الخميني في الميزان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، سيدنا محمد بن عبدالله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد:
فالحمد لله الذي جعل في هذه الأمة علماء ربانيون ، سلفيون يسيرون على كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وفهم السلف الصالح رضوان الله عليهم ، وما من زمن إلا ويظهر فيه رؤوس للبدع يدعون إلى أنفسهم ويستحلون السيف والله المستعان. و هذا كلام يوضح ضلال الخميني و طعنه في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم و مخالفته لدين الإسلام بالكلية و ياليت أتباعه يتعضون بما سوف نقول و ننقل ، و لكن القلوب إذا عشعش فيها الهوى و الحقد الدفين صعب خروجه من القلب إلا لمن استمع بعين البصيرة و طلب الحق ولكن الرافضة أبعد الناس عن ذلك و الله المستعان.
إن الخميني الهالك سلك اتجاهات متشعبة في رفض الدين والملة كلها تلتقي في ملة الكفر والضلال و إليكم ما يلي:
أولاً : الغلو في الرفض و شدة العداء لأهل السنة:
1 - تفضيله أئمة الشيعة على الأنبياء عامةً:
الخميني الهالك يسلك في التشيع مسلك الغلاة ( غلاة الروافض ) و مما يدل على ذلك أنه يعتمد مقالة الغلاة في تفضيل الأئمة على أنبياء الله و رسله ، فيقول : ( إن من ضرورات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب و لا نبي مرسل .. و قد ورد عنهم (ع) أن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب و لا نبي مرسل ) . انظر الحكومة الإسلامية ص 52.
و يقول الخميني الهالك عن الغائب المنتظر : ( لقد جاء الأنبياء جميعاً من أجل إرساء قواعد العدالة لكنهم لم ينجحوا حتى النبي محمد خاتم الأنبياء الذي جاء لإصلاح البشرية .. لم ينجح في ذلك و إن الشخص الذي سينجح في ذلك هو المهدي المنتظر ) . من خطاب ألقاه الخميني الهالك بمناسبة ذكرى مولد المهدي في 15 شعبان 1400 هـ .
ويقول أيضاً في خطاب ألقاه في ذكرى مولد الرضا الإمام السابع عند الشيعة بتاريخ 9/8/1984م : ( إني متأسف لأمرين أحدهما أن نظام الحكم الإسلامي لم ينجح منذ فجر الإسلام إلى يومنا هذا ، وحتى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يستقم نظام الحكم كما ينبغي ).
بل ويتهم الخميني النبي صلى الله عليه وسلم بعدم تبليغ الرسالة كما ينبغي يقول في (كتاب كشف الأسرار ص 55 ) : ( و واضح أن النبي لو كان قد بلغ بأمر الإمامة طبقاً لما أمر الله به وبذل المساعي في هذا المجال لما نشبت في البلدان الإسلامية كل هذه الاختلافات والمشاحنات والمعارك ، ولما ظهرت خلافات في أصول الدين وفروعه ).
وقال أيضاً : في كتاب كشف الأسرار صفحة 154 : ( و بالإمامة يكتمل الدين والتبليغ يتم ).
و يصف أئمتهم بقوله ( لا يتصور فيهم السهو والغفلة ) . الحكومات الإسلامية ص 91.
و يقول الخميني ( تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن ) . الحكومة الإسلامية ص 113.
و ينسب لهم صفة الألوهية فيقول: (فإن للإمام مقاماً محموداً و خلافة تكوينية تخضع لولايتها و سيطرتها جميع ذرات الكون).
أما الأنبياء فيصفهم بالعجز فيقول: (و نقول بأن الانبياء لم يوفقوا في تنفيذ مقاصدهم و ان الله سبحانه سيبعث في آخر الزمان شخصاً يقوم بتنفيذ مسائل الانبياء). يقصد بهذا الشخص إمامهم الغائب (الأعور الدجال).
2- قوله بتحريف القرآن:
و الخميني الهالك يترحم على الملحد المجوسي صاحب كتاب فصل الخطاب ويتلقى عن كتابه مستدرك الوسائل و يحتج به. انظروا إلى الكفر الصريح في الكلام الآتي ذكره من كتاب كشف الأسرار للخميني الهالك:
( إن الذين لم يكن لهم ارتباط بالإسلام والقرآن إلا لأجل الرئاسة والدنيا ، و كانوا يجعلون القرآن وسيلة لمقاصدهم الفاسدة ، كان من الممكن أن يحرفوا هذا الكتاب السماوي في حالة ذكر اسم الإمام في القرآن و أن يمسحوا هذه الآيات منه و أن يلصقوا وصمة العار هذه على حياة المسلمين ). كشف الأسرار ( ص 114 ).
هذا هو إمام الرافضة الذي يمجدونه ويعتقدون فيه العصمة يسب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعتقد فيهم أنهم يمكن أن يحرفوا القرآن الكريم !!
3 - تكفيره الصحابة و كل أهل السنة:
والخميني الهالك يكفر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم و ينعتهم بالنواصب بل و يأخذ بالرأي المتطرف من آراء قومه في ذلك و هو معاملتهم كالحربي حيث يقول : ( والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتنم منهم وتعلق الخمس به ، بل الظاهر جواز أخذ ماله أينما وجد ، و بأي نحو كان و وجوب إخراج خمسه ) . تحرير الوسيلة ( 1 / 352 ). و النواصب عندهم هم أنت أيها القارئ السني و أنا و أهل السنة جميعاً كما بينّا في بحث سابق.
و يقول أيضاً: (وأما النواصب و الخوارج لعنهما الله تعالى فهما نجسان من غير توقف) تحرير الوسيلة–الخميني.
و لا يتورع عن التبرء من الصحابة و اتهامهم بالكفر و الردة فيقول ( ولولا هذه المؤسسات الدينية الكبرى لما كان هناك الآن أي أثر للدين الحقيقي المتمثل في المذهب الشيعي ، وكانت هذه المذاهب الباطلة التي وضعت لبناتها في سقيفة بني ساعدة وهدفها اجتثاث جذور الدين الحقيقي تحتل الآن مواضع الحق ) كشف الأسرار– للخميني ص 193. هو يقول أنّه على دين يخالف دين الصحابة! فهو إذاً على غير دين الإسلام!
بل إنه يعتبر القضايا الفرعية كهيئات الصلاة سبباً للتكفير: (التكفير هو وضع احدى اليدين على الاخرى نحو ما يضعه غيرنا وهو مبطل عمدا و لا بأس به في حالة التقية). تحرير الوسيلة –الخميني.
و لا يقتصر التكفير على أهل السنة بل يتعداه إلى فرق الشيعة الأخرى الذين لا يسبون الصحابة: (غير الاثنى عشرية من فرق الشيعة اذا لم يظهر منهم نصب و معاداة و سب لسائر الائمة الذين لا يعتقدون بإمامتهم طاهرون و اما مع ظهور ذلك منهم فهم مثل سائر النواصب). تحرير الوسيلة –الخميني.
4 - رفضه لعبادة الله سبحانه و تعالى:
( إننا لا نعبد إلهاً يقيم بناء شامخا للعبادة والعدالة والتدين ، ثم يقوم بهدمه بنفسه ، ويجلس يزيداً ومعاوية وعثمان وسواهم من العتاة في مواقع الإمارة على الناس ، ولا يقوم بتقرير مصير الأمة بعد وفاة نبيه ) كشف الأسرار–ص 123.
يعني الخميني يعلن بصراحة أنه لا يعبد الله تعالى الذي لم يلبي طلباته و أمانيه. هذا الخطاب يتحدث عن الله – سبحانه و تعالى – وهو خال من الأدب والتقديس والتنزيه. و انظر كيف يوجب على الله ما يشاء و ما يريد! ألا قاتل الله أئمة الكفر والضلال.
ثانياً : اعتقاده تأثير الكواكب والأيام على حركة الإنسان :
إن الخميني الهالك يزعم أن هناك أياماً منحوسة من كل شهر يجب أن يتوقف الرافضي فيها عن كل عمل ، وإن لانتقال القمر إلى بعض الأبراج تأثيراً سلبياً على عمل الإنسان فليتوقف الرافضي عن القيام بمشروع معين حتى يتجاوز القمر ذلك البرج المعين .
وهذا اعتقاد كفري مخرج من الملة كما هو معلوم عند من درس ولو ذرة من التوحيد !!
ومما يشهد لهذا الاتجاه الكفري ما جاء في تحرير الوسيلة حيث يقول : ( يكره إيقاعه " يعني عقد الزواج " والقمر في برج العقرب ، وفي محاق الشهر ، وفي أحد الأيام المنحوسة في كل شهر وهي سبعة : يوم 3 ، ويوم 5 ، ويوم 13 ، ويوم 16 ، ويوم 21 ، ويوم 24 ، ويوم 25 ( وكذلك من كل شهر ) ) . تحرير الوسيلة ( 2 / 238 ) .
هذا هو معتقد الخميني الهالك في الكواكب وهو الكفر بعينه باتفاق السنة و الشيعة.
ويروى عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) في نهج البلاغة (و هو أصدق كتبهم): <<أيها الناس إياكم وتعلم النجوم إلا ما يهتدى به في بر أو بحر فإنها تدعو إلى الكهانة والمنجم كالكاهن والكاهم كالساحر والساحر كالكافر والكافر في النار...>>. نهج البلاغة (1/157).
ثالثاً : حقيقة الشرك عند الخميني :
اذا كان شرك المشركين ليس بشرك عند الخميني فما هو ياترى الشرك عنده ؟
يقول : ( توجد نصوص كثيرة تصف كل نظام غير إسلامي بأنه شرك ، و الحاكم أو السلطة فيه طاغوت ، و نحن مسؤولون عن إزالة آثار الشرك من مجتمعنا المسلم ، و نبعدها تماماً عن حياتنا ) . الحكومة الإسلامية ص 33 - 34 .
هذا هو مفهوم الشرك عنده وهو أن يتولى على بلاد المسلمين أحد من أهل السنة فحاكمها حينئذ مشرك وأهلها مشركون .ولذلك نرى الشرك ومظاهره في بلاد الرافضة من الطواف حول القبور وتقديم القرابين لها واعتقاد النفع والضر في الأموات !
رابعاً : الغلو في التصوف ( أو القول بالحلول والاتحاد ) :
و تتمثل نظرة الخميني لصورة التصوف في أوضح مظاهرها في كتابه ( مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية ) ، و إليكم بعضاً من هذا الكتاب و ما فيه:
1 - قوله بالحلول الخاص :
يقول الخميني عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه : ( خليفته ( يعني خليفة الرسول صلى الله عليه وسلم ) القائم مقامه في الملك والملكوت ، المتحد بحقيقته في حضرت الجبروت واللاهوت ، أصل شجرة طوبى ، وحقيقة سدرة المنتهى ، الرفيق الأعلى في مقام أو أدنى ، معلم الوحانيين ، ومؤيد الأنبياء والمرسلين علي أمير المؤمنين ) . مصباح الهداية ص 1.
انظر إلى قوله هذا الذي هو بعينه قول النصارى الذين قالوا باتحاد اللاهوت بالناسوت ، ومن قبل زعمت غلاة الرافضة أن الله حلَّ في علي ولا تزال مثل هذه الأفكار الغالية والإلحادية تعشعش في أذهان هؤلاء الشيوخ كما ترى . و من هذا المنطلق نسب الخميني الهالك إلى علي قوله : ( كنت مع الأنبياء باطناً ومع رسول الله ظاهراً ) . مصباح الهداية ص 142 . و يعلق عليه الخميني قائلاً : ( فإنه عليه السلام صاحب الولاية المطلقة الكلية والولاية باطن الخلافة .. فهو عليه السلام بمقام ولايته الكلية قائم على كل نفس بما كسبت ، ومع الأشياء معية قيومية ظلية إلهية ظل المعية القيومية الحقة الإلهية ، إلا أن الولاية لما كانت في الأنبياء أكثر خصهم بالذكر ) . مصباح الهداية ص 142 .
أنظروا كيف يعلق الخميني على تلك الكلمة الموغلة في الغلو و المنسوبة زوراً لأمير المؤمنين بما هو أشد منها غلواً و تطرفاً فهو عنده ليس قائماً على الأنبياء فحسب بل على كل نفس . و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ويقول تحت قوله تعالى ( يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون ) قال : ( أي ربكم الذي هو الإمام ) . مصباح الهداية ص 145. و هذا الكلام تأليه صريح لعلي رضي الله عنه و لو كان علي موجوداً لأحرقهم بالنار و لقتلهم أشد قتلة كما فعل بأسلافهم.
2 - قوله بالحلول والاتحاد الكلي :
و تجاوز الخميني مرحلة القول بالحلول الجزئي ، أو الحلول الخاص بعلي إلى القول بالحلول العام ، و انظروا ماذا يقول بعد أن تحدث عن التوحيد و مقاماته حسب تصوره : ( النتيجة لكل المقامات و التوحيدات عدم رؤية فعل و صفة حتى من الله تعالى و نفي الكثرة بالكلية و شهود الوحدة الصرفة .. ) . مصباح الهداية ص 134 . ثم ينقل عن أحد أئمته أنه قال : ( لنا مع الله حالات هو هو ونحن نحن ، وهو نحن ، ونحن هو ) . مصباح الهداية ص 114 . ثم يعلق بقوله : ( وكلمات أهل المعرفة خصوصاً الشيخ الكبير محي الدين مشحونة بأمثال ذلك مثل قوله : الحق خلق ، والخلق حق ، والحق حق ، والخلق خلق ) . ثم نقل جملة من كلام شيخه وإمامه ابن عربي ( النكرة ) الملحد الهالك ، وقال : ( لا ظهور ولا وجود إلا له تبارك وتعالى والعالم خيال عند الأحرار ) . مصباح الهداية ص 123 . و الخميني الهالك تراه يستدل كثيراً على مذهبه بأقوال ابن عربي الملحد الوجودي والذي يصفه بالشيخ الكبير ( مصباح الهداية ، ص 84 ، 94 ، 112 على سبيل المثال لا الحصر )
و بهذا يتبين لنا أن الخميني قد ورث عقيدة الحلول من أئمته ابن عربي و القونوي و كلاهما من دعاة وحدة الوجود و من الصوفية الغلاة و قد أفتى كثير من أهل العلم بكفر ابن عربي حتى ألف فيه مؤلف للإمام برهان الدين البقاعي بعنوان (تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي).
خامساً : دعوى النبوة :
أفرزت لوثات التصوف و خيالات الفلسفة عنده دعوى غريبة خبيثة و كفراً صريحاً حيث رسم للسالك أسفاراً أربعة :
( ينتهي السفر الأول إلى مقام الفناء وفيه السر الخفي والأخفى .. ويصدر عنه الشطح فيحكم بكفره فإن تداركته العناية الإلهية .. فيقر بالعبودية بعد الظهور بالربوبية ) كما يقول انظر مصباح الهداية ص 148 .
وينتهي السفر الثاني عنده إلى أن ( تصير ولايته تامة ، وتفنى ذاته وصفاته وأفعاله في ذات الحق وصفاته وأفعاله ، وفيه يحصل الفناء عن الفنائية أيضاً الذي هو مقام الأخفى ، وتتم دائرة الولاية ) . مصباح الهداية ص 148 - 149 .
أما السفر الثالث فإنه ( يحصل له الصحو التام ويبقى بإبقاء الله ، ويسافر في عوالم الجبروت والملكوت والناسوت ، ويحصل له حظ من النبوة وليست له نبوة التشريع وحينئذ ينتهي السفر الثالث ويأخذ في السفر الرابع ) . مصباح الهداية ص 149 .
وبالسفر الرابع ( يكون نبياً بنبوة التشريع ) . مصباح الهداية ص 149 .
انظروا إلى الكفر الصريح في كلام الخميني الهالك و الإلحاد المكشوف ، كفر بالنبوة وبالأنبياء و خروج عن دين الإسلام . و قد ذكر ( أن الفقيه الرافضي بمنزلة موسى و عيسى ) . انظر الحكومات الإسلامية ص 95. و قد قال أحد مسؤلي إيران : ( إن الخميني أعظم من النبي موسى وهارون ) . و قد قارن الرافضي المعاصر ( محمد جواد مغنية ) بين الخميني الهالك ونبي الله موسى مقارنة سيئة توضح مدى تقديمهم الخميني و حبه على أنبياء الله تعالى .
و موسى عليه السلام أكرم و أعظم من أن يقارن بصفوة الصالحين فكيف يفضل عليه الخميني الهالك ، و لكنه منطق الغلاة الذين فرغت قلوبهم من حب الأنبياء و أشبعت بحب الخميني و الأئمة حتى قدموهم على أنبياء الله و العياذ بالله من سوء العاقبة . انظروا بعين البصيرة إلى كلام الخميني الهالك الذي ليس فيه ذرة علم بل هو فلسفة ورثها أباً عن جد من إمامه و شيخه ابن عربي ( النكرة ) الملحد الوجودي !!
سادساً: الاتجاه الوثني:
في كتابه كشف الأسرار ظهر الخميني داعياً للشرك ومدافعاً عن ملة المشركين حيث يقول :
تحت عنوان ( ليس من الشرك طلب الحاجة من الموتى ) .
قال : ( يمكن أن يقال إن التوسل إلى الموتى وطلب الحاجة منهم شرك ، لأن النبي والإمام ليس إلا جمادين فلا تتوقع منهما النفع والضرر ، والجواب : إن الشرك هو طلب الحاجة من غير الله ، مع الاعتقاد بأن هذا الغير هو إله ورب ، وأما طلب الحاجة من الغير من غير هذا الاعتقاد فذلك ليس بشرك !! ، ولا فرق في هذا المعنى بين الحي والميت ، ولهذا لو طلب أحد حاجته من الحجر والمدر لا يكون شركاً ، مع أنه قد فعل فعلاً باطلاً . ومن ناحية أخرى نحن نستمد من أرواح الأنبياء المقدسة والأئمة الذين أعطاهم الله قدرة . لقد ثبت بالبراهين القطعية والأدلة النقلية المحكمة حياة الروح بعد الموت ، والإحاطة الكاملة للأرواح على هذا العالم ) . كشف الأسرار ص 30 .
انظروا إلى هذا الكلام الكفري ، الذي يعتقد صاحبه أن دعاء الأحجار والأضرحة من دون الله ليس بشرك إلا إذا اعتقد الداعي أنها هي الإله والرب. و هذا باطل من القول وزورا ، بل هو الشرك الأكبر بعينه الذي أرسل الله الرسل وأنزل الكتب لإبطاله وهو بعينه شرك المشركين الذين جاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سابعاً: نهب الخميني لأموال الناس:
الجدير بالذكر أن جريدة كيهان لندن الإيرانية الرسمية ذكرت أن خامنئي قال في خطبةٍ على قبر الخميني: إن الإمام الراحل صرف مائة مليون تومان من أمواله الشخصية على المحتاجين ، ومن جهة أخرى إن الخميني كما ادعى كان قد أرسل قائمةً بأمواله في حياته لرئيس القضاء الأعلى ، ويذكر فيها أسماء إخوته من عائلات بسند يده و هندي زاده.
و للعلم فإن أمه قد تزوجت أربع مرات وأخوته المذكورون هم من غير أبيه – لكن لا يوجد في الفهرس المذكور المنشور في "كيهان لندن" 1% من الحقيقة المذكورة ، ولذا نحب أن نعرف من هو الكاذب أهو خامنئي أم خميني لما قدم صورة من أمواله الشخصية؟! ومن طرف آخر نشرت الإذاعة الإيرانية في حياته أنه قدم مائة مليون تومان إلى الحكومة قرضاً ، ولا شك أن الأموال الشخصية لا تشمل الملايين التي يملكونها ويتصرفون فيها مما يحصدونه من الخمس ، وأما في الظاهر يعيش مراجعهم كالزهاد وحساباتهم وجيوبهم مليئة بالملايين التي أتت من أكناف الأرض من الشيعة المُضحى بهم باسم الخمس لإمام الزمان وهذا هو فقرهم وزهدهم المـدَّعى.
ثامناً: شذوذات الخميني:
قال الخميني :
1 - " ماء الاستنجاء سواء كان من البول أو الغائط طاهر "
2 - " صلاة الجنازة تصح من الجنب "
3 - " المشهور و الأقوى جواز وطء الزوجة دبرا " يعني اللواط بها .
4 - " لا يجوز وطء الزوجة قبل اكمال تسع سنين ، و أما سائر الايمتاعات كاللمس بشهوة و الضم و التفخيذ فلا باس بها حتى في الرضيعة "
5 - " لا يجوز نكاح بنت الأخ على العمة و بنت الأخت على الخالة إلا بإذنهما . و يجوز نكاح العمة و الخالة على بنتي الأخ و الأخت "
6 - في المتعة : " يجوز التمتع في الزانية " ، " يجوز ان يشترط عليها و عليه الاتيان ليلا أو نهارا و أن يشترط المرة والمرات مع تعيين المدة بالزمان "
--- من كتاب تحرير الوسيلة جـ2 من صفحة 241 الى 291 ---
هذا غيض من فيض من أقوال الهالك الخميني ، نقلتها لكم معزوة بالجزء و الصفحة من كتبه التي ملأت السوق ، و التي حواها الكفر الصريح و الردة عن الإسلام و العياذ بالله. و للإستزادة فاليراجع كتاب "الخميني و الثورة الإيرانية" الشيخ سعيد الحوى و كتاب "و جاء دور المجوس" للشيخ محمد سرور. هذا لمن كان له قلب سليم و عقل واع يدرك حقيقة الأمور ، أما من طبع على قلبه و ختم الله على بصره فليس هناك أي فائدة من ذكر هذا الكلام له فهو يتلقى من أئمته و قد جعلوه أصم الأذن أعمى البصر و البصيرة إلا بكلامهم و القول ما قالوه و الرأي ما رأوه و أفتوا به.
بعض الإتجاهات المتشعبة التي سلكها الخميني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، سيدنا محمد بن عبد الله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
فالحمد لله الذي جعل في هذه الأمة علماء ربانيون ، سلفيون يسيرون على كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وفهم السلف الصالح رضوان الله عليهم ، وما من زمن إلا ويظهر فيه رؤوس للبدع يدعون إلى أنفسهم ويستحلون السيف والله المستعان .
أما بعد :
فهذا كلام يوضح ضلال الخميني وطعنه في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومخالفته لدين الإسلام بالكلية ، وياليت أتباعه يتعضون بما سوف نقول وننقل ، ولكن القلوب إذا عشعش فيها الهوى والحقد الدفين صعب خروجه من القلب إلا لمن استمع بعين البصيرة وطلب الحق ولكن الرافضة أبعد الناس عن ذلك والله المستعان .
إن الخميني الهالك سلك اتجاهات متشعبة في رفض الدين والملة كلها تلتقي في ملة الكفر والضلال وإليكم ما يلي :
أولاً : الاتجاه الوثني
في كتابه كشف الأسرار ظهر الخميني داعياً للشرك ومدافعاً عن ملة المشركين حيث يقول :
تحت عنوان ( ليس من الشرك طلب الحاجة من الموتى ) .
قال : ( يمكن أن يقال إن التوسل إلى الموتى وطلب الحاجة منهم شرك ، لأن النبي والإمام ليس إلا جمادين فلا تتوقع منهما النفع والضرر ، والجواب : إن الشرك هو طلب الحاجة من غير الله ، مع الاعتقاد بأن هذا الغير هو إله ورب ، وأما طلب الحاجة من الغير من غير هذا الاعتقاد فذلك ليس بشرك !! ، ولا فرق في هذا المعنى بين الحي والميت ، ولهذا لو طلب أحد حاجته من الحجر والمدر لا يكون شركاً ، مع أنه قد فعل فعلاً باطلاً .
ومن ناحية أخرى نحن نستمد من أرواح الأنبياء المقدسة والأئمة الذين أعطاهم الله قدرة .
لقد ثبت بالبراهين القطعية والأدلة النقلية المحكمة حياة الروح بعد الموت ، والإحاطة الكاملة للأرواح على هذا العالم ) . كشف الأسرار ص 30 .
انظروا إلى هذا الكلام الكفري ، الذي يعتقد صاحبه أن دعاء الأحجار والأضرحة من دون الله ليس بشرك إلا إذا اعتقد الداعي أنها هي الإله والرب .
وهذا باطل من القول وزورا ، بل هو الشرك الأكبر بعينه الذي أرسل الله الرسل وأنزل الكتب لإبطاله وهو بعينه شرك المشركين الذين جاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثانياً : اعتقاده تأثير الكواكب والأيام على حركة الإنسان
إن الخميني الهالك يزعم أن هناك أياماً منحوسة من كل شهر يجب أن يتوقف الرافضي فيها عن كل عمل ، وإن لانتقال القمر إلى بعض الأبراج تأثيراً سلبياً على عمل الإنسان فليتوقف الرافضي عن القيام بمشروع معين حتى يتجاوز القمر ذلك البرج المعين .
وهذا اعتقاد كفري مخرج من الملة كما هو معلوم عند من درس ولو ذرة من التوحيد !!
ومما يشهد لهذا الاتجاه الكفري ما جاء في تحرير الوسيلة حيث يقول : ( يكره إيقاعه " يعني عقد الزواج " والقمر في برج العقرب ، وفي محاق الشهر ، وفي أحد الأيام المنحوسة في كل شهر وهي سبعة : يوم 3 ، ويوم 5 ، ويوم 13 ، ويوم 16 ، ويوم 21 ، ويوم 24 ، ويوم 25 ( وكذلك من كل شهر ) ) . تحرير الوسيلة ( 2 / 238 ) .
هذا هو معتقد الخميني الهالك في الكواكب وهو بعينه معتقد المشركين .
ثالثاً : حقيقة الشرك عند الخميني :
إذا كان شرك المشركين ليس بشرك عند الخميني فما هو ياترى الشرك عنده ؟
يقول : ( توجد نصوص كثيرة تصف كل نظام غير إسلامي بأنه شرك ، والحاكم أو السلطة فيه طاغوت ، ونحن مسؤولون عن إزالة آثار الشرك من مجتمعنا المسلم ، ونبعدها تماماً عن حياتنا ) . الحكومة الإسلامية ص 33 – 34 .
هذا هو مفهوم الشرك عنده وهو أن يتولى على بلاد المسلمين أحد من أهل السنة فحاكمها حينئذ مشرك وأهلها مشركون .ولذلك نرى الشرك ومظاهره في بلاد الرافضة من الطواف حول القبور وتقديم القرابين لها واعتقاد النفع والضر في الأموات !
رابعاً : الغلو في التصوف - أو القول بالحلول والاتحاد
وتتمثل نظرة الخميني لصورة التصوف في أوضح مظاهرها في كتابه ( مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية ) ، وإليكم طوام هذا الكتاب ومافيه :
1 - قوله بالحلول الخاص :
================
يقول الخميني عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه : ( خليفته ( يعني خليفة الرسول صلى الله عليه وسلم ) القائم مقامه في الملك والملكوت ، المتحد بحقيقته في حضرت الجبروت واللاهوت ، أصل شجرة طوبى ، وحقيقة سدرة المنتهى ، الرفيق الأعلى في مقام أو أدنى ، معلم الوحانيين ، ومؤيد الأنبياء والمرسلين علي أمير المؤمنين ) . مصباح الهداية ص 1 .
انظر إلى قوله هذا الذي هو بعينه قول النصارى الذين قالوا باتحاد اللاهوت بالناسوت ، ومن قبل زعمت غلاة الرافضة أن الله حلَّ في علي ولا تزال مثل هذه الأفكار الغالية والإلحادية تعشعش في أذهان هؤلاء الشيوخ كما ترى .
ومن هذا المنطلق نسب الخميني الهالك إلى علي قوله : ( كنت مع الأنبياء باطناً ومع رسول الله ظاهراً ) . مصباح الهداية ص 142 .
ويعلق عليه الخميني قائلاً : ( فإنه عليه السلام صاحب الولاية المطلقة الكلية والولاية باطن الخلافة .. فهو عليه السلام بمقام ولايته الكلية قائم على كل نفس بما كسبت ، ومع الأشياء معية قيومية ظلية إلهية ظل المعية القيومية الحقة الإلهية ، إلا أن الولاية لما كانت في الأنبياء أكثر خصهم بالذكر ) . مصباح الهداية ص 142 .
أنظروا كيف يعلق الخميني على تلك الكلمة الموغلة في الغلو والمنسوبة زوراً لأمير المؤمنين بما هو أشد منها غلواً وتطرفاً فهو عنده ليس قائماً على الأنبياء فحسب بل على كل نفس .
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ويقول تحت قوله تعالى ( يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون ) قال : ( أي ربكم الذي هو الإمام ) . مصباح الهداية ص 145 .
وهذا الكلام تأليه صريح لعلي رضي الله عنه ولو كان علي موجوداً لأحرقهم بالنار ولقتلهم أشد قتلة كما فعل بأسلافهم .
2- قوله بالحلول والاتحاد الكلي :
===================
وتجاوز الخميني مرحلة القول بالحلول الجزئي ، أو الحلول الخاص بعلي إلى القول بالحلول العام ، وانظروا ماذا يقول بعد أن تحدث عن التوحيد ومقاماته حسب تصوره : ( النتيجة لكل المقامات والتوحيدات عدم رؤية فعل وصفة حتى من الله تعالى ونفي الكثرة بالكلية وشهود الوحدة الصرفة .. ) . مصباح الهداية ص 134 .
ثم ينقل عن أحد أئمته أنه قال : ( لنا مع الله حالات هو هو ونحن نحن ، وهو نحن ، ونحن هو ) . مصباح الهداية ص 114 .
ثم يعلق بقوله : ( وكلمات أهل المعرفة خصوصاً الشيخ الكبير محي الدين مشحونة بأمثال ذلك مثل قوله : الحق خلق ، والخلق حق ، والحق حق ، والخلق خلق ) .
ثم نقل جملة من كلام شيخه وإمامه ابن عربي ( النكرة ) الملحد الهالك ، وقال : ( لا ظهور ولا وجود إلا له تبارك وتعالى والعالم خيال عند الأحرار ) . مصباح الهداية ص 123 .
والخميني الهالك تراه يستدل كثيراً على مذهبه بأقوال ابن عربي الملحد الوجودي والذي يصفه بالشيخ الكبير ( مصباح الهداية ، ص 84 ، 94 ، 112 على سبيل المثال لا الحصر )
وبهذا يتبين لنا أن الخميني قد ورث عقيدة الحلول من أئمته ابن عربي والقونوي وكلاهما من دعاة وحدة الوجود ومن الصوفية الغلاة وقد أفتى كثير من أهل العلم بكفر ابن عربي حتى ألف فيه مؤلف للإمام برهان الدين البقاعي بعنوان ( تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي ) .
خامساً : دعوى النبوة
أفرزت لوثات التصوف وخيالات الفلسفة عنده دعوى غريبة خبيثة وكفراً صريحاً حيث رسم للسالك أسفاراً أربعة :
ينتهي السفر الأول إلى مقام الفناء وفيه السر الخفي والأخفى .. ويصدر عنه الشطح فيحكم بكفره فإن تداركته العناية الإلهية .. فيقر بالعبودية بعد الظهور بالربوبية ) كما يقول انظر مصباح الهداية ص 148 .
وينتهي السفر الثاني عنده إلى أن ( تصير ولايته تامة ، وتفنى ذاته وصفاته وأفعاله في ذات الحق وصفاته وأفعاله ، وفيه يحصل الفناء عن الفنائية أيضاً الذي هو مقام الأخفى ، وتتم دائرة الولاية ) . مصباح الهداية ص 148 - 149 .
أما السفر الثالث فإنه ( يحصل له الصحو التام ويبقى بإبقاء الله ، ويسافر في عوالم الجبروت والملكوت والناسوت ، ويحصل له حظ من النبوة وليست له نبوة التشريع وحينئذ ينتهي السفر الثالث ويأخذ في السفر الرابع ) . مصباح الهداية ص 149 .
وبالسفر الرابع ( يكون نبياً بنبوة التشريع ) . مصباح الهداية ص 149 .
انظروا إلى الكفر الصريح في كلام الخميني الهالك والإلحاد المكشوف ، كفر بالنبوة وبالأنبياء وخروج عن دين الإسلام .
وقد ذكر ( أن الفقيه الرافضي بمنزلة موسى وعيسى ) . انظر الحكومات الإسلامية ص 95 .
وقد قال أحد مسؤلي إيران : ( إن الخميني أعظم من النبي موسى وهارون ) .
وقد قارن الرافضي المعاصر ( محمد جواد مغنية ) بين الخميني الهالك ونبي الله موسى مقارنة سيئة توضح مدى تقديمهم الخميني وحبه على أنبياء الله تعالى .
وموسى عليه السلام أكرم وأعظم من أن يقارن بصفوة الصالحين فكيف يفضل عليه الخميني الهالك ، ولكنه منطق الغلاة الذين فرغت قلوبهم من حب الأنبياء وأشبعت بحب الخميني والأئمة حتى قدموهم على أنبياء الله والعياذ بالله من سوء العاقبة .
أنظروا بعين البصيرة إلى كلام الخميني الهالك الذي ليس فيه ذرة علم بل هو فلسفة ورثها أباً عن جد من إمامه وشيخه ابن عربي ( النكرة ) الملحد الوجودي !!
سادساً : الغلو في الرفض
الخميني الهالك يسلك في التشيع مسلك الغلاة ( غلاة الروافض ) ومما يدل على ذلك أنه يعتمد مقالة الغلاة في تفضيل الأئمة على أنبياء الله ورسله ، فيقول : ( إن من ضرورات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل .. وقد ورد عنهم ( ع ) أن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل ) . انظر الحكومة الإسلامية ص 52 .
ويصف أئمتهم بقوله ( لا يتصور فيهم السهو والغفلة ) . الحكومات الإسلامية ص 91 .
والخميني الهالك يكفر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وينعتهم بالنواصب بل ويأخذ بالرأي المتطرف من آراء قومه في ذلك وهو معاملتهم كالحربي حيث يقول : ( والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتنم منهم وتعلق الخمس به ، بل الظاهر جواز أخذ ماله أينما وجد ، وبأي نحو كان ووجوب إخراج خمسه ) . تحرير الوسيلة ( 1 / 352 ) .
والنواصب عندهم هم أنت أيها القارئ السني وأنا وأهل السنة جميعاً كما بينا في البحث السابق .
والخميني الهالك يترحم على الملحد المجوسي صاحب كتاب فصل الخطاب ويتلقى عن كتابه مستدرك الوسائل ويحتج به .
أنظروا إلى الكفر الصريح في الكلام الآتي ذكره من كتاب كشف الأسرار للخميني الهالك :
( إن الذين لم يكن لهم ارتباط بالإسلام والقرآن إلا لأجل الرئاسة والدنيا ، وكانوا يجعلون القرآن وسيلة لمقاصدهم الفاسدة ، كان من الممكن أن يحرفوا هذا الكتاب السماوي في حالة ذكر اسم الإمام في القرآن وأن يمسحوا هذه الآيات منه وأن يلصقوا وصمة العار هذه على حياة المسلمين ) . كشف الأسرار ( ص 114 ) .
هذا هو إمام الرافضة الذي يمجدونه ويعتقدون فيه العصمة يسب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعتقد فيهم أنهم يمكن أن يحرفوا القرآن الكريم !!
ويقول الخميني الهالك عن الغائب المنتظر : ( لقد جاء الأنبياء جميعاً من أجل إرساء قواعد العدالة لكنهم لم ينجحوا حتى النبي محمد خاتم الأنبياء الذي جاء لإصلاح البشرية .. لم ينجح في ذلك وإن الشخص الذي سينجح في ذلك هو المهدي المنتظر ) . من خطاب ألقاه الخميني الهالك بمناسبة ذكرى مولد المهدي في 15 شعبان 1400 هـ .
ويقول الخميني ( تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن ) . الحكومة الإسلامية ص 113 .
هذا غيض من فيض من أقوال الهالك الخميني ، نقلتها لكم معزوة بالجزء والصفحة من كتبه التي ملأت السوق ، والتي حواها الكفر الصريح والردة عن الإسلام والعياذ بالله .
هذا لمن كان له قلب سليم وعقل واع يدرك حقيقة الأمور ، أما من طبع على قلبه وختم الله على بصره فليس هناك أي فائدة من ذكر هذا الكلام له فهو يتلقى من أئمته وقد جعلوه أصم الأذن أعمى البصر والبصيرة إلا بكلامهم والقول ما قالوه والرأي ما رأوه وأفتوا به .
هذا ما أردت توضيحه وبيانه فإن أصبت فمن الله وحده ، وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان وأستغفر الله على ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله .
من عقائد الإمام الخميني
كانت لي قراءة متأنية لما كتبه خميني عن فكره وآراءه ، وما خطه عنه محبوه ، وما سطره معارضوه وبعد القراءة والتأمل خرجت بالنتيجة التالية:
أن للخميني بدعاً وضلالات كثيرة ، كما أحيطت شخصيته بدعاوى ومظاهر لا صلة لها بالإسلام.
وليس في المستطاع فضح كل هذه البدع في هذه العجالة ، ويكفي أن نشير إلى تلك المفتريات التي تجعل القارئ والمتابع يتساءل باستغراب ما حقيقة هذا الرجل ؟ وما حقيقة دعوته ؟ وهل هو يرتبط بالإسلام أصلاً ؟
أولاً : تطاول خميني على الأنبياء والرسل :
إن المتابع لفكر خميني وتصريحاته وخطبه ، يدرك بسهولة أبعاد نواياه الباطنية ويلمس دون شك أغراضه التي تتلخص في تكوين هالة من القداسة الكهنوتية المزعومة حول شخصه . وهو مقتنع بأن ما قام به يبلغ مستوى الرسالات السماوية ، وأنه يعد العدة لاستقبال المهدي المنتظر ثم هو موقن بأنه نائب المهدي على الأقل ، له ما للمهدي من منزلة وقداسة . ونشير هنا إلى جانب من خطبه المسجلة ، والتي سمعها العالم ، وحفظتها الصحف العالمية . كما يلي :
أ – ألقى خميني خطاباً بمناسبة ذكرى مولد الإمام المهدي في 15 \ 8 \ 1400 ضمنه أفكاراً تدل على أن الخميني لا يؤمن باكتمال الرسالة الإسلامية بالقرآن العظيم ، وبالرسول الكريم خاتم الأنبياء والرسل عليه الصلاة والسلام .
وأحيلك أيها القارئ إلى فقرات من خطابه : قال :
" لقد جاء الأنبياء جميعاً من أجل إرساء قواعد العدالة في العالم ، لكنهم لم ينجحوا ، حتى النبي محمد خاتم الأنبياء الذي جاء لإصلاح البشرية ، وتنفيذ العدالة ، وتربية البشر لم ينجح في ذلك . وأن الشخص الذي سينجح في ذلك ويرسي قواعد العدالة في جميع أنحاء العالم في جميع مراتب إنسانية الإنسان وتقويم الانحرافات هو المهدي المنتظر …. فالإمام المهدي الذي أبقاه الله سبحانه وتعالى ذخراً من أجل البشرية ، سيعمل على نشر العدالة في جميع أنحاء العالم ، وسينجح فيما أخفق في تحقيقه الأنبياء …"
تأمل أيها القارئ اللبيب هذه المقولات ، وقل لي رأيك .
ولكلامه بقية ، سآتي به لاحقاً بإذن الله .
فتوى الالباني في الخميني واقواله- منقولة من احد المواقع الإسلامية - قال حفظه الله :
بسم الله الرحمن الرحيم،، فقد وقفت على الأقوال الخمسة التي نقلتموها عن كتب المسمى ( روح الله الخميني ) راغبين مني بيان حكمي فيها , وفي قائلها , فأقول وبالله تعالى وحده أستعين : إن كل قول من تلك الأقوال الخمسة كفر بواح , وشرك صراح , لمخالفته للقرآن الكريم , والسنة المطهرة وإجماع الأمة , وما هو معلوم من الدين بالضرورة . ولذلك فكل من قال بها , معتقداً , ولو ببعض مافيها , فهو مشرك كافر , وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم . والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه المحفوظ عن كل زيادة ونقص : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً ) . وبهذه المناسبة أقول : إن عجبي لا يكاد ينتهي من أناس يدعون أنهم من أهل السنة والجماعة , يتعاونون مع (الخمينيين ) في الدعوة إلى إقامة دولتهم , والتمكين لها في أرض المسلمين , جاهلين أو متجاهلين عما فيها من الكفر والضلال , والفساد في الأرض : ( والله لا يحب الفساد ) . فإن كان عذرهم جهلهم بعقائدهم , وزعمهم أن الخلاف بيننا وبينهم إنما هو خلاف في الفروع وليس في الأصول , فما هو عذرهم بعد أن نشروا كتيبهم : ( الحكومة الإسلامية ) وطبعوه عدة طبعات , ونشروه في العالم الإسلامي , وفيه من الكفريات ما جاء نقل بعضها عنه في السؤال الأول , مما يكفي أن يتعلم الجاهل ويستيقظ الغافل , هذا مع كون الكتيب كتاب دعاية وسياسة , والمفروض في مثله أن لا يذكر فيه من العقائد ما هو كفر جلي عند المدعوين, ومع كون الشيعة يتدينون بالتقية التي تجيز لهم أن يقولوا ويكتبوا ما لا يعتقدونه , كما قال عز وجل في بعض أسلافهم : ( يقولون بألسنتهم ماليس في قلوبهم ) , حتى قرأت لبعض المعاصرين منهم قوله وهو يسرد المحرمات في الصلاة : ( والقبض فيها إلا تقية ) , يعني وضع اليمين على الشمال في الصلاة . ومع ذلك كله فقد ( قالوا كلمة الكفر ) في كتيبهم , مصداق قوله تعالى في أمثالهم : ( والله مخرج ما كنتم تكتمون ) , ( وما تخفي صدورهم أكبر ) . وختاماً أقول محذراً جميع المسلمين بقول رب العالمين : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء في أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ) . وسبحانك اللهم وبحمدك , أشهد أن لا إله إلا أنت , أستغفرك وأتوب إليك .
وكتبه : محمد ناصر الدين الألباني , أبو عبد الرحمن , عَمان 26 / 12 / 1407 هـ
أعود إلى ما بدأت به في مقالي السابق ، فأقول :
استمر خميني في تطاوله على الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام وخاصة خاتم الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام
فقال أيضاً في خطبته التي ألقاها بمناسبة ذكرى مولد الإمام المهدي في 15 \ 8 \ 1400 :
" إن السبب الذي أطال سبحانه وتعالى من أجله عمر المهدي عليه السلام ، وهو أنه لم يكن بين البشر من يستطيع القيام بمثل هذا العمل الكبير حتى الأنبياء ، وأجداد الإمام المهدي عليه السلام لم ينجحوا في تحقيق ما جاءوا من أجله …"
وقال أيضاً :
" ولو كان الإمام المهدي عليه السلام قد التحق إلى جوار ربه ، لما كان هناك أحد بين البشر لإرساء العدالة وتنفيذها في العالم …
فالإمام المهدي المنتظر عليه السلام ، قد أبقى ذخراً لمثل هذا الأمر ، ولذلك فإن عيد ميلاده – أرواحنا فداه – أكبر أعياد المسلمين ، وأكبر عيد لأبناء البشرية ، لأنه سيملأ الأرض عدلاً وقسطاً …
ولذلك يجب أن نقول : إن عيد ميلاد الإمام المهدي عليه السلام هو أكبر عيد للبشرية بأجمعها … عند ظهوره ، فإنه سيخرج البشرية من الانحطاط ، ويهدي الجميع إلى الصراط المستقيم ، ويملأ الأرض عدلاً بعدما ملئت جوراً …
إن ميلاد الإمام المهدي عيد كبير بالنسبة للمسلمين ، يعتبر أكبر من عيد ميلاد النبي محمد ولذلك علينا أن نعد أنفسنا من أجل مجيء الإمام المهدي عليه السلام …
إنني لا أتمكن من تسميته بالزعيم ، لأنه أكبر وأرفع من ذلك ، ولا أتمكن من تسميته بالرجل الأول ، لأنه لا يوجد أحد بعده وليس له ثان ، ولذلك لا أستطيع وصفه بأي كلام سوى المهدي المنتظر الموعود ، وهو الذي أبقاه الله سبحانه وتعالى ذخراً للبشرية ، وعلينا أن نهيئ أنفسنا لرؤياه في حالة توفيقنا بهذا الأمر ، ونكون مرفوعي الرأس …
على جميع الأجهزة في بلادنا … ونأمل أن تتوسع في سائر الدول ، أن تهيئ نفسها من أجل ظهور الإمام المهدي عليه السلام وتستعد لزيارته …." .
أيها القارئ : هل نظرت إلى احترام خميني للأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ؟
هل تأملت كيف يرى أن ميلاد المهدي أكبر من ميلاد النبي محمد عليه الصلاة والسلام ؟
أترك الإجابة للقارئ النبيه .
أخي : بقي أن تعرف ما موقف علماء أهل السنة مما قاله خميني ، هذا ما سآتي به بإذن الله .
أيها القارئ الباحث عن الحقيقة :
لقد أثارت تصريحات خميني التي ذكرتها لك آنفاً موجة غضب واستنكار في صفوف المسلمين وأوساطهم ، وأعلنوا أنها تصريحات غريبة ومناقضة لأصل العقيدة الإسلامية ولروح الإسلام والسنة النبوية الشريفة . وقالت هذه الأوساط عبر فتاوى وبيانات أصدرتها : إن ما جاء في أقوال خميني ، يعد خرقاً فظيعاً لمبادئ الإسلام ، وطعناً في شخص الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام ، الذي جاء مصلحاً وهادياً للبشرية ومنقذاً لها . وقد أكدت هذه الأوساط أن ما قاله خميني يعد خروجاً على كل ما قررته العقيدة الإسلامية ، وأجمع عليه المسلمون في شخص الرسول وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين الكريم محمد عليه الصلاة والسلام ، الذي جاء فيه قوله تعالى وقد أبدى المسلمون في كل مكان المزيد من الاستغراب والدهشة بسبب عدم صدور أي تكذيب أو نفي لتلك التصريحات المهووسة . وفيما يأتي من برقيات وفتاوى الاحتجاج والاستنكار لتصريحات خميني الغريبة ، ودحض مضمونها الخارج على الإسلام ، والمتنكر لرسوله عليه الصلاة والسلام . أولاً : استنكرت (( رابطة العالم الإسلامي )) بشدة تصريحات خميني حول ما أسماه بظهور المهدي المنتظر لتحقيق ما عجز عنه الأنبياء
وقال بيان أصدرته الرابطة بهذا الشأن ، نشر في جريدة أخبار العالم الإسلامي
بتاريخ 9 رمضان 1400 :
إن العبارات التي وردت في كلمة وجهها خميني يوم 15 شعبان الماضي ، وأذاعها راديو طهران ، تعارض معارضة صريحة العقيدة الإسلامية ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف ، وتحوي مناقضة صريحة للإسلام وما جاء به القران الكريم ، والسنة النبوية المطهرة ، وما أجمعت عليه أمة المسلمين وعلماؤها .
وذكرت الرابطة أن تكذيباً أو نفياً لهذه التصريحات لم يصدر من طهران ، على الرغم مما تحويه من إنكار لتعاليم الكتاب والسنة وإجماع الأمة على أن نبينا عليه الصلاة والسلام هو خاتم الأنبياء والمرسلين ، وهو المصلح الأعظم للبشرية جمعاء ، حيث أرسل بأكمل
(( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام )) دينا الرسالات وأتمها ، كما قال تعالى
، وقال عليه الصلاة والسلام : ( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ) .
واختتمت الرابطة بيانها داعية الله تعالى أن يجنب المسلمين مزالق الفتن ما ظهر منها وما بطن ، ويلهمهم سبيل الرشد وأن لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
أقول : هذا هو بيان الرابطة ، وسآتي ببقية بيانات العلماء في باقي أرجاء العالم الإسلامي لاحقاً بإذن الله .
والله الهادي إلى سواء السبيل .
ذكر الخميني الهالك في كتابه الحكومة الإسلامية ، بأن الأئمة بلغوا منزلة ، لم يبلغها نبي مرسل ولا ملك مقرب .
فماذا يرجى من هذا الإمام المزعوم بعد هذا الكلام الكفري .
ثانياً : وفي تونس :
أدان الشيخ الحبيب بلخوجة مفتي الجمهورية تصريحات خميني ، التي تطاول فيها على مقام النبي محمد عليه الصلاة والسلام ، وادعى فيها أن الرسول الكريم لم يؤدي رسالته على الوجه الأكمل ……
وقال الشيخ بلخوجة في كلية الزيتونة :
إن هذه التصريحات تشكل مساساً بالدين ، وتتناقض تماماً مع مبادئ القران الكريم …
وقال مفتي تونس :
إن الذي يتجاهل السنة ، ويناقض القران الكريم : يكذب إذا ادعى أنه ينتمي إلى الإسلام أو أن يكون حاملاً لرايته …….
ثالثاً :
وفي المملكة المغربية :
أصدر علماء المغرب فتوى دينية رداً على تصريحات خميني نشرت في العدد الرابع من مجلة ( دعوى الحق ) الصادرة في شعبان _ رمضان 1400 هـ ( تموز يوليو 1980 ) عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المملكة المغربية . وقد جاءت هذه الفتوى معبرة عن إجماع أعضاء المجالس العلمية في أنحاء المملكة المغربية كافة على إدانة الخميني استناداً إلى الكتاب والسنة .. وأعلنت الفتوى : إن أقوال خميني أقوال شنيعة ومزاعم باطلة فظيعة .. تؤدي إلى الإشراك بالله عز وجل .. وأوضحت الفتوى : أن هذه الأقوال قد أحدثت ضجة كبرى في الأوساط ، حيث توجه الناس بسؤال عن موقف العلماء من هذه الأقوال النابية والمزاعم الباطلة التي تناقض أصول العقيدة الإسلامية .. وأكدت الفتوى رداً على تساؤلات الجمهور المغربي المسلم : إن ما قاله الخميني تطاول على مقام الملائكة والأنبياء والمرسلين حيث جعل مكانة المهدي المنتظر في نظره فوق مكانة الجميع ، وزعم أن لا ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلاً أفضل منه ..
وقال علماء المغرب في فتواهم : إن من اخطر ما زعمه خميني " إن خلافة المهدي المنتظر خلافة تكوينية تخضع لها جميع ذرات الكون " ومقتضى ذلك أن خميني يعد المهدي المنتظر شريك للخالق عز وجل في الربوبية والتكوين ..
وهذا كلام مناقض لعقيدة التوحيد يستنكره كل مسلم ولا يقبله ، ولا يقره أي مذهب من المذاهب الإسلامية ،لا يبرأ قائله من الشرك والكفر بالله ، قال الله تعالى (( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون )) الزمر 67 .
وأهاب علماء المغرب في فتواهم هذه ببقية العلماء في العالم الإسلامي الوقوف وقفة رجل واحد بوجه هذا التيار الهدام ، فيردوا كل شبهة عن عقيدة الإسلام …
رابعاً :
بيان رابطة العلماء في العراق :
اطلعت هذه الرابطة على خطبة خميني السالفة الذكر ، وأصدرت بياناً مطولاً ، جاء فيه : " وحيث إن هذا الزعم يشكل انحرافاً عن جوهر الشريعة الإسلامية ، وردة عن تعاليم الدين الحنيف ، ومخالفة صريحة لقوله تعالى { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً } ، ودساً خطيراً يبتغي به زاعمه – لأغراض في نفسه – تحويل أنظار المسلمين عن النبي العربي الكريم صاحب الخلق العظيم الذي بعثه الله رحمة للعالمين ومنقذاً للبشرية من الظلمات إلى النور . وبما أن من واجب علماء الدين بيان الحقيقة والمعروف ، والتنديد بالأفكار والتيارات الفاسدة المشبوهة التي تحاول النيل من الإسلام وجوهره ، فقد تدارست جمعية رابطة العلماء في العراق خطورة هذه الأقوال الفاسدة وأثرها في تسميم الفكر ، وتضليل الرأي في المجتمعات الإسلامية وانعكاساتها السلبية في نشر الإسلام في المجتمعات غير الإسلامية . وقررت بالإجماع إصدار هذا البيان تعبيراً عن استنكار علماء الدين في العراق لهذا الزعم الذي أطلقه خميني وتأكيداً على أن مثل هذه التصريحات المضللة مما يثير الفتنة والشكوك في العالم الإسلامي ، ولا ينبغي بحال من الأحوال أن يصدر عن أي مسلم من المسلمين ، والله من وراء القصد " .
هل ارتدع خميني وهو يرى توالي فتوى العلماء من كل مكان شجباً واستنكاراً ، هل تراجع عن أفكاره تلك وهو يرى عقلاء وعلماء الأمة في كل مكان ينكرون ما كتب ؟ . كلا !! لم يتراجع ، ولم يحرك ساكناً ، ولم يقدم اعتذاراً يعلن فيه تبرأه مما قاله من كلمات خطيرة ، وعبارات مسيئة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام . بل أكد على ما ذكره في خطاب جديد ، مما يدلك أنه كان مؤمناً بتلك الآراء مع سبق الإصرار والترصد . ب - أكد خميني ما يعتقده من أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينجح في إقامة نظام حكم بسبب ما يدعيه من غلبة المنافقين ومن أن علياً عليه السلام لم يوفق في كشف الحقائق ، وذلك في خطاب له بمناسبة مولد الإمام الرضا عليه السلام في 9 / آب م1984 . وقد نشرت مجلة ايشيا الأسبوعية ( التي تصدر في مدينة لاهور عن الجماعة الإسلامية المعروفة بجماعة المودودي في عددها الصادر في 29 ذي الحجة 1404 ه الموافق 23 / أيلول / 1984 ) نص الخطاب مع تعليق لاذع تحت عنوان " هذا نفي للإسلام ، وتاريخ الإسلام ، و أمر لا يحتمله حتى الأصدقاء " نقلاً عن مجلة ( امباكت انتر ناشنل _ الصادرة في لندن بتاريخ 24 / 8 / 1984 ،وهي من مجلات الجماعة الإسلامية أيضا ) . ولأهمية هذه المجلة ولوثوقها عند الجماعة الإسلامية التي كانت متعاطفة في بداية الأمر مع نظام خميني
نشير إلى أهم الفقرات من التعليق والخطاب المشار أيليهما ليكون حجة دامغة على كل من لا يزال يرى بصيصاً من الدين في خميني وزمرته .
" إن السيد الخميني وجد احتفال مولد الإمام الرضا فرصة ليظهر ما في ضميره ، وإن الأفكار التي أوردها لا تنفي الإسلام فحسب ، بل تنفي تاريخ الإسلام أيضا إذ قال خميني : " إني متاسف لأمرين ، أحدهما أن نظام الحكم الإسلامي لم ينجح منذ فجر الإسلام إلى يومنا هذا …وحتى في عهد رسول الإسلام صلى الله عليه واله لم يستقم نظام الحكم كما ينبغي " . وكان خميني ( كما يقول التعليق ) يرى أن هدف النبوة الوحيد هو إقامة نظام الحكم كما يريده الإسلام وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينجح في ذلك ، ولكن الفرضين غير صحيحين ، إذ أن هدف النبوة ليس إقامة نظام الحكم فقط فضلاً عن أن النبي صلى الله عليه وسلم نجح في إرساء نظام حكم يكون أسوة للمسلمين في مستقبل حياتهم . ولم يصدق خميني في إطلاق القضيتين .
وقال خميني في خطابه آنف الذكر : ووقع في العصر العلوي نفس الشيء أي لم يحصل النجاح في إقامة الحكم الإسلامي وبقي هذا النقص في عصور بقية الأئمة أيضاً ، فنجد عصر سيدنا علي عليه السلام مليئاً بالحروب والجدال والاضطرابات الداخلية ومؤتمرات المنافقين لذلك لم ينجح علي عليه السلام في إقامة نظام الحكم الذي كان يقصده .
وجاء في نص خطابه كما ورد في المجلة الإسلامية : إن علياً عليه السلام لم تتح له الفرصة لكشف علم الحقيقة ، وعلم الحقيقة هذا هو الذي أخبر النبي علياً في أذنه وقال علي بنفسه : إن العلم الذي أخبر به النبي في أذني يشمل آلاف الأبواب من العلم .والأمر المؤسف هو عدم إتاحة الفرصة للإمام علي وخلفائه من الأئمة من بعده لإظهار هذا العلم ، ولم يجدوا شخصاً يكون أهلاً لتحمل هذا العلم ولبيان المعنى الحقيقي للتعليمات القرآنية ، وهكذا ذهب الإمام ومعه علم الحقيقة ) . ترى بم أجابت المجلة على هذا الكلام ؟ هذا ما ستقرأه في المقال الآتي بإذن الله . وتعلق المجلة على هذه الفقرة فتقول : أليس القرآن الكريم هو منبع العلم ؟
ألم يوضح العلم الذي كان ضرورياً عن طريق القرآن ؟ يجيب عنه خميني بقوله في خطابه : " إن القران اليوم مستور وملفوف ، وإن العلماء والمفكرين قد شرحوا القرآن إلى حد ما ، ومع ذلك لم يكن ما كان ينبغي أن يكون ، وتفاسير القرآن الموجودة من البداية إلى وقتنا هذا ليست تفاسير، بل هي تراجم نجد فيها لمساً للقرآن ، ولكنها لا تستحق أن تعتبر تفسيراً كاملاً للقرآن " .
ثم أضاف خميني قائلاً ومتاسفاً : " الذي لم نجده إلى الآن هو الإنصاف الإلهي ، والذي لم يحصل عليه إلى يومنا هذا . والآن وقد وهبنا الله النجاح بفضله وكرمه نرى بأم أعيننا أن الحكومة الإيرانية الإلهية كيف تحاك المؤتمرات ضدها ؟ وخلاصة هذا الخطاب كما تقول المجلة الناطقة باسم الجماعة الإسلامية السياسية المعروفة في القارة الهندية – " إن النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة المعصومين كلهم قصروا في إقامة نظام الحكم ، وأنهم لم يستطيعوا أن يوصلوا علم القرآن الحقيقي إلى أهل الإيمان ولذلك بقي القرآن اليوم مستوراً وملفوفاً " . سبحانك هذا بهتان عظيم .
لقد صدقت الجماعة الإسلامية حين قالت : إن هذا الخطاب يعني نفي الإسلام وتاريخه ، فالإسلام هو ما جاء به القرآن الكريم . وإذا كان القران مستوراً فالإسلام مستور وملفوف ، وتاريخ الإسلام في صدره الأول هو سيرة النبي وأصحابه الكرام وآله الأطهار ، فإذا لم يكن لنبي سيرة ، ولا لأصحابه تاريخ مشرق ، ولا لآل بيته تراث يستند إليه من الحكم ، فعلى أي أساس يبنى الحكم الإسلامي ؟
لقد وعد الخالق سبحانه نبيه في محكم كتابه ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) فهل خالف الباري وعده ؟
سبحانك إن الله لا يخلف وعده رسله ، فقد أعطاه حتى رضي ، وهل يرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بدون قرآن محفوظ ومفهوم ؟ ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا لهو لحافظون ) .
إنا مثل هذه الأباطيل التي تتناقض مع الحقائق المعلومة من الإسلام بالضرورة لا تصدر عن فكر ملتزم بالإسلام وقيمه ، بل هو الدجل بعينه .
يقول خميني : إن للإمام مقاما محموداً ودرجة سامية, وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون, وإن من ضرورات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لم يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل… ووردَ عنهم عليهم السلام: إن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل)( الحكومة الإسلامية ص 52). وقال أيضاً: (إن تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن لا تخص جيلاً خاصاً وإنما هي تعاليم للجميع في كل عصر ومصر إلى يوم القيامة)( الحكومة الإسلامية 112). أي مسلم يقول هذا الكلام ؟ فضلاً من أن يكون إماماً !! صدر خميني الكثير من الفتاوى والتصريحات قبل ركوبه موجة ثورة الشعوب الإيرانية وبعدها تتناقض أحياناً فيما بينها وتتناقض كثيراً مع الإسلام الذي يدعي الانتماء إليه والعمل بتعاليمه ، والحرص على نشره ولعلي اذكر نماذج من تناقضات خميني وتقلباته في مجالات الفكر والسلوك والفتاوى والتصريحات. وأدعو هنا من يعرف شيئاً عن هذه التناقضات أن يدونها تحت هذا العنوان لنكشف للقارئ الكريم الصورة الحقيقية لخميني في الاحتفالية العاشرة لوفاته .
1 . الملالي والحكم:-
كان خميني طوال السنوات التي قضاها خارج إيران يقول : على رجل الدين أن لا يقوم بأي عمل غير نشر التوحيد ، والتقوى والتعاليم السماوية وتهذيب الأخلاق ( كشف الأسرار لخميني ص 208 ) . وأن رجال الدين الشيعة لا يريدون أن يحكموا إيران ( من حديث لخميني مع وكالة الأنباء الفرنسية 25 \ 10 \ 1978 ) إذ سينحصر عمل رجال الدين في إرشاد و مراقبة أعمال وأفعال الحكام ( من حديث لخميني لمجلة ايوكا الايطالية ملحق كتاب الحكومة الإسلامية ص 178 ) . وأنا لا أريد أن أكون زعيماً للجمهورية الإسلامية ، ولا أريد تولي السلطة ، بل أبقى فقط لإرشاد الناس . ( من حديث لخميني مع صحيفة الغارديان البريطانية في 1 \ 1 \ 1978 ) . إلا أن خميني و قبيل عودته إلى إيران بعد طرده الشاه ، قال في كلمة موجهة إلى الشعوب الإيرانية : اعلموا أنه من غير الممكن أ، تكون هناك حكومة دون ملالي ، فبدون رجال الدين لا تقوم لكم قائمة ، وإذا كنتم تريدون إصلاح البلد ، فذلك سيتعذر عليكم دون رجال الدين ( من تصريحاته في فرنسا بتاريخ 24 \ 11 \ 1978 ) . وبعد رجوعه إلى إيران حرص ورجاله على حصر المراكز الحساسة في النظام في قبضة رجال الدين الموالين له ، والسائرين في فلكه .
الحريات :
كان الخميني وطوال السنوات التي قضاها في المنفى يطالب بقوة بحرية الفكر والرأي والعقيدة ،وكان يعلن عن تأييده وحرصه على حقوق الإنسان ، ويتباكى لضياعها في إيران الشاه ومن أقواله في ذلك :
- في إيران الإسلامية ستكون جميع الأحزاب حره .. إن مجتمعنا القادم سيكون مجتمعاً متحرراً ، وسيتم إنهاء كل أنواع الكبت والقمع والاختناق .
من حديث له مع مجلة ديراشبيغل الألمانية في 7 \ 11 \ 1978 . - - إن حكومة جمهورية إيران الإسلامية حكومة ديمقراطية بالمعنى الحقيقي يستطيع كل شخص في ظلها التعبير عن رأيه . من حديث له مع المراسلين الأجانب في فرنسا بتاريخ 9 \ 11 \ 1978 .
- إن الحكومة التي ندعو إليها حكومة لجمهورية إسلامية قائمة على الديمقراطية والحرية والعدالة ، وعندما نقيم هذه الحكومة سيشهد العالم ما هي .
المصدر السابق .
- نعم لقد قامت تلك الحكومة المزعومة وشهد العالم ، ولكن ماذا شهد غير كبت الحريات ، وتكميم الأفواه ، وإهدار حقوق الإنسان ، وقتل الأبرياء ، ونهب الممتلكات ، وحل الأحزاب ومطاردة عناصرها وتصفية قيادتها .. نعم لقد شهد العالم حقاً ، والخميني نفسه غير شاهد ، استمع إليه يقول : - إن الذين يعتقدون أنهم مثقفون ، والذين يصدرون الصحف ويقيمون لجبهات السياسة عليهم أن يتركوا هذه الأعمال ، لأننا لا نستطيع أن نعطيهم الحرية ، ولا نستطيع أن نمهلهم ولا نسمح به اليوم أبداً لأية نشرة لهؤلاء بأن توزع ، وسوف نقضي على جميع مطبوعاتهم . من تصريحاته في قم بتاريخ 18 \ 7 \ 1979 . - إنني أوصيكم أيها المعارضون بأن لا تعقدوا الاجتماعات ولا تثرثروا ، ولا توزعوا المنشورات إن تجرأتم ، وأخرجتم رؤوسكم سأصفعكم على وجوهكم . من تصريحاته في قم بتاريخ 22 \ 10 \ 1979 . - ونحن بدورنا لا يسعنا إلا أن نهنى الشعوب الإيرانية على هذه الحرية التي متعهم بها خميني في ظل حكومته الديمقراطية جداً ، ونتساءل في الوقت ذاته : لم استبدل خميني الصفع على الوجه بالصفع على القفا ، وبالتعليق على أعمدة الكهرباء ؟
والذي يعنينا هنا حجم الحرية العظيمة التي وفرها خميني وأتباعه من بعده لأهل السنة هناك . وإذا أردت أن تعرف ما وفره هؤلاء الرافضة لأهل السنة من حرية عظيمة رائعة
فارجع إلى هذا العنوان :
www.isl.oصلى الله عليه وسلمg.uk
عندها وعندها فقط ستدرك كم أحب هؤلاء الرافضة أهل السنة ؟ !!!
الخميني وتفضيل الأئمة على الأنبياء
محمد مال الله (رحمه الله)
مقدمة
الأئمة أفضل من الأنبياء عليهم السلام
إنكار الأنبياء ولاية علي والأئمة
تفضيل الخميني المهدي المنتظر على النبي والأنبياء
فشل النبي في دعوته، والذي ينجح في الدعوة هو الإمام المهدي !!
عيد المهدي المنتظر أكبر من عيد ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم !!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين . . .
وبعد .
افتتن أكثر الشباب الإسلامي بشخصية الخميني واعتبروه الرجل الذي سوف يطبق الإسلام ويعيد له هيبته بل إن بعض الأشخاص قال بأنه بشارة المصطفى صلى الله عليه وسلم .
ولقد علمت أن بعض الاخوة الفلسطينيين قد اعتنقوا عقيدة التشيع التي ينادي بها الخميني. وذلك كله بعد أن صرح الخميني باستعداده بتحرير فلسطين ومساعدة المنظمة بكافة الإمكانيات المتاحة حتى ينالوا استقلالهم ويجلوا الصهاينة عن الأرض المغتصبة . وكان من سوء حظ المنظمة أنها بليت بزعماء همهم المتاجرة بالقضية الفلسطينية والإثراء عن طريقها وكان أحد زعماء المنظمة أول الزوار لطهران مهنئا الخميني ولما رجع من طهران خطب وحاضر في
جموعه مشيدا بمآثر الخميني وزهده وتواضعه وأنه جلس في بيته على الحصير يأكل من الزيتون والبيض معه .
من البيض والزيتون كان صاحبنا يستمد إلهاماته وخواطره ... أما عقيدة الخميني وكتبه ومخططاته فلا يعرف عنها شيئا... (1) .
ومنذ أكثر من عام وفقني الله في تسطير رسالة متواضعة "موقف الخميني من أهل السنة " والحمد لله لاقت استحسان أكثر لشباب الإسلامي وأتت بنتيجة نحمد الله عليها . وقد طلب مني بعض الاخوة الكرام أن أقوم بتناول عقيدة الخميني بصورة مبسطه على كل رسائل صغيرة لتسهيل قراءتها واقتنائها ولتوزع على أوسع نطاق ممكن . فاستخرت الله تعالى واستجبت لطلبهم فقمت بتسطير هذه الورقات المتواضعة راجيا من الحق تبارك وتعالى أن تؤتي ثمارها .
وهذه الرسالة المتواضعة تتناول موضوعا في غاية الأهمية، وأن معتقده كافر كما اتفق عليه أكثر العلماء ، لم يكن ببال أحد أن يفضل الخميني الأئمة على الأنبياء عليه السلام بل تجرأ إلى تفضيل خرافة المهدي السرداب على سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم.
ـــــــــــــ
(1) انظر وجاء دور المجوس ص 6 وننصح كافة القراء بقراءته .
وإن شاء الله تعالى في رسالة القادمة سوف نتناول الخميني وتزييف التاريخ ليكون الشباب المسلم على علم بحقيقة الخميني وعقائده . قد سلكنا في هذه الورقات منهج الدليل لا الحدس والتخمين والمنهجية العلمية الموضوعية بدل الافتراء .
وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين ،،،
بيروت في 25/5/1983
أبو عبد الرحمن
محمد مال الله
الأئمة أفضل من الأنبياء عليهم السلام
تاهت البشرية في دياجير الظلام وضلت عن عبادة خالقها ومن هو أحق بالعبادة لمن آلهة مزعومة لا تملك لهم نفعا ولا ضرا .
ومن رحمة الله سبحانه وتعالى بخلقه أن أرسل إلى كل قوم من يعرفهم بربهم ويرغبهم بما أعد لهم من النعيم الأبدي الذي لا ينقض ويرهبهم من العذاب الذي ينتظرهم إن هم ضلوا الطريق واستحبوا العمى على الهدى .
وأولئك المرسلون هم صفوة خلق الله تعالى أضفى عليهم وخصهم بمواهب عقلية وروحية لكي يكونوا مستعدين لتلقي أوامر الحق تبارك وتعالى وتبليغها إلى من أرسلوا لهم .
وما ذلك الاصطفاء إلا ليقوي من عزمهم على القيام بأعباء ما تنوء به الجبال الرواسي وليكونوا نماذج حيه ؟مترجمين عمليا لما يدعون الناس إليه .
ومثل هؤلاء لا يمكن إلا أن يكونوا معصومين من التورط في الإثم ومنزهين عن الوقوع في المعاصي ، فلا يتركون واجبا ولا يفعلون محرما ، ولا يتصفون إلا بالأخلاق العظيمة التي تجعل منهم القدوة الحسنة والمثل الأعلى الذي يتجه إليه الناس هم يحاولون الوصول إلى كمالهم المقدر لهم والله سبحانه تعالى هو الذي تولى تأديبهم وتهذيبهم ولربيتهم وتعليمهم حتى كانوا قمما شامخة وأهلا للاصطفاء والاجتباء (2).
والأنبياء عليهم السلام أفضل خلق الله تعالى وأفضلهم المصطفى عليه الصلاة والسلام . ولكن بعض الطوائف المنتسبة إلى الاسلام والمتدثرة بردائه فضلت أناسا هم في الفضل والمنزلة دون أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وعلى الأنبياء عليهم السلام بل تجرأ أحد حاخاماتهم في العصر الحاضر إلى تفضيل خرافة السرداب على سيد ولد آدم عليه السلام . ذلك هو اعتقاد الشيعة الرافضة في الأنبياء عليهم السلام فضلا رمي الله سبحانه وتعالى بالجهل والنسيان ومن كان هذا سوء أدبه مع من خلقه فكيف بمن هو دونه، تعالى الله يقول أحفاد عبد الله سبأ علوا كبيرا (3).
ـــــــــــــــــ
(2) العقائد الإسلامية للشيخ سيد السابق ص 177 .
(3) انظر إله الشيعة غير إله السنة من كتابنا " موقف الشيعة من أهل السنة ".
وتفضيل الشيعة للأئمة المعصومين على الأنبياء عليهم السلام ليس افتراء أو رمي الشيعة مما هي براء منهم وبما أننا التزمنا المنهج العلمي الموضوعي في عرض عقائد الشيعة من مصادرهم ننقل هنا ماله علاقة بهذه الجزئية لئلا يقال إننا عملنا بالحدس والتخمين بدل الاستدلال وإبراز الدليل .
يقول شيخهم الملقب عندهم بالمفيد وهو من الحاخامات المعتمدة لدى الشيعة :
قد قطع قوم من أهل الإمامة بفضل الأئمة (ع) من آل محمدصلى الله عليه وسلم على سائر من تقدم من الرسل والأنبياء سوى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (4) .
وكعادة الشيعة فقد وضعتا روايات كثيرة تفيد أفضلية الأئمة على الأنبياء عليهم السلام وتلك لم ترد في صحيح البخاري أو مسلم حتى تنعق الشيعة بان هذا كذب وافترا، بل هي مذكورة في كتاب الإفك والضلال "الكافي " للكليني وغيره من كتب أحبارهم . ونذكر على سبيل المثال لا الحصر بعض الروايات وأرجو من أخي القارئ أن لا يتقيأ بعد إتمام ذكرها :
1- عن سيف التمار:
كنا عند أبي عبد الله (ع) جماعة من الشيعة في الحجر فقال: علينا عين؟
فالتفتنا يمنه ويسره فلم نرى أحدا فقلنا: ليس علينها عين .
فقال : ورب الكعبة ورب البنية - ثلاث مرات – لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما أني أعلم منهما ولأنبئنهما بما ليس في أيديهما، لأن موسى والخضر عليهما السلام أعطيا علم مكان ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة وقد ورثناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم (5) .
2- عن عبد الله بن الوليد قال : قال لي أبو عبد الله (ع): أي شيء تقول الشيعة في عيسى وموسى وأمير المؤمنين (ع) ؟
قلت : يقولون : أن عيسى وموسى أفضل من أمير المؤمنين عليه السلام .
قال : أيزعمون أن أمير المؤمنين قد علم ما علّم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
قلت: نعم ... ولكن لا يقدمون على أولي العزم من الرسل أحدا . قال : فخاصمهم بكتاب الله
قلت : وفي أي موضوع منه أخاصمهم ؟
قال : قال الله تبارك وتعالى لموسى عليه السلام : وكتبنا له في الألواح من كل شيء فعلمنا
ــــــــــــــ
(4) أوائل المقالات للمفيد ص42 باب القول في المفاضلة بين الأئمة والأنبياء.
(5) الأصول من الكافي 1 / 612 -262 كتاب الحجة باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون عليه ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم الشيء .
أنه لم يكتب لموسى كل شيء ،وقال الله تبارك وتعالى لعيسى ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه وقال الله تبارك وتعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم (( وجئنا بك شهيدا على هؤلاء)) (( ونزلنا عليك كتاب تبيانا لكل شيء )) (6).
3- عن عبد الله بن بكيرعن أبي عبد الله (ع) قال: كنت عنده فذكروا سليمان وما أعطي من العلم وما أوتي من الملك . فقال لي : وما أعطي سليمان بن داود ؟ إنما كان عنده حرف واحد من الاسم الأعظم وصاحبكم الذي قال الله (( قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب )) وكان والله عند علي (ع) علم الكتاب .
فقلت : صدقت والله جعلت فداك (7) .
4- عن عبد الملك بن سليمان قال: وجد في ذخيرة أحد حواري عيسى في رق مكتوب بالقلم السرياني من منقور من التوراة وذلك : لما تشاجرا موسى والخضر عليهما السلام في قصة السفينة والغلام والجدار، ورجع موسى إلى قومه فسأله أخوه هارون عما استعمله من الخضر وشاهده من عجائب البحر فقال موسى عليه السلام: بينما أنا والخضر على شاطئ البحر إذ سقط بيننا طائر أخذ في منقاره قطرة من ماء البحر ورمى بها نحو المشرق، وأخذ منه ثانية ورمى بها نحو المغرب ، ثم أخذ الثالثة ورمى بها نحو السماء ثم أخذ رابعة ورمى بها نحو الأرض ثم أخذ خامسة وألقاها في البر. فيهت والخضر عليه السلام من ذلك وسألته عنه فقال : لا أعلم . فبينما نحن كذلك وإذا بصياد يصيد في الجحر فنظر إلينا فقال : مالي أراكما في فكرة من أمر الطائر. فقلنا: هو كذلك. فقال : أنا رجل صياد وقد علمت إشارته وأنتما نبيان لا تعلمان . فقلنا: لا نعلم إلا ما علمنا الله عز وجل .
فقال : هذا الطائر يسمى مسلما لأنه إذا صاح يقول في صياحه مسلم. وأشار برمي الماء من منقاره نحو المشرق والمغرب والسماء والأرض وفي الجحر يقول : يأتي في آخر الزمان نبي يكون علم أهل المشرق والمغرب والسموات والارض عند علومه بمثل هذه القطرة الملقاة في هذا البحر ويرث علمه ابن عمه ووصيه علي بن أبي طالب عليه السلام . فعند ذلك سكن ما كنا فيه من التشاجر واستقل كل واحد منا علمه (8) .
ــــــــــــــــ
(6) بصائر الدرجات ص 227 لمحمد بن الحسن الصفار. نقلا عن "ينابيع المعاجم وأصول الدلائل " ص 6-7 باب إنهم عليهم السلام يعلمون جميع القرآن "
(7) المصدر السابق ص15 باب " انهم عليهم السلام ومن عنده علم الكتاب " .
(8) المصدر السابق ص 21 .
5- عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع ) قال: كان سليمان عنده اسم الله الأكبر الذي إذا سأله أعطى وإذا دعا به أجاب ،ولو كان اليوم لاحتاج إلينا (9) .
6- عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: سئل علي (ع) عن علم النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: علم النبي صلى الله عليه وسلم جميع علم النبيين وعلم ما كان وعلم ما هو كائن إلى قيام الساعة . ثم قال : والذي نفسي بيده إني لأعلم علم النبيين وعلم مكان وعلم ما هو كائن فيما بيني وبين الساعة (10).
7- عن الحسين بن علوان عن أبي عبد الله (ع ) قال : إن الله خلق أولي العزم من الرسل وفضلهم بالعلم وأورثنا علمهم وفضلنا عليهم في علمهم وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يعلموا، وعلمنا علم الرسل وعلمهم (11) .
8- عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله (ع): إن سليمان ورث داود ، وإنا ورثنا محمدا ، وإن عندنا علم التوراة والإنجيل والزبور وتبيان مإ في الألواح (12).
9- عن أحمد بن حماد عن إبراهيم عن أبيه عن أبي الحسن الأول (ع) قال: قلت له : جعلت فداك أخبرني عن النبي صلى الله عليه وسلم : ورث النبيين كلهم ؟ قال : نعم .
قلت : من لدن آدم حتى انتهى إلى نفسه ؟ قال : ما بعث الله نبيا إلا ومحمد صلى الله عليه وسلم أعلم منه . قال : قلتا: إن عيسى بن مريم كان يحي الموتى بإذن الله. قال : صدقت وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدر على هذه المنازل. قال: فقال: إن سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده وشك في أمره (( فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغافلين ))، فغضب عليه فقال: (( لأعذبنه عذابا شديدا أو ليأتيني بسلطان مبين )) وإنما غضب لأنه يدله على الماء، فهذا - وهو طائر- قد أعطي ما لم يعط سليمان، وقد كانت له الريح والنمل والإنس والجن والشياطين والمردة له طائعين، ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء، وكان الطير يعرفه وإن الله يقول (( ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى)) وقد ورثنا نحن القرآن الذي فيه تسيّر تسيّر به الجبال وتقطع به البلدان ، وتحيى به الموتى، ونحن نعرف الماء تحط الهواء، وأن في كتاب الله لآيات ما يراد بها أمر إلا أن يأذن الله به به ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون ، جعله الله لنا في أم الكتاب
ـــــــــــــــــ
(9) المصدر السابق ص 31 "باب أنهم (ع) أعطاهم الله جل جلاله سمه الأعظم"
(10) المصدر السابق ص 37 "باب عندهم(ع) علم ما في السموات وما في الأرض " .
(11) المصدر السابق ص 38 نفس الباب السابق .
(12) الأصول من الكافي 1 /24 ة باب إن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم .
إن الله يقول : (( وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب بين )) ثم قال : (( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا)) فنحن الذين اصطفانا الله عز وجل وأورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شيء (13).
10- عن الرضا عن آبائه عن عني (ع)قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما خلق الله خلقا أفضل مني ولام أكرم عليه مني. قال علي (ع) : قلت : يا رسول الله فأنت أفضل أو جبريل عليه السلام ؟ فقال: يا علي إن الله فضل أنبيائه المرسلين على ملائكته المقربين وفضلني على جميع الأنبياء والمرسلين والفضل من بعدي لك وللأئمة من بعدك وإن الملائكة لخدامنا وخدام محبينا. يا علي: الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا . يا علي : لولانا ما خلق الله آدم ولا حواء ولا الجنة ولا النار ولا السماء ولا الأرض فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى معرفة ربنا وتسبيحه وتقديسه لأن أول ما خلق الله خلق أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وبتمجيده وبتحميده ثم خلق الملائكة فلما شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمرنا فسبحنا لتعلم الملائكة أنا خلق مخلوقون وأنه منزه عن صفاتنا فسبحت الملائكة بتسبيحنا000 الخ (14) .
والشيعة تزعم ان الله تعالى لم يخلق خلقا ولم يبعث رسولا إلا وأخذ عليه العهد بالدعوة إلى موالاة وولاية محمد صلى الله عليه وسلم وعلي رضي الله عنه والأوصياء من بعده فقد ورد في تفسير العسكري ، أنه قال: إن ولاية محمد وآل محمد صلى الله عليه وسلم هي الغرض الأقصى والمراد الأفضل ،ما خلق الله أحدا من خلقه ، ولا بعث أحدا من رسله إلا ليدعوهم إلى ولاية محمد وعلي وخلفائه ويأخذ عليهم العهد ليقيموا عليه، وليعلموا به سائر عوام الأمم (15) .
وعن محمد بن عبد الرحمن قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ولايتنا ولاية الله التي لم يبعث نبي إلا بها(16) .
ولا تكتمل نبوة الأنبياء إلا بالإقرار بذلك .
ـــــــــــــــ
(13) المصدر السابق 1 /226 .
(14) مقدمة "تفسير مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار" لأبي الحسن العاملي ص 31 " الفصل الخامس في أن رسول الله والأئمة علة خلق الخلق " .
(15) المصدر السابق ص 25 الفصل الرابع : في عرض التوحيد والولاية على الخلق جميعا.
(16) المصدر السابق ص 25 وفي رواية أخرى عن عبد الأعلى قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما من نبي جاء قط إلا بمعرفة حقنا وتفضيلنا على من سرانا.
فعن حذبفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تكاملت النبوة لنبي حتى عرضت عليه ولايتي وولاية أهل بيتي ومثلوا له فأقروا بطاعتهم وولايتهم (17) .
وإن يونس عليه السلام أنكر تلك الموالاة فحبسه الله تعالى في بطن الحوت ولم يفرج عنه حتى أقر بها .
فعن حبة العرني قال : قال أمير المؤمنين (ع): إن الله عز وجل عرض ولايتي على أهل السموات وعلى أهل الأرض أقر بها من أقر بها وأنكرها من أنكرها، منهم يونس فحبسه الله في بطن الحوت حتى أقر بها. . (18).
وعن أبي حمرة الثمالي قال : دخل عبد الله بن عمر على زين العابدين (ع) وقال له : يا ابن الحسين أنت الذي تقول : إن يونس بن متى إنما لقي من الحوت ما لقي ؟ لأنه عرضت عليه ولاية جدك فتوقف عندها ؟ قال (ع): بلى ثكلتك أمك . قال : فأرني آيه ذلك إن كنت من الصادقين. فأمر بشد عينه بعصابة وعيني بعصابة ثم أمر بعد ساعة بفتح أعيننا فإذا نحن على شاطئ بحر تضطرب أمواجه. فقال ابن عمر: يا سيدي دمي في رقبتك الله الله في نفسي. ثم قال عليه السلام : أيتها الحوت. قال : فاطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم وهو يقول : لبيك لبيك يا ولي الله. فقال: من أنت ؟ قال : أنا حوت يونس يا سيدي إن الله لم يبعث نبيا من آدم إلى أن صار جدك محمدا صلى الله عليه وسلم إلا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلص ومن توقف عنها وتتعتع(19) في حملها لقي ما لقي آدم عليه السلام من المصيبة، وما لقي نوح عليه السلام من الغرق، وما لقي إبراهيم عليه السلام من النار، وما لقي يوسف عليه السلام من الجب، وما لقي أيوب عليه السلام من البلاء، وما لقي داود عليه السلام من الخطيئة ،إلى أن بعث الله يونسا عليه السلام فأوحى الله إليه أن يا يونس تول أمير المؤمنين عليا والأئمة الراشدين من صلبه . فقال كيف أتولى من لم أره ولم أعرفه ؟ وذهب مغاضبا فأوحى الله تعالى إليّ أن التقمي يونس ولا توهني له عظما فمكث قي بطني أربعين عاما يطوف معي البحار في ظلمات ثلاث ينادي : أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين قد قبلت ولاية علي بن أبي طالب والأئمة الراشدين من ولده عليهم السلام . فلما آمن بولايتكم أمرني ربي فقذفته على ساحل البحر. فقال زين العابدين عليه السلام : ارجعي أيتها الحوت إلى وكرك فرجع الحوت واستوى الماء (20) .
ـــــــــــــ
(17) المصدر السابق .
(18) المصدر السابق
(19) تردد .
(20) " الانوار النعمانية " 1 / 24-5 2
آدم عليه السلام لم يتب الله تعالى عليه ولم يرده إلى الجنة إلا بالإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وبالولاية لعلي رضي الله عنه، وكذلك إبراهيم عليه السلام لم يتخذه الله خليلا، ولم يكلم الله تعالى موسى عليه السلام، ولم يبعث الله عيسى عليه السلام إلا بذلك .
عن المقداد رضي الله عنه قال : سمعت صلى الله عليه وسلم يقول : والذي نفسي بيده ما استوجبن آدم أن يخلقه الله وينفخ فيه من روحه وأن يتوب عليه ويرده إلى جنته إلا بنبوتي والولاية لعلي بعدي . والذي نفسي بيده ما رأى إبراهيم ملكوت السموات ولا اتخذه الله خليلا إلا بنبوتي ومعرفة علي بعدي . والذي نفسي بيده ما كلم الله موسى تكليم ولا أقام عيسى آيه للعالمين إلا بنبوتي والإقرار لعلي من بعدي والذي نسي بيده ما تنبأ نبي قط إلا بنبوتي بمعرفتي والإقرار لنا بالولاية ولا استأهل خلق من الله النظر إلا بالعبودية الإقرار لعلي بعدي (21).
الإمام علي رضي الله عنه هو الذي جعل النار بردأ وسلاما على إبراهيم عليه السلام وأنجا نوحا من لغرق وعلم موسى عليه السلام التوراة وأنطق عيسى عليه السلام وهو في المهد وعلمه الانجيل وأنجا يوسف من كيد إخوته وسخر لسليمان عليه السلام الريح .
عن علي عليه السلام : والله لقد كنت مع إبراهيم في النار وأنا الذي جعلتها بردا وسلاما، وكنت مع نوح في السفينة فأنجيته من الغرق، وكنت مع موسى فعلمته التوراة، وأنطقت عيسى في المهد، وعلمته الانجيل، وكنت مع يوسف في الجب فأنجيته من كيد إخوته ، وكنت مع سليمان على البساط ، وسخرت له الرياح (22).
ويفترون على رسول اللهصلى الله عليه وسلم: يا علي إن الله تعالى قال لي : يا محمد بعثت عليا مع الأنبياء باطنا ومعك ظاهرا (23) .
فالإمام عالي رضي الله عنه نبي مرسال وإن الله بعثه مع النبي صلى الله عليه وسلم في بتبليغ ما أمر الله تعالى أن يبلغ . وإن الأئمة جميعهم بمنزلة النبي صلى الله عليه وسلم في كل شيء ما عدا ما أحل الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم من نكاح النساء .
عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: الأئمة بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنهم ليسوا بأنبياء ولا يحل لهم من النساء ما يحل للنبي صلى الله عليه وسلم فأما خلا ذلك فهم فيه بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم (24) .
ــــــــــــــ
(21) مرآة الأنوار ص 25 ، (22) الأنوار النعمانية 1 / 31 .
(23) الأنوار النعمانية ا /30 .
(24) الأصول من الكافي 1 / 270 .
ولا نعرف كيف أنهم ليسوا بأنبياء وقد شاركوا النبي صلى الله عليه وسلم في الوحي والعصمة والتبليغ ؟ والحقيقة أن الشيعة تعد الأئمة جميعهم أفضل من النبي صلى الله عليه وسلم بدءا من الإمام رضي الله عنه وانتهاءا بالمهدي خرافة السرداب . وسوف تراه أخي القارئ في عقيدة الشيعة في الأئمة حيث أوردنا الدليل والبرهان من كتب الشيعة على صحة قولهم هذا. ونذكر هنا قولا للخميني يدل على ذلك والتفصيل محله مكان آخر من عقيدة الشيعة في الأئمة .
وتلك العقيدة لم تكن تمثل حقبة تاريخية معينة بل هي ركيزة من ركائز عقيدة التشيع وليس أدل على ذلك من تمسك شيعة القرن الحالي بهذه العقيدة فهذا الخميني أكبر شخصية شيعية في العمر الحاضر يجتر ذلك الافتراء فيقول :
" وأن من ضرورات مذهبنا أن لأئمتنا مقاما لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل وقوله : قد ورد عن الأئمة قولهم : إن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل " (25) .
ولم يكتف بهذا الهراء بل سبح في غيا وضلالاته، فتفوه بكلام تكاد السموات والأرض يتفطرن منه، وهو يفضل خرافة لاوجود لها على سيد المرسلين وإمام الموحدين المصطفى عليه الصلاة والسلام فيقول :
" الأنبياء جميعا جاؤوا من أجال إرساء قواعد العدالة في العالم لكنهم لم ينجحوا... وحتى أن النبي محمدا صلى الله عليه وآله وسلم خاتم الأنبياء الذي جاء لإصلاح البشرية وتنفيذ العدالة لم ينجح في عهده ... وإن الشخص الذي سينجح في ذلك ويرسي قواعد العدالة في أنحاء العالم ، ويقوم الانحرافات ،هو الإمام المهدي المنتظر... وإن مسألة غيبة الإمام المهدي (ع) أرواحنا له الفداء، هي مسالة هامة تعلمنا أشياء كثيرة، ومن بينها أنه لا يوجد في العالم أحد سواه من أجل تنفيذ العدالة بمعناها الحقيقي وإن الله تعالى قد أبقاه ذخرا من أجل البشرية (26).
ويضيف قائلا :
" إن الإمام المهدي (ع) سيعمل على نشر العدالة في جميع أنحاء العالم وسينجح فيما فشل في تحقيقه الأنبياء والأولياء بسبب العراقيل التي كانت في طريقهم وإن السبب الذي أطال
ــــــــــــ
(25) الحكومة الإسلامية ص 52 .
(26) من خطبة للخميني بمناسبة عيد مولد الغائب الذي لم يرجع والتائه الذي لم يستدل على طريق في الخامس عشر من شعبان عام 1400هـ ونشرته أكثر الصحف العربية ولم يصدر تكذيب رسمي من إيران على هذه المزاعم المجوسية .
الله سبحانه وتعالى من أجله عمر الإمام المهدي (ع) هو أنه لم يكن بين البشرية من يستطيع القيام بمثل هذا العمل الكبير حتى الأنبياء والأولياء وأجداد الإمام المهدي عليه السلام لم ينجحوا في تحقيق ما جاؤوا من أجله ولو كان الإمام المهدى عليه السلام التحق بجوار ربه لما كان هناك أحد بين البشر لإرساء العدالة وتنفيذها في العالم " (27).
ويصف المهدي الخرافة بأنه الرجل الأول، والباقي من الأنبياء والمرسلين هم في المرتبة التالية منه وإن عيد خرافة السرداب أكبر وأعظم للبشرية من ميلاد خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وآله وصحبه أجمعين فيقول : " إن هذا العيد الذي هو عيد كبير بالنسبة للمسلمين أكبر من ميلاد النبي عليه الصلاة والسلام .
موقف الخميني من الشيعة والتشيع
إن الباحث المتعمق في دراسة مذهبي أهل السنة والجماعة، والشيعة الجعفرية الإمامية ، لا بد وأن يصل إلى نتيجة حتمية هي أنه لا يمكن أن يتلاقى المذهبان، ولا يمكن أن يتقاربا ، إلا إذا استطعنا أن نجمع بين النقيضينن كالجمع بين الليل والنهار، والفجر والقمر، في آن واحد .
إذا تقرر هذا عند أهل السنة فانهم لن ينخدعوا بالألفاظ المعسولة الجميلة التي تصدر عن السنة دعاة التشيع تدليسا على أهل السنة ومكرا بهم، كي يدفعوا بهم إلى التشيع وكي يلبسوا عليهم دينهم، إن دعاة التقريب يعلمون أنه لا سبيل التقريب إلا بأن تتحول السنة إلى شيعة، أو الشيعة إلى سنة، ويغير ذلك فلا تقارب ولا تقريب .
وما كنا لتناول هذا الموضوع بالبحث والبيان لولا ما أثير في هذه الأيام من بعض أهل السنة الذين اغتروا بباطل الخميني الذي وصل إلى السلطة فيإيران بعد أن حطم حكومة الشاه، وأقام دولة الشيعية على أشلائها .
وبادئ ذي بدء لسنا مع طاغية إيران الشاه، المخلوع، فإن باطله أشهر من أن يذكر، وضلاله لا يحتاج إلى إقامة الدليل .
ولكننا نرفض فضا قاطعا أن ننحاز إلى باطل في مقابل باطل، فالشاه طاغوت ضال، والحركة التي قلبت كرسيه حركة شيعية، لها عقيدتها الضالة، ومذهبها المنحرف، وفقهها الذي يبنى على الأصول التي ارتضاها أهل السنة والجماعة .
وقد كنا إلى عهد قريب نرى أقواما ينكرون على الشيعة عقيدتهم، فإذا بهم اليوم يزعمون أن الخميني رجل معتدل، وأن الحركة الشيعية في إيران حركة صحيحة قويمة صالحة، جاءت لإقامة حكم سليم، وأخذ هؤلاء المخدوعون من أهل السنة يدعون إلى التضامن مع الشيعة ومناصرتهم وتأييدهم .
وكنا نود أن يكو ظن هؤلاء صائبا صادقا، وأن يكون الخميني شيعيا معتدلا، معتدلا في نظرته إلى الأئمة الإثني عشر، وفي نظرته إلى الخلفاء الراشدين، وفي نظرته إلى حكام الأمة الإسلامية، وإلى الصحابة والسلف الصالح .
ولكن ظن هؤلاء هو مجرد ظن ، فالخميني داعية شيعي، غارق في التشيع، ولا نستطيع أن نصفه بالاعتدال .
فهو يرى أن الأئمة الاثني عشر أفضل من الملائكة والأنبياء، والرسل، فضلا عن أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة .
ويروي أن الذين انتزعوا الحكم من الأئمة ظلمة وطغاة، وأن من يستحق الولاية من بعد الأئمة هم فقهاء الشيعة دون سواهم، فلا يجوز أن يتسنم مدة الحكم إلا إمام شيعي أو فقيه شيعي بحفظ نصوص الأئمة وأحاديثهم وأقوالهم .
الخميني يدعو إلى التشيع، ويراه المذهب الحق، ويعتقد عقيدة الشيعة، ومن جملة ذلك! اعتقاده بخرافة غيبة الإمام محمد بن الحسن العسكري، ويرى كما يرى الشيعة، صحة رجعته .
وكنا نود أن لا نكتب في هذا الموضوع، ولكن البيان واجب، ونخشى أن يؤاخذنا الله إن لم نقم بكشف بالباطل ودحضه، وإظهار الحق وإبرازه .
نحن نريد أن لا يمكن للمذهب الشيعي في ديار أهل السنة، فقد تهاون أهل السنة في العراق في مقاومة باطل الشيعة، فكانت النتيجة أن تحولت لأكثرية السنية في العراق إلى أكثرية شيعية .
ومنذ البداية كثر الشيعة عن أنيابهم، فما كادوا يتسلمون زمام الحكم حتى صرح خطيب شيعي في خطبة منقولة من الإذاعة والتلفزيون الإيراني بأنهم قريبا سيفتحون مكة وبغداد وفي الصفحة الأخيرة من كتاب الخميني: الحكومة الإسلامية يقول صلاح خريط في مجلة صوت الخليج " إني أرى الرايات السود قد قرب موعدها " .
قد ينكر المتعاطفون مع الخميني مثل هذه الكلمات، وقد ينتحلون الأعذار بأن قالها، ويقولون: أنه حاقد متعصب، والخميني وجماعته ليسوا كذلك.
ولهؤلاء نقول: طيبوا نفسا، وقروا عينا ، فإننا سنقاضي الخميني إلى كتابته المسطرة المنشورة، لن نحسته بكلام خصومة،ولن نحاسبه على أقوال أتباعه، ولن نحاسبه إلى كلامه المنطوق، بل إلى كتاباته المسطرة، والتي نشرها بين صفوف أهل السنة، ليغذيهم بكفره، ويبرر لهم نظرياته، ومذهبه وعقيدته.
فالحركة في إيران ما كادت تتولى دفة الحكم حتى دفعت إلى المطابع في بيروت وفي الكويت بكتاب الخميني" الحكومة الإسلامية " الذي كان قد نشر في العراق سنة 1970 عندما كانت الخلافات مستحكمة بين البعث والشاه . فقد طبعت دار الطليعة في بيروت هذا الكتاب في هذا العام في ربيع الأول 1399ه آذار (مارس) 1979.
وصدرت طبعة أخرى مقاربة لطبعة بيروت أو بعدها بقليل في الكويت نشرتها مطابع صوت الخليج بالذات .
وفي السطر الأول من تعريف الناشر للكتاب في طبعة بيروت يقول: ( هذا الكتاب مجموعة من محاضرات آية الله الخميني، قدمته الحركة الإسلامية في إيران تحت عنوان(الحكومة الإسلامية)ص1)(1) من التعريف .
وفي ركن الصفحة الأولى من طبعة الكبت تجد هذا العنوان يصدر الكتاب ( الحركة الإسلامية في إيران ) .
وهذا يدلنا على أن الكتاب مرضى عنه من الخميني نفسه بكل المعلومات التي وردت فيه ومرضى عنه من قبل الحركة في إيران، وليس هناك مجال لرد ما في الكتاب أو التشكيك في الاحتجاج بنصوصه، ومقتضاه الخميني إلى كلامه الذي سطره فيه .
والكتاب وإن كان جملته محاضرات قيلت منذ عشر سنوات، إلا أن هذه المحاضرات كما يقول الناشر ( تتيح متابعة أفضل لتطورات الثورة الإيرانية الحالية ولاحتمالات تأثيرها الإيجابي على المنطقة العربية والعالم أجمع ) ( التعريف ص "ه" ).
الغرض من تأليف الكتاب
قد ينخدع القارئ الذي لا يتعمق في الدراسة والبحث، عندما يتصفح الكتاب أو يقرأه قراءة عابرة، ذلك أن الخميني منطلق في هذا الكتاب من منطلق إصلاح أوضاع الأمة المتردية بسبب سيطرة الحكام الظلمة على الحكم وهو يريد للمسلمين أن يتحركوا لتغيير الأوضاع. وهذا كلام جميل في ظاهرة، إلا أن الخميني ركز حديثه في الكتاب حول قضية واحدة: خلاصتها أن الحكم محصور في الأئمة وهم اثنا عشر إمام وكل من نازعهم الحكم فهو ظالم .
وبما أن الأئمة لم يستمر وجودهم، وتوقف ظهورهم باختفاء الإمام الثاني عشر، فإنه يرى أن لا يتوقف، النضال من أجل تسلم الحكم، ويرى أن الأشخاص الذين يناط بهم قيام الدولة، هم فقهاء الشيعة الذين رووا أحاديث الأئمة،وعلموا علمهم دون سواهم .
وهو في ذلك يخطئ من يرى من الشيعة أن من الواجب انتظار الإمام الغائب، وليس عليهم المجاهدة لتسلم الحكم، ويحتكم بذلك إلى الأدلة العقلية والنصوص التي وجدها في كتاب الشيعة لإثبات ما يراه .
فهذه القضية التي يعالجها الخميني،وهي صلب الكتاب ومعناه، قضية تطعن أهل السنة في الصميم، فهو يرى أن سعي أهل السنة للحكم ظلم وجور، وأن الذين يستحقون قول الولاية هم فقهاء الشيعة فحسب ومما استدل به الخميني على مذهبه قول إمامهم أن القضاء محصور بمن كان نبيا أو وصي نبي، والفقيه ( ويعين به الشيعي طبعا) هو وصي النبي، وفي عصر الغيبة يكون إمام المسلمين و قائدهم والقاضي بالقسط دون سواه(ص76) وينقل لنا الخميني قول الإمام الغائب الذي جاء منه حال الغيبة ( وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواه حديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله ) (ص77) .
ويقول في ص49 ( وقد فوض الله الحكومة الإسلامية الفعلية المفروض تشكيلها في زمن الغيب نفس ما فوضه إلى النبي ص وأمير المؤمنين ..) .
هذه هي القضية الأساسية التي يدور حولها الكتاب. وقد نوره به في الصفحة الأولى من الكتاب، وعرف به أيضا، حين ذكر بالخط الواضح الكبير اسم كتابه ( دروس فقهية ألقاها سماحة الإمام الخميني، والمرجع الأعلى للشيعة، على طلاب علوم الدين في النجف الأشرف، تحت عنوان( ولاية الفقيه) .
وبالرغم من أن عنوان الكتاب يفصح عن موضوعه، فإن عقيدة الخميني ومذهبه واضحان أيضا من خلال صفحاته وضوحا بينا كما سترى وسنعرض لذلك كله ونوضحه حتى يتبين وجه الحق قبل أن يتسرع متساهل، فيفزو للخميني ما ينكره هو نفسه، لو عرض عليه أو سمعه .
عقيدة الخميني عقيدته في الأئمة
الأئمة – عنده – أفضل من الملائكة والرّسل والأنبياء
لو لم يكن هذا الكلام مسطرا بيد الخميني نفسه لقلنا أنه كذب ولا تصح نسبته إليه، ولكن ما عليكم إلا أن نفتح ص 52من كتاب الحكومة الإسلامية للخميني، طبعة بيروت، ثم نقرأ ما كتبه الرجل في الأئمة، ولنقرأ كلامه أولا، ثم نتأمل فيه، يقول للخميني: ( إن للإمام مقاما محمودا، ودرجة سامية، وخلافة تكوينية، تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرّات هذا الكون ) ما معنى هذا القول ؟ وما الخلافة التكوينية التي تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات الكون ؟ أليس في هذا القول رفع الأئمة إلى مقام الربوبية والألوهية، فإننا لا نعرف أحدا غير الله تعالى يرقى إلى هذا المقام .
ولنتابع القراءة في نفس الصفحة، كي نترك الخميني يبين لنا ما عناه بالمقام المحمود والدرجة السامية التي للأئمة، يقول الذين أسموه بآية الله: (وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاما لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل ) ويذكر بعد قليل إنه ( قد ورد عن الأئمة قولهم: أن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل ) .
ترى هل هناك غلو شيعي أشد من هذا الغلو الذي سطرته بد الخميني ؟! أترى رجلا فيه ذرة من عقيدة صحيحة وإيمان صادق ووعي لما يقول: يقرر أن الأئمة أفضل من الملائكة والرسل والأنبياء، ويقرر أن لهم مقامات لم يبلغها الملائكة المقربون ، ولا الأنبياء والمرسلون . إن الخميني هنا يتجرأ على أن يذكر معلوما من الدين بالضرورة وإنكار حقيقة دينية ساطعة كنور الشمس هن أن الرسل والأنبياء أفضل من غيرهم من البشر جميعا .
سبحانك يارب ، سبحانك: إن هذا إفك عظيم، ووزر كبير، وتكذيب لكتاب الله . وإذا كان هذا مقام الأئمة بالنسبة للرسل فكيف يكون مقامهم بالنسبة للصحابة والخلفاء الراشدين كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وكيف يكون حال حكام بني أمية وبني العباس معهم، إن ما يبلغنا عن سب الصحابة وشتمهم والحقد عليهم (2) . لا بد وإن يكون قد ملأ صدر الخميني الذي يرى أن الأئمة أفضل من الرسل، ذلك أنهم قد هضموا حق الصحابة والخلفاء وقدموا عليهم من هم أدنى منزلة منهم، فهم حكام جور وظلم، وستأتي نصوص الخميني في ذلك .
وإذا كان الأئمة أفضل من الرسل، ومحمد صلى الله عليه وسلم من جملة الرسل ( عليهم الصلاة والسلام ) ألا يكون في قوله تلميح للعقيدة الشيعية القائلة بأن عليا أولى بالرسالة من محمد، وبأن جبريل قد أخطأ عندما جاء بالرسالة، وكان ينبغي أن يلقيها إلى علي، وإلا فكيف نفسر قوله بأن الأئمة أفضل من الرسل، ونلاحظ هنا أن جميع الأئمة- وليس علينا فقط –هم الأفضل، فكل الأئمة أفضل من الرسل والأنبياء بهذا التعميم .
وتابع معي القراءة لنرى العجاب بقوله الخميني ص52( والأئمة كانوا قبل هذا العالم أنوارا فجعلهم الله بعرشه محدقين، وجعل لهم من المنزلة والزلفى ما لا يعلمه إلا الله وقد قال جبرائيل – كما ورد في روايات المعراج – لو دنوت أنملة لاحترقت ) .
أيها القرّاء: أيها المغترون بباطل هذا الرجل . بالله عليكم فسّروا لنا قوله بعد أن تتأملون فيه وتدققوا في ألفاظه: فكيف كان الأئمة أنوارا قبل خلق العالم وكيف كانوا بعرشه محدقين … ؟!! آية خمينية هذه؟! وآية مقاله؟! وآية عقيدة ضالة هذه ؟!
ولم يتوقف الخميني عند هذا الحد، بل ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، فقد أثبته لفاطمة كل ما أثبته للأمة ورفع مرتبتها فوق البشر مع أن الله قد خاطب أباها ( قل إنما أنا بشر مثلكم ) . استمع إليه يتحدث عن فاطمة: (ومثل هذه المنزلة موجودة لفاطمة الزهراء عليها السلام، لا بمعنى أنها خليفة أو حاكمة أو قاضية، فهذه المنزلة شئ آخر وراء الولاية والخلافة والامرة . حين نقول أن فاطمة لم تكن قاضية أو حاكمة أو خليفة، فليس بمعنى ذلك تجردها عن تلك المنزلة المقربة، كما لا يعني ذلك أنها امرأة عادية من أمثال ما عندنا ) ص 53 وهذا الذي يقرره الخميني لفاطمة من أنها فوق مستوى البشر يقرره في حق الأئمة ، فهو يقول في حق الفقهاء (ص50) ( وهذه مهمة شاقة ينوء بها من هو أهل لها، من غير أن ترفعه فوق مستوى البشر ) وهو بذلك يثبت للأئمة أنهم فوق مستوى البشر، بطرق مفهوم المخالفة .
أعطى الأئمة صفات الله :
نحن نعتقد في الرسول صلى الله عليه وسلم العصمة، ولكنها عصمة تبليغ الرسالة . فالرسول قد يخطئ في الاجتهاد وفي التطبيق وقد ينسى، وقد عاتبه الله في قضية أسرى بدر، وفي عبوسه في وجه الأعمى،وفي تحريمه العسل على نفسه ،ونسى الرسول صلى الله عليه وسلم فصلى رباعية ركعتين.
هذه عقيدتنا في عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم، والخميني يقرر عقيدة الشيعة في عصمة الأئمة، فهو يقول في (ص141):( ومن هنا فقد شدد أئمتنا المعصومين … ) والعصمة تعني عند أمرا لم تستطع نحن أهل السنة إثباته للرسول صلى الله عليه وسلم .
يقول الخميني في الأمة (91): ( نحن نعتقد أن المنصب الذي منحه لا نتصور فيهم السهو أو الغفلة، ونعتقد فيهم الإحاطة بكل ما فيه مصلحة المسلمين )!!!
علم الأئمة :
والأئمة على عقيدة الخميني الشيعية، فقد ورثوا الأنبياء في كل الأمور، والنص بهذا التعميم يشير إلى أن عقيدته فيهم أنهم يوحى إليهم !!، وكيف لا، وهم أفضل من الرسل والأنبياء ، كيف لا، وقد ورثوا الأنبياء في كل الأمور، قال الخميني في ص97: ( وحتى لو فرضنا أن جملة ( العلماء ورثة الأنبياء ) واردة في الأئمة على حد ما ورد في بعض الروايات، فلا يراودنا الشك في أن جميع الأمور، لا في الأحكام والعلوم فحسب) ماذا يعني الخميني بقوله( في كل الأمور، لا في الأحكام والعلوم فحسب) إن لم يكن الوحي والعصمة ؟!
الله الذي عين الأئمة (3) :
والخميني لم يقف عند القول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي نص على تعيين الأئمة، بل يرى أن الله هو الذي أوحى بذلك إلى رسوله أمرا إياه ان يعين عليا خليفة من بعده، يقول في (ص42): (الرسول الكريم … قد كلمه الله وحيا أن يبلغ ما أنزل إليه فيمن يخلفه في الناس، ويحكم هذا فقد اتبع ما أمر به، وعين أمير المؤمنين عليا للخلافة ) ويقول في (ص20): ( نعتقد بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد استخلف الرسول به بأمر من الله من يقوم من بعد على هذه المهام ) والخميني تبعا لذلك يرى( أن الإمام منصوص عليه بالذات ) ص 26 .
ويذكر لنا الذي أسموه آية الله في (131) أن الرسول(ص) قال للناس ( من يكون خليفتي ووصي ووزيري على هذا الأمر؟ فلم ينهض إلا علي ولم يبلغ الحلم حينذاك ) .
ويذكر في نفس الصفحة أن الرسول(ص) بلغ هذا الأمر الإلهي في غدير خم حيث بلغ الناس بأن عليا أمير المؤمنين وهذا يعني كما يقول الخميني( أنه الحاكم المهيمن الشرعي على شؤون البلاد والعباد) وأكثر من هذا، فهو يقول في (ص141): (فالملائكة تخضع له، ويخضع له الناس حتى الأعداء منهم، لأنهم يخضعون للحق في قيامه وقعوده وفي كلامه وضمته وفي خطبه وصلواته وحروبه ) .لو لم يبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم هذا لكان خائنا لله :
نحن نرى أن الرسول – صلى الله عليه وسلم- لم ينص على خلافة أحد من بعده، والخميني يرى أننا نتهم الرسول بالخيانة حين نقول بهذا القول، يقول في (ص23): ( يعتبر الرسول- صلى الله عليه وسلم- لولا تعينه الخليفة من بعده غير مبلغ للرسالة ) .
الأئمة يكملّون الرسالة :
والنص السابق يقول أن الرسالة تعتبر ناقصة غير كاملة. والذين يكملون نقصها هم الأئمة، وهو ينص على هذا في (ص19) فيقول: ( وكان تعيين الرسول صلى الله عليه وسلم خليفة من بعده، ينفذ القوانين ويحميها ويعدل بين الناس عاملا متمما أو مكملا لرسالته ) .
كلام الأئمة تشريع دائم ككلام الرسول (ص) :
وليس مستغربا أن يقول الخميني ذلك ما دام قد نص على أن الأئمة أفضل من الرسل، فكلام الأئمة عنده دين يتبع في حياتهم وبعد مماتهم يقول في (ص90): ( نحن نعلم أن أوامر الأمة تختلف عن أوامر غيرهم، وعلى مذهبنا فإن جميع الأوامر الصادرة عن الأمة في حياتهم نافذة المفعول ، وواجبة الاتباع حتى بعد وفاتهم ) .
الأئمة حجة الله على خلقه :
وما دام الأئمة بهذا المقدار وبهذه المنزلة فهم حجة الله على خلقه، ولا يجوز أن نستعجل فنقول لعل هذه الآية الخمينية تريد من قولها بأن الإمام حجة الله – وأنه مبلغ للدين ناشر له، لأنه لم يترك لأحد أن يفهم عنه فهما لا يريده، فقد فسر مراده ووضحه في (ص78) قال:( حجة الله تعنى أن الإمام مرجع للناس في جميع الأمور، والله قد عينه ، وأناط به كل تصرف وتدبير من شأنه أن ينفع الناس ويسعدهم، فحجة الله هو الذي عينه الله للقيام بأمور المسلمين، فتكون أفعاله وأقواله حجة على المسلمين يجب إنفاذها، ولا يسمح بالتخلف عنها في إقامة الحدود وجباية الخمس …) .
ويقول الخميني في قوله تعالى: (( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها )) .
( أمر الله الرسول أن يرد الأمانة – أي الإمامة- إلى أهلها وهو أمير المؤمنين علي وعليه هو أن يردها إلى من بقيه، وهكذا …) .
ويفسّر طاعة أولى الأمر في (ص84) بقوله: (خطاب عام للمسلمين بأمرهم فيه أن يتبعوا أولى الأمر أي الأئمة ويأخذوا عنهم التعاليم ويطيعوا أوامرهم ). ويقول أيضا: ( أولو الأمر هم الأئمة) .
عقيدة الخميني في الإمام المنتظر
خرافة كبيرة أصل بها الشيعة مذهبهم، ومكنوا للعلماء والفقهاء منهم أن يعلنوا رقاب الناس، ويستحلوا أموالهم، فقد زعموا أن محمد بن الحسن العسكري وهو الإمام الثاني عشر حسب زعمهم قد دخل سرداب بسامراء، وهو ابن خمس سنين وبقى مختفيا إلى اليوم، وهو مع ذلك حي يرزق وسيرجع يوما ما بعد أن تملأ الأرض جورا وظلما ليملأها نورا وعدلا، والفائدة التي حصل عليها الذين يتزعمون المذهب الشيعي أنهم باسم الإمام المنتظر يحكمون الناس ويولون أمورهم من غير ان يستطيع أحد الاعتراض عليهم، وقد نص على هذه القضية الخميني في أكثر من موضع في كتابه كما في كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة نقلا عن كتاب الحكومة الإسلامية (ص76-77)،( نحيلك في هذا على صفحة (ص76-77 ) من كتابه الحكومة الإسلامية) لنرى تلك الرواية الغريبة العجيبة التي نقلها الخميني من كتاب الوسائل (18/101) كتاب القضاء الباب الحادي عشر الحديث 9 التاسع والنقل بواسطة كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة في كتاب(الغربة) ورواه الطبري في ( الاحتجاج) .
ماذا تقول هذه الرواية المنقولة بالإسناد، وما أعجبه من إسناده، تقول أن ( إسحاق بن يعقوب قال: سألت محمد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت على) ترى هذا الكتاب موجه إلى من ؟ إنه موجه إلى الإمام الغائب بواسطة أحد نواه وهو محمد بن عثمان العمري .
والخميني يقرر هذه الرواية ويصدقها ويقول: (الرواية الثالثة توقيع صدر عن الإمام الثاني عشر القائم المهدي وسنعرضه مع بيان كيفية الاستفادة منه) .
نعم وجه هذا الرجل(إسحاق بن يعقوب ) (لاحظ الاسمين: اسم الأب والجد فهما اسمان يهوديان في الأصل )، وجه رسالته إلى الإمام المنتظر وورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان عليه السلام، والذي يعنينا من جوابه هذه الفقرة التي احتج بها الخميني على إمامه الفقيه وهي قوله: ( وإما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله، وأما محمد بن عثمان العمري فرضي الله عنه، وعن أبيه من قبل، فإنه ثقتي وكتابه كتابي ) .
يقول الخميني في جملة تعليقه على هذه الخرافة ( فالسائل المعاصر لأوائل غيبة الإمام، وهو على اتصال بنوابه ، ويراسل الإمام ويستفتيه، لم يكن يسأل عن المرجع والفتوى …)
وهذه الرواية توضح الفائدة العظيمة التي قصد إليها أولئك الذين زعموا غيبة الإمام، فقد قصدوا أن تصير إليهم أمور الشيعة، وليس الأمر ذلك فحسب،بل أصبحت هذه عقيدة عند الشيعة لا يستطيعون أن يتخلصوا منها، وأصبح حالهم مع فقهائهم حال العبيد مع الأسياد، ذلك أن أئمتهم قالوا لهم ( وهو قول مكذوب باطل) قالوا لهم ( رواة حديثنا حجة عليكم) ولا يفوتني أن أوجه الانتظار هنا إلى أن محمد بن عثمان ( النائب من الإمام) لم ينسى أو ينص في روايته المفتراه، على مقامه العالي ومنزلته العظيمة، حيث زعم على لسان الإمام صاحب الزمان قوله( أما محمد بن عثمان العمر فرضي الله عنه، وعن أبيه من قبل ) .
وبهذه العقيدة، عقيدة الغيبة، يستطيع أي رجل معاد للإسلام وأهله، إذا وصل إلى مرتبة القيادة عند الشيعة أن يزعم أنه اتصل بالإمام صاحب الزمان، وأرمه بكذا وكذا، ومما فيه تخريب للعباد والبلاد، ويستطيع أن يوجه طاقات الشيعة التي حرب الإسلام والكيد لأهله .
والخميني يؤمن بغيبة الإمام الثاني عشر، ويصدق برجعته يوما ما ، وتجد هذا مبثوثا في صفحات كتابه مما يدل على أنها عقيدة راسخة عنده لا تصل الشك ونحن ننقل لك شيئا من عباراته علاوة على ما نقدم ، ففي (ص26) يقول: ( قد مرّ على الغيبة الكبرى لإمامنا المهدي أكثر من ألف عام، وقد تمر ألوف السنين قبل أن تقتضي المصلحة قدوم الإمام المنتظر ) .
ويقول في (ص48): ( واليوم في عهد الغيبة لا يوجد نص على شخص معين يدير شئون الدولة).
ويقول في (ص49): ( وقد فوض الله الحكومة الإسلامية الفعلية . المفروض تشكيلها في زمن الغيبة ) وانظر في (ص 73،79) فقد وردت أيضا هذه العقيدة في عرض الكلام .
وفي (ص144) يخاطب الشيعة قائلا: ( جندوا أنفسكم لإمام زمانكم حتى تستطيعوا أن تبسطوا العدل في وجه البسيطة ).
أما عن كيفية انتقال الإمامة والولاية إلى إمام الزمان، فيقول الخميني (ص98): ( رسول الله ص) الذي كان يلي أمور الناس كل شئ، وقد عين من بعده واليا على الناس أمير المؤمنين، واستمر انتقال الإمامة والولاية من إمام إلى إمام إلى أن انتهى الأمر إلى الحجة القائم ) .
موقف الخميني من حكام المسلمين :
سمعنا أكثر من تصريح لقادة الحركة في إيران، يقولون بأن الإسلام لم يطبق طيلة التاريخ الإسلامي إلا في حياة الرسول – صلى الله عليه وسلم- وفي فترة حكم علي بن أبي طالب، وواضح أنهم لا يعترفون بالعهد الذهبي للحكم الإسلامي في عهود الخلفاء الثلاثة أبي كر وعمر وعثمان ولا يعترفون بالفترة المديدة من الحكم الإسلامي منذ عهد الأمويين بما فيهم الخليفة العادل عمر بن العزيز ولا بحكم العباسيين ومن بعدهم .
ولو قالوا إنه كان في بعض حكام الدولة الأموية والعباسية انحراف وفساد لما أنكرنا عليهم مذهبهم، ولكنهم يعممون كليا، يتنكرون فيه لماضي الأمة، ويتهمون الأمة في كل عصورها بما فيها عهد الخلفاء الراشدين بالانحراف . والخميني لم يخرف من مفهوم الشيعة في هذا، فقد قرر مذهبه الشيعي واستدل بأدلة الشيعة المحرفة أو المكذوبة .
فهو لا يذكر أحدا من الخلفاء: أبا بكر أو عمر أو عثمان أو غيرهم من الصحابة بخير ولا بورد لأحدهم اسما في كتابه . وعندما يحوجه الأمر إلى الاحتجاج لا يذكر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وعليا انظر إلى قوله (ص46): ( وبهذا جرت السيرة على عهد الرسول(ص) وعلى عهد أمير المؤمنين .
وهو ينص على أن الذي يحق له أن يلي أمور الناس منذ عهد الرسول وإلى زمن اختفاء إمامهم صاحب الزمان معروف بقول في (ص47): ( فرأي الشيعة فيمن بحق له أن يلي الناس معروف منذ وفاة رسول الله(ص) وحتى زمان الغيبة، فالإمام عندهم فاضل عالم بالأحكام والقوانين، وعادل في إنفاذها…) وأريدك يا أخي القارئ أن تتأمل جيدا في قوله هذا الذي يسمونه آية الله ( منذ وفاة رسول الله وحتى زمان الغيبة ) أنه ألغى حتى حكم أبي بكر وعمر وعثمان، فهؤلاء في رأي الخميني الشيعي لا يستحقون أن يلوا أمور الناس، والنص صريح لا يحتاج إلى تأويل ولا يحتمله، رأي الشيعة فيمن يحق له أن يلي أمور الناس معروف)، ( لاحظ قوله: معروف هو يجري على مذهب الشيعة ولا يعدل عنه ولا يأتي بقول (جديد) منذ وفاة رسول الله(ص) وحتى زمان الغيبة ( ولاحظ المدة الزمنية التي حددها هذا الخميني منذ وفاة الرسول وحتى زمن الغيبة، وهذه الفترة تشمل عهود الخلفاء الثلاثة أبي بك وعمر وعثمان وتشمل الدولة الأموية وجزءا من الدولة العباسية ) .
أما ريه في الحكام الذين جاءوا بعد ذلك فقد سطره في (ص33) قال:( في صدر الإسلام سعى الأمويون ومن يسايرهم لمنع استقرار حكومة على بن أبي طالب، مع أنها كانت مرضية الله وللرسول وبمساعيهم البغيضة تغير أسلوب الحكم ونظامه، وانحراف من الإسلام، لأن برامجهم كانت تخالف وجهة الإسلام في تعاليمه تماما. وجاء من بعدهم العباسيون ونسجوا على نفس المنوال، وتبدلت الخلافة، وتحولت إلى سلطنة وملكية موروثة وأصبح الحكم يشبه حكم أكاسرة فارس وأباطرة الروم وفراعنة مصر، واستمر ذلك إلى يومنا هذا ) .
وتأمل هذا التعميم الذي ختم به كلامه ( واستمر ذلك إلى يومنا هذا ) أي من عهد علي بن أبي طالب اليوم ليس هناك إسلاميا، وكل الحكام كانوا ظلمة طغاة مستبدين،والحكم الإسلامي كان معطلا.
ويقول في (ص79) ( يحتج الله بأمير المؤمنين على الذين خرجوا عليه وخالفوا أمره كما يحتج على معاوية وحكام بني أمية وبني العباس وأعوانهم ومساعديهم بما غصبوه من الحق،وبما شغلوه من المنصب الذي ليسوا له بأهل ) .
كيف ينظرون إلى الحكام المسلمين من غير الشيعة
والخميني صريح في رأيه، فهو ينقل الروايات التي تعتبر التحاكم إلى غير أئمة الشيعة والى غير فقهاء الشيعة تحاكما إلى الطاغوت، ويعتبر كل حكومة غير شيعية حكومة جائرة ظالمة . يقول في (ص79) ( والله يحاسب حكام الجور وكل حكومة منحرفة من تعاليم الإسلام وبأخذهم بما كانوا يكسبون )
وقد علمنا من كلامه إن حكام أهل السنة ومنهم الخلفاء الثلاثة الراشدين من هؤلاء في نظر الشيعة.
وينقل قول الحسين في الحكام الذين في زمانه حيث يقول: ( من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى طاغوت، وما يحكم له فإنما يأخذه سحتا وإن كان حقا ثابتا له لأنه أخذه بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به ) . قال الله تعالى:(( يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به )) .
يقول الخميني معلقا على هذا النص في(ص87): ( لقد نهى الإمام في مقام جوابه عن سؤال السائل عن الرجوع إلى حكام الجور في المسائل الحقوقية أو الجزائية نهيا عاما، وهذا يعني أن من رجع إليهم فقد رجع إلى الطاغوت في حكمه وقد أمر الله أن يكفر به) .
ويرى الخميني أن هذا النهج يجب أن يستمر حتى تعطيل الدوائر التي يقوم عليها الحكام الظلمة، لا إلى حين مجيء الحاكم المسلم العادل ، بل إلى حين تولى الحكومة الأئمة أو من نصبهم الأئمة للحكم بين الناس. ومعنى ذلك ان حاكم ليس إماما ولم يصبه إمام فهو من حكام الجور ( راجع ص 87-88) والخميني يصرح بهذا في (ص88) فهو يستشهد بما يرويه الشيعة من الإمام الصادق من قول: ( فإني قد جعلته عليكم حاكما ) على أن العلماء المنصبون وهم علماء وفقهاء الشيعة هم الذين يجب أن يتحاكم الناس إليهم دون غيرهم، بل كما يقول الخميني: ( ولا يحق لهم الرجوع إلى غيره ) (ص88) أي غير هذا الفقيه الشيعي .
ويعتبر الخميني أن ترك الفقهاء الشيعة الذين يعلمون أقوال الأئمة ويحفظونها، والرجوع في القضاء والإحكام إلى القضاء والحكام من غير الشيعة، ( يعتبره رجوعا إلى الطاغوت ) (ص92).
تهجمه على الصحابة وتكذيبه لهم :
يقول في (ص60): ( بعض الرواة من يفتري على لسان النبي (ص) أحاديث لم يقلها، ولعل راويا كسمرة بن جندب يفتري أحاديث تمس من كرامة أمير المؤمنين على ) .
وفي هجومه على الحكومات الظالمة (ص71) يدخل معاوية في جملتهم، فيقول: ( فحكومة الإسلام تطمئن الناس وتؤمنهم ولا تسلبهم أمنهم واطمئنانهم، شأن الحكومات التي تشاهدون أنتم كيف يعيش المسلم تحت بأسها خائفا يترقب، يخشى في كل ساعة أن يهجموا عليه في داره وينتزعوا منه روحه وأمواله وكل ما لديه ) ثم يقول في معاوية: ( وقد حدث مثل ذلك في أيام معاوية، فقد كان يقتل الناس على الظنه والتهمة، ويحبس طويلا، وينفي من البلاد، ويخرج كثيرا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ) ثم يقول: ( ولم تكن حكومة معاوية تمثل الحومة الإسلامية من قريب ولا من بعيد ) .
تهجمه على الخليفة هارون الرشيد :
وممن خصه الخميني بالذكر في هجومه هارون الرشيد، فهو يصفه بالجهل في (ص133): (وهاهو التاريخ يحدثنا عن جهال حكموا الناس بغير جدارة ولا لياقة، هارون الرشيد، أية ثقافة حازها ؟ وكذلك من قبله ومن بعده ) وانظر إلى عبارة من قبله ومن بعده لتعلم أن الخميني يتهم كل الحكام قبله وبعده بذلك طبعا ما عدا الأئمة .
انظر إلى حديثه عن هارون الرشيد والمسلمون في (ص146-148) وكيف وصفهم بأنهم أئمة جور
ترضيه عن الطوسي والقداح :
ومن أشد الناس إفسادا كما يذكر لنا التاريخ الإسلامي هذان الرجلان، فقد أساء إلى أهل السنة إساءة بالغة . يقول محب الدين الخطيب في نصير الدين الطوسي ( الخطوط العريضة (ص29)(بعد أن كان حكيم الشيعة وعالمها النصير والطوسي، ينظم الشعر في التزلف للخليفة العباسي المعتصم، ما لبث أن انقلب عليه في سنة 556 محرضا عليه ومتعجلا نكبة الإسلام في بغداد . جاء في طليعة الذبح العام في رقاب المسلمين والمسلمات أطفالا وشيوخا ، ورضي بتفريق كتب العلم الإسلامي في دجلة …).
هذا الطوسي ينال من الشيخ الخميني التمجيد والتبجيل ويعتبر أعماله وأفعاله الإجرامية خدمات جليلة للإسلام، ويعتبر فقده خسارة كبيرة للإسلام، ويقرنه بالأئمة فيقول:( ويشعر الناس بالخسارة أيضا بفقدان الخواجه نصير الدين الطوسي وأضرابه ممن قدموا خدمات جليلة للإسلام ) ولاحظ لقب خواجه الذي لقبه به . ولاحظ لفظ خدمات جليلة . وقد كشف لناشيئا من هذه الخدمات الجليلة في (ص142) وهو يتحدث عن التقية، وإنها لا تجوز في كل حال، بل في بعض الأحوال. ومثل لهذا البعض الجائز فقال في (ص142):( إلا أن يكون في دخوله الشكلى نصر حقيقي للإسلام وللمسلمين، مثل دخول على علي بن يقطين ونصير الدين الطوسي (4) رحمهما الله ) فما الذي قدمه نصير الدين الطوسي إلا ما ذكرناه آنفا من ذبح المسلمين وسفك دمائهم، وانظر كيف يترحم عليه الخميني ويعتبر فعله هذا نصرا حقيقيا للإسلام .
تشويه الحقائق تزييف التاريخ :
الشيعة يشوهون الحائق ويزيفون التاريخ، هل صحيح ما يقوله الخميني في (ص146) ( وأئمتنا وشيعتهم كانوا على مدى الاحقاب يقاومون سلطات الجور في كل مكان ولا يهادنونها ، وبسبب من ذلك فقد نالهم من الخسف والاذى الكثير ) .
أن كل ما فعله الشيعة الوقوف في وجه حكام المسلمين ودعاة السنة في كل مكان، مرة بالعلانية، ومرة بالإفساد من الداخل، وإلا فأين دور الشيعة في محاربة الكفر والشرك والضلال في أقطار الأرض. كل ما يريده الشيعة الحكم، والحكم لمن ؟ لأنفسهم فحسب.
الشيعة يحاربون الملكية ووراثة الحكم في الوقت الذي يضعون عقيدة لا دين إلا بها، وهي أن الحكم للأئمة ولأتباع الأئمة من الشيعة، هم ينادون بإبطال الملكية، ثم يتحولون إلى طلاب حكم يلزمون أتباعهم يتوارثه دون سواهم .
الشيعة يزعمون أنهم سيحاربون اليهود ويستردون فلسطين، ونحن نعلم أنهم سيتاجرون بفلسطين كما تاجر غيرهم بها، وحتى لو كانوا صادقي، فإنهم يرون الطريق إلى القدس لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال السيطرة على مكة والمدينة .
إن شيعة لبنان مثال واضح فطيلة الأحداث الأليمة الماضية في لبنان، كان الشيعة منعزلين، لم يقدموا للمسلمين والفلسطينيين شيئا، يل كانوا وبالا عليهم.
واختتم هذه الكلمات التي كتبتها هنا بكلمة وردت على لسان الخميني، في مقابلة مع مجلة الكفاح العربي، وألحقت بكتاب الخميني: الحكومة الإسلامية (ص165) طبعة الكويت .
يقول الخميني: ( لقد حاول الشيعة منذ البداية تأسيس دولة العدل الإسلامية، ولأن هذه الدولة أو هذه الحكومة وجدت فعلا في عهد النبي صلى الله وسلم، وفي عهد الإمام علي عليه السلام، فإننا نؤمن بأنها قابلة للتجديد، لكن الظالمين غبر التاريخ منعوا توضيح الإسلام في إبعاده جميعا ) .
أن الخميني يزعم هنا أن دولة الرسول (ص) دولة الشيعة، وشيعية فقط، ويزعم أن الدولة الشيعية قامت في عهد الرسول(ص) وفي عهد علي بن أبي طالب . وكانت هذه الدولة هي دولة العدل، وأن الظالمين ( بهذا التعميم) منعوا توضيح الإسلام. ومن هم الظالمين ؟ لا شك أنهم جميع حكام الحكومات الإسلامية الذين جاءوا قبل وبعد علي بن أبي طالب كما سبق أن بيناه، إنني لا أريد أن يبقى أهل السنة في غفلتهم حتى تأتي الرايات السود من قبل إيران، وحين ذاك يفيقون على أصوات السلاح حيث لا ينفع الندم، هذه ألفاظ الخميني جئت بها يا أخي القارئ وأما وراء الألفاظ أعظم وأدهى، فلا تنخدع بكلمات زينوها، يدعون بها الأخوة مع أهل السنة، ذلك أنها أخوة لا طعم لها ولا قيمة بعد كل ما صدر منهم ومن أتباعهم عبر تاريخ الإسلام الطويل .
وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين .
-----------------
(1) طبعت المطبعة الأولى في النجف في العراق سنة 1970 في خمس كراريس وقد سمحت الحكومة العراقية بنشره عندما كان .
(2) ارجع لكتاب حكم سب الصحابة لابن تيمية وابن عابدين والهيثمي .
(3) الأئمة هنا هم الاثنا عشر الذين اختصتهم الشيعة الإمامية بالإمامة، بخلاف الفرق الشيعية الأخرى. ولو كان النص القطعي الذي لا يحتمله التأويل هو الذي ورد بتعيين للإمام، فلم اختلف الشيعة فيما بينهم ؟!! وفي وقت مبكر جدا، وذلك عند وفاة جعفر الصادق فذهب قوم إلى أن الإمامية في إسماعيل بن جعفر، وقال آخرون بل لموسى بن جعفر شقيق إسماعيل، وكلاهما من ذرية فاطمة رضي الله عنهما وأبوهما إمام معصوم .
(4) يقصد الدخول الشكلى تولى الطوسي الوزارة زمن الخليفة المستعصم، آخر الخلفاء العباسيين. دخلها ليحقق للشيعة مآربها. وقام الطوسي بهذا خير قام، حيث هيأ لهولاكو دخول بغداد بعد أن دله على مداخلها (راجع تاريخ ابن الفوطي) فتأمل في حسن ظن أهل السنة وحقد الطوسي. وشيعتهم كانوا على مدى الأحقاب يقاومون سلطات الجور في كل مكان ولا يهادنونها، ويسبب من ذلك فقد نالهم من الخسف والأذى الشيء الكثير) .
بعض كفريات الخميني
الخميني يعلن بصراحة أنه لا يعبد ذلك الإله الذي لا يلبي طلباته و أمانيه.
وهذا قوله بحاله ومقاله: ( إننا لا نعبد إلهاً يقيم بناء شامخا للعبادة والعدالة والتدين ، ثم يقوم بهدمه بنفسه ، ويجلس يزيداً ومعاوية وعثمان وسواهم من العتاة في مواقع الإمارة على الناس ، ولا يقوم بتقرير مصير الأمة بعد وفاة نبيه) كشف الأسرار – ص 123.
قوله بتحريف القرآن
والخميني يترحم على صاحب كتاب فصل الخطاب ويتلقى عن كتابه مستدرك الوسائل و يحتج به. انظروا إلى الكفر الصريح في الكلام الآتي ذكره من كتاب كشف الأسرار للخميني :
(إن الذين لم يكن لهم ارتباط بالإسلام والقرآن إلا لأجل الرئاسة والدنيا ، و كانوا يجعلون القرآن وسيلة لمقاصدهم الفاسدة ، كان من الممكن أن يحرفوا هذا الكتاب السماوي في حالة ذكر اسم الإمام في القرآن و أن يمسحوا هذه الآيات منه و أن يلصقوا وصمة العار هذه على حياة المسلمين) كشف الأسرار ( ص 114 ).
ومن أقواله الكفرية : ( واضح أن النبي لو كان قد بلغ بأمر الإمامة طبقاً لما أمر الله به وبذل المساعي في هذا المجال لما نشبت في البلدان الإسلامية كل هذه الاختلافات والمشاحنات والمعارك،ولما ظهرت خلافات في أصول الدين وفروعه ) _ كشف الأسرار ص 55
الخميني زعيم شيعي متعصب لمذهبه
بين أيدينا ثلاثة كتب للخميني :
1 - ولاية الفقيه أو الحكومة الاسلامية . صدر عام 1389 ه .
2 – من هذا المنطلق : وهو مجموعة فصول من كتابه "تحرير الوسيلة " صدر عام 1394 ه .
3 – جهاد النفس أو الجهاد الأكبر. صدر عام 1393 ه .
ومن خلالها نحكم على الرجل لأنها عصارة أفكاره وليس لدينا دليل أنه قد عاد عن آرائه ومعتقداته . وهذه هي ملاحظاتنا:
1 - يحمل في كل كتبه على الأنظمة وخاصة النظام الأيراني ، وينادي بحكومة اسلامبة شيعية، ولا يطرق ضوع "التعاون مع السنة ".
والحكومة التي يتحدث عنها يجب أن يباشر المسؤولية فيها نواب الامام المعصوم الغائب ، وغيرهم معتدون ظلمة، كما يرى أن الحكومة الاسلامية كانت أيام الرسول وعلي ، ويقفز عن قنرة الخلفاء الراشدين، وهذا يعني عدم الاعتراف بحكمهم ويصرح أحيانا دون أن يذكر أسهاءهم (13) .
ويرى الخميني أن الوحده الاسلامبة تكون من خلال عقيدتهم وأصولهم ويقول عن الأئمة : " وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاما لا يبلغه ملك مقرب، ولا نبي مرسل " (14) .
(13) الحكومة الاسلامية ص 132.
(14) المصدر السابق ص52 .
2- في كتابه جهاد النفس أو الجهاد الأبر يتحدت عن الفضائل ومكارم الأخلاق ، ووجوب محاربة هوى النفس ، وداحل هذا الإطار يحشر اسم معاوية رضي الله عنه وكأنه شيطان رجيم ، انظر إليه يقول : "ومعاوية ترأس قومه أربعين عاما، ولكنه لم يكسب لنفسه سوى لعنة الدنيا وعذابالآخرة " ص 18 كيف يبيح الخمينى لنفسه التطاول على صحايي جليل ،وكاتب وحي رسول الله ؟! وكيف يتقول هذا الدعي ؟ على الله ويزعم بأن معاوية يعذب في الآخرة ؟! أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا.
إننا – أهل السنة والجماعة – نعتقد أن معاوية رضي الله عنه خير من آلاف من هذه الآيات التي زورتها الشيعة ونسبتها لله – كقولهم : آية الله. .. روح الله ، وصدق رسول الله إذ يقول : " لا تسبوا أصحايي ، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدم مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " أخرجه الشيخان .
3- شن الخميني هجوما على أذناب الإستعمار، وحمل على بعض علماء الشيعة الذين قبلوا التعاون مع نظام الشاه فكان مما قاله " وبالطبع فقهاؤنا كما تعرفون من صدر الاسلام والى يومنا هذا أجل من أن ينزلوا الى ذلك المستوى الوضيع ، وفقهاء السلاطين كانوا دائما من غير جماعتنا، وعلى غير رأينا " وهو يعني أنهم من علماء السنة، والسلاطين هم حكام المسلمين من غير علي بن أبي طالب ويستثنى من هذا الهجوم عميل التتار المجرم نصير الدين الطوسي فيقول " إلا أن يكون دخوله الشكلي نصر حقيقي للاسلام والمسلمين، مثل دخول علي بن يقطين ونصير الدين الطوسي رحمهما الله (15).
تعاون العلماء مع الخلفاء الراشدين حرام عند الخميني، وتعاون الطوسي مع التتار حلال !!
(15) الحكومة الإسلامية ص 142 .
"مالكم كيف نحكمون . أم لم كتاب فيه تدرسون ، إن لم فيه لما تخيرون " . القلم الآيات 36-38 .
ما قاله علماؤنا المحدثون في الشيعة :
1 - الشيخ المجدد الالوسي في تفسير آية 39 من سورة الفتح قال بكفر الرافضة لأنهم يكرهون الصحابة، واعتمد على آراء سلفه من أئمة ومنها قوله " وفي المواهب أن مالكا قد استنبط من هذه الآية تكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة رضى الله عنهم ، فإنهم يغيظونهم ، ومن غاظ الصحابة فهو كافر ووافقه كثير من العلماء " روح المعاني 116/26 .
2 - محب الدين الخطيب من العلماء الذين وقفوا في وجه الطوفان الرافضي وترك آثارا مهمة في هذا الشأن أبرزها :
( أ ) الخطوط العريضة .
(ب) حاشية المنتقى من منهاج الاعتدال.
(ج ) حاشية العواصم من القواصم .
ويرى الخطيب اسنحالة الالتفاء مع الرافضة لأن الأسس التي قام عليها بنيان الدينين مختلفة من أصولها والعميق من جذورها ويستدل على كفرهم بقول أبي زرعة الرازي " إذا رأيت الرجل ينقص أحدا من أصحاب رسول الله فاعلم أنه زنديق " مفدمة منهاح الاعتدال للخطيب ص 6 - 10 .
3 - الهلالي : تنقل بين الهند والعراق وشبه الجزبره العربية وعاش مع الرافضة عن قرب ، وسجل في احدى رسائله حوارا دار بينه وبين بعض علمائهم وعنوانها " مناظرتان بين رجل سني وهو الدكتور محمد تقي الدين الهلالي الحسيني وإامامين مجتهدين شيعيين " .
ورسالة الهلالي تقوم على تكفير الرافضة بدءا من أسمائهم عبد الحسين عبد علي ، عبد الزهراء ، عبد الأمير، ثم تحدث عن مناظرته لشيخهم عبد الحسين الكاظمي في المحمرة، وسمع الهلالي منهم قولهم عن عائشة رضي الله عنها " يا ملعونة " كما سمع من الكاظمي شتيمة وضيعة لأبي بكر رضي الله عنه نعف عن ذكرها، وزعم أن قريشا حذفت كثيرا من القرآن .
ثم ذكر نقاشا حصل بينه وبين الشيخ مهدي القزويني تنصل الأخير من قول الكاظمي يتحريف القرآن ولكن تنصله كان تقية بدليل أنه ألف كتابا يرد فيه على الهلالي الذي كتب في مجلة " المنار " سبع حلقات تحت عنوان " القاضي العدل في حكم البناء على القبور " .
تكتفي بذكر أقوال العلماء ولا ننسى ذكر علماء لهم موقف من الرافضة(16) .
1- علامة الشام الشيخ محمد بهجة البيطار .
2- الشيخ محمد رشيد رضا .
3- الشيخ مصطفى السباعي .
4- علامة الجزيرة الشيخ عبد العزيز بن باز .
5- العلامة محمد الأمين الشنقيطي .
6- الشيخ محمد ناصر الدين الألباني محدث بلاد الشام .
تنبيه
=====
بعض طلاب العلم يتحرجون من وصم الشيعة باكفر، وحجتهم أن علماء السلف كفروا غلاتهم، فلا بد من هذا التنبيه .
لا يجوز وصم الشيعة بالكفر على الاطلاق لأن فرقا كثيرا تندرج تحت هذه المظلة ومنها :
· الصحابة والتابعون الذين وفقوا مع علي رضي الله عنه، وجمع من التابعين كانوا من شيعة الحسين، فلا نقول عنهم إلا خيرا .
(16) ومن أراد التفصيل فليراجع إلى كتاب " وجاء دور المجوس " ص142 وما بعدها.
* الزيديون، وهم اتباع زيد بن علي ، ويفضلون عليا لكنهم يعترفون بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان .
* وفي كل عصر نجد أفرادا من المسلمين يتشيعون لأل البيت، وهذا التشيع لا يخرجهم من الملة.. .
أما الامامية الاثنى عشرية الجعفرية الذين ينتسبون أصحاب النبي وينكرون السنة ، ويؤمنون بأن الصحابة حذفروا من القرآن ولو آية واحدة.. فلا تشك بكفرهم وبعدهم عن الاسلام .
وهل بعد هذا من لقاء. . .
* وإذا كنا نختلف مع الرافضة في أصول الدين وفروعه .
* وإذا كان اعلام الاسلام من خير القرون اعتبروهم أكثر الخلق كذبا وأشدهم مروقا من الدين .
* وإذا كان علماؤنا المحققون في هذا العصر قالوا عن شيعة اليوم ما قاله علماء السلف عن شيعة الأمس .
فكيف سمح بعض دعاة السنة لأنفسهم أن يقرنوا الشيعة الامامية مع حماعات السنة في العالم الاسلامي ؟
وكيف قالوا بأنهم مسلمون مجاهدون وطلائع اسلامية ، وناشدوا المسلمين في كل مكان تأييدهم والوقوف معهم ؟
لا ندري الأساس الذي اعتمده هؤلاء ، وهل يجوز أن تنفصل آراؤنا السياسية عن العقيدة والنصوص والأدلة الشرعية ، وهل يجوز تبغيض الأسلام ؟!
وهل الوحدة الاسلامية مطلب ننشده بأرخص الأثمان وأبخسها ؟! ألا تباً لوحدة تقوم على شتم أعراض الصحابة ولا تقوم على عقيدة أصيلة وأساس متين .
يقول بعض الإسلاميين في هذا العصر موضحين موقفهم من الخميني وشيعته: أن الحركة الشيعية المعاصرة ممثلة بقائدها الخميني هي حركة إسلامية معتدلة فهي قد بعدت عن الطائفية ونأت عن الاتجاه الشيعي الغالي، فهي ترفع علم الإسلام، وتعلن الجمهورية الإسلامية، وأن أعضاء هذه الحركة هم ممن تربوا على كتب الحركة الإسلامية السنية المعاصرة، والخميني هو من رواد الحركة الإسلامية المعاصرة " .
لهذا الأمر وغيره رأيت أن أقوم بدراسة موضوعية مبسطة لما كتبه الخميني لنرى وجه الحقيقة وسط خضم العواطف التي هبت لتأييد الخميني بدون ترو ووزن للأمور حينما رفع اسم الإسلام في عالم كافر شرس .
الخميني ومصادره في التلقي
إن مصادر الشيعة التي يرجع إليها الخميني في مقام الاستدلال لا يختلف فيها عن غيره من الشبعة، فهو في كتاب يرجع إلى المصادر التالية :
1 - نهج البلاغة : وهو عندهم من الكلام الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه .
2 - الكافي : وهو عندهم بمنرلة البخاري عندنا، وفي الكافي من الكفريات والضلالات الشيء الكثبر كالأحاديث الوارده فيه بنقص القرآن وتحريفه.
3 - ويرجع الخميني إلى كتب شيعية أخرى مثل "من لا يحضره الفقيه، معاني الأخبار، المجالس . . ولا مجال للكلام على هذه الكتب وما فيها من ضلال ولكن قصدنا أن نقول أن الخميني كسائر الشيعة يرجع إليها.
4 - يتلفي الخميني معلوماته عن كتاب مستدرك الوسائل ، ويترحم على مؤلفه ، فيقول " وقد رواه المرحوم النوري في مستدرك الوسائل " والنوري هذا مؤلف كتاب " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الارباب ".
5 - تلقبه عن " حكايات الرقاق " ذلك أن الشيعة يعتقدون أن إمامهم الثاني عشرلما غاب سنة 360 ه لم يغب غيبة كاملة بل كان على صلة ببعض الشبعة وخلال هذه الغيبة كان السائلون يتوجهود بأسئلتهم إلى الامام المزعوم بوضعها في ثقب شجرة ليلا ويقم هؤلاء الأبواب بدور الوسيط لإيصال الجواب النبوي من صاحب الزمان إلى السائل .. تلك هي حكايات الرقاع وما يسمى بالتوقيعات الصادرة عن الإمام المهدي الغائب . . فالخميني في كتابه " الحكومة الإسلامية "صفحة 76 يستند
إلى حديت من هذه الخزعبلات المزعومة والترهات الموهومة .
6 - يحيل الخميني في كتابه " الحكومة الإسلامية " عند ذكره لأحد الأحاديث إلى كتاب " دعائم الإسلام " وهو الكتاب الأكبر للباطنية الغلاة – الإسماعيلية - ومؤلفه هو القاضي النعمان بن محمد بن منصور المتوفى363 ه فعلى هذا نقول أن هناك صلة وثيقة تربط الخميني وشيعته مع الإسماعيلية الغلاة، وقد اعترف بهذه الصلة الرافضي محمد جواد مغنيةرئيس المحكمة الجعفرية بلبنان فقال " إن الاثنى عشربة والاسماعيلية وإن اختلفوا من جهات فإنهم يلتقون في هذه الشعائر وخاصة في تدريس علوم آل البي وللثقة فيها وحمل الناس عليها (17) .
7 – أعرض الخميني في جميع كتبه عن الرجوع إلى كتب أهل السنة في الحديث، وهذا أصل في مذهب الشيعة، قال أحد علمائهم المعاصرين " أن الشيعة لا تعول على تلك الاسانيد - أي أسانيد أهل السنة - بل لا تعتبرها ولا تعرج في مقام الاستدلال عليها ثم قال: أن لدى الشيعة أحاديث أخرجوها من طرقهم المعتبرة عندهم ودونوها في كتبمخصوصة وهي كافية وافية لفروع الدين وأصوله عليها مدار علمهم وعملهم وهي لا سواها الحجة عندهم (18) .
وقال عن البخاري وصحيحه : " وقد أخرج من الغرائب والعجائب والمناكير ما يليق بعقول مخرفي البربر وعجائز السودان (19) .
وحكم الشيعة على مصادر أهل السنة بهذا الحكم ينطلق من قاعدين وركنين في الدين الشيعي :
1 - إن الصابة ارتدوا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا تلاثة وقيل إلا سبعة (20) .
2- إن الصحابة لم يتلقوا إلا جزءا من الشريعة .
(17) الشيعة في الميزان .
(18) تحت راية الحق لعبد الله السبيتي ص 146.وقد له مرتضى آل ياسين الكاظمي وطبع الكتاب في طهران .
(19) المصدر السابق ص96.
(20) انظر الكافي ص115 ، ورجال الكشي ص13 .
الخميني والقرآن
دأب أكثر المتأخرين من الشيعة على إنكار قضية التحريف المنسوبة إليهم وإن إجماع علمائهم هو القول بصيانة القرآن وحفظه.
ونقول : إن هذه التقية سرعان ما تنكشف بالرجوع إلى مصادرهم المعتمدة ولنعرض بعض الحقائق المجملة لنعود بعدها إلى رأي الخمينيي في القضية .
1- بلغت أحاديث الشيعة - المفتراة - والتي تحريف القرآن في اعتقادهم أكثر من ألفي حديث كما ذكر ذلك عالمهم " نعمة الله الجزائري ".
2- ادعى تواتر هذه الأخبار من طريق الشيعة كبار علمائهم : كالمفيد الذي يلقبونه بركن الإسلام وآية الله الملك العلام (ت 413) حيث قالوا " أن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أنمة الهدى من آل محمد باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الخلاف والنقصان " (21) .
3 - ألفوا في إثبات هذا الكفر كتبا مستقلة مثل فصل الخطاب ... السالف الذكر .
والآن نعود للخميني لنرى موقف الخميني من هذه القضية ، ولا نريد أن نفرض رأيا . ولكننا نوريد هذه الحقائق عن الخميني.
1 - يستقي كلانه من عدة كتب أصحابها يعتقدون بتحريف القرآن مثل :
(أ) كتاب " مستدرك الوسائل " ويترحم على مؤلفه وهو صاحب كتاب "فصل الخطاب " .
(ب) كتاب " الكافي " وعقيدة صاحبه أن القرآن محرف كما نقل عنه الكاتبون من الشيعة كالصافى في تفسيره(22) وكما صرح هو مصنفه(22) .
(21) أوائل المقالات ص98 . المطبعة الحيدرية النجف وقدم له عالمهم المعاصر المسمى عندهم بشيخ الإسلا الزنجاني .
ج-واستقى الخميني من " الوسائل" للحرالعاملي وهو على نفس الاعتقاد (23)
د - كتاب " الاحتجاج " لأحمد الطبرسي وله غلو وتطرف في هذا الاعتفاد فهناك إجماع من الشيعة وعلى رأسهم الخميني على تقدير أصحاب هذه العقيدة الكافرة والتلفي عنهم والإعتراف بفضهلم والترحم عليهم.
2- ورد في كتاب " تحرير الوسيلة " للخميني ج1 ص 152 هذا النص: " يكره تعطيل المسجد " وقد ورد أنه أحد الثلاثة الذين يشكون إلى الله عز وجل وبالرجوع إلى أحد مصادر الشيعة المعتمدة وهو كتاب " الخصال" لابن بابويه، المسمى عندهم " بالصدوق " وجدنا أن هذا النص ورد بلفظين احدهما:
" يجيء يوم القيامة ثلاثة يشكون إلى الله عز وجل : المصحف والمسجد والعترة.. يقول المصحف يا رب حرقوني ومزقوني(24) وفي هذا إشارة لاعتقاد الشيعة في القرآن . وأورد الخميني النص الآخر وفيه " ومصحف معلق قد وقع عليه غبار لا يقرأ فيه " (25).
يشير به إلى المصحف الكامل الغائب عند إمامهم والمهجور من قبل الامة بسبب رفض أبي بكر ومن معه لهذا المصحف حينما قدمه إليه علي كما جاء في أساطيرهم .
3 - بين أيدينا وثيقة هامة تدين هؤلاء الآيات الذين جحدوا التقية فيما يتعلق بهذه القضية القرآنية في اعتقادهم وهذه الوثيقة كتاب باللغة الأردية
(22) راجع تفسير الصافي ج1 المقدمة السادسة .
(23) 1نظر مقدمة تفسير الصافي للسيد طيب الموسوي ص34.
(24) الخصال 1/174-175 .
(25) المصدر السابق 1/142.
موثق من عدد آياتهم المعصارة ومنهم الخميني وهو طبقا لما جاء في صدر الكتاب مراعين في ذكرهم النصر الأردي .
1- آية الله العظمى .. محسن حكيم طباطبائي مجتهد أعظم نجف أشرف.
2- آية الله العظمى .. أبو القاسم خوئي نجف أشرف .
3- آية الله العظمى .. روح الله خميني .
4- آية الله العظمى .. محمود الحسيني الشابرودي .
5- آية الله العظمى .. محمد كاظم شريعتمداري .
6-مصدقة ماليجناب سيد العلماء علامة سيد علي نقي النقودي مجتهد لكهنود
ويتضمن الكتاب نصا باللغة العربية فيه كيفية لعن صنمي قريش وهما حسب اعتقادهم – أبو بكر وعمر – وأتهامها بتحريف القرآن ونورد موضع الشاهد: " بسم الله الرحمن الرحيم اللهم العن صمني قريش وجبتيهما وطاغوتيهما وافكيهما وابنتيهما اللذين خالفا أمرك وأنكرا وحيك وعصيا رسولك وقلبا دينك وحرّفا كتابك 0000(26) .
(26) تحفة العوام مقبول جديد ص 422 .
الخميني والصحابة
1 – عندما يتحدت الخميني عن الحكومة الاسلامية الراشدة يتجاهل حكومة الخلفاء الراشدين الثلاثة الذين سبقوا عليا، ولا يشير إلا إلى حكم الرسول وحكم علي يقول مثلا " لقد ثبت بضرورة الشرع والعقل أن ما كان ضروريا أيام الرسول \ وفي عهد الامام أميرالمؤمنين من وجود الحكومة لا يزال ضروريا الى يومنا هذا (27) .
وسر هذا التحاوز مبني على ذلك الاعتقاد لدى الشيعة فى خلافة علي ويشرحه شيخهم المفبد بقوله " وكانت إمامة أمير المؤمنين بعد النبي \ ثلاثون سنة منها أربع وعشرون سنة و ستة أشهر ممنوعا من التصرف في أحكامها مستعملا للتقية والمداراة ومنها خمس سنين وستة أشهر ممتحنا بجهاد المنافقين من الناكثين والقاسطين والمارقين (28) .
2 - ويطعن الخميني في الصحابة لمخالفتهم النص المزعوم على إمامة علي فيقول " وفي غدير خم في حجة الوداع عينه الرسول \ حاكما من بعده ومن حينها بدأ الخلاف يدب في نفوس قوم (29) .
من هنا بداية المؤأمرة كما يعتقد الشيعة وعلى رأسهم الخمينيي .
3 - ويصرح الخميني بالطعن في الصحابة فيتهم الصحابي سمرة بن جندب رضي الله عنه بأنه يضع ا ألاحاديث على رسول الله \ يقول: "(ففي الرواة من يفتري على لسان النبي \ أحاديث لم يقلها ولعل راويا كسمرة بن جندب يفتري أحاديث تمس من كرامة أمير المؤمنين (30) .
(27) الحكومة الإسلامية ص26 .
(28) المصدر السابق ص131.
(29) المصدر السابق ص131 .
(30) الحكومه الإسلامية ص71 .
ويقول عن حكومة معاوية " ولم تكن حكومة معاوية تمثل الحكومة الإسلامية أو تشبهها من قريب ولا من بعيد " (31) وقد مرّ معنا قوله عن معاوية : " فاستحق لعنة الناس في الدنيا وعذاب في الآخرة " .
وقد مرّ توثيق الخميني ومجموعة من الآيات لكتاب يحمل " لعن صنمي قريش " وهم يرون أن من ردد هذا اللعن فله أجر وفضل عظيمين فجاء في كتابهم " ضياء الصالحين ص 513 " الطبعة الثانية غشر عام 1398 ما نصه: " عن السجاد من قال اللهم العن الجبت والطاغوت كل غداة مرّة واحدة كتب الله له سبعين حسنة ومحي عنه سبعين ألف سيئة ورفع له سبعين درجة.
فتبا لقوم يتعبدون بهذا الدعاء وغيره من أدعية كلها لعن وطعن في الجيل الأول الصحابة رضوان الله عليهم .
(31) الحكومة الإسلامية ص 71 .
الخمبني يوثق الملاحدة
والخمبني وهو يطعن في خيار الأمة وينال من شرف روادها ويحمل حملاته على الخلافة الإسلامية ترأه يثني على الملاحدة فيشيد مثلا بالنصير الطوسي وخدماته المزعومة للاسلاما يقول:" ويشعر الناس بالخسارة أيضا بفقدان الخواجه نصير الدبن الطوسي وأمثاله ممن قدموا خدمات جليلة للاسلام " (32) .
والطوسي هذا هو محمد بن محمد بن الحسن الخواجه نصير الدين الطوسي (7 9 5 - 2 67) قال فيه ابن القيم:" ولما انتهت النوبة إلى نصير الشرك والكفر وزير الملاحدة النصير الطوسي وزير هولاكو شفى نفسه من أتباع الرسول وأهل دينه فعرضهم على السيف حتى شفى اخوانه من الملاحدة واستشفى هو فقتل الخليفة والقضاة والفقهاء والمحدثين واستبقى الفلاسفة والمنجمين الطبائعيين والسحرة . . إلى أن قال: وبالجملة فكان هذا الملحد هو واتباعه من الملحدين الكافربن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر " (33) .
والخميني يبارك نشاط الطوسي لدوره في هدم الخلافة الإسلامية وتفويض أركانها .
(32) الحكومة الإسلامية ص 128 .
(33) الحكومة الإسلامية ص 263 .
موقف الخميني من الخلافة الاسلامية
يعتقد الشيعة وعلى رأسهم الخميني أن الإسلام لم يتمثل في دولة إلا في عهد الرسول وعهد علي ، وقد مرّ نقل كلام الخميني في تجاهله للخلافة الراشدة لأنهم يرون أن الخلافة الراشدة مغتصبة وغير شرعية، لهذا يعمد الرافضة قديما وحديثا إلى مهاجمة الخلافة الاسلامية عبر حقب التاريخ ويشوهون التاريخ الإسلامي بكل وسيلة.
ويقول الخميني مصرحا بأن الخلافة لم تحصل لهم " ولم تسنح فرصة لأئمتنا للأخذ بزمام الامور وكانوا بانتظارها حتى آخر لحظة من الحياة، فعلى الفقهاء والعدول أن يتحينوا هم الفرص وينتهزوها من أجل تنظيم وتشكيل حكومة رشيدة " (34) .
ويؤكد ذلك وهو يرمي الخلفاء المسلمين الذين تعاقبوا على الامة الاسلامية بالجهل فيقول عن هارون الرشيد " أي ثقافة حازها وكذلك من قبله ومن بعده " (35) .
(34) الحكومة الإسلامية ص 54 .
(35) الحكومة الإسلامية ص 132 .
الخميني وقضاة المسلمين
حكم الخميني على الحكومات الاسلامبة ينسحب على قضاتها ، ويعتبر أن من يتحاكم إليهم في حق أو باطل إنما يتحاكم إلى الطاغوت فيورد في هذا الأمر حديثا عن الكليني صاحب كتاب الكافي والمسمى عندهم بثقة الإسلام . وهذا الحديث تقوم في اعتقاد الشيعة وعلى رأسهم الخميني لقضاة أفضل القرون وإليك النص :
" محمد يعقوب عن عمر بن حنظلة قال : سألت أبا عبد الله (36) عن رجلين من أصحابنا بينهما منارعة في دين أو ميراث وتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة أيحل ذلك ؟؟ قال : س تحاكم إاليهم قي حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت وما يحكم له فإنما يأخده سحتا وإن كان حقا ثابتا له لأنه أخذه بحكم الطاغوت وما أمر الله إلا أن نكفر به قال تعالى: (( يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به )) قلت كيف يصنعان ؟ قال: ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإني فد جعلته عليكم حاكما " .
وبعد إيراد الخميني لهذا الخبر يؤكد عليه بقوله " الإمام عليه السلام
(36) هو جعفر بن محمد الصادق (80-148) رحمه الله تعالى ينسب إليه الشيعة كل خرافات مقالاتهم حتى أنهم لما رأوا الجاحظ العتزلي يتوسع في التصانيف ويصنف لكل فريق قالت له الشيعة: صنف لنا كتابا فقال لهم: لست أدري لكم شبهة حتى أرتبها وأتصرف فيها فقالوا له إذا دللتنا على شيء نتمسك به . فقال: لا أدري لكم وجها: إلا إنكم إذا أردتم شيئا مما تزعمونه : تقولون: إنه قول جعفر الصادق. لا أعرف لكم سببا تستندون إليه غير هذا الكلام فتمسكوا بحمقهم فكلما أرادوا أن يختلقوا بدعة نسبوها إلى ذلك السيد جعفر. وهو عنها منزه . ومنها بريء راجع التبصير (ص 24) .
نفسه ينهي عن الرجوع إلى السلاطين وقضاتهم ويعتبر الرجوع إليهم رجوعا إلى الطاغوت" . ويسب الخميني أحد قضاة الخلافة الراشدة وهو القاضي شريح " وكان شريح هذا قد شغل منصب القضاة قرابة خمسين عاما وكان متعلقا لمعاوية يمدحه ويثني عليه ويقول فيه ما ليس له بأهل وكان موقفه هذا هدما لما بنته حكومة أمير المؤمنين " (37) .
(37) الحكومة الإسلامية ص74 .
الخميني والنواصب
بعض معتدلي الشيعة يزعم أن الناصبي هو الذي يناصب العداء لآل البيت فهو مرادف للخارجي ولا يدخل في هذا أهل السنة لأنهم يحبون آل البيت . رغم أننا نجد في مجاميعهم الحديثة ما ينفي هذا. وهو ما سنورده بعد قليل من كاب " الوسائل " الذي يستقي منه الخميني كثيرا في كتابه " الحكومة الاسلامية " إلا إننا نجد في كلام الخميني نفسه ما يشعر بأن أهل السنة في عداد النواصب فيقول :" واما النواصب والخوارج لعنهم الله تعالى فهما نجسان من غير توقف ذلك إلى جحودهما الراجع الى إنكار الرسالة (38).
ويقول " ولا تجوز - الصلاة - على الكافر بأقسامه حتى المرتد ومن حكم بكفره ممن انتحل الاسلام كالخوارج والنواصب " (39) .
ويتعبر مال الناصب حلال يؤخذ أينما وجد يقول: " والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما أغتنم منهم وتعلق الخمس به بل الظاهر جواز أخذ ماله أينما وجد وبأي نحو كان ووجوب إخراج خمسه " (40) .
ونورد الآن ما جاء في " الوسائل " في تعريف الناصي : محمد بن إدريس في " آخر السرائر" نقلا من كتاب مسائل في الرجال محمد بن أحمد بن زياد وموسى بن محمد بن علي بن عيمسى قال :
كتبت إليه - يعني علي بن محمد - عليهما السلام أساله عن النواصب هل أحتاج في امتحانه من تقديمه الجبت والطاغوت واعتقاد إمامتهما ؟ فرجع الجواب : " من كان على هذا فهو الناصب " .
(38) تحرير الوسيلة 1/118.
(39) المصدر السابق 1/79 .
(40) المصدر السابق 1/352
وقال عالمهم ومحدثهم هاشم الحسيني البحراني المتوفى سنة 1107ه أو 1109ه والذي قالوا عنه العلامة الثقة الثبت المحدث الخبير الناقد البصير " يكفي في بغض علي وبنيه تقديم غيرهم عليهم وموالاة غيرهم كما جاءت به الروايات " .
وعندهم أن من ينكر واحدا من أئمتهم أو يرفض التلقي عنهم عن طريق الكافي وغيره فهو لا ريب في عداد النواصب .
الخميني وعقيدة التولي والتبري
من عقيدة الشيعة وإمامهم الخميني الولاء والبراء- الولاء للأئمة والبراء من أعدائهم – وأعداء الأئمة في اعتقادهم جيل الصحابة رضي الله عنهم وفي معتقدهم أبو بكر وعمر وعثمان يقولون " واعتقادنا في البراءة أنها واجبة من الأوثان والإناث الأربع ومن جميع أشياعهم واتباعهم " والخميني يجعل السجود موضع دعاء التولي والتبري وصيغته " الإسلام ديني ومحمد نبيي وعلي والحسن والحسين – بعدهم لآخرهم – أئمتي بهم أتولى ومن أعدائهم أتبري " .
الخميني والغلو في الأئمة
يقول ألخميني في بيان منزلة الأئة في اعتقادهم " فإن للامام مقاما حمودا ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها ئ سيطرتها جميع ذرات هذا الكون (41) .
ويقول الخميني: " والأئمة الذين لا نتصور فيهم السهو أو الغفلة " وهذا خروج بأهم عن طبيعتهم البشرية إلى منزلة الحي القيوم الذي لا تأخده سنة ولا نوم سبحانه وتعالى .
ويقول : " ومن ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاما لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل (42) .
ويواصل الخميني غلوه وتطرفه ويسدر في غيه فيقول عن تعاليم الأئمة " أن تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن يجب تنفيذها واتباعها " (43) .
وقد نقل الشيخ محمد علد الوهاب رحمه إلله الاجماع على أن من اعتقد متل هذا الأعتقاد فقد كفر في يقول رحمه الله: " من اعتقد في عير الأنبياء كونه أفضل منهم أو مساوٍ لهم فقد كفر " ص33 من الرد على االرافضة (مخطوطة).
(41) الحكومة الإسلامية ص 52 .
(42) المصدر السابق ص 52 .
(43) المصدر السابق ص 13.
الخميني والنيابة عن الإمام المعصوم
أن الإمام المعصوم الذي تنتظره الشيعة في زماننا والذي تعتبر إمامته استمرارا للنبوة وقوله وأمره كالتنزيل من العزير العليم، هذا الإمام الاسطورة الخيالية يرى الخميني أن الفقيه المجتهد ينوب عنه في كل شيء ما عدا البدء في الجهاد ، وقد كتب في تأييد رأيه هذا كتابه المشهور" الحكومة الاسلامية" وهو بهدا الرأي يخلق من الاسطورة واقعا يتمتل فى الفقيه المجتهد، وعمله هذا في واقع الأمر أدعاء للمهدية يشكل ذكي وبطريقة محتكة فهو قد وضع نفسه موضع الإمام الذي تخلع عليه كتب الشيعة ومدوناتها صفات اسطورية، تذكرك بمعبودات اليونان الوثنية وليس هناك فرق بين الخميني ومراجع الشيعة وآياتها فإن كل آية من آياتهم له الحق في النيابة عن الإمام المهدي وتمثيله بقول الخميني " أن معظم فقهائنا في هذا العصر تتوفر فيهم الخصائص التي تؤهلهم للنيابة عن الامام المعصوم " (44) .
وباسم النيابة عن الامام العائب امتصوا عرق الكادحين وجهد العاملين من الشيعة فيما يسمى " بخمس أهل البيت " والذي يأخذونه بدعوى النيابة عن الإمام .
يقول الخميني عن مصارف الخمس " يقسم الخمس ستة اسهم سهم لله تعالى وسهم للنبي وسهم للامام عليه السلام وهذه الثلاثة الآن لصاحب الأمر أرواحنا له الفداء وعجل الله فرجه " (45) .
وهكذا استطاع هؤلاء الآيات والأسياد أن يخدعوا الملايين ويسلبوا منهم جهدهم وعرقهم باسم الخمس، ومن هنا كان التشيع مأوى لكل من أراد هدم الإسلام واستغلال البشر .
(44) عقائد الإمامية ص 57 دار الفريد بيروت .
(45) تحرير الوسيلة ص 365 .
الخميني وتعطيل الجهاد الإسلامي
النيابة عن الإمام في اعتقاد الخميني شملت كل شيء إلا البدء في الجهاد يقول: " في عصر غيبة ولي الأمر وسلطان العصر عجل الله فرجه الشريف يقوم نواب العامة – وهو الفقهاء الجامعون لشرائط الفتوى والقضاء – في إجراء السياسات وسائر ما للإمام عليه السلام إلا البداءة في الجهاد " (46) .
(46) تحرير الوسيلة 1/482 .
الخميني وصلاة الجمعة
أعاد الخميني صلاة الجمعة بناء على رأيه في النيابة، والشيعة منذ زمن لا يقيمون صلاة الجمعة، لأن وجود الإمام من شرائطها .
ويرى الخميني في كتابه " تحرير الوسيلة " أن حكم صلاة الجمعة التخيير في أدائها أو تركها والاحتفاء بصلاة الظهر، يقول: " تجب صلاة الجمعة في هذه الأعصار مخيرا بينها وبين صلاة الظهر والجمعة أفضل والظهر أحوط، وأحوط من ذلك الجمع بينهما " (46) .
ولهذا الرأي لا يرى حرمة البيع ولا غيره من المعاملات يوم الجمعة بعد الأذان فيقول " لا يحرم البيع ولا غيره من المعاملات يوم الجمعة بعد الأذان في أمصارنا مما لا تجب فيه تعيينا " (47) .
ذلك أنه يشترط لوجوب الجمعة تعيينا وجود الإمام فيقول في شرائط الجمعة " الأول العدد وأقله خمسة نفر أحدهم الإمام " (48) .
(46) تحرير الوسيلة 1/231 .
(47) المصدر السابق 1/231 .
(48) المصدر السابق 1/231 .
المشاهد والقبور عند الخميني
يقول الخميني عن منزلة " التربة الحسينية " عندهم: والأضل التربة الحسينية – يعني لمواضع السجود – التي تخرق الحجب السبع على الأرضين السبعة على ما في الحديث " (49) .
وطين التربة الحسينية فيه مزية لا يلتحق بها غيره ولا حتى تربة قبر الرسول يقول الخميني " ولا يلحق به طين غير قبره حتى قبر النبي والأئمة عليهم السلام " (50) .
ومقدساتهم وكعباتهم كثيرة والأساطير التي صنفوها في فضلها لا تعد ولا تحصى ولكننا نقتصر هنا على ما يورده الخميني فقط . وأما الصلاة في هذه المشاهد والقبور فهي مشروعة وفضيلة " ولا بأس الصلاة خلف قبور الأئمة وعن يمينها وشمالها وإن كان الأولى الصلاة عند الرأس على وجه لا يساوي الإمام عليه السلام " (51) .
(49) تحرير الوسيلة 1/149 .
(50) المصدر السابق 1/164 .
(51) المصدر السابق 1/165 .
الاحتفاء بعيد النيروز
والخميني يحتفي بعيد النيروز فيجعل الغسل فيه مستحب والصوم فيه مشروع " ومنها – أي الاغسال المندوبة – غسل يومي العيدين، ومنها يوم النيروز " (52) .
فيجعل النيروز في مصاف عيدي المسلمين، وكذلك يجعله مثيل يوم الغدير الذي قالوا عنه أنه جزء من الإسلام " ومنها يوم الغدير وهو الثامن عشر من ذي الحجة – يعني مندوبات الصوم – ومنها يوم النيروز " (53) .
(52) المصدر السابق 1/ 98-99 ، 152 .
(53) تحرير الوسيلة 1/203-303 .
شذوذاته الفقهية
والآن نأتي بطائفة من آرائه الفقهية للعبر والطرفه ، والشيعة عندما يشذون بآراء وينفردون باجتهادات ليس لها شاهد من السنة الصحيحة يأتون الغرائب المضحكات . قال الخميني :
1 - طهارة ما فضل من ماء الاستنجاء " ماء الاستنجاء سواء كان من البول أو الغائط طاهر " (54) .
2 - من مبطلات الصلاة وضع إحدى اليدين على الأخرى "مبطلات الصلاة وهى أمور أحدها: الحدث ثانيها: التكببر وهو وضع إحدى اليدين على إلأخرى نحو ما يصنعه غيرنا، ولا بأس به في حال التقية " (55) ، وتعمد قول آمين بعد اتمام الفاتحة إلا مع التقية فلا بأس به "(56) .
وهذا يعني أنهم يعتبرون صلاتنا نحن أهل السنة - باطلة، لذلك فمن المستحيل أن يأتموا بأهل السنة إلا تقية، وللمنصف أن يتأمل قول الخميني الانف "نحو " ما يصنعه غيرنا "
3- الطهارة ليست مشروطة في كل مواضع الصلاة " يشترط في صحة الصلاة طهارة موضع الجبهة في السجود دون المواضع الاخرى فلا بأس بنجاستها " (57) .
(54) تحرير الوسيلة 1/16.
(55) تحرير الوسيلة 1/ 280.
(65) تحرير الوسيلة 1/ 190 .
(57) تحرير الوسبلة 1/ 119، 125.
4- لواط النساء : " والمشهور والأقوى جواز وطء الزوجة دبرا " (58) .
5- جواز الجمع بين المرأة وخالتها " لا يجوز نكاح بنت الأخ على العمة وبنت الأخت على الخالة إلا بإذتها ويجوز نكاح العمة والخالة على بنتي الأخ والأخت " (59) .
(58) تحرير الوسيلة 2/241 ، وقد تيقنا نحن معشر أهل السنة والجماعة بطرق لا محيد عنها نهي النبي عن أدبار النساء . وجزمنا بتحريمه قال " من أتى حائضا أو أمرأة في دبرها أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " أخرجه أصحاب السنن الأربعة إلا النسائي فرواه في " العشرة " والدارمي وأحمد واللفظ له مسنده صحيح انظر صحيح الجامع الصغير(5818 ) وإرواء الغليل (2006 ) .
(59) تحرير الوسيلة 2/297 .
هل عاد الخميني عن عقيدته ؟
يقول معظم قادة الجماعات الإسلامية ربما كانت هذه الافكار عند الخميني ولكن احتكاكه بالجماعات الإسلامية ساعد على تكوين رأي معتدل ليس فيه تطرف أو غلو.
والجواب: لا ندري من أين يأنون بهذه الأقوال ونتمنى أن يتجنب إخواننا الأسلوب الإنشائي والطريقة العامة العائمه فيما يتحدثون أو يكتبون لقد بسطنا معظم ما في كتب الخميني وتقسينا كل ما كتب وبشكل أخص منذ وجوده في فرنسا وحتى كتابة البحث فما وجدنا دليلا بدعم رأيهم فخلال إقامته فب فرمسا أجرت صحيفة ووجهت إليه السؤال التالي :
الحكومة الإسلامية التي تدعو إليها أهي الدولة الإسلامية القديمة تحاولون إحياءها أم أنها عمل تجديدي ؟ !
فأجاب: لقد حاول الشيعة (!!) منذ البدابة تأسيس العدل ولأن هذه الدولة أو هذه الحكومة وجدت فعلا في عهد النبي وفي عهد الإمام علي عليه السلام فإننا نؤمن بأنها قابلة للتجديد، لكن الظالمين عبر التاريخ منعوا توضيح الإسلام في أبعاده جميعا 000" أ ه
ولنا على كلامه الملاحظات التالية :
1- قال الخميني: " حاول الشيعة " ولم يقل حاول المسلمون لقد استهان بالجماعات الإسلامية التي يؤيده وتدافع عنه فلم يستخدم معهم – والصراحة راحة – فأين الحقيقة في قول هذه الجماعات: أن ثورة الخميني إسلامية وليست طائفية .
2- يعتقد الخميني أن الحكومة الإسلامية ما وجدت إلا في عهد الرسول وعلي، وهذا يعني ان حكومة أبي بكر والفاروق، وعثمان ليست حكومات إسلامية، وبالتالي فهي حكومات جاهلية لأنه ليس بعد الحق إلا الضلال .
ومن النشرات التي وزعها التنظيم الرافضي الإيراني نص المحاضرة للمدعو مهدي الخميني بمناسبة قدوم شهر محرم عام 1399ه وكان مما قاله فيها:" إن الثورة التي يريدها الله: شيعية المنطلق ، إسلامية الصيغة عالمية الأهداف " .
شيعية المنطلق: كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا، فهل في تصريحات الرافضة وأقوالهم ما يشعر بأنهم غيروا وبدلوا ؟! وإلى متى يستخف قادة هذه الجماعات بأفكار وعقول الدعاة إلى متى يبنون مواقفهم بدون دليل أو بينة ؟!
الدستور الإيراني
- المادة الثانية عشر " الدبن الرسمي لإيران هو الاسلام والمذهب الجعفري الاثنى عشري " وهذه المادة غير قابلة للتغيير إلى الأبد وذكرهم للاسلام هنا تقية من أجل امرار مذهبهم الجعفري الإمامي .
- المادد الثانية ،االجمهورية الاسلامية نظام يقوم على.. الامامة والقيادة المستمرة ثم يذكرون أن هذا النظام يقوم على أساس الكتاب وسنة المعصومين سلام الله عليهم أجمعين" .
فليس في هذه المادة ذكر لسنة المصطفى لأنهم لا يؤمنون بها بل يؤمنون بسنة المعصومين الذبن يعتقدون بأنهم أفضل من أنبياء الله ويعلمون الغيب .
- المادة الحامسة " تكون ولاية الأمر والأمة في غيبة الامام المهدي عجل الله فرجه في جمهورية إيران الإسلاميه للفقيه العادل التقي العارف بالعصر الشجاع المدير والمدبر، الذي تعرفه أكثرية الجماهير وتتقبل قياددة . وفي حالة احراز أي فقيه لهذه الأكثرية . فإن القائد أو مجلس القيادة المركب من الفقهاء جامعي الشراتط يتحمل هذه المسوؤلية وفقا للمادة السابعة بعد المائة .
- المادة السابعة بعد المائة : " إذا عرفت وقبلت الأكثرية الساحقة من الشعب، بمرجعية وقيادة أحد الفقهاء جامعي الشرائط المذكورة في المادة الخامسة من هذا الدستور كما هو حادث بالنسبة للمرجع الديني الكبير . قاتد الثورة الإسلامية. آية الله العظمى الإمام الحميني . تكون لهذا القائد ولاية الأمر. وكافة المسؤوليات الناشئة عنها " .
إذاً فدستور ثوار الخميني جاء شاملا لكل ما عندهم من غلو وتطرف .
فمذهب الدولة ، الجعفرية الإمامية، ونظامهم أساسه سنة المعصومين، والإيمان بالمعصومين ركن من عقيدتهم، والأمر في غيبة مهديهم للفقيه، ومن خلال مقابلة الخميني مع صحيفة الكفاح العربي، ثم من خلال دستوهم اذي تبناه ولاية الفقيه كشريعتمداري يتبين لنا أن الخميني شيعي متعصب، ومثل الذين يحسنون الظن به كمثل من يحرث في بحر أو ينفخ في رماد .
والله من رواء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل .
الخميني والغلو في الأئمة





التمتع بالرضيعة



الخميني لا يعترف بكتب أهل السنة في الحديث

الخميني وكشف الأسرار





الخميني يقول ان المجتمع في عهدة افضل من المجتمع في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم




الزهراء كائن ملكوتي



فتوى الألباني في الخميني

الإمام الخميني ومواجهة الحتمية التاريخية (الإنتظار)
بمناسبة حلول الذكرى الخامسة عشرة لرحيله
تعتبر التجربة السياسية للإمام الخميني والمتمثلة في إقامة نظام الجمهورية الإسلامية في زمن مشحون بإرهاصات الحرب الباردة ومعادلاتها السياسية المتبدلة، التجربة الدينية الوحيدة التي استطاعت أن تتعايش مع محيطها العالمي من دون أن تفقد الكثير من هويتها وآيدلوجيتها، وهي تبيئة صعبة كان يُمكن أن تُؤثر على الصدقية والعنفوان الثوري والجاذبية والاستقطاب.
كما أن تلك التجربة لا يُمكن معرفة حقيقة أهميتها إلاّ إذا تمّ استحضار حقيقة مرة تتلخص في حجم التراجع الفقهي - السياسي الشيعي الذي وصل مداه قبل انتصار الثورة باختطاط علماء الشيعة موقفاً تقليدياً سلبياً من القضايا السياسية فضلاً عن مشروع الدولة الإسلامية التي اعتبروه خروجاً على الأنماط التاريخية للطائفة، خصوصاً وأن هذا التأصيل قد ارتبط بشكل كبير بالشيخ الأنصاري 1214 هـ - 1218 هـ الذي خالف أستاذه النراقي في مفاهيم ولاية الفقهاء وحدودهم، وهوذات الفقه النصي المتمحور حول يوتوبيا الإمامة الدينية / المثال والحتمية التاريخية.
الإرث التاريخي لنظرية السلطة
ارتبطت نظرية ولاية الفقيه (والتي تعتبر من أهم نتاجات الفكر السياسي الشيعي) بشكل عضوي مع نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تأسس بشكل متماهي مع استحقاقات النظرية، وتأدلج وفق رؤيتها نهاية عقد السبعينات من القرن الماضي، وعلى الرغم من الإمام الخميني قد قام بعملية تدوير للمفاهيم وتشذيب لخياراتها ومتونها وموائمتها مع ما هوسائد من ثقافة سياسية مهيمنة في عصرنا الحاضر، إلاّ أنها أفضت بشكل سليقي إلى دولة دينية امتزجت فيها براجماتية السياسة وإسقاطات الشريعة من دون الوقوع في شراك الثيوقراطية أوالدكتاتورية الهالكة، وذلك بفضل المرونة التي انتهجها الإمام
والتي اعتُبِرَت تمرداً واضحاً على فرائض الحوزات الدينية الجامدة والمتخلفة.
كان مبدأ ولاية الفقيه قد تأسس جنينياً على يد سبط بن الجوزي قبل تسعمائة .. حتى كتب فيه بإسهاب الشيخ شمس الدين محمد بن مكي المعروف بالشهيد الأول وهومن أعاظم فقهاء شيعة جبل عامل في فترة الأيوبيين، حين طرح آراءه السياسية ابتداءاً من العلاقة بين العقل والشرع وما تحتله العقلانية في الأحكام الشرعية، وجعلها مدخلاً لضرورة ومنشأ الحكومة لتتبلور على أساس مبدأ حكومة النبي والإمام المعصوم وفي عصر الغيبة في الفقيه الجامع للشرائط، وقد حدد لهذه الحكومة صلاحيات واسعة منها عزل الحاكم وضرورة إقالته فيما إذا فقد شرط القبول الجماهيري، وعلى هذا الأساس يتبين موقع الناس في مجال القوة السياسية والعلاقات المتبادلة بين الفرد والدولة.
وقد زاولها (أي ولاية الفقيه) بشكل عملي الشيخ علي بن عبد العالي الكركي (ت 940هـ / 1534م) إبان الدولة الصفوية لمدة ست سنيين قبل أن يختلف مع الشاه الصفوي آنذاك على غزوالأخير لأفغانستان وقيامه بحملة تطهير ديني ضد بعض المذاهب الإسلامية هناك، كما عَمِل بها أيضاً المحقق الأردبيلي (993 هـ) في نفس الفترة، ثم نظّرَ لها أكثر الشيخ أحمد النراقي (1249هـ / 1833م) وقد كتب فيها أيضاً آية الله عبد الحسين اللاري عندما دوّن فيها رسالة تحت عنوان (ولاية الفقيه) كتعليقة على كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري الملقب بأستاذ الفقهاء حيث كان اللاري يعتقد أن الفقيه بالإضافة إلى ولايته وقدرته على التصرف العام، فإن له مناصب متعددة وهي تنتهي إلى مناصب الأئمة المعصومين (ع) كالتدخل في الأمور الحسبية، والاجتهاد واستنباط الأحكام الشرعية بالنسبة إلى أفعال المكلفين، والقضاء، والرئاسة، والخلافة والحكومة على الناس.
وكانت تلك الأقوال التاريخية لبعض الفقهاء الشيعية قد مهّدت الطريق لأن يبدأ الإمام الخميني إعادة صياغة للنظرية
وتطويرها حسب رأيه الفقهي، الذي تكلل بأن يرى أن للفقيه ما للمعصوم من تفويض فيما يخص الصلاحيات الحكومية والإدارية، وليس الصلاحيات الناجمة عن عصمتهم والعصمة شرط فيها، بل إنه أبقى للأمة حقها في الاستيضاح والمساءلة.
ثم زاد على ذلك بتبيين أنه إذا كانت صلاحيات الولي الفقيه تتعلق بالبنية التحتية للنظام الإسلامي، وهيكليته والأهداف الإسلامية الكبرى، فإنها تثبت بالدليل العقلي، أما ما كان فيه طابع (الأحسن) و(الأولى) وتعذر علينا إثباته بالدليل العقلي، إذ ذاك يتم الاستعانة بالدليل النقلي مع التفريق بين دلالة العقل على حدود الصلاحيات ودلالة النقل عليها وبين أصل المسألة ما إذا كانت كلامية أوفقهية، حيث أن المسألة الكلامية هي التي كون موضوعها فعل الله وفيها مداليل الدليل العقلي، فالبحث يدور في علم الكلام حول ما يقول الله سبحانه، هل قام بهذا الفعل أم لا؟ أوهل يفعله أم لا؟ فالدليل في هذه المسألة كلامي سواء كان عقلياً أم نقلياً قطعياً.
وكانت آراء الإمام ونظرته لمفاهيم النظم السياسية تنمّ عن إدراك واعٍ بكيفية التعاطي مع الأحداث وغاياتها وضرورة إحداث شبكة علاقات ووصلات حذرة بين التأصيل والتحديث، وهوما أدى إلى ظهور أطر سياسية وآيدلوجية جديدة لها طابعها الخاص والمستقل في الشأن الحكومي.
إن ما أظهره الإمام الخميني من ممارسات سياسية وإدارية تعتبر ملكَات وصل إليها الفقه الشيعي بعد غربة طويلة عن الممارسة الحقيقية والعملية للسلطة، فلم يكن هناك إرث سياسي - فقهي سابق سوى إرث الخلافة الكلاسيكي، وقصاصات أخبار عن شغل الشريف الرضي (359 - 406هـ / 970 - 1016م) والمرتضى (355 - 436هـ / 966 - 1045م) وغيرهما مناصب في الدولة العباسية ونصير الدين الطوسي وابن طاووس في دولة هولاكووالمحقق الكركي والأردبيلي في الدولة الصفوية وهوذات الفقه التسويغي الذي أجاز عبره الفقهاء تفكيك المفهوم الشيعي للنص الديني المتمثل
في الأخبار الواردة عن فضل الانتظار، ثم إن الإمام لم يقتصر فقط على أفهامه الفقهية التجريدية بل استعان بكل ما وصل إليه علم الدولة الحديث من تطور بدون أي استحياء أوسرقة محضية للقوالب الجاهزة فرشح عن نظرته تلك بصمات واضحة على النظام الحقوقي للدولة التي شيّدها:
أوّلاً ـ حق المساواة والتكافؤ: وقد أشارت إليه المواد 19، 20 و21.
ثانياً ـ حق الأمن: وقد أشارت إليه المواد 22، 32 و40.
ثالثاً ـ حق الحريات والمشاركة السياسيّة والاجتماعية: وأشارت إليه المواد 23، 24،25، 26، 27، و32.
رابعاً ـ حق التظلّم: المواد 34، 35 و36.
خامساً ـ حق التعليم والتربية: المادة 30.
سادساً ـ حق الضمان الاجتماعي: المادة 29.
سابعاً ـ حق العمل: المادة 28.
ثامناً ـ حق السكن والإقامة: المادتان 31 و33.
تاسعاً ـ حق الملكية: المادّتان 46 و47.
ثم قرر أن تكون للأمة حق المراقبة المباشرة والاستصوابية للسلطة والأجهزة التنفيذية والتشريعية والشوروية وغيرها منذ اليوم الأول:
1. الاستفتاء العام على النظام الذي جرى بعد 47 يوماً فقط على انتصار الثورة الإسلامية (30 - 31 آذار / مارس 1979) وشارك فيه أكثر من عشرين مليون شخص، حيث صوّت 98.2 بالمائة منهم على نظام الجمهورية الإسلامية.
2. انتخاب مجلس خبراء الدستور (أوالجمعية التأسيسيّة بالمعنى القانوني المتعارف عليه) انتخاباً مباشراً في 3 آب / اغسطس 1979.
3. الاستفتاء العام على الدستور وقد جرى في 2 و3 كانون الأوّل / ديسمبر 1979، أي بعد إقرار الدستور من قبل مجلس الخبراء وقد صوّت 99.5 بالمائة من المقترعين لصالح دستور الجمهورية الإسلامية مع ملاحظة أن نصّ مسودة الدستور سبق أن نشر في الصحف ووسائل الإعلام، وجرت مناقشته مناقشة مستفيضة من قبل جميع التيّارات والتنظيمات السياسيّة والاجتماعية والمهنية، بل حتى في الشوارع والبيوت من قبل عامّة الناس.
4. كما جرى استفتاء شعبي مباشر آخر على الدستور قُبيل وفاة الإمام الخميني أجري في 28 تموز/ يوليو1989، بعد التعديل الذي أجراه خبراء الدستور على بعض موادّه.
5. انتخاب رئيس الجمهورية انتخاباً مباشراً، وقد جرت الانتخابات الرئاسية في الجمهورية الإسلامية حتى الآن ثمان مرّات ابتدأ من عام 1980 وحتى 2001 انتخب فيه خمسة رؤساء، إذ أعيد انتخاب ثلاثة منهم لدورتين متواليتين.
6. انتخاب أعضاء مجلس النواب (السلطة التشريعيّة)، انتخاباً مباشراً وقد جرت الانتخابات البرلمانية حتى الآن سبع مرّات، ابتداءً من عام 1980وحتى 2004.
7. انتخاب أعضاء مجلس خبراء القيادة، انتخاباً مباشراً وقد أجريت عملية انتخاب الخبراء حتى الآن أربع مرّات، ابتداءً من عام 1982، وكان آخرها الانتخابات التي جرت في عام 1998.
8. انتخاب القائد (الولي الفقيه) انتخاباً غير مباشر، أي من خلال مجلس الخبراء، أوعزله من خلال المجلس نفسه. والتعبير الدقيق عن عملية الانتخاب هو(الكشف) وليس (الانتخاب)، لأنّ مجلس الخبراء يكشف عن
الفقيه الذي يختاره للقيادة من بين مجموعة من الفقهاء الحائزين على شرائط القيادة، وقد قام مجلس الخبراء ـ بالفعل ـ بانتخاب الإمام الخامنئي في عام 1989 لمنصب الولي الفقيه وهذا هوأحد نوعي الكشف، أما النوع الأوّل فهوانصياع الأمّة للفقيه المتصدِّي للقيادة، ومعاهدتها له على الانقياد من خلال مختلف الممارسات، كالرسائل والتظاهرات والبيعة المباشرة، وهوما حدث مع الإمام الخميني.
9. انتخاب أعضاء مجالس شورى المحافظات والأقضية والنواحي والقري، ومنها يتكوّن مجلس الشورى الأعلى للمحافظات.
10. انتخاب مجالس الشورى المهنية (العمال والفلاحين والمعلمين وغيرهم).
11. انتخاب أعضاء الحكومة (الوزارة)، انتخاباً غير مباشر، من خلال تعيين رئيس الجمهورية لأعضائها، ثمّ تصويت المجلس النيابي عليهم.
لذا فإن التراث الفقهي والسياسي الذي خلَّفه الإمام الخميني يعتبر بحق مادة خصبة للدارسة والبحث في عصر ذابت فيه كل معالم لمشروع ديني يُظهر فاعلية ما للإسلام.
محمد عبد الله محمد
نشر في صحيفة الوسط البحرينية 07 يونيو2004 - العدد 640
http://www.montadayat.org/modules.php?name=Sections&op=printpage&artid=1088
الأستاذ الخميني في الميزان
موسى الموسوي
((إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أي يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا)) الآية
من هوالخميني
قبل كل شئ يجب أن نعرف شخصية الخميني وهوجواب لأسئلة كثير تطرح نفسها.
1 - الخميني الذي يمجد نفسه يقدسها بحيث يجازي فخر الحجازي
كثيرة الذي قال أن الخميني أعظم من النبي موسى وإبراهيم نائبا
عن طهران ورئيسا لمؤسسة المستضعفين، أعظم مؤسسة مالية في
البلاد.
2 - الخميني الذي جعل نفسه أعظم من النبي الكريم وأدخل اسمه في
أذان الصلاة.
3 - الخميني الذي يرى نفسه حارسا إلهيا أرسله الله لإنقاذ البشرية
ونصب نفسه وخلفائه في الدستور الإيراني الجديد متصفا بهذه
الصفة، كما احتكر لشخصه كل الصلاحيات التي احتكرها
المستبدون الطغاة.
4 - الخميني هذا الذي ترمز وتطبل له كل أجهزة إعلامه والصحف التي
استولى عليها من الصباح إلى المساء وتصفه بالصفات البطولية
-3 -
العظمى وتنسب إليه الكرامات والمعاجز لماذا هذا الإعلام وهذه الصحف نست أوتناست تماما أسرة خميني ونسبة وموطنه قبل أن يهاجر إلى إيران وهكذا الحالة الاجتماعية التي كانت أسرته تعيس فيها أن الذي يعرفه الجميع هوأن جدّ الخميني أحمد قدم من الهند إلى إيران، وذلك قبل مائة عام وسكن قرية خمين ووالد أباه مصطفى الذي قتل في أبان الشباب في تلك القرية، وهذا كل ما يعرفه الشعب الإيراني من نسب الرجل والقه أما من هم أسرته وأين كان موطنها في الهند قل الهجرة إلى إيران فهذا شئ لا يعرف أحد شيئا عنها ولا هوأشار إليها لا من القريب ولا البعيد ولا أجهزة الإعلام أشارت شيئا إلى هذا الموضوع الحيوي من حياة أسرته خميني، وكما أشرنا قبل قليل بما أن هجرة جدّ خميني إلى: غيران كانت قبل مائة عام، والمائة من السنين في حياة الأسرة يعتبر تاريخا لثلاثة أجيال فقط، فإذاً لا يمكن أن نصدق أن صلة الخميني مقطوعة بأسرته في الهند وقد نساهم، فإذاً ما هوالسر لدفين تناسي أسرته وأقربائه وقطع الصلة بهم، أليس هناك ما يعتبر غريبا وخطيرا في هذا الكتمان الشديد وهذا التعميم غير طبيعي على نسب خميني ومؤسسي الجمهورية الإسلامية ومرشد الثورة الإسلامية في إيران. أبرك الجواب للمعجبين بالرجل ومريديه وصحافته وزمرته في أرجاء إيران وكل أملي أن لا يهمس بعضهم في أذن البعض الآخر قوله تعالى ((لا تسئلوا عن شيئا أن تبد لكم تسوءكم)) صدق الله العظيم.
وهنا أورد أن أعرج إلى موضوع خطير له علاقة مباشرة بالحالة الراهنة في إيران المنكودة الحظ، وهذا أهم بكثير من معرفة نسب الخميني لأن هذا الأخير، سواء كان من سلالة الإمام موسى بن جعفر كما يحمل توقيعه أولا يكون فالإنسان مسؤول أما الله بأعماله وبما يصدر منه من خير أوشر، ((يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم
-4 -
فمن يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شر يره)). فقد يكون الإنسان منحدرا من أرفع السلالات ولكن عنصره سيئ لا يساوي خردلة، وقصة ابن نوح والتي جاءت في القرآن الكريم تغنينا عن الإسهاب في هذا الموضوع: ((ونادى نوح ربه فقال إن أبني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين، قال يا نوح أنه ليس من أهلك أنه عمل غير صالح فلا تسئلن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين)). وتقول الآية الكريمة في مكان آخر "" فإذا نفح في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون)).صدق الله العظيم.
فالمهم إذاً تقيم الخميني بأعماله التي تحكى عن سريرته ودخائل نفسه.
إن ما يحدث الآن في إيران من كرب وبلاء ومحنة هومن أزمة نفسية داخلية أومن تعقيدات في تركيب شخصية وبحكم اللقاءات الكثيرة معه والأحاديث المختلفة التي كانت تدور بيننا وما لمست فيه من تناقضات صارخة بين القول والفعل أدت إلى قطعية التي أشر إليها في مكان آخر من هذا الكتاب فقد كان تقييمي لرجل حسب قناعتي الخاصة كما يلي:
الخميني شديد التعلق بنفسه وبكل ما يتعلق به من القريب وأوالبعيد ولا يأنف أن يفني العالم في سبيل أنانيته التي جعلت منه الرجل الذي لا يرى إلا شخصية وما يتعلق بشخصه، وهذه الصفة من أخطر الصفات لدى الحاكم المستبد ولا سيما إذا كان ذلك الحاكم يزعم بأنه له السلطة الإلهية في معاملة العباد.
وكل الصفات الأخرى التي تتناقض مع الزعامة الروحية وعلوالرتبة، تتبع من الأنانية وحب النفس ولذلك إذا أرتاي الخميني شيئا لا
-5 -
يحيد عنه قيد النملة ولوانقلبت ذي على ذه، ومن هنا لا يتعامل معه إلا المطيعين والمتقادين، ثم أن الرجل شديد الظن بلك شئ ومن الصعب عليه أن يسمع كلاما ويحمله على الصحة أوالإخلاص، ومن هنا جاءت معاملته لكثير من المتعاونين معه سيئة بل اقتدى كثيرا منهم لفظ سمعته ونقاء صورته، وإن من أهم الصفات السيئة التي يحملها هوحقده الدفين على كل من أساء إليه ولوقبل نصف قر، فهولا ينسى الإساءة ولا بد أن ينتقم لها عندما تسنح له الظروف، ولذلك نرى أنه أمر بإعدام علامة الوحيدي والدكتور جمشيد أعلم وهما عضوان من أعضاء مجلس الشيوخ الإيراني في عهد الشاه من بين 60 عضوا آخر لأنهما تطاولا في الكلام عليه في المجلس عندما كان يعارض حكم الشاه، أما سائر أعضاء مجلس الأعيان فلهم مطلق الحرية يسرحون ويمرحون في إيران، وأغرب من هذا أن أحد أقربائه المتصلين به سألني يوما هل تذكر يوم كنا في بيتك مع الخميني وتغذينا على مائدتك؟
قلت: معم أنه كان في عام 1955 وعندما كنت مقيما في طهران فأضاف محدثي معلقا فإذا كان صحيحا ما سمعناه عن أيام إقامته في العراق ومن أنه كان يطلب منك العون في بعض الحالات.
فكن على حذر منه فإنه سيقتلك إذا ظفر بك، لأن الخميني يحقد على شخصين ويريد أن يزجهما من الوجود إذا استطاع، شخص أساء غليه وشخص أحسن إليه لأنهما يذكر إنه بأيام ضعفه وهولا يريد ان يذكر تلك الأيام حتى ولوكانت له. وقد ثبت لي صحة كلام الرجل بعد أن قتل الخميني الجواهريان ودستمالجي وكلاهما من أخلص المخلصين له، وكانا قد قدما له عشرات الملايين لنجاح ثورته عندما كان في العراق وفي باريس، أما التهمة الموجهة إليهما فكانت اتفه من التافه، أنها مساعدة بني صدر الموقوف ضد الملالي والزمرة.
-6 -
كما أن قتل الشباب المجاهدين الذين على أكنافهم وبنضالهم وصل إلى سدة الحكم، وحربه مع العراق الذي أواه واسنده وقدم له العون طيلة 15عاما خير دليل على سداد رأي الرجل وصوابه، ورحم الله المتنبي الذي قال: " إذا أنت أكرمت ملكته…وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا "
أما حبه للحياة وشهوته إلى الحكم وهوفي أرذل العمر، وما ارتكب في سبيله من الأثام فإنه فريد في التاريخ، لقد قلت لبني صدر عندما التقيت به في باريس، أن سبب عداء الخميني لك هوإنك أظهرت نفسك بالشخصية التي يحبها الشعب أكثر من الخميني، وجهازك نشر إحصائية للرأي العام تؤكد أن شعبيتك 57 بالمائة وشعبية الخميني 47 بالمائة أن هذا التحدي كان انتحارا لك، ألم تكن تعرف الخميني، أنه يفتي الدنيا في سبيل أنانيته النابغة من جنون العظمة، وقلت له أيضا عندما قرأت في الصحف هذه الإحصائية تنبأت أن أيامك في الرئاسة معدودة، وهكذا كانت. أيد السيد بني صدر هذا الرأي قائلا أن صهر الخميني الشيخ الإشراقي كان ينصحني دوما أن لا أظهر بمظهر الزعيم الذي يحبه الناس لأن الخميني لا يتحمل أن يرى غيره زعيما يتعلق به الشعب.
والخميني لا يهمه إراقة الدماء والعتل بالجملة والجماعات، فقد سمعت منه وهويحاور الإمام الحكيم في النجف ويقول له قتل أتاتورك تسعين عالما دينيا في واقعة واحدة وزرت مقابر هؤلاء عندما كنت المنفى في تركيا، فماذا لا نضحي نحن بالجملة على غرار أولئك ليبقى اسمنا في التاريخ مخلدا، فأجابه الإمام الحكيم بابتسامة ساخرة، هل نقتل ليبقى اسمنا في التاريخ فقط؟
وضحك الحاضرون وامتقع لون الخميني وقال من جديد وكأنه يريد أن يدفع عن نفسه هذه السخرية لما لا لماذا لا تذكر الإمام الحسين
-7 -
عليه السلام الذي قتل لأنه حارب الظلم…فقال له الإمام الحكيم بنفس للهجة والابتسامة، لماذا لا نذكر الإمام الحسن عليه السلام الذي صالح معاوية حقنا للدماء وجلس في البيت. وساد المجلس سكوت وصمت رهيب، خرج الخميني أثره من منزل الإمام الحكيم ولم يودعه الحكيم التوديع اللائق.
الرجل لا يعرف الرحمة والعفو، فحتى الصخرة بكث ورقت بإعدام ثلاثة آلاف شاب وشابة من المجاهدين وكلهم في ريعان الشباب وفي غضون ثلاثة أشهر فقط، ولكن الرحمة والرقة لم تجد إلى قلبه سبيلا. فلم يصدر العفوحتى على واحد من هذا الجمع الغفير الذي أعدمته محاكمة الثورية بالتهم السياسية.
والخميني لا يأبى من الكذب أمام الخاصة والعامة على السواء، وإذا كذب يصر في الكذب ما استطاع إلى الإصرار سبيلا، فقد رأينا كيف أن كل أجهزته عندما اعترفت بشراء الأسلحة من إسرائيل أنكر الخميني ذلك أكثر من مرة، حينما ثبت ذلك أمام العالم بعد سقوط الطائرة الأرجنتينية وانكشفت حقيقة النظام الحاكم في إيران واعترفت إسرائيل بذلك في آخر الأمر، كرر الخميني إنكاره لشراء السلاح وبإصرار وعناد وكأنما هذا الشيخ العجوز يعيش في عالم آخر لا يرى الشمس حتى في رائعة النهار.
والخميني دوانيقي في كرمه، ولا تزال الأزمات الخانقة المالية والفقر المدفع الذي لمّ به عندما كان طالبا بسيطا في قم مسيطر على تفكيره وعظمائه، وقد قال أحد المقربين منه أن الإمام إذا أراد أن يعطي أحدا ما يكفيه لشروة نقير ارتجفت يداه حتى الكتف، فالحوزة العلمية الدينية في قم بطلابها البالغ اثني عشر ألف طالب تعيش في حالة مالية مؤسفة بسبب جشع الخميني في تكديس الأموال في البنوك وعدم صرفها
-8 -
عليهم وكلما حاولت زعماء الحوزة الكبار أمثال الإمام السيد كاظم شريعتمادري وكلبايكاني والمرعشي أن يحسنوا الوضع المالي للطلبة رفض الخميني ذلك ووقف ضد الإصلاح المالي بإصرار وعناد، قائلا أن الله قد جعل العلم في الجوع. وطلب الدين في الحوزة الدينية في قم تقاضى ما يعادل مائة دولار شهريا فقط حتى إذا كانت في عنقه عائلة تتجاوز أفرادها العشرة أوالعشرين، يجزي هذا الظلم القادح على كل الحوزات الدينية في إيران وطلابها يأتون من أذى الفقر والجوع لأن الخميني لا يريد الرفاهية لهم وهويملك مئات الملايين التي كدسها في البنوك باسمه وهذه الأموال أعطيت له كي يعطيها إلى الذين حرمهم منها، وهكذا أمام الأمة يخفون أموال الأمة.
والخميني مغرء بمظاهر التكبر والجبروت وأذكر هنا ما حدث أمامي في مستشفى الأمراض القلبية الذي كان الخميني راقد فيه. كانت هناك غرفة صغيرة ملاصقة بالغرفة التي كان الخميني راقد فيها وهذه الغرفة كانت مخصصة لكبار زائريه. كنت أنا والمهندس نازركان وصهره الإشراقي وابنه أحمد والشيخ أحمد المولائي سادن الحضرة في مدينة قم في تلك الغرفة عندما دخل عليه صادق قطب زاده وزير خارجية إيران آنذاك وكان قد رشح نفسه لرئاسة الجمهورية فقاطعة الإشراقي قائلا ما هذا السؤال لابد أنه صوت لنفسه.
فقلت أنا ضاحكا: إذا كان لقطب زاده ضمير حي فلا يختار نفسه لمثل هذا المنصب.
وهنا ضح الحاضرون بصوت عال جدا. وبعد قليل جاء المرافق وقال للإشراقي (أجب الإمام) وعندما عاد الإشراقي أخبرنا أن الإمام سأله عن أسباب الضجيج الذي أقلق مضجعه وقد بلغني بعد ذلك أنه أمر بغلق تلك الغرقة وستتقبال الزائرين جميعا في الصالون العام.
-9 -
واختم هذا الفصل بقصة هدم مقبرة رضا بهلوي، تلك المقبرة التي كلفت الشعب 200مليون دولار في وقته، وكانت من البنايات الأثرية في إيران. لقد أمر الخميني بهدمها كي يثبت للشعب الإيراني أن تنبؤاته صادقة وأنه يلهم من عالم الغيب، فقد سبق وأنه قال في عهد الشاه وفي إحدى خطبه (أنه يأتي اليوم الذي يهدم الشعب مقبرة بهلوي) وعندما بلغني أن الشيخ الخلخالي جلاد الثورة بدأ يهدم المقبرة اتصلت به هاتفيا وقلت له: كما يعلم الجميع فإن جثمان بهلوي خرج من إيران بصحبة ابنه الشاه وهذه البناية هي ملك الشعب وليست ملكا لأسرة بهلوي وكنت قد اقترحت أن تكون متحفا لجرائم بهلوي الأب والابن فلماذا تهدم بناءا شاهقا هومن أجل المباني في هذه البلاد والشعب هوالذي دفع ثمن هذه البناية من عرقه وقوته، وهل تريد أن ينظر العالم إليكم كما ينظر إلى جنكيز وتيمور ويصفكم بهدام الحضارة.
وبعد يومين أعلن الشيخ الجلاد أن الشعب هدم مقبرة بهلوي ليعلم الناس أن تنبؤات الإمام الخميني صادقة دوما.
على مثل هذا الزيف والدجل والتلاعب بمعتقدات الناس وسذاجتهم بني الخميني صرح إمامته. وحول هذا الصرح يزمر ويطيل قوم ذكرهم الله تعلى في كتابه الكريم ((أولئك كالأنعام بل هم أضل سبيلا)) ووصفهم الإمام علي بقوله: " همج رعاع يميلون مع كل ريح، أتباع كل ناعق لم يستضيؤوا بنور الله ".
-10 -
الخميني في قم
لم يكن يفكر أحد قط أن شيخا بلغ الثمانين وهومتلبس الزهد والتقوى وقد عمم بالسود إشعارا بأنه من أبناء الرسول الكريم (ص) وهويدعي التفقه في الدين وقد سمعه العالم أكثر من مرة يندد بالظلم والاستبداد الذي يجري في إيران على يد الشاه محمد رضا بهلوي، إن هذا الرجل نفسه وبهذه الميزات عندما ألت إليه السلطة يرتكب من الجرائم ما تقشعر من سماعه الأبدان، ويرتكب باسم الإسلام فسادا ونكرا يبقى وصمه عار في تاريخ البشرية ما شاء الله أن يبقى.
إذاً من هوهذا الزاهد الطاغوت وهذا الفقيه الجبار وهذا الثائر المستبد وهذا العجوز الذي اتكل من الأمهات وأيتم من الأولاد وقتل من أبناء الشعب الإيراني بقومياته المختلفة في أربع سنوات عشرة أضعاف ما قتل سلفه في ثلاثين سنة، من هوهذا الذي يكون أعظم خداع في التاريخ بحق، وأكثر ممثل على مسرح الزمان منذ بداية إلى نهايته.
كان روح الله الخميني مغمورا في أوائل الخمسينات عندما كان في قم يقوم بتدريس الفلسفة الإسلامية وكلما كان يعرف عنه أن الإمام البروجردي زعمي إيران الديني آنذاك غاضب عليه بسبب تطرفه الديني وقد قال الإمام عنه أن هذا الرجل سيهدم الحوزة الدينية ويكون على الإسلام وبالا، وتوفى الإمام البروجردي في عام 1961 وقد خلفه في الزعامة الإمام الشريعتمداري والكلبايكاني والنجفي المرعشي وكلهم الآن على قيد الحياة ولم يذكر أحدا الخميني في عداد خلفاء الإمام الراحل ولم يفكر أحد قط أن الخميني سيكون في عداد الزعماء الدينيين الجدد في قم، لأن الحوزة الدينية كانت تنظر إلى الخميني كأستاذ في الفلسفة ولم تكن تنظر إليه كفقيه مجتهد يحق له تصدير الفتوى ومن شروط الزعامة الدينية هوالتفقه في الدين والاجتهاد في الأحكام غير
-11 -
أن هذا الوضع لم يدم طويلا فقد أعلن الشاه تقسيم الأراضي الزراعية على الدهاقين فثار ثائرة رجال الدين وكان أكثرهم تحمسا وشدة في الكلام وهجوما على الشاه هوالخميني فاشتهر اسمه واعتلى نجمه ولا سيما أن الزعماء الدينيين الثلاث مع مخالفتهم لقرار التقسيم لم يخرجوا م طور المجاملة في التخاطب مع الشاه، ومع أن الخميني في بادئ البدء كان يخاطب الشاه في رسائله وأحاديثه بحضرة صاحب الجلالة والملك المعظم وكان يقول أنه لا يرى لإيران بديلا من الملكية إلا أنه يريد الإصلاح ولكنه عندما رأى أنه خرج من العزلة بسبب خطبه العنيفة، واشتهر صيته في البلاد واصبح يذكر مع الزعماء الثلاثة الآخرين فأراد أن يسبق الرهان فبدأ يتحرك في كل محور من محاور العمل الشعبي الجاد ضد الشاه فاجتمع على بابه رهط كبير من الناقمين والساخطين والمعجبين بخطبه الحماسية التي كانت تلهب مشاعر الشعب الإيراني واستغل هووجماعته عنه المقربين هذا الإقبال الجماهيري لينادون به فقيها يستطيع تصدر الفتوى فكان لهم ما أرادوا وبعد تطاول على الشاه عاد إلى قم وهويسير في نفس الطريق فنفاه الشاه بعد تسعة أشهر إلى تركيا ليظل تحت الرقابة في بورما سنة كاملة وقد تركها بعد ذلك إلى العراق بموافقة الشاه واستئذان الحكومة العراقية وبقى في العراق 15 عاما يأكل من قمح العراق وملحه، وقد شاءت الأقدار والظروف السياسية التي ذكرناها في هذا الكتاب أن يزاح الشاه عن عرشه ويحل الخميني عنه وكما قال لويس الرابع عشر (إذا مت فليكن الطوفان وقد كان).
-12 -
الخميني في العراق
وصل الخميني إلى العراق في أيلول من عام 1965 واتخذ من النجف الأشرف مقرا له واجتمع حول نفر من مريديه ثم انضم إليه رهط من إيران. وبقى الخميني في النجف حتى نهاية عام 1978 حيث غادرها إلى باريس في قصة يعرفها العالم.
كان الخميني في النجف منطويا على نفسه له برنامج خاص يتبعه كل يوم لم يكن له نشاط يذكر ضد الشاه حتى عام 1968 أي سنة التي وصل حزب البعث إلى الحكم فلم يمض شهور قلائل على تسلم الحكومة الحاضرة لمقاليد الأمور حتى نشب نزاع مرير بين الحكومة العراقية والشاه بسبب المساعدات التي كان يقدمها هذا الأخير للملا البرازاني والانفصاليين الأكراد، وبدأت أجهزة إعلام الدولتين حرابا إعلامية ضد الدولة الأخرى وأعلنت الحكومة العراقية أنها تساعد وتأوي كل لاجئ يصل إلى العراق هاربا من حكم الشاه فوصلت إلى العراق جماعات كثيرة من مختلف الأحزاب والاتجاهات في المعارضة الإيرانية، وفي ضمن هذه مجموعات رجال من مؤيدي الخميني فأكرمهم العراق وأواهم وأعطى الأولوية للخميني في العناية ولجماعته.
وعندما بدأت الإذاعة الفارسية في بغداد تشن هجوما عنيفا ضد حكم الشاه خصصت قناتا خاصة للخميني كان يقوم البث فيها رجل من أنصاره يدعى محمود دعائي وكان اسم البرنامج (النهضة الروحية)، وحصل تعاون وثيق بين الخميني والحكومة الحاضرة بحيث كان ابنه مصطفى يزور شخصيات السياسية في بغداد حاملا إليهم رسالة أبيه وثنائه وشكره على الحكومة التي أوتهم وأعطتهم كل الإمكانيات للانطلاق السياسي الذي ما كانوا يحملون بمثله في أي مصر وعصر.
-13 -
ولكي أضع النقاط على الحروف أود أن أسجل هنا للتاريخ قائمة بتفاصيل المساعدات التي كان يتلقاها الخميني من الحكومة العراقية التي هواليوم في حرب معها، ليعلم الشعب الإيراني قبل الشعب العراقي حجم المساعدات التي تلقاها الخميني من الحكومة العراقية طيلة العشر سنوات التي قضاها في كنفها ليعود بعد ذلك إلى إيران ويجازي العراق وشعبه جزاء سنمار.
(1) أعطت الحكومة العراقية الأولوية القصوى بين اللاجئين السياسيين المتواجدين آنذاك في العراق للخميني وحاشيته وسهلت لهم العيش والحياة وزودت كثيرا منهم بالجوازات العراقية بعد أن حرمهم الشاه من هويتهم الإيرانية فسهلت له التنقل بين البلاد والاتصال بالعباد.
(2) خصصت وزارة الإعلام للخميني قناتا خاصة في القسم الفارسي بإذاعة بغداد كان يبث منها لكما يتصل بالخميني ونضاله ضد الشاه وكان المذيعون فيها جماعته والمنتسبين إليه وكان يذاع منها برنامجا يوميا اسمه (النهضة الروحية).
(3) كان مصطفى ابن الخميني على اتصال وثيق بالحكومة العراقية وكان يجري الاتصال بأركان الدولة مباشرة أوعن طريق المرحوم جنرال بختيار ويطلب المساعدات المختلفة لجماعة أبي وكانت طلباته لا ترد.
(4) كانت الجهات المعينة بشئون التدريب العسكري تدرب جماعة الخميني خارج مدينة النجف وكان ممثل الخميني لدى الحكومة للإشراف على التدريب هوالشيخ يزدي زاده الموجود حاليا في إيران وكانت الحكومة تعطي لهم المال والسلاح.
(5) كان الخميني يستقبل شخصيات كبيرة في الدولة وكانت أحاديثه معهم هوالتغيير عن الشكر والامتنان للحكومة مع الدعاء لها بالتوفيق والتسديد.
-14 -
(6) كان الخميني يقدم الرجاء إلى الرئيس العراقي في القضايا المتعلقة به وكان رجائه يقبل حتى في المناسبات الخطيرة كما جدث ذلك في عام 1970 عندما حكمت محكمة الثورة على السيد حسن الشيرازي الإعدام لاتهامه التجسس لصالح دولة أجنبية وكان هذا الشخص محسوبا على الخميني ومن حاشيته فكتب رسالة بخطه إلى الجنرال تيمور بختيار الموجود آنذاك في بغداد يطلب منه نقل رجائه إلى الرئيس صدام الحسين الذي كان آنذاك نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة يطلب الرحمة العفوعن المتهم فقبل رجائه وأعفى عن الشيرازي وأطلق سراحه بعد شهرين الأمر الذي لم يحدث له نظير من قبل.
(7) عندما توفى ابنه مصطفى قدم الخميني رجاءا إلى الرئيس العراقي يطلب إصدار الأمر بدفن ابنه (بصورة استثنائية) في الروضة الحيدرية الأمر الذي كان ممنوعا بقرار من مجلس قيادة الثورة، ورفع الخميني هذا الرجاء عن طريقي فرفعه إلى الرئيس العرقي عن طريق وزير الأوقاف فقبل الرجاء ودفن ابنه حيثما أراد الخميني.
(8) كان أحمد ابن الخميني يقدم الرجاء الحكومة يطلب حماية أبيه من اغتيال السافاك فكانت حكومة تجند لحماية الخميني رجالها وبالتنسيق مع أحمد.
عندما غادر الخميني العراق إلى الكويت ولم تسمح له السلطات الكويتية بالدخول إلى أراضيها بقي في الحدود الكويتية حيرانا لا يدري ماذا يفعل فعلمت حكومة العراق بذلك فوافقت لعودته إلى العراق وقبل له عندما وصل إلى بغداد أنه يستطيع العودة إلى النجف والعيش فيها إذا شاء على شرط أن يحترم قوانين العراق.
وبعد كل هذا ليت شعري كيف يبرر الخميني والخمينيون حربهم مع العراق وكيف يبررون هذا الموقف العدائي لهذه الدولة التي أكرمتهم
-15 -
وأوتهم وأحسنت وفادهم ثم هم يعبرون عن حكومة العراق في خطبهم وأجهزة أعلامهم (بالكافرة) فليت شعري أن أعرف متى أصبحت الدولة هذه كافرة يجب محاربتها وقبل أبنائها وتدمير أرضيها، هل كانت كافرة وهوفي كنفهم يدعولها بالتأكيد والعمر المديد أم أصبحت كافرة بعد أن قبلت له كلمتان (احترم قوانيننا أواذهب إلى حيث ما شاء) ولا اعتقد أنه يوجد (ما عدا السذج الغفل) من الناس من لا يعرف أن هذه الحرب إنما هي كما سميناها (حرب الأحقاد) وليست حرب المبادئ والمصالح. وهنا أورد أن اكشف سرا للشعب الإيراني والعراقي معا وبذلك أكون قد أديت واجبي أمام الله والتاريخ ليعلم المسلمون في كل مكان وزمان فداحة الخطر الذي يحدق بالإسلام من هذه الطغمة الحاقدة التي آلت على نفسها القضاء على الإسلام باسم الإسلام، وخراب بلاد المسلمين باسم مصالح المسلمين، لقد حضرت حوار بين المرحوم جنرال بختيار ومصطفى ابن الخميني وأن كشف مضمونها بوضع للرأي العام الانحدار الخطير الذي وصل إليه الخميني وجماعته بعد وصولهم إلى السلطة وتحكمهم في رقاب الأمة وهذا تفصيل الحوار: لقد قطعت الحكومة العراقية علاقتها الدبلوماسية مع حكومة الشاه في عام 1970 وبعد أن احتلت إيران الجزر الثلاثة أبوموسى وطنب الكبرى والصغرى وتدهورت العلاقات وصلت إلى الصفر وأمر الشاه جيشه بالتحرك إلى الحدود المتاخمة للعراق وكانت هناك نذرا تنذر بنشوب الحرب بين الدولتين فحضر مصطفى ابن الخميني إلى بغداد والتقى بالجنرال بختيار في قصر السلام ليطلب منه أن يبلغ الحكومة العراقية أن والده بصفته الزعيم الروحي لإيران قد أعد البيان الذي سيقرأه على الجيش الإيراني إذا ما أراد الشاه الهجوم على العراق وأنه يقول في خطابه " أن الواجب المحتم على الجيش الإيراني هوأن يحارب الشاه لا العراق لأن الشاه خارج عن ربقة الإسلام إذا ما تسبب في حرب وقودها
-16 -
المسلمون وأن عرش الرحمن سيهتز كما أراق مسلم دم أخيه جار شقيق دم جاره الشقيق ".
هكذا كان الخميني عندما كان في العراق بعيدا عن السلطة وهكذا يكون اليوم في إيران وهوعلى رأس السلطة حقا أن هذا الانحراف في تفكير الرجل الذي يقود إيران كارثة ليست بعدها كارثة.
-17 -
الخميني والبدع في الدين
إن البدع التي أبدعها الخميني في الدين كثيرة أشرت إليها عبر خطاب إذاعي وجهته إلى الشعب الإيراني، وهنا أعدد تلك البدع ليعلم علماء الإسلام في العالم والمصلحين من رواد الأمة الإسلامية. أنهم إذا سكتوا أمام هذه البدع التي تلطخ اسم الإسلام وسمعته فإن أمة الإسلام ستشهد مذهبا جديدا باسم الخمينية يضاف إلى البهائية والقادرية، وإني أدعوعلماء الإسلام لعقدوا محكمة إسلامية كبرى تضم رجال الدين الكبار من مختلف طوائف المسلمين لمحاكمة الخميني وإبداء رأي الإسلام فيه وفي بدعه حتى يعلم المجتمع البشري أن ما يحدث في ظل الخمينية في إيران المسلم ليس من الإسلام بشيء بل أن الإسلام برئ منه، أن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم قال: " إذا ظهرت البدع في أمتي فعلى العالم أن يظهر عليه وإلا فعليه لعنة الله " ويقول صلى الله عليه وآله وسلم في مقام آخر: " الساكت عن الحق كشيطان أخرس ".
إن الوقت قد حان على العلماء أن يظهروا علمهم ورأيهم في أخطر مرحلة عصيبة تمر على الإسلام في العصر الحديث وما تعرض إليه من البدع والزيف وزور القول والضلال على يد جماعة تنسب نفسها إلى الإسلام. وإلى العلماء الإسلام أرفع هذا النداء وأعدد لهم بدع الخميني في الدين:
(1) أدخل الخميني اسمه في أذان الصلوات وقدم اسمه حتى على اسم النبي الكريم، فأذان الصلوات في إيران بعد استلام الخميني لحكم وفي كل جوامعها كما يلي:
-18 -
الله أكبر الله أكبر (خميني رهبر) أي أن الخميني هوالقائد، ثم أشهد أن محمدا رسول الله…الخ.
نستثني جامع كوهوشهادة في المشهد الرضوي، حيث لم يسمح الإمام الطباطبائي القمي أن تدخل هذه البدعة إلى الجامع الذي يصلي فيه، وأبلى البلاد حسنا في مقاومته لهذه البدعة، ولكن الله كتب له النجاح فتغلب على زمرة الخميني في آخر المطاف (1).
(2) لقد جرت العادة في البلاد الإسلامية إذا ذكر اسم النبي الكريم صلّى الله عليه وسلم صلّى الحاضرون عليه إجلالا وإكبارا، وفي إيران اليوم إذا ذكر اسم الخميني صلّى الحاضرون ثلاث مرّات، وقال بازركان في خطاب جماهيري (ماذا تقولون لرسول الله إذا قال لكم تصلون عليّ مرّة إذا ذكرت وثلاثة مراّت إذا ذكر ابني) وكان البازركان يقد من (ابني) الخميني الذي يدعي أنه من أولاد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكاد البازركان يدفع حياته ثمنا لهذا الكلام.
(3) رفض الخميني الصلح مع العراق الجار المسلم حيث تنص الآية الكريمة في القرآن الكريم على وجوب الصلح في كل الأحوال وبغض النظر على أسبابها والبادئ بها ويأمر بمقاتلة الرافضين للصلح حيث يقول تعالى ((وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما)) ((وإن بغت إحداهما على الآخر فقاتلوا التي تبغي حتى تفي إلى أمر الله)).
(4) قتل المرابي كما حكمت به محاكمة الشرعية.
(5) قتل الآلاف من المعارضين السياسيين باسم المفسدين في الأرض.
(6) قتل الآلاف من الأقليات القومية التي كانت تطالب بحقوقها
المغتصبة باسم الكفار الذين شهروا السلاح في وجه الدولة الإسلامية.
ـــــــــــــــــ
(1) منذ سنة والإمام الطباطبائي معتكف في داره.
-19 -
(7) المحاكمات الثورية الارتجالية التي تحاكم 100 شخص في مائة دقيقة.
(8) قتل المهربين للمواد المخدرة.
(9) مصادرة أموال الناس زورا وبهتانا باسم حماية المستضعفين.
(10) تبني فكرة ولاية الفقيه وجعل نفسه حاكما بأمر الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
(11) تعيين ولي عهد لنفسه يدعى حسين علي منتظري بالطريقة التي سلكها معاوية بن أبي سفيان في تعيين ابنه يزيد وليا لأمور المسلمين، وجعل الزعامة الدينية والتي كانت الانتخاب المباشر ملكا عضوضا.
(12) بث الفرقة وإيجاد القلاقل بين صفوف المسلمين في البلاد المجاورة والتي أدت إلى مئات الضحايا وإراقة الدماء.
-20 -
الخميني والتناقضات
أما التناقضات التي تصدر من الرجل في القول والعمل فهي محيرة للعقل.
(1) - فعندما كنت في العراق وصلتني رسالة من الملا مصطفى البارزاني يدعوني إلى (كلالة) عاصمته التي كان يعيش فيها حتى يبحث معي سبل التعاون ضد الشاه. وعجبت من مضمون الرسالة لأنني كنت أعلم أن البارزاني هوعميل الشاه ولولا هذا الأخير لم يكن للبارزاني شأن. كما ثبت فيما بعد.
وبما أنني لم أكن اشك بأن كاتب الرسالة هوالملا البارزاني لأن السيد مهدي الحكيم ابن الإمام الحكيم والذي كان على اتصال بالبارزاني هوالذي طلب مني أن أقاتل رسول البارزاني حامل الرسالة المذكورة.
ومع الشكوك حول نوايا الرجل إلا أني فكرت بجد أنه ليس من الأخلاق أن يقوم زعيم يرى نفسه قائدا لأمته بدور رديء في حق رجل لم يعرف ولم يصدر منه أية إساءة بالنسبة إليه وذلك في سبيل إرضاء مخلوق آخر.
فذهبت إلى مقابلة الرئيس العراقي أحمد حسن البكر رحمه الله وأطلعته على الرسالة وقلت له قد يكون من المصلحة الاستجابة لدعوة البارزاني لعلي أستطيع القيام بدور الوفاق بينكم وبينه إذا ما التقيت بالرجل.
فضحك الرئيس البكر وقال إنها خدعة. ثم أضاف لقد سلّم البازراني خمسة أشخاص من المناضلين الإيرانيين الذين لجأوا إليه من بطش الشاه إلى هذا الأخير وقد أعدمهم الشاه فورا.
ثم أضاف الرئيس قائلا إياك والذهاب إليه فإنه خبيث مخادع يريد قتلك.
-21 -
وبعد أيام رأيت الخميني وقد علم بالموضوع فقال لي لا يخدعنك البارزاني أنه يريد تسليمك إلى الشاه وأضاف أن البارزاني وأولاده عملاء مزدوجين للشاه وللمخابرات الأمريكية.
وبعد عشر سنوات من ذلك التاريخ صافح الخميني ابني البارزاني العملاء المزدوجين على حد تعبيره وزدهم بالسلاح والمال لقتل الشعب العراقي الجار المسلم.
(2) والتناقض الثاني في سياسة الخميني هوأن فئة من أصحاب الإمام الحكيم اصدروا بيانا بعد وفاته بتوقيع شخصيات بارزة دينية من علماء النجف الأشرف جاء فيه أن الشخص المؤهل للزعامة الدينية بعد الإمام الحكيم هوالإمام السيد أبوالقاسم الخوئي وليس غيره، وفي وقته اعتبر هذا البيان طعنا لاذعا في الخميني الذي كان في النجف أيضا ينافس الإمام الخوئي على الزعامة. وقد أعلن الخميني وأنصاره أن هذا البيان إنما صدر باعاز من السفارة الإيرانية في بغداد بتوجيه السافاك الإيراني لتحطيم الخميني وكان الحرب سجالا بين الخمينيين وحكيمين بعد صدور ذلك البيان الذي قام بتوزيعه في العراق عناصر من حزب الدعوة.
وكان هذا الحرب يلقب الخميني المفسد الأكبر ومخرب الإسلام والحوزة العلمية وقد شكا الخميني عندي مرّة من الأذى الذي يلاقيه من أفراد هذا الحرب وعبّر عنهم بعملاء الشاه الحقراء المأجورين وخلايا النحل الذي يمده السافاك بالمال والتوجيه.
وإذا بالخميني نفسه وبعد أن يعتلي سدة الحكم يصافح تلك الأيدي التي كان ينعتها بتلك النعوت ويقربهم إليه ويعطي لهم المال والسلاح يشكل منهم خلايا لمحاربة العراق. أنه مدعاة للسخرية حقا.
-22 -
(3) والتناقض الثالث الذي لا بد من الإشارة إليه: لقد ذهب السيد موسوي الصدر إمام الشيعة في لبنان إلى ليبيا وبدعوة من العقيد القذافي ولم يعد منها أبدا. وقال الخميني إني ربيب الصدر وأدبته وهوبمثابة ابني ولا بد أن انتقم له. وعندما كنت في طهران قال لي أحمد ابن الخميني أنه سأل من ياسر عرفات عن مصير الصدر فكان جوابه: إنه طار. وإنه أخبرناه بمقتل الصدر في ليبيا ومع كل هذا قال الخميني أعلن الولاء للرجل الذي قتل تلميذه وأحب الناس إلى قلبه لأن يغدق بالأموال الكثيرة.
على خليفته حسين علي المنتظري. والمنتظري هوالشيخ الذي قال للصحفيين بكل وقاحة. أنه يأخذ المال من العقيد القذافي لأنه أخيه ولا كلفه بين الأخوة (والجيب واحد).
وبهذه المناسبة أذكر هذه القصة الطريقة عن حياة هذا الشيخ العميل: عندما كنت في طهران زارني سعد مجبر سفير ليبيا في داري ليسلمني دعوة من العقيد القذافي لزيارة ليبيا وفي أثناء الحديث أخبرني أنه كان في قم في زراية المنتظري وتغذى على مائدته الخبز والتمر واللبن ثم أشاد يزهد الشيخ وورعه. وهنا سألت السفير الليبي هل أن المنتظري يزهد أيضا في الدولارات التي تسلمها إليه أم يبتلعها حتى الثمالة؟ فقال السفير ضاحكا ولا والله أنه يكاد يطير فرحا عندما أسلّمه الأموال.
(4) وتناقض رابع في حياة الرجل لا ينساه التاريخ فالرجل الذي يدعي أنه جاء لحماية الإسلام يتعاون مع أعداء الإسلام الحقيقيين وهوعلى أحسن العلاقات وأتمها من الاتحاد السوفيتي في حين أن أن الحرب سجال بين الإسلام والإلحاد في أفغانستان، ومئات الآلاف من المسلمين قتلوا ويقتلون على يد الجيش الأحمر بقنابل النابالم وبلغت الوقاحة إلى الشيخ الرفنسجاني رئيس مجلس الشورى أنه منع من الكلام واحد النواب الذي كان يريد الهجوم على الاتحاد السوفيتي بسبب الحرب التي
-23 -
يخوضها ضد الشعب الأفغاني الأمن، وقال له تريد أن تفسد علاقتنا الحسنة مع الاتحاد السوفياتي، والخميني نفسه الذي يهجم دوما على البلاد الإسلامية وزعماء المسلمين ويحارب الجار الشقيق المسلم العراق ساكت على ما يجري في أفغانستان من إراقة الدماء ولم يذكر الاتحاد السوفياتي إلى الآن بكلمة غير سليمة.
(5) ومن المتناقضات الصارخة في سياسة الرجل وعمله هوموقعه العدائي من كثير من دول المنطقة وتعاونه الحميم مع البعض الآخر، لقد قمت له في آخر لقاء تم بيننا في قم، لماذا تعادي دول المنطقة والخليج وكلهم جيران والجار لا يستطيع أن يعادي الجار بما في ذلك العداء يكمن أخطارا جسيمة لإيران والمنطقة بكاملها، فكان جوابه أنه لا يستطيع أن يصافح حكام هذه الدول لأن شعوبها من المستضعفين الذين وجدوا في الثورة الإيرانية أملا لمستقبلهم وهم لا يحبون حكامهم.
قلت له: إذا قبلت كلامك جدلا، فهل تعتقد أن الشعب السوري يحب حكامه؟ وهل أن الشعب الليبي يحب حكامه؟ وأنت مددت بد الصداقة إليهم وترتبط معهم بأوثق الصلات. لم يتفوه الخميني بكلمة وقد طأطأ رأسه وامتقع لونه، وبدأ ينظر إلى الأرض شررا.
ولذلك لم يستغرب أحد من الضالعين بشئون التناقضات الخمينية عندما سمع من الرجل إن حزب البعث العربي في العراق كافر يجب محاربته، ولكن حزب البعث العربي في سوريا مسلمي يجب مصادقته.
صدق الله العظيم حيث يقول ((ومن الناس من يشتري لهوالحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين)).
لقد سألت مصطفى ابن الخميني يوما، لقد كان والدك قبل الزعامة وفي أيام إقامته في قم هنا بشا لم تغادر الابتسامة شفتيه وكان لطيف المعشر
-24 -
حلوالحديث لم يسأم الإنسان من محادثة وقد أصبح الآن قاسيا غليظا متعجرفا شائكا كظهر القنفذ، فما عدا مما بدا؟ فأجابني: عندما دخل أبي معمعمة السياسة كثر النقاش والجدال عنده حول طريقته في معالجة الأمور وآرائه السياسية، وتفاديا للنقاش والجدال بدأ يعبس ويقلل من الحديث حتى يسأم الزائرون من الجلوس عنده، وقد أصبحت هذه الحالة المصطنعة عادة ثانوية عنده لا تغادره حتى في حياته العائلية. أن أبي يعتقد أن الزعيم يجب أن يأمر فيطاع وإذا حلوا فقد أكله الناس وفقد سيطرته عليهم.
(6) والتناقض الآخر في سياسة الخميني هوموقفه الشائن من فرنسا البلد الذي وفر له الحماية وكل الوسائل اللازمة للانطلاق ضد الشاه. فعندما كان الخميني في باريس كان يمجد بفرنسا ويعبر عنها بمهد الحرية وبعد أن وصل إلى سدة الحكم ملك طريق العداء معها. لأن فرنسا أوت المناضلين الإيرانيين الذين فرّوا من جحيم الجمهورية الإسلامية كما أوت الذين فرّومن جحيم الشاه من قبل.
والخميني الذي أدخل الرعب في قلوب شعب إيران بقسوته التي تفوق القساوة النازية يزعم أنه سيرعب فرنسا أيضا بتهديداته الجوفاء الحمقاء وبالسب والشتائم والكلام البذيء وهذا هوشأن كل متكبر جبار يحاط به أقوام جبناء يصيرون له أن العالم يتحرك حسب إرادته وهواء، فهولا ولن يفهم معنى الحرية والديمقراطية وسيادة الشعب على مقدراته. إن كل ما يعلمه المستبد الظالم هوالإسراف في القتل والتعذيب والمزيد من إراقة الدماء حتى أن يلمس نهايته الكئيبة التعيسة التي يعض يده عليها ويقول ياليتني مت قبل هذا وكنت ترابا.
وأنني عندما استمع إلى التهديدات الجوفاء الحمقاء التي يطلقها الخميني زمرته ضد دول العالم أذكر قصة تلك الفأرة التي قالت للجبل: سأرحل عنك حتى تستريح قليلا من عنائي. فأجابها الجبل: أيتها المسكينة أنا لم أعرف بغدوك كيف برواحك.
-25و26 -
الخميني والشيوعية
ليس الشبه الوحيد بين السيد الخميني مرشد الثورة في إيران والسيد لينين مرشد الثورة الشيوعية في روسيا، أن كليهما بدا بالعمل لإسقاط نظام بلديهما من باريس، ودخلا بلديهما بعد أن سقطت في إيران أسرة بهلوي الملكية وفي روسيا أسرة رومانوف القيصرية، كما أن الشبه بين الرجلين ليس أن كلا منهما كانت تحركه روح الانتقام الشخصي، فالخميني أراد أن ينتقم من الشاه لأنه قتل ابنه على حدّ زعمه ولينين أراد أن ينتقم من قيصر لأنه قتل أخاه ولكن وجه الشبه الحقيقي هو:
1 - إن الشيوعية اتخذت كلمة الفقراء (برولتراليسم) شعارا للثورة الشيوعية، وأخذ الخميني كلمة المستضعفين شعار للثورة الإسلامية الإيرانية.
2 - النظام الشيوعي لا يؤمن بالملكية المطلقة، ولذلك صودرت أموال كبار التجار والمعامل والأراضي في ظل الشيوعية، وخلقت من الأغبياء طبقة فقيرة تضاف إلى الفقراء، والخميني ونظامه صادروا أموال التجار وأراضي الناس والمعامل الكبيرة وأضافوا طبقة فقيرة إلى الفقراء وشعارهم أن الإسلام لا يؤمن بالملكية المطلقة المحدودة كما قال كارل ماركس.
3 - النظام الشيوعي يعتقد بأن الصحافة والإعلام يجب أن يعبر عن سياسة الحزب ويجب أن تكون في خدمة النظام الحاكم وتكون بوقا من أبواقه، ونظام الخميني صادر الصحف واستولى على الإعلام واستعمله في صالح حزبه.
-27 -
4 - الحزب الشيوعي هوالذي يحكم في النظام الشيوعي، ويحكم الحزب الجمهوري الإسلامي إيران بقيادة الخميني.
5 - الشعب ممنوع من السفر إلى خارج البلاد في الأنظمة الشيوعية، والسفر ممنوع على شعب إيران في نظام الخميني.
6 - الشيوعية تدعوإلى الأممية ونبذ القومية، وأول شعار نادى به الخميني هوالأممية واعتبار القومية كفرا وإلحادا.
7 - وفي الأنظمة الشيوعية يؤلّه الحاكم كما إلّه ستالين في روسيا، وماوتسي تونغ في الصين وتيتوفي يوغسلافيا، وفي نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية ألّه الخميني أكثر من أي إله آخر.
8 - في كثير من الدول الشيوعية تتخذ كلمات الحاكم إنجيلا واجب اتباعه، ويرددها الشعب في كل مناسبة ومكان، وكلمات الخميني اعتبرت إنجيلا يرددها اتباعه وأعوانه في كل مكان.
9 - النظام الشيوعي هوالنظام القائم على القيادة الجمعية في حكم البلاد على شرط أن يكون القادة من المؤمنين بالماركسية، ونص دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية على القيادة الجماعية شريطة أن يكونوا من المؤمنين بالخميني، وشعارهم " حب خميني حسنة لا تضر معها سيئة ".
10 - في النظام الشيوعية تخضع كل دائرة للجنة شيوعية تنبثق من داخل تلك الدائرة، وفي نظام الخميني تخضع كل دائرة للجنة خمينية تنبثق من داخل تلك الدائرة.
11 - النظام الشيوعي يتخذ الفلسفة المكيافيلية (النتائج تبرر أساسا للمقدمات) دعامة للعمل السياسي، والنظام الخميني اتخذ الفلسفة نفسها أساسا للقمع الدموي.
12 - النظام الشيوعية يرى من واجبه مساعدة الشيوعية في الدول الأخرى لاستلام السلطة بأي ثمن ونظام الخميني يرى من واجبه مساعدة أنصار (ولاية الفقيه) في أي مكان من العالم لاستلام السلطة.
-28 -
13 - النظام الشيوعي قسم الشعب إلى البرجوازية والفقراء واستغل هذا التقسيم في بسط نفوذه، والخميني قسم الشعب إلى أهل الشمال والجنوب، أي الأثرياء القاطنين في شمال طهران والفقراء الساكنين في جنوبها، واستغل هذه التفرقة لبسط سلطانه على الشعب.
14 - النظام الشيوعي يرى التصفية الجسدية لأعدائه ضرورة في بعض الأحيان كما تعرض لها تروتسكي أحد بناة الشيوعية وقادتها عندما كان لاجئا في المكسيك، ونظام الخميني اتخذ التصفية الجسدية شعارا له وهدد به المناوئين بكل وقاحة.
15 - في النظام الشيوعي كل حزب مكلف بأدلاء المعومات عن أعداء النظام، والخميني سن هذا القانون عندما طلب من كل أبناء الشعب أن يتجسسوا لصالح نظامه ولوعلى أقرب المقربين.
16 - قال لينين اعطني مرحا أعطيك شعبا، وقال الخميني اعطني الإعلام أعطيك شعبا. وبعد هذه المقارنة، لابد من الإشارة إلى عدة حقائق، هل أن تعاون المخابرات الروسية (ك ج ب) مع المخابرات الخمينية وتعليم الحرس الثوري طرق التجسس أمرا اعتباطي؟ وهل أن مصافحة الخميني للدول الشيوعية واستخدام الخبراء من كوريا الشمالية أمر اعتباطي؟
وكيف يمكن تفسير الحرية التي يتمتع بها الحزب الشيوعي (تودة) (2) في العمل السياسي والإعلامي في إيران الأول مرة منذ تأسيسها، وفي ظل نظام يدعي أنه جاء لحماية الإسلام. وماذا يعني سكوت الخميني عن المجازر التي ترتكب بحق المسلم في أفغانستان على يد المحتلين الروس؟ وما هومعنى هذا الهجوم العنيف ليل نهار على الاستعمار الغربي فقط، وعده ذكر الاستعمار الشرقي، بل الإصرار
ــــــــــــــــ
(2) راجع فصل الرعب المدمر.
-29 -
وعدّه ذكر الاستعمار الشرقي، بل الإصرار بعد التعرض له؟ وكيف يبرر الخميني إعطاء المناصب الحساسة في الدولة للشيوعية، والتعاون مع الحزب الشيوعي لقتل (مجاهدي خلق)؟ ومما أن الكلمات العبارات لا تغرني أبدا، بل انظر إلى العمل كمقياس حقيقي لتقيم الأفراد والجماعات، فلذلك لا أجد صعوبة في رمي الخميني بالشيوعية مع ما عليه من الطيلسان والعمة والرداء، وتكراره اسم الله والإسلام في كل أحاديثه.
فالخميني الذي لم يتورع من الكذب وقتل الأبرياء والحرب مع الاخوة المسلمين واغتصاب أموال الناس والسطوعلى حقوق الشعب والتعاون مع إسرائيل لضرب المسلمين، وكل هذه القبائح لم تكن تعرف عنه قبل أن يعتلي سده الحكم بل لم يحلج بخلد أي بشر أنه سيتوغل فيها حتى قمة رأسه في يوم ما، فهل يكون من الصعب عليه أن يخفى آرائه السياسية كما أخفى دهرا أخلاقه للشيمة؟
وسواء كان الخميني شيوعيا أم غير شيوعي، فالشيوعيون الإيرانيون يعيشون في ظل نظامه في عهد ذهبي لم يحملوا به من قبل إبداء، وأن إيران في ظل هذا النظام الفوضوي الجائر أصبحت أكثر استعدادا من أي وقت مضى لقبول السيطرة الشيوعية، وأن الشيوعيين الآن في إيران ينظرون اللحظة المناسبة للوثبة الأخيرة يساعدهم الدب القطبي من خارج البلاد والطابور الخامس من داخلها (3).
ـــــــــــــــــــ
(3) قبل عام اعتقلت السلطات الإيرانية زعماء الحزب الشيوعي في إيران بعد أن اتهمتهم بمحاولة انقلابية فاشلة واعتقلت أيضا بعض القادة العسكريين بتهمة التعاون مع الحزب الشيوعي وفي ضمن المعتقلين العقيد بهرام أفضلي قائد القوات البحرية.
-30 -
الخميني بين القول والفعل
لابد من المقارنة ما قاله الخميني عن الشاه وهويقود المعارضة ضده وما فعله هوبعد أن وصل إلى السلطة وأزاح الشاه من عرشه ليكون القارئ الكريم على بينة من أمر الرجل الذي خدع أمة الإسلامية بمعول الكلام والوعود الكذبة والمستقبل المشرق.
كان الخميني يندد الدستور الإيراني ويسخر من البند الذي كان ينص على: أن الملكية وديعة الهبة أعطاها الله للملك عن طريق إرادة الشعب التي تجلت في الاستفتاء العام.
وها هوالخميني جعل في البند بعد المائة من دستور الجمهورية الإسلامية نصا مماثلا. يقول: إن ولاية الفقيه سلطة إلهية أعطاها الله للفقيه عن طريق إرادة الشعب التي أقرها في الاستفتاء العام.
ندد الخميني في خطبة بصلاحيات الشاه كقائد أعلى للقوات المسلحة وإقالة الوزراء ونصهم وتعيين رئيس ديوان التمييز والمدعي العام وها هوحصل في البند الحادي عشر بعد المائة من الدستور الجديد هذا النص. آية الله الإمام الخميني هوالقائد الأعلى المحكمة العليا والمدعي العام ورئيس ديوان التمييز وتنفيذ رئاسة الجمهورية بعد أن ينتخب الشعب الرئيس.
كان الخميني يندد بالشاه لتدخله في شؤون البلاد الكبيرة والصغيرة وكان يندد بأسرته وحاشيته ويتهمهم بالتلاعب بمقدرات البلاد والعباد
-31 -
واستغلال أموال الشعب وعندما وصل هوإلى الحكم سلك الطريق نفسه كما أن ابنه أحمد وزمرته من آل الخميني يسيرون على سيرة أسلافهم من آل بهلوي في التلاعب بمقدرات الأمة واستغلال موارد البلاد وسرقة أموال الشعب، ويعتقد الضالعون بشؤون آل الخميني أن أرصدة أحمد في البنوك السويس تتجاوز المئات الملايين من الدولارات.
(4) كان الخميني يندد في خطة بالزمرة الحاكمة ويصفها بأنها المحسوبة على النظام وكان يقول أن الشرط الوحيد لتسلم كرسي الحكم هوالإخلاص والوفاء والإطاعة العمياء للشاه. وها هوجعل الشرط الأول والأخير لأشغال المناصب الحساسة في جمهوريته الولاء والعبودية لشخصه ولتفكره ولاية العقيه.
(5) كان الخميني يسخر ويندد في خطبة بتشكيل الأحزاب الحكومية في عهد الشاه وكان يعتبرها أحزابا غير شرعية كما كان يندد بالانتخابات النيابية ويعتبرها مزورة والخميني نفسه عندما وصل إلى الحكم أمر بطانته بتشكيل الحزب الجهوري الإسلامي أي الحزب الحاكم فعلنيا وكما كان الحزب الحاكم في عهد الشاه يزور الانتخابات ويفوز بالأكثرية النيابية هكذا زور الحزب الجمهوري الإسلامي والانتخابات وفاز بالأكثرية. فما شابه الليلة بالبارحة.
(6) كان الخميني يندد بالشاه ويتهمه بإرسال جلاوزته لإخماد المتظاهرين بالعصي والهروات وها هونفسه تجاوز سلفه في هذا المضمار كيرا حيث أرسل جلاوزته " حزب الله " إلى الاجتماعات التي تعقد ضده لإخماد الأنفاس كما أن هؤلاء المرتزقة يستعملون الأسلحة النارية في غالب الأحيان كما فعلوا مع المجاهدين وغيرهم وقتلوا سبعن طالبا جامعيا في حرم جامعة طهران.
-32 -
(7) كان الخميني يدافع عن الجرائد التي انتقدت سياسة الشاه والتي عطلها هذا الأخير انتقاما منها. وعندما وصل هوإلى الحكم عطل العشرات من الجرائد التي كانت تنتقد سياسة بل ذهب إلى أبعد من ذلك حيث صادر الصحف الكبيرة مثل جريدة كيهان وجريدة إطلاعات وجعلها بوقا من أبواقه.
(8) كان الخميني يندد بأسرة الشاه ويتهمهم الاتجار بالمخدرات وقبل بضعة أشهر اعتقل الشرطة الألمانية في مطار دوسلدوف صادق الطباطبائي صهر الخميني وهويحمل حقيبة مليئة بالأفيون وكان وهكذا يفضح الله المنافقين والذين في قلوبهم مرض ليكونوا عبرة للناس كافة.
(9) ندد الخميني في كثير م خطبة بإعدام المتهمين بتجارة الأفيون وكان يقول أن هذه ذريعة اتخذها الشاه لإعدام المناؤين لنظامه كما أنه كان يقول ويؤكد أن الإسلام لا يقر عقوبة الإعدام لتجّار المخدرات ولكنه عندما استلم السلطة أعدم أكثر من ألف وأربعمائة شخصا بتهمة الاتجار بالمخدرات.
(10) كان الخميني يتهم الشاه بالهذيان في الكلام عندما كان يقول أن قوة بلاده أصبحت تخيف الدول القريبة والبعيدة لأنها القوة الرابعة في العالم أوأن اقتصاد إيران سيكون أكثرها ازدهار من الاقتصاد الياباني في عام 1980، وها هوالخميني يهذي في الكلام ما استطاع إلى الهذيان سبيلا. فتارة يزعم أنه ينظم جيشا قوامه عشرين مليون جندي يحارب به أمريكا وتارة يهدد فرنسا وضرب مصالحها في العالم وتارة يقول أنه تم في إيران بناء مائة ألف مدرسة في عام واحد كما أن العالم سمعه يهدد العراق باحتلال عاصمته في غضون أربع ساعات.
-33 -
(11) كان الخميني يندد سياسة القمعية ولا سيما تصفية المناوئين في خارج البلاد على يد بوليسه السري (السافاك) وها هوالخميني سلك نفس الطريق حيث قتل بوليسه السري محيط الطباطبائي في واشنطن وابن شقيقة الشاه المسمى شهرام في باريس. كا قام بوليسه باغتيالات فاشلة بالنسبة لكل من الدكتور شاهبور بختيار رئيس الوزراء في عهد الشاه وبني صدر أول رئيس جهورية في عهده والدكتور علي أميني رئيس الوزراء الإيراني الأسبق وغيرهم.
(12) كان الخميني يندد بالمحاكم العسكرية التي تصدر أحكاما بالإعدام في حق المناوئين لنظام الشاه ومحاكم الخميني الثورية أعدت من مناوئي حكمه في أربعة أعوام مئات أضعفا ما فعلت محاكم الشاه في ثلاثين عاما. وبهذا الفارق أيضا هوأن المتهمين السياسيين كان يحق لهم الدفاع عن أنفسهم في محاكم الشاه وكان يحق لهم التمييز والاستئناف في الأحكام الصادرة بحقهم أما في محاكم الثورة الإسلامية فلا دفاع ولا استئناف ولا تمييز مائة إعدام في مائة دقيقة.
(13) سخر الخميني من الشاه عندما لقبه المجلس الثوري بـ (اريامهر) أي محبوب الشعب الاري ولكنه استبشر سرورا عندما لقبه أصحابه (إمام الأمة).
(14) كان بيت القصيدة في خطب الخميني ضد الشاه اضطهاد هذا الأخير للأقليات القومية في أنحاء البلاد وعدم الاستجابة لمطالبهم المشروعة وها هوالخميني بعد استلام السلطة قتل اباد من القوميات الإيرانية المختلفة في شرق البلاد وغربها عشرات الآلاف ولا زالت الحرب سجلات بين حرس الخميني والأكراد في غرب إيران ومع التركمان في شرق البلاد. وقد قتل الخميني من الأكراد العرب والبلوش والتركمان في غضون أربعة أعوام من حكمه مئات أضعاف ما قتل سلفه في ثلاثين عاما.
-34 -
(15) كان الخميني يسخر بالشاه عندما كان يدعي أنه يأتيه الإلهام من عالم الغيب والملكوت ويصفه بالكذب المخادع وها هوالخميني نفسه يبتسم راضيا عن أولئك الذين قالوا فيه ما ادعى سلفه بل زادوا في ذلك وقالوا أنه فعل ما لم يعله الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم. وهكذا ابتلى الشعب الإيراني المسلكين بمعتوه مجرم متعطش للدماء ولكنه ليس في لبوس الأباطرة بل في لبوس الزهاد والكهنوت.
-35 -
أنا والخميني
لقد رأيت من الضرورة بمكان إضافة هذا الفضل إلى الفصول الأخرى من الكتاب حتى لا يتوهم القارئ الكريم ولا أولئك الذين يؤرخون هذه الحقيقة من تاريخ إيران أن مؤلف هذا الكتاب طفيلي على الثورة أوكان بعيدا عنها أوأنه بعيد عن الشؤون الإسلامية ومعارفها. وها أنا أعلن لأولئك الذين بهرتهم فكرة ولاية الفقيه بأني كأحد فقهاء الإسلام أعلن بصراحة مطلقة وصريح القول أن فكرة ولاية الفقيه بدعة ابتدعها الخميني وضلال أضل به المجتمع وأنه والله كملة لا يؤمن هوبها ولا زمرته، بل اتخذها ذريعة للسلطة على رقاب المسلمين ظلما وعدوانا، وأن الله ورسوله برئ منه كل من يحكم بالباطل ويتخذ الظالمين إماما وهاديا.
لقد عشت في كنف الإمام الأكبر جدنا السيد أبوالحسن الموسوي الأصفهاني رحمه الله سبعة عشر عاما وكان هوالمرجع الأعلى للطائفة الشيعية في شرق الأرض ومغاربها حتى قال فيه الإمام كاشف الغطاء الكبير رحمه الله أن السيد أبوالحسن (أنسى من قبله واتعب من بعده) فوالله لم اسمع منه مرة واحدة كلاما كهذا، بل كان رحمه الله دوما يوصي مراجع الإسلام بالابتعاد عن السلطة الزمنية والترفع عنها وكان يقول (واجب المجتهد هوهداية النفوس وإرشاد العباد والسعي في تكوين جامعة فاضلة لا حقد فيها ولا كراهية ولا ظلم ولا عدوان). وعندما استشهد ابنه الكبير في النجف وبين صلاة المغرب والعشاء وهوأبي، الذي قتله رجل متلبس بلباس طلبة العلوم الدينية أرسله الاستعمار من مدينة قم الإيرانية إلى النجف كي ينفذ جريمته النكراء، عفى الإمام الأكبر جدنا عن القاتل وقال (لا ينبغي لإمام المسلمين أن يتقاضى أحد أفراد أمته. ولوكان قاتل أنه ظلما وعدوانا).
-36 -
وكتب إلى المحكمة بخطه ((إمام المسلمين بمثابة الأب الروحي لجميع المسلمين ولا يليق به أن يتقاضى أحدا منهم وإلى الله المشتكى وهونعم المولى ونعم النصير)).
لقد كان تصور الشعب الإيراني أن الإمام الخميني قائد المسيرة ومرشد ثورته له خصال السابقين من مراجع الإسلام ولم يمر بخلده قط أن هذا الإمام بعيد عن الرحمة قريب إلى الشر إذ قتل أسرف في القتل، وإذا أسرف في القتل لم يأبى سيفه من قطع رقاب الصغار من الفتيات والشباب من الفتان، وقد قتل في غضون ثلاثة أشهر من عمر الزمان الثلاثة آلاف شاب مسلم وشابة مسلمة لأنهم قالوا كلمة واحدة (الموت للخميني). ولست أدري كسف يلقي الخميني ربه وفي رقبته من دماء المسلمين ما لا تعد ولا تحصى. وأعود الآن إلى بيت القصيد من هذا الفصل وأذكر معرفتي بالخميني منذ كان مغمورا في مدينة قم، لا يعرفه أحدا إلى أن أصبح مشهورا يعرف اسمه كل واحد.
كنت إذا زرت مدينة قم التقيت بالخميني في قارعة الطريق أوفي دار أحد الأصدقاء وكان مجلسه لطيفا لا تخلوأحاديثه من الفكاهة، وكانت له حلقه تدريس في الفلسفة الإسلامية ممزوجة بالتصوف والعرفان، وكان يقضي الصيف في مصايف طهران بعيدا عن مدينة قم وهجيرها في كل عام، وكنت إذا ما جاء إلى طهران أزوره مرة أومرتين في بعض السنوات وأذكر إني دعوته مرة إلى طعام الغذاء في دارنا وكان بصحبه الإمام الشيخ مرتضى الحائري وهوالآن حي يرزق في مدينة قم ومن أكبر علمائها، وطبعا لم يلج ببالي آنذاك أن القدر سيسخر يوما ما بأمة إيران ويجعل من هذا الذي كنت اسقيه الماء والطعام بيدي الفاعل لما يشاء والحاكم لما يريد ومن ورائه دماء شامل وفناء عام، كان هذا في صيف عام 1955.
-37 -
وتركت إيران إلى فرنسا لحصول على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون وكنت أول مجتهد يحمل الشهادة العليا في الفقه الإسلامية يسافر لطلب المعرفة الحديثة إلى أوربا حتى يكون كالسيف ذوالحدين، وانقطعت صلتي بالخميني ولم أسمع شيئا عن أخباره طيلة السنوات الأربع التي قضيتها في أوربا، وعدت إلى إيران في عام 1959 ودخلت معامع السياسية وانتخبت من ل منطقتي نائبا في المجلس النيابي، وعندما كنت نائبا كنت أقود المعارضة ضد الحكومة والنظام، لم اسمع شيئا عن الخميني أيضا وشغلتني واجباتي عن التفكير حتى بالرجل. وتوفى الزعيم الروحي الكبير الإمام البروجردي في عام 1961 في مدينة قم وبرزت أسماء الزعماء الجدد ولم يكن في ضمنها اسم الخميني، بل كان الزعماء الجدد وكلهم إلى الآن على قيد الحياة الشريعتمداري والكلبايكاني والمرعشي.
ودارت الدوائر وإذا بالشاه يعلن تقسيم الأراضي على الدهاقين، فانبرت للشاه فئات كثيرة في ضمنها زعماء الدين والتحق الخميني تلك المجموعة، وأظهر من الحماس والجرأة في الكلام الكثير فاستقطب الجماهير وعلا يحمه واشتهرت صيته كما قلنا في موضع أخر من هذا الكتاب. وسجن الخميني بأمر الشاه وبرفقته الإمام القمي والإمام المحلاتي وزعماء دينيون آخرون وحصلت مجابهة دموية بين الشعب والنظام، ولم يدم سجن الخميني كثيرا فأطلق سراحه وبقي الخميني بعض الوقت رهين الإقامة الجبرية في طهران ثم عاد إلى قم واستأنف نشاطه ضد الشاه فسافر إلى تركيا لقيم في بورما وغادر تركيا إلى العراق، ليعيش في النجف رهطا من الزمان. عندما سجن الخميني ورفقائه في طهران ذهبت إلى الشاه لعلني أستطيع التوصل إلى حل بينه وبين الزعامة الدينية التي كادت تفجر البلاد، وكان اللقاء معه ساخنا
-38 -
ودار حديث صريح بيننا انتهى إلى خروجي من قصر سعد آباد مأيوسا، كما كان ذلك اللقاء أحد الأسباب التي أدت إلى القطيعة الأبدية بيني وبين الشاه ومن ثم مغادرتي لإيران وما تعرضت إليه من أدى وأخيرا محاولة الاغتيال الفاشلة على يد سافاك الشاه في البصرة والتي نجوت منها بإرادة إلهية بعد أن استقرت رصاصة في ظهري واخترقت الأخرى يدي اليمنى. ولا أيريد أن أسرد هنا تفصيل الحوار مع الشاه مرة أخرى فقد نشرته في ضمن مذكراتي (إيران في ربع قرن) ولا داعي لتكراره. والمذكرات قد طبعت في عام 1972.
وفي صيف 1965وصل الخميني إلى العراق وكنت أنا في النجف الأشرف ورحبت به كل الترحيب واستقبلته في الكاظمية وذهبت بصحبته إلى سامراء لزيارة الإمامين العسكريين وفي الطريق كان يحدثني عن الاضطهاد الذي لاقاه في تركيا وكيف أن الأتراك أرغموه على خلق الملابس الدينية وارتداء الزي الإفرنجي إذا أراد الخروج من الدار التي كان فيها تحت الحراسة حتى لا يعرفه الناس، وجاءني انبه مصطفى بعد أيام من وصله إلى النجف يستشيرني في أمير أبيه والضيقة المالية التي يتعرض هلا، فكتبت كتابا إلى السيد عباس المهري أحد العلماء البارزين في الكويت وهوالآن حي يرزق في قم بعد أن نفته السلطات الكويتية لعلاقته بالخميني، طلبت منه مساعدة الخميني ماليا لأنه كان على صلة بالتجار الموالين للزعماء الروحيين الذين كانوا ضد الشاه، وكانت له علاقة خاصة بالخميني، وبالفعل استجاب السيد المهري لندائي ووصلت إمداداته المالية إلى الرجل، ومرة أخرى أكرر هنا أن الخميني لم يكن هوالزعيم الروحي الذي كان يعارض الشاه بل كان آخرون يسيرون في نفس الطريق، وكان نصيبهم السجن والعذاب والتشرد، وقد أشرنا إلى أسمائهم في مكان لاحق غير أن الخميني عندما استبد بالسلطة قضى على رفقاء النضال بصورة أخرى.
-39 -
فالإمام الشريعتمداري شبه مسجون في داره والإمام الخلقالي مسجون في داره.
والإمام القمي الذي قضى 14 عاما في سجن الشاه يعيش نفس المأساة.
والإمام الزنجاني الذي قضى 7 سنوات في سجن الشاه، جالس في داره ولم يغادرها منذ سنين.
نعود إلى الحديث عن الخميني وما قدمته إليه من مساعدات وفي الفترة التي قضاها في النجف. كانا إذا ألمت به مشكلة طلب مني حلّها، ومرّات وكرات أنقذت جماعته من السجن أنهما كانوا يدخلون العراق خلسة وبصورة غير مشروعة فيلقى القبض عليهم، فكان يرجومني أن أتدخل لدى السلطات لإنقاذهم وكان له ما يريد.
وطلب مني أبيه مصطفى أن أطلب من السلطات العراقية تدريب جماعة أبيه على استعمال السلاح في خارج النجف فكان ما أراد. وطلب السلاح فحصلت له على السلاح من السلطات أيضا.
وفي السنوات الأول من وجود في النجف كان الخميني يلاقي صعوبة ومعارضة داخلية من الحوزة العلمية التي كانت رئاستها مناطة بالإمام الحكيم المرجع الشيعي الأعلى في العراق آنذاك وكان الإمام الحكيم على صلة وثيقة بالشاه وكانت حاشيته وبعض أورده وأقربائه عملاء مأجورين للشاه يأخذون الأموال من هذا الأخير ويتعاونون مع سافاك الشاه ما استطاعوا إلى التعاون سبيلا. وكان الإمام الحكيم بطبيعة صلاته بالشاه وصلات بعض أولاده وحاشيته بالنظام الإيراني يقفون موقف الاستنكار من الخميني ونشاطه وأفكاره، وقد قال لي ابنه مصطفى ان جماعة الحكيم وبعض أولاده عندما يرون أبي في الطريق يصفحون بوجوههم عنه (*)
ـــــــــــــــــ
(*) لم أتمكن الكتابة من السطر الأخير من هذه الصفحة نفسها بسبب عدم وضوح الكتابة، والنسخة الموجودة عندي رديئ الطباعة.
-40 -
يتحدث باسم النجف والحوزة الدينية عندما كان على قيد الحياة، وشكى لي مصطفى مرة أخرى مما يلاقيه أباه من جماعة الحكيم وقال لي أنهم يصفون أبي بهادم الإسلام وهدام الحوزة العلمية، وعندما زار عباس أرام وزير خارجية الشاه النجف ظهرت صورة الإمام الحكيم واقفا بجنب الوزير في الصحف الإيرانية حتى يعرف الشعب الإيراني الذي كان يرجع أغلبيته إلى الحكيم في التقليد أن الزعامة الدينية العليا من الشاه وليس كما يقول الخميني أنها ضد الشاه، بل أن الخميني شذ عن الطريق وقد طلب مصطفى مني جماعة الحكيم فهددتهم بالويل والثبور إذا لم يقلعوا عن ملاحقة الرجل وكانوا يعلمون أن مركزي في النجف والعراق وانتسابي إلى الإمام الحكيم وكانوا لا يريدون أن يصل الأمر إلى المجابه فتركوا الخميني وشأنه.
وبدأت اكتشف الرجل ونفسيته وحبه لنفسه إلى مرحلة الجنون شيئا فشيئا أثر اللقاءات التي كانت لي معه، وقد زاد يقيني عندما صدر في كتاب إيران في ربع قرن الذي كان يحتوي على مذكراتي وكثيرا من القضايا السياسية التي عاصرتها في إيران، وقد أحدث الكتاب ضجة كبرى في وقته لأهم الأسرار التي كان يحتويها، وكان فصل (الزعامة الدينية) من أهم فصول الكتاب وكشفت فيه علاقة الإمام الحكيم وجماعته بالشاه، وفي هذا الفصل ذكرت الخميني بإجلال وإكبار، وذكرت جهاده ونضاله ضد الشاه بإسهاب. وبعد صدور الكتاب بأيام زارني أحد أقربائي ليقول لي أنه يحمل رسالة شفهية من الخميني قلت بلغ. قال يقول: بلغ الدكتور موسى إني أعرف أنك ألفت هذا الكتاب لتشويه صورتي فقط وقد كنت موثقا. لقد دهشت دهشة عظيمة عندما سمعت هذا الكلام.
-41 -
وقلت لمحدّثي: هل جن الرجل؟ إن الكتاب ملئ بإجلال الرجل وإكبار دوره وعظيم منزلته في النضال، لماذا قال لك مثل هذا الكلام؟
قال يقول: إنك كلما ذكرت اسمه ذكرت الإمام الطباطبائي القمي معه ويعتبر هذا الترديف إهانة عظيمة أه فهويرى نفسه الزعيم الكبير الذي لا يحق لأحد أن يردف اسمه به.
قلت لمحدّثي: قل له أن الإمام الطباطبائي القمي مجتهد ومرجع مثلك، ودخل السجن برفقتك وقضى معك أشهرا في زنزانة واحدة وهولم يزل أسير السجن منذ سبع سنوات وأنت طليق حر تنتقل في إرجاء العالم الفسيح لماذا تأنف تأبى أن يذكر اسمه معك؟ النضال ليس احتكار لأحد، كما أن المرجعية ليست احتكارا لأحد، ثم أنت كنت مدرس الأخلاق في قم لسنوات طوال هلا تعلمت درسا واحدا من الدروس التي ألقيتها على طلابك؟ أليس أول درس من دروس الأخلاق (ترك الذات وحب العباد).
وحدثت بيننا فجوة بعد تلك الرسالة الجوفاء لكنها لم تصل إلى القطيعة حتى أن حل عام 1973 فقد زارني مصطفى الخميني في بغداد وقال يطلب مساعدتي في نشر مجلة شهرية باللغة الفارسية تصدر في النجف، تنطق باسم المناضلين ويريد تسميتها (النهضة الروحية) وأن صحابة أبيه سيتولون نشرها في النجف إذا ما سمعت الحكومية العراقية بذلك وأخذت مصطفى معي إلى دار الشخصية المسؤولة عن شؤون اللاجئين الإيرانيين. فطرحنا عليه الفكرة وحصلت الموافقة، وعين مصطفى المشرفين على المجلة وكلهم من صحابة والده، وانفق السيد شبيب المالكي محافظة كربلاء آنذاك من ميزانية الدولة على المشرفين في إصدار المجلة المال اللازم. وصدر عددين من المجلة أوثلاثة وإذا بأحد المشرفين عليها يزورني في الدار ويقول أن الخميني يريد أن يراك على عجل، فذهبت إلى داره وسمعت منه حديثا غريبا ..
-42 -
قال أريد منك أن تغير اسم المجلة إلى آخر.
قلت: لماذا؟
قال: لأني أنا الزعيم المسؤول عن النضال الروحي، واسم المجلة يوحي بأنها الناطقة باسمي وأنا لا أريد أن تكون لي مجلة.
قلت: (أولا) هناك غيرك من الزعماء الروحيون الذين خاضوا عمار النضار ولم يزالوا يخضونها وبعضهم في السجن مثل الإمام الطباطبائي القمي وبعضهم في المنفى مثل الإمام الزنجاني قلت أنت الوحيد في الميدان، (ثانيا) ابنك مصطفى هوالذي اقترح إصدار المجلة واقترح الاسم، وصدرت المجلة بناء على طلب منه. (ثالثا) لك قناة خاصة في إذاعة بغداد اشملها النهضة الروحية، أي اسم المجلة نفسها واحد أفرادك هوالذي يشرف عليه ويبث فمنها ساعتين في كل يوم، فلماذا لم تطلب غلق القناة تلك؟
قال: الكلام عبر الفضاء هواء في شبك أما المجلة هذه فمطبوع وملموس، والفرق كبيرين الكلام والكتابة. وبعد كلام طويل دار بيننا ومثل عادته أصر على رأيه.
فقلت: لا أستطيع تغيير اسم المجلة لأنه ليس من اللائق أن تصدر مجلة لشهرين ثم يغير اسمها لأسباب ما أنز الله بها من سلطان، أن هذا مدعاة للسخرية والاستهزاء.
قال: إن كان كذلك فأصحابي لا يقولون إصدارها.
قلت: سيتولاها قوم آخرون، وكفى الله المؤمنين القتال.
وامتنع أصحابه بناء على أوامره من العمل في المجلة كما قال، وتولاها مناضلون آخرون وصدرت المجلة حتى العدد الثلاثين بنفس الاسم ونفس المنهج المرسوم لها.
-43 -
ومنذ أن أشرف على المجلة آخرون لم يذكر الخميني ونضاله في صفحاتها الأولى كما كان يذكر عندما كانت تحت إشراف زمرته. وحصلت لي قناعة أن من الأصلح أن اقطع صلاتي بالرجل الذي سبب لي متاعب لا أستطيع تحملها، وحصلت القطعية التي دامت لخمس سنوات لم أر فيها الخميني من القريب اللهم إلا في بعض المجالس العامة في النجف، ولم استجب الكثير من نداءات أصحابه أوابنه لتجديد العلاقة به. وزار السيد أبوالحسن بني صدر العراق وحل في بيتي ضيفا في بغداد وحاول جاهدا أن يعيد العلاقات بيننا، فكان آخر كلامي له (هذا الرجل مريض بجنون العظمة، وأنه يضحي العالم وما فيه في سبيل حبه لنفسه وأنانيته، والتعاون مع إنسان كهذا لا يخلوا من الخطورة على الفرد المجتمع).
قال بني صدر: أوافقك على كل ما تقوله، ولكن نحن نحتاج إلى زعم روحي يقود النضال ضد الشاه ولا يلين في جهاده بالوعد أوالوعيد وهذا هوالخميني ولا بديل له.
قلت: حتى لوصح ما تقول فإنا لم أزل عند رأيي.
ودامت القطيعة إلى عام 1967 حيث توفى ابنه مصطفى في حادث غامض لم يعرف له سبب وكنت في بغداد عندما اتصل بي هاتفيا ممثلة العام في النجف واخبرني بوفاة مصطفى وقال أن السيد الخميني يبلغك السلام ويرجومنك في هذه الساعة العصيبة أن تقف بجانبه في عرض رجائه على رئيس الجمهورية بإصدار الأمر لدفن ابنه في الروضة الحيدرية الأمر الذي كان ممنوعا بقرار مجلس قيادة الثورة، وما إني اعتقد أن محاسبة الناس في ساعات المحنة والنكبة مغاير مع الشهامة والأخلاق، ومع أنه لم يحضر فاتحة والدتي رحمة الله عليها في النجف بسبب القطيعة بيننا، وكان من حقي أن أرفض طلبه عملا بالمثل لكني قررت تلبية رجائه فاتصلت فورا بوزير الأوقاف الدكتور الجواري وأخبرته بالحادث وبرجاء الخميني، ونقل الوزير رجاء الخميني إلى
-44 -
الرئيس الرجاء واعلم المسؤولين في النجف بالقرار ودفن مصطفى حيثما أراد واتصل بي حسين الخميني وهويقد الشكر والامتنان الجزيل. وذهبت إلى النجف عصر نفس اليوم لتقديم التعازي إلى الأب المنكوب بفقد أكبر أولاده وطبعا يفقد صديق لي في الوقت نفسه، فاستقبلني وهوحزين القلب يردد عبارات الشكر والحمد وكان ابنه أحمد حاضرا في الجلسة وهويبكي ويقول لي لن ننسى أفضالك. وأسجل هنا للتاريخ أن السيد المصطفى إذا كان على قيد الحياة لم يجرأ الخميني أن يفعل كثير من الأفعال التي فعلها، فهوكان بالنسبة لأبيه صمام الأمان وكان والده يخشى منه ومن غضبه، وكانت زمرة الخميني تخشاه أكثر مما كانت تخشى الخميني نفسه. وبعد أن مات مصطفى بصورة غامضة أشيعت في النجف شائعة مفادها أن زمرة الخميني هي التي قتلت مصطفى حتى يفصح لهم المجال بحرية العمل فمصطفى كان يمنع أباه من القيام بعمل حاد يتنافي مع مقامه وشيخوخته، وبالفعل بعد موت مصطفى خلا الجولأحمد وللزمرة الخمينية واستطاعت أن تلعب بعقل الشيخ العجوز لتجعل منه مهزلة القرن وأضحوكة الزمان، وقد سمعت من مصطفى أكثر من مرة كان يقول (أبي هدام وليس بناء)، وكان إذا أغلظ أباه في الحديث ضد الشاه في خطبه وسبه وقذف عائلته كما كانت عادته منع مصطفى من تسجيل الحديث وطبعه إلا بعد حذف تلك العبارات الشانئة وكان يقول (هذا النوع من الكلام لا يليق بمرجع دين أوزعيم أورجل في عمر أبي)، إنه كلام (المهرجين). ولم ألتق بالخميني بعد وفاة ابنه إلا مرة واحدة أخرى في نجف، ثم سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لغرض التفرغ العلمي في جامعة هارت فارد، وكنت في طرق العودة إلى بغداد وفي مطار أورلي في باريس صادف دخولي صالة المطار ورود الخميني صالة الداخلين،
-46 -
فتصافحنا وسألته خيران إن شاء الله؟
قال: الخير فيما وقع.
واجتمع نفر حوله كانوا في انتظاره، وبعد ذلك بشهرين كنت عائدا إلى أميركا ومارا بباريس حيث بقيت فيها أسبوعين ورأيت الخميني فيها عدة مرات، وأسجل هنا حوارين دار بيننا في آخر لقاء تم بيننا، أحد الحوارين يدل على أن الرجل من أهل الأحقاد العظام، والثاني يدل على أن الرجل مخادع مكار.
الحوار الأول /
قلت له: إني سأعود إلى طهران في القريب العاجل.
قال: لماذا تعود إلى طهران إذاً؟
قلت: لأداء الواجب نحوالوضع الراهن.
قال: تستطيع أن تؤدي واجبك في الخارج بعقد المؤتمرات الصحفية والعمل الإعلامي.
قلت: ولكني سأعمل داخل إيران أفضل من خارجها.
قال: لا اعتقد.
قلت: ولكني سأعود على كل حال.
وسكت الرجل ووجهه مكفهر، وانتهى الحوار.
ولما خرجت من عنده قال لي صاحبي أرأيت كيف يريد إبعادك ولا يريد عودتك إلى إيران، أن حقده عظيم عليك. وكل ما بدر منه وفاة ابنه نحوك من الرجاء والشكر والثناء كان مكرا.
قلت: لصديقي: ولا تكن في ضيقا مما يمكرون. إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
وأما الحوار الثاني /
سألته، ماذا يكون عقاب الشاه لوظفر الشعب به؟
-47 -
قال: إذا لم يثبت إنه قتل أحدا من الناس مباشرتا فلا يجوز الاقتصاص منه.
قلت: وفي رقبته دماء الآلاف من أبناء الشعب.
قال: يقتص من المباشر في القتل وليس من الأمر.
أن من أعجب العجائب وأغرب الغرائب أن صاحب هذا الكلام والرأي يقتل أربعين ألف إنسان في خلال أربع أعوام من حكمه، بين فتى وفتاة والشيخ والشيخة لأنهم قالوا (لتحيى الحرية وليسقط الاستبداد)، وصاحب هذا الرأي أيضا هوالذي أمر بقتل آلاف من الأكراد والعرب والبلوش والتركمان لأنهم قالوا (نريد حقوقنا المشروعة والتي اغتصبت في عهد الشاه).
وأختم الفصل برد قضية سمعتها من ابنه مصطفى قبل بضع سنوات وأيدها الخميني عندما سألته عن صحته، قال لي مصطفى، عندما كان والدي في سجن الشاه وفي أشد الخلاف معه حكم محاكم الشاه على نفر من أنصاره بالإعدام ومنهم الطيب والحاجي رضائي لأنهما قادا التظاهرات في تأييده وقدمت جهات مختلفة التماس العفوإلى الشاه ليعفوعنهما فرض الشاه ذلك أن والدي عندما سمع ذلك قال إني مستعد أن أذهب إلى قصر الشاه وأقدم الالتماس للعفوعن هؤلاء المحكومين فيما إذا أكون على يقين بأنه يقبل التماسي ورجائي لأن فيه إنقاذ رجلين مسلمين من الموت وقد سألت الخميني عندما كان في النجف وفي مناسبة خاصة عن هذا الحديث الذي سمعته من مصطفى، فقال لقد صح ما سمعت.
هكذا كان الخميني يتظاهر بالحب والحنان نحوعباد الله وخلقه حتى إذا وصل سدة الحكم انقض عليهم كالوحش الكاسر لم يأمن من سيفه حتى الصغار من صبية والصبيان وحتى الحوامل والجرحى. لقد صدق قائل هذا البيت:
صلى وصام لأمر كان يطلبه
فلما قضى الأمر لا صلى ولا صاما.
-48 -
فهرس
من هوالخميني ص3
الخميني في قم ص 11
الخميني في العراق -ص13
الخميني والبدع في الدين ص18
الخميني والمتناقضات ص21
الخميني والشيوعية -ص28
الخميني بين القول والفعل ---ص31
أنا والخميني ص36
الإسلام والديمقراطية: "واللطش الصحافي"
أمير طاهري
[email protected]
دفعت إحدى مقالاتي التي نشرت أخيراً السيد فهمي هويدي إلى تحريك مواهبه الجدلية لشن هجوم شخصي آخر ضدي ("الشرق الأوسط" ـ الاثنين 21/ 8/2000). وكانت النتيجة مثل السرقة بالإكراه في وضح النهار. ماذا يفعل المرء؟ إذا رددت بالمثل، تهبط إلى مستوى اللصوص. وافضل وسيلة هي استيعاب الصدمة والاستمرار في طريقك. ولذا، فلن أرد على الهجوم الشخصي. ويكفي القول إنني لاعتقد ان السيد هويدي يملك السلطة للحكم عليّ.
لقد كانت المقالة التي تسببت في غضب هويدي هي، في الواقع، ملخص للنقاش الدائر في إيران لأكثر من 150 سنة حول ما إذا كان الإسلام والديمقراطية متعارضين؟ وفي تلك المقالة ذكرت ان هؤلاء الذين يعتبرون الإسلام أيديولوجية أصروا دائما على أن الديمقراطية غريبة عن الإسلام ولا يمكن التوافق بينهما.
إن منتقدي يجادلني في تأكيدي أن الخميني اخترع مبدأ "ولاية الفقيه". وينقل عن الملا أحمد نراقي باعتباره صحاب الفكرة. لكن ما لا يفهمه ان مبدأ "ولاية الفقيه"، كما تطور ابتداء من القرن السابع عشر، ينطبق فقط على أشخاص مثل الأطفال اليتامى والمجانين والأسر التي تفقد عائلها، وليس على دولة بأكملها. وكانت بدعة الخميني هي تطبيقها على المجتمع الإسلامي في جميع أنحاء العالم. وكان الهدف من مقالتي هي إظهار عدم إمكانية تطور المجتمع الإيراني إلى مجتمع ديمقراطي بدون تغيرات هيكلية أساسية.
وقد شرح الراحل آية الله الخميني وأنصاره ذلك بكل الوضوح. وافضل شيء هوالنقل عنهم. "إن الذين يتحدثون عن الديمقراطية هم أعداء الإسلام. فكل معاناتنا تأتي من هذه الطبقة التي تدعي أنها مثقفة. إذا لم يتوقف هؤلاء عن التدخل، سيتم سحقهم. ويجب علينا، مثلما حدث في الثورات الاخرى في أنحاء العالم، قطع رؤوس عدة آلاف من الأفراد الفاسدين وحرق جثثهم لكي يتم حل المشكلة. إن هولاء الناس أسوأ من يهود بني قريضة ويجب إعدامهم. وبإذن الله وبأمر الله سنسحقهم". (الخميني في 18 مارس 1980). وقول ثان "لا تستمعوا إلى هؤلاء الذين يتحدثون عن الديمقراطية. هؤلاء أعداء للإسلام. سنكسر أقلام من يمتدح القومية أوالديمقراطية". (الخميني في 12 مارس 1979). وقول ثالث "ان الفقيه الولي هوممثل الإمام المنتظر في غيابه. إذا أمركم الفقيه أومن يمثله بمصادرة هذا العقار أوذاك، أوحرق مسكن هذا الشخص أوذاك، أوالقضاء على مثل هذا المجتمع أوذاك، فمن الضرورة على الجميع إطاعة الأمر. من يتردد سيعاقبه الله. (الخميني ـ ولاية الفقيه ـ ص 75 87) وقول آخر "الفرق الأساسي بين الحكومة الإسلامية ونظام الحكم الجمهوري والدستوري هوحق المواطن في النظام الأخير في التشريع. أما في الإسلام، فلا يملك أحد حق التشريع ولا يطبق أية قوانين غير قوانين الشريعة". (الخميني ـ ولاية الفقيه" ص 45) وقول آخر "ان القوانين الوحيدة التي يعترف بها الإسلام هي القوانين الشرعية الصالحة للابد وللإنسانية جمعاء. وجميع القوانين الاخرى هي نتاج العقول المصابة بالزهري لعصابة من الجهلاء وبالتالي هي بلا قيمة. إن الإسلام لا يعترف بأي من هذه القوانين في أي مكان من العالم". (الخميني ـ كشف الأسرار ـ 292) وقول آخر "الناس جهلاء وناقصون. وإلى أن يكبروا هم في حاجة إلى معلم مثل الأطفال". (الخميني ـ ولاية الفقيه ص 46، انظر صفحتي 58 و62) وأخيرا "الديمقراطية هي شكل سياسي داعر لأنه
يسمح لمن يحصل على أصوات اكثر بالحكم. (الخميني ـ إبريل 1979) والآن مقولة لأحد ورثة الخميني الأيديولوجيين آية الله مصباح يزدي: "الإسلام هوحكومة الله بينما الديمقراطية هي حكومة الشعب. والاثنان أعداء للابد. المجلس ليس هيئة تشريعية. يمكن ان تعرض الأفكار، وتقدم التوصيات. ولكن المرشد الأعلى هوالذي يعلن ما يمكن القيام به". (طهران 16 أغسطس 2000).
ومن المهم معرفة ان الخميني، وورثته، أمناء ومتسقون في أفكارهم. فليس لديهم مركب نقص ولا يهتمون على الإطلاق بمفاهيم غربية مثل السيادة الوطنية والديمقراطية والحكومة الدستورية وغير ذلك. ان الخميني وورثته سيشعرون بالفزع عندما يعلمون ان هويدي يعتقد ان الخمينية يمكن ان تقود العالم الإسلامي نحوالديمقراطية ويثير منتقدي أيضا قضية "غير عادلة" تجاه جمال الدين أسد ـ آبادي (الأفغاني) لأنني أشرت إلى علاقات السيد الماسونية.
لقد حلم السيد جمال بحكومة من الصفوة وبالتالي استمر في تقاليد العلوم السياسية الإسلامية التي بدأها عدد من الفلاسفة الإيرانيين الكلاسيكيين مثل الفارابي وأبوعلي سينا ونظام الملك والطوسي. وقد تأثر هؤلاء الفلاسفة بأفلاطون وزنوفون وارسطاليس وفلوطينوس، وحلموا بحكومة من الصفوة، وإذا لم يكن ذلك ممكنا، فبحكومة "المستبد المستنير الخيّر".
واعتقد السيد جمال ان المسلمين ليسوا على استعداد بعد لحكومة دستورية لعدة أسباب، من بينهما انتشار الخرافات، وخبرتهم الطويلة بحكم الطغاة، وجهلهم بالعلوم الحقيقية. واعتقد ان افضل ما يمكن ان يأملوا فيه هوالمستبد الخيّر المستنير الأبوي الذي يمكن ان يقدم علوما جديدة ومعلومات تكنولوجيا، ولاسيما الإحصاءات التي كان يعجب بها السيد أيما إعجاب، والإدارة الأكثر إنسانية.
ومعظم أعمال السيد جمال لم تترجم الى العربية ولذلك فلا يمكن لهويدي الاطلاع عليها. ولكن هناك مقالة للسيد جمال بالعربية (نشرت في مجلة مصر، العدد 33 الصادرة بتاريخ 22 صفر 1296) التي تطور تحليله لأنواع الحكومات في الإسلام. ويرفض فيها تلك الأنواع، ويقدم نموذجا يطلق عليه "الحكومة المتنطسة".
وكتب يقول انه في مثل هذه الحكومات "يعتبر القادة الحكماء مثل الأب الفطين بعيد النظر الذي يبذل كل ما في وسعه باستمرار لإعداد الظروف الكفيلة بضمان سعادة أطفاله طوال حياته، وان يعد الاحتياجات طويلة المدى وقصيرة المدى". وهومفهوم غير ديمقراطي لأنه يعامل الناس كـ"أطفال" ويروج لمبدأ الوصاية مثل الخميني.
ثم يصور السيد جمال ما يمكن ان يصبح دولة بوليسية: لا يجب ان يتوقف (الحاكم) عن الاهتمام بتفاصيل ما يفعله الرعية، ويجب ان يتابع شؤونهم بصفة مستمرة، ويقوّم ظروفهم".
ولم يقترح السيد جمال أي مشاركة شعبية في صنع القرار، ولا حتى من خلال مجلس الشورى. كما لم يطالب بحاكم "عادل" وإن كان يشير الى "العدالة" كأحد ظروف حكومته المثالية". فهويقول "ان القضاء على الفتنة، وقطع يد السارق، وفرض القيود على الغش، ومكافحة الفساد وردع الأشرار، لا تحقق إلا من خلال فرض القانون الديني وفرض سياسات تنطلق من مبادئ العدالة والإنصاف ... وهذا لا يتحقق إلا من خلال قانون عادل ينطبق على الجميع، ومن خلال حراس يقظين على تطبيقه، وبتوفر العلماء الخبيرين والقضاة العادلين".
ويعتبر معظم المؤرخين السيد جمال من بين مؤسسي الحركة الماسونية في الشرق الأوسط (*). وتوضح القراءة المتأنية لأعماله عن الأفكار الماسونية التي حاول تطويرها. وكان يعتبر مثل معظم الماسونيين ان الدين عائق منتصب في وجه الاستنارة، وانه عدوللتقدم الإنساني. مع ذلك، فقد أرغم على ممارسة "التقية" لأنه يدري ان اتخاذه موقفا معاديا للدين قد يتسبب في القضاء على طموحه السياسي في العالم الإسلامي وحتى انه قد يكلفه حياته نفسها.
وبالطبع، يحق للخميني والسيد جمال التعبير عن أفكارهما التي يعتقدان بها. غير ان كليهما كان على خطأ ولكن بأسلوب مختلف.
وأنا لم أعبر عن رأيي حيال تواؤم الإسلام مع الديمقراطية في المقال الذي قاد الى تعرضي للذم والانتقاص من الشأن. وربما كان من اللازم عليّ فعل ذلك، وأقول باختصار: اني اقتنعت بان الإسلام والديموقراطية لا يتواءمان بينهما فحسب بل قد يكمل بعضهما الآخر.
غير ان ذلك، يتطلب مقالاً آخر، فتحسب لذلك!
ـــــــــــــ
* راجع في سبيل فهم افضل للسيد جمال الدين الأفغاني، خاصة ارتباطاته الماسونية، أعمال محيط طباطبائي وإسماعيل رائين ومحمد شمس وهما ناطق ومحمد زكي بدوي وهاني سرور وممتاز تركوني ومريم محمد زهيري وايلي خدوري.
جريدة الشرق الأوسط 25/ 08/2000م
1 – عندما يتحدت الخميني عن الحكومة الاسلامية الراشدة يتجاهل حكومة الخلفاء الراشدين الثلاثة الذين سبقوا عليا، ولا يشير إلا إلى حكم الرسول وحكم
علي يقول مثلا " لقد ثبت بضرورة الشرع والعقل أن ما كان ضروريا أيام الرسول \ وفي عهد الامام أميرالمؤمنين من وجود الحكومة لا يزال ضروريا الى
يومنا هذا (27) .
وسر هذا التحاوز مبني على ذلك الاعتقاد لدى الشيعة فى خلافة علي ويشرحه شيخهم المفبد بقوله " وكانت إمامة أمير المؤمنين بعد النبي \ ثلاثون سنة منها أربع
وعشرون سنة و ستة أشهر ممنوعا من التصرف في أحكامها مستعملا للتقية والمداراة ومنها خمس سنين وستة أشهر ممتحنا بجهاد المنافقين من الناكثين
والقاسطين والمارقين (28) .
2 - ويطعن الخميني في الصحابة لمخالفتهم النص المزعوم على إمامة علي فيقول " وفي غدير خم في حجة الوداع عينه الرسول \ حاكما من بعده ومن حينها
بدأ الخلاف يدب في نفوس قوم (29) .
من هنا بداية المؤأمرة كما يعتقد الشيعة وعلى رأسهم الخمينيي .
3 - ويصرح الخميني بالطعن في الصحابة فيتهم الصحابي سمرة بن جندب رضي الله عنه بأنه يضع ا ألاحاديث على رسول الله \ يقول: "(ففي الرواة من
يفتري على لسان النبي \ أحاديث لم يقلها ولعل راويا كسمرة بن جندب يفتري أحاديث تمس من كرامة أمير المؤمنين (30) .
(27) الحكومة الإسلامية ص26 .
(28) المصدر السابق ص131.
(29) المصدر السابق ص131 .
(30) الحكومه الإسلامية ص71 .
ويقول عن حكومة معاوية " ولم تكن حكومة معاوية تمثل الحكومة الإسلامية أو تشبهها من قريب ولا من بعيد " (31) وقد مرّ معنا قوله عن معاوية : " فاستحق
لعنة الناس في الدنيا وعذاب في الآخرة " .
وقد مرّ توثيق الخميني ومجموعة من الآيات لكتاب يحمل " لعن صنمي قريش " وهم يرون أن من ردد هذا اللعن فله أجر وفضل عظيمين فجاء في كتابهم "
ضياء الصالحين ص 513 " الطبعة الثانية غشر عام 1398 ما نصه: " عن السجاد من قال اللهم العن الجبت والطاغوت كل غداة مرّة واحدة كتب الله له سبعين
حسنة ومحي عنه سبعين ألف سيئة ورفع له سبعين درجة.
فتبا لقوم يتعبدون بهذا الدعاء وغيره من أدعية كلها لعن وطعن في الجيل الأول الصحابة رضوان الله عليهم .
(31) الحكومة الإسلامية ص 71 .