آخر تحديث للموقع :

الثلاثاء 6 رمضان 1444هـ الموافق:28 مارس 2023م 12:03:36 بتوقيت مكة

جديد الموقع

يوميات قضية - طه الدليمي ..
الكاتب : طه الدليمي ..

يوميات قضية
طه الدليمي

الملف التأصيلي للقضية العراقية طبقاً للحدث ابتداءً من سنة 2007
 
الجزء الأول

 
 
 

بسم الله الرحمن الرحيم

 
المقدمة
 
الحمد لله رب العالمين.. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله أصحابه وأتباعه أجمعين.
وبعد..
فقد رأيت من النافع أن أجمع المقالات التي أنشرها في موقعنا (القادسية) في كتاب مستقل؛ فذلك أحفظ لها من الضياع، وأدوم فائدة، وأكثر ذيوعاً وانتشاراً. كما أن ترتيبها حسب تواريخ نشرها يفيد من الناحية التاريخية؛ إذ أن كثيراً منها له علاقة بالأحداث الجارية. وأنا أتابع هذه الأحداث على قاعدة أسير عليها وهي:
(استخلاص معنى ثابت من حدث متحرك).
وهي أشبه بطريقة القرآن الكريم وعلاقة آياته بأسباب تستدعي نزولها.  وبذلك يرتبط الحدث بالفكرة، ونستثمر  هذا وهذا في خدمة قضيتنا. ومن هنا ولدت التسمية فكان العنوان الذي أطلقته عليها: (يوميات قضية). وقسمتها إلى أجزاء: الجزء الأول يضم المقالات التي نشرتها في سنة (2007)، وبقية الأجزاء: كل جزء يضم المقالات التي تنشر خلال ستة أشهر... وهكذا إلى ما شاء الله تعالى. علماً أن (يوميات قضية) لا تشمل المقالات المنشورة في الأبواب الثابتة مثل (منهج التغيير) و (البادئون بالعدوان)؛ لأن هذه عادة ما تكون ضمن كتاب مستقل مكتوب سابقاً، أو في طور التأليف، فتكون محفوظة فيه، وتطلب من خلاله. والله أسأل أن ينفع بها كاتبها وقارئها وجميع من له علاقة بتهيئتها ونشرها في الدنيا والآخرة. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
 
 الخميس
3/1/1430
1/1/2009
 
 
موقع القادسية
 
كتبت هذه الافتتاحية قبل ظهور الموقع على شبكة المعلومات بأكثر من ستة أشهر، وقد طلب مني الفنيون كتابة تعريف به ونحن نعد العدة لإنشائه.
 السبت
14/6/2006
 
الحمد لله رب العالمين نحمده ونستعينه ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا . من يهد الله فهو المهتد.. ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله.. أصحابه وأتباعه أجمعين.
وبعد..
فقد أسسنا هذا الموقع والأمل يحدونا أننا سنقول ما لم يقله غيرنا. بمعنى أننا نرجو أن نضيف إليهم شيئاً جديداً، نتكامل به معهم، لنمضي معاً إلى الهدف المنشود.
نبغي – من خلاله – أن نعرض (قضيتنا)، ونبين وجهة نظرنا في كيفية خدمتها بالطريقة الربانية التي توصل إلى الهدف دون لف ودوران. ودون (تقية) باطنية نصم غيرنا بها، ونحن واقعون في حمأتها إلى الأذقان.
 
القضية
ونظرتنا للقضية أنها قضيتان: زمانية ومكانية. أما الزمانية فعامة تتعلق بالأمة. وأما المكانية فخاصة تتعلق بالوطن. وأن قضية الوطن أولى بالاهتمام، وإن كانت أدنى مرتبة حين ينظر إلى الأمر مطلقاً من كل قيد (وَأُولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (الأنفال:75). على أن نعطي لكل قضية استحقاقها دون إفراط ولا تفريط.
يخلط الكثيرون بين كون المسألة أولى في ذاتها، أي من الناحية النظرية، وبين هذه الأولوية إذا اقترنت بالزمان والمكان المعينين، أي من الناحية العملية. والسبب في هذا الخلط عدم إدراك علاقة الزمان والمكان بالموضوع، وأثرهما في تغيير الأولوية؛ ما يؤدي إلى الوهم بأن ما كان أولاً في المرتبة نظرياً، هو كذلك دوماً عملياً وتطبيقياً.
إن هذا خلل كبير في منهج التفكير وخطأ قاتل. لأن الحقيقة غير ذلك تماماً، فقد تكون مسألة ما أولى من الناحية النظرية لكنها يجب أن تحتل المرتبة العاشرة في سلم الأولويات العملية. والعكس صحيح كل الصحة!.
هكذا ينبغي أن ننظر إلى جميع المسائل دون استثناء: القضية الفلسطينية، الماسونية، العلمانية، العولمة الغزو الغربي، الغزو الشرقي …الخ.
إن لكل واقع أو مكان أولوياته التي يختلف بها عن واقع أو مكان آخر وإن اتحدا في الزمان. إن القفز فوق المكان وتجاوزه على أجنحة الزمان حركة في فراغ تجعلنا نستهلك طاقاتنا في أعمال لن تزحزحنا شبراً عن نقطة القفز أو الشروع، مهما بذلنا من جهد وحرقنا من وقود!
ويؤسفني أن أقول: إن الغالبية يجيدون هذا النوع من القفز – ولا يجيدون غيره - إجادة تامة هي كل ما عندهم من مؤهلات. والخلل يكمن في أنهم يعيشون الزمان دون المكان. وهذا يؤدي إلى تعطيل طاقات الجمهور وحرقها في غير مكانها الصحيح. لأنهم يشغلونهم أو يلهونهم بالقضايا النظرية دون العملية. وغالبية الناس لا تمتلك القدرة، وليس عندها قوة إبصار تفرق بها بين الأولوية الزمانية والأولوية المكانية، ولا بين الأولوية من حيث النظرية وبينها من حيث التطبيق.
إننا في العراق نواجه – ومنذ فجر التاريخ - خطراً هو أكبر الأخطار، بل هو مجمع الشر وأم الخبائث من الشرك والنفاق واستباحة الدماء والأموال والأعراض والطائفية والفرقة والتآمر والكيد والدس والاغتيال الفكري والجسدي والولاء للأجنبي والطعن في الكتاب والسنة والتاريخ والرموز…الخ. وقد استطاع أن يجند لصالحه الملايين.
هذا الخطر هو الشعوبية أو المجوسية المقنعة. إنه التشيع الفارسي أو الغزو الشرقي. فالوقوف بوجه هذا الخطر هو (قضيتنا) الأولى. وهي القضية التي نستطيع توجيه كل الجهود نظريا وعملياً، علماء وعامة، قادة وجماهير باتجاهها، وحشدها من أجل مواجهتها وصولاً إلى حلها وعلاجها.
 
لا تنحروا قضيتنا على أعتاب قضيتكم
على أننا - وإن كنا ندرك أن القضيتين مترابطتان - لا نرضى أن تنحر قضيتنا الخاصة بأي حجة من الحجج، أو ذريعة من الذرائع. وفلسطين - وإن كانت في القلب – لا ينبغي أن تلغي العراق. كما لا ينبغي أن يلغى وطن وتصادر قضية، لحساب وطن، وخدمة لقضية يريد أهلها أن يخدموها، بأي وسيلة وإن كان فيها نحر لقضايا الآخرين.
إن الفرس أعداءنا، كما أن اليهود أعداءنا. وإيران عدونا الأول - نحن أهل العراق والخليج – كما أن كيان إسرائيل عدو إخواننا الأول في فلسطين وما حولها. وعليه لا ينبغي أن نضع يدنا بيد إيران – وقد فعلها فلسطينيون - من أجل فلسطين، كما أنه لا ينبغي أن نضع يدنا بيد يهود – وقد فعلها عراقيون - من أجل العراق. وإلا انفصمت القضيتان، وما عدنا يداً بيد، والبادئ أظلم. إن يد علي عبد الحسين خامنئي لا تقل قذارة عن يد آريل شارون. فكيف يقبل تلك اليد القذرة فم متوضئ، يربأ صاحبه أن تلامس يده يد جزار حيفا والخليل؟!!
أفّ..! لو غيرك فعلها يا ( .... .... )! تب إلى الله، وانزع يدك من يد شيطان قم. ووالله إنها لن تزيدك إلا وهناً، وأخشى أن لو بقيت على هذي الحال أن لا تفلح أبداً.
الصراحة منهجنا
سيكون أسلوبنا في المعالجة مبنياً على التشخيص والطرح المباشر. ونعتقد أنه أسلوب الأنبياء عليهم السلام جميعاً. قال تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (الممتحنة:4). فما دام هنا شرك فهناك براءة صريحة، وإعلان بالعداوة والبغضاء أبداً حتى يؤمنوا بالله وحده. (رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ).
ليس هداية الناس هي المقصد الوحيد من بعثة المرسلين. وبيان الحق وحده ليس هو المطلوب الأوحد من دعوة الداعين. إن من أعظم مقاصد الدين فضح المبطلين، واستبانة سبيل المجرمين. والله تعالى يقول: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) (الأنعام:55) ويقول: (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (الأنفال:37).
نعتقد أننا في حاجة ماسة إلى الرجوع إلى القرآن ومنهجه الصافي. منخلعين من كل المؤثرات والتصورات السابقة. وأقصد بكلامي هذا - أول ما أقصد - العلماء والشيوخ والدعاة، ومن يطلق عليهم وصف (الإسلاميين)؛ فقد يكونون من أحوج الناس إلى هذا، وأبعدهم عنه وهم لا يشعرون! حين اجتالتهم السياسة بعيداً عن السبيل، وأفسد عليهم أمرهم اللهاث وراء ما يسمونه (المصلحة). لكننا لا نرى إلا شرع المصلحة، ودين السياسة، وإسلام الحزب. بدلاً من مصلحة الشرع، وسياسة الدين، وحزب الإسلام! واقلب تكسب.
رأينا – ليس في الخيال ولا في المنام، بل جهاراً نهاراً وعلى رؤوس الملأ وشاشات الفضاء !!! – كيف تحرق مساجدنا، وتمزق مصاحفنا، ويقتل علماءنا وتسحل جثثهم في الشوارع. وفي هذا الوقت نفسه لا غيره يجتمع كبراء معممينا مع كبراء أولئك المجرمين، ورؤوس الجريمة ومحركي خيوطها. يجتمعون في مسجد أبي حنيفة النعمان، ويضعون أيديهم بعضها ببعض، ويرفعونها إلى الأعلى علامة الأخوة. والله تعالى يقول: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (البقرة:114). وقد نزلت هذه الآية فيمن شكك بالقبلة، فمنع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، وسعى في خرابها معنوياً. فكيف بمن خربها حقيقة، وصرح بأنها مساجد ضرار يجب أن تحرق وتهدم؟!!! كيف يدخل هؤلاء مساجدنا معززين مكرمين، منتفشين متكبرين؟! من يقيم شرع الله وينفذ حكمه؟ إذا كان علماء الدين هم أول من يعطل آياته عن أحكامها! كيف أصدق أن هؤلاء – إذا آلت إليهم الأمور لا سمح الله – سيقيمون شرع الله، وينفذون أحكامه؟! على أني صرت لا أدري علامَ ينقم هؤلاء المعممون على حكامهم عدم تحكيم شرع ربهم وهم (في الهوى سوا)؟ الفرق في اختلاف المواقع لا أكثر. إن هؤلاء المعطلين عاجزون – حين يجد الجد، وتستلزم الدعوى دفع تكلفة ادعائها - عن تحكيم آية واحدة من كتاب الله. وإلا كيف يستقيم ما فعلوه – ويفعلون – مع قوله تعالى: (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الممتحنة:9)؟! إنهم – بدلاً وعوضاً – يكرمون قاتليهم ومخرجيهم من ديارهم، بل ويدخلونهم مساجدهم معززين مكرمين!!! وإذا كانوا عاجزين عن قول الحق وفعله، فلا أقل من السكوت عن قول الباطل والعمل به! والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) متفق عليه. حتى هذه لم يقدروا عليها، وهي لا تكلفهم سوى الترك والسكون! لأن (شرع المصلحة) يأبى عليهم.
من لمع صورة مقتدى قائد عصابات المهدي التي تعيث الآن في أرض العراق الفساد، وترتكب القتل، وتنشر الرعب والدمار علناً وأمام أنظار المحتل والحكومة الشيعية ؟ من قرب ذلك الغراب الإيراني (المتسمي ظلماً وزوراً بالبغدادي)، ووقع على ادعاءه بأنه وطني يقاوم الاحتلال؟ هل عند هذا الغراب الأبقع مجموعة واحدة، أو مقاتل واحد يذود عن وطنه ضد المحتلين؟ أين؟ وما اسم تلك المجموعة؟ هل الجهاد والمقاومة دعوى وكلام وفقاعات هواء؟ حقاً إن الأمر كما قال الشاعر: 
 

لقد هزُلتْ حتى بدا من هُزالِها
  

 

كُلاها وحتى استامَها كلُّ مفلسِ

قبل أيام وجهت إيران إلى أياد علاوي دعوة رسمية لزيارتها. فإذا به يصرح ويتحدث عن (العلاقات الطيبة بين البلدين)، وينفي أن لإيران يداً في التدخل في شؤون العراق...إلخ!!! فقلت في نفسي: حقأً إن هؤلاء قد فقدوا الحياء! أين هذا من تصريحاته - التي تناقلتها وكالات الأخبار ومحطات الفضاء - عن شكواه فيما سبق من تدخل إيران؟ ثم إذا أنا أتراجع بعد برهة قصيرة، وأقول: علامَ نعتب على مثل هذا العميل العلماني الذي لا دين له ولا مبدأ، ورئيس (الحزب الإسلامي) قد فعلها من قبل؟! يذهب إلى إيران فيصرح بـ(العلاقات الطيبة بين البلدين المسلمين الجارين). ويقول: لا دليل على تدخل إيران في شؤون العراق. ثم بعد مدة تحسب بالشهور لا بالسنين يخرج على قناة (بغداد) الفضائية، ليقول: إن مخابرات إيران تصول وتجول في العراق. وأنا قد قلت هذا من قبل، وصرحت به للمسؤولين الإيرانيين حين زيارتي لهم في إيران. وقد زرتها ثلاث مرات!
هل لاحظتم المفارقة؟ بين سكوت علمائنا و(إسلامويينا) عن ذكر اسم إيران، وتطيرهم من ذلك حتى لكأن ذكره طعم الموت، والسعيد السعيد منهم من يتجرأ فيقول: إحدى دول الجوار أو الإقليم المجاور. حتى إذا شنت أمريكا – ومعها بريطانيا - حملتها الإعلامية قبل بضعة أشهر على إيران، وصارت تتحدث عن تدخلها في شؤون العراق، إذا بأولئك الساكتين تنطلق ألسنتهم وبقدرة قادر فيتجرأون على مس ذلك الاسم، والتقرب من حماه. بل ادعى أحد المعممين أنه كان ينبه على خطر إيران وتدخلها من زمن بعيد. التفت إلى ضيوف عندي وقلت: هل سمعتم هذا يوماً من الأيام يذكر إيران بسوء؟ قالوا: لا. قلت: ولا أنا. اللهم إلا إذا كان يتحدث بهذا لزوجته في مطبخها، أو مع نفسه ربما! تبجح أحدهم يوماً بأنه سبّ مدير الناحية وقال له أمام الناس: (اليوم ألعن أمك ويّا أبوك). قالوا له: أنت قلت هذا لمدير الناحية؟! قال: نعم.. في قلبي!
ثم بعد قليل تسكت أمريكا، أو تخف حملتها، فإذا بهم يسكتون، أو يخففون!
أيها الإخوة!
إذا سكت العالم، وكذب السياسي، فمن يقول الحق، أو ينطق بالحقيقة؟ فكيف إذا صار الكل – إلا من رحم – يكذبون؟
 
القادسية
لهذا نريد لموقع (القادسية) أن يسلك السبيل المستقيم، وينحو منحى خيار السالكين من الأنبياء عليهم السلام وورثتهم من المصلحين. ويتبنى قضية العراق في مقاومة الزحف الشعوبي الفارسي. وأنه من خلال هذه القضية – لا من دونها – نتعامل مع القضايا جميعاً. وفي جوانحنا عنفوان أجدادنا الأقدمين. يوم أن دخلوا أرض الرافدين بقيادة خال الرسول صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص. فدحروا الفرس المحتلين في معركة (القادسية) التي يتطير من ذكرها العجم والمستعجمون. فنحن نذكرها، ونذكرهم بها إرغاماً لأنوفهم، وإغاظةً لقلوبهم، ونبتغي بذلك الأجر عند الله كما قال سبحانه: (مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (التوبة:120). وأن التاريخ يعيد نفسه،   فليعلم الجميع أننا على الدرب سائرون. وأن (القادسية) ليست تاريخاً وحسب، إنما هي تاريخ وجغرافيا ووطنية ودين.
 
 
من نحن ؟
 
أيُّها السائلُ عنا :
مَنْ نكونْ ؟
 
نحنُ جيلٌ قد عزمنا
أن نقولَ الحقّ مهما استنفرَ الباطلُ
أو جَخّى الحَرونْ
 
ورفضْنا
ضحكةَ الشيخِ الغبيةْ
باسطاً ضرعَيهِ
يرغو ..
والسكارى يحلِبونْ
وعليهِ يبصقونْ
 
وتمردْنا جَهاراً
ضدَّ من يبغي بنا شرَّ البليةْ
 
نحنُ جيلٌ قد عرفنا :
ليسَ بينَ الحقِّّ والباطلِ لُقيا
أو حلولٌ وسطيةْ
 
وعرفنا:
( أنَّ دينَ اللهِ سيفٌ
ورجالٌ وقضيةْ )
 
وعرفنا:
أنّ أصلَ الداءِ في أرضِ العراقْ
شيعُ التحريفِ أنصارُ النفاقْ
 
وحميرٌ بيدِ الفرسِ تُساقْ
ومطايا لجميعِ الغادرينْ
وقناطرْ
كلما أطرقَ حادينا عليها يعبرونْ
وقنادرْ
حسَبَ المقياسِ دوماً يلبسونْ
 
كلُّهمْ خانَ الأمانةْ
وتمادَوا في الخيانةْ
طلبوا الدنيا بتضييعِ الديانةْ
فعليهمْ لعنةُ الأجيالِ
والتاريخِ يجترُّ زمانَةْ
 
نحنُ جيلٌ قد كفرنا
بتراتيلِ الزوايا
وترانيمِ البغايا
والتهاويمِ الخفيةْ
وأساليبِ التُّقيةْ
وخرجنا نزرعُ الأفكارَ والأحلامَ ما بين البريةْ
بوضوحٍ ورَويِّةْ
نحن قومٌ نضعُ العنوانَ في أعلى الهويةْ
 
وبرئنا
من شيوخٍ ودعاةٍ ترضويّةْ
تخدعَ الناسَ بتلميعِ الذقونِ الكسرويةْ
تدّعي أنّ لحاها وطنيةْ
علّموا الأجيالَ تستخذي
وباسم ( الحكمةِ ) الحمقا تهونْ
 
-       والقضية ؟
والعناوينُ المُدَمّاةُ الجلية ؟
-       في الحقولِ الهامشيةْ 
تستميحُ العذرَ من عهرِ القرونْ !
يتمطى غارساً قرنيهِ في (وسط) المتونْ !
 
نحنُ جيلٌ قد نفضنا
آخرَ الآمالِ من هيئةِ وقفِ المسلمينْ
ودعاةٍ خانعينْ
وانطلقنا
في دروبِ السالكينْ
نحوَ ربِّ العالمينْ
 
نحنُ جيلٌ
قد عقدنا العزمَ
إما..
أن نكونْ
أو ، فدعنا ، لا نكونْ
 
فجر يوم السبت
     24/6/2006
 
 
 
الوضع في العراق
رؤية من الداخل
 
ألقيتُ ملخصها يوم (13/12/2006) في مؤتمر نصرة العراق الذي انعقد في إستانبول من قبل جمعية الحملة العالمية لمقاومة العدوان.
 
الحمد لله رب العالمين.. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله أصحابه وأتباعه أجمعين. وبعد..
الوضع في العراق اليوم لا يخفى على أحد..
لخطورته أولاً
وللتغطية الإعلامية المستمرة له ثانياً.
والاختلاف – إن وجد - هو في حجم المعلومات وتفاصيلها. وليس هذا هو المهم. إنما المهم هو عنونة ما يحدث، ومعرفة جذوره وأسبابه.
 
جذور الصراع وعنوانه الصحيح
حاول الكثيرون أن يعطوا للصراع وصفاً وعنواناً غير الوصف والعنوان الذي يمثل حقيقته؛ محاولة منهم لتجنب مخاطر الطائفية. فنادوا بوطنية الصراع، وأنه صراع بين من اصطف مع المحتل، وبين من وقف ضده.
وهو توصيف يمكن قبوله إذا نظرنا إلى ظاهر الأمر، وشكله الخارجي. وأنا أقدر لأصحاب هذا الاتجاه موقفهم، وأفهم مراميهم. إنهم يضغطون على أعصابهم، ويبتلعون المر فوق المر، حرصاً على مصير العراق ووحدته، ومحاولة منهم لتجنب الصراع الطائفي، وسكب المزيد من الوقود على النار، حين يصرح بالحقيقة كما هي عليه. 
لكن الحقيقة تبقى حقيقة! إنهم يتحاشون الخوض في أصل الصراع والبحث في جذوره للأسباب أو الأغراض النبيلة آنفة الذكر.
وحتى يسلم هذا التوصيف لأهله ، لا بد أن يكون له مصداق على الواقع؛ فقال هؤلاء بوجود تيار عربي وطني في صف الشيعة، أبرز من يمثله التيار الصدري، بقيادة مقتدى. إضافة إلى بعض الوجوه الأخرى. وأنه امتداد للحوزة العربية.. وأن له تراثا حافلا بالمواقف الوطنية ...إلخ. لقد كان المنادون بوطنية الصراع في حاجة ماسة تبلغ حد الضرورة لأن يجدوا على الواقع ما يمكن أن يصدق دعواهم. وكان توصيفهم للصراع هو ما ينبغي أن يكون، لا ما هو عليه الأمر كما هو كائن فعلا.
 
لا بد من التعامل مع الحقيقة كما هي
أيها الإخوة ! علينا أن نتعامل مع الأمور كما هي عليه، لنعود بها إلى ما ينبغي عليه أن تكون.
إن الصراع طائفي. بل إنه أكبر من ذلك! فالصراع الطائفي قد يفهم منه أنه بين متطرفين ينتمون لجهة واحدة. أما إذا كان الانتماء في أصله إلى جهتين هما مختلفتان في الأسس التي تستند عليها كينونة كل جهة على حدة، فهذا صراع لا ينطبق عليه وصف الطائفي تمام الانطباق. إنه صراع ديني. انعكست مبادئه على الواقع حين وجدت لها متنفساً في لحظة تاريخية معينة، لا زالت تلقي بثقلها وشؤمها علينا.
وإذا أخذنا مقتدى وتياره كمثال، فإن إخواننا الذين قالوا بالتوصيف الوطني للصراع لم تكن خافية عليهم الحقائق الميدانية التالية:
-     أن نصيب مقتدى من مساجد أهل السنة التي اغتصبت هو 95%
-       وأنه رحب بالأمريكان واعتبرهم ضيوفاً
-       وأنه أقام محاكم لقتل المتحولين من الشيعة إلى السنة
-       ونشر أسماء المجاهدين مع عناوينهم في صحيفته "إشراقات الصدر" داعياً الأمريكان أو الحكومة لتتبعهم
-       وهجّر أهل السنة الذين في حي الثورة – المسمى أخيراً بالصدر - وغيره من أحياء بغداد كالشعلة، وكذلك في بقية أنحاء العراق
أما ما حصل بينه وبين الأمريكان من مناوشات فسببها تقاطع المصالح، وليس المبادئ. وهذا شيء طبيعي بين البشر.
وأما الآن فمليشياته تحتل رأس القائمة بين المليشيات التي تمارس التطهير العرقي ضد أهل السنة. والتعاون وثيق بين مليشياته وقوى الأمن بجميع عناوينها. وممثلوه في مجلس النواب أشد النواب خطاباً طائفياً. مع ممارسة القتل الوحشي بأبشع صوره.
وهذا كله وغيره ، ليس من فعل (المتطرفين) دون سواهم . والأمر لا يقبل القسمة بين متطرفين وغير متطرفين. إن (المتطرفين) لم يفعلوا سوى أنهم ترجموا ما يؤمنون به من عقيدة لقنها لهم علماء معتبرون، وطبقوا ما صدّر إليهم أولئك العلماء من فتاوى، ونفذوا ما أمروهم به من أوامر وتوجيهات طبقاً لما تفرضه عليهم عقيدتهم ومبادئ دينهم. هذه هي الحقيقة. ولذلك نقول: إن الصراع ديني. ومن سماه طائفياً فهو لم يبعد كثيراً عن الحقيقة. وذلك بالنظر إلى الأسباب والجذور.
الدين هو السبب الكامن وراء الانقسام الظاهري إلى مصطف مع المحتل، ومصطف ضده.
 
يشوون طفلا سنياً ويضعون جثته أمام منزل ذويه في صينية..!!!
لم أستطع أن أصدق ما حكاه صاحب لي قبل بضعة أشهر عن صديق له أخبره أن حادثة بشعة وقعت في منطقته في الرصافة، إذ خطف طفلان من أهل السنة يحملان – على ما أظن – اسم "عمر" ثم وجدا بعدها مشويين مع الخضار في صينيتين، وملقيين، كل أمام باب دار أهله! وقد أكد لي صاحبي صحة الحكاية، لكنني لم أستطع – كما قلت – تصديقها، ولم أشأ أن أقيدها في مكانها مما أكتبه، حتى فوجئت بعد ذلك بشهور بما نشره موقع "الرابطة العراقية" عن واقعة مماثلة جاء فيه:
حتى فى الأفلام لا يوجد شىء يشبه هذه الوحشية الحيوانية!!! ولا يصدقه عاقل، ولا تصدقه عين.. لكن هذا ما حدث بالضبط فى منطقة الامين محلة 735 نهاية الكوسترات خط السدة وقرب أسواق بيت بنية. فقد قامت ميليشات جيش المهدي بخطف طفل عمره 3 سنوات، ذنبه أن اهله من السنة، قاموا بخطفه وحرقه بوضعه في صينية، مع بصل وطماطة، ثم قاموا بشيِّه! وبعدها جاءوا به ليضعوه أمام باب دار أهله!!! هل فعل مثله اليهود بالفلسطينيين؟! وحسبنا الله ونعم الوكيل([1]).
 
أطفالُ بغداد الحزينةِ يَسألونْ
عَنْ أَيِّ ذَنْبٍ يُقتلونْ
يَترَنَّحونَ على شظايا الجوع
يقتسمونَ خُبْزَ الموتِ‏..‏ ثُمَّ يُودِّعونْ
شبَحُ‏'‏ الهنودِ الحُمْرِ‏'‏ يَظهرُ
في صقيعِ بلادنا
ويصيحُ فينا الطامعونْ‏...‏
مِنْ كُلِّ صَوْبٍ قادمونْ
مِنْ كُلِّ جِنْسٍ يزحفونْ
لا يا إخواني! أطفال بغداد اليوم يشوون بالأفران بالتوابل والمقبلات على يد التيار أو التتار الصدري (الوطني إلى العظم).
المعركة معركة عقيدة
مليشيات مقتدى يسيطرون اليوم على وزارة الصحة، وقد حولوها إلى وكر من أوكار فرق الموت. ويقتلون أهل السنة ممن يراجع المشافي ويخطفونهم منها.
ابن عم لي خطف وقتل على أيدي عصابات المهدي. وقد وصف ابن أخيه - وهو صبي
نجا منهم بتوسط خاله الشيعي -  كيف كانوا يبترون أعضاء ضحاياهم بالحراب والقامات والمدى، والدم يتطاير على ملابسهم، والشحم والدهن ونثار اللحم يتساقط على ثيابهم وأيديهم ووجوههم! ثم ما إن يسمعوا صوت المؤذن ينطلق من الحسينية، حتى يقوموا ليتوضأوا ويؤدوا الصلاة، وكأن شيئاً لم يكن!!! لماذا، وكيف؟! لأنهم يقتلون طبقاً لدينهم، كما أنهم يصلون طبقاً لدينهم. فلا يجد أحدهم غضاضة في الجمع بين الفعلين، أو الطقسين. بل يأتي من ذلك ما يأتي بمنتهى الراحة، والشعور بالقرب ممن يتصور أنه يتقرب إليه.
هم منطقيون مع أنفسهم. لكننا نحن الذين نحيد عن الحقيقة.
نحن غير المنطقيين.
ألم أقل لكم: إن الصراع والاقتتال ديني، فوق أنه طائفي؟
المعركة إذن معركة عقيدة قبل أن تكون معركة أخرى بتوصيف آخر.
 
عقيدة الصفويين
نعم هناك في الواقع صفان : صف ضد المحتل وصف معه. ولكن.. ما حقيقة هذا التباين في الموقف؟ إنها - باختصار – العقيدة. فالاختلاف اختلاف عقيدة، وليس شيئاً آخر.
فعقيدة الصفويين متمثلة بعامة علماء الشيعة ومن ورائهم غالب الجمهور – إلا القليل الذي لا أثر له في تغيير الأحداث - عقيدة تقبل المحتل؛ لأنها لا تفرق بين الكافر والسني، بل تجعل الثاني أخطر وأولى بالحرب. ولهم مقولة يشيعونها عند كل تهديد خارجي هي: " الكافر العادل خير من المسلم الجائر ". وعندهم كل مسلم جائر، طبقاً لعقيدة الإمامة التي تكفر المخالف من أهل القبلة.
وهي عقيدة سرطانية السلوك لا تؤمن بالتعايش. وهنا مكمن الخطر.
يسند ذلك نفسية مصابة بعقدة الاضطهاد. فهم على الدوام يشعرون بالظلم والجور، ويتطلعون إلى الخلاص على يد الغير.
 إنهم يقتلوننا على الاسم! كم من عمر قتل في بغداد؟! وعثمان وأبي بكر؟! وهذا هو الصراع العقائدي بأجلى صوره! وكله يتناغم مع عقيدة المهدي الشيعي.
 
علماء الشيعة وراء الفتنة
وهذا كله نتيجة الضخ المستمر والشحن الدائم الذي يتولى كبره علماء الشيعة في أوساط جمهورهم.
أبو القاسم الخوئي مثال
استمعوا إلى ما يقول المرجع الديني الأكبر للشيعة في زمانه إلى حوالي منتصف التسعينيات من القرن المنصرم قبل بضع سنين:
(ثبت في الروايات والأدعية والزيارات جواز لعن المخالفين… بل لا شبهة في كفرهم).
ثم أعقب الخوئي الحكم بكفرهم بذكره للأدلة التي يثبت بها حكمه ـ عَلَّهُ يشفي بذلك غليله تجاه أهل السنة ـ ومنها ما يلي:
1- (لإن إنكار الولاية والأئمة حتى الواحد منهم، والاعتقاد بخلافة غيرهم، وبالعقائد الخرافية، كالجبر ونحوه يوجب الكفر والزندقة)!
2- (وتدل عليه الأخبار المتواترة الظاهرة في كفر منكر الولاية، وكفر المعتقد بالعقائد المذكورة، وما يشبهها من الضلالات).
3- صرح بأن السيرة المتفق عليها بين علماء الإمامية وعوامهم هو غيبة المخالفين ولعنهم وسبهم، فقال: (قيام السيرة المستمرة بين عوام الشيعة وعلمائهم على غيبة المخالفين، بل سبهم ولعنهم في جميع الاعصار والأمصار، بل في الجواهر أن جواز ذلك من الضروريات)([2]).
4- (فالصحيح الحكم بطهارة جميع المخالفين للشيعة الاثنى عشرية وإسلامهم ظاهرا بلا فرق في ذلك بين أهل الخلاف وبين غيرهم، وان كان جميعهم في الحقيقة كافرين وهم الذين سميناهم بمسلم الدنيا وكافر الآخرة)([3]).
5- (يجوز أخذ مال الناصب أينما وجد والأحوط وجوباً وجوب الخمس فيه من باب الغنيمة([4]).
 
نعمة الله الجزائري مثال آخر
ونأخذ مثالاً من الماضين. يقول نعمة الله الجزائري:
روى شيخ الطائفة نور الله مرقده في باب الخمس والغنائم من كتاب التهذيب بسند صحيح عن مولانا الصادق عليه السلام: (قال خذ مال الناصب حيث ما وجدت وابعث الينا بالخمس).
والناصب هو السني في لغة جمهور علماء الشيعة، كما أثبت ذلك الشيخ يوسف البحراني في كتابه (الشهاب الثاقب في بيان معرفة الناصب)، وهو من كبار علماء الشيعة. وعليه العمل عندهم – وهذا هو المهم - فإنهم اليوم يسقطون هذا الاسم أو الوصف على كل سني، ويطبقون عليه أحكامه من التكفير والاستباحة والقتل. والجزائري نفسه يصرح بهذا المعنى ويستدل عليه بأمور منها قوله: (وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أن علامة الناصب تقديم غير علي عليه، وهذه خاصة شاملة لا خاصة. ويؤيد هذا المعنى أن الأئمة عليهم السلام وخواصَّهم أطلقوا لفظ الناصب على أبي حنيفة وأمثاله، مع أن أبا حنيفة لم يكن ممن نصب العداوة لأهل البيت عليهم السلام بل كان له انقطاع اليهم، وكان يظهر لهم التودد)[5].
2- روى الصدوق طاب ثراه في العلل مسنداً الى داود بن فرقد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول في قتل الناصب؟ قال حلال الدم لكني أتقي عليك، فإن قدرت أن تقلب عليه حائطاً أو تغرقه في ماء لكي لا يشهد به عليك فافعل، فقلت فما ترى في ماله؟ قال خذ ما قدرت .
3- واستدل على جواز قتلهم بحادثة يروون أنها وقعت في زمن الامام موسى الكاظم  حيث قال: (وفي الروايات أن علي بن يقطين وهو وزير الرشيد قد اجتمع في حبسه جماعة من المخالفين وكان من خواص الشيعة، فأمر غلمانه وهدموا سقف المحبس على المحبوسين فماتوا كلهم، وكانوا خمسمائة رجل تقريباً، فأراد الخلاص من تبعات دمائهم، فأرسل الى الامام مولانا الكاظم عليه السلام فكتب عليه السلام اليه جواب كتابه بأنك لو كنت تقدمت اليَّ قبل قتلهم لما كان عليك شئ من دمائهم، وحيث أنك لم تتقدم اليَّ فكفِّر عن كل رجل قتلته منهم بتيس والتيس خير منه ، فانظر الى هذه الدية الجزيلة التي لا تعادل دية أخيهم الأصغر وهو كلب الصيد فان ديته عشرون درهماً، ولا دية أخيهم الأكبر وهو اليهودي أو المجوسي فانها ثمانمائة درهم، وحالهم في الآخرة أخسّ وأنجس ([6]).
 
سكوت المراجع الشيعية
وسكوت المراجع الشيعية عما يجري من جرائم، وعدم سعيهم في إطفاء الفتنة، ومشاركة الحكومة الواضحة في الجريمة الكبرى، الحكومة التي باركتها المرجعية وأفتت بوجوب انتخابها، وإشارتها لمقتدى بإنقاذها دليل واضح على المؤامرة وأنها مشتركة، والأدوار موزعة بينهم عن سبق اتفاق.
الحكومة العراقية إيرانية
الصراع صراع عقائدي بين الشيعة وأهل السنة. حاول أهل السنة تجنبه، ولو بتسميته بغير اسمه فلم يفلحوا. والاحتلال احتلال إيراني.
والحكومة إيرانية. وهذه بعض ملامحها الدالة على أصلها:
المجلس الأعلى أسسته المخابرات الإيرانية سنة 1982 إبان الحرب مع العراق. وعائلة الحكيم التي تتزعمه عائلة إيرانية. وكان أول رئيس له هو كبير قضاة إيران محمود الهاشمي.
وحزب الدعوة حزب إيراني التأسيس والانتماء. من مؤسسيه محمد مهدي الحكيم، ومرتضى العسكري وآصفي والكوراني. وقد رعته إيران. بصرف النظر عن بعض الأمور الخلافية الجزئية، التي لا تتعارض مع الهدف السياسي المرسوم في خطه العام.
وعبد العزيز أول استلامه لدورة مجلس الحكم طالب بتعويض إيران 100 مليار عن الحرب، بينما يطالب الدول العربية بإطفاء ديونها! ويدعو إلى إشراك إيران في حل المسألة العراقية. وقبل 10 أيام ينفي تدخل إيران بشؤون العراق!
والجعفري أول قرار اتخذه عند توليه الوزارة إطلاق 400 معتقل إيراني، بينما سجونه تصرخ إلى عنان السماء بالمعتقلين العراقيين!
وصولاغ يذم العرب ويسميهم بدواً ويعيرهم بالإبل، بينما يدافع عن إيران دون حياء.
وصرح رفسنجاني في يوم إعلان فوز قائمة الائتلاف الشيعي قائلاً بفخر: (صوت الثورة الإيرانية يسمع اليوم من بغداد)!
ولست في مقام الإحصاء أو الاستقصاء.
 
وطنية العلمانيين
الصراع ديني عقائدي، وهو أعمق من أن يكون طائفياً يقوم به المتطرفون من كل جانب. ولذلك قد تجد الوطنية والاصطفاف ضد المحتل عند العلمانيين من الشيعة دون المتدينين. وعند كل من خف تدينه وابتعد عن أجواء الحوزة والمراجع. خذ مثلاً:  د. نوري المرادي، سمير عبيد. وكلما تمثل الشيعي عقيدته الشيعية كما صاغها المراجع، وصار متديناً صار أبعد عن الوطنية والقبول بالآخر. إلا من استعمل التقية على طريقة (تعدد أدوار ووحدة هدف). على العكس من أهل السنة، الذين كلما تعمق أحدهم في تدينه، زاد في وطنيته.
هذه هي الحقيقة
هذه هي الحقيقة..
وهذا هو التوصيف الصحيح. والتأخير في ذكره يضر كثيراً كما أضر توصيف الصراع بين العرب واليهود، حين وصف بكل وصف، إلا وصفه الديني. كما أنه مضر من جانب آخر هو غربة النخبة عن الجمهور، الذي صارت الأحداث تجره جرا لمعرفته وتشخيصـه ،
قبل أن تفصح عنه النخبة. وهذا أدى - ويؤدي - إلى عزلة هذه النخبة.
ينبغي للقائد أن يسبق بوعيه الحدث. ولا يتأخر عنه، أو يكون وعيه نتاج الحدث. هذا هو حال الجمهور. خذوا مثلاً موضوع الأكثرية والأقلية السكانية في العراق، كم تأخر النخبة في الإفصاح عنه – ولربما حتى إدراكه - ! لقد احتل العراق بحجة "ظلم الأقلية السنية للأكثرية الشيعية". أليس كذلك؟ وبعد سنين من الاحتلال صار البعض يتحدث بحياء عن الحقيقة! لماذا؟ وما الفائدة بعد؟!
لماذا دائماً نأتي إلى المحطة بعد صفير القطار بساعة؟ ونقرأ المادة بعد انتهاء الامتحان
بيوم؟ لقد تحولنا إلى سياسيين على حساب الحقيقة والدين. ولكن حتى بالحسابات السياسية نحن متأخرون!
وا أسفاً! لقد خسرنا الدين والسياسة معا!
 
يحاكمون أفرادنا كطائفة ونحاكم طائفتهم كأفراد
انظر إليهم كيف يجيشون جمهورهم وحلفاءهم حين يتمظلمون محملين أهل السنة أوزار التاريخ، ومسؤولية الحاكم؟ مع أنهم هم السبب في كل ما يجري لهم. بل إنهم هم الذين يقومون بالجريمة ثم يرمون بها عليك كطائفة وجماعة لا كفرد. من قتل الحسين؟ سؤال في جوابه كشف لبعض ما أريد. ثم هم يقتلوننا ويصيحون: يا لثارات الحسين! وقد تأسست أحزاب ومليشيات تحمل اسم الثأر.
ثم انظر إلينا كيف نُحَمِّل ما ترتكبه الطائفة أو الجماعة المقابلة لأفراد نسميهم بأسمائهم: صولاغ والجعفري ومقتدى...!
 
أي المحتلين أخطر؟
هذا من جهة ومن جهة فإن المشكلة هي المحتل . نعم ولكن أي محتل؟ الأمريكي أم الإيراني؟
1- إيران لها عقيدتها وأحلامها ومشروعها الخطير في المنطقة، وقبل مجيء الأمريكان. وأدق من عبر عنه الخميني حين سماه بـ"تصدير الثورة". والخطة الخمسينية لتشييع المنطقة واضحة.
2- وعداؤها مع العراق قديم: دمرت كل حضارات العراق في التاريخ بلا استثناء.
3- واستعدت التتار والأمريكان. وصرحوا بأنه لولاهم ما احتلت أمريكا أفغانستان والعراق.
4. لم يعترفوا بالعراق إلا في سنة 1929، وتحت ضغط بريطاني. أي بعد ثماني سنوات من الاعتراف الأممي به كدولة مستقلة. وصرح صادق قطب زادة وزير خارجية النظام الخميني بأن العراق جزء من إيران.
5- واحتلوا دولة الأحواز العربية منذ سنة 1925، وهم اليوم يمارسون على شعبنا
العربي هناك أبشع أنواع الظلم وتذويب الهوية.
6- كما أن لإيران أطماعها الواضحة في الخليج: البحرين والجزر الثلاث، والحرمين الشريفين، والأحساء. وتحت كل واحد من هذه العناوين ملف كامل.
وهي اليوم تحتل بمخابراتها جنوب العراق ووسطه، بل حتى الحرس الثوري له وجوده! وطابق كامل في الداخلية محجوز للمخابرات الإيرانية. والحكومة إيرانية بكل كادرها الأساسي. والجمهور الشيعي يشكل محضناً ذهبياً دافئاً للوجود الإيراني.
إيران دولة توسعية، والظاهر أنها تقف على أعتاب العالم النووي. والحصانة الفكرية ضد تشيعها عند أهل السنة ضعيف، خصوصاً وهي تلمع وجهها بحركات وجهات لها قبولها في الوسط العربي والإسلامي، مثل منظمة حماس التي تتحمل مسؤولية كبيرة في هذا الشأن.
فأيهما أخطر؟ وبأي احتلال مصيبة العراق أعظم؟!
 
تشخيصنا قديم
لم يكن كلامي هذا وليد الأحداث. ولم تكن صحوتنا هذه من نوم استمر حتى قطعته طرقات البسطال الأمريكي، ونخسات الخنجر الفارسي الذي لم يصح البعض حتى وصل الخازوق إلى بلعومه! إنما كان هذا ولله الحمد من قبل 20 سنة. ثم جاءت الأحداث تصدق كل ما قلنا، ولكن – وا أسفاً - بعد وقوع الكارثة!
غير أنه - على أية حال - يؤيد صدق تشخيصنا ويعطيه قوة إلى قوته. ويضعف رأي المخالفين.
 
ما هو المطلوب ؟
هناك فرصة الآن لوقف الزحف الشعوبي الإيراني على يد أبناء الرافدين، لو توفر لهم الدعم المناسب. نعم لسنا بحاجة إلى رجال. الرجال عندنا كثير. ولكن كيف يمكن إسناد رجالنا، وتثبيتهم على خط المواجهة؟
إيران أرسلت حتى السلاح وعلنا.
آن الأوان أن نسأل، وأن تجيبوا على هذا السؤال: أين العرب منا؟ وأين المسلمون؟!
 
 

أزفَ السبق يا خيول السباقِ

 

من عليه الرهان بعد العراق

ودنت ساعة اللحاق ببغداد

 

فماذا يكون بعد اللحاق

أزف السبق والمنافذ سدت

 

واستعدت رقابنا للسياق

لو تهاوى العراق لم يبق دمع

 

أو دم في العروق غيرَ مراق

لو تهاوى العراق كم من عراق

 

سوف يهوي كذابل الأوراق
ج

 
والسلام عليكم.
 
 
أيها المشائخ !
إلى متى تجهلون أو تتجاهلون الحقيقة ؟ ([7])
(1)
15/2/2007
 
صحوة مفاجئة
قبل أقل من شهرين أصابت الأمة صحوة مفاجئة، واستيقظت ضد الخطر الداهم من الشرق. وذلك بعد عرض صور الإعدام المثيرة للرئيس صدام حسين.
لقد كانت صحوة عاطفية. والصحوة العاطفية – إن لم تستند على أساس - سرعان ما تنطفئ. بل قد تنقلب إلى الضد، إذا حرك العاطفة محرك مضاد. وأقرب مثال: العواطف التي تأججت في تموز الماضي نحو ما يسمى بـ "حزب الله" وصاحبه حسن. وانسحب الأمر – بطبيعة الحال – على إيران والشيعة عموماً. ثم لم يكد ينتهي العام حتى انقلبت تلك العواطف! وهي مرشحة لأن تنقلب مرة ومرة؛ فأخشى ما أخشاه أن تبرد عواطفنا قبل أن توجه التوجيه الصحيح، ثم تنقلب بمؤثرات مضادة. وأخطر هذه المؤثرات ما نصنعها نحن بأيدينا؛ فإن الجمهور يتقبلها – لثقته بنا - أسرع مما لو كانت آتية من الطرف الآخر.
 
خبر ساءني
وقبل حوالي شهر قرأت على صفحات شبكة المعلومات أن وفداً من "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" سيتوجه إلى إيران، للقاء المسؤولين، وتكليمهم بشأن ما يحدث في العراق من قتل لأهل السنة ترتكبه المليشيات الشيعية، المرتبطة بإيران. وبشأن حملة ما سمي بـ "التشييع المنظم" الذي تديره إيران في العالم الإسلامي (السني).
ساءني الخبر، ووضعت يدي على قلبي وقلت: استرنا يا رب!
لا أقول هذا تشكيكاً في النوايا. فلولا غيرة هؤلاء العلماء وحرصهم على مصلحة الأمة، وألمهم على ما يحدث من مصائب وكوارث لإخوانهم في الدين والدم والمصير لما تحركوا. هذا أمر محسوم بالنسبة لي، وأشكره لهم. ولكن من أراد الدخول في أمر عليه أن يحيط به من جميع أطرافه. وقد دلت الدلائل الكثيرة على أن هؤلاء الغيارى لا يعرفون إيران والشيعة حق المعرفة. وضعف هذه المعرفة لا يتعلق بعقائدهم ودينهم وحده، وإنما يتجاوزه إلى التركيبة النفسية، والأساليب الملتوية، التي يتعامل بها الشيعة مع الآخر. والنتيجة أن أهل السنة لن يربحوا شيئاً في هذه اللقاءات والحوارات سوى مزيد من التخدير للجمهور المسكين. الذي لم نصدق أنه بدأ يصحو، ويفتح عينيه على الواقع؛ لعله ينطلق في الاتجاه الصحيح، حتى يأتيه من يعيدوه إلى قمقمه وخدره مرة أخرى.. وأخرى!
وهنا أسجل بعض النقاط المهمة التي توضح أو تشرح ما قلت آنفا:
1.     على موقع فضيلة الشيخ القرضاوي حفظه الله جاء العنوان التالي: "القرضاوي ورافسنجاني يدعوان الأمة للوحدة ونبذ الاقتتال".
وأقول: من الظلم أن نجمع بين فضيلة الشيخ القرضاوي - بعلمه، وصدقه فيما يقول، وحرصه على وحدة الأمة، وسعيه في ذلك - وبين آخر دلت الدلائل القاطعة من التاريخ والعقيدة والواقع على العكس من ذلك تماماً. لكنني أرى أن مشكلة الشيخ القرضاوي تكمن في نقطتين. الأولى: أن العاطفة الصادقة تطفح لديه فتجعله يستعجل الوصول إلى ما ينبغي، وإن كان قفزاً على موانع لا يمكن الوصول دون التوقف عندها قبل تجاوزها. والثانية: تجاهله لأمور لا يصح تجاهلها. ولربما لا يكون عنده اطلاع عليها نتيجة بعده عن ساحة الحدث، نحن – لقربنا منها - أكثر اطلاعاً منه عليها. وهذه الأمور منها ما هو علمي يحتاج إلى مزيد بحث ودراسة، ومنها ما هو عملي واقعي يحتاج إلى معايشة.
 
2.     يرفض الشيخ القرضاوي "أن يتم تصنيف المسلمين على أساس عرقي أو مذهبي إلى "صفويين وعرب".
ونحن – من حيث الأصل - معه في ذلك. لكن النوايا الطيبة لا تكفي ما لم تكن متبادلة من الطرفين. هذا أولاً.. وثانياً: أن نجد لها مصداقاً من العمل. وإلا فإن الأمور لا تتم بالتمني ولا بالتحلي، ولكن بما وقر في القلب وصدقته الأعمال. وحين نغادر ميدان الأحلام والأماني نجد أن هذا التصنيف تعبير مخفف جداً، وقد بلغ من التخفيف والتجفيف حداً ما عاد يعبر معه تماماً عن الحقيقة! وهو أقل ما يمكن إطلاقه للتعبير عن الحالة. ومع ذلك فالشيخ يرفضه! ويريد حذفه وإزالته. إن رفض تسمية السرطان بالسرطان لا يغير من الحالة شيئاً، بل يزيدها سوءاً؛ لأن التشخيص نصف العلاج، وشرطه الأساسي. فمتى نشفى والحكيم لا يعترف بتشخيص الحالة؟
 إن الواقع يقول: إن إيران ومن شايعها من جمهور الشيعة كلهم صفويون وعنصريون لا يفكرون إلا في مصلحة وتاريخ وأهداف العرق الفارسي. ولا أريد من الشيخ حفظه الله تعالى إلا أن يطلب - امتحاناً لما أدعيه - من "رفسنجاني" وحكومته وعلماء حوزته أن يغيروا اسم الخليج العربي من "الخليج الفارسي" إلى "الخليج الإسلامي" فقط! وعندها سيكون أمام الحقيقة الآتية: إننا مجبرون على هذا التصنيف. وما لم يتحرك الفرس وأذنابهم عملياً لتغييره، فنحن لسنا أقل عزة، ولا أضعف قوة، ولسنا مغفلين إلى هذا الحد الذي يدفعنا لنبدأ التغيير من طرف واحد. بل إن هذا التعبير – كما أسلفت - هو تعبير مخفف ودبلوماسي، الأولى بأهل الدين والشريعة أن يبتعدوا عنه ويسموا الأشياء بمسمياتها. إن الصراع عرقي ديني طائفي. إنه صراع فارسي عربي، مجوسي إسلامي، شيعي سني. بل هو صراع شمولي حضاري. فخلافنا مع الشيعة أعظم من سياسي، وأكبر من طائفي، وأوسع من ديني. وأعمق من أن يكون خلافاً ! إنه صراع.. وصراع حضاري.
3. يقول الشيخ القرضاوي: " إذا كنا نرحب بالحوار الإسلامي المسيحي فكيف لا نرحب بالحوار الإسلامي الإسلامي؟"
هذا كلام عمومي يطفو على سطح الحقيقة؛ خشية الاختناق من الغوص فيها. وقياس غير موفق؛ لأن من شرط القياس أن لا يكون مع الفارق. إن المسيحي يؤمن بالتعايش والحوار. أما الشيعة فمتى ما آمنوا بذلك صح القياس. وهم لا يؤمنون. عقيدتهم ترفض هذه المعادلة الراقية في العلاقة مع الآخر. وعلى ذلك شاهدا عدل آخران: تاريخهم، وواقعهم. فلا أساس لهذا التنظير يمكن أن يقوم عليه.
قبل أكثر من عام كتبت في كتاب ألفته اسمه (التشيع عقيدة دينية أم عقدة نفسية؟) ما يلي: (ليس مقصودي الأول بعلاج التشيع هو تحويل الشيعة إلى دائرة أهل السنة والجماعة... إنما أقصد - أول ما أقصد – رسم الخطط، ووضع البرامج الكفيلة باتقاء خطرهم، وتخليص مجتمعنا من شرهم، بتحصين أهل السنة أولاً، ودفع الصائل الفكري والعسكري ثانياً. ثم – من بعد – يكون الاختراق ومحاولة رفع جمهور الشيعة إلى المستوى الحضاري في التعامل الإنساني، كأن يرتفعوا مثلاً إلى مستوى المسيحيين عندنا في العراق في تعايشهم السلمي معنا! ولو كان الشيعة كذلك لما أعطيناهم هذا الاهتمام من جهدنا ووقتنا).
 
4. أما "تحذير رفساًجاني الشيعة في العراق من أن يستغلوا الموقف وينزعوا إلى الانتقام بناء على أن السنة كانوا من قبل هم الحاكمين ثم صار الأمر لهم". وتأكيده على "أنه إذا توحدت الصفوف فلن يبقى للمحتل مكان".
فليس أكثر من تهديد مبطن لأهل السنة. أما الشيعة – وطبقاً للغتهم الخاصة المبنية على مبدأ "التقية" – فلا يفهمونه إلا على أنه دعوة إلى العكس وهو الانتقام. كما فهموا من دعوة السيستاني بعد تفجير قبة سامراء إلى التظاهر السلمي ما فهموه منها! ولو حملنا دعوته إلى توحيد الصف على ظاهرها، فهذا - وما هو أفضل منه - يقوله المحتل الآخر جورج بوش، ويسبح به صباح مساء. لقد شبعنا إلى حد التخمة والغثيان من الادعاءات والأقوال الفارغة البالية. ولم يعد لدينا مزاج ولا قابلية على الاستماع. نحن نريد أفعالاً. لقد فات الأوان.
 
5. التركيز على موضوع "إشكالية التبشير بأحد المذهبين في موطن الغالبية للمذهب الآخر"
يدفعني إلى الظن بأن الموضوع لم يحركه في الأساس محنة أهل السنة في العراق، والمآسي التي يقاسونها. وإنما استشعار الخطر القادم إلى ما وراءه من إقليم ودول. لا سيما وأن الإشكال قيد بـ"موطن الغالبية للمذهب الآخر". والشيعة يدّعون أنهم غالبية في العراق؛ فلا إشكال إذن – على هذا الأساس - في بلد كالعراق في السعي الحثيث إلى تشييع أهل السنة. بل الإشكال سيكون في دعوة أهل السنة الشيعة إلى التسنن؟ والأمر نفسه ينسحب على إيران استناداً إلى القاعدة نفسها! وإذا كان أهل السنة في العراق يدّعون أنهم هم الأغلبية فهل ينعكس الأمر؟ ثم من يفصل في هذه القضية المختلف فيها؟ ومن يضمن تسليم الآخر بحكم الفاصل؟ وهل ترضى
أقلية - مهما كان حجمها - بالسماح للأكثرية بالدعوة إلى مذهبها في صفوف أبنائها؟
أليس هذا كلاماً تنظيرياً في منتهى التنظيرية؟ ولا أثر له على الواقع؟ بل إنه ليس أكثر من مشكلة أريد لها أن تكون حلاً!!! نعم قد تكون فكرة صالحة لحل سياسي في بلد كمصر مثلاً. فليفصحوا عن ذلك إن كان هذا هو مقصودهم.
ثم على أي أساس شرعي تستند هذه القاعدة؟ والله تعالى يأمر عباده بدعوة الآخر إلى الدين. سواء كان الآخر كافراً خارج الملة، أم مبتدعاً داخلها. هل هي قاعدة سياسية؟ فقد أظهرنا عدم واقعيتها، بل إشكاليتها التي لا تزيد الإشكال إلا إشكالاً! أم شرعية فعلى أي أساس شرعي؟
 
6. أما وصف الاقتتال في العراق بأنه "ذو نفس طائفي".
فهو كلمة سياسية مخففة أيضاً. تدور حول الحمى ولا تسمي الأشياء بمسمياتها. ندعو علماء الدين أن يبتعدوا عنها، ويتركوها للسياسيين. أو يبينوا أنهم بصدد علاج الموضوع سياسياً لا شرعياً، حتى لا يحصل لبس أو خلط  للأمور. وهو ما يريده الآخر، ويعتاش عليه. كما أنه لا يزيد الجمهور السني إلا غفلة وخدراً.
 
 
 
أيها المشائخ !
إلى متى تجهلون أو تتجاهلون الحقيقة ؟
 (2)
 
7. قال مدير الحوار السيد أحمد الشيخ: "إن الحلقة ليست مناظرة وإنما هي لقاء ليقول المرجعان كلمتهما للأمة بعد اتفاق أبرمه وفد من " اتحاد العلماء " مع علماء الشيعة أثناء زيارة قام بها قبل نحو أسبوعين إلى طهران".
وأنا لا ندري على م اتفق الطرفان؟ وهل هو اتفاق سياسي أم ديني؟ أم هو على شاكلة جمعية التقريب في مصر؟ فماذا جنينا من هذه "الاتفاقات"؟ وعلى مدار ستين عاماً؟!!!
 
8. لماذا هذا التوقيت المتأخر جداً للتحرك؟!
فالقتل والتهجير والتهميش حاصل لأهل السنة - ومستمر وبلا انقطاع - منذ اليوم الأول للغزو الأجنبي للعراق. وعلاقة إيران بذلك كله معروفة. وكل متابع للشأن العراقي يعرف أن الاحتلال هو احتلال إيراني قبل أن يكون احتلالاً أمريكياً. وقد قتل على مدار السنين الأربع الماضية من أهل السنة بأيدي المليشيات والمنظمات الشيعية، وهجر مئات الآلاف. أكرر: قتل مئاآآآت الآلاف! فأين كان هؤلاء العلماء؟!!! ولا زلت أذكر في العام المنصرم، أنه في الوقت الذي كانت مساجد أهل السنة تحرق وتهدم على رؤوس المصلين، ومشائخهم يقتلون، ويعذبون أشد العذاب، وتقطع أعضاؤهم ويسحلون في الطرقات، ويرمون على المزابل كالكلاب، في هذا الوقت والظرف المؤلم ينشر موقع الشيخ يوسف القرضاوي خبراً عن لقائه بالرئيس الإيراني السابق "محمد خاتمي"، وترحيبه به، وتبادله معه الأحاديث الودية، والتباحث بشأن المسلمين. هذا ما جاء في الخبر. ولم يتطرق الخبر إلى ذكر مآسي أهل السنة في العراق على أيدي إيران والمرتبطين بها!
كان هذا قبل أقل من عام! في حومة المأساة العراقية!
ثم بعد قليل بدأت أمريكا حملتها الإعلامية ضد إيران. وتكلم الرئيس المصري عن ولاء الشيعة. وبدأنا نسمع من علماء أهل السنة – ولأول مرة بهذا التركيز – انتقاداً لإيران، مصرحين باسمها، بعد أن كان الجريء الجريء منهم يشير إليها بعبارة "دول الجوار". ولاحظت خفوت هذا الصوت بعد خفوت الصوت الأمريكي.
هذه ملاحظة استرعت انتباهي، أقيدها، وليس من قصدي الإساءة أو التشكيك المقصود، بقدر كونها محاولة لقراءة الواقع قراءة أكثر موضوعية باستحضار الظروف والملابسات المحيطة بالحدث. على أنني أكتب ويدي في النار. وليس من يده في النار كمن يده في الماء؛ فإذا صرخت، أو طشت فليس من عيب، ولا إنكار. فأنا عراقي نحر وطني وذبح من الوريد إلى الوريد. لكنني أحاول جهدي أن أكتم صرختي وعاطفتي، وأكون موضوعياً قدر الإمكان. فإذا تجاوزت فإني لا أطلب من أحد العتبى، ولست في حاجة إليها، ولا بمعتذر من أحد. بعد أربع سنين من الذبح والتهجير والرعب والتهميش، يزيح مشائخنا حجاب النوم عن عيونهم، ليتكلموا عن مأساة أهل السنة، وعلاقة إيران بها!
ينبغي لمن يقود أن يسبق وعيه الحدث، ولا يكون حاله كحال الجمهور، الذي لا يعي إلا بعد وقوع الكارثة. فكيف إذا كان الوعي يتخلف عن الجمهور بساعة ! فلا وعي يسبق الحدث، ولا حدث يصنع الوعي. ما معنى القيادة ، إن لم تكن متقدماً على أصحابك برتوة ؟! الوعي أيها (القادة) ! بـ(قرار رجعي) غير معتبر في قانون القيادة. وهو سبب من الأسباب الكبرى في فقدان الثقة، وانفصال عربة الجمهور عن قمرة القيادة.
 
9. لاحظت في بلدي منذ زمن ليس بالقريب أن العلمانيين – لاسيما المسؤولين منهم – أكثر معرفة والتصاقاً بالواقع من الإسلاميين. وكلامي يتعلق بالعموم، دون إلغاء لبعض الاستثناءات.
ومن هنا بدأت أشعر بأنهم أقرب إلى قضايانا. وأرى أن لذلك أكثر من سبب. فالمسؤولية تفرض على المسؤول الوعي بالواقع، وتصنعه لديه. فهل أصحابنا أقل شعوراً بالمسؤولية؟ والسبب الآخر هو العاطفة الدينية حين تنحى منحى العموم دون الدخول بالخصوصيات. فعندما لا يكون المعني عارفاً بحقيقة الأمور، تختلط عليه. فإيران لدى من لم يحتك بها، أو يعرف حقيقة عقيدة شعبها، ونفسيته وطموحاته، تعتبر بلداً إسلامياً. والمسلمون إخوة. والطائفية مذمومة... و.. وإلخ من هذه المقدمات الساذجة البعيدة عن الواقع والحقيقة. وهكذا – وتحت هذه القواعد النظرية– تمر المؤامرة على ظهورنا، وتعبر على قناطرنا. بينما يكون العلماني أقل تأثراً بهذه المقدمات، وأضعف تقيداً بهذه القواعد؛ فيكون نظره مرشحاً لأن يكون أكثر بعداً عن هذه الحجب؛ ووعيه أكثر عمقاً وواقعية. ولهذا أطلق الرئيس المصري صيحته، وبدأ المسؤولون في مصر يستشعرون الخطر الإيراني، وينظرون إلى الدعوة الشيعية في مصر على أنها أول النذر. ويتدارسون كيفية المواجهة، وتحصين المجتمع. في الوقت الذي تجد فيه الإسلاميين غارقين في تهويماتهم، وأحلامهم البعيدة عن الواقع! بل يرفعون أصواتهم عالياً تمجيداً لرموز الفتنة الطائفية مثل حسن لبنان. حتى إذا تكلم المسؤول الحكومي، إذا بالشيخ الإسلامي يتكلم، وعلى استحياء! ويتحول حسن نصر الله – وبسرعة – من "شيخ المجاهدين" إلى "متعصب يدعو إلى الفتنة"! ما الذي تغير في هذه الفترة القصيرة؟! هل من عمل جديد؟ أم عقيدة جديدة؟ أم كان الرجل مجاهداً حقاً، ثم انقلب المجاهد – وبهذه السرعة – إلى طائفي داع إلى الفتنة؟ أم كان كذلك من قبل، لكن أصحابنا لم يكونوا يعلمون، وصحوا فجأة؛ فإذا بهم يعلمون؟! أم ثمة شيء آخر؟
 أيها المشائخ ! اتقوا الله في الجمهور! وأعلنوها صراحة.
10. وذهب الوفد إلى إيران، وخرج الأستاذ سليم العوا - في (10/2/3007) - على قناة دبي يتحدث عن زيارتهم لإيران، فبماذا جاءنا؟ لم يخرج عما توقعت من كونهم سيخدعون بأساليب الإيرانيين وحيلهم، ووقوعهم فريسة لمكرهم وخداعهم، وسينقلبون دعاة لإيران ومشروعها، وتلميع قفاها، من حيث لا يشعرون. خرج الرجل فإذا به يقول: "إخواننا في إيران وكل المراجع أدانوا التشيع المنظم، وكل العلماء الشيعة مثل حسن نصر الله وغيره أدانوه. وقالوا: التشيع المنظم هذا من عمل جماعة صغيرة، لكنها غنية تعمل في الخليج وغيره، ونحن ضدها".
من يصدق مثل هذا الكلام؟
لربما يقال: هذه سياسة ومجاملات تقتضيها الحال. فنقول: الكذب إنما يستساغ في شرع السياسة، وليس في سياسة الشرع.
ثم هل نحن في وضع يحتمل هذه المجاملات؟! العراق يكاد يمسح من الخريطة، وأهل السنة يتعرضون للاجتثاث على أيدي إيران وشيعتها. وبغداد على شفا السقوط بأيديهم! فإذا لم يكن الكلام مباشراً ومكشوفاً وصريحاً، يشخص فيه الجاني بلا لف أو دوران، أو إشارة وإيماء، فمتى يكون ذلك؟! أم إن القوم لا تشكل القضية العراقية لديهم هاجساً أولوياً؟ فعلام أدخلوا أنفسهم فيما لا يعنيهم؟ وكان مما قاله الأستاذ العوا: "نعول كثيراً على وثيقة مكة لوأد الفتنة بين السنة والشيعة لا في العراق ولكن في العالم كله".
فوا عجبي!!! والحديث عن "وثيقة مكة" له مجلس عزاء آخر.
 
11. الأمر نفسه قاله الشيخ القرضاوي، في حديثه يوم (14/2) في لقائه التلفزيوني مع رفسنجاني على قناة الجزيرة. قال: "وثيقة مكة ينبغي أن تكون أساساً للعلاقة بين سنة وشيعة العراق"!
عن أي وثيقة تتحدث يا شيخ؟! لقد وقعت الوثيقة منذ أكثر من أربعة أشهر. وأربعة أشهر في حساب الحروب العادية تعني أربع سنين، فكم تراها تساوي في حساب الحروب الأهلية؟ هل خففت الوثيقة شيئاً من الكارثة؟ ألا ترى أن عمليات القتل ازدادت بعدها ضراوة؟ وكنا قبل شهر فقط على أبواب معركة كارثية فاصلة صار الجميع يتحدثون عنها، ويسمونها باسمها قبل أن تولد: (معركة بغداد)، التي أراد الشيعة لها أن تكون القاضية لأهل السنة. وكل الحسابات المادية في صالحهم: العدة والعدد. إيران والحكومة والمليشيات وأمريكا. ونحن ليس معنا من ذلك ما يمكن أن يغير المعادلة، سوى ثقتنا بالله ونعم الوكيل. ولولا اختلاف اللصوص الكبار، وتضارب مصالحهم، وشعور أمريكا من بينهم بحجم الورطة التي وقعت فيها، وتحسبها من تضخم المليشيات على حسابها، واستغلال إيران لها، وقد ظهرت بوادرها – لكان ما كان مما لا يعلمه إلا الله! وصدق الله تعالى إذ يقول: (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) (البقرة:251). هل يعلم مشائخنا أن أمريكا – واسألوا العراقيين جميعاً – قد صارت عندنا – وبفضل إيران والشيعة – المنقذ والأمل والمخلص! لقد صار حالنا – بفضلهم- كحال "من أحس بالموت فرضي بالسخونة".
 أيها القوم! إن مشروع إيران ديني معبأ بكل أحقاد وعقد التأريخ. بينما مشروع أمريكا في عمومه مادي، وجانبه الديني لا يمكن أن يغير من دين المسلمين، فأيهما أخطر ؟ أم ما نتعلمه على منبر المسجد، ننساه على طاولة السياسة؟
 ثم هل تعلمون من الموقعون على "وثيقة مكة" ؟! واحد منهم هو المدعو جلال الدين الصغير! الملقب بـ"جلاد مسلخ براثا"! والبقية على شاكلته، بلا فرق. أفمن هؤلاء يرتجى خير؟ لقد صرنا أضحوكة، وانطبق علينا المثل القائل: "استودعَ البزون (القط) شحمة"!!!
 
12. عند النظر إلى توقيت اللقاء، نجد أن المصلحة في جانب إيران وزمرها التخريبية، لا جانبنا.
الحملة الأمريكية الإعلامية، تشتد على إيران، والتحضيرات العسكرية في الخليج العربي وغيره في اضطراد، والاتحاد الأوربي بدأ يميل إلى جانب أمريكا، ويوافق على فرض عقوبات على إيران. وفضائحها في العراق فاحت روائحها، وصارت حديث الركبان. فإيران اليوم أحوج ما تكون إلى التهدئة والمصالحة، وإلى قناع تخرج به إلى العالم، خصوصاً العربي. لا سيما إذا كان ذلك لا يكلفها شيئاً، سوى الكلام والترضية الفارغة، كأننا في مجلس عشائري، تحل فيه المشاكل بالتسامح وتقبيل الرؤوس. ومن هذا الباب صرنا هذه الأيام نرى عصابات المهدي قد بدأت تطلق نداءات التقريب، وعروض المصالحة، وأرجعت أحد المساجد – كما قيل – وأعلنت استعدادها لإرجاع بقية المساجد. لماذا؟ لأنهم صاروا في حاجة ماسة إلى التهدئة. ومما يدل على هذه الحاجة أداء رافسنجاني وتعبيراته "فقد بدا طوال مفاصل اللقاء متحفظاً حريصاً على ما سماه هدف اللقاء وهو التقريب وجمع الكلمة، بينما دعا القرضاوي إلى المصارحة ومواجهة المشكلات الحقيقية بوضوح" هذا ما جاء في المقال على موقع الشيخ القرضاوي.
نعم إنهم يريدون في هذا الظرف التهدئة. فلا ينبغي أن نمنحها لهم هكذا بلا مقابل يجرح خياشيم المتجبرين المجرمين. نحن لا نريد ترضية فارغة، ولسنا في حاجة إليها، ولم نكلف أحداً بذلك. ومن نصب نفسه وكيلاً عنا، فيستأذننا أولاً، ثم يأتينا بحقنا إلى أبوابنا، وإلا فليعتزلنا، ويكرمنا بسكوته. ولا يعمل معاهدات ومواثيق يحمي بها – كما يتوهم – بلاده، على حساب دمائنا وحرماتنا وبلادنا. لماذا نحن ندفع الثمن مرتين: مرة عن أنفسنا، ومرة عن غيرنا؟ وغيرنا لا يملك لنا إلا الكلام، ولم يتحرك إلا في وقت بدأ يشعر فيه أن النار بدأت تنوش أطراف ثيابه! ثم يكون الاتفاق على حسابنا. هذا ما لا نرضاه. وكفانا غفلة، والخب يخدعنا، وقد لدغنا من الجحر نفسه مائة مرة ومرة!
 
 
أيها المشائخ !
إلى متى تجهلون أو تتجاهلون الحقيقة ؟
                                            (3)
 
13. نحن مع القرضاوي في موضوع المصارحة. لكنه هو ليس مع نفسه فيها. وكان أصرح ما قال - وهو ما نشكره ونحرضه عليه، ونشد بأيدينا به على يديه - قوله: "لا أستطيع أن أضع يدي في يدك إذا كنت أقول عن الصحابة وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم وأنت تقول لعنهم الله". كما أشار إلى بعض المصنفات لمراجع شيعية تسب الصحابة".
أما مطالبة فضيلة الشيخ القرضاوي رافسنجاني "بفتوى صريحة من المراجع الشيعية تحرم سب الصحابة وتدينه".
فنقول عنها : هذا لا يحل المشكلة . فإن تكفير الصحابة – وهو أعظم من السب واللعن - أصل لا يمكن لهم التخلي عنه، وهو من لوازم القول بالإمامة. وقد بني دينهم عليها وعليه. وهو شائع في آلاف الكتب المصدرية والفرعية والدعائية عندهم؛ فليس من المعقول أن يمسح هذا التراث المتراكم بفتوى، سيحملها الجمهور على مبدأ التقية. هذا لو حصلت. فكيف وأنفسهم لم تسمح لهم – ولو من باب المجاملة لكم – بإصدارها! إذن أنت لا تستطيع – ولا هو يستطيع – أن تضع يدك في يده. وهذا ما نقوله. ولذا علينا أن نخرج موضوع الدين الواحد من المعادلة. ونتحدث في دائرة السياسة والمصلحة.
والشيء نفسه نقوله عن قوله: "لو صدرت فتوى واضحة بتحريم فرق الموت من مرجعيات إيران لانتهت (المشكلة).. ولماذا لا تصدر فتوى توجب المقاومة بوضوح؟". لكن أضيف: نريد من علمائنا أن يكونوا أكثر معرفة وتشخيصاً لحقيقة المشكلة، ونفسية الآخر، وكيف يفكر. وأكثر شجاعة وصراحة في الإعراب عن العلاج الصحيح لما هو بصدده من مشكلة، بل كارثة، والتصدي لدفعها. فإن كان غير قادر؛ فليقل حتى يبرئ ذمته، ويترك الأمر لأهله.
ما الذي نفعل بالفتاوى؟ وماذا نفعتنا؟ وعندكم ما سمي بـ"وثيقة مكة"! ألا تكفي؟ أم إن جلودنا تعودت اللدغ من الجحر نفسه، واستمرأته، ودمنا تشبع بسمه؛ فلا نحس بالمزيد، بل نطلبه ونستحثه كالمدمن على المخدرات؟!!! وها هو رفسنجاني يرد عليه صادقاً فيما يقول: "يبدو أنه يجب أن أكرر أننا حرمنا ذلك، جميع العلماء والنظام في إيران يعتبر هذه الجرائم حراما وهي من المعاصي. إننا أيدنا المقاومة ضد المحتل وكررنا هذا عدة مرات". نعم لقد قالوا - أكرر: "قالوا" - ذلك. إنها مجرد أقوال لا تكلفه شيئاً. فهو لا يتردد من تكرارها. إنها مجرد أقوال؛ فماذا تفعل بالمزيد منها؟ يخيل إلي أنكم لستم واقعيين؛ فتتصورون أن الحال تنصلح بمجرد الأقوال. وحين لا يحصل شيء، تتصورون أن العلة في عدمها، فترجعون إلى النقطة نفسها. وهكذا إلى ما لا نهاية! الرجل يقول لك: لقد أفتينا وحرمنا وقلنا. فجوابه إما بالمطالبة بما يدل على أنه قد فعل ذلك. وإما بالمطالبة بالعمل طبقاً للقول. وعندها سترى أن مطالبتك المراجع الشيعية بالإفتاء لا محل له من الأساس.
 
14. قال الشيخ القرضاوي "إذا اعتدي على إيران سنقف ضد المعتدي، ولا نسمح له بالعدوان" .
 وأنا أسأل الشيخ القرضاوي: ما هو تصنيفه لإيران بالنسبة للعراق؟ هل هي من صنف المعتدين؟ أم صنف المعتدى عليهم؟ ولا أظن أحداً في حاجة إلى الجواب. إذن ليطبق الشيخ الفاضل قانونه هذا على الحالة. فيقف مع العراق ضد إيران، ولا يسمح لها بالعدوان عليه. أم لا زال الأمر ملتبساً بحيث لا نعرف من الجلاد؟ ومن الضحية؟
إيران - أيها السادة – ليست معتدية فقط، بل هي عدو لا يقل خطراً عن عداوة يهود للأمة العربية والإسلامية. تاريخها – البعيد والقريب - يشهد على ذلك، وعقيدتها كذلك. وواقعها الحي - قولاً وعملاً - شاهد ثالث.
لقد أسهم الفرس في جميع الفتن والحروب التي شنت على الأمة، منذ مقتل عمر بن الخطاب على يد أبي لؤلؤة فيروز النهاوندي، وإلى يوم احتلال بغداد في 9/4/2003 الذي قال فيه محمد أبطحي نائب الرئيس الإيراني السابق – ومن أرض الإمارات العربية في ختام أعمال مؤتمر «الخليج وتحديات المستقبل» الذي نظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية في 15/1/2004 - : "لولا إيران لما دخلت أمريكا العراق وأفغانستان"! مروراً بالانقلاب العسكري على عثمان بن عفان، ومقتل علي بن أبي طالب، ومن قبله الخروج المتكرر عليه، حتى استغاث بزياد بن أبي سفيان، ومحاولة اغتيال الحسن، ومقتل الحسين، وإزالة سلطان دولة الإسلام على عهد الأمويين، ثم على عهد العباسيين حين غزا المغول بغداد وأسقطوا الخلافة الإسلامية، وما تخلل ذلك من مؤامرات على جميع الصعد الفكرية والسياسية والعسكرية. مثالاً على ذلك البويهيين، وما فعلوه من خراب وتشجيع للحركات الباطنية الهدامة، والأفكار والطقوس الطائفية، مثل الإعلان بسب الخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين، واستحداث اللطم والعزاء في عاشوراء، وإشاعة الفاحشة والشذوذ الجنسي. وما الحركة الشعوبية إلا إفراز للعقلية الفارسية، ونفسيتها المعقدة الحاقدة على العرب.
هذه نقطة من مستنقع الفتن والتآمر والعداوة الفارسية للأمة. وأبسط وأوضح شاهد مقام فيروز قاتل عمر بن الخطاب، الذي ينتصب شاخصاً اليوم في جمهورية إيران (الإسلامية) على مرأى ومسمع العالم، يحج إليه الإيرانيون، مقدسين المجرم المجوسي - تصور المجوسي!!! – مترحمين عليه، ويلعنون الرجل الثاني في أمة الإسلام. وشعارات الترضي والتقديس للكافر المجوسي، واللعن لخيرة الأمة مكتوبة على الجدران! فكيف يمكن التصديق بأن حكومة وأمة تكره عمر - بل تكره دين عمر - إلى هذه الدرجة يمكن أن يكونوا
في يوم أصدقاء وحلفاء لنا؟!
ما الفرق بين كيان إسرائيل وإيران؟ هل عداوتنا لإسرائيل إلا لأنهم احتلوا فلسطين؟ فإيران تحتل العراق، وارتكبت فيه من المجازر ما لم يرتكبه اليهود في فلسطين. فلماذا لا تكون عدواً لنا حتى ترفع يدها عنه؟! وكما أن الشيخ الجليل لا يرضى – ولا نرضى نحن - أن يزور أحد منا (إسرائيل) ، ليصرح منها أن من اعتدى عليها فنحن له بالمرصاد، كذلك لا نرضى أن يزور هو إيران عدونا الأول – نحن العراقيين - ليصرح منها بتصريح مشابه. وإلا فنحن نعيذه ونربأ به أن يكون من الذين يكيلون بمكيالين.
ألا إن إيران أخطر من (إسرائيل)؛ فـ(إسرائيل) عدو ظاهر معلومة حاله للأمة جميعاً، لكن إيران تلبس للأمة لبوس الإسلام، وتتباكى بدموع التماسيح على قضاياها خصوصاً فلسطين، وأغلب العرب فضلاً عن المسلمين عاجزون عن معرفة حقيقة إيران وعداوتها للأمة. لقد بلغ من حقدها على أمتنا أنها تتعمد مخالفتها في كل شيء، حتى في صومها وفطرها وحجها وأعيادها. أثبتوا لنا حسن نواياها تجاه الأمة ولو بأن تقنعوها أن تلتقي معنا في صيامنا وحجنا وعيدنا فقط ، ونحن نتبرع لها بباقي مخالفاتها لنا في بقية أيام السنة! ونتسامح معها في كل ما تخالف به أمة الإسلام من عقيدة وشريعة وتاريخ. فإن عجزتم عن هذا فأنتم عن غيره أعجز؛ فدعونا من الأحلام والأوهام. كيف تريد مني أن أصدق أن من مشاعره متأزمة تجاهي إلى حد أنه يتأذى أشد الأذى من موافقتي في فرحي وعيدي يريد لي خيراً، وأعول على كلامه وأحسب لوعوده وشعاراته حساباً؟!!!
العدو الخفي أخطر من العدو الواضح. والمنافقون في الدرك الأسفل من النار.
 
15. يقول الشيخ القرضاوي: "نرفض التكفيريين من الطرفين".
هذا إما كلام سياسي، أو كلام من لا يعرف حقيقة من يتحدث عنه. ولنا معه على المستويين وقفات:
الأولى: تكفير من يستحق التكفير أصل شرعي. فليس التكفير منكراً بإطلاق.
الثانية: العقيدة الشيعية التي تتبناها إيران مبنية أساساً على تكفير أهل السنة، وكل من لا يقر بمبدأ (الإمامة). وهذا أمر مجمع عليه بين علماء الشيعة. وهم يفرقون بين المسلم والمؤمن. فيجيزون – قياساً على المنافقين - إطلاق اسم الإسلام على من يعتقدون كفره وتخليده في النار. لكنهم لا يطلقون عليه اسم الإيمان، الذي يخصونه بالشيعة الاثني عشرية فقط. فأي تكفيرية أكبر من هذه؟ فالقول بـ "رفض التكفيريين من الطرفين" تسطيح للمشكلة، وجعلها تبدو محصورة في أفراد وجيوب قليلة لا تمثل المجموع. بينما التكفير دين تتعبد به حكومة إيران، وشعبها، والشيعة أجمعون. علم من علم وتجاهل أو جهل من جهل. والأولى – بل الواجب شرعاً، والأصلح سياسة – أن نكون صرحاء واضحين. نخرج موضوع الدين الواحد من المعادلة؛ لأن كل عارف بحقيقة الأمور يعلم أن الدين ليس واحداً، ونلتقي على المصالح والمبادئ العامة. كمبدأ حسن الجوار، وعدم جواز التدخل في شؤون الآخر. وليس من شرط التعايش وحدة الدين. ومن هنا تجد المجتمع الإسلامي فيه المسيحي واليهودي والمجوسي مع المسلم. أما أن نحاول خلط الجميع في بوتقة واحدة لنخرج بنتيجة متناقضة، فغير ممكن، ولا صحيح، وليس بشرط.
الوقفة الثالثة: هذا كله تريده إيران لتجميل وجهها، وهي مستمرة في طريقها ومشروعها، لا تمنحنا إلا الكلام، وشعبها وجمهورها في إيران والعراق محصن، ويستسيغ مراوغة قادته طبقاً لمبدأ "التقية". بينما نحن أهل كلمة والتزام. فمن الرابح سياسياً؟ إن جمهورنا يحمل كلامكم محمل الجد، وتحصينه ضعيف. وهنا مكمن الخطر!!! إن الجمهور الذي استيقظ على صرخات الثكالى، وتثقيب الرؤوس بـ(الدريل)، ورؤية حبال المشانق، سوف يخدره مثل هذا الكلام من مثلكم، وبدلاً من أن نستثمر الحدث لزيادة الوعي، وأخذ الحيطة والحذر والعمل المناسب، سيرجع الجمهور إلى خدره ويأوي مرة أخرى إلى قمقمه، ليصحو بعد خمسين عاماً على كارثة أخرى ربما أشد وأنكى. فاتقوا الله أيها المشائخ والدعاة. أحيطوا بالقضية من أطرافها. أو اتركوا الجمهور على حاله، ودعوه يكتشف الحقيقة وحده. فهذا أنفع له، وأعذر لكم عند الله، ثم عند الناس. 
أما أمل الأستاذ محمد سليم العوا في أن يشكل "هذا اللقاء بداية لإنهاء الأزمة القائمة بين السنة والشيعة والمحنة الدائرة رحاها في العراق". فأماني لا أظنها إلا واقعة تحت طائلة قوله تعالى: (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً) (النساء:123). وإذا كان يعد هذا اللقاء باكورة "الخطوات البناءة" التي توصل إليها وفد "اتحاد العلماء" خلال مباحثاته مع المسؤولين الإيرانيين في أثناء زيارته لطهران قبل نحو أسبوعين من أجل "إطفاء نار الفتنة"، و"رد الجمهور السني والشيعي إلى أصل الأخوة الإسلامية". فنقول له: إذا كان هذا هو باكورة "الخطوات البناءة"... فأبشروا إذن....!!!!!!
 والزمان بيننا وبينكم، وأمامنا جميعاً.. وإلى... ألف عام.
 
 
 
الأحواز
المأساة المنسية
(1)
برقية عـزاء
ثقيل على النفس أن لا  يجد المرء أحداً يشاركه مشاعر فرحه. فكيف به حين يجد نفسه وحيداً يجتر آلام حزنه بلا شريك؟!
الحزن - يا سادتي! - مع الوحدة مصيبة مضاعفة!
ومن هنا كانت التعزية في شريعة ديننا، وتقاليد عروبتنا.
فحين يصاب أحدنا بمصيبة نذهب اليه معزين. نصبره، وندعو له، ونذكره بالحقيقة التي لا بد من مواجهتها. ولربما أعناه على بلواه - إن كان محتاجاً - بما تجود به القلوب قبل الجيوب؛ فتخف مصيبته، ويتضاءل حزنه. ويشعر أنه ليس وحده في هذه الحياة. بل إن له إخواناً و.. أعوانا.
هذا إذا كان المصاب فرداً، أو عائلة. فكيف إذا كان المصاب أمة أو شعباً بحاله؟!
بهذا الشعور ،، وهذا التصور ،، وهذا السياق المؤلم يأتي حديثي عن الأحواز.. أو قل: عن مأساة الأحواز.
ألا إن الأحواز كلها مصيبة!
أليس إذن من الواجب علينا أن نرسل إليها - ولو - برقية تعزية؟ نشارك بها إخواننا مشاعرهم، ونواسيهم في مصابهم، ونتبادل العواطف، ونمزج القلوب بالقلوب. ونقول لهم: لستم وحدكم؛ فصبراً بني عمنا! إن موعدهم الصبح.. أليس الصبح بقريب؟
أم نسينا الأصول؟ وتخلينا عن الواجب؟ وفقدنا المشاعر؟ وتبلدت عندنا الأحاسيس؟
أما أنا..؟ فأرى في الأحواز عراقاً آخر يذبح.. ما رأيت صورة الكارون إلا وتذكرت شواطئ دجلة، وبساتين الفرات. وما رأيت أحداً من أهلها، بسحنته العربية، ولهجته العراقية إلا وتذكرت أهلي، وأخذني الحنين إلى.. إلى هناك. وما رأيت صور حياتهم وأنا أتابعها على مواقع الشبكة إلا وكأني أرى صور بلادي وأحبابي.. هذه أمي بعصبتها وفوطتها وعباءتها، وتلك خالتي، وهؤلاء أبناء وبنات حارتي، وذلك خالي (يذري) بـ(مرواحه) دريس البيدر. وهذه النخلات نخلات قريتي، وهذه الساقية ساقيتنا التي كانت تمر من أمام دارنا.. وذاك.. ذاك..؟ أنا، نعم! أنا.
ويستبد بي الحزن.. وتنسج المأساة في خاطري خيوطها، وأنا أستعرض صور الأسرى، ورسوم الشهداء.. وفي أذني نشيد أحوازي.. هوسات يعربية، ونبرات حماسية، تلتهب مشاعري بلحنها، وتثور لوقعها. يا إلهي!.. وأغلق الصفحة؛.. كفى! لا أستطيع الاستمرار. وأتلفت حولي.. هل يراني من أحد، ثم أخرج المنديل...
و أتذكر - وعلى الدوام - قول شوقي منفياً في بلاد القوط:
 

يا نائحَ الطلحِ أشباهٌ عوادينا

 

نأسى لواديكَ أمْ تشجى لوادينا

ماذا أقُصُّ عليكَ غيرَ أنّ يداً

 

قصّتْ جناحَكَ جالتْ في حواشينا

 
 
لقطة من صور المأساة الصامتة
افتحوا شبكة الإنترنيت، وقلبوا صفحاتها،، وانظروا إلى بعض صور تلك المأساة الصامتة المنسية! انظروا الى المشانق كيف تعلق عليها تلك الأجساد البريئة؟ وتأملوا طريقة الشنق الوحشية!
 
بعضهم لا يشنق بالطريقة الاعتيادية، كما يعدم باقي البشر إنما يشنق بالطريقة الآتية: عارضة حديدية.. في أعلاها بكرة، يتدلى منها حبل.. في أحد طرفيه تعلق الضحية!.
والضحية.......؟
هو رجل أو شاب أحوازي شريف. وقد تكون امرأة أغاظت في يوم ما علجاً فارسياً بمنظر (شيلتها) العربية!
والطرف الآخر يمسك به وحش في صورة آدمي.. وحش يسمى إنساناً ! يسحب ضحيته المدلاة من الطرف الآخر سحباً ! ولكم أن تتصوروا حجم العذاب الذي يصب على الضحية صباً، وهي تعلو وتهبط بيد من يسحبها ! ولعل ذلك الوحش يتعمد أن يشد الحبل وأن يرخيه؛ ليزيد العذاب عذابا.
رسول الله صلى الله عليه وسلم.. نبينا العربي، نبي الرحمة يقول: (( إنَّ اللهَ كتبَ الإحسانَ على كلِّ شئٍ.. فإذا قتلتم فأحسِنوا القِتلةَ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحةَ. ولْيَحِدَّ أحدُكم شفرتَهُ، ولْيُرِحْ ذبيحتَه )).
يا أتباع زرادشت!
لو كنتم من خدم خدم أتباع محمد لعاملتم ضحاياكم – على الأقل – معاملة الذبيحة! أو معاملة الحيوان.
يا عالم!
يا منظمات حقوق الإنسان!
لا نطالبكم بغير حقوق الحيوان للإنسان العربي الذي يذبح في مسلخ إيران!
 
السادية والشذوذ النفسي
 هذا العنف السادي - وأسميه " سادياً " لأن القاتل لا يكتفي بقتل الضحية، وإنما يريد أن يتلذذ بتعذيبها قبل أن يقتلها - خلق فارسي. العنف السادي من أخلاق الفرس إلا من رحم الله. لماذا؟ وشواهد ذلك الآن في العراق أكثر من أن تحصى.
الفرس - ومن تأثر بهم ممن تشيع بدينهم - لا يقتلون ضحاياهم إلا بعد تعذيبها! لماذا؟ لأنهم مصابون بـ(عقدة النقص)، ويعانون أعمق العناء من (عقدة الاضطهاد). وليس من شرط المريض بـ(عقدةالاضطهاد) أن يكون مضطَهداً في الواقع. هي عقدة أو مرض ينتشر بالعدوى.
تنعكس هذه العقد على ممارسات وتصرفات أصحابها شذوذاً في السلوك، أو التعامل مع الضحية؛ ولذا فإن المصاب بهذه العقد لا يكتفي بقتل اللضحية، وإنما يريد أن يطيل من أمد موتها. ولماذا؟ لأن ذلك وحده يشعره بالتماسك النفسي.. يشعره بأنه موجود، بأنه مخيف، وأنه قوي. القاعدة عند هذا الصنف من الناس: " أنت تتألم؛ إذن أنا موجود ".
والبلاء كل البلاء سيكون هؤلاء الذين يعانون من عقدة الإضطهاد وعقدة النقص إذا أمسكوا يوما بزمام القوة. وأبرز مثال على هذا الصنف: الفرس واليهود. وانظروا إلى ما هو حاصل ويحصل اليوم في بلدنا العراق المحتل، وفي بلدنا الآخر الأحواز العربي المحتل. ولا أراني في حاجة لأن أعيد الى الأذهان مأساة الأسير العراقي في سجون إيران. لقد كان الوحش الإيراني يدخل صنارة الصيد .. تخيل ..!! صنارة الصيد، يدخلها في العضو الذكري للأسير، ثم يسحبه ليمشي به حيثما يريد.
هذه لقطة سريعة، وبسيطة تعبر عن وحشية هؤلاء وساديتهم وظلمهم.
ما يجري الآن في العراق شاهد واضح على ما أقول، والعراق ليس في قبضة إيران. فكيف هو الحال في قطر الأحواز، الذي هو في قبضة إيران؟! ماذا تتصورون يفعلون به؟!
 
صورة لا تنسى
صور مأساة الأحواز لا تحصى! وإن أنسَ لا أنسَ - وأنا أتصفح صور المأساة المنشورة على شبكة المعلومات - صورة تلك المرأة العربية الأحوازية التي سيقت الى الإعدام في يوم 3/3/2006 ، بملابسها السوداء الطويلة بطول حزن الأحواز. تلبس تلك الملابس التي تلبسها أمي وأمك، وخالتي وخالتك، وعمتي وعمتك. يا ليت شعري ماذا قالت حين ألقي عليها القبض؟ هل لها من أولاد؟ ماذا فعلوا وهم يرون أمهم تساق إلى المجهول، وتفارقهم إلى حيث لا لقاء؟ وكيف هو حالها يوم ألقيت في الزنزانة وحيدة بلا أنيس؟ أو حين تداولتها أيدي أولئك الوحوش؟ وماذا كان شعورها وهي تغادر هذه الحياة؟
 

ليس من قصدي الحديث عن تفاصيل المأساة الأحوازية. إنما أريد أن أبين الخطوط العريضة، وأقرب لكم صورة الظلم الذي تمارسه إيران فيها، وفي أي أرض تطالها يدها، ولو من بعيد! وذلك من خلال مقياس لا يخطئ عن العدل وعن الظلم. ثمة مقياس نقيس به العدل، ونقيس به الظلم ، سأتحدث عنه أثناء الكلام .
الأحواز
المأساة المنسية
(2)
 
بداية المأساة
 
بدأت مأساة الأحواز قبل أكثر من ثمانين عاما.. يوم رأت بريطانيا العظمى أن لا بد من أن تقف بوجه أطماع الاتحاد السوفييتي، تلك الإمبراطورية الناشئة للتو، ممثلة بروسيا القيصرية. التي كانت لها أطماع وأماني وآمال قديمة جدا أن تصل في يوم ما الى ما يسمى بالمياه الدافئة في الخليج العربي. وحين تشكلت إمبراطوريتها في سنة 1917 بدأت تهدد الوجود البريطاني في المنطقة آنذاك فرأت بريطانيا أن تجعل بينها وبين روسيا سداً. فكان هذا السد هو إيران. ولكن لا بد لهذا التزاوج غير الشرعي بين إيران وبريطانيا من مهر أو ثمن. وكان الثمن المدفوع هو.. الأحواز!
وفي يوم 20 نيسان من سنة 1925 وقعت الجريمة النكراء. بمؤامرة حاك خيوطها الثنائي الشيطاني: بريطانيا – إيران. وكان أن استدرجوا أمير الأحواز الشيخ خزعل الكعبي تحت ذريعة إقامة حفل توديعي للقنصل البريطاني على اليخت الخزعلي. حيث تم اعتقاله، وذهبوا به هو وابنه من ثم الى إيران. ليموت هناك بعد أكثر من عشر سنين. ثم يلحق به ابنه بعد سنتين من مماته، بينما كان الفرس يحاولون أن يستخلصوا منه اعترافاً بشرعية الاحتلال الإيراني للأحواز، أو اعترافا بأن الاحواز جزء من إيران. ولكن الشيخ خزعل أبى أشد الإباء، رغم معرفته بأن ذلك سيكلفه حياته. وهكذا كان. ومات ولم يكتب لهم ذلك الاعتراف.
من تلك اللحظة.. أو من تلك الليلة المشؤومة بدأت المأساة الأحوازية، وانتهى الحكم العربي في الأحواز التي كانت مستقلة بشتى الصور عن إيران. وقامت فيها إمارات عربية تستقل أحيانا استقلالا كاملاً عن إيران، وأحياناً جزئياً. وأحيانا تغزوها إيران ثم تخرج منها. الى أن انتهى الحكم العربي في سنة 1925 لتبدأ المأساة.
 
المأساة في خطوطها العريضة
أستطيع أن ألخص المأساة الأحوازية في خطوطها العريضة بعدة نقاط رئيسة:
·  ضمت إيران الأحواز اليها، وأعلنت الحكم العسكري المباشر لها، وأقامت الثكنات العسكرية، وزجت بحامياتها في أرض الأحواز، وزودتها بالأسلحة الفتاكة للسيطرة على الشعب العربي هناك ولمراقبته.
·        ألغوا جميع مؤسسات الحكم العربي السياسية والإدارية والقضائية.
تأملوا اللمسة الإيرانية في هذا التصرف! وقارنوا بينها وبين ما حدث في العراق. إن إلغاء الأمريكان مؤسسات قيام الدولة حين دخلوا العراق، كان بوحي من إيران وإسرائيل عن طريق عميلهم أحمد الجلبي وأمثاله. وهكذا يعيد التأريخ نفسه!
·    حرموا الشعب العربي من أبسط حقوقه المدنية وحرياته السياسية. إلى حد أنهم منعوا العرب من تسمية أبنائهم بالأسماء العربية ذات الدلالات الخاصة التي تزعج الإيراني مثل اسم عمر أو عثمان أو عائشة. هذه الأسماء تزعج الفارسي لأنها ترتبط في ذهنه بذكريات لا يريد أن يستعيدها؛ ولذلك – وبسبب سخافة عقولهم، وحساسية عقدتهم المتأصلة في نفوسهم - تراهم يضطهدون كل من اسمه عمر أو عثمان، أو يقتلونه .هذا ما يجري الآن في العراق. في أسبوع واحد قتلوا (86) شخصاً ممن يحمل اسم عمر. بل ربما غيروا اسم العربي كاملاً، أي يغيرون اسمه واسم أبيه، ويعطونه بدلاً اسما فارسيا. حتى يلغوا هويته.
·    منعوا العرب من ارتداء الزي، أو العقال العربي. فإذا ذهب أحدهم الى دائرة رسمية ضايقوه وأسمعوه عبارات التنقيص من العرب، وربما منعوه من دخولها. وإذا ذهب الى السوق يضايق من خلال إلقاء النكت والكلمات الجارحة. وكذلك حين يمشي في الشارع.
·        منعوا أبناء العشائر من التجمع في الدواوين والمضايف العربية.
·        منعوا الدراسة والتحدث باللغة العربية. فالمناهج الدراسية كلها بالفارسية. وليس ثمة في الأحواز كلها مدرسة عربية واحدة!
·        ألغوا الاعتراف بالقومية العربية والاعتراف باللغة العربية لغة للشعب العربي الذي
يبلغ تعداده ثمانية ملايين.
قارنوا بين هذا وبين ما حصل في ما يسمى بـ(الجمعية الوطنية العراقية) حينما طالب بعض ذيول إيران ممن يتقمصون الهوية العراقية، باعتماد اللغة الفارسية لغة رسمية! تصوروا..! في العراق يطالبون باعتماد اللغة الفارسية لغة رسمية لأن هناك مجموعة من الفرس يتواجدون فيه. وثمانية ملايين في الأحواز كلهم عرب لا يعترفون لا بلغتهم، ولا يسمحون لهم بأن يفتحوا مدرسة واحدة تتحدث العربية!
·     غيروا الأسماء العربية للمدن والمواقع. وغيروا الملامح وكل ما يمكن أن يدل أو يشير إلى العرب في أرض العرب هناك.
·     اقتطعوا أجزاء من الأحواز وضموها الى المحافظات الفارسية.
·     قاموا بأعمال تهجير للعرب وتوطين الفرس مكانهم.
·  منعوا الترجمة في المحاكم من العربية وإليها. وألزموا صاحب القضية بعرض قضيته باللغة الفارسية فقط. فإن لم يكن يجيد التحدث باللغة الفارسية سقطت قضيته ؛ ولا يسمحون للعربي أن يأتي بمترجم . أما إذا كان خصمك فارسيا
فاقرأ على قضيتك السلام، ومن أول لحظة!
·   سيطر الفرس على جميع مجالات الخدمات والإنتاج، وحرموا عامة العرب من الوظائف الحكومية . مع فرض الضرائب عليهم . بالإضافة الى احتكار التجـارة
والنشاطات الاقتصادية الأخرى وحصرها بيد الفرس.
·      حرموا العرب من امتلاك الأراضي الزراعية. وصادروا جميع الأراضي التي يمتلكها العرب وعقاراتهم.
·     هذا بالإضافة الى انعدام الرعاية الصحية.
هذا كله في كفة..
·     وفي الكفة الأخرى استخدموا جميع أنواع التنكيل والإرهاب والمطاردة والقتل والاغتيال ضد أبناء الأحواز.
·  أما وسائل الإفساد الخلقي ونشر المخدرات بين الشباب العربي في الأحواز من أجل إفسادهم وإنهائهم وإلهائهم.. فحدث ولا حرج.
 
المقاومة الأحوازية
 لعل سائلا يسأل: كل هذا حصل؟ فماذا كانت ردة فعل العرب في الأحواز؟
وأنا أعتبر السؤال هذا جزءاً من المأساة الأحوازية! لأنه يعني أننا لا نعرف شيئاً عن أهلنا في الأحواز الجريحة! ونجهل ماذا حصل فيها خلال هذه العقود المتطاولة التي بلغت (80 أو 90 سنة ) من الاحتلال الفارسي. ولكن من أين يأتي العلم إذا كان الجميع ساكتين؟
 الأقسى والأمر أن علماء الدين أيضاً ساكتون! فلماذا؟ إذا كان رجل السياسة يخاف الدوائر، أو يعتبر أن المصلحة السياسية في السكوت على ما يجري، فعلام يسكت عالم الدين؟ والله تعالى قد أخذ الأمانة على كل مسلم أن يقول الحق ولا يكتمه. فكيف بالعلماء الذين قال الله تعالى فيهم: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) (آل عمران:187).
 نعم! لقد عمل إخواننا في الأحواز – ولا زالوا يعملون - بما يستطيعون لمقاومة الاحتلال. فقد قاموا بانتفاضات، وفجروا ثورات. كما قدموا مذكرات إلى الجامعة العربية في جميع مؤتمرات القمة العربية، كان جوابها الصمت، والصمت المطبق! وكذلك رفعوا صوتهم عالياً في كثير من المحافل الدولية، وتوجهوا بقضيتهم إلى المنظمات العالمية وناشدوها مساندتهم. وأسسوا الأحزاب والمنظمات والروابط.
 
 
الانتفاضات والثورات
وإذا كان ولا بد أن نقف عند بعض صور المقاومة الأحوازية المسلحة، فنقف قليلا عند بعض الانتفاضات والثورات.
·    ثورة الغلمان: فأول ثورة قامت بعد أقل من ثلاثة أشهر على احتلال الأحواز، وسميت بـ(ثورة الغلمان). وذلك في شهر تموز من عام 1925، بقيادة شلش وسلطان.
·    ثورة الحويزة: وقامت ثورة أخرى في سنة 1928 سميت بـ(ثورة الحويزة) بقيادة محي الدين الزيبق. الذي تمكن من تشكيل حكومة دامت ستة أشهر.
·        ثورة الشيخ حيدر الكعبي: عام 1940 في منطقة الميناو.
·        ثورة الشيخ جاسب الخزعل: في منطقة الغجرية عام 1943.
·    ثورة الشيخ عبدالله بن الشيخ خزعل: عام 1944. وقد استطاع أن يجتاح مدينة المحمرة، ليدخل قصر أبيه. والقبائل العربية قد تلقته وهي تهتف: (طب بدرج يا دار ازهيله.. طب بدرج يادار ازهيله).
·    ثورة بني طرف: عام 1945. عندما أجبرت الحكومة الإيرانية العرب هناك على تغيير زيهم العربي وجردتهم من أسلحتهم. وكانت هوستهم: (يا عكال نسويلك هيبة).
·    ثورة الشيخ مذخور الكعبي: عام 1946. وهذه بدأت حينما أسس في عبادان حزب أطلق عليه اسم " حزب السعادة " . كانت أهدافه تدور حول الحفاظ على الشخصية العربية. فلم تكن مطاليبه تلك المطاليب الخطيرة والكبيرة. كان يركز على بث الشعور بالانتماء العربي ومنح العرب حقوقهم القومية والسماح لهم بإصدار صحف، وتأسيس نوادي خاصة بهم أسوة بالأقليات الأخرى في إيران. وكان يدعو الى التزيي بالزي العربي، وإلى جعل المناهج الدراسية باللغة العربية.
امتدت تنظيمات هذا الحزب الى مدينة المحمرة، ثم الى بقية القطر الأحوازي. لكن بريطانيا وسلطة الاحتلال الفارسي لم يرق لهما ما يجري على أرض الأحواز مما يفعله هذا التنظيم؛ فتآمروا فيما بينهم، واستطاعوا أن يوقعوا بينه وبين (حزب تودة) الإيراني. وأن يطلقوا العنان للمستوطنين الفرس وهم مدججون بالسلاح لقتل الشباب العربي، واغتيالهم ومطاردتهم. وسلطة الاحتلال من ورائهم. فارتكبوا مجازر بشعة، وحمامات دم وتصفيات كثيرة. وطاردوا شباب التنظيم ونكلوا بأعضاء هذا الحزب وكل العرب الأحوازيين.
 
مأساة مؤسس الحزب حداد بن هويدي
وإن أبشع ما حصل في تلك الأيام حين دخل أولئك الوحوش الى بيت مؤسس الحزب حداد بن هويدي. دخلوا عليه بيته واعتقلوه هو وزوجته وأطفاله الثلاثة وصعدوا بهم الى سطح الدار.. ثم قاموا بإحراقهم وإلقائهم من فوق السطح كتلاً نارية - تأملوا هذه الوحشية وهذه السادية! - ودمروا جميع مكاتب التنظيم وأنهوا وجوده.
 وهذا أدى الى ردة فعل عنيفة قام بها العرب الأحوازيون بقيادة الشيخ مذخور الكعبي. فهجمت القبائل العربية على الحامية الفارسية في المدينة وقتلوا أعدادا كبيرة من جنودها. ولكن – كالعادة - انتهت هذه الانتفاضة كما انتهت سابقاتها من الانتفاضات والثورات لعدم التوازن بين قوى الكفتين.
 واستمرت هذه الثورات والانتفاضات والى اليوم.
 
 
 
الأحواز
المأساة المنسية
(3)
 
مقياس العدل والظلم
 أكرر التنبيه على أنني لست بصدد الحديث عن تفاصيل المأساة. وإنما أريد أن أتحدث عن الخطوط العريضة العامة. وعن المقياس الذي نقيس به الظلم والعدل ، أريد أن أعرض هذا من خلال أول حدث إجرامي قامت به سلطة الاحتلال الإيراني بعد تولي خميني الحكم في إيران.
 لقد كان للشعب الأحوازي دور كبير في نجاح ثورة الخميني. الذي كان يعدهم الوعود البراقة، ويمنيهم الأحلام الخلابة.  وكانوا يصدقون هذه الوعود لأن الخميني كان يتستر بشعارات دينية. وهم وإياه من مذهب واحد، فالعرب في الأحواز كانوا كلهم شيعة عند مجئ الخميني، ولم يكن منهم إلا القليل من أهل السنة، على عكس ما هو عليه الحال اليوم. وجاء الخميني واستبشر به أهل الأحواز. وذهب الى طهران وفد منهم يحملون مطاليب مشروعة، وكلهم أمل في تحقيق هذه المطاليب.
 
ترى..! ما هي هذه المطاليب؟
1.     السماح لهم بالتحدث بلغة القرآن اللغة العربية إلى جانب اللغة الفارسية
2.     أن تكون لهم مدارس مناهجها الدراسية باللغة العربية، إلى جانب اللغة الفارسية
3.     وأن يسمحوا لهم بتأسيس جمعيات خاصة بهم
4.     وأن يسمح لهم بإصدار صحيفة عربية
 تأملوا هذه المطالب.. التي هي مطالب جميع الذين تقدموا صفوف أهل الأحواز منذ الاحتلال والى اليوم! تأملوها لنستخلص من خلالها مدى الظلم الواقع على شعب الأحواز .
 كيف نقيس حجم الظلم وحجم العدل ، الشعوب كل الشعوب على مدار التأريخ في
علاقتها مع الحكام لديها مطالب، وأهداف وتطلعات، وأحلام وغايات. من خلال نوع هذه المطالب نعرف أو نستخلص مقياس الظلم أو العدل.
 
عمر العادل
 عمربن الخطاب رضي الله تعالى عنه هو رمز العدل في تأريخنا. ذلك العملاق الذي سلطه الله على دولة فارس؛ لأنها رمز الظلم. يظهر أن الله تعالى بحكمته يسلط الأضداد على الأضداد: فمسيلمة الكذاب سلط الله عليه أبا بكر الصديق. انظر إلى المعادلة تجد (كذاباً ضده صديق). سعد بن أبي وقاص كان القائد الذي كتب الله تعالى على يديه هزيمة وانهيار دولة فارس. هذا العملاق الثاني من صفاته أنه لا يحمل حقدا على أحد. يقول: أنام حين أنام وليس في قلبي غل على أحد من المسلمين. وبهذا شهد الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم له بالجنة في قصة معروفة. سلط الله تعالى هذا الإنسان الصافي القلب على دولة الحقد!
دولة فارس تجمع إلى الحقد الظلم. فهي رمز من رموزه. رمز الظلم سلط الله تعالى عليها رمز العدل!
 ويقف هذا الرمز الإنساني يوما خطيبا فيقول: " أيها الناس اسمعوا وأطيعوا ".
 تأملوا المفارقة! لاحظوا تصاريف القدر! يقوم له شخص ليقول له: " لاسمع ولا طاعة "! أتعرفون من هذا الشخص؟
 إنه رجل فارسي لا قريب له.. ولا أحد، ولا عشيرة! 
فيقول عمر: " ولم؟ " قال: " لأن ثوبك أطول من ثيابنا ". يشير الى أقمشة وزعها عمر بن الخطاب على الناس وقد أخذ - كما أخذوا - قطعة منها. لكن سلمان يرى ثوب عمر طويلاً. وعمر كان طويلا بائن الطول. كان إذا ركب الحصان قدماه تخطان في الأرض. وقياساً على ذلك يكون قد أخذ أكثر من قطعة. فهذا ظلم يرتكبه الحاكم لا ينبغي معه أن يأمر فيطاع، وأن يقول فيسمع!
ماذا فعل عمر؟ هل قال: " خذوه.. اسجنوه.. اقتلوه.. عذبوه " ؟
لم يقل، ولم يفعل سوى أنه نظر في وجوه القوم يبحث عن ابنه عبد الله أين هو؟ فلما رآه فقال: " قم يا بني دافع عن أبيك ". فقام عبد الله ولم يزد على أن قال: " أيها الناس! لقد أعطيت ثوبي لأبي فصنع منه ثوبا ولبسه ". وبكل بساطة قال سلمان الفارسي رضي الله عنه: " الآن قل نسمع واأمر نطع ". وانتهى الموضوع! واختفت القضية من أرض الواقع تماماً، لينتقل ملفها إلى صحائف التأريخ.
 وفي زمن حفيده عمر بن عبد العزيز يأتيه البريد من صعيد مصر. والبريد في ذلك الزمان لم يكن كحاله في هذه الأزمنة. لم تكن المواصلات متطورة كما هي الآن. كانت المواصلات على الإبل وعلى الخيل، وكان البريد لا يحمل إلا القضايا الكبيرة إلى دار الخلافة. لكنه هذه المرة يحمل كتاباً من امرأة عجوز سوداء تسمى فرتونة السوداء. فرتونة السوداء ترسل كتابا الى الخليفة في دمشق! ومن صعيد مصر! " من فرتونة السوداء الى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ..." . ماذا تريدين يا فرتونة ؟ " إن جدار بيتي واطئ؛ فيتسوره الصبيان ويسرقون بيض دجاجاتي فاأمر الوالي بأن يبني لي جدار البيت "! ويقول عمر : " سمعا وطاعة " ويكتب الخليفة إلى الوالي أن يبني لتك العجوز السوداء المنقطعة جدارها كما تريد.
  حينما ينتشر العدل تكون عند الشعب حساسية مرهفة لما يقع عليهم، وينخفض مقياس الظلم لديهم. ويرتفع سقف مطاليبهم. نعم! ينخفض مؤشر المقياس الذي يتحسس الظلم كثيرا، بحيث يتحسس المواطن تقصير الحاكم إلى هذه الدرجة. إذن من خلال حجم القضية، ونوع المطاليب نستخلص مقياس العدل أو الظلم. حينما يشعر المواطن أن الحكومة مسؤولة حتى عن جداره. وأن مشكلته مع الحاكم كماليات الحياة هذا يعني أن الشعب يعيش في نعيم الحرية وبحبوحة العدل. وأن ما فوق هذا متوفر. وحينما لا يكون للأمير من ذنب سوى شبهة أن ثوبه أطول من ثياب رعيته.. معنى هذا أنه ليس هناك من ظلم أكبر من هذا، فيما لو وقع هذا. لكن حينما تكون مطالب الشعب هي أساسيات الحياة البسيطة مثل اللغة، ولا يستجاب له.. معنى هذا أن ما هو أكبر منها مستباح.
 إن شعب الأحواز خيراته منهوبة. 95% من النفط الإيراني في الأحواز، وهو لا يحصل على شيء منه! بينما إيران كلها تعيش على نفطه. ومع ذلك لم تكن هذه القضية مطروحة للنقاش ضمن المطاليب. هم لا يريدون فوق أن تسمح لهم الحكومة الجديدة ببناء مدرسة عربية.. يتحدثوا باللغة العربية.. تصدر لهم صحيفة عربية. ماذا يعني هذا؟ يعني أن مقياس الظلم قد ارتفع مؤشره إلى هذه الدرجة. وأن الدولة ظالمة ظالمة، وأن الشعب العربي في الأحواز غارق الى أذنيه في ظلم هذه الدولة.
 
يوم الأربعاء الأسود
ومع بساطة هذه المطاليب ماذا كان رد الخميني؟
 

لقد أوعز الخميني المقبور الى الحاكم  العسكري لعربستان المدعو أحمد مدني، الذي كان قائد القوة البحرية - أوعز اليه بإنزال العسكر في أرض الأحواز واستباحتها. فأنزل هذا المجرم الجيش، وشن حملة قتل ومطاردات، فقتل في يوم واحد أكثر من مائة شاب أحوازي، واعتقل في ليلة واحدة أكثر من خمسمائة!
 هذا كان رد الخميني على هذه المطاليب. وكانت مجزرة.. وكانت مأساة.. في يوم 29/5/1979، في يوم أربعاء أطلق عليه يوم الأربعاء الأسود.
 ولا زال إخواننا في الأحواز يذوقون الويلات من تلك الدولة ومن اولئك الوحوش
الأوغاد الذين يحقدون على تأريخنا ويسبون أجدادنا ويشوهون تأريخ رموزنا. إنهم يكرهون عمر العادل الى حد أنهم يتضايقون من سماع اسمه.. الى حد أنهم لا يتحملون رؤية شخص يمشي في الشارع واسمه عمر؛ لأنه يذكرهم بعقدتهم.. بظلمهم. إنه الند النقيض. والنقيض يتضايق من رؤية نقيضه.
 
متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ؟!!!
 

عمر هذا الذي يكرهه العجم، يأتيه في يوم من الأيام شاب نصراني من مصر، يطوي الوهاد والنجاد حتى يصل إلى المدينة! ما قضية هذا الشاب؟! وتأملوا المقياس! قضيته أنه تسابق يوما على الخيل. وكان في المتسابقين ابن الأمير.. أمير مصر.. عمرو بن العاص رضي الله عنه.. هذا القائد العربي المسلم الذي فتح فلسطين، وحرر مصر.. محرر فلسطين ومصر عمرو بن العاص الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم يوم أسلم  - والحديث في صحيح مسلم – (( أسلم الناس وآمن عمرو ))! والايمان أعظم من الاسلام؛ الاسلام ظاهر.. والإيمان باطن.
 ابن عمرو بن العاص كان في المتسابقين فسبق ذلك الشاب ابن الأمير. فلما تجاوزه بفرسه خفقه على رأسه بالسوط وقال: "" أتسبقني وأنا ابن الأكرمين " ؟
هذه هي القضية! وهذه هي المظلمة!
 تعالوا الآن إلى العراق لتروا الظلم مجسماً: القتل، الجثث في الشوارع والطرقات وعلى المزابل تنهشها الكلاب  الرعب ، الجوع، المطاردات، الاعتقالات، و.. و... وقيسوا عليه ما
يحصل في الحواز!
 يرتحل ذلك الشاب ليمشي شهرا حتى يصل المدينة ليشكو ابن أمير مصر عند أمير المؤمنين! ويقص عليه القصة. فيرسل عمر بن الخطاب إلى والي مصر حتى يأتي إليه ويحاكمه وتنتهي المحاكمة بأن يقضى لذلك الشاب النصراني على ابن الأمير المسلم. ويقول عمر بن الخطاب له: " ضع السوط على رأس ابن الأكرمين ". ثم يقول: "ضع السوط على صلعة أبيه " . وينزع عمرو بن العاص عمامته. قال الشاب: " إنما ضربني ابنه " ؟ قال: " لولا أبوه ما تجرأ عليك ضع السوط على صلعة أبيه "!
وها هي اليوم أفراخ العجم، وأبناء الظلم يتكلمون على عمر رمز العدل!
 يومها قال عمر قولته المشهورة: " يا عمرو! متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ؟! ".
 متى استعبدتم الناس - أيها المجوس! - وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ؟!
أيها الأحرار في الأحواز ! أبشروا ؛ فالنصر قادم بإذن الله ، متى ما عملتم وبذلتم المستطاع. (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
 
                                                                  25/3/2007                                                                 
 
 
بعد أربع سنين..!
الشيعة يهتفون: اخرج أيها المحتل..!
(1)
10/4/2007
 
أحقاً مرت بنا أربع سنين، والعراق يرزح تحت نير الاحتلال؟!!!
عجباً ! كيف مرت بنا؟! بل قل: عجباً ! كيف مررنا بها!
هل تعرف - يا صاحبي! - ما معنى سنة من هذه السنوات؟ بل ما معنى شهر؟ بل يوم؟ بل لحظة؟!
لحظة من هذه اللحظات.. ترى نفسك فيها، وأنت في سيارة تتحرك ببطءٍ محصوراً في أحد الطرقات؛ لأن رتلاً عسكرياً أمريكياً أمامك يتهادى على مهل، لا يريد لك الاقتراب منه، وإلا كان ما كان!
لحظة.. تنظر فيها، فترى إيرانياً مقنعاً يتحكم بشؤون العراق العظيم!
 

لمثلِ هذا يموتُ القلبُ من كَمَدٍ
 

 

إنْ كانَ في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ

هذا أقل ما يمكن أن تعيشه أو تعانيه في لحظة! فكيف بما هو أكبر وأدهى؟! فكيف إذا طالت اللحظة فصارت دقائق؟! والدقائق ساعات؟! والأيام شهوراً وسنوات؟!
فكيف وقد مرت أربع سنين؟!!!
لا تحسبني أكتب شعراً، أو كلاماً إنشائياً مجرداً.. كلا والله! إنها الحقيقة! الحقيقة التي يكتوي بنارها كل عراقي أصيل. ويحس بها كل إنسان شريف.
وذلك في كل لحظة!
لا أريد أن أكتب عن العناوين الكبرى للكارثة التي حلت بالأمة منذ يوم الأربعاء الأسود في 9/4/2003 وإلى اليوم. وماذا حصل؟ وإلى أين وصلنا؟ فتلك أمور قد قيلت وتقال، وأكثرها لا يخفى على أحد. إنما أريد أن أقف عند بعض الحقائق المهمة التي ربما ظلت في الزوايا متوارية عن الأنظار. وقد يراد لها أن تظل مكانها، لا يحس بها من أحد، أو يسمع لها ركزا.
 
اخرج أيها المحتل!
شاهدنا أمس على شاشات الفضائيات حشود الشيعة من أتباع مقتدى وغيرهم، وهم يتظاهرون في مسيرات صاخبة، تتجه إلى النجف، يرفعون أعلام العراق، ينددون بالمحتل، مطالبين بخروجه. تتخللها لقطات (استعراضية)، من مثل عجوز مقعدة تلتحف بعلم العراق، تدفع كرسيها امرأة تتشح بالسواد. لافتات تحمل شعارات رنانة. وشيخ معمم بلحية وخطها الشيب، وهي تدنو من الستين، في وسط تلك الحشود، أمام المكرفون يصرخ بأعلى صوته، فاتحاً فمه على مصراعيه، وقد ضيق كل نافذة ممكنة في جسمه: اخرج أيها المحتل!
وعادت بي الذكرى أربع سنين إلى الوراء
وعادت بي الذكرى إلى هؤلاء أنفسهم في يوم (9/4) أيضاً، ولكن قبل أربع سنين: على أي حال كانوا؟ وماذا كانوا يفعلون؟!!
لقد ظهرت عمائمهم - تسندها في السر عمامة كبيرهم الذي علمهم السحت - على السطح قبيل احتلال بغداد بأيام قلائل وهي توصي الناس وتدعوهم إلى عدم المقاومة. ودخل في الوقـت نفسه عميل بريطانيا المقبور عبد المجيد الخوئي مدينة النجف يُخذّل الناس ويدعوهم إلى الترحيب بـ(المحررين)، وعدم مقاومتهم. ويكذّب فتوى السيستاني بالجهاد، التي أخرجها خوف الحكومة قبيل بدء المعركة، ويقول عنها: إنها مكذوبة عليه. وصدق - وهو الكذوب - في هذه من حيث لم يصدق قط في غيرها.
وكتب أحد الصحفيين القادمين على دبابة المحتل يقول: ((كان الخوئي يعتقد ان الدبابة الامريكية ليست وصمة عار، بل قد تكون مفخرة. ودلل على ذلك بأنه راح يتجول في مدينة النجف بمعية صحفي وصديق عراقي من أمريكا، ومن دون أية حماية. وكان يعتبر النجف معقلا وملاذا ومنطلقا لعمل سياسي سيخوضه)). والصحفي الصديق الموصوم بـ(العراقي) هو - كما جاء التعريف به على موقع فيصل نور - معد.. ابن بشير الباكستاني أحد المراجع الأربعة الكبار القابعين في سراديب النجف، والذين رحبوا بالمحتل، و(قادوه) للدخول.. كل على طريقته.
ويصف الصحفي (العراقي) فرحة مجيد التي لا توصف، في يوم سقوط بغداد تحت أقدام الغزاة! بحيث أنها منعته من تناول الفطور، وهو يستحثهم للخروج، وما درى أنه لا فطور من بعد إلى يوم النشور! يصفها بقوله: ((كان الخوئي يبدو على عجلة من أمره في ذلك الصباح، حتى انه قطع فطورنا الصباحي، هو وانا، وهو يقول: " يللا ليس هناك وقت للفطور اليوم ". وكانت علامات السعادة تتوهج في عينيه، رغم التعب الذي كنا نعاني منه منذ اكثر من اسبوعين)) ([8]) !.
وانظر إلى الصحفي معد (العراقي من الجلد إلى الجلد!).. ابن المرجع الشيعي بشير الباكستاني أباً عن جد! كيف يحدث عن نفسه؟ وكيف يعبر عن لهفته المزمنة ترقباً لمشهد هذا اليوم العظيم؟! فيقول: ((الأحداث جرت يوم العاشر من (نيسان) أبريل. وهو اليوم ذاته الذي سقطت فيه بغداد، وتهدمت فيه تماثيل صدام. اليوم الذي كنا ننتظره منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاماً)). انظر كيف يذكر سقوط بغداد، وتهديم التماثيل، ولا يهمه من أحداث هذا اليوم الذي كان ينتظره طيلة هذا الوقت، غير هذين الأمرين!!! ولا يتردد عن أن يقرن بين يوم (سقوط بغداد)، وبين وصفه لذلك اليوم الأسود بقوله: (اليوم الذي كنا ننتظره منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاماً)! فهو ينتظر يوم سقوط بغداد منذ ذلك اليوم الذي كان فيه طفلاً يجلس في جحر أمه ، يتناول بفمه ثدييها ، يرضع حليبها ، ويتعلم منها بغض العرب
وكره العراق ممزوجاً بذلك الحليب (الطيب)!
ثم يقول عن صاحبه مجيد: ((وفي السيارة التي كان يقودها بنفسه كان يردد قائلاً: "نحن في العراق، نحن في النجف، وصدام ولى بغير رجعة")). المهم أنه هو في النجف، وصدام ولى. أما العراق فليذهب إلى الجحيم. هذا لا يهم!!!
وتوالى ظهور العمائم الشيعية على وسائل الإعلام مبتهجة بالمحتل، مضفية عليه لقباً لم يستمتع بادعائه هو لنفسه أكثر من شهر إلا قليلاً، حتى عاد – وبقرار من مجلس الأمن – إلى لقبه الحقيقي: (المحتل). لكن الشيعة – إلا القليل القليل – كانوا، وأولهم عمائمهم، يصرون على تسميته وتلقيبه بـ(المحرر)، كما لقبوا هولاكو من قبل، وأسموه بـ(الفاتح)!
وأمس – أمس! – أقام حزب الدعوة العميل، والذي يحكم العراق اليوم، حفلاً بمناسبة يوم 9/4 (يوم تحرير الإرادة العراقية)، حسب تعبيرهم. يقولون ذلك مكابرة، ومحاولة يائسة لتغطية سوءاتهم. وقد كانوا يسمونه من قبل: (يوم تحرير العراق). هكذا بإطلاق! وعند الإحراج - ومدافعة للشعور البائس بالخجل - يقيدونه أحياناً بصدام، فيقولون: (يوم تحرير العراق من صدام). واليوم يخرجون علينا بـ(صرعة) جديدة: (يوم تحرير الإرادة العراقية)! (يستحلون الخمر والحِرَ والحريرَ يسمونها بغير أسمائها) أخزاهم الله!
 
واستقبل الشيعة المحتل بالحلوى والورود.. وبعضهم بالخمور
وخرجت جماهير الشيعة نساء ورجالاً، كباراً وصغاراً، شيباً وشباباً، يستقبلون الغزاة بالورود والمشروبات والحلوى. وبعضهم قدموا لهم الخمور في الشوارع أمام الجميع! وكانت مدينة الثورة - التي هي أكثر المدن تبعية لخط الصدر وسميت بعد الاحتلال باسمه - أكثر المناطق ابتهاجاً بالاحتلال؟! لقد كان أهلها – الذين يتظاهرون اليوم في النجف تنديداً بالمحتل - يرقصون طرباً، ويهتفون فرحاً به وترحيباً بمن (حررهم)! يوم كنا نذرف أسخن الدموع.. وننفث أحر الآهات. ويوم أقعدتنا الصدمة، وشلنا الذهول. كان أهل "الثورة" – وبقية إخوانهم الذين (حررهم) الاحتلال - يتحركون بكل همة ونشاط، وصدور ملؤها البهجة والانشراح لينهبوا مدينة السلام ويخربوا بغداد الحبيبة ويحرقوا مؤسساتها ومتاحفها فعل المغول والتتر!! لعنهم الله ! أخزاهم الله !
ما رأينا واحداً منهم يوحي مظهره الضاحك المستبشر بأنه يمكن أن يكون في صدره ذرة من الهم، أو تظهر على تعابير وجهه - ولو مجاملة لنا - مسحة رقيقة من الحزن على ما حل بوطننا! لقد أسكرتهم الحال حتى فقدوا العقل وفقدوا الحياء.. وظنوا أنه يوم الخلاص والنعيم المقيم.
أنسيتم ؟!!!
أم هل يمكن أن ينسى عراقي أصيل ذلك الغراب الإيراني الأسود، المدعو محمد بحر العلوم، وهو يضحك بملء فيه.. جالساً على أحد كراسي "مجلس الحكم" ؟ ويضحك ويهتز حتى يرتج جسده كله من أعلى رأسه إلى أسفل مقعده ..! يوم لم نكن نملك قلوباً يجد إليها
الضحك طريقاً.. لا والله !!
أما نحن فلنا معهم وقفة.. وحساب: هنا.. في الدنيا، وهناك.. يوم يقوم الناس لرب العالمين.
ويظهر ذلك الغراب على إحدى القنوات الفضائية – وأظنها (العربية) – وهو يتحدث متبجحاً عن المحتلين الغزاة باسم (قوات التحرير)! قالت له مقدمة البرنامج: هذه القوات هي تسمي نفسها قوات احتلال، فكيف تسميها أنت قوات تحرير؟ قال: أنا لا يهمني ما يقولون، الذي يهمني أني أعتقد أنها قوات تحرير!
وكانوا يتلمظون شامتين بأهل السنة! وكأن الوطن الذي احتل هو وطن أهل السنة فقط .. وليس للشيعة من شراكة، أو نصيب فيه.
أجل! إن الوطن الذي احتُل هو وطن أهل السنة. أما وطنهم هم فلا أدري أين كان؟
أم أين يكون؟!
ترى !! ألهذا تركوه نهباً بيد الغاصبين؟ يستغيث ولا منهم من مغيث!!
أما مقتدى فكان يومها  يقول : (إن خيارنا هو إدارة صراع سلمي وقانوني وشعبي من أجل جدولة الاحتلال)؟ وهو الذي وجه في خطاب له في رمضان/1424 الموافق لتشرين الثاني 2003 رسالة إلى المحتلين يكلمهم فيها بأعذب الكلام، ويخاطبهم بأطيب الكلم، ويصفهم بأنهم ضيوف حلوا على أهل العراق، وأنهم ليسوا أعداء له فليس من عدو للعراق سوى صدام وأتباعه! جاء فيها: (إلى من هم في وطننا موجودون، إلى من قد حلوا في منـزلنا الكبير ضيوفاً، إلى محبي السلام كما نحن له محبون... إن الشعب العراقي لا يريد إلا خيراً بالأمريكيين؛ فليس عدو العراق إلا صدام وأتباعه وهم شرذمة قليلون، ونحن منهم براء إلى يوم يبعثون) ([9]) .
 
يتبرأون ممن يقاوم المحتلين أو يؤذيهم لأي سبب
ومرت الأيام سريعة ثقيلة. ليقوم بعض الجنود البريطان – بعد شهور قليلة من الاحتلال - بمداهمة بعض البيوت في مدينة العمارة الشيعية في الجنوب، ويمعنون في إذلال أصحابها واستفزازهم. حتى إنهم قاموا بالعبث بالملابس الداخلية للنساء! فثارت ثائرة بعض الغيارى فهاجموا الجنود، وقتلوا منهم. لكننا فوجئنا في اليوم التالي بتظاهرة صاخبة شارك فيها الكثيرون من أهل العمارة منددين ومتبرئين ممن انتخى لعرضه، وقاتل من أراد العبث به من المعتدين البريطانيين!
والشيء نفسه حصل بعد ذلك من قبل أهل محافظة الناصرية حين خرجوا في يوم 15/11/2003 (21 رمضان 1424) بتظاهرة شعبية، يستنكرون الهجوم الكبير الذي قام به أهل السنة على القاعدة العسكرية الإيطالية في المحافظة! وأسفر عن تدميرها، وقتل (18) جندياً منهم، حسب البيان الذي أصدره الطليان. في الوقت الذي كانت فيه محافظة الأنبار، وبغداد، والموصل، وتكريت، وديالى - وغيرها من مدن أهل السنة والجماعة - تقاتل الغزاة، وتحتضن المقاتلين المجاهدين، وتتظاهر دفاعاً عنهم، وعن كل غيور.
وتستقبل عشائر السماوة الغزاة اليابانيين، مهللين مرحبين، تبني لهم الخيام الكبيرة، وتذبح لهم الذبائح السمينة. وشيوخ القبائل أنفسهم يقومون على خدمة الضباط! ولن تنمحي من خيالي صورهم الرذيلة اللئيمة، ها هم أمام عيني يحملون أواني الطعام الواسعة الكبيرة ، وعلى كل إناء منها خروف بتمامه! ليطعموها أفواه الغزاة المحتلين! التي لا تعرف في بلادها غير الكلاب والصراصر والسرطانات والسحالي طعاماً !
ولم يكن الشيعي – إلا القليل القليل - يتردد عن أن يصرح - وعلى شاشات الفضائيات – بمدح الأمريكان، ووصفهم بأحسن الأوصاف، حتى إن أحدهم اتصل هاتفياً بقناة "المستقلة" ليقول: " الحمد لله ، والحمد لواشنطن ولندن " ([10]) !
وأرجع إلى دفتر مذكراتي فأجد فيه: ((عقدت عشائر الكوت اليوم مؤتمراً يدعون فيه إلى محاربة الإرهاب وتشجيع الناس على تقديم المعلومات ضد الإرهابيين. وعادت إلى ذهني صورهم الذليلة على عهد الرئيس صدام حسين!  الوجوه هي الوجوه! والعُقُل واليشامغ هي هي! شاهت الوجوه! 5/3/2005)). وكذلك اليوم يفعلون!
 
هكذا كان الشيعة الأيام الأُولى للاحتلال
هكذا كان عموم شيعة العراق – إلا القليل - في موقفهم من الاحتلال! وهكذا كان موقف الشيعة في العالم كله. فرح واستبشار، وترحيب بالمحتل. وتنديد بالمقاومة، التي يصفون أهلها بالمخربين والإرهابيين. تصور! كيف أن الكتلة السنية في البرلمان البحريني قدمت مشروعاً لإدانة الهجوم الأمريكي على الفلوجة، فعارضته الكتلة الشيعية؛ متحججة بأن الفلوجة فيها إرهابيون جاء الأمريكان للقضاء عليهم!
وهكذا كان موقف شيعة لبنان من الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 ! للجنوب اللبناني.. استقبلوا اليهود (الذين حرروهم من أهل السنة) بالأرز والورود! كما اعترف بذلك أمين "حزب الله" الأول صبحي الطفيلي، والآخر حسن نصر الله.
وهكذا فعلوا في أفغانستان، يوم احتلها الروس، وعند احتلال الأمريكان. وهكذا هو موقفهم في كل زمان ومكان!
فكيف تغيرت الأمور حتى آلت إلى ما آلت إليه اليوم؟
 
بعد أربع سنين..!
الشيعة يهتفون: اخرج أيها المحتل..!
(2)
 
لا شيء حقيقياً تغير
أستطيع القول أنه لا شيء حقيقياً قد تغير، أو اختلف! إنما هو السير الطبيعي للأمور. وذلك كما تتغير ملامح الشخص، كلما تقدم به العمر. فالشخص هو الشخص، والصورة الأخيرة إنما تولدت عن الصورة الأولى، وآلت منها إليها، لكنها كانت بحاجة إلى شيء من الزمن لتظهر على ما ظهرت عليه. وقد قلت هذا منذ الشهور الأولى القليلة للاحتلال. وهو مثبت عندي في أكثر من وثيقة وكتاب.
 
قلناها ونقولها: لا بد أن يصطرعوا
بعد الاحتلال بشهور قليلة كتبت - في مقدمة كتاب (الإمامة) التي جعلتها من بعد خاتمة للكتاب – أقول: ((لا بد أن يصطرعوا)). كان ذلك قبل مناوشات مقتدى البالونية مع الأمريكان بحوالي ستة أشهر. والمقدمة مؤرخة بتأريخ (20/10/2003). في وقت كان هذا القول فيه غريباً جداً. لقد أطبق الشيعة على التآمر علينا مع المحتل، والإعلان بأنهم لن يطلقوا إطلاقة واحدة على الأمريكان. ولا يريدون تكرار أخطاء التاريخ. ويرددون مقولة فاجرة: " تمسكوا بالوطن. ودعوا الوطنية لأهل السنة "!.
وقد كررت القول في كتابي (إلى متى نخدع؟) الذي انتهيت منه في (3/5/2004) بعد معركة الفلوجة الأولى مباشرة.
لقد بينت هناك أن السبب الأساسي للصراع المرتقب هو اختلاف المصالح الذي لا بد أن يحصل. وكان مما قلت حينها: ((أما ما يظهر أحياناً من خلافات بينهم وبين المحتلين فهو ما لا بد إلا أن يقع بين أصحاب الباطل؛ نتيجة اختلاف أهوائهم، وتضارب مصالحهم (تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى). كما هو واقع بينهم للسبب نفسه. وإنا لنبشر بوقوع هذا مستقبلاً ولا بد. ونقول معه: إن أساطين التشيع الفارسي ومراجعه يوم يرون المصلحة في غير ما هم عليه اليوم، سيغيرون من لهجتهم ويركبون الموجة، ويُلبسون هذا الصراع المصلحي الدنيء لبوس الدين والجهاد والوطنية، كما هو شأنهم وشأن أمثالهم ممن قال الله جل وعلا فيهم:
 ]الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً[ النساء:141))
تأمل دقة الاستشهاد بالآية، ومدى تطابقها مع الحالة!
وقد أرجعت ذلك إلى سنة الله التي لا تتخلف فقلت معللاً: ((لأن سنة الله في هؤلاء العمي
لا تتخلف، فقد كتب الله عليهم الخلف والاختلاف كما قال سبحانه: ]مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ[ العنكبوت:41 . ولكن كما قال هو سبحانه بعدها: ]وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ[ العنكبوت:43))!.
انظر إلى السبب، وإلى القدر في هذه العبارة التي قالها سجين شيعي اسمه حيدر محمد، كان معتقلاً في (أبي غريب) ثم أطلق سراحه، وعند باب السجن التقى به أحد مندوبي قناة فضائية، فقال: " لم أشعر بطعم الاحتلال إلا بعد أن اعتقلت. كانت صورة الأمريكان عندي كلِّش (جداً) حلوة ". نعم كانت صورة الأمريكان لدى الشيعة – وكذلك كان طعمهم – حلواً.. وحلواً جداً! لكن الله تعالى سلطهم عليهم، ليذيقهم شيئاً من تلك (الحلاوة) التي صنعوها بأيديهم: ]وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا سُنَّتَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً[ (فاطر:43).

ولكن سيبرقعون قتالهم على الدنيا بلافتات الجهاد والوطنية
وكان مما قلت يومها: ((سيقع الخلاف، ويشتد حتى يتحول إلى صراع وقتال.. ما في ذلك شك. ليس هذا هو الغريب أو الأهم في الأمر ! مقررات القرآن تخبر بذلك، وحركة التأريخ تشهد عليه. الأهم من هذا كله أن هذا الصراع حين يقع سيبرقع بلافتة الجهاد. مع أنه - في حقيقته ودوافعه - صراع مصالح وتزاحم إرادات، شأنه شأن أي صراع بين جميع المختلفين في العالم على اختلاف أعراقهم وأديانهم...
فإذا انجلت غمامة الأحلام - ولا بد -  وتبدد غبار الأوهام، وتبين لهم أنهم يمشون حفاة عراة على رمال السراب المحرقة، وليس في أيديهم غير قبض "الريح" ؛ فاختلفت المصالح واصطرعت الإرادات.. عندها لن يجدوا مناصاً من أن يحتكموا إلى لغة القوة غضباً وحمية وشجاعة... إلخ - إلا من رحم - ولكن لا يمكن لهؤلاء أن يتحولوا - بقرار رجعي - إلى... مجاهدين! يهلل لهم ويصفق وتوضع على رؤوسهم أكاليل الجهاد؟!)). لكن ما هو أدهى حين يجدون من (جماعتنا) - وهم كثر لا كثر الله أمثالهم! – من سيؤيدهم ويوقِّع على ما يقولون ويدَّعون؛ فيحصل اللبس، ويكون التزوير. ويأتي من يقرأ
التاريخ فيجده مكتوباً بالمقلوب!
والله ما قاتلوا استجابة لدين، ولا دفاعاً عن وطن، وإنما تنافساً على لعاعة من الدنيا، لا تعدو المنصب والمال. وهناك عامل آخر لا يقل عنه أهمية.. إيران..!
 
عملاء إيران يدافعون عن مشروعها ضد مشروع الأمريكان
ظل الشيعة في هدوء تام في علاقتهم مع المحتل - عدا بعض الحالات الفردية، واستعراضات مقتدى الفارغة – حتى بدأ اختلاف المصالح بين أمريكا وإيران يطفو على السطح. وذلك في بداية عام 2006. وصار الأمريكان وحلفاؤهم يشنون حملتهم الإعلامية ضد إيران وبرنامجها النووي، حتى بات الكثيرون يرون أن هجوماً أمريكياً على إيران أصبح على مرمى حجر أو أقرب! ورأينا بعدها تحرك شيعة لبنان، ودخولهم في معركة مع إسرائيل. وقد ظهر للمتابع حرص إيران على دفع سوريا إلى المعركة، وتركيزها على أنها سترد بقوة إذا ما هوجمت سوريا، فلم تفلح. عندها رأينا شيعة العراق - في الجنوب وغيره - قد صاروا يقومون ببعض العمليات العسكرية ضد الأمريكان وحلفائهم بصورة تلفت النظر. وقد تزامن هذا وتصاعد مع التصعيد الإعلامي الأمريكي ضد إيران وبرنامجها النووي. وهذا يقودنا إلى القول بأن المحرك واحد، والأهداف واحدة. وأن إيران هي مفتاح اللغز.
واليوم تشتد الحملة الإعلامية الأمريكية ضد إيران، وتزداد الحشود والاستعدادات الأمريكية في الخليج وغيره، حتى بات المراقبون يتوقعون هجوماً أمريكياً وشيكاً على إيران. من مصلحة إيران - التي جاءت بأمريكا إلى المنطقة. أو كما يقال: جاءت إلى حتفها بظلفها – أن تخرج أمريكا من العراق. أو على الأقل تشغلها بنفسها عن طريق محاصرتها بالضرب من كل جانب. هذا هو السر في تحرك الشيعة في هذا الوقت عسكرياً عن طريق الإيعاز إلى من يحمل السلاح من الشيعة وغيرهم بضرب الأمريكان. وسياسياً عن طريق مطالبة عملاء إيران - وأولهم مقتدى القابع هناك - برحيل القوات الأمريكية. من هنا جاءت دعوة مقتدى لأنصاره بتسيير المواكب إلى النجف بهذه المناسبة مطالبين بخروج المحتل، وهم (يستعرضون) شعاراتهم ويهتفون: " اخرجوووا أيها المحتلون " . لا تديناً، ولا وطنيةً، وإنما تهارشاً على الدنيا الدنية، وحميةً لجارة السوء إيران. عاملها الله جل وعلا بما تستحق، وأعطاها ما تمنت لنا من قبل، وتتمنى وتسعى إليه على مر العصور، وكر الدهور.
 
الانتماء للطائفة وليس الوطن
قلت قبل ثلاث سنين في كتابي (إلى متى نخدع؟): ((الذي أراه - من خلال الرصد والتحليل - أن عامة الشيعة لا ينتمون إلى (الوطن) إلا انتماءاً غريزياً لا أكثر! أما الانتماء بمعنى الهوية، والكيان والوجود، والتأريخ والجذور، والدين والأمانة، والوفاء والحقوق فلم ألمس أو أحس أن له وجوداً في المشاعر المستبطنة لهؤلاء، ولا في حساباتهم الواعية. ولذلك تراهم إذا هدد (وطنهم) غازٍ أجنبي يتعاملون مع الحالة بحسابات الربح والخسارة! وهي حسابات وهمية على الدوام. لكن أصحابها لا يكتشفون خطأهم إلا بعد فوات الأوان. لتلبس الحالة الجديدة لباس الدين والوطنية! ويحمِّلوا الوطن وأهله منة منافحتهم عن أرباحهم الوهمية التي خسروها وهم يسرحون - عافاك الله - في متاهات أوهامهم!)).
أما الانتماء الحقيقي لدى الشيعة، فهو الانتماء للطائفة أينما كانت: في العراق، في لبنان، في إيران، في أي مكان. يتعلقون بها، ويهيمون بذكرها، ويتعصبون لها، ويقاتلون من أجلها. ومن أراد مثالاً لهذه الحالة فلينظر إلى اليهود. وإذا كان من وطن يتعلق به الشيعة فهو إيران. ولقد صدق الرئيس المصري، وكان مسدداً كل التسديد في تشخيصه لهم حين قال قبل سنة: إن الشيعة لا وطنية لهم، وهم عملاء لإيران.
إن هذا يفسر موقف الشيعة في العراق من المحتل الأمريكي واستسلامهم له. لكنهم يتظاهرون بالألوف المؤلفة هناك مطالبين بالتطوع للقتال مع "حزب الله" في معركته مع إسرائيل. وحسينياتهم في حي "السيدة زينب" في دمشق، التي تعج بالعراقيين، كانت أيامها – كما شهدت بعيني، وسمعت بأذني - تجعر بالضجيج تأييداً "لحزب الله" ، وافتخاراً بما يصنع. بينما أصحابها مستسلمون كالأغنام، صامتون كالأصنام عما يحدث في بلادهم من كوارث الاحتلال، ومآثر الرجال!
  في تلك الأيام الصاخبة قام شيعة العراق - وبمبادرة من كبيرهم السيستاني - بحملة أطلقوا عليها  اسم "لننصر إخوتنا في لبنان". وأوضح مراسل (مفكرة الإسلام) في العاصمة العراقية بغداد أن الحملة يقودها فيلق بدر وجيش المهدي، وكان أول المتبرعين هو مكتب السيستاني في النجف. تلاه السفير الإيراني في العراق. ثم عبد العزيز الحكيم وجلال الطالباني. فضلاً عن تجّار شيعة وسياسيين آخرين. ويشير مصدر مطلع أن الحملة قـد تجمع أكثر من مليار دينار عراقي سيقدمها شيعة العراق إلى "حزب الله". بل رشحت أخبار عن قيام الإيراني باقر صولاغ وزير المالية في العراق، بتسريب عدة ملايين من دولارات خزينة الوزارة إلى ابن طائفته حسن في لبنان!
   ولو كنت حينها في دمشق، ومررت بالملحقية الثقافية الإيرانية في ساحة المرجة في وسط العاصمة! ورأيت مظاهر الدعاية، وسمعت الضجيج، والصخب والعجيج! وعلى رصيف الشارع – كعادتهم في التبجح والاستعراض – أمام الباب وضعوا طاولة يجلس في صدرها رجل، وأعلاماً وجهاز تسجيل يبث الأناشيد الحماسية بصوت عال، وخطابات حسن نصر الله. أكل هذا لخاطر عيون فلسطين؟! فأين هم من العراق؟!!!
وما لنا نذهب بعيداً؟ وقد اعترف بهذه الحقيقة سافرة أحد المسؤولين الكبار في الحكومة الإيرانية، وهو حسين شريعتمداري الذي هو أحد كبار مساعدي مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي، في مقال له في صحيفة كيهان الإيرانية (اليومية الرسمية) يحمل عنوان (هذه حربنا)، متحدثاً عن حقيقة الحرب الأخيرة بين إسرائيل و"حزب الله" ، وذلك في أحد أيام شهر أغسطس 2006 . يقول فيه: (إن حزب الله لا يقاتل من أجل السجناء، ولا من أجل مزارع شبعا، أو حتى القضايا العربية أياً كانت في أي وقت؛ وإنما من أجل إيران في صراعها الحدودي لمنع الولايات المتحدة من إقامة شرق أوسط أمريكي).
ولهذين الأمرين (اختلاف المصالح، وإيران) يقومون اليوم بمشاغباتهم العسكرية ضد المحتل. ويتظاهرون ضده مطالبين إياه بالخروج فوراً، وبلا تأخير. إنه مشروع طائفي إيراني، لا مشروع وطني. ومن الخطأ الفادح، بل من الغباء أن نعول عليه مقدار أنملة، بل قلامة ظفر. إنما علينا أن نأخذ الأمر مأخذ الجد ونفتش عن مشروعنا. فمن لا مشروع لديه، سيكون فريسة وضحية لمشاريع الآخرين.
ما هو مشروعنا؟
لقد نجحت المقاومة العراقية إلى الآن نجاحاً كبيراً في إفشال المشروع الأمريكي. ولكن في الوقت نفسه نجد أن ما حصل إلى الآن هو في صالح مشروع إيران. ولم تستفد المقاومة في استثمار جهدها لا لصالح مشروعها الذاتي، ولا لإفشال المشروع الإيراني. فهل هذه معادلة عادلة؟ أن يحصد من لا يزرع، وفي أراضي الآخرين!
لا زال البعض يتوهم أن الطريق ينتهي عند إخراج المحتل الأمريكي من العراق. وأقول: إن أمريكا ستخرج، حتى لو لم يقاتلها أهل السنة هذا القتال الشرس المرير. ولن يطول الانتظار كثيراً. وحتى لو افترضنا - على سبيل الجدل الموضوعي - أن المقاومة توقفت عن ضرب الأمريكان فإنهم سيخرجون؛ لأن عوامل أخرى ستتدخل حتماً من أجل الوصول إلى هذا الهدف، الذي لا بد منه لتحقيق مصالحها ومشروعها. فهل من الحكمة أن يشتغل العاقل بتحصيل حاصل، هو في صالح غيره؟! عيب علينا أن نقاتل نيابة عن أعدائنا وخصومنا.
أيها السادة! هناك ثلاثة مشاريع : 1. المشروع الأمريكـي 2. والمشروع الإيرانـي 3. ومشروع المقاومة.
وهذه المشاريع الثلاثة لا يتحقق أحدها إلا على حساب المشروعين الآخرين. المشروع الأمريكي لا يتحقق إلا بإفشال المشروع الإيراني، ومشروع المقاومة. وكذلك كل مشروع في مقابل المشروعين الآخرين.
فإذا اكتفينا بإفشال المشروع الأمريكي - والذي بدأت بوادره تظهر للعيان – وتوقفنا قبل إلحاق المشروع الإيراني به، كان هذا نقصاً وثغرة لصالح إيران. ستستثمرها في تحقيق مشروعها، على حساب مشروعنا. وعندها سنجد أنفسنا أننا لم نكن سوى ضحية لمشاريع الآخرين! وأننا كنا مستغفلين إلى الحد الذي صرنا عنده نقاتل نيابة عن أعدائنا. وأننا – لو حصل ذلك – نكون قد خضنا حرباً كان علينا أن لا نخوضها بهذه الطريقة الغبية. ولكن لربما بعد فوات الأوان، وكف الخوان.
إذن علينا أن نستمر حتى إفشال المشروعين الخبيثين، وتحقيق مشروعنا على أشلائهما. علينا قبل خروج الأمريكان - ومعه وبعده - أن نفشل مشروع إيران، ونخرج من أرضنا كل من ساعدها وآوى جنودها وعملاءها، من الأفراد، والمؤسسات والأحزاب العميلة، والحاضنات، ومن كان في صفهم من الخاصة والعامة.
ولا أريد أن أطوي بساط الحديث قبل أن أقول: أما آن الأوان لنعرف أن الشيطان الأكبر هو إيران، وليس الأمريكان؟ 
 
 
عقدة
الاستعراض عند الشيعة
 
11/6/2007
 
ملاحظة/ قدمت هذه المقالة على أحواتها في التأريخ لتعلقها بالمقالة السابقة.
 
لا زلت أذكر – ومنذ أكثر من ربع قرن! - شخصاً كان سكيراً يؤذي أهله وجيرانه. ذهب يوماً إلى الحج. وعاد منه، فكنت أراه يفتح الباب الخارجي لداره ثم يقرأ القرآن قرب الباب بصوت مرتفع، يسمعه ويراه الرائح والغادي. أنا أقرأ القرآن؛ إذن أنا تبت، أنا تغيرت، اعلموا ذلك! وتمر مدة - لم تطل كثيراً - حتى عاد إلى عادته القديمة في السكر والإيذاء، وكأنك يا أبا زيد ما غزيت!
في المقالة السابقة التي كتبتها بعنوان: (بعد أربع سنين.. الشيعة يهتفون: اخرج أيها المحتل!) تناولت الموضوع من الناحية السياسية. وقد كتبت فيها أقول: (شاهدنا أمس على شاشات الفضائيات حشود الشيعة من أتباع مقتدى وغيرهم، وهم يتظاهرون في مسيرات صاخبة، تتجه إلى النجف، يرفعون أعلام العراق، ينددون بالمحتل، مطالبين بخروجه. تتخللها لقطات (استعراضية)، من مثل عجوز مقعدة تلتحف بعلم العراق، تدفع كرسيها امرأة تتشح بالسواد. لافتات تحمل شعارات رنانة. وشيخ معمم بلحية وخطها الشيب، وهي تدنو من الستين، في وسط تلك الحشود، أمام المكرفون يصرخ بأعلى صوته، فاتحاً فمه على مصراعيه، وقد ضيق كل نافذة ممكنة في جسمه: اخرج أيها المحتل!).
واليوم أريد أن أقف على الموضوع وقفة نفسية تحليلية، أبحث فيها عن الدوافع النفسية الكامنة وراء هذه التصرفات (الاستعراضية)، والحركات (التمثيلية)، التي ربما ينخدع لها الكثيرون؛ فيظنونها حقيقية، تنبع من أعماق أصحابها، وأن هذه الحشود الشاخصة أمامهم يعنون ما يقولون، ويقصدون ما يفعلون. وربما لا يصدق الكثيرون أن ما يرون يدل تمام الدلالة على عكس ما يتراءى لهم، ويبدو لأنظارهم!
وقبل أن أدخل مباشرة في الموضوع أرى أن أقدم له بمقدمة علمية، تتعلق ببعض المصطلحات والحيل والأمراض النفسية.
 
الحيل النفسية الدفاعية
عندما يتعرض الإنسان إلى مشاكل وأزمات لا يوفق إلى حلها بطرق إيجابية واقعية، يظل في حالة من التوتر الانفعالي الموصول؛ ما يجعله يلجأ إلى أساليب ملتوية سلبية خادعة تخفف عنه بعض ما يكابده من تأزم نفسي، وتقيه مشاعر القلق والعجز والفشل والخجل والرثاء للذات وغيرها من المشاعر التي تنشأ عن إحباط دوافعه. فإذا به يتجاهل المشكلة أو يتناساها أو ينكرها أو يستصغرها أو يموه عليها أو يتنصل منها بإلقاء اللوم على غيره لا على نفسه. كل ذلك للخلاص مما يعانيه من القلق بدلاً من مواجهته. لذا تسمى هذه الأساليب الملتوية بالحيل الدفاعية؛ لأنها تدفع عن الفرد غائلة القلق، وتهبه شيئاً
من الراحة الوقتية، وإن تكن راحة وهمية حتى لا يختل توازنه النفسي.
وهذه الأساليب في حدودها المقبولة يلجأ إليها الجميع صغاراً وكباراً، الأسوياء وغير الأسوياء للتخفف من أزماتهم النفسية المستعصية، وفي حل مشكلاتهم اليومية العابرة الطارئة. وهي تعمل غالباً على مستوى لا شعوري، أي إن الفرد لا يكتسبها عن قصد، ولا يستطيع ضبطها وكفها بإرادته([11]). لكن حين تزيد هذه الأساليب عن حدودها المقبولة، وينطبع عليها الفرد تؤدي به إلى الوقوع في الأمراض النفسية أو العقلية، أو تتحول هي إلى مرض في ذاتها. أهم هذه الأساليب أو الحيل النفسية الدفاعية، كالتعويض الزائد والكبت والإسقاط والتماهي والنكوص والعدوان إلخ... يقول د. أحمد عزت راجح: يتضح لنا مما تقدم أن الأمراض النفسية والأمراض العقلية ما هي إلا وسائل شاذة للتخلص من أعباء وأزمات نفسية لا سبيل إلى التخفف منها إلا بالتورط في هذه الأمراض([12]).
من هذه الحيل الدفاعية التي ربما تحولت إلى أمراض:
 
حيلة التعويض الزائد  Overcompensation
التعويض هو كل محاولة لإخفاء نقص أو التغلب عليه. وكثيراً ما يكون التعويض ستراً للنقص لا التماساً للقوة وإصلاح العيب. وقد يطلق التعويض على كل محاولة للتحرر من الشعور بالنقص؛ لذا فقد يعتبر التبرير والإسقاط وأحلام اليقظة والعدوان على الغير مثلاً صوراً من التعويض لكنه تعويض فاشل.
أما التعويض الزائد فهو مهاجمة النقص بعنف بما يؤدي إلى تضخم مظاهر التعويض، كالشخص الضعيف البنية الذي يمارس الألعاب الرياضية، ولا يقنع أن يصير جسمه عادياً بل يجهد نفسه ليكون من الأقوياء. ويتخذ التعويض الزائد صوراً كثيرة منحرفة منها اصطناع ضروب من التصرف المتكلف السخيف طمعاً في جلب انتباه الآخرين. والتباهي بأعمال عظيمة، أو الخروج على الناس بأفكار مغربة، أو التمشدق في الحديث، أو اللباس غير المحتشم. بل قد يتخذ شكل عدوان وإجرام كي يثبت الفرد لنفسه وللناس أنه غير ضعيف، وأن لديه من القوة ما يتحدى به حتى القانون([13]).
 
حيلة التكوين العكسي Reaction formation
 هو اصطناع سلوك أو اتجاه يناقض، ويموه على ما لدى الفرد من أفكار أو رغبات لا
شعورية محظورة، أو مكروهة. كاصطناع الفرد مظهر الشجاعة، بينما هو خائف في أعماق نفسه. أو مظهر الرحمة تمويهاً على قسوة دفينة.. وها هي ذي زوجة تخاف من السكاكين خوفاً شاذاً؛ فلا تطيق أن ترى واحدة منها في منزلها، أو على المائدة. وقد دل التحليل النفسي على أن هذا الخوف كان رد فعل لرغبة لا شعورية عندها في أن تقطع رقبة زوجها!
على أنه يجب التمييز بين التكوين العكسي والتصنع المقصود. ففي التصنع يكون الشخص شاعراً بالميل المحظور، أو الدافع البغيض، ويرغب عامداً في إخفائه. أما التكوين العكسي فهو عملية أو سلوك لا شعوري، ينجم عن دوافع محظورة مكبوتة. أي لا يفطن الشخص إلى وجودها، بل ينكرها مخلصاً في إنكاره. وهنا يتجلى خداع الذات([14]).
والآن هل تستطيع الجواب على السؤال التالي: هل ما فعله الشيعة في تلك الاستعراضات النارية يدخل في باب (التكوين العكسي) أم (التصنع المقصود)؟
يعاني الشيعة – ومنذ أربع سنين - معاناة شديدة جراء المفارقة الصارخة التي حصلت بسبب موقفهم من المحتل، وقد تبخرت كل شعاراتهم الثورية، وهتافاتهم الدينية! في الوقت الذي يرون فيه غرماءهم من أهل السنة يصاولون العدو الغازي، ويقاتلونه، ويذيقونه مر الهزيمة والإذلال؛ فيسطرون أروع الملاحم، ويكتبون حروف النور في صفحات المجد، وسفر التاريخ الخالد.
فماذا تراهم يفعلون إزاء هذا الشعور الحاد بالنقص، والنقص المخزي؟! وأي حيلة نفسية يتبعون؛ ليتخلصوا من القلق الجارف، ويتجنبوا مواجهة الذات بالعار الذي يجلل رؤوسهم؟!
لا شيء غير اللجوء إلى مهاجمة ذلك النقص بعنف بما يؤدي إلى تضخم مظاهر التعويض، فكانت تلك المظاهرات الاستعراضية، والحركات البهلوانية، والهتافات الحماسية التي شقوا بها طبلة أذن الدبابات الأمريكية، فولت هاربة مذعورة تطلب جدولة الانسحاب، وإلا فسوف لا تلقى مستقبلاً غير المزيد والمزيد من المظاهرات والحركات والهتافات!
 
المظاهر المبهرجة
 في كتابي (التشيع.. عقيدة دينية أم عقد نفسية؟) درست الشخصية الشيعية دراسة نفسية معمقة. وقد وجدت أن هذه الشخصية هي شخصية عليلة، أحصيت من عللها عشرين علة نفسية، انعكست هذه العلل فاتخذت شكل العقائد والطقوس الدينية. من هذه العلل (عقدة الاستعراض). فالشخصية الشيعية – كالشخصية الفارسية تماماً - شخصية استعراضية مظهرية تهتم بالشكل والمظهر اهتماماً كبيراً، وذلك تعويضاً عما تعانيه من عقدة نقص متأصلة في نفسيتها المريضة. تدفع هذه العقدة صاحبها إلى أن يتحول إلى مخلوق يخفي ذاته من أجل التستر على خوائها الداخلي بكل ما يمكن أن يبهر الآخرين ويثير غيرتهم.
 إن هذا الخواء يقض مضجع الإنسان الناقص، ويدفع به دفعاً إلى مزيد من الإقبال على المظاهر التي تتستر عليه وتخفيه. تجد ذلك واضحاً في الزي الديني للمراجع والعلماء: العمامة الكبيرة البالغة الكبر، واللحية الطويلة، واللباس الخاص الذي يحرص الواحد منهم حرصاً مبالغاً فيه على عدم ظهوره للناس ولقائه بهم إلا من خلاله. هذا مع الكالوش المتعدد الألوان حسب الدرجة العلمية (الأسود ثم الأحمر ثم الأصفر البرتقالي الشبيه بالشمس أو النار)، والمحابس المتعدة الملونة ذات الفصوص الكبيرة في أصابع كلتا اليدين. وتستطيع بالمقارنة مع الزي الديني السني، وقلة حرص العالم السني على ملازمة لبسه أن ترى الفرق، وتدرك دلالة القصد.
 وقد يتخذ الاستعراض مظهراً عكسياً بأن يختفي المرجع فلا يظهر للعامة إلا نادراً من أجل إضفاء هيبة غامضة مضخمة، والإيحاء بالشخصية المبهمة المستعصية على الإدراك والفهوم، تشبهاً بالإله الذي (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار).
كما تجد (الاستعراض) واضحاً في المسيرات والمواكب والحشود، والمسرحيات التي تسمى بـ(التشابيه) اعتماداً على الشخصية الإيحائية لدى (الفارسي) التي انتقلت بالحث والعدوى إلى الشيعي. وتجده أيضاً في الألقاب الفخمة التي يتعوض بها مراجع الشيعة عما يعانون منه من عقدة نقص: (السيد، آية الله العظمى، المرجع الأعلى، ولي أمر المسلمين، زعيم الحوزة... إلخ). وكذلك في أسماء أحزابهم وتنظيماتهم: (المجلس الأعلى، فيلق كذا ، حزب الله ، المجلس الإسلامي الأعلى، الهيئة العليا لكذا وكذا) وهكذا..
هل سمعت بالمثل العراقي.. (مقوار أو مكوار المخنث)؟! و(المكوار) عند العراقيين هو عصا غليظة في طرفها كرة من القير المتصلب. أما المخنث فيزيد من حجم تلك الكرة كثيراً ليوهم الآخرين ويخيفهم، تجنباً للاصطدام معهم، حتى لا يضطر للتعرض إلى ذلك الموقف الذي يرتعب من ذكره، فيتعوض عنه بكبر قيرة (مكواره)!
من هنا جاء كبر (مكوار) المظاهرات الشيعية في ذلك اليوم المشهود، وشدة تنديدهم بالمحتل، وارتفاع أصواتهم المطالبة بـ(خروجه)!
يقول برنارد شو: (الإنسان بحاجة إلى  الإلحاح اللفظي على ما يفتقر إليه). فالمهزومون يفرطون في الحديث عن الانتصارات، والعميان يسرفون في استعمال الأفعال التي تعني الإبصار، ودرجات الألوان والمسافات. والجائع يكثر من ذكر الطعام. كذلك العطشان في حديثه عن الماء. والشيعة يكثرون اليوم من العجيج والضجيج والصراخ بخروج المحتل، وفوراً، وبلا تأخير. (مستعجلين)!
 
الدعاوى الفارغة والتصريحات الرنانة
وتجد (الاستعراض) لدى الشيعة في الدعاوى الرنانة الفارغة من المحتوى لإثارة الانتباه وجلب الإعجاب. وآخر ما طلعوا به علينا من ذلك ما صرح به الرئيس الإيراني المتشدد محمود أحمدي نجاد من دعوته إلى محو دولة إسرائيل، وعرضه نقلها إلى ألمانيا، أو
إحدى دول أوربا، وإنكاره لحقيقة المجازر التي تعرض لها اليهود على يد هتلر.
والشيعي لنقصه حريص على إخفاء ذاته، وإظهارها بعكس ما هي عليه. إنه كائن يخفي
ذاته من أجل التستر على خوائها الداخلي، ويتمظهر بكل ما من شأنه أن يبهر الآخرين ويثير إعجابهم وغيرتهم. وليس من باب الشرع والتدين حرص الإيراني على إخفاء المرأة بغطاء (التشادور) والبوشية، إنما هو من باب الحرص على التخفي والتستر على الذات. فالكثير من هؤلاء النسوة في الواقع لسن أكثر من مجرد سلعة معروضة لـ(المتعة)، وقد تفرج على جسدها مكشوفاً عارياً العشرات من الرجال من طالبي اللذة والمتاع الرخيص! فأين هذا من هذا ؟!!!.
 
المسيرات والمظاهرات
وتجد هذه العقدة واضحة في مسيراتهم ومظاهراتهم الشعبية، وهم يستعرضون قوتهم من خلال الدبكات والهوسات النارية، والشعارات والأعلام والصور والوعد والوعيد. من أجل ماذا؟ مثلاً: في يوم 15/1/2005 أظهرت الشاشات الفضائية صورتين: إحداهما في حي الثورة الشيعي في بغداد، والأخرى في الأنبار والموصل السنيتين. وما بين الصورتين من المفارقة ما بين الأرض والسماء!
 في (الثورة) مسيرة ضخمة بالدبكات والهوسات والشعارات والأعلام! من أجل ماذا؟ وعلى مَ كل هذا؟! إنهم يطالبون بتوفير النفط والغاز والبنزين والكهرباء! أما في الأنبار الباسلة – ومعها الموصل – فظهرت صورة للمجاهدين – بأبي هم وأمي!!! - ملثمين يحملون قاذفاتهم وأسلحتهم الأخرى، يهاجمون الأمريكان ويحرقون آلياتهم وناقلات جنودهم. ولكن.. بلا هوسات ولا دبكات ولا أعلام ولا ضجيج.
ويخرج مستعرضاً بعض الخائبين، ومن أقذر مدينة في الشرق الأوسط بلا منازع وأكثرها وساخة وعفونة ليسميها بـ(مدينة الصدر المقدسة، وفي رواية: المنورة)!! كبرت كلمة تخرج من أفواههم، إن يقولون إلا كذبا.
وتتوالى هذه الصور والمشهد يتكرر: مظاهرات رنانة واستعراضات فارغة في المدن الشيعية من أجل توفير فرص عمل، ومطالبة بالتعيين في سلك الشرطة في السماوة، ومظاهرات في الرميثة، وتفاخر فارغ بما فعله الأجداد في ثورة العشرين:
 

اليومِ نْعيدِ الماضي
 

 

واحنا احفادَك يا شعلانْ

 

الشاهدْ هذا المركزْ
 

 

هذا اليَمَّكْ موشِ بْعيدْ

 
ماذا تتصور يريد (أحفاد شعلان)؟ إنهم يطالبون بالتعويض عن الشلب الذي مات بسبب انقطاع الماء !!! .. ووجدت نفسي أردد المقولة الشعبية العراقية: (غَمِّـﭻْ خلفة).
وتذكرت الشاعر فلاح عسكر وهو يقول:
 

احنا مْن اولِ التاريخْ معروفينْ

 

احنا اهلِ السيوفِ الباشطهْ الزينـهْ

وانتو مْنَ اولِ التاريخْ معروفيـنْ

 

حياك الزوالي الحَدرْ رِجلينا

وعادت إلى ذاكرتي صورة ذلك الرجل المسكين، الذي كان يقعد كل يوم عند الباب، يستعرض توبته وهو يقرأ القرآن.
 نعم! لقد كان يقرأ القرآن. ولكن لم تطل به الأيام كثيراً. وكذلك بأمثاله لن تطول.
 
11/6/2007
 
 
العروبة
بين المضمون الإسلامي والمضمون العلماني
(1)
15/4/2007
 
حيثما كان ظلم، وأينما حصل اعتداء فثمة قضية. لا بد أن تعالج، حتى يزال الظلم، ويرد الاعتداء. ويعود كل شيء إلى مكانه الذي كان عليه.
قد يكون الظلم والتفريط في حق فرد؛ فيكون الدفاع عنه، والتنويه بحقه وفضله واجباً مشروعاً. وقد يكون في حق جماعة أو جهة - مهما كانت تلك الجماعة أو الجهة: قبيلة، أو بلداً، أو أمة، أو مؤسسة - فيصبح الأمر أشد وجوباً، وأكثر مشروعية. فإذا زال الظلم رجع كل شيء إلى حاله وطبيعته؛ لأنه لم يعد هنالك من مشكلة، تؤسس لقضية.
 
النبرة القومية
كتب إلي صديق عزير على قلبي يقول: ((بعض الإخوة هنا اعترض على النبرة القومية)) أي فيما هو مكتوب أو موجود على الموقع الألكتروني. وكأنه يريد أن يكمل فيقول: وهذا لا يليق برجل إسلامي، قضيته إسلامية. بل هذا ما يريد قوله، ناقلاً أو متبنياً.
وأقول: أيها الأخ الحبيب! أشكرك على نصيحتك، كما أشكر الإخوة الذين رأوا هذا الرأي. كان عملاق الإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: ((رحم الله امرءاً أهدى إليّ عيوبي)). فأسأل الله تعالى أن يرحمنا جميعاً، ويأخذ بأيدينا إلى سواء السبيل. وتحت ظلال هذه الرحمة الإلهية أجلس معكم، ويسرني أن أقول:
من حق كل إنسان أن يحب أهله، وقبيلته، وقومه، وبلده، وأمته، ويستشعر انتماءه إليهم، ويتغنى بحبهم وأمجادهم ومآثرهم. بشرط أن لا يدفعه ذلك إلى التعصب لهم، أو البغي على غيرهم، والوقوف معهم حتى ولو كانوا ظالمين معتدين. من حق الجبوري نسباً مثلاً أن يحب قبيلته - بل يجب عليه ذلك - وأن يفخر بمآثرهم وهم يصاولون المحتل، ويدفعونه عن دينهم وعرضهم وأرضهم. على أن لا يحمله ذلك على أن يغمط الآخرين مآثرهم وجهادهم. هذا من حيث الأصل.
فلو افترضنا أن ظلماً وقع على هذه القبيلة العتيدة، فصارت توصف بما لا يليق بها من التخاذل والبخل، أو وجد من يشكك بأرومتها العربية، وينسبها إلى غير العرب - مع أن الناس سواسية في أصل الخلقة – واستشرى هذا الظلم حتى ألفت فيه الكتب، وتكلمت به الصحف. بل انبنى عليه ما هو أكبر وأفظع، من تحقير أبنائها، وإخراج القبيلة من أرضها، وتشريد أفرادها! فكان ذلك حافزاً لابن القبيلة إلى أن يدافع عنها، ويصفها بالشجاعة والكرم، ويرد على من شكك في عروبتها، ويطالب باسترداد حقوقها. حتى لو تطور الأمر لديه فصار (قضية) يعيش لها، إلى أن تعود الحقوق إلى أصحابها، والأمور إلى نصابها.
فهل من الإنصاف أن تحصى على مثل هذا الأنفاس، وتسجل عليه الألحان والنبرات، ليوصف أخيراً بأنه ((ذو نفس أو نبرة جبورية، أو عشائرية))؟ أو أن تخرج (قضيته) من إطارها الإسلامي إلى الإطار العشائري؟
أليس من الإسلام نصرة المظلوم؟ ورد الظلم؟ مهما كان صنفه وشكله ولونه. سواء ما تعلق منه بالدين أو الدنيا، الفرد أو الجماعة. الإنسان أو الحيوان... وهكذا. أم الإسلام هو تبني المسائل الإلهية، أو الدينية البحتة - كالعقيدة، والصلاة، والذكر وغيره من العبادات - والدفاع عنها، دون المسائل الأخرى التي لها تعلق بالناس أو الدنيا؟ أليست هذه هي (العلمانية) عينها؟
فإذا كان الظلم واقعاً على بلد بحاله، وأمة بأكملها، فإن الأمر يكون أحق، وأوضح، وأكثر مشروعية.
 
العراق مهدد في كيانه وانتمائه
أيها السادة!
هناك قطر يراد له أن يسلخ عن هويته، ويفصل عن أمته، ويجرد من عروبته. وهناك عدو عنيد مكابر، يناصب هذا القطر العداء على مر التواريخ والعصور، يريد أن يبتلعه، ويسحقه، ويجتثه من جذوره، ويسلبه حقوقه في الهوية والانتماء.
ثمة ظلم؛ فثمة قضية إذن.
وهذه القضية لا بد أن تتعلق ضرورة بهذا الظلم، وتتلون بلونه. وهي – مهما كان تعلقها ولونها – لن تخرج عن إطار الإسلام، ما التزم أهلها به، وحافظوا عليها في إطاره.
العراق أيها السادة!
تدور عليه رحى مؤامرة!
يريدون تجزئته.. ويريدون عزله عن انتمائه العربي، وقضمه - شيئاً فشيئاً – حتى لا يعود هناك عراق!
وليست المؤامرة هذه وليدة اللحظة، أو السنوات الأربع الأخيرة. كلا. ولا كلامنا عن ذلك كذلك.
إيران أيها السادة!
إمبراطورية الشر، والشيطان الأكبر! تعتبر العراق جزءاً منها! تدفعها نفسية جمعية منحرفة، يغذيها إرث استعماري قديم قدم التاريخ. فهي كانت تغزوه دائماً، وتستوطنه ما قدرت على ذلك. وتقيم فيه المئات من السنين. كان آخرها قبل الفتح الإسلامي، وقد استمر إجمالاً ألفاً ومائة وخمسة وسبعين عاماً. من سنة 539 ق.م. إلى سنة 636 ب. م. ولطالما غزت إيران العراق قبل ذلك – وبعده – وأقامت فيه، حتى يتهيأ لها من يطردها خلف الحدود. فتنسحب ولها تغيظ وزفير، لتعد العدة، وتعيد الكرة مرة أخرى. فما من حضارة قامت في العراق إلا وكان تدميرها على يد شعوب إيران: وهذه هي المراكز الحضارية الستة في التاريخ التي قامت في العراق، وأماكنها وتاريخ تدميرها على يد إيران:
·        أكد (2160 ق. م.) في اليوسفية
·        وسومر (2006 ق. م.) في الناصرية
·        وآشور (612 ق. م.) في نينوى
·        وبابل (539 ق.م.) في بابل
·        والحضر (242 ب. م.) في نينوى
·        وبغداد (1258 ب.م. و 2003 ب. م.).
ومن إيران انطلقت الحركة الشعوبية الحاقدة ضد العرب، تتآمر في سبيل تشويه مآثرهم، وتحريف تاريخهم، والقضاء على ملكهم، وحضارتهم ودينهم. وشجعها الحكام الإيرانيون - وأولهم البويهيون - واحتضنوها، ودعموا دعاتها.
 وظلت إيران تحلم بإعادة العراق إلى إمبراطوريتها، وضمه إليها، وتحن إلى سابق عهدها قبل الإسلام. وما الاحتلال البويهي الذي استمر قرناً ونيفاً إلا صورة من صور تحقيق ذلك الحلم. واحتل الصفويون بغداد مرتين.
ولا تخفي إيران اليوم حلمها في ضم دول الخليج والعراق تحت جناحها! وقد ضمت غيره من قبل كالأحواز والجزر الإماراتية الثلاث، ومساحات شاسعة من أرض العراق الحدودية.
إيران هي الدولة الوحيدة التي لم تعترف بالعراق عضواً في عصبة الأمم في عشرينيات القرن الماضي. وظلت مصرة على موقفها الغريب هذا، حتى أجبرتها السياسة - وتداخلاتها مع بريطانيا - ليتغير الموقف عام 1929. بينما كانت من أوائل الدول، التي اعترفت بالكيان الصهيوني، كدولة مستقلة منذ عام ‏1951،‏ أي بعد نشأته بحوالي ثلاث سنوات فقط.
وقد استغلت إيران بريطانيا وخوفها من روسيا آنذاك، فتآمرت معها، وقامت باحتلال قطر الأحواز عام 1925 في مقابل صد الخطر الروسي.
 
الحكام الإيرانيون يصرحون: العراق جزء من إيران
ومرة بعد مرة يطيش رأس المسؤول الإيراني بذلك الحلم؛ فيأخذ بالهذيان، وتظهر النوايا على صفحات اللسان. حتى جاء الخميني صاحب (الجمهورية الإسلامية) ليعلن وزير خارجيته (صادق قطب زادة) أن العراق جزء من إيران. وبسبب هذه التصريحات، وما جرت على الحدود من تحرشات واعتداءات وقعت الحرب التي استمرت ثماني سنين. بل صرح هذا السفيه في مقابلة له أجراها "راديو مونت كارلو" في30/4/1980 علانية بـ(أنّ كلّ بلاد الخليج تشكل تاريخيّاً جزءاً من الأراضي الإيرانية). ولربما ظنها البعض زلة لسان، فأعادها وأكدها (روحاني) في 15/5/1980 حين ذكر في مؤتمر صحفي: (أنّ البحرين جزء لا يتجزّأ من الأراضي الإيرانية، وهي تشكل الإقليم الرابع عشر في إيران بموجب الدستور الجديد… وأنّ الشاه المخلوع تنازل للعراق عن مناطق شاسعة جنوبي إيران، بموجب اتفاق الجزائر 1975، وإننا نشعر بالحاجة الآن إلى إيضاح وضع البحرين بالنسبة لإيران، لأن بعض الدول العربية وبينها العراق تطالب بثلاث جزر في الخليج).
 
الخميني والحزام أو الهلال الشيعي
وفي لقاء لقناة الجزيرة مع الرئيس الإيراني الأسبق أبو الحسن بني صدر كان أحد الأسئلة الموجهة إليه: هل الإمام الخميني كان يحدثك عن العلاقة مع الجوار العربي، مع دول الخليج ، هل كانت لديه أطماع في التقدم عسكريا باتجاه الدول من أجل تصدير الثورة مثلاً؟
وكان الجواب: لم يحدثني بهذا الموضوع، ولكن كان هناك مشروع آخر. كان يريد إقامة حزام شيعي للسيطرة على ضفتي العالم الإسلامي، كان هذا الحزام يتألف من إيران والعراق وسوريا ولبنان. وعندما يصبح سيداً لهذا الحزام يستخدم النفط وموقع الخليج الفارسي للسيطرة على بقية العالم الإسلامي. كان الخميني مقتنعا بأن الأمريكيين سيسمحون له بتنفيذ ذلك. قلت له بأن الأمريكيين يخدعونك، ورغم نصائحي ونصائح ياسر عرفات الذي جاء ليحذره من نوايا الأمريكيين فإنه لم يكن يريد الاقتناع[15]. فلم يكن (الحزام الشيعي) بدعة سياسية، اخترعها الملك الأردني، يوم حذر منها قبل أكثر من عام.
 
حفيد الخميني: العراق عراقنا والنجف عاصمتنا
 في برنامج (الاتجاه المعاكس) على قناة الجزيرة يوم 22/2/2005 قال الأستاذ عوني قلمجي الناطق الرسمي باسم التحالف الوطني العراقي: في سنة 1979 جاء حفيد الخميني مبعوثاً عنه إلى المنطقة الشمالية من العراق - وكنا وقتها في المعارضة – ليقول لجلال الطالباني: ارفعوا يدكم أيها المعارضة عن العراق؛ العراق عراقنا، والنجف عاصمتنا.
 
الإصرار على تسمية الخليج بالفارسي
 أما الإصرار على إطلاق اسم (الخليج الفارسي) من قبل حكام إيران على الخليج العربي، فقد أخذ منحى طفولياً سمجاً. في العام الماضي، وفي مقابلة مع قناة الجزيرة الفضائية، يقاطع الرئيس الإيراني السابق (محمد خاتمي) مقدم البرنامج الذي تلفظ باسم الخليج مطلقاً من أي وصف، ربما مداراة لمحدثه، ليقول له: (الخليج الفارسي.. نعم الخليج الفارسي)!. حتى وصلت السفاهة والاستخفاف إلى مندوبهم في العراق عبد العزيز الحكيم الذي ردد في لقاء رسمي قبل أشهر (آخر سنة 2006) اسم الخليج موصوفاً بـ(الفارسي) ثلاث مرات، بطريقة توحي بأنها زلة لسان. وما درى بأن زلة اللسان هنا تعني أن هذا هو المعتقد المترسب في العقل الباطن، الذي يظهر ما فيه من مكنونات حين تخف رقابة العقل الواعي. ولكني لا أرى إلا أنه قالها تعمداً واستخفافاً.
 
وكشفت الشعوبية عن سوءتها بعد الاحتلال
وانطلقت أفاعي الشعوبية بعد الاحتلال تستهزئ بالعرب والعروبة، وتطعن فيهم، وتنكر فضلهم وأياديهم، وتطالبهم بالكف عن (التدخل) في شؤون العراق، وتدعي أن العراق لا شأن له بالعرب، ولا شأن للعرب به. وترفع شعار: العراق للعراقيين. وقد توجت حقدها ومؤامرتها بالدستور، الذي نزع عن العراق الموحد هويته العربية، وبعد الأخذ والرد تكرمت عليه بجملة تقول: (الشعب العربي في العراق جزء من الأمة العربية)! وهي تحصيل حاصل. فهل الشعب العربي في العراق جزء من الأمة الفارسية؟!
العراق إذن مهدد في وجوده وجغرافيته وعروبته وانتمائه.
ثمة ظلم إذن؛ فثمة قضية.
والظلم واقع على بلد اسمه العراق، وقيمة معنوية اسمها العروبة. فهو أعظم من الظلم الذي يمكن أن يقع على فرد، أو قبيلة. أو انتماء ذلك الفرد إلى تلك القبيلة. وله جذور تاريخية ممتد بعيداً في أعماق الزمن.
والقضية لا بد أن تأخذ اسمها من الظلم الواقع، والجهة التي وقع عليها الظلم.
 
 
العروبة
بين المضمون الإسلامي والمضمون العلماني
(2)
 
الوطنية حق.. والعروبة - وكل انتماء موزون - حق
(الوطنية) أو الانتماء إلى الوطن الذي هو العراق، والدفاع عنه إذن حق، بل واجب، وبحكم الشرع. وكذلك الانتماء إلى العرب (العروبة)، وبحكم الشرع أيضاً.
وهذا الحق، أو الواجب، من حق كل القوميات والأعراق، متى تعرض أهلها إلى ظلم في انتمائهم إلى أصلهم وأمتهم التي انحدروا منها، لا ننفسهم عليه، ولا نعيب عليهم أو ننكر حقهم فيه، ما لم يخرجهم ذلك إلى تعصب، أو بغي على الآخرين. فمن حق الكردي أن يدافع عن قومه وكرديته، ومن حق التركي والفارسي، وحق كل الأمم والأوطان والشعوب.
وعلى هذا الأساس أقول:
العراقية عندي، وكذلك العروبة ليست نفساً أو نبرة أنتقد عليها. إنها أجل وأكبر! إنها (قضية) أحملها، وقيمة أتشرف بها. لكنني أضعها في مكانها اللائق، وترتيبها الذي تستحقه في سلم القضايا الجزئية التي تتكون منها قضيتي الأكبر (الإسلامية). ولا أشتط، فأجعلها هي الإطار الذي يضم القضايا الأخرى، أو تكون هي البديل المقابل لـ(الإسلامية) كما هي الحال عند البعض أو الكثير من (القوميين). كما لا أجفو فأظلمها مع الظالمين، وأنسى - أو أتناسى - الواقع والجغرافيا والتاريخ.. حتى أخرج بحكم تجريدي يعلق الأشياء في الهواء. بذلك وحده أكون (إسلامياً) بحق. وبغيره لا أكون كذلك إلا في عالم التوهمات والأحلام والقيم التجريدية. الذي يهوِّم فيه الكثير ممن رأيتهم، وسمعت بهم. وإن أسموا أنفسهم (إسلاميين). هؤلاء هم أولى بالنقد، والمطالبة بالرجوع الصحيح إلى الإسلام. 
 
التجريد أحد علل العقل البشري
 من أكثر العلل العقلية شيوعاً بين بني البشر.. التجريد.
 حين تعزل الأحداث عن ملابساتها، والأحكام عن ظروفها. ومن هنا يتولد الجمود؛ فيحتاج الدين – أي ما عليه الناس من تدين أو عمل ينسب للدين – إلى تجديد. وهو حاصل تزاوج بين الوحي الثابت والواقع المتغير. ولذلك قال الأصوليون: الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأعيان.
وبسبب من هذه العلة ظلمت كثير من الشخصيات التي أحسنت إلى الإنسانية على مدار التاريخ. كما رفعت شخصيات أخرى إلى غير ما تستحقه من منازل وألقاب.
لو جردنا الأمور لما صحت كثير من التصرفات والمواقف والأحكام، بدءاً بأكل الميتة، وانتهاءً بالسياسة وأحكام السلطان.
كيف يطلب يوسف عليه السلام الوزارة قائلاً للملك : (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّـي
حَفِيظٌ عَلِيمٌ) (يوسف:55)؟ والقاعدة الشرعية لا تجيز طلب الولاية أو السعي إليها بنص الحديث الشريف. دعك عن تولي نبي مسلم لملك كافر. ولكن لو سكت يوسف لما تسنى له الوصول إلى هدفه الخطير من إنقاذ أرواح الناس في أيام الإمحال والحصار.
وكيف يذكر عثمان بن عفان رضي الله عنه مآثره وحسناته يوم شغب عليه المشاغبون؟ وكيف يحق لمسلم أن يقيم بين ظهراني الكافرين – في أوربا وغيرها – وهو مأمور بأن لا تتراءى ناره ونارهم؟
حين ابتليت الأمة بـ(النواصب) كثر تدوين المحدثين لفضائل علي رضي الله عنه أكثر من غيره، حتى قيل: ((لم يؤثر من حديث في فضل أحد من الصحابة رضي الله عنهم كما أثر عن علي)). مع أن الصديق – مثلاً – كان أفضل منه. وكان السلف الصالح إذا جاء أحدهم الكوفة تحدث عن فضائل طلحة والزبير، وإذا قدم البصرة أو الشام تحدث لهم عن فضائل علي. وحين انتسب إلى علي على عهده من يسب الخلفاء الثلاثة، انبرى علي يدافع عنهم قولاً وفعلاً، ومن ذلك أنه سمى خمسة من ولده بأسمائهم. بينما لم يسم من قبله باسمه أحداً من أولاده؛ لأنه لم تكن في زمنهم مشكلة تتعلق به. ليس من ظلم، فليس من قضية.
حتى إذا وقعت المشكلة، وصار الطعن في علي بادر أهل الحق - وكان من أولهم سعد بن أبي وقاص -  فأصبحوا يروون فضائله، ويركزون عليها، حتى صارت أكثر الأحاديث في بابها، كما قيل.
وقد كنت أعجب - أيام فورة التدين الأول والتعلق التجريدي بالمبادئ - من الإمام عبد الحميد بن باديس، ودعوته القومية أو العروبية الظاهرة! وأقول: كيف هذا؟! والرجل عالم دين سلفي يؤمن بالمرجعية الإسلامية. حتى انتبهت بعد حين إلى العلاقة بين دعوته القومية، وبين سياسة فرنسا في المحو والتفريس وإلغاء وجود الجزائر العربي والإسلامي. وأن تلك نشأت من هذه؛ ردة فعل عليها، واستجابة طبيعة لها. ولولا هذا الظلم لربما لم نجد للرجل كلمة واحدة عن العرب والعروبة؛ لأنه ليس من مشكلة تتعلق بها. وهكذا الحال مع غيره ممن يواجه التحدي نفسه.
وهكذا حين يظلم شخص أو بلد أو أمة. يستدعي ذلك الدفاع والذكر والتنويه. ويكون ذلك واجباً حتى يرتفع الظلم وتعود الأمور إلى نصابها. بل قد يحتد المدافع حتى يقول الصديق رضي الله عنه في صلح الحديبية لأحد المفاوضين: ((امصص بظر اللات))! وهي عبارة – لو جردناها – في منتهى الفحش والقباحة. فكيف يتلفظ بها أعف الناس بعد النبيين عليهم السلام؟!
جردْ.. تجد القبح، وتقع في الظلم. وقيد تجد الجمال والعفة والعدل.
وكذلك كل مسألة جردناها، وتركناها عالقة في الهواء. 
لا زلت أذكر كيف كانت (الوطنية) - قبل الاحتلال – تهمة، لا يحوم حولها إلا أصحاب السياسة! ويتجنب ذكرها المشائخ على المنابر، فإن فعل أحدهم اتهم بـ(التقرب من السلطان) ومحاباته على حساب الدين! هذا والتقرب من السلطان لأجل النصيحة والدفاع عن حقوق الناس واجب شرعي من تركه أثم وغرم. ولكن ما إن احتل العراق، وشعر الناس بالخطر يتهدد الوطن، حتى ارتفع الشعور الوطني لديهم، بحيث صار علم العراق يرفع على مآذن المساجد، وتزين به واجهات المحال، وتجمل بصورته نحور العذارى وصدور الحسان!
 
علماء الأمة وموقفهم من العروبة
وأخيراً أقول: لقد تكلم علماء الإسلام عن العرب وفضلهم ووجوب حبهم وتقديرهم. وقد وضح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه القيم (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم). كما ذكره بوضوح من المتأخرين الإمام حسن البنا رحمه الله تعالى في رسائله. فهل كان شيخ الإسلام (قومياً)، والبنا (ذا نبرة قومية) حين كتب ما كتب، وقال ما قال؟!
فإذا اعتدي على هذا الحق، وطعن في العرب – والطعن في العرب زندقة – وصار الهجوم عليهم على أعواد المنابر، وشاشات الفضائيات، وبدأ أعداء الإسلام من الفرس والروم يتآمرون على عروبة بلد من البلدان كما هو واقع اليوم في العراق، ومن قبل في الأحواز التي يحظر على أهلها التحدث بلغة القرآن، أو التزيي بزي قحطان وكهلان ومعد وعدنان. وتمنع السلطات الإيرانية (الإسلامية) بناء مدرسة عربية واحدة في جميع أنحاء هذا القطر العربي السليب؛ فقد وجب العمل والنفرة لدفع هذا الظلم. ومن قصر فعلى نفسه جنى. ولا يستحق العامل بالواجب هذا إلا النصرة والمؤازرة، حتى تعود الأمور إلى نصابها، والحقوق إلى أصحابها.
لقد اشتطت (القومية) في القرن الماضي، حتى أراد لها من أراد من حامليها، أن تكون عقيدة بديلة عن الإسلام. فأدى هذا بـ(الإسلاميين) إلى أن ينتقدوها، أو يذموها، ويردوا على أهلها تطرفهم وتجاوزهم. ولربما تطرف بعضهم في رده وذمه. ولكن لا يمكن أن يلغي هذا الحقيقة، أو يغطي على أن مراجع (الإسلاميين) الأوائل ما كانوا يقصدون الرد أو الذم بإطلاق.
ولكن كل شيء موكول إلى ظرفه وملابساته وزمنه.
لقد انتهت تلك الموجة ، أو انكسرت حدتها ، وعاد كثير من (القوميين) إلى جادة الوسطية أو الصواب. واليوم قد جاء زمن آخر، وطغت موجة أخرى. اليوم تضاءلت الدعوة القومية البديلة، حتى خفت صوتها، أو اختفى صداها. والقوى العالمية تريد تمزيق العرب، وما عادوا يتبنون تلك الدعوة في مقابل الإسلام. والفرس يطعنون في العرب والعروبة، وقد ابتلعوا الأحواز والجزر العربية وغيرها من ربوع بني يعرب. ويتلمظون اليوم يريدون ابتلاع العراق. فهل من الدين والعقل والسياسة والحكمة أن نظل نردد مقولات هي نتاج ظرف قد تغير، ومماحكات زمن قد ولى وانقضى؟! اللهم إلا عند من ينظر إلى الأمور مجردة عن ظروفها، وعارية عن ملابساتها. وهي علة عقلية أو فكرية، ينبغي على المصاب بها أن يسارع إلى تشخيصها وعلاجها. وعندذاك سيستقيم القصد، ويعتدل الميزان. الذي به ندرك أن النبرة القومية أو الوطنية، بل العشائرية، وحتى الشخصية - بقيودها وملابساتها - من الدين القويم، وصاحبها على الصراط المستقيم. صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وحسن أولئك رفيقا.
 
15/4/2007
 

ذكرى
معركة تحرير الفاو
17/4/2007
 
أمة بلا تاريخ مجيد، هي أمة بلا حاضر مشرف، ولا مستقبل إنساني زاهر. فالحاضر - كما يقولون - غرس الماضي، والمستقبل جني الحاضر. وشاعرنا يقول:
 
إنَّا وإن أحسابُنا كرُمتْ           لسنا على الأحسابِ نتَّكـلُ
نبني كما كانتْ أوائلـُنا          تبني ونفعلُ مثلـَما فعلـوا
 
لا بد لنا - إذن - من أن نستذكر أمجادنا، القريبة منها والبعيدة، ونذكر بها الأجيال القادمة؛ لأن الأمة التي ليس لها تاريخ مجيد - ولو لفترة محدودة منه – تظل – في أعماق نفسيتها الجمعية - تشعر بالنقص. وينعكس هذا الشعور الجمعي على تصرفاتها عدواناً وأذى وتخبطاً يصيبها، ويصيب الآخرين. وهذا أحد اسباب العدوانية لدى الأمريكان، وأمثالهم من الذين ليس لهم تاريخ مجيد، سوى هذه المدنية المادية، التي جلبت من الدمار والشنار، ما لو كفانا شره وخيره، وتعادل الأمر لكان خيراً لنا، وأبعد عن سوء الحال، وشر المآل. سيما وأن أسباب الحضارة لا تقتصر على أمة من الأمم، أو شعب من الشعوب. ولو تركونا على حالنا، لما كنا أقل منهم مدنية، وأخذاً بأسباب الرقي والصعود في سلم الحضارة. فتفعيل التاريخ والإتيان بأمجاد الماضي إلى الحاضر ضرورة من ضرورات بناء الحاضر، والتطلع إلى بناء المستقبل. الناس يحبون الماضي أو القديم - هذه ظاهرة اجتماعية - يحنون إليه ويمجدونه على حساب الزمن الحاضر أو القريب. وكأن الحاضر ليس فيه ما يحب ويفتخر به ويمجد! يعظمون الماضي ويغفلون أو يتغافلون عن الحاضر.
وقد يكون في الحاضر جوانب مضيئة وعظيمة، لا تقل عن مثيلاتها من جوانب الماضي. بل قد تزيد.
 في هذه الأيام يستذكر العراقيون ذكرى معركة كبيرة، تمثل نقطة مضيئة لا تخطئها العيون، في صفحات المجد من سجل العراقيين، على كثرة نقاط أمجادها المضيئة في تلك الصفحات من ذلك السجل البارز من سجلات التاريخ البشري. هذه المعركة الكبيرة هي معركة تحرير الفاو. التي تصادف ذكراها يوم 17 نيسان من كل عام. ونحن نستذكرها اليوم إيماناً منا بأن في تاريخنا القريب مآثر عظيمة، لا نريد أن نغمطها حقها، ونجهل قيمتها، حتى تغور بعيداً في أعماق التاريخ.
 
أهمية المعركة وصعوبتها البالغة
من أين تأتي أهمية هذه المعركة؟ وقد خضنا ضد العدو الشرقي خلال سني الحرب الثمان مئات المعارك، التي أوقدها الخميني ، وأصر على استمرارها وتغذيتها، وهو يحشها
ويدور حولها، كما يدور عابد المجوس بناره؟
تأتي اهمية هذه المعركة وعظمتها من موقع مدينة الفاو الاستراتيجي، وجغرافيتها المعقدة. وأثر ذلك الموقع، وهذه الجغرافية على سير المعركة ونتائجها.
فلقد مثلت مدينة الفاو مثلثا يقع بين شط العرب من الشرق، ورأس الخليج العربي من الجنوب. يحيط بهذا المثلث من الغرب مساحة كبيرة، طولها يتراوح بين (25-30) كيلو متر من المستنقعات الملحية المعروفة بـ(المملحة). هذه الارض الملحية يصعب جداً على وسائط النقل، وعلى الدبابات أن تخترقها أو تسير فيها، إلا بوسائل غير طبيعية، ومكلفة جداً. الوسيلة الوحيدة التي من الممكن استعمالها لاختراقها هو المشي على الأرجل. وكثيراً ما تنغرس أقدام الجنود فلا يستطيع بعضهم أن يتحرك في تلك المستنقعات إلا بجهد جهيد! ومن الصعوبة جداً أن تحفر فيها مواضع مناسبة. شكلت هذه الطبيعة الجعرافية درعاً طبيعياً واقياً لهذا المثلث، يستعصي على المهاجم النفاذ من خلاله، وتحقيق نصر حاسم على القوة المتمركزة والمتموضعة وراءه.
احتلت القوات الإيرانية - بإيعاز وتخطيط بريطاني لما لبريطانيا من خبرة قديمة في العراق - شط العرب، وعبرته إلى الجانب الآخر، متخذة من ذلك المثلث معسكراً متقدماً داخل العراق. ويتصل من الجانب الآخر بالقوات الإيرانية المتجحفلة داخل الأراضي الإيرانية بواسطة جسر رابط  بين الفاو والجانب الإيراني.  تتحرك على هذا الجسر قواتهم غادية رائحة.
 خنق العراق إذن، ولم يبق له من منفذ مائي على العالم! سوى ميناء ام قصر الذي كان من الممكن لإيران أن تحتله في أي لحظة مناسبة. واحتلاله يعني احتلال الكويت. ومن الممكن بعدها - وهذا امر غير مستبعد ضمن الحسابات الايرانية – أن تقوم إيران باختراق الخليج العربي والبحر العربي إلى أبعد نقطة في جنوبه.
 
لا بد من تحرير الفاو
لا بد إذن للعراق من أن يحرر الفاو!
ولكن الفاو - بهذا الوضع الذي حكيته لكم - منيعة حصينة، عصية على الاقتحام، وتحقيق هذا الهدف، الذي لا بد منه! سيما وأن الإيرانيين قد استعدوا جيداً، وحفروا المواضع، وبنوا الملاجئ المحصنة، التي لا يمكن للمدفعية الثقيلة والصواريخ البعيدة المدى  أن تؤثر فيها شيئاً!.
ظل الجيش العراقي - وعلى مدى سنتين وأكثر - يحاول استرجاع الفاو. ولكن دون جدوى! وكانت الفاو فخاً خطيراً ظل يستنزف طاقة العراق طيلة هذه الفترة، استنزافاً كبيراً. ولكم ان تتصوروا أن العراق قد خسر في هذه الفترة دون أن يخوض حربا حقيقية (55) ألف جندي! وذهب هذا العدد الضخم ضحية تعرضات ومناوشات لم تسفر عن شيء! ولم
تؤد إلى نتيجة حاسمة!
ما هذا؟!!! ألا ما أعظمه من استنزاف!
إنه فخ يستنزف كل الطاقات والموارد!
ألا يعني هذا – طبقاً للحسابات البعيدة - أن مصرع العراق سيكون في الفاو؟
هذه خطورة معركة الفاو! وهذه أهمية معركة تحريرها!
ولهذا - ومع كل هذا - قرر العراق أنه لا بد ان يتحرر الفاو! ووضع القادة خطة رائعة بارعة استطاعوا بها - وفي زمن قياسي - أن يدخلوا الفاو مرة أخرى، ويحرروها من دنس هذا العدو الإيراني. هذا العدو الأبدي.. العدو الذي اتخذ من عدائه للعراق مهنة كأنه لا يحسن غيرها، ولا يستطيع أن يعيش من دونها!
أما تفصيلات الخطة فيمكن أن يتحدث عنها المختصون من العسكريين الذين لا زالوا على قيد الحياة، وحبذا لو تطوع أحدهم، وبعث لموقعنا تفصيلات تلك الخطة، لنقوم بنشرها. حتى تطلع عليها الأجيال، ويعرفوا كم بذل صناديد العراق من جهد في سبيل حماية البوابة الشرقية للأمة.
 
وهكذا حرر العراقيون الفاو!
كان ذلك يوم (17/4/1988). فكان يوماً عظيما سجله العراقيون - ومعهم الأمة التي ساندتهم، وحمت ظهورهم - ليكون إضافة جديدة لأمجادهم التي سطروها على مر التاريخ.
 نعم !
إن معركة تحرير الفاو تمثل نقطة مضيئة لا تخطئها العيون في صفحات المجد من سجل العراقيين. وليس ذلك بمستغرب على قوم لهم ذلك التاريخ الزاهر المجيد. والممتد على خارطة الزمن مع هذا العدو، منذ زمن أكد وسومر وبابل وآشور. مروراً بدولة العرب في الحضر، وفي حيرة المناذرة. واستمرت حلقاته مضيئة زاهرة على عهد قادتنا الأفذاذ أبي بكر وعمر وعثمان. فكانت معركة ذات السلاسل والبويب والقادسية والمدائن وجلولاء وفتح الفتوح نهاوند. هذه المعارك العظيمة، التي خاضتها الأمة العربية المسلمة في سبيل تحرير الإنسان طبقاً لمنهج القرآن. وقد شكل العراقيون فيها رأس الحربة في صراعهم مع العدو الفارسي، والمجوسية الفارسية. وأعداء الأمة أجمعين
 
17/4/2007
 
 
الوطنية والعروبة
عند الشيعة
الخميس
  21/6/2007
 
يستطيع الدارس لتاريخ الفرس مع الإسلام أن يسجل لهم قدرة عجيبة على حرف الألفاظ عن مضامينها، والأسماء عن مسمياتها، والالتفاف على المبادئ لإخراجها عن مدلولاتها، ومآلاتها!
لقد عرفوا كيف يخرجون – وبمهارة وخفة - المسلم من دينه، والعربي من قيمه. فكانت وسيلتهم لذلك – عادة - الطرح غير المباشر، والدخول من الباب الخلفي. لم يدعوا أحداً إلى ترك اسم مقدس، أو التخلي عن مبدأ محترم. إنما عمدوا إلى تلك الأسماء والمبادئ فأفرغوها من مضامينها، وجوفوها من حقائقها، وقيدوها بما يبطل مدلولها، ويذهب مفعولها؛ فعادت أسماء بلا مسميات، وقشوراً بلا لباب. وقد ملأوها بعد بما شاءوا من مضامين. فما عاد التوحيد توحيداً، ولا الصلاة صلاة، ولا الجهاد جهاداً. وإن ادعى صاحبها التوحيد وصلى ومارس القتل.
وكذلك الحال مع الوطنية والعروبة.
حدثني الثقة الثبت([16]) عن صديق له ثقة، كان يعمل موظفاً في إحدى دوائر التصنيع العسكري، في مكتب فيه موظف آخر، وموظفة شابة محجبة. يقول هذا الصديق: وصلت غرفة المكتب يوماً فوجدت بابها موصداً، حركت المقبض بيدي فانفتح، ولما دخلت فوجئت بالموظف والموظفة على حال لا تحكى! شعرت بالخجل يجتاحني؛ فلم أدر ما أفعل؟! ولم أجد ملاذاً إلا أن أتراجع فأغلق باب الغرفة، وأخرج هائماً على وجهي، لا أعرف أين أذهب؟ وظللت أضرب في طرقات الدائرة وردهاتها، حتى شعرت بشيء من التماسك النفسي، فعدت لمكتبي على مضض. وبعد أن جلست بساعة إذا بالشابة المحجبة تقول: أرجو أن لا تسيء الظن بي؛ فأنا بنت متدينة محافظة. أما ما رأيته مني فهو مسموح به في مذهبي. ففي مذهبنا يجوز للفتاة البكر أن تتمتع، وتستعمل دبرها بدلاً من قبلها. واعلم أنني لا زلت عذراء بكراً ! فالرجاء الرجاء أن لا تسيء الظن بي؛ فما فعلته جائز في مذهبي!!!
كم من نساء الشيعة الواقعات في حمأة هذه الرذيلة من لو علمت حرمتها لامتنعت عنها؟ لا شك أن نسبة كبيرة منهن ما كان لهن أن يفعلنها لو علمن أن فعلها يسلبهن أعز ما يملكن من العفاف والشرف. فترى الواحدة منهن غارقة إلى ذقنها في الرذيلة، وهي تحسب
أنها لا زالت على طريق الفضيلة!
هل رأيت كيف مرغوا شرف المرأة بالوحل، وهتكوا بيدها عفافها؟
وكذلك الحال مع  الوطنية والعروبة.
لقد دخلت عقيدة (الإمامة) و(التقليد) إليهما من الباب الخلفي، فهتكتهما هتكاً، وفتكت بهما فتكاً، حتى لم تبق منهما أثراً. ومع ذلك لا زال أصحاب تلك العقائد يعتقدون أن تلك المبادئ لا زالت في أنفسهم كما هي عذراء بكراً. ويريدون منك أن لا تسيء الظن بهم؛ لأن ذلك جائز في مذهبهم!!!
 
كيف هتكت عقائد الشيعة الوطنية والعروبة
ولك أن تسألني الآن، وتقول لي كيف؟ وأجيبك:
أما الإمامة فتلزم معتنقها تكفير المخالفين من أهل السنة، وتوجب عليه حربهم وإبادتهم، واستباحة أموالهم وأعراضهم. يقول مرجع الشيعة الأكبر أبو القاسم الخوئي (مصباح الفقاهة 1/323-324): ثبت في الروايات والأدعية والزيارات جواز لعن المخالفين، ووجوب البراءة منهم، وإكثار السب عليهم، واتهامهم، والوقيعة فيهم أي غيبتهم لأنهم من أهل البدع والريب،بل لا شبهة في كفرهم). وقد بنى هذه الأحكام على مبدأ (الإمامة) قائلاً: (لأن إنكار الولاية والأئمة حتى الواحد منهم والاعتقاد بخلافة غيرهم يوجب الكفر والزندقة، وتدل عليه الأخبار المتواترة الظاهرة في كفر منكر الولاية، وكفر المعتقد بالعقائد المذكورة، وما يشبهها من الضلالات).
وصرح قائلاً أنه (من البديهي انه لا أخوة ولا عصمة بيننا وبين المخالفين)! وأن هذا هو ديدن الشيعة - عوامهم وعلماءهم - وسيرتهم المستمرة في جميع الأعصار والأمصار، بل إن جواز ذلك من الضروريات)!!!. كما أجاز الاستيلاء على مال السني (الناصبي) بأي وسيلة فقال (منهاج الصالحين: 1/325): (يجوز أخذ مال الناصب أينما وجد والأحوط وجوباً وجوب الخمس فيه من باب الغنيمة.
والعرب كلهم من أهل السنة تقريباً.
فأين موقع العروبة من قلب وعقل من يرى قتل العرب وسلب أموالهم وانتهاك أعراضهم؟! وأين الوطنية من أولئك الذين ينفون الأخوة بينهم وبين الآخرين، ولا يرون علاقتهم مع مواطنيهم إلا علاقة عدم أو وجود، تقوم على السب والطعن والوقيعة، واستحلال المال والحال؟!
وأما التقليد فيستعمله المرجع لجاماً يقود به أتباعه لمصلحة عدو الوطن الأبدي إيران؛ ذلك أن المرجع المحترم عادة ما يكون إيرانياً. ولربما كان عراقياً، ولكن هل يغني القالب واللحم، دون القلب الذي هو معلق هناك ينبض بالولاء والحب والدم؟
لهذا – وغيره – صار الشيعي إنساناً لا يعرف الانتماء لغير طائفته. ولا يهمه بعدها إن كانت في إيران أو في العراق أو لبنان. ولا يهمه من أجل الطائفة خراب الوطن، أو سلامته. الطائفة عنده أولاً. أما الوطن فيأتي بعدها. وربما لا يأتي!
أنا أعلم أن كلامي هذا يزعج الشيعة جميعاً. وأن الشيعي لا يرضى لنفسه أن يوصم بعدم
الوطنية، ومنهم من يسيئه أن يسلب منه وصف العربي، وقيمة العروبة. نعم! ولكن عليهم أن يدركوا تماماً أننا نعرف أن الوطنية والعروبة لا يمكن أن تكون لها حقيقة مع عقيدة (الإمامة) وقيد (التقليد). وأننا - مع احترامنا للمشاعر والعواطف - نعلم أنها لا قيمة لها ما لم يكن لها مصداق على أرض الواقع. فـ(ليس الإيمان بالتمني، ولا بالتحلي. ولكن ما وقر في القلب، وصدقه العمل).
إن البذور الطيبة لا يمكن أن تنمو في تربة مالحة سبخة. ها هنا العلة!
فالشيعي - ما دام يؤمن بعقيدة (الإمامة)، التي تلزمه بتكفير الصحابة فمن بعدهم من أجيال الأمة ، واستباحة دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وما دام قد أسلم قياده لعمائم العجم أو المستعجمين – طائفي لا يؤمن بالوحدة الدينية ولا الوطنية. هذه حقيقة قطعية. لا يخرج منها أحد منهم إلا بدليل قطعي.
 نعم! قد يكون فيهم عوام بعيدون عن الاحتكاك بالمؤسسة الدينية، كالبدو الرحل، وبعض أبناء القبائل الذين لا زالوا على أصالتهم وفطرتهم العربية وأمثالهم، وبعض الأفراد الضعيفي الصلة بتجمعاتهم وعلمائهم ونُوّاحهم، منثورين بين أهل السنة، وما شابه هؤلاء. أو يكون فيهم علمانيون فارقوا بيئتهم قبل ترسب العقد الشيعية في عقولهم الباطنة، فأُفلتت عقولهم وتحررت من عقدة التقليد. بعض هؤلاء يمكن التفاهم معهم على أساس اتصافهم بالحد الأدنى المقبول من الاعتدال، والشعور بالوطنية وحق المواطنة المبني على احترام حق الآخر في الحياة.
 كل هذا بشرطين! الأول: أن تكون عقيدة الإمامة لدى أحدهم مبهمة لا تتعدى الحب العام لأهل البيت، وخفيفة إلى حد الانقطاع عن لوازمها الفاسدة التي أولها تكفير المخالف. والثاني أن لا يكون لديهم التزام بعقيدة التقليد، التي يستغلها المرجع لإملاء أوامره الطائفية عليهم باسم الدين.
لقد كنت – وإلى عهد قريب - أحسن الظن في بعض العلمانيين من الشيعة، الذين كنت أحسب أن لهم حساً عربياً، وهاجساً وطنياً،. ولكن بعد توسعي في القراءة، والتعمق في الاستماع لهم، وجدتهم لا يختلفون كثيراً عن سواهم من المتدينين! وما أقوالهم وكتاباتهم في هذا الشأن إلا دعاوى وشعارات، هي - في أحسن أحوالها – عواطف وانفعالات، سرعان ما تتبخر حين يستيقظ فيهم ذلك العرق النابض بالعقيدة التي تلقوها، والعقدة التي تغذوا، وتربوا عليها. حتى وإن بدوا لاحقاً أنهم غير ملتزمين بالطقوس المرافقة لها.
 نعم..! قد يختلف المتدين الشيعي عن غير المتدين. لكن هذا الاختلاف غالباً ما يكون في نسبة الشر لا درجة الخير. فكلاهما لا يستطيع تجاوز عتبة النجاح؛ بسبب من تلك العقبة، أو العلة المركبة من (الإمامة) و(التقليد).
 
عدم فهم مشكلة العراق
لماذا ..؟
 
الشيخ الدكتور طه الدليمي المحترم
السلام عليكم
ما هو السبب في عدم فهم مشكلة العراق من قبل العلماء والمشايخ والدعاة ؟
هل هو الجهل بالمشكلة ؟
ام الخوف من التصدي للمشكلة؟
اجيبونا جزاكم الله كل خير ونفعنا الله بعلمكم .
25/6/2007
 
الأخت (البكرية) حفظك الله تعالى
وعليكم السلام ورحمة الله
وبعد/
فلقد سألت عن (السبب في عدم فهم مشكلة العراق من قبل العلماء والمشايخ والدعاة)؟ وطرحت عدة احتمالات لم تعدُ في مجملها الحقيقة. ولكنها ربما احتاجت إلى تفصيل.
 
بعض يجهل..! وبعض يخشى
فالبعض يجهل الحقيقة فعلاً؛ لذا ترينه يصدر أحكاماً خاطئة، ويبدي تصورات غريبة عن المشكلة. ذكرت لأحد هؤلاء – وهو من خيرتهم – ما يقوله الخوئي عن تكفير أهل السنة واستحلال دمائهم وأموالهم وسمعتهم. فعجب مما قلت. وطلب مني أن آتيه بما يوثق هذا الكلام. مع أن صاحبي عالم مشهور. ومن المتصدين لقضية العراق!
لكن هل هؤلاء يعذر بهذا الجهل أم لا ؟ الله أعلم. غير أن منهم من لا يعذرون. ما عذر الذي يعيش في العراق، ولا يكلف نفسه أن يقرأ كتاباً أو كتابين في عقائد الشيعة وتاريخهم، وهو محسوب على الدعاة والمشايخ والعلماء ، ثم يصدر أحكامه الجزافية دون مسؤولية؟ لا سيما بعد أن صارت العقائد والنوايا ماثلة للعيان، مسفرة للناظر بلا ساتر!
إن هؤلاء لا تفسير لموقفهم إلا الاحتمال الثاني الذي ذكرتيه بقولك: (الخوف من التصدي للمشكلة). ولا يشترط أن يكون الخوف جبناً، وصاحبه غير شجاع. فإن من الخوف ما يكون ناشئاً عن عقدة تسمى في علم النفس (الرهاب أو الفوبيا). لا سيما إذا كانت العقدة جمعية لا فردية. وربما احتاجت هذه الجمل القصيرة إلى شرح؛ فأقول:
 
الهزيمة النفسية لدى عموم أهل السنة تجاه الشيعة
أرى أن أهل السنة يعانون من هزيمة نفسية تكتسح جمهورهم أمام الشيعة. تتمثل هذه الهزيمة في مظاهر كثيرة منها: اتخاذ موقف الدفاع وليس الهجوم تجاه المسائل الخلافية. فمثلاً حين يهجم الشيعي متهماً إياهم بكره (أهل البيت) تجدهم يتوقفون عند دفع التهمة مع التظاهر بالحب الطاغي لهم من خلال العبارات الترضوية الزائدة عن الحد في مدحهم والثناء عليهم. ولا يتجاوزون ذلك إلى الهجوم باتهام الشيعة بكره الصحابة وتكفيرهم، بل الإساءة إلى أهل البيت أنفسهم، وجعل هذا هو القضية، وليست كره أهل البيت الذي هو مجرد أسطورة لا أثارة من دليل أو شبهِهِ عليها. لقد نجح الشيعة في اختلاق قضية من العدم، بينما فشلنا في تثبيت قضية تشهد لها كل معطيات الواقع والتاريخ!
ومن مظاهر الهزيمة النفسية توقف المنابر - وحتى المؤلفات والنشرات والصحف – الذي يكاد يكون تاماً عن انتقاد عقائد الشيعة، وممارساتهم العملية، وفضحها على رؤوس الملأ، كالإمامة والعصمة والتحريف وتكفير الأمة وسب الصحابة والتقية والمتعة والزيارة الخ...  ما جعلهم يتجرأون في طرحها ونشرها، ورسّخها أكثر في أوساطهم، بل صارت تزحف إلى محيط أهل السنة الذين فقد جمهورهم الحساسية تجاهها.
ومن مظاهرها بحث الكثير من علماء أهل السنة وكتابهم والناطقين باسمهم عن صلات وعلاقات قربى بين العقائد والشعائر المختلفة عند الفريقين. فبينما تجد نعمة الله الجزائري يقول بكل ثقة وعنجهية ووقاحة فارسية: (إنا لم نجتمع معهم على إله ولا على نبي ولا على إمام، وذلك لأنهم يقولون أن ربهم هو الذي كان محمد r نبيه، وخليفته بعده أبو بكر، ونحن لا نقول بهذا الرب ولا بذلك النبي، بل نقول: إن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا، ولا ذلك النبي نبينا)![17]. ولم يردها أو ينكرها عليه أحد من الشيعة. بل هو موضع تبجيل وتقديس لديهم. وتجد محمد حسين فضل الله الذي يتظاهر بالتسامح والدعوة إلى تقريب المذاهب، لا يجيز التعبد بمذاهب أهل السنة، ويجيب سائلاً يسأل: هل يجوز التعبد في فروع الدين بالمذاهب السنية الأربعة، وكذلك بقية المذاهب غير الشيعية؟ فيقول: لا يجوز التعبد بأي مذهب إسلامي غير مذهب أهل البيت عليهم السلام لأنه المذهب الذي قامت عليه الحجة القاطعة)[18] ! تجد الكثير من علمائنا يكيلون العبارات التقريبية جزافاً من مثل: دينا واحد ونبينا واحد وعقيدتنا واحدة، حتى أجازوا التعبد بالفقه الشيعي الذي أسموه جهلاً أو تجاهلاً بالفقه أو المذهب الجعفري! ومنهم من قال: إننا متفقون في أكثر من 95% من المسائل الفقهية والاعتقادية! ومن هذا الصنف شيخ عراقي مشهور سئل في فضائية دبي في برنامج (الكلمة وأخواتها): عن حكم سب الصحابة؟ فأجاب: من سب أهل البيت فهو كافر، ومن سب الصحابة فهو فاسق!! الشيخ هذا نفسه كان يصرخ من فوق منبر جامع أبي حنيفة في أول خطبة جمعة بعد الاحتلال في بغداد، وذلك في 18/4/2003: (بيّض الله وجوه الشيعة) وقد كررها ثلاثاً! ولا أدري علام يبيض الله وجوه الشيعة: أعلى عمالتهم وممالأتهم للغزاة؟ أم على نهب البلد وتخريبه وإحراقه؟ أم على أي شيء ذلك يكون؟! أخبروني مأجورين؛ فأنا لا أدري! سوى أن هذا هو ديدن الترضويين في كل زمان ومكان.
وإن أنس لا أنس حين ذهبنا بعدها بأسبوع واحد لا غير، وذلك يوم الجمعة 25/4/2003 إلى اجتماع كبير دعي إليه أئمة مساجد أهل السنة للاجتماع بأحد الوجوه السنية البارزة، ومقدم كبير في الحزب الإسلامي، والاستماع إلى توجيهاته القيمة من أجل رسم الخطوط البارزة للسياسة الحكيمة التي ينبغي أن ينتهجها الشيوخ والدعاة في تلك المرحلة الحرجة التي تجد الحليم فيها حيران لا يدري أين يضع قدمه! وكان مما قاله (علينا بتكوين مرجعية لأهل السنة). هل تستطيعين أن تحزري أيتها الأخت لماذا؟ (مرجعية مؤهلة لأن تجلس أمام المرجعية الشيعية)!!! ثم أردف وهو يشير إلى القاعة المكتظة بحشود الحاضرين قياماً وقعوداً وقد فاضت بهم فاضطر الكثيرون إلى التجمع خارجها: (من منا مؤهل لأن يجلس أمام المرجعية الشيعية؟ أهؤلاء الشباب؟!)!!! نعم! المهزوم لا يرى في أتباعه إلا صورة نفسه المهزومة المأزومة؛ فهو لا يثق بهم، ولا يحترمهم. جموع حاشدة بالمئات لا يرى فيها أخونا واحداً يصلح للجلوس أمام من؟ مرجعية خائبة، خانعة تافهة، لا تجيد غير التكبر الفارغ على الآخرين لا سيما المهزومين! أي هزيمة تجتاح نفوس (قادتنا)! وهل ينتصر مجموع مهما بلغ من الشجاعة والحكمة إذا كان يقوده أمثال هؤلاء المهزومين المأزومين؟!
 
لا تناقض بين الشجاعة الفردية والهزيمة النفسية الجمعية
رأيت الكثيرين - عندما تتحدث لهم عن هذا الوباء المتفشي في صفوفنا - يحاولون بكل الطرق نفي وجوده كما ينفي المجرم التهمة عن نفسه، لا سيما حين يصل الأمر إلى تسمية بعض الأشخاص المعروفين ووصمهم بالهزيمة النفسية محتجين بشجاعتهم، ومستشهدين بمواقف تثبت هذه الشجاعة. وهذا يعبر عن قلة إحاطة بعلم النفس. أن العقدة (استعداد نفسي لا شعوري مكبوت يقسر الفرد على ضروب شاذة من السلوك الظاهر والشعور والتفكير). والهزيمة النفسية عبارة عن عقدة فهي مترسبة في (اللاوعي أو الخافية) تجعل صاحبها يتصرف بشكل لا شعوري تصرفات لا تتناسب وحجمه أو عمره أو شخصيته، ما لم يمنع من ذلك موانع قاهرة تؤدي به إلى مزيد من الاضطراب. فمثلاً تجد رجلاً يخاف من حشرة معينة أو زاحف من الزواحف كالأفعى أو سام أبرص (أبي بريص) ولا يحتمل التقرب منه، بينما تجده لا يهاب الموت إذا استدعى الموقف. وتجد آخر لا يطيق النوم وحده في بيت خالٍ مظلم، ويخاف أن يخرج يده من تحت الغطاء. وثالثاً يخشى النظر من الأسطح العالية، أو ركوب الطائرة، أو (دولاب الهواء) في حدائق الألعاب. ولا علاقة لكل هذا بالشجاعة من عدمها. لقد ظل عمر بن الخطاب t يخطب في جموع العرب من الصحابة وغيرهم ثلاثة أيام من أجل التطوع لحرب الفرس، فما تقدم منهم أحد! حتى إذا كان اليوم الثالث غضب منهم غضباً شديداً وصار يعنفهم، فكان أولَ من حمي أنفه منهم أبو عبيد الثقفي الذي صاح من وسط الصفوف المحتشدة: (أنا لها أنا لها) فقال له عمر: (لقد وليتك). بينما كان هؤلاء أنفسهم يتدافعون إلى حرب الروم. أوَ يشك أحد في شجاعة أبي عبيد؟ أم في شجاعة أحد من الصحابة وعموم العرب؟ ولكنها العقدة النفسية المتراكمة تجاه الفرس من طول ما عانوا من أذاهم ومكرهم وغدرهم وفتكهم. وقد توارثنا نحن هذه العقدة، فانقلبت عندنا رهاباً جمعياً تجاه الشيعة، وتجاه إيران. ولم تزدها الأيام إلا رسوخاً.
وليكن معلوماً أننا أمام عقدة نفسية جماعية، وليست فردية. فإذا عرفنا أن الفرد عادة ما تذوب صفاته في وسط المجموع أو الجمهور، وتتشكل نفسيته حينما يواجه موقفاً جماعياً تشكلاً جديداً يتقمص أو يتماهى به مع نفسية المجموع، فيمسي تصرفه معبراً عن النفسية الجمعية أكثر مما يعبر عن أصل خصائصه النفسية الذاتية، التي تبرز في المواقف الفردية. أقول: إذا عرفنا هذا عرفنا أن لا تناقض بين شجاعة الفرد وبين كونه يعاني من عقدة خوف أو هزيمة نفسية تجاه أمر ما. فالشجاعة صفة فردية تعبر عن نفسها إما في المواقف الفردية، وإما في المواقف الجماعية تجاه تحدٍ لا يعاني المجموع إزاءه من الهزيمة: كالموقف من الغزو الغربي عموماً والاحتلال الأمريكي لبلادنا خصوصاً. أما التحديات التي يشعر المجموع إزاءها بالهزيمة فعادة ما يتصرف الفرد تجاهها طبقاً للنفسية الجمعية، يدفعه إلى ذلك ترسبات الهزيمة في خافيّته (= لا شعوره) الخاصة به. ولا يجد غضاضة في ذلك ما دام يتصرف ضمن المجموع. إن الجو الجمعي يتلاشى فيه وقع التصرفات المعيبة. فقد ينهزم الفرد مع المنهزمين في ميدان المعركة إذا كان جندياً بين الجنود، وفرداً مع الحشود. لكنه ربما لا ينهزم لو كان في موقع القائد. وقد يبكي الشخص مع جموع الباكين، لكنه قد لا يبكي لو كان الموقف يحسب عليه وحده. والعكس صحيح: فإن الجبان في وسط الجمهور الزاحف يبدو وكأن صفته قد اختفت فصار يتصرف كما يتصرف الشجاع؛ لأنه يتصرف بالصفة الجمعية للجمهور[19]. ومعروف في أوساطنا الشعبية أن (ابن الأصول) - أو ابن الحَمولة كما في لهجتنا الدارجة – لا ينحرف كما ينحرف المنبتر عن أصله وعشيرته. والسبب استحضاره – في اللحظة والموقف المعين - للعناصر الجمعية للعشيرة أو العائلة المعروفة التي ينتمي إليها. وإلى ذلك أشار القرآن الكريم في كون عقوبة الجارية الزانية على النصف من عقوبة الحرة، كما قال تعالى: (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ) (النساء:25). وشبيه به ما جاء عن هند بنت عتبة رضي الله عنها أنها قالت: (أو تزني الحرة يا رسول الله؟).
أيها الشجعان! إنكم مصابون بعقدة (الرُّهاب) من الفرس وورثتهم أصحاب التشيع الفارسي. فبادروا إلى علاجها يرحمكم الله.
 
المهزوم لا يأتي بحل
 في لمحة سريعة للدكتور نوري المرادي وهو يتكلم في برنامج (الاتجاه المعاكس) يوم 24/11/2004 عن مؤتمر (شرم الشيخ) الخاص بمحاولة رسم خطوط عامة لحل مشكلة العراق. في هذه اللمحة تظهر لنا حقيقة عظيمة ما أحرانا أن نقف عندها! قال د. المرادي: (جميع الحكام مهزومون نفسياً. والمهزوم نفسياً لا يستطيع أن يأتي بحل. وإن أتى، فهو انعكاس لهزيمته النفسية). وقد ذكرت هذا في كتابي (التشيع عقيدة دينية أم عقدة نفسية؟). عسى أن ننشره على الموقع قريباً.
 
حاكمية المجموع
وثمة صنف تجدين الخلل في منهجه الذي يحكمه. وعادة ما يكون أصحابه مصطفين ضمن تنظيمات أو هيئات معينة، ذات منهاج معين؛ فيكون في نظرته مقيداً بما يمكن أن نسميه (حاكمية المجموع). ينطلق هؤلاء من نظرة سطحية تقليدية بالية تقوم على مقدمة باطلة ملخصها (لا فرق بين السنة والشيعة) ويطلقون شعار (إخوان سنة وشيعة.. وهذا الوطن ما نبيعه). هذا والوطن قد بيع وأكل ثمنه مقدماً! وتأسيساً على هذه المقدمة - التي لا مصداق لها لا على مستوى النظرية ولا في ميدان التطبيق – تراهم يتجاهلون كل الأحداث، ويكابرون في تفسيرها طبقاً لمنهاجهم المتهافت، أو قولي: طبقاً لأوهامهم. ثم تراهم بعد مدة – حين لا يبقى مجال للمكابرة – يعدلون من أحكامهم شيئاً فشيئاً. ولكن بعد فوات الأوان.
 
هل العروبة جسد أم روح ؟
ومن هؤلاء من هو محكوم بمقياس جامد للعروبة. العروبة عنده دم وحسب. فمن كان عربياً في دمه، فهو العروبي مهما كان انتماؤه وارتباطه! ويثير شفقتي أكثر القوميين حين يصفقون لحسن نصر الله وأمثاله من الشعوبيين، رغم ارتباطه بإيران حاملة راية الشعوبية، والعدو التقليدي للقومية العربية! وانتمائه للفكر الشوفيني الفارسي! وكونه ممثلاً للمشروع الإيراني في المنطقة! ورغم المعطيات الواقعية التي تصرخ بشعوبيته وطائفيته!
وهؤلاء حولوا العروبة من روح إلى جسد. ومن انتماء إلى عرق. ومن هوية إلى بطاقة، ومن عطاء إلى دماء.  والجسد يموت، والعرق يتوقف، والدماء تختلط، والبطاقة تتلف وتستبدل. والكل معرض للتزوير والادعاء.
 
عقيدة (ختم العداوة)
صنف آخر محكوم بنظرية يمكن أن أسميها (ختم العداوة). وهي كعقيدة (ختم النبوة)، أصحابها يعتقدون أنه لا يوجد في الكون كله من عدو إلا أمريكا وإسرائيل. فإذا أضفت عدواً ثالثاً فكأنك كفرت بإنجيل السياسة. وفاعله مطرود من دائرة الفهم والوعي والعلم! فإذا قلت: إن في الساحة عدواً آخر هو إيران قالوا: هذا غير صحيح، وإيران بلد مسلم. وهؤلاء عادة ما ترينهم مسكونين حد النخاع بـ(نظرية المؤامرة). يقولون: هذه مؤامرة أمريكية يهودية صليبية ماسونية لصرف الأنظار عن المشكلة الأكبر و(القضية المركزية).
وأنا لا أدري ما تعريف العدو عندهم؟ هل العدو صفة تقوم على أسس، والعداوة حكم يتعلق بعلة إذا توفرت في قوم كانوا لنا أعداء؟ أم هو اسم جامد لا يقبل التحول عن جنس أو قوم بعينهم؟!
إن ما تفعله إيران اليوم في العراق، لهو أشد فتكاً، وأمضى أثراً، وأقدم زمناً، وأدوم بقاء، وأخطر عاقبة مما تفعله يهود بإخواننا في فلسطين! أما الأمريكان فقد صاروا اليوم - بالنسبة لما يقترفه الشيعة من جرائم ومجازر بحق أهل السنة، وبالتعاون والتنفيذ المباشر من إيران – أرحم لنا وبنا. واسألي إن شئت جميع أهل السنة في العراق إلا ما ندر. حتى صار الأمريكي يهدد العراقي بالقوى الأمنية الشيعية. وإذا اعتقل شخص سألنا: فإن كان اعتقله الجيش أو الشرطة أيسنا إلا من رحمة الله، وإن كان عند الأمريكان حمدنا الله!
فإن لم يكن هذا عدواً فكيف هو العدو إذن؟!!!
 
صنف الباعة
ومنهم صنف يعلم الحقيقة، لكنه باع قضيته، واستبدل هويته، مقابل دراهم معدودة، وكراسي لا بد مفقودة.
وقد تكون هناك أصناف وأسباب أخرى. لكنني أرى أن ما ذكرت قد أحاط بها، أو بأغلبها: إن لم يكن على سبيل التفصيل، فعلى الجملة.
ولعلني أكون قد وفقت في الجواب. والله هو الهادي إلى سواء السبيل.
 
حوار
في موقع (الألوكة)
 
أجرى الحوار: خبَّاب بن مروان الحمد مدير موقع (قاوم)
30/6/2007
 
· حبذا لو أعطيتنا نبذة عنك وعن سيرتك الذاتية العطرة، وعن كتبتك ، ومحاضراتك، وأين درست ، وماذا تدرس، وما عملك؟
- شكراً جزيلاً لكم أيها الأخ الفاضل! على ثقتكم بي أولاً، ثم على إتاحتكم لي هذه الفرصة الطيبة للتحدث من خلالكم، عسى أن يسمع كلماتي الكثيرون ممن لا أستطيع الوصول إليهم بها عن سواه من سبيل.
أما ما يخص سؤالكم الكريم فأقول باختصار: ولدت في بغداد عام 1960، وترعرعت في أرياف قضاء المحمودية إحدى ضواحي العاصمة الجنوبية. وكنت الأول على مدارس القضاء في المراحل الثلاث: الابتدائية والمتوسطة والثانوية. تخرجت من كلية الطب عام 1986. على أن لي ولعاً قديماً - قدم معرفتي الحرف - بالمطالعات الأدبية والدينية، دفعني أكثر من مرة لأن أحاول ترك الدراسة الطبية والالتحاق بكلية الشريعة. لكن القوانين حالت بيني وبين رغبتي. تأثرت بشخصية والدتي وخالي الكبير ملا إبراهيم وأخي الشيخ نوري الذي اغتاله الشيعة سنة 1991 رحمهم الله جميعاً. وممن أخذت العلم عنهم الشيخ سامي رشيد حفظه الله تعالى، وهو من كبار الدعاة والعلماء في العراق. تركت العمل في مجال الطب عام 1994 وتفرغت للخطابة والدعوة والتأليف. ومارست الدعوة في المناطق الجنوبية الشيعية. ألفت كتباً عديدة تقارب الأربعين، تعالج موضوع الشيعة والتشيع من زواياه المختلفة مثل رسالة القواعد السديدة، ولا بد من لعن الظلام، وأسطورة المذهب الجعفري، والتشيع عقيدة دينية أم عقدة نفسية. أقرض الشعر، ولي منه قصائد تصلح أن تكون ديواناً كبيراً.  كما أن لي أشرطة صوتية ومرئية كثيرة. وموقعاً على شبكة المعلومات باسم (القادسية www.alqadisiyya3.com).
  
·      أيلتقي النقيضان : السنَّة والشيعة ، بعد المحاولات الكثيرة الداعية للتقريب بينهما؟
- ها أنت تقول "نقيضان"! وهل رأيت نقيضين يلتقيان؟ وقد فشلت جميع محاولات التقريب على الإطلاق. على أن التقريب نوعان: تقريب ديني، وهذا مستحيل التحقيق لتعلق الخلاف بالأصول. فالتسنن والتشيع دينان مختلفان جذرياً، وليس بينهما من المشتركات إلا بعض الأسماء التي أفرغها الشيعة من مدلولاتها. اللهم إلا إذا ترك أحد الفريقين دينهم، والتحقوا بالدين الآخر.  والنوع الآخر من التقريب سياسي. وهذا ممكن نظرياً، كما حاول الرسول صلى الله عليه وسلم مع اليهود. لكنه صعب – إن لم يكن مستحيلاً – عملياً؛ بسبب فساد نية قادة الشيعة فيه. وهم منطقيون في ذلك مع أنفسهم؛ لأن عقيدتهم تأباه عليهم. وهذا هو السر في أن الشيعة – إذا تمكنوا قاموا باضطهاد ومحاولة اجتثاث أهل السنة. والأمر لا يستقيم في دولة إلا بحكم سني يعلم الحق، ويرحم الخلق. وشرار السنة في إدارة الحكم أصلح للرعية – سنة وشيعة - من خيار الشيعة. والواقع والتاريخ شاهد.
 
·      هناك مدّ شيعي يتنامى في المنطقة الإسلاميَّة فما أسباب ذلك ودواعيه؟
- التشيع عقيدة سرطانية السلوك، وأهله يعانون من عقدة النقص والاضطهاد. وهذان الأمران: العقيدة والعقدة ، يؤزان الشيعة أزاً لاختراق الآخر. أما في الواقع فإن إيران وراء هذه الظاهرة، ركوباً على ظهر مطية التشيع، وصولاً إلى أهدافها التوسعية الإمبراطورية. ومما يشجع توسع الانتشار الشيعي في المنطقة ضعف الوعي والإرادة السنية تجاه الشيعة. وهو ضعف ناتج إما عن جهل بالشيعة وعقائدهم ونواياهم وأهدافهم. وإما عن ضعف الإرادة، بحيث أن كثيراً من أهل السنة لا يفكر في مواجهة المشكلة، بقدر ما يفكر في التعايش معها! والأمر يدعو إلى العجب! فالشيعة لا يشكلون في العالم العربي والإسلامي إلا أقلية قليلة لا تتجاوز نسبتها الـ 4% من المجموع. لكنهم أهل دعاية وإعلام وضجيج، وختر وغدر؛ ما يوهم الكثير من أهل السنة – سواء كانوا من العوام أو العلماء أو الساسة - بما يوهمهم به من قوة الشيعة. ويدفعهم  إلى رفع شعارات "التقريب، وجمع الصف، ووحدة الأمة". وهذا لا يزيدنا إلا وهناً، ولا يزيدهم إلا ضراوة وقوة.
 
·      وما الأسلوب الأمثل الذي تجده لمواجهة هذا المشروع؟
- الشيعة لهم مشروعهم الخاص بهم بعيداً عن مشروع الأمة. بل الأخطر أنهم لا يبنون مشروعهم إلا على حساب مشروع  الأمة! والأخطر منه أنهم لا عدو لهم من خارج هذه الأمة التي يلعنونها صباح مساء، ويحملونها تبعة قتل الحسين، ويحدون سكاكينهم لذبحها ثأراً وقصاصاً! فهم غير جادين ولا صادقين أبداً في دعاواهم التقريبية. إنما هي شِباك وشراك لاصطياد المغفلين. ولكسب الوقت، والتمهيد لاختراق صفنا ضعيف التحصين ضد أفكارهم لا أكثر.
أما الأسلوب الأمثل في التعامل معهم، فهو - كما وصفته في سؤالك الكريم – المواجهة.
وهو يقوم على العناصر التالية:
1. سحب المشروعية الدينية من الشيعة، ببيان حقيقة دينهم ومعتقدهم، والإعلان بفضح أباطيلهم وتاريخهم وجرائمهم، ثم بيان الحق الذي تركوه، والدين الصحيح الذي نبذوه. على أن بيان سبيل المجرمين مقدم على بيان سبيل المؤمنين. ويجب أن يكون الطرح قوياً وواثقاً، مكرراً ومؤكداً، هجومياً لا دفاعياً.
2. تحصين الصف الداخلي لأهل السنة، ببيان خطر الشيعة عليهم وعلى وجودهم حكاماً ومحكومين، وبيان الدين الصحيح. والتأكيد على أن الولاء للعقيدة دون غيرها. وأن من يشتم الصديق والفاروق ويكفر الصحابة، ويطعن بعرض الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن إلا أن يكفرنا ويعادينا. والتاريخ شاهد.
3. هذان الأمران سيفجران طاقات الأمة ضد مشروعهم على اختلاف الصعد: دعوية وسياسية وعسكرية وغيرها.
4. فيما يخص الدعوة علينا أن ننهج أسلوب التغيير الجمعي، وليس التغيير الفردي. وهذا فصلته في آخر مقال لي على موقعنا المنوه عنه آنفاً.
 
· هناك من يقلِّل من تأثير المد الشيعي ، ويرى أنَّ هذا من تخويفات الأمريكان والصهاينة ، ولزرع الفتنة بين الشيعة وبين المسلمين؛ فهل ترى لذلك الكلام وجها صحيحا؟
- أبداً ومطلقاً. وأصحاب هذا الكلام محكومون بنظرية (ختم العداوة). وهي كعقيدة (ختم النبوة)، أصحابها يعتقدون أنه لا يوجد في الكون كله من عدو إلا أمريكا واليهود. وأن الأعداء ختموا ببعثة يهود ومجيئهم إلى فلسطين. فإذا أضفت عدواً ثالثاً فكأنك كفرت بإنجيل السياسة. وفاعله مطرود من دائرة الفهم والوعي والعلم! فإذا قلت: إن في الساحة، لاعباً ثالثاً، وعدواً آخر هو إيران قالوا: هذا غير صحيح، وإيران بلد مسلم. وكأن المسلم مباح له أن يقتل ويسلب ويستبيح ويتآمر ويُركب أمريكا على ظهره ليعبر بها إلى داخل الأمة، ويكون أشد عداوة، وأكثر ضراوة من الكافر! ولا يجوز لك أن ترده، وتكف شره! لماذا؟ حتى لا نشتت جهود الأمة عن أمريكا واليهود!!! ألم يكن الخوارج مسلمين، ومن (داخل الصف)؟ وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على اجتثاثهم وقتالهم. وقاتلهم سيدنا علي رضي الله عنه، فمن بعده من الخلفاء، ولم يقولوا: إن قتالهم فتنة. بل قتالهم من أعظم الجهاد. (ولو علم الذي يقاتلهم ما له من الأجر لنكل) أي عن العمل، فلا يحتاج إلى عمل بعده لدخول الجنة. هكذا قال النبي فيهم. والله تعالى يقول: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلاً * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) (الأحزاب:60-62). وهؤلاء جميعاً لهم حكم الإسلام؛ فهم مسلمون. فمن قال: إن قتالهم فتنة ففي الفتنة سقط. ثم إن الفتنة يا سيدي! زرعها الفرس منذ أربعة عشر قرناً، وتحولت لدى الشيعة إلى عقائد وعقد تعج بها كتبهم، وتلهج بها ألسنتهم، وتضج بها ليل نهار صحفهم وإذاعاتهم وقنواتهم، وترددها منابرهم وحسينياتهم ولطمياتهم وبمكبرات الصوت! ومن أراد الحقيقة فليعتبر بما يجري في العراق. وفصائل المقاومة والجهاد فيه أجمعت اليوم على أن العدو الأول هو إيران، هم الشيعة. والإمام أحمد رحمه الله تعالى كان يقول: (إذا أعيتكم المسائل فاسألوا أهل الثغور). فالحكم في هذه المسألة والقول الفصل فيها لنا نحن أهل العراق، لا لغيرنا. ولكن ما الذي أفعله لمن لا يريد أن يسمع؟! و.. لا يرى! ولا يعتبر ولا يتعلم، كل ذلك حتى لا تتشتت الأنظار عن أمريكا واليهود.
وبما أن هؤلاء لا يرون عدوا غير أمريكا واليهود فإنهم يعتبرون الحديث عن خطر الشيعة
وإيران تشتيتاً للجهود عن مواجهة هذا العدو، الذي لا عدو من بعده. وهؤلاء عادة ما تراهم مسكونين حد النخاع بـ(نظرية المؤامرة). يقولون: هذه مؤامرة أمريكية يهودية صليبية ماسونية لصرف الأنظار عن المشكلة الأكبر و(القضية المركزية). ويسرفون في الحديث – حتى في العراق – عن الغزو الغربي، ولا تراهم يعيرون أدنى اعتبار للعدو والغزو الشرقي.  وأنا لا أدري ما تعريف العدو عند هؤلاء؟ هل العدو صفة تقوم على أسس، والعداوة حكم يتعلق بعلة إذا توفرت في قوم كانوا لنا أعداء؟ أم هو اسم جامد لا يقبل التحول عن جنس أو قوم بعينهم؟!
إن ما تفعله إيران اليوم في العراق، لهو أشد فتكاً، وأمضى أثراً، وأقدم زمناً، وأدوم بقاء، وأخطر عاقبة مما تفعله يهود بإخواننا في فلسطين! أما الأمريكان فقد صاروا اليوم في نظر جميع أهل السنة - بعد أن ذاقوا ما ذاقوا مما لا يخطر على بال، ولا يمر بخيال من الجرائم والمجازر على يد الشيعة، وبالتعاون والتنفيذ المباشر من إيران – أرحم لنا وبنا. وهذه الحقيقة صار يدركها حتى الأمريكان! هل تعلم أن الأمريكي يهدد العراقي إذا استعصى عليه بتسليمه إلى القوى الأمنية الشيعية. وإذا اعتقل شخص سألنا: فإن كان اعتقله الجيش أو الشرطة أيسنا إلا من رحمة الله، وإن كان عند الأمريكان حمدنا الله!
فإن لم يكن هذا عدواً فكيف هو العدو إذن؟!!! ألا إني من الكافرين بعقيدة (ختم العداوة) ولو
كره الآخرون.
هذا.. وإن المشروع الإيراني في المنطقة لهو أخطر من مشروع أمريكا وإسرائيل بمراحل. وما يحدث في العراق اليوم أوضح دليل لمن أراده. والموتى يبعثهم الله. أم أن دم العراقيين الذين يقتلون – ومنذ أربع سنين ونيف - على يد إيران وشيعتها ليس بدم؟! والدم الدم هو الذي يسفك على يد اليهود واليهود فقط؟!
وإذا حسبناها بالمجمل فإن العدو الأمريكي يقبل التفاهم والتعايش قياساً بالعدو الإيراني فإنه لا يهدأ له بال، ولا يستقر على حال حتى يمحوك من الوجود.
أما الذين يهللون لمشروع إيران النووي من العرب فما أغباهم! وما أعجزهم! وأعماهم! متى يدركون أن إيران تعد سلاحها النووي لذبحهم انتقاماً لكل عقد التاريخ المتشابكة في نفوسهم المعقدة بالنقص والاضطهاد والمعبأة بالحقد وشهوة الثأر وحب الانتقام!
 
·  لديك كتاب عن( الحقيقة الكاملة لسكان العراق) ومن خلال بحثك في غور هذا الموضوع، فإنَّ بعض المحللين السياسيين والاستراتيجيين يرون أنَّ عدد الشيعة في العراق أكثر من السنَّة، فهل هذا صحيح؟ وكم كان عدد الشيعة قبل الاحتلال الأمريكي للعراق ؟ وكم صار بعده؟ وهل صاروا الآن أغلبيَّة في العراق بعد التهجير السني؟
- الموضوع لا يحتاج إلى محللين سياسيين، ولا استراتيجيين. العراق أغلبية سنية محسومة بنسبة لا تقل عن الستين بالمائة. وحتى لو لم ندخل الإخوة الأكراد في المعادلة الحسابية، فإن عدد أهل السنة يبقى متفوقاً، أو على الأقل مساوياً للشيعة. وهذا طبقاً لآخر إحصائية أجريت بعد الاحتلال من قبل وزارة التخطيط بالتعاون مع وزارة التجارة في تموز 2004 على عهد وزير التخطيط  مهدي عبد الحافظ، وهو شيعي. فأين هو التحليل السياسي والاستراتيجي؟
 أما ما حصل بعد الاحتلال من تهجير وتوطين: فالتهجير شمل الطرفين. وأما توطين الإيرانيين في العراق فقد حصل بنسبة لا أراها تؤثر على المعادلة النهائية كثيراً. وليس ثمة من إحصائية يمكن الاستناد إليها لإصدار حكم دقيق في هذا الموضوع. على أنني آمل أن لا نعطي هذا الموضوع من الاهتمام أكثر مما يستحق. فمن حيث الأصل ديننا لم يعط القيمة للعدد، وإنما للحق: (قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة:100). ومن حيث الفعل: فإن البلد لمن يحميه، ويدافع عنه، وليس لمن يسكنه ساهياً لاهياً، أو عميلاً خائناً. و(كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة:249). وسترى بإذن الله.
 
·      ما بدايات نشأة الشيعة ودخولهم وتغلغلهم في داخل العراق ، وهل كان على يدهم تطور سياسي في العراق؟
- أول من بذر بذرة التشيع هو كسرى يزدجرد، بعد معركة نهاوند التي انهزم فيها الفرس مباشرة، حين عقد يزدجرد المهزوم مؤتمره المعروف باسم (مؤتمر نهاوند)، وانتهى المؤتمرون إلى قرار يقضي بدخول جمع منهم في دين الإسلام لأجل هدمه من الداخل. وكانت أول ثماره السامة تسلل المجوسي أبي لؤلؤة النهاوندي، صاحب المرقد المعروف اليوم في إيران، إلى عاصمة العرب، ثم نجاحه في قتل رأسهم عمر بن الخطاب، بعد سنتين من المؤتمر فقط! وبدأت قصة طويلة، حتى جاء عبد الكريم قاسم الذي قضى على الحكم الملكي في سنة 1958 - وكانت أمه شيعية من الجنوب – فقام بتوطين الشيعة وغالبهم من المعدان وسكنة الأهوار المعروفين بالشروقيين أو الشروكيين وهم – في غالبيتهم - ينحدرون من أصول غير عربية، قدموا من بلوشستان ولورستان وإيران والهند وباكستان، ودخلوا العراق منذ مئات السنين، وعلى شكل موجات مع جيوش الفتح، وظلوا مستقرين فيه بدون وثائق هوية أو جنسيات أو جوازات سفر حتى جاء عبد الكريم ومنحهم الجنسية العراقية، وشيد لهم المجمعات السكنية حول العاصمة بغداد. ورغم حصولهم على الجنسية العراقية فإنهم ظلوا محتفظين بأصولهم العرقية؛ ما يجعلهم يغلبون فطرياً الانتماء الطائفي والمذهبي على الانتماء الوطني. أما العراق الحديث – والقديم أيضاً – فقد قام على أكتاف أهله من أهل السنة، وغيرهم من الأصلاء، وفيهم قلة من الشيعة، الذين انحصر عموم دورهم في المعارضة السلبية بكل معانيها. إلا ما بدر منهم بفعل القوة كما حصل من قتال الشيعة للعدو الإيراني في الثمانينيات، فإن أكثر من قاتل منهم كان بدافع الخوف من الحكومة.
· في كتابك:(التشيع عقيدة دينية أم عقد نفسية؟) أثبتَّ أنَّ المجتمع الشيعي كالمجتمع اليهودي، وهناك من يعتقد أنَّ ذلك مغالطة ، فماذا تجيب عليهم،وخصوصاً أنَّ بعض الكتَّاب يشكِّكون في نسبة التشيَّع لمن ابتدأ بتأسيس أركانه، والجداريَّة التي كانت هي مرتكزه والتأثير الشخصي في صياغة الفكر الشيعي من عبد الله بن سبأ؟
- لكل أحد الحرية في أن يقول ما يشاء، ويدعي ما يحلو له من الأفكار والآراء. ولكن تبقى الحقيقة بنت البحث، ويظل الحكم الصحيح نتاج الدليل. وأنا قمت ببحث هذه المسألة بحثاً علمياً طويل النفس، قائم على الدراسات والملاحظات والمعايشة الميدانية. فمن شاء أن يأخذ به فليفعل، ومن لم يشأ فله ذلك، بشرط أن يكون موضوعياً في الأخذ والرد. أما ابن سبأ اليهودي الفارسي فهو مذكور في مصادر الشيعة قبل السنة. وبين الفرس واليهود صلات وتناغم فكري ونفسي منذ أن دمر ابن اليهودية كورش الإخميني الفارسي بابل في القرن السادس قبل الميلاد، وأعاد اليهود إلى فلسطين. واليهود في توراتهم يلقبون كورش بـ(مسيح الرب)! والفرس هم مؤسسو التشيع بثوبه الفارسي. يكفي أن نعلم أن مؤلفي المصادر المعتمدة الأربعة للتشيع جميعهم عجم. وأياً كان الأمر فإن العجم أو الفرس لا يقلون كيداً وتلوناً عن اليهود.
 
· يرى بعض المطالعين على تراث (الشيعة الروافض) أنَّ بين الإماميَّة الجعفريَّة اختلافاً في تكفير الصحابة ، ويسوقون مثالاً على ذلك أنَّ الطبرسي لم يقل بتكفير الصحابة ، فهل هذا صحيح؟ وهل يمكن أن يكون بين هؤلاء وأهل السنَّة نوع من التقارب؟
- هذا غير صحيح. ويعبر عن فقر مدقع بمعرفة حقيقة الشيعة والتشيع. لك أن تعلم أن الإمامي لا يسمى إمامياً حتى يؤمن بعقيدة (الإمامة). وهي تلزم معتنقها اضطراراً بتكفير المخالف، وأولهم الصحابة. هذا عدا إطباقهم على التصريح بهذا تصريحاً قطعياً. والحقيقة أن عقيدة الإمامة وضعت أصلاً من أجل تكفير الصحابة. فالعقيدتان قرينان لا يفترقان. على أنهم ينكرون هذا في بعض المواضع والمناسبات، وذلك من باب (التقية). فإن كان للطبرسي وغيره قول بالإنكار فهو من هذا الباب. ولي أن أسجل هنا عجبي من أهل السنة وهيامهم بموضوع التقارب مع الشيعة!!! كم هي نسبة الشيعة في العالم إلى أهل السنة؟ إن عدد المسلمين يساوي المليار والنصف، أي ألفاً وخمسمائة مليون. والشيعة لا يزيدون على أن يشغلوا مساحة سبعين مليوناً من مائة المليون الخامسة عشرة، ليبقى لأهل السنة أربع عشرة مائة مليون صافية لهم دون شريك! فهلا أشغلوا أنفسهم بالتقريب ما بين هذه المئات من الملايين، واستغلوا طاقاتها وجهودها في سبيل أهدافهم الكبرى! واستغنوا بها عن هذه الشرذمة. فكيف إذا كان الشيعة يرفعون شعار التقريب للدخول في صفوفنا من أجل التآمر والتخريب؟ ألا إنه لولا الخذلان لما كان ما كان.
نعم.. في الشيعة من لا يقول بسب الصحابة فضلاً عن تكفيرهم. وهو إخواننا الشيعة الزيدية في اليمن. وهؤلاء هم أهل التفاهم والوفاق الصادق. ولا غير.
· هل كل الشيعة الجعفريَّة الاثني عشريَّة يرون تحريف القرآن؟ فهناك بعض الكتَّاب يرون أنَّ اتهام الشيعة بأنهم يقولون إنَّ القرآن محرَّف أو بعض آياته كذلك هو قول فيه تجاوز؛ حيث يقولون إنَّ الشيعة لا يقرؤون إلاَّ من المصحف الذي نقرأ فيه وهو المصحف الموجود في مساجدهم في طهران والنجف وغيرها؟ فما قولكم؟
- وهذا من الخذلان أيضاً! وإذا كان (الاعتراف سيد الأدلة) فالأمر خارج عن دائرة التهمة الباطلة إلى الحقيقة الثابتة. لقد أجمع علماء الشيعة على هذه العقيدة. وألفوا في نقل هذا الإجماع المؤلفات التي أطبقت شهرتها الآفاق! ألم يسمع هؤلاء الكتاب بكتاب (فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب) للنوري الطبرسي.. أحد سبعة أشخاص في تاريخ الشيعة قام عليهم المذهب. وصاحب كتاب (مستدرك الوسائل) أحد الكتب الثمانية المعتمدة عندهم؟! حتى قال خاتمة محدثيهم محمد باقر المجلسي عن أخبار أو روايات التحريف (مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول 2/525): (وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة وطرحها يوجب رفع الاعتماد عن الأخبار رأساً. بل اعتقادي أن الأخبار في هذا الباب لا تقصر عن أخبار الإمامة). وكذا قال النوري الطبرسي. هذا نص قولهم! ولم يرده أحد منهم رغم كفره وشناعته!!! أما ما يفعله بعضهم من الإنكار عندما يحرج على رؤوس الملأ، أو في الكتب الدعائية المؤلفة خصيصاً لترويج المذهب مثل كتاب (المراجعات) - فمكابرة يستجيزونها تقيةً خوف الفضيحة، لعظم الجريمة! وهذا ما قرره الطبرسي في (المقدمة الثالثة) من الكتاب حين قال: (إن هذا مما أجمعت عليه الطائفة إلا من شذ). وحمل قول هؤلاء الشاذين على (التقية). وممن ذكر إجماع الطائفة على التحريف الشيخ المفيد (أوائل المقالات ص184) أستاذ الطوسي شيخ الطائفة على الإطلاق. ومنهم نعمة الله الجزائري بقوله (الأنوار النعمانية 2/357): (إن الأخبار الدالة على وقوع التحريف في القرآن كلاماً ومادةً وإعراباً هي أخبار مستفيضة ومتواترة وصريحة. وإن علماء المذهب قد أجمعوا وأطبقوا على صحتها والتصديق بها). بل تجرأ بعض رقعائهم فادعى إجماع (أهل القبلة من الخاص والعام) على هذا القول الشنيع كما جاء في كتاب الطبرسي ص31 آنف الذكر عن الشيخ يحيى تلميذ الشيخ الكركي الملقب بمخترع مذهب الشيعة.
وهكذا تجد قول البعض من أهل السنة: (إنَّ الشيعة لا يقرؤون إلاَّ من المصحف الذي نقرأ فيه وهو المصحف الموجود في مساجدهم في طهران والنجف وغيرها) دليلاً على (أن اتهام الشيعة بأنهم يقولون إنَّ القرآن محرَّف أو بعض آياته كذلك هو قول فيه تجاوز) تجاوزاً على الحقيقة. أما أن الشيعة لا يقرأون إلا من المصحف الذي نقرأه اليوم؛ فلعجزهم عن الإتيان بغيره. فاكتفوا بالدعوى دون لازمها. وهل هي أول دعوى خلت من الإثبات؟! فكم من الدعاوى بلا أثر على الواقع. فهل يصح أن يتخذ من هذا دليلاً على عدم وقوع الادعاء من الأدعياء؟!
ملاحظة/ لا يصح علمياً تسمية هؤلاء الشيعة بالجعفرية. لعدم تحقق النسبة إلى سيدنا جعفر بن محمد رحمهما الله تعالى. وقد كتبت في ذلك كتابي (أسطورة المذهب الجعفري).
· يرى البعض ومنهم فاتح كاريكار ـ رئيس جماعة أنصار الإسلام الكرديَّة ـ  المحسوبة عالمياً على الفكر السلفي الجهادي ، يرى الشيخ فاتح عدم الموافقة على تسمية المشروع الشيعي الإيراني بالفارسي، ويعلِّل ذلك بأنَّ الفارسية لغة لخمسي الإيرانيين وخمسي أفغانستان وكل طاجيكستان وربع الأوزبك، ويقول كذلك بأنَّ الفارسيَّة حتى كقومية لم تغلب التشيع في زمن الشاه مثلما غلبت القومية الطورانية والعربية والكردية ؟ فهل تجد في هذا القول وجاهة؟
- بل لم أجد إلا تخبطاً ومغالطة! والسيد كريكار اجتمعت عليه المشكلة من الناحيتين. أما التخبط فلربما قد دخل عليه من عجمته؛ فغير العربي مهما تكلم لغة العرب يبقى في منأى عن الإدراك الفطري لمعانيها الحقيقية، وطريقة العرب في الاستعمال وإطلاق الأسماء على المسميات. فالاسم يطلق عندهم تغليباً أحياناً، وبالجزء على الكل أحياناً أخرى. فالأمر لا علاقة له بالكثرة والقلة. الفرس هم مخترعو مبادئ التشيع المنحرف، وهم حاملو لوائه، والأكثر استفادة منه. فعرفوا به وعرف بهم. فربط الأمر بالنسب والأعداد ما هو إلا تخبط أعجمي. ولا أريد أن أطيل فأقول: متى ظهر الطاجيك والأفغان والأوزبك في التاريخ؟ ومتى صارت الفارسية لغة لهم؟ العداوة بين العرب والفرس منذ بداية التاريخ، وقضيتنا - يا سيدي! - عمرها أكثر من خمسة آلاف عام!
وأما المغالطة فقد جاءت من أن أنصار الإسلام لهم علاقة قوية بإيران، ومصالح مشتركة، وقد دخلوا شمال العراق عن طريقها. ومكاتبها لا زالت تفتح هناك. وقد نقلت وسائل الإعلام طلب الرئيس العراقي جلال الطالباني في زيارته لإيران قبل أيام من حكومتها إغلاقها. ولا شك أن للعلاقة استحقاقها، والمصالح حكمها. هذا وقد مدت إيران بالمال وغيره أذرعها إلى عدة حركات وأحزاب سنية، وما كثير من الفتن التي تجتاح المنطقة اليوم إلا بسبب هذه العلاقات المشبوهة.
والتشيع الفارسي والفرس هم هم في زمن الشاه وقبله وبعده، لكن ليس شرطاً أن يكون على وتيرة واحدة من الشدة أو الضعف. والعرب والترك والكرد وإن غلبوا القومية في طور من الأطوار، لكنهم لم يخترعوا لهم ديناً غير دين الإسلام، ولم يتبنوا التشيع، الذي هو اختراع فارسي بامتياز. والاستثناء قائم، وقد قال ربنا عن اليهود وغيرهم من أهل الكتاب: (لَيْسُوا سَوَاءً) (آل عمران:113).
 
· برأيك ما سبب ما يفعله عبد العزيز الحكيم ومقتدى الصدر في العراق: هل يمثِّلان معاً أجندة إيرانية، أو أنَّ ذلك لتغليب الوجود الشيعي في العراق، أم للانتقام؟
لهذا كله.
 
·      هل تتوقعون مواجهة بين المعسكر السنِّي والمعسكر الشيعي ؟ وما حدود ذلك وظروفه ؟
المواجهة قائمة الآن في العراق على قدم وساق. وقد تتطور فتشمل المنطقة إذا صار التدخل الإيراني مباشراً. وهذا قد يحدث عند حصول فراغ في العراق لأي سبب، وهو واقع لا محالة إذا امتلكت إيران أسباب القوة، ومنها القوة النووية العسكرية. وحذار حذار من (الخلايا النائمة) للشيعة الآن في السعودية والكويت وباقي دول الخليج العربي!
· يرى البعض أنَّ ما يحصل الآن في العراق من تفجيرات في مراقد الشيعة ، وفي مساجد السنَّة ، إنَّما هي أصابع صهيونيَّة تشتغل في الظلام ، وتطلق يدها في الخفاء لتدبر هذه التفجيرات ، ثمَّ تتهم الطرف الآخر، ومنهم آية الله حسين المؤيد ، فهل حقيقة ما يجري من أفعال كهذه في العراق هي بهذه الصورة؟ وهناك استشهادات من بعضهم ويمثِّلون على ذلك بأنَّه حصل اتفاق صلح بين السنة والشيعة في اتفاق مؤتمر النجف، وساد الهدوء بينهم في تلك الفترة ، ولكنَّ البريطانيين فجَّروا الاقتتال بين السنة والشيعة من جديد عبر الطرق الخفيَّة؟
- هذا كلام تقليدي مكرر، صادر من أصحاب عقيدة (ختم العداوة)، وممن يدس رأسه في التبن خوفاً من رؤية الحقيقة، من أجل أن يظل واضعاً رجلاً على رجل، ولا يكلف نفسه حتى عناء البحث واختبار الأفكار، ومن بعض الشيعة - كحسين المؤيد هذا - الذين توزعوا الأدوار فيما بينهم، فكانت حصتهم محددة في رفع شعار التقريب ذراً للرماد في عيون المغفلين، ومزيداً من التخدير لأهل السنة، وعلى قاعدة (تعدد أدوار ووحدة هدف). نعم لليهود أصابعهم، وللأمريكان دورهم في الفتنة، وقد هيأوا البيئة الحاضنة لظهورها. ولكن لإيران والشيعة دورهم ومخططهم أيضاً. وذلك من قبل ظهور إسرائيل وأمريكا على خريطة الوجود. واقرأوا كتب الشيعة واطلعوا على عقائدهم التي وضعوها قبل أكثر من ألف عام. عقيدة المهدي مثلاً. متى ظهرت؟ وما هو دور المهدي غير قتل العرب واجتثاثهم على يد الفرس؟ ولماذا سمى مقتدى أتباعه واختار لهم اسم (جيش المهدي)؟ وكيف أنهم يعتقدون أن ظهور المهدي قد اقترب، حتى إن بعضهم حدد ظهوره  في مطلع السنة الهجرية القادمة، كما جاء في كتاب (اقترب الظهور) لمؤلفه المدعو عبد محمد حسن؟! وهم الآن لا يعملون أكثر من تنفيذ ما دونوه، وخططوا لفعله قبل أكثر من ألف عام. أفكل هذا بفعل الصهاينة وإيحائهم، والفرس تلقوا هذا بكل سذاجة وبلاهة، وقاموا بتدوينه أداء للأمانة العلمية؟! أم ليس من أحد في الكون لهم أجندة ومخططات ومشاريع إلا الصهاينة؟ فما هذا الاستغراق في (نظرية المؤامرة) إلى هذا الحد من الهوان؟!
هل تعلم أن المستفيد الوحيد من هذه المقولة هم الشيعة؛ ولذلك تجد حسين المؤيد وأمثاله من الشيعة كجواد الخالصي وغيره، هم أكثر من يرددها ويهرف بها. وهذا هو دوره في اللعبة. والسر في ذلك أنهم يرون أصحابهم الشيعة، وكعبتهم إيران متورطين في عمليات الإبادة والقتل الطائفي إلى الأذقان، والفضائح لا يمكن سترها بغربال. فليس أفضل ولا أسهل من إلقاء التهمة على شماعة الصهاينة والأمريكان.
وأنا أسأل: إذا كانت هذه المقولة حقيقة، فهل يجهلها قادة الشيعة وعلماؤهم ومراجعهم في العراق وإيران؟ إذن لماذا لا يوعزون إلى من ينفذها من أتباعهم بالكف عن العمل على قتل أهل السنة وتهجيرهم ومحاولة اجتثاثهم؟ أم هذه الحقيقة لا يعرفها غير حسين وجواد وأمثالهم من المتاجرين؟ هل تعلم أن حسين المؤيد هو صهر عبد العزيز الحكيم؟! وهل اطلعت على موقعه لترى أول صورة تفاجئك عند فتحه هي صورة النار رمز العبادة المجوسية؟! بعد أن تملأ ناظريك باللون الأخضر شعار الفرس!
أما (مؤتمر النجف) الذي تذكره فلم أسمع به من قبل. وما هو إلا من هلوسات المنهزمين وتهويسات المتاجرين. وإن كان له وجود، فليس حاله بأحسن من حال ما سمي بـ(مؤتمر مكة) الذي عقدوه في رمضان الماضي، وافتتحوه بتلك الفرية التي تقول: (لا فرق بين مذهب السنة والشيعة إلا بما دخل تحت باب التأويل)! وكان أحد الموقعين عليه كبير جزاري الشيعة جلال الدين الصغير صاحب (مسلخ براثا)!  الذي يقول الله تعالى فيه وفي أمثاله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (التوبة:28).
 
· في العراق الآن إدانات من قِبَلِ الشيعة الروافض للحرب بينهم وبين أهل السنَّة ، بل إنَّ السيستاني أدان تفجير مراقد وقبور الصحابة، رضوان الله عليهم ، وحين خرج مقتدى الصدر بعد اختفائه ، خرج بلغة دبلوماسيَّة يدعو فيها السنة والشيعة لمقاتلة المحتل الأمريكي، فما سر هذه الدعوات من شخصين كانا إلى عهد قريب يؤجِّجان الشيعة في قتالهم للسنة؟
- الشيعة وإيران فضحوا اليوم في العراق أيما فضيحة. وأهل السنة بدأوا بالاستيقاظ، والقيام بردة الفعل. فمن ذكرتهم يريدون معالجة الأمر وتغطية السوأة بمثل هذا. وعسى أن يكسبوا مزيداً من الوقت، ورصيداً آخر من المغفلين. أما الحقيقة فلم يتغير منها شيء. وما دعوة مقتدى الأخيرة شيعته إلى (المسيرة المليونية) نحو سامراء إلا حلقة في المسلسل الخبيث الذي تضطلع به هذه الشخصيات والمرجعيات.
 
· المستقبل العراقي بالتأكيد يشوبه كثير من الغموض ، ولكن برؤيتك الاستشرافيَّة لواقع العراق المستقبلي ، ماذا تتوقع؟
- أتوقع الخير، وأنا متفائل رغم الألم الذي يخنق الأنفاس! لقد استيقظ المارد السني بعد قرون وعقود من الخدر الذي كان يسكبه على رأسه قادته وعلماؤه ومشائخه – إلا القليل – وما عاد يسمع لدعواتهم الانبطاحية الساذجة. والمقاومة بخير، وهي تصول وتجول في ربوع المثنى وعمر وابن مسعود. أما الشيعة فقد فضحوا وهانوا وأهينوا على رؤوس الأشهاد، وما عاد في أيديهم من ورقة تستر عورتهم. فإذا أحسنا استغلال الفرصة فالأمر راجع لا محالة إلى أهل السنة. والشيعة لا يمكن أن يستمروا في حكم العراق؛ ما داموا يحملون في قحوفهم تلك العقلية الانتقامية المتخلفة. وصدق مصطفى السباعي رحمه الله حين قال: (العقائد التي يبنيها الحقد يهدمها الانتقام). وواقعياً ليس للشيعة من قدرة على تحمل هذا العبء بعد خروج الأمريكان، ولا هم يصلحون لها. وهم يعلمون ذلك تماماً؛ ولذلك تراهم لا يطمعون بأكثر من تقسيم العراق تحت ذريعة الفيدرالية، والانفراد بحكم الجنوب. ويلحون ويستعجلون الأمر خوفاً من فوات الفرصة. على أنهم قد يتحق لهم ذلك، ولكن اعلم أنه إلى حين. والعراق مر بمثل هذه النازلة أكثر من مرة في التاريخ. ولكنه في كل مرة يعود إلى أهله سليماً معافى. والله تعالى يقول: (فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) (هود:49).
·      هل من كلمة أخيرة؟
- أقول: إن سطور المجد تكتب اليوم في بلاد الرافدين. وإخوتكم العراقيون يخوضون المعركة نيابة عن الأمة. إن المعركة في العراق هي معركة الأمة كلها. فإذا انتصرنا انتصرت. وإذا كانت الأخرى – لا سمح الله – فإن عهود الظلام عليها ستطول. فعليها أن تسعف أهل السنة، وتقف إلى جنبهم في محنتهم. على أننا لسنا في حاجة إلى رجال. فالرجال عندنا كثير.
شكراً لكم.. والسلام عليكم.
 
30/6/2007
 
 
كلهم مقتدى
لا أستثني أحدا
(1)
6/7/2007
 
 فـي إحدى خيام المهجرين في الفلوجة التقى مراسل "مفكرة الإسلام" بامرأة من أهل محافظة السماوة (حوالي 280 كم إلى الجنوب من بغداد) تكنى بالحاجة أم عبد العزيز. تركت منزلها مع خمس بنات لها: كبراهن سمية عمرها (22) عاماً. تقول الحاجة: إنها هربت بدينها من السماوة. وإن أشخاصاً من مكتب السيستاني حضروا إلى دارها، وأمهلوها مدة ثلاثة أيام للتفكير في اعتناق مذهب أهل البيت أو الرحيل من المدينة إلى مدن (النواصب). وإنها إذا رفضت فإن (المؤمنين) من فيلق بدر وجيش المهدي سيقومون بواجبهم حيالها وحيال بناتها - على حد تعبير المجرمين المعتدين - وأضافت الحاجة أم عبد العزيز: تركت كل شيء من أجل ديني، وجئت إلى الفلوجة؛ فقد علمت أن أهلها أهل نخوة وطيبة وجهاد[20].
 هذا نموذج للآلاف المؤلفة من أهل السنة، الذين هجرتهم عصابات المجوسية المقنعة، وبفتاوى العلماء، وعلى رأسهم كبيرهم السيستاني. وفروا بدينهم وأعراضهم منهم.
 وهكذا – ومن خلال هذا التقرير - ترى أنه لا فرق – في النهاية – بين مقتدى والسيستاني وآل الحكيم وآل الصدر وغيرهم في عداوتهم لأهل السنة. فمكتب السيستاني يهدد الآخرين بذراعه العسكري " (المؤمنين) من فيلق بدر وجيش المهدي ". نعم! بينهم فروق.. ولكنها داخلية، يسوونها فيما بينهم، ولا تؤثر في علاقاتهم الخارجية حين يواجهون عدوهم الوحيد - أهل السنة. فمهما يكن بينهم من اختلاف وخصومة، فإنهم يتوحدون ضدنا. بل المتابع لهم يجد أنهم أحياناً يتعمدون صناعة هذه الفروق لغايات سياسية، يخدعون بها المغفلين من جماعتنا – وما أكثرهم! – فإن من السياسة أن لا يوضع العنب كله في سلة واحدة. فكلما تلفت سلة حولوا العنب إلى سلة أخرى، على قاعدة (تعدد أدوار ووحدة هدف). ولكبيرهم محمد باقر الصدر كتاب مستقل يجسم هذه القاعدة، بعنوان "أئمة أهل البيت.. تعدد أدوار ووحدة هدف". فالقوم واعون، ويعرفون بأي نول ينسجون، وعلى أي وتر يعزفون. لكن المشكلة في من يهرفون بما لا يعرفون. يدورون بين السلال، كلما ثقبت سلة أخذوا أختها، وما دروا أن الاعتلال ليس في السلال، وإنما في العنب الذي فيها.
لعبة قديمة جديدة
الشيعة قوم يتميزون بقابلية لا تضاهى على رفد الميدان بألوان وأشكال، تبدو في ظاهرها مختلفة، لكنها في الباطن متحدة. فإذا انكشف حال أحدهم، أو احترقت ورقته، جاءوك بآخر يلعن سابقه، ويتبرأ من سابقته. وجماعتنا لـ(طيبتهم) - بل لغفلتهم – لا يدركون اللعبة؛ فيظلون يدورون ويدورون، لا يبرحون أماكنهم.
وهكذا في كل يوم يخرج لنا (وطني) جديد! و(معتدل) غير القديم! والحقيقة أن اللعبة قديمة، وأنه ليس من جديد ولا فرق بين الكشواني والكاشاني – كما يقول الأستاذ الملاح رحمه الله تعالى - الدعوى هي الدعوى، والعمامة والكالوش هما هما. وما تغير إلا الشاخص. ولربما اللاحق ألعن من السابق!
 
هؤلاء هم (المعتدلون)..!
 فيما يلي استعراض سريع لأبرز الأسماء التي انخدع بها أهل السنة، مع شواهد عابرة مما تهيأ تحت اليد، وكان تحت دائرة النظر. تثبت حقيقتهم التي هم عليها، ومدى الوهم الذي يغزو تصوراتنا (الطيبة) عن (اعتدالهم) و(وطنيتهم). وأظن الموضوع يستحق تأليف كتاب مختص، يستقصي الأسماء والأدلة المتعلقة بكل اسم منها. أما أنا فيكفيني في هذا المقام مثل الذي قد كفاني يوم كتبت أول السطور والشواهد عن مقتدى وزمرته، قبل انكشاف حقيقته، في كتاب (إلى متى نخدع؟ إلى متى نُخادع؟) في نيسان 2005. ثم أثبتت الأيام للجميع أن تلك الشواهد كانت كافية لأن تكون أدلة دامغة لو كانوا قليلاً عندها يتوقفون. والذي صدق في الأولى يوم كان الناس لا يريدون التصديق، يصدق في الآخرة، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
ويحضرني هنا واقعة حقيقية لأحد العارفين من أهل الأحواز العربية السليبة. عند أول مجيء الخميني، والناس قد افتتنوا به، في الأحواز وغيرها، يظنونه المنقذ الذي جاء به القدر في ليالي اليأس وأيام القنوط!
يومها جمع ذلك العارف الحكيم أقاربه وقال لهم: " يا جماعة! إياكم والانخداع بالخميني وأمثاله! ما هذا الرجل إلا دجال من دجاجلة الفرس، لا علاقة له بالدين ".
 وما إن سمع أقاربه كلامه حتى ثاروا في وجهه منكرين مستنكرين. فسكت الرجل ربع قرن. حتى إذا ظهر كل شيء على ما هو عليه، وصار الناس يئنون ويصرخون من ظلم آيات الدجل في قم وطهران. جمع ذلك الرجل أقاربه مرة أخرى وخاطبهم بقوله: " هل تذكرون ما قلت لكم قبل كذا وكذا من السنين، وماذا كان ردكم علي؟ " قالوا: "نعم!" قال: " هل كنت صائباً فيما قلت يومها، وكنتم مخطئين؟ " قالوا: " نعم! والله " قال: " فالآن أقول لكم حقيقة أخرى: ليس الخميني وزمرته على باطل لفساد تدينهم، وعدم التزامهم، لا، وإنما لفساد دينهم من الأساس. فالتشيع مذهب باطل، والحق مع أهل السنة " فثار الحاضرون في وجهه كما ثاروا في المرة الأولى! فقال لهم: " يا جماعة الخير! ارحموني وارحموا أنفسكم، لقد عشت ربع قرن على أمل أن أراكم يوماً من الدهر تصدقون ما قلت لكم. وها قد حقق الله تعالى لي أملي. وجعلني أعيش حتى أرى بعيني أمنيتي. فهل تظنون أن لي عمراً كعمر نوح لأعيش ربع قرن آخر حتى أراكم تصدقون ما قلته لكم الآن؟ أفكلما أخبرتكم بحقيقة أحتاج إلى ربع قرن آخر لتصدقوها؟! استحيوا من أنفسكم، فالذي صدق في تلك يصدق في هذه، وما من داع للتجارب وخسارة الأعمار " !
وأقول: الاعتبار تجربة من دون تجريب. وقول العارف يضاعف العمر، ويختصر الجهد. والعاقل من اعتبر بغيره، لا بسيره. فلماذا يأبى أكثر الناس إلا أن يمر بجسده على مبضع التشريح؟ ألا ما أكثر العبر! وأقل المعتبرين!
 
·        محمد مهدي الخالصي
من هؤلاء (الوطنيين) (المعتدلين) الشيخ جواد الخالصي. ولا أريد ذكره قبل أبيه. فإن الشجرة تتغذى من جذورها. ومن قرأ الجذور سهل عليه قراءة ما على سطح الأرض.
أما أبوه فمحمد مهدي الخالصي.. الذي خدع الكثير من علماء وعامة أهل السنة - خاصة المجتمع البغدادي الطيب - بدعاواه الرنانة عن التقريب، وتمثيلياته التي كان يجريها بين مرقدي الكاظم وأبي حنيفة، واعتبر - في أواسط القرن الماضي -كبير دعاة التقريب والتلاحم بين أهل السنة والشيعة! بينما هو لا يختلف عن أمثاله من علماء الشيعة. يتظاهر بأمر، ويبطن خلافه. وقد تولى فضحه في حينها الأستاذ الكبير محمود الملاح رحمه الله. ويكفيني أن أنقل عنه عقيدته في (المهدي) لمناسبتها الحديث عن العصابات المنتسبة إليه، وكيف أنه يعتقد فيه العقيدة الوحشية نفسها. فيا لسعادة الوطنيين!          
تناول الأستاذ الملاح كتاباً للخالصي هذا اسمه (البرهان الجلي على إيمان زيد بن علي) فذكر أنه جاء في آخر ص54 منه ما يلي: " والذي يأخذ بثارات أهل البيت، المنتظر محمد بن الحسن العسكري. فيفرح بظهوره عامة المسلمين في شرق الأرض وغربها " . وعلق الملاح على هذا النص بقوله: " ولم أفهم معنى لهذا الكلام لأن الذين اعتدوا على آل البيت بادوا. والمهدي لا بد أن يلتزم الشريعة. ولم يرد ما يدل على نسخها في عهده. فإن قدر للشريعة الإسلامية أن تنسخ في عهد المهدي، وانتقم من الأولاد بما فعل الأجداد – كما ورد في كتب الملل – فسيكون أهل العراق أوفر نصيباً من أهل الشام ! والحكم لله الملك العلام " [21].    
وما تخوف منه الملاح قبل أكثر من نصف قرن من الزمان بناء على عقيدة الخالصي في المهدي هو الواقع نصاً في العراق اليوم!
 وانظر إلى عقيدة هذا (الوطني) (المعتدل) في خيرة الأصحاب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما! إذ يقول: " وان قالوا أن أبا بكر وعمر من أهل بيعة الرضوان الذين نص الله على الرضا عنهم في القرآن: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)، قلنا: لو قال ((لقد رضي الله عن الذين يبايعونك تحت الشجرة)) أو ((عن الذين بايعوك)) لكان في الآية دلالة على الرضا عن كل من بايعه، ولكن لما قال ((لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك)) فلا دلالة فيه على الرضا إلا عمن محض الإيمان "[22] .
وقد ذكر الأستاذ الملاح تهجم الخالصي على الشيخين رضي الله عنهما من خلال كتاب نشره  اسمه (الرحلة المقدسة)، فيه أدعية تقال عندهم في الحج عند الوقوف على قبور بعض المدفونين في البقيع من أهل بيت علي، يتبرأ فيها من الصديق والفاروق مكنياً عنهما برمز (الجبت) و (الطاغوت)، ومخاطباً فاطمة رضي الله عنها بمثل: " يا مظلومة! يا مكلومة! يا مضطهدة"[23]. !
 وأخيراً اقرأ هذا النص الذي لا يخرج إلا من فم (وطني) (عروبي) إلى حد العظم! يقول الخالصي هذا: (لم أذكر الصحابة بخير لأني لا أريد ان أتعرض لعذاب الله وسخطه بمخالفتي كتابه وسنته في مدح من ذمه الكتاب والسنة، والإطراء على من قبح أعماله القرآن المجيد والأحاديث المتواترة عن النبي. وغاية ما كنت أكتبه وأقوله هو ان كتاب الله وسنته لم تذكر الصحابة بخير، ولا تدل على فضل لهم لأنهم صحابة)[24]!.
هؤلاء هم دعاة الاعتدال والناعقون بشعارات الوحدة الوطنية في أوطاننا المنكوبة بنا قبل غيرنا!!
 
·        جواد الخالصي
وهذا الشبل من ذاك الأسد. على منواله ينسج، وخطواته يسير. التقيته في رحلة الحج عام 1427. ودار بيننا حوار وجدال ألخصه فيما يلي: قلت له: إذا كنتم جادين في دعواكم لتوحيد الصف ووأد الفتنة، فكونوا صرحاء حتى يثق بكم الجمهور. اتركوا العزف على ربابة " لا فرق بين السنة والشيعة " . أخرجوا المسألة من الإطار الديني، واحصروها في إطارها السياسي. لقد اختلف الحال عما هو عليه قبل خمسين عاماً. الزمان زمان ثورة المعلومات وشبكة الإنترنت، والحواسيب، والفضائيات، والإذاعات. والكتب والصحف والنشريات، تجدها مبذولة على أرصفة الطرقات! لم يعد شيء خافياً على أحد. الكل يعرف أن هناك دينين، لا مذهبين. والخلاف وصل إلى حد القتل، والقتل المتبادل. كيف " لا فرق " وأنتم تؤمنون بـ(الإمامة) أصلاً تكفروننا على أساسه؟ قال: نحن نعتقد أنكم مسلمون. قلت: نعم. ولكن هذا بحسب الظاهر كإسلام المنافقين. أما في الحقيقة فلسنا في اعتقادكم مؤمنين، بل كافرون لا ننجو يوم القيامة، وإنما سندخل النار خالدين مخلدين. حاول إنكار هذا الكلام مطالباً إياي بإثباتاته من مصادره. فذكرت له بعضها. وأردفت: محمد حسين فضل الله أبرز من يتظاهر بالتقريب، يُسأل عن التعبد بمذاهب أهل السنة؟ فيجيب بعدم قبول العمل بغير المذهب الشيعي. قال: أين ذكر ذلك؟ قلت: في كتابه (مسائل اعتقادية). فقال: لا أعرف هذا. وسأتحقق من الأمر. قلت: والخوئي يستبيح مال الناصب أينما وجد؟ قال: أين؟ قلت: في كتابه (منهاج الصالحين). قال: مال الناصب، وليس السني. قلت: لا فرق عندكم بين الناصب والسني. فهو لقب تلجأون إليه عند الحاجة للتورية. ولكم في إثبات كون الناصب هو السني بلا فرق مؤلفات. قال: مثلاً؟ قلت: كتاب (الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب) للشيخ يوسف البحراني، وهو في مجلدين كبيرين، وقد طبع في إيران قبل سنوات قليلة. فتظاهر بعدم معرفته! قلت: فما تقول بتكفير الخوئي لكل مخالف، وهو – حسب تعريفه – كل من أنكر (إمامة) ولو واحد من (الأئمة) الاثني عشر؟ قال: أين هذا الذي تقوله عنه؟ قلت: في كتاب (مصباح الفقاهة). فتظاهر – كالعادة – بعدم اطلاعه على ما أقول! وهو تهرب واضح. قلت: فكونوا واضحين حتى نصدقكم. فضحك وهو يقول: كلامك هذا خير ورقة بيد الطائفية.
وهكذا تراهم عند الإحراج يلوذون خلف هذه العبارات الدعائية واللافتات الإعلامية. أفيكون المراوغة والتلاعب بالألفاظ والمواقف قريناً للاعتدال والوطنية؟
 وذهلت حين تطرقت إلى الكليني وقوله بالتحريف طبقاً للروايات الصريحة التي رواها في كتابه (الكافي) معتقداً بصحتها. قلت: وهذا يرفع عنه الثقة، لأن اعتقاد التحريف كفر، ومعتقده كافر. فهل أنتم مستعدون لتكفير هؤلاء العلماء؟ فاحتج عليّ قائلاً: ولماذا نكفر من يقول بالتحريف؟
 
 
كلهم مقتدى
لا أستثني أحدا
(2)
 
·        أحمد البغدادي
يكفي العاقل من هذا أن ينظر إلى دفاعه المستميت عن إيران ومشروعها النووي، ودفاعه عن مقتدى الصدر وجيش المهدي. وادعاؤه المريض المستمر أن هناك مؤامرة للتغطية على عمليات المقاومة الشيعية، وحصر العمليات في المنطقة السنية فقط. بينما المقاومة – حسب ادعائه – سنية شيعية. ولا أدري هل الشيعة يتآمرون على أنفسهم أيضاً حين تخرس وسائل إعلامهم الضخمة المتعددة عن هذا الادعاء أو الإتيان بشواهد من الميدان له؟ وإذا تحدث عن الاحتلال فيصب لعناته على احتلال الأمريكان ويتهمها وحدها بـ(الإرهاب وتوظيف الطائفية بين مكونات الشعب العراقي) – كما جاء في أحد بياناته المقاومية - ويخرس عن استحلال إيران! وفي آخر تلك البيانات الهوائية النارية ضد الاحتلال يتحدث عن أمريكا ويتهمها حتى بظاهرة بيع (حبوب الهلوسة) – كما يسميها – على قارعة الطريق. مع أن الكل يعلم أن حبوب الهلوسة هذه قد أتتنا من بلاد المهلوسين حبيبته الجارة إيران! ولم يذكر إيران إلا في اعتراضه على سكوت المراجع في النجف عن الإفتاء بالجهاد ضد الأمريكان قائلاً: (وايران تطالبهم بالحاح في اصدار فتوى جهادية لمناهضة العدو)[25]!
وعبارة أنقلها من أحد كتبه لا تعني غير تكفير أهل السنة أجمعين! يقول فيها عن بدعة (الخمس): " ومن امتنع عن أدائه كان من الفاسقين الغاصبين لحقهم بل من كان مستحلاً لذلك كان من الكافرين "[26].
ولا أقول غير: يعيش الاعتدال! وتحيا الوطنية!
 
·        محمد حسين  فضل الله
 سئل محمد حسين فضل الله: هل يجوز التعبد في فروع الدين بالمذاهب السنية الأربعة، وكذلك بقية المذاهب غير الشيعية؟ فأجاب: " لا يجوز التعبد بأي مذهب إسلامي غير مذهب أهل البيت عليهم السلام، لأنه المذهب الذي قامت عليه الحجة القاطعة "[27].
ويذكر الأستاذ صباح الموسوي الأحوازي أن فضل الله هذا قام بطرد أحد المشائخ الشيعة
اسمه (طالب السنجري)، من حوزته الكائنة في منطقة السيدة زينب في سوريا، كان أستاذًا للفقه فيها، بسبب تأليفه كتاباً أكد فيه على أن الرجوع إلى الخليفة عمر بن الخطاب كالرجوع إلى الإمام علي بن أبى طالب رضي الله عنهما، لكون الاثنين يستقيان علمهما من منبع واحد، وهو القرآن والسنة[28].
هؤلاء هم (المعتدلون)، ورافعو راية التقريب !
 
·        محمد باقر الصدر
أما محمد باقر الصدر، المعدوم سنة 1980، والذي لا زال الكثير من أهل السنة مخدوعين به، ويعتبرونه من (المعتدلين)، ودعاة التقريب الصادقين. التقيت أحد خريجي كلية الشريعة في مكتب للحاسبات في بغداد، يريد طباعة رسالة له لنيل درجة الماجستير. كان يستعيد مع صاحب المكتب بعض النصوص من أجل تصحيحها، وسمعتهما يكرران كلمة (الشهيدين) مرات عديدة. قلت: من هما الشهيدان المقصودان بهذه الكلمة من فضلك؟ قال: سيد قطب ومحمد باقر الصدر.! قلت: سبحان الله! كيف جمعت بين الثرى والثريا؟! كيف يوصف من يكفر الصحابة، ويعتقد بتكفير أمة الإسلام بـ(الشهيد)؟ أليست العقيدة أساس التقييم؟ قال: وهل محمد باقر الصدر يكفر الصحابة؟ قلت: نعم. وأتيته بالدلائل. فقال لضارب الطابعة: احذف هذه الكلمة إذن.
والشيء نفسه حصل لي مع مؤلف كتاب يدعو للوحدة والتقريب، ويفرق بين التشيع الصفوي والتشيع العلوي، يثني فيه على محمد باقر هذا، ويعتبره مثلاً للتشيع العلوي. وحين جئته بكتاب لباقر هذا اسمه (أئمة أهل البيت تعدد أدوار ووحدة هدف)، وأريته ما فيه من تهجم وسب وطعن بالصحابة وعلى رأسهم الشيخان، عجب أشد العجب! وصار يعتذر صادقاً أنه لم يكن يتصوره على هذا المستوى من الانحطاط الفكري والاعتقادي. لقد تبين أنه يردد ما يسمع دون اطلاع على ما ينبغي الاطلاع عليه قبل إصدار الحكم بالسلب أو بالإيجاب.
ليس هذا الكتاب متوفرا لدي الساعة، إنما أنقل لكم نماذج من كتاب له اسمه (فدك في التاريخ). والكتاب واضح من اسمه في دلالته على العقلية التي تحرك المؤلف (الوطني) (المعتدل)!
انظروا إلى هذه النفسية الشعوبية الحاقدة ، وإلى هذه العقلية المريضة المنحرفة كيف تفسر ملازمة الصديق t للرسول e في معاركه! فبدلاً من أن يفسرها التفسير المنطقي طبقاً لمقتضيات طبيعة القيادة التي تميز بها الصديق عن غيره من الصحابة، والتي اقتضت
هذه الملازمة ترى صاحبنا يفسرها تفسيراً مريضاً معوجاً فيقول:
 " وليس لدي من تفسير معقول للموقف إلا أن يكون قد وقف إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكسب بذلك موقفا هو في طبيعته أبعد نقاط المعركة عن الخطر لاحتفاف العدد المخلص في الجهاد يومئذ برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وليس هذا ببعيد لأننا عرفنا من ذوق الصديق أنه كان يحب أن يكون إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحرب لأن مركز النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو المركز المصون الذي تتوفر جميع القوى الإسلامية على حراسته والذب عنه... شخصية اكتفت من الجهاد المقدس بالوقوف في الخط الحربي الأخير – العريش " [29].
ثم انظروا إليه كيف يطعن في خليفة رسول الله فيقول:
" فلا غرابة في أن ينتزع من أهل البيت أموالهم المهمة ليركز بذلك حكومته، أو أن يخشى من علي عليه السلام أن يصرف حاصلات فدك وغير فدك على الدعوة إلى نفسه. وكيف نستغرب ذلك من رجل كالصديق وهو الذي قد اتخذ المال وسيلة من وسائل الأغراء، واكتساب الأصوات " [30].
ويطعن في شرعية خلافته فيقول: " تلك هي خلافة الصديق (رضي الله تعالى عنه) عندما خرج من السقيفة... ومعنى هذا أن الحاكمين زفوا إلى المسلمين خلافة لم تباركها السماء ولا رضي بها المسلمون " [31]. ويقول أيضاً:
" والنقطة الاولى التي نؤاخذ الصديق عليها هي وقوفه موقف الحاكم في المسألة (فدك) مع أن خلافته لم تكتسب لونا شرعيا " [32].
وعندما وجد نفسه عاجزاً عن إنكار الخير العميم ، الذي شمل البشرية فـي عهد الشيخين، راح – بعقليته المريضة – يصرف الفضل في ذلك، لا إلى جهدهما المخلص، وحرصهما على نصرة الدين، ونشره في ربوع العالمين، وإنما إلى الظرف المحيط بهما، فهما قد فعلا ما فعلا خوفاً من المجتمع ورقابته! هل رأيت تناقضاً ومرضاً عقلياً ونفسياً كهذا؟! فيقول:
" صحيح أن الإسلام في أيام الخليفتين كان مهيمنا، والفتوحات متصلة والحياة متدفقة بمعاني الخير، وجميع نواحيها مزدهرة بالانبعاث الروحي الشامل، واللون القرآني المشع، ولكن هل يمكن أن نقبل أن التفسير الوحيد لهذا وجود الصديق أو الفاروق على كرسي الحكم؟! " . ثم يقدم بعد هذا التساؤل تفسيره الفتاك فيقول:
" ونفهم من هذا أن الحاكمين كانوا في ظرف دقيق لا يتسع للتغيير والتبديل في أسس السياسة ونقاطها الحساسة لو أرادوا إلى ذلك سبيلا، لأنهم تحت مراقبة النظر الإسلامي العام الذي كان مخلصاً كل الإخلاص لمبادئه، وجاعلا لنفسه حق الإشراف على الحكم والحاكمين. ولأنهم يتعرضون - لو فعلوا شيئا من ذلك - لمعارضة خطرة من الحزب الذي ما يزال يؤمن بأن الحكم الإسلامي لا بد أن يكون مطبوعا بطابع محمدي خالص، وأن الشخص الوحيد الذي يستطيع أن يطبعه بهذا الطابع المقدس هو علي - وارث رسول الله ووصيه وولي المؤمنين من بعده "[33] .
هؤلاء هم (المعتدلون) من الشيعة! فأي اعتدال هذا ؟!
يقول (معتدل) آخر هو علي الأمين مفتي صور وجبل عامل في لبنان في لقاء له على قناة (العربية) في برنامج (بالعربي) يوم 22/2/2007 :
 " تعاونت مع منظمة أمل والمجلس الأعلى لأنهم يحملون مشروعاً معتدلاً " !!!
 فإذا كانت منظمة أمل صاحبة مجازر تل الزعتر وصبرا وشاتيلا تحمل مشروعاً معتدلاً، فكيف هي مشاريع الآخرين من غير (المعتدلين)؟!
نعم! قد تسمع أو تقرأ كلاماً يبدو معتدلاً لأحد العلماء من منتسبي المجلس الأعلى الشيعي في لبنان، ولكن النتيجة في النهاية واحدة. لا ترى على الواقع إلا عملاً واحداً لهؤلاء وهؤلاء. فليس ثمة إلا الكلام. وكما قالت العرب منذ زمن بعيد: " أسمع جعجعة ولا أرى طحناً ". ولذلك لا يجد المفتي المذكور من حرج أو مفارقة حين يقرن بين المنظمة والمجلس. لأنهما في الحقيقة شيء واحد. الهدف واحد، ولكنها الأدوار يجب أن تتعدد خدمة للهدف.
 
·        محمد محمد صادق الصدر
الشيء نفسه قيل عن محمد صادق الصدر. وقد عانينا ما عانينا أيامها في سبيل أن نقنع المغفلين ببطلان نظرية التفريق بين علماء الشيعة وقسمتهم إلى صنفين: معتدلين أصحاب تشيع علوي، وآخرين أصحاب تشيع علوي، ما داموا يعتقدون بمبدأ (الإمامة). إن أول اللوازم التلقائية للاعتقاد بهذا المبدأ الخطير، هو تكفير من لا يلتزم الاعتقاد به. وهذا أمر اضطراري لا مهرب منه. شأنه شأن اعتقادنا بأصل النبوة، وتكفير من لا يقر به. هل تعلم أن (الإمامة) عند الشيعي أعلى مرتبة من النبوة؟ هل التشيع الذي يتضمن هذه العقيدة الفاسدة التي تقضي بتكفير خيرة الأُمة يليق أن نلحقه بعلي، وننسبه إليه؟! فكيف يقال بعد ذلك عن بعض علمائهم: إنهم من أصحاب التشيع العلوي أو العربي؟ هذا تشيع غلوي – يا سادتي - لا علوي، وعجمي لا عربي.
 وحتى بعد أن كشر محمد صادق عن حقيقته، ظل هناك من لا يعرف أو لا يريد أن يعرف الحقيقة! حتى إذا جاء ولده قالوا: هذا هو من ننتظر، وعلى يده سيكون جمع الأمة! وراحت أصوات المحذرين أدراج الضوضاء. حتى كشفت الأحداث عن سوءته. ولم يعد لأحد من عذر للدفاع عنه.
 ولا أريد أن أطيل في الإتيان بالشواهد من خطب محمد صادق الصدر وكتبه. يكفي أن أشير إلى ما صرح به أحد أتباعه (المعتدلين) حازم الأعرجي وهو يحرض على قتل أهل السنة في إحدى خطبه النارية المسجلة على شريط مصور، والمبثوثة على شبكة المعلومات، محتجاً بفتوى للمقبور محمد صادق هذا تقول: اقتلوا النواصب إنهم أنجاس، أنجس من الكلب!.
 وهذه لقطة مختصرة من إحدى خطبه على منبر الجمعة في الكوفة متحدثاً عن موت رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان هناك جوابين لأسلوب موته. أي إنه مات بحادث خارجي جواب من الجماعة – أهل السنة – وجواب من عندنا. الجماعة يقولون: إنه اثر فيه أكل الذراع الذي قدمته اليهودية. وهذا بعيد إلى درجة عجيبة... أذن كيف مات؟ وبأي حادث خارجي مات؟ يقولِ الارتكاز المتشرعي عندنا: إن الحادث حصل من داخل بيته. ربما بعض زوجاته هي التي دست له السم ومات خلال أيام. طبعا بالجرح هذا لا يحتمل. وإنما بالسم[34].
 
كلهم مقتدى
 لا أستثني أحدا
(3)
 
محمود الصرخي
محمود عبد الرضا الملقب بالحسني الصرخي، يمثل في هذه المرحلة – بعد احتراق ورقة مقتدى - عند الكثير من النخبة السنية ذلك الأمل، وتلك الشخصية الوطنية العروبية، التي تندد بالاحتلال الأمريكي، وتستنكر التدخل الإيراني في الشأن العراقي. وبالجملة مثال رجل الدين الشيعي اللطيف النظيف، الذي يصلح للاحتذاء في مشروع المصالحة والتقريب والوحدة الوطنية، وإعادة اللحمة إلى هذا الوطن المفكك المنكوب! وكأن مقتدى لم يكن درساً بليغاً مؤلماً كان عليهم أن يأخذوا منه العبرة، ويقيسوا عليه بقية الأشكال المشابهة! فتعالوا بنا قليلاً نتعرف على الصرخي هذا.. هذا المثال الصارخ!
 في كتابه المسمى بـ(أهل السنة وحب العترة) لا يتردد عن أن يحكم على أهل السنة بأنـ(هم أسوأ من إبليس)!! ويعلل هذه المفاضلة بـ(أن إبليس يمكن أن يطرح الحجة أو العلة ولو كانت واهية وباطلة) أما أهل السنة – الذين يتهمهم ببغض أهل البيت، ويوجه لهم الخطاب بعنوان هذه التهمة - فليس لهم أية حجة في ذلك. وهكذا يصدر عليهم حكمه النهائي بأنهم (أردأ وأسوأ من إبليس وفي درجات أعمق من إبليس في نار جهنم وبئس المصير). ثم صار يدندن حول (الإمامة)، وعدم اعتراف أهل السنة بها، وهدمهم لأصل الطاعة لأهل البيت، ليقول: (فشعارهم التوحيد من الشعارات البراقة التي ينخدع بها العديد من الجهال والعصاة. بشعارهم الكاذب بالتوحيد يريدون أن يهدموا أصل التوحيد وأصل العبودية المطلقة لله تعالى، وتهديم اصل الطاعة لما أوصى من طاعة أهل بيته). ويستشهد لقوله هذا، وحكمه هذا فيهم بالشيخ محمد بن صالح العثيمين، مثالاً لهدم أصل التوحيد، وما سطره رحمه الله تعالى في كتابه القيم (عقيدة أهل السنة والجماعة)[35]!.
    وانظر إليه ماذا يقول عن الصحابة!
  تحت عنوان (العمامة الحقيقية والعمامة المزيفة) – العمامة الحقيقية إشارة إلى علي، والمزيفة إلى الصحابة، وعلى رأسهم أبو بكر! - يقول هذا المعمم المزيف: (إن حزن أبي بكر هو حزن على نفسه، وليس على النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وإن السكينة نزلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غار حراء. وإن الاثنينية تذكر حتى بين الإنسان وكتابه والإنسان وحماره والإنسان وعصاه وغيرها. بعد رحيل المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم انقلب الحال وتغيرت الأقوال. فبينما انشغل أمير المؤمنين علي بتغسيل وتحنيط وتجهيز الحبيب المصطفى صلى الله عيه وآله وسلم إذا بالسقيفة قد انعقدت وتنصب (الأول) تحت طاولة الترغيب والترهيب وضرب الخراطيم بالسيوف. والنتيجة انشقت الأمة وراحت تأتمر بأمر من خرج على نص النبي وأمر الله)[36].
وقبل أن أضع يدي على أنفي، وأغادر هذا الكنيف، أرى من تمام الفائدة أن أذكر موقفه من أهل الفلوجة. وذلك لسببين: أولهما: أنه يعطي الصورة النموذجية للشخصية الشيعية، وكيف تظهر أمراً - حسب ما يتطلب الموقف - وتبطن نقيضه. فحين يقتضي الموقف الظهور بمظهر الوطني، الحريص على وحدة الوطن والمواطن، وركوب موجة الآخرين والاستفادة من الحدث إلى أبعد حد، تجده يرتدي لباس التقية، ويتجمل بالشعارات النفاقية ليصرح على رؤوس الملأ - في بيان له موقع باسمه،ع نوانه ( فلوجة الخير والمقاومة) – ويقول: (نعزي سيدنا وقائدنا النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، ومولانا ومنقذنا قائم آل محمد وبقية الله تعالى في أرضه عجل الله تعالى فرجه الشريف بمصاب أهلنا وإخواننا وأحبائنا في فلوجة الخير والمقاومة والجهاد والصبر). ويختمه بقوله: (والسلام على الفلوجة المقاومة وأهلها الصابرين ورحمة الله وبركاته. وفرج الله تعالى عنهم، وعن المؤمنين والمؤمنات فرجاً عاجلاً كلمح البصر، أو هو أقرب. إنه سميع الدعاء) 19/صفر/1425 هـ .
والسبب الثاني: هو أن عامة مثقفي أهل السنة وكتابهم وصحفييهم، بل وكثير من مشائخ الدين فيهم، لا يعرفون من هؤلاء إلا هذه التصريحات الدعائية، ولم تتهيأ لهم الفرصة لأن يقرأوا ويتعمقوا، ليطلعوا على حقيقة ما يعتقدونه ويخبئونه، مما يناقضه نقيض الضد للضد!
 فهذا الذي يصرح ويصرخ بمثل هذه الخطابات الإعلانية، هو نفسه حين يسأل عن أهل الفلوجة، هؤلاء الذين يمتدحهم، ويظهر التوجع لمصابهم، يجيب بجواب آخر، يظهر فيه على حقيقته، وحقيقة موقفه منهم، ومعتقده فيهم. والفرق بين هذا وذاك أن تصريحه الأول جاء في بيان مصوغ أصلاً للإعلان والدعاية. ربما يسمعه الملايين، ويصل إلى أبعد المسافات، وتتناقله الفضائيات. كما كان مقتدى يفعل. بينما موقفه الآخر جاء على شكل جواب لاستفتاء منشور في كتاب، لا يطلع عليه عادة إلا المعنيون من الشيعة المقلدين له حصراً. وهذه الكتب تظل غالباً بعيداً عن مثقفينا ومشائخنا وإعلاميينا؛ فيقعون في الشرك، وتنطلي عليهم الحيلة، ويصيرون أبواقاً للشيطان من حيث لا يشعرون.
ففي أحد الكراريس الاستفتائية يوجه إليه السؤال التالي: (لقد سمعنا بالمصادمات في الفلوجة بين المواطنين والأمريكان الغزاة فهل إن الذين قتلوا هم شهداء أم ماذا؟).
فيجيب بـ(وطنيته) المعهودة قائلاً: (بسمه تعالى إن ولاية أهل البيت عليهم السلام ولاية حق وهي المحك في قبول الأعمال. وإن الجهاد في سبيل الله تعالى ونيل الشهادة في هذا الطريق لا يتحقق ولا يقبل إلا بولاية أهل البيت الصادقة الحقيقية. ولا يخفى على الجميع أن كل إنسان يحاسب وفق مستواه الذهني وحسب ما وصل إليه من دليل ومقدار وضوحيته وتماميته)[37].
والذي يرجع مرة أخرى إلى بيانه الدعائي، يمكن أن يجد ما بين الكلمات ما يدل على عقيدته التكفيرية هذه، ولكنه دسها دساً خفياً، لا يفطن إليه إلا خبير. أعد قراءة هذه العبارة: (... وفرج الله تعالى عنهم، وعن المؤمنين والمؤمنات...) ماذا ترى فيها؟ ربما تقول: لا شيء. وأقول لك: كلا ! انظر إلى تفريقه بين دعائه لأهل الفلوجة بقوله:( وفرج الله تعالى عنهم)، ودعائه للشيعة حين خصهم بقوله: (وعن المؤمنين والمؤمنات)! فجاء بحرف العطف (الواو) الذي يقتضي المغايرة، وأكد المعنى بتكرار حرف الجر (عن)!. ومن عرف لغة القوم واعتقاداتهم علم أن الشيعة لا يطلقون لقب (المؤمنين والمؤمنات) إلا على من آمن بمبدأ (الإمامة) وهم الشيعة حصراً. وإن أطلقوا على غيرهم وصف (المسلمين) حكماً لهم بالظاهر قياساً على المنافقين.
أرأيت كيف يتلاعبون بالألفاظ، ويتصرفون بالعبارات؟! في غفلة من جماهير أهل السنة، الذين هم بعيدون كل البعد عن هذه المنعرجات، والمتاهات، والطرق الملتوية، التي ربما ضاع فيها الحادي الخبير!
 أكتفي بهذا القدر من الشواهد على (الوطنية) و(العروبية) التي تنز من آذان هذا الرجل. وقلبي كله حسرة على أهل السنة - وعلى العروبيين والوطنيين من كافة الأديان والأعراق - كيف يخدعون بأمثال هؤلاء! انظر إلى موقع (الرابطة العراقية)! تجد الإخوة القائمين عليه – وهم من هم في وطنيتهم وعروبتهم، كما نلمس من خلال هذا الموقع الطيب، وحرقتهم على ما يجري لأهلهم في العراق – يضعون صور الصرخي والخالصي والمؤيد في مكان بارز من الصفحة الأولى، على أنهم رموز للوطنية والعروبة والسمو فوق الطائفية والانتماءات المذهبية! وشبيه به ما تفعله بعض المواقع الجيدة الأخرى. منخدعين بما يطلقه هؤلاء الملبسون من فقاعات هوائية، وبالونات دعائية حول إيران، وغيرها من موضوعات الساعة. وكأن الذي يذم إيران يقدم صك البراءة من الشعوبية، والحجة القاطعة على ما يقابلها من المعاني الوطنية والعروبية. وما دروا أن ذلك ما هو إلا صورة للصراع الداخلي، الذي يحدث طبيعياً بين أصحاب الأديان والآيدلوجيات أو المذاهب الفكرية. وهو قانون أو سنة اجتماعية لا تتخلف، كما قال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) (هود:118،119).  ومن الطبيعي أيضاً أن يلبس هؤلاء اختلافاتهم الذاتية لباساً جميلاً، ويمنحونه شعاراً مقبولاً، ليتمكنوا من تصديره، ويحوزوا اصطفاف الآخرين إلى جانبهم. فمرة يلبسونه لباس الوطنية. ومرة لباس العروبة، ومرة يغلفونه بمهاجمة إيران، وهم أبناؤها البررة، وأفراخها الذين انفلقت عنهم بيضتها، ودرجوا في عشها. هذا إن كان الخلاف والاختلاف جدياً، وإلا فهو جارٍ على قاعدة (تعدد أدوار ووحدة هدف). 
 
فشل نظرية (التفريق) أو تصنيف الشيعة
المشكلة أن الكثيرين منا غير قادر على الاستفادة من الأحداث الجزئية، كي يصوغ منها قانوناً يستفيد منه لتطبيقه على الأشباه والنظائر. أو أنهم نظريون تجريديون إلى درجة أنهم يحاولون ليَّ أحداث الواقع ليأتي فصالها مطابقاً لنظرياتهم، وليس العكس! أليس الصحيح أن يعرض العقلاء ما يرون من نظريات على الواقع، أو يعرضونها للتجربة العملية من أجل اختبارها للتوصل إلى صحتها من خطئها؟
وكأني بالحضارة الإسلامية قد تمكنت من تخليص العلوم الطبيعية من قبضة المنطق والفلسفة، إلى فسحة المختبر ورحاب التجربة. لكنها لا زالت تعاني من تخليص العلوم الإنسانية أو الاجتماعية من قيد المنطق، وسجن الفلسفة إلى فضاء التجربة الواقعية، والاستفادة من الحدث كما هو، لا كما نتصوره.
رأيت أحد وجوه أهل السنة المبرزين على إحدى القنوات الفضائية يسأل عن محمد باقر الحكيم بعد مقتله؟ فيجيب: " لقد وجدته حكيماً حقاً (!). وهو من عائلة وطنية معروفة. سعت ولا زالت في جمع كلمة العراقيين ووحدة صفهم ". (!). وفي لقاء لي بعدها مع شخصية كبيرة لها علاقة بالشخص المذكور آنفاً قلت له: أيرضيك أن يقال هذا الكلام في حق أمثال هؤلاء العملاء؟ ماذا خرّجت لنا عائلة الحكيم؟ محمد مهدي مؤسس حزب الدعوة. وأخاه محمد باقر ابن علقمي العصر الذي جاء هو وإخوته بالاحتلال الأمريكي، وكان من قبل  يحارب العراق جنباً إلى جنب مع إيران. وعبد العزيز وعمار!! قال: نعم!  كان أبوهم محسن الحكيم وطنياً. هل تعلم أنه لولا فتواه في تكفير الشيوعيين لاكتسحت الشيوعية العراق؟ قلت: سبحان الله ! أليس محسن الحكيم دسيسة شاه إيران في العراق؟ والشاه عميل أمريكا وشرطيها في المنطقة؟ وكان الاتحاد السوفيتي في ذلك العهد في أوج قوته وعنفوانه. فكانت أمريكا تتخوف على مصالحها منه، وتخشى من اكتساحه المنطقة، وطردها منها. فكانت الفتوى هذه بإيعاز من أمريكا إلى الشاه إلى (الحكيم). الفتوى أمريكية إذن يا سيدي!!
لقد آمن بعض أهل السنة – علمانيين وإسلاميين – بـ(نظرية التفريق) السابقة إلى حد العقيدة الراسخة. وهذا يستلزم ضرورة أن يجدوا لها مصداقاً على الواقع. فلما لم يجدوا صاروا يتخيلون ويتوهمون أن فلاناً أو فلاناً يصدق لهم ما يتخيلون، ويوقع على ما يتوهمون. وكلما خاب ظنهم، وكبا خيالهم، تركوه إلى خيال آخر ووهم جديد. وهكذا... حتى لكأن الشاعر لم يعن غيرهم بقوله:
 

الحبُّ في الأرضِ بعضٌ من تخيُّلِنا

 

لو لم نجدْهُ عليها لاخترعْناهُ

وفي كل فترة يخرج لنا وجه جديد! بغطاء جديد. وتتكرر القصة. ويعيد التاريخ علينا دورته. لأننا قلما نقيس ونعتبر. يقول أحد حكماء الغرب: الفائدة الوحيدة التي استفدتها من التاريخ أنه لا أحد يستفيد من التاريخ. ولذا يعيد التاريخ نفسه.
آخر الصرعات المدعو حسين المؤيد! وأنا أقول للمنخدعين به: اذهبوا إلى موقعه
على شبكة المعلومات، وروا بأعينكم شعار الموقع: شعلة النار معبود المجوس! ويكفي أنه زوج ابنة المجوسي المقنع عبد العزيز الحكيم! وأنعم وأكرم! ولا يخدعنكم تظاهره بالطعن في (...) نسيبه عبد العزيز، وخال أولاده عمار.
إنها التقية! وتعدد أدوار ووحدة هدف.
 
الخلاصة
 خلاصة الموضوع، وخلاصة البحث وتجربة العمر، أن الشيعي - لا سيما العلماء – طائفي لا يؤمن بالوحدة الدينية ولا الوطنية، ما دام يؤمن بعقيدة (الإمامة)، التي تلزمه بتكفير الصحابة فمن بعدهم من أجيال الأمة، وسبهم، والطعن فيهم، والتآمر عليهم. هذه حقيقة قطعية. لا يخرج منها أحد منهم إلا بدليل قطعي.
 نعم! قد يكون فيهم عوام بعيدون عن الاحتكاك بالمؤسسة الدينية، وأذرعها الأخطبوطية. كالبدو الرحل، وبعض أبناء القبائل الذين لا زالوا على أصالتهم وفطرتهم العربية وأمثالهم، وبعض الأفراد المنقطعي الصلة بعلمائهم ونُوّاحهم، منثورين بين أهل السنة، وما شابه هؤلاء. أو علمانيون فارقوا بيئتهم قبل ترسب العقد الشيعية في عقولهم الباطنة، فأُفلتت عقولهم وتحررت من عقدة التقليد. بعض هؤلاء يمكن التفاهم معهم على أساس اكتسابهم الحد الأدنى المقبول من الاعتدال، والشعور بالوطنية وحق المواطنة المبني على احترام حق الآخر في الحياة. كل هذا بشرطين: الأول: أن تكون عقيدة الإمامة مبهمة لديهم لا تتعدى الحب لأهل البيت، وخفيفة إلى حد الانقطاع عن لوازمها الفاسدة التي أولها تكفير الصحابة. والثاني أن لا يكون لديهم التزام بعقيدة التقليد، التي يستغلها المرجع لإملاء
أوامره الطائفية عليهم باسم الدين.
وإلا..
فكلهم مقتدى، لا تستثن منهم أحدا. لا يفهمون التعايش السلمي على أساس المواطنة، ولا يمكن أن يقبلوا به، إلا بأن ينتقل ميزان القوة من أيديهم، إلى أيد أخرى رحيمة بصيرة، فيعيشوا محكومين لا حاكمين. ويعودوا إلى صنعتهم القديمة التي لا يجيدون سواها: نصب الخيام، وإعداد الطعام، وتحشيد الغوغاء والدهماء والطغام، وتشكيل المواكب والمسيرات، وتسيير الحشود والتظاهرات، لممارسة الطقس الوحيد الذي يعشقونه، والفن الذي يتقنونه، في هذه الحياة: لطم الخدود وندب الحظوظ، والشكوى والتظلم والنواح. من الصباح إلى الصباح. على مر الأيام، وتوالي الأعوام.
ومن استغرب كلامي، ووجد فيه تجنياً، أو توهم فيه تعبيراً إنشائياً خطابياً مجرداً، فليستحضر شعارهم المعهود: " كل أرض كربلاء.. وكل يوم عاشوراء ". هل هذا الشعار المتخلف المأزوم يصلح أهله للحياة السلمية الطبيعية مع الآخرين؟ فضلاً عن قيادة الحياة نفسها حاكمين لا محكومين ؟!
 
 
6/7/2007
 
 
التشيع
وقابلية الاستعمار
(1)
 
عقيدة الإمامة والتقليد
      13/7/2007
 
تغرس ثقافة التشيع في معتنقيها (قابلية الاستدبار أو الاستعمار). والسر يكمن في أمور، أهمها – كما ذكرنا في المقالة السابقة - عقيدة (الإمامة) ومبدأ (التقليد).
 

كبير العائلة الصدرية حسين الصدر
يقبل الحاكم الأمريكي بريمر ويهديه نسخة من المصحف الشريف
 
عقيدة (الإمامة)
إن عقيدة "الإمامة" لا تترك مجالاً عند الشيعي لأن يرى الفرق بين الكافر المعلن بكفره، والمسلم الذي لا يدين بهذه العقيدة: فالكل عند الشيعة في الأصل كفار يحل دمهم ومالهم على حد سواء!! بل إن المسلم عندهم أشر وأولى بالعداء! ليس بسبب ما يفرزه الاحتكاك المباشر من غيرة وحقد وعداوة لا يشعر بها الأقربون تجاه البعيد، فحسب، بل إن هذه العقيدة قد بنوا عليها أحكاماً فقهية قائمة على أن المخالف أكثر سـوءاً، وأغلظ نجاسة، وأولى بالعداء والحرب مـن الكافر الذي لا ينتمي أصلاً إلى الإسلام.
تمثل (الإمامة) في معتقد الشيعة الاثنى عشرية الأصل الأعظم من أصولهم. وهي عندهم أعلى مراتب العبودية – بما فيها النبوة - التي يمكن لبشر أن يرتقي إليها، لا يفوقها في المرتبة سوى مرتبة الربوبية، وهي خاصة بالرب جل وعلا.
وعلى هذا الأساس قالوا بكفر منكرها، وصرحوا بخروجه من ملة الإسلام! بل جعلوه شراً من الكافر الأصلي من كل وجه!
 روى الكليني (أصول الكافي 2/409) عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: أهل الشام شر من أهل الروم وأهل المدينة شر من أهل مكة وأهل مكة يكفرون بالله جهرة.
وروى (1/435) عن أبي الحسن (ع) في قوله تعالى: (إن المتقين في ظلال وعيون) (المرسلات:41) أنه قال: نحن والله وشيعتنا ليس على ملة إبراهيم غيرنا وسائر الناس منها برآء.
كما روى (2/650) عن أبي عبد الله (ع) وقد سئل: ألقى الذمي ويصافحني؟ أنه قال: امسحها بالتراب وبالحائط. قلت: فالناصب؟ قال اغسلها.
ثقافة هذه جذورها ماذا ترى تخرِّج لنا من أجيال؟!
لهذا لا يكون الشيعي في  حرج  حين يهدد الوطن أو يحتله الأجنبي؛ إذ لا فرق عنده بين الكافر الخارجي و(الكافر) الداخلي. بل هو يتبرع، ويسعى إلى استقدام المحتل أملاً بالخلاص من الآخر الذي يكرهه إلى حد العقدة.
والملاحظ تاريخياً وواقعياً أن الشيعة - كلما هدد البلاد خطر خارجي، أو سعوا هم إلى استقدامه – يبدأون بإشاعة مقولة خطيرة، ونشرها بين الناس تنص على أن: (الكافر العادل خير من المسلم الجائر). وقد انتشرت هذه المقولة أيام التهديدات الأمريكية قبيل غزو العراق. وحين نقلب صفحات التأريخ نجد أن نصير الدين الطوسي قد أشاع هذه المقولة في أوساط أهل العراق قبيل غزو هولاكو عن طريق رسائله التي كان يرسلها إلى الأمراء، وعن طريق عملائه المنتشرين بين الناس!
وقد لوح نظيره مؤيد الدين ابن العلقمي لشيعة بغداد والعراق بأن خلاصهم من (اضطهاد) أهل السنة ودولة الخلافة السنية سيكون على يد هولاكو. وهكذا جاء التتر كما جاء الأمريكان، وسمي هولاكو بالفاتح والمحرر كما سمي جورج بوش والأمريكان بالاسم نفسه!! للسبب نفسه.
وهذا هو سر قتالهم لأهل الإسلام وتركهم لأهل الأوثان والصلبان.
قد يقال: إن كلامك هذا يثير الطائفية، ويقف حائلاً دون الوحدة الوطنية. وجوابي: إن هذا الاعتراض لا قيمة له عندي البتة؛ لأن الأمور ما لم تناقش بصراحة، وما لم يكشف عن الجذور، والدوافع الحقيقية وراء الطائفية، ووراء هذا الانبطاح المتكرر للأجنبي على مدى التأريخ، وتوضع الأسباب الرئيسة على طاولة البحث الصريح فإن دعوات التآلف والوحدة تمسي نوعاً من المجاملات الزائفة، ليست أكثر.
ولست أقول هذا الكلام وأنا مستلق أتثاءب على أريكة في إحدى جزر المحيط ، وإنما أقوله وأنا في وسط غبار المعمعة التي ندفع ثمنها ألواناً متعددة: الدم واحد منها! بسبب أولئك الذين باعوا وطنهم بحكم الدين والعقيدة ثم صاروا عملاء لمن اشتروه منهم بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الطامعين.
 
التقليد
 
من فمك أدينك وأهينك
 
والعقدة الأخرى التي تغذي العقد كلها، وتنميها وترعاها، هي أن علماء الشيعة إما عجم قلباً وقالباً، أي أصلاً وثقافة. وهم الغالبية المسيطرة. وإما مستعجمون، أي عجم بالثقافة والولاء والانتماء، وإن لم يكونوا – في الأصل - عجماً. وهؤلاء العلماء – العجم والمستعجمون - يقودون الجماهير المخدرة بحقنة (التقليد).
هذه الحقنة السامة التي تصور لـ(رجل الشارع) الشيعي أن الخروج على المرجع هو خروج على الدين نفسه، وأن العمل لا يقبل عند الله من دون تقليد لمرجع معتبر.
و(المرجع المعتبر) في الوقت نفسه يقود تلك الجماهير المقيدة بزمام (التقليد) إلى تنفيذ سياسات مشبوهة تراعي مصلحة إيران وسياساتها قبل النظر في مصلحة الوطن، أو حتى الشيعة أنفسهم! رغم أن هذه الجماهير - في بلادنا - عربية الأصل، عراقية الموطن! ولا زالت تسير على رسم التقاليد العربية التي تأبى عليها الضيم والاستخذاء للأجنبي. لكن المرجع (العجمي) يعمل – بكل حيلة ووسيلة - على تفتيت تلك  التقاليد وتذويبها  في نهاية الأمر دون أن تعي تلك الجماهير المستغفلة حقيقة ما يجري حولها وباسمها، لأنها معصوبة الأعين ومغيبة الوعي أو مخدرة بسبب تلك الحقنة السحرية الفتاكة: حقنة (التقليد)!.
والسيستاني مع المستعمر الأمريكي مثال واضح على ما أقول. كما كان سلفه كاظم اليزدي، ومن بعده محمد تقي الشيرازي على عهد مستعمر الانجليز.
 
      13/7/2007
 
 
 
التشيع
وقابلية الاستعمار
(2)
 
شواهد التاريخ
22/7/2007
 
حمير المستعمر.. هذه وظيفتهم على مر العصور
 
قلت في المقالة السابقة: (تغرس ثقافة التشيع في معتنقيها (قابلية الاستدبار أو الاستعمار). وذكرت أن السر يكمن في عقائد الشيعة وعلى رأسها عقيدة (الإمامة) و(التقليد). وبينت العلاقة بين هاتين العقيدتين وقابلية الشيعي لأن يستدبر أو يستعمر.  وفي هذه المقالة أورد شواهد سريعة من التاريخ تصدق ما أقول، وتثبت أن الشيعي لا يشعر بالانتماء إلى غير طائفته من قوم أو وطن؛ لأن عقيدته سلبته قابلية الانتماء، وأبدلت قابلية الاستعمار. وكلما كان الشيعي قريباً من مصدر القرار – كأن يكون وزيراً أو قائداً عسكرياً، أو مستشاراً لدى الحاكم – كان أخطر، وأكثر قدرة على التآمر، واستعمال سلطته في سبيل هدم دولته، والكيد لأولياء نعمته. هذا هو الأصل. والاستثناء قليل، حين تقوم أمامه موانع ذاتية أو خارجية..
 
التمكين للغزاة البويهيين من بغداد
كان لدى الخليفة العباسي الراضي بالله محمد بن المقتدر وزير شيعي يسمى أبا علي محمد بن علي بن مقلة. وما إن وصل هذا الوزير إلى سدة الحكم حتى أخذ يخطط ويدبر لإزالة الخليفة العباسي والتمكين لمجيء الفرس من بني بويه المتشيعين، فأخذ يكتب للبويهيين يطمعهم في بغداد دار الخلافة، ويصف لهم الحال الذي عليه الخليفة من الضعف، حتى قدم معز الدولة بن بويه إلى بغداد واستولى عليها سنة 334هـ. ويومها قال الوزير أبو علي ابن مقلة " إنني أزلت دولة بين العباس وأسلمتها إلى الديلم لأني كاتبت الديلم وقت إنفاذي إلى أصبهان، وأطمعتهم في سرير الملك ببغداد، فإني اجتنيت ثمرة ذلك في حياتي"[38]. ولن تجد شيعياً اليوم لا يلعن خلفاء المسلمين، ويمجد البويهيين.
 
خيانات الفاطميين
كثيراً ما تعاون الفاطميون مع الصليبيين وتمالأوا معهم على بلاد الإسلام. من ذلك ما فعله العاضد آخر ملوكهم في مصر حين كاتب الصليبيين – كما ذكر المقريزي في خططه – ودعاهم إلى دخول مصر. من أجل الخلاص من صلاح الدين الأيوبي. وفعلاً جاء الفرنجة إلى مصر وحاصروا دمياط في سنة 565هـ، وضيقوا على أهلها وقتلوا أمما كثيرة.
وفعل الشيء نفسه الوزير الفاطمي شاور. فقد راسل الفرنجة ولما وصلت عساكرهم إلى مصر انضمت جيوشه إليها، والتقت بجيوش نور الدين بمكان يعرف بالبابين (قرب المنيا) فكان النصر حليف عسكر نور الدين محمود. ثم سار بعدها إلى الإسكندرية، وكانت الجيوش الصليبية تحاصرها من البحر وجيوش شاور وفرنجة بيت المقدس من البر، ولم يكن لدى صلاح الدين - القائد من قبل نور الدين - من الجند ما يمكنه من رفع الحصار عنها، فاستنجد بأسد الدين شيركوه فسارع إلى نجدته، ولم يلبث الفرنجة وشيعة شاور حتى طلبوا الصلح من صلاح الدين فأجابهم إليه شريطة ألا يقيم الفرنجة في البلاد المصرية. غير أن الفرنجة لم تغادر مصر عملاً بهذا الصلح بل عقدت مع شاور معاهدة كان من أهم شروطها : "أن يكون لهم بالقاهرة شحنة صليبية - أي حامية - وتكون أبوابها بيد فرسانهم ليمتنع نور الدين محمود عن إنفاذ عسكره إليهم. كما اتفق الطرفان على أن يكون للصليبيين مائة ألف دينار سنويًّا من دخل مصر"[39]. وقد تعددت خيانات شاور، ومراسلاته للفرنجة الصليبيين واستقدامه لهم ومقاتلته معهم مرات عديدة.
 
هدم الخلافة العربية الإسلامية، واستقدام المحتل المغولي
لعل أحداً ممن يهمه الأمر من الكتاب والصحفيين والإعلاميين والخطباء وأمثالهم لا يذكر الحقيقة كما هي فيقول: إن سبب كارثة احتلال المغول لبغداد كانت طائفية (شيعية – سنية)، وأن الشيعة أرادوا الانتقام من أهل السنة فقاموا بفعلتهم الشنيعة تلك! يقول ابن كثير: (وذلك كله من آراء الوزير ابن العلقمي الرافضي. وذلك أنه لما كان في السنة الماضية كان بين أهل السنة والرافضة حرب عظيمة نهبت فيها الكرخ ومحلة الرافضة، حتى نهبت دور قرابات الوزير؛ فاشتد حنقه على ذلك. فكان هذا مما أهاجه على أن دبر على الإسلام وأهله ما وقع من الأمر الفظيع).
كما ذكر ابن كثير أن كبير علماء الشيعة نصير الطوسي كان في حاشية هولاكو عند دخوله بغداد، وأنه كان معه كالوزير. وأنه كان من مقاصد أكابر الشيعة من وراء ذلك هو أن يزيلوا السنة بالكلية، ويظهروا بدعة الرافضة، وأن يقيم لهم المغول خليفة من الفاطميين. يقول خميني (لع) (الحكومة الإسلامية ص 128): (ويشعر الناس بالخسارة أيضاً بفقدان الخواجة نصير الدين الطوسي وأمثاله ممن قدموا خدمات جليلة للإسلام).
ومما يذكره المؤرخون مثل عباس العزاوي في كتابه (بغداد بين احتلالين) أن مائة من علماء شيعة الحلة ممن ينتحل النسبة إلى أهل البيت جاءوا إلى بغداد يقدمون فروض الولاء والطاعة والتمجيد لهولاكو، ويقولون له: أنت الملك الموعود على لسان علي بن أبي طالب. وحين ذهبت جيوشه إلى الحلة استقبلتهم شيعتها بالزينة والأفراح، ونصبوا لهم الجسور لعبورهم!
 
خيانات شيعة الشام وتعاونهم مع المغول
وشواهدها كثيرة ذكرتها كتب التاريخ. وقد عين هولاكو على بلاد الشام كلها والجزيرة والموصل وماردين والأكراد قاضياً شيعياً هو كمال الدين بن بدر التفليسي. وطلباً للاختصار نكتفي بقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالته إلى السلطان الملك الناصر في شأن حرب المغول وحثه على البدء بقتالهم قبل أن يبدأوه: (إن غالب أهل البلاد قلوبهم مع المسلمين إلا الكفار من النصارى ونحوهم، وإلا الروافض ونحوهم من أهل البدع هواهم مع الكفار، فإنهم أظهروا السرور بانكسار عسكر المسلمين وأظهروا الشماتة بجمهور المسلمين. وهذا معروف لهم من نوبة بغداد وحلب، وهذه النوبة أيضاً كما فعل أهل الجرد والكسروان. ولهذا خرجنا في غزوهم لما خرج إليهم العسكر . وكان في ذك خيرة عظيمة للمسلمين)[40].
ونثني بقول الأمير بيبرس لما دخل التتار حلب وقتلوا منها خلقًا كثيرًا، وسلبوا ونهبوا وسبوا فكتب الملك الناصر صاحب حلب إلى الملك المغيث صاحب الكرك وإلى الملك المظفر قطز في مصر يطلب منهما نجدة وكانت نفسه قد ضعفت وخارت، وعظم خوف العساكر من هولاكو فقام الأمير الشيعي زين الدين الحافظي يعظم شأن هولاكو، ويشير بعدم القتال ووجوب الدخول في طاعة هولاكو، فصاح به الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري وضربه وسبه وقال: (أنتم سبب هلاك المسلمين)[41]. يا لها من كلمة (أنتم سبب هلاك المسلمين)!
 
تواطؤ الصفويين مع الصليبيين على غزو بلاد العرب والمسلمين
أقام الشيعة الصفويون – الذين بدأ حكمهم لإيران في سنة 1501م- تحالفاً مع البرتغاليين ضد الدولة العثمانية السنية. وكانت الاتفاقية بينهم تنص على (أن يقدم البرتغال أسطولهم لمساعدة الفرس في غزو البحرين والقطيف، كما يقدم البرتغال المساعدة للشاه إسماعيل لقمع الثورة في مكران وبلوجستان وان يكوِّن الشعبان البرتغالي والفارسي اتحاداً ضد العثمانيين). حتى إن قائدهم بعث للشاه إسماعيل الصفوي الرسالة التالية: (إنى اقدر لك احترامك للمسيحيين في بلادك، وأعرض عليك الأسطول والجند والأسلحة لاستخدامها ضد قلاع الترك في الهند. وإذا أردت أن تنقضّ على بلاد العرب أو تهاجم مكة فستجدني بجانبك في البحر الأحمر أمام جدة أو في عدن أو في البحرين أو القطيف أو البصرة. وسيجدني الشاه بجانبه على امتداد الساحل الفارسي وسأنفذ له كل ما يريد)!. وقد تضمن مشروع التحالف البرتغالي الصفوي تقسيم المشرق العربي إلى مناطق نفوذ بينهما. ومن بنوده أن تكون مصر من حصة الصفويين، وفلسطين من حصة البرتغاليين. وتوقف الفتح الإسلامي لأوربا بسبب هذا الحلف.
 
تحالف الشيعة الأفغان مع الغزاة لاحتلال بلادهم أفغانستان
وذلك بمساعدة إيران وتدبيرها. وقد فعلوها مع الروس أثناء غزوهم لأفغانستان واحتلالهم لها. وكذلك فعلوا عند احتلال الأمريكان وحلفائهم لأفغانستان.
 
الشيعة عند احتلال اليهود لجنوب لبنان 1982
في مقابلة لصبحي الطفيلي الأمين العام السابق لـ(حزب الله) مع صحيفة الشرق الأوسط في (7/2/2004) اعترف بأن شيعة لبنان استقبلوا الجيش الإسرائيلي عند احتلاله جنوب لبنان بالورود والأرز. وكذلك اعترف الأمين العام الحالي للحزب حسن نصر الله في إحدى خطبه التي تجد مقتطفات منها في كتاب (عراق بلا قيادة) ص266-267 للشيعي من حزب الدعوة عادل رؤوف.
(حزب الله) هو الحزام الأمني لكيان إسرائيل
وكان مما قاله الطفيلي في تلك المقابلة: (ما يؤلمني أن المقاومة التي عاهدني شبابها على الموت في سبيل تحرير الأراضي العربية المحتلة تقف الآن حارس حدود للمستوطنات الإسرائيلية. ومن يحاول القيام بأي عمل ضد الإسرائيليين يلقون القبض عليه ويسام أنواع العذاب في السجون). وهو يشير إلى ما يعرف بـ(تفاهمات نيسان وتموز) بين الطرفين، والتي تعهد فيها حسن وحزبه أن يضبط الحدود مع إسرائيل، فلا يتسلل منها أحد لضرب اليهود. وهذه هي الفكرة الأساسية لعلاقة (حزب الله) بإسرائيل! عزل المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وخنقها بعيداً عن الحدود. وقد نفذ الحزب – ولا يزال – الاتفاق على أتم وجه. وهو ما أشار إليه صراحة صبحي الطفيلي في كلامه السابق. وما أخرج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت بل من لبنان كلها غير الشيعة.
 
مراجع الشيعة عند احتلال الانجليز العراق بداية القرن الماضي
يذكر عالم الاجتماع علي الوردي – وهو شيعي - في كتابه (لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث) كيف أن المرجع الشيعي كاظم اليزدي كان متواطئاً كل التواطؤ مع الانجليز. ويرسم للمرجع الآخر الذي جاء من بعده وهو محمد تقي الشيرازي صورة حين تتأملها تجدها طبق الأصل لصورة السيستاني اليوم وموقفه من الأمريكان!
 
تعاون مراجع الشيعة من (المجلس الأعلى) وغيرهم مع الغزاة الإيرانيين
أنشأ خميني المقبور ما أسماه بـ(المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق)، وهو أحد (المجالس) التي أنشأها من أجل غزو العالم الإسلامي. وكان أول رئيس له كبير قضاة إيران محمود الهاشمي! وقد وقف هذا المجلس المشؤوم وذراعه العسكري (بدر)، وقاتل جنباً إلى جنب مع الغزاة الإيرانيين ضد البلد الذي ينتمي إليه طيلة أيام الحرب التي أشعلها خميني ضد العراق. وكان علماء الشيعة في العراق جميعهم في صف إيران، ولكن بعضهم تستر بـ(التقية) خوفاً من الحاكم. ومنهم المقبور محمد باقر الصدر مؤسس (حزب الدعوة العميل)، الذي تواطأ مع خميني للقيام بانقلاب عسكري في العراق، وتمكين إيران منه بأي صورة من الصور؛ ما أدى به إلى نهايته التي يستحقها هو وأمثاله من الخونة. فأعدم سنة 1981 ونال جزاءه الدنيوي خاتمة سوء وبئس المصير.
أما من قاتل من الشيعة ضد الكعبة إيران فقد قاتل خوفاً من الحاكم. علماً أنني أتحدث عن
ظاهرة جمعية؛ فلا ينقضها وجود أفراد قاتلوا مدفوعين بشتى الدوافع المشروعة ضد أبناء طائفتهم القادمين من الشرق. وها هي جماهير الشيعة اليوم تخرج بمئات الآلاف ترفع صور الخونة من أمثال الباقرين، تهتف لهم وتؤيدهم وتعلن أنها سائرة على نهجهم الخياني، وتنتخب القائمة التي تفتي مرجعيتهم لهم بوجوب انتخابها، وعلى رأسها الخائن المريض عزيز أخو باقر.
ما فيهمو من طاهر مطيعِ          فلعنة الله على الجميعِ
موقف شيعة العراق من الغزاة الأمريكان سنة 1991
لقد قام الشيعة بقضهم وقضيضهم – إلا قلة قليلة – بما يسمونه اليوم بالانتفاضة الشعبانية. وهي أولى أن تسمى بـ(الانتفاضة الشغبانية). بعد أن صدقوا وعود السيد الأمريكي بوقوفه إلى جانبهم. وتواطأوا مع الإيرانيين وأدخلوهم إلى العراق فعاث الجميع بالبلد قتلاً وحرقاً وفساداً لا يعلم قدره إلا الله وحده!
 
تحالف الشيعة مع المحتل الأمريكي الصليبي لغزو العراق
أما آخر الطامات، وشر الفضائح والخيانات فوقوف الشيعة ممثلين بدولتهم إيران (الإسلامية)، وأحزابهم الدينية والعلمانية، وجماهيرهم الغوغائية. التي استقبلت المحتل بالحلوى والورود، وبعضهم بالخمور! وهي تهتف كالأغنام: (اللهم صلّي على محمد والي محمد)! وقد قامت المؤامرة على تحييد الجمهمور الشيعي وكسب عطفه إلى جانب المحتل عن طريق فتوى السيستاني وبعض الفرعيات المرجعية، وبذل الوعود له بالخير والحرية، التي سينعم بها بعد زوال النظام. ومن قرأ مذكرات بريمر ومراسلاته السرية مع شيخ السوء وسيد السرداب عرف جانباً من هذه المؤامرة الخطيرة[42].
وكانت كلمة الرئيس المصري محمد حسني مبارك توصيفاً صادقاً للواقع الشيعي حين قال: (إن الشيعي لا يشعر بالانتماء الوطني. وإن ولاءه على الدوام لطائفته لا لوطنه) ولو كره الترضويون المجاملون والمداهنون من الإسلاميين والعلمانيين أجمعين.
 
22/7/2007
 

أعزة على المؤمنين.. أذلة للكافرين
 
وقفة مع
غوستاف لوبون مؤسس علم نفس الجماهير
 15-07-2007
 
ذكرت في مقالة سابقة عن منهج التغيير الجمعي ومنهج التغيير الفردي ضمن سلسلة مقالات (المنهج): التوافق الكبير بين ما اكتشفته من قوانين لـ(علم نفس الجماهير) من خلال التجربة الميدانية الذاتية، وبين ما كان قد قرره علماء النفس من قبل وعلى رأسهم العالم الفرنسي غوستاف لوبون قبل أكثر من مائة عام، والذي اعتبر بسببها مؤسساً لـ(علم نفس الجماهير).
في هذه المقالة أترككم مع غوستاف لوبون نفسه يتحدث عن تلك القوانين. لتطمئنوا إلى أن ما أبديته من ملاحظات، وثبّتّه من قواعد في التغيير الجماعي (الجماهيري) لم تكن نتاج عقل قادته المعاناة – كردة فعل - إلى ما قادته إليه فحسب. بل هي قواعد مدروسة طبقاً للمنهج العلمي التجريبي. وأني كنت أقيد ردود أفعالي تقييداً علمياً صحيحاً.
يمكن تلخيص أهم الأفكار التي لفتت نظري في كتاب (سيكولوجية الجماهير) لغوستاف لوبون بما يلي:
·    الميزة الأساسية للجمهور هي انصهار أفراده في روح واحدة وعاطفة مشتركة تقضي على التمايزات الشخصية، وتخفض من مستوى الملكات العقلية. وهو يشبه ذلك بالمركب الكيمياوي الناتج من صهر عدة عناصر مختلفة. فهي تذوب وتفقد عناصرها الأولى نتيجة التفاعل ومن أجل تركيب المركب الجديد. إن المتغيرات التي تطرأ على الفرد المنخرط في الجمهور مشابهة تماماً لتلك التي يتعرض لها الإنسان أثناء التنويم المغناطيسي.
·        الفرد يتحرك بشكل واعٍ ومقصود، أما الجمهور فيتحرك بشكل لا واع؛ ذلك أن الوعي فردي تحديداً، أما اللاوعي فهو جماعي.
·    إن الجماهير أياً تكن ثقافتها أو عقيدتها أو مكانتها بحاجة لأن تخضع إلى قيادة محرك. وهو لا يقنعها بالمحاجات العقلانية والمنطقية، وإنما يفرض نفسه عليها بواسطة القوة. كما أنه يجذبها ويسحرها بواسطة هيبته الشخصية تماماً كما يفعل الطبيب الذي ينوم المريض مغناطيسياً.
·    إن الإشاعة أقوى من الحقيقة. وإن الدعاية ذات أساس لا عقلاني. يتمثل بالعقائد الإيمانية الجماعية. ولها أداة للعمل تتمثل بالتحريض من قريب أو بعيد. أما التفكير النقدي وانعدام المشاعر اللاهبة فيشكلان عقبتين في وجه الانخراط والممارسة. ويمكن تجاوزها عن طريق التحريض والدعاية. ولهذا السبب ينبغي أن تستخدم الدعاية لغة الصور الموحية والمجازية، أو لغة الشعارات البسيطة والقاطعة التي تفرض نفسها فرضاً دون مناقشة.
·    إن هناك نمطين من الفكر: الأول يستخدم الفكرة المفهومية، فيعتمد على قوانين العقل والبرهان والمحاجة المنطقية. أما الثاني فيستخدم الفكرة المجازية أو الصورية، ويعتمد على قوانين الذاكرة والخيال والتحريض. وأكبر خطأ يرتكبه السياسي هو أن يحاول إقناع الجماهير بالوسائل العقلانية الموجهة إلى أذهان الأفراد المعزولين. فالجماهير لا تقتنع إلا بالصور الإيحائية، والشعارات الحماسية والأوامر المفروضة من فوق.
وإذا تجاوزنا المقدمة إلى الكتاب نفسه فإن مؤسس علم نفس الجماهير يقول:
 
الروح الجماعية للجمهور
إن ذوبان الشخصية الواعية للأفراد وتوجيه المشاعر والأفكار في اتجاه واحد يشكل الخصيصة الأولى للجمهور[43]... والظاهرة التي تدهشنا أكثر في الجمهور النفسي هي التالية: أياً تكن نوعية الأفراد الذي يشكلونه، وأياً يكن نمط حياتهم متشابهاً أو مختلفاً، وكذلك اهتمامهم ومزاجهم أو ذكاؤهم، فإن مجرد تحولهم إلى جمهور يزودهم بنوع من الروح الجماعية. وهذه الروح تجعلهم يحسون ويفكرون ويتحركون بطريقة مختلفة تماماً عن الطريقة التي كان سيحس بها ويفكر ويتحرك كل فرد منهم لو كان معزولاً... إنهم يشبهون بالضبط خلايا الجسد الحي التي تشكل عن طريق تجمعها وتوحدها كائناً جديداً يتحلى بخصائص جديدة مختلفة جداً عن الخصائص التي تمتلكها كل خلية.
وعلى عكس الرأي الشائع الذي يدهشنا أن يتبناه فيلسوف في حجم وألمعية هيربيرت سبنسر فإنه لا يوجد في التجمع الذي يشكله جمهور ما حاصل ومتوسط العناصر، وإنما يوجد فقط تركيب وخلق للخاصيات. وهذا يشبه ما يحصل في مجال الكيمياء. فبعض العناصر المستخدمة في التركيب كالقواعد والحوامض مثلاً تتداخل في بعضها البعض وتتركب من أجل تشكيل مادة جديدة مزودة بخصائص مختلفة عن تلك الخصائص التي كانت تتحلى بها العناصر المفردة قبل تركيبها.
هكذا نلاحظ بسهولة إلى أي مدى يكون الفرد المنخرط في الجمهور مختلفاً عن الفرد المعزول[44].
 
الحياة اللاواعية للروح الجماعية للجمهور
إن الظواهر اللاواعية تلعب دوراً حاسماً ليس فقط في الحياة العضوية أو الفزيولوجية، وإنما أيضاً في طريقة اشتغال الذهن أو آلية العقل. والحياة الواعية للروح البشرية لا تشكل إلا جزأً ضعيفاً جداً بالقياس إلى حياتها اللاواعية... فأفعالنا الواعية متفرعة عن جوهر لا واعٍ مشكَّل من التأثيرات الوراثية بشكل خاص. وهذا الجوهر ينطوي على البقايا اللانهائية الموروثة عن الأسلاف، وهي التي تشكل روح عرق بشري ما. ذلك أنه وراء الأسباب الظاهرية لأعمالنا تربض أسباب سرية مجهولة من قبلنا. ومعظم أعمالنا اليومية ناتجة عن دوافع مخبوءة تتجاوزنا.
إن أفراد عرق ما يتشابهون خصوصاً بواسطة العناصر اللاواعية التي تشكل روح هذا العرق. وهم يختلفون عن بعضهم البعض بواسطة العناصر الواعية الناتجة عن التربية، ثم بشكل أخص عن الوراثة الاستثنائية. والبشر الأكثر اختلافاً وتمايزاً من حيث الذكاء لهم غرائز وانفعالات وعواطف متماثلة أحياناً. والرجال الأكثر عظمة وتفوقاً لا يتجاوزون إلا نادراً مستوى الناس العاديين في كل ما يخص مسائل العاطفة: من دين وسياسة وأخلاق وتعاطف وتباغض، إلخ... فمثلاً يمكن أن توجد هوة سحيقة بين عالم رياضيات شهير وصانع أحذيته على المستوى الفكري، ولكن من وجهة نظر المزاج والعقائد الإيمانية فإن الاختلاف معدوم غالباً، أو قل: إنه ضعيف جداً.
وهذه الصفات العامة للطبع التي يتحكم بها اللاوعي والتي يمتلكها معظم الأفراد الطبيعيين لعرق ما بنفس الدرجة تقريباً هي بالضبط تلك التي نجدها مستنفرة لدى الجماهير. فالكفاءات العقلية للبشر وبالتالي فرادتهم الذاتية تمَّحي وتذوب في الروح الجماعية. وهكذا يذوب المختلف في المؤتلف وتسيطر الصفات اللاواعية[45].
 
ضعف جدوى المحاججات العقلانية مع الجمهور
إن الجماهير غير ميالة كثيراً للتأمل، وغير مؤهلة للمحاكمـة العقلية. ولكنها مؤهلة جداً للانخراط في الممارسة والعمل. والتنظيـم يجعل قوتها ضخمة جداً[46]. إن الجمهور هو دائماً أدنى مرتبة من الإنسان المفرد فيما يخص الناحية العقلية والفكرية[47]. إنه بمجرد أن ينضوي الفرد داخل صفوف الجمهور فإنه ينزل درجات عديدة في سلم الحضارة. فهو عندما يكون فرداً معزولاً ربما يكون إنساناً مثقفاً متعقلاً، ولكنه ما إن ينضم إلى الجمهور حتى يصبح مقوداً بغريزتـه وبالتالي همجياً[48].
لا ينبغي علينا أن نعتقد أن مجرد البرهنة على صحة فكرة ما يعني أنها سوف تفعل مفعولها حتى لدى الناس المثقفين فعلاً. ويمكننا أن نتحقق من ذلك عندما نرى أن البرهنة الأكثر وضوحاً ليس لها تأثير على معظم البشر. صحيح أنه يمكن للحقيقة الساطعة أن تلقى أذناً صاغية لدى السامع المثقف، ولكنه سيعيدها فوراً بواسطة لا وعيه إلى تصوراته البدائية. حاولوا أن تروه بعد بضعة أيام فسوف ترونه يستخدم من جديد محاجاته القديمة وبنفس الألفاظ تماماً. وذلك لسبب بسيط هو أنه واقع تحت تأثير الأفكار السابقة التي تحولت إلى عواطف وترسخت. وهذه الأفكار هي وحدها التي تؤثر علينا وتحرك بواعثنا القديمة التي تربض خلف أعمالنا وكلامنا[49].
لا يمكننا القول بشكل مطلق أنه لا يمكن التأثير على الجماهير بواسطة المحاجات العقلية. ولكن الحجج التي تستخدمها وتلك التي تؤثر عليها تبدو من وجهة النظر المنطقية جداً متدنية إلى حد أنه لا يمكننا وصفها بالعقلانية إلا عن طريق القياس والتشبيه... وأما سلسلة المحاجات العقلانية الصارمة فلا يمكن أن تفهم إطلاقاً من قبل الجماهير. ولهذا السبب يمكن القول بأنها لا تفكر أو تفكر بشكل خاطئ، ولا يمكن التأثير عليها عن طريق التفكير العقلاني[50]. لنذكّر هنا فقط بمدى عناد واستمرارية الخرافات الدينية طيلة قرون وقرون على الرغم من تناقضها مع أبسط حدود المنطق. فخلال ألفي سنة تقريباً اضطرت أعظم العبقريات للانحناء أما قوانينها[51].
 
ضرورة تكرار الفكرة وتأكيدها
عندما نريد أن ندخل الأفكار والعقائد ببطء إلى روح الجماهير فإننا نجد أن أساليب القادة تختلف. فهم يلجأون بشكل أساسي إلى الأساليب الثلاثة: أسلوب التأكيد، وأسلوب التكرار، وأسلوب العدوى. لا ريب في أن تأثيرها بطيء، ولكنه دائم.
إن التأكيد المجرد والعاري من كل محاجة عقلانية أو برهانية يشكل الوسيلة الموثوقة لإدخال فكرة ما في روح الجماهير. وكلما كان التأكيد قاطعاً وخالياً من كل برهان فرض نفسه بهيبة أكبر... ولكن الإعلان لا يكتسب تأثيراً فعلياً إلا بشرط تكراره باستمرار، وبنفس الكلمات والصياغات ما أمكن ذلك. كان نابليون يقول بأنه لا يوجد إلا شكل واحد جاد من أشكال البلاغة هو: التكرار. فالشيء المؤكد يتوصل عن طريق التكرار إلى الرسوخ في النفوس إلى درجة أنه يقبل كحقيقة برهانية... فعندما نكرر الشيء مراراً وتكراراً ينتهي به الأمر إلى الانغراس في تلك الزوايا العميقة للاوعي حيث تصنع دوافعنا كل أعمالنا. فبعد أن تمر فترة من الزمن ننسى من هو مؤلف القول المكرر وينتهي بنا الأمر إلى حد الإيمان به. وعلى ضوء ذلك يمكننا أن نفهم القوة الهائلة للإعلان... وعندما يتاح لتوكيد ما أن يكرر بما فيه الكفاية، وأن يكرر بالإجماع... فإنه يتشكل عندئذ ما ندعوه بتيار الرأي العام. وعندئذ تتدخل الآلية الجبارة للعدوى وتفعل فعلها. وفي الجماهير نجد أن الأفكار والعواطف والانفعالات والعقائد الإيمانية تمتلك سلطة عدوى بنفس قوة وكثافة سلطة الجراثيم. ويمكننا أن نلاحظ هذه الظاهرة لدى الحيوانات نفسها، وذلك عندما تتجمع على هيئة جمهور. فصهال حصان في إسطبل ما سرعان ما يعقبه صهال الأحصنة الأخرى في نفس الإصطبل. وأي خوف أو حركة مضطربة ما تصيب بعض الخراف سرعان ما تنتقل إلى بقية القطيع...[52] والتقليد الذي تعزى إليه تأثيرات كثيرة في الظواهر الاجتماعية ليس في الواقع إلا مجرد أثر من آثار العدوى... إن الإنسان يشبه الحيوان فيما يخص ظاهرة التقليد. فالتقليد يشكل حاجة بالنسبة له بشرط أن يكون هذا التقليد سهلاً بالطبع.. ومن هذه الحاجة بالذات يتولد تأثير الموضة (أو الأزياء الدارجة). وسواء أكان الأمر يتعلق بالآراء أم بالأفكار أم بالتظاهرات الأدبية أم بالأزياء بكل بساطة فكم هو عدد الذين يستطيعون التخلص من تأثيره؟ فنحن نستطيع قيادة الجماهير بواسطة النماذج والموديلات وليس بواسطة المحاجات العقلانية[53].
 
الزمن
إن الزمن بالنسبة للمشاكل الاجتماعية كما بالنسبة للمشاكل البيولوجية أحد العوامل الأكثر تأثيراً ونشاطاً. فهو يمثل المولد الحقيقي والمدمر الكبير... وهو الذي يجعل كل العقائد تتطور وتموت فبه تمتلك قوتها وجبروتها، وبه تفقدها... إن الزمن هو الذي يطبخ آراء وعقائد الجماهير على ناره البطيئة، بمعنى أنه يهيء الأرضية التي ستنشأ عليها وتتبرعم. نستنتج من ذلك أن بعض الأفكار التي يمكن تحقيقها في فترة ما تبدو مستحيلة في فترة أخرى. فالزمن يراكم البقايا العديدة جداً للعقائد والأفكار، وعلى أساسها تولد أفكار عصر ما. فهذه الأفكار لا تنبت بالصدفة أو عن طريق المغامرة. وإنما نجد جذورها تضرب عميقاً في ماض طويل[54].
هذه بعض أهم الأفكار التي قررها لوبون في كتابه (سيكولوجية الجماهير)، وهي في عمومها توافق وتعمق ما قررناه سابقاً من قواعد في أصول وعوامل تغيير المجموع التي تختلف عنه فيما يخص الفرد.
 
 
توضيح إشكالات 
وردت من سائل على إحدى المقالات
17-10-2007
 
رسالة من أرض بابل
بعث إلي أحد الإخوة من محافظة بابل بتاريخ (5/10/2007) رسالة تضمنت بعض الأسئلة والإشكالات، أثارتها مقالتي المنشورة على الموقع في (15/7/2007) بعنوان (وقفة مع غوستاف لوبون مؤسس علم نفس الجماهير). وأنا أختصر تلك التساؤلات والإشكالات في سؤاله الأخير. أما البقية فتجدها مضمنة في المقال؛ تجنباً للإطالة. يقول الأخ السائل في ذلك السؤال:
(ثم جاء في نص آخر: (إن التأكيد المجرد والعاري من كل حجة عقلية يشكل الوسيلة الموثوقة لإدخال فكرة ما في روح أي مجتمع. وكلما كان التأكيد قاطعاً، وخالياً من أي حجة عقلية، يفرض نفسه بهيبة أكبر) ولا أدري: مجرد وعار من ماذا؟ ولا أدري بماذا أدعو؟ إن أي مجتمع يعيش حياة اللاوعي هو مجتمع مريض. فإذا أردنا أن نعالجه، أليس الأحرى بنا أن نستخدم العلاج الأمثل في شفائه؟ إذ إنك لو أخرجت مجنوناً من مستشفى المجانين إلى مستشفى الأصحاء بغير علاج لم يتغير إلا اسم المستشفى فقط. وأنا على يقين أن المجتمعات الضالة تتبنى الأفكار بغير الحجج العقلية. وهذا لا ينطبق على المنهج الرباني. إنه لا يخاطب أي مجتمع على اختلافه إلا بالحجج العقلية والبراهين الدالة على صدق ما جاء به رسل الله. وهل نظن في مجتمع لا يقبل بلغة العقل والبرهان أن فيه خيراً؟ يقول سبحانه: (أفلا تعقلون) تعقلون ماذا؟ أليس هذه دعوة من الله لصرف العقول إلى البراهين والأدلة العقلية؟ فلا أدري هل يتوافق منهج غوستاف مع منهج الله جل في علاه؟ لا أريد أن أطيل عليك. لكني أظن الفكرة قد وصلت).
وجوابي عن هذا السؤال، وبقية الأسئلة والإشكالات ما يلي:
إن غوستاف لوبون يتحدث عن القوانين التي تحكم التغيير الجماعي، وتوثر في عملية تحول المجتمعات من طور إلى طور في قناعاتها وأفكارها، بغض النظر عن كيفية الاستفادة من هذه القوانين وتطبيقها عملياً على أرض الواقع.
إن هذه القوانين تمثل الأسس التي ينبغي أن يستند إليها أي شخص يريد أن يؤثر في الجمهور بالاتجاه الذي يريده. وإغفالها يؤدي إلى الفشل في تحقيق المراد. وهذه الأسس هي سنن غالبة لا يمكن تغييرها، أو تجاهلها، وإلا كانت النتيجة على غير ما نريد.
إلى هنا نحن لا زلنا في دائرة القانون العام، لم ندخل إلى حرم الشرع والجائز وغير الجائز. متى ندخل ذلك؟ عندما نستعمل هذه القوانين أو الأسس أو السنن في عملية التغيير. فإن كانت صيغة الاستعمال شرعية، كان العمل مشروعاً. وإن كانت الصيغة نفعية مجردة عن الشرعية كان العمل ممنوعاً.
مثال ذلك: المال. تأثيره على النفوس واضح ومعلوم، بحيث يمكن القول: إنه أحد الوسائل القوية في التأثير على الأفراد والجمهور. يتساوى في ذلك المجتمع المسلم الراشد، والمجتمع الملحد الشارد. هذا قانون اجتماعي لا يمكن لك أن تنكره أو تتجاهله. ودور المال والاقتصاد فعال في كسب الناس وتغييرهم، بحيث لا يمكن لأي دعوة أو فكرة تتبناها جماعة أو حكومة أن تجد لها قبولاً لدى الناس من دون أن يجدوا لها مصداقاً على الواقع تحسناً في أحوالهم المعيشية والاقتصادية. لهذا جاء الربط في الإسلام بين الصلاة والزكاة، وجاء الأمر بالإحسان إلى الناس. بل تحبب الله جل وعلا إلى خلقه، ودعاهم إلى عبادته عن طريق تذكيرهم بنعمه. حتى قال سيدنا إبراهيم عليه السلام لقومه: (إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (العنكبوت:17).
لكن.. من الناس من يستعمل المال استعمالاً نفعياً مجرداً مخالفاً للشرع، يشتري ذمم الناس وأصواتهم، ويوجههم  بما يحقق أغراضه. كما يفعل المرشح للانتخاب في دول الغرب والشرق. هذا القدر من العملية ممنوع شرعاً، وليست العملية كلها ممنوعة من الأساس، بحيث نقول: إن المجتمع المسلم الراشد لا يتأثر بالمال، ولا يجوز لنا أن نستعمل المال في التأثير عليه، وإن كان في الاتجاه المشروع. إننا حينئذ نقول لك: قف هنا، وفرق بين الأمرين: فرق بين القانون، وبين استعمال القانون. الخطأ ليس في القانون، إنما في طريقة استعماله.
عندما نقول: "التأكيد القاطع مع التكرار المستمر هو الذي يغير المجتمع أو الجمهور، وليس المحاججات العقلية". هذا قانون، لا يمكن لنا أن نلغيه – إذا ثبت لنا أنه قانون – بحجة أن المجتمع مسلم راشد، ونثبته إذا كان المجتمع غير مسلم.
أين الصحة؟ وأين الخطأ؟
الصحة أولاً في سلامة القانون من حيث أنه قانون . وثانياً في استعماله استعمالاً شرعياً، بحيث نعتمد على بيان الحق بالحجج الشرعية، لكن مع التأكيد والتكرار.
والخطأ في أمرين: الأول: في استعمال القانون لإشاعة الباطل على طريقة "اكذب اكذب حتى يصدقك الناس". والثاني: في تجاهل القانون، وعدم استعماله. بحيث نقتصر في الدعوة إلى الحق على طرح الحجج العقلية، دون التأثيرات النفسية والإيحائية، وإثارة مكامن الشعور الإنساني بالاتجاه الرباني.
ما الذي نشر التشيع – وهو باطل – غير الطرق المؤكد المستمر، وبالأساليب الإيحائية العاطفية؟ وما الذي جعل التسنن – وهو حق - يراوح في مكانه سوى الجمود على الطريقة المنطقية أو العقلية في طرح الحق الذي نحمله؟ وضعف الإصرار عليه. إن علينا أن نرفع شعار: "اصدق اصدق حتى يصدقك الناس".
ولكن لو افترضنا أن صاحب الحق طرح ما عنده من حق على الجمهور، دون ذكر لأي حجة عقلية، وظل يؤكد عليه بقوة واستمرار، ألا يؤدي ذلك إلى انتشار الفكرة التي يدعو إليها؟ أكيد. لكن أيهما أقرب للشرع؟ لا شك أن المزج بين الأمرين أقرب.
هنا يترشح لنا ثلاثة احتمالات:
1.    الدعوة إلى الباطل باستعمال القانون
2.    الدعوة إلى الحق باستعمال القانون
3.    الدعوة إلى الحق باستعمال القانون حسب الشرع
أما الأول فباطل، وأما الثاني فصحيح غير تام. والمطلوب هو أن ندعو إلى الحق، بمضمون الحق، مستندين على الأسس والقوانين أو السنن الكونية التي وضعها الله في خلقه. وهو الاحتمال الثالث.
نأتي الآن إلى تفحص ما قرره غوستاف لوبون من قوانين لنتأكد من صدقها.
 
انخفاض مستوى الملكات العقلية للجمهور
أما تقريره أن (الميزة الأساسية للجمهور هي انصهار أفراده في روح واحدة وعاطفة مشتركة تقضي على التمايزات الشخصية، وتخفض من مستوى الملكات العقلية). فأرى هذا صحيحاً. وإن كان ثمة أفراد عقلاء أذكياء. فحين نصف مجتمعاً بأنه خرافي نصفه طبقاً لما غلب عليه. وحينذاك يذوب تأثير الأفراد في المجموع. إلا عندما يكون لدى الفرد طاقة كبيرة يقرر فيها الخروج على ما تواضع عليه المجتمع. لكن الغالب الملاحظ أن الفرد - مع ذكائه وعقله - يكون في المجتمع والتجمع الطارئ الخرافي خرافي السلوك والتفكير. انظر إلى الحشود المزدحمة عند المراقد، ومواكب اللطم والتطبير: كم فيها من أذكياء عقلاء؟ وتأمل سلوك المجموع في مسيرة أو مظاهرة: كيف يتصرفون أحياناً، لا سيما عند الهيجان! حتى تقول: أليس فيهم رجل رشيد؟ فيهم رجال راشدون، ولكن انصهروا في جهالات الجاهلين، وغابوا في لجة عبث الغاوين. وهذا ما يسميه البعض بـ(حاكمية المجموع). وسمه – إن شئت – (حاكمية المذهب، أو الحزب أو الجماعة) أو سمه ما شئت بإضافة (الحاكمية) إلى ما شئت من أسماء.
وهذا يقودنا إلى حقيقة مهمة جداً هي: أن الديمقراطية التي يدعو إليها الغرب ما هي إلا حيلة أو شرك ينصبه الخبثاء لاصطياد الجمهور المغفل. إنهم يدركون أن الملكات العقلية للجمهور - كجمهور - منخفضة؛ فيسهل عليهم التأثير عليه بالوسائل المناسبة للتأثير على الفرد المنخفض الملكات كالحمقى والسذجة والأطفال. عندها سيختار الجمهور ما تريده النخبة المستفيدة له أن يختاره، متصوراً أنه اختار ما اختار بمحض اختياره. والحقيقة أنه انساق بلا وعي إلى هدف منصوب له مسبقاً من قبل أولئك النخبة الخبيثة. هل انتبهت إلى أنهم في حقيقتهم فراعنة، يوردون أقوامهم ما أورد فرعون قومه، ولكن دون استعمال ما استعمله فرعون من القوة. هل ترى جورج بوش، أو جون هوارد، أو توني بلير أقل شراً وصلفاً وطغياناً من فرعون؟ لكنهم فراعنة (محسّنين) ـ بتشديد السين وفتحها ـ .
أقول: أليس هذا ما يجري على الواقع؟ وإلا كيف انتخب ذلك الجمهور ما أشارت إليه (المرجعية الحكيمة) من مرشحين؟ أليس فيهم من رجل رشيد أو حكيم؟! بلى فيهم، وفيهم.. ولكن ساقتهم (حاكمية المجموع) إلى حتفهم بظلفهم. وهم اليوم يلعنون اختيارهم، ويندبون حظهم. ولكن هل تظن الأمر سيتغير في الجولة القادمة؟ أما أنا فلا أظن. (وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) (الأنعام:28). ولضعف إدراك جماعتنا لهذه الحقائق والأسرار تجدهم ينخدعون بأقوال بعض الشيعة، ورموزهم، إذ يأتون إليهم يشكون إليهم سوء الحال، وقبح المآل، ويذمون مراجعهم وعلماءهم وقادتهم. ولربما كانوا صادقين في شكواهم. ومتحققين من ذم علمائهم. لا مانع من هذا. لكن المهم هو موقفهم، وليس ما يقولونه بألسنتهم، وإن كان مطابقاً لما في قلوبهم. المهم أين سيكون الاصطفاف عند نقطة الافتراق: مع المراجع المذمومين؟ أم مع من يجلسون إليه، وينثرون الشكوى تلو الشكوى بين يديه؟ هذا هو المهم. وإلا تكرر علينا ما جرى على سيدنا الحسين رضي الله عنه، حين سأل عن الناس؟ فقيل له: (قلوبهم معك وسيوفهم عليك)!
 
من عناصر القيادة
وأما قوله: (إن الجماهير أياً تكن ثقافتها أو عقيدتها أو مكانتها بحاجة لأن تخضع إلى قيادة محرك. وهو لا يقنعها بالمحاجات العقلانية والمنطقية، وإنما يفرض نفسه عليها بواسطة القوة. كما أنه يجذبها ويسحرها بواسطة هيبته الشخصية تماماً كما يفعل الطبيب الذي ينوم المريض مغناطيسياً).
فالرجل يتكلم عن قانون آخر من قوانين التغيير الاجتماعي، وهو القانون الذي به تكون قيادة الجمهور. إن المحاججة العقلية والمنطقية وحدها لا توصل القائد إلى السيطرة على الجمهور والإمساك بقيادته، وزمام حكمه. وإلا لصار أحكم الناس هو قائد الناس. وهذا لم يقع مرة. ورسول الله صلى الله عليه وسلم خير شاهد. حين كان ضعيفاً مستضعفاً، لم تنفع حججه مع الناس. لقد فرض نفسه بالقوة. ولولا القوة لما استطاع إزاحة الخصوم. وجذبهم بهيبته الشخصية، حتى قيل عنه: "ساحر"! وهو ما يسمى بالمصطلح الغربي الحديث "الكاريزما". أو (الآسرية) أو (الحضور)، كما يمكن لنا أن نسميها. لكن لم يكتف النبي صلى الله عليه وسلم بهذا، إنما دعا إلى الحق، وفرض نفسه، ولكن بالحق. ونحن اليوم مهما يكن عندنا من حق، ومهما استعملنا من حجج وبراهين، لن نتمكن من قيادة الجمهور، ما لم نستعمل القوة. ألم تسمع لشيخك وهو يقول: (القوة العمياء بلاء .. والبصيرة الشلاء عناء). ويقول: (لا يخدعنك إقبال الجمهور؛ فهو سريع التقلب، ما لم يكن بيدك أعنة الترغيب، أو أسنة الترهيب).
وما سر تفلت الجمهور وانقلابه على عثمان وعلي، حتى قتلهما: فقدان الحجة؟ أم ضعف القوة؟ وعثمان رضي الله عنه هو القائل: (إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن). وعلي رضي الله عنه هو من قال: (لا رأي لمن لا يطاع).
لقد استعمل الرسول صلى الله عليه وسلم كل المؤثرات النفسية خدمة لدعوته، وإيصال فكرته، ونجاح قضيته. ولنا في موقفه من الحلس بن علقمة الكناني سيد الأحابيش، في يوم الحديبية لعبرة. بعثته قريش يفاوض عنها. فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا من قوم يتألهون, فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه))، وأمر برفع الصوت في التلبية، فلما رأى الحلس الهدي يسيل عليه من عرض الوادي في قلائده، رجع إلى قريش قبل أن يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وذلك إعظاما لما رأى! واختلف معهم، وفارقهم. لم يستعمل الرسول هنا أي حجة عقلية، إنما هي وسيلة من وسائل التأثير النفسي، للوصول إلى الغاية عن طريق الإيحاء.
 
التأكيد المجرد عن الحجة
وما قلته يمكن أن يقال في الإشكال الوارد على القول الآخر: (إن التأكيد المجرد والعاري من كل محاجة عقلانية أو برهانية يشكل الوسيلة الموثوقة لإدخال فكرة ما في روح الجماهير. وكلما كان التأكيد قاطعاً وخالياً من كل برهان فرض نفسه بهيبة أكبر). هو يثبت حقائق دون النظر إلى شرعيتها من عدمها. وكون الأمر غير مشروع لا يلغي حقيقة وجوده. فلو قال قائل: "إن الخمرة والمرأة أسرع إلى التأثير في شخص ما". لا يصح أن ننكر قوله من حيث أنه حقيقة واقعة. إنما ننكره من حيث أنه مجانب للحق، أو أنه غير مشروع. لكن عدم مشروعيته أو أحقيته لا يلغي حقيقة وجوده، أو وجود حقيقته. هذا شيء، وهذا شيء.
بقي لي أن أقول: إن هذه التقريرات بدأت بملاحظتها قبل سنين من عثوري على كتاب غوستاف لوبون (سايكولوجية الجماهير)، وقمت ببيانها من فوق منصة المحاضرة في بعض المساجد، وسجلتها في كتابي (لا بد من لعن الظلام). وصرت أتحدث بها إلى الخاصة من أصحابي. وذلك لكثرة تقليب الأمور في كيفية التأثير في عامة المجتمع؟ ومن أين نبدأ؟ وكيف نبدأ؟ وما سر التفوق الشيعي، وانتشاره، على حساب ضعف الخطاب السني في بعض الأماكن؟ وما السر في ضعف هذا الخطاب؟ لكنني حين وجدت الكتاب وقرأته في خريف عام (2005) وجدت تشابهاً كبيراً بين التقريرين. فزادني ذلك وثوقاً بما عثرت عليه من قبل من قوانين رأيت أنها امتلكت بعض الأسرار في التأثير والتغيير الجماعي.
 
 
 17-10-2007
 
 
الدينيوية
شخصية الشيعي
27/7/2007
 
كتب حسن العلوي في سنة 1980 أي بداية الحرب مع إيران كتابه المسمى بـ(دماء على نهر الكرخا). يتحدث فيه عن الفرس، وكيف لبسوا التشيع متسترين به على مكائدهم ضد العرب ودينهم الجديد ودولتهم القومية الجديدة. ورجع بأسباب الحرب ودوافع الصراع إلى جذور عرقية قديمة تمتد إلى فجر التاريخ.
وفي هذه السنة (2007) خرج علينا بكتابه الجديد (عمر والتشيع ) فإذا به يقول عن تلك الحرب: إنها حرب أمريكية ضد الشيعة، خاضها العراق بالنيابة عن أمريكا! ويمجد الخميني ويقارنه بعمر الفاروق بشخصيته وعدالته وتفاصيل حياته!
والعلوي بعثي قديم، كان السكرتير الصحفي للرئيس صدام حسين، ورئيس تحرير مجلة (ألف باء) الرسمية. ثم انقلب من بعد وهرب! وكتب عدة كتب منها (الشيعة والدولة القومية) يتهم فيه أهل السنة بالطائفية والاستحواذ على السلطة، والعمالة للانجليز، والتمالؤ معهم على إقصاء الشيعة، الذين دافعوا عن الوطن في ثورة العشرين، ورفضوا أن يضعوا أيديهم بأيدي الانجليز، كما يدّعي.
ولكن ما إن دار الزمان دورته، ودخل المحتل الأمريكي العراق، حتى يكون العلوي أول سفير له في سوريا، معيناً من قبل ما سمي يومها بـ(مجلس الحكم) الذي نصبته قوات الاحتلال! ويمدح اللص الخائن أحمد الجلبي على قناة (المستقلة) الفضائية مدحاً جاء فيه أنه ما من أحد أكثر فضلاً على الشيعة منه! لأنه هو الذي أقنع الأمريكان بالإطاحة بصدام، وتسليم مقاليد الحكم للشيعة!
 تسمع له، فتحس في كلماته شوباً من العروبة ، وعاطفة تجاه الوطن. ويقول في أثنائه أنه رجل علماني، وأنه لم يسجد لله يوماً قط! فتقول: فلعل ذلك الشوب، وتلك العاطفة من هذه.
 يخلط كلامه أحياناً بمدح للفاروق عمر. بل ذكر أنه ألف كتاباً عنه، ووعد بإخراجه. ورأيت وسمعت على القنوات الفضائية من فرح بصنيعه، وعدّه به من الشيعة المعتدلين.
 وخرج الكتاب. وكان بعنوان (عمر والتشيع ثنائية القطيعة والمشاركة). لكنني ما إن قرأته حتى ترسخ لدي ما كان قد بدأ يثبت من قبل. وتزعزع ما كان قلقاً لا يستقر.
وجدت الرجل – رغم علمانيته، وعدم تدينه - شيعياً قحاً، ليس في عقيدته وتحيزه فحسب، وإنما في عقده كذلك، فهو إنسان مصاب بعقدة الاضطهاد والشعور العميق بالمحرومية، وغيرهما من العقد النفسية الشيعية. يدعي أن الشيعة أغلبية محرومة محكومة؛ لهذا هو ينتصر لهم، ويقف في صفهم! قيل للقردة: ضعي هذه الحلية على رأس أجمل صغار الغابة، فذهبت، وأقبلت تحمل صغيرها والحلية على رأسه ، وهي تقول: لم أجد أجمل من هذا!
دعني أفترض هنا أن شخصاً ما لم يقرأ للعلوي إلا كتابه الأول (دماء على نهر الكرخا)، واقتصر في بناء حكمه فيه، وتقييمه له على هذا الكتاب- ماذا ستكون النتيجة؟
ولو افترضنا الفرضية الأخرى، وهي أن هذا الشخص لم يقرأ للعلوي إلا كتابه الأخير (عمر والتشيع)، فماذا ستكون النتيجة؟ لا شك أنه سيخرج بحكمين مختلفين، ونتيجتين متضادتين.
وهكذا هو الشيعي..!
له في كل مقام مقال..! وتختلف المقامات وتتعاكس فيما بينها، فتختلف المقالات وتتعاكس وتنعكس أيضاً؛ طبقاً لاختلاف المقام!
إن مبدأ "التقية" يمنحه المرونة المطلوبة، وقابلية العزف على جميع المقامات. فلن تعرف شيعياً من موقف واحد، ولا مجلس واحد، ولا مقال ولا كتاب. ولا لحن ولا أُهزوجة، ولا دبكة عراقية، ولا زردة فارسية.
نعم.. ربما إذا جمعت هذه مع بعضها خرجت بنتيجة. ربما!
هذا حال العلماني المنفلت! فكيف هو إذن حال المتدين الملتزم؟!
في زمن (صدام والقومية العربية وحراس البوابة الشرقية) يكون العزف على (دماء نهر الكرخا). وفي زمن (الأمريكان وإيران والطائفية والشعوبية الفارسية) يختلف العزف، وتتبدل الألحان؛ لأن دماء نهر الكرخا هذه المرة قد فاضت فأغرقت العراق، وصارت تتدفق من مسيل دجلة والفرات!
وفي النهاية تنتصب من خلال الكتاب أو الكاتب أمام ناظريك المنظومة الفكرية والنفسية للإنسان الشيعي كاملة بعقائدها وعقدها، وعاطفتها وهيجانها، ورؤيتها للأشياء والأشخاص، والواقع والتاريخ، وتعلقها بإيران ورجالها، وطريقة تعبيرها: لفاً ودوراناً وإتياناً للبيوت من ظهورها. كما تبين لي أن الوطنية والعروبة لدى هؤلاء مجرد دعوى هائمة، أو عاطفة تائهة عائمة، ليس لها عند الامتحان من حقيقة ولا برهان. كما أنه لا فرق بين شيعي علماني، وآخر متدين، كلاهما سواء عند خط النهاية، وأن العلماني والديني يتوحدان في شخصية الشيعي توحداً تاماً، ويشتبكان في نسيج واحد. هذه الشخصية التي أرى أن أقرب مصطلح يمكن نحته للدلالة عليها هو مصطلح (الشخصية الدينيوية). فكل شيعي يحمل في كيانه الداخلي شخصيتين. يستعمل هذه مرة، وهذه مرة. بهذا نستطيع فهم هذه الازدواجية الشيعية، وكيف تجتمع النقائض العلمانية والدينية هذا الاجتماع في شخصية الشيعي! ومن تصور غير ذلك فهو واهم مخدوع.
 
عقدة لا عقيدة
قد يشكل على الكثيرين معرفة جذور هذه الازدواجية الشيعية، وكيف تجتمع النقائض العلمانية والدينية هذا الاجتماع في شخصية الشيعي؟!
وجوابي على هذه الإشكالية - التي تبدو للبعض كبيرة وعويصة - ألخصه بكلمة واحدة هي أن (التشيع عقدة نفسية وليس عقيدة دينية). وقد درست هذه الشخصية، وأثبت صحة هذه الكلمة في كتاب لي بمجلد كبير أسميته (التشيع عقيدة دينية أم عقدة نفسية).
يكاد العلوي يفصح عن هذا في بعض عباراته التي يطلقها في غفلة من عقله الواعي. فها هو في (ص188-189) يعترف بأن النفسية الشيعية التي اكتسبها في صغره لا زالت منطبعة بعمق في داخله، تتفاعل فيه. ولا زال هو كما هو قبل ستين عاماً طفلاً صغيراً مشدوداً بفكره وحسه إلى خشبة ذلك المنبر الأسود، ولا زال كما كان يستثيره المشهد إلى حد البكاء! ويوحي إليه بخليط عجيب من المشاعر والأفكار والتخيلات والصور التي يستحيل اجتثاثها من ذاكرته ونفسه. فيقول: (وساهم المنبر الحسيني بخلق وحدة نفسية لدى حاضري المجلس، تتجاوز انتماءات الطبقة والعنصر ومستوى التحصيل العلمي، فيبكي الجميع، وفي المقدمة منهم كاتب السطور الذي تتسارع دموعه في اللحظة التي يتنحنح بها القارئ، قبل النطق بالبسلمة. وهي لحظة شعورية موروثة تستحضر رمم جدي، وعظام أخي. وعباءة أمي، وشجى الصوت بلحن الفاجعة، ويدٌ مقطوعة الإصبع، وعمامة محمدية معلقة بحوافر الخيول، ومن بقي من أحفاد الرسول ورؤوس على الرماح، وبنات النبي سبايا فأين منهن عمر، وقراره الأول في اليوم الأول من ولايته بعد وفاة أبي بكر بمنع سبي العرب وإطلاق نسائهم وإن كانوا من أهل الردة).
تأمل هذه العاطفة التخريفية! وانظر بأي شيء حشيت؟! رمم وعظام وأصابع ورؤوس مقطوعة، وحوافر لا أدري كيف علق بها عمامة محمد؟! وعباءة وسبايا وفاجعة ورماح!!
عقل تجتمع فيه كل هذه الطواطم والعناكب والخفافيش! ما الفرق بينه وبين عقل صبي في الخامسة من عمره، يعيش في أقصى الريف، أو أبعد نقطة في الهور، يلفه الظلام وهو يستمع إلى جدته الخرفة تحدثه عن السعالي والغيلان والحنافيش؟!
 
التخلف النفسي عند الشيعي
ولا عجب! فالشيعي قد يكبر ويكبر معه جسمه، وعقله. ولكن نفسه تظل قابعة في زاوية من زوايا منبر العزاء الحسيني، حجمها خمس سنين لا تزيد عليه، ولا تكبر أبداً. هذه النفسية المتخلفة تظل تسحب وراءها عقل صاحبها، وتجرجره بين كهوفها وغيرانها المظلمة. هناك يلقى تلك النفس الخربة كعجوز قميئة هزيلة، تعوي بين جدران ذلك الخراب، تندب حظها، وتجز شعرها، وتشكو مظلمتها؛ فتأخذه العاطفة المبهمة فيقعد معها يلطم ويشكو ويندب. هذا هو سر تخلف العقل الشيعي، مهما تدرج صاحبه في مراتب العلم، وتجمل بطلاء الثقافة. إنها (وحدة نفسية تتجاوز انتماءات الطبقة والعنصر ومستوى التحصيل العلمي)! كما يعبر (كاتب السطور الذي تتسارع دموعه في اللحظة التي يتنحنح بها القارئ، قبل النطق بالبسلمة)!.
هل عرفت الآن لماذا يتساوى الشيعة في تشيعهم: العالم مع الجاهل، والمتدين مع العلماني، والكاشاني مع الكشواني، والدينوي مع الدنيوي؟!
التشيع ليس عقيدة أو فكرة مستقرها القلب أو العقل، بقدر ما هي عقدة مستقرها النفس. فالشيعي يفكر بنفسه لا بعقله. وهذا هو سر ذلك التساوي، وضعف الفرق بين أصناف الشيعة. وخطر التشيع ومشاكله نابع من هذه النفسية المعبأة منذ الصغر تعبئة يصعب علاجها ما دام صاحبها باق على تشيعه، ينتسب إليه، ولو بالاسم. وهذا هو سر فشل العلاج العقلاني، كالحوار والدعوة إلى التعايش، ما لم تكن ثمة قوة يخضعون لها ويطأطئون رؤوسهم هيبة وإجلالاً.
 
 
 
فلسطين ليست كل شيء
ثمة أشياء أخرى أيها الإخوة في فلسطين
  الأربعاء
1/8/2007
 
طلعت علينا صحيفة (القدس العربي) اليوم 1/8/2007 بحديث لها عن زيارة وزيرة خارجية أمريكا ووزير دفاعها للمنطقة. وكان مما جاء فيه أن أمريكا تريد من العرب أن يحاربوا معها ضد خطر وهمي أو غير ملح هو إيران، ويتجاهلوا الخطر الحقيقي، وهو إسرائيل. والشيء نفسه كرره رئيس تحريرها الأستاذ صباح عطوان أمس على قناة الجزيرة.
وهو ما يكرره جميع من سمعتهم وقرأت لهم من الإخوة الفلسطينيين - إسلاميين وعلمانيين - دون استثناء! ولا يملون من ترديد عبارة (هذه مؤامرة أمريكية إسرائيلية)، ولا يتطرق أحد منهم إلى ذكر غيرها من المؤامرات. وكأنه لا يوجد في الكون متآمر إلا أمريكا وإسرائيل، والباقون – ومنهم إيران - حملان وديعة، أو حمائم سلام بيضاء!
لا أريد أن أعلق كثيراً على وصف الخطر الإيراني بالوهمي أو غير الملح. فإن هذا الوصف هو الوهم عينه! يعشعش في أذهان تجهل أو تتجاهل عن عمد ما جرى في الماضي، ويجري اليوم على الواقع، الذي يصرخ بكل من له أذن تسمع أن إيران هي الخطر الحقيقي القادم، فضلاً عن خطرها في الماضي والحاضر. وأن هذا الخطر أكبر وأعمق وأشد من خطر أمريكا وإسرائيل. أم إن الأحواز وجزر العرب الثلاث والبحرين والعراق ليست هذه كلها - مجتمعة ومتفرقة - بشيء؟ ولا سكانها بشراً من البشر؟ ألم يسمعوا بما حل بالأحواز منذ اثنتين وثمانين سنة من احتلال إيراني لشعبها وأرضها، وما حل بهم من مآس وكوارث وجرائم تتضاءل لديها جرائم يهود في فلسطين؟! فإن لم يكونوا سمعوا بهذا، أفلم يروا ما يجري اليوم في العراق من استحلال إيراني لا يبقي ولا يذر، غايته إخلاء جنوب العراق ووسطه من أهل السنة، تمهيداً لقيام دولة شيعية موالية لإيران، تحقيقاً لحلم خميني في إقامة هلال أو حزام شيعي يسيطر به على المنطقة كلها. أم لم يصلهم خبر المجازر التي تقشعر لها الأبدان، والتي طالت الفلسطينيين أنفسهم؟ هذا والمسؤولون في (حماس) لا تكاد تتحرك شفاههم بالاستنكار والدفاع عن أبناء جلدتهم؛ لأنهم يعلمون أن وراء ذلك كله
إيران، وهم لا يريدون أن يعكروا صفو العلاقة معها!
فإن لم يكن هذا خطراً حقيقياً وملحاً، فكيف يكون الخطر إذن؟!!! أم إن الخطر الحقيقي والملح هو ما يحصل في فلسطين فقط؟! لكن الذي يهمني أن أقوله هنا أمران:
1. تجاهل الفلسطيني المؤامرات والأخطار الأخرى غير الخطر الأمريكي اليهودي؟
2. أثر ذلك على تفرقة الصف، وفصل القضايا وانشغال كل بقضيته. وهو ما سيعود بالضرر على القضية الفلسطينية نفسها.
1. تجاهل الفلسطيني المؤامرات والأخطار الأخرى
إن طول معاناة إخوتنا في فلسطين المحتلة منذ ستين عاماً، وتعاطف العرب والمسلمين وكثير من شعوب العالم معهم، أدى بالكثيرين منهم إلى أن تتضخم هذه القضية في نفوسهم، حتى أخذت حيزاً ومساحة فيها غطت على بقية المساحات، وأزاحت بقية القضايا منها، فلم يعد لها من وجود فيها. لقد أمسى هؤلاء لا ينظرون إلى العالم إلا من خلال فلسطين، ولا إلى أي مسألة أو قضية أو مأساة أو شعب أو دولة إلا من الخلل نفسه! ولم يكتفوا بهذا حتى صاروا يريدون من الآخرين جميعاً أن ينظروا النظر نفسه، من الزاوية نفسها، ويتركوا قضاياهم ولا يعطوها استحقاقها إلا بالقدر الذي لا يؤثر – ولو بحق – على قضية فلسطين. واستجازوا لهذا كل فعل وتصرف، وإن كان ضد مصالح غيرهم، بل أحياناً ضد الثوابت الدينية، والقومية. فحينما يعقد مسؤول (حركة الجهاد الإسلامي) رمضان شلح تجمعاته الحاشدة وهو يصرخ فيها بأعلى صوته يمجد إيران (الإسلامية)، ويشيد بمواقفها تجاههم، ويصف خامنئي بأنه إمامهم وإمام المسلمين – ماذا بقي لديه من ثوابت دينية؟ ووصفِ حركته بـ(الإسلامية)؟ سوى أن يعلن نفسه شيعياً وينتهي الأمر. أكل ذلك من أجل حفنة ريالات فارسية يا رمضان شلّح العربي؟!!! والمأساة أن تلك الجماهير تهتف معه، وتوقع على ما يقول مخدرة بما يقال لها من أوهام ووعود إيرانية على لسان قادتها: (وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُوراً). وحين يذهب رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل إلى إيران ويقبل أمام الكاميرات يد القذر خامنئي، ويتوعد إسرائيل إن هي هاجمت إيران، ويقول بلا تردد: (أن حماس هي الابن الروحي للإمام الخميني)! ماذا بقي مما بقي؟!!!
بل إني بدأت أشعر أن البعض صار يعبد فلسطين - وهو لا يدري - من دون الله!
لا شيء إذن إلا فلسطين.. وفلسطين فقط!
 
2. أثر التجاهل الفلسطيني لقضايا الآخرين على وحدة الصف وتوحد قضايا الأمة
لا يا أيها الإخوة!
ثمة أشياء أخرى، عزيزة على قلوب أهلها، كما هي فلسطين عزيزة على قلوبنا جميعاً، ولكنها ليست وحدها، وليست هي أول الأشياء ولا أخرها. ونحن نعبد الله وحده، ولا نعبد فلسطين ولا غيرها من البلدان والأوثان. ولأننا نعبد الله وحده أحببنا فلسطين، وتعلقنا بها ودافعنا عنها وندافع إلى أن تعود إلى رحاب الله بإذن الله. وإلا ما الذي يربطني أنا العراقي بفلسطين؟ وما يحدث في فلسطين؟
الأحواز عزيزة على قلوب أهلها. ويسوؤهم أن تضعوا أيديكم بيد إيران. والبحرين كذلك، والجزر العربية والعراق وغيرها من الأماكن والبلدان. ويسوؤنا - ولا نرضى أبداً - أن تضعوا أيديكم بيد إيران. وأنا كعراقي يعرف العراق ومنزلته وثقله وعظمته، أقول: لولا بيت المقدس ومنزلته الدينية في قلبي لقلت: وما فلسطين إزاء العراق؟!  
نصيحتي لكم: لا تشطبوا على الآخرين فيشطبوا عليكم.
هل يعلم الفلسطيني - حين يقول ما يقول مما ذكرناه في بداية المقال – أن الآخرين يشعرون بأنه يتجاهلهم، ويهمش قضاياهم؟ وأن ذلك يصدر عن أنانية شخصية وقطرية ضيقة؟!
يا قادة فلسطين! ويا أيها الناطقون باسمها! اسمعوا جيداً: كما أن (إسرائيل) تحتل فلسطين، فكذلك إيران تحتل العراق، وتستحل حرمات أرضه وشعبه. وكما أنكم – ونحن معكم – تعادون (إسرائيل) لاحتلالها فلسطين، فنحن نعادي إيران، ومن حقنا عليكم أن تعادوها معنا؛ لأنها تحتل، وتعين على احتلال العراق. وكما أنكم لا ترضون – ولا نحن نرضى- أن يزور أحد منا (إسرائيل) ، ليصرح منها أن من اعتدى عليها فنحن له بالمرصاد، كذلك لا نرضى أن يزور فلسطيني إيران عدونا الأول – نحن العراقيين - ليصرح منها بذلك التصريح الذي أزعجنا وأحبطنا، وصرنا بسببه نحس كأن قضيتنا ليست واحدة، وآلامنا ليست مشتركة، ولسنا كالجسد الواحد الذي إن اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
نعم ! قضايانا جميعاً في الأصل واحدة. ولكن على قاعدة: (وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً) (الأحزاب:6). نحن لم نفرق بين قضايانا، بل قدمنا قضايا الأمة فكانت أولاً. فلا تبدأوا  بالتفريق يرحمكم الله! اعرفوا قضيتنا، واحترموا مشاعرنا، لتكون الحقوق متبادلة بين الطرفين، وليست من طرف واحد، يجعل المعادلة مختلة، ويعجل في زوالها.
 
كلمة عتاب وتحذير مفتوحة إلى الأخوة في فلسطين
 يعيش العراق اليوم أحلك لياليه، ويمر بأصعب الظروف. والسبب الرئيس وجود الاحتلال. وهو احتلالان: إيراني وأمريكي. والأول هو الأخطر والأشد والأنكى. وعلى هذا إجماع المقاومة, وجمهور العقلاء. لكنكم بعلاقتكم بإيران توجهون إلينا خنجراً ليس من السهل أن نتحمله، أو ننسى آثاره. وتسيئون إلى قضيتنا من ناحيتين:
 الناحية الأولى: أنكم بهذا تلمعون وجه إيران أمام العالم العربي والإسلامي، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى فضح دورها، وبيان خطرها. وإيران تظلمنا وتعتدي علينا؛ فكيف تسكتون عن هذه الحقيقة؟ والنطق بها أقل ما يجب في حقكم، ونستحقه من قبلكم. (وإذا رأيت الأمة تهاب أن تقول للظالم: "يا ظالم" فقد تودع منها).
 والناحية الثانية: أنكم تغطون على قضيتنا، بحيث لا ينتبه إليها من الثغرة الأخطر فيها، وهي إيران وكلابها. هذه الشام: ما كلمت أحداً فيها عن أمريكا إلا وتعاطف معي، وأيدني فيما أقول. وما كلمته عن إيران وعدوانها إلا وعارضني، أو استغرب محتجاً بموقفها من فلسطين، والمساعدات التي تدفع لـ(حماس) وغيرها. إلا أقل القليل منهم!
 وأنتم أيها الإخوة ! أرفع قدراً من أن تمارسوا دور ملمع الوجوه والأقفية، وماسح الأكتاف والأردية.
خطر التشيع يزحف إلى فلسطين وما بعده إلا التناحر الطائفي والخراب
ثم إن خطر التشيع صار يزحف إليكم. وما بعده إلا الفتن والخراب. واعتبروا بالأحواز من قبل، والعراق واليمن والبحرين اليوم. والدور – لا سمح الله – على سوريا، والكويت والسعودية وغيرهما من دول الخليج. ولا يشترط للفتنة كثرة العدد، فبضعة أطفال يشوشون على مجلس بالمئات، وذبابات معدودات تنغص على الجالسين جلستهم. ولنا في عدد المنافقين القليل في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم شاهد.
  وأنتم بموقفكم من إيران، وبوقفتكم مع "حزب الله" تساهمون – شئتم أم أبيتم – في تشييع ما يكفي لإحداث الفتنة في ربوع أخت بغداد فلسطين الحبيبة.
 قال لي أحد الفلسطينيين: لم يتشيع منا إلا أفراد. قلت: أنا لا يخيفني هذا. إنما يخيفني أن يأتي يوم تستيقظون فيه على كتل من المتحولين، حين يكون التشيع بالجملة. وعندئذ تكتشفون أن هؤلاء الأفراد لم يكونوا إلا رأس جبل الجليد الغاطس في المحيط.
 وأنتم تعرفون حركة الجهاد وعلاقتها بإيران، وتسلل التشيع حتى إلى قادة الجماعة! فما بالكم بالأتباع؟! وراجعوا – إن شئتم – موقع الحقيقة على شبكة المعلومات لتعرفوا الحقيقة. وما هي بخافية عليكم.
 فتداركوا الأمر قبل أن يفلت الزمام من أيديكم. وعندها ستندمون. ولات ساعة مندم! هذا بالإضافة إلى ما ستحملونه من أوزار تقفون بها أمام الله. أمن أجل دراهم معدودة تبيعون شعبكم؟ ومتى كانت الشعوب تباع وتشترى بالدراهم. ولكنكم ربما لا تشعرون، ومن المؤكد لا تقصدون. فانتبهوا. إن الرجل إذا تشيع انسلخ من جذوره، وتنصل من هويته، وتنازل عن قضيته، وصار مسخاً أُتبع إيران يلهث وراءها. هذا ما أقصده بالبيع والشراء. ثم أين العقيدة ؟ وأين استمداد النصر من الله ؟ وأنا أخشى ما أخشاه أن يخذلكم الله جل وعلا، أو تزداد مآسيكم – وهي مآسينا – أو يتأخر النصر بسبب هذه العلاقة. انزعوا عنها، واخلعوا؛ فلا أراكم وهي عليكم تفلحون أبداً. والأيام بيننا. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
 
 
إيران .. العداوة الابدية
قراءة جديدة في أوراق قديمة
(1)
 
نظرة عامة
8/8/2007
 
إن معرفة التأريخ جانب مهم من جوانب المعرفة الإسلامية. أرشد إليه ديننا، وتحدث عنه كثيراً قرآننا. وأنا - كتلميذ من تلاميذ القرآن الكريم تعلمت منه أن تكون معرفتنا واقعية عملية - لا أريد أن أتحدث عن التاريخ للمعرفة المجردة، أو التسلية العابرة. وإنما أتحدث عن التاريخ من الجانب الذي يمس حياتنا، والذي له انعكاس على واقعنا. فأتكلم لكم عن تاريخ إيران وعلاقة إيران بنا نحن العراقيين على الخصوص. وعند ذاك نعلم أن عداوة إيران لنا عداوة أبدية.
 
تاريخ صراع وعلاقة دم
إن تاريخ العلاقات العراقية الفارسية هو تاريخ  صراع، وعلاقة دم. لم تهدأ النار المتأججة على الحدود بين الطرفين وعلى مدى خمسين قرناً من الزمان أو التاريخ المكتوب. والتاريخ يسجل لنا أنه لم تخل فترة خمسة عشر عاماً (15) عاما متواصلة من اعتداء إيراني تجاه العراق. ما بين تعرضات حدودية، واحتلالات محدودة، وأخرى كارثية مدمرة.
أول اعتداء كارثي سجله التاريخ كان عام (2322) ق.م. أي قبل (4330) سنة. حين دخل العيلاميون عاصمة الأكديين في اليوسفية الحالية (20 كم إلى الجنوب الغربي من بغداد)، فدمروها، واستولوا عليها وخربوها وأحرقوها.
ثم عادوا بعد (316) سنة - أي سنة (2006) ق.م - ليدخلوا مدينة (أور) ، عاصمة السومريين في جنوبي العراق ، ويخربوها ويحرقوها، لتزول – كما زالت أكد - من الوجود، وإلى الأبد.
 
إيران دمرت كل المراكز الحضارية التي قامت في العراق
وهكذا، وبالطريقة نفسها دمر الإيرانيون جميع المراكز الحضارية التي قامت في العراق على مدى التاريخ. لم يوجد مركز حضاري في العراق إلا وكانت نهايته على أيدي الإيرانيين. فدمرت آشور سنة 612 ق.م ، ثم الحضر سنة 240 ب.م ، كلتاهما في الشمال. وقبل الحضر دمرت بابل في وسط العراق سنة (539) ق.م على يد كورش الإخميني ابن اليهودية. فقد كانت أمه يهودية من يهود السبي البابلي. فدخل بابل وخربها ولم تقم لها من بعدها قائمة. وثأر لأخواله اليهود، وأرجعهم إلى فلسطين. ووقع العراق من يومها تحت الاستعمار الفارسي ولمدة (1180) سنة! تخيلوا هذه المدة....! تخللتها فترة (180) سنة سيطر فيها السلوقيون اليونانيون على المنطقة.
 
احتلال فارسي للعراق دام أكثر من ألف عام
استعمر الإيرانيون العراق مدة ألف عام بالتمام والكمال....! حتى جاء الإسلام فتحرر العراق عام (636) ب.م. على يد صاحب رسول الله e سعد بن أبي وقاص في عهد الفاروق عمر رضى الله عنهما. وقبل مجيء الإسلام بفترة قصيرة التفوا على الحيرة، فأخرسوا الصوت العربي فيها، حين قتلوا النعمان بن المنذر، ووضعوا مكانه عميلاً لهم في هذا المركز الحضاري المهم.
لقد أثرت تلك المدد المتطاولة التي استغرقها الاحتلال الإيراني في العقلية الإيرانية، فداخلها اعتقاد لا ينمحي بأن العراق جزء من إيران. وصار هذا الاعتقاد جزءاً لا يتجزأ من العقلية الجمعية للنخبة الإيرانية. ولا عجب؛ فإننا حين نقارن تلك الفترة بالفترة التي بقي فيها العرب أو المسلمون في الأندلس، والتي استغرقت ثمانية (8) قرون، ونستحضر كيف أنه لا زالت العقلية الجمعية للمسلمين تفكر في الأندلس، وتحن إليها، وتسميها "الفردوس المفقود"، وتتمنى الرجوع إليها من جديد! لا نستغرب من الإيرانيين – على اختلاف العصور، وكر الدهور - عندما يعتبرون العراق جزءاً من إيران. فما إن جاء خميني، حتى صرح وزير خارجيته صادق قطب زادة بأن العراق أحد الأقاليم التابعة لإيران، وطالب بضمه إليها! والدولة الوحيدة التي لم تعترف بالعراق عند تأسيس دولته الحديثة عام (1921)، هي دولة إيران.
بهذه العقلية استقبلت الهضبة الإيرانية الإسلام، واعتبروا العرب محتلين معتدين. فقاوموا الدولة الجديدة، وتآمروا عليها بكل وسيلة. فلما فشلوا عسكرياً، استمروا في التآمر عليها فكرياً وسياسياً. وكانت البداية عام (21) هـ بعد معركة نهاوند، حين عقد الإمبراطور المهزوم يزدجرد مؤتمره الشهير بـ(مؤتمر نهاوند)، وقرروا فيه دخول بعضهم في الإسلام ظاهراً، توصلاً إلى تخريبه ونخره من الداخل. وبعد سنتين فقط أثمر هذا المؤتمر، وحقق أول أهدافه الكبرى، وهو قتل رأس الدولة الفتية الفاروق عمر على يد فيروز أبي لؤلؤة النهاوندي!
 
الخطوط الكبرى للمؤامرة
ودخلت الأمة في مسلسل جديد من العداوة والتآمر، عمل فيه الفرس على عدة خطوط. منها:
·      الخط الفكري أو العلمي
وهذا يفسر لنا كثرة طلبة العلم من العجم في عهد التابعين. أنا لا أستطيع أن أنظر إلى هذا الأمر على أنه ظاهرة تلقائية، حدثت نتيجة التفاعل الطبيعي للعناصر الحياتية المؤدية إليها. مشكلة العرب أنهم ينظرون إلى الأشياء والأشخاص من خلال نفوسهم الطيبة غير المعقدة. قتل عملاق العالم في زمانه عمر بن الخطاب. هل يمكن القول: إن هذا العمل الخطير حصل من دون سابق مؤامرة؟! لكن انظر كيف تعامل ذلك الجيل مع الموضوع؟! لم يشغلهم إلا الجانب الديني الفقهي منه، حين قتل عبيد الله بن عمر جفينة النصراني والهرمزان المجوسي، اللذين دلت الدلائل كلها على أنهما المخططان الرئيسان للمؤامرة!!! لقد انتهى كل شيء عند هذا الحد! فلا تحقيق، ولا استفادة من الحدث في أخذ حذر وتحوط من تكرر الفعل – وقد تكرر بصورة أشد في قتل عثمان وعلي – في المستقبل القريب! العجيب أن التاريخ يروي لنا أن علياً حين آلت إليه الخلافة عاد لينظر إلى الأمر من جانبه الديني الفقهي فقط، ويصدر أمراً بملاحقة عبيد الله ليقتص منه! حتى قتل في صفين. مع أنه غير مكلف شرعاً بنقض حكم صدر من مجتهد معتبر هو عثمان بن عفان. ولديه من المشاكل العالقة الكثير، أولها مقتل أمير المؤمنين عثمان نفسه!
وظل العرب يطاردهم الهاجس الديني الفقهي، يستغرقهم النظر إلى الأمور من هذه الزاوية أكثر من غيرها من زوايا الحياة كالسياسة والأحقاد والثارات. وقد جرت عليهم هذه النظرة الكثير من الويلات والكوارث والخراب.
ظاهرة كثرة الموالي الذين يطلبون العلم في زمن التابعين، واستبدادهم بمجالس علماء الصحابة، لا يمكن أن تخلو من قصد مسبق، وإرادة من عدو حاقد ماكر، يخطط لأخذ زمام الأمور والسيطرة والقيادة من العرب. وقد وجدوهم أناساً منفتحين سهلي الطباع، جاء الإسلام ليزيد صفاتهم وطباعهم هذه رسوخاً: (لا إكراه في الدين)، (ولا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى)... إلخ. فاستغلوا هذه الثغرة أسوأ استغلال.
 
·      خط الاغتيالات
الخط الآخر خط الاغتيالات. وقد أفلحوا فيه أيما فلاح. وكانت فاتحته – كما قلت – رأس الأمة عمر بن الخطاب.
 
·      خط إثارة الفتن بين الغوغاء والدهماء
الخط الثالث خط إثارة الفتن بين الغوغاء والدهماء، ومحاولة استثارتهم ضد الدولة، بما يمكن تسميته بالانقلاب العسكري. وهو خطوة متقدمة على الاغتيال.
أسفر هذا المخطط عن قتل عثمان بن عفان يوم (18) ذي الحجة عام (35) هـ. ولم يكن قتل عثمان كاغتيال عمر، بل كان عملاً كبيراً مثَّل انتهاء حقبة كانت السيطرة فيها للنخبة التي أسست الدولة، وبداية حقبة ضعفت فيها هذه السيطرة، التي انتقلت إلى أيدي المتآمرين، وإن كانت الواجهة السياسية لا زالت كما هي. واستلم الحكم علي فكان الأمر والنهي في حقيقته بيد القتلة والمتآمرين، الذين سيطروا على مقاليد الأمور حتى قال قولته المشهورة: (يقولون ابن أبي طالب رجل شجاع، ولكن لا رأي له. ألا لا رأي لمن لا يطاع). وكرر الجملة الأخيرة ثلاثاً. وكان قبلها قد قال عن قتلة عثمان: (كيف أقتص من قوم يملكوننا ولا نملكهم)؟ ولم يزل هؤلاء القوم على ما هم عليه من التحكم والتمرد حتى تمكنوا من قتل علي رضي الله عنه. في مؤامرة فارسية كبيرة شملت بخنجرها قادة الأمة الثلاثة الكبار: (علي ومعاوية وعمرو) وفي يوم واحد هو السابع عشر من رمضان سنة (40) للهجرة. وانطلقت من الكوفة على يد الفارسي شيرويه.
إن يوم مقتل عثمان له منزلة عظيمة في قلوب الفرس ومن تشيع بفكرهم ودينهم! حتى إنهم ليحتفلون به في كل عام، ويسمونه بـ(يوم العيد الأكبر)، وإن برقعوه بما يسمونه (يوم الغدير). وهو في الحقيقة يوم الغدر بعثمان والأمة التي كان يقودها. هذا.. وقد ثارت فارس على علي ثلاث مرات خلال سنتين أو أقل حتى ضبطها له زياد بن أبي سفيان.
ثم حاولوا اغتيال الحسن لما رأوه راغباً في الصلح مع معاوية. ثم خدعوا الحسين، وما زالوا به يستدرجونه حتى انخدع بهم فأقبل عليهم، ليقتلوه، ويتخذوا من قتله قميصاً يرفعونه على رماح الانتقام من أمة الإسلام. وظلت دسائسهم تكبر وتكبر، والقميص نفسه يرفرف على رماحهم حتى تمكنوا من تدمير الدولة الأُموية، بحجة الانتصار لأهل البيت، وإعادة (الحق المغتصب) لأهله بني هاشم. وكان رأس الحربة أبو مسلم الخراساني في بداية الأمر يدعو للعلويين، لكنه لما رأى الريح إلى جانب العباسيين انقلب داعية لهم؛ لأنه لا يهمه لون الراية التي يرفعها، إنما يهمه الغاية التي يرمي إليها من ورائها. إنهم يريدون الانتقام والثأر من الأمة التي أنهت دولتهم، وأزالت ملكهم. ولذلك حينما جاء المغول كانوا أول الداعين لهم، والمقاتلين تحت رايتهم. وظلوا يتآمرون، وإلى اليوم.
 
ولا زالت إيران تتآمر على العرب والمسلمين
ما هو عمل إيران اليوم؟ هل بقي أحد لا يدرك أن إيران تمارس دور المنسق للمؤامرة اليهودية الأمريكية، وتستغل ذلك لصالح مشروعها الإمبراطوري، وإن تظاهرت بغيره من الشعارات. عملت إيران مع الروس ضد الشعب الأفغاني، ومعها شيعة أفغانستان. وبدلاً من أن يقاتل خميني (نصير المستضعفين في العالم) الكفرة الروس المحتلين، الذين غزوا بلداً مسلماً مجاوراً لإيران، توجه ليغزو العراق البلد المسلم المجاور من الطرف الآخر. وظلت الحرب مستعرة ثماني سنين! وفي سنة (1991)، وبدلاً من أن يقاتل ورثته (الشيطان الأكبر) الذي يحتل مياههم، ويغزو بلاد المسلمين، كانوا بالمرصاد لنا. حتى إذا سنحت الفرصة أدخلوا أفاعيهم إلى العراق ليعيثوا به فساداً.
من أشعل نار الحرب ثماني سنين؟
ومع كل هذا يدّعي الفرس كعادتهم دوماً أنهم معتدى عليهم، وأن الحرب أثارها العراق. أما هم فلم يكونوا سوى مدافعين شرفاء عن أرضهم وبلادهم. وكأن خميني لم يرفع من أول يوم وطئت قدمه أرض إيران شعار (تصدير الثورة)! وكان تآمره على العراق، ودعوة الشيعة إلى الخروج على الدولة أمراً علنياً تصدح به إذاعاتهم على رؤوس الأشهاد. وكانوا يعلنون أن طريق تحرير القدس يمر من بغداد. وأوعزوا إلى المقبور باقر الصدر بقيادة المؤامرة عن طريق حزب الدعوة، وبقية " الشلة ". وأعلن وزير الخارجية الإيراني أن العراق جزء من إيران، مثلما يعلنون اليوم أن البحرين محافظة إيرانية. وشهد على مثله أبو الحسن بني صدر أول رئيس إيراني في عهد خميني، وذلك في لقاء لقناة الجزيرة، مجيباً على سؤال: " هل الإمام الخميني كان يحدثك عن العلاقة مع الجوار العربي، مع دول الخليج، هل كانت لديه أطماع في التقدم عسكريا باتجاه الدول من أجل تصدير الثورة مثلاً " ؟ فكان جوابه: (لم يحدثني بهذا الموضوع ولكن كان هناك مشروع آخر، كان يريد إقامة حزام شيعي للسيطرة على ضفتي العالم الإسلامي. كان هذا الحزام يتألف من إيران والعراق وسوريا ولبنان. وعندما يصبح سيداً لهذا الحزام يستخدم النفط وموقع الخليج الفارسي للسيطرة على بقية العالم الإسلامي، كان الخميني مقتنعا بأن الأمريكيين سيسمحون له بتنفيذ ذلك. قلت له بأن الأمريكيين يخدعونك، ورغم نصائحي ونصائح ياسر عرفات الذي جاء ليحذره من نوايا الأمريكيين فإنه لم يكن يريد الاقتناع)([55]). ثم كانت الاعتداءات على المخافر الحدودية. وكلها موثقة لدى هيئة الأمم المتحدة. ثم بدأوا بشن الحرب يوم (4/9/1980). وبقي العراق يحاول دفعها إلى أن اضطر إلى الرد الشامل يوم (22/9/1980). وهو اليوم الذي تصر إيران على أنه يمثل انطلاقة شرارة المعركة. وذلك لأكثر من غاية، أحداها أن هذا اليوم هو اليوم الذي هزمت فيه إمبراطورية فارس بقيادة رستم أمام جيوش الفتح العربي الإسلامي بقيادة سعد، كما جاء في كتاب (القادسية) لأحمد عادل كمال.
وعلى افتراض أن العراق هو الذي ابتدأ الحرب، فإن الحكومة العراقية طالبت بإيقافها من الأسبوع الأول لانطلاقها. وظلت تحاول ذلك طيلة سنوات الحرب الثمانية! وبذلت في سبيل ذلك من الجهود والوساطات ما بذلت، وما تركت جهة مؤثرة إلا وتوسلت بها، ولكن دون جدوى. حتى أيس الملعون بعد هذه السنين الثقيلة الطويلة، واضطر إلى (تجرع كأس السم) كما عبّر هو بلسانه يعني به موافقته على إيقافها! الحرب إذن كانت كأس شهد بالنسبة لخميني، كان يتلذذ بلعقه كل يوم، والسلم كأس سم يتجرعه ولا يكاد يسيغه.
والحقيقة أن تلك الحرب ما هي إلا حلقة اعتداء في سلسلة طولها خمسون قرناً متغلغلة
في أعماق أعماق التاريخ. إيران وعداوتها ليست وليدة اليوم حتى ننظر إلى ما تفعله منقطعاً عن جذوره. عداوة إيران لنا أبدية، وحقدها دائمي. ولهم معنا ثأر لا تنطفي ناره، ولا يخمد أواره. وملخص دينهم بيتان من الشعر قالهما نصر بن سيار والي الأمويين على خراسان قبيل نهاية الدولة الأموية بقليل. قالهما من قصيدة كتبها وهو يستغيث ويحذر من مؤامرات، كان يراها بعينيه ويلمسها بيديه:                                 
 

قومٌ يدينونَ ديناً ما سمعتُ بهِ

عنِ الرسولِ ولا جاءتْ بهِ الكتبُ

فإنْ تكنْ سائلي عن أصل ِدينهمو

فإنّ دينَهمو أن تُقتلَ العربُ

الطابع الحزين للنفسية العراقية
نعم..! هذا هو دين إيران، وهذا هو تاريخها معنا! تاريخ مكتوب بالدم، ومعبأ بالحقد، وعقدة الثأر، وشهوة الانتقام. لقد غزتنا شعوب الهضبة الإيرانية مئات المرات، وخلفت وراءها مئات مئات الألوف من الضحايا، وألواناً لا تحصى من الدمار والتخريب. حتى اصطبغت نفوس العراقيين بالحزن، وحناجرهم بالشجن. وأصبح العراقي حزيناً بالطبع. هذا الحزن الموجود في أعماق العراقيين ليس وليد اليوم. لا..! إنه تراكمات الماضي على امتداد القرون والعصور. لذا تجد الإنسان العراقي ميالاً بطبعه إلى دواعي الحزن. يتأثر بالنغمة الحزينة، ويتفاعل مع الكلام الحزين. حتى عرف منه ذلك الطبع أساطين التآمر والسياسة الفارسية، فصاروا يقتلونه من جهة، وينوحون له - وليس عليه - ويبكون له، ويعزفون على وتر الحزن من جهة أخرى. حتى يقودوه بسلاسة إلى ما يريدون. وما القراءات الفلكلورية المسماة بـ(الحسينية)، ومظاهر الحزن والعزاء إلا وسيلة ماكرة لإدامة مشاعر جماهير هذا الشعب المنكوب الحزين، من أجل توجيهها إلى الهدف المقصود.
 
 
إيران العداوة الأبدية
 (2)
 
موجز تاريخ الصراع القديم
 
هذه جولة قصيرة سريعة أحاول أن ألخص فيها أبعاد هذا التاريخ الدامي؛ لنعرف أن إيران لم يتغير منها بعد الإسلام إلا القشور والشكليات. ولنمسك بالخيط - كما يقال – من أوله. لكن هذا التاريخ طويل، فليس من اليسير أن نلخصه في ساعة من الزمن أو ساعتين. غير أني أحاول ذلك قدر الإمكان.
يمكن أن نقسم هذا التاريخ إلى ثلاث مراحل:
 
1.     مرحلة التاريخ القديم. وهي المرحلة التي سبقت احتلال بابل سنة (539) ق.م. وكانت تحكم العراق فيها حكومات وطنية. يتخللها غزو إيراني، لا يطول كما طال في المرحلة الثانية. يهجمون فيه على العراق، يخربون ما يخربون، ويبقون مدة ربما امتدت إلى عشرات السنين، حتى يأتي ملك قوي فيطردهم. وهكذا في حركة مد وجزر. على معادلة: حاكم ضعيف، فتفرق وانقسام؛ يدخل الإيرانيون مخربين. حاكم قوي يوحد العراقيين؛ يخرج الإيرانيون مطرودين. هذه قاعدة مطردة لا تقبل الاستثناء على مدى التاريخ.
2.     مرحلة الاحتلال الطويل من سنة (539) ق.م. إلى سنة (636) ب.م. عند هزيمة الفرس على يد العرب المسلمين.
3.   مرحلة ما بعد الإسلام
 
1. مرحلة التاريخ القديم حتى سنة (539) ق.م
 
·        سرجون الأكدي وأول دولة عراقية موحدة عام (2370) ق.م
في الماضي القديم كان العراق تحكمه ما يسمى بـ"دويلات المدن". دويلات كثيرة عبارة عن مدن صغيرة. كل مدينة لها سور ونظام وتقويم وجيش. حتى جاء من وسط العراق من المحمودية - وتحديداً من منطقة (سبار) في اليوسفية - قائد كبير يدعى (سرجون الأكدي). هدم الأسوار، ودمج المدن، ووحد التقاويم. وأنشأ جيشاً قوياً موحداً على أساس الخدمة العسكرية الإلزامية، وأسس أول دولة وطنية موحدة في تاريخ العراق، سماها دولة (أكد وسومر). فتوحد العراق شمالاً وجنوباً. وسمى سرجون نفسه باسم، له معنى عميق، هو (ملك كيش وقاهر عيلام). كان هذا عام 2370 ق.م . أي إن عيلام كانت تعتدي على العراق قبل ذلك التاريخ! وإلا لما سمى نفسه (قاهر عيلام). وتأملوا العنجهية في هذا الاسم (عيلام)، ولفظه باللغة الإيرانية القديمة (هال تام تي) ومعناها بلغتهم (بلد السيد). فهم وحدهم السادة. أما البقية فكلهم عبيد! هذا جذر كلمة (السيد) في التراث الشيعي. وهي تختلف في مدلولها عن كلمة (السيد) في اللغة والموروث العربي.
بعد سرجون الأكدي عاود العيلاميون الاعتداء على العراق. حتى جاء حفيده (نرام سين)، الذي سمى نفسه (ملك العالم) أو (ملك الجهات الأربع)، في دولة كبيرة موحدة امتدت حتى بلغت البحر الأبيض المتوسط. فقاتل العيلاميين وانتصر عليهم. ليكتب مع ملوك عيلام معاهدة صلح وسلام.
 
·        الكوتيون وأول فترة مظلمة في تاريخ العراق
جاء بعد نرام سين ملوك ضعفاء، فاستغل الإيرانيون ضعفهم، ليدخلوا العراق من الشمال. دخلته قبائل هوجاء تدعى بـ(الكوتيين). واستمروا في احتلاله (125) سنة. ومر العراق في أول فترة مظلمة مسجلة في تأريخه.
 
·        أوتوحيكال يقود أول حرب تحرير وطنية في التاريخ
حتى جاء زعيم سومري كبير، هو (أوتوحيكال)، ليقود أول حرب تحرير شاملة في تاريخ العراق. فكان سرجون الأكدي مؤسس أول وحدة وطنية في تاريخ العراق. وأوتوحيكال السومري أول محرر، يقود حرب تحرير وطنية في تاريخه. بينما كانت أول فترة مظلمة مرت في تاريخ العراق من صنع إيران.
أقبل هذا القائد السومري من الوركاء في الناصرية، وحرر العراق من أولئك الغزاة المتخلفين. كان ذلك عام (2100) ق.م . وكتب في مسلته يصف الإنسان الكوتي يقول: (ملأ بلاد سومر بالعداوة، وأبعد الزوج عن زوجته، وأبعد الطفل عن أبيه. وأقام في البلاد العداوة والعصيان). أليست هذه هي الصفات نفسها التي يتمتع بها الإيراني اليوم، وسليله المتشيع بدينه؟ والأفعال المجرمة نفسها التي تمارسها الأحزاب والمليشيات والمعممون والجمهور المغفل التابع لعملاء إيران؟!
أجل..! التاريخ يعيد نفسه؛ لأننا لا نقرأه، ولا نعتبر بما نقرأ، إن قرأنا. لو قرأنا التاريخ جيداً مرة، لما أحوجناه إلى أن يقرأنا في كل مرة.
 
·        أورنمو وتجارب الإحسان الفاشلة
بعد ذلك جاءت سلالة سومرية بدأها ملك معروف اسمه (أورنمو). حاولت هذه السلالة أن تبدأ مع العيلاميين صفحة جديدة. جربوا معهم لغة الود والإحسان أملاً بأن تنطفىء في نفوسهم جذوة الحقد والعداوة. رغم أنهم هزموا عيلام، ودخلوا عاصمتها سوسة. فماذا فعلوا؟ فعلوا كل ما بوسعهم أن يفعلوه من بوادر التقرب، والتودد، حتى إنهم زوجوا الأميرات السومريات لملوك عيلام!!!
 فماذا كان الرد جزاء هذا الإحسان ؟ بعد أقل من قرن دخل العيلاميون أور عاصمة سومر! وذلك سنة (2006) ق.م. ودمروها وأحرقوها وأسكتوها، وإلى الأبد. لم يكتفوا بهذا بل أخذوا الملك السومري (آبي سين) - وهو صهرهم - أسيراً إلى إيران، وبقي في زنازين القهر هناك حتى مات. أما سكان أور فقد عاثوا فيهم تقتيلاً وتمثيلاً، رجالاً ونساء وأطفالاً. كانوا يقتلونهم ويلقون بجثثهم في النهر. حتى صارت جثثهم تطفو على سطح النهر كما تطفو الأسماك وتغطي سطح الماء من كثرتها! ولم تسلم حتى المعابد من التخريب والحرق والتهديم!
وهكذا يعيد التاريخ نفسه! السومريون كانوا إذا دخلوا عيلام بنوا معابدها، وأقاموا علاقات طيبة مع كهنتها وسدنتها. فقبل (70) سنة من تدمير أور، دخل الملك السومري شولكي (ابن أورمنو) بلاد عيلام فاتحاً، فماذا فعل؟ بنى لهم المعابد، وكرم الكهنة، وأقام معهم علاقات طيبة. لكنهم حينما يدخلون بابل أو أور يهدمون المعابد، ويحرقونها. وهكذا فعل الصفويون في المرتين اللتين احتلوا فيهما بغداد. وهكذا هم يفعلون اليوم بمساجدنا.
وكانت الكارثة التي تعرضت لها أور مروعة بحيث كان العراقيون لهولها وشدتها وكارثيتها يقيمون لها مناحات كل عام، استمرت مئات السنين. يذكرون بها قتلاهم، ويبكون على الملك السومري (آبي سين). الذي يصفونه في إحدى المناحات المسجلة على الرقوم الأثرية بـ(أنه كالطير الذي هجر عشه، وكالغريب الذي لا عودة له إلى أهله).
بعد (13) سنة بدأت حرب تحرير استمرت (8) سنوات تمكن العراقيون خلالها من دحر العيلاميين، ودخلوا عاصمتهم (سوسة)، أي بعد (21) سنةمن الاحتلال. فماذا فعل القائد العراقي المنتصر؟ زوج ابنته من أحد ملوكها!! (ترضوي للعظم!!!).
فهل أجدت هذه الأفعال شيئاً؟
أبداً ! لقد استمر الإيرانيون بالتنكر لها، ولم يتركوا فرصة لغزو العراق إلا واغتنموها. وعملوا على تجزئته وإثارة الحرب الطائفية بين أبناء البلد الواحد.
 
·        حمورابي يوحد العراق ويحرره من الاحتلال
حتى جاء الملك حمورابي، فوجد العراق على هذه الحال. فلم يكن أمامه إلا أن يعقد العزم على العمل في سبيل توحيده. في الوقت الذي عقد الإيرانيون حلفاً مع ملكة كردستان ومع الملك آشور وشمال سوريا، ومع ملك ديالى، ودفعوهم لقتال حمورابي في بابل. لكن حمورابي تمكن من دحرهم جميعا وانتصر عليهم. وألجأ العيلاميين إلى هضبة بلادهم. كان هذا عام (1774) ق.م.
·        ويضعف الحاكم في العراق فتعود إيران من جديد
ولكن - وكالعادة - يرجع العيلاميون في اللحظة السانحة – أي عندما يضعف العراق - ليحتلوه، ويعيثوا في ربوعه خراباً وتتدميراً. كما حصل في عهد حفيد حمورابي. حين احتلوا العراق وضربوا مدنه، ونهبوا كنوزه ومسلاته وآثاره. وهتكوا أعراض النساء في جميع المدن التي احتلوها. وكان الخراب مروعا.ً كان ذلك بعد (250) سنة من تخريب أور. كان خراباً يشابه ذلك الخراب! بحيث ظلت ذكراه عالقة في أذهان العراقيين أكثر من (1000) سنة! تصوروا كيف أن ملك آشور (آشور بانيبال) الذي جاء بعد (1000) عام قاتل الإيرانيين وانتصر عليهم ليكتب في مسلةالنصر أنه ثأر وانتقم للعراقيين الذين قتلوا وانتهكت أعراضهم في عهد حفيد حمورابي.
حوادث كثيرة مثل هذه، وكوارث مروعة أصابت العراق على يد إيران!
يذكر التاريخ أنه سنة (1230) ق.م – وهذه أختزل بها تاريخ 500 سنة من علاقات الصراع - هجم العيلاميون على مدينة (نُفَّر) في الجنوب وقتلوا جميع رجالها! ثم توجهوا إلى مدينة (الدير) في البصرة ليقتلوا الشيوخ وينتهكوا الأعراض ويأسروا النساء ويهدموا الدور ويخربوا المعابد.
ويلملم العراقيون جراحهم – كالعادة – فبعد أربع سنوات استطاع ملك عراقي كبير هو (توكالتي) الأول أن يطرد العيلاميين ويدخل عاصمتهم سوسة. واستطاع أن يسكتها مدة (60) سنة. لكنها بعد هذه المدة عادت لتغزو العراق بقيادة ملكها (شوترك نوخانتي)، الذي دخل بابل فدمرها تدميراً بحيث ساوى بناياتها ودورها ومعابدها جميعا بالأرض! هكذا..! خراب شامل كامل! ما هذا الحقد؟! وسرق مسلة حمورابي، ونهب كنوز العراق. كما سرق مسلة الملك (نرام سين) في منطقة سبار أبو حبة في اليوسفية ومعها (3,5) طن من الذهب. ثم صعد شمالاً إلى عكركوف ونهب منها (14,5) طن من الفضة. ثم جاء من بعده ابنه (كوتر نوخانتي). وهذا ارتكب من الجرائم ما فاقت جرائم أبيه، كما ورد في كتابات (نبو خذ نصر الأول).
 
·        نبو خذ نصّر الأول (1150) ق.م
جاء الملك نبو خذ نصر الأول سنة (1115) ق.م – أي بعد حمورابي بـ650 سنة - ليجد الإيرانيين يسرحون ويمرحون يعيثون فساداً في العراق. فقاد حرب تحرير ضدهم في حملتين عسكريتين. الحملة الأولى سنة (1115) فشلت رغم أنه قادها بنفسه. لكنه أعاد الكرة بعد (5) سنوات في حملة مباغتة فاجأهم بها في شهر الحر تموز، واستطاع أن يهزمهم ويلاحقهم إلى عاصمتهم فيدخلها، ويعيد ما سلبوه ونهبوه من كنوز العراق. وكان هذا النصر حاسما كما يذكر في التاريخ حتى إن عيلام قد سكتت من بعدها زمناً طويلاً. ولكن ريثما تحين الفرصة! فإن أنظارهم دائماً مشدودة إلى الغرب، إلى العراق. وهكذا تكرر الغزو، وتكرر الدمار، طبقاً للمعادلة التي ذكرتها في بداية المقالة، والتي لم تقبل الاستثناء يوماً قط .
·        الملكة سميراميس على خطى نبوخذنصر وحمورابي
ففي زمن الآشوريين اغتنموا فرصة وفاة أحد ملوكهم الذي ترك على العرش ولده الصغير (أدد نراري) وعمره (10) سنوات فكانت أمه هي الوصية على العرش. كانت فرصة ذهبية لا تعوض بالنسبة للإيرانييين: ملك صغير، وامرأة حسبوها ضعيفة! فدخلوا العراق من طرفه الشمالي. لكن تلك المرأة العراقية أثبتت أنها عراقية، وأنها قوية. فأعلنت نفسها ملكة، وجردت حملة عسكرية قادتها بنفسها، وقاتلت الإيرانيين وانتصرت عليهم، وطاردتهم إلى تخوم بلادهم.
إنها الملكة الآشورية.... (سميراميس)!!!
 
·         القتال بالنيابة
ويتكرر المسلسل بعد حين! وتتكرر الأحداث، ويمسي الحديث عنها مليلاً. لا يعني إلا المتخصصين. لكن لا بأس أن نحاول الحديث من زاوية أخرى. زاوية القتال بالنيابة حين يعجز الإيراني عن القتال بنفسه! فمثلاً حينما غزا الإرمينيون العراق وقفوا معهم. كذلك شجعوا الحركات الانفصالية كما في عهد الملك الآشوري سرجون الثاني في سنة (705) ق.م شجعوا زعيما من جنوب العراق اسمه (مردوخ بلادان) - وهو رئيس قبيلة كلدانية - على الانفصال وأمدوه بالمال والسلاح والرجال. وقامت بين الملك الآشوري وهذا الانفصالي معركة في منطقة (الدير)، ولم تكن حاسمة، فاستمر هذا الملك الانفصالي حتى مات الملك الآشوري. وجاء بعده (سنحاريب). فكان أول عمل  قام به بعد توليه العرش أن جرد حملة بقياده رئيس حرسه الخاص و (11) قائداً معه، توجهوا إلى هذا الخائن وقاتلوه في موقعتين: واحدة في (كيش) ببابل، والثانية ببابل أيضاً في منطقة (كوثا) التي تعرف اليوم بـ(جبلة)، وكسروه شر كسرة. وكتب سنحاريب في مسلة النصر أنه قتل معه كثيراً من العيلاميين. (الانتفاضة الشغبانية بثوب آخر).
عاد سنحاريب إلى نينوى، وترك مكان هذا الخائن ملكاً آخر في بابل. لكن الإيرانيين استطاعوا أن يستزلوه، ويتآمروا معه لينفصل ويعلن الثورة على سنحاريب، ويفصل العراق جنوبه عن شماله. فقرر سنحاريب أن يقطع رأس الأفعى نفسها. فجرد حملتين: واحدة نهرية أو بحرية، والأخرى برية. التقتا في جنوب العراق. ومن هناك قاد الحملتين بنفسه ووصل عيلام عن طريق نهر الكارون. فماذا فعل العيلاميون؟ تركوه هناك والتفوا على العراق ليغزوا العاصمة آشور. وأرسلوا قسماً من جيشهم إلى سبار في اليوسفية. فذبحوا أهلها. وتمكنوا من الاتصال بأحد الطامحين للحكم، ويدعى (نركال)، فأعلن استقلاله عن آشور، وسيطر على مدينة نفر والوركاء في الجنوب!
لكن سنحاريب تمكن من مقاتلة هؤلاء، وهزيمتهم جميعاً! وأن يقبض على ابن ملك عيلام ويقتله. بل قبض على الخائن نركال نفسه، وجاء به إلى آشور، ليقتله ويعلق جثته على إحدى بوابات نينوى الرئيسة.
ولكن...!!! وكالعادة ظل ملك عيلام يتآمر، ويشجع الانفصاليين، ويشعل مرة أخرى نار معركة كبيرة بين هؤلاء الانفصاليين وبين الدولة المركزية في آشور، شارك ملك عيلام نفسه في هذه المعركة! غير أن سنحاريب تمكن من دحرهم ثانية وسحقهم جميعاً. وانهزم ملك عيلام. وجاء في وصف هزيمته أنه كان يتعثر بجثث جنوده.
 
·        الغدر تلك الصفة الملازمة لعلوج إيران
هل اتعظ الإيرانيون؟ هل توقفوا؟ هل انتهت العداوة؟ كلا..! والمسلسل نفسه يتكرر في عهد (أسرحدون) بن سنحاريب. وتقع حادثة فيها عبرة، ودلالة على إحدى صفات الفرس المتأصلة فيهم. وهي الغدر وانعدام الوفاء. يوم شجعت عيلام أحد الانفصاليين فخرج على آشور. فشلت مؤامراته فلجأ إليهم. فقام الملك الآشوري أسرحدون بتهديدهم، وكان قوياً فخافوا من تهديده. فكان أن قبض ملك عيلام على هذا الانفصالي الذي لجأ إليه! وحتى يثبت لأسرحدون حسن نيته قام بقتله ووضع الملح على جثته وأرسلها إلى آشور.
في المقابل تأملوا فعل العراقيين، وصفة الوفاء المتأصلة فيهم، وعدم تسليم (الدخيل) أو المستجير بهم. في عهد الملك (آشور بانيبال) مات الملك العيلامي (أورتاكو) فتغلب على العرش ملك آخر وطارد أولاده، فاضطروا إلى أن يهربوا هم وحاشيتهم وحرسهم وكثير من الجنود وموظفي البلاط، وبأسلحتهم وخيولهم ويلتجئوا إلى عاصمة الآشوريين. فصار ملك عيلام الجديد يهدد الآشوريين ويطلب منهم تسليم الهاربين. لكن الملك الآشوري لم يكن ليسلمهم – كما هو ديدن الإيراني – فكان ذلك سبباً في أن يغزو العيلاميون العراق. ووقعت عدة معارك. ورغم ذلك لم يسلمهم ملك آشور. وبقوا عنده (10) سنين معززين مكرمين. بعد السنة العاشرة استطاع آشور بانيبال أن يغزو عيلام ويرجع هؤلاء إلى ملكهم وعرشهم وينصبهم هناك.
فماذا كان الرد؟ وماذا كان الجزاء؟  في السنة الثانية قاموا بغزو آشور..!!!
وهذا هو خلقهم على مر العصور وكر الدهور. خميني الذي آواه العراق (14) سنة. ما إن غادر العراق واستلم مقاليد الحكم حتى قام بغزو العراق! والتاريخ يرينا حلقات المسلسل تتكرر وتتكرر بلا انقطاع!
النعمان بن المنذر قتله كسرى برويز، قال له احد أولاده: يا أبي كيف تقتل النعمان وهو الذي أرجع ملكنا ونصب جدنا بهرام على العرش؟
كان بهرام قد مكث في بلاط المنذر والد النعمان في الحيرة سنين طويلة، أرسله والده ليتربى هناك. ولما هلك والده أراد شخص آخر أن يستولي على الملك، وتمكن من الاستيلاء على المدائن. فجهز المنذر حملة عسكرية بقيادة ابنه النعمان قوامها  10,000 فارس. غزوا المدائن ودحروا الملك المتغلب، وأرجعوا بهرام إلى عرشه. حفيد بهرام كسرى برويز قتل النعمان! فقال له: كيف تقتله وهو الذي ارجع ملكنا ونصب بهرام جدنا على العرش؟ فقال له: أنت لا تعرف هذا, هذا عنده طموح بعيد، فنحن قتلناهُ وولينا رجلاً لا
يفهم شيئا مكانه.
الأخلاق هي الأخلاق! والتاريخ يعيد نفسه. وأخلاقنا هي هي. والأحداث تكرر نفسها.
 
مجمل القول:
·        إن عداوة إيران لنا عداوة أبدية.
·        الإحسان لا يغير من المعادلة شيئاً. وليس هو الحل.
·        لا خيار لنا سوى القوة : فأن كنا أقوياء حفظنا أنفسنا وحمينا منهم بلدنا. وإن كنا ضعفاء تمكنوا منا،
واحتلوا أرضنا، وأبادوا شعبنا.
·        كل الملوك أو الحكام العراقيين المشهورين في التاريخ، قامت شهرتهم على قتال إيران، وحماية العراق منها. فعداوة إيران والعمل ضدها هي مقياس العظمة للحاكم العراقي
فعلينا أن نعي الدرس جيداً، حتى لا يتكرر علينا مئات المرات. ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين). فاعتبروا يا أولي الأبصار .
 
 
 
إيران العداوة الأبدية
 (3)
 
2. مرحلة الاحتلال الطويل (539 ق.م - 636 ب.م)
 
عام (539) ق.م والتحول التاريخي الكبير
في هذا العام حصل تحول كبير، وابتدأ تغير خطير في تاريخ العراق، وطبيعة العلاقة الإيرانية - العراقية. في هذا العام تمت المؤامرة اليهودية الفارسية، وتمكن ابن اليهودية إمبراطور إيران (كورش الإخميني) من هزيمة العراقيين، والتغلب عليهم، ودخول عاصمة دولتهم مدينة بابل. بعد أن دخل العراق من شماله، ليكتسح أمامه ما مر به من مناطق، فيحرق ما يحرق، ويدمر ما يدمر. ومن ضمن الذين أحرقهم أهالي مدينة (اليوسفية). وهي إحدى نواحي مدينتي (المحمودية). واعتماداً على دلالة الأسماء ومسمياتها، وعادة الملوك في تسمية المناطق والأشياء بأسمائهم، أستطيع القول: إن المحرقة وقعت تحديداً في المنطقة التي تدعى اليوم بـ(كويرش). وهي قرية معروفة في ناحية اليوسفية. وكويرش مصغر كورش.
المشكلة أننا ننسى، لكنهم لا ينسون. إن كثيراً من مدننا ومعالمنا العراقية لا زالت تحمل بصمات أسمائهم: الرستمية – نسبة إلى القائد الفارسي رستم - في بغداد. وشهربان - نسبة إلى اسم الملكة الفارسية (شهربانو) - في ديالى. ونهر ابن العلقمي، وشارع الطوسي... وغيرها، وغيرها، كلها أسماء فارسية، اعتدنا عليها دون أن تثير انتباهنا!
وهكذا دخل كورش العاصمة بابل، واحتل الفرس العراق احتلالاً دام مدة (1180) سنة - تخللها الاحتلال اليوناني الذي استمر أقل من قرنين - حتى جاء الإسلام فتحرر على يد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وأرضاه.
توالت على حكم العراق في هذه العصور المتطاولة ثلاث سلالات فارسية: الإخمينيون ثم الفرثيون ثم الساسانيون. ماذا تراهم فعلوا في هذه المدد المتطاولة من تدمير وظلم وخراب؟!
 
الفرس الإخمينيون وسياسة الظلم والاستعباد
بعد الحرق والتدمير، والتقتيل والتشريد، أطبق الإخمينيون بمخالبهم على حكم العراق حكماً مباشراً ، واستقروا فيه بلا منازع. ، كما احتلوا مناطق شاسعة من أرض العرب. فقد سيطروا على الخليج، ومصر، وشمالي سوريا، وأحكموا قبضتهم على الطرق التجارية، والمنافذ المائية.
 أما العراق فقد فتحوا أبوابه على مصاريعها أمام موجات استيطانية إيرانية كبيرة. صار فيها الإيراني هو السيد المتصرف في شؤون البلاد والعباد. وصار العراقي فيها هو الخادم والعبد الذليل، الذي يخدم في بيوت الإيرانيين، وفي بلاط ملوكهم. واستولى المحتلون على كثير من الأراضي، ووزعوها على الجنود. بحيث لم يبق جندي إيراني إلا واستولى على أرض له في العراق. ناهيك عن الموظفين، والحكام، والملوك، والأمراء والأميرات، والملوك والملكات! حتى ملك مصر الفارسي (أرشان)، كانت له مقاطعات في مدينة أربيل، وله ماشية في مدينة نفر في الناصرية!
وكان الإيرانيون يبنون القصور الفارهة، ويزرعون البساتين الواسعة على أجساد العراقيين. وأثقل كاهل المواطن العراقي بضرائب، وضرائب لا تخطر على بال.
فرض الملك الفارسي على أهل بابل ضرائب سنوية. فكان عليهم أن يقدموا (30) ثلاثين طناً ونصف طن من الذهب! و(500) خمسمائة شاب يخدم في البلاط. وعليهم أن يقدموا كل عام أيضاً (800) ثمانمائة حصان و(1600) ألفاً وستمائة فرس. وعليهم أيضا أن يدفعوا مصاريف الجيش والبلاط لمدة (4) أربعة أشهر كل عام. وكان مرزبان (حاكم) بابل الفارسي يقدم له أهل بابل يومياً كومة من الفضة . سوى (4) أربع قرى أعفيت من هذه الضريبة. هل تدري لماذا؟! لقد كان عند هذا الملك الطاغوت كلاب هندية، سلمها لهذه القرى تعتني بها وتطعمها؛ فكان هذا سبب خلاصهم من هذه الضريبة الظالمة!
هذه قيمة أهل العراق عند طواغيت إيران..!
وكان على كل شيء ضريبة! الحنطة، الخردل. حتى استعمال النهر لأي غرض من الأغراض! وتدخل أي بوابة من بوابات المدينة فلا تجتازها حتى تدفع ضريبة! وكانوا يسخرون أهل العراق في كري الأنهار وتنظيفها سخرة بلا مقابل. فكان من العراقيين من يموت من شدة التعب والجوع، ومنهم من يهرب من العسف والظلم والاضطهاد. ويشتد الفقر والجوع بأحدهم فماذا يفعل؟ يضطر إلى رهن أرضه. ويعجز عن تسديد الرهن فيبيع الأرض. وينفد ثمنها فماذا يصنع؟ يضطر إلى بيع أولاده وبناته عبيداً!!
ووصل ظلم الإخمينيين بأهل بابل، أنهم صاروا يأخذون كل امرأة غير متزوجة إلى إيران، تخدم هناك فلا تعود إلى أهلها أبداً! فماذا كان يفعل أهل بابل ليتفادوا هذا الفعل الشنيع؟ صاروا يعرضون بناتهم في مزاد علني للزواج!! وطبقاً لطبيعة الحال فإن الجميلة تجد من يتزوجها ويدفع لها مهراً، أما غير الجميلة فالفرصة أمامها محدودة؛ فهي مهددة بالسبي والأخذ إلى مجاهل إيران تخدم في بيوت الإيرانيين. فاتفق أهل بابل فيما بينهم على إعطاء مهر الجميلة لغير الجميلة حتى تدفع لنفسها مهراً لمن يتزوجها! فكانت مهور الجميلات تعطى لغير الجميلات حتى تجد من يتزوجها ويدفع عنها هذا الحيف الذي لا يطاق.
واستمر هذا التدهور، وهذه المعاناة مئات من السنين..!
كان هناك فساد إداري كبير. عمت الرشاوى، وانتشر الربا. كان المرابي الإيراني يفرض فائدة ربوية تصل قيمتها إلى (40%)..! وربط العراق بإيران، فصار مقاطعة، أو ولاية تابعة لفارس.
ثورات بابلية لم يكتب لها النجاح
كان العراقيون يتململون، ويحاولون عبثاً الخلاص باستمرار. فعملوا ثورات عديدة. كان أبرزها ثورتان قام بهما عراقيان من أهل بابل. أحدهما اسمه (نادين تبيري)، والآخر اسمه (أراكوس). نادين تبيري هذا استغل اضطرابا سياسياً في مملكة إيران، جاء فيه (داريوس الاول) بانقلاب الى سدة الحكم. فاستغل أهل بابل الأوضاع وثاروا بقيادة هذا الرجل، الذي لقب بـ(نبو خذ نصر الثالث). قام هذا القائد بتجييش الجيوش، وقطع القنوات، وعمل على تحصين أسوار بابل المهدمة المخربة. لكن داريوس غزاه بنفسه وهزمه في معركتين كبيرتين راح فيهما مئات الضحايا، فانسحب العراقيون بعد هاتين المعركيتن إلى داخل الأسوار، التي حاولوا ترميمها وتقويتها. وخزنوا الأطعمة والمياه من أجل إطالة أمد المقاومة. وصمدوا رغم التفوق الإيراني طويلاً. ولم يستطع داريوس أن يدخل بابل إلا بحيلة عجيبة! وهذا هو شأن الإيرانيين. فماذا فعل داريوس؟ جاء بأحد قواده المعروفين واسمه (زوبيروس): صلم أُذنيه، وجدع انفه ثم ضربه ضربا مبرحاً! وتركه يتظاهر بالهرب إلى أسوار بابل. وانخدع أهل بابل بهذه الحيلة، وانطلت عليهم، فاستقبلوه بالترحاب والتقدير (وهذه هي مشكلتنا دائماً: قلوبنا طيبة.. ننخدع سريعاً) حتى إنهم سلموه قيادة فرقة من الجيش! فاستطاع بذلك أن يعمل ثغرة في جانب من جوانب السور. وهكذا دخل الجيش الفارسي بابل، ليعمل بأهلها ما يعمل من التقتيل والتخريب والتشريد.
واستمرت الثورات.. إلى أن جاء الرجل المسمى (أراكوس). نصبه أهل بابل ملكاً ولقبوه بلقب (نبو خذ نصر الرابع)، وقاموا بثورة حاولوا من خلالها طرد المحتل الإيراني. لكن الإيرانيين استطاعوا أن يخمدوا هذه الثورة. ونكلوا بأهل بابل. وكان أحد صور هذا التكيل أنهم أخذوا منهم ثلاثة آلاف شاب، قتلوهم جميعاً..! وعلقوهم على أسوار بابل.
واستمر الاخمينيون في حكمهم للعراق على هذه الشاكلة (208) سنين..!!!
كان هذا قبل خمسة وعشرين قرناً.
واليوم جاءونا، بعد هذه المدد المتطاولة.. ما تبدل منهم شيء، حتى أسماؤهم! حينما دخل الخميني ايران كان هناك رئيس وزراء يحكم ماذا كان اسمه؟ اسمه (شابور بختيار). شابور هو نفسه سابور او شابور ذو الاكتاف الساساني. وهو نفسه موفق الربيعي الذي اسمه كريم شابور، ماذا فعل ذلك الشابور الساساني؟ لقد خلع أكتاف العرب.. خمسين ألف عربي خلع أكتافهم. كيف؟ كان يربط يد أحدهم بفرس، واليد الأخرى بفرس أخرى، ثم يسوق كل واحدة منهما في اتجاه، ويخلع أكتافهم بهذه الطريقة البشعة!
الشيء نفسه فعله الخميني بأسرانا..!
 
الفرس الفرثيون وسياسة الاحتواء
استمر العرب بثوراتهم في وجه الاحتلال الإيراني، في العراق، وفي مصر وغيرهما من بلاد العرب، لكنها لم تنجح. حتى جاء (الفرثيون). وهم سلالة فارسية أخرى. وبسبب من هذه الثورات حاول الفرثيون أن يغيروا شيئا من سياسة أسلافهم،  ويتبعوا سياسة أخرى هي سياسة الاحتواء والمداراة.
استمر ملك الفرثيين أربعة قرون، تنفست فيها أرض العرب، وأرض الرافدين شيئا ما. وأنشئت بعض المدن والممالك، وقامت بعض الحضارات. مثل: مملكة ميسان في جنوبي العراق، وتسمى ملكها باسم ملك العرب. وقامت في الخليج مدينة (الجرهاء). وفي جنوبي الموصل ظهرت مملكة (الحضر) في القرن الأول الميلادي. كما ظهرت في سوريا مملكة (تدمر). حتى جاء الفرس  الساسانيون، فأزاحوا الفرثيين متبعين أسلوب الغدر، وحلوا محلهم في حكم البلاد.
 
الفرس الساسانيون وسياسة الحقد الديني
ينتسب الساسانيون إلى جدهم الأعلى ( ساسان ).
وساسان هذا هو الكاهن الأكبر لبيت النار في مدينة (اصطخر) الفارسية. كان له ولدان: احدهما اسمه (شابور) والآخر اسمه (أردشير). استطاع هذا الكاهن بنفوذه الديني أن يحصل لهما على مناصب عسكرية وإدارية كبيرة في الامبراطورية الفرثية. تمكنا بها من السيطرة على المقاطعات التي صاروا يحكموها. ثم اختلف شابور وأردشير فيما بينهما. واستطاع الأخير أن يحسم الوضع لصالحه، ثم يكون جيشا كبيراً، غزا به عاصمة الفرثيين في العراق. وذلك في عام (226) ب.م. وانتهت المعركة بقتل (أردوان الخامس) إمبراطور الفرثيين. فنصب أردشير نفسه مكانه، وأسس الإمبراطورية الساسانية التي استمرت في الحكم حتى مجيء الإسلام. أي إن حكمهم استمر (400) سنة تقريبا. غيّر الساسانيون من سياسة أسلافهم، ورجعوا هؤلاء إلى سياسة الإخمينيين التعسفية، مدعين أنهم الورثة الشرعيون للإخمينيين. ودفعوا بتاريخ الحقد دفعة كبيرة إلى الأمام. كما أضافوا إلى عقائدهم البالية بلية جديدة. حين استغلوا كون أبيهم (ساسان) هو كاهن النار فمنحوا حكمهم صبغة دينية، متخذين من هذه الصبغة مستنداً شرعياً لحصر الحكم في عائلتهم وسلالتهم. فتعقدت العقائد في زمانهم أكثر مما كانت عليه.
لقد أشاعوا بين الناس أنهم يحكمون باسم الإله، فالحكم بالنسبة إليهم هو حق ديني إلهي. واستمر هذا التثقيف مئات السنين، فصار الإيراني بعدها لا يفرق بين الملك العادي والإنسان المقدس. لقد صار الملك في عقيدة الفرد الإيراني إنساناً مقدساً، يجري في دمه عنصر إلهي. وصار البيت المالك عندهم هو البيت المقدس نفسه. وبيت المالك هو بيت الدين. فلا يجوز أن يخرج الملك عن هذا البيت.
من هنا اختلط الدين بالملك، والملك بالدين عند الفرس. وكلا الأمرين تمثلهما عائلة واحدة تتوارث الملك، وتتوارث التقديس. هذا هو التغيير العقائدي الكبير الذي حصل إبّان حكم الساسانيين.
 
جذور عقيدة (الإمامة) الشيعية
هنا يكمن سر عقيدة (الإمامة) الشيعية، وهذه هي جذورها، ومن هنا نبتت أصولها.. من ساسان كاهن النار، أو كاهن بيت النار الفارسي!!! من هنا بدأ تاريخ التشيع الفارسي، وتسلل إلى محيطنا.
بعد موت النبي e دخل الإسلام بلاد فارس. لكن الإيرانيين لم يدخلوا في الإسلام بالطريقة نفسها التي دخل فيها العرب. فالعرب لم تكن لديهم هذه العقيدة اللاهوتية في ملوكهم ورؤساء قبائلهم. والعرب لم يدخل عمومهم في الإسلام جملة واحدة، إنما استمرت دعوة الرسول e بينهم قرابة ربع قرن، فكان دخولهم فيه عن قناعة وطول تفكير ونظر. وساهمت هذه المدة الطويلة في إزالة ما كانوا عليه من عقائد باطلة من عقولهم ونفوسهم. ثم إن عقائد العرب كانت بسيطة، وليست معقدة كعقائد غيرهم من الأُمم. أما الفرس فلم يدخلوا في الإسلام عن طريق الدعوة الطويلة المدى. إنما دخلوا فيه جملة، وبسرعة، وعلى ما هم عليه من عقائد ولوثات دينية معقدة. فكان التغيير في عمومه بسيطاً وقشرياً. دخل الإيراني الإسلام وفي اعتقاده أن بيت الدين وبيت الملك واحد. العائلة المالكة هي العائلة المقدسة. وأن العائلة الدينية هي التي ينبغي أن تحكم. ولا يجوز بحال أن يخرج الحكم والملك منها أبداً.
فكان حتمياً عند الإيراني، طبقا لهذه العقيدة المتغلغلة في نفوسهم أن يتولى الحكم أو الملك بعد وفاة النبي e شخص من عائلته وليس من خارجها. فكان علي بن أبي طالب t هو الوحيد الذي يستحق أن يخلف النبي في قيادة الأُمة. كما يجب أن يتسلسل الملك حصراً في ذريته من بعده.
إضافة إلى هذا ما أشيع من أن الحسين t تزوج ابنة كسرى فولدت له ابنه علي بن الحسين. فكان الشخص الذي اختلط فيه الدم المقدس من الطرفين: من طرف أمه، ومن طرف أبيه. فانتقلت الإمامة إليه، وبقيت في ذريته، دون ذرية الحسن، التي لا تمتلك هذه المزية حسب اعتقادهم.
استغل هذه العقائد الأُسطورية أساطينُ السياسة من العجم، ومن العرب الطامحين في الملك أيضاً. وهكذا التقى الطرفان، فعزفوا على وتر هذه الأُسطورة الاعتقادية، وانطلقوا بها من خراسان حيث الجو الملائم لها، وسهولة تصديق الناس هناك بها. فدعوا إلى الخروج على الأمويين، وطعنوا في شرعية حكمهم على هذا الأساس الباطل. لقد كان شعار العباسيين – ومعهم العلويون - (إلى الرضا من أهل البيت). واستولوا على الملك بحجة أنهم من أهل بيت النبي، على اعتبار أنهم من ذرية العباس عم النبي e .
هذا هو التحول الخطير في العقيدة الذي جاء به الساسانيون. وهذه هي آثاره في المستقبل البعيد! وهذه هي إيران في عداوتها الأبدية للعراق.
 
 
أضحكتني
لا أضحك الله سنك
14/8/2007
 
وعادت بي الذكرى إلى.... أربعين سنة خلت..!
كانت صبية ترعى الغنم. وكان على مقرُبة منها غلام يافع قد راهق الحلم، يعمل في حقل أهله. ولسبب من الأسباب التي يتكرر حدوثها في الريف بين زارع الأرض وراعي الغنم هجم الغلام على الصبية يريد ضربها، وطردها من المكان. يقول خالي رحمه الله: كانت عيني ترقب باستمرار بنت أخي الصغيرة من بعيد، حيث كنا نعمل في حقلنا المجاور، فإذا بنا نرى الغلام يهجم عليها. قلنا: سيؤذيها! ولم نكن قريبين منهما بما يكفي لمنعه منها. فلم يكن أمامنا إلا أن نتفرج على المنظر. وابتدأت معركة غير متكافئة! كان بيد الصبية عصا غليظة، فما كان منها - حين رأيت تصميم الغلام على ضربها - إلا أن تهجم عليه بها! فصرنا نشجعها – وإن لم تكن تسمعنا - ونقول: (عفية هدية!). وصارت هدية تكيل الضربات للغلام وهي تتراجع إلى الخلف. وكانت مفاجأة لنا حين رأينا صاحبنا يسقط أرضاً! ثم يقوم من بعدها ينفض ثيابه، وهو يتلفت هل رآه من أحد؟ لقد قبل بالهزيمة و (تجرع كأس السم)! لكنه ما إن ابتعد خطوات – وقد لاحظ أننا ننظر إليه - حتى رفع عقيرته بالغناء، يريد أن يوهمنا أنه لم يحصل له من شيء! وضحكنا حتى كدنا نستلقي على أقفيتنا من الضحك! ولم ندر ساعتها: هل نضحك من هزيمته النكراء؟ أم من تجاهله ما حصل له، في محاولة يائسة منه إيهامنا بأنه لم يحصل له من شيء؟!
وضحكت أمس وأنا أستمع إلى ما نقلته قناة (الشرقية) على لسان المالكي: (لا أدري ماذا يعني يوم 8/8/ لكنني سمعت أنه يوم نهاية الحرب مع إيران. وهذا شيء جيد)! ولا أدري هل أضحك من هزيمته وأسياده العجم المنكرة يوم 8/8/1988، وشعوره العميق بها، إلى حد أنه لا يريد أن يتذكرها! أم من محاولته المفضوحة اليائسة إيهامنا أنه لا يذكرها، ولا يدري ما معنى يوم 8/8 ؟ وكأنه لا شيء حصل في ذلك اليوم العظيم!
ألا تذكر يا مالكي يوماً تجرع فيه سيدك وإمامك كأس السم؟
ألا تذكر يوم الأيام؟!
كيف؟! ألا تذكر اليوم الذي أُجهضت فيه آمالك بهزيمة أسود العرب في بلاد الرافدين؟
 
وتريدنا أن نصدِّق!
إذن لماذا اخترت هذا اليوم من دون أيام السنة كلها ظرفاً تزور فيه الأم الحبيبة إيران؟
لم تضحكني فقط في زمن البكاء، وإنما أدخلت في قلبي السرور مأزوراً أنت غير مأجور. لم أن أعلم أنكم تشعرون بالمذلة.. والعار.. ومرارة الهزيمة.. وألم الاندحار في 8/8 إلى هذه الدرجة من الشعور إلى الحد الذي لا تجدون فيه شيئاً يواري سوءة وجوهكم سوى التجاهل والإعراض!
فعلام إذن يتبجح أسيادك بالنصر في الحرب التي أوقدوا نارها؟
علام يدّعون أنهم انتصروا؟ وأن الذي هزم فيها هو العراق؟
أرأيت أحداً قبلكم يتوارى من القوم، خجلاً مما يفتخر به؟!
أرأيت أحداً قبل خميني تجرع كأس السم في يوم (انتصاره)؟! أم هذا هو (نخب الانتصار) عند العجم؟ فكل شيء عندهم بالمقلوب! لكن الذي أعرفه من التاريخ أن العجمي يحتفظ في خاتمه بإضمامة سم، يتناولها متى ما أحس بالهزيمة، وتيقن من نهايته الأليمة. ومن هنا استورد خميني (لع) عبارته تلك، التي عز عليه أن يتكتمها رغم شماتة الشامتين، وسرور المنتصرين! فتقيأها من أمعائه الغليظة دليلاً لا يقبل النقض على أنه هزم؟ وهزيمة بلغت عنده حبل نخاعه!
 
مرض الانسحاب (Withdrawal)
يقول د. أحمد عزت راجح /في كتابه: أصول علم النفس: ص453/ : (إن لم يوفق الفرد إلى حل المشكلة التي تواجهه بطرق إيجابية واقعية، ظل في حالة من التوتر الانفعالي الموصول، ما يجعله يلجأ إلى أساليب ملتوية سلبية خادعة تخفف عنه بعض ما يكابده من تأزم نفسي، وتقيه مشاعر القلق والعجز والفشل والخجل والرثاء للذات وغيرها من المشاعر التي تنشأ عن إحباط دوافعه. فإذا به يتجاهل المشكلة أو يتناساها أو ينكرها أو يستصغرها أو يموه عليها أو يتنصل منها بإلقاء اللوم على غيره لا على نفسه. كل ذلك للخلاص مما يعانيه من القلق بدلاً من مواجهته. لذا تسمى هذه الأساليب الملتوية بالحيل الدفاعية؛ لأنها تدفع عن الفرد غائلة القلق، وتهبه شيئاً من الراحة الوقتية، وإن تكن راحة وهمية حتى لا يختل توازنه).
ومن هذه الحيل النفسية الدفاعية (الانسحاب Withdrawal) وهو /كما يقول د. راجح، ص454/ (ابتعاد الشخص المتأزم عن المواقف التي يحتمل أن تثير في نفسه القلق... ومن صور الانسحاب الإذعان والامتثال والكف عن كل محاولة للتكيف مع الموقف المثير للإحباط، فيكون هذا بمثابة اعتراف من الفرد باستحالة الوصول إلى حل لأزمته. ويقترن الانسحاب هنا بالتبلد وعدم الاكتراث واللامبالاة... وفي مستشفيات الأمراض العقلية نماذج بارزة للانسحاب لدى الذهانيين، يلجأون إليه هرباً من الواقع الذي أصبحوا لا يطيقون مواجهته، وخلقوا لهم من الخيال عالماً يرضيهم ويقضي حاجاتهم).
مسكين أيها المالكي! أنت مصاب بداء (الانسحاب)! ولكن أين تهرب من هذا الواقع الذي
لا تطيق مواجهته؟ إلى ذياك العالم الذي يرضيك، ويقضي حاجتك؟ أنصحك بزيارة لـ(باب الحوايج) عله يقضي حاجتك التي يبست وأعسرت، وما لها إلى خروج من سبيل.
أما أعمامك العجم، فلا أمل في شفائهم من دائهم. لقد تحول عندهم هذا الأسلوب إلى عادة طبعت حياتهم. فما أكثر المناسبات المؤلمة في تاريخهم، التي لا يجدون سوى التجاهل والانسحاب علاجاً لما تثيره في نفوسهم المريضة من قلق ممض، يقض مضاجعهم، ويعكر عليهم صفو حياتهم.
هل ترى لمعركة القادسية من ذكر في كتبهم أو أحاديثهم؟ وهذا هو الذي دعاني لأن أسمي موقعنا باسم هذه الموقعة (القادسية)، كي أظل أنخس ذاكرتهم بكل ما يغيظهم، وينغص عليهم عيشهم، فلا يجدون مهرباً إلا الانسحاب، والانصراف لواذاً وراء التظاهر باللامبالاة، وعدم الاكتراث، وتبلد الإحساس. أو كما يفعل الشيطان حين يسمع الأذان. هل تعلم ماذا يفعل الشيطان عند الأذان؟ اسأل شيطان قم وطهران. هل يذكر معركة المدائن أو جلولاء أو نهاوند؟ لماذا؟
هل يطيقون تذكر أيام العرب في ذي قار، أو ذات السلاسل، أو المذار؟ لماذا؟
بل قل: هل يذكرون فتح مكة؟ ولماذا يستقبلون سنة العرب أو الإسلام باللطم والنواح والبكاء؟ ويتجاهلون عيد الأضحى والفطر؟ بل منهم من إذا سئل عن يوم غد، وكان يوم جمعة، لا يسميه ولا يذكره إنما يقول: بعد غد السبت، تجاهلاً ليوم الجمعة الذي ينخسه ويشعره بهوانه! لكنه يستقبل سنة المجوس بالأفراح والاحتفال وإشعال النيران مدة ثلاثة عشر يوماً متواصلاً! وقد صادف قبل تسع سنين يوم نوروز سنة المجوس يوم العاشر من محرم، فلم يتنازلوا عن إعلان فرحهم في ذلك اليوم الذي يسبقونه في كل عام عشرة أيام معلنين حزنهم، ولا يتنازلون يوماً واحداً احتراماً وفرحاً بذكرى يوم المسلمين، وذكرى هجرة خير الخلق أجمعين! هذا.. وإمعاناً في (الانسحاب) وتجاهل أيام الإسلام تجدهم وضعوا أمام كل مناسبة إسلامية مناسبة شيعية كي يلغوا تلك بهذه، ولا يعود الفرد الشيعي يتذكر ما ينبغي تذكره حسب طبيعة الأمور.
قبل أيام - في 27 من رجب - تذكر المسلمون في العالم الإسلامي كله ذكرى الإسراء والمعراج، إلا الشيعة فقد كانوا مشغولين بمناسبة وفاة (الكاظم). وفي يوم تحويل القبلة - 15 شعبان – ينشغلون بأسطورة أخرى هي مولد المهدي، الذي لم يولد ولن يولد.
ويتجاهلون ليلة القدر بالانشغال بمقتل سيدنا علي رغم أن بينها وبين ليلة مقتله الحقيقي عشرة أيام! بعدد أيام محرم التي تفصل بين مطلع سنة الإسلام ويوم مقتل سيدنا الحسين!
وهكذا فإنك إن تتبعت الأمر ستجد أنه ما من مناسبة إسلامية إلا وأشغلوا شيعتهم عنها بمناسبة مخترعة أخرى!
إنه مرض (الانسحاب)..! قد أصاب أمة بحالها! فلا عجب أن يصاب به فرد ينتمي إليها.
كل شيء يرجع إلى أصله، ويتصل بجذره.
فلا عجب..! إنما العجب في أن نضحك في زمن البكاء!
اعذروني أيها القوم! فماذا تروني أفعل وأنا أنظر إلى ذلك الغلام، وهو يغني رغم أنه خرج للتو من تحت عصا هدية. ثم هو يدّعي ويقول: (لا أدري ماذا يعني يوم 8/8 لكنني سمعت أنه يوم نهاية الحرب مع إيران).
 
 
حقائق كبيرة وخطيرة
عن طموحات إيران في العراق والمنطقة المجاورة
(1)
 
بمناسبة 4/9 اليوم الذي ابتدأت به إيران الحرب على العراق سنة 1980
 
1.      إيران وطموحاتها في المنطقة لإقامة إمبراطورية (فارس الكبرى)
 
ذكرى العدوان الإيراني على العراق
في مثل هذا اليوم قبل سبعة وعشرين عاماً، أي يوم (4/9/1980) ابتدأ العدوان الإيراني على العراق، تنفيذاً لمبدأ (تصدير الثورة) الذي جاء به الخميني عند توليه زمام الحكم في إيران، واستمراراً لسلسلة الاعتداءات التي ما انفكت تتوالى منذ خمسين قرناً من التاريخ المكتوب. وقد ظل العراق محتفظاً بحق الرد مدة (18) يوماً، أملاً بأن توقف إيران اعتداءها، ولكن دون طائل! فجاء الرد العراقي الكبير يوم (22/9/1980). وهو اليوم الذي تؤرخ فيه إيران لابتداء الحرب، وذلك من أجل أن يسلم لها ادعاؤها بأن العراق هو البادئ بالاعتداء. متناسين كل الحقائق التي على الأرض.
مشكلة التاريخ أن الحدث يختفي من صفحة الأرض بعد وقوعه مباشرة، أو بعد ذلك بقليل، وينتقل إلى صفحات الكتب. وعندها يكتب ويصور حسب مشيئة الكاتب. وإذا استحضرت أن الشيعة أكبر مزوري التاريخ في التاريخ، وأنهم بارعون غاية البراعة في الإعلام والدعاية والإشاعة، وأنهم هم الذين يكتبون التاريخ، رغم أن غيرهم هو الذي يصنعه، وأن أهل السنة – وإن كتبوا - لا يحسنون العرض والإعلام.. أدركت أي خديعة تاريخية نعيشها! وأي أساطير نقرأها، ونقوم بنشرها!
وتأسيساً على هذه الحقيقة أريد أن أطوي صفحات تلك الأحداث سريعاً، وأصل بالقارئ إلى الأحداث الأخيرة، التي يستطيع أن يراها، أو يستحضرها؛ لأنه إن لم يكن أحد شهود عيانها، فإنه لا بد أن يكون رآها وسمع بها من خلال شاشات القنوات الفضائية، وأجهزة الإعلام الأخرى، وقرأها في الكتب والصحف والنشريات، بحيث سيكون من السهل عليه أن يصل معي إلى الحقيقة التالية، وهي: أن أن العدوان الإيراني فعل، وليس رد فعل. وأنه ليس اعتداء عارضاً تثيره أسباب موضوعية مباشرة، إنما هو عدوان مبيت تفرضه النفسية والعقيدة الفارسية، التي ظلت تثيره وتفرضه طيلة العصور المتطاولة الماضية. فكان من الطبيعي أن يقوم بالاعتداء مبتدئاً، لا مدافعاً.. وفاعلاً لا منفعلاً.
وهذه بعض الشواهد الثابتة، التي تدل دلالة واضحة على أن إيران ذات مشروع إمبراطوري، أفرزته عقلية توسعية، تدفع أصحابها دفعاً إلى الاعتداء والاحتراب مع جيرانهم من دول المنطقة. وذلك في العصور القديمة والحديثة دون استثناء:
 
1.   الحزام الشيعي  
في لقاء لقناة الجزيرة مع الرئيس الإيراني الأسبق أبو الحسن بني صدر كان أحد الأسئلة:
س- هل الإمام الخميني كان يحدثك عن العلاقة مع الجوار العربي، مع دول الخليج، هل كانت لديه أطماع في التقدم عسكريا باتجاه الدول من أجل تصدير الثورة مثلاً؟
ج- لم يحدثني بهذا الموضوع ولكن كان هناك مشروع آخر ، كان يريد إقامة حزام شيعي للسيطرة على ضفتي العالم الإسلامي، كان هذا الحزام يتألف من إيران والعراق وسوريا ولبنان وعندما يصبح سيدا لهذا الحزام يستخدم النفط وموقع الخليج الفارسي للسيطرة على بقية العالم الإسلامي، كان الخميني مقتنعا بأن الأمريكيين سيسمحون له بتنفيذ ذلك، قلت له بأن الأمريكيين يخدعونك، ورغم نصائحي ونصائح ياسر عرفات الذي جاء ليحذره من نوايا الأمريكيين فإنه لم يكن يريد الاقتناع[56] إ.هـ.
وقال عبد العزيز الحكيم متهكماً: الهلال الشيعي؟ هذا كان من قبل.. أما اليوم فقد صار بدراً.
 
2.   عدم الاعتراف بالعراق
لا تخفي إيران حلمها في ضم دول الخليج والعراق تحت جناحها! إيران هي الدولة الوحيدة التي لم تعترف بالعراق عضواً في عصبة الأمم في عشرينات القرن الماضي. وظلت على موقفها الغريب هذا، حتى أجبرتها السياسة - وتداخلاتها مع بريطانيا - ليتغير الموقف عام 1929. بينما كانت من أوائل الدول، التي اعترفت بالكيان الصهيوني، كدولة مستقلة منذ عام ‏1951م،‏ أي بعد نشأته بحوالي ثلاث سنوات فقط. ولم يرد الشاه رضا بهلوي زيارة الملك فيصل الأول لإيران عام 1931، إنما انتدب ولي العهد محمد رضا، بعد إلحاح الجانب العراقي لرد الزيارة[57]. وهذا له أبعاده المعنوية التي لا تخفى على المدقق. فالشاه يستنكف من زيارة العراق كضيف على دولة مستقلة. وقد استغلت إيران بريطانيا وخوفها من روسيا آنذاك، فتآمرت معها، وقامت باحتلال إقليم الأحواز عام 1925 في مقابل صد الخطر الروسي.
3.   وزراء الخميني
العراق والخليج جزء من إيران : ومرة بعد مرة يطيش رأس المسؤول الإيراني بذلك الحلم؛ فيأخذ بالهذيان، وتظهر النوايا على صفحات اللسان. وجاء الخميني صاحب (الجمهورية الإسلامية) ليعلن وزير خارجيته (صادق قطب زادة) أن العراق جزء من إيران. وبسبب هذه التصريحات، وما جرت على الحدود من تحرشات واعتداءات وقعت الحرب التي استمرت ثماني سنين. بل صرح هذا السفيه في مقابلة له أجراها "راديو مونت كارلو" في 30/04/1980 علانية بـ(أنّ كلّ بلاد الخليج تشكل تاريخيّاً جزءاً من الأراضي الإيرانية). ولربما ظنها البعض زلة لسان، فأعادها وأكدها (روحاني) في 15/05/1980 حين ذكر في مؤتمر صحفي: (أنّ البحرين جزء لا يتجزّأ من الأراضي الإيرانية، وهي تشكل الإقليم الرابع عشر في إيران بموجب الدستور الجديد… وأنّ الشاه المخلوع تنازل للعراق عن مناطق شاسعة جنوبي إيران، بموجب اتفاق الجزائر 1975، وإننا نشعر بالحاجة الآن إلى إيضاح وضع البحرين بالنسبة لإيران، لأن بعض الدول العربية وبينها العراق تطالب بثلاث جزر في الخليج).
 
4.   حفيد الخميني
العراق عراقنا والنجف عاصمتنا: وما خفي أعظم وأعظم. في برنامج (الاتجاه المعاكس) على قناة الجزيرة يوم 22/2/2005 قال الأستاذ عوني قلمجي الناطق الرسمي باسم التحالف الوطني العراقي: في سنة 1979 جاء حفيد الخميني مبعوثاً عنه إلى المنطقة الشمالية من العراق - وكنا وقتها في المعارضة – ليقول لجلال الطالباني، وكان فؤاد معصوم حاضراً: ارفعوا يدكم أيها المعارضة عن العراق؛ العراق عراقنا، والنجف عاصمتنا.
 
5.   احتلال الجزر العربية الثلاث
طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى منذ عام 1971م ورفضها الدائم حل القضية عبر المحكمة الدولية لأن إيران تعلم قبل غيرها أن المحكمة الدولية سوف تحكم لصالح الإمارات. وفي عـام 2004، طالبت إيران قطر بتبطئة معدل استغلالها لاحتياطيات حقل الشمال وحقل بارس الشمالي التي تشترك فيها الدولتان، محذرة إياها من أنها قد تلجـأ (لإيجاد طرق ووسائل أخرى لحل القضية).
 
6.   المطالبة بضم البحرين  
واعتبارها محافظة إيرانية. وهذا ما صرح به علناً رئيس إيران في تموز الماضي (2007). إضافة إلى التصريحات التي سبقت في (الفقرة 3)، وغيرها من التصريحات المماثلة.
7.   احتلال قطر الأحواز العربي
عام 1925 وإلحاقه بإيران، وتفريس أرضه وشعبه.
 
8.   الإصرار على تسمية الخليج بالفارسي  
أما الإصرار على إطلاق اسم (الخليج الفارسي) من قبل حكام إيران على الخليج العربي، فقد أخذ أخذ منحى طفولياً سمجاً. في العام الماضي، وفي مقابلة مع قناة الجزيرة الفضائية، يقاطع الرئيس الإيراني السابق (محمد خاتمي) مقدم البرنامج الذي تلفظ باسم الخليج مطلقاً من أي وصف، ربما مداراة لمحدثه، ليقول له: (الخليج الفارسي.. نعم الخليج الفارسي)!. حتى وصلت السفاهة والاستخفاف إلى مندوبهم في العراق عبد العزيز الحكيم الذي ردد في لقاء رسمي قبل أشهر (آخر سنة 2006) اسم الخليج موصوفاً بـ(الفارسي) ثلاث مرات، بطريقة توحي بأنها زلة لسان. وما درى بأن زلة اللسان هنا تعني أن هذا هو المعتقد المترسب في العقل الباطن، الذي يظهر ما فيه من مكنونات حين تخف رقابة العقل الواعي. ولكني لا أرى إلا أنه قالها تعمداً واستخفافاً.
 وبلغ التعصب بالمسؤولين في إيران حداً جعلهم يمنعون دخول أربع ناقلات شحن كبيرة من باكستان محملة بالكبريت إلى إيران، لا لشيء إلا لوجود علامة على الكبريت تحمل اسم (الخليج العربي). كما منعوا دخول صحيفة (انترناشونال جيوغرافيك)، وكذلك صحفييها إلى إيران. وذلك في تشرين الثاني/ 2004. ويصدر أمر حكومي بمصادرة العدد الأخير من الأسواق. كل هذا بسبب ورود كلمة (الخليج العربي) بدل (الخليج الفارسي) في العدد المذكور! والمنع سارٍ حتى تغير الكلمة[58]!
 
9.   ظهور ألسنة النار المجوسية في المملكة العربية السعودية
الأمر جد..! والشيعة – بعد الذي حصل ما حصل في العراق - يستشعرون القوة، ويتطلعون إلى تكرار ما حصل هناك في مناطق أخرى. وبدأت تحركاتهم في هذه المناطق وتصريحاتهم تأخذ طابع العلن.
فهذا كبيرهم في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، الشيخ المتلاعب حسن الصفار، يحاول استثمار الأوضاع الإقليمية الحالية ليعلن – في وسط حشد كبير من أنصاره المتعصبين، اكتظت به ساحة الشويكة في القطيف – مطالبته بتشكيل تنظيمات شعبية منظمة، للعمل في مختلف المجالات المدنية. مخاطباً جمهوره بأن التحرك الشعبي المنظم أساسي ومحفز للعمل الحكومي. ومهدداً بشكل يقرب من العلن بتفجير الأوضاع في المملكة، في حالة عدم السماح له بما يريد. وجاء في كلمته: "إن الأمة على مفترق طرق. ولا بد من تجاوز عقدة الممانعة للتغيير. فإما المبادرة بالإصلاح الشامل، وإلا فالمزيد من الكوارث والأزمات التي قد تفجر الأمة من الداخل[59]. وهذا تطور خطير إن لم يتداركه السعوديون اليوم، وإلا فالمستقبل ينذر بكوارث كما قال هذا الغراب.
 
10.        فضيحة يفجرها معمم إيراني من قم
جاء على موقع مفكرة الإسلام ما يلي: صرح أحد علماء الشيعة خلال مداخلة له بقناة "المستقلة" الفضائية أمس – 4 محرم 1428 ، 22/1/2007 - أن الحوزة الشيعية في "قم"، و"النجف"، تسعى للسيطرة على كل منطقة الحجاز، والشام، واليمن، والعراق، وأن هدف المرجعية هو "رئاسة العالم الإسلامي كله"، وأن تمدد الشيعة "ليس له حدود"، وأنهم يسعون إلى التمدد على كل الآفاق.
 وجاءت تصريحات العالم الشيعي المعروف باسم "الكناني" في تعقيب على حوار بقناة "المستقلة"، ردًا على أحد المحاورين، من أهل السنة. وقال في مداخلته: "يا سيدي، نحن أصحاب عقيدة واضحة وضوح الشمس، في الحقيقة، وبصراحة، كل من استضفتموهم يقولون سياسة، وليس عقيدة. العقيدة الجعفرية تقول، وبكل وضوح: "كل من لا يؤمن بولاية علي عليه السلام وأولاده، فهو لا يملك شيئًا، لا في الدنيا، ولا في الآخرة" وهذا رأي المتأخرين، والمتقدمين. والسيد الخميني رضي الله عنه قال: "نحن نسعى إلى وحدة سياسية، وليست دينية" ؛ لأنه لا يستطيع على جلالة قدره أن يخالف ما قاله أهل البيت. وأضاف: "ونحن نقول صراحة: نحن شيعة أهل البيت، لدينا قدوم عظيم، ليس له حدود، نحن نسعى إلى التمدد على كل الآفاق. بعد أن زال صدام، أصبح لدينا العراق. وهناك مواقع عديدة، نسعى للوصول إليها، نحن أمة لا تعرف الكلل والملل". واستطرد قائلاً: "أنا أقول لك بصراحة: الخليج هو الثاني، واليمن: الحوثيين والزيديين إخواننا سوف يكونون الطوق الذي نسعى إلى امتدادنا على كل المنطقة، نحن لا نسعى إلى الأندونيسيين، أو إلى الجزائريين، أو إلى أفريقيا، لأن هؤلاء يتبعون آفاق هذه المنطقة العراق".
ثم زعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (بالحرف الواحد) على حد قوله: "رأس الأمة الشام، والعراق، وإيران، [هكذا] والجزيرة واليمن" نحن نسعى إلى السيطرة على هذه المناطق، لا يهمنا أندونيسيا، ولا تهمنا أفريقيا، لدينا طموح نسعى "ليل نهار"، للسيطرة على كل الإسلام، رأس الإسلام في الشام، وغير الشام. ويواصل حديثه: "أما ما يقوله أهل السنة، بأنهم ليسوا بإخواننا، وأن الشيعة ليسوا بمؤمنين، فنحن لسنا بإخوانهم، ويشهد الله ورسوله، لا نعترض عليهم لا في الدنيا، ولا الآخرة، نحن أمة عظيمة، أمة جاهدنا من ألف وأربعمائة سنة، كنا ألفي شخص يا رجل، الآن أصبحنا ثلاثمائة مليون، ماذا يقول أهل السنة؟ ونحن نسعى إلى السيطرة على الحجاز ، وعلى نجد ، وعلى الكويت ، وعلى البحرين ، والحوثيين موجودين إخواننا الزيديين "زيد بن علي بن الحسين بن علي"، وليس "زيد بن عمر بن الخطاب". ثم استطرد كلامه موجهًا حديثه إلى الضيف السني: "نحن أمة لا تقطعنا حدود، نحن لدينا عقيدة واضحة، هي رئاسة الأمة الإسلامية بأكملها، رئاسة الأمة بقيادة المرجعية في النجف وقم، الذي يعجبه يعجبه، والذي لا يعجبه عليه أن يشرب البحر، هذا هو الوضوح في عقيدتنا، لا نجامل في عقيدتنا، لا نهادن في عقيدتنا".
هل يحتاج هذا التصريح الواضح إلى تعليق؟!!!
 
4/9/2008
 
 
                   حقائق كبيرة وخطيرة    
عن طموحات إيران في العراق والمنطقة المجاورة
(2)
 
2. الوجود الإيراني في العراق
(1)
 
بدأت إيران - من أول يوم للاحتلال - بالتحرك للسيطرة على ما يمكنها السيطرة عليه من مفاتيح القوة في العراق. كان دورها في البداية يتوارى خلف لافتات عملائها، حتى إن بعض المغفلين عميت عليه الأمور. وشيئاً فشيئاً صار التدخل يظهر إلى العلن. وصار المسؤولون في الحكومة الإيرانية هم يسربون بعض الأخبار، ويتحدثون عن بعض ما لهم في البلد المنكوب من أدوار!
ففي عام 2004 أعلن نائب قائد الحرس الثوري الايراني ، خلال زيارته للندن ، أن لإيران الآن لواء من المجندين لصالحها داخل العراق، ولها علاقة مع فصائل أخرى لضمان حماية الأمن القومي الايراني.
وفي 11/4/2004 فتحت المخابرات الايرانية مكتباً لها في النجف تحت اسم (مكتب مساعدة فقراء العراق الشيعة)، جندت على إثره اكثر من (000 70) سبعين ألف شاب من الجنوب، للانضمام الى إحدى المليشيات الموالية لها. وكل متطوع لهذه المليشيات تدفع له ايران (1000) ألف دولار شهرياً، مـع دفعة أولى قدرهــا (2000) ألفا دولار كمقدمة.
وذكرت مجلة الـ(تايم) في عدد آب 2005 أن شبكة من المسلحين في العراق تدعمهم إيران مسؤولة عن نوع جديد من القنابل المميتة. وأن لديها وثائق تشير الى دور قامت به قوات قريبة من الحرس الثوري الايراني في السيطرة على مدينتي الكوت والعمارة بعد ايام قليلة من الغزو.
واضافت الـ(تايم) أن لديها وثائق تخص وحدات الحرس الثوري الايراني تتضمن سجلات عن مدفوعات ضخمة، تدفع رواتب لما يقرب من اثني عشر ألف (11740) عضو في مليشيات بدر العراقية التي يقودها هادي العامري.
وصرح وزير الداخلية السابق فلاح النقيب أنه يحتفظ بملفات حصل عليها عن حوالي (35) عضواً من اعضاء الجمعية الوطنية الانتقالية، لهم انتماء ايراني. وخلال الانتخابات الايرانية الاخيرة قد صوتوا للرئيس الجديد (احمدي نجادي) ، في المراكز الانتخابية التي افتتحت في بغداد!!!
 
الأذرع الإيرانية الرئيسة في داخل العراق
أما إيران فهي التي تخطط وتمول وتقود في السر. وأما من ينفذ على الواقع المكشوف فهي الأجنحة الثلاثة الكبرى للمؤامرة الشيعية في العراق:
1.   حزب الدعوة بفصائله الثلاثة
وهو اليوم – ومنذ تولي الجعفري رئاسة الوزراء قبل حوالي سنتين - يتولى زمام الحكم، ويمسك بعناصر القوة الرسمية.
2.   المجلس الأعلى للثورة الإسلامية (الإيرانية) في العراق بقيادة آل الحكيم.
الذي أنشأته المخابرات الإيرانية على يد كبير قضاة إيران محمود الهاشمي، الذي كان أول من تولى رئاسته، قبل محمد باقر الحكيم، أيام الحرب على العراق. وجناحه العسكري (فيلق بدر) بقيادة هادي العامري.
3.   جيش المهدي بقيادة مقتدى الصدر
الذي أنشأته إيران في منتصف عام (2003) بعد زيارة مقتدى لها مباشرة.
إضافة إلى الأجنحة الأخرى الأصغر، التي تمارس دورها، كل حسب حجمه وموقعه، وما هو المطلوب منه، على قاعدة (تعدد أدوار ووحدة هدف).
 
إخلاء بغداد من أهل السنة
في (23/11/2004) أعلن مسؤولو الأمن الحكومي في تكريت أنهم أمسكوا بعصابة تنتمي إلى شبكة استخبارية إسرائيلية – إيرانية، أعدت قائمة بأسماء (800) عراقي لاغتيالهم. ثم توالت الأنباء عن شبكات استخباراتية إيرانية، تعمل في العراق. والموضوع قد دخل في إطار الفضائح.
وهكذا.. فإن كل الدلائل والقرائن، وتسريبات الأخبار، تقود إلى أن ما يحدث في العراق اليوم إنما هو مقدمة لخطة ترمي إلى اجتثاث أهل السنة وتهجيرهم من بغداد، وجعلها شيعية مائة بالمائة. وكذلك وسط العراق، فضلاً عن جنوبه، وإقامة دولة شيعية خالية من أهل السنة، تمهيداً لإيجاد إمبراطورية فارس الكبرى. هذا هو المقصد النهائي المطلوب من وراء المجازر التي قامت بها مليشيات الصدر، وتقوم بها بشكل يومي مليشيات بدر، وغيرها من القوى الشيعية.
لقد بات واضحاً أن هناك مخططاً غايته تهجير أهل السنة وإخلاء بغداد، والمناطق الوسطى من العراق – بالإضافة إلى البصرة والجنوب – منهم. تمهيداً لقيام نظام شيعي موالٍ لإيران، تسعى الأخيرة جاهدة أن تجد المجال أمامها كي تتمدد فيه؛ من أجل تحقيق حلمها في إقامة إمبراطورية فارس.
وعلى هذا الأساس تجري اليوم في بغداد - وغيرها من مدن العراق – حملة شرسة، لا
يعلم مداها إلا الله، لتقتيل وتهجير أهل السنة. وصار القتال من شارع إلى شارع، وبيت إلى بيت. وانتقلت المعركة من طور (حرب العصابات)، إلى طور المعركة الشعبية الشاملة، التي يستهدف فيها كل حي سني، وكل مؤسسة، وكل بيت وكل فرد من أهل السنة. الذين لم يكونوا مهيأين من قبل لخوض معركة كبيرة كهذه. وقد شارك علماؤهم في تخديرهم - لا تحذيرهم - من هذا الخطر الداهم، بتصويرهم لهم أن من يستهدفهم من الشيعة، إنما هم أفراد لا يمثلون المجموع. هذا مقتدى ألا ترونه؟! إنه الشخص المنقذ الذي أهدته لكم عناية السماء. وطني إلى حد العظم. ويقود مقاومة وطنية شريفة ضد أمريكا. هذا هو الذي يمثل الشيعة الحقيقيين. وصدقوا.. نعم ! هذا الذي يمثل الشيعة الحقيقيين أصدق تمثيل. فهنيئاً لكم!
 
قيادة وزارة الداخلية العراقية إيرانية
ويد إيران في ما يجري ثابتة وواضحة. ذكر لي شهود عيان، التقيتهم مباشرة ممن كانوا معتقلين لدى القوى الأمنية لوزارة الداخلية العراقية، أنهم رأوا محققين إيرانيين يستجوبونهم بواسطة مترجمين. وأحد طوابق الوزارة المذكورة يشغله بالكامل رجال المخابرات الإيرانية. وقد ثبت هذا في الوثائق الرسمية لبعض الوزارات العراقية. جاء على موقع مفكرة الإسلام في 19/10/1426هـ : أما عن إيران فهي ليست بغائبة في لحظة من اللحظات عن المشهد العراقي لاسيما في الجنوب حيث تكثر المطامع في ''تصفية'' أهل السنة تمهيدا لـ''إيران الكبرى''. فقد صرحت مصادر في وزارة العدل العراقية أن سبعة محققين إيرانيين كانوا يشرفون على تعذيب أهل السنّة في العراق في السجون التابعة لوزارة الداخلية. وأكدت الوزارة أن الإيرانيين السبعة كانوا يشرفون على عمليات التعذيب بالاشتراك مع عناصر من وزارة الداخلية. وأشارت إلى أنه من المرجح أن يكون من بينهم ضباط مخابرات كبار.
لقد سيطرت مليشيات الاحزاب الموالية لايران على العديد من نشاطات وزارة الداخلية واصبح جهاز الاستخبارات الايراني (اطلاعات) مشرفاً مباشراً على هذه الوزارة بعد ان تم طرد (200) مائتي ضابط من كبار الضباط في وزارة الداخلية.
ان هذا الاختراق لهذه الوزارة مكن المليشيات الموالية لايران من استعمال العربات والاجهزة الخاصة بوزارة الداخلية لتنفيذ الهجمات الانتقامية ضد السنة.
وأكد بعض الضباط العاملين في الوزارة أن هذه الوزارة قد أصبحت طابوراً خامساً ايرانياً
داخل الحكومة العراقية المدعومة من قبل الولايات المتحدة وتدير فرق الموت وشبكة السجون السرية.
وبعد انتخابات العراق في كانون الثاني 2005 تم تنصيب باقر صولاغ وزيراً للداخلية من قبل المجلس الاعلى للثورة الاسلامية وقوات بدر. وتم ترتيب الأمور بحيث يتم الاستيلاء على الاستخبارات والمغاوير وزج عناصرهم فيها (وهذا ما أكده الامريكان).
من جانب آخر فقد قال المشرف السابق للقوات الخاصة العراقية اللواء منتظر السامرائي: إنه شهد اموراً (مروعة) داخل مراكز الاعتقال العراقية (التابعة للداخلية) متهماً قوات بدر بالقيام باعمال التعذيب فيها. وذكر السامرائي ان آلاف السجناء بعضهم مراهقون تظهر عليهم آثار الضرب والحرق والتعذيب بالكهرباء ما ادى بالنتيجة الى موت عدد كبير منهم. وقال السامرائي ان جميع المسؤولين الكبار في الوزارة اعضاء في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية وحزب الدعوة. أما المعتقلون فجميعهم من أهل السنة.
ورجال الشرطة يتحدثون اللغة الفارسية فيما بينهم. وأردف قائلاً: أما الذين يقومون بعملية التعذيب فجميعهم ايرانيون او عراقيون كانوا يقيمون في ايران، جاءوا الى العراق بعد الاحتلال الامريكي في آذار 2003 ، وذكر على سبيل المثال مساعد الوزير والمسؤول عن السجون السرية (بشير ناصر الاوندي)، والذي حصل على الجنسية العراقية في (12/5/2004) بحسب ما أفاد به السامرائي. واشار الى أنه تم منح العديد من العناصر الداخلة على وزارة الداخلية رتباً عسكرية وهمية.
وبين السامرائي ان جيش الاحتلال الامريكي يعلم بما يحدث حيث ان عمليات الاعتقال تجري خلال المداهمات الليلية وتحت غطاء منع التجول. وقدم السامرائي فلماً مسجلاً عن احدى المداهمات الليلية لمغاوير وزير الداخلية باستخدام سيارات الوزارة وكذلك تم عرض صور لموقوفين تشاهد عليهم اثار الضرب والتعذيب وكذلك اظهر الفلم صورة لرجل اقتلعت عينه وآخر عليه آثار غرز للمسامير وصوراً لأجساد كسرت اطرافها. وقال السامرائي: إن وزير الداخلية العراقي صولاغ قد عين (17) سبعة عشر ألف عنصر من مليشيات بدر كافراد شرطة في وزارته . متهماً هؤلاء بانهم جميعهم يستمرون بتلقي رواتب من طهران)[60].
 
سيطرة المخابرات الإيرانية على الجنوب
أما الجنوب فلا يجرؤ رجالات المخابرات العراقية على الذهاب إليه، وإلا تعرضوا للتصفية الجسدية على يد الحرس الثوري الإيراني ورجال المخابرات الإيرانية وعملائهم. ومن الطريف أن مقر المخابرات الإيرانية بات معروفاً لأهل البصرة، حتى صار من معالم المدينة الدالة! فيقال مثلاً: الدائرة الفلانية تقع خلف مقر المخابرات الإيرانية، والبيت الفلاني على يمين مقر المخابرات الإيرانية... وهكذا! وقد افتتح محافظ عبادان معرضاً للكتاب في البصرة! حتى إن رجل الدين المتلون محمود الصرخي قد طالب الحكومة العراقية بتحرير العتبات (المقدسة حسب تعبيره) من الاحتلال الإيراني.
وثائق الدخول إلى العراق من الكويت مكتوبة بالفارسية
ذكرالدكتور عبد الله النفيسي في المحاضرة التي ألقاها في مؤتمر (نصرة أهل العراق) الذي انعقد في إستانبول في يومي 13-14/12/2006 – وقد كنت حاضراً المؤتمر – من أن الأوراق التي يقدمها الموظفون العراقيون عند بوابة الحدود بين "الكويت" العربية و"العراق" العربية، ويطلب من القادمين من الكويت تعبئتها.. كانت مكتوبة باللغة الفارسية وليس العربية!
وقد علق موقع المختصر الإخباري على الموضوع قائلاً: المفاجأة كانت بالغة الخطورة، وتعني أن العراق يتعرض لمخطط حقيقي لإلغاء عروبته ، وفي سبيله إلى أن يصبح إحدى محافظات الإمبراطورية الفارسية الجديدة.
وذكر الموقع - نقلاً عن النفيسي - المظاهرات التي خرجت في كل المناطق الشيعية، عقب مقتل الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وهي تحمل صورا للزعيم الإيراني آية الله الخميني مطالبة بإخراج العرب من العراق، وتؤكد أن العراق ليس عربياً.
 
 4/9/2008
 
 
حقائق كبيرة وخطيرة
عن طموحات إيران في العراق والمنطقة المجاورة
(3)
 
2. الوجود الإيراني في العراق
(2)
 
عشرات الآلاف من الحرس الثوري الإيراني في العراق
"أعلنت حركة (مجاهدي خلق) الإيرانية المعارضة يوم (26/1/2007) في برلين عن لائحة بأسماء أكثر من (31) واحد وثلاثين ألف عراقي، أكدت أنهم "عملاء لنظام الملالي" الإيراني في العراق، ويتقاضون أجورًا من طهران. واتهم المتحدث باسم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (الجناح السياسي لمجاهدي خلق) في ألمانيا جواد دبيران، إيران بإرسال ملايين الدولارات نقداً كل شهر إلى العراق، وتهريب أسلحة إليه، وفق وكالة "فرانس برس". وقال دبيران: إن هؤلاء العملاء عناصر في "فيلق القدس" المقرّب من "الحرس الثوري الإيراني"، موضحًا أن حركته حصلت على هذه اللائحة السرية من هذه القوة. وبحسب حركة المعارضة الإيرانية، فإن هذه اللائحة لا تتضمن سوى العناصر الذين جنّدهم فيلق القدس مباشرة في إيران. وتعرض القائمة الاسمين العربي والإيراني لكل من هؤلاء العناصر، فضلاً عن اسمه السري في العمليات ورقم حسابه المصرفي وأجره الشهري بالريال الإيراني. وقال دبيران: "إن النظام الإيراني أقام شبكة من الإرهاب والقتل في العراق تنشط في بغداد كما في جنوب العراق وشماله ووسطه"[61].
واليوم (أيلول 2007) تجاوز الحديث عن وجود الآلاف من الحرس الثوري الإيراني في العراق شبكة الانترنيت، وزوايا الصحف إلى شاشات الفضائيات، وتقارير المراسلين العلنية إلى هذه القنوات.
هذا وقد اعتقلت القوات الامريكية في بداية كانون الثاني (2007) اثنين من ضباط الحرس الثوري الايراني في بغداد، من أمام بيت عبد العزيز في الجادرية. وقد علق الأستاذ محمد هارون على الواقعة واستطرد في حديث مهم عن تفاصيل خطيرة حول الوجود الإيراني وتدخلات إيران في العراق جاء فيه:
استاء جلال طالباني، وصمت عبدالعزيز طباطبائي إزاء اعتقال القوات الامريكية لاثنين من ضباط الحرس الثوري الايراني في بغداد. دخلا الي العراق المفتوح الحدود، والمشرع الأبواب والنوافذ والمنافذ، بفضل الاحتلال وحكوماته المحلية المتعاقبة، وزارا الكثير من المسؤولين الحاليين في مواكب محمية. وعقدا العديد من الاجتماعات في المجمعات المحصنة بعيداً عن الانظار والأضواء. واستناداً الى الرواية الامريكية الرسمية فان الاثنين كانا يخططان لشن هجمات على الأمريكيين، والقيام بعمليات مضادة لهم في العراق لاحقاً، رغم ان الشكوك تبقى محيطة بالتصريحات الامريكية حتى لو كانت صحيحة. والمثير في هذه الحكاية، ليس في استياء طالباني من عملية اعتقال ضيفيه المفترضين، ولا في سكوت طباطبائي الذي جرى اعتقال الايرانيين في ثكنته التي يعسكر فيها بحي الجادرية الملحق بالمنطقة الخضراء، وانما في التحرك الامريكي وتوقيته، لأن الجميع في العراق، يعلم بان الايرانيين - المسؤولين والسياسيين - يأتون الى العراق ويدخلون اليه عبر بوابات السليمانية وزرباطية في محافظة الكوت والعمارة والبصرة، بلا تأشيرات على جوازات سفرهم، ودون موافقات رسمية مسبقة! وكثير من الزوار الايرانيين الحكوميين الذين يشغلون وظائف امنية واستخبارية ذات طبيعه سرية، ينزلون في بيوت وفيلات وزعها الامريكان على المتعاونين معهم سواء في بغداد او محافظات الفرات الاوسط والجنوب، تحت سمع وبصر قوات الاحتلال الامريكية والمتحالفة معها، دون ان تبادر هذه القوات الى اتخاذ اجراء ضدهم. وبصرف النظر عن طبيعة زيارة المسؤولين الايرانيين ولقاءاتهما مع نظرائهما في بغداد، الا أن عملية اعتقالهما لها دلالات لا تخفى على عاقل وتحمل رسائل سياسية الى اكثر من جهة وتحديداً الى الحكومة الايرانية، ومفادها: اننا نتابع تحركات موظفيكم وحلفائكم واصدقائكم وجواسيسكم في العراق. والرسالة الامريكية الي طهران تخويفية، لان ايران تدرك تماماً ان الامريكان بكل جيوشهم وأجهزة استخباراتهم وطواقم سفارتهم وقنصلياتها وشركات الامن والحماية المتعددة الجنسيات في العراق، لا تقدر على مراقبة ومتابعة الايرانيين الداخلين والعابرين والعاملين والمقيمين الذين تشير التقديرات الى ان اعدادهم وصلت الى ارقام قياسية، وخصوصاً في بعض مناطق وأحياء العاصمة بغداد، ومحافظات النجف وكربلاء والبصرة والعمارة والكوت والناصرية واجزاء من محافظات الديوانية والسماوة والحلة وديالى. وبالنسبة للمحافظة الاخيرة فان قوات البيش ميركة التابعة لحزب طالباني قد تمكنت من فصل قضاء خانقين عن مركز المحافظة بعقوبة، وربطته ادارياً وامنياً وعسكرياً بالسليمانية، وجعلت من القضاء المذكور مرتعاً لعصابات تهريب المخدرات الايرانية.
من مظاهر النفوذ الإيراني
والنفوذ الإيراني في العراق لا يقتصر على زيارات وإيفادات المسئولين الإيرانيين إليه. فهؤلاء كما يبدو من طبيعة مهماتهم ووظائفهم يقومون بعمليات التنسيق مع أقرانهم وعملائهم ووكلائهم في داخل العراق، أو انهم يحملون تعليمات جديدة او عاجلة يخشون ارسالها عبر برقيات الشفرة او الاتصالات الهاتفية او الرسائل المكتوبة؛ خوفاً من السطو عليها وتحليل وتفكيك مضامينها من دول واطراف عدة. فإيران على سبيل المثال:
1. السيطرة على أكبر المليشيات : تسيطر على أكبر تشكيلين للميلشيات هما فيلق بدر وجيش المهدي.
2. التحكم بأكبر الأحزاب في العراق : وتتحكم بأكبر حزبين شيعيين هما المجلس الاعلى وحزب الدعوة بأجنحته الثلاثة. اضافة الى تمويلها لعشرات التنظيمات والحركات والدكاكين الشيعية.
3. التحكم بأهم الوزارات : وايران هي التي تسير العمل في العديد من الوزارات السيادية والخدمية كالداخلية والنفط والمالية والبلديات. (بل أمسكت إيران بالملف الأمني من قرنيه حين تولى وزارة الداخلية باقر صولاغ. وهو إيراني نسباً وقلباً وقالباً. ووزارة الأمن مسؤول حزب الدعوة العنزي عميل إيران. أما مستشار الأمن القومي فهو كريم شاهبور، الذي بات يدعى بـ(موفق الربيعي). وهو إيراني من مدينة شاهبوري.
4. تبعية خمسة محافظين في الجنوب لإيران: ولديها خمسة محافظين من اصل تسعة محافظين في الوسط والجنوب ممن يسمون بالاسرى التوابين. وهؤلاء تعاونوا مع الاجهزة الايرانية بعد وقوعهم في الاسر خلال الحرب وحولتهم الى جلادين للاسري العراقيين ومخبرين لها.
5. تبعية قادة أربع فرق عسكرية : ولديها أيضاً أربعة قادة فرق عسكرية من أصل عشر فرق تتبع وزارة الدفاع. أبرزهم قائد الفرقة الخامسة التي تتمركز في محافظة ديالى، واسمه شاكر عبدالحسين هليل. وهو المسؤول العسكري لميلشيا بدر في المحافظة، إضافة الى وظيفته الرسمية. وآخر المعلومات عنه ان وجهاء وشخصيات ورؤساء عشائر في ديالى كلفوا فريقاً من المحامين الفرنسين لتقديم شكوى عليه لدى المحكمة الاوربية في بروكسل بتهمة انتهاك حقوق الانسان، بعد ان امتنعت المحاكم العراقية النظر فيها، خاصة وان عدداً من الذين اعتقلتهم قوات هذه الفرقة وعذبتهم وفرضت عليهم غرامات وأتاوات هم من العراقيين الذين يحملون جنسيات أوربية كانوا في زيارات لاهليهم وذويهم، وجرى القاء القبض عليهم وسجنهم ضمن حملات الاعتقال الجماعي والعشوائي التي يأمر بها هليل دورياً في المحافظة. ولدى هؤلاء وثائق وشهادات تثبت تعرضهم الي التنكيل والتعذيب ودفع أموال للافراج عنهم.
6. ثمانية عشر نائباً في مجلس النواب إيرانيون : وفي مجلس النواب هناك ثمانية عشر نائباً ايرانياً، او يحمل جنسية إيرانية، حصل عليها في السابق. والجميع يعلم ان إيران لا تمنح جنسيتها الا لمن اصوله ايرانية. وأحد هؤلاء النواب تولى رئاسة أركان فيلق بدر لأربع سنوات (1983-1987). وآخر هو مسؤول التعبئة في هذا الفيلق الى يومنا الراهن ويكنى بـ(ابو احمد مهدي المهندس)، معروف عنه انه من الايرانيين الذين عاشوا في البصرة، وسفرت عائلته الى ايران عام 1980 وهرب هو الى الكويت، واسمه مدرج في سجلات الامن الكويتية لقيامه بادارة هجمات على السفارتين الامريكية والفرنسية في الكويت منتصف الثمانينات، وعليه مذكرة القاء قبض دولية[62].
7. مسئولون كبار أصولهم إيرانية : وهناك الكثير من يتولون وظائف وزارية وقيادية في حكومة المالكي هم من اصول ايرانية، منهم وزير دولة تفادت اسرته تسفيرها الى إيران بتزوير الوثائق ودفع الرشاوي الى مسؤولين في النظام السابق. وعندما شب الوزير حن الى اصوله لان العرق دساس كما يقال، وهرب الى ايران عام 1992، وبلا مقدمات اصبح ضابط استخبارات في الحرس الثوري الايراني! وتركز نشاطه على الحدود الايرانية مع محافظة العمارة. وهناك وكيل وزارة امنية سفر الى ايران اوائل الثمانينات ومنها انتقل الي السويد لاجئاً وافتتح هناك بقالة وفرعاً لشركة سفريات حج وعمرة صاحبها احد قيادي حزب الدعوة.
8. ثلاثون منظمة إيرانية في العراق : أما فيما يخص المنظمات الايرانية التي تعمل في العراق علناً، فقد تجاوز عددها ثلاثين منظمة! تتخذ لها اسماء ومقرات وعناوين معروفة. وجميع من يعمل فيها ويدير انشطتها ايرانيون. وقسم كبير منهم لا يحسن اللغة العربية، ويضطر الى تعيين مترجمين الى اللغة الفارسية من المسفرين الايرانيين. وتنتشر هذه المنظمات في محافظات الجنوب والوسط، ومنها منظمة تحمل اسم (ممثلية الولي الفقيه) التي ترتبط مباشرة بمرشد الثورة الايرانية علي خامنئي، ومقرها الرئيس في النجف يقوده مهدي آصفي أحد مؤسسي حزب الدعوة الشيعي في العراق في نهاية الستينات قبل عودته الى بلاده في عام 1971. ولهذه المنظمة فروع ومكاتب في البصرة والعمارة والكوت والناصرية وكربلاء، والاستــعدادات جارية لافتتاح فرع في الكاظمية بعد ان فشلت جهود افتتاح فرع لها في (بلد) شمالي بغداد بفضل المقاومة العراقية.
9. اختراق الشمال العراقي : وعلى الجبهة الكردية في شمال العراق، وتحديداً في السليمانية التي تخضع لهيمنة حزب الاتحاد الوطني برئاسة جلال طالباني، فان التدخل الايراني وصل في العامين الماضيين الى درجات متقدمة في التعاون والتنسيق بين الجانبين، حتى وصل الامر الى ان الطرفين رسما خطة لتصفية الضباط والطيارين العراقين في المنطقة الكردية، اثر دعوة وجهها طالباني علناً يدعو هؤلاء الى الذهاب الى السليمانية لتفادي اغتيالهم في بغداد والمحافظات العربية حسب ادعائه، ومرة ثانية تتدخل المقاومة العراقية وتنجح في كشف أبعاد هذه المؤامرة الدنيئة واحباطها في مهدها[63].
10. المرجع الأكبر لشيعة العراق إيراني : ولا يفوتنك أن المرجع الديني لشيعة العراق، الذي يمسك بزمام أكبر موجه للفكر والإرادة والسياسة، هو الإيراني علي السيستاني. وهذا يعني لزوماً ابتداء وانتهاء وضع الشيعة كلهم في سلة إيران. ومن يعرف دور التقليد في حياة الشيعي يدرك خطورة هذه المعادلة. وقد بلغ السيستاني في انتمائه لأصله الإيراني، واستنكافه من الانتماء للعراق حداً جعله يرفض التجنس بالجنسية العراقية، حين أراد ما سمي بـ(مجلس الحكم) الشيعي منحه إياها!!!
 4/9/2008
 
 
حقائق كبيرة وخطيرة
عن طموحات إيران في العراق والمنطقة المجاورة
(4)
 
2. الوجود الإيراني في العراق
(3)
 
من البصرة يبدأ قيام دولة فارس
تقوم المليشيات الشيعية بحملة واسعة النطاق للقتل والخطف والتهجير لأهل السنة، خاصة في الجنوب العراقي، وفي البصرة تحديداً, ومحاولة تفريغها من السنة العرب بهذه الأساليب الإجرامية. تذكر أحدث التقارير الواردة من هناك، أن نسبة السنة التي كانت تبلغ أكثر من 40% من سكان مدينة البصرة, أصبحت اليوم لا تتجاوز 15% ؛ نتيجة أعمال التطهير الطائفي الذي تمارسه هذه المليشيات، والنزوح الجماعي للعوائل السنية إلى مدن العراق الأخرى. وبمباركة المرجعية الشيعية التي لم نسمع أي إدانة منها لهذه الأعمال. والسيطرة على البصرة يعتبره المروجون لمجيء المهدي إحدى علامات ظهوره الكبرى[64].
وإيران تعمل جاهدة على بسط نفوذها في البصرة. والأمر بات مكشوفاً للجميع. نشر موقع المختصر عن صحيفة الديلي تليجراف البريطانية في عددها الصادر يوم الأربعاء 17/1/2007 أنه تم الكشف عن برنامج إيراني معقد، للتسلل السياسي إلى البصرة، مع تزايد التوقعات بقرب الانسحاب البريطاني من جنوب العراق. وأكدت الصحيفة أن إيران تعمل الآن بواسطة عملائها من الشيعة العراقيين على اختراق الشبكة الأمنية والأحزاب السياسية من أجل بسط هيمنتها على جنوب العراق، بعد انسحاب قوات التحالف من هناك. وأشارت الديلي تليجراف إلى أن المخطط الايراني للسيطرة على البصرة يهدف في المقام الأول إلى السيطرة على حقول النفط الموجودة في جنوب العراق، الأمر الذي يوفر للرئيس الايراني أحمدي نجاد مصدرا جديدا للقوة في المنطقة.
وكانت مصادر إخبارية قد ذكرت أنه تم اعتقال المنظر الرئيس في الحرس الثوري الإيراني الدكتور حسن عباسي، الذي يعد من كبار المسؤولين في استخبارات الحرس ضمن الأشخاص الخمسة الذين اعتقلتهم القوات الأمريكية في اربيل الخميس الماضي. ما يعني أن إيران تخطط لبسط نفوذها على أجزاء واسعة في العراق، وليس على البصرة أو حتى الجنوب كله فقط.
ونقل الموقع نقلاً عن "قدس برس" تأكيد مصدر مسؤول في الجيش الأمريكي أن قواته عثرت على وثائق لدى الإيرانيين الذين اعتقلوا في أربيل بشمال العراق لتوريط مناطق سنية في بغداد بمواجهات مع الجيش الأمريكي ، أثناء تطبيق الخطة الأمنية الجديدة.
ونقلت صحيفة "الزمان" الصادرة في بغداد عن المصدر قوله: إن قواته عثرت على وثائق تؤكد وجود خطة إيرانية مرتبطة بالحرس الثوري وفيلق القدس؛ لدفع الجماعات المسلحة والأهالي في المناطق العربية السنية في بغداد، لمهاجمة الأمريكيين وخاصة في الدورة والغزالية والأعظمية، فضلاً عن الأنبار والموصل وما حولها في أثناء بدء الخطة الأمنية الأمريكية الحكومية المشتركة. في حين تشدد الوثائق على تبليغ "جيش المهدي" والمليشيات الشيعية الأخرى في بغداد الالتزام بالهدوء التام وعدم إبداء أي مقاومة ضد الحملة الأمنية حتى لو تسببت في اعتقالات أو خسائر. ويفيد المصدر أن الخطة التي كانت في حوزة الخلية الإيرانية المعتقلة مرسومة على أساس توريط السنة في مواجهات يتم تدمير مناطقهم بسببها، في حين يتم الاحتفاظ في مدينة الصدر بقوة المليشيات، لإعادة إطلاقها للسيطرة على العاصمة بعد انتهاء المدة المقررة للخطة الأمنية. كما يضيف: أن الإيرانيين المعتقلين على صلة وثيقة بالحرس الثوري وعملياته السرية في العراق، وأنهم مشتركون في تمويل هجمات وتوريد أسلحة إلى جماعات مسلحة مختلفة بغض النظر عن انتمائها المذهبي ، لكنها في النهاية تصب في تحقيق الاضطراب الأمني في العراق. إ.هـ.
وأخيراً اعترف السفير الإيراني في العراق بأن الذين اعتقلتهم القوات الاميركية في أربيل، هم من الأمن الايراني، وليسوا دبلوماسيين كما كان يصر سابقا[65].
 
آخر الفضائح
أما آخر الفضائح فجاءت على لسان الرئيس الإيراني محمود نجاد حين صرح في الأسبوع الماضي (آخر آب 2007) قائلاً بأن إيران مستعدة لملأ الفراغ إذا انسحب الأمريكان من العراق. وقد تزامن هذا التصريح الأخرق مع فضيحة التقاتل بين أتباع الصدر وأتباع السيستاني ممثلين بمنظمة بدر وغيرها في كربلاء أثناء الزيارة التي يسمونها بـ(الشعبانية). فقد تناقلت القنوات الفضائية فضيحة اشتراك الحرس الثوري الإيراني في إثارة القتال، والمساهمة فيه بشكل فعال. وعندما أعلن أهالي الضحايا في كربلاء أنهم يمهلون القنصلية الإيرانية مدة ثلاثة أيام لتسليم الجناة، قامت القنصلية بإجلاء الآلاف (تصور.. الآلاف..!!!) من عناصر الحرس الثوري تحسباً لما يحدث لهم مما لا يحمد عقباه!
 
وبعد..
فهذه الجرائم الفظيعة، والتدخلات السافرة التي تقوم بها إيران ضد العراق، ودول المحيط المجاورة، لا يمكن تفسيرها على قاعدة رد الفعل دفاعاً عن النفس، وإنما هي أفعال يبتدئونها من ذاتهم، وينفذونها - بلا تردد – طبقاً لعقيدتهم السرطانية، وعقليتهم التوسعية، ونفسيتهم العدوانية، التي تأبى عليهم إلا الاعتداء، وإثارة الحروب مع الآخرين، خصوصاً العراق، وبقية الدول التي يعتبرونها جزءاً لا يتجزأ من إيران، إمبراطورية الحقد والشر المستطير.
 
4/9/2008
 
 
خطأ شائع عن نكاح المتعة يجب تصحيحه
(نكاح المتعة كان مباحاً أول الإسلام ثم حرم متأخراً)
 
15/09/2007
  
في منتدى الموقع وتحت عنوان (نساء الرافضة للآجار) كتب (فاضح الرافضة) عن نكاح المتعة قائلاً: (وهذا الأمر كان مباحاً أول الإسلام لكنه حرِّم يوم خيبر تحريماً نهائياً إلى يوم القيامة).
وهذا من الأخطاء الشائعة كثيراً. والصحيح أن هذا النوع من النكاح لم يكن له وجود في المجتمع الإسلامي لا في المدينة، ولا بين أفراد المسلمين في مكة. والدليل على ما أقول ما يلي: لقد حرم القرآن الكريم في بداية نزوله - والمسلمون ما زالوا في مكة أفراداً - نكاح المتعة وغيره من العلاقات الجنسية الأخرى، سوى النوعين المعروفين من الأنكحة: الزواج الدائم وملك اليمين. وذلك بقوله تعالى الذي نزل مرتين في سورتين من القرآن:
{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ}(المعارج/29-31، المؤمنون/5-7).
فالآيات تصرح بأن ما وراء الأزواج، وما ملكت اليمين حرام. ونكاح المتعة لا يدخل في هذا ولا ذاك. فهو مما {وراء ذلك}. إذن هو حرام، ومن الأيام الأولى لتاريخ الإسلام.
وقد فهم المسلمون شمول هذا النكاح بالتحريم فلم يمارسوه لا في مكة ولا في المجتمع الإسلامي في المدينة. والدليل على ذلك أن التاريخ الإسلامي بشقيه: التشريعي والعام لم يسجل لنا حادثة من هذا النوع في المجتمع المسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. كما أن القرآن الكريم - الذي كان المؤرخ الأمين لكل الحوادث المهمة طيلة فترة نزوله، لا سيما ما تعلق منها بالتشريع - يسكت سكوتاً تاماً عن ذكر أي واقعة لنكاح المتعة، أو ذكره مجرداً عن الحدث، أو ذكر حكم من أحكامه. فلو كان يمارس ضمن المجتمع المسلم، لما سكت تاريخ التشريع النبوي عنه هذا السكوت المطبق، ولما أغفل القرآن ذكره قطعاً. فإن القرآن تناول بالذكر أموراً وحوادث دونه في الأهمية بمراتب كثيرة. وذكر لها مع ذلك أحكاماً كشرب الخمر مثلاً، بل الصيد وما هو في مرتبته، وما دون ذلك.
تأمل كم آية من القرآن وردت في الصيد فقط!!
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لكُمْ بَهِيمَةُ الأنْعَامِ إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ*يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (المائدة:2،1).
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ
يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ*يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ*أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} (المائدة: 94-96).
ولا شك في أن الصيد أهون كثيراً عند الله تعالى من أعراض المحصنات المؤمنات. فكيف يرد بهذه الصورة الواضحة المفصلة؟! ويترك أمر فروج المؤمنات بلا بيان ولا تفصيل!
 
أحاديث المتعة
أما الأحاديث الواردة في الترخيص بالمتعة فإنها جميعاً لا تدل على أن الرخصة المذكورة فيها كانت حكماً شرعياً دائمياً لظاهرة اجتماعية كانت تمارس ضمن المجتمع المسلم. وإنما تتعلق بمسألة حدثت مرة أو مرتين في ظرف طارئ خاص وقع خارج المدينة المنورة وأماكن تواجد المسلمين. مرة في غزوة خيبر، وأخرى في أوطاس (أو غزوة حنين)[66]. ولمدة ثلاثة أيام فقط في كل مرة، ثم يعود الأمر إلى التحريم.
ولا شك أن خيبر خارج المجتمع المسلم. وكذلك الطائف يومها. وليس فيهما نساء مسلمات. ولأن المدة قليلة جداً فلم ينزل فيها قرآن. وهذا سر سكوت القرآن سكوتاً تاماً عن ذكر مشروعيته أو ذكر حكم من أحكامه، في حين أنه تكلم مراراً عن الخمر- مثلاً - وتدرج  في تحريمه مع أنه دون النكاح في خطورته وأهميته وحساسية موضوعه.
والسبب هو أن شرب الخمر كان يمارس ضمن المجتمع المسلم، فواكب القرآن هذه الظاهرة، وتدرج في علاجها. فكيف يسكت عن الحديث عن ظاهرة هي أخطر وأعظم أثراً في النفس، وفي المجتمع، فلم يتكلم عنها، ولم يضع لها الحدود والضوابط الشرعية، كما تكلم عن الزواج ونكاح الأمة وأحكامها - لولا أنها لم تكن موجودة في ذلك المجتمع. أما أن يكون هذا العمل الخطير يمارس في المجتمع، فلا يرصده القرآن ولا يضع له الضوابط والأحكام فهذا غير مقبول عقلاً، ولا وارد شرعاً.
وهذا يتوافق مع ما رواه الترمذي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (إنما كانت المتعة في أول الإسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس بها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه مقيم فتحفظ له متاعه وتصلح له شيئه. حتى إذا نزلت الآية: {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} فكل فرج عدا هذين فهو حرام).
وكذلك قول عمر رضي الله عنه الذي رواه ابن ماجة: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثة أيام ثم حرمها).
وقد قال العلامة شمس الدين السرخسي في [المبسوط (5/152)]: (بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أحل المتعة ثلاثة أيام من الدهر في غزاة غزاها اشتد على الناس فيها العزوبة ثم نهى عنها فلم يبق بعد مضي الأيام الثلاثة حتى يحتاج إلى دليل النسخ). وبذلك صرح الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم، وغيره من العلماء.
 
 
يحاكمون أفرادنا
كطائفة ونحاكم طائفتهم كأفراد!
  18-10-2007
 
عديدة هي القضايا التي تميز الشيعة، وتجعلهم يتقوون مع باطلهم، ويتغولون على أهل السنة في عقر دارهم.
من هذه القضايا اتباعهم طريقة الهجوم في نشر باطلهم، واتباعنا طريقة الدفاع في نشر حقنا. ومنها استعمالهم الوسائل الجماعية، واقتصارنا على الوسائل الفردية. هم يغيرون المجتمع، ونحن نغير الأفراد. ومنها تحصينهم المستمر لجمهورهم ضدنا، بينما تجد جمهورنا ضعيف المناعة، قليل الخبرة بوسائلهم ومضامين خطابهم.
ومن أهمها أنهم يعممون حكمهم فيحاكمون أفرادنا – أو المحسوبين علينا مهما كان موقفنا منهم- كطائفة، يحملونها مسؤوليتهم. بينما تجدنا نحاكم جرائمهم الطائفية، التي ترتكبها الطائفة مجتمعة، نحاكمها كأفراد، ونحمل وزرها الفرد دون الطائفة.
وفي ذلك خسارة لنا أي خسارة!!!
 
يحملوننا أوزار التاريخ ونبرئهم من تبعات الواقع
انظر إليهم كيف يجيشون جمهورهم، وحلفاءهم حين يتمظلمون محملين أهل السنة أوزار التاريخ، ومسؤولية الحاكم؟ مع أنهم هم السبب في كل ما يجري لهم. بل إنهم هم الذين يقومون بالجريمة، ثم يرمون بها عليك كطائفة وجماعة لا كفرد.
ثم انظر إلينا كيف نبرئهم من تبعات الواقع! نُحَمِّل ما ترتكبه الطائفة - أو الجماعة المقابلة - لأفراد نسميهم بأسمائهم: صولاغ.. الجعفري.. أبو درع.. مقتدى...! أو الخارجين من المليشيات على قادتهم!
يا لغبائنا..!!! وهل أسس أولئك القادة مليشياتهم إلا لذبحنا؟!!!!!!!!!!!!
تأمل هذا الحدث: في حي أبو دشير في الدورة، وفي يوم (11/12/2005) الساعة العاشرة مساء، قامت قوة تابعة لوزارة الداخلية التي يقودها صولاغ خسرو، في وزارة إبراهيم الجعفري، باعتقال أحد عشر شاباً من أهل السنة. وفي صباح اليوم التالي – وبعد مضي 8 ساعات فقط! - عثر على جثث أربعة منهم وقد أذاقوهم - قبل أن تفيض أرواحهم البريئة وهي تشكو إلى بارئها ظلم العباد وخراب البلاد – صنوف التكيل والعذاب، ومثلوا بهم تمثيلاً بشعاً. ثقبت وجوههم ورؤوسهم بالدريل، وقلعت عين واحد منهم، وآثار الضرب المبرح على أجسادهم، وقد تم كيّ جلود بعضهم بالمكواة الكهربائية، واستخدمت الحبال لتعليقهم بالسقف وشنقهم، ثم أنهوا هذا المشهد (الترفيهي) بإطلاق الرصاص على رؤوسهم. وألقوا بجثثهم في مكان ليس بعيداً عن دورهم، بالقرب من المقر الذي تتخذه تلك المليشيات وكراً لها ، وتركوا عليها كتابات تنضح بالتشفي والشهوة المحمومة للانتقام: (هذا مصير كل سني قذر)!!
وأدناه صور الضحايا

 

مصيبتنا مركبة
ليس المهم أو المصيبة الكبرى في الحدث – وإن كان المصاب جللاً! – إنما المصيبة في الإطار الذي وضع فيه أهل السنة هذه الجريمة المنكرة! فقد جاء في بيان لإحدى الهيئات السنية الكبرى عن الحادث أن (إخواننا) الشيعة بريئون من تبعة الجريمة، والذي يتحمل مسؤوليتها بيان صولاغ والجعفري!
هذا مثال واحد، يمثل خطاً عاماً لأهل السنة في تعاملهم مع الأحداث الطائفية التي يرتكبها الشيعة كمجموع وطائفة، لا كأفراد ضد أهل السنة.
واستمر هجوم المليشيات في حي أبو دشير على أهل السنة لتهجيرهم من منطقة الدورة كلها. وتحول الحي إلى معسكر حربي، تنطلق منه المجاميع المقاتلة من (إخواننا الشيعة)، وتأوي إليه. تأمل هذه اللقطة في شريط يتضمن مئات اللقطات مثلها وأشد منها، وهي بعد اللقطة الأولى بتسعة أشهر، لتتأكد تماماً من أنهم يقاتلوننا كافة، بجميع طائفتهم، كل حسب طاقته وقدرته:
نشر موقع (الرابطة العراقية) هذا الخبر: "في تطور خطير لمجريات الأحداث المأساوية، شنت مليشيا أبو دشير هجوماً آخر على العمارات السكنية في حي الصحة في الدورة جنوبي غربي بغداد في الساعة التاسعة مساء أمس. واستمر الهجوم حتى الساعة الخامسة فجراً، رغم تواجد الشرطة العراقية! حيث أقدمت هذه المليشيا المتطرفة على التجول بين أحياء العمارات رغم فرض حظر التجول، وتهديد العائلات بالقتل إن لم يرحلوا من العمارات السكنية. ومن الملفت للنظر كتابة شعارات على جدران المنازل والمحال التجارية باللون الأحمر: (عاش جيش الإمام المهدي) و(الموت للوهابية) و(مطلوب لجيش المهدي) و...إلخ. وكانوا في أثناء ذلك يطلقون الأعيرة النارية من خلال أسلحة القنص على دور المدنيين، ويرددون هتافات معادية لأهل السنة. هذا ويذكر أن المواطنين قد اقترحوا للجهات المسؤولة وضع جدار فاصل بين العمارات ومنطقة أبو دشير للحد من تحركهم سيراً على الأقدام، وإجراء تعديلات في جهاز الشرطة الذي يتخذ من مركز شرطة بلاط الشهداء مقرا له في وسط العمارات.
 
بالزغاريد والهتافات تستقبل الأحياء الشعبية مجاميع المليشيات
والمعروف إلى حد الشهرة، والاستفاضة أنه حينما تختطف المليشيات الشيعية مجموعة من أهل السنة، وتذهب بها إلى حي الثورة – أو أي حي آخر من الأحياء الشيعية – يطوفون بالمختطفين في شوارع الحي، فيتلقى أهالي الحي - نساء ورجالاً ، صغاراً وكباراً - الموكب بالهتافات والزغاريد تشجيعاً للقائمين بالفعل، ويستقبلونهم استقبال الأبطال.
أحد أقاربنا من سكنة ناحية الصقلاوية، التابعة لقضاء الفلوجة، اختطفته إحدى عصابات المهدي، وقادته إلى أحد أوكار التعذيب، الذي هو عبارة عن مدرسة من المدارس في مدينة الثورة. وبعد حفلة عامرة بالضرب والركل والتعذيب تركوه. فتمكن من الهرب من خلال فتحة التهوية الموجودة في الحجرة. خرج يركض هائماً على وجهه، لا يدري أين يتوجه؟!!! ثيابه ممزقة، ودماؤه تجري، وشكله مشوه، والرعب طافح على سحنته. ولجهله بطبيعة المخلوقات التي تحيط به؛ فقد قاس الأمر على التقاليد العربية الأصيلة التي تربى عليها هناك في مغاني العز، ومضارب الشيم؛ ما دعاه إلى أن يقتحم أقرب بيت مستغيثاً بأهله كـ(دخيل) تمنع الأعراف العشائرية الأصيلة تسليمه مهما كانت الأسباب! وحين نظروا إليه وإلى حاله، لم يحتاجوا إلى أن يسألوه غير سؤال واحد؟ من أين أتيت؟ فأجابهم بلهفة: من هذه المدرسة - وأشار بيده إلى مدرسة قريبة - فما كان منهم إلا أن صرخوا جميعاً رجالاً ونساء، الصغير والكبير، وقد اختلطت أصواتهم: إرهابي!!! وهابي!!! ثم صاروا يتصلون عن طريق الهاتف الجوال. وما هي إلا دقائق حتى حضرت مجموعة من تلك الوحوش المتواجدة في المدرسة، ليستلموه منهم، ويذهبوا به تحت الضرب والإهانات. وهناك في المدرسة قاموا بنزع جلد أخمص قدميه بواسطة آلة نسميها (كلابتين)؛ حتى لا يتمكن من الهرب مرة أخرى. ثم صاروا – إضافة إلى هذا – يذيقونه صنوف العذاب والتنكيل. تمكن هذا الشاب – بعد ذلك - من الحصول على قرار بالنجاة بأعجوبة. أخذوه بعدها محمولاً في بطانية، وألقوه في باحة كراج العلاوي. ومن هناك استغاث بمن استأجر له سيارة أجرة تنقله إلى أهله.
هذه أمثلة تكررت علينا آلاف المرات.. نعم! آلاف المرات. دون نكير من المجتمع الشيعي. بل المجتمع في عمومه – إلا القليل – متواطئ ويعمل بكل ما يستطيع على ارتكاب هذه الجرائم الجماعية، وتنفيذ مخطط مرسوم لتفريغ الجنوب العراقي والعاصمة بغداد وغيرها، من أهل السنة. ومع ذلك يخرج من يهمه الأمر منا ليقول: هذا يرتكبه المتطرفون من الشيعة! وأنا أسأل: وهل غالب الشيعة إلا متطرفون؟ ولا شك أن الحكم للغالب. نعم هذه الجرائم يرتكبها المتطرفون منهم. ولكن التطرف غلب عليهم؛ فالحكم يعمهم، والوصف يشملهم، إلا من ثبت أنه من المنكرين لما يفعل المتطرفون.
 
خسارة في الدين وفي السياسة
وإذا سألت أحداً من جماعتنا: لماذا تقول ما تقول؟ أجابك: "هذه سياسة". وأنا أعلم أن السياسة أن تربح أكثر مما تخسر. وهذا التصرف خسارة جائحة لا ربح فيها.
انظر إلى الشيعة كيف يحملوننا أوزار التاريخ! وينسبون إلينا مسؤولية أحداث هم صنعوها. ولو افترضنا أن الفاعل واحد منسوب إلينا، فنحن نعلن صباح مساء براءتنا من فعله. والله تعالى يقول: (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (الإسراء:15). كل هذا لا يكفي عند الشيعة!
من قتل الحسين؟ سؤال في جوابه كشف لبعض ما أريد. ثم هم يقتلوننا ويصيحون: يا لثارات الحسين! وقد تأسست أحزاب ومليشيات تحمل اسم الثأر.
لم يكن صدام حسين سنياً ولا شيعياً، بمعنى أنه لم يكن طائفياً في النظر إلى مكونات الشعب. وكان ابنه الكبير عدي يميل إلى جانب الشيعة، وسخر لخدمة عقائدهم وأفكارهم جريدته "بابل" حتى قيل: إنه صار شيعياً. لكن الشيعة اليوم جعلوا منه رمزاً سنياً، يمثل ظلم أهل السنة تجاه الشيعة. إنهم يحملون المجموع جريرة الفرد، على العكس منا!
إنهم يجيشون علينا جماهيرهم ليجتثونا، ويخرجونا من ديارنا وأبنائنا، بينما نحن نخدر جماهيرنا، ونجبنها عن التصرف الصحيح إزاء عدو حقيقي، حين نصوره لهم حملاً وديعاً، وأخاً شفيقاً. وهنا الخسارة!
أضف إلى ذلك خسارتنا في مجانبة المنهج الرباني، ومخالفتنا للتقرير القرآني. إن اليهود - حين لم يتبرأوا من جرائم أسلافهم – حمّلهم القرآن - على اختلاف أجيالهم – مسؤوليتها. وخاطبهم خطاباً واحداً. وفي سورة البقرة شواهد عديدة. ويمكن لذلك مراجعة الآيات من رقم(49) إلى(103). وهذه واحدة منها كمثال: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ) (البقرة:87). فمع أن القتلة المكذبين بادوا وماتوا، خاطب القرآن الكريم الجيل الحاضر من اليهود كما لو كانوا هم الذين ارتكبوا خطيئة القتل والتكذيب؛ لأن الطبيعة واحدة؛ ولأنهم لم يتبرأوا من الجريمة؛ ولأنهم يكررون الفعل نفسه في كل جيل.
والشيعة كذلك. لكننا نتعامل معهم على غير الهدى النازل من عند الله جل في علاه، ألم يقل الله تعالى: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (التوبة: من الآية36)؟
فالخسارة تحيط بنا من جانبيها: الديني والسياسي! حتى نراجع ديننا، ونعيد الوعي إلى جمهورنا.
 
  
اختلاف
الحرامية وإرهاصات النهاية
12/11/2007
 
كتبت هذه المقالة الاستشرافية قبل أقل من أربعة أشهر على تفجر المعارك الكبرى بين الحكومة وجيش المهدي في آذار ونيسان/2008،  والتي انتهت بهزيمة هذه المليشيا الملعونة وانحسار شرها.
 
الشيعة يأكلون آلهتهم
كانت فضيحة مدوية عندما أكل الشيعة آلهتهم في يوم "الزيارة الشغبانية" الفائتة. ورغم كل التعتيم والمحاصرة الإعلامية المفروضة، لم تتمكن الأجهزة الحكومية من إلقاء الستر على سوءة الحدث!
ونقلت الكاميرات - الظاهرة والخفية - للعالم كله كيف أحرق الشيعة – وأخربوا بأيديهم - المراقد التي يقدسونها، والمشاهد التي يعظمونها، يضاهئون بها بيت الله في مكة المكرمة! وشاهد الناس ألسنة اللهب تتصاعد من تلك القبب، والناس تتراكض كأن قيامتهم قامت! وتبادل أقطاب الشيعة – ما بين صدر وبدر - التهم فيما بينهم. وارتفعت أصوات الجمهور الكربلائي تتهم إيران، وتطالب القنصلية الإيرانية بالقصاص من الفعلة. ونقلت بعض الفضائيات أن تلك القنصلية أجلت بضعة آلاف من "الحرس الثوري الإيراني"؛ خوفاً من ردود الفعل الشعبية. وصار الشيعة – الشيعة أنفسهم! – يترحمون على أيام صدام!
لقد كانت فضيحة بامتياز..! وكانت نكتة سمجة يوم صرح بعض المسؤولين في الحكومة أن الحدث من تدبير الصداميين والبعثيين!!!
لقد أكل الشيعة آلهتهم..!
وإذا كان أهل الجاهلية يأكلون آلهة من تمر، فإن الشيعة أكلوا آلهة من حجر..!
مسكين مقتدى.. ذلك الصبي الجهول! رغم كل المحاولات لم يستطع أن يحصل على حصته من ذلك السحت الحرام!  صراع نفوذ.. وتكالب على حطام الدنيا.
 
والفضائح تترى
وتوالت الفضائح تترى.. وكان من آخرها فضيحة تعذيب عائلة كربلائية على يد الشرطة بقيادة ضابط يمت بصلة نسبة إلى (رئيس الوزراء)! انتهى المشهد بقتل طفلتين صغيرتين بعد تعذيبهما أمام أنظار أمهما، التي لم تسلم هي من الضرب المبرح والتعذيب الشديد. و(الحفل) تتناقله شاشات التلفزة الفضائية! والسبب أن والد الطفلتين من أعضاء "جيش المهدي"! وهاج الصدريون وماجوا، واحتجوا واستنكروا، وهددوا وطالبوا، وشتموا واتهموا. والطرف الآخر - بدوره – أنكر ما لا يمكن أنكاره! وصار يكيل التهم إلى أعضاء جيش إمامهم المزعوم.  وظهرت على السطح خبايا القمامة الكريهة، بعد أن صارت أيدي الطرفين تبعثر محتوياتها، كل يقول لصاحبه: هذه لك، هذه لك. فيرد عليه الآخر بمثلها، حتى نزلوا إلى الأعماق، وصاروا من هناك يتنفسون وينفثون.
لقد اختلف الحرامية، وظهرت السرقة. وإن ربك لبالمرصاد.
 
انهيار الحائط المقدس
فبعد أن كان مقتدى الصدر وجيشه الغوغائي لا يجرؤ على مسه أحد حتى من أهل السنة، بل يقابل بالإجلال والإكبار كرمز من رموز الوطنية العربية، ويكتب اسم مقتدى على جدران شوارع الفلوجة والأنبار! وكان صوتاً وحيداً نشازاً يوم كتبتٌُ في أول (آيار/ 2005) بعد معركة الفلوجة الأُولى أقول: (في وسط هذه الأجواء المشحونة بالعاطفة والقلق والتوتر نسي أهل السنة كل شيء وانطلق الملأ منهم يهتفون باسم "مقتدى الصدر" ويرفعون صوره ويضفون عليه لقب "المجاهد"! بل منهم من استلف من خزين ذاكرته لقب (عمر المختار) رحمه الله : "شيخ المجاهدين" فتكرم به مجاناً عليه !! (وانخرطت) المنابر في هذا الهتاف المحموم فكالت وعبت - وبلا حساب - من المدح والحمد. ووُزعت منشورات وعلقت ملصقات تمجد من كان قبل بضعة أيام محسوباً على فصيل العملاء ! بل انتشرت دعاية مُفادها أن أفراداً من "جيش المهدي" شاركوا في القتال مع أهل الفلوجة! ولم تقتصر هذه التصورات والأوصاف على مقتـدى وأنصاره ، وإنما اتسعت عند الكثيرين لتشمل عموم الشيعة في العراق ! وكان الله في عون عامة الجماهير وهي ترى بين عشية وضحاها كيف تنقلب الموازين وتضطرب الأسماء وتختلط المفاهيم وتستبدل الأقنعة وتتغير الجلود! وكأن الأمر كما قد قيل: "ما بين المغرب والعشاء يفعل الله ما يشاء).
وحتى بعد أن ملأت روائح "جيش المهدي" المكان، ما كان أحد يزيد على أن يقول مشيراً إليه: "مليشيات معروفة"..! بعد هذا وغيره صارت التهم توجه إليه علناً! وبالاسم الصريح! ومن الشيعة، بل من مسئولي الحكومة أنفسهم! وخرج مدير الشرطة قبل يومين – كردة فعل على تلك الفضيحة - ليعدد جرائم جيش المهدي، ويعطي إحصائيات رقمية دقيقة! منها أنه ارتكب في كربلاء (610) حالات قتل، من بينها أكثر من (60) امرأة! وبضع عشرات من أفراد الشرطة، من بينهم (12) ضابطاً. وعدة حالات تسليب... و.. و..!
تصور..! هذا في كربلاء.. المدينة الشيعية، ومع الشيعة! والإحصائية شيعية رسمية!. فماذا عمل هؤلاء المفسدون في مناطق أهل السنة؟! وما هو حجم الجرائم التي ارتكبوها بحقهم؟!!!
التراشق بالتهم
وهذا نموذج مصغر عن الجرائم والتهم المتبادلة بين أولئك الحرامية. نشره موقع (الرابطة
العراقية) أمس 11/11/2007 أنقله بشيء من التصرف:
(كشفت مصادر صحفية عراقية عن تفاصيل مرعبة لا يعرفها الناس، والمتمثلة بقتل وترويع عوائل آمنة وذبح اطفال ابرياء من قبل اجهزة الشرطة والأفواج التي يقودها أقرباء نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي، الأمر الذي جعل أبناء القبائل العربية يأخذون زمام المبادرة كي ينقذوا مدينتهم وأقضيتها قبل فوات الأوان.
وقالت المصادر ان عشائر (الدعوم، بني حسن، الجبور، كريط، ال فتلة، السادة الاشراف، بني كعب، ال بدير، ال شبل) وهي من كبريات العشائر العراقية في المدينة اجتمعت وقررت ترحيل عوائل وأقرباء المالكي من قضاء طويريج، وتحديدا في قرية (جناجة) وبعض احياء حي الجمعية بعملية تسمى (الجلاء)، او الرحيل، الى منطقة اخرى واستثناء كل من لم يثبت اشتراكه في الجرائم والانتهاكات التي حدثت لاهالي كربلاء الابرياء. من جانب آخر، حصل "الملف نت" على وثائق ومعلومات جديدة حول ما يجري في كربلاء ومنها ما يخص من قام واشرف على جريمة كربلاء وهو (علي حميد هاشم المالكي) وهو متزوج من ابنة شقيقة زوجة المالكي والذي كان قد افرج عنه في سنة 2002 بالعفو العام بعد سجنه بتهمة لا اخلاقية. وما ان احتل العراق حتى اصبح (علي حميد هاشم) احد افراد حماية رئيس مجلس قضاء الهندية، وسرعان ما تم طرده بعد اقل من شهر لتصرفاته واعتداءاته على الناس وأعراضهم. وما إن أصبح المالكي رئيسا للوزراء حتى اعطاه رتبة (رائد) وجعله آمرا للفوج الثالث. وعلي حميد هاشم معروف في طويريج كونه صاحب محل لبيع الطيور في السوق الكبير، وهو احد الذين اشتركوا بقتل اللواء عدنان نبات مع عباس حميد هاشم المالكي المعروف بـ(عباس طوارئ). وهو ابن عم نوري المالكي وكذلك اشترك هؤلاء بقتل الاولاد الستة لـ(طائل الجنابي) واشترك معهم في الجريمة المدعو (ياسر صخيل) وهو ابن شقيقة المالكي، ويعمل الآن في مكتبه، وهو زوج إحدى بنات المالكي ايضا، وكذلك كان معهم في هذه الجرائم حسين احمد هادي المالكي المعروف بـ(ابو رحاب) وهو ايضا زوج البنت الكبرى للمالكي (ابو رحاب).
اما كيفية قتل اللواء عدنان نبات، الذي شغل منصب مدير شرطة الكرخ لغاية يوم الاحتلال، فيرويها بعض اعضاء مجلس محافظة كربلاء الذين رفضوا الكشف عن أسمائهم، وهي أن إحدى مجاميع حزب الدعوة قامت باختطاف اللواء عدنان نبات واتجهت به إلى طويريج، وتحديدا عند مجرشة سيد طالب جناجة في قرية (جناجة)، بحجة ان اللواء عدنان كان قد ضايق المالكي في سنة 1979. فحضر كل من نوري المالكي وعباس حميد هاشم وعلي حميد هاشم وابو حوراء (ياسر صخيل)! وابو رحاب، وطرحوا اللواء عدنان على الارض ووضعوا (خشبة) على رقبته سحقها المالكي بقدميه ليردي اللواء عدنان قتيلا في الحال. وهذه الحكاية معروفة لدى اهالي كربلاء. واصبحت هذه المجموعة تقوم بعمليات قتل واغتيال للآخرين فقتلت حسن خليل وهو من اشراف قضاء الهندية، وتهمته يقال انه (بعثي) وكذلك تم قتل خضير يحيى وهو مدرس بصورة علنية أيضا، ثم قتلت هذه المجموعة (سيد احمد الشريفي) وتهمته انه كان نائب ضابط في حرب ايران. وصدر امر بالقاء القبض في حينه على هذه المجموعة التي سرقت الاوراق فيما بعد عندما وصلت الى الحكم تحت عباءة واسم المرجعية.
وتحدث تقرير (الرابطة) عن فضائح وعمليات تزوير وثائق وكتب رسمية قام بها أقارب المالكي هؤلاء، تتعلق بالاستيلاء على قطع اراضي كبيرة في كربلاء. وسرقة ملياري دينار من قبل مظفر وسجاد ابني شقيق المالكي ومحمد رزاق ابن خاله. وقد تم كشفهم من قبل احد المصارف الحكومية في بغداد، وارسلوا كتاباً لمفاتحة رئيس الوزراء بهذا الامر الذي اكتفى بوقف صرف تلك المبالغ لهم . وتقديم (عبد الهادي حسين علي المالكي) وهو ابن اخ رئيس الوزراء وثيقة دراسية ثبت رسمياً أنها مزورة ما دعا مجلس محافظة كربلاء الى طرده من المجلس المذكور والمطالبة باجراء التحقيق لاحالته الى القضاء الامر الذي جعله يلجأ إلى (ابن عمه نوري المالكي) شخصياً، الذي اتصل هاتفيا برئيس مجلس المحافظة طالبا السكوت على الموضوع وان ابن عمه (ليس اول ولا آخر المزورين).
 أما نوري المالكي نفسه فقد استولى على المزرعة الكبيرة العائدة لـ(حسن الدامرجي). الذي كان قد اشتراها من ابن عم المالكي (ضياء يحيى) الذي كان عضواً في قيادة حزب البعث. وكان لا يكتب لقبه (المالكي)، ويكتفي بـ(ضياء يحيى العلي). استولى المالكي على هذه المزرعة وهي مزرعة كبيرة تمتد لاكثر من 30 دونماً، لا بوجه حق سوى كونه رئيس الوزراء، وجعل من تلك المزرعة جنة من جنان الارض زرع فيها انواع الفواكه والاشجار والزهور والنخيل. وهي تطل على نهر الفرات).
نعم لقد اختلف الحرامية.. وظهرت السرقة. وإنها بداية النهاية لهم، ولمشروعهم الإجرامي. ليس الحرامية الصغار في العراق فقط، وإنما أسيادهم، ورؤساء العصابة اللاعبون الكبار منهم: الشيطانان الأصغر والأكبر: أمريكا وإيران.
وصدق الله تعالى إذ يقول فيهم وفي أمثالهم: (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (البقرة:137).
ورحم الله تعالى شيخ الإسلام ابن تيمية يوم قال عنهم قبل سبعة قرون ونيف: (ليس لهم عقل ولا نقل، ولا دين صحيح، ولا دنيا منصورة).
 
 
 
 
 
دين الثعالب
(1)
28/11/2007
 
قبل أيام قليلة تناقلت وسائل الإعلام المحلية والعالمية خبر اجتماع كبير لرؤساء عشائر ورجال دين وشخصيات شيعية في جنوب العراق، وصدور بيان عنه بإدانة التدخل الإيراني الطائفي في العراق. وجاء في الخبر ما يلي: (وقع أكثر من ثلاثمئة ألف عراقي من بينهم ستمئة من زعماء العشائر الشيعية على بيان يتهم إيران بنشر الانفلات الأمني جنوبي العراق. وقال البيان إن "أكثر الطعنات إيلاماً وأكثر الخناجر تسمماً التي غرزتها إيران في خاصرة الشيعة في العراق هو استغلال المذهب وبشكل مخجل لتحقيق نواياها الشريرة". كما اتهم البيان إيران باستهداف المصالح الوطنية العليا والبدء في التخطيط لتقسيم العراق وفصل المحافظات الجنوبية عن العراق. ودعا الموقعون - ومن بينهم 14 رجل دين و600 شيخ عشيرة و1250 حقوقياَ ومحامياً و2200 طبيب ومهندس وأستاذ جامعي و25 امرأة - الأمم المتحدة لإرسال وفد للتحقيق فيما وصفوها بالجرائم التي ترتكبها إيران وأتباعها في جنوبي العراق. وأطلع شيوخ العشائر المشاركون في الحملة وكالات الأنباء ومراسلي الصحف العالمية على الأوراق التي احتوت على التوقيعات الأصلية).
الطريف في الخبر ما جاء في تضاعيفه من (رفض الشيوخ الكشف عن أسمائهم خشية تعرضهم للانتقام)!. واستبشرت جهات إعلامية سنية بالخبر. ولربما عده البعض دليلاً إضافياً من أدلة وجود تيار عروبي وطني في أوساط الشيعة.
 
لسنا ضد النادمين، ولكن..
لست ضد هذا كله. بل نحن مع كل الصاحين من نومهم – وإن طال – ومع كل الراجعين عن غيهم – وإن تمادوا – ومع كل خطوة في الاتجاه الصحيح – وإن تثاقلت – بل نمد أيدينا لانتشال الغارقين، الذين يستغيثون للخلاص مما هم فيه. ولكن..
كل شيء بمقدار. وكل شيء ينبغي أن ينظر إليه على حجمه الذي هو عليه دون زيادة أو نقصان. حتى لا نَظلِم، ولا نُظلَم. فالله تعالى ذم الذين يظلمون أنفسهم في مواضع متعددة من القرآن الكريم كقوله جل وعلا : (فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)(الروم: من الآية9). والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أُضل، أو أزلّ أو أُزل، أو أظلم أو أُظلم، أو أجهل أو يُجهل علي). وهو من أذكار الخروج من الدار.
والمسؤولية العظيمة التي ينبغي أن نستشعرها، تفرض علينا أن لا نأخذ الأمور على ظاهرها، أو ننساق معها انسياقاً عاطفياً، تكون عاقبته وبالاً وابتئاساً وإحباطاً، في زمن كثرت فيه دوافع اليأس، ودواعي الإحباط. إنما المطلوب أن ننظر إلى ما يحدث نظرة موضوعية، تحسب حسابات الربح والخسارة، وتوازن بين الحسابين: أيهما أكبر؟ وأيهما وهم أو سراب لا يغني من لذع الحقيقة شيئاً؟
 
مساكين أهل السنة..!
قبل حوالي سنة حضرت مجلساً ضم نخباً متنوعة من العراقيين: منهم علماء دين، ومنهم شيوخ عشائر، ومنهم سياسيون وعسكريون كبار، ومنهم أساتذة جامعات. تطرق البعض منهم إلى أن في الجنوب شيوخ عشائر كثيرين، يعادون إيران، ويتمتعون بالشعور العربي والحس الوطني. فتجاوب البعض الآخر مع هذا النوع من الطرح، وراحوا جميعاً يكيلون المدح والثناء لهؤلاء الشيوخ، وأنهم كثرة في أوساط شيعة الجنوب، ويأتون بقصص وحكايات يرونها تؤيد وجهة نظرهم!
تلفتّ يميناً وشمالاً، وأخذت أنظر إلى نفسي باستغراب! أين ما أراه مما أراه؟! وحين أخذ الحديث مستحقه من الأخذ والرد خاطبت الذي بدأ الموضوع – وكان أحد مشايخ الدين في البصرة - فقلت: لي على ما قلتم تعقيب في سؤالين: الأول: هؤلاء الشيوخ الذين تصفهم بالعروبية والوطنية ماذا فعلوا يوم دخل المحتل البلد؟ هل وقفوا ضده؟ أم صفقوا له مع المصفقين؟ أم ماذا كانوا يصنعون؟ فقال - هو وبعض الحاضرين - : صحيح.. لقد صفقوا للمحتل. قلت: وسؤالي الثاني: هل هؤلاء الذين تقولون عنهم: "يعادون إيران ويكرهون العجم" أذلهم العجم حين سيطروا على البصرة وبقية محافظات الجنوب، وأهانوهم، وضربوا مصالحهم؟ أم أكرموهم وعاملوهم معاملة الند للند؟ قال: بل أذلوهم وداسوا على رؤوسهم، وضايقوهم في أرزاقهم ومصالحهم المادية.
قلت: أيها الإخوة! فأين العروبة والوطنية مما هم فيه؟! هؤلاء قوم تصوروا أن المحتل سيفرش لهم دنياهم بالورود، فلما ضربت مصالحهم، وأذلت معاطسهم، وتبخرت أحلامهم، انطلقت ألسنتهم سخطة للدنيا، كما قال تعالى فيهم وفي أمثالهم: (وَمنْهُم منْ يَلمِزُكَ في الصَّدقاتِ فَإنْ أُعطُواْ مِنهَا رَضُواْ وَإنْ لمْ يُعْطَواْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسخَطُونَ) (التوبة:58).
ليست الوطنية أن تفتح أبواب بلدك، وتنفتح معه للأجنبي المحتل، حتى إذا أهانك وأذلك ناديت بالويل والثبور. وليست العروبية أن تستبشر بالعجمي يطأُ فراشك معززاً مكرماً، تقبل يديه، وتمسح البساط ما بين رجليه، حتى إذا وطئت قدماه رأسك صحت: "عجمي! خذوه!" لا أبداً.
الوطنية أن تصطف مع بلدك في الحالتين، والعروبية أن تمقت الشعوبية والشعوبيين في المرتين. على أنني لا أعمم فأقول: كل هؤلاء على تلك الشاكلة. بل منهم من هو وطني عروبي بحق. وهم كما قال تعالى فيهم وفي أمثالهم: (لَيْسُواْ سَوَاءً) (آل عمران:113). ولكن هنا يتبادر سؤال: كم هو مجموع هؤلاء وهؤلاء، أي الوطنيين الحقيقيين والمزيفين كلاً على بعض؟ لا شك أنهم قليل. وهم -  وإن كثروا - لا تأثير لهم في تغيير مجرى الأحداث؛ فلا ينبغي أن نعول عليهم كثيراً، ونعطي للأمر حجماً أكبر مما هو عليه في الواقع.
الأرقام الواردة في الخبر..!!!
أول ما يلفت النظر في هذا الخبر، الأرقام الواردة فيه! وأولها عدد التواقيع (000 300)  ثلاثمائة ألف توقيع! هذا عدد ضخم ليس من السهل تصديقه. ومن جرب عرف. ولك أن تتخيل نفسك ملزماً بالترويج لأمر يحتاج إلى توقيع (000 10) شخص، لا (000 300)، عندها ستشعر بضخامة هذا العدد! ومقتدى قبل ثلاث سنوات أراد أن يجمع – للدعاية والتطبيل لا أكثر- مليون توقيع يطالب برحيل الأمريكان. وإلى الآن لم نسمع خبراً عما آل إليه الأمر! رغم أن جهات سنية معتبرة - مثل هيئة علماء المسلمين - كانت معه، ووعدته المساعدة في هذا الموضوع نفسه.
الرقم الآخر عدد رؤساء العشائر وهو (600) ستمائة شيخ عشيرة..! وأنا أسأل: كم هو عدد العشائر في العراق كله؟ وارجعوا إلى كتب الأنساب. فكم هي عشائر الجنوب وحده؟ ربما يقال: المقصود بالعشائر هو الأفخاذ. ونقول: حتى وإن كان هذا هو المقصود فإن العدد يبقى كبيراً، لا سيما إذا أخذنا بنظر الاعتبار عدد العشائر التي لم توقع. ولا شك أنه كبير. ومن استحضر الأجواء السياسية والعسكرية في الجنوب، وسيطرة إيران والأحزاب والتجار والمراجع والمليشيات الموالية لها يدرك صعوبة الاصطفاف ضد إيران. والخبر يشير إلى هذا فقد جاء فيه: (رفض الشيوخ الكشف عن أسمائهم خشية تعرضهم للانتقام)! والشيء نفسه يقال عن عدد الحقوقيين والمحامين (1250)..!!! هل يمكن أن يعقد مؤتمر بهذا الحجم، ثم يمكن التغطية على المشاركين فيه بعدم الكشف عن أسمائهم؟! إذن أين تمكنوا من عقد اجتماعهم؟ هل تحت الأرض؟ أم في جزيرة من جزر المحيط؟ أليس من وسائل إعلام حضرت الاجتماع؟ ثم من يجرؤ على معارضة المالكي ومقتذى هذه المعارضة في علاقتهم وارتباطهم بإيران؟
وعندها تدرك أن الخبر موضوع للدعاية القائمة على المبالغة والتضخيم. فمن يقف وراءه؟ من هو المستفيد؟
 
ليس المهم الحدث
وهنا لي أن أقول:
1.    ليس المهم الحدث، وإنما تفسير الحدث: كيف؟ ولماذا؟ ما هي أسبابه؟ وما الغاية التي يريد الانتهاء إليها؟
2.  وليس المهم الحدث، إنما استغلال الحدث. فإن كنا جادين فعلاً؛ فلنعمل على استثمار هذه البوادر – بل حتى البوادر أو الأحداث السيئة - لصالحنا، بشرط أن لا تكون خسارتنا أكثر من ربحنا. لا أن نقف موقف المتفرج، أو المزمر بالسلب أو الإيجاب دون أن يدري عن حقيقة الأمر شيئاً. وهو المطلوب بالنسبة للخصم ابتداءً أو مآلاً.
وتأسيساً على ما سبق، وعلى فرض صحة أصل الخبر، أقول: 
 
مؤتمرات متلاحقة من العيار نفسه..؟!
بعد الخبر بيوم أو يومين تتابعت اجتماعات متلاحقة من الجنس نفسه، تحت مظلة المصالحة، ونبذ الطائفية، والتآخي بين السنة والشيعة. مؤتمر للعشائر يعقده الشيخ أحمد عبد الغفور في جامع أم القرى. جماعة علماء العراق التابعة للدكتور عبد اللطيف الهميم تقيم مؤتمراً في النجف بعده بيوم أو يومين. وآخرها اليوم (28/11) وفد صدري من أهالي حي الثورة (المسمى بمدينة الصدر) يزور الأستاذ طارق الهاشمي في مكتبه، ويدعوه إلى تبني مشروع الوحدة والمصالحة، وأنهم اختاروه ممثلاً لهم في هذا المشروع، طالبين منه أن يضع يده بيد مقتذى في سبيل هذا الهدف!!! ولا ندري ما الذي يعقد من اجتماع في الغد القريب؟!
 أكل هذا يحصل من دون اتفاق، أو تخطيط؟! فمن وراءه؟ ومن المستفيد؟ وماذا يراد لنا؟ وبنا؟
 

عمائم سنية من جماعة علماء العراق مع أخرى شيعية في النجف
 
ما خسروه في القتال يريدون سلبه بالكلام
يقول الانجليز: "ما نخسره في ميدان الحرب، نكسبه على طاولة المفاوضات". فهل الشيعة اليوم يطبقون المبدأ نفسه؟ فبعد أن استعملوا جل أوراقهم في القتل والتخريب والتدمير، ومحاولة تنفيذ مشروعهم في جعل جنوب العراق ووسطه، والعاصمة بغداد منطقة صافية للشيعة، بتصفية أهل السنة، وإرعابهم، وتهجيرهم. ثم تبين لهم بالملموس أن تحقيق هذا الهدف ليس بالسهل. لا سيما أن قواعد اللعبة تغيرت كثيراً، ومصالح (الإخوة الأعداء) بدأت بالتضارب. إذن المرحلة تقتضي مد اليد للآخر والجلوس معه على طاولة مفاوضات (الأخوة، والتصالح، ونبذ الطائفية، والحفاظ على وحدة البلد، وتعليق كل الأخطاء على شماعة إيران).
المشكلة أن الكثير من أهل السنة يسارع في تصديق مثل هذه الخزعبلات، مدفوعاً بشتى الأسباب. ولا يتردد في نسبة جرائم الشيعة التي ملأت الأرض حتى ضجت أطرافها، إلى جهات خارجية كالموساد وإيران، وكأن منفذيها من العراقيين مجرد دمى تحرك بخيوط خفية، لا إرادة لهم في تنفيذها قط!
سمعت يوماً - وأنا غلام يافع - رجلاً يقول لصاحبه: ندعو فلاناً، ثم نشبعه ضرباً وإهانة، ولو بالوسائد. ثم نختم ذلك بالضحك آخر الأمر، ونقول له: كنا نمزح معك. فنهينه أمام الحضور، وفي الوقت نفسه نتخلص من تبعة الفعل! هذا ما يريد الشيعة فعله بنا اليوم! أحلوا للمحتل بلادنا، وذبحوا شبابنا، وقتلوا علماءنا، وشردوا أهلنا، وحرقوا مساجدنا، ومزقوا مصحفنا، ودمروا بلدنا. ثم ها هم اليوم يضحكون علينا باسم الإخوة والتصالح!
عيب علينا والله نلدغ من الجحر نفسه في كل عام مرة أو مرتين، ثم لا نتوب ولا نكون من المعتبرين!
 
 
 
دين الثعالب
(2)
 
انظروا إلى الشاشة ففيها الجواب
رأيت اليوم (28/11) على شاشة التلفاز رئيس الوقف الشيعي صالح الحيدري في اجتماع النجف بين العمائم السنية والشيعية، وهو يندد ويقول: "لا مذهبية ولا طائفية ولا فئوية ولا.. ولا" ! فقلت: لقد هزلت حتى صار مثلك يتكلم بهذا ! وتذكرت قول الشاعر العراقي المبدع أحمد مطر:
 
رأيت جرذاً
يخطب اليومَ عن النظافة
وينذر الأوساخ بالعقاب
وحوله يصفق الذباب
 
وصباح هذا اليوم رأيت على قناة المستقلة المدعو محمد رشاد الفضل مذيلاً اسمه بما يسمى "التيار الإصلاحي المستقل" يتحدث حديثاً مطولاً عن إيران وتدخلها بشؤون العراق، وقتلها للشيعة العروبيين في المحافظات الجنوبية، ويسميه القتل لإعلاء شأن المذهب. ويقول: اللغة الفارسية تأخذ مجالها الآن في النجف، وينتظرون إلغاء اللغة العربية. وأن أحد الإيرانيين المتخفين من أعضاء مجلس النواب العراقي هو الذي اقترح اعتبار اللغة الفارسية لغة رسمية في العراق إلى جانب اللغة العربية. ويذم المجلس الأعلى وبدر، ويتحدث عن ارتباطهما بإيران. ويحكي قصة الإيراني محمود الهاشمي، كيف صار أول رئيس "للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق". ثم صار رئيساً لمجلس القضاء الإيراني، وسمى نفسه شاهرودي. وأنهم سألوه في البرلمان الإيراني: أنت عراقي أم إيراني؟ فقال: أنا إيراني، لكن لمصلحة إيران قلت: أنا عراقي. كل هذا قاله في كلام طويل عن إيران وتآمرها على العراق.
وأنا أسأل القارئ: ما تقول - وأنت تسمع مثل هذا الكلام - في مثل هذا؟ أجب قبل أن تقرأ ماذا قال عن السيستاني، ومقتدى وجيش المهدي والتيار الصدري؟ والمقاومة العراقية الباسلة.
لقد دافع عن غراب إيران علي السيستاني، واصفاً إياه بأنه رجل دين لم يتدخل في السياسة قط، وأنه ضد الأمريكان. ولا علاقة للمجلس الأعلى به. ثم صار يكيل المدح للتيار الصدري. وكان مما قاله فيه: "التيار الصدري مدرسة إصلاحية، يرعون الفقراء والمساكين، ويرفضون التصرفات الخاطئة للشيعة. ولا علاقة له بإيران. كلهم شباب عراقيون عرب". وغير ذلك من الكلام.
ولم يكتف بهذا حتى حمل على المقاومة حملة شعواء، ونفى أن تكون ثمة مقاومة في العراق! وكان مما قال بهذا الخصوص: نسمع بأن هناك (38) جيشاً يقاوم الاحتلال. لو صح هذا، ولو كان صحيحاً أن هناك مقاومة، لما كان هذا العدد القليل لقتلى الأمريكان. إلى الآن لم يبلغ عدد القتلى أربعة آلاف. لو كل واحد منهم قتل أمريكياً لبلغ عدد القتلى عشرات الآلاف. إذن كل ما يقال عن وجود مقاومة كذب. هؤلاء يقتلون العراقيين فقط. ثم رجع يمجد مقتذى الصدر ويقول عنه: الصدر يرفض الطائفية، والتقسيم، والقتل. وعرج على ما أسموه بالانتفاضة الشغبانية، وصار يمجدها.
والآن ماذا تقول في هذا؟ هل غيرت إجابتك؟
ما الناتج النهائي الذي يمكن أن تحصل عليه من هذا الشخص وأمثاله؟ وهم عامة من يتحدث في الوطنية والعروبة والإصلاح من الشيعة.
نصيحتي لكل المخلصين أن لا يستعجلوا في الحكم على الشيعي، بمجرد أن يسمعوه يذم إيران، أو هذا الطرف الشيعي أو ذاك، حتى يسمعوا كلامه كله، ويقلبون مجال النظر فيه من كل جانب، وينظروا إلى مواقفه كلها.
هؤلاء هم الشيعة! فلا يصح أن ننظر إلى تظاهرهم بالعداء لإيران، ونوقع لمن فعل ذلك على بياض.
 
الالتفاف على مكاسب العشائر السنية
كلنا يعلم أن العشائر السنية خطفت الأضواء في الفترة الأخيرة، وأصبحت أحد الأرقام المحسوبة في المعادلة العراقية. فصارت الوفود الشيعية تترى إلى المناطق الغربية السنية تخطب ودها، وتحاول الالتفاف عليها؛ حتى لا تنفرد بالقرار المؤثر وحدها. ولا تتخذ قرارات تؤثر سلباً على من باع البلد واصطف مع المحتل. ومعلوم عنا طيبة أهلنا، كما أنهم ليسوا خبراء في معرفة العقلية الشيعية، وكيف تفكر؟ يسمعهم الشيعة معسول الكلام، ولا شيء غير الكلام والهوسات (الأهازيج) والأشعار، ويأخذون مقابلها مواقف عملية لها وزنها. فعلى سبيل المثال: قامت العشائر السنية بتأمين طريق الرمادي – سوريا، والرمادي – الأردن، دون تفريق بين سني وشيعي، فصار الشيعي يسلكه آمناً مطمئناً. بينما لم يحصد أهل السنة مقابله تأمين طريق بغداد – المحافظات الجنوبية، فلا زال السني لا يأمن على نفسه في سلوكها. وهذا خطأ سياسي كبير. كما عادت عوائل شيعية عديدة إلى المناطق السنية المؤَمَّنة كالعامرية وغيرها، لكن لم يعد ما يقابلها من العوائل السنية إلى بيوتهم في المناطق الشيعية. هذا إذا سلمنا أن هذا العمل المتبادل هو الصحيح.
أكثرنا يجهل كيف يفكر الشيعي؟ وكيف يسلك؟
لا زال أهل السنة في العموم بعيدين عن المعرفة الدقيقة بنفسية الشيعي ودوافعه في تصرفاته، وعقليته وكيف يفكر؟ وكيف يسلك في تنفيذ أفكاره؟ نعم عرف الكثيرون عقائد الشيعة. لكن معرفة العقائد وحدها لا تكفي، بمعزل عن هذه الأمور. إن أكثرية أهل السنة يجهلون هذا كله، ويقيسون نفسية الشيعة وعقليتهم وطرائق تفكيرهم وسلوكهم قياساً جامداً على ما عليه أهل السنة أنفسهم من ذلك.
 
التقليد والعلاقة العضوية بين الشيعي ومرجعه
الشيعي حياته مبنية على العلاقة مع المرجع الديني بناء يصعب هدمه، وتأسيس علاقة أخرى خارج هذا البناء. فالتقليد عند الشيعي عقيدة ودين لا يمكن أن يتخلى عنه، وإلا شعر بأن حياته الدنيوية مهددة بالأعداء الذين يريدون الانقضاض عليه، وحياته الأخروية مهددة بالخلود في جهنم. نعم قد يتضايق من هذه العلاقة، وقد يلاحظ انحراف المرجع الذي يقلده، وقد يشكو منه، بل ربما يسبه، لكنه في النهاية يعود إليه، ليأخذ بفتواه وتوجيهه في دنياه وأخراه. والمرجع إما عجمي أو مستعجم. فالفتوى عادة ما تصب في مصلحة إيران.
هذه العلاقة الصميمية بين الشيعي والمرجع لا يتصورها حتى علماء أهل السنة – إلا القليل – فعندما يأتي شيخ عشيرة شيعي، أو أستاذ جامعي، أو رجل عادي إلى شيوخ عشائرنا، أو علمائنا، ويظهر لهم الشكوى والتذمر من عزيز الحكيم، أو السيستاني، أو مقتذى، أو المالكي، أو يسب إيران – وقد يكون صادقاً في سبه وشكواه – يتصور شيوخنا وعلماؤنا أن هذا يكفي في سلخ الشيعي عن مرجعه، وابتعاده عما هو مخطط له من السير في الطريق الخاطئ الذي يسلكه. ويستبشرون بما رأوا وسمعوا، وربما تفاخروا به، وصاروا يتحدثون بما حققوه من مكاسب مع فلان وفلان من شيوخ ووجهاء وشخصيات شيعية مؤثرة. ويتخذون مواقف تضر بنا مقابل كلمات سمعوها، وأوهام تخيلوها. ولا ينتظرون حتى يروا موقفاً عملياً ملموساً بناء على ما سمعوه من كلام. ولا يدور ببال الكثيرين منا أن هذا الشيعي الشاكي المتذمر – حتى لو كان صادقاً – إنما هو في نهاية المطاف لن يصدر إلا عن أمر المرجع الذي كان يذمه ويتذمر منه! والسبب أن التقليد عند الشيعي دين وعقيدة. وليس هو كما عند أهل السنة. فيقع جماعتنا في مفارقة القياس مع الفارق.
 
مرض الإدمان على المراجع
والسبب الآخر نفسي. وهو لا يقل عن السبب الأول: الاعتقادي. إن الشيعي يتربى منذ نعومة أظفاره على تقديس المرجع والخضوع له إلى حد العقدة التي يمكن أن نسميها بـ(عقدة الأب). فإن الشيعي مهما تضايق من رجل الدين، وشعر أنه يظلمه ويعتدي عليه، ومهما ذمه أو تكلم عليه، لا بد في النهاية أن يعود لطاعته والاستسلام له. كما يفعل الولد البار مع والده. هل رأيت رجلاً يدمن الخمرة، لكنه يتضايق منها، ويعلم أنها تؤذيه؛ فيذمها ويسبها، ويتمنى الخلاص منها، لكنه عند حلول الظلام يعود إليها يترشفها ويشربها. فهو يلعنها في الصباح، ويصحبها في المساء. كذلك الشيعي مع المرجع. فلا يغرنكم كلام الشيعة على مراجعهم، حتى تروا موقفهم العملي منهم. والنتيجة أن العلاقة مع إيران علاقة لا تنفصم ما دام الشيعة يؤمنون بالتقليد، ويطبقونه في واقعهم ديناً وعقيدة لا يمكن لهم أن يتخلوا عنها.
هل يعلم جماعتنا أهل السنة بهذا؟ أم إنهم يستغربون كلامي؟ ويتخذون من استغرابهم له سبباً لرفضه؟
 
انتبه..! ليس كل من عادى عدوك صار صديقك
هل كل من كان عدواً لعدوك كان صديقاً لك؟ اللهم إلا على طريقة استغلال العداوة بينهما للإضرار بهما كليهما، أو بأحدهما اقتناصاً للفرصة. والحكماء عندما قالوا: "عدو عدوي صديقي" قصدوا هذا، ولم يقصدوا الصداقة الحقيقية. فلو افترضنا أن بعض الشيعة صدق في عداوته لإيران، فلا يعني هذا أنهم انقلبوا أصدقاء لنا. فالأعداء طالما يختلفون فيما بينهم. والخبراء يقولون: لا يوجد في السياسة أعداء دائميون ولا أصدقاء دائميون. إنما توجد مصلحة دائمة. فتختلف المصالح بين بعض الشيعة وإيران، وتضطرب العلاقة. ثم تلتقي المصالح وتتجدد العلاقة. ربما يختلف اليهود مع إيران إلى حد الحرب. لكن هذا لن يجعل واحداً منهما صديقاً لي. وعلي في هذه الحال أن أقتنص الفرصة لا أكثر. لا أن أطبل لهذا الطرف أو ذاك في حسابات وهمية لا تعود علينا إلا بالخسارة. فهب أن شيعياً شتم إيران، فكان ماذا؟
لقد طفح الكيل، وأمسى التدخل الإيراني في شؤون العراقيين لاسيما في الجنوب، واستعداء هذا على هذا واضحاً، ومحاربة العرب، ومن عنده بقية من أصول وأخلاق عربية – حتى من الشيعة - والتعصب للفرس، والتمييز العنصري صار الناس يعيشونه واقعاً، حتى سفاحو جيش المهدي صار بعضهم يستنكره ويشكو منه، ويذم إيران لأجله. فهل نشطب على تاريخ خمس سنين من العداوة والقتل والجرائم، من أجل أن هذه الحثالات - وقد ضربت مصالحها، وداس العجم على معاطسها – صارت تشتم إيران؟
هكذا بهذه البساطة؟!
 
اللعبة المزدوجة في السياسة الإيرانية
إيران تتبع في سياستها دائماً وأبداً مبدأ "اللعبة المزدوجة". فهي تعين الضد وضده في وقت واحد. فهي تمد هذه اليد للجهات الشيعية، واليد الأخرى للجهات السنية المتصارعة معها، وغير المتصارعة أيضاً، المتطرفين منهم وغير المتطرفين! وتشجع العملية السياسية والعلاقة مع الأمريكان، وفي الوقت نفسه تشجع العمل المقاوم ضدهم! وهكذا تعمل مع هذه القوى جميعاً، ويكون لها مع كل جهة نصيب. وهي لعبة قديمة لليهود ذكرها القرآن العظيم في سورة البقرة، في قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (البقرة:85،84).
وقد ذكر أحد المهتمين بهذا الشأن أن وفداً زار أحد الدول العربية، يطعن في إيران، ويحذر منها. بينما الحقيقة أن هذا الوفد مرسل من قبل إيران نفسها لهذه المهمة.
لقد كثر الطاعنون في إيران. وكشفت الكثير من أوراقها. فوجود مجموعة من بضعة أفراد يطعنون فيها لن يغير من المعادلة شيئاً، ولن يزيد الأمر سوءاً. فلتصطنع إيران هذه المجموعة، وتتفق معهم مسبقاً ليديروا الأمور لصالحها. يتجسسون لها، ويطلعون على بواطن الأشياء لها. ويختطفون الثمرة من يد أصحابها، ويضعونها في سلتها. هكذا تلعب إيران لعبتها. فعلينا أن نكون حذرين جداً جداً في التعامل معها، ومع أذنابها، ولا نعطي الأمان والاطمئنان لكل من يشتمها، ويتظاهر بالعداء لها.
وصدق أحمد شوقي حين قال:
 
مُخطئٌ من ظنَّ يوما أنَّ للثعلبِ دينا
 
 
إلى عبد الله
من الجزائر مع التحية
29/11/2007
 
في سجل زوار الموقع على موقع (القادسية) شارك عبد الله (من الجزائر) بالمشاركة أدناه وقد ردت عليه إدارة الموقع في وقتها مباشرة، ولكن رأيت من المناسب أن أجيبه بالجواب التالي لتعم الفائدة:
1-   مشاركة عبد الله (نصاً كما كتبها هناك) وعلى الرابط التالي:
http://www.alqadisiyya3.com/xpbook_v3.0/index.php
(الى الشيخ الدليمي انما الحياة الدنيا لعب ولهو والدنيا ايام معدودات ارجو منك قرائة كتب الشيعه بدون تعصب والبحث بالادله التي يذكرونها واترك النفس الرافضه للحق فهنالك حساب عسير يوم لا ينفع مال ولا بنون الامن اتى الله بقلب سليم ابحث عن الفرقه الناجيه الا تقرا في كتب السنه الاعتداء على نبي الرحمه محمد (ص) انا ادعوك للبحث عن التشيع بصدق لا النقد فقط وان التفرقه بين المسلمين لا تجوز الشيعه يلعنون من لعنه رسول الله (ص) لا اله الا الله محمد رسول الله ارجو لرسالتي ان تنشر لكي اتابع المراسله).
2-   وهذا جوابي
(إلى الأخ عبد الله من الجزائر..
شكراً على ما أسديت لي من نصيحة. وأوصيك أن لا تنقطع عنا. فليست تزعجنا نصيحة ناصح نشم منها رائحة الصدق، ولو من بعيد. وأنت قريب إن شاء الله تعالى. ولي أن أقول: صدقت (إنما الدنيا لعب ولهو)، و "أيام معدودات". جعلني الله وإياك ممن يعتبر بهذه الحقيقة العظيمة. لقد قرأت أمهات كتب الشيعة، وغيرها، وبحثت في الأدلة بصورة موضوعية. وعاشرت الشيعة في حينا الذي أسكن فيه، وفي بلدي العراق. وما توصلت إلى ما توصلت إليه إلا بالأدلة الملموسة القاطعة. وليس بالنفس الرافضة للحق. وقد كتبت رسالة (القواعد السديدة) وكتاب (المنهج القرآني..) في تحديد (الفرقة الناجية) التي تبني أصولها على آيات القرآن الكريم المحكمة، التي هي قطعية الدلالة صريحة المعنى، يرجع إليها في بيان المتشابه من الآيات والروايات، ولا ترجع هي إلى شيء من ذلك. وأصول أهل السنة حائزة على هذه الشروط. أما الشيعة فأصولهم بنوها على متشابه الآيات، ومخترع الروايات. وسفاسف الآراء التي يسمونها بالعقليات. التي تكفر الصحابة وتلعن خيرة الأمة، وتستبيح دمي ومالي وأرضي وعرضي. وما يجري في العراق اليوم، والأحواز بالأمس - واليوم - أيضاً شاهد يصرخ على ما نحن فيه. ألا ترى؟! ألا تسمع؟! فأين الحق الذي معهم؟ كذبني ولو بآية محكمة واحدة!
تقول: "ألا تقرأ في كتب السنة الاعتداء على نبي الرحمة". وأقول: أين أجد هذا دلني عليه. العكس هو الموجود. فما عظم النبي صلى الله عليه وسلم مثل أهل السنة! أما الشيعة فيطعنون في كتابه الذي أنزل عليه، وفي سنته التي تركها لنا، وفي أصحابه وأزواجه. و.. و.. . فماذا تسمي هذا؟ أجبني.
أما التفرقة التي تحدثت عنها فالشيعة هم مثيرو فتنتها، ونافخو كيرها. يسبون أخيارنا، ويقتلون شبابنا، ويهدمون مساجدنا، و.. ماذا أقول بعد؟! الأمر أفظع مما يكتب! ثم تأتي الآن لتتحدث باسم الشيعة عن حرمة التفرقة؟ هذا هو الذي لا يجوز. لو غير الشيعة تكلم بهذا لربما عذرتهم. الشيعة ليس لهم إلا الاعتراف ثم الاعتذار. أما لباس المتواعظين، وجبة المتزهدين فلا يمكن أن تتوافق وأشكالهم.
ثم أنت تتحدث عن حرمة التفرقة، وتقول بعدها: "الشيعة يلعنون من لعنه رسول الله" يا أخي! هل تعي ما تقول؟! أنت ساقط في الفتنة، وغارق في التفرقة إلى أذنيك! ألا تدري؟! أم إنك خدعت بأفراد من الشيعة في بلدك يسمعونك معسول الكلام عن المظلومية التي يدّعونها، ومحرومية أهل البيت، وفضلهم ومنزلتهم. وغير ذلك مما يتخذونه قنطرة إلى مقاصدهم؟ ألا تعلم أن الشيعة يلعنون الصديق والفاروق وذا النورين، والحواريَّين (طلحة والزبير)، والسعدين، وابن عوف وأمين الأمة وسيف الله، وابن العاص فاتح مصر وفلسطين، والعباس وابن عباس، وبقية الصحابة، وأمهات المؤمنين، وأجيال الأمة جميعاً إلى يوم الدين؟!!! أكل هؤلاء لعنهم الله. ألا لعنة الله على من لعن أحداً من هؤلاء. فأي تفرقة وكفر أكبر من هذا؟! وأين الحق في هذا؟! أفي دعوى تحريف القرآن؟ أم في رد السنة التي رواها خيرة البشر بعد الأنبياء عليهم السلام؟ أم في بدعة (الإمامة والعصمة والرجعة والمتعة وأكل أموال الناس بالباطل باسم الخمس)؟ أم في مساجد ضرار التي تنطلق منها مليشيات الموت يسمونها "الحسينيات" التي فرقوا بها المسلمين وجعلوهم طوائف؟ أم في كتاب (الكافي)؟ أم في (بحار الأنوار)؟ أم ماذا؟ وماذا بقي بعدها من (لا إله إلا الله محمد رسول الله)؟!
أما نصيحتي - أيها الأخ! التي أود أن أوجهها لحضرتك كما نصحتني مشكوراً - فأقول: "انما الحياة الدنيا لعب ولهو، والدنيا أيام معدودات. أرجو منك قراءة كتب الشيعة بدون تعصب لهم ولغيرهم، والبحث في (الأدلة) التي يذكرونها. واترك النفس الرافضة للحق؛ فهنالك حساب عسير، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. وأول سلامة القلب سلامته من الغل لمن قال الله تعالى فيهم: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (الحشر:10). ابحث عن الفرقة الناجية في محكمات آيات القرآن، لا متشابهاتها. وإياك ودين الشيعة، دين المتشابهات ومخترع الروايات، والآراء والجهليات؛ فإن نهايته الهلاك في الآخرة، والخسارة والفرقة في الدنيا. والتعرض للعنة الله ورسوله والمؤمنين. أنجانا الله وإياك منها".
أخيراً.. لا تقطع عنا رسائلك. والسلام. )) انتهى.

 
ملاحظة: طلب المرسل (عبد الله) أن تنشر رسالته من أجل أن يتابع المراسلة. ونشرنا رسالته، ولكنه من يومها – وكعادة أمثاله -لم نر له أثراً.. ولم نسمع له خبراً..!
 
 
سورة الحج
تأملات جهادية
14/12/2007


العلاقة بين سورة الحج والسورة التي سبقتها ولحقتها
توسطت سورة (الحج) بين سورة (الأنبياء) قبلها، وسورة (المؤمنون) بعدها. والسور الثلاث ينظمها موضوع واحد، وإن اختلفت زاوية نظر كل سورة إلى الموضوع نفسه. أما الموضوع الواحد فإن السور الثلاث جميعاً تتحدث عن الخلق كيف ابتدأ؟ وكيف ينتهي؟ تتخلله أحداث عديدة يشدها الحدث الأعظم، ألا وهو يوم القيامة. الذي يمثل الإيمان به أحد الأركان الثلاثة الكبرى للإيمان: الإيمان بالله تعالى، والإيمان برسله، وباليوم الآخر. مع ذكر الدلائل العلمية على وقوعه مستقبلاً.
أما زوايا النظر إلى الموضوع الرئيس، التي تعددت بتعدد السور:
فإن سورة الأنبياء تحدثت عن اقتراب يوم القيامة: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) (الأنبياء:1) وبداية الخلق بـ(الانفجار العظيم): (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا) (الأنبياء:30) ونهايته بتوقف حركات الكون، وعودته إلى ما بدأ به: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) (الأنبياء:104).
بينما ابتدأت سورة الحج بالحديث عن المشهد المروع لذلك اليوم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) (الحج:2،1).
أما سورة المؤمنون فكان حديثها عن ذلك اليوم العظيم بنهايته السعيدة بالنسبة للمؤمنين بعد مرور تلك الأحداث الكونية الجسام، ألا وهي دخولهم الجنة التي ورد ذكرها بأعظم أسمائها وأوصافها (الفردوس) كما ثبت ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة وسقفها عرش الرحمن) رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه. فابتدأت تقول: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ) (المؤمنون:1-4) إلى قوله تعالى: (أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (المؤمنون:10-11).
 
الحركة والانتقال تشد أجزاء السورة
بين الحديث عن بداية الخلق ونهايته بيوم القيامة ودخول المؤمنين جنة ربهم جل وعلا، جاء حديث الرب جل وعلا في سورة (الحج). وحين ترجع البصر في هذه السورة الكريمة تجد عناصر ثلاثة تشد أجزاءها: يوم القيامة، والحج، والجهاد. وكل عنصر منها جاء عرضه بطريقة تعبيرية تهز القلوب هزاً عنيفاً يكاد يخلعها من أماكنها. طريقة تعتمد على عامل الحركة والانتقال من مكان إلى مكان.
فيوم القيامة عبارة عن زلزلة عظيمة تذهل لها الخلائق. زلزلة تشغل العاقل عن عقله، والمرضعة عن وليدها، وتسقط الحامل جنينها! كما جاء الدليل عليه أرضاً هامدة، ينزل عليها الماء فتتحرك وتهتز وتربو فتنبت من كل زوج بهيج. لاحظ عامل الحركة والانتقال! الذي يبرز مرة أخرى يوم القيامة بالطريقة نفسها: الأرض هامدة بالموت والسكون، فإذا نزل عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت، ولكن هذه المرة نباتاً من نوع آخر، لبذور من نوع آخر أيضاً. وإليه الإشارة بقوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) (الحج:6،7). وأصل البعث في اللغة هو التحريك بعد سكون. ولي هنا أن أسأل وأقول: أين القلوب التي تهتز وتربو وتنبت من كل زوج بهيج من معاني الإيمان والوجل والتذلل والتلذذ والخشوع؟
والحج كذلك حركة وانتقال، يهرع فيه الناس رجالاً وركباناً قاصدين الله جل وعلا في بيته: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) (الحج:27). وهي حركة تتوافق مع حركة البعث يوم القيامة، حين يحشر الناس جميعاً إلى ربهم. فهناك حشر رمزي إلى الله متمثل بالتوجه إلى بيته، وهنا حشر حقيقي إليه في عرصات يوم القيامة. ومن هنا ختمت آيات الحج في سورة (البقرة) بذكر الحشر إلى الله بقوله تعالى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (البقرة:203).
وإذا كان المؤمن في كل حركاته يتوجه إلى ربه: حين يصلي، وحين يحج، حتى إذا مات رجع إلى ربه كما قال سبحانه وتعالى : (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً) (الفجر:27،28)، فإن حركة الكافر على العكس من ذلك، حتى إذا جاءه الموت تحركت روحه الحركة نفسها مبتعدة عن ربها. فهي بدلاً من أن تستمر صاعدة – كروح المؤمن – تسفل مبتعدة لتهوي إلى الأرض: (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) (الحج:31).
فيا لله! ما هذا التناسق العجيب بين هذه الحركات؟!
قارن بين هذا وذاك ثم تلمس قلبك وأخبرني عن حاله كيف هو؟ وبماذا يحس؟
أما الجهاد فكله حركة وقلق وانتقال. وجاء التعبير عن ذلك بقوله سبحانه: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) (الحج:40). وكل من أخرج من داره بسبب الجهاد يعلم عمق هذا الوصف وهذا التعبير. ولكن ليعلم أن ذلك في سبيله.. انتقال وخطوات مسرعة متلاحقة في الطريق الممتد إلى الله.
أيها المجاهد! إنك حين تخرج من دارك فإنك إنما تضع نفسك في الطريق الذي تسير فيه قافلة الراحلين إلى دار الخلود؛ فلا تأس ولا تحزن. إنها السنن، وإنك تسرع الخطى للوصول إلى دار الحبيب. إنك تتحرك وتنتقل من دار الأتراح والأحزان إلى دار الأفراح والرضوان.
ومن استحضر هذا وقارن بين الدارين هان عليه الأمر، واستعذب ترك الديار، واختيار التغرب في سبيل الله؛ لأن ذلك معناه أنه على الطريق الواصل إلى الله!
أيها الأخ المجاهد! أرني عينك هنا.. فهنا.. تسكب العبرات..!
 
العلاقة بين الحج والجهاد
من المعروف في تاريخ التشريع الإسلامي أن مشروعية الجهاد حصلت يوم نزل قوله تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) (الحج:39). وأعقب الآية هذه بذكر الإخراج من الديار: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) (الحج:40). وقد اختار الله تعالى لهذه الآية أن تكون في سورة تتحدث عن الحج، وأسماها بالاسم نفسه، فسميت بسورة (الحج)، وقدم لها بالحديث عن يوم القيامة، وذكر دلائل وقوعه. فلماذا هذا الموضع دون سواه؟
الحج أعظم وأروع صورة محسوسة للحركة في الدنيا، والتوجه بهذه الحركة إلى الله.
وإذا كانت الصلاة أعظم الأركان العملية، فلا يبعد أن يكون الحج جزءاً أو امتداداً للصلاة. يمثل قمتها وثمرتها. فالصلاة أولها القيام متوجهاً إلى الكعبة، وقمة هذا التوجه وثمرته الأحلى حين تهرع إلى هذه الجهة بجسمك وقلبك جميعاً، بعد أن توجهت إليها بقلبك وحده. حتى إذا وصلت إليها جذبتك حتى صرت تدور حولها، وتطوف بها كما يطوف القمر بالأرض، والكواكب بالشمس. وإذا كان العبد أقرب ما يكون إلى الله رمزاً بالسجود في الصلاة، فإن هذه الرمزية تتضح أكثر حين يلتزم أركان بيت الله، ويلمس الحجر الأسود ويقبله.
فما علاقة ذلك بالجهاد؟
الجهاد أعظم حركة معنوية وعملية يعبر بها العبد عن حبه وانجذابه إلى ربه ومولاه. وهل هناك أعظم من أن يضع الحبيب روحه ودمه قرباناً بين يدي محبوبه؟! كلا والله! (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ) (التوبة:111).
الجهاد إذن أعظم حركة يؤديها العبد في طريق الوصول إلى الله. وهو العمل الذي به تصدق الأعمال، ويشهد لها بالصحة والكمال. ومن هنا سمي الشهيد شهيداً.
وإذا كان العبد يهوي قلبه إلى بيت ربه، ويرجع حين يرجع بالحسرة والتوجع لفراقه، والحنين للعودة إليه، فإن الشهيد لن يرجع عن حضرة ربه، ومعراج قدسه، ولن يتحسر ولن يتوجع. وإن كان هناك من حنين فإلى الدنيا للرجوع، لا حباً بها، ورغبة في الاستزادة من متعها، بل للعودة منها مرة أخرى، وتكرار الرحلة الجميلة إلى الله.
فلماذا نرى الناس يتزاحمون على باب الحج، ولا نراهم يزدحمون على باب الجهاد، وكلا البابين يوصل إلى الله؟ بل طريق الجهاد أقصر. إلا الصادقين، أمثال خالد بن الوليد الذي كان أكثر الناس حجاً وجهاداً، وهارون الرشيد الذي كان يغزو عاماً ويحج عاماً. ولربما جاء اقتران الأمرين عند الرجلين لهذا السبب، الذي أدى إلى التلازم كنتيجة طبيعية، أو لأنهما أدركا هذا التلازم فجمعا بينهما.
هذا ما نراه من السر في وضع آية تشريع الجهاد في سورة الحج دون غيرها!
فكأن الله يريد أن يقول: من كان صادقاً في طلبي عن طريق الحج، فليطلبني عن طريق الجهاد، فهما طريق واحد؛ فمن وجدته هنا وجدته هناك. ومن أراد أن يجدني في واحد منهما دون الآخر فلن يجدني؛ فإنه ليس على الطريق وإن توهم أنه عليه.
ومن هنا أجد في الحديث عن قرابين الحج، وكونها من المناسك العظيمة، وأن من مقاصد الحج أن (يَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ) (الحج:28). إشارة إلى شعيرة عظيمة من شعائر الجهاد، ألا وهو قرابينه من بهيمة الكفار المعتدين، الذين قال الله تعالى عنهم: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) (الأعراف:179). وقال أيضاً: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) (الأنفال:22).
نعم!
الحج رحلة إلى الله.. والجهاد رحلة إلى الله. ولكن طريق بعيد وآخر قريب. ويوم القيامة نهاية الرحلة التي يتبين فيها الراحلون الصادقون، ويتميز القاعدون المخلفون. والله الهادي إلى سواء السبيل.
 
 
صح النوم..! السيستاني
يعلن أول عيد الأضحى بعد العيد بيومين
 
 15-12-2007
 
مرة من المرات حاول الرئيس العراقي السابق أحمد حسن البكر أن يضع حداً، ويجد علاجاً لهذا الاختلاف بين الشيعة والسنة في الصيام والإفطار والأعياد والمناسبات الدينية، فطرح حلاً واقعياً على المرجع الشيعي الأكبر في زمانه أبي القاسم الخوئي. قال له: سنوافقكم نحن في توقيتكم فلا نعلن عن صيام أو عيد حتى تخبرونا أنتم أولاً ! فرفض الخوئي هذا المقترح!
وقبل يوم أو يومين تناقلت وسائل الإعلام العراقية والعربية خبر إعلان مصدر مسؤول في مكتب المرجع الشيعي الأكبر علي السيستاني أن أول أيام عيد الأضحى لهذا العام (1428/2007) هو يوم الجمعة. أي بعد العيد بيومين حسب توقيت المملكة العربية السعودية وبقية بلاد المسلمين..!
وبهذه المناسبة دارت في بالي بعض الخواطر والأفكار، وددت توجيهها إلى من استغرب هذا التناقض، وعجب من هذا الاختلاف المتعمد مع سبق الإصرار. فأقول:
 
دين العجم قائم على المخالفة
ليس في الأمر تناقض، ولا في الاختلاف من عجب..!
فإن دين العجم أو دين الشيعة الحالي اخترع أصلاً لهذا الغرض: التناقض مع المسلمين، والمخالفة لهم!
إن الفرس حين وضعوا هذا الدين كان هدفهم من واء ذلك إيجاد طائفة تختلف عن أمة الإسلام في كل شيء، تكون مثار فتن وشقاق داخل الصف المسلم، ومصدر تشكيك وتخريب داخل الدين الواحد. وبهذا يسهل عليهم ضرب الأمة من داخلها. وحتى يثبت ذلك، ويتم لهم اصطياد جمهور الناس تجاهه دون جهد كبير، لا بد لهم من طلاء صنيعهم هذا بصبغة الدين؛ فاخترعوا رواية نسبوها زوراً إلى الإمام جعفر الصادق رحمه الله، تقول: (ما خالف العامة ففيه الرشاد)[67]! وهي رواية معتمدة في الفقه الشيعي. بل إن الدين الشيعي كله يقوم عليها.
لهذا صار الشيعة يختلفون كلياً عن بقية المسلمين: في العقائد والشرائع، والشعائر والمشاعر، والمصادر والمراجع، والمبادئ والأهداف، والبدايات والمآلات.. بل في كل شيء. ولا يجمعهم معنا سوى بعض الأسماء والعناوين، المفرغة من المحتويات والمضامين.
سياسة لا دين
إن وراء هذا الأمر كله الفرس، الحاقدين لما أصابهم على يد أبناء الإسلام من ذهاب الملك والسلطان. والسيستاني هو المندوب السامي لدولة فارس في العراق، الملثم بالشبكة الفتاكة لاصطياد المغفلين: العمامة السوداء؛ فإن الفرس من دون هذه الشبكة لا يمكن لهم جر العوام والدهماء إلى ما يريدون. فهو ينفذ مشروعهم مغلفاً بثوب الدين.
هل يمكن لعاقل أن يصدق أن مثل السيستاني يجهل أن ما يفعله خطأ.. وخطأ شرعي، بكل ما في هذه الكلمة من معنى؟! إذن لماذا يتعمد هذا الخطأ المفضوح؟ إنه يسير في الاتجاه المطلوب فارسياً، من تفرقة الصف، وعزل الشيعة عن المسلمين، وربطهم بإيران في كل شيء.
إن أعظم مقصد سياسي يقوم به الساسة تجاه أعدائهم هو تفريق صفهم.
وهذا ما ينفذه السيستاني لدولة فارس تجاه أعدائها التاريخيين في العراق خاصة، والأمة عامة. ولكن تحت ستار الدين. وأعظم منه ربط الجمهور المغفل، فكرياً وروحياً بالخصم الذي يخيل لهم أنه حامي حماهم، وما هو بذلك، وعزلهم عن محيطهم، وأهلهم الحقيقيين، وصولاً إلى استعمالهم ضد بعضهم، ودفعهم للتقاتل – باسم الدين - فيما بينهم. وهو الواقع الذي نشهد آثاره الشاخصة في العراق اليوم، وفي بعض المواطن الأخرى، كالأحواز.
وهذا هو الهدف الذي يرمون إليه من هذه الفتاوى المنكرة شرعاً وعقلاً. إذن لا تناقض ولا عجب.
 
لا بد للمصالحة من الانتفاض على المرجع
ثمة من يعول على بعض الأصوات الشيعية الرافضة للاحتلال، والتقسيم، والاحتراب الطائفي، من العشائر وغيرهم. ولكن ما دام الشيعي مرتبطاً بالمرجع، فالنتيجة غير مبشرة. إن المرجع الذي لا تسمح له نفسه بأن يرى الشيعي يعيد مع السني، ولا يتحمل ذلك، ويلتمس كل وسيلة لرؤيتهم متفرقين، ولو بالفتوى الكاذبة الخاطئة! كيف تطيب له نفسه بأن يفعل ما هو أكبر منها في سبيل المصالحة والسلم الاجتماعي؟
إن أي خطوة للمصالحة من الجمهور سيقوم المرجع بإجهاضها، ووضع العوائق في طريقها، ولن يتقدم الجمهور إلى الأمام خطوة أخرى ما دام لا يعي، ولا يدرك أن مرجعه لا يريد له ذلك. فإذا أردنا أن تصل الخطوة الصالحة إلى منتهاها علينا أن نأخذ بيد الجمهور المسكين، لنوصله إلى الإدراك االسليم، والوعي العميق بحقيقة العلاقة بينه وبين مرجعه. وأن لا يتصور يوماً ما أن عجمياً أو مستعجماً يريد الخير له، ولبلده وأمته؟
لقد بلغ من حقد العجم علينا، أنهم يتعمدون مخالفتنا حتى في صومنا وفطرنا، وحجنا وعيدنا! أثبتوا لنا حسن نواياهم تجاهنا، ولو بأن تقنعوهم أن يلتقوا معنا في صيامنا وحجنا وعيدنا فقط ، ونحن نتبرع لهم بباقي مخالفاتهم لنا، ونتسامح معهم في كل ما يخالفون به أمة الإسلام من عقيدة وشريعة وغيرها. فإن عجزتم عن هذا فأنتم عن غيره أعجز؛ فدعونا من الأحلام والأوهام.
كيف تريدون مني أن أصدق أن من مشاعره متأزمة تجاهي إلى حد أنه يتأذى أشد الأذى من موافقتي في فرحي وعيدي، يريد لي خيراً، وأعول على كلامه وأحسب لوعوده وشعاراته حساباً؟!
يا شيعة العرب..! إن قادتكم عجم، ومراجعكم عجم! لا يريدون بكم - ولا لكم – خيراً. لا يعرفون للدين حرمة. يشرعون لكم من عند أنفسهم، لا بدليل من الشرع، إنما لغاية وهدف. ولا يتحرجون من الإفتاء لكم بما يخالف الدين الصريح، ما دامت هذه الفتاوى تخدم غاياتهم، وتحقق أهدافهم. ولا يهمهم بعدها إلى مَ يؤول مصيركم: في الدنيا والآخرة. وفتوى السيستاني هذه شاهد واضح على ما أقول.
لقد فضحوا في عقر عمائمهم..! وبانت للملأ سوءاتهم..!
لقد توضحت الأمور.. وافترقت الطرق..؛ فما عذركم وهم يقودونكم قود الخراف إلى المسلخ؟!
ألا تخشون أن يكون مصيركم كمصير من قال الله تعالى فيهم: (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنْ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيراً). (الأحزاب:66-68).
أيها الشيعة..!
انتفضوا على مراجعكم.. ثم تعالوا إلينا.
 

المحتويات
 

Ø     المقدمة

 

Ø     موقع القادسية

 

القضية

 

لا تنحروا قضيتنا على أعتاب قضيتكم

 

الصراحة منهجنا

 

القادسية

 

Ø     من نحن ؟

 

Ø     الوضع في العراق رؤية من الداخل

 

جذور الصراع وعنوانه الصحيح

 

لا بد من التعامل مع الحقيقة كما هي

 

يشوون طفلا سنياً ويضعون جثته أمام منزل ذويه في صينية..!!!

 

المعركة معركة عقيدة

 

عقيدة الصفويين

 

أبو القاسم الخوئي مثال

 

نعمة الله الجزائري مثال آخر

 

سكوت المراجع الشيعية

 

الحكومة العراقية إيرانية

 

وطنية العلمانيين

 

يحاكمون أفرادنا كطائفة ونحاكم طائفتهم كأفراد

 

أي المحتلين أخطر؟

 

تشخيصنا قديم

 

Ø     ما هو المطلوب ؟

 

Ø     أيها المشائخ !  إلى متى تجهلون أو تتجاهلون الحقيقة ؟  (1)

 

صحوة مفاجئة

 

خبر ساءني

 

Ø     أيها المشائخ ! إلى متى تجهلون أو تتجاهلون الحقيقة ؟  (2)

 

Ø     أيها المشائخ ! إلى متى تجهلون أو تتجاهلون الحقيقة ؟  (3)

 

Ø     الأحواز .. المأساة المنسية (1)

 

برقية عـزاء

 

لقطة من صور المأساة الصامتة

 

السادية والشذوذ النفسي

 

صورة لا تنسى

 

Ø     الأحواز .. المأساة المنسية (2)

 

بداية المأساة

 

المأساة في خطوطها العريضة

 

المقاومة الأحوازية

 

الانتفاضات والثورات

 

Ø     الأحواز .. المأساة المنسية (3)

 

مقياس العدل والظلم

 

عمر العادل

 

يوم الأربعاء الأسود

 

متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ؟!!!

 

Ø     بعد أربع سنين..! الشيعة يهتفون: اخرج أيها المحتل..! (1)

 

اخرج أيها المحتل!

 

وعادت بي الذكرى أربع سنين إلى الوراء

 

واستقبل الشيعة المحتل بالحلوى والورود.. وبعضهم بالخمور

 

يتبرأون ممن يقاوم المحتلين أو يؤذيهم لأي سبب

 

هكذا كان الشيعة الأيام الأُولى للاحتلال

 

Ø     بعد أربع سنين..! الشيعة يهتفون: اخرج أيها المحتل..! (2)

 

لا شيء حقيقياً تغير

 

قلناها ونقولها: لا بد أن يصطرعوا

 

ولكن سيبرقعون قتالهم على الدنيا بلافتات الجهاد والوطنية

 

عملاء إيران يدافعون عن مشروعها ضد مشروع الأمريكان

 

الانتماء للطائفة وليس الوطن

 

ما هو مشروعنا؟

 

Ø     عقدة الاستعراض عند الشيعة

 

الحيل النفسية الدفاعية

 

حيلة التعويض الزائد  Overcompensation

 

حيلة التكوين العكسي Reaction formation

 

المظاهر المبهرجة

 

الدعاوى الفارغة والتصريحات الرنانة

 

المسيرات والمظاهرات

 

Ø     العروبة بين المضمون الإسلامي والمضمون العلماني (1)

 

النبرة القومية

 

العراق مهدد في كيانه وانتمائه

 

الحكام الإيرانيون يصرحون: العراق جزء من إيران

 

الخميني والحزام أو الهلال الشيعي

 

حفيد الخميني: العراق عراقنا والنجف عاصمتنا

 

الإصرار على تسمية الخليج بالفارسي

 

وكشفت الشعوبية عن سوءتها بعد الاحتلال

 

Ø     العروبة بين المضمون الإسلامي والمضمون العلماني (2)

 

الوطنية حق.. والعروبة - وكل انتماء موزون - حق

 

التجريد أحد علل العقل البشري

 

علماء الأمة وموقفهم من العروبة

 

Ø     ذكرى معركة تحرير الفاو

 

أهمية المعركة وصعوبتها البالغة

 

لا بد من تحرير الفاو

 

وهكذا حرر العراقيون الفاو!

 

Ø     الوطنية والعروبة عند الشيعة

 

كيف هتكت عقائد الشيعة الوطنية والعروبة

 

Ø     عدم فهم مشكلة العراق لماذا ..؟

 

بعض يجهل..! وبعض يخشى

 

الهزيمة النفسية لدى عموم أهل السنة تجاه الشيعة

 

لا تناقض بين الشجاعة الفردية والهزيمة النفسية الجمعية

 

المهزوم لا يأتي بحل

 

حاكمية المجموع

 

هل العروبة جسد أم روح ؟

 

عقيدة (ختم العداوة)

 

صنف الباعة

 

Ø     حوار في موقع (الألوكة)

 

Ø     كلهم مقتدى لا أستثني أحدا (1)

 

لعبة قديمة جديدة

 

هؤلاء هم (المعتدلون)..!

 

محمد مهدي الخالصي

 

جواد الخالصي

 

Ø     كلهم مقتدى لا أستثني أحدا (2)

 

أحمد البغدادي

 

محمد حسين  فضل الله

 

محمد باقر الصدر

 

محمد محمد صادق الصدر

 

Ø     كلهم مقتدى لا أستثني أحدا (3)

 

محمود الصرخي

 

فشل نظرية (التفريق) أو تصنيف الشيعة

 

الخلاصة

 

Ø     التشيع وقابلية الاستعمار (1)

 

عقيدة الإمامة والتقليد

 

عقيدة (الإمامة)

 

التقليد

 

Ø     التشيع  وقابلية الاستعمار (2)

 

شواهد التاريخ

 

التمكين للغزاة البويهيين من بغداد

 

خيانات الفاطميين

 

هدم الخلافة العربية الإسلامية، واستقدام المحتل المغولي

 

خيانات شيعة الشام وتعاونهم مع المغول

 

تواطؤ الصفويين مع الصليبيين على غزو بلاد العرب والمسلمين

 

تحالف الشيعة الأفغان مع الغزاة لاحتلال بلادهم أفغانستان

 

الشيعة عند احتلال اليهود لجنوب لبنان 1982

 

 (حزب الله) هو الحزام الأمني لكيان إسرائيل

 

مراجع الشيعة عند احتلال الانجليز العراق بداية القرن الماضي

 

تعاون مراجع الشيعة من (المجلس الأعلى) وغيرهم مع الغزاة الإيرانيين

 

موقف شيعة العراق من الغزاة الأمريكان سنة 1991

 

تحالف الشيعة مع المحتل الأمريكي الصليبي لغزو العراق

 

Ø     وقفة مع غوستاف لوبون مؤسس علم نفس الجماهير

 

الروح الجماعية للجمهور

 

الحياة اللاواعية للروح الجماعية للجمهور

 

ضعف جدوى المحاججات العقلانية مع الجمهور

 

ضرورة تكرار الفكرة وتأكيدها

 

الزمن

 

Ø     توضيح إشكالات وردت من سائل على إحدى المقالات

 

رسالة من أرض بابل

 

انخفاض مستوى الملكات العقلية للجمهور

 

من عناصر القيادة

 

التأكيد المجرد عن الحجة

 

الدينيوية شخصية الشيعي

 

عقدة لا عقيدة

 

التخلف النفسي عند الشيعي

 

Ø     فلسطين ليست كل شيء ثمة أشياء أخرى أيها الإخوة في فلسطين

 

1. تجاهل الفلسطيني المؤامرات والأخطار الأخرى

 

2. أثر التجاهل الفلسطيني لقضايا الآخرين على وحدة الصف وتوحد قضايا الأمة

 

كلمة عتاب وتحذير مفتوحة إلى الأخوة في فلسطين

 

خطر التشيع يزحف إلى فلسطين وما بعده إلا التناحر الطائفي والخراب

 

Ø     إيران .. العداوة الابدية - قراءة جديدة في أوراق قديمة (1)

 

نظرة عامة

 

تاريخ صراع وعلاقة دم

 

إيران دمرت كل المراكز الحضارية التي قامت في العراق

 

احتلال فارسي للعراق دام أكثر من ألف عام

 

الخطوط الكبرى للمؤامرة

 

الخط الفكري أو العلمي

 

خط الاغتيالات

 

خط إثارة الفتن بين الغوغاء والدهماء

 

ولا زالت إيران تتآمر على العرب والمسلمين

 

من أشعل نار الحرب ثماني سنين؟

 

الطابع الحزين للنفسية العراقية

 

Ø     إيران العداوة الأبدية (2)

 

موجز تاريخ الصراع القديم

 

1. مرحلة التاريخ القديم حتى سنة (539) ق.م

 

سرجون الأكدي وأول دولة عراقية موحدة عام (2370) ق.م

 

الكوتيون وأول فترة مظلمة في تاريخ العراق

 

أوتوحيكال يقود أول حرب تحرير وطنية في التاريخ

 

أورنمو وتجارب الإحسان الفاشلة

 

حمورابي يوحد العراق ويحرره من الاحتلال

 

ويضعف الحاكم في العراق فتعود إيران من جديد

 

نبو خذ نصّر الأول (1150) ق.م

 

الملكة سميراميس على خطى نبوخذنصر وحمورابي

 

القتال بالنيابة

 

الغدر تلك الصفة الملازمة لعلوج إيران

 

مجمل القول

 

Ø     إيران العداوة الأبدية (3)

 

2. مرحلة الاحتلال الطويل (539 ق.م - 636 ب.م)

 

عام (539) ق.م والتحول التاريخي الكبير

 

الفرس الإخمينيون وسياسة الظلم والاستعباد

 

ثورات بابلية لم يكتب لها النجاح

 

الفرس الفرثيون وسياسة الاحتواء

 

الفرس الساسانيون وسياسة الحقد الديني

 

جذور عقيدة (الإمامة) الشيعية

 

Ø     أضحكتني لا أضحك الله سنك

 

وتريدنا أن نصدِّق!

 

مرض الانسحاب (Withdrawal)

 

Ø     حقائق كبيرة وخطيرة عن طموحات إيران في العراق والمنطقة المجاورة (1)

 

2.      إيران وطموحاتها في المنطقة لإقامة إمبراطورية (فارس الكبرى)

 

ذكرى العدوان الإيراني على العراق

 

11.           الحزام الشيعي 

 

12.           عدم الاعتراف بالعراق

 

13.           وزراء الخميني

 

14.           حفيد الخميني

 

15.           احتلال الجزر العربية الثلاث

 

16.           المطالبة بضم البحرين 

 

17.           احتلال قطر الأحواز العربي

 

18.           الإصرار على تسمية الخليج بالفارسي 

 

19.           ظهور ألسنة النار المجوسية في المملكة العربية السعودية

 

20.      فضيحة يفجرها معمم إيراني من قم

 

Ø     حقائق كبيرة وخطيرة عن طموحات إيران في العراق والمنطقة المجاورة (2)

 

2. الوجود الإيراني في العراق (1)

 

الأذرع الإيرانية الرئيسة في داخل العراق

 

إخلاء بغداد من أهل السنة

 

قيادة وزارة الداخلية العراقية إيرانية

 

سيطرة المخابرات الإيرانية على الجنوب

 

وثائق الدخول إلى العراق من الكويت مكتوبة بالفارسية

 

Ø     حقائق كبيرة وخطيرة عن طموحات إيران في العراق والمنطقة المجاورة (3)

 

2. الوجود الإيراني في العراق (2) 

 

عشرات الآلاف من الحرس الثوري الإيراني في العراق

 

من مظاهر النفوذ الإيراني

 

Ø     حقائق كبيرة وخطيرة عن طموحات إيران في العراق والمنطقة المجاورة (4)

 

2. الوجود الإيراني في العراق (3) 

 

من البصرة يبدأ قيام دولة فارس

 

آخر الفضائح

 

Ø     خطأ شائع عن نكاح المتعة يجب تصحيحه: (نكاح المتعة كان مباحاً أول الإسلام ثم حرم متأخراً)

 

أحاديث المتعة

 

Ø     يحاكمون أفرادنا كطائفة ونحاكم طائفتهم كأفراد!

 

يحملوننا أوزار التاريخ ونبرئهم من تبعات الواقع

 

مصيبتنا مركبة

 

بالزغاريد والهتافات تستقبل الأحياء الشعبية مجاميع المليشيات

 

خسارة في الدين وفي السياسة

 

Ø     اختلاف الحرامية وإرهاصات النهاية

 

الشيعة يأكلون آلهتهم

 

والفضائح تترى

 

انهيار الحائط المقدس

 

التراشق بالتهم

 

Ø     دين الثعالب (1)

 

لسنا ضد النادمين، ولكن..

 

مساكين أهل السنة..!

 

الأرقام الواردة في الخبر..!!!

 

ليس المهم الحدث

 

مؤتمرات متلاحقة من العيار نفسه..؟!

 

ما خسروه في القتال يريدون سلبه بالكلام

 

Ø     دين الثعالب (2)

 

انظروا إلى الشاشة ففيها الجواب

 

الالتفاف على مكاسب العشائر السنية

 

أكثرنا يجهل كيف يفكر الشيعي؟ وكيف يسلك؟

 

التقليد والعلاقة العضوية بين الشيعي ومرجعه

 

مرض الإدمان على المراجع

 

انتبه..! ليس كل من عادى عدوك صار صديقك

 

اللعبة المزدوجة في السياسة الإيرانية

 

Ø     إلى عبد الله من الجزائر مع التحية

 

Ø     سورة الحج تأملات جهادية

 

العلاقة بين سورة الحج والسورة التي سبقتها ولحقتها

 

الحركة والانتقال تشد أجزاء السورة

 

العلاقة بين الحج والجهاد

 

Ø     صح النوم..! السيستاني يعلن أول عيد الأضحى بعد العيد بيومين

 

دين العجم قائم على المخالفة

 

سياسة لا دين

 

لا بد للمصالحة من الانتفاض على المرجع

 

Ø     المحتويات

 

 
 


1 - الرابطة العراقية / 23 / 9 / 2006

([2]) (مصباح الفقاهة) ، الخوئي ج1 ص323-324.

([3]) كتاب الطهارة ، الخوئي ج 2 ص87.

([4]) منهاج الصالحين 1/325.

(5) الانوار النعمانية ، نعمة الله الجزائري ، ج2 ص307

(6) المصدر نفسه ، ج2 ص308 .

[7]- أول مقالة نشرت على موقع (القادسية) . وأعدنا نشرها بعد عشرين شهراً يوم اختلف الشيخ القرضاوي مع الشيعة وأعلن عن فشل المنهج الترضوي . ولطولها قسمتها إلى ثلاثة أجزاء.

8- سيف الخياط ، موقع الحوار المتمدن ، العدد 1800 ، 19/1/2007.

[9]- وقد انتشر هذا الخطاب حينها في أوساطنا، وتداوله الناس فيما بينهم. ووصلتني نسخة منه. كما نشر على موقع مفكرة الإسلام. حسب ما جاء في مجلة البيان العدد196 ، ص66.

3- يوم 1/2/2005 .

11-  أصول علم النفس، الدكتور أحمد عزت راجح ، ص453

12- أيضاً ، ص472

[13]- أيضاً ، ص462

[14]- أيضاً ، 462-463

15 - حوار قناة الجزيرة مع أبو الحسن بن الصدر ، الرئيس الأول للجمهورية الإسلامية الإيرانية ، في برنامج زيارة خاصة ، بتاريخ 17/1/2000 .

[16]- هو فضيلة الشيخ المهندس الشهيد أياد العزي تغمده الله تعالى برحمته الواسعة.

65- الأنوار النعمانية ، 2/278، نعمة الله الجزائري.

66- مسائل اعتقادية، ص110 ، محمد حسين فضل الله.

67- يقول غوستاف لوبون: إن ذوبان الشخصية الواعية للأفراد وتوجيه المشاعر والأفكار في اتجاه واحد يشكل الخصيصة الأولى للجمهور... والظاهرة التي تدهشنا أكثر في الجمهور النفسي هي التالية: أياً تكن نوعية الأفراد الذين يشكلونه، وأياً يكن نمط حياتهم متشابهاً أو مختلفاً، وكذلك اهتمامهم ومزاجهم أو ذكاؤهم، فإن مجرد تحولهم إلى جمهور يزودهم بنوع من الروح الجماعية. وهذه الروح تجعلهم يحسون ويفكرون ويتحركون بطريقة مختلفة تماماً عن الطريقة التي كان سيحس بها ويفكر ويتحرك كل فرد منهم لو كان معزولاً... هكذا نلاحظ بسهولة إلى أي مدى يكون الفرد المنخرط في الجمهور مختلفاً عن الفرد المعزول... وهذه الصفات العامة للطبع التي يتحكم بها اللاوعي والتي يمتلكها معظم الأفراد الطبيعيين لعرق ما بنفس الدرجة تقريباً هي بالضبط تلك التي نجدها مستنفرة لدى الجماهير. فالكفاءات العقلية للبشر وبالتالي فرادتهم الذاتية تمَّحي وتذوب في الروح الجماعية. وهكذا يذوب المختلف في المؤتلف وتسيطر الصفات اللاواعية.

17- مفكرة الاسلام -  24 أغسطس 2006

18- الوحدة الإسلامية بين الأخذ والرد ، ص 403- 404 ، محمود الملاح

19- إحياء الشريعة ، ج1 ص86 ، محمد مهدي الخالصي

20- الوحدة الإسلامية بين الأخذ والرد ، ص272،283.

21- نقلاً عن (أصول مذهب الشيعة الامامية الاثنى عشرية عرض ونقد) ، 2/753 ، الدكتور ناصر بن عبد الله بن علي القفاري.

22- شبكة البصرة ، 17/3/2007 ، ووجود مثل هذا البيان على شبكة البصرة وترويجها له ، ومدحها لصاحبه ، يؤكد أننا مشروع دائم للانخداع ! فمتى تنتهي هذه المهزلة ؟!

[26]- حق الإمام في فكر السيد البغدادي ، ص10 ، أحمد الحسيني البغدادي

24- مسائل اعتقادية، ص110 ، محمد حسين فضل الله

25- من مقال بعنوان (محاولات أولية لإصلاح الشيعة) على موقع " الرابطة العراقية " في 1 محرم 1428 ، 19/1/2007 

26- ص125،128على التوالي

27-  ص89

28- ص138

29- ص186

30- ص50-51

[34]  - كتاب منبر الصدر ، وهو كتاب يحتوي على خطب الجمعة التي كان يلقيها محمد صادق الصدر في مسجد الكوفة ، الخطبة الخامسة ، ص51 من الكتاب ، تقرير وتحقيق السيد محسن الموسوي .

32- أهل السنة وحب العترة ، ص9،7، محمود الحسني الصرخي .

33- المهدي على الأبواب ، ص22 . محمود الصرخي. في قضاء الشامية التابع لمحافظة القادسية (الديوانية) مسجد لأهل السنة اسمه (جامع الشامية الكبير). وهذا المسجد له قصة مأساوية طويلة. تكلمت عن أحد فصولها في كتابي (البادئون بالعدوان). فقد جرت محاولة اغتصاب دموية لهذا المسجد سنة (1998)، وغيروا اسمه إلى (جامع الإمام علي الهادي)، في الوقت الذي بنوا فيه مسجداً شيعياً قريباً منه يحمل اسمه القديم (جامع الشامية الكبير)؛ وذلك لغرض التمويه، وإخفاء معالم الجريمة بهذه الطريقة الملتوية. وكشف هذا التلاعب مسئول لجنة التوعية الدينية في المحافظة. وقام بجهود مضنية ومراجعات كثيرة في سبيل ذلك، حصل في إحداها شجار وضرب بالأيدي. فلما فشلت محاولتهم قاموا بالهجوم على إمام المسجد وضربوه وهو ساجد يصلي وحده صلاة العشاء. واتهموه ومجموعة من شباب أهل السنة بقتل بعض مراجع الشيعة. انتهت مؤامرتهم هذه بإغلاق المسجد. حتى إذا وقع الاحتلال تم لهم ما أرادوا، ليستولي على المسجد أتباع المرجع الشيعي محمود الحسني الصرخي. وأسموه (جامع السيد الشهيد محمد باقر الصدر). ورفعوا على عمود طويل صورة للصرخي عند الزاوية الخارجية للمسجد. هؤلاء هم رموز المصالحة الوطنية للشيعة عندنا!!!

34- الرسائل الاستفتائية ، حلقة 15 ، ص15 .

[38]- السلوك لمعرفة دول الملوك ( 1/25- 27). 

[39]- ابن واصل/ مفرج الكروب بني في أخبار بني أيوب (ص152).

[40]- رسالة إلى السلطان الملك الناصر في شأن التتار ص19 ، شيخ الإسـلام ابن تيمية  مكتب التراث العربي .

[41]- أحمد بن علي المقريزي/ السلوك لمعرفة دولة الملوك (1/419) ط لجنة التأليف والترجمة والنشر الطبعة الثانية 1957م تحقيق محمد مصطفى زيادة - بتصريف.

[42]- بعض الشواهد من كتاب خيانات الشيعة وأثرها في هزائم الأمة الإسلامية، عماد عبد السميع حسين

-[43] سيكولوجية الجماهير، ص54 ، غوستاف لوبون.

[44]-  م. ن. ص56

-[45] م. ن. ص56-57

-[46]  م. ن.ص45

[47]-  م. ن. ص61

-[48]  م. ن. ص60

[49]-  م. ن. ص84

-[50]  م. ن. ص85-86

-[51]  م. ن. ص124-125

[52]-  من أطرف ما سمعته من تشبيه لنفسية الجمهور الشيعي وسرعة تأثرها بما تسمع دون تروٍّ أو تمحيص قول حكيم من حكماء الدعوة عاش ثلاث عشرة سنة في كربلاء هو الاستاذ الحاج جمعة نافع الراوي: إن عوام الشيعة كقطيع الواوية (بنات آوى) ما إن يصيح أحدها: (ويو) حتى يضج القطيع عن آخره:(ويو ويو)!.

-[53] المصدر السابق ، ص132-135

-[54]  م. ن. 102-103

40 - حوار قناة الجزيرة مع أبو الحسن بن الصدر ، الرئيس الأول للجمهورية الإسلامية الإيرانية ، في برنامج زيارة خاصة ، بتاريخ 17/1/2000 .

[56]- حوار قناة الجزيرة مع أبو الحسن بن الصدر ، الرئيس الأول للجمهورية (الإسلامية) الإيرانية ، في برنامج زيارة خاصة ، بتاريخ 17/1/2000 .

[57]- الشيعة والدولة القومية في العراق 1914-1990 ، حسن العلوي ، ص295 ، دار الثقافة للطباعة والنشر، إيران – قم .

-[58] محمود أحمد الأحوازي في ندوة على قناة "المستقلة" الفضائية ، بعنوان (الدور الإيراني في تحديد مستقبل العراق) ، بتأريخ 24/11/2004 . والحدث وقع قبل أسبوعين من التأريخ المذكور كما أفاد الناقل.
 

-[59] موقع فيصل نور.

[60]- جريدة البصائر التابعة لهيئة علماء العراق ، العدد 142

[61]- مفكرة الإسلام ، 8/محرم/1428 – 26/1/2007

[62]- قال لي أحد أعضاء مجلس النواب العراقي: إن عدد الإيرانيين في المجلس أكثر من هذا الرقم بكثير ، إن عددهم يزيد على الثلاثين

[63]-  هارون محمد ، موقع المختصر ، 17/12/1427 - 6/1/2007
 

-[64] انظر: كتاب (أنت الآن في عصر الظهور) ، فارس فقيه . والكتاب منشورة وثائقه المصورة على موقع (فيصل نور) الألكتروني.

[65]- موقع المختصر ، 4/2/2007

[66]- قال بعض العلماء: إن الرخصة لم تكن إلا مرة واحدة في (خيبر) فقط. ثم حرمت هي ولحوم الحمر الأهلية، كما صح بذلك الحديث عن علي رضي الله عنه . أما الرواية التي ذكرت (حنين) فلا تصح دليلاً على تكرار الفعل. لأن الأمر لا يعدو تصحيفاً وقع فيه بعض الرواة، فقلبوا لفظ (خيبر) إلى (حنين)، لعدم وجود التنقيط سابقاً. فإن صورة كلمة (حنين) بلا نقاط، تشبه صورة كلمة (خيبر) تماماً! سيما وأن حرف النون (ن) من دون نقطة قريب الشبه جداً بحرف الراء (ر)!! أما ذكر الرواية بلفظ (أوطاس)، فهو عبارة عن ذكر ما صُحِّف بالمعنى. كذلك الذي روى الحديث: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عنَزَة) هكذا: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة) صحّف كلمة (عنَزة) بالفتح إلى (عنْزة) بالسكون أولاً. ثم رواها بالمعنى ثانياً. وقد يكون الأمر بالعكس فتكون (خيبر) مصحفة عن (حنين) والله تعالى أعلم. قال ابن حجر في [فتح الباري 11/438]: روى عبد الوهاب الثقفي عن يحيى بن سعيد عن مالك في هذا الحديث: (ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر) فإنه قال : "حنين" بمهملة أوله ونونين. أخرجه النسائي والدارقطني، ونبها على أنه وهم تفرد به عبد الوهاب. وأخرجه الدارقطني من طريق أخرى عن يحيى بن سعيد فقال: خيبر على الصواب.  

[67] أصول الكافي – الكليني 1/68، تهذيب الأحكام – الطوسي 6/301.

عدد مرات القراءة:
10406
إرسال لصديق طباعة
الثلاثاء 13 ذو الحجة 1438هـ الموافق:5 سبتمبر 2017م 01:09:35 بتوقيت مكة
clinton 
مرحبا، اسمي كلينتون باركلي و أريد فقط أن أشارك تجربتي مع الجميع. لقد سمعت عن هذه البطاقة الصراف الآلي فارغة لفترة من الوقت وأنا لم تدفع حقا أي مصلحة لذلك بسبب شكوكي. حتى يوم واحد اكتشفت رجل القرصنة دعا ماكس. انه جيد حقا في ما يفعله. عودة إلى النقطة، استفسر عن بطاقة الصراف الآلي فارغة. إذا كان يعمل أو حتى موجود. قالوا لي نعم، وبطاقة مبرمجة للمال عشوائي يسحب دون أن يلاحظ ويمكن أيضا أن تستخدم للمشتريات عبر الإنترنت مجانا من أي نوع. كان هذا صدمة وأنا لا تزال لدي شكوك. ثم أعطيته محاولة وطلبت بطاقة ووافق على شروطهم .. بعد أربعة أيام تلقيت بطاقتي وحاولت مع أقرب جهاز صراف آلي قريب مني، لأفاجأتي العظمى عملت مثل السحر. كنت قادرا على سحب ما يصل إلى 3000 $. كان هذا لا يصدق وأسعد يوم من حياتي. حتى الآن لدي القدرة على سحب ما يصل إلى 48000 $ دون أي إجهاد من الوقوع. لا يوجد أجهزة الصراف الآلي هذا بطاقة الصراف الآلي فارغة لا يمكن أن تخترق لأنه تم برمجتها مع مختلف الأدوات والبرمجيات. كما أن لديها تقنية تجعل من المستحيل على الدوائر التلفزيونية المغلقة للكشف عن كنت لا أعرف لماذا أنا نشر هذا هنا، شعرت فقط هذا قد يساعد أولئك منا في حاجة إلى الاستقرار المالي. فارغة أتم قد تغير حقا حياتي.
كما أنها تقدم خدمات مثل مؤسسات القرصنة والجامعات لتغيير الدرجات والنتائج. إذا كنت ترغب في الاتصال بهم، وهنا هو عنوان البريد الإلكتروني ([email protected]) وأعتقد أنها سوف تغير أيضا حياتك.
 
اسمك :  
نص التعليق :