الكاتب : عثمان الخميس ..
من هو المهدي المنتظر؟
محاضرة للشيخ/ عثمان الخميس
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، إله الأولين والآخرين، وخالق الخلق أجمعين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الكريم، سيدنا وإمامنا وقدوتنا وقرة عيننا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد:
فإننا سنحاول أن نطرح طرحا موضوعياً علمياً لموضوع من أهم المواضيع التي كثر حولها الجدل، ألا وهوموضوع (المهدي المنتظر).
لقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة ذكر المهدي، فمنها ما أخرجه الإمام أبوداود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لولم يبق من الدنيا إلا يوم واحد، لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض عدلاً).
وجاء كذلك عند أبي داود من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (المهدي من عترتي، من ولد فاطمة) وجاء كذلك عند أحمد قول النبي صلى الله عليه وسلم: (المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة).
وجاء كذلك عند أحمد: (المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، ويملك سبع سنين).
وجاء عند مسلم تنبيه على المهدي، من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين إلى يوم القيامة، فينزل عيسى بن مريم، فيقول أميرهم: تعال صلِ لنا، فيقول: لا، بعضكم على بعض أمراء، تكرمه الله هذه الأمة).
وقد ذكر أهل العلم أن هذا الرجل الذي يتقدم ويصلي بعيسى هوالمهدي، ثم بعد ذلك يتولى عيسى ابن مريم صلوات الله وسلامه عليه زمام الأمور.
وفي رواية ذكر ابن القيم أن إسنادها جيد: (فيقول أميرهم المهدي)، ولذلك قال الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى عن هذه الأحاديث: في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر التي أمكن الوقوف عليها -منها خمسون حديثاً فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك أوشبهة.
كلامنا ليس لمناقشة أمر المهدي عند أهل السنة والجماعة، وإنما نريد أن نناقش المهدي الذي يتكلم عنه الشيعة، وأعني بالشيعة: الاثنى عشرية.
إن حكاية المهدي في معتقد الشيعة الاثنى عشرية حكاية غريبة نسج الخيال خيوطها، وصاغ أحداثها وأحوالها، وتحولت بعد ذلك إلى أسطورة من أساطير الزمان، يمجها العقل السليم والفطرة الصحيحة، حتى أنكرتها جل فرق الشيعة فضلاً عن غيرهم.
إن القصة بدأت بدعوى ولد للحسن العسكري اختفى، ثم تطورت إلى دعوى أخرى وهي أن هذا الولد إمام، ثم تطورت فجاءت دعوى النيابة عن هذا الإمام، ثم ادعاء أن هذا المختفي هوالمهدي المنتظر.
إن غيبته عن الأنظار، وعدم خروجه، وقيادته للأمة سياسياً ودينياً، يشكل تحدياً كبيراً للقائلين بوجوده، وتمثل تناقضاً صارخاً مع القول بضرورة وجوده، فكيف يمكننا أن نقول: إن وجوده ضرورة لا بد منها، ثم نقول في الوقت نفسه: إنه غائب ولا بد له أن يغيب؟!
لذا فإننا بإثارة هذا الموضوع قد نوقظ الكثيرين من الاستغراق في حلم جميل، نوقظهم إلى واقع صحيح إن شاء الله تبارك وتعالى.
*عقيدة الشيعة في المهدي:
قال الشهرودي وهوأحد علمائهم: (لا يخفى علينا أنه عليه السلام وإن كان مخفياً عن الأنام ومحجوباً عنهم، ولا يصل إليه أحد، ولا يعرف مكانه، إلا أن ذلك لا ينافي ظهوره عند المضطر المستغيث به الملتجئ إليه، الذي انقطعت عنه الأسباب، وأغلقت دونه الأبواب، فإنه إغاثة الملهوف، وإجابة المضطر في تلك الأحوال، وإصدار الكرامات الباهرة، والمعجزات الظاهرة، هي من مناصبة الخاصة، فعند الشدة وانقطاع الأسباب من المخلوقين، وعدم إمكان الصبر على البلايا دنيوية أوأخروية، أوالخلاص من شر أعداء الإنس والجن، يستغيثون به، ويلتجئون إليه). قاله في كتابه: [الإمام المهدي وظهوره، ص:325]
هكذا يقولون، والله تعالى يقول في وصف الكفار: ((فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ)) [العنكبوت:65].
أما أولئك فيستغيثون به ويلجئون إليه في ضرهم وفي راحتهم، والعياذ بالله.
*أدلة الشيعة على وجود المهدي:
وحتى لا نظلمهم فإننا نبدأ بذكر أدلتهم على وجوده ثم نناقشها.
أولاً: أدلة العقل:
قالوا: ضرورة وجود إمام في الأرض عنده جميع علم الشريعة، يرجع الناس إليه في أحكام الدين، ثم ضرورة أن يكون هذا معصوماً، ثم ضرورة أن يكون من أولاد الحسين بن علي، ثم ضرورة الإيمان بوفاة الحسن العسكري، ثم ضرورة القول بالوراثة العمودية -يعني: من نسل الحسن يأتي مباشرة- ثم ضرورة أنه لا معصوم إلا محمد بن الحسن العسكري وهوالإمام المهدي المنتظر؛ ولذلك يقول المرتضى: [إن العقل يقتضي بوجوب الرئاسة في كل زمان، وأن الرئيس لابد أن يكون معصوماً].
وقال المفيد: (إن هذا أصل لا يحتاج معه لرواية النصوص، لقيامه بنفسه في قضية العقول).
وقال الطوسي: (إن كل زمان لا بد فيه من إمام معصوم، مع أن الإمامة لطف، واللطف واجب على الله في كل وقت).
وقال المجلسي: (إن العقل يحكم بأن اللطف على الله واجب، وأن وجود الإمام لطف، وأنه لابد أن يكون معصوماً، وأن العصمة لا تعلم إلا من جهته، وأن الإجماع واقع على عدم عصمة غير صاحب الزمان فيثبت وجوده).
هكذا صاغوا أدلتهم العقلية .. لابد من إمام .. لابد أن يكون معصوماً .. لابد أن يكون من أولاد الحسين بن علي .. لابد أن يكون ابناً للحسن العسكري .. لابد أن يكون الحسن العسكري قد مات .. لابد أن يكون هومحمد بن الحسن العسكري .. لابد .. لابد .. لابد ..
لكن من أين جاءت هذه الأمور كلها؟! العقل يقول ذلك!!
ونحن نقول لهم جميعاً: أثبت العرش ثم انقش ما شئت.
*اختلاف الشيعة في المهدي:
القول بأنه لابد من إمام معصوم يرجع إليه الناس في أحكام دينهم. نقول: هذا حق، وهوواحد، وهورسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وأما باقي كلامهم أنه لابد أن يكون من ولد الحسين وأنه هوالمهدي المنتظر فهذا ما سيناقش في أدلتهم النقلية.
رووا عن أبي عبد الله جعفر الصادق أنه قال: [إن الأرض لوخلت طرفة عين من حجة لساخت بأهلها]. [الكافي (1/ 179)]
ورووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال للحسين: (هذا إمام ابن إمام أخوإمام، أبوأئمة تسعة، تاسعهم قائمهم، اسمه كاسمي، وكنيته ككنيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً).
وقالوا: هذا الحديث مشهور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد توارثته الشيعة في البلاد المتباعدة خلفاً عن سلف، وهناك أحاديث أخرى تدور حول هذا الموضوع بنفس هذه الروايات تقريباً.
أما الأثر الأول وهو: [لوخلت الأرض طرفة عين من حجة لساخت بأهلها] لا شك أنه كذب، وذلك أن الواقع يشهد ببطلانه، وقد كانت فترات بين الرسل ولم تسخ الأرض بأهلها.
وأما الحديث الذي نسبوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال للحسين: (هذا إمام، ابن إمام، أخوإمام أبوأئمة تسعة، تاسعهم قائمهم ... ) لا شك أنه كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكذا قولهم: توارثته الشيعة في البلاد المتباعدة، خلفاً عن سلف، نقول: هذا أيضاً كذب حتى على الشيعة؛ وذلك أن هذا الحديث لا ينسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فرقة واحدة من فرق الشيعة التي بلغت قريباً من سبعين فرقة، كلها تكذب هذا الحديث، فرقة واحدة فقط من هذه السبعين من فرق الشيعة هي التي تؤمن بهذا الحديث، أما سائر طوائف الشيعة فيقولون عن هذا الحديث: إنه كذب كالزيدية، والإسماعيلية، والفطحية، والكيسانية، والبترية، والجارودية، والمختارية، والكربية، والهاشمية، والراوندية، والخطابية، والناوسية، والقرامطة، والواقفة، المنطورة، والنميرية وثلاث عشرة فرقة أخرى كلهم خالفوا الاثني عشرية في هذه العقيدة، وقالوا: إنه ليس هناك ولد بعد الحسن العسكري.
وأما الحديث الذي استدلوا به فالصحيح منه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من أهل بيتي اسمه كاسمي، واسم أبيه كاسم أبي، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً) كما بينا ذلك قريبا.
ومن الأدلة على كذب الحديث الذي استدلوا به: أن كثيراً من الشيعة القدماء لم يكونوا على علم به؛ فدل على أن هذا الحديث مصنوع موضوع وضع بعد ذلك بمدة طويلة؛ ولذلك اختلف الشيعة تقريباً بعد وفاة كل إمام من يكون الإمام بعده، وهذا زيد بن علي بن الحسين -عم جعفر الصادق أخومحمد الباقر، ابن علي بن الحسين- بعث إلى الأحول وهومستخف -بعث إليه زيد بن على بن الحسين- وطلب نصرته، فأبى الأحول وقال: [إن كان الخارج أباك أوأخاك خرجت معه، أما أنت فلا، فقال له زيد: يا أبا جعفر! كنت أجلس مع أبي على الخوان -يعني: على طاولة الطعام- فيلقمني البضعة السمينة، ويبرد لي اللقمة الحارة حتى تبرد شفقة علي، ولم يشفق علي من حر النار إذ أخبرك بالدين ولم يخبرني به، فقال الأحول: جعلت فداك من شفقته عليك من حر النار لم يخبرك، خاف عليك ألا تقبله فتدخل النار -أي: لا تقبل أن المهدي أوإن الإمام بعد علي بن الحسين هوأخوك محمد ولست أنت، وبعد أخيك محمد هوجعفر ابنه ولست أنت- قال: ما أخبرني أبي بهذا، كيف أخبرك ولم يخبرني وهوأبي، يشفق علي من اللقمة الحارة، يبردها لي حتى يضعها في فيّ، ولا يشفق عليّ من حر النار، قال: خاف عليك ألا تقبل فتدخل النار، وأخبرني أنا فإن قبلت نجوت، وإن لم أقبل لم يبال أن أدخل النار]. [أخرجه الكليني في الكافي (1/ 174)]
وهذا الكلام باطل، إذ يلزم من هذا ألا يخبر جميع أهل البيت أولادهم ولا أعمامهم ولا أخوالهم ولا باقي أقاربهم خشية ألا يقبلوا فيدخلوا النار، وهكذا لا ينتهي هذا المسلسل من الطعن في آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من شرذمة يدّعون محبتهم، الآن زيد وبعده سيأتينا الطعن في جعفر بن علي الهادي، كما طعنوا في أبناء عم الحسن العسكري، وقبلهم طعنوا في محمد بن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن جعفر الصادق، وأولاد الحسن بن علي، والعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم وابنه عبد الله بن عباس، ثم يدعون بعد ذلك محبة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، قبح الله تبارك وتعالى هذا الحب!
وكذلك ما يدل على كذب هذا الادعاء أنهم يقولون ويروون: إن الإمام السابق لا يموت حتى يعلمه الله إلى من يوصي، وأن الإمام التالي يعرف إمامته في آخر دقيقة من حياة الأول، وهذا موجود في كتاب: [تطور الفكر السياسي (ص64)].
وهذا زرارة بن أعين أوثق رواة الشيعة على الإطلاق ومن المقربين إلى الإمامين الباقر والصادق يموت وهولا يعرف إمام زمانه، ولما وقع الموت في زرارة واشتد به، قال لعمته: [ناوليني المصحف. فأخذ المصحف وفتحه ووضعه على صدره وقال: يا عمة! اشهدي أن ليس لي إمام غير هذا الكتاب]. [هذا في رجال الكشي صفحة (139)]
ولما مات جعفر الصادق رضي الله عنه بايع أكثر أقطاب الإماميه ابنه عبد الله، وجاءوا يسألونه وهم هشام سالم الجواليقي، ومحمد بن النعمان الأحول -هذا الذي مر بن قريباً- وعمار السباطي وغيرهم حتى قال هشام بن سالم: [خرجنا منه -أي: من عند عبد الله بن جعفر الصادق- ضلالاً لا ندري إلى أين نتوجه ولا من نقصد]. [وهذا ذكره صاحب الكافي الكليني (1/ 351)]
إن الأدلة على عدم إمامتي الثاني عشر كثيرة، فمن كتب الشيعة: ما روي عن علي الهادي -جد المهدي المنتظر على حسابهم- قال: [أبومحمد ابني -الحسن العسكري- أنصح آل محمد غريزة، وأوثقهم حجة، وهوالأكبر من ولدي، وهوالخلف، وإليه تنتهي عُرى الإمامة وأحكامها]، هذا دليل على أنه لا أحد بعد الحسن العسكري.
وكذلك جاء في الحديث: (لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من أهل بيتي، اسمه على اسمي، واسم أبيه على اسم أبي)، والرسول صلى الله عليه وسلم كما هومعلوم اسمه: محمد بن عبد الله، والمهدي عندهم اسمه محمد بن الحسن فكيف يكون اسمه على اسم النبي، واسم أبيه على اسم أبي النبي صلى الله عليه وسلم، هذه إشكالية عظيمة!
ولهذا حل هذه الإشكالية أبوالحسن الأربلي واسمعوا لهذا الجواب العجيب! قال: (كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم سبطان أبومحمد الحسن وأبوعبد الله الحسين، ولما كان الحجة من ولد الحسين أبي عبد الله -الحجة يعني: المنتظر من أولاد الحسين أبي عبد الله- وكانت كنية الحسين أبا عبد الله، فأطلق النبي صلى الله عليه وسلم على الكنية لفظ الاسم، لأجل المقابلة بالاسم في حق أبيه، وأطلق على الجد لفظه الأب فكأنه قال: اسمه اسمي فأنا محمد وهومحمد -هذه ما فيها إشكالية، الإشكالية أين؟ في اسم الأب- وتواطئ كنية جده الحسين هوأبوعبد الله). [وهذا في كتابه كشف الغمة في معرفة الأئمة (2/ 443)]
انظر أين رجع، هذه تصدق على كل أمة محمد، كل رجل اسمه محمد فتش عن أحد أجداده من أبيه أومن أمه اسمه أبوعبد الله أواسمه عبد الله كي يصدق عليه أنه المهدي المنتظر، وهذا الهراء لا أظنه يقبله عاقل ولكن كما قال المتنبي:
ذوالعقل يشقى في النعيم بعقله وأخوالجهالة بالشقاوة ينعم
*بطلان وجود ولد للحسن العسكري:
جاء عند الكليني في الكافي ما يكذب هذا المدعى، والكافي -كما هومعلوم- هوأوثق كتاب عند الشيعة على الإطلاق، فهذا كتاب الكافي للكليني فيه: عن الحسن بن علي بن محمد بن الرضا قال له بعض من حضر مجلسه من الأشعريين: [يا أبا بكر! فما خبر أخيه جعفر؟ -يسألون أحد علماءهم عن جعفر أخي الحسن العسكري، يعني: عم المهدي المنتظر- قال: ومن جعفر، فتسأل عن خبره؟! أوَ يقرن بالحسن جعفر معلن الفسق فاجر، ماجن شريب للخمور، أقل من رأيته من الرجال، وأهتكهم لنفسه، خفيف قليل في نفسه؟!] هكذا يقولون عن عم المهدي، عن جعفر بن علي الهادي أخي الحسن العسكري، انظروا كيف يسبون أهل البيت!!
ثم يقول: [لما اعتل الحسن العسكري بُعث إلى أبي: إن ابن الرضا قد اعتل -مرض الموت- فركب من ساعته، فبادر إلى دار الخلافة، ثم رجع مستعجلاً ومعه خمسة من خدم أمير المؤمنين، كلهم من ثقاتة وخاصته، فيهم تحرير الخادم، فأمرهم بلزوم دار الحسن وتعرف خبره وحاله، وبعث إلى نفر من المتطببين فأمرهم بالاختلاف إليه] الآن المريض الحسن العسكري، الخليفة بعث ناساً ينظرون إلى الحسن العسكري حال مرضه، وأرسل له الأطباء حتى مات الحسن العسكري.
يقول: [لما دفن أخذ السلطان والناس في طلب ولده -يبحثون عن ولد للحسن العسكري- وكثر التفتيش في المنازل والدور، وتوقفوا عن قسمة ميراثه، ولم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية -أي: جارية من جواريه- شكوا أن تكون حاملاً، فإذا كانت حاملاً، فالولد هوابن للحسن العسكري- يقول: حتى تبين بطلان الحمل، فلما تبين بطلان الحمل قُسم ميراثه بين أمه وأخيه جعفر]. إذاً: هذه رواية الكليني في الكافي (1/ 5.3) تثبت أنه لم يكن للحسن العسكري ولد.
المهدي المنتظر عند الشيعة
أسماؤه: المهدي .. محمد .. القائم .. الغائب .. الصاحب .. الحجة .. الخائف .. الخلف .. أبوصالح .. الناحية المقدسة، وغيرها كثير حتى بلغ بها النور الطبرسي بعدد أسماء الله الحسنى تسعة وتسعين اسماً.
*اختلاف الشيعة في اسم المهدي:
اختلفوا في هذا المهدي اختلافاً عظيماً، اختلفوا أولاً في تسميته: فرووا عن أبي عبد الله -جعفر الصادق- أنه قال: [صاحب هذا الأمر رجل لا يسميه باسمه إلا كافر]. [الأنوار النعمانية (2/ 53)]
ورووا عن أبي محمد الحسن العسكري أنه قال لأم المهدي: [ستحملين ذكراً واسمه محمد وهوالقائم من بعدي]. [الأنوار النعمانية (2/ 55)]
فمرة يقولون: الحسن العسكري سماه محمداً، ومرة يقولون: من ناداه باسمه فهوكافر.
*اختلافهم في أم المهدي:
من الأدلة على عدم وجود هذا الشخص: أمه لا تُعرف، فأمه كما قال علماؤهم: جارية اسمها سوسن، وقيل: جارية اسمها نرجس، وقالوا: جارية اسمها صيقل، وقالوا: جارية اسمها مليكة، وقالوا: جارية اسمها خمط، وقالوا: جارية اسمها حكيمة، وقالوا: جارية اسمها ريحانة، وقيل: هي أمة سوداء، وقيل: هي امرأة حرة اسمها مريم، فأمه لا تعرف!!!
*اختلافهم في تاريخ ولادة المهدي:
متى ولد؟
ولد بعد وفاة أبيه بثمانية أشهر وقيل: ولد قبل، وفاة أبيه سنة 252، وقيل: ولد سنة 255، وقيل: ولد سنة 256، وقيل: ولد سنة 257، وقيل: ولد سنة 258، وقيل: ولد في 8 من ذي القعدة، وقيل: ولد في 8 من شعبان، وقيل: ولد في 15 من شعبان، وقيل: ولد في 15 من رمضان.
كيف حملت به أمه؟
قيل: حملت به في بطنها كما يحمل سائر النساء وقيل: حملته في جنبها ليس كسائر النساء.
كيف ولدته أمه؟
قيل: من فرجها كسائر النساء، وقيل: من فخذها على غير عادة النساء.
وللخروج من هذه التناقضات، جاء الجواب الغريب الذي يُنهي هذه التناقضات للنور الطبرسي فقال: (أمه مُليكة التي يقال لها في بعض الأحيان: سوسن، وفي بعضها تنادى بريحانة، وكان صيقل ونرجس أيضاً من أسمائها).
ولكنه نسى خمطة، وحكيمة، ومريم، ونسى أنها أحياناً تكون حرة، وأحياناً تكون أمه، ونسى أنها أحياناً تكون بيضاء وأحياناً تكون سوداء، ونسى أنها حملته مرتين، مرة في بطنها ومرة في جنبها، ونسى أنها ولدته مرتين مرة من فرجها ومرة من فخذها، وولد ثمان مرات وذلك للخروج من كل هذه التناقضات التي تحيط بهذه الولادة العجيبة الغريبة!!
*أشهر الروايات في ولادة المهدي:
رواية عمته حكيمة، وهي رواية ضعيفة من حيث الإسناد ثم هي متناقضة جداً، جاء في بعض روايات حديث حكيمة: [أنها جاءت تقلب سوسن بطناً لظهر فلا ترى أثراً لحمل، فقال لها العسكري: إذا كان وقت الفجر يظهر لك الحبل] يعني: الحمل.
وفي وراية: [فلم أر جارية عليها أثر الحمل غير سوسن]، وفي رواية: تقول حكيمة: [فأجابني في بطن أمه وسلم علي]، وفي رواية: [اسمها سوسن وفي أخرى نرجس].
كيف نشأ المهدي وأين يقيم؟
رووا عن أبي الحسن: [إنا معاشر الأوصياء ننشأ في اليوم مثلما ينشأ غيرنا في الجمعة]، وعن أبي الحسن قال: [إن الصبي منا إذا أتى عليه شهر كان كمن أتى عليه سنة]، وعن أبي الحسن أنه قال: [إنا معاشر الأئمة ننشأ في اليوم كما ينشأ غيرنا في السنة] ... تناقضات لا تنتهي!!
أين يقيم؟
قالوا: في طيبة، ثم قالوا: لا، في جبل رضوى بالروحاء، وقالوا: لا، هوفي مكة بذي طوى. ثم قالوا: لا هوفي سامراء، حتى قيل:
ليت شعري استقرت بك النوى
بل أي أرض تقلك أوثرى
أبرضوى أم بغيرها أم بذي طوى
أم في اليمن بوادي شمروخ
أم في الجزيرة الخضرا
هل يعود شاباً أويعود شيخاً كبيراً؟
عن المفضل قال: [سألت الصادق: يا سيدي! يعود شاباً أويظهر في شيبه؟ قال: سبحان الله! وهل يعرف ذلك؟ يظهر كيف شاء وبأي صورة شاء ... ]. [بحار الأنوار (53/ 7)]
ثم في رواية أخرى: [يظهر في صورة شاب موفق ابن اثنين وثلاثين سنة]. [كتاب تاريخ ما بعد الظهور (ص:36.)]
ثم في وراية أخرى: [يخرج وهوابن إحدى وخمسين سنة]. [كتاب تاريخ ما بعد الظهور (ص:361)]
ثم في وراية أخرى: [يظهر في صورة شاب موفق ابن ثلاثين سنة]. [كتاب الغيبة للطوسي (ص:42.)]
.... تناقضات لا تنتهي.
مدة ملكه كم؟
قال محمد الصدر: (وهي أخبار كثيرة ولكنها متضاربة في المضمون إلى حد كبير حتى أوقع كثيراً من المؤلفين في الحيرة والذهول). [هذا في تاريخ ما بعد الظهور (ص:433)]
في رواية أخرى: (ملك القائم منا 19 سنة)، وفي رواية: (سبع سنين يطول الله له في الأيام والليالي حتى تكون السنة من سنيه مكان عشر سنين؛ فيكون سنين ملكه 7. سنة من سنيكم ... ). [تاريخ ما بعد الظهور (ص:436)]
ورواية أخرى: (أن القائم يملك 3.9 سنين كما لبث أهل الكهف في كهفهم) ... تناقضات لا تنتهي.
*تضارب الروايات في مدة غيبة المهدي:
كان مخترع فكرة الغيبة على درجة كبيرة من الدهاء، وكان الشيعة في ذلك الوقت ينقسمون إلى قسمين لا ثالث لهما:
القسم الأول: من رفض هذه الفكرة -فكرة الغيبة، فكرة وجود ولد للحسن العسكري- وهم أكثر فرق الشيعة كما ذكرنا، بل كل فرق الشيعة ما عدا فرقة واحدة.
القسم الثاني: من قبل هذه الفكرة، وهم القلة الذين كانوا يُمنون أنفسهم بقيام دولة لهم، وكان مخترعوها يُمنون أتباعهم بقصر المدة، فوضعوا روايات تفيد ذلك، فلما لم يظهر جاءت روايات أخرى تزيد في المدة، وهكذا حتى جعلوها غير محددة، والعجيب أنهم يجدون من يصدق…
فعن علي بن أبي طالب أنه قال: [تكون له -أي للمهدي- غيبة وحيرة، يضل فيها أقوام ويهتدي آخرون، فلما سئل: كم تكون الحيرة؟ قال: ستة أيام أوستة أشهر أوست سنين]. [الكافي (1/ 338)]
فكانت هذه الرواية مقبولة في البداية لتهدئة النفوس المضطربة، وليضمن النواب الأموال الذي يوصلونها إلى المهدي كما زعموا، ولكن مرت المدة ولم يظهر شيء، ذهبت ستة أيام، ومرت ستة أشهر، وتعدت ست سنوات ولم يظهر شيء، فجاءت الرواية الثانية:
عن أبي عبد الله أنه قال: [ليس بين خروج القائم وقتل النفس الزكية إلا خمس عشرة ليلة]، يعني: 14. للهجرة.
قال محمد الصدر عن هذا الخبر: [خبر موثوق قابل للإثبات التاريخي -بحسب منهج هذا الكتاب- فقد رواه المفيد في الإرشاد عن ثعلبة بن ميمون عن شعيب الحداد عن صالح بن ميتم الجمال، وكل هؤلاء الرجال موثقون أجلاء]. [تاريخ ما بعد الظهور (ص:185)]
لما لم يظهر في الرواية السابقة، جاءت الرواية عنه أيضاً أنه قال: [يا ثابت! إن الله كان وقت هذا الأمر في السبعين، فلما أن قتل الحسين اشتد غضب الله على أهل الأرض فأخره إلى أربعين ومائة -اشتد غضب الله فأخر البداء المعروف عند الشيعة- قال: فحدثناكم أنه سيخرج سنة 14. فحدثناكم فأذعتم الحديث وكشفتم قناع الستر، فلم يجعل الله له بعد ذلك عندنا وقتاً].
كيف يقولون هذا وخروج الحسين أصلاً كان بأمر من الله له كما يدّعون، وأن الحسين لا يموت إلا باختياره، وإنه إنما خرج بأمر الله تبارك وتعالى له، وإن الإمام عندهم لا يموت إلا بعلمه , فجاءت الرواية التي تكذب كل ما سبق عن أبي عبد الله جعفر الصادق أنه قال: [كذب الوقاتون إنا أهل البيت لا نوقّت].
طيب! والمواقيت التي مرت؟ لا شك أنها كذب على أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم جاءت الرواية الثانية عن أبي عبد الله التي قال فيها: [من وقت لمهدينا وقتاً فقد شارك الله تعالى في علمه]. [البحار (53/ 3)].
روايات مضطربة، فكيف الخروج من هذه الروايات؟؟
للخروج منها جاءت الرواية الفاصلة التي تقطع الإشكال كله، عن أبي جعفر أنه قال: [إذا حدثناكم عن الحديث فجاء على ما حدثناكم به، فقولوا: صدق الله، وإذا حدثناكم الحديث، فجاء على خلاف ما حدثناكم به، فقولوا: صدق الله تؤجروا مرتين].
وللأسف وجدت هذه الرواية آذانا صاغية، وقبلت هذه الرواية، وهم كما يرون عن أبي الحسن أنه قال: [الشيعة تربى بالأماني منذ 2.. سنة]. [وهذا في الكافي (1/ 396)]
*سبب الخلاف في مدة غياب المهدي:
لماذا اختلفت هذه المدد؟ مرة بسبب قتل الحسين، ومرة بسبب أنهم أذاعوا الستر، ومرة يكذبون ما رووا، فيقولون: كذب الوقاتون، وهلك المستعجلون، والسبب في ذلك كله: هوأن الوضع والكذب يكون بحسب المناسبات، ثم باختلاف الأشخاص: ((وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا)) [النساء:82].
قال النعماني أحد علماء الشيعة الكبار وهويصف حال الشيعة في ذلك الوقت -وهومن علماء القرن الرابع الهجري- يصف حال الشيعة في وقت الاضطراب والتخبط في الرويات يقول: (إن الجمهور منهم يقول في الخلف: أين هو؟ وأنى يكون هذا؟ وإلى متى يغيب؟ وكم يعيش؟ هذا وله الآن نيف وثمانون سنة، فمنهم من يذهب إلى أنه ميت، ومنهم من ينكر ولادته ويجحد وجوده…ويستهزئ بالمصدق به، ومنهم من يستبعد المدة ويستطيل الأمر). [الغيبة (ص:1.3)]
ثم قال: (أي حيرة أعظم من هذه الحيرة التي أخرجت من هذا الأمر الخلق الكثير والجم الغفير ولم يبق إلا النذر اليسير؟ وذلك لشك الناس). [تطور الفكر السياسي (ص:12.)]
وقال ابن بابويه: (رجعت إلى نيسابور وأقمت فيها، فوجدت أكثر المختلفين عليّ من الشيعة، قد حيرتهم الغيبة ودخلت عليهم في أمر القائم الشبهة). [قاله في: كمال الدين في المقدمة]
وقال الطوسي: (تأملت مولد قائمنا وغيبته، وإبطائه، وبلوى المؤمنين من بعده في ذلك الزمان، وتولد الشكوك في قلوب الشيعة من طول غيبته، وارتداد أكثرهم عن دينه).
وكان الحل للخروج من هذه المعضلة العظيمة سهل جداً، حيث يوضع حديث عن أحد الأئمة وينتهي الأمر كله، فروي عن أبي جعفر الصادق أنه قال: [إن للغلام غيبة قبل أن يقوم -وهوالمنتظر- وهوالذي يشك في ولادته، منهم من يقول: مات أبوه بلا خلف، ومنهم من يقول: حمل، ومنهم من يقول: إنه ولد قبل موت أبيه بسنتين -وهوالمنتظر- غير أن الله عز وجل يحب أن يمتحن الشيع؛ فعند ذلك يرتاب المبطلون].
رواية جاءت بالمقاس تماماً على ما يحبون، ولكن للأسف جاءت رواية أخرى تكذب هذه الرواية، فتقول هذه الرواية: [لوعلم الله أنهم يرتابون ما غيب حجته طرفة عين أبداً]. [وهذه في أصول الكافي].
روايات معلبة وجاهزة، وهي لحل جميع الإشكالات، وما عليك إلا أن تختار أحد الأئمة وتنسبها إليه وسوف تجد من يصدق ويصفق.
ومن تلك الروايات:
-[إن للقائم غيبه يجحده أهله] .. [يبعث الله لهذا الأمر غلاماً منا خفي الولادة والمنشأ].
-[من عرف هذا الأمر ثم مات قبل أن يقوم القائم كان له مثل أجر من قاتل معه].
-[أما في الحوادث الواقعة: فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا فإنهم حجتي عليكم، كما أنا حجة الله عليهم].
إنها روايات معلبة جاهزة تنهي جميع الإشكاليات.
المهدي المنتظر الغائب، هل هوغائب عن الجميع أويظهر لبعض الناس؟
قال الطوسي: (إننا أولاً لا نقطع عن استتاره على جميع أوليائه، بل يجوز أن يظهر لأكثرهم، ولا يعلم كل إنسان حال نفسه، فإن كان ظاهراً له فعلته مزاحمة -يعني: يطلبه غيره- وإن لم يكن ظاهراً علم أنه لم يظهر له لأمر يرجع إليه -ضعف إيمان أوما شابه ذلك- وإن لم يعلمه مفصل، لتقصير من جهته، وإلا لم يحسن تكليفه). [كتاب الغيبة]
يعني: هوموجود يظهر، لكن من لا يظهر له لا ينكر، فهوما يظهر لك؛ لأنك ضعيف الإيمان أوأن هناك مزاحمة أي غيرك يريد رؤيته، فلذلك لا تنكر آمن واسكت، وهذا نظير جواب أحد القساوسة قرأته له في فتاوى، قيل له: كيف نؤمن أن الله واحد وأنه ثلاثة في نفس الوقت؟ -وهذا هودين النصارى-
فأجاب قائلاً: أول شيء عليك أن تؤمن بأن الله واحد، وأن الله ثلاثة في نفس الوقت، فإذا آمنت جاءك عيسى وفهمك، فإذا لم يأتك فيعني أنك ما آمنت.
فيبقى الآن بين حالين: الحالة الأولى: جاءني عيسى وفهمني وأنا كامل الإيمان ويكذب على نفسه.
الحالة الثانية: أن يقول: ما جاءني ويتهم نفسه بأنه غير مؤمن.
وهكذا كذلك هنا، إن رأيت المهدي فمعناه أنك قمة في الإيمان، وأنت أصلاً لن تراه، فاكذب وقل: رأيته، حتى تكذب على نفسك وتصير قمة في الإيمان، وإذا ما رأيته فبسبب ضعف إيمانك وانتهى الأمر؛ ولذلك ادعى رؤية المهدي الكثير؛ حتى يقال: إيمانهم قوي بدليل رؤية المهدي، فإن قلت: ما ظهر لك فإيمانك ضعيف.
طيب في حياة أبيه ... لما ولد المهدي في حياة أبيه هل رآه أحد؟ عن العسكري أنه قال لعمته حكيمة - عمة أبي المهدي -لما جاءت تسأل عنه بعد ولادته- أي: المهدي -بثلاثة أيام، قال لها الحسن العسكري: [يا عمة! هوفي كنف الله أحرزه وستره حتى يأذن الله له، فإذا غيب الله شخصي وتوفاني، ورأيتِ شيعتي قد اختلفوا، فأخبري الثقات منهم]. [كتاب التطور (ص:145)]
فالأمر سري، يقول لها: انتظري حتى أموت، فإذا مت فأخبري الناس بوجود المهدي. فظاهر الرواية: أنه ما أحد رآه غيرها.
لكن انظروا كم واحد ادعى رؤية المهدي في حياة أبيه:
أولاً: خادما العسكري نسيم وماريا، كما في كتاب الطوسي (الغيبة).
ثانياًً: أحمد بن إسحاق ادعى أنه رآه، كما في كتاب (كمال الدين).
ثالثاً: الحسن بن الحسين العلوي ادعى أنه رآه، كما في كتاب (كمال الدين).
رابعاً: أبوهارون ادعى أنه رآه، كما في كتاب (كمال الدين).
خامساً: عمروالأهوازي ادعى أنه رآه، ورجل من أهل فارس ادعى أنه رآه كما في الكافي.
سادساً: عثمان العمري مع مجموعة معه في كتاب الغيبة ادعوا أنهم رأوه.
سابعاً: طريف أبونصر في كتاب الغيبة ادعى أنه رآه.
ثامناً: رجل سوري اسمه عبد الله في كتاب الغيبة ادعى أنه رآه.
تاسعاً: سعد القمي في كتاب كمال الدين ادعى أنه رآه.
عاشراً: من أمرهم الحسن العسكري أن يقعوا عند ولده، ادعوا أنهم رأوه في كتاب كمال الدين.
الحادي عشر: كامل بن إبراهيم المدني في كتاب الغيبة ادعى أنه رآه.
الثاني عشر: الخادم عقيل في كتاب الغيبة.
الثالث عشر: إسماعيل بن علي النوبختي في كتاب الغيبة ادعى أنه رآه، المهدي صلى على أبيه في جمع من الناس بينهم عمه جعفر كما في كمال الدين.
علي بن بلال، أحمد بن هلال، أحمد بن معاوية بن حكيم، الحسن بن أيوب بن نوح، ومعهم أربعون رجلا في كتاب الغيبة كل هؤلاء ادعوا أنهم رأوا المهدي في حياة أبيه، ثم يقولون: سر لا أحد يدري!!!
[يا عمة! لا أحد يدري، حتى أموت أظهري المهدي] لكن إن دروا صارت مشكلة!!!
وكل هؤلاء في كتب الشيعة يدعون أنهم رأوا المهدي في حياة أبيه، فهل يصدق بعد ذلك عاقل أن الولادة كانت سرية، ووجوده كان سرياً خوفاً عليه من بطش الحكام الذين لم يتمكنوا حتى من مجرد العلم بوجوده؟!
*ممن ادعى نيابة المهدي؟
بعد أن ادعوا أن المهدي موجود ادعوا أن له نواباً وأبواباً، فبعد أن أعلن عن وجود ولد مختف للحسن العسكري تبارى الناس في ادعاء النيابة عنه؛ وذلك للمردود المادي والمعنوي لهذه النيابة، فلها مردود مادي حيث تدفع لهم أموال حتى يوصلوها إلى المهدي، وكذلك مردود معنوي بحيث أنه يتميز بين الناس بصفته نائب الإمام المهدي؛ ولذلك ادعى النيابة من المهدي أربعة وعشرون، رضي الشيعة الاثنا عشرية منهم أربعة فقط، النواب الأربعة الشرعيون في نظر الشيعة الاثني عشرية هم:
- عثمان بن سعيد العمري
- ولده الحسين بن عثمان العمري
- الحسين بن روح النوبختي
- علي بن محمد السيمري
هؤلاء هم الأربعة الشرعيون، وهناك آخرون مدعون للنيابة وهم: الحسن الشريعي، محمد بن نصر النميري، أبوهاشم داود بن القاسم، إسحاق الأحمر، حاجز بن يزيد، حسين بن منصور، محمد بن غالب، أبودلف الكاتب، القاسم بن العلاء، أحمد بن هلال العبرتائي، محمد بن صالح الحمداني، محمد بن إبراهيم بن مهزيار، أحمد بن إسحاق الأشعري، محمد بن صالح القمي، الحسن بن القاسم بن العلاء، محمد بن على بن بلال، محمد بن جعفر بن عون، جعفر بن سهيل الصيقل، القاسم بن محمد بن علي، محمد بن علي الشلمغاني، هؤلاء كلهم كذابون في نظر الشيعة الاثني عشرية ماعدا الأربعة الأوائل.
*أدلة تدل على كذب من ادعى نيابة المهدي:
نحن لوقلنا من جهتنا نكذب حتى الأربعة الأوائل، والأدلة على كذبهم كثيرة جداً، فمن ذلك: أولاً: أن هؤلاء الأربعة طعنوا في جعفر بن علي بن محمد بن علي بن موسى أخي الحسن العسكري، طعنوا في أخي الحسن العسكري عم المهدي وهومن سلالة آل البيت، سليل النسب الشريف، اتهموه بأشنع التهم؛ لأنه لم يوافقهم حيث قال: أخي مات وليس له ولد. فاتهموه وطعنوا به، فقالوا عنه: جاهل بالدين، فاسق، شريب للخمور، عاص لله، كذاب، حتى أنك لوقلت لأي شيعي: من هوجعفر الكذاب؟ لقال: هوعم المهدي المنتظر، يقال له: جعفر الكذاب، لا يعرف إلا بهذا اللقب والعياذ بالله، سليل النسب الشريف .. يروون عن السجاد أنه قال: [كأني بجعفر الكذاب قد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي الله المغيب]. [أصول مذهب الشيعة (3/ 9)]
وثانياً: رووا عن العسكري أنه قال عن ابنه: [أما إنكم لا ترونه بعد يومكم هذا].
وهؤلاء النواب يدعون أنهم يرونه ويلتقون به، فهذا تكذيب للعسكري.
أحمد بن هلال العبرتائي: كان شيخ الشيعة في بغداد، وكان من أكثر المناصرين لعثمان بن سعيد العمري عندما قال: أنا النائب عن المهدي، ولكنه رفض الاعتراف بولده محمد، لماذا؟ العلم عند الله أنه كان يتمنى أن عثمان بن سعيد العمري يوصي له من بعده، ولكنه صدم أنه أوصى لولده محمد، وكذا الأمر بالنسبة لمحمد بن علي بن بلال.
الدليل الرابع على كذبهم: محمد بن على الشلمغاني، فهذا كان وكيلاً عن النائب الثالث الحسين بن روح، ثم انشق عنه وادعى النيابة لنفسه وقال: [ما دخلنا مع أبي القاسم الحسين بن روح في هذا الأمر -يعنى: النيابة في حلب الأموال من الناس- إلا ونحن نعلم فيما دخلنا فيه، لقد كنا نتهارش على هذا الأمر كما تتهارش الكلاب على الجيف]. [تطور الفكر السياسي (ص:226)]
خامساً: هؤلاء النواب لم يعرف عنهم أي دور تعليمي أوسياسي لخدمة الشيعة، ما عرف عنهم إلا أخذ الأموال من الشيعة، وإجابة الأسئلة عن طريق المهدي، أما إنهم علموا، أودرسوا، أوبينوا، أوخدموا الشيعة، لا، أبدا لا يعرف لهم شيء من ذلك.
والنائب الثالث الحسين بن روح النوبختي صارت له مشاكل مع أناس فذهب إلى علماء قم يسألهم عن الصحيح وعن السقيم، طيب أنت النائب عن الإمام تذهب إلى العلماء لماذا؟ فهذا دليل على كذبه في دعواه أنه نائب عن الإمام المهدي المنتظر!
الدليل السابع: سرية الخط، عثمان بن سعيد العمري يذهب إلى المهدي المنتظر معه أسئلة، ثم يأتي ويقول: هذه إجابة المهدي المنتظر، كذا وكذا وكذا .. انتهى
طيب دعنا نرى خط المهدي .. ، ما أحد يراه، جاء بعده ولده محمد نريد أنه نرى خط المهدي، سري [لا تطلع على خطنا أحداً] في رواية عن المهدي. الحسين بن روح النوبختي الخط سري، السيمري: الخط سري ما يطلع عليه أحد. لماذا؟ لأنه إذا اطلع على الخط فإنه سيظهر؛ فالخط سيختلف، خط عثمان بن سعيد العمري غير خط ولده وكذلك غير خط الحسين بن روح وأيضاً غير خط السيمري؛ لأنه لا يوجد مهدي أصلاً؛ ولذلك كانت الخطوط سرية لا يطلع عليها أحد، ورووا عن المهدي أنه قال: [لا تظهر على خطنا الذي سطرناه أحداً].
الدليل الثامن: النائب الأول عثمان العمري بعدما مات الحسن العسكري ذهب إلى أخيه جعفر وعزاه، طيب لوكنت أنت النائب عن المهدي المنتظر فلماذا تذهب وتعزي أخاه؟ الأصل أن تعزي الولد الإمام الذي يكون بعد أبيه.
تاسعاً: أهل البيت في هذا الوقت كلهم أنكروا أمر النواب، فعن إسحاق بن يعقوب قال: (سألت محمد عثمان العمري الباب الثاني -الأول أبوعثمان بن سعيد- سألته أن يوصل لي كتاباً إلى الحجة، وقد سألت فيه مسائل أشكلت علي، فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان صلى الله عليه: أما ما سألت عنه أرشدك الله من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمنا؟ -إذاً كل هؤلاء منكرين- فاعلم أنه ليس بين الله عز وجل وبين أحد قرابة، ومن أنكر فليس مني وسبيله سبيل ابن نوح، وأما سبيل عمي جعفر وولده فسبيل إخوة يوسف)، وهذا عجيب! يكذب أشراف أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ويصدق محمد بن عثمان العمري، ووالده عثمان بن سعيد العمري سمان يبيع السمن لا يعرف له شأن في دين ولا علم ولا نسب.
العاشر: إنكار باقي فرق الشيعة لهم، فقد انقسم الشيعة إلى عشرين فرقة بعد موت الحسن العسكري ووقعت الحيرة بينهم وتشتتوا، حتى اتهم بعضهم بعضاً بالكذب، ولعن بعضهم بعضاً وتفل بعضهم في وجوه بعض، كما ذكر ذلك المجلسي في الأنوار النعمانية.
الدليل الحادي عشر: المشاكل والخلافات التي كانت تقع بين الأبواب بسبب الأموال، محمد بن علي بن بلال كان وكيلاً عن عثمان العمري، ثم رفض بابية ابنه محمد واستأثر بالأموال التي عنده حتى لعنوه وتبرءوا منه، فكيف كان هذا المحتال في يوم من الأيام ثقة عند المهدي يزعمون أنه يعلم الغيب، ثم إنها لا شك عصابات لجمع الأموال من السذج باسم الإمام المنتظر، وهوكما قيل: "كلا يجر النار إلى قرصه".
الثاني عشر: جاءت توقيعات بلعن السفراء العشرين ماعدا الأربعة، وكل هذه التوقيعات تأتي باسم محمد بن عثمان العمري، فالنواب الأربعة يأتون بتوقيعات فيها: محمد بن علي بن بلال ملعون، الشلمغاني ملعون، العبرتائي ملعون -كل من خالفهم- ويقولون: عندنا كتاب من المهدي المنتظر لكن لا أحد يراه العبرتائي ملعون، علي بن بلال ملعون، الشلمغاني ملعون. وهكذا لعن العشرون وبقى الأربعة، ووجدوا من يصدقهم!
حكاية ولادة المهدي أصلها امرأة لم يروها غيرها، ولم يعلم بغيبته إلا هذه المرأة الوحيدة التي هي حكيمة عمة الحسن العسكري، فقد رووا عن الحسن العسكري أنه قال لعمته حكيمة: [فإذا غيب الله شخصي وتوفاني، ورأيتِ شيعتي قد اختلفوا فأخبري الثقات منهم -يعني: عنده الخبر اليقين- فإن ولي الله يغيبه الله عن خلفه ويحجبه عن عباده، فلا يراه أحد حتى يقدم جبرائيل فرسه ليقضى الله أمراً كان مفعولاً].
وهذا عجيب!! كيف يصدق الشيعة قول امرأة غير معصومة في أصل من أصول دينهم؟! ومن زعم أن الأمر متعلق بالروايات فيقال له: إن الروايات موضوعة ومتناقضة، وضعت في وقت متأخر بدليل عدم معرفة أكثر الشيعة بهذه الروايات.
نحن نعلم أن الشيعة الاثنى عشرية ينقسمون إلى فرق، ومن أشهر هذه الفرق: الأصولية، والإخبارية، والشيخية، الإخبارية ليس لديهم مشكلة؛ لأنهم يقبلون جميع الروايات ولا ينظرون في الأسانيد أصلاً، وكل الروايات عندهم مقبولة؛ لذلك سموا إخباريين، أي: الذين يقبلون الأخبار.
ولكن الأكثرية الآن هم الأصوليون، والأصوليون كثيراً ما نسمع منهم أنهم يقولون: لا نقبل من الأحاديث إلا ما صح سنده، عندنا أسانيد صحيحة ما نقبل إلا ما كان سنده صحيحاً، وإذا كان كذلك فإن العاملي -وهوأحد كبار علماء الشيعة في الحديث- يقول: [يستلزم من اشتراط العدالة في الرواة: ضعف جميع أحاديثنا لعدم العلم بعدالة أحد من الرواة إلا نادراً]. [خاتمة وسائل الشيعة (26.)]
وروايات الشيعة قد بينا حالها بالتفصيل في كلامنا عن زواج المتعة فمن أراد فليرجع إليها.
لماذا إذاً يقول الأصوليون: إنا لا نقبل إلا الحديث الصحيح؟ لقد قالوا هذا للهروب من الأحاديث الطوام التي تزخر بها كتبهم، ونحن نذكرها من باب أنهم ألزموا أنفسهم، فنقول وبالله نستعين:
روى الكليني في كتابه الكافي واحد وثلاثين حديثاً في ولادة المهدي، والمجلسي في كتابه (مرآة العقول) حكم على اثنين وعشرين حديثاً منها بالضعف، فلم يبق إلا تسعة أحاديث، ولا يوجد حديث من هذه الأحاديث التسعة فيه نص على ولادة المهدي أووجوده، بل كل هذه الأحاديث تقول: سمعنا منادياً ينادي: ادفع المال الذي خبأته، أموالك عددها كذا…وغير ذلك من الكلام. فإن صح هذا فلا يبعد أن يكون هذا جني يكلم الناس ليضلهم عن سبيل الله تبارك وتعالى.
أذكر هذه الأحاديث بسرعة، هذه الأحاديث هي: الرابع، والثامن، والخامس عشر، والعشرون، والرابع والعشرون، والخامس والعشرون، والسادس والعشرون، والتاسع والعشرون، والحادي والثلاثون في الكافي باب مولد الصاحب عليه السلام.
*روايات مولد المهدي حديثياً وهي ست عشرة رواية:
- أول رواية؛ رواية حكيمة التي قلنا أنها أشهر رواية في ولادة المهدي، ولها خمسة طرق، وكل الطرق الخمسة ضعيفة، الأول فيه الحسين بن رزق وهومجهول، والثاني فيه محمد بن عبد الله الطهوي وهومجهول، والرواية الثالثة فيها أحمد بن علي الرازي وهوضعيف، والرابعة منقطعة، والخامسة فيها الرازي وهوضعيف وفيها مجهولة لا تعرف. [هذه رواية حكيمة أشهر رواية عندهم]
- ثم الرواية الثانية رواية رجل من أهل فارس، ومدارها على هذا الرجل وهومجهول لا يعرف.
- الثالثة فيها آدم البلخي وهوضعيف، والرابعة فيها جعفر بن محمد وهوضعيف، والخامسة ليس لها إسناد، والسادسة فيها مجاهيل، والسابعة فيها أحمد بن علي الرازي، والثامنة فيها جارية مجهولة، والتاسعة فيها أبوهارون وهومجهول، والعاشرة فيها أحمد بن علي الرازي، والحادية عشرة والثانية عشرة كذلك من طريق أحمد بن علي الرازي، والثالثة عشرة من رواية جعفر بن محمد كذاب، والرابعة عشرة فيها أحمد بن علي الرازي وهوضعيف، والخامسة عشرة من رواية آدم البلخي وهوضعيف أيضا، فإذاً: لا تسلم لهم ولا رواية واحدة.
*قصة المهدي مع الأسود الضارية:
السادسة عشرة: ذكرها في كتاب إلزام الناصب علي الحائري، أحببت أن أقرأها لكم وهي إحدى هذه الروايات:
عن علي بن إبراهيم بن مهزيار -وقد كان خادماً للحسن العسكري عليه السلام- يقول: [كان الحسن يأمرني بإحضار حجة الله من السرداب، فأنا أحضره عنده، ثم يأخذه ويقبله ثم أعيده مكانه، يقول: حتى كان يوم رجعت بالمهدي إلى مكانه فجئت إلى العسكري فرأيت أشخاصاً من خواص المعتمد العباسي -الخليفة- عند الإمام يقولون: إن الخليفة يقرئك السلام ويقول: بلغنا أن الله عز وجل أكرمك بولد -يعني: المهدي المنتظر- وكبر، فلمَ لا تخبرنا بذلك لكي نشاركك الفرح والسرور، ولا بد لك أن تبعثه إلينا، فإنا مشتاقون إليه؟ فقال ابن مهزيار: لما سمعت منهم هذه المقالة فزعت، وتضجرت، وتفجرت، واضطرب فؤادي، فقال الإمام: يا ابن مهزيار: اذهب بحجة الله إلى الخليفة، -أي: خذه له- يقول: فرأى اضطرابي وحيرتي لأني كنت متيقن أن الخليفة قد أراد قتله، فكنت أتعلل وأنظر إلى سيدي ومولاي العسكري عليه السلام، فتبسم في وجهي وقال: لا تخف، اذهب بحجة الله إلى الخليفة. قال: فأخذتني الهيبة ورجعت إلى السرداب، فرأيته يتلألأ نوره كالشمس المضيئة، فما كنت رأيته بذلك الحسن والجمال، وكانت الشامة السوداء على خده الأيمن كوكباً درياً، فحملته على كتفي وكان عليه برقع، فلما أخرجته من السرداب تنورت سامراء من تلك الطلعة الغراء، وسطع النور من وجهه إلى عنان السماء، واجتمع الناس رجالاً ونساءً في الطرق والشوارع وصعدوا على السطوح، فانسد الطريق علي، فلم أقدر على المشي إلى أن صار أعوان الخليفة يبعدون الناس من حولي حتى أدخلوني دار الإمارة، فرفع الحجاب، فدخلنا مجلس الخليفة، فلما نظر هووجلساؤه إلى طلعته الغراء وإلى ذلك الجمال والبهاء أخذتهم الهيبة منه فتغيرت ألوانهم، وطاش لبهم، وحارت عقولهم، وخرست ألسنتهم، فصار الرجل منهم لا يتكلم ولا يقدر أن يتحرك من مكانه، فبقيت واقفاً والنور الساطع والضياء اللامع على كتفي، فبعد برهة من الزمن، قام الوزير وصار يشاور الخليفة، فأحسست أنه
يريد قتله، فغلب علي الخوف من أجل سيدي ومولاي، فإذا الخليفة أشار إلى السيافين أن اقتلوه، فكل واحد منهم أراد سل سيفه من غمده، فلم يقدر عليه، ولم يخرج السيف من غمده، فقال الوزير: هذا من سحر بني هاشم، وليس هذا بعجيب، ولكن ما أظن سحرهم يؤثر في السيوف التي في خزانة الخليفة، فأمر بإتيان السيوف التي في الخزانة، فأتيت فلم يقدروا أيضاً على إخراجها من أغمادها، وجاءوا بالمواسي والسكاكين فلم يقدروا على فكها، ثم أمر الخليفة بإشارة من الوزير بالأسود الضارية، من بركة السباع، فأتىّ بثلاثة من الأسود الضارية والسباع العادية -لا تنسوا هذه أسود ضارية وسباع عادية- فأشار إليّ الخليفة وقال: ألقه نحوالأسود، فحار عقلي، وطاش لبي، وقلت في نفسي: إني لا أفعل ذلك ولوأني أقتل، فقرب -عجل الله فرجه- من أذني وقال لي: لا تخف، ألقني، فلما سمعت من سيدي ومولاي ذلك ألقيته نحوالأسود بلا تأمل، فتبادرت الأسود وتسابقت نحوه وأخذوه بأيديهم في الهواء ووضعوه على الأرض برفق ولين، ورجعوا القهقرى مؤدبين كأنهم العبيد في يدي المولى واقفين، ثم تكلم واحد منهم: فشهد بوحدانية الباري عز وجل، وبرسالة النبي المصطفى، وبإمامة علي المرتضى والزكي المجتبى، والشهيد بكربلاء، وعن الأئمة واحداً واحداً -هذا أسد- ثم قال: أي أسد هذا؟! -الآن الأسود كلها ضارية، وسباع عادية- فقال هذا الأسد: يا ابن رسول الله! لي إليك الشكوى فهل تأذن لي؟ فأذن له فقال: إني هرم -قبل قليل سباع ضارية وأسود عادية-، وهذان اللذان معي شابان، فإذا جيء إلينا بطعمة ما يراعياني، ويأكلان الطعمة قبل أن أكمل، فأبقى جائعاً، فقال عجل الله فرجه: مكافأتهما أن يصيرا مثلك وتصير مثلهما، فلما قال هذا الكلام صارا كما قال، وصار كما أراد، فعرض لهما الهرم، وعاد له الشباب -ما شاء الله- ولما رأى الحاضرون ذلك كبروا جميعاً بغير اختيار، وفزع الخليفة ومن كان معه، وتغيرت ألوانهم، فأمر برده إلى
أبيه العسكري عليه السلام، فعدت ضاحكاً شاكراً لله، حامداً له، فأتيت به إلى أبيه وقصصت عليه القصة، فأمرني برده إلى السرداب فذهبت به]. [إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب الجزء الأول صفحة (356)]
ذوالعقل يشتي في النعيم بعقله وأخوالجهالة في الشقاوة ينعم
لماذا قال الشيعة بالإمام الثاني عشر؟؟؟
إن هناك ولداً للحسن العسكري، وأنه هوالمهدي، إن الشيعة الاثنى عشرية يشترطون أن تكون الإمامة في الأعقاب بعد الحسين بن علي، ثم الحسن، ثم أخوه الحسين ثم تكون في نسل الحسين في الأعقاب، قالوا: ولا يجوز انتقالها لأخ أوعم أوابن عم وهكذا، فلما مات الحسن العسكري ولم يكن له عقب وقعوا في حيص بيص، وانسدت في وجوههم المخارج، فهم بين ثلاثة أمور:
الأول: إما أن يتنازلوا عن هذا الشرط، فيجعلونها في أخي الحسن -جعفر- وقد قال بهذا مجموعة من الشيعة.
الثاني: إما أن يسلموا بانقطاع الإمامة بعد الحسن العسكري لانقطاع الولد.
الثالث: إما أن يخترعوا ولداً للحسن يقوم مقامه. فكانت الثالثة.
ولذلك اختلف الشيعة بعد الحسن العسكري إلى عشرين فرقة، فرقة قالت: العسكري هوالمهدي ولم يمت. وفرقة قالت: العسكري مات ثم عاش وهوالمهدي. وفرقة قالت: الإمامة لجعفر وأبطلت إمامة الحسن. وفرقة قالت: الإمام بعده أخوه جعفر. وفرقة قالت بإمامة محمد بن علي الهادي وأبطلت إمامة الحسن، وفرقة قالت: للحسن ولد اسمه محمد ولد في حياة أبيه. وفرقة قالت: ولد له بعد موته بثمانية أشهر.
وهكذا افترقوا حتى قالت الفرقة الثانية عشرة وهم الإمامية: لله حجة من ولد الحسن العسكري، وليس للعباد أن يبحثوا في أمور الله ويقضوا بلا علم، ويطلبوا آثار ما ستر عنهم، ولا يجوز ذكر اسمه، ولا يجوز السؤال عن مكانه، وليس علينا البحث عن أمره، لا يجوز البحث .. ولا يجوز السؤال .. انتهى البحث انتهى الإشكال. هذه هي القصة.
ولنا سؤال: لماذا لم يخرج المهدي إلى الآن؟؟
كما هومعلوم، عمر المهدي الآن سبع وستون ومئة وألف سنة (1167 سنة) لمَ لم يخرج إلى الآن؟ أجابوا بأجوبة كثيرة عن هذا التساؤل منها: قالوا: إنه خائف، وهذا عليه أغلبهم إلى الآن؛ ولذلك من أسمائه أومن ألقابه الخائف.
قال الطوسي: (لا علة تمنع من ظهوره إلا خوفه على نفسه من القتل؛ لأنه لوكان غير ذلك لما جاز له الاستتار). [الغيبة (ص:2.3)]
قلت: إن كان الخوف من القتل فعليه ألا يظهر أبداً؛ لأن العداوة والحقد من طبع البشر دائماً، قال تعالى عن اليهود والنصارى: ((وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)) [المائدة:64]، فكلما ظهر إمام كان له عدوبالمرصاد، وعلى هذا فلن يخرج أبداً.
ثانياً: لمَ لم يغب الأنبياء والمرسلون، والأئمة السابقون؟ كيف وقد نص كثير من علماء الشيعة على أن جميع أئمتهم ماتوا إما مسمومين أومقتولين، وهل أعداؤه إلا أعداء آبائه، كلهم كانوا يموتون مسمومين أومقتولين، لماذا لم يخافوا؟ لماذا لم يختفوا؟ لماذا هوالوحيد الذي يخاف، وهوالوحيد الذي يختفي؟
ثالثاً: إن نظرية الخوف بعيدة جداً عن أخلاق أهل البيت، وحبهم للشهادة في سبيل الله خاصة وقد علم المهدي أنه يعيش إلى أن ينزل عيسى عليه السلام وأنه لا يقدر أحد على قتله حتى يملأ الأرض عدلاً، ثم هل قاهر الأعداء ومزلزل الدول يخاف كل هذا الخوف؟؟
هذا لا شك كلام باطل لا لب فيه، والاختفاء مناف تماماً لمنصب الإمامة الذي مبناه على الشجاعة والإقدام، فهلا خرج وصبر حتى يكون الظفر؟
رابعاً: نقول: قامت دول شيعية كثيرة كالفاطمية، والبويهية، والقرامطة الصفوية، والبهلوية، والخمينية، وغيرها، فلمَ لم يخرج فيأنسوا بطلعته، ويطمئنوا بصدق الوعد، ويستفيدوا من علمه؟ ثم إذا زالت دولتهم أوضعفت غاب مرة أخرى ولا توجد مشكلة، يطلع ثم يغيب، لكن إذا صارت الدولة قوية لماذا لم يخرج؟
خامساً: لا نعرف سبباً مقنعاً للخوف الذي من أجله غاب الإمام المهدي، فما عٌلم أنهم أرادوا قتله أوغير ذلك، كله كذب كما هوفي الرواية السابقة.
سادساً: كيف يخاف وقد رووا عن الرضا أنه قال: [إن القائم إذا خرج كان في سن الشيوخ ومنظر الشباب، قوياً في بدنه حتى لومد يده إلى أعظم شجرة على وجه الأرض لقلعها، ولوصاح بين الجبال لتدكدكت صخورها، يكون معه عصا موسى، وخاتم سليمان، ... إلخ]، فهل مثل هذا يخاف؟؟
سابعاً: لماذا يخاف وقد جاءت الرواية التي تقول: [إن الأئمة يعلمون متى يموتون، ولا يموتون إلا باختيار منهم]، ثم لماذا لم يقتل واحد من أولئك النواب الأربعة الذين يدعون الصلة بالإمام؟ لمَ لم يراقبوا حتى يصلوا إلى الإمام؟ أليس هؤلاء الأربعة كان يزعمون أمام الناس أنهم نواب عنه يذهبون إليه، فلماذا لم يعملوا مراقبة خلفهم حتى يصلوا إليه فيقتلونه؟ ولكنهم لم يفعلوا شيئاً من ذلك.
تاسعاً: نقول: لمَ لم يرحم المهدي الآلاف بل الملايين الذي يستغيثون به ليل نهار؟!
عاشراً: نقول: لقد اتفق عقلاء البشر على أن فاقد الشيء لا يعطيه، فكيف يتسنى لقوم أن يقولوا: إن مهديهم يعجز عن مواجهة أعدائه، ويخاف شدتهم وقسوتهم، ويخشى مرارة عذابهم، ثم يجيب المضطر ويكشف السوء؟
الحادي عشر: نحن نرى الآن في زماننا وقبل زماننا -كما قرأنا في الكتب- أن الكثيرين من الكذابين ادعوا النبوة، وادعوا المهدية وما قتلهم أحد، فقد تركوا حتى في زماننا هذا هناك من يقول: أنا المهدي. وما قتله أحد، خاصة في زماننا هذا لوخرج وقال: أنا المهدي. فمن سيقتله؟! ومن سيبحث عنه؟!
الثاني عشر: يقال: هل الاختفاء في حقه واجب أومستحب؟ فإن كان الاختفاء واجباً فلمَ لم يأخذه من كان قبله؟ لماذا لم يتخف السابقون من الأئمة خاصة وأنهم كلهم قتلوا إما مسمومين وإما بالسيف؟ فإذا كان الاختفاء مستحباً لزم أن يكون ترك الواجب وهوالدعوة إلى الله تبارك وتعالى فيختفي؛ لأن الاختفاء مستحب، وترك الواجب وهوالدعوة إلى الله وإقامة الدولة.
إن القول بأن سبب الغيبة هوالخوف يحتاج من الشيعة الاثنى عشرية إلى خمسة أمور:
أولاً: إثبات أن هوية المهدي المنتظر كانت محددة من قبل، وقلنا: إن الأحاديث الواردة كلها ضعيفة.
ثانياً: إثبات ختم الإمامة به.
ثالثاً: إثبات حرمة استخدامه للتقية، لماذا لم يكن كآبائه ويستخدم التقية؟
رابعاً: إثبات الخوف للمهدي، وهوخلاف ما عُرف عن أخلاق أهل البيت.
خامساً: إثبات حرص الحاكم في ذلك الوقت على قتله، وإنه كان يبذل الأسباب في ذلك.
ومن غريب إجاباتهم ما أجاب به الطوسي في كتاب الغيبة، حيث قال: (لأنه كان من المعلوم من حال آبائه لسلاطين الوقت وغيرهم أنهم لا يرون الخروج عليهم، ولا يعتقدون أنهم يقومون بالسيف ويزيلون الدول بل كان المعلوم من حالهم أنهم ينتظرون مهدياً لهم).
هذا السبب أن الحكام في هذا الوقت كان عندهم علم اليقين أن جميع الأئمة لن يخرجوا عليهم، والوحيد الذي سيخرج عليهم هوالمهدي، لذا كانوا حريصين على قتل المهدي، نقول: وكيف بخروج الحسين؟ نريد جواباً عن ذلك. ثم إن الحالة السياسية في وقت اختفاء المهدي تبطل ذلك، كان الخليفة في ذلك الوقت هوالمعتمد أحمد بن جعفر، استمرت خلافته 23 سنة من 256 - 279 للهجرة، العسكري توفي سنة 26.، يعني: عاش المهدي 19 سنة من خلافة المعتمد، خلال هذه الفترة قامت ثورات وقلاقل كثيرة، أولاً: ثورة الزنج بالبصرة، ثم استقلال الأندلس تحت حكم عبد الناصر الداخل، ثم ثورة بني الأغلب في الشمال الأفريقي، ثم ثورة يعقوب بن ليث الصفار في فارس والروم، ثورة الحسن زيد العلوي، وثورة القرامطة وأخذهم للحجر الأسود وعجز الخلفاء عن إعادته، وثورة المادراني في الري وأقام فيها دولة شيعية، وثورة الإسماعيلية في اليمن وأقاموا دولتهم هناك، وثورة البويهيين وسيطرتهم على بغداد.
أين الخوف؟ الدولة فوضى، كل هؤلاء خرجوا ... لماذا لم يخرج كما خرج كل أولئك؟!!
ومن أجوبتهم عن سبب اختفائه: قالوا: من أجل التمحيص والامتحان، فعن أبي عبد الله أنه قال: [ويل لطغاة العرب من أمر قد اقترب. قال ابن أبي يعقوب: جعلت فداك كم مع القائم من العرب؟ قال: نفر يسير، قال ابن أبي يعقوب: والله إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير -يعني: الشيعة- قال: لا بد للناس من أن يمحصوا ويميزوا ويغربلوا ويستخرج من الغربال خلق كثير].
قلت: إن الله تبارك وتعالى قال: ((وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)) [البقرة:155]؛ فالامتحان لا يتعلق بغيبة أحد أوظهوره، وقد كان الامتحان قبل ظهور الأئمة وعند ظهورهم وبعد ما ماتوا وهي سنة الله تبارك وتعالى في خلقه، كما قال تعالى: ((الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)) [العنكبوت:1 - 3].
ومن أجوبتهم قالوا: غائب حتى لا تكون في عنقه بيعة لطاغوت، وهذه طامة كبرى. فقد سئل الباقر والصادق والرضا عن سبب الغيبة فقالوا: (لئلا يكون في عنقه بيعة إذا خرج بالسيف).
أي: يجوز له الخروج؛ لأنه ليس في عنقه بيعة، قال نعمة الله الجزائري: (وذلك أن كل واحد من آبائه الطاهرين قد وقع في عنقه بيعة لواحد من طواغيت زمانه، حتى أنه من جملة اعتذاره على القعود عن الخلافة: أنه قد اضطر أولاً للبيعة مع الثلاثة).
هذا هوالسبب: أن في عنقه بيعة، وهذا قاله في الأنوار النعمانية (2/ 42)، ثم يروون عن الصادق أنه قال: [كل بيعة قبل ظهور القائم فبيعته كفر ونفاق وخديعة، لعن الله المبايع والمبايع له] أعوذ بالله. [بحار الأنوار (53/ 8)]
ومن أجوبتهم: لحكمة مجهولة، لا ندري، غائب فقط، لماذا؟ لا ندري.
قال الصدوق: (إن إيماننا بعصمة الإمام المهدي يقتضي منا التسليم بوجود حكمة مجهولة وراء الغيبة). [قال ذلك في كمال الدين (ص:21)]
قلت: هذا جواب ذكي، وهويحل جميع الإشكالات.
هل كان الشيعة الأوائل يؤمنون أن هناك مهدي؟! وأنه فعلاً غاب؟!
إن من يتتبع كتب التاريخ يجد أن الثورات الشيعية خاصة عندما كانت تقوم، كانت تدعوللرضا من آل محمد دون تحديد شخص باسمه، وأنه لا بد أن يكون من أولاد الحسين بن علي، المهم أن يكون رضا، و(رضا) يعني: رضياً مقبولاً. وأن يكون من آل محمد، وممن خرج في ذلك الوقت وتبعته الشيعة: أبوهاشم عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب سنة 98هـ، وزيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب سنة 122هـ، وعبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب سنة 128هـ خرج بثورة، ومحمد بن عبد الله بن الحسين بن الحسن بن علي بن أبي طالب الذي يقال له النفس الزكية سنة 13.هـ، وهذا أشهر من عرف أنه المهدي المنتظر، وقد سمح جعفر الصادق لولديه موسى وعبد الله بالانضمام إلى ثورة محمد بن عبد الله النفس الزكية؛ لأنه اسمه اسم النبي محمد بن عبد الله، وهومن ذرية الحسن، وقام بثورة، وكان الجميع يرى أن هذا هوالمهدي المنتظر؛ ولذلك أولاد جعفر الصادق موسى الإمام بعد جعفر، وعبد الله كلاهما بايع محمد بن عبد الله بن الحسين بن الحسن بن علي بن أبي طالب، واستقرت الأمور له كثيراً رضي الله عنه حتى قتل، ثم خرج بعده محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب المشهور بابن طبا طبا خرج سنة 199هـ.
محمد بن جعفر الصادق الذي اشتهر بالديباج لجماله رضي الله عنه سنة 2..هـ، وممن قيل: إنه المهدي وإن لم يدعِ ذلك، وقد ذكرهم النوبختي في كتابه فرق الشيعة: علي بن أبي طالب ذكره صفحة (22)، ومحمد بن علي بن أبي طالب أتباعه الكيسانية. ذكره صفحة (29).
جعفر الصادق (النواسية) صفحة (69)، إسماعيل بن جعفر (الإسماعيلية) صفحة (67)، موسى بن جعفر (الواقفية) صفحة (8.)، محمد بن على الهادي صفحة (94)، الحسن العسكري صفحة (92)، مهدي قائم غير محدد صفحة (1.5).
كل هذه الفرق وكل هؤلاء الشيعة لم يقل أحد منهم أن محمد بن الحسن العسكري هوالمهدي وهوالإمام الثاني عشر، وأن الإمامة تنتهي عنده، ومما يدل على أن فكرة المهدي قديمة، أما تحديده بشخص معين وهومحمد بن الحسن فقد جاء هذا متأخراً، وهذا بعد وفاة الحسن العسكري.
ولذلك كبار الشيعة غفلوا عن هذا، ومنهم عمار الساباطي، جميل بن دراج، أبان بن تغلب، هشام بن الحكم، عبد الله بن أبي يعفور، هشام بن سالم الجواليقي، محمد بن النعمان الأحول (مؤمن الطاق عندهم) كل هؤلاء بايعوا عبد الله الأفطح بن جعفر الصادق، أين النص عن الأئمة عندهم؟!
حتى قال النوبختي: (جُل مشايخ الشيعة فطحية، يعني: تبع عبد الله الأفطح بن جعفر الصادق]، قال هذا في فرق الشيعة صفحة (78)، وهذا زرارة بن أعين أوثق رواة الشيعة على الإطلاق يقول: (يموت زرارة، ولا يعرف إمام زمانه).
ولوقال القائل: إن الحق مع من يملك الدليل، وهوالروايات المنقولة عن المعصومين، فيقال له: قد مر بنا أن الأحاديث التي يستدلون بها ضعيفة، لا يثبت منها شيء.
وكما قيل:
لي حيلة في من ينم وليس لي في الكذاب حيلة
من كان يخلق ما يقول فحيلتي فيه قليلة
ومثال على ذلك: فرقة الواقفة الذين وقفوا عند موسى الكاظم، ولم يقبلوا إمامة ولده علي، رووا عن الصادق أنه قال: [إن جاءكم من يخبركم أن ابني هذا مات أوكفن أوقبر فلا تصدقوا به].
وعن أبي جعفر أنه قال عن المهدي: [هوسمي فالق البحر]، من هوفالق البحر؟ إنه موسى، إذاً: المهدي عندهم هوموسى بن جعفر.
ورووا عن علي بن الحسين أنه قال: [اسمه اسم لحديدة الحلاق]، من هو؟ موسى، إذاً هذا هوالمهدي.
ورووا أن الإمام إذا مات لا يغسله إلا إمام، والكاظم مات في بغداد والرضا كان في المدينة.
ما الذي يدلنا على أن الروايات وضعت متأخرة؟
روايات أخرى، رووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي: (يا علي! إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماماً من بعدهم اثنا عشر مهدياً). إذاً: لا يوجد شيء اسمه اثنا عشر مهدياً فقط. [الغيبة (ص:97)]
يروون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إني واثنا عشر من ولدي، وأنت يا علي زر الأرض)، يعني: أوتادها وجبالها. [(الكافي: 1/ 534)]
يعني: كم يصيرون؟! ثلاثة عشر إمام!!
قال الصدوق: (لسنا مستعبدين في ذلك إلا بالإقرار باثني عشر إماماً واعتقاد كون ما يذكره الثاني عشر بعده)، يعني: احتمال أن يكون هناك ثالث عشر.
قال الكفعمي في المصباح عن المهدي: (اللهم صل على ولاة عهده والأئمة من بعده). إذاً: ليس هوآخر واحد، وهم ليسوا اثنا عشر، يعني: ممكن أن يكونوا أكثر من ذلك. [هذا في الصباح (ص:542)]
قلنا: إن المهدي عمره الآن 1167 سنة، والسؤال: هل تزوج أم هوأعزب إلى الآن، وهل يجوز أن يبقى أعزب طوال هذه المدة (1167 سنة)؟ وإذا كان تزوج هل هي معمرة مثله أم كل (5. سنة) يتزوج واحدة جديدة غير الأولى؟ وهل عنده أولاد؟ وهل هم معمرون؟ أسئلة كثيرة لا تجد جواباً إلا عند صاحب كتاب الجزيرة الخضراء الذي قال: (المهدي موجود في الجزيرة الخضراء وعنده أزواج وذرية، وهم يملكون تلك الجزيرة، لكن لا أحد يعلم أين هذه الجزيرة)، وقالوا (9.%) هي مثلث برمودا.
إذا خرج المهدي ماذا سيفعل؟
قالوا: أولاً يأتي بقرآن جديد، فلا يعجبه هذا القرآن!! وإنما يأتي بقرآن جديد.
عن أبي عبد الله قال: [لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس على كتاب جديد، على العرب شديد]. [كتاب الغيبة للنعماني (ص:1.2)]
قال محمد بن باقر الصدر: (أي: يأتي بتفسير جديد عميق موسع، وهذا أمر صحيح لا محيص عنه فإنه يمثل حقلاً مهما من العمق والشمول الذي يتصف به الوعي البشري، وهوفهم أعمق من كل الأفهام السابقة).
قلت: أعمق حتى من فهم الأئمة السابقين كعلي والباقر والصادق وغيرهم!!!
وعن علي رضي الله عنه قال: [كأني أنظر إلى الشيعة وقد بنوا الخيام بمسجد الكوفة، وجلسوا يعلمون الناس القرآن الجديد]. [الأنوار النعمانية (2/ 95)]
قال المفيد في المسائل السروية: (إن الذي بين الدفتين من القرآن جميعه كلام الله تعالى وتنزيله وليس فيه شيء من كلام البشر وهوجمهور المنزل -ليس كل المنزل- والباقي مما أنزله الله تعالى قرآناً عند المستحفظ للشريعة، المستودع للأحكام لم يضع منه شيئاً). [المسائل السروية نقلاً عن آراء حول القرآن (ص:133)]
يهدم المسجد: عن أبي جعفر قال: [إذا قام القائم سار إلى الكوفة فهدم بها أربعة مساجد]. [بحار الأنوار (52/ 339)]
يقيم الحد على أم المؤمنين عائشة: عن أبي جعفر قال: [أما لوقام قائمنا وردت إليه الحميراء حتى يجلدها الحد وحتى ينتقم لابنة محمد فاطمة]. [بحار الأنوار (52/ 314)]
[يخرج أبي بكر وعمر من قبريهما ويصلبهما ويحرقهما]. [الأنوار النعمانية (2/ 85)]
يبعثه الله نقمة: عن أبي جعفر قال: [إن الله بعث محمداً رحمة، وبعث القائم نقمة]. [بحار الأنوار (52/ 315)]
يقتل ذراري قتلة الحسين: قيل للرضا: [يا ابن رسول الله! ما تقول في حديث روي عن الصادق أنه قال: إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين بفعل آبائها؟ قال: هوكذلك، قلت: وقول الله تعالى: ((وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)) [الأنعام:164]؟ قال ذراري قتلة الحسين يرضون بفعال آبائهم ويفتخرون بها].
المهدي حريص على قتل العرب: عن أبي عبد الله قال: [ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح ... ]. نزعة فارسية. [الأنوار العمانية (52/ 349)]
وعن أبي عبد الله قال: [اتق العرب، فإن لهم خبر سوء، أما إنه لم يخرج مع القائم منهم أحد]. [بحار الأنوار (52/ 333)]
وعن أبي عبد الله قال: [إذا قام القائم من آل محمد! -انظروا إلى هؤلاء الذين يعظمون آل بيت النبي ويعظمون قريشاً- أقام خمسمائة من قريش فضرب أعناقهم، ثم أقام خمسمائة مئة فضرب أعناقهم، ثم خمسمائة حتى يفعل ذلك ست مرات] يعني: ثلاثة آلاف، قيل: أويبلغ عدد هؤلاء هذا؟ لأن الرواية كانت في ذلك الزمان، وقريش قليلون في ذلك الزمن، وهذا يستغرب الرواية يصل عددهم ثلاثة آلاف!! قال: [لا هم ومواليهم] ... حتى تمشى القضية!!
عن أبي جعفر قال: [لويعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم ألا يروه مما يقتل من الناس، أما إنه لا يبدأ إلا بقريش فلا يأخذ منها إلا السيف ولا يعطيها إلا السيف حتى يقول كثير من الناس: ليس هذا من آل محمد، لوكان من آل محمد لرحم]. [بحار الأنوار (52/ 354)]
هذا الفعل موافق لقول الله تبارك وتعالى: ((قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)) [الشورى:23]، هل هذه هي المودة في قربى النبي صلى الله عليه وسلم؟! ((كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا)) [الكهف:5].