعه أهل التشيع، ليتخذوا منه مادة للتندر والتفكه، وليصنع منه خصوم
فلم يكن من أبي موسى خلعا ، الإسلام صورا هزيلة للشخصيات الإسلامية، قيادة الأمة، صحابة رسول الله
لصاحبه، ولم يكن من عمرو تثبيتا لصاحبه، كما زعم الشيعة، تشويها لعمرو بصفة الغدر، وتشويها لأبي موسى
.( بصفة البلاهة كدأم في تشويه جمع الصحابة( ٢٥١
١٨٢ ، "أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ" للدكتور إبراهيم - ٢٥١ ) انظر: الأباطيل التي أثيرت حول التحكيم: الصفحات من ١٧٢ )
علي شعوط.
فواقع الأمر أن معاوية لم يكن خليفة حال التحكيم ولم ينازع على الخلافة، ولم ينكر خلافة علي، ولم يبدأه
.( بقتال، وإنما اشترط لبذل بيعته: إقامة الحد والقصاص في قتلة عثمان المندسين في جيش الخليفة، الممتنعين برايته( ٢٥٢
وأبو موسى وقد رأى انقسام الأمة وتمزيقها بالفتن، اجتهد في تحكيمه لإعادة الأمر إلى إرادة الأمة، ممثلة في كبار
.( الصحابة أهل الحل والعقد فلم يكن هناك غدر ولا بلاهة، في حكم الحكمين( ٢٥٣
٢) وكان اجتهاد الإمام -كرم الله وجهه- هو مواصلة القتال فهل أطاعه المتشيعون أهل العراق الموجهون من )
المدائن؟ لم يفعلوا، واستقر أمرهم على مخالفته، فيما يأمرهم به وينهاهم عنه، والخروج عليه، والبعد عن أحكامه
.( وأقواله وأفعاله، لجهلهم وقلة عقلهم، وجفائهم وغلظتهم، وفجور كثير منهم( ٢٥٤
أرسل إلى الخوارج المرابطين في النهروان، يدعوهم إلى العودة إليه لمواصلة القتال، كما سبق وصاح بذلك
حرقوص فكتبوا إليه يطلبون أن يشهد على نفسه بالكفر والخيانة أولا، ثم يستقبل التوبة، فإذا فعل أجابوه وإلا أعلنوا
.( عليه الحرب( ٢٥٥
- ٢٥٢ ) انظر: "العواصم من القواصم" لابن العربي تحت عنوان: قاصمة التحكيم، وحاشية محب الدين الخطيب من ص ١٧٢ )
.١٧٧
٢٥٣ ) قال واحد من الشيعة: (وكان أبو موسى رجلًا مغفلا) وبعد أن ردد: (رواية الشيعة عن خلع أبي موسى لصاحبه وتثبيت )
عمرو لصاحبه) ردد زعمهم بأن أبا موسى قال لعمرو: (ما لك لا وفقك الله قد غدرت وفجرت، وإنما مثلك مثل الكلب إن
تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث). وزعم أن عمرا رد قائلا: (إنما مثلك مثل الحمار يحمل أسفارا)، رددوا ذلك الافتراء والكذب
والتشويه في جميع كتبهم منها: "في رحاب أئمة أهل البيت" تهدهم الأكبر السيد محسن الأمين دار التعارف بيروت ١٤٠٠ ه
١٩٨٠ م ج ٢ ص ٢١٠ ، "منهاج البراعة في شرح ج البلاغة" لعلامتهم ميرزا حبيب الله الخوئي، مؤسسة الوفاء بيروت ط ثانية
١٤٠٣ ه - ١٩٨٣ م، ج ١٥ - ص ٣٥٧ . "علي من المهد إلى اللحد" للسيد محمد كاظم القزويني، دار الصادق بيروت ط
ثامنة ١٤٠٠ ه - ١٩٨٠ م، ص ٤٩١ . وللأسف المحزن فقد تابع الكثير من الكتاب المحسوبين على أهل السنة والجماعة أباطيل
روايات الشيعة، وهم في حقيقتهم علمانيون تصدوا للكتابة دون دراية بحقيقة الشيعة، فراحوا يرددون روايام دون تمحيص: منهم
محمد رضا في كتابه: "علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- رابع الخلفاء الراشدين"، دار الكتب العلمية بيروت ص ٢٣١ وغيره
كثير.
. ٢٥٤ ) "البداية والنهاية" لابن كثير ج ٧ ص ٣١٧ )
وليس هذا فحسب، بل راحوا يستفزونه، بأفاعيل البغي والإجرام البشعة ساقوا ابن صاحب رسول الله، عبد الله
بن خباب، إلى ضفة النهر وضربوا عنقه، وبقرا بطن أم ولده عما في بطنها، لا لشيء إلا لأنه أقر بأنه سمع من أبيه عن
.( رسول الله حديث الفتنة، وأثنى على أبي بكر وعمر وعثمان وعلي( ٢٥٦
وقتلوا رسول الإمام إليهم وقتلوا النسوة، واستحلوا المحارم، وقطعوا السبل، وعاثوا في الأرض فسادا وناصبوا عليا
العداء والبغضاء، وكما سبق وأبى خليفة التوحيد الراشد رتبة التأليه أبى هنا أيضا رتبة الكفر وسارع إلى المارقين
يستأصل شأفتهم وكانت إبادم بفضل من الله تعالى على يديه.
الشيعة أفرزت الخوارج الذين انبثقوا من الشيعة، فهما وجهان لعملة واحدة؛ عملة مزيفة غير شرعية، زيفها
اليهود في مصانعهم السرية، وروجوها في بلاد الإسلام بأيدي عملائهم من الشيعة على أحد وجهي العملة السبئية
بصمة الخوارج مع صورة علي هابطا إلى سحيق الكفر، وعلى وجهها الآخر طبعوا بصمة الشيعة رافعين عليا إلى مقام
الإلوهية في صورة الإله المعبود.
نكبة شيعية سادسة: قتلوا الإمام بوجه الخوارج:
إن روح التمرد في الخوارج قد كانت بسبب مكائد ابن سبأ ودسائسه وإن قتل علي -رضي الله عنه- قد كان
.( أثرا من آثار هذه الدسائس أيضا( ٢٥٧
٢٥٥ ) "البداية والنهاية" لابن كثير ج ٧ ص ٢٨٧ ، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير ج ٣ ص ١٧٠ ، "تاريخ الطبري" ج ٥ ص )
٧٨ ، وفي ص ٨٤ نجد قول الخوارج لعلي: (إنا حكمنا فلما حكمنا أثمنا وكنا بذلك كافرين، وقد تبنا، فإن تبت كما تبنا فنحن
منك ومعك، وإن أبيت فنحن منابذوك على سواء). وفي ص ١٧٣ - ج ٣ من "الكامل" كذلك.
٢٥٦ ) استجوبوه فجبههم بحديث: "ستكون فتنة، يموت فيها قلب الرجل كما يموت فيها بدنه، ويمسي فيها مؤمنا، ويصبح فيها )
كافرا، ويصبح فيها كافرا، ويمسي فيها مؤمنا، القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الساعي".
وسألوه عن أبي بكر وعمر فأثنى عليهما، وعن عثمان في أول خلافته وآخرها؟ فشهد بأنه كان محقا في أولها وآخرها، وعن علي
قبل التحكيم وبعده؟ قال: إنه أعلم بالله منكم، وأشد توقيا على دينه، وأنفذ بصيرة فقالوا: إنك تتبع الهوى وتوالي الرجال على
أسمائها لا على أفعالها، وعلى تلك الإجابات فقط، ذبحوه ذبح الشاه وبقروا بطن امرأته في الوقت الذي عوضوا صاحب خنزير
قتلوه من أهل الذمة، وى أحدهم الآخر عن أكل بلحة نزلت من نخلة لكوا بغير حلها وثمنها، فمن الذي دبر ذلك الخبل داخل
أمة الإسلام؟؟
. ٨٢ ، "البداية والنهاية" ج ٧ ص ٢٨٨ ، "الكامل في التاريخ" ج ٣ ص ١٧٢ - انظر: "تاريخ الطبري" ج ٥ ص ٨١
وها هم بعد أن ألَّهوه كفَّروه لاستحلال دمه توطئة لاغتياله، وقبل تدبير الاغتيال تواطئوا على عصيانه وخذلوه
وكسروا قلبه.
لما فرغ من أهل النهروان أمر بالتوجه الفوري إلى قتال أهل الشام، واستنهض الناس، فطلبوا الرجوع أولا إلى
مصرهم بحجة الاستعداد بأحسن عدم، وفي معسكر النخيلة أمر الناس أن يلزموا عسكرهم، ويوطئوا على الجهاد
أنفسهم، ويقلوا زيارة نسائهم وأبنائهم، حتى يسيروا إلى الشام فأقاموا فيه أياما ثم تسللوا من معسكرهم وتركوه خاليا
فلما رأي علي ذلك دخل الكوفة وانكسر عليه رأيه في المسير( ٢٥٨ ). وله -كرم الله وجهه- في ذم شيعته والشكوى إلى
الله تعالى منهم، كلام يدمي القلوب حتى تمنى لقاء ربه وقال لهم: (وددت لو انبعث أشقاكم)( ٢٥٩ ). فكان ابن ملجم
يعاونه اثنان يباشرون الاغتيال في بيت الله وقت الفجر، بوجه الخوارج أحد وجهي العملة اليهودية، التي زيفها
وسبكها وطبعها ابن سبأ، وروجها في بلاد المسلمين.
ولحق الإمام بالرفيق الأعلى شاكيا إلى الله تعالى مكائد المؤسس وشيعته ونكبة المسلمين بنشأة الشيعة داخل جسم
أمة الإسلام ولسان حاله -رضي الله عنه- يحذرنا بعد استشهاده من الركون إلى من ظلموه، وما ظلمه إلا الغريب
الدخيل اليهودي المتمسلم ومن تبعه ممن لقبوا أنفسهم بلقب شيعة أهل البيت، وهم في الواقع والحقيقة وبما سردناه من
أدلة وبما سيأتي من أدلة شيعة اليهودي المتمسلم، ابن سبأ.
وبعد انتقال الإمام علي المبشر بالجنة إلى الرفيق الأعلى راضيا مرضيا حيث يلقى الأحبة محمدا وصحبه خلا الجو
لابن سبأ فعاد من منفاه إلى الكوفة يتباكى بوجه عملته الشيعية مؤسسا ومروجا لجميع عقائدهم.
٢٥٧ ) "مكائد يهودية عبر التاريخ" عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني، دار القلم، دمشق ط خامسة ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ ه، ص )
.١٥٧
. ٩٠ ، "البداية والنهاية" ج ٧ ص ٣٢٤ وما بعدها، "الكامل" لابن الأثير ج ٣ ص ١٧٦ - ٢٥٨ ) "تاريخ الطبري" ج ٥ ص ٨٩ )
١٠٩ ، دعا ربه: (أسأل الله - ٣٢٦ ، "تاريخ الطبري" ج ٥ ص ١٠٧ -٣٢٥-٣١٧- ٢٥٩ ) انظر: "البداية والنهاية" ج ٧ ص ٣٠٩ )
. أن يجعل لي منهم فرجا ومخرجا، وأن يريحني منهم عاجلا، وعن رواية ابن ملجم والقتل، انظر: من ص ١٤٣ إلى ١٤٨
المبحث الخامس
حاول الشيعة إنكار ابن سبأ
نشير إلى تلك المحاولة في مطلبين:
المطلب الأول: كتاب بمثابة القشة التي يتعلقا الغريق.
المطلب الثاني: عقدة الشيعة ولب القضية.
الملاحظ من استقراء مصادر الشيعة عن ابن سبأ، أن مؤلفي القديم منها (أهل القرن الثالث والرابع ومن جاء
بعدهم)...... أثبتوا تلك الشخصية، ولم ينكروها وتواتر ذلك عندهم (مثل الكشي والنوبختي والقمي والطوسي
وغيرهم) فلم يكن قد طال الأمد بين أيامهم وأيام ابن سبأ وأجيال المسلمين آنذاك يعملون الدور الذي قام به ذاك
اليهودي المتمسلم وفرقته، في جميع فتن القرن الأول.
فالدماء الطاهرة التي أريقت بسبب ذلك اللعين وفرقته وجمعيته السرية، من الأفاكين والقتلة، ما زالت حرارا
تلسع القلوب. فلم يتمكن هؤلاء القدامى المؤرخون للأحداث، الذين هم من حزب ذلك السبئي، من إنكار شخصيته
وإن حاولوا التبري منه ومن انتسام إلى حزبه.
ولما طال الأمد وتوالت القرون، واستشعر المحدثون والمعاصرون، من كتاب الشيعة وأعيام ودعام وصمة العار،
ودناءة السبة، التي أركسوا أنفسهم فيها، بنسبتهم إلى مؤسس مذهبهم السبئي راحوا يحاولون عبثا إنكار ابن سبأ،
وشطبه من التاريخ.
دحض ما ذهبوا إليه:
ودحض ما ذهب إليه هؤلاء وهؤلاء، ميسور بكلمات قليلة قبل الدخول في التفاصيل:
- فأما المنكرون: فقد تغافلوا ثبوت شخصية ابن سبأ، في مراجعهم ومصادرهم هم، (فضلا عن مراجع ومصادر
أهل السنة).
- وأما المتبرؤون: فكيف التبرؤ من ابن سبأ، وجميع ما نادى به من أفكار، هي بعينها ذات العقائد التي يعتنقها
الشيعة، القدامى منهم والمعاصرون، لم يكن فيما نادى به من أفكار مسبوقا بأحد بل هو المبتدع الأول، الأب الروحي
لهم جميعا سواء منهم المتبرؤن أو المنكرون، وفي ذلك يقول إحسان إلهي ظهير، (وأما دين الإمامية ومذهب الاثني
عشرية، ليس إلا مبنيا على تلك الأسس التي وضعتها اليهودية الأثيمة، بوساطة عبد الله بن سبأ الصنعاني اليمني،
الشهير بابن السوداء (والسوداء أمه)، مع إنكارهم التسليم إلى اليهودية وابن السوداء هذا. لكنه مجرد الإنكار فحسب
لا غيره، لأن إنكارهم وحده لا يكفي لتبرئتهم عن هذه الفصيلة وخروجهم عن هذه الشرذمة الطاغية الباغية، إلا أن
.( يثبتوا مخالفتهم ومعارضتهم للأفكار التي دسوها، والعقائد التي بثوها في الإسلام والمسلمين)( ٢٦٠
٢٦٠ ) "الشيعة والسنة" للأستاذ إحسان إلهي ظهير، رئيس تحرير مجلة ترجمان الحديث لاهور باكستان، نشر إدارة ترجمان السنة لاهور )
. باكستان، ط الثالثة والعشرون ١٤٠٤ ه- ١٩٨٤ م، ص ٢٩
المطلب الأول
كتاب بمثابة القشة التي يتعلقا الغريق
- قبل بلورة أفكار ابن سبأ من واقع ما جاءنا عنه من كتب الشيعة وكتب السنة القديم منها والحديث، التي
انتقينا منها ما ذكرناه يجدر بنا أن نشير إلى أسلوب من أساليب الشيعة في طمس حقائق التاريخ إذا كانت لا تتماشى
مع أهدافهم.
- إن جميع مراجع الشيعة على مدى ما يقرب من ثلاثة عشر قرنا أقرت بشخصية ابن سبأ وأثبتته دون إنكار،
وإن كان بعضها يتبرأ منه ومن أفعاله وأقواله دون جدوى فهو مؤسس تنظيمام، واضع بذور تشيعهم، الذي زرع
.( مذهبهم في دار الإسلام، وما نمت بذرة من بذور أفكاره إلا في بيئتهم ولا يمكنهم الفكاك من عاره ومسبته( ٢٦١
إلى أن ارتأت تنظيمام الشيعية الحديثة: إعدام ابن سبأ من التاريخ ومحوه، واعتباره أسطورة، لم تكن لها وجود،
ليريحوا أنفسهم من رائحته في تاريخهم المشبوه.
فخرجوا على العالم في أواخر القرن الثالث عشر الهجري بكتاب:
(عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى). تأليف أحدهم المدعو: السيد مرتضى العسكري. صدرت الطبعة الأولى منه
عام ١٣٧٥ ه.
فكان هذا الكتاب لهم بمثابة: (القشة التي يتعلقا الغريق).!!
فهم غارقون في بركة ابن سبأ الآسنة آخذون وارثون لجميع أفكاره التي ابتدعها ودسها في عالم الإسلام
والمسلمين ولا يجديهم ولا ينقذهم من القاع السحيق، لا كتاب ولا عشرات الكتب.
وممن تعلق بتلك القشة: الكاتب الشيعي اللبناني الشيخ محمد جواد مغنية، أحد كبار كتام المعاصرين، ومن أكثر
.( علمائهم إنتاجا في العصر الحاضر( ٢٦٢
٢٦١ ) ويصير بمشيئة الله خلال صفحات هذا الكتاب ربط جميع عقائدهم بمصدرها الوحيد الذي هو (ابن سبأ). )
قال في خطاب تقريظه للمؤلف المذكور: (كنت أجيب كما أجاب غيري على أساس الاعتراف بابن سبأ، ثم
الإنكار والتبري منه ومن أقواله، أما صاحب كتاب (ابن سبأ) فقد هدم البناء من الأساس، وأثبت بأن ابن سبأ
.( أسطورة لا وجود لها، وهذا هو الجديد في الكتاب) انتهى( ٢٦٣
ونقول: نعم، هدم المؤلف بناء الحقيقة والتاريخ من الأساس، وكم هدموا بناء عقيدة الإسلام والتوحيد من
الأساس.
- وقد سبق لمحمد جواد مغنية إثبات شخصية ابن سبأ، في مقام محاولة نفي مة الغلو عنهم، قال: (الغلاة
أصناف: منهم السبئية أتباع عبد الله بن سبأ، وهو أول من أظهر الغلو، قال هؤلاء: حل في علي جزء إلهي واتحد
بجسده وبه يعلم الغيب، وأتى في الغمام، والرعد صوته، والبرق تبسمه، وينتقل هذا الجزء الإلهي بنوع من التناسخ،
.( من إمام إلى إمام) انتهى( ٢٦٤
- ثم راح عبثا يدلل على براءة الشيعة من السبئية والغلاة، ووجوب البراءة منهم تحت عنوان: (الغلاة في نظر
.( الإمامية)( ٢٦٥
الدعاية على أوسع نطاق:
ويقترح - (مغنية المذكور)- على تنظيمام المدعومة بخمس أموال المتشيعين، أن تتولى نشره( ٢٦٦ ) على أوسع
نطاق فقال: (إني أرى أن يتفضل السادة العلماء والمراجع الكبار، في النجف الأشرف، بتخصيص مبلغ من الحقوق،
أو يأمروا من يمتثل أوامرهم من أصحاب الثراء، بإعادة طبع هذا الكتاب طبعا حديثا وأنيقا على أجود ورق، ثم
يعرض للبيع في البلاد الإسلامية والعربية، بواسطة شركات التوزيع، بثمن يقل عن نصف تكاليفه، كي يصبح في
متناول الجميع، كما هي الحال في سائر كتب الدعايات التي يرادا انتشار مبدأ وتشجيع فكرة، بل اقترح أن يأمروا
١٤٠٣ ه - ١٩٨٣ م - ٢٦٢ ) "عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى"، السيد مرتضى العسكري الشيعي، نشر دار الزهراء بيروت ط ٥ )
. - ج ١- ص ١١
. ٢٦٣ ) المرجع السابق -ج ١ ص ١٣ )
. ٢٦٤ ) "الشيعة في الميزان" محمد جواد مغنية ط الخامسة ١٤٠٤ ه- ١٩٨٤ م، نشر دار الجواد بيروت - ص ٢٩١ )
.٢٩٥- ٢٦٥ ) المرجع السابق ص ٢٩١ )
٢٦٦ ) أي نشر كتاب: "عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى" تأليف مرتضى العسكري - الشيعي. )
بترجمته إلى عدة لغات، وينشر على هذا النحو، وبذلك يقدمون خدمة للدين دوا جميع الأعمال والخدمات، هذا هو
.( والله الغرض الأكمل لمصرف الحق الإلهي، وسهم الإمام منه وإليه) انتهى( ٢٦٧
فما هو شأن ذلك الكتاب؟
كاتبه يرفض المتواتر عن ابن سبأ، في كتب السنة جميعها، لكوا أخذت من معين ابن جرير الطبري، والطبري
روى عن: (سيف بن عمر التميمي الأسدي)، ولكون سيف بن عمر أحب الصحابة، وذكر مناقبهم، فهو عنده
مرفوض، ويكون تاريخ الطبري تبعا لذلك مرفوض.
وجرأته وصلت إلى رفض مرويات سلفه من عتاة الشيعة، عن ابن سبأ كذلك، بزعم احتمال دس تلك المرويات
في كتبهم أو احتمال نقلهم تلك المرويات عن العامة: (ويقصدون بلفظ العامة: أهل السنة والجماعة).
- قد رفض أخبار الرواة، ولم يقنع بما نقله الحفاظ من الثقات، وشنع على كتاب الملل والنحل، ولم ينته إلى ما
.( كتبه علماء الجرح والتعديل، ولم يكتف برد أخبار علماء أهل السنة، وإنما ضعف ما كتبه أئمة الشيعة( ٢٦٨
ولماذا كل هذا؟
- لأن سيف بن عمر هو الراوي، وما شأن سيف بن عمر؟
أحب السلف الصالح، وترضى عليهم، ونشر أفضالهم، وأثنى على فتوحام، وأبرز بطولام، وفضح السبئية
أعداءهم.
١٥ وسهم الإمام هذا الذي جعله حقا إلهيا للإمام الغائب - ٢٦٧ ) "عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى" مرتضى العسكري ج ١ ص ١٤ )
الموهوم، وقدره الخمس من أموال كل شيعي على وجه الأرض، فرضه عليهم سلفهم من قادة تنظيمات السبئية دعما لمخططام
المدمرة، سيأتي عنه مزيد بيان بمشيئة الله (ضمن مباحث رسالة الدكتوراه).
٢٦٨ ) "عبد الله بن سبأ وأثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام" سليمان بن حمد العودة، رسالة ماجستير من جامعة الإمام محمد بن )
١٤٠٢ ه-ط أولى ١٤٠٥ ه- ص ١٠١ دار طيبة، الرياض، /٧/ سعود الإسلامية، منحا درجة الماجستير بتقدير ممتاز، في ٢٤
. وقد أجاد المؤلف في نقد كتاب مرتضى العسكري في الصفحات من ٩٦ إلى ١١٠
- فقال عنه المؤلف الشيعي: (وراجت أكاذيب سيف، وشاعت في مصادر التاريخ الإسلامي، زهاء ثلاثة عشر
قرنا، ولم ينتبه العلماء إلى أكاذيبه كل هذه المدة، بل استطابوها، لأنه زينها بإطار من الثناء على أبي بكر) ( ٢٦٩ ). وقال
أيضا عن سيف: (كما زين ما اختلق في معارك الردة بإطار من مناقب الخليفة أبي بكر، وكذلك فعل فيما روى
واختلق عن فتوح الشام وإيران على عهد عمر، والفتن في عصر عثمان، وواقعة الجمل في عصر علي، فإنه زين جميعها
.( بإطار من مناقب الصحابة)( ٢٧٠
- وقال كذلك: (ومهما يكن من أمر فإن بضاعة سيف المزجاة إنما راجت لأنه طلاها بطلاء من مناقب
.( الصحابة)( ٢٧١
- جريمة سيف الكبرى في نظر الكاتب الشيعي هي: رواياته عن مناقب الصحابة، وتسجيل عظمة فتوحات
المظفرة، رافعين لواء الإسلام في الآفاق. ولذا فهو مرفوض، وما رواه كذب واختلاق وتلفيق وتزوير، ووضع
وتصحيف، وخرافات وأساطير، وتحريف وزندقة على حد تعبير الشيعي العسكري هذا. على مدى ستمائة صفحة في
مجلدين.
وما دليله على ذلك؟
وتغافل إقرار أهل السنة . استعار دليله من أهل السنة والجماعة، الذين ضعفوا سيفا في رواية حديث الرسول
والجماعة لسيف بن عمر بكونه إخباريا عارفًا، وعمدة في التاريخ.
.( - قال عنه الذهبي: (كان إخباريا عارفًا)( ٢٧٢
.( - وقال عنه ابن حجر: (ضعيف في الحديث عمدة في التاريخ)( ٢٧٣
.( - وقال عنه محب الدين الخطيب: (وهو أعرف المؤرخين بتاريخ العراق)( ٢٧٤
. ٢٦٩ ) "عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى" مرتضى العسكري - الشيعي ج ٢ ص ٧٣ )
. ٢٧٠ ) المرجع السابق- ج ٢ - ص ٩٨ )
. ٢٧١ ) المرجع السابق- ج ٢ - ص ٩٩ )
. ٢٧٢ ) "ميزان الاعتدال" ج ٢ ص ٢٥٥ )
. ٢٧٣ ) "تقريب التهذيب" ج ١ ص ٣٤٤ )
وعنه وعن شيوخه يقول: (وهم أعرف الإخباريين بحوادث العراق)( ٢٧٥ )، وفي سبيل الموازنة بينه وبين أبي مخنف
الذي يعتبره الشيعة راويهم الأول، لما صال وجال في تشويه سيرة السلف الصالح، قال محب الدين الخطيب: (لوط بن
.( يحيى الشيعي المحترق، وسيف بن عمر العراقي المعتدل)( ٢٧٦
من مآثرهم ، فمسلك أهل السنة والجماعة، في دقتهم وحرصهم الشديد، في سلامة الإسناد إلى رسول الله
الكبرى التي لا تدانيهم فيها أمة من أمم الأرض أجمع فهذا ثقة من الحفاظ من أهل الحديث، وذاك فقيه في استنباط
الأحكام، وذلك أخباري عارف عمدة في التاريخ. تصنيف وتخصص وخبرة بالرجال لم يعرف التاريخ البشري لها
مثيلا.
وجعله سلما إلى الدراية، فأهل الكتاب لا إسناد لهم ، وعلم الإسناد والرواية، مما خصص الله به أمة محمد
يأثرون به المنقولات، وهكذا المبتدعون من هذه الأمة، أهل الضلالات، وإنما الإسناد لمن أعظم الله عليه المنة، أهل
الإسلام، والسنة، يفرقون به بين الصحيح والسقيم، والمعوج والقويم، وغيرهم من أهل البدع والكفار، إنما عندهم
.( منقولات يأثروا بغير إسناد، وعليها من دينهم الاعتماد، وهم لا يعرفون فيها الحق من الباطل( ٢٧٧
للقاضي أبي بكر العربي- حققه وعلق على حواشيه محب " ٢٧٤ ) "العواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبي )
الدين الخطيب طبع ونشر الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، الرياض ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م-
. ص ١١٥
. ٢٧٥ ) المرجع السابق- ص ١٥٤ )
. ٢٧٦ ) المرجع السابق- ص ١٧٧ )
. ٢٧٧ ) "مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية" ج ١- ص ٩ )
المطلب الثاني
عقدة الشيعة ولب القضية
- إن عقدة الشيعة التي ورثوها عن سلفهم السبئي هي: كره الصحابة وجهوا إليهم سهام الطعن والذم والتنقص،
ويسعون إلى تعدية مسلكهم ونقل عدوى مرضهم إلى كافة المسلمين بكل وسيلة.
فمن أحب الصحابة وأثنى عليهم وذكر مناقبهم وأشاع حسنام كما فعل سيف بن عمر فهو عدوهم اللدود، لا
يقبلون منه صرفا، ولا عدلا فيعمدون إلى تشويه سيرته كما شوهوا سيرة من أحب.
هذه هي العقدة الكامنة خلف تأليف كتاب مرتضى العسكري وأمثاله الرافضة.
- هذا أحدهم يتهم أبا بكر وعمر وأبا عبيدة بن الجراح -رضي الله عنهم- بالردة والتآمر، والتهالك على الإمرة
والسلطان، فقال: (وأي كارثة أقسى من كارثة الارتداد بعد الإيمان، لقد ترك القوم جثمان نبيهم لم يواروه في مقره
الأخير والكوا على الإمرة والسلطان) وأيد المستشرق: (لامنس) في جمه عليهم وعلى أمهات المؤمنين -رضي الله
عنهن- فقال: (إن الحزب القرشي الذي يرأسه أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح كان وليد مؤامرات سرية مبرمة،
وإن أبطال هذه المؤامرة أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح، ومن أعضاء هذا الحزب عائشة وحفصة).
فعلق باقر شريف الشيعي على جم (لامنس) بقوله: (وهو رأي وثيق للغاية)( ٢٧٨ )، وفي طعنه على عثمان ذي النورين
-رضي الله عنه وأرضاه- قال: (ساس عثمان الأمة حفنة من السنين، فكانت سياسته بعيدة كل البعد عن سنة
.(٢٧٩) الرسول
وقال: (إن عثمان يحمل قسطا ليس بالقليل في الجناية على نفسه، فكان اللازم عليه أن يترك الأمر لغيره ويستقيل
من منصبه)( ٢٨٠ ). وقال: (لقد كانت الثورة على عثمان ثورة اجتماعية لا تقل شأنا عن أنبل الثورات الإصلاحية التي
٢٧٨ ) "حياة الإمام الحسن بن علي" دراسة وتحليل باقر شريف القريشي قدم له الإمام كاشف الغطاء كلاهما شيعي، مطبعة الآداب )
. النجف نشر دار الكتب العلمية إيران - ط الثالثة ١٣٩٣ ه ١٩٧٣ م- ج ١ ص ١٤١
. ٢٧٩ ) المرجع السابق - ج ١ - ص ٢٢٤ )
. ٢٨٠ ) المرجع السابق - ج ١ - ص ٣٠١ )
عرفها التاريخ)( ٢٨١ )، وقال: (حمل عمر إلى داره، وجراحاته تترف دما، وبادر أهله فأحضروا له طبيبا، فقال له: أي
.( الشراب أحب إليك؟ قال: النبيذ. فسقوه منه، فخرج من بعض طعناته، فقال الناس: خرج صديدا) انتهى( ٢٨٢
- وقال شيعي آخر: (وأما تفصيل مثالب عثمان فهي لا تحصى ولا تستقصي، وكفاك في ذلك اتفقا من بايعه
من الصحابة والتابعين على استحلال قتله وإهراق دمه، لما ظهر منه من البدع ومخالفة الله ورسوله. حتى أجمعوا على
.( استحلال قتله، وتركوا غسله وكفنه ودفنه، وبقي ملقى على المزابل) انتهى( ٢٨٣
- عينة من ملايين عبارات التهم على أفضل خلق الله بعد نبينا عليه وعلى آله وأصحابه صلاة الله وسلامه.
- إن هدفهم من تلك الكتابات واضح مرسوم هو: تشكيك المسلمين في سلفهم، فلا يبقى لهم قدوة ولا مثل
أعلى فهؤلاء يا عرب، يا مسلمون، هم أجدادكم، بناة مجدكم، كانوا هكذا على جانب من الحرص والطمع
والتكالب على حطام الدنيا، والمعاصي والتواطؤ على قتل وسفك الدماء، وخيانة نبيهم قبل أن يواروه التراب فبم
تعتصمون؟ هيا إلى دين آخر.
- وهل قصد ابن سبأ اليهودي المتمسلم أكثر من هذا الهدف المرسوم المدمر؟
- هذه هي عقدة الشيعة وهذا هو هدفهم وفي سبيل الوصول إلى مآرم، يكذبون من يمدح الصحابة، ويصدقون
من يجرحهم ويذمهم ويلعنهم. وصفهم ابن تيمية بقوله: (وهم أكذب الناس في النقليات، ومن أجهل الناس في
العقليات، يصدقون من المنقول بما يعلم العلماء بالاضطرار أنه من الأباطيل ويكذبون بالمعلوم من الاضطرار المتواتر
.( أعظم تواتر في الأمة جيلا بعد جيل)( ٢٨٤
لب القضية:
. ٢٨١ ) المرجع السابق - ج ١ - ص ٣٠٣ )
٢٨٢ ) المرجع السابق- ج ١- ص ٢٠٢ - مجلدان للشيعي باقر شريف القرشي- الأول في ٥٨٤ صفحة والثاني في ٥٣٦ صفحة - )
جميعها على هذا المنوال والعياذ بالله.
- ٢٨٣ ) "حق اليقين في معرفة أصول الدين" السيد عبد الله شبر الشيعي دار الأضواء بيروت ط الأولى ١٤٠٤ ه ١٩٨٣ م - ج ١ )
. ص ٣٢٥
. ٢٨٤ ) "منهاج السنة" ابن تيمية ج ١- ص ٣ )
وما أدخله الشيعة على الإسلام والمسلمين من عقائد غريبة دخيلة، تنافي التوحيد الذي جاء به خاتم المرسلين عليه
صلوات الله وسلامه، وتذم وتطعن وتشتم وتسب الصدر الأول من أهله، وذلك تحت ستار موالاة آل البيت.
والأمة المحمدية تأبى منهم ذلك فنحن نأبى إلا التوحيد الخالص الجامع لتوحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد
الأسماء والصفات، ونوالي ونحب ونوقر أبا بكر، وعمر وعثمان وعليا، وأمهاتنا أمهات المؤمنين وسائر آل بيت النبي
وسائر صحابته رضوان الله عليهم أجمعين، ونأبى الطعن فيهم وذمهم ونأبى شتمهم وسبهم، فهل يجديهم شيئا إنكارهم
شخصية ابن سبأ ومحوه من التاريخ؟ لا يجديهم ذلك شيئا.
وهب أننا ألغينا عقولنا، وكذبنا المتواتر وسلمنا لهم بعدم وجود ابن سبأ ولا فرقته، ولا جمعيته السرية في التاريخ
فمن أين جاءوا ب:
١- عقائد( ٢٨٥ ): الإمامة، والوصية، والعصمة، والغيبة، والرجعة، وغيرها من عقائد ما أنزل اللها من سلطان؟
عقائد أوجبواا على الله تعالى أن يعين للبشر إماما، فزعموا أن النبي عين عليا بأمر من الله، وعلي فعل مثله لابنه
بأمر من الله.
وهكذا إلى الثاني عشر الحي الغائب في السرداب.
وأوجبوا على الله تعالى أن يرفع هؤلاء الاثني عشر فوق الأنبياء والرسل ونسبوا إليهم العصمة التي كانت للأنبياء
والرسل، بل وأشركوهم مع الله تعالى في العلم بالغيب، ويدخلون الجنة من يشاءون، ويدخلون النار من يشاءون، إلى
غير ذلك من صفات الألوهية؟؟
٢- ومن أين جاءوا، بتكفير أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة؟ إم لم يمقتوهم ويطعنوا عليهم فحسب بل
نسبوا إليهم الردة بخيانتهم نبيهم في زعمهم بعدم إنفاذ وصيته التي زعموها؟
فمن أين جاءواذا وذاك؟
إن هذا وذاك هما لب القضية.
٢٨٥ ) بعون الله يصير فضح تلك العقائد تباعا في هذا الكتاب. )
- ابن سبأ دعا إلى الطعن في الصحابة، والشيعة طوروا دعوته إلى آلاف الأسفار والكتب والدات والمصنفات
في طعن سلف الأمة، وتكفيرهم ولعنهم ولعن الأمة بأجمعها بكافة الأساليب المتنوعة.
- ابن سبأ ألَّه عليا والشيعة طوروا الأمر، ووصفوا أئمتهم بصفات الألوهية، بل وبزوا ابن سبأ ورفعوا أنفسهم
فوق الألوهية بإيجام على الله تعالى الواجبات.
- إن ابن سبأ لو كان حيا ينظر إلى ما فعله أتباعه الشيعة من تطوير لأفكاره، بمنطقهم وفلسفتهم التي عبئواا
كتبهم لوقف مشدوها مبهورا ولاستصغر نفسه بجانب هذا الابتكار وذاك الابتداع.
خلاصة النشأة
من بطن ابن سبأ نشأت الشيعة
إنه في يوم الجمعة: الثامن عشر من ذي الحجة عام ٣٥ ه( ٢٨٦ ) يوم مصيبة الإسلام الكبرى بمقتل الشهيد
المظلوم، عثمان ذي النورين، أعلى الله مقامه في دار الخلود. في هذا اليوم كانت ولادة الشيعة من بطن ابن سبأ
.( اليهودي المتمسلم ابن السوداء، الذي تظاهر بالإسلام وطلعت الأحداث الدامية على يديه( ٢٨٧
وقد أبعد الشيعة في عدوام على مقام النبوة. حتى زعم أحدهم أن النبي كان شيعيا، ينتمي إلى الشيعة، وأن
الشيعة تكونت في الإسلام بأمره، وأن التشيع ظهر في أيام نبي الإسلام وأنه كان يغذي بأقواله عقيدة التشيع لعلي
وأهل بيته، ويمكنها في أذهان المسلمين، ويأمرا في مواطن كثيرة( ٢٨٨ ). وزعم آخر أن التشيع أصل من أصول
الإسلام، دعا إليه رسول الله كما دعا إلى بقية أركان الدين، وقد نشأ التشيع لعلي في عهد رسول الله( ٢٨٩ ). وقال
.( شيعي ثالث: التشيع ولد أيام النبي، وأن النبي نفسه هو الذي غرسه في النفوس( ٢٩٠
وزعم (مغنية) رابعهم: أن النبي هو الذي بعث عقيدة التشيع وأوجدها ولم يكتف بما زعم، بل رمى أهل السنة
بتهمة ما زعم فقال: (وكما أثبت الشيعة من كتب أهل السنة وأقوالهم، أن النبي هو الذي بعث عقيدة التشيع ودعا
إليها، أثبتوا أيضا من طرق السنة أن النبي أول من أطلق لفظ الشيعة على من أحب عليا وتابعه)، وأضاف الشيعي
(مغنية) قائلا: (ثم قال صاحب تاريخ الشيعة: فكانت الدعوة إلى التشيع لعلي من محمد تمشي جنبا لجنب مع الدعوة
إلى شهادة لا إله إلا الله محمد رسول الله، وذا يتبين معنى أن المصدر الأول والأخير للشيعة والتشيع هو النبي دون
. ٢٨٦ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٤١٦ )
. ٢٨٧ ) المرجع السابق ج ٤ ص ٣٩٨ )
.٢٩- ٢٨٨ ) "الشيعة في التاريخ" محمد حسين الزين الشيعي دار الآثار بيروت ط ثانية ١٣٩٩ ه ١٩٧٩ م ص ٢٨ )
.٤٥- ٢٨٩ ) "أبو ذر الغفاري" محمد جواد آل الفقيه الشيعي دار الفنون بيروت ص ٤٤ )
. ٢٩٠ ) "هوية التشيع" د/ أحمد الوائلي الشيعي دار الزهراء بيروت ط أولى ١٤٠٠ ه ١٩٨٠ م- ص ٢٧ )
سواه، فإن كان التشيع هو السبب لتمزيق المسلمين وتفريق كلمتهم كما زعم بعض السنة، فالمسئول عن ذلك هو
النبي وحده دون سواه)( ٢٩١ ). انتهى.
هذه مزاعم الشيعة عن نشأم أجمعوا عليها في كتابام ولكن حقيقة أحوالهم تخالف ذلك فالنظر في عقائدهم،
وتمحيص تاريخهم يكذبان زعمهم، وهذا النظر وذلك التمحيص هما موضوع كتابي هذا، وما أقرر من الآن ما يلي:
إن ظهور التشيع إنما ظهر بأفكار (عبد الله بن سبأ) في أواخر خلافة عثمان -رضي الله عنه- عندما زعم ابن سبأ
أن لكل نبي وصي وعلي هو وصي محمد وتسلل إلى أقاليم الخلافة الراشدة يدعو إلى خلع عثمان وتولية علي ويؤلب
الناس على ولاة الخليفة حتى نجح تنظيمه السري في قتل الخليفة.
وساعة القتل ولد التشيع ولم يكن قبل ذلك له أدنى وجود لا في عهد النبي، ولا في عهد أبي بكر، ولا في عهد
عمر. وإنما كانت هناك فترة حمل للجنين الشيعي في باطن ابن سبأ.
بدأت فترة الحمل في باطن اليهودي. في اللحظة التي قرر فيها الرحلة إلى بلاد المسلمين، مع إظهار اعتناقه
للإسلام فتزاوج إسلامه المزعوم مع يهوديته في جماع آثم غير مشروع، وحال الجماع كانت لذة ابن سبأ ومن خلفه
من فصيلته لذة السعي إلى تشويه الإسلام وإفساد دين التوحيد وإثارة الفتنة بين أهله، لذة معاينة دماء المسلمين تراق
بسيوف بعضهم بعضا. وخلال فترة الحمل سفاحا في باطن ابن سبأ، كان الجنين الشيعي ينمو بضم أعضاء جدد إلى
أفكار الحامل ابن سبأ. أمثال: حكيم بن جبلة، والأشتر النخعي، وأشباههم، ينمو ويتغذى بسموم الحبل السري
الواصل بين بطن ابن سبأ وبطون هؤلاء.
حتى إذا اكتمل نمو الجنين (ابن الحرام) جاء المخاض، بزحف فرق البصرة، والكوفة، ومصر، إلى المدينة. حتى إذا
توافدوا، واجتمعوا، وتواطئوا، ودبروا، وتآمروا، وزوروا وانكبوا على الجريمة البشعة كانت ولادة جنينهم الشيعي
المشوه ساعة إراقة الدماء الزكية لذي النورين.
خرج ذلك الجنين المولود سفاحا من بطن ابن سبأ بمعاونة أتباعه خرج إلى الحياة طفلا غريبا دخيلا على بيئة
المسلمين النقية الطاهرة المطهرة.
.٢٠-١٩- ٢٩١ ) "الشيعة في الميزان" محمد جواد مغنية، دار التعارف بيروت ط رابعة ١٣٩٩ ه ١٩٧٩ م ص ١٧ )
وعاش المولود الشيعي على صدر ابن سبأ وفي أحضان أتباعه أياما بالمدينة، وخرج منها على صدور المتواطئين
على قتل عثمان غادر المدينة إلى غير رجعة إلى ساحات قتال المسلمين بعضهم بعضا، يلعق دماءهم.
حمل القتلة السبئية طفلهم الرضيع إلى البصرة وإلى صفين، حيث ولغ ابن سبأ وأتباعه في دماء المسلمين الغالية
وراحوا يرضعون التشيع الذي لم يزل طفلا عاجزا، حال خلافة علي -كرم الله وجهه- راحوا يرضعون طفل التشيع
من ثدي اليهودية على صدر ابن سبأ ومن أثداء الناقمين الحاقدين على قريش والصحابة.
حتى إذا قتل علي -رضي الله عنه- تكلم الطفل الشيعي وصار يكبر ويتطور وكل تنظيم من تنظيمات السبئية
المتتابعة يضيف إلى جسده إضافة جديدة، من اليهودية إضافة، من النصرانية إضافة، من اوسية إضافة، من الزندقة
إضافة، ومن الأساطير إضافة، حتى واجهنا اليوم خليطا من العقائد والأنظمة ما أنزل اللها من سلطان.
الفصل الثاني
عقائد الشيعة الاثني عشرية
تمهيد
حيث إن العصمة الإمامية، هي إحدى عقائد الشيعة الاثني عشرية، بل هي قطب الرحى الذي تدور حوله تلك
العقائد، كما سيتبين خلال بحث الرسالة بمشيئة الله، فإنه ينبغي دراسة العقائد الاثني عشرية، لأا مدخل لازم لفهم
العصمة الإمامية.
وإذا كنا قد تعرفنا على نشأة الشيعة في الفصل السابق بمباحثه الخمسة، وانتهينا إلى اليقين بكون المنشئ المؤسس
هو عبد الله بن سبأ اليهودي المتمسلم الذي بث وأشاع أفكاره الغريبة الدخيلة في دار الإسلام فإنا حال دراستنا
للعقائد الشيعية الاثني عشرية قد وجدنا التطابق التام بين هذه العقائد، وبين تلك الأفكار بما يؤكد التأكيد الجازم
بكون هذا اليهودي المتمسلم هو المؤسس الأول تأكيدا فوق تأكيد وجزما فوق جزم.
لذا رأينا النظر في العقائد الشيعية الاثني عشرية، بإلقاء نظرة على كل عقيدة على حدة، مسبوقة بفكرة المؤسس،
وقد انبنت العقيدة على الفكرة بصياغة العقائد، على أساس أكفار المؤسس.
وقد أكثرنا من عرض النصوص، التي صاغها المتشيعون في عقائدهم العشر، من كتبهم هم، المعتمدة الموثوقة
عندهم وجعلنا كل عقيدة في مبحث خاصا.
كل مبحث في مطلبين اثنين:
نبين في المطلب الأول: فكرة ابن سبأ.
وفي المطلب الثاني نبين: العقيدة الاثني عشرية هكذا في جميع المباحث العشرة، مع تفصيل يناسب كل مبحث.
وتقسيم هذا الفصل الثاني، وزعنا بحثه في المباحث العشرة التالية:
المبحث الأول: الوصية الشيعية الاثنا عشرية.
المبحث الثاني: الإمامية الشيعية الاثنا عشرية.
المبحث الثالث: الولاية الشيعية الاثنا عشرية.
المبحث الرابع: تكفير الأمة.
المبحث الخامس: الرجعة الشيعية الاثنا عشرية.
المبحث السادس: الغيبة الشيعية الاثنا عشرية.
المبحث السابع: المهدية الشيعية الاثنا عشرية.
المبحث الثامن: التقية الشيعية الاثنا عشرية.
المبحث التاسع: المتعة الشيعية الاثنا عشرية.
المبحث العاشر: أصل عقيدة العصمة الشيعية الاثني عشرية.
- فإلى المباحث العشرة سائلين العون من الله تعالى.
المبحث الأول
الوصية الشيعية الاثنا عشرية
نبحث تلك الوصية الشيعية في المطالب الأربعة التالية:
المطلب الأول: فكرة المؤسس ابن سبأ.
المطلب الثاني: بناء عقيدة الوصية على فكرة ابن سبأ.
المطلب الثالث: حديث الغدير الشيعي.
المطلب الرابع: حقيقة قصة الغدير.
المطلب الأول
فكرة المؤسس ابن سبأ
- ابن سبأ قذف بفكرة الوصية نفثة خبيثة من سمومه، سمما عقول عدد كبير ممن اعتنق الإسلام نفاقا، ممن
انضم إلى صفوف المسلمين حاملا لهم العداوة والبغض والحقد.
- كان يقول وهو على يهودية، في يوشع بن نون بعد موسى عليه السلامذه المقالة: (يوشع بن نون كان وصي
.( موسى، فقال في إسلامه بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وآله- في علي -كرم الله وجهه- بمثل ذلك)( ٢٩٢
وقال ابن سبأ: (إنه كان ألف نبي، ولكل نبي وصي، وكان علي وصي محمد، ثم قال: محمد خاتم الأنبياء، وعلي
.( ووثب على وصي رسول الله)( ٢٩٣ ، خاتم الأوصياء، ثم قال بعد ذلك: من أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله
وقال: (قد أوصى النبي إلى علي بن أبي طالب، فهو أحق بالإمرة)( ٢٩٤ )، أي أن هذا اليهودي المتمسلم هو أول
لعلي بالإمامة من بعده، فهو بزعم ابن سبأ وصي رسول الله وخليفته على أمته من أحدث القول بوصية رسول الله
.( من بعده بالنص ( ٢٩٥
- ثم ترجم أتباع ابن سبأ فكرته إلى عقيدة بصياغة وافتعال أحداث وأحاديث متنوعة حول وصية مزعومة مع
تزوير ما افتعلوه على ألسنة أهل البيت.
- وقد أحسن ابن تبمية -رحمه الله- وصف ذلك بقوله: (الرافضة تنتحل النقل من أهل البيت لما لا وجود له.
وأصل من وضع ذلك لهم زنادقة، مثل رئيسهم الأول عبد الله بن سبأ، الذي ابتدع لهم الرفض، ووضع لهم أن النبي
٢٩٢ ) "فرق الشيعة" الحسن بن موسى النوبختي - الشيعي - ص ٢٢ ، "رجال الكشي" لأبي عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز )
. الكشي - الشيعي - ص ١٠١
.٣٤١ - ٢٩٣ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٤٠ )
٢٩٤ ) "البداية والنهاية" ابن كثير ج ٧ - ص ١٦٧ وما بعدها. )
.٣٥٧- ٢٩٥ ) "الخطط المقريزية" المقريزي ج ٢ ص ٣٥٦ )
نص على علي بالخلافة، وأنه ظلم منع حقه، وقال: إنه كان معصوما، وغرض الزنادقة بذلك التوسل إلى هدم
.( الإسلام، ولهذا كان الرفض باب الزندقة والإلحاد)( ٢٩٦
فلننظر كيف صاغ الأتباع فكرة الوصية وجعلوها من أمهات العقائد الشيعية.
فإلى معاينة تطابق فكرة المؤسس مع عقيدة التشيع في المطلب الثاني.
. ٢٩٦ ) "الفتاوى" ج ٢٢ - ص ٣٦٧ )
المطلب الثاني
بناء عقيدة الوصية على فكرة ابن سبأ
أولا: عمد الأتباع، مصممو العقائد الشيعية، إلى آية بينة من كتاب الله تعالى يحرفوا عن معناها، وعن
مضموا، كدأم في جميع أدلة عقائدهم دون استثناء، آية ليس لها بدعواهم صلة، لا من قريب ولا من بعيد، فليس
بينها وبين علي بن أبي طالب أدنى مناسبة.
عمدوا إلى قوله تعالى: ﴿يا َأيها الرسولُ بلِّغْ ما ُأنزِلَ ِإَليك من ربك وِإنْ َلم تفْعلْ فَما بلَّغت رِساَلته واللَّه
.[ يعصمك من الناسِ ِإنَّ اللَّه َلا يه دي الْقَوم الْكَافرِين﴾ [المائدة: ٦٧
.( وافتعلوا حولها قصة الوصية الموضوعة. قصة (غدير خم) المصنوعة( ٢٩٧
ثانيا: وقبل عرض بعض عجائب القصة الشيعية، ينبغي علينا لمس المعنى الواضح للآية:
١- قد وردت في سياق بيان حال أهل الكتاب من اليهود والنصارى وكشف الانحراف فيما يعتقدون، وكشف
السوء فيما يصنعون، في تاريخهم كله، وبخاصة اليهود.
إذ إن الآيات قبلها مباشرة: ﴿وقَاَلت الْيهود يد اللَّه مغلُوَلةٌ غُلَّت َأيديهِم وُلعنوا ِبما قَاُلوا بلْ يداه مبسوطَتان ينفق
كَيف يشاءُ وَليزِيدنَّ كَثيرا منهم ما ُأنزِلَ ِإَليك من ربك طُغيانا وكُفْرا وَألْقَينا بينهم الْعداوةَ والْبغضاءَ ِإَلى يومِ الْقيامة
كُلَّما َأوقَدوا نارا للْحربِ َأطْفَأَها اللَّه ويسعونَ في الْأَ رضِ فَسادا واللَّه َلا ي حب الْمفْسِدين * وَلو َأنَّ َأهلَ الْكتابِ آمنوا
واتقَوا َلكَفَّرنا عنهم سيَئاتهِم وَلأَدخلْناهم جنات النعيمِ * وَلو َأنهم َأقَاموا التوراةَ والإِنجِيلَ وما ُأنزِلَ ِإَليهِم من ربهِم
.[٦٦ - لأكَلُوا من فَوقهِم ومن تحت َأرجلهِم منهم ُأمةٌ مقْتصدةٌ وكَثير منهم ساءَ ما يعملُو َ ن﴾ [المائدة: ٦٤
والآية بعدها مباشرة: ﴿قُلْ يا َأهل الْكتابِ َلستم علَى شيءٍ حتى تقيموا التوراةَ والْإِنجِيلَ وما ُأنزِلَ ِإَليكُم من
.[ ربكُم وَليزِيدنَّ كَثيرا منهم ما ُأنزِلَ ِإَليك من ربك طُغيانا وكُفْرا فَلَا تأْس علَى الْقَومِ الْكَافرِين﴾ [المائدة: ٦٨
. ٢٩٧ ) انظر: "منهاج السنة النبوية" لابن تيمية - ج ٤ من ص ٩ إلى ص ١٥ )
٢- وسياق بيان حال أهل الكتاب ليس في تلك الآيات الثلاث السابقة وهذه الآية اللاحقة فحسب، بل بدأ
السياق قبل ذلك من قوله تعالى: ﴿يا َأيها الَّذين آمنوا َلا تتخذُوا الْيهود والنصارى َأولياءَ بعضهم َأولياءُ بعضٍ ومن
.[ يتولَّهم منكُم فَإِنه منهم ِإنَّ اللَّه َلا يه دي الْقَوم الظَّالمين﴾ [المائدة: ٥١
والجماعة المسلمة، وواجب ٣- وهكذا مضى السياق في تقرير نوع العلاقة، بين أهل الكتاب وبين الرسول
الرسول في تعامله معهم، وواجب المسلمين ذلك إلى تقرير حقائق أساسية ضخمة في أصول التصور الاعتقادي، وفي
أصول النشاط الحركي للجماعة المسلمة، تجاه المعتقدات المنحرفة وتجاه المنحرفين.
وكلفه تبليغ ما أنزل إليه من ربه، كل ما أنزل إليه، لا يستبقي منه شيئا ، ٤- لقد نادى الله سبحانه الرسول
ولا يؤخر منه شيئا، مراعاة للظروف والملابسات، أو تجنبا للاصطدام بأهواء الناس وواقع اتمع، وإن لم يفعل فما
تبليغه: أن يجابه أهل الكتاب بأم ليسوا على شيء حتى يقيموا يكون قد بلغ ومن هذا الذي كلف الرسول
التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من رم، وهكذا، قاطعة، جازمة، صريحة، جاهرة، وأن يعلن كذلك كفر اليهود
بنقضهم الميثاق وقتلهم الأنبياء وكفر النصارى بقولهم: إن الله هو المسيح عيسى ابن مريم وقولهم: إن الله ثالث ثلاثة،
كما يعلن أن المسيح -عليه السلام- أنذر بني إسرائيل عاقبة الشرك وتحريم الله الجنة على المشركين، وأن بني إسرائيل
.( لعنوا على لسان داود وعيسى ابن مريم، بعصيام وعدوام( ٢٩٨
٥- فالذي يبدو واضحا من السياق، قبل هذا النداء وهذا التكليف: ﴿يا َأيها الرسولُ بلِّغْ ما ُأنزِلَ ِإَليك من
ربك﴾ الآية- أن المقصود به مباشرة هو مواجهة أهل الكتاب بحقيقة ما هم عليه، وبحقيقة صفتهم التي يستحقوا بما
هم عليه، ومواجهتهم بأم ليسوا على شيء، ليسوا على شيء من الدين ولا العقيدة ولا الإيمان، ذلك أم لا يقيمون
التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من رم، ومن ثم فلا شيء مما يدعونه لأنفسهم، من أم أهل كتاب وأصحاب عقيدة
.( وأتباع دين( ٢٩٩
. ٢٩٨ ) "في ظلال القرآن" سيد قطب - ج ٢ - ص ٩٣٧ )
. ٢٩٩ ) "المرجع السابق" ج ٢ ص ٩٣٨ )
٦- وفوق وضوح دلالة السياق، وضوح دلالة النص، فقد جاءت التفاسير بما مضمونه( ٣٠٠ )، ﴿يا َأيها الرسولُ
بلِّغْ ما ُأنزِلَ ِإَليك من ربك﴾ نداء تشريف وتعظيم ناداه تعالى بأشرف الأوصاف، بالرسالة الربانية، أي بلغ رسالة
ربك غير مراقب أحدا ولا خائف أن ينالك مكروه، ﴿وِإنْ َلم تفْعلْ فَما بلَّغت رِساَلته﴾. قال ابن عباس: المعنى بلغ
جميع ما أنزل إليك من ربك، فإن كتمت شيئا منه فما بلغت رسالته، وهذا تأديب لحملة العلم من أمته ألا يكتموا
شيئا من أمر شريعته، ﴿واللَّه يعصمك من الناسِ﴾؛ أي يمنعك من أن ينالوك بسوء، قال الزمخشري: هذا وعد من الله
كان بالحفظ والكلاءة، والمعنى: والله يضمن لك العصمة من أعدائك، فما عذرك في مراقبتهم؟ روي أن رسول الله
يحرس حتى نزلت، فأخرج رأسه من قبة أدم وقال: انصرفوا أيها الناس، فقد عصمني الله -عز وجل- ﴿ِإنَّ اللَّه َلا
يه دي الْقَوم الْكَافرِين﴾؛ أي إنما عليك البلاغ، والله هو الذي يهدي من يشاء، فمن قضي له بالكفر لا يهتدي أبدا.
ثالثا: إلا أن أتباع اليهودي، تنكروا لهذا الوضوح، في محاولة التدليل على فكرة رئيسهم، فراحوا يعبثون بكلام
الله تعالى، محرفين له عن موضعه فكانت منهم صياغة مزورة، عنعنوها إلى لسان محمد بن علي بن الحسين بن علي بن
٥١٤ ، وانظر: "تفسير / ٢٤٢ ، "الكشاف" ١ / ٣٠٠ ) انظر: "صفوة التفاسير" محمد علي الصابوني ج ١ ص ٣٥٥ ، "القرطبي" ٦ )
القرآن العظيم" لابن كثير ج ٢ - ص ٧١ ،٧٠ ،٦٩ ، وانظر: "تفسير المنار" لمحمد رشيد رضا ج ٦- ص ٤٦٣ و ٤٧٤ ، وانظر:
"التفسير الكبير" للإمام الفخر الرازي -ج ١٢ - من ص ٤٨ إلى ٥٠ حيث أكد ما وضحناه، وعدد ما جاء عن المفسرين في سبب
نزول الآية في عشرة أوجه، قال بعدها: واعلم أن هذه الروايات وإن كثرت إلا أن الأولى حمله على أنه تعالى آمنه من مكر
اليهود والنصارى، وأمره بإظهار التبليغ من غير مبالاة منهم، وذلك لأن ما قبل هذه الآية بكثير، وما بعدها بكثير، لما كان
كلاما مع اليهود والنصارى امتنع إلقاء هذه الآية الواحدة في البين على وجه تكون أجنبية عما قبلها وبعدها. انتهى ص ٥٠ . لكن
التزوير الشيعي سكت عن قول الرازي هذا؛ ليوهم بأن الرازي ممن قال بأن الآية نزلت في فضل علي، والرازي السني لم يقل
أا في فضل علي، فلا علاقة بين الآية وبين علي. انظر: "التفسير الكاشف" محمد جواد مغينة - دار العلم للملايين، بيروت ط
ثالثة ١٩٨٠ ج ٣ - ص ٩٨ حيث قال الشيعي مغنية: (وقال جماعة من السنة إن الآية نزلت في فضل علي بن أبي طالب، لا
في خلافته، ونقل هذه القول الرازي) انتهى.
نعم، نقل الرازي قول الشيعة كوجه عاشر من أوجه أسباب النزول حيث قال: (العاشر نزلت الآية في فضل علي بن أبي
طالب، ولما نزلت هذه الآية أخذ النبي بيد علي وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه)، ثم أتبع ذلك مباشرة بما ذكرناه عاليه
معترضا علي قول الشيعة، لكن المفسر الشيعي سكت وأخفى عمدا وتدليسا قول الرازي النافي لقول الشيعة، وليوهم بأن الرازي
على رأيهم، خلافا للحقيقة.
أبي طالب، أي إلى من جعلوه إمامهم الخامس وأطلقوا تسمية: (حديث الغدير) على ما نسبوه إلى لسان هذا المظلوم
.( الأول من مظلومي الغدير( ٣٠١
ونظرا لطول الوضع الممل، حيث سطر المدعو: الطبرسي-الشيعي- كلامهم الموضوع، في تسع عشرة صفحة،
من كتابه "الاحتجاج" لذا نعرض حديث الغدير الشيعي على فقرات حتى يسهل تحليل كل فقرة على حدة مع
.( تركيزنا على مقاصد القوم( ٣٠٢
٣٠١ ) لا يهم في كتابي هذا تتبع العنعنة التي ألفها الشيعة أهل التزوير، والتي قلدوا فيها أهل السنة والجماعة، للإيهام بكون )
تزويرام صادرة عن لسان أحد أعلام الإسلام، من الصحابة أو من أهل البيت، أو عن لسان النبي نفسه أو جبريل. فنحن في
غنى عن تتبع زعم سند حديث الغدير الموضوع، الذي حشروا في سنده اثني عشر اسما عن "عن عن..." ليصلوا إلى لسان الإمام
أبي جعفر محمد الباقر الذي جعلوه معصومادف تصديق ما يضعون على لسانه، ويكفينا ما في متن الموضوع من بطلان فاضح.
٣٠٢ ) بلغ حرص هؤلاء القوم في إثبات باطلهم، حول وصية مزعومة، إلى إخراج كتاب بعنوان: "الغدير في الكتاب والسنة والأدب" )
تأليف الشيعي عبد الحسين أحمد الأميني النجفي، عني بنشره حسن إيراني بدار الكتاب العربي بيروت ط خامسة ١٤٠٣ ه
١٩٨٣ م في تسعة مجلدات.
المطلب الثالث
حديث الغدير الشيعي
في فقرة أولى منه:
قال الشيعة: (عن أبي جعفر محمد بن علي -عليه السلام- أنه قال: حج رسول الله -صلى الله عليه وآله- من
المدينة، وقد بلغ جميع الشرايع قومه غير الحج والولاية، فأتاه جبريل -عليه السلام- فقال له: يا محمد، إن الله جل اسمه
يقرئك السلام ويقول لك: إني لم أقبض نبيا ولا رسولا من رسلي إلا بعد إكمال ديني وتأكيد حجتي، وقد بقي
عليك من ذاك فريضتان مما تحتاج أن تبلغهما قومك: فريضة الحج وفريضة الولاية والخلافة من بعدك، فإني لم أخلي
أرضي من حجة ولن أخليها أبدا. فنادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في الناس: ألا إن رسول الله
يريد الحج فخرج -صلى الله عليه وآله- وخرج معه الناس، وأصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله، فحجم،
وبلغ من حج مع رسول الله من أهل المدينة وأهل الأطراف والأعراب سبعون ألف إنسان أو يزيدون، على نحو عدد
أصحاب موسى السبعين ألف الذي أخذ عليهم بيعة هارون، فنكثوا واتبعوا العجل والسامري، وكذلك أخذ رسول
الله -صلى الله عليه وآله- البيعة لعلي بالخلافة على عدد أصحاب موسى، فنكثوا البيعة، واتبعوا العجل والسامري،
.( سنة بسنة ومثلا بمثل) انتهى( ٣٠٣
١- أتباع اليهودي وأولياؤه، يشبهون الأمة المحمدية المرحومة بأمة اليهود الملعونة… أتباع اليهودي وأولياؤه
يفترون ويطعنون في أفضل من مشى على أرض الله بعد الأنبياء والمرسلين…أتباع اليهودي وأولياؤه يحرفون ما
وصفهم به كتاب الله في قوله تعالى: ﴿ِإنَّ الَّذين اتخذُوا الْعجلَ سيناُلهم غَضب من ربهِم وذلَّةٌ في الْحياة الدنيا
.[ وكَذَلك نجزِي الْمفْترِين﴾ [الأعراف: ١٥٢
٣٠٣ ) "الاحتجاج" تأليف أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي - الشيعي، تعليقات وملاحظات السيد محمد باقر )
الخراسان - الشيعي، مؤسسة النعمان بيروت ج ١ ص ٦٨ ، وهذا الكتاب عند الشيعة الإمامية موضع اعتماد الأعلام والباحثين
الشيعة، فالثقة الكبيرة التي يتمتعا مؤلف الكتاب عندهم زرعت في نفوسهم الاعتماد عليه والنقل عنه دون تمحيص وتحقيق
وتدقيق في إسناد الأخبار والأحاديث على حد تعبير محمد بحر العلوم الشيعي في مقدمة الكتاب ص و ز، والطبرسي مجهول سنة
الولادة والوفاء، ويرجحون أنه كان بين القرن الخامس والسادس الهجري ص أ، ب، والطبرسي نسبة إلى طبرستان.
هؤلاء المغضوب عليهم، يفترون ويرمون سلفنا الصالح، بنكث بيعة معدومة، واتباع عجل اليهود، وسامري
.( اليهود،دف رد الذم القرآني للعصيان والعدوان اليهودي، إلى صدر خير أمة أخرجت للناس( ٣٠٤
٢- ثم لا يخفي اللمز والرمز الآثم، الذي تعارف عليه أتباع اليهودي وأولياؤه ومن تبعهم ممن تسموا باسم الشيعة
أبي ، اللمز والرمز الخارج على جميع الآداب البشرية في إطلاقهم لفظ العجل ولفظ السامري على وزيري الرسول
بكر وعمر -رضي الله عنهما- مما يؤكد لنا هدف تشويه السلف الذي ستريده بيانا بعون الله ضمن أهداف العصمة
الشيعية.
٣- أما الحجة، فحسبنا كتاب الله، المعين الذي لا ينضب، المعجز الباقي إلى يوم الدين، لا يخلي الله تعالى أرضه
منه أرضا. وتجسيم الشيعة حجة الله في بدن إمام، مردود بكون الإمام ميت، ﴿كُلُّ من علَيها فَان * ويبقَى وجه ربك
.[٢٧ - ذُو الْجلاَلِ والإِكْراِم﴾ [الرحمن: ٢٦
فمن وجه ربي كلامه غير المخلوق، لكونه صفة من صفات الخالق كلام الله في كتابه هو الحجة، دون الخلق
أجمعين وما إصرار الشيعة على تنصيب حجة بشرية إمامية إلا لتدمير كتاب الله الحجة الحق، بلسان من نصبوه إماما،
بما يؤلفونه ويضعونه على لسانه من كذب وزور وتان، ولذلك عودة لمزيد البيان.
٤- وهل يليق بمن عدوه حجة خامسة محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أحد أفراد الذرية الطاهرة
والنسل الشريف، أن يشبه أمة جده المصطفى عليه صلاة الله وسلامه، بأمة اليهود سنة بسنة ومثلا بمثل؟ وهل ينطلي
علينا أن الحفيد المبارك باقر العلم أبا جعفر الصادق بن علي زين العابدين قد لمز وزيري جده بتلك التسمية الآثمة؟
٥- وهل يخفى على الباقر ما تواتر عن جده الخليفة الراشد علي بن أبي طالب من الوجوه الكثيرة أنه قال على
منبر الكوفة، وقد أسمع من حضر: (خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر). وبذلك أجاب محمد بن الحنفية، فيما
.( رواه البخاري في صحيحه وغيره من علماء الملة الحنيفية ( ٣٠٥
٣٠٤ ) انظر: ما قصه القرآن الكريم عن عجل اليهود وسامريهم في الآيات من ١٤٨ إلى ١٥٢ من سورة الأعراف، حيث وصمهم )
الله تعالى بالظلم والضلال وببئس الأخلاف لنبيهم وبالافتراء وبكوم أذلة مغضوب عليهم، وكذلك في الآيات من ٨٣ إلى ٩٨
حيث اتخذوا العجل إلها بإغواء السامري اليهودي.
. ٣٠٥ ) "منهاج السنة النبوية" ابن تيمية - ج ١ - ص ٣ )
في فقرة ثانية:
قال الشيعة: (فلما وقف بالموقف، أتاه جبرئيل -عليه السلام- عن الله -عز وجل- فقال: يا محمد، إن الله -عز
وجل- يقرئك السلام ويقول لك: إنه قد دنى أجلك ومدتك وأنا مستقدمك على ما لا بد منه ولا عنه محيص، فاعهد
عهدك وقدم وصيتك، واعمد إلى ما عندك من العلم وميراث علوم الأنبياء من قبلك، والسلاح والتابوت، وجميع ما
عندك من آيات الأنبياء فسلمه إلى وصيك وخليفتك من بعدك، حجتي البالغة على خلقي علي بن أبي طالب عليه
السلام، فأقمه للناس علما، وجدد عهده وميثاقه وبيعته، وذكرهم ما أخذت عليهم من بيعتي وميثاقي الذي واثقتهم،
وعهدي الذي عهدت إليهم من ولاية وليي ومولاهم ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي بن أبي طالب -عليه السلام-
فإني لم أقبض نبينا من الأنبياء إلا من بعد إكمال ديني وحجتي وإتمام نعمتي بولاية أوليائي ومعاداة أعدائي، وذلك
كمال توحيدي وديني وإتمام نعمتي على خلقي باتباع وليي وطاعته، وذلك أني لا أترك أرضي بغير ولي ولا قيم
ليكون حجة لي على خلقي، فاليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا، بولاية
وليي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، علي عبدي ووصي نبيي والخليفة من بعده، وحجتي البالغة على خلقي، مقرون طاعته
بطاعة محمد نبيي، ومقرون طاعته مع طاعة محمد بطاعتي، من أطاعه فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني، جعلته
علما بيني وبين خلقي، من عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا، ومن أشرك بيعته كان مشركا، ومن لقيني بولايته
دخل الجنة، ومن لقيني بعداوته دخل النار، فأقم يا محمد عليا، وخذ عليهم البيعة، وجدد عهدي وميثاقي لهم الذي
.( واثقتهم عليه، فإني قابضك إليَّ ومستقدمك علي) انتهى( ٣٠٦
- وهكذا يزور أتباع اليهودي وأولياؤه، إرادة جمعيتهم الخفية، ليس على لسان النبي وجبريل ومحمد الباقر
فحسب، بل يفترون تتريلها من لدن رب العزة -تبارك وتعالى- بذاك الأسلوب الركيك الغريب المتنافي مع أسلوب
التتريل الحكيم وقد قصدت نقل الفقرة بكاملها، كعينة من الآلاف المصنوعة، بمصنع التزوير الشيعي.
- ثم بعد صياغتهم هذه، وما جاءا من تكرار وتأكيد، لأمر وصية مزعومة واستخلاف مجهول، مع زخارف
توريث آيات الأنبياء وتابوت بعهد وميثاق وبيعة، وإقامة عليم وسيط قيم ولي حجة بين الخالق والمخلوقين، إلى غير
ذلك من زخرف القول غرورا وتغريرا جاء أتباع اليهودي وأولياؤه بأبلغ الإساءة لنبينا محمد عليه صلاة الله وسلامه.
. ٣٠٦ ) "الاحتجاج" الطبرسي - الشيعي ج ١ ص ٦٩ )
في فقرة ثالثة:
قال الشيعة: (فخشي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- من قومه وأهل النفاق والشقاق، أن يتفرقوا
ويرجعوا إلى جاهلية، لما عرف من عداوم، ولما تنطوي عليه أنفسهم لعلي من العداوة والبغضاء، وسأل جبرئيل أن
يسأل ربه العصمة من الناس، وانتظر أن يأتيه جبرئيل بالعصمة من الناس عن الله جل اسمه، فأخر ذلك إلى أن بلغ
مسجد الخيف فأتاه جبريل -عليه السلام- في مسجد الخيف، فأمره بأن يعهد عهده ويقيم عليا علما للناس يهتدون
به، ولم يأته بالعصمة من الله جل جلاله بالذي أراد، حتى بلغ كراع الغميم بين مكة والمدينة، فأتاه جبرئيل وأمره
بالذي أتاه فيه من قبل الله ولم يأته بالعصمة. فقال: يا جبرئيل، إني أخشى قومي أن يكذبوني، ولا يقبلوا قولي في علي
عليه السلام، فسأل جبرئيل كما سأل، بترول آية العصمة فأخره ذلك فرحل. فلما بلغ غدير خم قبل الجحفة بثلاثة
أميال، أتاه جبرئيل عليه السلام، على خمس ساعات مضت من النهار، بالزجر والانتهار، والعصمة من الناس فقال: يا
محمد، إن الله -عز وجل- يقرئك السلام ويقول لك: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك في علي وإن لم
.( تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) انتهى( ٣٠٧
- بئس القوم الذي ينسبون إلى نبيهم المرسل، تأخير البلاغ والتلكؤ والتردد في تنفيذ أمر ربه، خوفا من الناس،
بئس القوم الذين يصفون نبيهم بالتسويف والمماطلة، والاشتراط على ربه لحمايته، قبل تنفيذ أمره وإبلاغ رسالته،
بئس القوم الذين يفترون على نبيهم مراجعة ربه مرات، خوفا وفرطا، حتى يأتيه الزجر والانتهار.
بالمدينة، وقد أطلق - فأولا: يترل جبريل -عليه السلام- بالأمر أمر الحج والولاية والخلافة على النبي
الوضاعون على الولاية والخلافة لفظ الفريضة، مع فريضة الحج سواء، ورغم صدور أمر بإبلاغ الفريضتين إلى الناس،
إلا أن الرسول يخفي فريضة الولاية والخلافة، طوال الطريق من المدينة إلى الموقف؛ أي إلى وقفة عرفات، وفي زعم
فضلا عن إساءة التعليل الشيعي، بحصر سبب تأخير الإخفاء هذا طوال هذا الطريق: الإساءة الأولى ضد رسول الله
البلاغ، في كون الصحابة أهل نفاق وشقاق، تنطوي أنفسهم على العداوة والبغضاء لعلي بن أبي طالب وفي ذلك
. ٣٠٧ ) المرجع السابق -ج ١ - ص ٧٠ ،٦٩ )
ومخالفة لما مدح الله به رسوله وأصحابه في قوله تعالى: ﴿محمد رسولُ اللَّه والَّذين معه َأشداءُ علَى ازدراء بالنبي
.(٣٠٨)[ الْكُفَّارِ رحماءُ بينهم﴾ [الفتح: ٢٩
حال الوقوف بعرفات بذات الأمر المؤكد الموثق المعهود وثانيا: يعاود جبريل عليه السلام الترول إلى النبي
المكرر بصيغة طويلة مطولة مع تحريف آية قرآنية في قوله تعالى: ﴿الْيوم َأكْملْت َلكُم دينكُم وَأتممت علَيكُم ِنعمتي
٣٠٩ ). حرفها الوضاعون أتباع اليهودي وأولياؤه بإضافة: (بولاية وليي ومولى )[ و رضيت َلكُم الْإِسلَام دينا﴾ [المائدة: ٣
كل مؤمن ومؤمنة، علي عبدي ووصي نبيي والخليفة من بعده) إلى آخر التزوير الطويل المطول الذي زوروه على الله،
تعالى الله عن تزوير المزورين ورغم إعادة إصدار الأمر بذلك التفصيل الممل في عرفات، إلا أن الرسول يخشى قومه،
ولا يمتثل لأمر ربه، فلا يقوم بالبلاغ، سائلا جبريل سؤال ربه العصمة له من الناس. ومن هؤلاء الناس؟ إم أهل
القرن الأول خير القرون، السلف الصالح ومن دخل في دين الله أفواجا، بعدما جاء نصر الله والفتح، هؤلاء يصفهم
أتباع اليهودي وأولياؤه، بكوم أهل النفاق والشقاق، المنطوية أنفسهم على العداوة والبغضاء، لعلي بن أبي طالب،
وكأن علي بن أبي طالب ليس منهم، وكأنه ليس متآلفا مع جماعتهم ولا يأتي جبريل بالعصمة، فلا يقوم الرسول
فضلا عن الإساءة المتشعبة ضد سلف الأمة، بالبلاغ في الموقف، وفي تلك التهمة: الإساءة الثانية ضد رسول الله
وضد علي بن أبي طالب، وضد كلام الله، وضد رسول الوحي، بل ضد من أنزل الكتاب وبعث الرسول، تعالى الله
عن إساءات أهل الوصية المعدومة.
وثالثا: في مسجد الخيف (بمنى) بعد الإفاضة في أيام التشريق، يترل جبريل للمرة الثالثة، بالأمر نفسه: إقامة علي
علما للناس يهتدون به بولاية العهد له بالخلافة ونظرا لأن جبريل لم يأت بالعصمة المطلوبة المشروطة، فإن النبي لم
. يمتثل هنا في (منى) كذلك، فامتنع عن تنفيذ أمر ربه في زعم الصياغة الشيعية في الإساءة الثالثة ضد رسول الله
٣٠٨ ) انظر: "رسالة في الرد على الرافضة" تأليف الشيخ محمد بن عبد الوهاب، تحقيق الدكتور ناصر بن سعد الرشيد، مركز البحث )
العلمي وإحياء التراث الإسلامي، مكة المكرمة ط ثانية بإشراف دار المأمون التراث ١٤٠٠ ه- ص ٨ ،٧ ،٦ ، تحت عنوان:
مطلب الوصية بالخلافة حيث قبح الشيخ كذب الشيعة والإساءة إلى النبي وإلى علي.
وهو واقف بعرفة قبل يوم الغدير بسبعة أيام، ثم لبس فيها دلالة على علي رضي الله ، ٣٠٩ ) ثبت أن الآية نزلت على الرسول )
، عنه بوجه، ولا على إمامته. انظر: "المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال" للذهبي - ص ٤٢٥
. وكذا "منهاج السنة النبوية" لابن تيمية - ج ٤ ص ١٧ ،١٦ ،١٥
ورابعا: في طريق العودة من مكة إلى المدينة، في موضع يقال له (كراع الغميم) يترل جبريل يأمر النبي للمرة
الرابعة بالذي أتاه فيه من قبل الله، ولم يأته بالعصمة المشروطة من قبل النبي، الذي كرر إبداء خشية من قومه وكرر
طلب العصمة، رافضا البلاغ بحجة التكذيب وعدم قبول قوله في تعيين علي للخلافة، مماطلا في تنفيذ أمر ربه المتكرر
للمرة الرابعة. في النص الشيعي، المسيء ضد رسول الله
وخامسا: بعد جزء آخر من طريق العودة عند موضع يقال له: (غدير خم) يترل جبريل على النبي بالزجر
للمرة الرابعة. وهذا التعبير المسيء هو خلاصة الإساءات والانتهار، على حد التعبير الشيعي المسيء ضد رسول الله
لحساب وصية استخلاف شيعية ما الشيعية في حديث الغدير الشيعي الهادف إلى تشويه السلف وتشويه سيرة النبي
أنزل اللها من سلطان. هذا مع شناعة التحريف لقوله تعالى: ﴿يا َأيها الرسولُ بلِّغْ ما ُأنزِلَ ِإَليك من ربك وِإنْ َلم
.[ تفْعلْ فَما بلَّغت رِساَلته واللَّه يعصمك من الناسِ﴾ [المائدة: ٦٧
تحريفا معنويا بتلبيسها مع (غدير خم)، وتحريفا لفظيا بشناعة القول الشيعي: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك
من ربك في علي وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس). بإضافة (في علي) وعلي -كرم الله
وجهه- أول من يتبرأ ممن حرف كلام الله، ليعطي له ما ليس له بحق، ممن صاغ فكرة وصية ابن سبأ في غدير خم.
المطلب الرابع
حقيقة قصة الغدير
- هذه هي فكرة ابن سبأ عن الوصية، ثم بناء العقيدة الشيعية على فكرته، بصفته المؤسس للشيعة الإمامية، وهو
ما يهمنا إثباته والتركيز عليه في استعراضنا لعقائد الشيعة، في هذا الفصل الثاني.
- ونجد من المفيد، قبل انتقالنا إلى عقدة شيعية أخرى مع فكرا السبئية، أن نعرض أصل حقيقة قصة الغدير، التي
اختلستها الشيعة وحورا، ولبستا آية قرآنية، حرفتها ابتغاء التدليلا على فكرة المؤسس الأول ابن سبأ.
في السيرة النبوية لابن كثير:
خطب بمكان بين مكة والمدينة، مرجعه من حجة الوداع ١- فصل في إيراد الحديث الدال على أن النبي
قريب من الجحفة يقال له: (غدير خم). فبين فيها فضل علي بن أبي طالب، وبراءة عرضه، مما كان تكلم فيه بعض
من كان معه بأرض اليمن، بسبب ما كان صدر منه إليه من المعدلة، التي ظنها بعضهم جورا وتضييقا وبخلا والصواب
.( كان معه في ذلك( ٣١٠
٢- قال محمد بن إسحاق، في سياق حجة الوداع بسنده عن ابن ركانة قال: (لما أقبل علي من اليمن، ليلقى
بمكة، تعجل إلى رسول الله واستخلف على جنده الذين معه رجلا من أصحابه، فعمد ذلك الرجل رسول الله
فكسا كل رجل من القوم حلة من البز الذي كان مع علي، فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم، فإذا عليهم الحلل، قال:
ويلك ما هذا؟ قال: كسوت القوم ليتجملوا به إذا قدموا في الناس. قال: ويلك انزع قبل أن تنتهي به إلى رسول الله
.( قال: فانتزع الحلل من الناس فردها في البز. قال: وأظهر الجيش شكواه لما صنعم)( ٣١١ .
٧٧٤ ه - دار المعرفة بيروت- تحقيق مصطفى عبد الواحد - ٣١٠ ) "السيرة النبوية" للإمام أبي الفداء إسماعيل بن كثير ٧٠١ )
. ١٣٩٥ ه - ١٩٧٦ م - ج ٤ - ص ٤١٤
٣١١ ) المرجع السابق - ج ٤ - ص ٤١٥ وسند ابن إسحاق: حدثني يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمره، عن يزيد بن )
طلحة بن يزيد بن ركانة.
٣- وقال الإمام أحمد بإسناده: (عن بريدة قال: غزوت مع علي اليمن فرأيت فيه جفوة، فلما قدمت على رسول
ذكرت عليا فتنقصته، فرأيت وجه رسول الله يتغير، فقال: يا بريدة، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: الله
.( بلى يا رسول الله. قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه)( ٣١٢
٤- (ولهذا لما تفرغ -عليه الصلاة والسلام- من بيان المناسك ورجع إلى المدينة، بين ذلك في أثناء الطريق،
فخطب خطبة عظيمة في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة عامئذ العاشر الهجري وكان يوم الأحد (بغدير خم) تحت
شجرة هناك، فبين فيها أشياء، وذكر من فضل علي وأمانته وعدله وقربه إليه ما أراح به ما كان في نفوس كثير من
.( الناس منه مع إعلامنا أنه لا حظّ للشيعة فيه، ولا متمسك لهم ولا دليل)( ٣١٣
إنصافا ، - إذن فواقعة حلل اليمن، وما اعتبره الجند جفوة من القائد، هما أصل وحقيقة ما قاله رسول الله
لقائد حملته اليمنية. وقد تناثر حوله اللغط من جند الحملة، حال عودم ضمن ركب الحجيج، العائد من حجة
الوداع.
- خلاف بشري بين اجتهاد القائد، الذي أراد تقديم جميع بضاعة الحملة بين يدي الرسول القائد الأعلى،
ليتصرف فيها بما يراه، وبين اجتهاد أعضاء الحملة، الذين رغبوا التجمل ببعض مغانم الحملة المشاركين فيها.
٤١٦ - وسند الإمام أحمد: حدثنا الفضل بن دكين، حدثنا ابن أبي غنية، عن الحكم، عن - ٣١٢ ) المرجع السابق - ج ٤ - ص ٤١٥ )
سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن بريدة، وكذا رواه النسائي عن أبي داود الحراني، عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن عبد الملك
. بن أبي غنية بإسناده نحوه، وهذا إسناد جيد قوي رجاله كله ثقات ص ٤١٦
٣١٣ ) المرجع السابق -ج ٤- ص ٤١٤ ، وقال ابن كثير في نفس الصفحة: (وقد اعتنى بأمر هذا الحديث أبو جعفر محمد بن جرير )
الطبري- صاحب التفسير والتاريخ، فجمع فيه مجلدين أورد فيهما طرقه وألفاظه، وساق الغث والسمين والصحيح والسقيم، على
ما جرت به عادة كثير من المحدثين يوردون ما وقع لهم في ذلك الباب، من غير تمييز بين صحيحه وضعيفه، وكذلك الحافظ
الكبير أبو القاسم بن عساكر أورد أحاديث كثيرة في هذه الخطبة) انتهى. مما يدعم ويؤازر أحد أعلام العصر الذين فهموا حقيقة
١٣٨٩ ه الذي قال: (إذا بدأ المشتغلون بتاريخ الإسلام من أفاضل - الشيعة، ألا وهو محب الدين الخطيب -رحمه الله- ١٣٠٣
المسلمين، في تمييز الأصيل عن الدخيل من سيرة هؤلاء الأفاضل العظماء، فإم ستأخذهم الدهشة لما اخترعه إخوان أبي لؤلؤة
وتلاميذ عبد الله بن سبأ واوس، الذين عجزوا عن مقاومة الإسلام وجها لوجه في قتال شريف، فادعوا الإسلام كذبا، ودخلوا
قلعته مع جنوده خلسة، وقاتلوهم بسلاح التقية، بعد أن حولوا مدلولها إلى النفاق، فأدخلوا في الإسلام ما ليس منه، وألصقوا
٥ وها نحن تأخذنا الدهشة من - بسيرة رجاله ما لم يكن فيها ولا من سجية أهلها) انظر: تصدير "العواصم من القواصم" ص ٤
بناء الوصية الشيعية على فكرة نفثها ابن سبأ، بل بناء جميع العقائد الشيعية على أفكار ذلك اليهودي المؤسس.
- فما بال الشيعة: يركبون وقائع التاريخ الإسلامي، ويتلاعبونا عوجا، لتدعيم أفكار زعيمهم؟ إذ لا محل
لإيقاع آية قرآنية على تلك الواقعة، مع تحريف الآية معنى ولفظا، إلا لاختلاق وصية ما أنزل اللها من سلطان. وهو
تحريف واختلاق مردود لما يلي:
أولا: الحديث الشريف: (من كنت مولاه فعلي مولاه) لا يدل على ولاية السلطة التي هي الإمامة أو الخلافة، ولم
يستعمل هذا اللفظ في القرآنذا المعنى، بل المراد بالولاية فيه: ولاية النصرة والمودة، التي قال الله تعالى فيها في كل
من المؤمنين والكافرين: ﴿بعضهم َأولياءُ بعضٍ﴾( ٣١٤ ) [التوبة: ٧١ ]. ومعناه. من كتب ناصرا له ومواليا له، فعلي له
فينصر من ينصر ، ناصر وموالي، أو من والاني ونصرني فليوال عليا وينصره، وحاصل معناه: أنه يقفو أثر النبي
النبي، وعلى من ينصر النبي أن ينصره، وهذه مزية عظيمة، وقد نصر -كرم الله وجهه- أبا بكر وعمر وعثمان
ووالاهم.
فالحديث ليس حجة على من والاهم مثله من أهل السنة والجماعة، بل حجة له على من يبغضهم ويتبرأ منهم،
أي حجة للسنة ضد الشيعة، وليس العكس، فهو لا يدل على الإمامة، بل يدل على نصره إماما ومأموما، ولو دل
.( على الإمامة عند الخطاب، لكان إماما مع وجود النبي، ولم يقل أحد بذلك( ٣١٥
ثانيا: ثم إننا نجزم بأن مسألة الإمامة، لو كان فيها نصا من القرآن أو الحديث لتواتر واستفاض، ولم يقع فيها ما
وذكرهم بنص الوصية ، وقع من الخلاف، ولتصدى علي -كرم الله وجهه- للقيام بأمر المسلمين يوم وفاة النبي
المزعومة، وبين لهم ما يحسن بيانه في ذلك الوقت، وكان هو الواجب عليه لو كان يعتقد أنه الإمام بعد رسول الله
بأمر من الله ورسوله، ولكنه لم يقل ذلك، ولا احتج بالآية، هو ولا أحد من آل بيته وأنصاره الذين يفضلونه على
غيره. لا يوم السقيفة ولا يوم الشورى بعد عمر، ولا قبل ذلك ولا بعده في زمنه، وهو الذي كانت لا تأخذه في الله
٣١٤ ) عن موالاة المؤمنين بعضهم لبعض قوله تعالى: ﴿والْمؤمنونَ والْمؤمنات بعضهم َأولياءُ ب عضٍ يأْمرونَ ِبالْمعروف وينهونَ عنِ )
الْمنكَرِ ويقيمونَ الصلَاةَ ويؤتونَ الزكَاةَ ويطيعونَ اللَّه ورسوَله ُأوَلئك سيرحمهم اللَّه ِإنَّ اللَّه عزِيز حكيم﴾ [التوبة: ٧١ ]. وعن
موالاة الكافرين بعضهم لبعض قوله تعالى: ﴿والَّذين كَفَروا بعضهم َأولياءُ ب عضٍ ِإلَّا تفْعلُوه تكُن فتنةٌ في الْأَ رضِ وفَساد كَبِير﴾
.[ [الأنفال: 73
٣١٥ ) "تفسير القرآن الحكيم" الشهير بتفسير المنار تأليف: السيد محمد رشيد رضا، منشئ المنار طبعة ثالثة أصدرا دار المنار بمصر )
. ١٣٧٥ ه ج ٦ - ص ٤٦٦ ،٤٦٥
لومة لائم، ولم يعرف التقية في قول ولا عمل، وإنما وجدت هذه المسائل ووضعت لها الروايات واستنبطت الدلائل
.( بعد تكون الفرق وعصبية المذاهب( ٣١٦
ثالثا: والوصية بالخلافة لا مناسبة لها في سياق محاجة أهل الكتاب، فهي مما لا ترضاه بلاغة القرآن، بل لو أراد
النص على خليفته من بعده وتبليغ ذلك للناس. لقاله في خطبته في حجة الوداع، وهي التي استشهد الناس النبي
فيها على تبليغه فشهدوا، وأشهد الله على ذلك.
دع سياق الآية وما قبلها وما بعدها، فإا هي نفسها لا تقبل أن يكون المراد بالتبليغ فيها تبليغ الناس إمارة علي:
فإن جملة ﴿وِإنْ َلم تفْعلْ﴾ الشرطية التي بعد جملة ﴿بلِّغْ﴾ الأمرية، وجملة أمر العصمة، وجملة التذييل التعليلي بنفي
.( هداية الكافرين لا يناسب شيًئا منها، تبليغ الناس مسألة الإمارة( ٣١٧
والخلاصة: أن هذه هي حقيقة قصة الغدير، التي ركبها الشيعة، واختلقوا حولها قصة وصية خلافة مزعومة، مع
تلبيس قصتهم بآية قرآنية حرفوها عن موضعها لفظا ومعنى، كدأم في تحريف الكلم عن مواضعه، الذي سنعاين منه
الكثير، وما كان انحرافهم هذا إلا لتأييد فكرة مؤسس فرقتهم ابن سبأ التي نفثها في جسم أمة الإسلام.
٣١٦ ) المرجع السابق - ج ٦ - ص ٤٦٦ ، وانظر: "السيرة النبوية" لابن كثير ج ٤- ص ٥٠٠ حيث قال: (لو كان الأمر كما )
يزعم الرافضة أن رسول الله أوصى إلى علي بالخلافة لما رد ذلك أحد من الصحابة، فإم كانوا أطوع لله ورسوله في حياته
وبعد وفاته من أن يفتاتوا عليه فيقدموا غير من قدمه ويؤخروا من قدمه، حاشا وكلا، ولم ومن ظن بالصحابة رضوان الله عليهم
ومضادته في حكمه ونصه، ومن وصل من الناس إلى هذا ، ذلك فقد نسبهم بأجمعهم إلى الفجور والتواطؤ على معاندة الرسول
المقام فقد خلع ربقة الإسلام وكفر بإجماع الأئمة الأعلام، وكان إراقة دمه أحل من إراقة الْمدام، ثم لو كان مع علي بن أبي
طالب -رضي الله عنه- نصا فلم لا -كان- يحتج به على الصحابة على إثبات إمارته عليهم وإمامته لهم؟ فإن لم يقدر على تنفيذ
ما معه من النص فهو عاجز، والعاجز لا يصلح للإمارة وإن كان يقدر ولم يفعل فهو خائن، والخائف الفاسق مسلوب معزول عن
الإمارة، وإن لم يعلم بوجود النص فهو جاهل، ثم وقد عرفه وعلمه من بعده هذا محال وافتراء وجهل وضلال. وإنما يحسن هذا في
أذهان الجهلة الطغام والمغترين من الأنام يزينه لهم الشيطان، بلا دليل ولا برهان، بل بمجرد التحكم والهذيان والإفك والبهتان).
، ٤٦٧ وانظر: "مختصر التحفة الاثني عشرية" للدهلوي ص ١٥٩ إلى ١٦٢ - ٣١٧ ) "نفس المنار" رشيد رضا- ج ٦ - ص ٤٦٦ )
. وانظر: "منهاج السنة" لابن تيمية ج ٤ من ص ٩ إلى ١٥
المبحث الثاني
الإمامة الشيعية الاثنا عشرية
نقسم هذا المبحث إلى أربعة مطالب:
المطلب الأول: ابتناء الإمامة على فكرة ابن سبأ.
المطلب الثاني: حصوة الإمامية المختومة.
المطلب الثالث: كتاب السماء الإمامي المختوم.
المطلب الرابع: لوح الإمامة الاثني عشرية الزمرد الأخضر.
المطلب الأول
ابتناء الإمامة على فكرة ابن سبأ
أولا: ابن سبأ هو أول من أشهر القول بفرض إمامة علي بن أبي طالب، ذكر ذلك النوبختي الشيعي المتوفى عام
٣١٠ ه، وعقب بقوله: (فمن هناك قال من خالف الشيعة أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية)( ٣١٨ ) نعم، نقول:
إن أصل الرفض مأخوذ من اليهود، لكون اليهودي المتمسلم ابن سبأ هو أول من ابتدع إمامة علي بن أبي طالب،
وجعلها فرضا من فروض الإسلام وركنا من أركانه، لإبطال إمامة الخلفاء الراشدين الثلاثة من قبله، لتحقيق أهداف
يهودية، انساق لها الشيعة عن جهل أو عن عمد.
نعم، فكرة الإمامة الشيعية ألقاها ابن سبأ في عالم الإسلام، لم يسبقها أحد، وهذا شاهد شيعي قد أقر بذلك،
.( ومكانته عندهم أنه من أكابر الطائفة، متكلم فيلسوف موثوق، إمامي الاعتقاد( ٣١٩
ثانيا: هذا فضلا عن جميع أهل السنة والجماعة، الموقنين بزعامة ابن سبأ لكل شيعي، لكونه صانع الإمامة الأسبق.
فمما قاله الشهرستاني الشافعي المذهب، المتوفى عام ٥٤٨ ه عن ابن سبأ، أنه أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي
-رضي الله عنه- ومنه انشعبت أصناف الغلاة، وأنه زعم أن عليا لا يجوز أن يستولى عليه، وأنه اجتمعت عليه جماعة
.( هم أول فرقة قالت بالتوقف( ٣٢٠
وقال المقريزي المتوفى عام ٨٤٥ ه: (وقام في زمن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عبد الله بن وهب بن
لعلي بالإمامة من بعده، فهو وصي رسول سبأ، المعروف بابن السودان السبئي، وأحدث القول بوصية رسول الله
الله وخليفته على أمته من بعده بالنص، ومن ابن سبأ هذا تشعبت أصناف الغلاة من الرافضة، وصاروا يقولون
. ٣١٨ ) "فرق الشيعة" الحسن بن موسى النوبختي الشيعي ص ٢٢ )
٣١٩ ) المرجع السابق ص ز، ح. )
٣٢٠ ) "الملل والنحل" أبي الفتح محمد عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني، دار الفكر بيروت تحقيق الأستاذ عبد العزيز محمد )
. الوكيل- ص ١٧٤
بالوقف، يعنون أن الإمامة موقوفة على أناس معينين، كقول الإمامية بأا في الأئمة الاثني عشر، وقول الإسماعيلية بأا
.( في ولد إسماعيل بن جعفر الصادق)( ٣٢١
ثالثا: صاغ الشيعة عقيدة الإمامة ابتناء على فكرة ابن سبأ، وجعلوها أصلا من أصول الدين، لا يتم الإيمان
عندهم إلا بالاعتقادا. وأصول الدين الشيعي حصروها في خمسة أصول: (التوحيد، العدل، النبوة، الإمامة،
.( المعاد)( ٣٢٢
وسنرى كلما تقدمنا في البحوث بعون الله كيف هدمت الإمامة باقي أصولهم.
والذي يهمنا هنا الآن، هو إبراز بعض النصوص الشيعية، حول تأصيل فكرة المؤسس، لنرى كيف يستخف
أتباعه بعقول المسلمين، وكيف يتجرءون بتزويرهم إلى حد إنزال الكتب من السماء.
٣٢١ ) "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المعروف بالخطط المقريزية" تقي الدين أبي العباس أحمد بن علي المقريزي، دار )
.٣٥٧ - صادر بيروت ج ٢- ص ٣٥٦
٣٢٢ ) "العقائد الإسلامية" الإمام المرجع الشيعي السيد محمد الحسيني الشيرازي، دار الجميع للنشر بيروت ط ثانية ١٣٩٩ ه )
. ١٩٧٩ م - ص ٧
المطلب الثاني
حصوة الإمامة المختومة
أوًلا: جاء في كافي الشيعة -الذي هو أوثق كتاب عندهم- خرافة أم أسلم والحصاة والختم، التي صاغوها
لإثبات الوصية والإمامة، قالوا: (جاءت أم أسلم يوما إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو في مترل أم سلمة
… فقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، إني قد قرأت الكتب وعلمت كل نبي ووصي، فموسى كان له وصيا في
حياته ووصيا بعد موته، وكذلك عيسى، فمن وصيك يا رسول الله؟ فقال لها: يا أم أسلم وصيي في حياتي وبعد مماتي
واحد، ثم قال لها: يا أم أسلم من فعل فعلي هذا فهو وصيي، ثم رب بيده إلى حصاة من الأرض ففركها بإصبعه
فجعلها شبه الدقيق، ثم عجنها، ثم طبعها بخاتمه ثم قال: من فعل فعلي هذا فهو وصيي في حياتي وبعد مماتي، فخرجت
من عنده فأتيت أمير المؤمنين -عليه السلام- فقلت: بأبي أنت وأمي، أنت وصي رسول الله -صلى الله عليه وآله
وسلم؟ قال: نعم يا أم أسلم، ثم ضرب بيده إلى حصاة ففركها، فجعلها كهيئة الدقيق، ثم عجنها وختمها بخاتمه، ثم
قال: يا أم أسلم من فعل فعلي هذا فهو وصيي. فأتيت الحسن -عليه السلام- وهو غلام فقلت له: يا سيدي أنت
وصي أبيك؟ فقال: نعم يا أم أسلم، وضرب بيده فأخذ حصاة ففعلا كفعلهما. فخرجت من عنده فأتيت الحسين
-عليه السلام- وإني لمستصغرة لسنه، فقلت له: بأبي أنت وأمي أنت وصي أخيك؟ فقال: نعم يا أم أسلم، ائتيني
بحصاة ثم فعل كفعلهم. فعمرت أم أسلم حتى لحقت بعلي بن الحسين بعد قتل الحسين في منصرفه فسألته: أنت وصي
أبيك؟ فقال: نعم، ثم فعل كفعلهم صلوات الله عليهم أجمعين)( ٣٢٣ ) انتهى!!
- هذا حديث من أحاديث إثبات وصية الإمامة الشيعية، ساقواا الإمامة إلى الرابع في حوار الحصاة، المفروكة،
المعجونة، المختومة!! كعينة يدللا الشيعة على عقيدة الوصية والإمامة، دعما منهم لفكرة زعيمهم.
٣٢٣ ) "الأصول من الكافي" أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي -دار صعب ودار التعارف بيروت- صححه )
٣٥٦ ، هذا الكليني -الشيعي الأعور، كان شيخ الشيعة - وعلق عليه علي أكبر الغفاري =ط رابعة ١٤٠١ ه- ج ١ ص ٣٥٥
في وقته قبل هلاكه عام ٣٢٩ ه- وقد انتهت إليه رئاسة فقهاء الإمامية في أيام المقتدر - وأدرك زمان سفراء المهدي الغائب،
١٤ ،١٣ - مما نفهم منه باعه الطويل في تأصيل أفكار ابن سبأ بمثل - وقد انفرد بتأليف كتاب الكافي في أيامهم - انظر ج ١
حديث المتن، وغيره من ألوان الإفك الذي سنعاين منه الكثير -والله المستعان.
ثانيا: وهناك حصاة أخرى صلبة، ليست مفروكة كالدقيق ولا معجونة لكنها مطبوعة بختم الأئمة، واحدا بعد
الآخر حتى الثامن، جميعهم ختموها على صلابتها دون فرك وعجن، لامرأة أخرى أسماها الشيعة: حبابة الوالبية،
صنعوا عنها قصة يدللونا على الإمامة: قالوا: (عن حبابة الوالبية قالت: رأيت أمير المؤمنين فلم أزل أقفو أثره حتى
قعد في رحبة المسجد فقلت: يا أمير المؤمنين، ما دلالة الإمامة -يرحمك الله؟ فقال: ائتيني بتلك الحصاة وأشار بيده إلى
حصاة، فأتيتها، فطبع لي فيها بخاتمه، ثم قال لي: يا حبابة إذا ادعى مدع الإمامة، فقدر أن يطبع كما رأيت فاعلمي
أنه إمام مفترض الطاعة، والإمام لا يعزب عنه شيء يريده. قالت: ثم انصرفت حتى قبض أمير المؤمنين، فجئت إلى
الحسن وهو في مجلس أمير المؤمنين والناس يسألونه فقال: يا حبابة الوالبية، قلت: نعم يا مولاي، قال هاتي ما معك،
فأعطيته فطبع فيها كما طبع أمير المؤمنين.
قالت: ثم أتيت الحسين وهو في مسجد رسول الله، فقرب ورحب ثم قال: إن في الدلالة دليل على ما تريدين،
أفتريدين دلالة الإمامة؟ فقلت: نعم يا سيدي، فقال: هاتي ما معك، فناولته الحصاة فطبع لي فيها. قالت: ثم أتيت علي
بن الحسين، وقد بلغ بي الكبر إلى أن ارتعشت، وأنا أعد يومئذ مائة وثلاث عشرة سنة، فرأيته راكعا وساجدا
مشغولا بالعبادة، فيئست من الدلالة، فأومأ لي بالسبابة فعاد إليَّ شبابي… ثم قال لي: هاتي ما معك. فأعطيته الحصاة
فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا جعفر فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا الحسن موسى فطبع لي فيها، ثم أتيت الرضا فطبع لي فيها.
!!( وعاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر). انتهى( ٣٢٤
هذه هي حصاة الإمامة، في متحف الكليني، الذي انتهت إليه مشيخة ورئاسة فقهاء الإمامية في القرن الثالث ثم
الرابع، نجدها معروضة في حوزة المرأة الوالبية، داخل أوثق كتب الأحاديث الشيعية، خلف باب عليه لافته بعنوان:
(ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة)!!… المرأة الوالبية التي أعاد شباا علي بن الحسين بإماءة من
سبابته، فعاشت تتردد على الأئمة بحصاا، حتى الرضا (الثامن) الذي عمر من ١٤٨ ه إلى ٢٠٣ ه… فإذا كان
عمر بن الحسين من ٣٨ ه إلى ٩٥ ه، وعلى أيامه كان عمر المرأة ١١٣ سنة، إذن فقد تجاوزت المائتين!!. إما
تحفتان: تحفة الحصاة وتحفة المرأة ، أتحفناما الشيعة، دليلان على الإمامة حتى الثامن!!!.
ثالثًا: دليل الحصاة المفروكة المعجونة، أثبت به الكليني الشيعي عقيدة الإمامة حتى الرابع، ثم حصاة الوالبية أثبت
الإمامةا حتى الثامن… فكيف الإثبات حتى الحادي عشر؟؟
. ٣٢٤ ) المرجع السابق - ج ١ ص ٣٤٧ ،٣٤٦ )
عند الكليني: لا مشكلة، فقد أتحفنا بالرواية التالية: قال: (عن أبي هاشم داوود بن قاسم الجعفري قال: كنت عند
أبي محمد -عليه السلام أي الحسن العسكري الحادي عشر- فاستؤذن لرجل من أهل اليمن عليه، فدخل رجل
عبل( ٣٢٥ ) طويل جسيم، فسلم عليه بالولاية فرد عليه بالقبول، وأمره بالجلوس مجلسا ملاصقا لي. فقلت في نفسي:
ليت شعري من هذا؟ فقال أبو محمد -عليه السلام-: هذا من ولد الأعرابية صاحبة الحصاة التي طبع آبائي -عليهم
السلام- فيها بخواتيمهم فانطبعت، وقد جاءا معه يريد أن أطبع فيها، ثم قال: هاا، فأخرج حصاة وفي جانب منها
موضع أملس فأخذها أبو محمد -عليه السلام- ثم أخرج خاتمه فطبع فيها فانطبع، فكأني أرى نقش خاتمه الساعة
فقلت لليماني: رأيته قبل هذا قط؟ قال: لا والله وإني لمنذ دهر حريص على رؤيته حتى كأن .« الحسن بن علي »
الساعة أتاني شاب لست أراه فقال لي: قم فادخل فدخت. ثم ض اليماني وهو يقول: رحمة الله وبركاته عليكم أهل
البيت ذرية بعضها من بعض، أشهد بالله أن حقك لواجب كوجوب حق أمير المؤمنين -عليه السلام- والأئمة من
بعده وسألته عن اسمه فقال: اسمي مهجع بن الصلت بن عقبة بن سمعان بن غانم ابن أم غانم وهي الأعرابية اليمانية
!!( صاحبة الحصاة التي طبع فيها أمير المؤمنين والسبط إلى وقت أبي الحسن). انتهى( ٣٢٦
الذي قالوا عنه: (قد اتفق أهل الإمامة، « الأصول من الكافي » - تلك روايات ثلاث نجدها بين دفتي كتاب
وجمهور الشيعة، على تفضيل هذا الكتاب والأخذ به والثقة بخبره، والاكتفاء بأحكامه، وهم مجمعون على الإقرار
بارتفاع درجته وعلو قدره، على أنه القطب الذي عليه مدار روايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان إلى اليوم،
!!( وهو عندهم أجمل وأفضل من سائر أصول الأحاديث). انتهى( ٣٢٧
- هذا الكتاب المرموق عند الشيعة، الحاوي لتلك التحف، تحفة من أسموها: أم أسلم، وتحفة من أسموها: حبابة
أم غانم، وابنها مهجع، وما لديهم من حصى مطبوع بأختام الأئمة!! قد حوى ما هو أكذب؛ إذ ابتكروا خواتيم
أخرى، أنزلوها من السماء في كتاب مختوم وما أكثر خواتيم الشيعة، التي يطبعونا على عقول أتباعهم ممن سفه
نفسه بعقيدة الإمامة الشيعية!!
* * *
٣٢٥ ) رجل عبل أي ضخم: "لسان العرب". )
. ٣٢٦ ) المرجع السابق- ج ١- ص ٣٤٧ )
. ٣٢٧ ) المرجع السابق ج ١- ص ٢٦ )
المطلب الثالث
كتاب السماء الإمامي المختوم
أوًلا: قالوا: (عن معاذ بن كثير عن أبي عبد الله -عليه السلام السادس- قال: إن الوصية نزلت من السماء على
محمد كتابا مختوما -أي مكتوبا بخط إلهي- لم يترل على محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- كتاب مختوم إلا الوصية.
فقال جبرئيل -عليه السلام-: يا محمد، هذه وصيتك في أمتك عند أهل بيتك، وكان عليها خواتيم فتتح علي -عليه
السلام- الخاتم الأول ومضى لما فيها، ثم فتح الحسن -عليه السلام- الخاتم الثاني ومضى لما أمر به فيها، فلما توفي
الحسن ومضى، فتح الحسين -عليه السلام- الخاتم الثالث، فوجد فيها أن قاتل فاقتل وتقتل، واخرج بأقوام للشهادة،
لا شهادة لهم إلا معك، قال ففعل -عليه السلام- فلما مضى دفعها إلى علي بن الحسين -عليه السلام- قبل ذلك،
ففتح الخاتم الرابع، فوجد أن اصمت وأطرق لما حجب العلم. فلما توفي ومضى دفعها إلى محمد بن علي -عليه
السلام- فتتح الخاتم الخامس، فوجد فيها أن فسر كتاب الله وصدق أباك وورث ابنك واصطنع الأمة ثم دفعها إلى
!!( الذي يليه. قال: قلت له: جعلت فداك فأنت هو؟ قال: ما بي إلا أن تذهب يا معاذ، فتروي علي) انتهى( ٣٢٨
- فهل كان أبو عبد الله -جعفر الصادق- الذي اتخذه الشيعة لهم إماما سادسا هل كان جبانا يخشى الإعلان
عما تحت يده من أختام إلهية، في كتاب مكتوب بخط إلهي، نازل من السماء؟!!
أم أنه افتراء؟! ليس على امرأتين مجهولتين وابن إحديهما فقط، ولا على النبي وعلي وذريته فحسب، إنما صعد
.[ شيعة ابن سبأ الافتراء وجعلوه على الله تعالى: ﴿ومن َأَأَأظْ ظْ ظْلَلَلَمم ممنِ نِافْفْفْتتر رىعع لَلَلَىاللهللهِللهِِالْكَذب﴾ [الصف: ١١
- إم يسوقون افتراءهم على لسان الإمام.. لذلك جعلوه معصوما ثم أضافوا إليه صفات وأوصاف قدسية إلهية،
حتى إذا أرادوا نشر فكرة من أفكار ابن سبأ وبثها كعقيدة، كان التسليم والتصديق ممن انخدعم، على اعتبار أن
الخبر أو الحديث صادر من الإمام المقدس المعصوم، وتلك هي لعبة أتباع وأولياء ابن سبأ، التي سوف نركز عليها
ونزيدها بيانا بعون الله.
٣٢٨ ) المرجع السابق-ج ١- ص ٢٨٠ ،٢٧٩ ، وقد فسر علي أكبر الغفاري (الشيعي) على عبارة أبي عبد الله الأخيرة بقوله: (أي ما )
. بي بأس في إظهاري لك بأني هو، إلا مخافة أن تروي ذلك عني فأشتهر به) هامش ص ٢٨٠
- وها هم هنا قد أنزلوا وثيقة الوصية الإمامية مكتوبة من السماء، وهناك وثائق أخرى زعموا أيضا نزولها من
السماء، نذكرها في حينها. فهم لم يحرفوا آيات كتاب الله لفظًا ومعنى فحسب، وإنما اختلقوا كتبا أخرى نازلة من
السماء!! يزاحمونا كتاب الله تعالى الموجود في أيدي المسلمين وما كل ذلك الاختلاق والافتراء إلا لتدعيم أفكار
مؤسسهم الأكبر، وبثها كعقائد مناهضة لعقائد الإسلام.
ثانيا: وها هو العنوان الذي عنون به الكليني الباب الذي وضع تحته تلك الرواية الأخيرة التي نقلناها: (باب أن
.( الأئمة عليهم السلام لم يفعلوا شيًئا ولا يفعلون إلا بعهد من الله -عز وجل- وأمر منه لا يتجاوزونه)( ٣٢٩
هذا العنوان يدل في حد ذاته على مراد أتباع ابن سبأ؛ إذ جسموا عهد الله وأمره، في شكل كتاب من السماء،
مختوم بخواتيم من ذهب( ٣٣٠ ) قد نزل إلى النبي من الله بيد جبريل في زعمهم، ناوله النبي إلى علي ثم إلى الحسن
فالحسين، ثم ناوله الحسين إلى ابنه علي، ومن علي إلى ابنه محمد، ومن محمد إلى ابنه جعفر، وبما أن الراوي من الاثني
عشرية، الذين اختلفوا مع السبعية الإسماعيلية في الإمامة، بعد جعفر كما سنرى، فإم أكملوا الرواية ليجعلوا الإمامة
في موسى بن جعفر دون أخيه إسماعيل، بقولهم: (قال: -أي الراوي معاذ بن كثير- فقلت لأبي عبد الله -أي: جعفر-
: أسأل الله الذي رزقك من آبائك هذه المترلة أن يرزقك من عقبك مثلها قبل الممات. قال: قد فعل والله ذلك يا
معاذ. قال: فقلت: فمن هو جعلت فداك؟ قال: هذا الراقد، وأشار بيده إلى العبد الصالح -موسى بن جعفر- وهو
!!( راقد). انتهى( ٣٣١
- وفي الرواية الثانية من ذاك الباب: (ثم دفعه إلى ابنه موسى -عليه السلام- وكذلك يدفعه موسى إلى الذي
!!( بعده، ثم كذلك إلى قيام المهدي) انتهى( ٣٣٢
ثالثًا: وفي الرواية الرابعة في نفس الباب، أحاطوا الكتاب المختومالة الرهبة التي ارتعدت منها مفاصل النبي، إذ
زعموا على لسان جعفر أيضا قولهم: (حين نزل برسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الأمر، نزلت الوصية من
٣٢٩ ) "الأصول من الكافي" الكليني (الشيعي) ج ١- ص ٢٧٩ - حيث العنوان، وبعده عن الكتاب المختوم أربعة أحاديث. )
٣٣٠ ) المرجع السابق- ج ١- ص ٢٨٠ - وانظر أيضا: (الإمامة والتبصرة من الخيرة) للشيعي: أبي الحسن علي بن الحسين بن بابويه )
القمي- والد الشيخ الصدوق المتوفى ٣٢٩ ه -درا المرتضى بيروت- تحقيق مدرسة الإمام المهدي- قم الحوزة العلمية- ط أولى
. ١٩٨٥ م- ص ٣٩ ،٣٨
. ٣٣١ ) المرجع السابق- ج ١- ص ٢٨٠ )
. ٣٣٢ ) المرجع السابق- ج ١- ص ٢٨١ )
عند الله كتابا مسجلا، نزل به جبرئيل مع أمناء الله تبارك وتعالى من الملائكة، فقال جبرئيل: يا محمد، مر بإخراج من
عندك إلا وصيك، ليقبضها منا، وتشهدنا بدفعك إياها إليه. فأمر النبي بإخراج من كان في البيت ما خلا عليا -عليه
السلام- وفاطمة فيما بين الستر والباب. فقال جبرئيل: يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول: هذا كتاب ما كنت
عهدت إليك وشرطت عليك وشهدت به عليك وأشهدت به عليك ملائكتي وكفى بي يا محمد شهيدا. قال:
.!!( فارتعدت مفاصل النبي)( ٣٣٣
- فإذا كان الأئمة قد تعينوا في كتاب إلهي، صار تسليمه في أجواء هيبة ورهبة تلك المراسيم، التي ارتعدت منها
مفاصل نبي المسلمين، وكل إمام يفك خاتمًا فيعمل ويؤدي المعهود إليه، فيما يخصه من صفحات الكتاب، المكتوب
بخط إلهي!! فكيف يسوغ لكم يا أتباع هذا النبي مخالفة الإمام أو الكفران بالإمامة؟!! عليكم بالإذعان له وطاعته، ثم
يخلو الميدان لأتباع ابن سبأ لصياغة أفكار الزعيم ووضعها على ألسنة هؤلاء الأئمة أنفسهم.
* * *
٣٣٣ ) المرجع السابق- ج ١- ص ٢٨٢ ،٢٨١ - في هذا الحديث برقم ٤ تحت الباب المذكور، حيث افتعل الشيعة فيه بعد ما )٠
ذكرنا من المتن حورا بين النبي وعلي ضمن مراسيم تسليم الكتاب المزعوم، ورد في سياقهم أمر الخمس الخطير، المسلوب من
أرزاق الشيعة إلى أفواه مروجي أفكار ابن سبأ؛ إذ زعموا أن النبي اشترط على علي حال تسليمه كتاب الوصية المختوم بحضور
جبريل بقوله: البراءة منهم على الصبر منك وكظم الغيظ، وعلى ذهاب حقي وغصب خمسك.) انتهى ص ٢٨٢ - وهذا الخمس
الإمامي وما يدره إلى جيوب أتباع اليهودي وأوليائه، هو هدف رئيسي من أهداف رفع مقام الأئمة إلى مترلة العصمة حتى التأليه،
يتم بحثه بإذن الله تفصيلًا في مبحث خاص (في رسالة الدكتوراه).
المطلب الرابع
لوح الإمامة الاثني عشرية الزمرد الأخضر
ثم طور الإمامية الاثنا عشرية، تزويرهم في جرأة منقطعة النظير، إلى ابتكار لوح أخضر من زمرد، يحوي كتابا
أبيض شبه لون الشمس، صاغوا فيه كلاما ركيكًا، نسبوه زورا وعدوانا إلى رب العالمين، تعالى الله عن تزوير الشيعة
علوا كبيرا، ووضعوا ذاك اللوح في يد فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- مع إقحام حفيدها محمد الباقر -رحمه الله- في
حوار مفتعل حول اللوح مع الصحابي جابر بن عبد الله الأنصاري، في رواية مفضوحة، وضعوها على لسان أبي عبد
الله جعفر الصادق.
وكل ذلك التزوير الشيعي، في دين الله يدلل به الإمامية على الإمامة الاثني عشرية متابعة منهم لأول من جعل
الإمامة نصا وفرضا مفروضا، شرخا لدين الإسلام، وتشتيتا لوحدة المسلمين.
- ونعرض التزوير في مقدمة لهم ثم في صلب تزويرهم:
أوًلا: مقدمة التزوير:
بسندهم المصطنع قالوا: (عن أبي بصير، عن أبي عبد الله -عليه السلام- قال: قال أبي لجابر بن عبد الله
الأنصاري: إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها؟ فقال له جابر: أي الأوقات أحببته، فخلا
به في بعض الأيام فقال له: يا جابر، أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة عليها السلام بنت رسول الله -
صلى الله عليه وآله وسلم- وما أخبرتك به أمي أنه في هذا اللوح مكتوب؟ فقال جابر: أشهد بالله أني دخلت على
أمك فاطمة عليها السلام في حياة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فهنيتها بولادة الحسين، ورأيت في يديها
لوحا أخضر، ظننت أنه من زمرد، ورأيت فيه كتابا أبيض شبه لون الشمس!! فقلت لها: بأبي وأمي يا بنت رسول الله
-صلى الله عليه وآله وسلم- ما هذا اللوح؟ فقالت: هذا لوح أهداه الله إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-
فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابني واسم الأوصياء من ولدي، وأعطانيه أبي ليبشرني بذلك. قال جابر: فأعطتنيه أمك
فاطمة عليها السلام فقرأته واستنسخته فقال له أبي: فهل لك يا جابر أن تعرضه علي؟ قال: نعم فمشى معه أبي إلى
مترل جابر، فأخرج صحيفة من رق، فقال: يا جابر، انظر في كتابك لأقرأ عليك، فنظر جابر في نسخته، فقرأه أبي
.!!( فما خالف حرف حرفًا، فقال جابر: أشهد بالله أني هكذا رأيته في اللوح مكتوبا) انتهى( ٣٣٤
- هذه التوليفة من الحوار، الموضوعة على لسان جعفر الصادق -الذي اتخذوه إماما سادسا- وأمثالها من
محاورات ونصوص وصيغ، أراد أتباع ابن سبأ بثها في عالم الإسلام هي السر الكامن وراء تعصيم الإمام، بعصمة ما
أنزل اللها من سلطان، حتى إذا وضع أتباع اليهودي نصا مثل هذا، على لسان الإمام الذي جعلوه معصوما، صدقه
الناس.
- ولكن هيهات فما انخدع بالتزوير إلا أهل الجهل والجهالة، الذين استهانوا بقوله تعالى: ﴿فَفَفَوويلٌ لٌلِّلِّلَِّّلَّلَّذذ ينن ييكْ كْ كْتتبونَ نَ
الْلْلْكك تابب ِبِبِبأَأَأَييد يهِهِهِمم ُثُثُثمم ييقُقُقُوُلُلُلونَ نَ ه هذَ ذَ ذَا من ع ند اللهللهِللهِِللييش ترواِبِبِبههَثَثَثمم نا قَقَقَلليلًلًلًافَفَفَوويلٌ لٌلَّلَّهَّهمممماكَ كَ كَتتببتت َأَأَأييد يهِهِهِمم وويلٌ لٌلَّلََّّه همممم ما
.[ ييكْ كْ كْسِسِبِبونَ نَ نَ﴾ [البقرة: ٧٩
- قد تجاهل وتغافل المنخدعون، هذه الآية، التي وصفت أسلوب التزوير اليهودي باختلاق الكتب ونسبتها إلى
الله تعالى ابتغاء الخمس المسلوب من جيوب المنخدعين السفهاء، يكسبه أتباع اليهودي، القابعون خلف عقيدة الإمام
المعصومة.
- لقد استهتر الشيعة بالويل ونبذوا الآية جريا وراء من يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله!!
ثانيا: صلب التزوير:
الكتاب المكتوب، بأيدي أتباع اليهودي، المنسوب منهم زورا، إلى الله تعالى، في الرواية الشيعية الموضوعة، على
لسان أبي عبد الله جعفر، الذي زوروه في محاولة من محاولام لإثبات الإمامة الاثني عشرية، أعرضه هنا بكامله حتى
يتبين لذوي البصائر، إلى أي حد انحدر التزوير الشيعي: قالوا بعد توليفة الحوار التي عرضناها في مقدمة تزويرهم:
(فقال جابر: فأشهد بالله أني هكذا رأيته في اللوح مكتوبا: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من الله العزيز الحكيم
لمحمد نبيه ونوره وسفيره وحجابه ودليله، نزل به الروح الأمين من عند رب العالمين، عظم يا محمد أسمائي واشكر
نعمائي ولا تجحد آلائي، إني أنا الله لا إله إلا أنا قاصم الجبارين، ومديل المظلومين، وديان الدين، إني أنا الله لا إله إلا
أنا، فمن رجا غير فضلي أو خاف غير عدلي، عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين، فإياي فاعبد وعلي فتوكل. إني
٣٣٤ ) "الأصول من الكافي" الكليني - الشيعي - ج ١ - ص ٥٢٧ كتاب الحجة. )
لم أبعث نبيا فأكملت أيامه وانقضت مدته إلا جعلت له وصيا، وإني فضلتك على الأنبياء، وفضلت وصيك على
الأوصياء، وأكرمتك بشبليك وسبطيك حسن وحسين، فجعلت حسنا معدن علمي بعد انقضاء مدة أبيه، وجعلت
حسينا خازن وحيي وأكرمته بالشهادة، وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد وأرفع الشهداء درجة، جعلت
كلمتي التامة معه، وحجتي البالغة عنده، ِبعترته ُأثيب وُأعاقب، أولهم علي سيد العابدين وزين أوليائي الماضين، وابنه
شبه جده المحمود محمد الباقر علمي والمعدن لحكمتي، سيهلك المرتابون في جعفر، الراد عليه كالراد علي، حق القول
مني لأكرمن مثوى جعفر، ولأسرنه في أشياعه وأنصاره وأوليائه، أتيحت بعده موسى فتنة عمياء حندس، لأن خيط
فرضي لا ينقطع وحجتي لا تخفى وأن أوليائي يسقون بالكأس الأوفى، من جحد واحدا منهم فقد جحد نعمتي، ومن
غير آية من ككتابي فقد افترى علي، ويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة موسى عبدي وحبيبي وخيرتي، في
علي وليي وناصري ومن أضع عليه أعباء النبوة وأمتحنه بالاضطلاعا، يقتله عفريت مستكبر، يدفن في المدينة التي
بناها العبد الصالح إلى جنب شر خلقي، حق القول مني لأسرنه بمحمد ابنه وخليفته من بعده ووارث علمه، فهو
معدن علمي وموضع سري وحجتي على خلقي لا يؤمن عبد به إلا جعلت الجنة مثواه وشفعته في سبعين من أهل بيته
كلمهم قد استوجبوا النار، وأختم بالسعادة لابنه علي وليي وناصري والشاهد في خلقي وأميني على وصيي، أخرج
رحمة للعالمين، عليه كمال موسى واء « م ح م د » منه الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي، الحسن، وأكمل ذلك بابنه
عيسى وصبر أيوب، فيذل أوليائي في زمانه وتتهادى رؤوسهم كما تتهادى رءوس الترك والديلم، فيقتلون ويحرقون
ويكونون خائفين مرعوبين وجلين، تصبغ الأرض بدمائهم ويفشو الويل والرنه في نسائهم، أولئك أوليائي حقا،م
أدفع كل فتنة عمياء حندس، وم أكشف الزلازل وأدفع الآصار والأغلال، أولئك عليهم صلوات من رم ورحمة،
!!!( وأولئك هم المهتدون). انتهى( ٣٣٥
ولنا كلمة نتدبرا المقاصد في هذا اللوح:
إنه نص مما ألفه الشيعة من عند أنفسهم ليحسبه الجاهلون تتريلا، ولنتدبر ما به من مقاصد شيعية:
. ٣٣٥ ) "الأصول من الكافي" الكليني - الشيعي - ج ١ - ص ٥٢٨ ،٥٢٧ )
١) عبارة: (إني لم أبعث نبيا فأكملت أيامه وانقضت مدته إلا جعلت له وصيا، وإني فضلتك على الأنبياء، )
وفضلت وصيك على الأوصياء.) هي بعينها تعبير عن فكرة ابن سبأ: (إنه كان ألف نبي ولكل نبي وصي، وكان علي
.( وصي محمد، ومحمد خاتم الأنباء وعلي خاتم الأوصياء)( ٣٣٦
٢) عبارة: (لأن خيط فرضي لا ينقطع).. تعبير عن فكرة أول من أشهر القول بفرض إمامة علي بن أبي طالب )
ونظرا لكون الراوي (الكليني) -الإيراني بنسبته إلى كلين بالري في إيران- الذي كان شيخ الشيعة في وقته بالري
ووجههم، وقد أدرك سفراء المهدي الموهوم الأربعة، الذين هم أئمة الخفاء، الذي اكتملت في عصرهم (من ٢٦٠ ه
.( إلى ٣٢٩ ه) صياغة العقائد الاثني عشرية، خلف جدران بغداد( ٣٣٧
نظرا لذلك فقد صاغ الكليني، فكرة الزعيم، فجعلها في اثني عشر؛ لئلا ينقطع حبل فريضة الإمامة.. على حد
زعمهم.
٣) وخصوصا إذا نظرنا كذلك، إلى ما يدل على تضييق الخناق وحدة المتابعة، لهؤلاء المخربين، للتنكيلم في )
أيام الدولة العباسية، في فترة ما يسمى عند الشيعة بتسمية (الغيبة الصغرى) وقد ظهر ذلك في تزويرهم في عبارة:
(فيذل أوليائي في زمانه -أي زمن الغائب الثاني عشر الموهوم- وتتهادى رؤوسهم كما تتهادى رءوس الترك
والديلم فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين مرعوبين وجلين، تصبغ الأرض بدمائهم ويفشو الويل والرنه في
نسائهم). عبارة عبرت عن واقع هؤلاء المزورين في هذه الفترة، وما استحقوه من تنكيل، مما اضطرهم إلى بدعة الغيبة
الصغرى، ليتم لهم التخفي تحت أرض وخلف جدران بغداد مع ضمان إمدادهم بالخمس بواسطة التنظيم المالي الخفي
المستتر لسفراء المهدي الموهوم الأربعة.
. ٣٣٦ ) "تاريخ الطبري" ج ٤-ص ٣٤١ ،٣٤٠ )
٣٣٧ ) سكن الكليني بغداد، بعد كلين الإيرانية التي ينتسب إليها - سكن في بغداد في درب السلسلة بباب الكوفة، وحدثا سنة )
٣٢٧ هجرية، ولذلك يعرف أيضا بالسلسلي البغدادي أبو جعفر الأعور، وإدراكه لزمان سفراء المهدي، وانفراده بتأليف كتاب
(الكافي) إذ سأله بعض رجال الشيعة أن يكون عندهم كتاب كاف يجمع من جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلم ويرجع
إليه المسترشد، على حد التعبير الوارد في تقدمة الكتاب ج ١- ص ١٤ ،١٣ لدليل على كون هذا الأعور المفتري على الله، من
أعيان تنظيم الخفاء الذي أسسه ابن سبأ لتخريب الإسلام.
٤) عبارة: (م أدفع كل فتنة عمياء حندس، وم أكشف الزلازل، وأدفع الآصار -والأغلال)!! لرفع مقام )
الاثني عشر إلى المترلة التي يتمكنا أتباع ابن سبأ الراكبين على أسمائهم من تحقيق أهدافهم التي يصير الكشف عنها
بعون الله، وما كانت الفتنة العمياء إلا بفعل هؤلاء الأتباع متابعة لزعيمهم.
٥) عبارة: (بعترته أثيب وأعاقب) فيها دعوة التفريط في تكاليف الإسلام، رد الإيمان بالعترة على الطريقة )
الشيعية، وفيها حصر الإمامة في عترة الحسين دون الحسن -رضي الله عنهما- إضافة إلى عبارة : (لا يؤمن عبد به إلا
جعلت الجنة مثواه وشفعته في سبعين من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار)!!.. فيها التحريض على نبذ الدين رد
الإيمان بتاسعهم بالتلويحذا الإغراء.
٦) عبارة: (من أضع عليه أعباء النبوة وأمتحنه بالاضطلاعا) فيها تكذيب الدين، الذي دل على ختم النبوة )
بمحمد -عليه الصلاة والسلام- وفيها فتح باب ادعاء النبوة بعده -صلى الله عليه وسلم- وصدق أبو الحسن الملطي
المتوفى ٣٧٧ ه إذ قال: (والصنف الذي يقال لهم السبئية، يزعمون أن عليا شريك النبي -صلى الله عليه وسلم- في
النبوة، وأن النبي مقدم عليه إذ كان حيا، فلما مات ورث النبوة، فكان نبيا يوحى إليه، ويأتيه جبريل بالرسالة، كذب
.( أعداء الله، محمد -صلى الله عليه وسلم- خاتم النبيين.)( ٣٣٨
٧) عبارة: (سيهلك المرتابون في جعفر، الراد عليه كالراد علي) فيها التهديد بالهلاك، لمن يرتاب في عصمة )
جعفر التأليهية، فهو الذي أكثروا على لسانه روايات الزور أكثر من غيره، حيث كانت لهم حرية الحركة في عهده،
فقد ولد في ٨٣ ه، وتوفي في ١٤٨ ه، أي أنه عاصر زوال الخلافة الأموية عام ١٢٤ ه، وعاش سنوات في ظل
الخلافة العباسية، التي خففت من خناق ومطاردة الشيعة في بداية عهدها، مما حدا بالشيعة إلى ركوب اسمه أكثر من
غيره.. ولذلك هددوا بالهلاك لمن يرتاب في روايتهم الموضوعة على لسانه، وجعلوا رد إفكهم المنسوب إليه كالراد
على الله تعالى وما كان جعفر الصادق -رحمه الله- إلا عبدا صالحًا من التابعين، يجوز عليه ما يجوز على البشر من
خطأ وصواب، هذا مع عبارة: (ولأسرنه في أشياعه وأنصاره وأوليائه)!! تخالف واقع وحقيقة جعفر الصادق، فإن من
أساء إلى سيرته وشوهها، هم تنظيم الشيعة الخفي المتستر خلف اسمه بنسبة حديث اللوح وأمثاله الكثير إليه زورا
. ٣٣٨ ) "التنبيه والرد" أبو الحسين الملطي - ص ١٨٤ ،٢٦ ،٢٥ )
وتانا، وما كان الشيعة أشياعه ولا أنصاره ولا أولياءه، بل كانوا وما يزالون أعداءه، بتشويه سيرته النقية.. بمثل تلك
الروايات.. لحساب أفكار زعيمهم المؤسس ابن سبأ.
٨) ثم إن (الكليني) الشيعي، ختم حديث اللوح بتعليق راويه أبي بصير: بقوله: (قال أبو بصير: لو لم تسمع في )
دهرك إلا هذا الحديث لكفاك، فصنه إلا عن أهله.)( ٣٣٩ ) فيه الدلالة على سياسة التكتم والسرية، التي أراد فريق
أتباع ابن سبأ إحاطة أعمالهما.. إذ كيف يسوغ كتمان كلام الله إذا كان حديث اللوح من كلام الله؟!! كلام الله
تعالى للبشر كافة، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، فإذا كان كلام حديث اللوح من الله، فلم صيانته إلا عن
أهله؟!! ومن هم أهله!!
أهله هم كل من تعثر فهمه، وانخدع وتابع فريق التزوير الشيعي، مؤصل أفكار ابن سبأ، اليهودي المتمسلم،
الذين حق فيهم وصف الله تعالى لهم بقوله: ﴿وِإِإِإنَّنََّّ منهم َلَلَلفَفَفَرِرِرِيقًقًقًا ييلْلْلْووونَ نَ َأَأَألْلْلْسِسِنِنتهم ِبِبِبالْلْلْكك تابِ بِ للتتح س بوهه من الْلْلْكك تابِ بِ وما
هو من الْلْلْكك تابِ بِ وييقُقُقُوُلُلُلونَ نَ هو من ع ند اللهللهِللهِِ وما هو من ع ند اللهللهِللهِِ وييقُقُقُوُلُلُلونَ نَ ع لَلَلَى اللهللهِللهِِ الْلْلْ َ كَ كذذ ب وه همم ييععلَلَلَم مونَ نَ نَ﴾ [آل
.[ عمران: ٧٨
والخلاصة:
- أن عقيدة الإمامة الاثني عشرية، قد انبنت على فكرة ابن سبأ -أول من جعلها فرضا موقوفًا على الإمام علي
رضي الله عنه- ثم صاغ أتباعه عقيدا بعد ذلك في القرن الثالث الهجري -أيام سفراء الثاني عشر المعدوم- إذ
فرضوها موقوفة على اثني عشر، وجعلوها ركن دينهم.
- ثم راح فقهاء التشيع يثبتون عقيدم (المصنوعة في مصانع الخفاء).. بخرافات حصوات الإمامة المختومة!! ولم
يتورعوا عن الافتراء بزعم إنزال كتابا مختوم من السماء بخط إلهي ترتعد له مفاصل النبي!!.. وبلغتم الجرأة أن
صاغوا كلاما من الله تعالى بأفواههم، زعموا نزوله على النبي ، ومنه إلى ابنته، في لوح أخضر من الزمرد، فيه كتاب
أبيض شبه لون الشمس!!.
- تلك الخرافات وهذا الافتراء وهذه الجرأة.. زوروها على ألسنة من جعلوهم معصومين في أوثق كتبهم.
. ٣٣٩ ) "الأصول من الكافي" الكليني (الشيعي) ج ١ - ص ٥٢٨ )
المبحث الثالث
الولاية الشيعية الاثنا عشرية
- المسلمون يدينون بولاية من يوالي الله ورسوله، ومن أوائل من يوالون: علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه-
ضمن إخوانه من الصحابة الأبرار، أبي بكر، وعمر، وعثمان، وغيرهم من أجلاء الصحابة، مع الحسن، والحسين،
وجعفر، وعقيل، والعباس، وغيرهم من آل البيت، رضي الله عن الجميع، لكن الشيعة لهم مسلك آخر.. يوالون هذا
ويتبرءون من أولئك.. وقد أمعنوا في الولاية المشبوهة بالتبري، حتى جعلوها من أهم أسس الدين.
- وفي هذا المبحث نتفهم (الولاية الشيعية) في شقها الأول، أما الشق الثاني لها عن التبري فنخصص له المبحث
التالي بعنوان (تكفير الأمة).
وبحثنا هنا عن عقيدة الولاية الشيعية (الاثني عشرية في مطلبين:
- المطلب الأول: فكرة الولاية عند ابن سبأ.
- المطلب الثاني: عقيدة الولاية على الطريقة الشيعية.
المطلب الأول
فكرة الولاية عند ابن سبأ
سبق وأشرنا، إلى حكاية جماعة من أهل العلم، من أصحاب علي -كرم الله وجهه- أن عبد الله بن سبأ كان
يهوديا فأسلم، ووالى عليا -رضي الله عنه-.. وكان ممن أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ
.( منهم، وقال -كاذبا- أن عليا -رضي الله عنه- أمره بذلك ( ٣٤٠
ولم يرد أن هناك من سبق ابن سبأ في أمر ولاية أحد على حساب التبري من أحد، في مجتمع السابقين، من
المهاجرين والأنصار.. فالجميع يوالي بعضهم بعضا.. اتباعا لقوله تعالى: ﴿والْلْلْممؤ منونَ نَ والْلْلْممؤ مناتت ببعع ض ضههم َأَأَأوو ليياءُءُُ
ببععضٍ ييأْأْأْممرونَ نَ نَِبِبِبالْلْلْمم عروفف وييننهو نَ ع نِ الْلْلْممنكَ كَرِرِرِ وييققيممونَ نَ الصص لاَ لاَةَةَةَ وييؤؤ تتونَ نَ الززكَ كَاةَةَةَووييطط يععونَ نَ نَاللهللهَللهََوور س سوَلَلَلههُأُأُأوَلَلَلئئكك
.[ س ير ح مهم اللهللهُللهُُِإِإِإنَّنََّّاللهللهَللهََ ع عزِزِزِيززح ك يمم﴾ [التوبة: ٣
والجميع إنما يتبرءون ممن عداهم، يتبرءون من المشركين، ومن اليهود، ومن النصارى، فضلًا عن الكافرين، ممن أبى
الإسلام وكاد لأهله اتباعا لقوله تعالى: ﴿ وَأَأَأذَذَذَانٌ نٌ من اللهللهِللهِِ ورس وللهه ِإِإِإَلَلَلى النناسِ سِ ييوو م الْلْلْحح ج الألألأكْ كْ كْببرِرِرِ َأَأَأنَّنََّّ اللهللهَللهََ ببرِرِرِيءٌءٌٌ ممنن
الْلْلْممش رِرِرِكك ين ورس وُلُلُلهه ﴾ [التوبة: ٣]، وقوله تعالى: ﴿ييا َأَأَأييهها الَّلَّلَّذذ ينن آممنوا لاَ تتتخخ ُ ذُ ذوا الْلْلْييهودد والننصص ار رىَأَأَأوو لليياءَءََببععض هم
َأَأَأوو لليياءُءُُببععضٍ ضٍ﴾، وقوله تعالى: ﴿يياَأَأَأييهها الَّلَّلَّذذ ينن آممنوا لاَ تتتخخ ُ ذُ ذواالْلْلْكَ كَ كَاففرِرِرِينن َأَأَأوو لليياءَءََ ممنددونن الْلْلْم مؤؤ منِنِنِينين َأَأَأتترِرِرِيدد ونَ نَ نََأَأَأن
.[ تتجج علُلُلُواللهللهِللهِِعع لَلَلَييكُ كُمم س لْلْلْطَ طَ طَانناممبِبِبِيننا﴾ [النساء: ١٤٤
أما تبرؤ السلف بعضهم من بعض فلم يكن له وجود حتى ابتلي أهل الإسلام باليهودي ابن سبأ وفريقه المخرب،
الذي كان منه إشاعة الولاية للإمام علي بن أبي طالب، على أساس كونه المظلوم المسلوب منه الوصية النبوية،
المغتصب حقه في خلافة النبي على حد زعم اليهودي التخريبي الذي رمى السابقين، أبا بكر ، وعمر، وعثمان، بالظلم
والسلب والاغتصاب، ثم حرض على البراءة منهم فكان أول من ابتكر الولاء والبراء بين أعلام السابقين، داخل مجتمع
أكابر المؤمنين.
. ٣٤٠ ) "فرق الشيعة" النوبختي (الشيعي) ص ٢٢ )
بل إن اليهودي قد أضاف ابتكاره إلى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بالافتراء عليه، بالزعم بأنه هو الذي
أمره بذلك!!.. فأخذه علي -وصار التحقيق- سأله عن طعنه على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة، وعن التبري
.( منهم، فأقر به( ٣٤١
أقر به، وقد اغتر بمترلة القرب من الإمام، التي وصل إليها نفاقا.. إذ إنه لما تولى الخليفة الرابع علي بن أبي طالب
-رضي الله عنه- إمارة المؤمنين، اندس ابن سبأ مع المتمردين القتلة في جند الخليفة، وأظهروا الطاعة.. ثم أقبل محرك
الفتنة ومدبر مؤامراا ولبس ثياب التقوى المزورة، واندس في أنصار الخليفة ومؤيديه ثم تسلل إلى مكان القرب منه
حتى أجلسه تحت درجة منبره ومن المؤكد أن هذا الخبيث قد كان واسع الدهاء والمعرفة، عظيم الحيلة، حتى استطاع
أن يتسلل بالخدع والنفاق إلى مقدمة صفوف المسلمين، ثم وجد في قربه من الخليفة مجاًلا أمينا لمتابعة دسائسه
.( ومكايده، والتلاعب بأسس العقيدة الإسلامية وأصولها( ٣٤٢
وبعد التحقيق، وإقرار المنافق المغرور بالبراءة من أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة، بزعم الولاية لعلي بن أبي
طالب ما كان من الخليفة إلا أن أمر بقتله -قتلا تعزيريا- جزاء مسلكه الشاذ الغريب على مجتمع السلف فصاح
الناس إليه - من فريق الشغب المشايعين لابن سبأ-: (أتقتل رجلًا يدعو إلى حبكم أهل البيت، وإلى ولايتك والبراءة
.( من أعدائك؟..) فسيره إلى المدائن( ٣٤٣
أليس ابن سبأ هو القائل: (من أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووثب على وصي
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-).( ٣٤٤ )؟ وهو الذي أكثر الطعن على عثمان -رضي الله عنه- مع دعوته في السر
لولاية أهل البيت بزعم أن عليا وصي رسول الله حيث لم تجز وصيته، وزعم أن عثمان أخذ الأمر بغير حق، ويحرض
.( الناس على القيام في ذلك، والطعن على الأمراء، فاستمال الناس بذلك في الأمصار، وكاتب به بعضهم بعضا( ٣٤٥
. ٣٤١ ) "فرق الشيعة" النوبختي (الشيعي) ص ٢٢ )
٣٤٢ ) "مكائد يهودية عبر التاريخ" عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني - ( ١) في سلسلة أعداء الإسلام - دار القلم دمشق - ط )
.١٥٥ - خامسة ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م - ص ١٥٤
. ٣٤٣ ) "فرق الشيعة" النوبختي -الشيعي- ص ٢٢ )
. ٣٤٤ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ - ص ٣٤١ ،٣٤٠ )
. ٣٤٥ ) "تاريخ ابن خلدون" ج ٢- ص ١٠٢٨ ،١٠٢٧ )
إنه المبتكر الأول للولاية الشيعية، مع البراءة من خيرة الأمة، أي أنه المصمم الأول لعقيدة: لا ولاء إلا ببراء، على
الطريقة الشيعية التخريبية.
* * *
المطلب الثاني:
عقيدة الولاية على الطريقة الشيعية
نعم، نوالي علي بن أبي طالب .. مع جميع الصحابة وآل البيت رضي الله عن الجميع.. ولكن الشيعة يأبون منا
موالاة الجميع!!
فإذا قلنا: نوالي الإمام عليا، قالوا: لا يكفي، لا تصح الولاية إلا بالبراءة من أبي بكر وعمر وعثمان، الذين ظلموه
واغتصبوا منه الخلافة!!! فإذا أنكرنا الظلم والاغتصاب مقررين ولاية الجميع.. قالوا: بل أنتم نواصب، قد ناصبتم
علي بن أبي طالب العداء!!
من هنا برز القول الشيعي المنكر: (لا ولاء إلا ببراء) هذه العبارة المنكورة التي غرس فكرا ابن سبأ.
وراح الأتباع يؤصلون فكرة المؤسس بصياغة العقائد حول الولاية على الطريقة الشيعية.. وحتى يمكن تمرير تلك
العقائد إلى الأدمغة الفارغة وضعوا كل صياغة على لسان إمام فلننظر في بضع ما وضعوه.
أوًلا: الولاية بديلة عن العبادات والشهادتين:
١- جعلوا الولاية فرضا، مع فروض الصلاة والزكاة والصوم والحج.. فإذا كان المسلمون يعلمون ابتناء
دينهم على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة،
وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا.. فإن الشيعة أقاموا بناءهم على خمس: الصلاة
والزكاة، والصيام، والحج، والولاية؛ أي أم جعلوا الولاية من أسس الدين، بل جعلوها حجر زاوية
الدين كله فلا دين عندهم لمن لا يعتقد في الولاية على طريقتهم حتى ولو شهد الشهادتين وأقام الصلاة
وآتى الزكاة وصام رمضان وحج البيت!!
٢- قالوا: (عن أبي بصير، عن أبي جعفر -عليه السلام- قال: كنت عنده جالسا فقال له رجل: حدثني عن
ولاية علي، َأمن اللهِ أو من رسوله؟ فغضب ثم قال: ويحك كان رسول الله -صلى الله عليه وآله
وسلم- أخوف لله من أن يقول ما لم يأمره به الله، بل افترضه كما افترض الله الصلاة، والزكاة،
!!( والصوم، والحج.) انتهى( ٣٤٦
. ٣٤٦ ) "الأصول من الكافي" الكليني الشيعي- ج ١-ص ٢٩٠ ،٢٨٩ )
٣- وفي أصول كافيهم كذلك تحت باب بعنوان: (دعائهم الإسلام)- قالوا: (عن أبي حمزة، عن أبي جعفر
-عليه السلام- قال: بني الإسلام على خمس: على الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والولاية، ولم
.( يناد بشيء كما نودي بالولاية.) انتهى( ٣٤٧
٤- نعم، داخل حزب ابن سبأ لم يناد بشيء كما نودي بالولاية، حيث جعلوها هي الأفضل فيما افتعلوا
على لسان أبي جعفر -محمد الباقر رحمه الله- إجابة على المدعو زرارة: (قال زرارة: فقلت: وأي شيء
.( من ذلك أفضل؟ فقال: الولاية أفضل.) انتهى( ٣٤٨
٥- بل نسبوا إلى ابن الباقر -جعفر الصادق- أنه اختصر الأسس إلى ثلاثة: قالوا: (عن الصادق -عليه
السلام- قال: أثافي الإسلام ثلاثة: الصلاة، والزكاة، والولاية، ولا تصح واحدة منهن إلا بصاحبتها.)
.!!( انتهى( ٣٤٩
٦- بل إن الشيعة رخصوا في الفروض الأربعة ولم يرخصوا في الولاية الشيعية بقولهم: (عن عبد الحميد بن
أبي العلاء الأزدي، قال: سمعت أبا عبد الله -عليه السلام- يقول: إن الله -عز وجل- فرض على خلقه
.!!( خمسا، فرخص في أربع ولم يرخص في واحدة.)انتهى( ٣٥٠
ثانيا: طاعة التنظيم الخفي وراء الولاية الشيعية:
فماذا كان السبب المباشر من وراء فرض الولاية الشيعية وجعلها من الأصول؟!!
كان السبب هو: ضمان طاعة الرعية الشيعية لما يخرج من عقائد من لدن الأئمة، وهل خالف الأئمة دين الإسلام
بتلك العقائد المبتدعة التي نتدارس نصوصها؟!! كلا نحن نربأم عن مخالفة دين الإسلام.. إذن فمن يكون الفاعل؟!!
الفاعل هو الحزب الخفي الناشر لأفكار ابن سبأ، لضمان الطاعة للحزب دون الأئمة، ووسيلة أعضاء ذاك الحزب هي
ركوب ألسنة أئمة البيت، ففي الحوار المصنوع بين المدعو زرارة وبين أبي جعفر الباقر زعموا على لسانه قولهم: (ذروة
الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضا الرحمن الطاعة لإمام بعد معرفته، إن الله -عز وجل- يقول: ﴿ من ييطط عِ
الررس ولَ لَ فَفَفَقَقَقَدد َأَأَأطَ طَ طَاعع اللهللهَللهََ ومنتتوولَّلَّىَّى فَفَفَمم اَأَأَأرر س لْلْلْنناكك ع لَلَلَييهِهِهِمم ح فيظً ظً ظًا﴾ [النساء: ٨٠ ]، أما لو أن رجلًا قام ليله، وصام
٣٤٧ ) المرجع السابق -ج ٢- ص ١٨ - (في كتاب الإيمان والكفر- باب دعائم الإسلام) على حد تسميتهم في كافيهم هذا. )
. ٣٤٨ ) المرجع السابق -ج ٢- ص ١٨ )
٣٤٩ ) المرجع السابق -ج ٢- ص ١٨ - الأثافي جمع أثفية وهي الأحجار التي يوضع عليها القدر وأقلها ثلاثة. )
. ٣٥٠ ) المرجع السابق -ج ٢- ص ٢٢ )
اره، وتصدق بجميع ماله، وحج جميع دهره، ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه، ويكون جميع أعماله بدلالته إليه ما
.( كان له على الله جلَّ وعز حق في ثوابه ولا كان من أهل الإيمان.) انتهى ( ٣٥١
نعم، من يطع الرسول -نبينا محمد عليه صلوات الله وسلامه- فقد أطاع الله، فما بال الشيعة يلوون الطاعة إلى
الإمام؟!! إذا كنت أيها الإمام في طاعة الرسول، فلك الطاعة.. فكيف تخرج علينا بأحاديث ما أنزل اللها من
سلطان، وتنافي وتجافي طاعة الرسول؟!!.. ثم تطلب منا موالاتك بولاية خاصة، جعلتها أصل أصول الإسلام؟!! ثم
تطلب منا طاعتك تحت ديد عدم قبول العبادات والأعمال إلا بالولاية؟!!
لم ي دعِ أحد في الإسلام هذه المترلة.. إلا إذا كان من أهل التدليس ونحن نبرأ بأهل البيت من مة التدليس.. وما
أوقعهم في هذه الشبهة سوى من استغل أسماءهم، واعتلى ألسنتهم، بأحاديث هدامة، ما تفوه أحد منهم بحرف واحد
منها.
إذن، فالطاعة المطلوبة هي في حقيقتها: طاعة ابن سبأ وتنظيمه الخفي لذلك خصصوا بابا في كافيهم بعنوان:
(باب فرض طاعة الأئمة) مما قالوا فيه: (عن بشير العطار قال: سمعت أبا عبد الله -عليه السلام- يقول: نحن قوم
فرض الله طاعتنا، وأنتم تأتمون بمن لا يعذر الناس بجهالته.) انتهى!!.
وقالوا: (عن أبي الحسن العطار- قال: سمعت أبا عبد الله -عليه السلام- يقول: أشرك بين الأوصياء والرسل في
.!!( الطاعة.) انتهى( ٣٥٢
ونظرا لتوزيع الموضوعات على أسنة الأئمة الذين رتبوهم على هواهم زعموا: (عن أبي الصباح قال: أشهد أني
سمعت أبا عبد الله -عليه السلام- يقول: أشهد أن عليا إمام فرض الله طاعته، وأن الحسن إمام فرض الله طاعته، وأن
الحسين إمام فرض الله طاعته، وأن علي بن الحسين إمام فرض الله طاعته، وأن محمد بن علي إمام فرض الله طاعته.)
!!( انتهى( ٣٥٣
ثالثًا: الولاية الشيعية استدراج لترع الدين بالكلية:
. ٣٥١ ) "الأصول من الكافي" الكليني (الشيعي) ج ٢- ص ١٩ ، ج ١ -ص ١٨٦ ،١٨٥ )
وانظر بحث عن زرارة هذا في "الشيعة والسنة" لإحسان إلهي ظهير، كمثال من رواة الشيعة، ص ١٧٤ إلى ١٧٩ - وسيأتي بيانه.
. ٣٥٢ ) المرجع السابق -ج ١- ص ١٨٦ )
. ٣٥٣ ) المرجع السابق -ج ١ -ص ١٨٦ )
- إنه ليس هناك من المسلمين من لا يوالي أهل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فكل من والى النبي والى أهل
بيته، وولاية الإمام علي المبشر بالجنة -كرم الله وجهه- ثابتة في قلب كل مسلم، وكذا ولاية الصالحين من الذرية
دون تحديد وكيف لا، ونحن نصلي على محمد وعلى آل محمد في تشهد كل صلاة؟!
- أما الولاية الشيعية لهؤلاء فلها شأن آخر ليست لوجه الله تعالى وإنما كانت استدراجا إلى السب واللعن في خير
أمة أخرجت للناس، كانت الطعم الذي يهوي بالبؤساء الذين يتناولونه إلى هوة العقائد الشيعية.. كان الفخ المنصوب
للعميان المساكين؛ للهبوطم داخل حفرة نبذ الدين بالكلية.
- هذه حقيقة الولاية الشيعية واضحة تماما فيما تقدم وفيما تأخر من كتابنا هذا وفي رسالتنا بعده، ولنرى الآن
بعض النصوص الشيعية التي ركزت على الولاية الخادعة قبل معاينة وجهها الآخر.
رابعا: أشهدوا المقبورين على الولاية:
قالوا دون حياء: (عن أنس بن مالك قال: أتى أبو ذر يوما إلى مسجد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-
فقال: ما رأيت كما رأيت البارحة، قالوا: وما رأيت البارحة؟ قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-
ببابه فخرج ليلا، فأخذ بيد علي بن أبي طالب -عليه السلام- وخرجا إلى البقيع، فما زلت أقفو أثرهما إلى أن أتيا
مقابر مكة، فعدل إلى قبر أبيه فصلى عنده ركعتين، فإذا بالقبر قد انشق، وإذا بعبد الله جالس وهو يقول: أنا أشهد أن
لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، فقال له من وليك يا أبه؟ فقال: وما الولي يا بني؟ فقال: هو هذا علي، فقال:
وأن عليا وليي، قال: فارجع إلى روضتك. ثم عدل إلى قبر أمه آمنة فصنع كما صنع عند قبر أبيه فإذا بالقبر قد انشق
وإذا هي تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك نبي الله ورسوله، فقال لها: من وليك يا أماه؟ فقالت: وما الولاية يا
.!!( بني؟ قال: هو هذا علي بن أبي طالب، فقالت: وأن عليا وليي، فقال: ارجعي إلى حفرتك وروضتك) انتهى( ٣٥٤
- ركبوا في دعوم إلى الولاية لسان خادم رسول الله أنس -رضي الله عنه، ولسان صادق اللهجة أبي ذر -
رضي الله عنه- وأشاع هذا الهراء من أطلقوا عليه لقب (الصدوق) المولود في قم بإيران، التي كانت وما زالت مركز
٣٥٤ ) "معاني الأخبار" للشيخ الجليل الأقدم (الصدوق) أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي المتوفى ٣٨١ ه )
. (الشيعي) عني بتصحيحه علي أكبر الغفاري -دار المعرفة بيروت ١٣٩٩ ه ١٩٧٩ م- ص ١٧٩ ،١٧٨
نشر الولية الشيعية، وقد ولد بدعاء الغائب الموهوم، وأجازته ووثقته ناحيتهم المقدسة، القابعة خلف اسم صاحب
.( الأمر الموهوم الثاني عشر ( ٣٥٥
خامسا: حرفوا سبيل الله إلى الولاية:
وقالوا عن سبيل الله ليا لسبيله تعالى إلى الولاية الشيعية: (عن جابر، عن أبيه جعفر -عليه السلام- قال: سألته
عن هذه الآية في قول الله -عز وجل-: ﴿وَلَلَلئئن قُقُقُتتلْلْلْتتم فيسس بِبِبِيلِ لِ لِاللهللهِللهَِِأَأَأوو متتمم ﴾ [آل عمران: ١٥٧ ]، قال: أتدري ما
سبيل الله؟ قلت: لا والله إلا أن أسمعه منك. قال: سبيل الله هو علي -عليه السلام- وذريته، وسبيل الله: من قتل في
.!!( ولايته قتل في سبيل الله، ومن مات في ولايته مات في سبيل الله) انتهى( ٣٥٦
- هل كان الصحابي الجليل جابر بن عبد الله جاهلًا بسبيل الله حتى يستفتي التابعي الباقر عن معناه؟؟.. أم أن
الحبكة الشيعية اقتضت إقحام اسم جابر لإشاعة الولاية الشيعية؟؟
- سبيل الله لا يتجسم في مخلوق. نعم، كان علي بن أبي طالب عاملًا في سبيل الله، لتكون كلمة الله هي العليا..
وقد استشهد في سبيل الله -رضي الله عنه وأرضاه- ولكن ليس هو بعينه سبيل الله، ولا يخفى هذا على جابر ولا على
الباقر، لكنه التلبيس الشيعي ليا بألسنتهم جذبا إلى ولاية خادعة.
سادسا: الولاية الترابية:
- هذا الجذب الخادع إلى ولاية التشيع، وما أكثره!! تحريفا وليا لآيات الله عن مواضعها، قالوا عن واقعة ما علق
بجسم وملابس الإمام علي من تراب في المسجد حال نومه على أرضه زاهدا متواضعا، وما كناه به لذلك رسول الله
٣٥٥ ) وصفوه بأنه: (شيخ من مشايخ الشيعة وركن من أركان الشريعة رئيس المحدثين، والصدوق فيما يرويه عن الأئمة المعصومين، )
ولد بدعاء صاحب الأمر صلوات الله عليه، ونال بذلك عظيم الفضل والفخر، وصفه الإمام في التوقيع الخارج من الناحية المقدسة
بأنه فقيه خير مبارك.) انتهى ص ١٥ من المرجع السابق... وإمعانا في التضليل أورد هذا -الكذوب- الحديث المذكور تحت:
(باب معنى قول النبي صلى الله عليه وآله: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر.) ص ١٧٨ - إنه
من أعيان تنظيمام الخفية بالقرن الرابع الهجري.
٣٥٦ ) "معاني الأخبار" المدعو الصدوق الشيعي -ص ١٦٧ تحت (باب معنى سبيل الله) وقال تحته أيضا: (عن الحسن بن راشد قال: )
سألت أبا الحسن العسكري عليه السلام بالمدينة عن رجل أوصى بماله في سبيل الله؟ قال: سبيل الله شيعتنا.) انتهى... تحريض على
بذل المال ناحيتهم المقدسة!! القابعة في الخفاء بعنوان: خمس الإمام... يتقوون به على هدم الدين... مما سنبينه تفصيلًا بعون الله.
مازحا معه متلطفا، حيث ناداه بأبي تراب، قالوا وافتعلوا حول ذلك روايتهم التالية: (عن أبي قتادة القمي رفعه ،
إلى أبي عبد الله -عليه السلام- لم كنى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عليا -عليه السلام- أبا تراب؟ قال:
لأنه صاحب الأرض، وحجة الله على أهلها بعده، وبه بقاؤها، وإليه سكوا، ولقد سمعت رسول الله -صلى الله عليه
وآله وسلم- يقول: إذا كان يوم القيامة، ورأى الكافر ما أعد الله تبارك وتعالى لشيعة علي، من الثواب والزلفى
والكرامة، قال: يا ليتني كنت ترابا، أي يا ليتني كنت من شيعة علي، وذلك قوله -عز وجل-: ﴿وييقُقُقُولُ لُ لُالْلْلْكَ كَ كَاففرييا
.!!( َلَلَلييتنِنِنِيكُ كُ كُنتت تتررابا﴾ انتهى( ٣٥٧
-فإذا كان علي بن أبي طالب، صاحب الأرض وبه بقاؤها، وإليه سكوا!!.. فها هو قد مات كما يموت غيره،
وما زالت الأرض باقية وساكنة، أم أنه لم يمت، وفيه الجزء الإلهي، وهو الذي يجيء في السحاب.. كما قال ابن
سبأ؟!!
- وهل معنى أبي تراب، أن الإمام علي هو أبو الشيعة، حتى يتمنى الكافر أن يكون من أبنائه، الذين هم تراب؟!!
- إن معنى: ﴿وييقُقُقُولُ لُ الْلْلْكَ كَ كَاففر ييا َلَلَلييتنِنِنِي كُ كُنتت تترراببا﴾ [النبأ: ٤٠ ]: ويتمنى الكافر أنه لم يخلق ولم يكلف، ويقول:
يا ليتني كنت ترابا حتى لا أحاسب ولا أعاقب، قال المفسرون: وذلك حين يحشر الله الحيوانات يوم القيامة فيقتص
.( للجماء من القرناء، وبعد ذلك يصيرها ترابا، فيتمنى الكافر أن لو كان كذلك حتى لا يعذب( ٣٥٨
- فهل الإمام علي هو أبو تلك الحيوانات الصائرة إلى تراب؟!!.. أم أنه التلبيس الشيعي الفاضح الذي قصدوا به
تكفير من عداهم فأدىم إلى وصف أنفسهم؟؟!!
سابعا: الولاية وخير العمل:
- وابتدعوا في محاولة الجذب إلى الولاية الشيعية عبارة: (حي على خير العمل) ينادونا ضمن أذان الصلوات،
بعد حي على الفلاح، قاصدينا (الولاية)!!!.. زاعمين أن (الصادق عليه السلام سئل عن معنى: حي على خير
٣٥٧ ) ما زلنا مع المعاني التي يشيعها (صدوق) الشيعة في كتاب "معاني الأخبار" ص ١٢٠ تحت (باب معنى أبي تراب)- هذا القمي )
ابن بابويه من مؤصلي أفكار زعيمهم ابن سبأ.
والآية الكريمة التي حرفوا معناها هي آخر سورة النبأ.. وهذا الإفك نسبه الراوي إلى ابن عباس -رضي الله عنه.
، ٣٥٨ ) "صفوة التفاسير" محمد علي الصابوني -دار القلم بيروت ومكتبة جدة- ط خامسة ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م- ج ٣ ص ٥١٠ )
.٥١١
العمل؟ فقال: خير العمل الولاية)( ٣٥٩ )، وزاعمين (عن محمد بن مروان عن أبي جعفر قال: أتدري ما تفسير حي على
خير العمل؟ قلت: لا، قال: دعاك إلى البر، أتدري بر من؟ قلت: لا، قال: دعاك إلى بر فاطمة وولدها عليهم
!!( السلام.) انتهى( ٣٦٠
- لم يكن الباقر، ولا ابنه الصادق، من أهل البدع، ليبتدعوا إضافة إلى أذان بلال -رضي الله عنه- بين يدي
جدهما -عليه الصلاة والسلام. ولم يكن لتلك العبارة وجود في عهدهما لا على مآذن الدولة الأموية .. ولا مآذن
الدول العباسية.. لكنه التزوير الخائب.
- وبر فاطمة وولدها رضي الله عنها وعنهم، يكون باتباع سنة أبيها وجدهم، دون السقوط في هاوية الولاية
.( الشيعية، ودون إماتة السنة وإحياء البدعة، برفع تلك العبارة، من فوق مآذن البلاد المنكوبة بالعقائد الشيعية( ٣٦١
ثم هلم بنا إلى شق الولاية الثاني: شق تكفير الأمة.. ليكتمل لدينا مغزى الشق الأول، ونعي معنى القولة الشيعية:
(لا ولاء إلا ببراء) حتى لا ينخدع عاقل بدعوى الولاية الشيعية لآل البيت، تلك الدعوى الماكرة، الخالعة لدين الله
تعالى من جذوره، ولنا عودة بمشيئة الله إلى النظر في الولاية الشيعية، لنراها قد تطورت، فانتقلت من الاثني عشر إلى
فقهاء التشيع، في نظريتهم باسم: (نظرية ولاية الفقيه).
. ٣٥٩ )"معاني الأخبار" ابن بابويه القمي -صدوق الشيعة- ص ٤١ )
. ٣٦٠ ) المرجع السابق ص ٤٣ )
٣٦١ ) مما قاله موسى جار الله، عن تلك البلاد، الرافعة لشعار الولاية الهدام: (أرى المساجد في بلاد الشيعة متروكة مهملة، وصلاة )
الجماعة فيها غير قائمة، والأوقات غير مرعية، والجمعة متروكة تماما، وأرى المشاهد والقبور معبودة.) تعبيرا عن واقع بلاد (حي
على خير العمل) التي أضافت بدعة (علي ولي الله) إلى الشهادتين. انظر: "الوشيعة في نقد عقائد الشيعة" ص ٢٧ ، وانظر: "الشيعة
والتصحيح: الصراع بين الشيعة والتشيع" العلامة الدكتور موسى الموسوي.. شيعي، يحاور تصحيح بعض عقائد الشيعة وخصص
ربع كتابه لشئون التصحيح ط ١٤٠٨ ه ١٩٨٨ م ناقش فقهاء الشيعة، مستنكرا إضافة شهادة ثالثة: (أشهد أن عليا ولي الله) إلى
الشهادتين في الأذان- ص ١٠٤ إلى ١٠٦ - ومما قاله: (الشهادة الثالثة دخلت في أذان الصلوت بعد الغيبة الكبرى، ولكنها لم تظهر
ظهورا رسميا على مسرح الأحداث المذهبية إلا بعد أن أدخل الشاه إسماعيل الصفوي إيران في التشيع، وأمر المؤذنين بإدخال
الشهادة الثالثة في أذان الصلوات ومن على المآذن... ومنذ ذلك الحين ومساجد الشيعة في العالم تسير على الطريقة التي نماها
ووسعها الشاه الصوفي) ص ١٠٤ - وبعد أن أبدى يأسه من رجوع الشيعة عن بدعتهم قال: (لو كان الإمام علي على قيد الحياة،
ويسمع اسمه يذكر على المآذن في أذان الصلاة، لأجرى الحد على المسبب، والمباشر معا، فما بالنا نحن نؤدي عملًا في سبيل علي
. وهو لا يرتضيه.) ص ١٠٦
* * *
المبحث الرابع
تكفير الأمة
المذهب الشيعي يقول بفكر المسلمين من غير الشيعة، الحاضرين والماضين.. فالمسلمون في رأيهم كفار، سواء
أكانوا حكاما أو محكومين.. والذي أدىم إلى ذلك، أم يجعلون الإيمان بإمامة علي ومن حددوه من ذريته جزءًا
من الإيمان، كالإيمان بالله، وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فمن لم يؤمن بإمامة الأئمة من أهل البيت الذين
عينوهم، لم يكن مؤمنا ولذلك كفروا الصحابة، الذين قالوا بإمامة أبي بكر وعمر وعثمان، وكفروا هؤلاء الخلفاء؛
لأم أخذوا ما ليس لهم من الإمامة، وكفروا المسلمين الذين أقروا إمامة أبي بكر وعمر وعثمان، الحاضرين والماضين
الذين لا يقولون بالإمامة الشيعية ولا يجعلوا أصل الدين، كفروا المسلمين الذين لا يأخذون بالولاية الشيعية، ولا
يجعلوا مع الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، كفروا حكام المسلمين، وجعلوهم أهل جور؛ لأم لم يستمدوا
حكمهم من الأئمة المعصومين، وجعلوا الرعية كفارا لأم اتبعوا أئمة الجور، ولم يؤمنوا بالإمامة، والولاية الشيعية.
.!!؟؟( فمن أين جاء الشيعة بعقيدة تكفير الأمة، وما حولها من لعن سلف الأمة وخلفها( ٣٦٢
٣٦٢ ) مما قاله موسى جار الله عن تجواله في بلاد الشيعة طوًلا وعرضا: (أكره شيء أنكرته في بلاد الشيعة، هو لعن الصديق، )
والفاروق، وأمهات المؤمنين: السيدة عائشة والسيدة حفصة، ولعن العصر الأول كافة، في كل خطبة، وفي كل حفلة ومجلس، في
البدء والنهاية، وفي ديابيج الكتب والرسائل، وفي أدعية الزيارات كلها، حتى في الأسقية، ما كان يسقي ساق إلا ويلعن، وما كان
يشرب شارب إلى ويلعن، وأول كل حركة، وكل عمل هو الصلاة على محمد وعلى آل محمد واللعن على الصديق، والفاروق،
وعثمان، الذين غصبوا حق أهل البيت وظلموهم... وهو عندهم أعرف معروف، يلتذ به الخطيب، ويفرح عنده السامع، وترتاح
إليه الجماعة، ولا ترى في مجلس أثر ارتياح إلا إذا أخذ الخطيب في اللعن، كأن الجماعة لا تسمع إلا إياه، أو لا تفهم غيره.) انظر
. كتابه: "الوشيعة في نقد عقائد الشيعة" تحقيق وتعليق وتقديم جماعة من كبار العلماء -مكتبة الكليات الأزهرية- القاهرة- ص ٢٧
المطلب الأول
ابن سبأ المبدع الأول للتكفير واللعن
١- ابن سبأ هو حامل لواء التكفير الأول؛ إذ كان أول من أشهر القول بفرض إمامة علي، وأظهر البراءة
.( من أعدائه، وكاشف مخالفيه، وكفرهم على حد تعبير الكشي- الشيعي( ٣٦٣
٢- ابن سبأ ُأس الفتنة، الذي تناول أمر الأمة، نسابا الظلم إلى كل من أنكر بدعة الوصية، بزعم وثوب
.( الغصب من الخلفاء الثلاثة ضد رابعهم، حتى أوسع الأرض بذلك إذاعة( ٣٦٤
٣- ابن سبأ إمام ورائد جميع فرق الشيعة، منهم فرقة يقال لهم: (الكاملية أصحاب أبي كامل) الذي أكفر
جميع الصحابة بتركهم بيعة علي -رضي الله عنه- وطعن في علي أيضا بتركه طلب حقه، ولم يعذره في
القعود، حتى أكفروا عليا بترك قتالهم، فالصحابة كلهم عند هؤلاء مرتدون عن الدين وحكمهم حكم
.( أهل الردة( ٣٦٥
.( ٤- ابن سبأ الذي طاف بلاد المسلمين، ليلفتهم عن طاعة الأئمة ويلقي بينهم الشر( ٣٦٦
٥- وعندما بلغ الإمام علي -كرم الله وجهه- أن ابن السوداء ينتقص أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما-
دعا به ودعا بالسيف، وهم بقتله، فشفع فيه أناس، فقال: والله لا يساكنني ببلد أنا فيه، فسيره إلى
.( المدائن( ٣٦٧
٦- عندما دخل سويد بن غفلة، على علي بن أبي طالب في إمارته، وقال له: إني مررت بنفر يذكرون أبا
بكر وعمر، يرون أنك تضمر لهما مثل ذلك، منهم عبد الله بن سبأ -أول من وقع في أبي بكر وعمر-
فكان رد علي -رضي الله عنه-: ما لي ولهذا الخبيث الأسود، معاذ الله أن أضمر لهما إلا الحسن
الجميل، ثم سيره إلى المدائن، وقال: والله لا يساكني في بلد أبدا، ثم ض إلى المنبر حتى اجتمع الناس،
. ٣٦٣ ) "رجال الكشي" ط مؤسسة الأعلمي كربلاء عراق- ص ١٠١ )
. ٣٦٤ ) "تاريخ الطبري" ج ٤ ص ٣٤١ ،٣٤٠ )
٣٦٥ ) انظر: "أصول الدين" لأبي منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي ص ٣٣٢ ، وانظر "الملل والنحل" الشهرستاني - )
ص ١٧٥ ،١٧٤ عن فرقة الكاملية تحت أصناف الغالية التي ألقى بذرا وتزعمها ابن سبأ.
. ٣٦٦ ) "ذيب تاريخ دمشق الكبير" لابن عساكر - ج ٧ ص ٤٣١ )
. ٣٦٧ ) المرجع السابق -ج ٧- ص ٤٣٣ )
فذكر القصة في ثنائه عليهما بطوله، وفي آخره: ألا ولا يبلغني عن أحد يفضلني عليهما إلا جلدته حد
.( المفتري( ٣٦٨
٧- ابن سبأ الذي فتح باب التكفير لمثل (أبي منصور العجلي) صاحب فرقة المنصورية الشيعية، الذي كان
يأمر أصحابه بخنق من خالفهم وقتلهم بالاغتيال، ويقول: (من خالفكم فهو كافر مشرك فاقتلوه، فإن
هذا جهاد خفي)، الزاعم أن جبريل -عليه السلام- يأتيه بالوحي من عند الله -عز وجل- وأن الله
.( بعث محمدا بالتتريل وبعثه هو -يعني نفسه- بالتأويل( ٣٦٩
ابن سبأ هذا هو المبتدع الأول في تكفير الأمة الإسلامية ولعن أهلها.
***
. ٣٦٨ ) "لسان الميزان" أحمد بن علي بن حجر العسقلاني -ج ٣ -ص ٢٩٠ )
٣٦٩ ) "فرق الشيعة" للنوبختي (الشيعي) ص ٣٩ ،٣٨ - (زعم أبو منصور -الشيعي هذا- أن الله -عز وجل- عرج به إليه فأدناه منه )
وكلمه ومسح يده على رأسه وقال له بالسرياني: أي بني، وذكر أنه نبي ورسول وأن الله اتخذه خليلًا، وكان من أهل الكوفة من
عبد القيس وله فيها دار وكان منشأه بالبادية، وكان أميا لا يقرأ، فادعى بعد وفاة أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، أنه فوض
إليه أمره وجعله وصيه من بعده، ثم ترقى به الأمر إلى أن قال: كان علي بن أبي طالب نبيا ورسوًلا وكذا الحسن، والحسين، وعلي
. بن الحسين، ومحمد بن علي، وأنا نبي ورسول والنبوة في ستة من ولدي يكونون بعدي أنبياء آخرهم القائم.) انتهى ص ٣٩ ،٣٨
هذا الشيعي التابع لأفكار ابن سبأ... ساق الإمامة إلى الخامس... وجعلهم أنبياء مرسلين... ثم نسب إلى نفسه النبوة وإلى ستة
من أبنائه آخرهم القائم... وكفر الأمة!!... فمن غير ابن سبأ الذي فتح ذلكم الباب -باب الشر- باب التفكير وادعاء النبوة؟
المطلب الثاني
صياغة فكرة ابن سبأ في
نصوص عقائدية
برع الشيعة في صياغة فكرة إمامهم ابن سبأ تكفيرا وسبا ولعنا، لخير أمة أخرجت للناس؛ لأمة الإسلام؛ أمة نبينا
محمد عليه صلاة الله وسلامه!! فهيا ننظر في نصوصهم من أوثق كتبهم.
أوًلا: من مات ولم يعرف إمام زمانه كافر في عرف الشيعة:
معرفة الإمام عندهم هي معرفة الاثني عشر، حتى الغائب الموهوم الثاني عشر!! .. فمن لم يكن إماميا اثني عشريا،
يدين بالولاية الشيعية فهو عندهم كافر.
- قالوا: (عن الحارث بن المغيرة قال: قلت لأبي عبد الله -عليه السلام-: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله
وسلم- من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية؟ قال: نعم، قلت: جاهلية جهلاء أو جاهلية لا يعرف إمامه؟ قال:
.!!( جاهلية كفر ونفاق وضلال.) انتهى( ٣٧٠
- أي أنه من لا يعرف ويقر ويعترف، حاليا في عصرنا هذا، بأن إمامة طفل غائب في السرداب، فهو في نظر
الشيعة: كافر منافق ضال جاهلي.. حتى ولو أقر بإمامة النبي محمد -عليه الصلاة والسلام!!.
ثانيا: من سمع من غير باب الاثني عشرية مشرك في العرف الشيعي:
ولماذا هذا التكفير؟ لضم المسلمين إلى السمع والطاعة لمن هم وراء الإمام، مثل الشيعي: المفضل بن عمر -
الوضاع- الذي وضع على لسان من جعلوه إمامهم السادس روايتهم التالية:
(عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله -عليه السلام-: من دان الله بغير سماع عن صادق، ألزمه الله البتة إلى
العناء، ومن ادعى سماعا من غير الباب الذي فتحه الله فهو مشرك، وذلك الباب المأمون على سر الله المكنون.)
.( انتهى( ٣٧١
. ٣٧٠ ) "الأصول من الكافي" الكليني (الشيعي) ج ١ ص ٣٧٧ )
٣٧١ ) المرجع السابق -ج ١- ص ٣٧٧ تحت باب: (من مات وليس له إمام) كتاب الحجة. )
- سمى أتباع ابن سبأ أنفسهم: الباب المأمون على سر الله المكنون، فمن سمع من غيرهم فهو مشرك!! ومن دان
بغير الأكاذيب والافتراءات، التي وضعوها على ألسنة الأئمة فهو مشرك!!.
ثالثًا: منكر الإمامة الاثني عشرية عندهم كافر ضال من أهل الجور وعبادته ساقطة:
- قالوا: (عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر -عليه السلام- يقول: كل من دان الله بعبادة يجهد فيها
نفسه، ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول، وهو ضال متحير، والله شانئ لأعماله، ومثله كمثل شاة ضلت عن
راعيها وقطيعها، فهجمت ذاهبة وجائية يومها، فلما جنها الليل بصرت بقطيع من غير راعيها، فحنت إليها واغترت
ا، فباتت معها في ربضتها فلما أن ساق الراعي قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها فهجمت ذعيرة متحيرة، فبينا هي
كذلك إذ اغتنم الذئب ضيعتها فأكلها، كذلك والله يا محمد، من أصبح من هذه الأمة لا إمام له من الله -عز وجل-
ظاهرا عادًلا أصبح ضالا تائها، وإن مات على هذه الحال مات ميتة كفر ونفاق، واعلم يا محمد أن أئمة الجور
وأتباعهم لمعزولون عن دين الله، وقد ضلوا وأضلوا، فأعمالهم التي يعملوا كرماد اشتد به الريح في يوم عاصف لا
.!!( يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد.) انتهى( ٣٧٢
- واضح أن حزب ابن سبأ الذي اخترع الوصية والإمامة والولاية، يهدد المسلم المتدين اتهد في العبادة بعدم
قبول سعيه، وبالوقوع في الحيرة والضلال، وببغض الله لأعماله، إذا أنكر الوصية والإمامة والولاية، ولم يتخذ الاثني
عشر له دينا، الاثنا عشر الذين اتخذهم الحزب أئمة بزعم أم تعينوا من عند الله.. واستتر في ظلهم يضرب الأمثال
على لسان خامسهم.
- ثم من هم أئمة الجور؟.. إم في نظر الحزب الشيعي جميع ما عدا الاثني عشر، وعلى رأس أئمة الجور عندهم:
الراشدون الثلاثة السابقون للإمام علي، إذ غصبوا حق وصيه وإمامه وولايته في زعم الحزب الشيعي الذي عزلهم
وأتباعهم عن دين الله، وجعلهم جميعهم ضالين مضلين، أعمالهم كرماد، لكفرهم بالوصية والإمامة والولاية الشيعية.
رابعا: نفي العتاب عن الاثني عشرية ولو انعدم عندهم الصدق والأمانة والوفاء، ونفي الدين عمن تولى أبا
بكر وعمر:
٣٧٢ ) المرجع السابق -ج ١- ص ٣٧٥ ،٣٧٤ تحت باب: (فيمن دان الله -عز وجل- بغير إمام من الله جل جلاله) كتاب الحجة. )
- لا بأس عند شيعة حزب ابن سبأ، من تحريف معنى آية من كتاب الله، لياا إلى أهدافهم، والذي سنعاين منه
الكثير.. فلأجل تكفير الأمة التي تتولى أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- وضعوا قاعد شيعية مؤداها: أنه لا دين لمن
دان الله بولاية أبي بكر وعمر، ولا عتب على من دان بولاية الاثني عشر، ثم وضعوا قاعدم على لسان من اتخذوه
إماما سادسا قالوا: (عن عبد الله بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله -عليه السلام- إني أخالط الناس فيكثر عجبي
من أقوام لا يتولونكم ويتولون فلانا وفلانا -أي: أبا بكر وعمر- لهم أمانة وصدق ووفاء، وأقوام يتولونكم ليس لهم
تلك الأمانة ولا الوفاء والصدق؟!! قال: فاستوى أبو عبد الله -عليه السلام- جالسا، فأقبل علي كالغضبان، ثم قال:
لا دين لمن دان الله بولاية إمام جائر ليس من الله، ولا عتب على من دان بولاية إمام عادل من الله، قلت: لا دين
!!( لأولئك ولا عتب على هؤلاء؟ قال: لا دين لأولئك ولا عتب على هؤلاء.) انتهى( ٣٧٣
خامسا: العبث بكلام الله لتكفير من عداهم:
وبعد التأكيد الشيعي لتلك القاعدة الهدامة، الداعية إلى نبذ الأمانة والصدق والوفاء، تلك القاعدة التي قررها ابن
أبي يعفور على لسان السادس -الغضبان- راح ابن أبي يعفور يعبث بكلام الله تعالى على لسان هذا الغضبان قائلًا: (ثم
قال -أي جعفر الصادق في زعم ابن أبي يعفور-: ألا تسمع لقول الله -عز وجل-: ﴿اللهللهُللهُُوولليي الَّلَّلَّذذ ينن آممنواييخخ رِرِرِ ج جههم
من الظُّظُّلُُّلُلُمم اتت ِإِإِإَلَلَلى الننورِرِرِ﴾ يعني: من ظلمات الذنوب إلى نور التوبة والمغفرة لولايتهم كل إمام عادل من الله، وقال:
﴿والَّلَّلَّذذ ينن كَ كَفَفَفَررواَأَأَأوو لليياؤؤهم الطَّطَّاَّاغُغُغُوتت ييخخ رِرِرِ ج جوننههم من الننورِرِرِِإِإِإَلَلَلى الظُّظُّلُُّلُلُمم اتت ﴾ إنما عنىذا أم كانوا على نور الإسلام
فلما أن تولوا كل إمام جائر ليس من الله -عز وجل- خرجوا بولايتهم إياه من نور الإسلام إلى ظلمات الكفر،
.!!( ٣٧٤ ) انتهى( ٣٧٥ )[ فأوجب الله لهم النار مع الكفار ف ﴿ُأُأُأوَلَلَلئئك َأَأَأصص ح ابب الننارِرِرِههم فيههاخخ اللدد ونَ نَ نَ﴾ [البقرة: ٢٥٧
سادسا: قاعدة اثنا عشرية دم البر والتقوى وتحرض على الظلم والإساءة:
- وتأكيدا وتثبيتا لقاعدة هدم البر والتقوى وضع الحزب الشيعي على لسان أبي عبد الله جعفر -السادس-
رواية: (عن عبد الله ابن سنان، عن أبي عبد الله -عليه السلام- قال: إن الله لا يستحي أن يعذب أمة دانت بإمام ليس
. ٣٧٣ ) المرجع السابق -ج ١ -ص ٣٧٥ )
٣٧٤ ) الفقرات الثلاث المذكورة، والتي عبث بمعناها ابن أبي يعفور، وحرفها إلى الولاية وتكفير الأمة، هي ضمن تلك الآية الكريمة. )
٣٧٥ ) "الأصول من الكافي" الكليني الشيعي -ج ١ ص ٣٧٦ ،٣٧٥ ، باب: (فيمن دان الله -عز وجل- بغير إمام من الله) كتاب )
الحجة.
من الله وإن كانت في أعمالها بارة تقية، وإن الله ليستحي أن يعذب أمة دانت بإمام من الله، وإن كانت في أعمالها
.!!( ظالمة مسيئة.) انتهى( ٣٧٦
- بل بلغتم الجرأة أن نسبوا قاعدم إلى الله تعالى، على لسان أبي جعفر -الخامس- بوضعهم الرواية التالية:
(عن حبيب السجستاني، عن أبي جعفر -عليه السلام- قال: قال الله تبارك وتعالى: لأعذبن كل رعية في الإسلام
دانت بولاية كل إمام جائر ليس من الله، وإن كانت الرعية في أعمالها بارة تقية، ولأعفون عن كل رعية في الإسلام
.!!( دانت بولاية كل إمام عادل من الله وإن كانت الرعية في أنفسها كظالمة مسيئة.) انتهى( ٣٧٧
سابعا: مؤدى النصوص الشيعية والسر الكامن في صياغتها:
- فهيا يا شيعة إلى الكذب والخيانة، ونقض الوفاء، وهيا إلى الظلم والإساءة، ولماذا تكبلون أنفسكم بالبر وتقوى
الله؟!! .. تحرروا من الخوف من الله، لا عليكم لوم، ولا عتب عليكم، ولا عليكم إلا أن تضعوا في قلوبكن ولاية
الاثني عشر -الذين تعينوا من الله عليكم أئمة- ولا عليكم مع تلك الولاية إلا أن تضعوا بجوارها في قلوبكم العداء
والبغض لفلان وفلان -وأنتم أذكياء تعلمون أما أبو بكر وعمر- لأما كفار، وجميع من والاهما وترضى عليهما
كفار -إا أمة الكفر إذا آمنتم بذلك يا شيعة وجعلتم الولاية والبراءة، هما دينكم فلا عذاب عليكم، فالعفو الشامل
في انتظاركم ودعوا الأغبياء أتباع فلان وفلان، يجهدون أنفسهم بالعبادة، فإم أصحاب النار هم فيها خالدونَ، فهيا
إلى الذنوب والمعاصي، إلى التحرر من تكاليف شرع فلان وفلان، هيا إلى نور الولاية ولا عليكم بعدها، فالإمام قسيم
.( الجنة والنار، ويدخلكم الجنة دون حساب !!( ٣٧٨
- أليس ذلك يا أهل الإسلام، يا من توالون أبا بكر وعمر وعثمان وعليا.. وتترضون عليهم هو لسان حال
أمثال تلك النصوص الشيعية الموضوعة على ألسنة الأئمة؟
. ٣٧٦ ) المرجع السابق -ج ١ -ص ٣٧٦ )
. ٣٧٧ ) المرجع السابق -ج ١ -ص ٣٧٦ )
٣٧٨ ) انظر "معاني الأخبار" لابن بابويه القمي (الشيعي) ص ١١٧ ،٥٢ ، (وهناك المزيد عن الإمام قسيم الجنة والنار - يدخل فيهما )
من يشاء) عند بحث ماهية العصمة الشيعية.
- ومن هنا نعي مقدما، قبل التفاصيل المسطورة بعون الله في كتابنا هذا ثم في رسالتنا بعده، السر الكامن خلف
رفع مقام الإمام إلى مقام العصمة النبوية، ثم إضافة أوصاف أخرى، لترفيع عصمة الإمام، إلى رتبة أعلى وأرفع من
رتبة النبوة، إلى رتبة عصمة التأليه كما سنرى.
- لكي يصدق المسلمون؛ إذ كيف يكذبون هؤلاء الأطهار من آل البيت؟ .. إن المسلمين يوقرون ويحبون آل
بيت نبيهم؛ لذا كانت سياسة الحزب استغلال هذا الحب والتوقير بنفخه بالعصمة؛ عصمة التأليه الرفيعة، لئلا يكذب
المسلمون ما ينساب إلى أسماعهم من لدن إمام معصوم، جعله الحزب الخفي حجة على العالمين، وعلى لسانه البريء
وضعت الروايات والقصص والأحاديث الهادمة لقيم وعقائد الإسلام، ولولا أن الله تعالى قيض لدينه طائفة ثبتها على
حق السنة والجماعة، لا يضرهم من خالفهم، لضاع الإسلام في غياهب كتب الشيعة.
ثامنا: الشيعة يكفرون أبا بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم.
يكفروم في نصوص كثيرة يصعب حصرها أذكر منها:
١) زعموا: (عن أبي عبد الله في قول الله -عز وجل- ﴿ِإنَّ الَّذين كَفَروا بعد ِإيماِنهِم ُثم ازدادوا كُفْرا لَّن تقْبلَ )
توبتهم﴾، قال: نزلت في فلان وفلان وفلان، آمنوا بالنبي -صلى الله عليه وآله- في أول الأمر وكفروا حيث عرضت
عليهم الولاية، حين قال النبي -صلى الله عليه وآله-: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين
عليه السلام، ثم كفروا حيث مضى رسول الله -صلى الله عليه وآله- فلم يقروا بالبيعة ثم ازدادوا كفرا بأخذهم من
.( بايعوا بالبيعة لهم، فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شيء) انتهى( ٣٧٩
٢) لمز الشيعة أبا بكر وعمر وعثمان، خلفاء الرشاد بلقب: فلان وفلان وفلان - مع خلط كلام الله تعالى )
بلسان وضاع غير حافظ لكتاب الله، إذ كيف يخلط أبو عبد الله جعفر الصادق بين فقرتين من آيتين في آية واحدة؟
كان جعفر -رحمه الله- من حفاظ كتاب الله، ولم يجهل أن الله تعالى قال في سورة النساء: ﴿ِإنَّ الَّذين آمنوا ُثم
كَفَروا ُثم آمنوا ُثم كَفَروا ُثم ازدادوا كُفْرا لَّم يكُنِ اللهُ ليغفر َلهم ولاَ ليهديهم سِبيلًا﴾ [النساء: ١٣٧ ]، وقال في
. ٣٧٩ ) "الأصول من الكافي" الكليني -الشيعي- ج ١ ص ٤٢٠ )
سورة آل عمران: ﴿ِإنَّ الَّذين كَفَروا بعد ِإيماِنهِم ُثم ازدادوا كُفْرا لَّن تقْبلَ توبتهم وُأوَلئك هم الضالُّونَ﴾ [آل عمران:
.[٩٠
فلم يكن لهذا الحافظ خلط فقرة من هنا وأخرى من هناك، ليتوصلما إلى تكفير وزيري جده وزوج ابنتيه..
وفي هذا الخلط كفاية لفضح من هم خلف اسم جعفر الصادق -رحمه الله.
بنفي الإسلام عن وزيريه أبي بكر وعمر، إذ زعم ابن أبي يعفور ، ٣) وما كان جعفر الصادق مسيئا إلى جده )
-الشيعي- على لسانه القول: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: من ادعى إمامة من الله
!!!( ليست له، ومن جحد إماما من الله، ومن زعم أن لهما( ٣٨٠ ) في الإسلام نصيبا) انتهى( ٣٨١
٤) وما كان أبو عبد الله ينبز ويلمز أبا بكر وعمر وعثمان بألقاب الكفر والفسوق والعصيان، بما زعم )
الوضاعون على لسانه تأويلا باطلًا لكلام الله في روايتهم: (عن أبي عبد الله في قوله تعالى: ﴿وهدوا ِإَلى الطَّيبِ من
الْقَولِ وهدوا ِإَلى صراط الْحميد﴾ قال: ذاك حمزة، وجعفر، وعبيدة، وسلمان، وأبو ذر، والمقداد بن الأسود، وعمار
هدوا إلى أمير المؤمنين -عليه السلام- وقوله: ﴿حبب ِإَليكُم الإِيمانَ وزينه في قُلُوِبكُم﴾ يعني: أمير المؤمنين ﴿وكَره
!!( ِإَليكُم الْكُفْر والْفُسوق والْعصيا َ ن﴾ الأول والثاني والثالث) انتهى( ٣٨٢
- نعم، هؤلاء السبعة من الأصحاب والآل، قد هدوا -رضي الله عنهم- إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط
الحميد، صراط الله وهو الجنة دار المتقين، وأرشدوا إلى الكلام الطيب والقول النافع، إذ ليس في الجنة لغو ولا
كذب( ٣٨٣ ) ... فهم من الذين آمنوا وعملوا الصالحات الذين قال الله فيهم: ﴿ِإنَّ اللهَ يدخلُ الَّذين آمنوا وعملُوا
الصالحات جنات تجرِي من تحتها الأنهار يحلَّونَ فيها من َأساوِر من ذَ هبٍ وُلؤُلؤا ولباسهم فيها حرِير * وهدوا ِإَلى
.[٢٤ : الطَّيبِ من الْقَولِ وهدوا ِإَلى صراط الْحميد﴾ [الحج: ٢٣
٣٨٠ ) أي لأبي بكر وعمر. )
. ٣٨١ ) "الأصول من الكافي" الكليني -الشيعي- ج ١- ص ٢٧٤ ،٢٧٣ )
. ٣٨٢ ) المرجع السابق -ج ١ ص ٤٢٦ )
. ٣٨٣ ) "صفوة التفاسير" محمد علي الصابوني -ج ٢ ص ٢٨٧ )
أما أم هدوا فقط من السلف، فتخصيص شيعي دون مخصص، وكذا تجسيم الإيمان المحبب المزين في علي، أو
تجسيم صراط الحميد في شخصه، لتكفير وتفسيق أبي بكر، وعمر، وعثمان، ما هو إلا عدوان شيعي على الراشدين،
وعلى كتاب الله، وعلى أمة القرآن.
٥) وما كان أبو جعفر باقر العلم من أهل تحريف كلام الله وصولا إلى البراءة من أبي بكر وعمر وأشياعهما؛ إذ )
وضع الشيعة محاورة بينه وبين جابر بن عبد الله الصحابي -رضي الله عنهما- بينة البطلان في روايتهم: (عن جابر
قال: سألت أبا جعفر عن قول الله -عز وجل- ﴿ومن الناسِ من يتخذُ من دون اللهِ َأندادا يحبونهم كَحب اللهِ﴾
[البقرة: ١٦٥ ]... قال: هم والله أولياء فلان وفلان، اتخذوهم أئمة دون الإمام الذي جعله الله للناس إماما، فلذلك
قال: ﴿وَلو يرى الَّذين ظَلَموا ِإذْ يرونَ الْعذَاب َأنَّ الْقُوةَ للهِ جميعا وَأنَّ اللهَ شديد الْعذَابِ * ِإذْ تبرَأ الَّذين اتِبعوا من
الَّذين اتبعوا ورَأوا الْعذَاب وتقَطَّعت ِبهِم الأَسباب * وقَالَ الَّذين اتبعوا َلو َأنَّ َلنا كَرةً فَنتبرَأ منهم كَما تبرؤوا منا
١٦٧ ].ثم قال أبو جعفر - : كَذَلك يرِيهِم اللهُ َأعماَلهم حسرات علَيهِم وما هم ِبخارِجِين من النار﴾ [البقرة: ١٦٥
.( عليه السلام-: هم والله يا جابر، أئمة الظلمة وأشياعهم) انتهى( ٣٨٤
- فمن غير أعداء الإسلام، أتباع ابن سبأ، الذي فعل هذا التحريف العدواني؟ تحريفا معنويا، بل وتحريفا لفظيا
فيما يلي؟
تاسعا: الاثنا عشرية يحرفون آيات القرآن لحساب الولاية والتكفير:
١) هل كان باقر العلم، أبو جعفر بن علي زين العابدين، مدمرا لكتاب الله، بما زعمه الشيعة على لسانه في )
قولهم: (عن أبي جعفر -عليه السلام- قال: نزل جبرئيلذه الآية هكذا: وقل الحق من ربكم في ولاية علي فمن شاء
!!( فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين آل محمد نارا) انتهى( ٣٨٥
أضاف مدمروا كتاب الله (بولاية علي) داخل قوله تعالى: ﴿وَلقَد صرفْنا للناسِ في هذَا الْقُرآن من كُلِّ مَثلٍ فَأَبى
.[ َأكَْثر الناسِ ِإلَّا كُفُورا﴾ [الإسراء: ٨٩
٣٨٤ ) "الأصول من الكافي" الكليني -الشيعي- ج ١ - ص ٣٧٤ باب: (من ادعى الإمامة وليس لها بأهل ومن جحد الأئمة أو )
بعضهم ومن أثبت الإمامة لمن ليس لها بأهل).
. ٣٨٥ ) المرجع السابق - ج ١ - ص ٤٢٥ ،٤٢٤ )
كما أضافوا (في ولاية علي) (آل محمد) داخل قوله تعالى: ﴿وقُلِ الْحق من ربكُم فَمن شاءَ فَلْيؤمن ومن شاءَ
.[ فَلْيكْفُر ِإنا َأعتدنا للظَّالمين نارا َأحاطَ ِبهِم سرادقُها﴾ [الكهف: ٢٩
٢) وهل قلب أبو جعفر خطاب القرآن ضد اليهود، ليجعله في نحر أمة جده عليه صلاة الله وسلامه؟ ... ها هم )
الشيعة يزعمون ذلك في روايتهم على لسانه قالوا: (عن أبي جعفر -عليه السلام- قال: نزل جبرئيل -عليه السلام-
ذه الآية على محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- هكذا: فبدل الذين ظلموا آل محمد حقهم قولا غير الذي قيل لهم
.( فأنزلنا على الذين ظلموا آل محمد حقهم رجزا من السماء بما كانوا يفسقون) انتهى( ٣٨٦
،[ - الخطاب الموجه إلى اليهود في كتاب الله تعالى واضح في الآية: ﴿وِإذْ قُلْنا ادخلُوا هذه الْقَريَة﴾ [البقرة: ٥٨
الآية التي بدل اليهود قول الله فيها فوصفهم الله تعالى بقوله: ﴿فَبدلَ الَّذين ظَلَموا قَوًلا غَير الَّذي قيلَ َلهم فَأَنزلْنا علَى
.(٣٨٧)[ الَّذين ظَلَموا رِجزا من السماءِ ِبما كَانوا يفْسقُو َ ن﴾ [البقرة: ٥٩
- فهل حول الباقر الرجز الذي نزل على اليهود وجعله على أمة جده بزعم ظلم آل محمد حقهم؟ أم أن اليهود
هم الذين يحاولون بمثل تلك الروايات رد الحربة التي رشقها القرآن في صدورهم إلى صدر أمة الإسلام؟
٣) وهل تجرأ جعفر بن الباقر على تدمير آيات كتاب الله بحشر (ولاية علي) في التتريل، وكأن الكتاب لم يترل )
إلا لتلك الولاية؟!
... حلف الشيعة بالله تعالى على لسان -السادس- بالرواية التالية: (عن أبي بصير، عن أبي عبد الله -عليه
ثم قال: كذا والله نزلا .« سأل سائل بعذاب واقع للكافرين بولاية علي ليس له دافع » : السلام- في قول الله تعالى
!!( جبرئيل -عليه السلام- على محمد -صلى الله عليه وآله وسلم) انتهى( ٣٨٨
٤٢٤ تحت باب (فيه نكت ونتف من التتريل في الولاية) دمر به - ٣٨٦ ) "الأصول من الكافي" الكليني - الشعيي- ج ١- ص ٤٢٣ )
الكليني آيات الله تدميرا.
٣٨٧ ) (وخبر عصيان اليهود لنبيهم، وجبنهم عن دخول الأرض المقدسة، وارتدادهم على أدبارهم خاسرين، وتحريمها عليهم يتيهون )
في الأرض أربعين سنة، وبراءة موسى من فسقهم) في الآيات من ٢٠ إلى ٢٦ من سورة المائدة.
. ٣٨٨ ) "الأصول من الكافي" الكليني -الشيعي- ج ١ - ص ٤٢٢ )
- هل تجرأ جعفر، على الافتراء على الله وكتابه، وعلى جبرئيل، وعلى جده بحشر (ولاية علي) في قوله تعالى:
٣٨٩ )؟!! ... أم أن الكليني، الشيعي، صاحب )[٢ : ﴿سأَلَ سائلٌ ِبعذَابٍ واقعٍ * للْكَافرِين َليس َله داف ع﴾ [المعارج: ١
كافي الشيعة، هو الذي افترى؟!!.. إنه بافترائه الذي قصد به تكفير الأمة، قد وصم الإمام جعفر بالكفر.
٤) ذاك واضح كذلك في نص الكليني الموضوع: (عن أبي عبد الله -عليه السلام-: ذلكم بأنه إذا دعي الله )
.( وحده وأهل الولاية كفرتم) انتهى( ٣٩٠
أقحم لفظ (وأهل الولاية) مع الله وحده في قوله تعالى: ﴿ذَلكُم ِبأَنه ِإذَا دعي اللهُ وحده كَفَرتم وِإن يشرك ِبه
تؤمنوا﴾ [غافر: ١٢ ]، وإن إضافة أهل الولاية مع الله وحده، لهو الشرك الذي آمن به الوضاعون.
٥) هؤلاء الوضاعون العابثون بآيات الله، هم الذين ألبسوا إيمام بظلم أبي بكر وعمر، وليس من والاهما؛ حيث )
وضعوا الرواية التالية:
(عن أبي عبد الله -عليه السلام- في قول الله -عز وجل-: ﴿الَّذين آمنوا وَلم يلِْبسوا ِإيمانهم ِبظُلْ ٍ م﴾ [الأنعام:
٣٩١ ) قال: بما جاء به محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- من الولاية، ولم يخلطوها بولاية فلان وفلان، فهو )[٨٢
.( الملبس بالظلم) انتهى( ٣٩٢
.(٣٩٣)[ - المعلوم أن الظلم في الآية بمعنى الشرك بدليل قوله تعالى: ﴿ِإنَّ الشرك َلظُلْم عظي م﴾ [لقمان: ١٣
٣٨٩ ) كما رأينا حرف الشيعة هنا نص هاتين الآيتين بحشر (ولاية علي) وهناك عنهما تحريف شيعي آخر في سبب الترول، إذ زعموا )
أن المدعو: الحرث بن النعمان الفهري وهو بالأبطح، في غدير خم، اعترض على النبي بقوله: رفعت بضبعي ابن عمك تفضله
علينا، ثم ولى قائلا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو آتنا بعذاب أليم، فرماه الله بحجر
فسقط على هامته وخرج من دبره فقلته وأنزل الله: سأل سائل بعذاب واقع للكافرين الآية... وقد رد ابن تيمية -رحمه الله- هذا
الزعم بأن الأبطح في مكة، وليس في غدير خم، وأن سورة سأل سائل مكية باتفاق أهل العلم نزلت قبل الهجرة، وقوله تعالى:
﴿وِإذْ قَاُلوا اللَّهم ِإن كَانَ هذَا هو الْحق من عن دك فَأَ مطر علَينا﴾ الآية ٣٢ من سورة الأنفال، نزلت ببدر بالاتفاق قبل غدير خم
بسنين كثيرة، وهذا المذكور ليس له ذكر في أسماء الصحابة الذين ذكروا في شيء من الحديث حتى في الأحاديث الضعيفة…إلخ
. انظر: "منهاج السنة" ج ٤ ص ١٤ ،١٣
. ٣٩٠ ) "الأصول من الكافي" الكليني -الشيعي- ج ١ ص ٤٢١ )
. ٣٩١ ) انظر: "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير ج ٢ ص ١٣٤ ،١٣٣ )
. ٣٩٢ ) "الأصول من الكافي" الكليني -الشيعي- ص ٤١٣ )
- أما تفسير الظلم بكونه ولاية أبي بكر وعمر في مواجهة الإيمان بكونه ولاية علي، فلم يفتر به أحد سوى
الكليني وشيعته أتباع ابن سبأ، الرافعون لشعار لا ولاء إلا ببراء، الذين كفروا الناس باسم وصية النصب، إذ نصبوا
عليا علَما بين الله وخلقه (فمن عرفه كان مؤمنا، ومن أنكره كان كافرا، ومن جهله كان ضالا، ومن نصب معه شيئا
كان مشركا، ومن جاء بولايته دخل الجنة) انتهى( ٣٩٤ )!! وروايتهم عن أبي جعفر أيضا: (إن عليا باب فتحه الله فمن
.( دخله كان مؤمنا، ومن خرج منه كان كافرا) انتهى( ٣٩٥
عاشرا: الاثنا عشرية يحتكرون الجنة ويلعنون الأمة ويشبهون أهلها بالخنازير والهمج:
- هذا الكليني -الإيراني- الذي ألف كتابه في عشرين سنة، الذي زعموا أنه قد عرض على القائم -الموهوم-
فاستحسنه وقال: كاف لشيعتنا( ٣٩٦ )!! هو بعينه الذي لعن الأمة وشبه أهلها بالخنازير في روايته التي حاولا إثبات
غيبة القائم -الموهوم- قال: (عن سدير الصيرفي قال: سمعت أبا عبد الله -عليه السلام- يقول: إن في صاحب هذا
الأمر شبها من يوسف -عليه السلام- قال: قلت له: كأنك تذكره حياته أو غيبته؟ قال: فقال لي: وما ينكر من ذلك
هذه الأمة أشباه الخنازير، إن أخوة يوسف -عليه السلام- كانوا أسباطا أولاد الأنبياء تاجروا يوسف وبايعوه،
وخاطبوه، وهم أخوته وهو أخوهم فلم يعرفوه حتى قال: أنا يوسف، وهذا أخي، فما تنكر هذه الأمة الملعونة أن
!!( يفعل الله بحجته في وقت من الأوقات كما فعل بيوسف) انتهى( ٣٩٧
- إذا كان أبو عبد الله جعفر، سليل بيت النبوة، قد اعتبر أمة الإسلام خنازير ملعونة، فمن أي أمة هو؟ ثم ما
وجه الشبه بين قصة يوسف -عليه السلام- الثابتة في كتاب الله، وبين قصة طفل مزعوم غاب في الخامسة من عمره
بالقرن الثالث الهجري، وما زال حيا إلى يومنا هذا، يمشي في أسواقنا ويطأ بسطنا في الزعم الشيعي؟
.٣٨١- ٣٩٣ ) انظر تفسيرها في تفسير ابن كثير المذكور - ج ٣ - ص ٣٨٠ )
. ٣٩٤ ) "الأصول من الكافي" الكليني -الشيعي- ج ١- ص ٤٣٧ )
. ٣٩٥ ) المرجع السابق - ج ١ - ص ٤٣٧ )
٣٩٦ ) المرجع السابق - ج ١ - ص ٢٥ من تقديم الشيعي المدعو علي محفوظ، الذي يفتخر في ص ٢٨ باحتواء الكافي على )
١٦١٩٩ حديًثا بما يزيد على ما في الصحاح الست.
. ٣٩٧ ) المرجع السابق -ج ١- ص ٣٣٧ ،٣٣٦ )
- لا وجه إلا حرقة الكليني من أمة الإسلام، التي نفس عنها باللعن داخل صفحات أوثق كتب الشيعة، حيث
أوهم أم خلقوا من طينة النور، وأن غيرهم همج إلى النار بقوله على لسان أبي عبد الله: (إن الله خلقنا من نور
عظمته، ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش، فأسكن ذلك النور فيه، فكنا نحن خلقا وبشرا
نورانيين لم يجعل لأحد في مثل الذي خلقنا منه نصيبا، وخلق أرواح شيعتنا من طينتنا، وأبدام من طينة مخزونة
مكنونة أسفل من ذلك الطينة، ولم يجعل الله لأحد في مثل الذي خلقهم منه نصيبا إلا للأنبياء؛ ولذلك صرنا نحن وهم
!!( الناس، وصار سائر الناس همج للنار وإلى النار) انتهى( ٣٩٨
حادي عشر: الاثنا عشرية يعتبرون أنفسهم عربا وغيرهم حشرات:
- هذا صدوق الشيعة -ابن بابويه القمي- يجعل الناس سوى الشيعة ذبابا وبقا في قوله: (عن محمد بن علي -
عليه السلام- قال: نحن العرب وشيعتنا منا وسائر الناس همج أو هبج، قال: قلت: وما الهمج؟ قال: الذباب، قلت:
!!( وما الهبج؟ قال: البق) انتهى( ٣٩٩
- وكيف يكون القمي -الأعجمي الشيعي- من العرب؟!!. لا مشكلة عند المستترين تحت السنة الأئمة، إذ
وضعوا: (عن ضريس بن عبد الملك قال: سمعت أبا عبد الله -عليه السلام- يقول: نحن قريش، وشيعتنا العرب،
وعدونا العجم) انتهى( ٤٠٠ )!! وبذلك يكون القمي الإيراني الفارسي عربيا، وعدوه معاوية بن أبي سفيان -رضي الله
عنه- أعجميا في عرف الشيعة.
٣٩٨ ) المرجع السابق- ج ١- ص ٣٨٩ - مما قاله الشيعة في وصف هذا الكليني -لاعن الأمة- وكتابه: (سيرة الكليني معروفة في )
التواريخ وكتب الرجل والمشيخات الحديثية، وكتابه النفيس الكبير الكافي رزق فضيلة الشهرة والذكر الجميل وانتشار الصيت مدد
رواة آثار النبوة، ودعاة علم آل محمد -صلى الله عليه وآله- وحماة شريعة آل البيت، ونقلة أخبار الشيعة…إلخ) ص ٨ من
التقديم - فهل من شريعة أهل البيت لعن الأمة!!؟
٣٩٩ ) "معاني الأخبار" ابن بابويه القمي -الشيعي- ص ٤٠٤ هذا القمي المعروف عندهم بالصدوق قالوا عنه: (أبو جعفر نزيل )
الري، شيخنا وفقيهنا ووجه الطائفة بخراسان، ورد بغداد ٣٥٥ ه وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن، كان جليلا حافظا
للأحاديث ولد -قدس سره- هو وأخوه بدعوة صاحب الأمر على يد السفير الحسين بن روح) انتهى ص ١٣ ،١٠ مما يوحي لنا
نحن بأن سره المقدس عندهم هو أنه ربيب تنظيمات الخفاء.
٤٠٠ ) المرجع السابق ص ٤٠٤ ،٤٠٣ باب (نوادر المعاني). )
- ثم ذهب القمي بن بابويه إلى التكفير بقوله: (عن أبي الحسن موسى -عليه السلام- قال: الناس ثلاثة: عربي،
!!( ومولى وعلج، فأما العرب فنحن، وأما المولى فمن والانا، وأما العلج فمن تبرأ منا وناصبنا) انتهى( ٤٠١
ثاني عشر: تكفير آل البيت عدا الاثنا عشر:
بزعمه أن جعفر الصادق قال: (كذب من زعم أنه يعرفنا وهو ،« لا ولاء إلا ببراء » : - القمي هذا من رواد
متمسك بعروة غيرنا) انتهى( ٤٠٢ )!! إنه من رواد تكفير الأمة المخالفة لهم، حتى إنه كفر أهل البيت المخالفين لمذهب
الاثنا عشرية!! بزعم أن جعفر الصادق حاور حمران بن أعين - الشيعي- في الحوار التالي: (يا حمران، مد المطمر بينك
وبين العالم، قلت: يا سيدي وما المطمر؟ فقال: أنتم تسمونه خيط البناء، فمن خالفك على هذا الأمر فهو زنديق.
.( فقال حمران: وإن كان علويا فاطميا؟ فقال أبو عبد الله -عليه السلام-: وإن كان محمديا علويا فاطميا) انتهى( ٤٠٣
- ثم البراءة من المخالفين، ولو كانوا من أهل في روايته: (عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله -عليه