آخر تحديث للموقع :

الثلاثاء 6 رمضان 1444هـ الموافق:28 مارس 2023م 12:03:36 بتوقيت مكة

جديد الموقع

إمامة الشيعة توجب الإعتقاد بتحريف القرآن - عبد الملك الشافعي ..
الكاتب : عبد الملك الشافعي ..

إمامة الشيعة تُوجِب الإعتقاد بتحريف القرآن
عبدالملك بن عبدالرحمن الشافعي

 
المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد فإن من المعلوم عند المتتبعين لدراسة الفرق والعقائد وتحديداً فرقة الشيعة الإمامية الاثنى عشرية يعلم يقيناً أن مسألة الإمامة عندهم تشكل الحجر الأساس في المذهب، والتي خلاصتها :[إن منصب الإمامة منصب إلهي كمنصب النبوة يكون بتعيين من الله تعالى وهو محصور في إثني عشر إماماً ولا يجوز نيله من قبل غيرهم مهما بلغت رتبة ذلك الغير من الصلاح والعلم الشرعي([1])].
إلا أن علماء الشيعة لم يكتفوا بإعطاء الإمامة هذا الحجم بعدِّها من ضروريات المذهب والحجر الأساس فيه، وإنما زادوا على ذلك بكثير وأوغلوا كثيراً في الغلو حين رفعوها إلى منزلة خطيرة وعظيمة بجعلها في مصاف أصول الدين وهي التوحيد والنبوة والمعاد -اليوم الآخر- فأصبحت عندهم أصلاً من أصول الدين([2]) وفيصلاً بين الإسلام والكفر([3]).
ونظراً للخطورة العظيمة التي وصل بها علماء الشيعة بقضية الإمامة واستنكار جميع الفرق الإسلامية عليهم هذا الغلو فيها، أخذ علماء الشيعة يدافعون عن معتقدهم محاولين إثباته بشتى أنواع الأدلة لعلهم يثبتوا صحته وشرعيته بنظر مخالفيهم ويقنعوهم بها أو على الأقل كحد أدنى بنظر أتباعهم -وذلك أضعف الإيمان- بأنها حق هناك ما يؤيده من الكتاب والسنة والعقل.
وبالفعل ساقوا كل ما يرونه دليلاً يثبت معتقدهم في الإمامة واعتمدوا طريقين في ذلك طريق العقل والشرع-الكتاب والسنة- إلا أنهم فاجأوا الجميع حين اعتمدوا في استدلالهم بالدرجة الأولى على العقل كمرتكز أساسي لمعتقدهم، ثم جعلوا أدلة الشرع بالدرجة الثانية لتأييد معتقدهم([4]).
ونظراً لاعتمادهم بالدرجة الأولى والأساسية على أدلة العقل عزمت بعد التوكل على الله تعالى على دراسة استدلالهم العقلي العقائدي بكل خطواته دراسة شافية واسعة، إذ لم أترك كتاب عقائدي قديم أو حديث إلا وقرأته قراءة المتأمل الباحث حتى تكوَّن عندي تصور متكامل لاستدلالهم العقلي والذي هو عبارة عن سلسلة من الحلقات المتصلة تؤدي الى النتيجة النهائية وهي وجوب وجود إمام معصوم في كل عصر لهداية البشر.
وبما أن هذا الاستدلال قامت به عقول بشرية متمثلة بعلماء المذهب وأعلامه وأبرزهم الصدوق والمفيد والمرتضى والطوسي والحلي، فإنه قطعاً سيكون خاضعاً للنقد والأخذ والرد بوضعه تحت مجهر الشرع والعقل للوقوف على مواطن الخلل والضعف فيه، وهذا أمر طبيعي ما دام الاستدلال بشرياً وليس معصوماً منزَّلاً من السماء، ومن الجدير بالذكر أن الخلل قد يكون ظاهراً بنفس الدليل أو قد يخفى بطلانه على الغالبية من المسلمين وعندها يتحتم أن يبين الخلل والبطلان من خلال النتائج الباطلة التي يقود اليها ذاك القول، وهذا ما قمت به بالفعل لأني رأيت نجاح هذه الطريقة-ببيان النتائج الباطلة التي يفرزها القول وهو ما يسمى بلازم القول- وقوة تأثيرها عند غالب المسلمين لأن النظر في الأدلة وفهمها وتقييمها متعذر لدى الغالبية لأنها تحتاج إلى رصيد علمي يُمَكِّنه من عملية التقييم والنقد، في حين أن إبراز النتائج الباطلة للقول يكون أمراً سهلاً ميسَّراً لجميع المسلمين علماؤهم وعوامهم، إذ بمجرد أن ينظر إلى نتيجة القول يستطيع أن يحكم عليه بالصحة والبطلان، ومن ثم تكون هذه الطريقة أقوى وأنجح لأنها ستصل إلى عقول كافة المسلمين كي يشاركوا في عملية التقييم والنقد، في حين مناقشة نفس الدليل التي لا يشترك فيها إلا القلة من أهل العلم والاختصاص، وكذلك يكون تأثيرها ناجحاً على أنصار ذاك القول ومؤيديه لأنهم ربما نظروا إلى الدليل نظرة سطحية فسلموا بدلالته ولكن إذا نظروا في نتائجه الباطلة فهذا سيجعلهم يعيدوا النظر بجدية أكثر من أجل تقييمه وربما يقودهم إلى نبذه ومخالفته لأن القول الحق نتائجه كلها حقة والباطل نتائجه باطلة، وبالفعل قمت بمناقشة الاستدلال العقلي للإمامة من خلال النتائج المترتبة عليه في إحدى دراساتي السابقة التي نشرت بفضل الله تعالى وهي بعنوان (إمامة الشيعة دعوة باطنية لاستمرار النبوة) حيث بينت فيها أن الإمامة بحقيقتها دعوة لاستمرار النبوة وتفتح الباب لكل أدعياء النبوة كي يعلنوا كفرهم عن طريقها فهي كالجسر والمعبر الذي يمر من خلاله أدعياء النبوة، وهنا في هذه الدراسة أيضاً اتبعت هذه الطريقة بأن سلطت الضوء على النتائج الخطيرة المترتبة على حلقة من حلقات استدلالهم العقلي في الإمامة ألا وهو وجوب النص من الله تعالى على الإمام، أسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقاً ويوفقنا لاتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأسأله سبحانه أن يجعلها في ميزان حسناتي أنه سميع مجيب.
 
التمهيد
إن هذه الدراسة هي من ضمن سلسلة مخصصة لدراسة نظرية الإمام المعصوم لدى الشيعة الإمامية الاثنى عشرية، إذ عكفت على دراستها مدة تقرب من عشر سنين باحثاً ومتأملاً فيها بعقل وإنصاف، فمن جهة درست أدلتها العقلية والنقلية من حيث قوتها وضعفها، ومن جهة أخرى سلطت الضوء على النتائج الخطيرة التي أفرزتها هذه النظرية، وقد كان جلّ تركيزي وبالدرجة الأولى على الاستدلال العقلي لأنهم عدُّوه الأساس والمنطلق في اثبات نظريتهم([5]).
وكما هو معلوم لدى المتخصصين أن البناء العقلي لنظريتهم يجعل من نظرية اللطف الإلهي الأساس والمنطلق لبنائهم العقائدي والذي بنوا عليه لبنة أخرى وهو وجوب نصب الإمام على الله تعالى باعتباره لطفاً من الله تعالى بحق المكلفين، ثم اشترطوا لهذا الإمام العصمة كي تتحقق الغاية منه، فهي مرتكزة على تلك اللبنة، ثم من خلال اشتراط العصمة توصلوا إلى وجوب النص عليه من الله تعالى، بدعوى أن العصمة أمر باطني خفي غير محسوس كي يعرفه الناس بالظاهر فلا بد من النص عليه من الله تعالى كي يعرفه الناس وقد ذكروا ذلك صراحةً وكما يلي:
1-عن علي بن الحسين قال :[ الامام منا لا يكون إلا معصوما وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها ولذلك لا يكون إلا منصوصا]([6]).
2-قال السيد عبدالله شبر :[أن يكون منصوصاً عليه لأن العصمة من الأمور الباطنية كما تقدم]([7])
3-يقول محسن الخرازي في:[ والدليل على ما ذهبنا إليه وجهان، الأول:أنا قد بينا أنه يجب أن يكون الإمام معصوماً، والعصمة أمر خفي لا يعلمها إلا الله تعالى، فيجب أن يكون نصبه من قبله تعالى، لأنه العالم بالشرط دون غيره]([8]).
 فمن تلك المقدمات توصلوا إلى النتيجة النهائية وهي يجب على الله تعالى أن ينص على الإمام بعد الرسول e.
ثم إنهم أوجبوا النص على الإمام من جهة أخرى وهي دعواهم بأن تعيين الإمام عن طريق اختيار الناس- الذي ينسبه الشيعة إلى أهل السنة([9])- يؤدي الى النزاع والتقاتل كل جماعة تريد أن تستحوذ عليها، وحتى يمنعوا وقوع هذا النزاع ويقطعوا مادته-بزعمهم- أوجبوا على الله تعالى أن يعين الإمام وينص عليه، فمن أقوالهم([10]) في ذلك:
1-قال ابن المطهر الحلي ص52: [تفويض الامام (أي تعيين الامام) الى الاختيار يؤدي الى الفتن والتنازع ووقوع الهرج والمرج بين الامة واثارة الفساد، لان الفُسّاد مختلفوا المذاهب متباينوا الآراء والاعتقادات فكل صاحب مذهب يختار اماماً من اهل نحلته (وعقيدته) ولا يُمَكِّن غيره ممن ليس من اهل نحلته ان يختار الامام].
2-قال الحلي ايضاً ص46: [ان الله سبحانه وتعالى في غاية الرحمة والشفقة على العباد والرأفة بهم، فكيف يهمل الله تعالى نصب امر الرئيس مع شدة الحاجة ووقوع النزاع العظيم مع تركه او مع استناده الى اختيار المكلفين فان كل واحد منهم يختار رئيساً، وذلك فتح باب عظيم للفساد ومناف للحكمة الالهية تعالى الله عن ذلك]
3-قال ص51: [القول بالاختيار يؤدي الى الهرج والمرج واثارة الفتن فيكون باطلاً].
4-يذكر الحلي ايضاً :[الامام يجب ان يكون منصوصاً (من قبل الله تعالى) لما بينا من بطلان الاختيار وانه ليس بعض المختارين لبعض الامة اولى من البعض الآخر، ولأدائه (أي الاختيار) الى التنازع والتشاجر، فيؤدي نصب الامام (بطريقة الاختيار) الى اعظم انواع الفساد، التي لاجل اعدام الاقل منها اوجبنا نصبه]([11]).
5-قال السيد عبدالله شبر :[أن الإمام يجب أن يكون منصوصاً عليه أو مظهراً للمعجز لم تقدم من بطلان الاختيار وأدائه إلى التنازع والتشاجر وأعظم أنواع الفساد]([12]).
فهذه باختصار فلسفة علماء الشيعة واستدلالهم العقلي على وجوب تعيين الإمام بالنص من الله تعالى، شرحتها وبسطتها كي يتفاعل معي جميع المسلمين لتشخيص موطن الخلل والنتائج الخطيرة الكامنة فيها.
 
الفصل الأول
لقد أوجب علماء الشيعة-كما ذكرنا- النص من الله تعالى على الامام([13]) لكي يحصل اللطف للمكلفين وذلك بمعرفتهم للإمام عن طريق ذاك النص ليتسنى لهم بعد ذلك طاعته والانقياد له، بمعنى أنهم جعلوا تحقق معرفة الإمام وطاعته([14]) غاية، ثم جعلوا النص عليه وسيلة لتحقيق تلك الغاية.
 وهذا التقرير الذي سلكوه في موضوع النص على الإمام هو في حقيقته متطابق تماماً مع ما قرروه من مقدمات ليثبتوا من خلالها وجوب عصمة الإمام، إذ جعلوا إقامة العدل وإزالة الظلم وحفظ الشرع غاية يجب تحقيقها في عدل الله تعالى ورحمته ولطفه، ثم جعلوا نصب إمام -من الله تعالى- وسيلة لتحقيق تلك الغاية، ثم قالوا بعد ذلك بأن هذه الوسيلة -وهي نصب الإمام- لكي تكون ناجحة موصلة للمطلوب يجب أن يتوفر فيها شرطان أساسيان وهما العصمة والتمكين، فهذا هو مسكلهم في اشتراط العصمة في الإمام.
ونحن في هذه الدراسة سنطبق مسلكهم في العصمة بعينه في موضوع النص من الله تعالى على الإمام وبنفس مقدماتهم التي وضعوها وقرروها، فنقول بأن معرفة المكلفين للإمام وامتثالهم له غاية واجب تحقيقها، والوسيلة التي تحقق تلك الغاية هي النص من الله تعالى على الإمام، وهذه الوسيلة -النص على الإمام- لكي تكون ناجحة موصلة للمطلوب يجب أن يتوفر فيها شرطان أساسيان([15]) هما:
1-أن يكون النص قطعي في دلالته على الإمام.
2-أن يكون النص قطعي في ثبوته. 
وعليه يكون هذان الشرطان واجبان كوجوب الوسيلة -وهي النص على الإمام- لأن الغاية لا تتحقق بتلك الوسيلة إذا فُقِد الشرطان معاً أو أحدهما، وهذا يحتم علينا دراستهما وبيانهما بتفصيل أكثر وكما يلي:
 
الشرط الأول: ان يكون هذا النص على الامام قطعي الدلالة:-
وهذا الشرط في غاية الأهمية، إذ الغاية –وهي معرفة الإمام وطاعته- تحتاج في تحقيقها إلى أن يكون النص على الإمام صريحاً وقطعياً أي خالٍ من الاحتمال والخفاء والإبهام، وهذا لا يكون إلا بالنص على الإمام بالإسم الصريح دون الوصف والكنية، ويمكن إثبات ذلك الشرط بطريقين هما:
الطريق الأول:إجماع العقلاء على ذلك:
إذ المقطوع به عند جميع العقلاء أن النص على الإمام كلما كان اكثر صراحةً كلما اقتربنا من تحقيق الغاية أكثر، ومما هو مقطوع به بينهم أيضاً هو أن أقصى درجات التصريح بالنص على الإمام وأعلاها تكون بذكر اسم الإمام صريحاً دون ذكر كنيته أو وصفه([16])، بمعنى أن ذكر اسم الإمام صريحاً واجب على الله تعالى لتوقف حصول الغاية عليه([17])، وهذا الأمر ثابت عند جميع العقلاء لا شك فيه، ولا يجادل فيه إلا جاهل أو معاند وكلاهما لا يحسن الالتفات إليه لأنه مضيعة للوقت وإهانة للعقل، وهذا الطريق وإن كان وحده كافٍ لأنه محل اتفاق العقلاء، إلا أننا من باب الاستئناس واستظهاراً لقوة الحجة سنسلك الطريق الثاني.
الطريق الثاني:تقريرات علمائهم ومراجعهم حول الإمامة والإمام:
إن ذكرنا لهذا الطريق هو من باب النافلة –إذ الأول يكفي كما ذكرنا- والمتمثل بالاعتماد على ما قرره علماء المذهب وأعلامه بما يؤيد ما ذكرناه من وجوب النص على الإمام بالاسم الصريح وذلك من عدة وجوه هي:
1-رفعهم لمنزلة الإمامة وجعلها من أصول الدين:
فقد رفعوا منزلة الإمامة من مكانتها الطبيعية بكونها من فروع الدين وجعلوها في مصاف القضايا العظيمة من الدين والتي يطلق عليها اصول الدين والمتمثلة بالتوحيد والنبوة واليوم الآخر-المعاد- فمن أقوالهم التي نصت على ذلك ما يلي:
1-آيتهم العظمى وعلامتهم ومحققهم جعفر سبحاني الذي يقول في كتابه (الملل والنحل) تحت عنوان (هل الإمامة من الأصول أو من الفروع) ما نصه: [الشيعة على بكرة أبيهم اتفقوا على كونها أصلاً من أصول الدين وقد برهنوا على ذلك في كتبهم ،ولأجل ذلك يُعَدُّ الاعتقاد بإمامة الأئمة من لوازم الإيمان الصحيح عندهم،وأما أهل السنة فقد صرحوا في كتبهم الكلامية أنها ليست من الأصول]([18])، وقال:[ اتفقت كلمة أهل السنة أو أكثرهم على ان الإمامة من فروع الدين …… هذا ما لدى أهل السنة، و أما الشيعة فالاعتقاد بالإمامة عندهم اصل من أصول الدين]([19]).
2-وقال محمد رضا المظفر: [نعتقد أن الإمامة أصل من أصول الدين لا يتم الإيمان إلا بالإعتقاد بها]([20]).
3-يقول الخميني: [الإمامة إحدى أصول الدين الإسلامي]([21]).
4-يقول عبد الحسين المظفر: [ولأجل هذا وجب علينا أن نبحث عن الإمامة لأنها اصل من أصول الدين ولا يستقيم بدونها]([22]).
5-يقول آيتهم العظمى ناصر مكارم الشيرازي: [فالإمامة في نظر طائفة الشيعة واتباع مذهب أهل البيت u من أصول الدين والأسس العقائدية، بينما تعتبر في نظر طائفة أهل السنة من فروع الدين والأحكام العملية] ([23])، وقال:[ لهذا يعتبر الإيمان بالإمامة جزءاً من اصول الدين لا من فروع الدين]([24]).
6-يقول السيد علي الحسيني الميلاني: [واما ان الإمامة من أصول الديانات والعقائد ام هي من الفروع ؟ فالحق: انها من الأصول كالنبوة]([25]).
7-يقول آيتهم العظمى عبد الحسين شرف الدين:[ فعلم أنها ترمي إلى أن ولاية علي من أصول الدين كما عليه الإمامية]([26]) ،وقال:[ وأن الإيمان عبارة عن اليقين الثابت في قلوب المؤمنين مع الاعتراف به في اللسان ، فيكون على هذا أخص من الإسلام ، ونحن نعتبر فيه الولاية مضافا إلى ذلك فافهم]([27]).
فما دامت الإمامة من أصول الدين بناءاً على تقريرهم السابق -كما نقل إجماعهم آيتهم العظمى جعفر سبحاني- فيلزمهم أن يكون النص عليها قطعياً يورث اليقين وليس ظنيا يورث الظن، وقد صرح بذلك آيتهم العظمى ناصر مكارم الشيرازي حيث قال:[ لكن ينبغي الالتفات إلى أن أصل الدين يختلف عن فروعه وجزئياته فلا يمكن إرساء أصل الدين وأساسه على الشك أو الظن ولا يمكن قبول الوحي الإلهي مقروناً بالاحتمال والشك والتردد، في حين أن احتمال الخطأ والاشتباه في الفروع والجزئيات لا يؤثر في أساس العقيدة]([28])، ومعلوم أن القطع واليقين في النص على الإمام يتحقق إن كان بالإسم الصريح للإمام.
 
ثانياً:تكفيرهم لمن لا يعتقد بالإمامة سواء أنكرها أو جهلها:
وإليك طائفة من مروياتهم ونصوص علمائهم التي صرحت بكفر من لا يعتقد بالإمامة وبعضهم نقل الإجماع على ذلك وهي:
1- يذكر الكليني في الكافي في باب (معرفة الامام والرد اليه) (1/375) : [عن ابي جعفر u قال: … من أصبح من هذه الامة لا إمام له من الله عز وجل ظاهر عادل، اصبح ضالاً تائهاً وإن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق]. 
2-روى الكليني في الكافي باب (فرض طاعة الائمة) (1/187): [عن ابي سلمة عن ابي عبد الله u قال: سمعته يقول: نحن الذين فرض الله طاعتنا، لا يَسَع الناس إلا معرفتنا ولا يُعْذَر الناس بجهالتنا، من عرفنا كان مؤمناً ومن انكرنا كان كافراً، ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالاً حتى يرجع الى الهدى الذي افترض الله عليه من طاعتنا الواجبة، فان يمت على ضلالته يفعل الله به ما يشاء]. 
3-روى الكليني في الكافي في باب (من مات وليس له امام من أئمة الهدى) (1/377): [عن الحارث بن المغيرة قال: قلت لابي عبد الله u، قال رسول الله r من مات لا يعرف امامه مات ميتة جاهلية؟ قال: نعم، قلت: جاهلية جهلاء او جاهلية لا يعرف امامه؟ قال جاهلية كفر ونفاق وضلال]. 
4-إن شيخهم المفيد نقل لنا إجماع الشيعة الإمامية على ذلك فقال تحت عنوان(القول في تسمية جاحدي الإمامة ومنكري ما أوجب الله تعالى للائمة من فرض الطاعة): [ واتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد الائمة([29]) وجحد ما أوجبه الله تعالى من فرض الطاعة فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار]([30]).
5-ينقل علامتهم زين الدين العاملي الملقب بالشهيد الثاني إجماعهم على ذلك فقال:[ ولذا نقلوا الاجماع على دخولهم النار]([31]).
6-نقل عمدتهم وفيلسوفهم نصير الدين الطوسي إجماع الشيعة على أن النجاة يوم القيامة بدخول الجنة لا تكون لمن لا يعتقد بالإمامة فقال: [أن الإمامية قد تفردوا بأن دخول الجنة والنجاة لا يكون إلا بعد ولاية آل محمد عليهم السلام واعتقاد إمامتهم، وأما باقي الفرق الإسلامية، فقد أطبقوا على أن أصل النجاة هو الإقرار بالشهادتين([32])]([33]) 
7-ينقل السيد المرتضى الملقب عندهم بعلم الهدى إجماعهم على تكفير من لا يؤمن بإمامة أئمتهم الاثنى عشر في رسالته (الرسالة الباهرة في العترة الطاهرة)فقال: [مما يدل أيضا على تقديمهم عليهم السلام وتعظيمهم على البشر أن الله تعالى دلنا على أن المعرفة بهم كالمعرفة به تعالى في أنها إيمان وإسلام ، وأن الجهل والشك فيهم كالجهل به والشك فيه في أنه كفر وخروج من الإيمان ، وهذه منزلة ليس لأحد من البشر إلا لنبينا صلى الله عليه وآله وبعده لأمير المؤمنين عليه السلام والأئمة من ولده على جماعتهم السلام .... والذي يدل على أن المعرفة بإمامة من ذكرناه عليهم السلام من جملة الإيمان وأن الاخلال بها كفر ورجوع عن الإيمان ، إجماع الشيعة الإمامية على ذلك ، فإنهم لا يختلفون فيه]([34]
8-يقول شيخ طائفتهم الطوسي:[ بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي إذا سألك سائل وقال لك: ما الإيمان ؟ فقل : هو التصديق بالله و بالرسول وبما جاء به الرسول والائمة عليهم السلام . كل ذلك بالدليل ، لا بالتقليد ، وهو مركب على خمسة أركان ، من عرفها فهو مؤمن ، ومن جهلها كان كافرا ، وهي : التوحيد، والعدل ، والنبوة والإمامة ، والمعاد]([35]) ،وقال في نفس الكتاب ص317:[ مسألة : عن قوله النبي صلى الله عليه وآله : " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " وقوله صلى الله عليه وآله : " من مات بلا وصية مات ميتة جاهلية " وهذا تفاوت لا يجوز عليه ، لان الجهل بالإمام يخرج عن الإيمان ، و من صحَّت عقيدته وحسنت أعماله ، واخطأ في ترك الوصية لا يخرج بذلك عن الإيمان ، فما الكلام في ذلك إذا اتفقت العبارتان واختلفتا في المعنى ؟ . الجواب : الجهل بالامام كفر وقد استفسروا عنه فقالوا هو ميته كفر و ضلال ] .
9-يقول محققهم الكركي:[ بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين في التتميم الحمد لله والصلاة على رسوله محمد وآله الأطهار . يجب على كل مكلف حر وعبد، ذكر وأنثى، أن يعرف الأصول الخمسة التي هي أركان الإيمان ، وهي: التوحيد، والعدل ، والنبوة ، والإمامة ، والمعاد ، بالدليل لا بالتقليد. ومن جهل شيئا من ذلك لم ينتظم في سلك المؤمنين واستحق العقاب الدائم مع الكافرين]([36]) .
10- يذكر علامتهم وآيتهم العظمى عبد الحسين الموسوي – صاحب المراجعات – أن أخبار الشيعة لا تثبت النجاة يوم القيامة لجميع الموحدين بل هي مخصصة بمن يعتقد بالولاية والإمامة،ومن ثم فهي تحكم على باقي الموحدين من عدا الإمامية بالخلود بالنار حيث قال:[ وإن عندنا صحاحاً أُخَر فزنا بها من طريق أئمتنا الاثني عشر .. فهي السنة التالية للكتاب، وهي الجنة الواقية من العذاب، وإليكها في أصول الكافي وغيره تعلن بالبشائر لأهل الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر لكنها تخصص ما سمعته من تلك العمومات المتكاثرة بولاية آل رسول الله وعترته الطاهرة ... ولا غرو فإن ولايتهم من أصول الدين ]([37]).
فتبين لنا مما تقدم خطورة قضية الإمامة عندهم حتى أن الله تعالى لا يُعْرَف إلا بها وأن منكرها كافر مستحق للخلود في النار مع باقي الكفار، وكل هذا يوجب ان يذكر الله تعالى الامام بالنص الصريح ليعرفه الناس ويقطع بذلك الحجة على عباده لأن الحجة يجب أن تكون صريحة وقاطعة للعذر كما قال تعالى ( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ )(لأنفال: من الآية42)، إذ قضية بهذه الدرجة من الخطورة لا يمكن أن يتجاهلها القرآن دون بيان وتصريح([38])، ومعلوم أن أقصى درجات التصريح تكون بذكر اسم الامام لتحقق الغاية من النص عليه وهي معرفته لأن معرفته إيمان والجهل به كفر وضلال كما تقدم، فهذا الأمر الثاني لتقريراتهم التي توجب ذكر اسم الإمام صراحة.
 
ثالثاً:أوجبوا النص على الإمام كي يمنعوا النزاع في تعيينه:
في معرض ردهم على أهل السنة قالوا أن طريقة تعيين الإمام باختيار المكلفين فيها مفسدة وهي وقوع النزاع والتشاجر في تعيين الإمام، ولأجل أن يمنعوا هذه المفسدة أوجبوا أن لا يكون تعيين الإمام إلا بنص من الله تعالى، وبناءاً على تقريرهم هذا نقول أن هذه المفسدة –وهي حصول التنازع في تعيين الإمام- لا تقع فقط في حالة عدم وجود النص على الإمام، بل أنها تقع أيضاً إذا كان ذاك النص غير صريح بأن يكون مبهم أو خفي، إذ كل جماعة سوف تستدل بهذا النص المبهم الخفي على الإمام الذي تريده فيحصل الخلاف والنزاع، فعليه نقول كما أنكم أوجبتم النص على الإمام لرفع هذه المفسدة يلزمكم أن توجبوا النص الصريح لرفعها وهذا لا يكون إلا بذكر اسم الإمام صراحةً.
 
رابعاً:إيجابهم على الله تعالى أن يدلَّ المكلفين على الإمام:
فقد أوجبوا على الله تعالى أن يدل المكلفين على الإمام ويرشدهم لمعرفته كي يعرفوه ومن ثم ينقادوا إليه، فمن أقوالهم([39]) التي صرحت بذلك ما يلي:
1-ذكر ص255: [لا بد في اللطف من نصب الامام ونصب طريق للمكلَّف الى معرفته].
2-ذكر ايضاً في نفس الكتاب ص325: [فهو من فعله تعالى بأن ينصبه ويدل عليه].
3-ذكر ايضاً ص164: [والذي من فعله تعالى نصب الامام والدلالة عليه].
4-ذكر أيضاً ص198:[ الإمامة تنم فائدتها بأشياء : الأول : نصب الله تعالى للإمام . الثاني : نصب الأدلة عليه . الثالث : قبول الإمام للإمامة . الرابع : إيجاب الله تعالى على المكلفين طاعته وامتثال أوامره وتحليل قتال من خالفه . الخامس : إعلامهم ذلك بنصب الأدلة عليه . السادس : طاعة المكلفين له وامتثال أوامره ونواهيه، والخمسة الأول من فعله تعالى وفعل الإمام، والسادس من فعل المكلفين].
5-يقول الطوسي في (تلخيص الشافي) جزء1 ص106-107: [فالذي من فعله تعالى: هو ايجاد الامام وتمكينه بالقدر والعلوم والآلات من القيام بما فوض إليه والنص على عينه وإلزام القيام بأمر الامة].
6-يقول السيد المرتضى في كتابه (الشافي) (1/44) عن الإمام:[إن الواجب على الله تعالى أن يوجب العلم به، ويُمَكِّن منه].
 وبعد هذا التقرير المهم يعود علامتهم ابن المطهر ليقرر عين تقريرنا وذلك حين عرَّف لنا البيان المقصود للإمام فقال في نفس الكتاب ص315 :[ والمراد بالبيان مالا يحتمل غير المعنى بحيث يكون نصاً صريحاً]، ثم راح بعد ذلك يبين مقصوده بالنص الصريح الذي ذكره ويعرفه في (نهج السداد شرح واجب الاعتقاد)([40]) فيقول: [والنص هو اللفظ المفيد الذي لا يُحمل على غير ما فهم منه أي اطلاق لفظ يدل على معنى واحد مانع لنقيضه]،
وبناءاً على معتقدكم الذي أوجبتم فيه على الله تعالى أن يدل المكلفين على الامام ليعرفوه ومن ثم ينقادوا له، نقول إن الرحمة الالهية تقتضي إذاً ان تكون هذه الدلالة على الامام بأعلى درجات البيان والتوضيح ليتيسر للناس معرفته، وكما هو معلوم ان اعلى درجات البيان والتي تحصل بها الغاية بصورة يقينية وقطعية هي بذكر اسم الامام صراحةً، فهذا الأمر الثالث الذي يوجب ذكر اسم الامام صراحةً بناءاً على تقريراتهم.
 
خامساًً:اعترفوا بوجوب كون النص على الإمام صريحاً وليس مبهماً أو خفياً([41]):
فلم يكتفوا بتقرير ما ذكرنا من إيجابهم على الله تعالى أن ينصَّ على الإمام ويدل عليه –كما ذكرناه في النقطة السابقة- بل زادوا على ذلك وأوغلوا أكثر في موافقة ما قررناه وذلك حين ذكروا شروطاً لذلك النص على الإمام منها أن يكون صريحاً في دلالته على شخص الإمام وأن يكون جلياً ظاهراً وليس خفياً، فمن أقوالهم في ذلك ما يلي:
1-يقول علامتهم نصير الدين الطوسي في (قواعد العقائد) ص110: [واما القائلون بوجوبه على الله تعالى (أي النص على الامام) فهم الشيعة القائلون بامامة علي بن ابي طالب u بعد النبي r، واختلفوا في طريقة معرفة الامام بعد ان اتفقوا على انه هو النص من الله تعالى أو ممن هو منصوص من قبل الله تعالى لا غير، فقالت الامامية الاثنى عشرية والكيسانية انه انما يحصل بالنص الجلي لا غير، وقالت الزيدية إنه يحصل بالنص الخفي أيضاً].
2-يقول الطوسي في (الغيبة) ص18: [اما الذي يدل على فساد قول الكيسانية القائلين بإمامة محمد بن الحنفية فأشياء منها أنه لو كان إماماً مقطوعاً على عصمته لوجب أن يكون منصوصاً عليه نصاً صريحاً لأن العصمة لا تعلم إلا بالنص].
3-يقول ابن المطهر الحلي في (الالفين) ص65: [خلق الامام وتمكينه بالقدرة والعلوم والنص عليه باسمه ونسبه وهذا واجب على الله].
4-التفسير الكاشف لمغنية مجلد1 ص197:[ والامام بمعنى النبي يفتقر الى النص من الله بواسطة الروح الامين، وبمعنى الوصي لا بد فيه من النص من الله سبحانه على لسان نبيه الكريم، وشرط هذا االنص أن يكون بالاسم والشخص لا بالصفات وصيغة العموم فقط كما هي الحال في المجتهد والحاكم الشرعي بل بالنص الخاص الذي لا يقبل التأويل ولا التخصيص ولا مجال فيه اطلاقاً للبس أو احتمال العكس].
5- يقول علامتهم محمد جميل حمود في كتابه (الفوائد البهية في شرح عقائد الامامية) جزء2ص50 حول وجوب النص على الامام:[ولا بد من النص أن يكون جلياً واضحاً لا خفياً مبهماً ، بمعنى أنه لا بد أن يبرز النص اسم الإمام الجائي بعد النبي r بحيث لا يُوقع الناس في الريب ، لأن الإمامة واجبة عليه تعالى بحكم ضرورة العقل القائل بنيابة الإمامة مناب النبوة ... وفي المقابل ذهبت الزيدية على أن النص على الإمام خفي أي ان النبي r نص على الإمام علي عليه السلام بالوصف دون الإسم].
وهكذا تبين لنا وجوب الشرط الاول وهو وجوب ذكر اسم الإمام صراحةً، عن طريق اتفاق العقلاء وتقريرات علمائهم وتصريحاتهم، ولننتقل الى الشرط الثاني.
 
الشرط الثاني: أن يكون هذا النص على الامام قطعي الثبوت عند جميع المسلمين:
وهذا الشرط لا يتحقق يقيناً إلا بذكر اسم الإمام في القرآن دون غيره من مصادر التشريع، والذي يدل عليه وجوه عديدة منها:
الوجه الأول:
إن الأصل في النص أن يذكر في القرآن لأنها قضية عظيمة وعقيدة خطيرة إذ الإخلال بها يورث اللعن والخلود في نار الجحيم – كما نقلنا نصوصهم في ذلك قبل قليل- لأن القرآن هو مصدر التشريع الأول ومنه يجب أن تستقى وتؤخذ العقائد الكبرى لا سيما مع التسليم بما قرروه من كون الإمامة من أصول الدين في مصاف التوحيد والنبوة، وقد صرح علمائهم بذلك فمنهم:
1-صرح آيتهم العظمى محمد حسين فضل الله في لقائه الاسبوعي والذي يصدر في مجلة الندوة بعنوان (نظرات عقيدية) ص232 تحت مبحث(بين الفلسفة والعقيدة) حول استفسار وجِّه اليه نصه:[ما هي المصادر المهمة في العقيدة الإسلامية؟ وهل صحيح ما يقال من أحد مصادرها الفلسفة؟ مع العلم أن الفلسفة جاءت من اليونان حيث قام المسلمون بعريبها وترجمتها في صدر الإسلام؟ فكيف كان ذلك؟  فأجاب ما نصه:[أنا لا أعتبر الفلسفة مصدراً من مصادر العقيدة الإسلامية، فالمصدر الأساس هو القرآن، لأن القرآن هو الذي ركز لنا الأسس الفكرية للعقيدة الإسلامية، بل إنني أجزم أن أي عقيدة إسلامية تعتبر الفلسفة أساسها ليست عقيدة صحيحة ... فالقرآن في أسلوبه وفي وسائله الفكرية هو حركة العقيدة في كل مفرداتها الأساسية ... علينا أن نأخذ عقائدنا من القرآن بالوسائل القرآنية، وبالأساليب القرآنية، ففي القرآن إذا فهمناه جيداً غنىً وثراء]، وقال أيضاً:[ يرتكز المنهج الذي أتبعه أولاً على دراسة النظرية الإسلامية من خلال القرآن، وثانياً على مراجعة الأحاديث النبوية الشريفة وأحاديث أئمة أهل البيت (ع) ... فأنا أحاول محاكمة الحديث من خلال القرآن لا محاكمة القرآن من خلال الحديث، لاعتقادي أن القرآن هو الذي يعطينا العناوين الكبرى، بينما الأحاديث تتناول التفاصيل ... أعتقد أن هذا المنهج الجديد هو المنهج الأفضل في بحث أي موضوع، لأنه يؤكد على القرآن بوصفه القاعدة الإسلامية الأولى والأصل]([42])
2-اعترف آيتهم العظمى الوحيد الخرساني بذلك فقال: [المسألة التي ينبغي أن يلتفت إليها الجميع هي أن أصول المعارف الدينية (المعتقدات) لا يصح أن تُؤخذ ونتلقاها من أي أحد، وأن مبدأها والمراجعة فيها هما اثنين لا غير (القرآن والحديث) وإنما تنشأ الانحرافات عندما نأخذ من غير هذين المصدرين، فأن أصل هذه القضايا يؤخذ من القرآن الكريم ويؤخذ الفرع من الروايات]([43]).
 فالقرآن الكريم هو مصدر التلقي الأول عند المسلمين ومنه يستمدون اعتقادهم ودينهم وقد ذكر الله فيه وفصَّل ما تتوقف عليه نجاة العبد فلا بد من ذكر النص على الإمام فيه.
 
الوجه الثاني:
إن الله تعالى قد وصف كتابه العزيز بأوصاف يستحيل معها تجاهل ذكر قضية النص على الإمام فيه فمنها:
أ-إن آيات القرآن مفصلة وليست مبهمة([44]) فقال تعالى } الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ{ (هود:1)، وقال تعالى } أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً{ (الأنعام: من الآية114) فعليه يجب أن تذكر فيه المسائل التي تتوقف عليها نجاة العبد بالتفصيل والوضوح، ومن أهم هذه المسائل هي معرفة الامام وطاعته([45]) فلا بد من ذكرها بالتفصيل وبأقصى غايات البيان في القرآن الكريم.
ب-إن القرآن هو هدى ورحمة للمؤمنين، فقال تعالى } إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً{ (الاسراء:9)، وقال تعالى} يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ{(يونس:57)، فعليه يجب أن يُذْكر فيه ما يحتاج العبد فيه الى الهداية وهي هداية البيان والتوضيح، ومعرفة الامام اهم المسائل التي يحتاج العبد فيها الى الهداية والبيان فلا بد من ذكره في القرآن. 
ج-إن الله تعالى قد ذكر اهم الاغراض من انزال القرآن وهو البيان للدين (وخاصة الاصول) وللشريعة وهداية الناس، فقال تعالى  } وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ{(النحل: من الآية44)، وقال تعالى } وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ{(النحل: من الآية89)، وقال تعالى } الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ{(ابراهيم:1)، وقال تعالى } رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ{(الطلاق: من الآية11)، فما دام الغرض من إنزال القرآن هو لبيان الدين للناس وكذلك لهدايتهم، فلا بد من ذكر أصول الدين فيه مفصلة وليست مبهمة ليحصل البيان والهداية أي يجب ذكر النص على الامام في القرآن.
د-قد ذكر الله تعالى وصرح بالغاية التي لأجلها بيَّن في القرآن أصول الدين والشريعة، وهذه الغاية هي للتفريق بين الحق والباطل ليرتفع بذلك الخلاف والنزاع، فقال تعالى } وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ{(النحل:64)، وسمى الله تعالى كتابه الفرقان الذي يفرق بين الحق والباطل، فقال تعالى } تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً{(الفرقان:1)، فتبين أن الغرض من إنزال هذا القرآن هو بيان الحق وإزالة الخلاف والنزاع، ومعلوم ان من أهم وأخطر مسائل أصول الدين المتنازع فيها هي معرفة الامام وطاعته([46])، فيتحتم ذكر النص على الامام في القرآن لتقوم به الحجة القاطعة للعذر ولتتحقق الغاية من إنزال هذا القرآن وهي التفريق بين الحق والباطل وازالة الخلاف وقطع النزاع.
 
الوجه الثالث:
إنهم رووا رواية في أصح الكتب الحديثية عندهم وهو كتاب الكافي للكليني تؤيد ما ذكرنا وذلك في جزءا ص216 رقم الحديث(2) ونصها:[ عن العلاء بن سبابة عن أبي عبد الله u في قوله تعالى } إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ{(الاسراء: من الآية9)، قال: يهدي الى الامام]، وبموجب هذه الرواية يكون القرآن هادٍ للمكلفين ومرشدهم إلى الإمام ولا يتحقق ذلك بصدق إلا بذكر النص على الإمام فيه.
 
الوجه الرابع:
إن عدم ذكر الإمام في القرآن يتنافى مع كون القرآن الحجة الأولى والفرقان الفاصل بين الحق والباطل والكفر والإيمان، لا سيما في قضية يترتب عليها الكفر والإيمان وهي معرفة الإمام وطاعته.
 
 
الوجه الخامس:
إن الله تعالى قد ذكر في القرآن مسائل فرعية وبسيطة مثل الحيض والمداينة وغض البصر وذكر ايضاً مسألة بسيطة لا يترتب عليها ثواب ولا عقاب ومع بساطتها قد ذكرها وذكر فيها اسم الصحابي وهو زيد كما قال تعالى } فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا{(الأحزاب: من الآية37)، فاذا كان الله تعالى قد ذكر اسم زيد في القرآن في هذه المسألة البسيطة الهينة والتي لا يترتب على الجهل بها عقاب فمن باب أولى أن يذكر الله تعالى في القرآن النص على الامام حتى يعرفه الناس ولتُقامَ به الحجة على منكره والجاهل به وخصوصاً أن الجاهل به كافر بالله تعالى كما تقدم.
 
 
الوجه السادس:
من المعلوم عند العقلاء في حالة وجود القدرة ووجود الداعي -على فعل شيء- وانتفاء الصارف وجب وقوع الفعل، فيقول علامتهم الحلي في (الالفين) ص203: [متى وجدت القدرة والداعي وانتفاء الصارف والارادة وجب وجود الفعل] ويقول محقق هذا الكتاب ص42 هامش (1): [فانه مع القدرة على الفعل ووجوب الداعي اليه يكون الاخلال به قبيحاً]،
ونحن نريد أن نقرر ما ذكرناه بناءاً على هذا فنقول أما القدرة على ذكر النص في القرآن فموجودة فإن الله تعالى لا يعجزه شيء، وأما الداعي فموجود أيضاً وهو رحمته سبحانه بعباده وإرادته ومحبته لهدايتهم، وأما الصارف فلا يوجد صارف حقيقي صحيح يمنع من ذكره في القرآن -إلا ما أدعوه بزعمهم من وجود صارفين يمنعان من ذكره في القرآن والذين سنناقشهما في الفصل التالي وسيظهر أنهما أوهن من بيت العنكبوت في ضعفهما وهزالتهما- وعليه يبقى الأصل أن يذكر في القرآن لوجود القدرة والداعي وانتفاء الصارف-كما سيتبين بعد قليل-.
فهذه ستة وجوه بينا فيها وجوب الشرط الثاني الذي يجب أن يتوفر في النص على الإمام كي تتحقق الغاية منه وهو وجوب ذكر النص في القرآن.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
وهكذا نخرج بنتيجة نهائية من خلال الشرطين الواجبين في النص حيث نتج عن الشرط الأول هو وجوب النص على الإمام بالاسم الصريح، ونتج عن الشرط الثاني وجوب ذكر النص في القرآن، ومن مجموع الشرطين نخرج بالنتيجة النهائية وهو وجوب ذكر اسم الإمام صراحةً في القرآن لأنه لطف([47]) واجب يقرب المكلفين من معرفة الإمام وطاعته –لأن هذه الغاية لا تتحقق بدونه- وكل ما كان لطفاً في التكليف أوجب علماء الشيعة على الله تعالى أن يفعله رحمةً بعباده فيقول شيخهم المفيد:[واللطف واجب على الله تعالى]([48])، ويقول محققهم الحلي:[ واللطف واجب على الله تعالى]([49])، ويقول علامتهم الحلي:[ الخامس : في أنه تعالى يجب عليه اللطف وهو ما يقرب العبد إلى الطاعة ويبعده عن المعصية...]([50]) وقال أيضاً:[ وكل لطف واجب على الله تعالى]([51])،
وبعد أن ثبت لنا بيقين([52]) بأن ذكر اسم الإمام صراحةً في القرآن لطف واجب على الله تعالى نقول:
فلماذا لم يفعل الله تعالى ذلك اللطف لتتحقق الغاية من النص وهي معرفة الإمام وطاعته، وبعبارة أوضح لماذا لم يذكر الله تعالى اسم الإمام صراحةً في القرآن مع أنه لطف واجب عليه سبحانه([53])وإخلاله بالواجب قبيح منه سبحانه كما قرروا ذلك ؟!!!
فهذا اللازم ما هو إلا نتيجة توصلنا إليها من خلال قولهم بوجوب النص على الامام([54])، وقد حاولوا منع هذا اللازم عن طريق محاولتين واهيتين وهزيلتين([55]) سنذكرهما ونفندهما في الفصل التالي ليبقى الإلزام قائماً عليهم بأن ذكر اسم الامام صراحةً في القرآن واجب على الله تعالى.
 
الفصل الثاني
قد بينا في الفصل الماضي النتيجة المترتبة على قولهم بوجوب النص على الإمام من الله تعالى، وهي لماذا لم يفعل الله تعالى اللطف في مسألة النص على الإمام والمتمثل بذكر اسم الامام صراحةً في القرآن؟‍ والتي تعتبر نتيجة حتمية لا يمكنهم الانفكاك عنها، إلا أنهم حاولوا أن يمنعوها بدعواهم عدم وجوب ذكر اسم الإمام صراحةً في القرآن وذلك بمحاولتين([56]) إليك بيانهما ومناقشتهما بتفصيل موسع وكما يلي:
 
المحاولة الاولى:
         إن الخميني قد حاول أن يجد مبرراً لعدم ذكر اسم الامام صراحةً في القرآن، فقال في (كشف الاسرار) ص131: [لو كانت مسألة الإمامة قد تم تثبيتها في القرآن، فإن أولئك الذين لا يعنون بالإسلام والقرآن إلا لأغراض الدنيا والرئاسة كانوا يتخذون من القرآن وسيلة لتنفيذ أغراضهم المشبوهة، ويحذفون تلك الآيات من صفحاته، ويسقطون القرآن من أنظار العالمين إلى الإبد، ويلصقون العار -وإلى الأبد- بالمسلمين والقرآن، ويثبتون على القرآن ذلك العيب الذي يأخذه المسلمون على كتب اليهود والنصارى]، ويؤكد نفس هذا المعنى في نفس الكتاب ص149 بقوله: [لقد أثبتنا في بداية هذا البحث بأن النبي أحجم عن التطرق إلى الإمامة في القرآن لخشيته أن يُصاب القرآن من بعده بالتحريف([57])]، أي أن الخميني قد ادعى في هذه المحاولة بأن اسم الامام لو ذُكِر في القرآن فربما تمتد إليه أيدي الطامعين بالخلافة لتُحَرِّفَهُ فيقع التحريف في القرآن، وهذه مفسدة تمنع من ذكر اسم الامام في القرآن.
 
المناقشة:
قبل مناقشة المحاولة وتفنيدها لا بد من الإشارة إلى نقطة مهمة جدا وهي أنها تضمنت اعترافاً ذهبياً وهو إقرار الخميني وموافقته على ما توصلنا إليه من كون ذكر اسم الإمام في القرآن لطف للمكلفين كي يعرفوا الإمام ويطيعوه، ولذلك لم يستطع أن ينكر كونه لطفاً، لأنه لو فعل سيكون كمن ينكر الشمس في رابعة النهار، ولذلك فإن غاية ما فعله للهروب من الإلزام هو أنه تخيل في ذهنه القاصر أن هناك مفسدة موهومة قد تقع إذا ما فعل الله تعالى ذلك اللطف، فعد تلك المفسدة الموهومة مانعاً يحول دون فعله من الله تعالى، فالمهم أن في محاولته اعتراف ضمني وإقرار لنا بصحة تقريرنا وإلزامنا.
وبعد هذه الإشارة المهمة نعود لمناقشة محاولته فنقول أنها ضعيفة وباطلة من وجوه عديدة منها:
الوجه الأول:
إن مقولته هذه هي مقولة شخص يريد أن يقول أن القرآن محرَّف إلا أنه يخاف من موجة السخط التي سيصبُّها عليه المسلمون بالتكفير واللعن وفضحه على رؤوس الأشهاد، بل وربما يهدر دمه لاعتقاده الكفر بالتشكيك في كتاب الله تعالى ولذا اختار التلميح والإشارة البعيدة، حيث لم يقل أن القرآن محرف صراحة بل قال أن القرآن ممكن يحرف في ظرف معين وهو إذا ما ذكر الله تعالى اسم الإمام في القرآن وكأن الله تعالى قال أن القرآن محفوظ في ظرف معين وليس محفوظاً على طول الخط وتحت جميع الظروف، فإنا لله وإنا إليه راجعون على شخص يتبعه الملايين يقول أن القرآن ممكن يحرف من قبل الصحابة وباقي المسلمين بيسر وسهولة متناسياً تكفل الله تعالى بحفظه حيث أخبرنا سبحانه بكل صراحةٍ ووضوح بأنه قد تكفل بإنزال القرآن وحفظه حيث قال سبحانه} إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ{ (الحجر:9)، وحفظ الله تعالى للقرآن مستمر وتحت جميع الظروف حتى لو تمالأ جميع أهل الأرض على تحريفه فلن يستطيعوا وهذا ليس ظن مني بل هو إخبار الله تعالى بذلك حيث أخبر بحفظه وأخبرنا أيضاً بأنه لا يمكن أن يتعرض لعبث العابثين وتحريف المحرفين بل هو مصون من كل ذلك فقال سبحانه} لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ{ (فصلت:42)، وكأن الخميني يشك في حفظ الله تعالى للقرآن إن ذكر فيه اسم الإمام، متناسياً بأن وعد الله تعالى وإخباره أبدي لا يختص بوقت دون وقت ولا بظرف دون آخر بل هو حفظ أبدي إلى قيام الساعة لأنه الهدى والنور والحجة بين الله تعالى وبين خلقه، ولو أخبرنا شخص نثق به بأنه سيضمن لنا حماية كتاب معين ويسهر على حفظه ولن يدع يد التحريف تطوله لصدقناه وأمنا من ذلك رغم أن القائل بشر ضعيف تجوز عليه أعراض النقص من الكذب والسهو والخطأ والنسيان، فكيف لا نثق وقد أخبرنا جبار السموات والأرض بما لا يقبل الشك خطاباً صريحاً وقطعياً بحفظه لكتابه من التحريف والتغيير([58])، كي يخرج علينا الخميني ليقول القرآن ممكن يحرف من قبل المخلوقين اللهم اعصمنا من الجهل والكفر وارزقنا الهدى والثبات واليقين بعقيدة حفظ القرآن من التحريف.

الوجه الثاني:
نقول للخميني إن الخوف من تحريف القرآن الذي تفترضه وساوسك لا يمنع من ذكر اسم الامام في القرآن وذلك لأن الله تعالى قادر على أن يذكر اسم الامام في القرآن ويحفظه من التحريف (كما تعهد بحفظه سبحانه) فإنه سبحانه على كل شيء قدير ولا يعجزه شيء ولا رادّ لقضائه، فكما أنه سبحانه وتعالى ذكر اسم النبي r في القرآن بصراحة وفي أكثر من موضع ومع هذا لم يستطع مبغضوه من الكفار والمنافقين من حذف اسمه من القرآن لأن الله تعالى قد تكفل بحفظه، فكذلك يذكر الله تعالى اسم الامام في القرآن ويحفظه من تحريف الذين يبغضون ولا فرق بينهما عند العقلاء.
 
الوجه الثالث:
إن الخميني في محاولته هذه قد أصَّل أصلاً لم يتأمل عواقبه الوخيمة على المذهب والإمامة لأنه كان منشغلاً بالجواب عن الإلزام الذي ذكرناه –من وجوب ذكر اسم الإمام في القرآن- فاستفرغ وسعه وقضَّ مضجعه لإيجاد جواب يُمَنِّي به نفسه وأتباعه بأنه وجد المخرج من الإلزام ونتيجة لاندفاعه وتشبثه بشتى الوسائل وقع في مطبٍّ خطير لم يحسب حسابه حين أجاب بجوابه هذا، إذ كان غاية ما توصل إليه بهذه المحاولة هو أن هناك مفسدة إذا ما فعل الله تعالى هذا اللطف، وهي أن أيدي البغاة سوف تمتد لترفع هذا النص من القرآن فتقع مفسدة عظيمة وهي تحريف القرآن الكريم، وما دامت هناك مفسدة تقع من جرّاء فعل اللطف من الله تعالى، سقط الوجوب وتعين الترك، أي بسبب المفسدة تحول القول من وجوب فعل اللطف إلى وجوب ترك فعله، فهذه غاية ما توصل إليه الخميني بعد أن أجهد عقله بحثاً وتنقيباً، إلا أن عقله كان مغلق عن التأمل بالنتائج التي ستفرزها محاولته تلك، لأن الإنسان قد يندفع في تبني قول بحيث يذهل ولا يلتفت إلى النتائج والمترتبة عليه وهذا بعينه ما حصل للخميني، وإليك النتيجة المترتبة وفق الأصل الذي أصَّله بعينه فنقول:
إن كان وقوع المفسدة في فعل اللطف توجب على الله تعالى أن يترك فعله حتى لا تقع تلك المفسدة –بناءاً على تقريره المذكور- فقد هدمْتَ مذهبك في الإمامة والعصمة، لأنك قررت بأن إيجاد الله تعالى للإمام المعصوم هو لطف للمكلفين يجب على الله تعالى فعله، مع أن في إيجاده مفسدة حقيقة وهي امتداد أيدي البغاة إليه بالضرر بين قتله وظلمه أو تخويفه بما يضطره للإستتار، وهذا حاصل لأئمتكم المعصومين، وما دامت هذه المفسدة واقعة بيقين باعترافكم في فعل اللطف فيجب على الله تعالى أن لا يفعله كي لا تقع تلك المفسدة، فنخرج بنتيجة مهمة جداً -وفق الأصل الذي قرره الخميني- بأن إيجاد الإمام المعصوم لطف لكن يجب على الله تعالى أن لا يفعله، لأن فيه مفسدة وهي قتل المعصوم وظلمه وإخافته، وهي تنسف أصل المذهب لأنه قائم على وجوب وجود إمام معصوم في كل عصر بعد النبي r.
ولو تأمل القارئ بدقة سيجد أن هناك تطابقاً تاماً بين الإلزام في قضية اللطف بإيجاد الإمام المعصوم، وبين قضية اللطف بذكر اسم الإمام في القرآن، وهي أن كلاً من القرآن والإمام المعصوم هما واجبان لهداية الخلق وإقامة الحجة عليهم –كما قرروا ذلك بأن القرآن هو الحجة الصامتة والإمام المعصوم هو الحجة الناطقة- وعليه فإن أي مفسدة تمتد إليهما بالعطب والضرر من قبل أيدي البغاة والعابثين، إما تكون معتبرة أو لا، فإن كانت معتبرة كما اعتبرها الخميني في القرآن فمنع بها اللطف، فيجب أن تراعى في الحجتين معاً ولا يصح التفريق بينهما –لأنهما حجتان لله على خلقه عندهم- فكما لا يجب ذكر اسم الإمام في القرآن خوف إصابته بالضرر والعطب وهو التحريف، فكذلك لا يجب إيجاد الإمام المعصوم خشية أن يُصاب بالضرر والعطب المتمثل بقتله وإخافته واستتاره([59])، وبمعنى آخر إن كان قتل الحجة الناطقة وإتلافها-أي المعصوم عندهم- لم يمنع الله تعالى من فعله لأنه لطف واجب، فكذلك إصابة الحجة الصامتة –القرآن- بالإتلاف والتحريف([60]) يجب أن لا يمنع الله تعالى من فعل اللطف وهو ذكر اسم الإمام صراحةً في القرآن لأنه واجب عليه، دون أدنى فرق بينهما.
فهذه نهاية محاولة الخميني إما أن يتراجع عن قوله ليُبطل محاولته بنفسه، أو يتمسك بها ويطبقها على لطف الإمام المعصوم ليخرج بنتيجة مهمة تنسف المذهب -ويُلْعَن بسببها من الشيعة قاطبةً- وهي عدم وجوب إيجاد إمام معصوم على الله تعالى، فأما يختار إبطال محاولته ليوفر علينا جهد مناقشتها، أو يختار إبطال أصل الإمامة بعدم وجوب الإمامة والعصمة، لينهي بذلك -وإلى الأبد- شيء أسمه الإمامة من على وجه الأرض وأحلاهما مرٌّ.
 
الوجه الرابع:
قد بينا الإلزام في الوجه السابق بين وقوع المفسدة في لطف ذكر اسم الإمام في القرآن وبين وقوعها في لطف إيجاد الإمام المعصوم، وقد بينا النتيجة التي ترتبت عليها من إبطال أصل الإمامة، وكان هذا الإلزام على فرض تحقق المفسدتين حقيقةً وواقعاً، أي أننا سلمنا للخميني بوقوع مفسدة التحريف في أرض الواقع فقط كي نسوق الإلزام ببيان وجه التطابق، إلا أن الحق هو أن مفسدة وقوع التحريف وهمية لا رصيد لها في الواقع، ومفسدة وقوع الضرر على الإمام المعصوم حقيقية على أرض الواقع باعتراف علماء الشيعة أجمعين، وبيان ذلك أن وقوع المفسدة في لطف الإمام المعصوم حاصلة في أرض الواقع باعتراف علماء الشيعة أجمعين من قتل للإمام علي والحسن والحسين والكاظم رضي الله عنهم أجمعين، وكذا إخافة الإمام الثاني عشر مما اضطره للاستتار.
إذاً نطالب الخميني كي تصح دعوته بإثبات تحقق مفسدة التحريف في أرض الواقع -كما تحققت المفسدة في الإمامة- كي تصح دعوته بالمنع من ذكر اسم الإمام في القرآن، لأن الذي عليه جميع المسلمين هو انتفاء وقوع هذه المفسدة في أرض الواقع وأنها وهمية بعدما أخبر الله تعالى بحفظه للقرآن وكفانا مؤونة دفع هذا المفسدة وأخبرنا بعدم وقوعها، نعم هي متحققة في أرض الواقع في نظر علماء الشيعة المعتقدين بتحريف القرآن والخارجين بهذه العقيدة عن دائرة الإسلام، فالمسلمين إذاً فريقان لا ثالث لهم:
الفريق الأول:
يعتقد بحفظ الله تعالى للقرآن وأنه يستحيل أن يتطرق أليه التحريف تحت أي ظرف سواء ذكر اسم الإمام أو لم يذكر وسواء تمالأ أهل الأرض جميعاً على تحريفه فلن يستطعيوا ذلك لأن الله تعالى تكفل بحفظه في جميع الظروف وأمام جميع المحاولات وذكره صراحةً في القرآن.
 
الفريق الثاني:
وهذا الفريق قد شذَّ عن معتقد المسلمين وهم علماء الشيعة الذين اعتقدوا أن القرآن قد طالته يد التحريف فحرفوا فيه وحذفوا منها آيات عديدة منها اسم الإمام في القرآن كما عليه عدد كبير لا بأس به من علمائهم.
فتوجب على الخميني أن يعلن انتماءه إلى أحد الفريقين، إذ لا مجال للمراوغة والضبابية وكما يلي:
إما أن يوافق الفريق الأول فيدعي بأنها مفسدة موهومة ولا وجود لها في الواقع بعد إخبار الله تعالى بانتفائها ليبقى الإلزام قائماً بوجوب ذكر اسم الإمام في القرآن وليبطل بذلك محاولته بالمنع على أنها مفسدة موهومة لا يدفع بمثلها وجوب فعل ذلك اللطف كي يهدم ما بناه بيديه.
أو يعلن موافقته للفريق الثاني القائل بأنها حقيقية حاصلة في أرض الواقع ليعلن اعتقاده بتحريف القرآن وليخرج بذلك عن دائرة الإسلام، ونترك له حق الخيار أولاً وآخراً } وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِين َ{.
 
الوجه الخامس:
وحاصل كلامه أن الله سبحانه أراد أن يفعل اللطف الواجب عليه بذكر اسم الإمام في القرآن كي يهتدي به المكلفون، إلا أن خوفه –وحاشاه سبحانه- من الصحابة حال بينه وبين ذلك فمنعه من فعل ما يجب عليه من اللطف بالمكلفين، فهل يتجرأ عاقل فضلاً عن المسلم فضلاً عن مرجع يتبعه ملايين الشيعة في العالم، أن يصف جبّار السموات والأرض بهذا الوصف المشين بأنه سبحانه تلكأ فترك فعل اللطف لشغب بعض عباده الضعفاء العاجزين –بزعمهم- مع أنه سبحانه لا يحول بينه وبين إرادته شيء، وقد أهلك جبابرة التاريخ فلم يعجزوه كفرعون وهامان ونمرود وقوم لوط وعاد وثمود، نعوذ بالله من هذا السفه بحق الباري سبحانه، والذي قاد الخميني إلى الطعن بالله تعالى ووصفه بهذا الوصف المشين هو العناد والمكابرة، فلم ترضَ نفسه الإذعان للحق من وجوب ذكر اسم الإمام في القرآن، بل كابر حتى أخذ يفكر كيف يرد الحق الظاهر ويجادل فيه وبعد المخاض خرج علينا بهذه المحاولة الهزيلة التي تطعن بالله تعالى وتصفه بأبشع أوصاف العجز والإنهزام أمام بضعة مخلوقين ضعفاء، فالمحاولة إذاً باطلة لأنها تتضمن الطعن بالله تعالى ولا يقول بها مسلم أبداً.
الوجه السادس:
إن قوله هذا فيه تجريح وطعن بالصحابة وخصوصاً الخلفاء الراشدين أبو بكر وعمر وعثمان وكبار المهاجرين وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين ، لأنهم بزعمه طامعون في الخلافة بل إن إسلامهم كان لأغراض دنيوية ولم يكونوا صادقين فيه، وكان كل همهم الخلافة والحصول عليها بأي وسيلة حتى لو تطلب الامر منهم أن يحرِّفوا القرآن ويحذفوا اسم علي t منه، فإنهم يفعلون ذلك بدون تردد، فهو يصفهم بأقبح الأوصاف بقوله:[ فإن أولئك الذين لا يعنون بالإسلام والقرآن إلا لأغراض الدنيا والرئاسة، كانوا يتخذون من القرآن وسيلة لتنفيذ أغراضهم المشبوهة ويحذفون تلك الآيات من صفحاته]، ولا أدري كيف يقول الخميني هذا عمن بُنِيَ الإسلام على أكتافهم وبجهادهم ودمائهم حتى قال الله تعالى عنهم } وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{(التوبة:100)، فهذه شهادة الله تعالى وإخباره برضاه عنهم وإعداده الجنة لهم برحمته، فكيف بعد هذا المدح والثناء يسوغ للخميني أن يطعن بهم ويتهمهم بالنقائض والعيوب مخالفاً لكلام الله تعالى المصرح بالثناء عليهم وتزكيتهم وتبشيرهم بالجنة؟!!!
 
الوجه السابع:
ذكر الخميني في قوله الثاني قولاً ظاهر البطلان لو حملناه على أحسن المحامل لقلنا أنه اخطأ في التعبير -رغم كونه مرجعاً في مذهب الشيعة ويتبعه الملايين في أقواله وفتاويه- فقد ذكر أن النبي r لم يذكر اسم الامام في القرآن لخشيته أن يحرَّف من بعده فقال:[ بأن النبي أحجم عن التطرق إلى الإمامة في القرآن لخشيته أن يُصاب القرآن من بعده بالتحريف]، وكأن القرآن من أقوال النبي r وفعله ليثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء، ولكن لعله اخطأ في التعبير وهذا أحسن محمل لكلامه، وأما اسوأ محمل فهو اعتقاده بأن القرآن من قول النبي r واختياره -ولا أظنه يقول بهذا- لأنها مقالة كفر موروثة من أحد رؤوس الكفر والمشركين في عهد النبي r حين قال عن هذا القرآن } إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ{ (المدثر:25)، فكان الأولى به أن يتحفظ في الكلام حتى لا يفتح باباً لأعداء الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم للطعن في القرآن.
فهذه سبعة وجوه تبين ضعف وهزالة وفساد محاولة الخميني التي أراد أن يحجب بها ضوء الشمس بكفه وعبثاً يحاول إذ أوقعته في مطبات خطيرة، فالإلزام لا مفر منه وهو أن وجوب ذكر اسم الإمام في القرآن لطف يجب فعله.
 
المحاولة الثانية:
وفكرة هذه المحاولة هي قياس الإمامة على الصلاة والزكاة والحج من حيث ورود تفصيل هذه الأركان في السنة وليس في القرآن، فقاسوا عليها الإمامة بأن يكون تفصيلها أيضاً في السنة دون القرآن، وإليك البيان التفصيلي لقياسهم([61]) المكون من خطوتين وكما يلي:
الخطوة الأولى:
(اسم الإمام من التفصيل في أصل الإمامة)   (تفصيل الإمامة كتفصيل الصلاة)   (اسم الإمام كتفصيل الصلاة)
 
الخطوة الثانية:
(اسم الإمام كتفصيل الصلاة)   (تفصيل الصلاة يكون في السنة دون  القرآن)     (اسم الإمام يكون في السنة دون القرآن).
وإليك بيان هذه المحاولة من كلامهم فيروي الكليني في (أصول الكافي) باب (ما نص الله عز وجل ورسوله على الأئمة عليهم السلام واحداً فواحداً…) جزء1 ص286-287: [عن ابي بصير قال: سألت ابا عبد الله u عن قول الله عز وجل }اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم{ فقال: نزلت في علي بن ابي طالب والحسن والحسين (ع) فقلت له: إن الناس يقولون: فما لَهُ لم يُسَمِّ علياً واهل بيته (ع) في كتاب الله عز وجل؟ قال: فقال: قولوا لهم: ان رسول الله r نزلت عليه الصلاة ولم يُسَمِّ الله لهم ثلاثاً ولا اربعاً حتى كان رسول الله r هو الذي فسر ذلك لهم، ونزلت عليه الزكاة ولم يسمّ لهم عن كل اربعين درهماً درهم، حتى كان رسول الله r هو الذي فسر ذلك لهم، ونزل الحج فلم يقل لهم طوفوا اسبوعاً (سبعاً) حتى كان رسول الله r هو الذي فسر ذلك لهم، ونزلت }واطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم{ -ونزلت في علي والحسن والحسين- فقال رسول الله r في علي من كنت مولاه فعلي مولاه…]([62]).
                                            
ويذكر الخميني كلاماً قريب من هذا المعنى لتبرير عدم ذكر اسم الإمام في القرآن، فيقول في (كشف الأسرار) ص129: [نعلم جميعاً بأن القرآن كتاب يدعو إلى الدين ضد اللادين، والواقع إن هذا الكتاب السماوي الكبير أُنزل من أجل القضاء على الأفكار والآراء الجاهلية الفاسدة، ومثل هذا الكتاب ينبغي أن لا يعمد إلى ذكر التفاصيل بل عليه أن يذكر ما هو مهم وأن يترك التفاصيل والخصوصيات للنبي]([63])، وسنخصص إن شاء الله تعالى القسم الثاني من الجواب لمناقشة هذا الكلام للخميني،
وقبل الشروع في الجواب عن هذه المحاولة سنورد هذه المخطط التوضيحي المبسط ليتبين للقارئ كل من الأصل وتفصيله في الأركان التي ذكروها وكما يلي:-
 

الركن

    أصله في القرآن

تفصيله

الصلاة

}أقيموا الصلاة{

عدد الصلوات وعدد ركعات كل صلاة ووقتها وكيفيتها وشروطها ونواقضها

الزكاة

}أتوا الزكاة{

شروط وجوبها مقدارها في كل نوع ولمن تدفع

الحج

}ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا{

كيفية ادائه وبيان مناسكه

الصيام

}يا أيها الذين امنوا كتب عليكم  الصيام{

وقته وكيفيته وشروطه ونواقضه

الإمامة

}اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم([64]){ 

تبيين من هو الامام أي النص عليه بالاسم أو الوصف أو الكنية

 
وبعد هذا التوسع في عرض وتحليل هذه المحاولة نبدأ الآن بمناقشتها وتفنيدها، ونظراً لكون هذه الشبهة ذات شقين الأول ما ورد في الرواية التي رواها الكليني في الكافي، والثاني ما قاله الخميني بخصوصها، رأينا أن نقسِّم الكلام في مناقشتها إلى قسمين أساسيين لكي نناقشها من جميع الجهات والوجوه حتى لا نبقي لها قائمة وإلى الأبد بمشيئة الله تعالى وتوفيقه وكما يلي:
   
القسم الأول:مناقشة الدعوى الأولى وهي أن ذكر النص يكون في السنة دون القرآن قياساً على الصلاة:
وهذه الدعوة باطلة وواهية وهزيلة من وجوه عديدة منها:
الوجه الأول:
لقد تأملت في محالتهم هذه بإنصاف وتجرد لتقييمها هل هي صحيحة يمكن إيرادها لمنع اللطف الذي ذكرناه وهو ذكر اسم الإمام في القرآن، أو باطلة لا علاقة لها أصلاً بموضوعنا لا منت قريب ولا من بعيد، والحقيقة التي وقفت عليها بيقين أنها أجنبية عن موضوعنا وإنما أقحمت في الجواب من قبل البعض بسبب الاختناق من الإلزام القوي بوجوب فعل اللطف المذكور، فأرادوا أن يوردوا أي شيء يتشبثوا به ليقولوا أنا أجبنا عن هذا الإلزام ولم نذعن للحق الذي فيه، والذي يثبت أنها خارج موضوعنا ولا علاقة لها بالإلزام، هو أنكم قد عرفتم اللطف بأنه كل ما يُقَرِّب العبد من الطاعة ويبعده عن المعصية من غير تمكين ولا إلجاء، وجعلتموه واجباً على الله تعالى، ونحن قد أثبتنا-بدليل العقل وتقريرات علمائكم- بأن ذكر اسم الإمام في القرآن لطف لأنه يُقَرِّب العباد من الطاعة –وهي معرفة الإمام وطاعته- ويبعدهم عن المعصية –وهي الجهل بالإمام ومعصيته-.
فكان الصحيح أن يجيبوا بمنع هذا الإلزام بأحد أمور ثلاثة هي:
1-أن يقولوا أنه ليس بلطف وهذا لم يفعلوه في محاولتهم هذه، وهيهات لهم فقد ثبت لنا بدليل العقل وكلام علمائهم أنه لطف يقرب العباد من معرفة الإمام وهذا بعينه تعريف اللطف، وحتى الخميني في محاولته الأولى للمنع قد اعترف ضمناً بأنه لطف كما ذكرنا ذلك فليراجع.
2-أن يقولوا نعم أنه لطف إلا أن فيه مفسدة كذا وكذا تمنع من فعله وهذا لم يفعلوه أيضاً، فلم يذكروا لنا مفسدة تمنع من فعله –كما فعل الخميني في المحاولة الأولى- كي ننافشها لنعرف مدى صحتها وسقمها.
3-أن يقولوا نعم أنه لطف وهو خالٍ من أي مفسدة ولكن لا يجب فعله على الله تعالى، لأن فعل اللطف ليس واجب على الله تعالى وهذا أيضاً لم يفعلوه، ولو فعلوه لقدموا لنا خدمةً وراحةً من عناء الكتابة والمناقشة لأصلهم في الإمامة، لأنها مبنية على أن اللطف واجب، ونفيهم لوجوبه هنا معناه نسف بنيانهم من القواعد ليخر عليهم السقف من فوقهم ودكّ صرح نظريتهم وهدمها وإلى الأبد ليبطل شيء اسمه الإمامة.
وحيث أنهم لم يتعرضوا في جوابهم لهذه الأمور الثلاثة التي لا يحسن الجواب بغيرها، واكتفوا بقولهم أن ذكره يكون في السنة دون القرآن مثل الصلاة وغيرها، ولم يذكروا سبباً حقيقياً لمنعه في القرآن، ثبت لنا بيقين أنها خارج موضوعنا ولا علاقة لها بالإلزام، فهي حشوٌ من الكلام لا يصلح أن يكون جواباً لما ألزمناهم به، وما دامت هذه المحاولة تحمل فسادها معها وتعلن بطلانها بنفسها، فقد كفتنا مؤونة الرد عليها ومناقشتها، إلا أننا من باب الفائدة وإغلاق كل الأبواب بوجه المعاندين المانعين لفعل اللطف المذكور سنذكر بقية الوجوه من باب النافلة والتطوع لذلك وإلا فهذا الوجه قد أبطلها من أساسها.
 
الوجه الثاني:
قد ذكرنا الأسباب التي توجب أن يذكر اسم الإمام في القرآن على أنه لطف مثل رفع النزاع وهداية الخلق لمعرفة الأمام، وبينا أن هذه الغايات تتحقق بصورة قطعية عندما يذكر في القرآن، إلا أنهم منعوا ذكره في القرآن وأوجبوا ذكره في السنة لتتحقق تلك الغايات منه، ودعواهم ذكره في السنة دون القرآن باطلة من وجوه عديدة منها:
1-إن الأصل هو أن يذكر اسم الإمام في القرآن ولا ننتقل عن هذا الأصل إلا في حالة وجود صارف حقيقي صحيح يمنع من ذكره فيه، وهو لم يقدِّموا لنا في هذه المحاولة صارفاً حقيقياً صحيحاً ومقنعاً لعدم ذكره في القرآن فقط كلام إنشائي لا وزن له عند أهل النظر والتحقيق ولا يغني من الحق شيئاً، فإما أن يذكروا مانعاً صحيحاً-وهذا ما لم يفعلوه في هذه المحاولة- أو يسلموا بصحة قولنا من وجوب ذكر اسمه في القرآن دون السنة.
2-إن ذكره في السنة ابتداءاً دون مانع حقيقي يتنافى مع كون القرآن الحجة الأولى والنور والفرقان بين الحق والباطل والهدى الذي أنزله الله تعالى لبيان الدين وهداية الناس ورفع النزاع، وخصوصاً في قضايا أصول الدين الخطيرة التي تحدد مصير الإنسان في الآخرة إما إلى الجنة وإما إلى النار كما يعتقد الشيعة ذلك في مسألة الإمامة حيث يعتقدون بكفر منكرها وخلوده في نار الجحيم.
3-إن مفهوم السنة متغاير تماماً بين الشيعة وأهل السنة وغير متفق عليه من حيث رواتها والمصادر التي تمثلها، فهم مختلفون في المصادر التي تمثل حقيقة السنة النبوية اختلافاً جذرياً، فالإمامية يرَوْن السنة النبوية هي ما روي عن أهل البيت من طرقهم ورواتهم وهي مجموعة عندهم في كتاب الكافي للكليني وبقية المجاميع الحديثية للشيعة، وما عدا طرقهم تلك في نقل السنة يعتبر باطل في نظرهم، وأما أهل السنة فيرَوْن السنة هي ما روي عن طرقهم ورواتهم عن الصحابة وأهل البيت وهي متمثلة عندهم بصحيح البخاري ومسلم وباقي كتب الحديث النبوي، مع اعتقادهم بطلان مرويات كتب الامامية مثل الكافي وغيره، وعليه فقول القائل منهم يجب ذكر اسم الإمام في السنة هو قول مجمل يحتاج إلى بيان، ففي أي كتب السنة يقصد هل البخاري ومسلم وباقي كتب الحديث النبوي عند أهل السنة، فإن قلت نعم قلنا بأن الإمامية لا يعترفون بصحة هذه الكتب ويطعنون بها وبرواتها فلا تقوم الحجة عليهم بذكره في البخاري ومسلم، وإن قلت بل يُذكر في الكافي وغيره من كتب الامامية قلنا بأن أهل السنة لا يعترفون بصحة هذا الكتب ويطعنون بها وبرواتها فلا تقوم الحجة به على أهل السنة، فلا تقوم الحجة على الجميع بذكر النص في السنة، وبالتالي لا مناص من وجوب ذكر النص في القرآن دون السنة حتى تقام الحجة به على الجميع ويقطع الله تعالى به عذرهم جميعاً.
4-ذكرنا في الوجه السابق بأن ذكره في السنة لا تقوم به الحجة على الجميع لاختلافهم في مفهوم السنة، وليس هذا فقط بل حتى النصوص التي زعموا أنها نص على خلافة على رضي الله عنه في السنة النبوية هي أيضاً لا تقوم بها الحجة على الجميع لأنها ليست صريحة في الخلافة والنص على إمامته بعد النبي e بل هي نصوص مجملة ومبهمة وتحتمل أكثر من معنى وليست صريحة في المطلوب وبالتالي فحتى دعواهم بأن يذكر النص الصريح في السنة باطلة وغير صحيحة لأن النصوص التي جاؤوا بها كدليل ونص على إمامته هي مجملة ومبهمة ومحتملة لأكثر من معنى، وخير دليل على ذلك هو أن أقوى دليلين عندهم على إمامة علي رضي الله عنه في السنة هما حديث الغدير والمنزلة، التي دائماً يبدأ الشيعة احتجاجهم بها على الإمامة، ولن أذكر كيف أجاب أهل السنة وبينوا بما لا يقبل الشك بأن المراد منها شيء آخر غير الإمامة لأن المقام سيطول بذلك، بل سأنقل فقط وصف علم من أعلامهم الذي يلقبوه بعلم الهدى لعِظَم وزنه عندهم ألا وهو السيد المرتضى حين قال بأن النص على إمامة علي رضي الله عنه في حديث الغدير والمنزلة هو نص خفي وليس صريح على الإمامة حيث قال في كتابه (الشافي في الإمامة) (2/67):[ والقسم الآخر : لا نقطع على أن سامعيه من الرسول صلى الله عليه وآله علموا النص بالإمامة منه اضطرارا ولا يمتنع عندنا أن يكونوا علموه استدلالا من حيث اعتبار دلالة اللفظ ، وما يحسن أن يكون المراد أو لا يحسن . فأما نحن فلا نعلم ثبوته والمراد به إلا استدلالاً كقوله صلى الله عليه وآله ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) و ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) وهذا الضرب من النص هو الذي يسميه أصحابنا النص الخفي ]، فماذا بعد الحق إلا الضلال فإن كانت نصوصكم خفية ولا تقوم بها الحجة على الجميع فكيف تقولون بأنها أثبتنا ذكره في السنة كي تتحقق الغاية من النص وهي معرفة الإمام ورفع التنازع في تعيينه، فهل تحققت الغاية بهذه النصوص الخفية([65])، أم أنه العناد والاستكبار من التسليم بما ألزمناكم به من وجوب ذكر اسم الإمام صراحة في القرآن كي تقوم به الحجة على الجميع وتتحقق الغاية من النص وهي معرفة الإمام وطاعته ورفع التنازع في تحديده وتعيينه.
فهل رأيتم في عمركم مثل هذا التخبط والعناد والاستكبار من الانصياع للحق المبين والإقرار بوجوب فعل اللطف الذي ألزمناهم به، وقدَّموا لنا بديلاً لا تتحقق به الغابة أبداً لا من قريب ولا من بعيد ولا تقوم به الحجة من الله تعالى على عباده ألا وهو ذكره في السنة إذ مفهومها متغاير ونصوصها مبهمة خفية فاتركوا العناد والتزموا بالحق الذي ألزمناكم به، أو تتخلوا عن نظريتكم بالنص على الإمام لتريحوا وتستريحوا من هذا اللجاج المشين.
 
الوجه الثالث:
إن القياس الذي يمكن تطبيقه على مسألة الإمامة نوعان قياس صحيح وآخر فاسد، فمن أراد أن يستقيم له قياسه وتكون نتيجته صحيحة فلا بد أن يطبق القياس الصحيح في مسألة الإمامة ويتجنب القياس الفاسد، ولكن علماء الشيعة لما أرادوا أن يخرجوا مما ألزمناهم به من وجوب ذكر اسم الإمام في القرآن لأنه لطف، ولم يجدوا ما يمنعون به هذا الوجوب وشعروا بالإفلاس أتوا بهذه المحاولة اليائسة لعلها تسعفهم والتي بنوها على قياس فاسد غير صحيح، في حين غضوا طرفهم عن القياس الصحيح وتجاهلوه لأن نتيجته تضرهم -كما سيتبين- وتجعل محاولتهم هباءاً منثوراً، وإليك بيان كل من القياسين الفاسد الذي طبقوه والصحيح الذي تجاهلوه:
 

أولاً: القياس الفاسد الذي طبقوه:-
وهو قياسهم الإمامة على الصلاة والزكاة والحج، فإن هذا القياس فاسد لا يصح وذلك لوجود الفرق بين الإمامة والصلاة من حيث الأهمية والحكم ومن حيث طبيعية التفصيل، وإليك بيان ذلك وكما يلي:
1-إن الامامة أهم من الصلاة وذلك لأن الجاهل بشخص الإمام -وهو من تفصيل الإمامة على قولكم- يموت ميتة جاهلية وهي جاهلية كفر ونفاق([66]) بينما الذي يجهل تفصيلات الصلاة لا يكفر، وعليه فإذا لم يُذكر تفصيل الصلاة في القرآن([67]) فلا يصح التبرير به لعدم ذكر اسم الإمام في القرآن لأن ذكره أهم من تفصيلات الصلاة([68]) فلا يقاس الأعلى (الأهم) بالأدنى (المهم)([69]) وإنما يقاس الشيء بمثيله ومساويه، عليه يكون قياسهم باطل في نظر العقلاء ولو جاز لهم هذا لجاز لشخص آخر أن يقول لهم بما أن تفصيلات الزكاة لم تذكر في القرآن فكذلك مسائل التوحيد والنبوة والمعاد لا تذكر في القرآن قياساً على تفصيلات الزكاة، فإذا أبطلتم هذا القياس للفرق الكبير في الأهمية بين تفصيل الزكاة وبين التوحيد والنبوة والمعاد، فكذلك يبطل قياسكم بين تفصيلات الصلاة وتفصيلات الإمامة وذلك للفرق الكبير في الأهمية كما تقدم، فهو اذاً قياس فاسد غير صحيح.
 
2-إن الامامة تختلف عن الصلاة من حيث التفصيل، أي أن تفصيل الامامة يختلف عن تفصيل الصلاة، وهذا مما يجعل قياسهم فاسد غير صحيح من جهةٍ أخرى وذلك لأننا لو سلمنا جدلاً بعدم ذكر تفصيل الصلاة في القرآن فقد يكون لعلة متعلقة بنفس تفصيل الصلاة وهي أن تفصيلها واسع جداً فلا يسع ذكره في القرآن، مثل ذكر عدد الصلوات ووقتها وعدد الركعات في كل صلاة وكيفية القيام وبماذا يقرأ وكيفية الركوع والسجود والتشهد وماذا يقول فيها وشروطها وأركانها والتسليم وسجود السهو وقصر الصلاة في السفر إلى آخر هذه التفصيلات، أي بسبب هذا التفصيل الواسع جداً للصلاة كان ذكر تفصيلها في السنة دون القرآن -على قولكم-، ونحن لو وافقناكم على هذا -تسليماً جدلياً- فلا نوافقكم بأن تجعلوا تفصيل الإمامة مثل تفصيل الصلاة في قياسكم لما فيه من التلبيس والإيهام، وذلك لأن تفصيل الإمامة لا يشبه تفصيل الصلاة من حيث سعته وتوسعه بل إن تفصيل الامامة مختصر جداً وهو بذكر اسم الإمام بعد النبي r في القرآن وهذا لا يحتاج أكثر من كلمة أو كلمتين أو على الأكثر آية واحدة، أي إن علة التوسع في تفاصيل الصلاة والتي تحول دون ذكرها في القرآن، غير موجودة في تفصيل الإمامة لأنها لا تأخذ أكثر من كلمة أو على الأكثر آية واحدة، فالقرآن إذا لم يذكر تفصيل أمر ما -كالصلاة على قولكم- لسعته فلا أدري كيف يستدل بهذا على أن لا يذكر القرآن تفصيل أمر آخر ليس في ذكره ذلك التوسع بل هو مختصر جداً بكلمة أو آية على الأكثر، فتبين بطلان قياسهم من حيث زعموا أن تفصيل الإمامة كتفصيل الصلاة.
 
3-ذكرنا في الوجهين السابقين بطلان قياس الإمامة على الصلاة من حيث الأهمية والتفصيل، وأما هنا فلو سلمنا لهم بالتساوي بينهما، فليزم منه ذكر الإمامة بصراحة واضحة وبتكرار كثير كما هو وارد في الصلاة، إذ ذكرت في القرآن بكل صراحة وبتكرار مراراً، لأهميتها ومكانتها، فهلا ذكرت الإمامة في القرآن بنفس عدد مرات ذكر الصلاة وخاصة وأن الإمامة أفضل وأهم منها، وهلا ذكرت بنفس الخطاب الصريح الواضح الجلي كما ذكرت الصلاة فأين القياس الصحيح بين الإمامة والصلاة يا معشر العقلاء وهي لم تساويها لا بعدد مرات ذكرها ولا بالصراحة التي ذكرت فيها، ولكنه العناد واللجاج الذي يُرْدي صاحبه في مطبات لا تحمد عقباها كما وقعوا في هذا القياس الفاسد.
 
4-ونختم نسف هذا القياس بين الإمامة والصلاة بقول لأبزر أعلام المذهب وهو السيد المرتضى الذي يلقبوه بعلم الهدى ويكفيه فخراً ومنزلةً في المذهب هو أن شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي تتلمذ على يديه، فهذا المرتضى ذكر كلاماً في معرض ردِّه على القاضي عبد الجبار المعتزلي ينسف بنيانهم من القواعد وذلك حين قاس المعتزلي الإمامة على الصلاة كي يتوصل بهذا القياس إلى كون الإمامة تكون بالاختيار وليس بالنص، فتفجر غضب المرتضى وردَّ عليه بعنف بمنعه أن تُقاس الإمامة على الصلاة، حيث قال:[ إنما جاز ما ذكرته في الصلاة من حيث أمكن المكلف أن يصيب صفتها وشروطها ويميز صحيحها من فاسدها من جملة أفعاله ، والإمام لا يمكن مثل ذلك فيه ... على أن الصلاة لا يمكن فيها إلا النص على الصفة دون العين لأنها فعل المكلف ، ولها أمثال في مقدوره فلا يتميز له صحيحها من فاسدها إلا بالصفة والشرط ، والإمام يمكن النص على عينه على وجه يتميز به من غيره فليس يجب أن يكون حكم الإمام حكم الصلاة ... إنما أردنا بما ذكرناه أن نبين اختلاف حكم الصلاة والإمام في هذا الباب وأن الذي أوجب النص على الصفة دون العين في الصلاة غير حاصل في الإمام..]([70])
 
 فهل رأيت أعجب وأصرح وأبلغ من هذا النقض لقياسهم الإمامة على الصلاة الذي اعتمدوه وأسسوا عليه محاولتهم، ومن قبل علم من أعلامهم بل علم الهدى عندهم على الإطلاق، ولو أنا اقتصرنا في هذا الوجه على قوله فقط لكفى في نسف القياس ومن ثم نسف المحاولة برمتها إلا أنا أجلناه الى الأخير كي نستعرض وجوه أخرى قوية في نسفها، والحمد لله الذي جعلها هباءاً منثوراً.
فهذه أربعة وجوه تبين فساد القياس الذي طبقوه بين الإمامة والصلاة.
 
ثانياً: القياس الصحيح الذي تجاهلوه:-
         إن القياس الصحيح لمسألة الإمامة له صيغتان وكلاهما توجبان ذكر اسم الامام في القرآن وإليك بيان كل من الصيغتين:-
1-الصيغة الأولى للقياس الصحيح:-
وهي أن تقاس الإمامة بما يساويها في المرتبة والأهمية وفي طبيعة التفصيل، والمعروف عند الإمامية أن الإمامة بمنزلة النبوة لأن كلا المنصبين عندهم منصب إلهي يكون تعيينه من الله تعالى وليس باختيار المخلوقين، ولأن كلاهما يشترط فيه العصمة والنص، والمنكر لهما كافر خارج عن ملة الإسلام، فمن أقوالهم التي تشير إلى تساوي المنزلتين ما يلي:-
أ-قال ابن بابويه في (الاعتقادات)ص79:[واعتقادنا فيمن جحد إمامة أمير المؤمنين والأئمة من بعده u أنه بمنزلة من جحد نبوة الأنبياء].
ب-ذكر الطوسي في (تلخيص الشافي) جزء4 ص131: [ودفع الإمامة كفر كما أن دفع النبوة كفر لأن الجهل بهما على حد واحد].
ج-ذكر ابن بابويه في (عيون أخبار الرضا) جزء1 ص231: [عن الرضا عن الرسول r قال:….إن الله تبارك وتعالى خلقني وإياك (لعلي) واصطفاني وإياك واختارني للنبوة واختارك للإمامة، فمن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوتي].
د-ذكر محمد رضا المظفر في (عقائد الإمامية) ص102 عدة أقوال منها: [نعتقد أن الإمامة أصل من أصول الدين لا يتم الإيمان إلا بالإعتقاد بها… كما نعتقد أنها كالنبوة لطف من الله تعالى… قال ص111: نعتقد أن الإمامة كالنبوة لا تكون إلا بالنص… وحكمها في ذلك حكم النبوة بلا فرق].
فتبين لنا من خلال هذه الأقوال لعلمائهم أن الإمامة مساوية للنبوة من حيث الحكم والأهمية، وحتى من حيث طبيعة التفصيل مساوية لها لأن تفصيلهما مختصر جداً يتحقق بذكر اسم النبي واسم الإمام، فلا فرق بينهما إذاً لا في الحكم والأهمية ولا في طبيعة التفصيل، مما يوجب على من أراد أن يقيس الإمامة فعليه أن يقيسها بالنبوة ليكون قياسه صحيحاً ونتيجته من هذا القياس صحيحة، أي أن القياس الصحيح للإمامة هو أن تُقاس الإمامة على النبوة وليس على الصلاة، والذي يؤيد صحة قياس الإمامة على النبوة هو أحد علمائهم المعتمدين والملقب عندهم بالصدوق، فيقول ابن بابويه القمي في (كمال الدين) ص24-25: [إن التشاكل (التشابه) بين الأئمة والأنبياء بيِّنٌ واضح…..وكذلك تشاكل الأنبياء والأوصياء، فمن قاس حال الأئمة بحال الأنبياء واستشهد بفعل الأنبياء على فعل الأئمة فقد أصاب في قياسه واستقام له استشهاده بالذي وصفناه من تشاكل الأنبياء والأوصياء…].
وبعد أن أثبتنا أن الصيغة الأولى للقياس الصحيح هو أن تقاس الإمامة على النبوة من خلال كلامهم، يجدر بنا أن ندخل في تفصيل هذا القياس فنقول إن المتتبع يجد أن القرآن قد ذكر نبوة محمد r بوضوح وصراحة، فقد صرح سبحانه وتعالى بذكر اسمه r في أربعة مواضع من كتابه هي آل عمران (144) والاحزاب (40) ومحمد (2) والفتح (29) فاذا ذكر اسم النبي r أربع مرات فلا بد من ذكر اسم الإمام بنفس العدد من المرات([71]) أو على الأقل مرة واحدة قياساً على النبوة لاشتراكهما في الأهمية والحكم وطبيعة التفصيل كما تقدم، فهذا هو القياس الصحيح لتساوي الإمامة والنبوة بخلاف قياسهم الفاسد بين الإمامة والصلاة، ومن خلال هذا القياس الصحيح بين المتساويين (الإمامة والنبوة) نتوصل الى ضرورة ذكر اسم الامام في القرآن قياساً على ذكر اسم النبي محمد r في القرآن أربع مرات([72])، أي ما دمتم قد جعلتم الإمامة بمرتبة النبوة في الأهمية والحكم يلزمكم وجوب ذكر اسم الإمام في القرآن كما ذكر اسم النبي r في القرآن([73]).
فهذه هي الصيغة الاولى للقياس الصحيح والتي حصلنا من خلالها على هذه النتيجة المهمة وهي وجوب ذكر اسم لامام في القرآن قياساً بالنبوة([74]).
 
 
2-الصيغة الثانية للقياس الصحيح:-
وهي أن تقاس الإمامة بما دونها في الأهمية بقياس الأولى، وبيانها هو أن القرآن قد ذكر وفصّل في أمور هي دون الإمامة بكثير من حيث الأهمية مثل غض البصر وذكر الوضوء والمداينة والحيض والربا وذكر اسم صحابي وهو زيد في مسألة فرعية سهلة، فإذا كان القرآن قد تطرق لذكر هذه الأمور (والتي هي دون الإمامة بكثير من حيث الأهمية) وفصّل فيها فيجب من باب أولى أن يُفَصِّل مسألة الإمامة لأنها خطيرة يكفر الجاهل بها وهي بمنزلة النبوة، فإذا لم يهمل القرآن ذكر هذه الأمور البسيطة الهينة بأن فصلها وبيّنها، فلا يهمل من باب أولى ذكر وتفصيل الأمور المهمة بل أهم أصل من أصول الدين ألا وهو الإمامة([75])، فبناءً على هذا القياس لا بد أن يذكر القرآن اسم الإمام لأنه قد ذكر ما دونه في الأهمية، أي يجب أن يذكر اسم الإمام في القرآن،
وهذه هي الصيغة الثانية للقياس الصحيح والتي حصلنا من خلالها على وجوب ذكر اسم الإمام في القرآن وهكذا تبين لنا كل من القياس الفاسد الذي طبقوه، والقياس الصحيح الذي تجاهلوه والسبب في تجاهلهم للقياس الصحيح بصيغتيه هو أن نتيجته تضرهم والمتمثلة بوجوب ذكر اسم الإمام في القرآن كما تبين، فإذا ثبت فساد قياسهم بمنع ذكر اسم الإمام في القرآن وثبت بالمقابل صحة قياسنا في وجوب ذكره في القرآن فسدت محاولتهم وبطل الإحتجاج بها لأن الأساس الذي تعتمد عليه هو هذا القياس وبما أنه قياس فاسد فالمحاولة باطلة.
 
 
الوجه الرابع:
إن هذه المحاولة كما تبين لنا مبنية على أصلين هما:
الأول: هو قياس الإمامة على الصلاة وهذا القياس قد بينا فساده بتفصيل في الوجه السابق.
الثاني: هو أن تفصيل كل من الصلاة والزكاة والحج والصيام يكون في السنة وليس في القرآن.
وهذا الأصل الثاني الذي تنبني عليه محاولتهم سنبطله في هذا الوجه فنقول: إن إطلاقهم القول بأن تفصيل الصلاة وباقي الأركان يكون في السنة دون في القرآن، هو قول باطل لا يقول به مسلم تصفَّح القرآن فضلاً عن أن يكون عالما ومرجعاً للشيعة في أمر دينهم، وإني لأعجب كيف يتجرأ علماؤهم على إطلاق هذه الدعوى وهي منعهم أن يكون تفصيل الصلاة وباقي الأركان في القرآن، ومع أن الذي يقرأ القرآن بتأمل يسير سيجد بطلان هذه الدعوى دون جهد وعناء وذلك لأن القرآن قد تطرق فعلاً لتفصيلات الصلاة والحج والصيام فذكرها وبينها، أي أن القرآن لم يكتف بذكر أصول هذه المسائل وهي وجوب أصل الصلاة والزكاة والحج والصيام([76]) ولإنما تطرق إلى ذكر بعض تفصيلاتها، فإذا ثبت ورود تفصيلها في القرآن فقد انهدم الاصل الثاني الذي تنبني عليه محاولتهم هذه، واليك بيان ورود بعض التفصيلات للصلاة والحج والصيام في القرآن:
 
أولاً: ورود بعض تفصيلات الصلاة في القرآن:-
إن مما يجعل النقض لدعواهم أبلغ هو أن القرآن لم يذكر تفصيلات الصلاة فحسب وإن كان هذا كاف في نقض دعواهم، وإنما زاد على ذلك بأن تطرق لذكر شروط الصلاة ومكملاتها والتي لا تعد من الصلاة مما يجعل دعواهم هباءً منثوراً، وإليك بيان ورود هذه التفصيلات لكل من الصلاة وشروطها:-
1-تفصيلات الصلاة نفسها:-
فمن هذه التفصيلات التي وردت في القرآن ما يلي:-
أ-قد ورد ذكر الركوع والسجود والقيام في القرآن في مواضع متعددة وهما من أركان الصلاة كما هو معلوم.
ب-قد ذكر الله تعالى حكم من أحكام الصلاة التفصيلي وهو أن المسافر يقصر من الصلاة وذلك في قوله تعالى } وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ{ (النساء: من الآية101).
ج-إن الله تعالى قد ذكر حكم آخر من أحكام الصلاة التفصيلي وهو صلاة الخوف في حالة القتال مع الأعداء وذلك في قوله تعالى } وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً{ (النساء:102).
       
د-إن الله تعالى قد ذكر كيفية القراءة في الصلاة وذلك في قوله تعالى } وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً{ (الاسراء: من الآية110).      
وهذا يكفي في ابطال دعواهم بأن تفصيل الصلاة يكون ذكره في السنة وليس في القرآن، بعد أن أثبتنا ورود هذه التفصيلات في القرآن وبه تبطل دعواهم.
 
2-تفصيلات شروط الصلاة ومكملاتها:-
وهذا الوجه مما يزيد في إبطال دعواهم ويبالغ في نقضها لأننا سنثبت فيه أن القرآن قد ذكر ما ليس من الصلاة (ماهيتها)([77]) وانما هي من شروطها، فمن هذه الشروط والمكملات ما يلي:-
أ-الوضوء:-
إن ذكر هذا الشرط هو أبلغ ما يكون في نقض دعواهم لأنه ليس من تفصيلات الصلاة كما تقدم، ومما يزيد الحسرة عليهم أن الله تعالى لم يذكر هذا الشرط ذكراً مطلقاً، أي لم يأمر بالوضوء فقط بصيغة (توضأوا) وإنما فصل في كيفيته والمواضع التي تغسل فيه، وليت الأمر وقف عند هذا الحد ولكنه تعدى ذلك بكثير بأن بيّن الله تعالى لنا ماذا نصنع في حالة فقد الماء أي تعذّر تطبيق هذا الشرط وهو الوضوء، فبيَّن لنا سبحانه البديل عن هذا الشرط وهو التيمم في قوله تعالى } فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً{ (النساء: من الآية43، وكذلك المائدة:الآية6)، وليت الأمر وقف عند ذكر هذا البديل بصيغة (تيمموا) بل تعدى ذلك إلى بيان تفصيل هذا البديل عن شرط الوضوء وذلك بأن بيّن كيفية هذا التيمم وفصله بقوله تعالى} فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ{ (المائدة: من الآية6، وكذلك النساء:الآية:43)، فكل هذا التفصيل والبيان لشرط من شروط الصلاة فكيف يقولون بعد كل هذا أن تفصيل الصلاة يكون في السنة دون القرآن.
ب-استقبال القبلة:-
وهذا أيضاً ليس من الصلاة وإنما من شروطها ومع هذا ذكره الله تعالى بتفصيل وبيّن كيف غيرها الله تعالى من بيت المقدس إلى البيت الحرام (الكعبة) وذلك في آيات عديدة من سورة البقرة (142-150) فكيف يقال بعد هذا أن القرآن لا يتطرق لذكر تفاصيل الصلاة بل تفصيلها يكون في السنة!!!
د-مواقيت الصلاة:
إن الله تعالى قد ذكر مواقيت الصلاة المفروضة وذلك في قوله تعالى } أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً{ (الاسراء:78)، ومعلوم أن مواقيت الصلاة هي من شروطها وليس من ماهية الصلاة نفسها.
ج-ذكر المساجد:-
وهي ليست من شروط الصلاة بل من مكملاتها لأنها الأماكن التي تقام فيها الصلاة، فقد ورد ذكرها في مواضع مختلفة وفي مواطن متعددة فمنها قد توعّد الله تعالى من يسعى في خرابها في سورة البقرة (114) وبين أن الذي يعمر المساجد هم المسلمون وليس المشركون في سورة التوبة (17-18)، وتطرق القرآن لمسجد ضرار الذي بناه المنافقون ليكيدوا به للإسلام فنهى عن القيام فيه وأمر بالقيام بالمسجد النبوي في سورة التوبة (107-108) ولذا ذكر المساجد مقترن بالأمر بدعاء الله تعالى وحده في سورة الجن (18)،
فكل هذه التفاصيل للصلاة ولشروطها قد ورد ذكرها في القرآن كما تقدم، وهذا يجعل الأصل الثاني لمحاولتهم (وهو أن تفصيلها يكون في السنة وليس في القرآن) هباءً منثوراً وهذا وإن كان كافياً في نقض أصلهم إلا أن الضرورة قد اقتضت أن نبين المزيد من تفاصيل الحج والصيام في القرآن وذلك إمعاناً منا قي نقض هذا الأصل والإجهاز عليه برمته.
 
ثانياً: ورود بعض تفصيلات الحج في القرآن:-
فمن تفاصيل الحج التي ورد ذكرها في القرآن ما يلي:-
1-ذكر الطوائف في الكعبة في الحج في سورة الحج (29).
2-ذكر الصفا والمروة والطواف بهما في سورة البقرة (158).
3-ذكر الهدي في الحج والصيام لمن لم يجد وكذلك حلق الرؤوس في سورة البقرة (196).
4-ذكر موضع عرفة والافاضة فيها في سورة البقرة (198).
5-ذكر الامر بالنداء للحج إذا حان وقته في سورة الحج (27).
6-ذكر البدنة (الابل والبقر) والإطعام منها في سورة الحج (36-37).
7-ذكر النهي عن الصيد في الإحرام في الحج والوعيد لمن فعل ذلك في سورة المائدة (95).
8-ذكر النهي عن الكلام البذيء في الحج في سورة البقرة (197).
9-ذكر الكعبة وبناءها على يد إبراهيم وإسماعيل وهي الموضع الذي يكون إليه الحج في سورة البقرة (127).
فهذه تفاصيل الحج قد ورد ذكرها في القرآن والتي تبطل أصلهم الثاني الذي تنبني عليه محاولتهم.
 
ثالثاً:- ورود بعض تفصيلات الصيام في القرآن:-
فمن هذه التفصيلات ما يلي:-
1-قد ذكر القرآن الرخصة للمسافر والمريض في الإفطار في سورة البقرة (185).
2-ذكر تحليل الرفث (الجماع) إلى النساء في ليلة الصيام بعد أن كان محرماً في سورة البقرة (187).
3-ذكر تحديد وقت الصيام أي بدايته ونهايته في سورة البقرة (187).
فهذه تفصيلات الصلاة والحج والصيام التي ورد ذكرها في القرآن والتي تبطل أصلهم الثاني الذي تنبني عليه محاولتهم (وهو أن تفصيل هذه الأركان يكون في السنة دون القرآن) وتسقطه سقوطاً تاماً بحيث لا يبقى مجال لعاقل أن يحتج بهذه المحاولة بعد سقوط الأصلين الذين تنبني عليهما([78])، وكان هذا هو الوجه الثاني لإبطال دعواهم.
 
الوجه الخامس:
لقد أبطلنا في الوجه السابق دعواهم بأن تفاصيل الصلاة وباقي الأركان وردت في السنة دون القرآن عن طريق إثباتنا لمعظم هذه الفاصيل من القرآن، وأما هنا فسيكون النقض أبلغ من خلال إثباتنا أن القرآن لم يذكر تفاصيل تلك الأركان فحسب بل ورد فيه تفصيل أصل الإمامة نفسه والمتمثل بالنص على شخص الإمام([79]) بعد النبي e ، وذلك من خلال تصريحات علمائهم على أن القرآن قد نصَّ على إمامة علي t  وذكرها، فمن أقوالهم في ذلك ما يلي:
1-يقول الخميني في (كشف الاسرار) مؤكداً بأن مائة وأربعين آية بينت بأن الامام هو علي t فيقول ص161: [ومن يريد المزيد من الاطلاع على ذلك فليراجع كتاب (غاية المرام) تأليف العالم الجليل السيد هاشم البحراني، حيث سيجد مائة وأربعين آية قرآنية وردت من طريق الشيعة والسنة، بأن الامام هو أمير المؤمنين، حتى تتأكد لديه الاهمية التي أعارها الله للإمامة].
2-من الآيات التي يحتج بها الشيعة على إمامة علي t هي قوله تعالى} إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ{ (المائدة:55)، والتي([80]) عدَّها علماء الشيعة قاطبةً نصاً صريحاً من الله تعالى على إمامته في القرآن، فمن أقوالهم على سبيل المثال لا الحصر:
أ-قال شيخ طائفتهم الطوسي في (تلخيص الشافي) باب (النص على إمامته من القرآن) جزء2ص10: [وأما النص على امامته من القرآن فأقوى ما يدل عليه قوله تعالى }انما وليكم…{].
ب-يقول السيد المرتضى في كتابه الشافي(1/133): [ان النبي r قد نص على امير المؤمنين u بالامامة وأوجب له فرض الطاعة بعده ولم يجب نقل ذلك لان الكتاب (القرآن) قد اغنى عنه فان فيه ما يدل على امامته u مثل قوله تعالى }انما وليكم….{].
ج-يقول أبوالصلاح الحلبي في كتابه (تقريب المعارف) ص 184 :[وأما نص الكتاب على إمامته عليه السلام فآي كثيرة : منها : قوله تعالى : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون )].
د-يقول علامتهم ابن المطهر الحلي في كتابه (نهج الحق وكشف الصدق) ص 172 :[ تعيين إمامة علي ( ع ) بالقرآن وأما المنقول : فالقرآن ، والسنة المتواترة . أما القرآن فآيات : الأولى : " إنما وليكم الله ، ورسوله ، والذين آمنوا ، الذين يقيمون الصلاة ، ويؤتون الزكاة وهم راكعون "، ويقول في كتابه (نهج السداد في شرح واجب الاعتقاد) ص66: [واما النص فقد وجب كما تقدم ذكره، فلنشرع في تبيينه اولاً على امامة علي u ثم على امامة من بعده من الاوده المعصومين u من الله تعالى ومن رسوله وهو لا يحصى كثرة فمن ذلك قوله تعالى }انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا…{ فهذا نص صريح من الله تعالى على خلافة امير المؤمنين u وعلى امامته بعد النبي r والنص هو اللفظ المفيد الذي لا يحتمل غير ما فهم منه، أي اطلاق لفظ يدل على معنى واحد مانع لنقيضه وهذا كذلك ووجه الدلالة به…].
هـ-يقول شيخهم محمد جواد مغنية في كتابه (الشيعة في الميزان) ص 335 :[ من هو الإمام بعد النبي بعد أن أوجب الشيعة الإمامية النص من الله على الإمام قالوا : ثبت النص على علي بالخلافة بعد الرسول من القرآن الكريم والسنة النبوية ، فمن القرآن الآية 55 من سورة المائدة " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون "].
و-وأخيراً يؤكد شارح أصول الكافي المولى محمد صالح المازندراني بأن القرآن يهدي للإمام في أكثر من موضع فقال في كتابه (شرح أصول الكافي) (5/268):[ عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في قوله تعالى : * ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ) * قال : يهدي إلى الإمام . * الشرح : قوله * ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ) * أي يهدي العباد إلى الطريق التي هي أقوم الطريق وهو الإمام إذ هو أصل لجميع الخيرات وأقوم من كل ما يتقرب به العبد به إلى الله تعالى ، والقرآن يهدي إليه في مواضع عديدة ].
إلا إن هذا الإندفاع عند علماء الشيعة لإثبات إمامة علي t من خلال دعواهم بأن هذه نص صريح على إمامته قد أوقعهم في محذورين عظيمين وضررهما عليهم كبير ووخيم وهما:
المحذور الأول:
وهو هدمهم لكل ما بنَوْه في هذه المحاولة، إذ أنها مبنية كم تقدم على أن النص على شخص الإمام هو من تفصيل أصل الإمامة، وهذا لا يكون في القرآن بل في السنة –قياساً على تفصيلات الصلاة- وأما هنا في معرض إثبات إمامة علي t زعموا بأن القرآن قد نص على إمامته نصاً صريحاً في الآية (55) من سورة المائدة، بمعنى اعترافهم بأن تفصيل أصل الإمامة قد ورد في القرآن بصراحة ووضوح، لنقضوا محاولتهم بأيديهم وليوفِّروا عنا بعض الجهد والعناء في إبطال هذه المحاولة الهزيلة كما قال تعالى} يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ{(الحشر: من الآية2).
 
المحذور الثاني:
كما تبين لنا في الوجه الفصل الأول من خلال اعتقادهم بوجوب النص على الإمام من الله تعالى كي يرتفع النزاع ويعرفه المكلفين ليطيعوه، ثبت لنا بالعقل وتقريرات علمائهم بأن النتيجة المترتبة على قولهم هي وجوب ذكر اسم الإمام صراحةً في القرآن كي تتحقق الغاية منه بصورة قطعية، ومع وضوح الحق في المسألة إلا أنهم جادلوا وكابروا فمنعوا هذا الوجوب بشتى الوسائل الممكنة -والتي وقفت على هزالتها- ليقولوا لا يجب ذكر اسم الإمام في القرآن، إلا أنهم في الوقت نفسه اعترفوا بأن القرآن قد نصَّ على الإمام ولكن بالصفة دون الإسم وهي (إعطاء الزكاة حال الركوع) من الآية المذكورة، بمعنى أنهم منعوا وسيلتنا في التعريف بالإمام بذكر اسمه، وأثبتوا بدلاً عنها وسيلة وهي ذكر صفته، ولو قارنا بين الوسيلتين سندرك مدى التخبط الذي أوقعوا أنفسهم في بسبب التكبر والعناد وكما يلي:
1-إن الوسيلة التي ألزمناهم بها هي أكثر اختصاراً مثل قوله تعالى(إن الإمام هو علي بن أبي طالب)، بينما وسيلتكم تقول(إن الإمام هم َالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)، وهذا تصريح بصحة وسيلتنا لأنها أبلغ في الدلالة وأكثر اختصاراً.
2-إن الوسيلة التي زعمتم النص بها على الإمام بالصفة في الآية المذكورة لا تحقق بها الغاية مطلقاً، وذلك لأن معرفة الإمام ستكون متوقفة على معرفة صفته في الآية، ومعلوم أن صفته فيها ليست قطعية في دلالتها بحيث لا تقبل التأويل والاحتمال، بحيث يستطيع كل مسلم بمجرد أن يقرأ الآية يعرف بأن صفة الإمام وهو علي بن أبي طالب، بل لا يمكنه ذلك إلا بمعرفة سبب النزول([81])، وبالتالي تكون معرفة الإمام بالصفة تحتاج للرجوع إلى قصة سبب النزول وليس من الآية مباشرةً لأن غالب المسلمين لا يعلمون بنزولها في علي([82]) t بمجرد قراءة الآية ابتداءاً، فلا بد من الرجوع إلى السنة في سبب النزول، وعندها سيكون التحاكم إلى السنة وليس إلى القرآن، وهذا سيوقع المسلمين في نزاع واختلاف حول نفي وإثبات القصة، لأن التحاكم إلى السنة لا يرفع الخلاف بين الشيعة وأهل السنة وذلك لاختلافهم في رواتها ومصادرها فكل طرف ينفي روايات الطرف الآخر، وهكذا يكون بين المكلفين وبين معرفة الإمام –بوسيلتكم تلك- مفاوز وخنادق مظلمة من الاختلاف والتنازع، بحيث لا يمكن أن يقرّ لهم قرار لمعرفة الإمام بالوسيلة التي أثبتموها وهي النص على الإمام بصفته في القرآن([83]).
فهذا هو المحذور الثاني المترتب على قولكم بأن الله تعالى قد نص على إمامة علي t بالصفة دون الإسم، والذي تبين به فساد وسيلتكم وصحة وسيلتنا لأن الغاية تتحقق بوسيلتنا بصورة قطعية ويقينية لأنها مختصرة وميسرة وهي بذكر اسم الإمام في القرآن ليرتاح المسلمون من عناء البحث والوقوع في محذور الاختلاف والتنازع في معرفة الإمام ولتقوم به الحجة على الجميع، ولكنكم أبيتم إلا جحد الحق فماذا كانت نتيجة عنادكم إلا أن قدمتم لنا وسيلة لا تتحقق بها الغاية مطلقاً وذلك بالنص على الإمام بصفة لا تعرف من القرآن بل بالرجوع إلى سبب النزول فأوقعتم المسلمين في متاهات وخلافات ونزاعات لا تنتهي.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
وبهذا ننهي الوجه الخامس الذي نختم به نسف محاولتهم الثانية من أصولها بحيث لا تقوم لها قائمة إلى يوم القيامة بفضل الله تعالى وتأييده، ولننتقل إلى مناقشة قول الخميني حول هذه المحاولة.
 
 
القسم الثاني:مناقشة دعوى الخميني بأن القرآن يقتصر على ذكر الأصول ولا يتطرق إلى التفاصيل:
قبل التعليق على كلام الخميني في هذا الوجه([84]) سنعيد ذكره ليستحضره القارئ عند قراءة التعليقات عليه فقال في (كشف الاسرار) ص129: [نعلم جميعاً بأن القرآن كتاب يدعوا الى الدين ضد اللادين، والواقع ان هذا الكتاب السماوي الكبير انزل من اجل القضاء على الافكار والآراء الجاهلية الفاسدة، ومثل هذا الكتاب ينبغي أن لا يعمد إلى ذكر التفاصيل، بل عليه أن يذكر ما هو مهم وأن يترك التفاصيل والخصوصيات للنبي] أهـ.
إن الخميني قد حاول بهذا الكلام أن يثبت عدم وجوب ذكر اسم الإمام في القرآن وذلك من خلال دعواه بأن القرآن يهتم بموضوع الاعتقاد والقضاء على العقائد الجاهلية ولا يذكر غير هذا مما هو أدنى بالأهمية أو غير مهم ولذا فإن تعليقنا على كلامه سيكون من عدة وجوه وكما يلي:
الوجه الأول:
إن دعوى الخميني بأن القرآن يدعوا فقط إلى الدين ضد اللادين والقضاء على العقائد والأفكار الجاهلية الفاسدة، تعتبر دعوى باطلة لا تصدر ممن تأمل القرآن وطرحه لقضايا العقيدة والشريعة ولو تأملاً يسيراً، فلا يقول بهذا القول عامي قرأ القرآن بتدبر فضلاً عن أن يكون عالماً وفضلاً عن أن يكون إمام العصر ونائب الإمام المعصوم!!! وذلك لأن القرآن مقسَّم إلى مكي ومدني، والقسم المكي ركز بشكل موسع على موضوع الإعتقاد والتوحيد لأنه كان يخاطب الكفار والمشركين ويدعوهم للإيمان، وأما القسم المدني فلأنه كان يهتم بالجماعة المسلمة من حيث التشريعات والتنظيمات للمجتمع المسلم في المدينة، ومما يدل على أن في القرآن المدني نزلت الأحكام التشريعية وبيان بعض المسائل الفقهية هو نزول سورة المجادلة بسبب امرأة مسلمة وقع بينها وبين زوجها جدال وكذلك آية الدَيْن (المداينة) وآية الوضوء، وكذلك ذكر الحيض وذكر زيد بن حارثة وتطليقه لزوجته، وهذا ظاهر لمن قرأ القرآن بتدبر، فكيف يقول الخميني إن هذا الكتاب (القرآن) أنزل فقط للقضاء على العقائد الجاهلية، مع أنه ذكر أحكام تشريعية وفقهية لا علاقة لها بالعقائد الجاهلية، فهو إذاً قول باطل يدل قلة بضاعة قائله في القرآن.
 
الوجه الثاني:
نقترح على الخميني اقتراحاً في صالحه يبعد عن تهمة البعد عن تدبر القرآن، وهو تخصيصه كلامه الذي وصف فيه القرآن على القرآن المكي وليس مطلق القرآن، وذلك بقولك إن الذي تحدث عنه القرآن المكي فقط هو الاعتقاد والقضاء على العقائد الجاهلية، فهذا القول المقيد (القرآن المكي) أسلم له من ذاك القول المطلق، ولكن حتى هذا القول المقيد باطل على أصولهم لأنهم زعموا أن الله تعالى قد اهتم بموضوع الإمامة وأمر نبيه أن يدعوا إليها بنفس اللحظة التي بدأ فيها بالدعوة للنبوة وذلك في القرآن المكي([85])، واعتبروا الإمامة صنواً (أي مَثَلْ ومكافئ) للنبوة ودُعِيَ إليها بنفس الوقت وذلك حين نزل على النبي r قوله تعالى }وانذر عشيرتك الاقربين فجمع أقربائه وبلغهم أن الله تعالى قد أمره أن يدعوهم إلى منصب الوصاية والخلافة بعده، فيقول الخميني في (كشف الاسرار) ص173: [من يعرف شيئاً عن بدايات ظهور الإسلام وأول أيام الدعوة النبوية يوقن بأن الإمامة كانت منذ اليوم الاول وحتى آخر أنفاس رسول الإسلام صنواً للنبوة وقد أمر الله رسوله }وانذر عشيرتك الاقربين{ فدعا النبي الأقربين إليه وكانوا حوالي اربعين شخصاً بينهم أعمامه، وقال مخاطباً إياهم: يا أبناء عبد المطلب والله لا أعرف في العرب من جاء إلى قومه بأحسن مما جئتكم به، لقد جئتكم بخيري الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فمن منكم يصيح وزيري؟ فقال علي وكان اصغر الجميع: يا رسول الله أنا أصبح وزيرك فأمسك النبي برقبة علي وقال: هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فأطيعوه جميعاً وأتمورا بأمره وعند ذاك نهض أقارب النبي وضحكوا وقالوا لأبي طالب: لقد أمرك أن تطيع ابنك وأن تأتمر بأمره]أهـ.
أي أن أهمية الإمامة مثل أهمية النبوة، وان النبي r قد دعا لهما بنفس الوقت عند دعوتهم للإسلام في بداية دعوته، وهذا ينقض ليس فقط قوله المطلق بل حتى قوله المقيد (الذي اقرحناه على الخميني) بأن القرآن المكي اهتم فقط بموضوع الاعتقاد ومحاربة العقائد الجاهلية لكي يمنع بهذه الدعوى وجوب ذكر اسم الإمام في القرآن، فاذا ظهر بطلان القول المقيد الذي اقترحناه فإن بطلان قول الخميني المطلق (الذي ذكره) أظهر وأشد.
 
 
الوجه الثالث:
إن كلام الخميني فيه تطاول وجرأة كبيرة على القرآن وعلى الله تعالى، وذلك لأنه أوجب على الله تعالى أن لا يذكر في القرآن آية تفاصيل وأحكام فقهية، بل يذكر فقط القضاء على العقائد الجاهلية، فقال: (ومثل هذا الكتاب ينبغي أن لا يعمد إلى ذكر التفاصيل بل عليه أن يذكر ما هو مهم)، فإنه يحكم على الله تعالى ويوجب عليه أن لا يذكر في القرآن أية تفاصيل فقهية، واليك بيان التطاول والجرأة على الله تعالى في كلامه وكما يلي:-
1-إن هذا منافٍ للأدب مع الله تعالى وجهل بعظمة جنابه وذلك بأن توجب عليه برأيك وتلزمه سبحانه بفعل ما تقول، لأن من عرف عظمة الله تعالى وحكمته وتدبيره، وعرف جهل الإنسان وعجزه، لا يتجرأ أن يوجب على الله تعالى برأيه لقوله تعالى }لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون{، ومع هذا التطاول والجرأة مع الحكيم العليم سبحانه، نجده في الوقت نفسه يرفض أن يملي عليه عالم مثله مطالب ومناقشات وذلك عندما عارضه علماء الامامية حول ولاية الفقيه وبينوا له أن أصول المذهب تمنعه من منصب النيابة العامة المطلقة عن الإمام المعصوم وألزموه بتركها، انتفض بشدة وهاجمهم بشراسة([86]) فكل هذا الحنق يصبه على من يريد أن يملي عليه شيئاً يعتبر موافق لأصول المذهب مع أنهم مساوون له بالمرتبة العلمية أن لم يتفوقوا عليه، فكيف يرضى لنفسه أن يملي على الله تعالى ما يراه برأيه القاصر وهو مخلوق ضعيف، ولا يرضى هو بأن يملي عليه مخلوق مثله }  تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى{ !!!
2-نقول لصاحب هذا التطاول بأن الله تعالى قد ذكر فعلاً الوضوء والمداينة والحيض في القرآن، فهل يكون الله تعالى عندك قد فعل ما لا ينبغي له من ذكر هذه التفاصيل (البعيدة عن العقائد كل البعد) أي أن الله تعالى بزعمك قد اخطأ لأنه فعل ما لا ينبغي له، نعوذ بالله تعالى من هذه الجرأة مع الله تعالى.
 
الوجه الرابع:
إن دعوى الخميني بأن القرآن يدعوا إلى تصحيح الاعتقاد والقضاء على العقائد الجاهلية فقط ولا يذكر ما هو دونه في الأهمية -ومنها ذكر اسم الإمام كما ادعى ذلك هنا في هذه المحاولة- هي دعوى مردودة وذلك لأن أشهر كتب الحديث والتفسير عند الشيعة تؤكد أن معظم آيات القرآن هي في الإمامة، ومن شاء الاطلاع فعليه بكتاب أصول الكافي للكليني وهو أصح كتاب عند الشيعة فسيجد في باب (نكت ونتف من التنزيل) أن كل آية فيها وعيد على الشرك والمشركين ينزلونها بحق من أشرك بولاية علي t غيره، وكل آية فيها وعيد للكفار فهي بحق من كفر في ولاية علي، وكل آية فيها وعد للمؤمنين فهي بحق من تمسك بولاية علي، لذلك يروي الكليني في (أصول الكافي)([87]) روايتين بهذا المعنى :[ عن علي t: نزل القرآن ثلاثاً: ثلث فينا وفي عدونا، وثلث سنن وامثال وثلث فرائض واحكام]، [عن ابي جعفر t قوله: نزل القرآن اربعة ارباع: ربع فينا، وربع في عدونا، وربع سنن وامثال، وربع فرائض واحكام]، وغيرها من الأخبار المعتمدة التي يؤكد أن معظم القرآن قد تكلم عن الأئمة وأجر من يطيعهم وعقوبة من يعصيهم، فكيف يدعي الخميني بعد هذه النصوص بأن القرآن لم يهتم إلا بموضوع الاعتقاد، فهي إذاً دعوة باطلة منقوضة بمروياتهم المذهب وأقوال علمائه المتقدمين التي تنص على أن ثلث القرآن أو يزيد قد نزل في إمامة علي t.
 
الوجه الخامس:
إن الله تعالى قد ذكر اسم صحابي في القرآن وهو زيد بن حارثة t في مسألة فرعية وبسيطة وليست من أصول الدين ولا من مسائل الاعتقاد وذلك في قوله تعالى } فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا{(الأحزاب: من الآية37)، فكيف يزعم الخميني إن القرآن يذكر ما هو مهم فقط، فهل ذكر اسم زيد في هذه المسألة البسيطة مهم وذكر اسم علي t كإمام للمسلمين وخليفة للنبي r ليس بمهم ؟!!! مع أنكم تقولون إن أهمية الإمامة كأهمية النبوة([88]) ودُعِيَ إليهما بنفس اللحظة منذ بزوغ فجر الإسلام، فكيف تكون هذه الأهمية للإمامة عندكم ثم تقولون إن القرآن يذكر إلا المهم فقط، ويكون ذكر اسم زيد (في تطليقه زوجته) من المهم وذكر اسم علي t كإمام ليس بمهم؟!!! اللهم جَنِّبْنا التناقض والتخبط!!!
 
الوجه السادس:
إن قول الخميني المتقدم بأن القرآن يذكر المهم فقط وزعم بأنه الاعتقاد والقضاء على العقائد الجاهلية فقط ليمنع به وجوب ذكر اسم الإمام في القرآن -كما ألزمناهم به- على أنه ليس من المهم ، قد نقضه بنفسه نقضاً صريحاً وذلك في مواضع أخرى من نفس كتابه وذلك حين صرح بأهمية قضية الإمامة وأن الله تعالى قد اهتم بها كثيراً في القرآن ولم يسعه السكوت عن بيانها وذكرها، فوقع في أصرح تناقض وفي نفس الكتاب، فمن أقواله تلك ما يلي:
1-أكد أهمية الإمامة بقوله أنها إحدى الأصول الأكيدة للإسلام وأصول الدين، فقال في (كشف الأسرار) ص129: [بعد أن اتضح في ضوء حكم العقل وأحكام القرآن، بأن الإمامة إحدى الأصول الأكيدة للإسلام] وقال بنفس الكتاب ص149: [بعد أن وضحنا بأن الإمامة إحدى أصول الدين الإسلامي].
2-لقد صرح بأن منزلة الأئمة أعلى من منزلة الانبياء والملائكة([89]) فقال في (الحكومة الإسلامية) ص47: [وإن من ضروريات مذهبنا ان لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل].
3-لقد صرح الخميني في أقوال عديدة بأن القرآن قد اهتم بموضوع الإمامة وكرر ذكرها في آيات عديدة وهذه الأقوال تنقض قوله المتقدم بأن القرآن يذكر المهم فقط وإن ذكر اسم الإمام ليس من هذا المهم فمن هذه الأقوال ما يلي:
أ-قال في (كشف الاسرار) ص129: [بعد أن اتضح في ضوء حكم العقل وأحكام القرآن بأن الإمامة هي إحدى الأصول الأكيدة للإسلام، وإن الله قد أشار إلى هذا الأصل في مواضع متعددة من القرآن].
ب-قال في (كشف الاسرار) ص155: [أشرنا من قبل الى آيات القرآن بشأن الإمامة وأوضحنا بأن الإمامة إنما هي من أصول الإسلام، وقلنا من هو الذي يجب أن يكون إماماً، ونشير هنا إجمالاً إلى بعض الآيات، ونستشهد بأخبار أهل السنة بشأن الموضوع، حتى نثبت بأن الله قد اهتم بموضوع الإمامة، لكل نؤكد لهؤلاء الحمقى بأن الامامة ليست مسألة هينة أو سياسية حتى يسكت القرآن والمسلمون عنها].
ج-قال في (كشف الاسرار) ص161: [ومن يريد المزيد من الإطلاع على ذلك فليراجع كتاب (غاية المرام) تأليف العالم الجليل السيد هاشم البحراني، وسيجد مائة وأربعين آية قرآنية وردت عن طريق الشيعة وأهل السنة، بأن الامام هو أمير المؤمنين، حتى تتأكد لديه الأهمية التي أعارها الله للإمامة].
فكيف يزعم الخميني أن القرآن يذكر المهم فقط وإن ذكر الإمام بشخصه (بإسمه أو صفته) ليس من هذا المهم، وهو نفسه قد ذكر هنا بأن الإمامة ليست مسألة هينة ولا يمكن أن يسكت القرآن عنها وإن الله تعالى قد اهتم بموضوع الإمامة وأن مائة وأربعين آية تدل على أن الإمام هو علي بن أبي طالب t، اللهم احفظ عقولنا من التناقض والتخبط!!!
 
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
 
وبهذا نكمل نقض المحاولة الثانية بقسميها وقد تبين لنا مقدار الهزالة والضعف والتناقض الذي وقع فيه الشيعة من خلالهما وأنهما لا تصلحان أن تكونا مانعين من اللازم المهم والقوي –الذي يدل عليه العقل وأقوال علمائهم كما تقدم- وهو أن ذكر اسم الإمام لطف واجب على الله تعالى يقرب الملكفين من معرفة الإمام وطاعته ويبعدهم عن الجهل به ومعصيته، وما دام كونه لطفاً ولا توجد مفسدة حقيقية صحيحة تمنع من فعله([90]) فيبقى فعله واجباً على الله تعالى في ضوء أصولهم بأن كل لطف للمكلفين خالي من المفسدة فيجب على الله تعالى أن يفعله، ويبقى السؤال قائماً ولازماً لأعناقهم وهو:
لماذا لم يفعل الله تعالى هذا اللطف أي لماذا لم يذكر اسم الإمام صراحةً في القرآن كي يحصل اللطف للمكلفين وتقام به الحجة على الجميع ؟!!!
 
الفصل الثالث
ثبت بما تقدم أن ذكر اسم الإمام في القرآن لطف واجب على الله تعالى أن يفعله وذلك في الفصل الأول، ثم أثبتنا إفلاسهم من الإتيان بمانع صحيح وجواب مقنع لمنع هذا الوجوب وذلك في الفصل الثاني، لنخرج بهذا اللازم القوي جداً والذي يهدِّد بناء نظريتهم جملةً وتفصيلاً كما سنقف عليه بجلاء في هذا الفصل بعد ذكرنا لأصول مهمة قررها علماء الشيعة واعتمدوها في نظرية اللطف الإلهي والتي ستعين القارئ على فهم النتائج الخطيرة المترتبة على ذلك اللازم وكما يلي:
الأصل الأول:
لقد ذكروا بأن الله تعالى قد كلف المسلمين وأمرهم بمعرفة الإمام المعصوم وطاعته ونهاهم عن الجهل به ومعصيته([91])، ولهذا التكليف لطف يُقَرِّب المسلمين من أدائه ويبعدهم عن الإخلال به ألا وهو ذكر اسم الإمام صراحةً في القرآن، فيكون عندنا في هذا الأصل ثلاثة عناصر هي:
1-التكليف: وهو وجوب معرفة الإمام المعصوم وطاعته.
2-اللطف: وهو ذكر اسم الإمام صراحةً في القرآن.
3-المكلفون: وهم جميع المسلمين.
هذا أهم ما أردنا ذكره في الأصل الأول.
 
الأصل الثاني:
لقد صرحوا بأن اللطف شرط في التكليف، أي أن التكليف بدونه باطل وقبيح ولا يحسن أبداً، فمن أقوال أعلامهم حول ذلك ما يلي:
1- يقول الطوسي في (تلخيص الشافي) جزء1 ص89: [انه اذا ثبت للمكلَّف لطف في فعل ما كُلِّفَ به لا يحسن تكليفه إلا بعد حصول ذلك اللطف].
2- يقول السيد المرتضى في كتابه شرح جمل العلم والعمل ص107 عن اللطف:[ولا يحسن التكليف من دونه] ، وقال في رسائل المرتضى(3/13):[ولا فرق في الوجوب بين اللطف والتمكين، وقبح منع أحدهما كقبح منع الآخر].
3-قال علامتهم الحلي في الألفين ص248:[ وكلما وجب على الله تعالى لكونه لطفاً في التكليف يكون التكليف موقوفا عليه وبدونه لا يحسن التكليف].
وبعد أن أقروا بشرطية اللطف في التكليف، تطرقوا لحال التكليف عند فقدان اللطف فيه هل يبقى ذلك التكليف قائماً أو يسقط بحق المكلفين، فقرروا بأن للتكليف حالتين إحداهما يسقط والأخرى يبقى، وذلك نظراً للجهة التي تسببت في عدم حصول اللطف هل هي من المكلفين أي بتقصير منهم، أو بسبب لا يعود إلى المكلفين، وإنما يعود إلى الله تعالى أو إلى الإمام، وإليك بيان الحالتين:
الحالة الأولى:
إن كان السبب في عدم حصول اللطف هو المكلفين أي بتقصير منهم فلا يسقط التكليف عنهم، فيقول الطوسي في (الاقتصاد) ص300: [وإن لم يحصل (أي اللطف) بأمر يرجع الى المكلفين لا يجب سقوط التكليف عنهم، لأنهم يُؤتون في ذلك من قبل نفوسهم لا من قبل خالقهم]، وقال أيضاً في (تلخيص الشافي) ج1 ص90:[تصرف الامام وأمره ونهيه (أي اللطف) متى ارتفع لا يلزم على ذلك سقوط التكليف، لأنه إنما ارتفع لعلة ترجع إلى المكلفين وهم قادرون على إزاحتها].
 
الحالة الثانية:
إن كان السبب في عدم حصول اللطف لا يرجع إلى المكلَّفين وإنما يرجع إلى غيرهم أي إلى الله تعالى أو إلى الإمام فإن ذلك التكليف يسقط عنهم، فمن أقوالهم:
1-يقول الطوسي في (تلخيص الشافي) جزء1 ص93: [ إنه متى ارتفع اللطف لعلة لا ترجع إلى المكلَّف نفسه ومتى كان راجعاً إلى غيره يجب سقوط التكليف عنه]، ويقول في(الاقتصاد) ص300:[وكل من لم يظهر له الامام([92]) (أي عدم حصول اللطف) فلا بد ان تكون العلة ترجع اليه لأنه لو رجع الى غيره لأسقط الله تكليفه].
2-يقول علامتهم ابن المطهر الحلي في (الالفين) ص248: [فيكون عدم اللطف الموقوف عليه الفعل (التكليف) من الله تعالى أو من الإمام، فينتفي تكليف المكلَّف بالفعل بحيث لا يبقى مكلَّفاً بالفعل]، وقال في نفس الكتاب ص265:[فيكون اللطف قد انتفى من جهة الله سبحانه وتعالى أو من جهة الإمام، فلا تزاح العلة للمكلف ويكون معذوراً، فتكون له الحجة].
فهذا هو الأصل الثاني الذي يبين شرطية اللطف في التكليف، ومتى يسقط التكليف عند فقد اللطف ومتى يبقى قائماً بحق المكلفين كما تبين في الحالتين.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
وفي ضوء هذه الأصلين ستتجلى الخطورة في الإلزام المذكور، حيث نقول لهم إما أن تقولوا بأن الله تعالى لم يفعل اللطف المذكور، أو تقولوا بأن الله تعالى قد فعله، ولا يوجد أمامهم خيار ثالث بحسب القسمة العقلية، وفي كلا الخيارين خطر عظيم وكفر بواح إليك بيانهما:
 
الخيار الأول:
أن يقولوا بأن الله تعالى لم يفعل هذا اللطف، أي أن الله تعالى لم يذكر اسم الإمام في القرآن بالرغم من كونه لطفاً واجباً عليه سبحانه، ويترتب على هذا الخيار خطران عظيمان هما:
الخطر الأول:
هو الطعن بالله تعالى واتهام له بعدم فعله لما يجب عليه أن يفعله من اللطف بالمخلوقين، وإخلاله سبحانه بالواجب قبيح([93])، فجوابهم فيه تصريح بأن الله تعالى قد فعل القبيح –بسبب إخلاله بالواجب- وهذا كفر بواح يخرج صاحبه من دائرة الإسلام جملةً وتفصيلاً.
 
الخطر الثاني:
قد بينا أن في مسألة الإمامة لطف وتكليف وذلك في الأصل الأول، وبينا أيضاً في الأصل الثاني في الحالة الثانية أن اللطف إذا لم يحصل بسبب لا يعود إلى المكلفين وإنما يعود إلى الله تعالى أو إلى الامام فإن التكليف يسقط، وبما أن اللطف في مسألة الإمامة (وهو ذكر اسم الامام في القرآن) لم يحصل بسبب لا يعود إلى المكلفين وإنما يعود إلى الله تعالى لأنه لم يفعله([94]) فلابد أن يسقط ذلك التكليف في مسألة الإمامة وهو وجوب معرفة الإمام المعصوم وطاعته، أي نكون غير مكلفين ولا مطالبين بمعرفة الإمام المعصوم وطاعته، ومعنى هذا أن أصل الإمامة والذي هو من أهم أصول الدين عندهم سيسقط، وإذا سقط التكليف بأصل الإمامة أصبحت نظريتهم هباءاً منثوراً ونُسِفَ مذهبهم نسفا، فهذا هو الخطر الثاني في قولهم.
وهكذا تبين لنا الخطران العظيمان اللذان أنتجهما قولهم بأن الله تعالى لم يفعل اللطف بذكر اسم الإمام في القرآن، ولذا يتوجب على كل شيعي عاقل يربأ بنفسه من الوقوع في الكفر أن ينأى عن هذا الخيار ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وعندها لا يبقى أمامه إلا التوجه للخيار الثاني.
 
 الخيار الثاني:
وهو القول بأن الله تعالى قد فعل هذا اللطف بذكره لاسم الإمام في القرآن، لينجو بذلك من الخطرين في الخيار الأول، إلا أنهم سيقعون بهذا الخيار في خطر آخر لا يقل عن الخطورة السابقة، والمتمثل بوجوب الإعتقاد بتحريف القرآن ونقصه، وذلك لأنهم لما قرروا هنا بأن الله تعالى قد فعل اللطف وذكر اسم الإمام في القرآن، وقعوا في مأزق كبير يتمثل بعدم وجود آية واحدة في القرآن تذكر اسم علي بن أبي طالب t إماماً وخليفةً للمسلمين، فاضطروا للقول بأن الله تعالى قد ذكره في القرآن ولكن الصحابة حذفوه فحرفوا القرآن كي تسلم لهم دعواهم بأن الله تعالى قد فعل اللطف الواجب عليه، وبالرغم من أن القول بتحريف القرآن يخرج صاحبه من ملة الإسلام، إلا أن الكثير من علمائهم وخصوصاً المتقدمين منهم اختاروه فصرحوا بأن القرآن كان مذكوراً فيه اسم علي t صراحةً إلا أنه حذف من قبل الصحابة([95])، والسبب في اختيارهم لهذا القول مع أنه كفر وخروج من الإسلام هو لأنهم رأوه أخف فساداً مما موجود في الخيار الأول، فاختاروه كي يتجنبوا الوقوع في مخاطر القول الأول وهو فعلاً ينجيهم من ذلك الكفر([96]) إلا أنه يوقعهم في كفر آخر وهو الإعتقاد بتحريف القرآن.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
فتأملوا رحمكم الله تعالى كيف قادتهم نظريتهم وقولهم بوجوب النص من الله تعالى على الإمام المعصوم –وهو موضوع هذه الدراسة- إلى هذه النتيجة الخطيرة وهي إما أن يقولوا بتحريف القرآن فيكفروا، أو أن يطعنوا بالله تعالى فيكفروا وفوقها يعترفوا بسقوط التكليف بأصل الإمامة لتسقط بذلك نظريتهم ويبطل مذهبهم، وهذا يدل دلالة قاطعة على بطلان قولهم بوجوب النص من الله تعالى على الإمام لأنه أدى إلى نتائج باطلة من يقول بها يكفر بالله تعالى ويخرج من الإسلام إذ أخفّ الأقوال فيها هو القول بتحريف القرآن وهو كفر وخروج من الإسلام، وكل ما أدى إلى نتيجة باطلة فهو باطل قطعاً ،ولنختم دراستنا بهذه النتيجة التي تنسف معتقدهم بوجوب النص على الإمام، أسأل الله تعالى أن أكون قد وفقت في بيان هذه النتيجة الخطيرة التي أفرزتها عقيدتهم تلك، وأسأله سبحانه أن تكون هذه الدراسة سبباً في هداية من شاء الله تعالى له الهداية من معتقدي هذه العقيدة أنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

محتويات الكتاب 
المقدمة
التمهيد
الفصل الأول:لا بد من شرطين في النص على الإمام تتحقق الغابة منه
الشرط الأول : أن يكون قطعي الدلالة وذلك بالنص على اسم الإمام دون صفته أو كنيته
الشرط الثاني: أن يكون قطعي في ثبوته وذلك بذكره النص في القرآن
الفصل الثاني:منعهم وجوب ذكر اسم الإمام في القرآن بمحاولتين
المحاولة الأولى: ذكر اسم الإمام في القرآن ممنوع لأنه قد يتسبب بتحريف القرآن
المحاولة الثانية: اسم الإمام من التفصيل الذي يكون محله السنة دون القرآن قياساً على الصلاة
الفصل الثالث:بقاء اللازم قائماً بوجوب ذكر اسم الإمام في القرآن وبيان النتائج الخطيرة المترتبة عليه
المقدمة
التمهيد
الفصل الأول:لا بد من شرطين في النص على الإمام تتحقق الغابة منه
الشرط الأول : أن يكون قطعي الدلالة وذلك بالنص على اسم الإمام دون صفته أو كنيته
الشرط الثاني: أن يكون قطعي في ثبوته وذلك بذكره النص في القرآن
الفصل الثاني:منعهم وجوب ذكر اسم الإمام في القرآن بمحاولتين
المحاولة الأولى: ذكر اسم الإمام في القرآن ممنوع لأنه قد يتسبب بتحريف القرآن
المحاولة الثانية: اسم الإمام من التفصيل الذي يكون محله السنة دون القرآن قياساً على الصلاة
الفصل الثالث:بقاء اللازم قائماً بوجوب ذكر اسم الإمام في القرآن وبيان النتائج الخطيرة المترتبة عليه


([1]) لذلك تجدهم يصرحون بكل تطاول وجرأة بعدم أهلية الخلفاء الراشدين أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم لمنصب الإمامة مع أنهم خير هذه الأمة لقول علي t فيما رواه الامام احمد في مسنده (1/106):[ عن الشعبى عن وهب السوائى قال خطبنا على رضى الله عنه فقال من خير هذه الامة بعد نبيها فقلت أنت يا أمير المؤمنين قال لا خير هذه الامة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر رضى الله عنه وما نبعد ان السكينة تنطق على لسان عمر رضى الله عنه]، فيعتقدون بمنع هذا المنصب عنهم لأن الله تعالى-بزعمهم- حصره في اثني عشر إماماً وحاشا لله تعالى من أن ينسب إليه مثل هذا الافتراء الذي ما أنزل الله به من سلطان (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً ).
([2]) فهذا آيتهم العظمى جعفر سبحاني ينقل لنا إجماع الشيعة الإمامية على أن الإمامة من أصول الدين فقال في كتابه (الملل والنحل) ج1 ص257 تحت عنوان (هل الإمامة من الأصول أو من الفروع) ما نصه: [الشيعة على بكرة أبيهم اتفقوا على كونها أصلاً من أصول الدين وقد برهنوا على ذلك في كتبهم ،ولأجل ذلك يُعَدُّ الاعتقاد بإمامة الأئمة من لوازم الإيمان الصحيح عندهم، وأما أهل السنة فقد صرحوا في كتبهم الكلامية أنها ليست من الأصول].

([3]) فهذا زعيم الحوزة العلمية وآيتهم العظمى أبو القاسم الخوئي يعترف بأن منكر الامامة كافر لأن الاسلام مبني على الولاية وذلك بموجب ما ورد عندهم من روايات الصحيحة،  فقال في كتاب الطهارة جزء2 ص85:[ وحمل الكفر في الاخبار المتقدمة على الكفر الواقعي وإن كانوا محكومين بالاسلام ظاهرا أو على الكفر في مقابل الايمان إلا أن الاول أظهر إذ الإسلام بُنيَ على الولاية وقد ورد في جملة من الأخبار ان الاسلام بنى على خمس وعد منها الولاية ولم يناد احد بشئ منها كما نودي بالولاية ، كما هو مضمون بعض الروايات فبانتفاء الولاية ينتفي الاسلام واقعا].

([4]) فيقول شيخهم المفيد في كتابه (الارشاد) ص347 مبيناً ان العقل يحكم بوجوب وجود معصوم وبهذا الدليل العقلي لن تكون هناك حاجة إلى ذكر الادلة النقلية: [ومن الدلايل على ذلك ما يقتضيه العقل بالاستدلال الصحيح من وجود امام معصوم كامل غني عن رعاياه…..وهذا أصل لن يحتاج معه في الامامة الى رواية النصوص وتعداد ما جاء فيها من الاخبار لقيامه في قضية العقول وصحته بثابت الاستدلال]، ويقول المرتضى الملقب عندهم بعلم الهدى في كتابه (الشافي)جزء1 ص98:[ لان المعلوم لهم اعتقاد وجوب الامامة واوصاف الامام من طريق العقل والاعتماد عليها في جميع ذلك، وان كانوا ربما استدلوا بالسمع استظهاراً وتصرفاً في الادلة]، ويقول شيخ الطائفة الطوسي في كتابه (تلخيص الشافي) جزء1 ص141:[ اما وجود الامام وصفاته التي يستحقها (كالعصمة وغيرها) فمما لا يحتاج فيها الى النقل بل نعلمها من جهة العقول].
([5]) كما نقلنا في المقدمة نصوص أعمدة المذهب وأعلامه في ذلك كالمفيد والمرتضى والطوسي الذين نحتوا الاستدلال العقلي ونضَّروه لأتباعهم غاية التنضير.

([6] ) معاني الأخبار- الشيخ الصدوق  ص 132.

([7]) حق اليقين في معرفة أصول الدين- السيد عبدالله  شبر جزء1 ص188.

([8]) بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الامامية- الاستاذ السيد محسن الخرازي  جزء2 ص100.

([9]) لا يخفى أن هذه نسبة لأهل السنة من قبل الشيعة غير صحيحة تكشف عن جهل بحقيقة معتقد أهل السنة في ذلك أو خبث وسوء سريرة بتقويلهم ما لم يقولوه أو يعتقدوه، لأن الحق في المسألة هي أن أهل السنة لا يرفضون مبدأ النص على الإمام جملة وتفصيلا كما يصوره المغرضون، بل غاية ما عندهم هو عدم حصرهم التعيين بالنص بل جوزوا أن يكون بالنص أو الاختيار وخير شاهد عندنا إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد تعين بطريقة النص من أبي بكر وهي طريقة معتبرة وصحيحة عندنا، فتأمل الفرق فإنه دقيق.

([10] ) الأقوال من الأول الى الثالث نقلناها من كتاب الألفين لعلامتهم ابن المطهر الحلي.

([11]) منهاج الكرامة- لعلامتهم ابن المطهر الحلي ص114.

([12] ) حق اليقين في معرفة أصول الدين- السيد عبدالله  شبر جزء1 ص192.

([13]) ننبه القارئ الى أننا في هذا الفصل سنسلم جدلياً لقولهم بأن النص على الامام واجب على الله تعالى، لنصل من خلال هذا التسليم الى النتيجة المهمة (اللازم) المترتبة على قولهم فليتنبه القراء لأن كل الدراسة ستكتب  ويدور الحوار فيها على أساس التسليم الجدلي بدعواهم تلك كي لا نكرر التنبيه في كل مرة .

([14]) وهو تكليف شرعي خطير عندهم كما ورد في مروياتهم بأنه كتكليف معرفة الله تعالى والنبي r فمن مروياتهم وأقوالهم في ذلك ما يلي:
      أ-روى الكليني أيضاً في الكافي باب (فرض طاعة الائمة) (1/187): [عن ابي سلمة عن ابي عبد الله u قال: سمعته يقول: نحن الذين فرض الله طاعتنا، لا يَسَع الناس إلا معرفتنا ولا يُعْذَر الناس بجهالتنا، من عرفنا كان مؤمناً ومن انكرنا كان كافراً، ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالاً حتى يرجع الى الهدى الذي افترض الله عليه من طاعتنا الواجبة، فان يمت على ضلالته يفعل الله به ما يشاء].
      ب-روى الكليني في الكافي (1/185-186) :[ بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال: [ذِرْوِةُ الأمر وَسَنامُهُ ومفتاحه وباب الأشياء وَرِضى الرحمن الطاعة للامام بعد معرفته... أما لو أن رجلاً قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه وتكون جميع أعماله بدلالته إليه، ماكان له على الله حق في ثوابه ولا كان من أهل الإيمان].
      ج-روى الكليني في الكافي باب (معرفة الامام والرد اليه) (1/180) :[ ان ابا حمزة سأل ابا جعفر u: [جعلت فداك فما معرفة الله، قال: تصديق الله عز وجل وتصديق رسوله r وموالاة علي u والأئتمام به وبأئمة الهدى u وبأئمة الهدى u والبراءة الى عز وجل من عدوهم، هكذا يعرف الله عز وجل].
       د-يذكر شيخهم الصدوق الملقب عندهم برئيس المحدثين في كتابه (الهداية) ص         28-29:[أنه واجب علينا أن نعرف النبي والأئمة بعده صلوات الله عليهم بأسمائهم وأعيانهم، وذلك فريضة لازمة لنا، واجبة علينا، لا يقبل الله عز وجل عذر ( جاهل بها )، أو مقصر فيها].   

([15]) وهذا بعينه ما اشترطوه في عصمة الامام حيث أوجبوا في الوسيلة -وهي نصب الإمام- شرطان أساسيان وهما العصمة والتمكين، فكذلك هنا يشترط في الوسيلة –وهي النص على الإمام- شرطان أساسيان وهما القطع في الدلالة والقطع في الثبوت فتأمل وجه التطابق بين التقريرين عندهم.

([16]) وذلك لان الغاية (وهي معرفة الامام وطاعته) تتحقق بدرجات متفاوتة وأعلى درجة تتحقق بها تلك الغاية هي اذا كان النص على الامام بذكر اسم الامام صرحة بأن يقول الامام فلان بن فلان فهذا تتحقق الغاية منه بصورة مؤكدة وقطعية ولكن درجة تحققها تقل وتضعف اذا كان النص على الامام بذكر كنيته بأن يقول الامام هو أبو فلان لأن هذا مشترك بين عدة أشخاص، وكذلك تضعف درجة تحققها أكثر إذا كان النص على الامام بذكر صفته بأن يقول الامام هو القصير او النحيف او الاسود او الابيض لأنه مشترك بين كثيرين لذا سيكون احتمال تحققها به ضعيف جداًً.

([17]) أي كما أوجبوا عصمة الإمام على الله تعالى كشرط أساسي يتوقف عليه تحقيق الغاية من نصبه وهي اقامة العدل وإزالة الظلم، كذلك هنا يلزمهم أن يوجبوا على الله تعالى النص على الإمام باسمه الصريح كشرط أساسي يتوقف عليه تحقيق الغابة منه وهي معرفة الإمام وطاعته.

([18]) الملل والنحل ج1 ص257.

([19]) ينظر الإلهيات: 4/9-10 .

([20]) ينظر عقائد الإمامية: ص102.
([21]) ينظر كشف الأسرار: ص149.

([22]) ينظر كتاب الشافي في شرح أصول الكافي: ص49.

([23]) ينظر كتاب نفحات القرآن: 9/10.

([24]) ينظر المصدر السابق: ص12.

([25]) ينظر كتاب الإمامة في أهم الكتب الكلامية: ص43.

([26]) المراجعات لعبد الحسين شرف الدين ص260.
([27]) الفصول المهمة في تأليف الأمة - لعبد الحسين شرف الدين ص13.

([28]) ينظر نفحات القرآن لآيتهم العظمى ناصر مكارم الشيرازي:(7/184).

(1) وفي هذا تخصيص أشد وأنكى من مجرد إنكار الإمامة، بل أن منكر شخص أحد الأئمة (حتى وإن اعترف بالإمامة كأصل) يُعدُّ في نظر علماء الشيعة كافراً ضالاً يستحق الخلود في النار!!

([30]) أوائل المقالات- الشيخ المفيد  ص 44.

([31]) ينظر بحار الأنوار للمجلسي(8/368).

([32]) فأي الفريقين أهدى سبيلاً وأنأى عن بث الفرقة والعداوة بين المسلمين؟! من يجمع المسلمين على مجرد الإقرار بالشهادتين أم من يرميهم بالكفر والضلال ويوجب لهم الخلود في نار الجحيم ما لم يوافقوه على مذهبه ومعتقده في الإمامة؟! فهذه شهادة أحدهم، وليسمع دعاة الوحدة والتقريب!!!
([33]) نور البراهين - السيد نعمة الله الجزائري ج1 ص64.

([34]) رسائل المرتضى - الشريف المرتضى ج2 ص 251-252 ونقل هذا الكلام بنصه علامتهم المجلسي في بحار الأنوار.

([35])  الرسائل العشر- الشيخ الطوسي  ص 103.

([36]) رسائل الكركي - المحقق الكركي ج1ص59.

([37]) ينظر الفصول المهمة لعبد الحسين شرف الدين ص32.
([38]) يقول محقق كتاب (الالفين) السيد محمد مهدي حسن الموسوي ص42-43 حول اهمية الامامة: [و كيف يجوز عليه تعالى اهمال هذا الواجب العظيم (وهو نصب المعصوم) الذي به حياة الشريعة والبشر؟ مع بيانه لأقل واجب في الدين حتى الارش في الخدش وقصاص الضرب والجرح والتعزير على المخالفات البسيطة وحرمة اخذ المال من غير حله ولو كان قنطاراً، والنظر الى ما لا يحل ولو لحظة، والغيبة ولو بكلمة الى غير ذلك بل أبان من المسنونات في كل باب من ابواب الشريعة ما لا يحصر وما يترتب على ذلك من اجر وشر- ومن يعمل مثقال ذرة . . الخ - فإذا كان تعالى قد قطع عذر العباد بجعل النواميس النظامية والعبادية ، كيف يجعل لهم العذر بالتلاعب بتلك النواميس عمدا وخطأ ، وتسبيب الفوضى بالنظام والأحكام ؟ فالواجب عليه أن يقيم لهم المصلح الحافظ وهو القدير على إقامته ، أفيخل بالواجب أو يعجز عن إيجاد ذلك الحجة ؟ - تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا]،فتبين من خلال كلامهم أنه لا يمكن ان يهمل الله تعالى ذكر وبيان مسألة الامامة بل لا بد ان يذكرها ويصرح بذكرها ليعرف الناس من هو الامام ومن ثم يطيعوه وينقادوا له.

([39]) النصوص(1-4) نقلناها من كتاب (الألفين) لعلامتهم ابن المطهر الحلي.

([40]) نسخة مخطوطة في دائرة الآثار والتراث برقم (21951).

([41]) وكل عاقل يعلم بأني لو لم أذكر من تقريراتهم ما يؤيد ما قررته -من وجوب النص على الإمام بالإسم الصريح- إلا هذه النقطة لكفت ووفَّت لأن علماءهم ومراجعهم اشترطوا فيها أن يكون النص صريحاً بالاسم، ولكني ذكرت باقي الأمور من باب الاستطراد وقطع الطريق أمام المعاندين والمشاغبين.

([42]) ينظر مرجعية المرحلة وغبار التغيير لجعفر الشاخوري ص447-448
([43]) ينظر مقتطفات ولائية: ص36.

([44]) فيقول الله تعالى عن القرآن }بل هو آيات بينات{ العنكبوت (49) ويعرف ابن المطهر الحلي البينات في كتاب (الالفين) ص317 بقوله: [البينات وهي مأخوذة من البيان وهو ما يفيد العلم لمن نظر فيه].

([45])وذلك على التسليم الجدلي بما قرروه من أهمية الإمامة كي نلزمهم بنتائج تقريراتهم فليتنبه القراء لذلك.

([46]) وخطورتها تمكن في ان منكر الامام كافر بل وحتى الجاهل به كافر او ضال لا يعذر وكل هذا من باب التسليم الجدلي لما قرروه.

([47]) وذلك لأنهم عرفوا اللطف بما يقرَّب المكلف من الطاعة ويبعده عن المعصية، فيقول شيخهم المفيد في النكت الاعتقادية ص35:[ اللطف هو ما يقرب المكلف معه من الطاعة ويبعده عن المعصية ولا حظ له في التمكين ولم يبلغ الإلجاء]، وقال ابن ميثم البحراني في كتابه (قواعد المرام في علم الكلام) ص117:[ مرادنا باللطف هو ما كان المكلف معه أقرب إلى الطاعة وأبعد من فعل المعصية ولم يبلغ حد الإلجاء]، وقال علامتهم الحلي في ( النافع يوم الحشر) ص75:[ اللطف هو ما يقرب العبد إلى الطاعة ويبعده عن المعصية، ولا حظ له في التمكين ولا يبلغ الإلجاء]،وقال الحلي أيضاً في كتابه (كشف المراد) ص107:[ اللطف هو ما يكون المكلف معه أقرب إلى فعل الطاعة وأبعد من فعل المعصية، ولم يكن له حظ في التمكين، ولم يبلغ حد الإلجاء]، وهذا التعريف للطف ينطبق تماماً على ذكر اسم الإمام في القرآن لأنه يقرِّب المكلفين من الطاعة –وهي معرفة المكلفين للإمام المعصوم والإنقياد له- ويبعدهم عن المعصية –وهي الجهل بالإمام ومعصيته- فهو لطف إذاً بموجب تعريفهم للطف.
([48]) النكت الاعتقادية لشيخهم المفيد ص45.

([49]) المسلك في أصول الدين ص118.

([50]) النافع يوم الحشر لعلامتهم المقداد السيوري  ص75.

([51]) نفس المصدر السابق ص95.

([52]) وذلك من خلال الأدلة الكثيرة التي سقناها على وجوب الشرطين في النص.

([53]) بناءاً على تقريرهم وتصريحهم بأن فعل اللطف واجب على الله تعالى.

([54]) وهي تعتبر نتيجة خطيرة تهدّ وتنسف قولهم بوجوب النص على الامام وبأصل الإمامة جملةً وتفصيلاً كما سنقف عليه بجلاء في نهاية هذه الدراسة.

([55]) من خلال استقراء جل الكتب القديمة والحديثة في تبرير عدم ذكر اسم الامام في القرآن لم اجد سوى محاولتين فقط للتبرير سنذكرهما في الفصل التالي، أي لا يوجد عندهم سوى هاتين المحاولتين على حد علمي واطلاعي، فقط فليتنبه القارئ لهذا.

([56]) وإن العاقل ليعجب من كثرة تناقض أقوالهم وأفعالهم، فبعد أن وضعوا هذا الأصل وخالفوا فيه جميع المسلمين وهو أن الامام لا يتعين إلا بنص من الله تعالى وأخذوا يدافعون عنه بقوة ويردوا اعتراضات المخالفين محاولين إثباته بوجوه عديدة، فمرة يقولوا أن الإمامة أصل من أصول الدين فيجب على الله تعالى أن ينص على الامام، ومرة يقولوا أن الإمامة مساوية لمرتبة النبوة أو تزيد فلا يحسن من الله تعالى إهمالها وترك بيانها، ومرة يقولوا يجب على الله تعالى أن ينص على الإمام ليزول النزاع الذي قد يقع من تعيين الإمام بطريقة الاختيار ثم بعد أن أوجبوا النص على الإمام قالوا يجب أن يكون هذا النص صريحاً كي يسهل التعرف من خلاله على الإمام ويزول النزاع-وقد نقلنا أقوالهم تلك في الفصل السابق- وبعد أن اشترطوا النص الصريح على الإمام، يتفاجأ القارئ ويعجب عندما يراهم ينقضون قولهم هذا بالجملة من خلال منعهم بهاتين المحاولتين وجوب ذكر اسم الامام صراحة في القرآن، فكيف يجتمع قولهم بوجوب النص الصريح على الامام، مع قولهم بعدم وجوب ذكر اسم الامام في القرآن، فتراهم يتأرجحون ويتذبذبون في جوابهم، فعندما قال لهم أهل السنة لا يجب على الله تعالى ان ينص على الامام قالوا هذا غير صحيح بل يجب عليه ذلك وأن يكون نصاً صريحاً، وعندما سلمنا لهم جدلاً هنا في هذه الدراسة بقولهم ذاك وبينا لهم النتبجة المترتبة عليه وهي وجوب ذكر اسم الإمام في القرآن،  قالوا كلا بل لا يجب على الله تعالى ان يذكر اسم الامام في القرآن فلم تسلموا بمنعنا وجوب النص على الامام من الله تعالى، ولم تسلموا بنتيجة قولكم وهي وجوب ذكر اسم الامام في القرآن، فلا المنعَ وافقوا ولا اللازم التزموا، وهذا التناقض والتذبذب يؤكد أن هذا الأصل باطل ما أنزل الله به من سلطان كما قال تعالى} وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً{(النساء: من الآية82).

([57]) يذكر فيلسوفهم مرتضى المطهري في كتاب (الامامة) نفس العلة في منع ذكر اسم الامام في القرآن، فيقول ص159: [إن النبي الاكرم – أو الله تبارك وتعالى- لم يرد أن يطرح المسألة بصيغة التصريح لِمَا يكتنف القضية في النهاية من أهواء] وقد فسر مطهري هذا المحذور ص161 بأنه: [السقوط في هوة تحريف القرآن].

([58]) والعجيب أنهم في معرض بيانهم لدور الإمام المعصوم ووظائفه ذكروا من أهم وظائفه هي حفظ الشرع من التحريف والخلل فإن وقع تلافاه واستدركه كي يصل الشرع الى المكلفين من غير تحريف فيه، وقد زعموا بأن هذه الوظيفة تحققت بالأئمة المعصومين –حتى من قبل إمامهم الثاني عشر بالرغم من غيبته عن الأنظار بسبب خوفه وعجزه عن أن يحمي نفسه فضلاً أن يحفظ الشريعة ومع هذا زعموا بأنه قد حفظ الشريعة من التحريف- فيقول مرتضاهم الملقب عندهم بعلم الهدى في كتابه(الشافي)(1/191):[ فأما نقل القرآن ، ونقل وجود الإعلام سوى القرآن فهو مما لا يمتنع حصول الدواعي إلى كتمانه ، وقد يجوز من طريق الإمكان وقوع الإخلال به ، وليس على أن يقدر أن الحال في المصدقين به صلى الله عليه وآله في الكثرة والظهور هذه ، بل بأن يقدر أن المصدق للدعوة كان في الأصل واحدا أو اثنين ، وكان من عداه مكذبا معاديا فلا يمتنع مع هذا / صفحة 192 / التقدير الاخلال بنقل الإعلام بأن يدعو المكذبين دواعي الكتمان إليه ، وينفر المصدقون لضعف أمرهم ، غير أن هذا مما يؤمن وقوعه لقيام الدلالة عندنا على أن لله تعالى حجة في كل زمان حافظا لدينه ، مبينا له متلافياً لما يجري فيه من زلل وغلط لا يمكن أن يستدركه غيره]، ويقول شيخ طائفتهم الطوسي في كتابه (الاقتصاد)ص188:[ والشرع يصل إلى من هو في البلاد البعيدة وفي زمن النبي أو الامام بالنقل المتواتر الذي من ورائه حافظ معصوم ، ومتى انقطع دونهم أو وقع فيه تفريط تلافاه حتى يصل إليهم وينقطع عذرهم . فأما إذا فرضنا النقل بلا حافظ معصوم من وراء الناقلين فانا لا نثق بأنه وصل جميعه ، وجوزنا أن يكون وقع فيه تقصير أو كتمان لشبهة أو تعمد ، وانما نأمن وقوع شئ منه لعلمنا أن من ورائه معصوما متى وقع خلل تلافاه]، فاعجب معي أخي وابكي في الوقت نفسه بأنهم يثقون بأن الشريعة محفوظة لأن وراءها حافظ معصوم رغم خوفه وعجزه عن حفظ نفسه فضلاً عن حفظ الشريعة، ومع هذا يثقون بحفظه للشريعة، ولا يثق الخميني بحفظ جبار السموات والأرض للقرآن حيث أخبرنا بتكلفه بحفظه وصيانته من التحريف، وذلك حين صرح بأن القرآن ممكن يقع فيه التحريف من قبل الصحابة الكرام فإنا لله وإنا إليه راجعون.
([59]) هذا بناءاً على التسليم الجدلي لهم بوقوع المفسدتين في أرض الواقع وإلا فالحق أن مفسدة الضرر للمعصوم واقعة باعتراف علمائهم أجمعين من قتل علي والحسن والحسين والكاظم رضي الله عنهم جميعاً وكذلك خوف المهدي مما اضطره إلى الإستتار، فيكون منع فعل لطف الإمامة صحيح لتحقق المفسدة في أرض الواقع ، أما مفسدة تحريف القرآن فهي موهومة لا وجود لها في أرض الواقع ألا وهي تحريف القرآن لأنها مرفوضة من قبل المسلمين ولم يعتقدها أحد منهم بعدما أخبر الله تعالى بحفظه للقرآن وكفانا مؤونة دفع هذا المفسدة وعدم وقوعها، وعليه فوجوب ترك اللطف في الإمامة قطعي لأن المفسدة فيه حقيقية تحققت في أرض الواقع، بينما المفسدة في اللطف في القرآن وهمية لا وجود لها.

([60]) هذا على التسليم الجدلي للخميني في عقيدته السقيمة بإمكان تحريف القرآن فتنبه.

([61]) هذا القياس في المنطق يسمى قياس اقتراني من الشكل الأول، ونحن سنناقش ونبطل أهم مقدماته دون الوقوف التفصيلي مع كل مقدمة.

([62]) إن هذه الرواية تعتبر هي أساس الجواب فمنها نقل علماء الشيعة جوابهم كالخميني وغيره من علمائهم كما سيأتي بعد قليل، ولكن لو نظرنا إلى الرواية التي أصَّلت لهم الجواب في هذه المحاولة وتأملنا فيها سنجد أن جواب الإمام المعصوم-بزعمهم- في الرواية وهو ابوعبد الله الصادق يشعر بأنه خرج منه مخرج التقية لأنه في معرض الرد على أهل السنة ودفع اعتراضهم بعدم ذكر اسم الإمام في القرآن، فأجاب بهذا الجواب  والذي جعلني أرجِّح ذلك ما يلي:
     1-إن الرواية تذكر بأن أبا بصير نقل للصادق اعتراض الناس وليس اعتراض أصحابه وشيعته بدليل عبارة "الناس" التي يطلقونها على المخالفين لهم وهم أهل السنة والشاهد على ذلك ما قاله محمد باقر الخونساري في كتابه (روضات الجنات) (6/286):[يمكن أن يستفاد من تضاعيف الأخبار أن يكون ذلك اصطلاحاً بالخصوص من الأئمة الأطهار عليهم صلوات الله العزيز الغفار حيث ترى أنهم يطلقون كثيراً العامة والناس على أعدائهم ومخالفيهم ولازم ذلك ان يكون اصطلاحهم المستباح تعين الخاصة لزمرة شيعتهم ومتابعيهم ، بل الظاهر أنهم لا يطلقون هذه اللفظة الا على خصوص الإمامية الاثنى عشرية في مقابلة سائر الفرق من الشيعة وأهل السنة الغوية]، فإذا ثبت بأن الاعتراض كان من أهل السنة المقصودين بلفظة الناس فكان لا بد أن يجيبهم جواب فيه تقية بدليل قوله لصاحبه أبو بصير(قولوا لهم) أي لمخالفيكم ولم يقل لكم بل لهم.
    2-أما كون فيه تقية فالسبب هو أن الصادق له جواب آخر يناقض هذا الجواب بكل صراحة وهو ثابت عندهم برواية قال فيها لو أن القرآن يقرأ كما أنزل لألفيتنا لوجدت أسماءنا فيه مذكورة وذلك في تفسير العياشي (1/13):[عن داود بن فرقد عمن أخبره عن أبى عبد الله عليه السلام قال : لو قد قرء القرآن كما أنزل لألفيتنا فيه مسمين كما سمي من قبلنا]، ومعنى الرواية أن أسماء الأئمة كانت موجودة في القرآن فرفعت وحذفت من قبل أعدائهم كما هو صريح الرواية وهذا الجواب يوافق قول علماء الشيعة القائلين بتحريف القرآن، وكأن هذا الجواب لما كان لخواص الشيعة أشار فيه إلى عقيدة تحريف القرآن وحذف اسم الإمام من القرآن وهو السبب في عدم ذكره، وأما هناك فالجواب لما كان لأهل السنة المقصودين بلفظة الناس قال بذلك الجواب كي لا يصرح لهم بعقيدة التحريف فيفتح على نفسه موجة من السخط والتكفير واللعن من قبل المسلمين.
فإن كان الجواب الذي اعتمدوه لم يخرج من الإمام إلا من باب التقية فلا يصح لهم أن يعتمدوه في محاولتهم هذه والواجب عليه أن يجيبوا بمعتقده الصريح الذي صرح فيه في رواية العياشي التي ذكرناها، ومن ثم تبطل محاولتهم من أساسها لأنه قالها على سبيل التقية ولم يكن يعتقد بمضمون جوابها، وهذا يكفي في إبطالها لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

([63]) يؤكد فيلسوفهم مرتضى المطهري في كتاب (الإمامة) نفس هذه المحاولة عندما أجاب عن السؤال حول عدم ذكر اسم الإمام في القرآن، فيقول ص158: [وخلاصتها (أي الجواب عن السؤال) إن للقرآن منهجاً في بيان الموضوعات يعتمد فيه دائماً على بيان الأصل دون الصيغة الفردية والشخصية وهذه بحد ذاتها ميزة للقرآن….ويقول ص159: وبذلك نخلص إلى ما يلي في تعليل عدم التصريح بالاسم: أولاً: إن أسلوب القرآن يقوم على أساس بيان الأصول].

([64]) بمعنى أن جعلوا أي نص يشير الى شخصية الإمام (أولي الأمر) ويحددها فهو من التفصيل في أصل الإمامة سواء كانت دلالة هذا النص على شخص الإمام خاصة بذكر الإسم أو الصفة أو دلالة عامة، فهو من التفصيل والتوضيح لأولي الأمر ويكون في السنة دون القرآن كما قرروا ذلك.

([65]) ومن المضحك أن شيخ طائفتهم الطوسي في معرض ردِّه على فرقة الكيسانية التي تزعم أن الخلافة بعد علي رضي الله عنه انتقلت إلى ولده محمد بن الحنفية مخالفين بذلك الإمامية الذين يدَّعون انتقالها إلى الحسن ثم الحسين، فقال بأن النصوص التي استدلوا بها على إمامته هي نصوص عامة وليست صريحة وفيها فضائل له وليس المراد منها إمامته، فقال في كتابه (الغيبة) ص18:[ أقول: وأما الذي يدل على فساد قول الكيسانية القائلين بإمامة محمد بن الحنفية فأشياء. منها : أنه لو كان إماما مقطوعا على عصمته لوجب أن يكون منصوصا عليه نصاً صريحاً لأن العصمة لا تعلم إلا بالنص ، وهم لا يدعون نصاً صريحاً عليه وإنما يتعلقون بأمور ضعيفة دخلت عليهم فيها شبهة لا تدل على النص ، نحو إعطاء أمير المؤمنين عليه السلام إياه الراية يوم البصرة ، وقوله له " أنت ابني حقا " مع كون الحسن والحسين عليهما السلام ابنيه وليس في ذلك دلالة على إمامته على وجه ، وإنما يدل على فضيلته ومنزلته]، فالطوسي يعيب عليهم لأنهم لم يثبتوا إمامته بنص صريح، فهلا طبِّق هذا الأمرعلى نفسه فعاب فرقته لأنهم لم يأتوا بنصوص صريحة على إمامة علي، إذ أقوى دليلين صرح المرتضى بأنها نصوص خفية وليست صريحة وخير ما ينطبق عليه هو قول النبي صلى الله عليه وسلم:[ يُبصر أحدكم القذى في عين أخيه ولا يرى الجذع في عينه]، ينظر الجامع الصغير للسيوطي(2/759)، وكنز العمال(16/122).

([66]) كما نقلنا طائفة من مروياتهم ونصوص علمائهم التي تبين ذلك في الفصل الأول ص.. .

([67]) هذا تسليم جدلي لهم وإلا فالحق إن القرآن قد ذكر بعض تفاصيل الصلاة كما سيتبين ذلك بوضوح في الوجه الرابع التالي.

([68]) وذلك لأن الإمامة –ويطلقون عليها الولاية أحياناً- أهم من الصلاة كما هو ثابت عندهم بمروياتهم ومنها:[ عن زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : بني الإسلام على خمسة أشياء : على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية ، قال : زرارة : فقلت : وأي شئ من ذلك أفضل ؟ فقال : الولاية أفضل ، لأنها مفتاحهن والوالي هو الدليل عليهن ، قلت : ثم الذي يلي ذلك في الفضل ؟ الصلاة إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " الصلاة عمود دينكم " قال : قلت : ثم الذي يليها في الفضل ؟ قال : الزكاة لأنه قرنها بها وبدأ بصلاة قبلها..]، وروى الكليني أيضاً:[ عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) : قال : بني الإسلام على خمس : على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم يناد بشئ كما نودي بالولاية]، قال شارح أصول الكافي المولى محمد صالح المازندراني في شرحه للرواية الثانية:[ قوله ( بنى الإسلام على خمس ) لعل المراد بالإسلام هنا جميع ما جاء به النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الدين الحق المشار إليه في قوله تعالى إن الدين عند الله الإسلام وقوله * ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " وقوله * ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه " والامور الخمسة المذكورة أعظم أركانه وأكمل أجزائه المعتبرة في قوامه والولاية أعظم الخمسة]، ينظر الروايتين في كتاب شرح أصول الكافي للمازندراني(8/60-62).
([69]) نعم يمكن قياس الأعلى (الأهم) على الادنى (المهم) ولكن قياس الأولى كما سيتبين في الصيغة الثانية من القياس الصحيح التي سنذكرها بعد قليل.

([70]) الشافي في الإمامة للسيد المرتضى (2/58-60).

([71]) أي يجب ذكر اسم الامام في القرآن بناءً على هذا القياس، فكيف ولو تأملنا في القرآن وفق ما أصلوه من إيجابهم على الله تعالى ما تستحسنه عقولهم والذي أوجبه من خلاله فعل اللطف بعباده، سنجد أن الحاجة إلى ذكر اسم الإمام في القرآن أكثر من الحاجة إلى ذكر اسم النبي r ، وذلك لأن الذين كانوا يعاصرون دعوة النبي r فريقان، الأول مؤمن به أنه رسول من الله تعالى ويؤمن بكل ما جاء به جملةً وبما فيها القرآن، سواء ذكر فيه اسم النبي أو لم يذكر، لأنه آمن بصدق النبي r ونبوته أولاً ثم آمن بما جاء به من القرآن، فذكر اسم النبي r في القرآن لا يزيده إيماناً وتصديقاً لأنه قد حصل له التصديق والإيمان دون النظر إلى ورود اسمه في القرآن أم لا، والفريق الآخر كافر به وبما جاء به جملةً فهو لا يعتقد أنه مرسل من الله تعالى ولا يعتقد أن القرآن من عند الله تعالى بل هو من تأليفه وسحره، فهذا الفريق مكذِّب بالقرآن جملةً، فذكر اسم النبي r في القرآن لا ينفعه ما دام معتقداً أن القرآن من تأليف النبي r وسحره، فتبين أن ذكر اسم النبي r لا ينفع من آمن به ولا من كفر به، وهذا يختلف عن الحاجة إلى ذكر اسم الإمام في القرآن، لأن الإختلاف في إمامته ليس بين المسلمين والكفار بل بين فرق المسلمين من أهل القبلة الذين يؤمنون بالله تعالى وبالنبي r وبالقرآن وبما جاء فيه، فالحاجة إلى تعريفهم بإمامهم بعد النبي r ملحة وهو مطلوب لتحصل لهم الهداية إلى معرفته، لذلك فإن الحاجة إلى ذكر اسم الإمام في القرآن أكثر من الحاجة إلى ذكر اسم النبي r وهو إلزام لهم بوجوب ذكر اسم الإمام في القرآن وذلك وفق نظريتهم بوجوب فعل اللطف للعباد والله اعلم.
([72]) وتكون صيغة القياس المنطقي هي:-

     تفصيل الإمامة (بذكر اسم الامام) كتفصيل النبوة                تفصيل النبوة ورد في القرآن(بذكر اسم النبي في القرآن)                 تفصيل الإمامة يرد في القرآن
     وهذه المقدمات لا اعتراض عليها لأنهم أقروا واعترفوا بصحة المقدمة الصغرى وهي قياس الإمامة على النبوة ، وأما المقدمة الكبرى فقد ثبتت بالقرآن بذكر اسم النبي r فيه وبالتالي لا بد أن يُسلِّموا بهذا القياس.

([73]) وهذا الإلزام لمن يساوي بين الإمامة والنبوة في الأهمية من علمائهم، فكيف بمن يجعل الإمامة أهم من النبوة فلا شك أن الإلزام لهم أقوى، ومن هؤلاء المفيد في (أوائل المقالات) ص42-43 ونعمة الله الجزائري في (الأنوار النعمانية) جزء1 ص20-21، وختمها الخميني في (الحكومة الإسلامية) ص47 بقوله: [وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل].

([74]) ومما يعجب منه العاقل هو تجاهلهم قياس الإمامة على النبوة في هذا الموضع فقط –وهو ذكر اسم الإمام في القرآن قياساً على ذكر اسم النبي فيه- مع أنهم قاسوا الإمامة في النبوة في كل شئ وذلك حين قالوا بأن الإمامة منصب إلهي كالنبوة لا تكون إلا بالنص فكما لا يجوز لهم اختيار النبي كذلك الإمام -كما في عقائد الإمامية ص111- وكذلك اشتراط العصمة بأن الإمام كالنبي يجب أان يكون معصوماً، وأما ذكره في القرآن فلا أدري لماذا لا يقيسونها بالنبوة } تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى{ !!!

([75]) ومما يثير العجب أن علمائهم قد أشاروا إلى هذا القياس ولكنهم لم يطبقوه بصورة كاملة لأن نتيجته تضرهم، فيذكر محقق كتاب (الالفين) السيد محمد مهدي حسن الموسوي ص25-26: [وكيف يجوز عليه تعالى إهمال هذا الواجب العظيم (نصب الإمام) الذي به حياة الشريعة والبشر؟ مع بيانه لأقل الواجبات في الدين حتى الإرش في الخدش وقصاص الضرب والجرح والتعزير على المخالفات البسيطة وحرمة أخذ المال من غير حلِّه ولو كان قنطاراً، والنظر إلى ما لا يحل ولو لحظة والغيبة ولو بكلمة الى غير ذلك بل أبان من المسنونات في كل باب من أبواب الشريعة ما لا يحصر وما يترتب على ذلك من إجراء وشر…] ويقول الخميني بصدد هذا القياس في (كشف الاسرار) ص155: [لكي نؤكد لهؤلاء الحمقى بأن الإمامة ليست مسألة هينة أو سياسية حتى يسكت القرآن والمسلمون عنها].
([76]) وذلك لأنهم اعتبروا الأصل هو ذكر إيجابها فقط وهذا يكون في القرآن، أما أي تفصيل يتعلق ببيان هذا الأصل من بيان شروط وتفصيلات للصلاة والحج والصيام فهو من التفصيل الذي منعوا ذكره في القرآن، وأوجبوا ذكره في السنة، ونضرب لذلك مثال وهو أن الأصل في الصلاة }أقيموا الصلاة{ ويكون ذكره في القرآن، فكل ما زاد على هذا الأصل من أمور تتعلق بالصلاة وأحكامها وشروطها ومكملاتها فهو من التفصيل الذي يكون في السنة، وكذلك الحال بالنسبة للحج والصيام.

([77]) وذلك لأن الصلاة شرعاً هي الأفعال والأقوال المخصوصة التي تبدأ بالتكبير (أي تكبيرة الإحرام) وتنتهي بالتسليم.

([78]) بل إن الذي يحتج بهذه المحاولة المتضمنة لهذه الدعوى -وهي أن تفصيلات الأركان تكون في السنة دون القرآن- يكون قد أقرَّ على نفسه بأنه لم يفتح القرآن في حياته فضلاً أن يفتي للناس ويكون مرجعاً لهم، بدليل نقلنا لهذه التفاصيل من القرآن دون طول بحث وعناء بل هي موجودة وظاهرة لكل من يقرأ القرآن.

([79]) مع أنه من التفصيل الذي منعوا ذكره في القرآن في معرض ردهم على ما ألزمناهم به من وجوب ذكر اسم الإمام في القرآن.

([80]) وخلاصة إستدلالهم بها هي أن علياً t قد تصدق بخاتمه وهو راكع في الصلاة فنزلت هذه الآية تنص بأن الولي المتصرف (أي الإمام) هو الله تعالى ورسوله ومن تصدق وهو راكع (أي علي t)، أي القصد من ذكر هذا الوصف لعلي t هو التعريف والتعيين لشخص الإمام بعينه لكي يعرفه المسلمون، لأن صفة الإمام التي حددها الله تعالى (وهي إعطاء الزكاة في حال الركوع) لا توجد إلا في علي t فيكون هو الإمام، فهذه خلاصة استدلالهم بهذه الآية على إمامة علي t.

([81]) وقد جربت ذلك ميدانياً بأن قرأت الآية على الكثير من الشيعة الذين لا يعرفون سبب نزول الآية فلم يفهموا منها إمامة علي t لأنها عامة وبصيغة الجمع وليس فيها تصريح على إمامته فتيقنت بأن فهم دلالتها متوقف على قراءة سبب النزول وليس من القرآن مباشرة فتأمل هذه النقطة فهي في غاية الأهمية، وبمناسبة عدم وجود قطع وصراحة في دلالة النص على الإمام وقعت لي ذات مرة محاورة قصيرة جرت بيني وبين امامي حول آية الوضوء فأردت أن أثبت له بأن الأرجل تغسل ولا تمسح لان العبرة بالإعراب وليس بتسلسل السياق بقوله } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ{(المائدة: من الآية6)، فقال هل أن الله تعالى يتكلم بالألغاز ليضل الناس ولماذا لم يصرح بالغسل بنفس السياق فهذا منافي لرحمة الله تعالى ومحبته لهداية الخلق، فقلت سبحان الله العظيم يرفض أن يكون هناك إالغاز (بزعمه) في مسألة الوضوء وهي بسيطة، ويُجوِّز أن لا يذكر مسألة الإمامة في القرآن وهي أهم اصول الدين والذي ينكرها كافر، فإن كان الإلغاز في الوضوء منافي لرحمته وارادته الهداية، فماذا نقول في الإلغاز في أهم أصول الدين بعدم ذكر اسم الإمام صراحة في القرآن فهو من باب أولى مناف للرحمة وإرادة الهداية.

([82]) وهذا على التسليم الجدلي لهم بنزولها فيه، وإلا فالحق أنها دعوى باطلة وسنتعرض لها في دراسة مستقلة حول الآيات القرآنية التي يحتجون بها على الإمامة.

([83]) بل إن علامتهم محمد جميل حمود أكد هذا حين صرح بأن النص على الإمام بذكر صفته هو من أقسام النص الخفي وليس الجلي فقال في كتابه (الفوائد البهية في شرح عقائد الامامية) جزء2ص50 :[وفي المقابل ذهبت الزيدية على أن النص على الإمام خفي أي ان النبي r نص على الإمام علي عليه السلام بالوصف دون الإسم].
([84]) ننبه القارئ إلى أن هذا الوجه يكاد يكون مستقل عن الوجوه الخمسة المتقدمة، أي لم نسق هذا الوجه لإبطال محاولتهم، لأننا قد أبطلناها من خمسة وجوه كل واحد منها كافٍ وشاف في نقضها، ولكننا ذكرنا هذا القسم لنبين للقارئ المستوى العلمي الهزيل للخميني وإظهار ما في كلامه من تلبيس وتناقض.

([85]) بل وفوق هذا ان القرآن المكي ثد تحدث عن امور لا علاقة لها بالعقائد، فقد تحدث عن اطعام المسكين في سورة الماعون، وعن الوفاء بالميزان او الكيل وعدم التلاعب فيه بالبيع والشراء في سورة المطففين.

([86]) وهذه الشدة الشراسة في هجمته تظهر من خلال رده على علماء الشيعة اللذين التزموا بأصول الامامة ولازمها وهو منع تشكيل الحكومة، فاتهمهم بالكسل والبطالة وشنَّع عليهم، فيقول في كتابه (الحكومة الإسلامية) ص116-117: [انظروا الهيئات الدينية فستجدون آثاراً ونتائج تلك الدعايات واضحة، فهنالك البطالون من عديمي الهمم، وهنالك الكسالى الذين يكتفون بالدعاء والثناء والتحدث في بعض المسائل الدينية الشرعية، وكأنهم لم يُخْلقوا لغير ذلك، ومما يمكن رؤيته في هذا الجو من تلك الآثار والنتائج هو النغم التالي "الكلام يتنافى ومقام العالم، المجتهد لا يليق به ان يتكلم ، ويحسن به أن يكثر الصمت، ويكتفي بقول: لا إله إلا الله، او يكتفي باليسير جداً من الكلام" هذا خطأ وفيه مخالفة للسنة الشريفة، فالله يثنى على البيان في سورة الرحمن بقوله تعالى {وعلمه البيان}[86] وهو بهذا يمنّ على عباده ان علمهم البيان، ويذكرهم بفضله ونعمته المسبغة عليهم في هذا التعليم فالبيان انما حَسُن لاجل تعليم الناس عقائدهم السليمة واحكام دينهم وقيادتهم الى شاطئ الاسلام، وكان الرسول r وامير المؤمنين (ع) اكبر امراء البيان، الافكار البلهاء التي يبثها الاعداء مما ذكرنا بعضها قبل قليل يوجد فينا من يؤمن بها، وفي هذا ادامة للاستعمال والنفوذ الاجنبي، هؤلاء جماعة من البلهاء يُدعون بالمقدسين وهم ليسوا بمقدسين بل متقدسين يتكلفون التقدس، علينا ان نصلحهم وان نحدد موقفنا منهم، لان هؤلاء يمنعوننا من الاصلاح والتقدم والنهوض، وذات يوم اجتمع في منزلي المرحوم آية الله البروجردي، والمرحوم آية الله الحجة، والمرحوم آية الله الصدر، والمرحوم آية الله الخونساري، للتداول في امر سياسي مهم فتقدمت إليهم أن يحددوا موقفهم من هؤلاء المتظاهرين بالقداسة البُلَهاء، وأن يعتبروهم أعداء من الداخل لأن هؤلاء لا يهتمون بما يجري ويحولون بين العلماء الحقيقيين وبين السلطة والاخذ بزمام الامور، فهؤلاء يوجهون اكبر لطمة للاسلام، ويشكلون اكبر خطر عليه، ويبرزون الاسلام بصورة مشوهة كأقصى ما يكون التشوه، ويوجد من هؤلاء كثير في النجف وقمم وخراسان، ولهم تأثير على البسطاء والبهاء من امثالهم من الناس، هؤلاء يعارضون من يصرخ في الناس لا يقاظهم مما غطوا فيه من السبات، هؤلاء يدعون الناس الى الكسل والتخاذل]، مع أن على رأس علماء الشيعة المعارضين لنظرية ولاية الفقيه هو آيتهم العظمى أبو القاسم الخوئي وقطعاً هذه الشتائم والأوصاف الذميمة له نصيب كبير منها كما قال تعالى}  بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى{ (الحشر: من الآية14).
([87]) ينظر أصول الكافي للكليني (2/627-628).

([88]) بل قد اشرنا الى اقوال من يجعل الامامة افضل من النبوة من علمائهم وذلك ص44 هامش (2) من هذه الدراسة.

([89]) لا يخفى ما في قول الخميني هذا من غلو في الأئمة مع الحط لمرتبة الانبياء والملائكة.

([90]) وذلك لأنهم لم يفلحوا في إيجاد مبرر علمي صحيح ومقنع لعدم فعل الله تعالى لهذا اللطف الواجب وخصوصاً بعد سقوط المحاولتين سقوطاً تاماً عن الصحة والاعتبار.

([91]) فيقول شيخهم الصدوق الملقب عندهم برئيس المحدثين في كتابه (الهداية) ص 28-29 : [أنه واجب علينا أن نعرف النبي والأئمة بعده صلوات الله عليهم بأسمائهم وأعيانهم، وذلك فريضة لازمة لنا، واجبة علينا، لا يقبل الله عز وجل عذر جاهل بها ، أو مقصِّر فيها].   
([92]) يقصد عدم حصول اللطف للمكلفين.

([93]) فيقول الحلي في (الالفين) ص42: [انه تعالى لا يخل بالواجبات وهذا تقرر وبين في باب العدل] ويقول محقق الكتاب معلقاً على هذا الكلام: [فانه مع القدرة على الفعل ووجوب الداعي إليه يكون الإخلال به قبيحاً، ويستحيل عليه تعالى فعل القبيح].

([94]) لأننا لا نزال في الاختيار الأول وهو قولهم أن الله تعالى لم يفعل هذا اللطف وهو ذكر اسم الامام في القرآن.

([95]) يذكر أحد كبار علماء الامامية وهو ملا محسن الكاظمي الملقب بالفيض الكاشاني أو الكاشي في تفسيره الصافي في مقدمة حول تحريف القرآن وبعد أن يذكر روايات عديدة من الكتب المعتمدة عند الامامية توصل من خلال دراسة مضامينها الى العقيدة المستخلصة من هذه الروايات فيقول ص49 ما نصه: [المستفاد من مجموع هذه الاخبار وغيرها من الروايات من طريق اهل البيت ان القرآن الذ بين اظهرنا ليس بتمامه كما انزل على محمد r بل منه ما هو خلاف ما انزل الله ومنه ما هو مغير محرف وانه قد حذف عنه اشياء كثيرة منها اسم علي في كثير من المواضع ومنها لفظة آل محمد غير مرة ومنها اسماء المنافقين ومنها غير ذلك وانه ليس ايضاً على الترتيب المرضي عند الله ورسوله]، ويقول السيد الطيب الموسوي محقق تفسير القمي عندما تكلم على نقض القرآن فأثبت ان القائلين بعدم نقصان القرآن اربعة فقط وان جمهور المحدثين المتقدمين يقولون بنقص القرآن، فقال في المقدمة جزء 1 ص23: [اما الخاصة (يقصد الشيعة) فقد تسالموا على عدم الزيادة في القرآن بل ادعى الاجماع عليه، اما النقيصة فان ذهب جماعة من الامامية الى عدمها ايضاً وانكروها غاية الانكار كالصدوق والسيد المرتضى وابي علي الطبرسي في (مجمع اللبيان) والشيخ الطوسي في (التبيان)، ولكن الظاهر من كلمات غيرهم من العلماء والمحدثين المتقدمين منهم والمتآخرين القول بالنقيصة كالكليني والبرقي والعياشي والنعماني وفرات ابن ابراهيم واحمد بن ابي طالب صاحب الاحتجاج والمجلسي والسيد الجزائري والحر العاملي والعلامة الفتوني والسيد البحراني] فليتدبر المنصف قول علامتهم الموسوي وليقارن بين عدد من نفى التحريف وهم أربعة فقط ، وبين من اثبت التحريف وهم جمهور المحدثين المتقدمين والمتأخرين، ليعرف إن الذي عليه غالب علمائهم هو القول بالتحريف ونقص القرآن لأنه أخف فساداً وضرراً من الاختيار الاول وهو عدم ذكر الله تعالى لاسم الامام في القرآن ، ولمزيد البيان والفائدة نورد -بتصرف واختصار- قائمة بأسماء القائلين بتحريف القرآن من علماء الشيعة أوردهم خاتمة محدثيهم النوري الطبرسي في فصل الخطاب عند حديثه عن اقوال علماء الامامية في القرآن، فقال ص26-31:[فاعلم ان لهم في ذلك اقوالاً مشهورها اثنان، الاول وقوع التغيير والنقصان فيه وهو مذهب الشيخ الجليل علي بن ابراهيم القمي شيخ الكليني في تفسيره… ومذهب تلميذه ثقة الاسلام الكليني…ومذهب الثقة الجليل محمد بن الحسن الصفار… والثقة محمد بن ابراهيم النعماني تلميذ الكليني… والثقة سعد بن عبد الله القمي… والسيد علي بن احمد الكوفي… وهو ايضاً ظاهر أجلة المفسرين وأئمتهم الشيخ الجليل محمد بن مسعود العياشي والشيخ فرات بن ابراهيم الكوفي، والثقة النقد محمد بن العباس الماهيار… منهم شيخ المتكلمين ومتقدم النوبخنيين ابو سهل اسماعيل علي بن اسحاق بن ابي سهل بن نوبخت وابن اخته الشيخ المتكلم الفيلسوف ابو محمد حسن بن موسى… والشيخ الجليل ابو اسحاق ابراهيم بن نوبخت… ومنهم اسحاق الكاتب الذي شاهد الحجة (ع)، ورئيس هذه الطائفة الشيخ الذي ربما قيل بعصمته ابو القاسم حسين بن روح بن ابي بحر النوبختي السفير الثالث بين الشيعة والحجة والعالم الفاضل المتكلم حاجب بن الليث بن السراج… والشيخ الجليل الثقة الاقدم فضل بن شاذان… ونحن ذهب اليه من القدماء الشيخ الجليل محمد بن الحسن الشيباني… والشيخ الثقة احمد بن محمد بن خالد البرقي… ووالده الثقة محمد بن خالد… ومنهم الشيخ الثقة الذي لم يعثر له على زلة في الحديث كما ذكروا علي بن الحسن بن فضال… ومنهم محمد بن الحسن الصيرفي… ومنهم احمد بن محمد بن سيار… والشيخ حسن بن سليمان الحلي تلميذ الشهيد ومنهم الثقة الجليل محمد بن العباس بن علي الماهيار المعروف بابن الحجام… ومنهم ابو طاهر عبد الواحد بن عمر القمي…].
([96]) وبيان ذلك كما يلي:

       الخطر الاول:-
          وهو الطعن بالله تعالى، وهذا سينجون من القول به لانهم قرروا في الاختيار الثاني ان الله تعالى قد فعل اللطف بذكره اسم الامام في القرآن، وحينئذٍ فلا طعن بالله تعالى لأنه فعل ما يجب عليه.
      الخطر الثاني:-
        وهو سقوط التكليف بأصل الامامة وهذا ايضاً سينجون منه لأن عدم حصول اللطف (وهو ذكر اسم الإمام في القرآن) سيكون بسبب يعود إلى المكلفين وهو تحريفهم للقرآن وحذف اسم الامام منه، وهذا يعني عدم سقوط التكليف باصل الامامة لان ارتفاع اللطف ليس من الله وإنما بسبب المكلفين وذلك بمعصيتهم بتحريف القرآن وحذف اسم الامام منه، فلا يسقط عنهم التكليف بأصل الامامة كما تبين.

عدد مرات القراءة:
6364
إرسال لصديق طباعة
 
اسمك :  
نص التعليق :