([1]) لذلك تجدهم يصرحون بكل تطاول وجرأة بعدم أهلية الخلفاء الراشدين أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم لمنصب الإمامة مع أنهم خير هذه الأمة لقول علي t فيما رواه الامام احمد في مسنده (1/106):[ عن الشعبى عن وهب السوائى قال خطبنا على رضى الله عنه فقال من خير هذه الامة بعد نبيها فقلت أنت يا أمير المؤمنين قال لا خير هذه الامة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر رضى الله عنه وما نبعد ان السكينة تنطق على لسان عمر رضى الله عنه]، فيعتقدون بمنع هذا المنصب عنهم لأن الله تعالى-بزعمهم- حصره في اثني عشر إماماً وحاشا لله تعالى من أن ينسب إليه مثل هذا الافتراء الذي ما أنزل الله به من سلطان (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً ).
([2]) فهذا آيتهم العظمى جعفر سبحاني ينقل لنا إجماع الشيعة الإمامية على أن الإمامة من أصول الدين فقال في كتابه (الملل والنحل) ج1 ص257 تحت عنوان (هل الإمامة من الأصول أو من الفروع) ما نصه: [الشيعة على بكرة أبيهم اتفقوا على كونها أصلاً من أصول الدين وقد برهنوا على ذلك في كتبهم ،ولأجل ذلك يُعَدُّ الاعتقاد بإمامة الأئمة من لوازم الإيمان الصحيح عندهم، وأما أهل السنة فقد صرحوا في كتبهم الكلامية أنها ليست من الأصول].
([3]) فهذا زعيم الحوزة العلمية وآيتهم العظمى أبو القاسم الخوئي يعترف بأن منكر الامامة كافر لأن الاسلام مبني على الولاية وذلك بموجب ما ورد عندهم من روايات الصحيحة، فقال في كتاب الطهارة جزء2 ص85:[ وحمل الكفر في الاخبار المتقدمة على الكفر الواقعي وإن كانوا محكومين بالاسلام ظاهرا أو على الكفر في مقابل الايمان إلا أن الاول أظهر إذ الإسلام بُنيَ على الولاية وقد ورد في جملة من الأخبار ان الاسلام بنى على خمس وعد منها الولاية ولم يناد احد بشئ منها كما نودي بالولاية ، كما هو مضمون بعض الروايات فبانتفاء الولاية ينتفي الاسلام واقعا].
([4]) فيقول شيخهم المفيد في كتابه (الارشاد) ص347 مبيناً ان العقل يحكم بوجوب وجود معصوم وبهذا الدليل العقلي لن تكون هناك حاجة إلى ذكر الادلة النقلية: [ومن الدلايل على ذلك ما يقتضيه العقل بالاستدلال الصحيح من وجود امام معصوم كامل غني عن رعاياه…..وهذا أصل لن يحتاج معه في الامامة الى رواية النصوص وتعداد ما جاء فيها من الاخبار لقيامه في قضية العقول وصحته بثابت الاستدلال]، ويقول المرتضى الملقب عندهم بعلم الهدى في كتابه (الشافي)جزء1 ص98:[ لان المعلوم لهم اعتقاد وجوب الامامة واوصاف الامام من طريق العقل والاعتماد عليها في جميع ذلك، وان كانوا ربما استدلوا بالسمع استظهاراً وتصرفاً في الادلة]، ويقول شيخ الطائفة الطوسي في كتابه (تلخيص الشافي) جزء1 ص141:[ اما وجود الامام وصفاته التي يستحقها (كالعصمة وغيرها) فمما لا يحتاج فيها الى النقل بل نعلمها من جهة العقول].
([5]) كما نقلنا في المقدمة نصوص أعمدة المذهب وأعلامه في ذلك كالمفيد والمرتضى والطوسي الذين نحتوا الاستدلال العقلي ونضَّروه لأتباعهم غاية التنضير.
([6] ) معاني الأخبار- الشيخ الصدوق ص 132.
([7]) حق اليقين في معرفة أصول الدين- السيد عبدالله شبر جزء1 ص188.
([8]) بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الامامية- الاستاذ السيد محسن الخرازي جزء2 ص100.
([9]) لا يخفى أن هذه نسبة لأهل السنة من قبل الشيعة غير صحيحة تكشف عن جهل بحقيقة معتقد أهل السنة في ذلك أو خبث وسوء سريرة بتقويلهم ما لم يقولوه أو يعتقدوه، لأن الحق في المسألة هي أن أهل السنة لا يرفضون مبدأ النص على الإمام جملة وتفصيلا كما يصوره المغرضون، بل غاية ما عندهم هو عدم حصرهم التعيين بالنص بل جوزوا أن يكون بالنص أو الاختيار وخير شاهد عندنا إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد تعين بطريقة النص من أبي بكر وهي طريقة معتبرة وصحيحة عندنا، فتأمل الفرق فإنه دقيق.
([10] ) الأقوال من الأول الى الثالث نقلناها من كتاب الألفين لعلامتهم ابن المطهر الحلي.
([11]) منهاج الكرامة- لعلامتهم ابن المطهر الحلي ص114.
([12] ) حق اليقين في معرفة أصول الدين- السيد عبدالله شبر جزء1 ص192.
([13]) ننبه القارئ الى أننا في هذا الفصل سنسلم جدلياً لقولهم بأن النص على الامام واجب على الله تعالى، لنصل من خلال هذا التسليم الى النتيجة المهمة (اللازم) المترتبة على قولهم فليتنبه القراء لأن كل الدراسة ستكتب ويدور الحوار فيها على أساس التسليم الجدلي بدعواهم تلك كي لا نكرر التنبيه في كل مرة .
([14]) وهو تكليف شرعي خطير عندهم كما ورد في مروياتهم بأنه كتكليف معرفة الله تعالى والنبي r فمن مروياتهم وأقوالهم في ذلك ما يلي:
أ-روى الكليني أيضاً في الكافي باب (فرض طاعة الائمة) (1/187): [عن ابي سلمة عن ابي عبد الله u قال: سمعته يقول: نحن الذين فرض الله طاعتنا، لا يَسَع الناس إلا معرفتنا ولا يُعْذَر الناس بجهالتنا، من عرفنا كان مؤمناً ومن انكرنا كان كافراً، ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالاً حتى يرجع الى الهدى الذي افترض الله عليه من طاعتنا الواجبة، فان يمت على ضلالته يفعل الله به ما يشاء].
ب-روى الكليني في الكافي (1/185-186) :[ بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال: [ذِرْوِةُ الأمر وَسَنامُهُ ومفتاحه وباب الأشياء وَرِضى الرحمن الطاعة للامام بعد معرفته... أما لو أن رجلاً قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه وتكون جميع أعماله بدلالته إليه، ماكان له على الله حق في ثوابه ولا كان من أهل الإيمان].
ج-روى الكليني في الكافي باب (معرفة الامام والرد اليه) (1/180) :[ ان ابا حمزة سأل ابا جعفر u: [جعلت فداك فما معرفة الله، قال: تصديق الله عز وجل وتصديق رسوله r وموالاة علي u والأئتمام به وبأئمة الهدى u وبأئمة الهدى u والبراءة الى عز وجل من عدوهم، هكذا يعرف الله عز وجل].
د-يذكر شيخهم الصدوق الملقب عندهم برئيس المحدثين في كتابه (الهداية) ص 28-29:[أنه واجب علينا أن نعرف النبي والأئمة بعده صلوات الله عليهم بأسمائهم وأعيانهم، وذلك فريضة لازمة لنا، واجبة علينا، لا يقبل الله عز وجل عذر ( جاهل بها )، أو مقصر فيها].
([15]) وهذا بعينه ما اشترطوه في عصمة الامام حيث أوجبوا في الوسيلة -وهي نصب الإمام- شرطان أساسيان وهما العصمة والتمكين، فكذلك هنا يشترط في الوسيلة –وهي النص على الإمام- شرطان أساسيان وهما القطع في الدلالة والقطع في الثبوت فتأمل وجه التطابق بين التقريرين عندهم.
([16]) وذلك لان الغاية (وهي معرفة الامام وطاعته) تتحقق بدرجات متفاوتة وأعلى درجة تتحقق بها تلك الغاية هي اذا كان النص على الامام بذكر اسم الامام صرحة بأن يقول الامام فلان بن فلان فهذا تتحقق الغاية منه بصورة مؤكدة وقطعية ولكن درجة تحققها تقل وتضعف اذا كان النص على الامام بذكر كنيته بأن يقول الامام هو أبو فلان لأن هذا مشترك بين عدة أشخاص، وكذلك تضعف درجة تحققها أكثر إذا كان النص على الامام بذكر صفته بأن يقول الامام هو القصير او النحيف او الاسود او الابيض لأنه مشترك بين كثيرين لذا سيكون احتمال تحققها به ضعيف جداًً.
([17]) أي كما أوجبوا عصمة الإمام على الله تعالى كشرط أساسي يتوقف عليه تحقيق الغاية من نصبه وهي اقامة العدل وإزالة الظلم، كذلك هنا يلزمهم أن يوجبوا على الله تعالى النص على الإمام باسمه الصريح كشرط أساسي يتوقف عليه تحقيق الغابة منه وهي معرفة الإمام وطاعته.
([18]) الملل والنحل ج1 ص257.
([19]) ينظر الإلهيات: 4/9-10 .
([20]) ينظر عقائد الإمامية: ص102.
([21]) ينظر كشف الأسرار: ص149.
([22]) ينظر كتاب الشافي في شرح أصول الكافي: ص49.
([23]) ينظر كتاب نفحات القرآن: 9/10.
([24]) ينظر المصدر السابق: ص12.
([25]) ينظر كتاب الإمامة في أهم الكتب الكلامية: ص43.
([26]) المراجعات لعبد الحسين شرف الدين ص260.
([27]) الفصول المهمة في تأليف الأمة - لعبد الحسين شرف الدين ص13.
([28]) ينظر نفحات القرآن لآيتهم العظمى ناصر مكارم الشيرازي:(7/184).
(1) وفي هذا تخصيص أشد وأنكى من مجرد إنكار الإمامة، بل أن منكر شخص أحد الأئمة (حتى وإن اعترف بالإمامة كأصل) يُعدُّ في نظر علماء الشيعة كافراً ضالاً يستحق الخلود في النار!!
([30]) أوائل المقالات- الشيخ المفيد ص 44.
([31]) ينظر بحار الأنوار للمجلسي(8/368).
([32]) فأي الفريقين أهدى سبيلاً وأنأى عن بث الفرقة والعداوة بين المسلمين؟! من يجمع المسلمين على مجرد الإقرار بالشهادتين أم من يرميهم بالكفر والضلال ويوجب لهم الخلود في نار الجحيم ما لم يوافقوه على مذهبه ومعتقده في الإمامة؟! فهذه شهادة أحدهم، وليسمع دعاة الوحدة والتقريب!!!
([33]) نور البراهين - السيد نعمة الله الجزائري ج1 ص64.
([34]) رسائل المرتضى - الشريف المرتضى ج2 ص 251-252 ونقل هذا الكلام بنصه علامتهم المجلسي في بحار الأنوار.
([35]) الرسائل العشر- الشيخ الطوسي ص 103.
([36]) رسائل الكركي - المحقق الكركي ج1ص59.
([37]) ينظر الفصول المهمة لعبد الحسين شرف الدين ص32.
([38]) يقول محقق كتاب (الالفين) السيد محمد مهدي حسن الموسوي ص42-43 حول اهمية الامامة: [و كيف يجوز عليه تعالى اهمال هذا الواجب العظيم (وهو نصب المعصوم) الذي به حياة الشريعة والبشر؟ مع بيانه لأقل واجب في الدين حتى الارش في الخدش وقصاص الضرب والجرح والتعزير على المخالفات البسيطة وحرمة اخذ المال من غير حله ولو كان قنطاراً، والنظر الى ما لا يحل ولو لحظة، والغيبة ولو بكلمة الى غير ذلك بل أبان من المسنونات في كل باب من ابواب الشريعة ما لا يحصر وما يترتب على ذلك من اجر وشر- ومن يعمل مثقال ذرة . . الخ - فإذا كان تعالى قد قطع عذر العباد بجعل النواميس النظامية والعبادية ، كيف يجعل لهم العذر بالتلاعب بتلك النواميس عمدا وخطأ ، وتسبيب الفوضى بالنظام والأحكام ؟ فالواجب عليه أن يقيم لهم المصلح الحافظ وهو القدير على إقامته ، أفيخل بالواجب أو يعجز عن إيجاد ذلك الحجة ؟ - تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا]،فتبين من خلال كلامهم أنه لا يمكن ان يهمل الله تعالى ذكر وبيان مسألة الامامة بل لا بد ان يذكرها ويصرح بذكرها ليعرف الناس من هو الامام ومن ثم يطيعوه وينقادوا له.
([39]) النصوص(1-4) نقلناها من كتاب (الألفين) لعلامتهم ابن المطهر الحلي.
([40]) نسخة مخطوطة في دائرة الآثار والتراث برقم (21951).
([41]) وكل عاقل يعلم بأني لو لم أذكر من تقريراتهم ما يؤيد ما قررته -من وجوب النص على الإمام بالإسم الصريح- إلا هذه النقطة لكفت ووفَّت لأن علماءهم ومراجعهم اشترطوا فيها أن يكون النص صريحاً بالاسم، ولكني ذكرت باقي الأمور من باب الاستطراد وقطع الطريق أمام المعاندين والمشاغبين.
([42]) ينظر مرجعية المرحلة وغبار التغيير لجعفر الشاخوري ص447-448
([43]) ينظر مقتطفات ولائية: ص36.
([44]) فيقول الله تعالى عن القرآن }بل هو آيات بينات{ العنكبوت (49) ويعرف ابن المطهر الحلي البينات في كتاب (الالفين) ص317 بقوله: [البينات وهي مأخوذة من البيان وهو ما يفيد العلم لمن نظر فيه].
([45])وذلك على التسليم الجدلي بما قرروه من أهمية الإمامة كي نلزمهم بنتائج تقريراتهم فليتنبه القراء لذلك.
([46]) وخطورتها تمكن في ان منكر الامام كافر بل وحتى الجاهل به كافر او ضال لا يعذر وكل هذا من باب التسليم الجدلي لما قرروه.
([47]) وذلك لأنهم عرفوا اللطف بما يقرَّب المكلف من الطاعة ويبعده عن المعصية، فيقول شيخهم المفيد في النكت الاعتقادية ص35:[ اللطف هو ما يقرب المكلف معه من الطاعة ويبعده عن المعصية ولا حظ له في التمكين ولم يبلغ الإلجاء]، وقال ابن ميثم البحراني في كتابه (قواعد المرام في علم الكلام) ص117:[ مرادنا باللطف هو ما كان المكلف معه أقرب إلى الطاعة وأبعد من فعل المعصية ولم يبلغ حد الإلجاء]، وقال علامتهم الحلي في ( النافع يوم الحشر) ص75:[ اللطف هو ما يقرب العبد إلى الطاعة ويبعده عن المعصية، ولا حظ له في التمكين ولا يبلغ الإلجاء]،وقال الحلي أيضاً في كتابه (كشف المراد) ص107:[ اللطف هو ما يكون المكلف معه أقرب إلى فعل الطاعة وأبعد من فعل المعصية، ولم يكن له حظ في التمكين، ولم يبلغ حد الإلجاء]، وهذا التعريف للطف ينطبق تماماً على ذكر اسم الإمام في القرآن لأنه يقرِّب المكلفين من الطاعة –وهي معرفة المكلفين للإمام المعصوم والإنقياد له- ويبعدهم عن المعصية –وهي الجهل بالإمام ومعصيته- فهو لطف إذاً بموجب تعريفهم للطف.
([48]) النكت الاعتقادية لشيخهم المفيد ص45.
([49]) المسلك في أصول الدين ص118.
([50]) النافع يوم الحشر لعلامتهم المقداد السيوري ص75.
([51]) نفس المصدر السابق ص95.
([52]) وذلك من خلال الأدلة الكثيرة التي سقناها على وجوب الشرطين في النص.
([53]) بناءاً على تقريرهم وتصريحهم بأن فعل اللطف واجب على الله تعالى.
([54]) وهي تعتبر نتيجة خطيرة تهدّ وتنسف قولهم بوجوب النص على الامام وبأصل الإمامة جملةً وتفصيلاً كما سنقف عليه بجلاء في نهاية هذه الدراسة.
([55]) من خلال استقراء جل الكتب القديمة والحديثة في تبرير عدم ذكر اسم الامام في القرآن لم اجد سوى محاولتين فقط للتبرير سنذكرهما في الفصل التالي، أي لا يوجد عندهم سوى هاتين المحاولتين على حد علمي واطلاعي، فقط فليتنبه القارئ لهذا.
([56]) وإن العاقل ليعجب من كثرة تناقض أقوالهم وأفعالهم، فبعد أن وضعوا هذا الأصل وخالفوا فيه جميع المسلمين وهو أن الامام لا يتعين إلا بنص من الله تعالى وأخذوا يدافعون عنه بقوة ويردوا اعتراضات المخالفين محاولين إثباته بوجوه عديدة، فمرة يقولوا أن الإمامة أصل من أصول الدين فيجب على الله تعالى أن ينص على الامام، ومرة يقولوا أن الإمامة مساوية لمرتبة النبوة أو تزيد فلا يحسن من الله تعالى إهمالها وترك بيانها، ومرة يقولوا يجب على الله تعالى أن ينص على الإمام ليزول النزاع الذي قد يقع من تعيين الإمام بطريقة الاختيار ثم بعد أن أوجبوا النص على الإمام قالوا يجب أن يكون هذا النص صريحاً كي يسهل التعرف من خلاله على الإمام ويزول النزاع-وقد نقلنا أقوالهم تلك في الفصل السابق- وبعد أن اشترطوا النص الصريح على الإمام، يتفاجأ القارئ ويعجب عندما يراهم ينقضون قولهم هذا بالجملة من خلال منعهم بهاتين المحاولتين وجوب ذكر اسم الامام صراحة في القرآن، فكيف يجتمع قولهم بوجوب النص الصريح على الامام، مع قولهم بعدم وجوب ذكر اسم الامام في القرآن، فتراهم يتأرجحون ويتذبذبون في جوابهم، فعندما قال لهم أهل السنة لا يجب على الله تعالى ان ينص على الامام قالوا هذا غير صحيح بل يجب عليه ذلك وأن يكون نصاً صريحاً، وعندما سلمنا لهم جدلاً هنا في هذه الدراسة بقولهم ذاك وبينا لهم النتبجة المترتبة عليه وهي وجوب ذكر اسم الإمام في القرآن، قالوا كلا بل لا يجب على الله تعالى ان يذكر اسم الامام في القرآن فلم تسلموا بمنعنا وجوب النص على الامام من الله تعالى، ولم تسلموا بنتيجة قولكم وهي وجوب ذكر اسم الامام في القرآن، فلا المنعَ وافقوا ولا اللازم التزموا، وهذا التناقض والتذبذب يؤكد أن هذا الأصل باطل ما أنزل الله به من سلطان كما قال تعالى} وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً{(النساء: من الآية82).
([57]) يذكر فيلسوفهم مرتضى المطهري في كتاب (الامامة) نفس العلة في منع ذكر اسم الامام في القرآن، فيقول ص159: [إن النبي الاكرم – أو الله تبارك وتعالى- لم يرد أن يطرح المسألة بصيغة التصريح لِمَا يكتنف القضية في النهاية من أهواء] وقد فسر مطهري هذا المحذور ص161 بأنه: [السقوط في هوة تحريف القرآن].
([58]) والعجيب أنهم في معرض بيانهم لدور الإمام المعصوم ووظائفه ذكروا من أهم وظائفه هي حفظ الشرع من التحريف والخلل فإن وقع تلافاه واستدركه كي يصل الشرع الى المكلفين من غير تحريف فيه، وقد زعموا بأن هذه الوظيفة تحققت بالأئمة المعصومين –حتى من قبل إمامهم الثاني عشر بالرغم من غيبته عن الأنظار بسبب خوفه وعجزه عن أن يحمي نفسه فضلاً أن يحفظ الشريعة ومع هذا زعموا بأنه قد حفظ الشريعة من التحريف- فيقول مرتضاهم الملقب عندهم بعلم الهدى في كتابه(الشافي)(1/191):[ فأما نقل القرآن ، ونقل وجود الإعلام سوى القرآن فهو مما لا يمتنع حصول الدواعي إلى كتمانه ، وقد يجوز من طريق الإمكان وقوع الإخلال به ، وليس على أن يقدر أن الحال في المصدقين به صلى الله عليه وآله في الكثرة والظهور هذه ، بل بأن يقدر أن المصدق للدعوة كان في الأصل واحدا أو اثنين ، وكان من عداه مكذبا معاديا فلا يمتنع مع هذا / صفحة 192 / التقدير الاخلال بنقل الإعلام بأن يدعو المكذبين دواعي الكتمان إليه ، وينفر المصدقون لضعف أمرهم ، غير أن هذا مما يؤمن وقوعه لقيام الدلالة عندنا على أن لله تعالى حجة في كل زمان حافظا لدينه ، مبينا له متلافياً لما يجري فيه من زلل وغلط لا يمكن أن يستدركه غيره]، ويقول شيخ طائفتهم الطوسي في كتابه (الاقتصاد)ص188:[ والشرع يصل إلى من هو في البلاد البعيدة وفي زمن النبي أو الامام بالنقل المتواتر الذي من ورائه حافظ معصوم ، ومتى انقطع دونهم أو وقع فيه تفريط تلافاه حتى يصل إليهم وينقطع عذرهم . فأما إذا فرضنا النقل بلا حافظ معصوم من وراء الناقلين فانا لا نثق بأنه وصل جميعه ، وجوزنا أن يكون وقع فيه تقصير أو كتمان لشبهة أو تعمد ، وانما نأمن وقوع شئ منه لعلمنا أن من ورائه معصوما متى وقع خلل تلافاه]، فاعجب معي أخي وابكي في الوقت نفسه بأنهم يثقون بأن الشريعة محفوظة لأن وراءها حافظ معصوم رغم خوفه وعجزه عن حفظ نفسه فضلاً عن حفظ الشريعة، ومع هذا يثقون بحفظه للشريعة، ولا يثق الخميني بحفظ جبار السموات والأرض للقرآن حيث أخبرنا بتكلفه بحفظه وصيانته من التحريف، وذلك حين صرح بأن القرآن ممكن يقع فيه التحريف من قبل الصحابة الكرام فإنا لله وإنا إليه راجعون.
([59]) هذا بناءاً على التسليم الجدلي لهم بوقوع المفسدتين في أرض الواقع وإلا فالحق أن مفسدة الضرر للمعصوم واقعة باعتراف علمائهم أجمعين من قتل علي والحسن والحسين والكاظم رضي الله عنهم جميعاً وكذلك خوف المهدي مما اضطره إلى الإستتار، فيكون منع فعل لطف الإمامة صحيح لتحقق المفسدة في أرض الواقع ، أما مفسدة تحريف القرآن فهي موهومة لا وجود لها في أرض الواقع ألا وهي تحريف القرآن لأنها مرفوضة من قبل المسلمين ولم يعتقدها أحد منهم بعدما أخبر الله تعالى بحفظه للقرآن وكفانا مؤونة دفع هذا المفسدة وعدم وقوعها، وعليه فوجوب ترك اللطف في الإمامة قطعي لأن المفسدة فيه حقيقية تحققت في أرض الواقع، بينما المفسدة في اللطف في القرآن وهمية لا وجود لها.
([60]) هذا على التسليم الجدلي للخميني في عقيدته السقيمة بإمكان تحريف القرآن فتنبه.
([61]) هذا القياس في المنطق يسمى قياس اقتراني من الشكل الأول، ونحن سنناقش ونبطل أهم مقدماته دون الوقوف التفصيلي مع كل مقدمة.
([62]) إن هذه الرواية تعتبر هي أساس الجواب فمنها نقل علماء الشيعة جوابهم كالخميني وغيره من علمائهم كما سيأتي بعد قليل، ولكن لو نظرنا إلى الرواية التي أصَّلت لهم الجواب في هذه المحاولة وتأملنا فيها سنجد أن جواب الإمام المعصوم-بزعمهم- في الرواية وهو ابوعبد الله الصادق يشعر بأنه خرج منه مخرج التقية لأنه في معرض الرد على أهل السنة ودفع اعتراضهم بعدم ذكر اسم الإمام في القرآن، فأجاب بهذا الجواب والذي جعلني أرجِّح ذلك ما يلي:
1-إن الرواية تذكر بأن أبا بصير نقل للصادق اعتراض الناس وليس اعتراض أصحابه وشيعته بدليل عبارة "الناس" التي يطلقونها على المخالفين لهم وهم أهل السنة والشاهد على ذلك ما قاله محمد باقر الخونساري في كتابه (روضات الجنات) (6/286):[يمكن أن يستفاد من تضاعيف الأخبار أن يكون ذلك اصطلاحاً بالخصوص من الأئمة الأطهار عليهم صلوات الله العزيز الغفار حيث ترى أنهم يطلقون كثيراً العامة والناس على أعدائهم ومخالفيهم ولازم ذلك ان يكون اصطلاحهم المستباح تعين الخاصة لزمرة شيعتهم ومتابعيهم ، بل الظاهر أنهم لا يطلقون هذه اللفظة الا على خصوص الإمامية الاثنى عشرية في مقابلة سائر الفرق من الشيعة وأهل السنة الغوية]، فإذا ثبت بأن الاعتراض كان من أهل السنة المقصودين بلفظة الناس فكان لا بد أن يجيبهم جواب فيه تقية بدليل قوله لصاحبه أبو بصير(قولوا لهم) أي لمخالفيكم ولم يقل لكم بل لهم.
2-أما كون فيه تقية فالسبب هو أن الصادق له جواب آخر يناقض هذا الجواب بكل صراحة وهو ثابت عندهم برواية قال فيها لو أن القرآن يقرأ كما أنزل لألفيتنا لوجدت أسماءنا فيه مذكورة وذلك في تفسير العياشي (1/13):[عن داود بن فرقد عمن أخبره عن أبى عبد الله عليه السلام قال : لو قد قرء القرآن كما أنزل لألفيتنا فيه مسمين كما سمي من قبلنا]، ومعنى الرواية أن أسماء الأئمة كانت موجودة في القرآن فرفعت وحذفت من قبل أعدائهم كما هو صريح الرواية وهذا الجواب يوافق قول علماء الشيعة القائلين بتحريف القرآن، وكأن هذا الجواب لما كان لخواص الشيعة أشار فيه إلى عقيدة تحريف القرآن وحذف اسم الإمام من القرآن وهو السبب في عدم ذكره، وأما هناك فالجواب لما كان لأهل السنة المقصودين بلفظة الناس قال بذلك الجواب كي لا يصرح لهم بعقيدة التحريف فيفتح على نفسه موجة من السخط والتكفير واللعن من قبل المسلمين.
فإن كان الجواب الذي اعتمدوه لم يخرج من الإمام إلا من باب التقية فلا يصح لهم أن يعتمدوه في محاولتهم هذه والواجب عليه أن يجيبوا بمعتقده الصريح الذي صرح فيه في رواية العياشي التي ذكرناها، ومن ثم تبطل محاولتهم من أساسها لأنه قالها على سبيل التقية ولم يكن يعتقد بمضمون جوابها، وهذا يكفي في إبطالها لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
([63]) يؤكد فيلسوفهم مرتضى المطهري في كتاب (الإمامة) نفس هذه المحاولة عندما أجاب عن السؤال حول عدم ذكر اسم الإمام في القرآن، فيقول ص158: [وخلاصتها (أي الجواب عن السؤال) إن للقرآن منهجاً في بيان الموضوعات يعتمد فيه دائماً على بيان الأصل دون الصيغة الفردية والشخصية وهذه بحد ذاتها ميزة للقرآن….ويقول ص159: وبذلك نخلص إلى ما يلي في تعليل عدم التصريح بالاسم: أولاً: إن أسلوب القرآن يقوم على أساس بيان الأصول].
([64]) بمعنى أن جعلوا أي نص يشير الى شخصية الإمام (أولي الأمر) ويحددها فهو من التفصيل في أصل الإمامة سواء كانت دلالة هذا النص على شخص الإمام خاصة بذكر الإسم أو الصفة أو دلالة عامة، فهو من التفصيل والتوضيح لأولي الأمر ويكون في السنة دون القرآن كما قرروا ذلك.
([65]) ومن المضحك أن شيخ طائفتهم الطوسي في معرض ردِّه على فرقة الكيسانية التي تزعم أن الخلافة بعد علي رضي الله عنه انتقلت إلى ولده محمد بن الحنفية مخالفين بذلك الإمامية الذين يدَّعون انتقالها إلى الحسن ثم الحسين، فقال بأن النصوص التي استدلوا بها على إمامته هي نصوص عامة وليست صريحة وفيها فضائل له وليس المراد منها إمامته، فقال في كتابه (الغيبة) ص18:[ أقول: وأما الذي يدل على فساد قول الكيسانية القائلين بإمامة محمد بن الحنفية فأشياء. منها : أنه لو كان إماما مقطوعا على عصمته لوجب أن يكون منصوصا عليه نصاً صريحاً لأن العصمة لا تعلم إلا بالنص ، وهم لا يدعون نصاً صريحاً عليه وإنما يتعلقون بأمور ضعيفة دخلت عليهم فيها شبهة لا تدل على النص ، نحو إعطاء أمير المؤمنين عليه السلام إياه الراية يوم البصرة ، وقوله له " أنت ابني حقا " مع كون الحسن والحسين عليهما السلام ابنيه وليس في ذلك دلالة على إمامته على وجه ، وإنما يدل على فضيلته ومنزلته]، فالطوسي يعيب عليهم لأنهم لم يثبتوا إمامته بنص صريح، فهلا طبِّق هذا الأمرعلى نفسه فعاب فرقته لأنهم لم يأتوا بنصوص صريحة على إمامة علي، إذ أقوى دليلين صرح المرتضى بأنها نصوص خفية وليست صريحة وخير ما ينطبق عليه هو قول النبي صلى الله عليه وسلم:[ يُبصر أحدكم القذى في عين أخيه ولا يرى الجذع في عينه]، ينظر الجامع الصغير للسيوطي(2/759)، وكنز العمال(16/122).
([66]) كما نقلنا طائفة من مروياتهم ونصوص علمائهم التي تبين ذلك في الفصل الأول ص.. .
([67]) هذا تسليم جدلي لهم وإلا فالحق إن القرآن قد ذكر بعض تفاصيل الصلاة كما سيتبين ذلك بوضوح في الوجه الرابع التالي.
([68]) وذلك لأن الإمامة –ويطلقون عليها الولاية أحياناً- أهم من الصلاة كما هو ثابت عندهم بمروياتهم ومنها:[ عن زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : بني الإسلام على خمسة أشياء : على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية ، قال : زرارة : فقلت : وأي شئ من ذلك أفضل ؟ فقال : الولاية أفضل ، لأنها مفتاحهن والوالي هو الدليل عليهن ، قلت : ثم الذي يلي ذلك في الفضل ؟ الصلاة إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " الصلاة عمود دينكم " قال : قلت : ثم الذي يليها في الفضل ؟ قال : الزكاة لأنه قرنها بها وبدأ بصلاة قبلها..]، وروى الكليني أيضاً:[ عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) : قال : بني الإسلام على خمس : على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم يناد بشئ كما نودي بالولاية]، قال شارح أصول الكافي المولى محمد صالح المازندراني في شرحه للرواية الثانية:[ قوله ( بنى الإسلام على خمس ) لعل المراد بالإسلام هنا جميع ما جاء به النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الدين الحق المشار إليه في قوله تعالى إن الدين عند الله الإسلام وقوله * ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " وقوله * ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه " والامور الخمسة المذكورة أعظم أركانه وأكمل أجزائه المعتبرة في قوامه والولاية أعظم الخمسة]، ينظر الروايتين في كتاب شرح أصول الكافي للمازندراني(8/60-62).
([69]) نعم يمكن قياس الأعلى (الأهم) على الادنى (المهم) ولكن قياس الأولى كما سيتبين في الصيغة الثانية من القياس الصحيح التي سنذكرها بعد قليل.
([70]) الشافي في الإمامة للسيد المرتضى (2/58-60).
([71]) أي يجب ذكر اسم الامام في القرآن بناءً على هذا القياس، فكيف ولو تأملنا في القرآن وفق ما أصلوه من إيجابهم على الله تعالى ما تستحسنه عقولهم والذي أوجبه من خلاله فعل اللطف بعباده، سنجد أن الحاجة إلى ذكر اسم الإمام في القرآن أكثر من الحاجة إلى ذكر اسم النبي r ، وذلك لأن الذين كانوا يعاصرون دعوة النبي r فريقان، الأول مؤمن به أنه رسول من الله تعالى ويؤمن بكل ما جاء به جملةً وبما فيها القرآن، سواء ذكر فيه اسم النبي أو لم يذكر، لأنه آمن بصدق النبي r ونبوته أولاً ثم آمن بما جاء به من القرآن، فذكر اسم النبي r في القرآن لا يزيده إيماناً وتصديقاً لأنه قد حصل له التصديق والإيمان دون النظر إلى ورود اسمه في القرآن أم لا، والفريق الآخر كافر به وبما جاء به جملةً فهو لا يعتقد أنه مرسل من الله تعالى ولا يعتقد أن القرآن من عند الله تعالى بل هو من تأليفه وسحره، فهذا الفريق مكذِّب بالقرآن جملةً، فذكر اسم النبي r في القرآن لا ينفعه ما دام معتقداً أن القرآن من تأليف النبي r وسحره، فتبين أن ذكر اسم النبي r لا ينفع من آمن به ولا من كفر به، وهذا يختلف عن الحاجة إلى ذكر اسم الإمام في القرآن، لأن الإختلاف في إمامته ليس بين المسلمين والكفار بل بين فرق المسلمين من أهل القبلة الذين يؤمنون بالله تعالى وبالنبي r وبالقرآن وبما جاء فيه، فالحاجة إلى تعريفهم بإمامهم بعد النبي r ملحة وهو مطلوب لتحصل لهم الهداية إلى معرفته، لذلك فإن الحاجة إلى ذكر اسم الإمام في القرآن أكثر من الحاجة إلى ذكر اسم النبي r وهو إلزام لهم بوجوب ذكر اسم الإمام في القرآن وذلك وفق نظريتهم بوجوب فعل اللطف للعباد والله اعلم.
([72]) وتكون صيغة القياس المنطقي هي:-
تفصيل الإمامة (بذكر اسم الامام) كتفصيل النبوة تفصيل النبوة ورد في القرآن(بذكر اسم النبي في القرآن) تفصيل الإمامة يرد في القرآن
وهذه المقدمات لا اعتراض عليها لأنهم أقروا واعترفوا بصحة المقدمة الصغرى وهي قياس الإمامة على النبوة ، وأما المقدمة الكبرى فقد ثبتت بالقرآن بذكر اسم النبي r فيه وبالتالي لا بد أن يُسلِّموا بهذا القياس.
([73]) وهذا الإلزام لمن يساوي بين الإمامة والنبوة في الأهمية من علمائهم، فكيف بمن يجعل الإمامة أهم من النبوة فلا شك أن الإلزام لهم أقوى، ومن هؤلاء المفيد في (أوائل المقالات) ص42-43 ونعمة الله الجزائري في (الأنوار النعمانية) جزء1 ص20-21، وختمها الخميني في (الحكومة الإسلامية) ص47 بقوله: [وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل].
([74]) ومما يعجب منه العاقل هو تجاهلهم قياس الإمامة على النبوة في هذا الموضع فقط –وهو ذكر اسم الإمام في القرآن قياساً على ذكر اسم النبي فيه- مع أنهم قاسوا الإمامة في النبوة في كل شئ وذلك حين قالوا بأن الإمامة منصب إلهي كالنبوة لا تكون إلا بالنص فكما لا يجوز لهم اختيار النبي كذلك الإمام -كما في عقائد الإمامية ص111- وكذلك اشتراط العصمة بأن الإمام كالنبي يجب أان يكون معصوماً، وأما ذكره في القرآن فلا أدري لماذا لا يقيسونها بالنبوة } تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى{ !!!
([75]) ومما يثير العجب أن علمائهم قد أشاروا إلى هذا القياس ولكنهم لم يطبقوه بصورة كاملة لأن نتيجته تضرهم، فيذكر محقق كتاب (الالفين) السيد محمد مهدي حسن الموسوي ص25-26: [وكيف يجوز عليه تعالى إهمال هذا الواجب العظيم (نصب الإمام) الذي به حياة الشريعة والبشر؟ مع بيانه لأقل الواجبات في الدين حتى الإرش في الخدش وقصاص الضرب والجرح والتعزير على المخالفات البسيطة وحرمة أخذ المال من غير حلِّه ولو كان قنطاراً، والنظر إلى ما لا يحل ولو لحظة والغيبة ولو بكلمة الى غير ذلك بل أبان من المسنونات في كل باب من أبواب الشريعة ما لا يحصر وما يترتب على ذلك من إجراء وشر…] ويقول الخميني بصدد هذا القياس في (كشف الاسرار) ص155: [لكي نؤكد لهؤلاء الحمقى بأن الإمامة ليست مسألة هينة أو سياسية حتى يسكت القرآن والمسلمون عنها].
([76]) وذلك لأنهم اعتبروا الأصل هو ذكر إيجابها فقط وهذا يكون في القرآن، أما أي تفصيل يتعلق ببيان هذا الأصل من بيان شروط وتفصيلات للصلاة والحج والصيام فهو من التفصيل الذي منعوا ذكره في القرآن، وأوجبوا ذكره في السنة، ونضرب لذلك مثال وهو أن الأصل في الصلاة }أقيموا الصلاة{ ويكون ذكره في القرآن، فكل ما زاد على هذا الأصل من أمور تتعلق بالصلاة وأحكامها وشروطها ومكملاتها فهو من التفصيل الذي يكون في السنة، وكذلك الحال بالنسبة للحج والصيام.
([77]) وذلك لأن الصلاة شرعاً هي الأفعال والأقوال المخصوصة التي تبدأ بالتكبير (أي تكبيرة الإحرام) وتنتهي بالتسليم.
([78]) بل إن الذي يحتج بهذه المحاولة المتضمنة لهذه الدعوى -وهي أن تفصيلات الأركان تكون في السنة دون القرآن- يكون قد أقرَّ على نفسه بأنه لم يفتح القرآن في حياته فضلاً أن يفتي للناس ويكون مرجعاً لهم، بدليل نقلنا لهذه التفاصيل من القرآن دون طول بحث وعناء بل هي موجودة وظاهرة لكل من يقرأ القرآن.
([79]) مع أنه من التفصيل الذي منعوا ذكره في القرآن في معرض ردهم على ما ألزمناهم به من وجوب ذكر اسم الإمام في القرآن.
([80]) وخلاصة إستدلالهم بها هي أن علياً t قد تصدق بخاتمه وهو راكع في الصلاة فنزلت هذه الآية تنص بأن الولي المتصرف (أي الإمام) هو الله تعالى ورسوله ومن تصدق وهو راكع (أي علي t)، أي القصد من ذكر هذا الوصف لعلي t هو التعريف والتعيين لشخص الإمام بعينه لكي يعرفه المسلمون، لأن صفة الإمام التي حددها الله تعالى (وهي إعطاء الزكاة في حال الركوع) لا توجد إلا في علي t فيكون هو الإمام، فهذه خلاصة استدلالهم بهذه الآية على إمامة علي t.
([81]) وقد جربت ذلك ميدانياً بأن قرأت الآية على الكثير من الشيعة الذين لا يعرفون سبب نزول الآية فلم يفهموا منها إمامة علي t لأنها عامة وبصيغة الجمع وليس فيها تصريح على إمامته فتيقنت بأن فهم دلالتها متوقف على قراءة سبب النزول وليس من القرآن مباشرة فتأمل هذه النقطة فهي في غاية الأهمية، وبمناسبة عدم وجود قطع وصراحة في دلالة النص على الإمام وقعت لي ذات مرة محاورة قصيرة جرت بيني وبين امامي حول آية الوضوء فأردت أن أثبت له بأن الأرجل تغسل ولا تمسح لان العبرة بالإعراب وليس بتسلسل السياق بقوله } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ{(المائدة: من الآية6)، فقال هل أن الله تعالى يتكلم بالألغاز ليضل الناس ولماذا لم يصرح بالغسل بنفس السياق فهذا منافي لرحمة الله تعالى ومحبته لهداية الخلق، فقلت سبحان الله العظيم يرفض أن يكون هناك إالغاز (بزعمه) في مسألة الوضوء وهي بسيطة، ويُجوِّز أن لا يذكر مسألة الإمامة في القرآن وهي أهم اصول الدين والذي ينكرها كافر، فإن كان الإلغاز في الوضوء منافي لرحمته وارادته الهداية، فماذا نقول في الإلغاز في أهم أصول الدين بعدم ذكر اسم الإمام صراحة في القرآن فهو من باب أولى مناف للرحمة وإرادة الهداية.
([82]) وهذا على التسليم الجدلي لهم بنزولها فيه، وإلا فالحق أنها دعوى باطلة وسنتعرض لها في دراسة مستقلة حول الآيات القرآنية التي يحتجون بها على الإمامة.
([83]) بل إن علامتهم محمد جميل حمود أكد هذا حين صرح بأن النص على الإمام بذكر صفته هو من أقسام النص الخفي وليس الجلي فقال في كتابه (الفوائد البهية في شرح عقائد الامامية) جزء2ص50 :[وفي المقابل ذهبت الزيدية على أن النص على الإمام خفي أي ان النبي r نص على الإمام علي عليه السلام بالوصف دون الإسم].
([84]) ننبه القارئ إلى أن هذا الوجه يكاد يكون مستقل عن الوجوه الخمسة المتقدمة، أي لم نسق هذا الوجه لإبطال محاولتهم، لأننا قد أبطلناها من خمسة وجوه كل واحد منها كافٍ وشاف في نقضها، ولكننا ذكرنا هذا القسم لنبين للقارئ المستوى العلمي الهزيل للخميني وإظهار ما في كلامه من تلبيس وتناقض.
([85]) بل وفوق هذا ان القرآن المكي ثد تحدث عن امور لا علاقة لها بالعقائد، فقد تحدث عن اطعام المسكين في سورة الماعون، وعن الوفاء بالميزان او الكيل وعدم التلاعب فيه بالبيع والشراء في سورة المطففين.
([86]) وهذه الشدة الشراسة في هجمته تظهر من خلال رده على علماء الشيعة اللذين التزموا بأصول الامامة ولازمها وهو منع تشكيل الحكومة، فاتهمهم بالكسل والبطالة وشنَّع عليهم، فيقول في كتابه (الحكومة الإسلامية) ص116-117: [انظروا الهيئات الدينية فستجدون آثاراً ونتائج تلك الدعايات واضحة، فهنالك البطالون من عديمي الهمم، وهنالك الكسالى الذين يكتفون بالدعاء والثناء والتحدث في بعض المسائل الدينية الشرعية، وكأنهم لم يُخْلقوا لغير ذلك، ومما يمكن رؤيته في هذا الجو من تلك الآثار والنتائج هو النغم التالي "الكلام يتنافى ومقام العالم، المجتهد لا يليق به ان يتكلم ، ويحسن به أن يكثر الصمت، ويكتفي بقول: لا إله إلا الله، او يكتفي باليسير جداً من الكلام" هذا خطأ وفيه مخالفة للسنة الشريفة، فالله يثنى على البيان في سورة الرحمن بقوله تعالى {وعلمه البيان}[86] وهو بهذا يمنّ على عباده ان علمهم البيان، ويذكرهم بفضله ونعمته المسبغة عليهم في هذا التعليم فالبيان انما حَسُن لاجل تعليم الناس عقائدهم السليمة واحكام دينهم وقيادتهم الى شاطئ الاسلام، وكان الرسول r وامير المؤمنين (ع) اكبر امراء البيان، الافكار البلهاء التي يبثها الاعداء مما ذكرنا بعضها قبل قليل يوجد فينا من يؤمن بها، وفي هذا ادامة للاستعمال والنفوذ الاجنبي، هؤلاء جماعة من البلهاء يُدعون بالمقدسين وهم ليسوا بمقدسين بل متقدسين يتكلفون التقدس، علينا ان نصلحهم وان نحدد موقفنا منهم، لان هؤلاء يمنعوننا من الاصلاح والتقدم والنهوض، وذات يوم اجتمع في منزلي المرحوم آية الله البروجردي، والمرحوم آية الله الحجة، والمرحوم آية الله الصدر، والمرحوم آية الله الخونساري، للتداول في امر سياسي مهم فتقدمت إليهم أن يحددوا موقفهم من هؤلاء المتظاهرين بالقداسة البُلَهاء، وأن يعتبروهم أعداء من الداخل لأن هؤلاء لا يهتمون بما يجري ويحولون بين العلماء الحقيقيين وبين السلطة والاخذ بزمام الامور، فهؤلاء يوجهون اكبر لطمة للاسلام، ويشكلون اكبر خطر عليه، ويبرزون الاسلام بصورة مشوهة كأقصى ما يكون التشوه، ويوجد من هؤلاء كثير في النجف وقمم وخراسان، ولهم تأثير على البسطاء والبهاء من امثالهم من الناس، هؤلاء يعارضون من يصرخ في الناس لا يقاظهم مما غطوا فيه من السبات، هؤلاء يدعون الناس الى الكسل والتخاذل]، مع أن على رأس علماء الشيعة المعارضين لنظرية ولاية الفقيه هو آيتهم العظمى أبو القاسم الخوئي وقطعاً هذه الشتائم والأوصاف الذميمة له نصيب كبير منها كما قال تعالى} بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى{ (الحشر: من الآية14).
([87]) ينظر أصول الكافي للكليني (2/627-628).
([88]) بل قد اشرنا الى اقوال من يجعل الامامة افضل من النبوة من علمائهم وذلك ص44 هامش (2) من هذه الدراسة.
([89]) لا يخفى ما في قول الخميني هذا من غلو في الأئمة مع الحط لمرتبة الانبياء والملائكة.
([90]) وذلك لأنهم لم يفلحوا في إيجاد مبرر علمي صحيح ومقنع لعدم فعل الله تعالى لهذا اللطف الواجب وخصوصاً بعد سقوط المحاولتين سقوطاً تاماً عن الصحة والاعتبار.
([91]) فيقول شيخهم الصدوق الملقب عندهم برئيس المحدثين في كتابه (الهداية) ص 28-29 : [أنه واجب علينا أن نعرف النبي والأئمة بعده صلوات الله عليهم بأسمائهم وأعيانهم، وذلك فريضة لازمة لنا، واجبة علينا، لا يقبل الله عز وجل عذر جاهل بها ، أو مقصِّر فيها].
([92]) يقصد عدم حصول اللطف للمكلفين.
([93]) فيقول الحلي في (الالفين) ص42: [انه تعالى لا يخل بالواجبات وهذا تقرر وبين في باب العدل] ويقول محقق الكتاب معلقاً على هذا الكلام: [فانه مع القدرة على الفعل ووجوب الداعي إليه يكون الإخلال به قبيحاً، ويستحيل عليه تعالى فعل القبيح].
([94]) لأننا لا نزال في الاختيار الأول وهو قولهم أن الله تعالى لم يفعل هذا اللطف وهو ذكر اسم الامام في القرآن.
([95]) يذكر أحد كبار علماء الامامية وهو ملا محسن الكاظمي الملقب بالفيض الكاشاني أو الكاشي في تفسيره الصافي في مقدمة حول تحريف القرآن وبعد أن يذكر روايات عديدة من الكتب المعتمدة عند الامامية توصل من خلال دراسة مضامينها الى العقيدة المستخلصة من هذه الروايات فيقول ص49 ما نصه: [المستفاد من مجموع هذه الاخبار وغيرها من الروايات من طريق اهل البيت ان القرآن الذ بين اظهرنا ليس بتمامه كما انزل على محمد r بل منه ما هو خلاف ما انزل الله ومنه ما هو مغير محرف وانه قد حذف عنه اشياء كثيرة منها اسم علي في كثير من المواضع ومنها لفظة آل محمد غير مرة ومنها اسماء المنافقين ومنها غير ذلك وانه ليس ايضاً على الترتيب المرضي عند الله ورسوله]، ويقول السيد الطيب الموسوي محقق تفسير القمي عندما تكلم على نقض القرآن فأثبت ان القائلين بعدم نقصان القرآن اربعة فقط وان جمهور المحدثين المتقدمين يقولون بنقص القرآن، فقال في المقدمة جزء 1 ص23: [اما الخاصة (يقصد الشيعة) فقد تسالموا على عدم الزيادة في القرآن بل ادعى الاجماع عليه، اما النقيصة فان ذهب جماعة من الامامية الى عدمها ايضاً وانكروها غاية الانكار كالصدوق والسيد المرتضى وابي علي الطبرسي في (مجمع اللبيان) والشيخ الطوسي في (التبيان)، ولكن الظاهر من كلمات غيرهم من العلماء والمحدثين المتقدمين منهم والمتآخرين القول بالنقيصة كالكليني والبرقي والعياشي والنعماني وفرات ابن ابراهيم واحمد بن ابي طالب صاحب الاحتجاج والمجلسي والسيد الجزائري والحر العاملي والعلامة الفتوني والسيد البحراني] فليتدبر المنصف قول علامتهم الموسوي وليقارن بين عدد من نفى التحريف وهم أربعة فقط ، وبين من اثبت التحريف وهم جمهور المحدثين المتقدمين والمتأخرين، ليعرف إن الذي عليه غالب علمائهم هو القول بالتحريف ونقص القرآن لأنه أخف فساداً وضرراً من الاختيار الاول وهو عدم ذكر الله تعالى لاسم الامام في القرآن ، ولمزيد البيان والفائدة نورد -بتصرف واختصار- قائمة بأسماء القائلين بتحريف القرآن من علماء الشيعة أوردهم خاتمة محدثيهم النوري الطبرسي في فصل الخطاب عند حديثه عن اقوال علماء الامامية في القرآن، فقال ص26-31:[فاعلم ان لهم في ذلك اقوالاً مشهورها اثنان، الاول وقوع التغيير والنقصان فيه وهو مذهب الشيخ الجليل علي بن ابراهيم القمي شيخ الكليني في تفسيره… ومذهب تلميذه ثقة الاسلام الكليني…ومذهب الثقة الجليل محمد بن الحسن الصفار… والثقة محمد بن ابراهيم النعماني تلميذ الكليني… والثقة سعد بن عبد الله القمي… والسيد علي بن احمد الكوفي… وهو ايضاً ظاهر أجلة المفسرين وأئمتهم الشيخ الجليل محمد بن مسعود العياشي والشيخ فرات بن ابراهيم الكوفي، والثقة النقد محمد بن العباس الماهيار… منهم شيخ المتكلمين ومتقدم النوبخنيين ابو سهل اسماعيل علي بن اسحاق بن ابي سهل بن نوبخت وابن اخته الشيخ المتكلم الفيلسوف ابو محمد حسن بن موسى… والشيخ الجليل ابو اسحاق ابراهيم بن نوبخت… ومنهم اسحاق الكاتب الذي شاهد الحجة (ع)، ورئيس هذه الطائفة الشيخ الذي ربما قيل بعصمته ابو القاسم حسين بن روح بن ابي بحر النوبختي السفير الثالث بين الشيعة والحجة والعالم الفاضل المتكلم حاجب بن الليث بن السراج… والشيخ الجليل الثقة الاقدم فضل بن شاذان… ونحن ذهب اليه من القدماء الشيخ الجليل محمد بن الحسن الشيباني… والشيخ الثقة احمد بن محمد بن خالد البرقي… ووالده الثقة محمد بن خالد… ومنهم الشيخ الثقة الذي لم يعثر له على زلة في الحديث كما ذكروا علي بن الحسن بن فضال… ومنهم محمد بن الحسن الصيرفي… ومنهم احمد بن محمد بن سيار… والشيخ حسن بن سليمان الحلي تلميذ الشهيد ومنهم الثقة الجليل محمد بن العباس بن علي الماهيار المعروف بابن الحجام… ومنهم ابو طاهر عبد الواحد بن عمر القمي…].
([96]) وبيان ذلك كما يلي:
الخطر الاول:-
وهو الطعن بالله تعالى، وهذا سينجون من القول به لانهم قرروا في الاختيار الثاني ان الله تعالى قد فعل اللطف بذكره اسم الامام في القرآن، وحينئذٍ فلا طعن بالله تعالى لأنه فعل ما يجب عليه.
الخطر الثاني:-
وهو سقوط التكليف بأصل الامامة وهذا ايضاً سينجون منه لأن عدم حصول اللطف (وهو ذكر اسم الإمام في القرآن) سيكون بسبب يعود إلى المكلفين وهو تحريفهم للقرآن وحذف اسم الامام منه، وهذا يعني عدم سقوط التكليف باصل الامامة لان ارتفاع اللطف ليس من الله وإنما بسبب المكلفين وذلك بمعصيتهم بتحريف القرآن وحذف اسم الامام منه، فلا يسقط عنهم التكليف بأصل الامامة كما تبين.