آخر تحديث للموقع :

الأربعاء 12 ربيع الأول 1445هـ الموافق:27 سبتمبر 2023م 06:09:26 بتوقيت مكة

جديد الموقع

السياسة الشرعية بين النظرية والتطبيق ج1 & ج2 & ج3 - علي الكاش ..
الكاتب : علي الكاش ..

السياسة الشرعية بين النظرية والتطبيق - ج1

     ‏(العراقيون لا يفقهوا ان توقف الفاسدين في البلاد عن فسادهم أشبه بحلم ابليس بالجنة).‏ ذكر ابن عبد ربه " قال معاوية: إني لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي، ولا أضع سوطي حيث ‏يكفيني‎ ‎لساني، ولو أنّ بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت. فقيل له: وكيف ذلك؟ قال: كنت إذا ‏مدوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها". (العقد الفريد1/25). ( سراج الملوك/61). (حدائق ‏الأزهار/77). قال معاوية: مهما كان في الملك فإنه لا ينبغي أن يكون فيه أربع خصال: الكذب،‎ ‎فإنه ‏إن وعد خيراً لم يرج، وإن أوعد شراً لم يخف؛ والبخل، فإنه إذا بخل لم‎ ‎ينصحه أحد، ولا تصلح ‏الولاية إلا بالمناصحة؛ والحسد، فإنه إذا حسد لم يشرف‎ ‎أحد في دولته، ولا يصلح الناس إلا على ‏أشرافهم؛ والجبن: فإنه إذا جبن‎ ‎اجترأ عليه عدوه، وضاعت ثغوره". (البصائر والذخائر1/171). ‏روى المبرد عن معاوية قوله" إذا لم يكن الملك حليما استفزّه الشىء اليسير الذى يندم عليه،‎ ‎وإذا لم ‏يكن شجاعا لم يخفه عدوّه، وإذا كان شحيحا لم يكن له خاصة ولا‎ ‎مناصح، وإذا لم يكن صدوقا لم ‏يطمع فى رأيه".(الفاضل/88). ويعتبر معاوية أول منظر للسياسة الشرعية في التأريخ الإسلامي.‏ لا يوجد ما يسمى بالسياسة الشرعية في القرآن الكريم والسنة النبوية كمصطلح قائم بحد ذاته، ولكن ‏يوجد ما يفصلها في القرآن الكريم والأحاديث النبوية بما يعنيها ضمنيا، قال تعالى في سورة ‏التحريم/6 ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ ‏شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)). وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي ‏صلى الله عليه وسلم قال: ((كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والأمير راعٍ، والرجل راعٍ على ‏أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولدِه، فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيَّتِه)).‏ وورد بصيغة أخرى" كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ فالأميرُ الذي على الناسِ راعٍ عليهم وهو ‏مسؤولٌ عنهم والرجلُ راعٍ على أهلِ بيتِهِ وهو مسؤولٌ عنهم والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بعلها وولدِهِ ‏وهي مسؤولةٌ عنهم وعبدُ الرجلِ راعٍ على بيتِ سيدِهِ وهو مسؤولٌ عنهُ ألا فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ ‏عن رعيتِهِ". (صحيح البخاري/2554). (صحيح مسلم/1829). كما ورد ايضا سنن أبي داود ‏والترمذي والنسائي وأحمد وغيرها. كما إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يمثل القاعدة ‏الذهبية للسياسة الشرعية.‏‎ ‎الملك والحاكم والأمير والزوج والزوجة والخادم كل منهم راع حسب ‏مكانته وعمله وحجم مسؤوليته ومسؤول عن رعيته. قال ابو القاسم المغربي" السياسات ثَلَاث ‏سياسة السُّلْطَان لنَفسِهِ، وسياسته لخاصته، وَالثَّالِثَة لرعيته، فالسائس الْفَاضِل إِنَّمَا يصلح نَفسه‎ ‎أَولا ‏ثمَّ يصلح بسياستها خاصته وَمَا يحملهَا عَلَيْهِ من الْآدَاب‎ ‎الصَّالِحَة لرعيته، فينشأ الصّلاح على تدريج ‏وَتسود الاسْتقَامَة على تدريج". (السياسة/40). مفهوم الرعية لا يتعارض مع المواطنة، وليس ‏مقصود بها الخراف، كما ذكر أحد كبار شيوخ الأزهر (خالد محمد خالد) الذي اعترض على كلمة ‏الرعايا وسمى كتابه (موطنون لا رعايا) فهذه نظرة ضيقة وسوء فهم ما ورد في الحديث النبوي ‏الشريف، فليس من المنطق ان ترفض حديثا نبويا دون التبحر في معناه ومعرفة القصد منه، وما ‏فات الشيخ الأزهري ان كلمة مواطنه مستحدثة ولا أثر لها في القرآن الكريم والسنة النبوية، فلا ‏يمكن ان نقول مثلا (ايديولوجية الخليفة الفلاني) تعبيرا عن القول (فكرة الخليفة الفلاني) فلكل ‏حديث مكانه وزمنه وظرفه. قال محمد بن علي بن الفضيل: ماكنت أعلم أمور الرعية تجري على ‏عادة ملوكها، حتى رأيت‎ ‎الناس في أيام الوليد بن عبدالملك قد أشتغلوا بعمارة الكُرم والبساتين، ‏واهتموا‎ ‎ببناء الدور وعمارة القصور، ورأيتهم في زمان سليمان بن عبدالملك قد اهتموا بكثرة‎ ‎الأكل ‏وطيب الطعام، حتى كان الرجل يسأله صاحبه: أي لون اصطنعت، وماالذي أكلت؟‎ ‎ورأيتهم في أيام ‏عمر بن عبدالعزيز قد اشتغلوا بالعبادة، وتفرغوا لتلاوة القرآن‎ ‎وأعمال الخيرات وإعطاء الصدقات، ‏لتعلم أن في كل زمان تقتدي الرعية بالسلطان،‎ ‎ويعلمون بأعماله ويقتدون بأفعاله من القبيح ‏والجميل، واتباع الشهوات، وإدراك‎ ‎الكمالات. ( دولة السلاجفة للصلابي). لذا إذا فككنا عبارة ‏السياسة الشرعية الى (سياسة) و (شرع) سنرجع الى الحديث النبوي الشريف (كلكم راع، وكلكم ‏مسؤول عن رعيته)، وهذا برأينا أفضل تعبير عن المفهوم لأنه يَعني بضرورة وكيفية تسييس ‏الناس أي الذين يكونوا تحت مسؤليتك الشرعية.مع ضرورة التنبيه ان حجم المسؤولية يتصاعد من ‏الخادم الراعي لأموال سيده وأسراره ومصالحه الى الملك والزعيم والأمير، فهذا الخادم نتحصر ‏مسؤليته في خدمه سيده، والزوج والزوجة تنحصر مهمتهما في رعاية الأسرة، والملك والأمير ‏والزعيم تكون مسؤليتهم هي الأكبر لأن عليهم ان يراعوا الشعب، ويحققوا له الحياة الكريمة ‏ويشبعوا حاجاته من مأكل ومشرب ومسكن وعز وكرامة، واليوم يمكن الحكم على صلاحية ونجاح ‏السياسة الشرعية لأي حاكم من خلال رقي دولته ومعدل التنمية والتقدم والأزدهار والعيش الكريم ‏للشعب، وهذا هو المبدأ الذي خرجت به منظمة الشفافية الدولية لتقييم دول العالم، ومع الأسف كان ‏الدول العربية في السلم الأخير في المراتب مما يعني فشل السياسية الشرعية للحكام إذا استثينا دول ‏الخليج العربي، التي قطعت مشوارا مهما في التطور والرقي. قال ابو القاسم المغربي" أوصى ابو ‏بكر الصّديق (رض) يزِيد بن أبي‎ ‎سُفْيَان لما أنفذه على العساكر إِلَى الشَّام : ابدأ جندك بِالْخَيرِ ‏وعدهم‎ ‎مَا بعده وَإِذا وعظت فأوجز فَإِن الْكَلَام إِذا كثر نسى الأول بِالْآخرِ‎ ‎واصلح نَفسك يصلح لَك ‏النَّاس فَإِن الْأَمِير إِنَّمَا يتَقرَّب إِلَيْهِ‎ ‎بِمثل فعله". (السياسة/59). قال الفارابي " لَا بُد للمرء من ‏الْمُشَاورَة مَعَ غَيره فِي آراء وتدبيره فَيَنْبَغِي‎ ‎أَن يستودعها ذَوي النبل وكبير الهمة وَعزة النَّفس ‏وَذَوي الْعُقُول‎ ‎والألباب فَإِن أمثالهم لَا يذيعونها وَإِن يُبَاشر فِي وَقت إفشاء‎ ‎الرَّأْي الْأُمُور الَّتِي يستعان ‏بِمِثْلِهَا على إحكام ذَلِك الرَّأْي‎ ‎من الاستشارة وَالنَّظَر فِي أَخْبَار الْمُتَقَدِّمين وَالِاسْتِمَاع‎ ‎إِلَى الْأَحَادِيث فِي ‏السياسات اللائقة بذلك التَّدْبِير وَأَن يستر‎ ‎وجهده الْأُمُور الظَّاهِرَة المتعلقه بذلك التَّدْبِير الَّذِي يظْهر ‏مَعَ‎ ‎ظُهُورهَا السِّرّ وَيسْتَعْمل مَا يضاد ذَلِك الرَّأْي من غير أَن يظْهر‎ ‎فِي نَفسه حرصا على اسْتِعْمَال ‏الأضداد". (السياسة/28).‏ على الرغم من تخلف الدول العربية ووصول بعضها الى الى العتبة الأولى في سلم الرقي كالعراق ‏وسوريا واليمن ولبنان، علاوة على الصومال وموريتانيا والسودان، لكن زعماء هذه الدول لا يا ‏يشعروا بالخجل من هذه السمعة الدولية، كأن الأمر لا يعنيهم، مع ان هذه السمعة تنعكس على ‏موقف دول العالم تجاه دولهم وشعوبهم، انظروا كيف استباحت دول العالم العراق وسوريا ولبنان ‏واليمن، ففي سوريا قوات امريكية وروسية وايرانية وميليشيات لبنانية وعراقية وافغانية ‏وباكستانية، وانظروا الى العراق الذي يتعرض الى هجومات ايرانية وتركية شبه يومية، ولاحظوا ‏سمعة جوازات سفرهم الرديئة، وعدم احترام شعوبهم في مطارات العالم.‏ وسوف نمرٌ على ما ورد في تأريخ الأمة بما يخص السياسة الشرعية، كيف تعامل ابناء النخبة من ‏صحابة وأتباع وفلاسفة وشعراء وأدباء. والحقيقة تقال فقد أبدعوا هؤلاء جميعا في وصف السياسة ‏وعلاقتها بالشرع، وتأثيرها على الناس، ودور الرعاة بشكل عام في رعاية من هم يقعوا تحت ‏مسؤليتهم الشرعية والدنيوية. وهذا ما يتجلى في قول إبن الأزرق" عَن سُفْيَان الثَّوْريّ أَنه قَالَ لأبي ‏جَعْفَر الْمَنْصُور إِنِّي‎ ‎لأعْلم رجلا إِن صلح صلحت الْأمة وَإِن فسد فَسدتْ الْأمة قَالَ وَمن هُوَ‎ ‎؟قَالَ: ‏أَنْت قلت وبظهر ذَلِك باعتبارين:ـ‏ أَحدهمَا فِي الدّين: فقد قَالُوا النَّاس على‎ ‎دين الْملك فَإِن صلح مِنْهُ بِالْعَدْلِ تعدى الرّعية فلزموا قوانينه‎ ‎انفرادا وَمُخَالفَة وَإِن فَسدتْ مِنْهُ بالجور فشي فيهم ضَرَره كَذَلِك. الثَّانِي‎ ‎فِي الدُّنْيَا: فَإِن بصلاحه تفتح ‏فِيهَا بَرَكَات الأَرْض وَالسَّمَاء‎ ‎وبفساده يظْهر نقيض ذَلِك برا وبحرا قَالَ الله تَعَالَى ((وَلَو أَن أهل‎ ‎الْقرى آمنُوا وَاتَّقوا لفتحنا عَلَيْهِم بَرَكَات من السَّمَاء‎ ‎وَالْأَرْض))}، وَقَالَ تَعَالَى ((ظهر الْفساد فِي الْبر ‏وَالْبَحْر بِمَا‎ ‎كسبت أَيدي النَّاس)) ". (بدائع السلك1/85).‏ قال الماوردي" لَا يَسْتَغْنِي الْملك عَن الكفاة وَلَا الكفاة عَن الإفضال والإفضال عَن الْمَادَّة وَلَا الْمَادَّة ‏عَن الْعدْل. فالملك‎ ‎بِغَيْر الكفاة مختل والكفاة بِغَيْر الإفضال مسلطون والإفضال بِغَيْر‎ ‎الْمَادَّة مُنْقَطع ‏وَإِنَّمَا يُقيم الْموَاد تسليط الْعدْل وَفِي تسليط‎ ‎الْعدْل حَيَاة الدُّنْيَا وبهاء الْملك، وَفِي هَذَا التَّنْزِيل تَعْلِيل ‏للعدل فَإِنَّهُ من قَوَاعِد الْملك". (تسهيل النظر/188). وقال الماوردي حول كيفَ يساس الْملك" الملك ‏يساس بِثَلَاثَة أُمُور: أَحدهمَا بِالْقُوَّةِ فِي حراسته وحفاظه، وَالثَّانِي بِالرَّأْيِ فِي تَدْبيره وانتظامه، ‏وَالثَّالِث بالمكيدة فِي فل أعدائه. فَتكون الْقُوَّة مُخْتَصَّة بِالْعقلِ، والرأي مُخْتَصًّا بِالتَّدْبِيرِ، وهما على ‏الْعُمُوم فِي جَمِيع الْأَحْوَال والأعمال، فَأَما‎ ‎المكيدة فمختصة بفل الْأَعْدَاء فَإِن من ضعف كَيده قوي ‏عدوه وَهَذَا أصل‎ ‎يعْتَمد عَلَيْهِ مدَار السياسة وَيحمل عَلَيْهِ تَدْبِير الْملك". (تسهيل النظر/222). قال ‏ابن سينا" إِن أول مَا يَنْبَغِي أَن يبْدَأ بِهِ الْإِنْسَان من أَصْنَاف السياسة‎ ‎سياسة نَفسه إِذْ كَانَت نَفسه ‏أقرب الْأَشْيَاء إِلَيْهِ وَأَكْرمهَا‎ ‎عَلَيْهِ وأولاها بعنايته وَلِأَنَّهُ مَتى أحسن سياسة نَفسه لم يعي بِمَا‎ ‎فَوْقهَا من ‏سياسة الْمصر. وَإِن يعلم إِن كل رام إصْلَاح فَاسد لزمَه أَن يعرف جَمِيع فَسَاد ذَلِك‎ ‎الْفساد معرفَة ‏مستقصاه حَتَّى لَا يُغَادر مِنْهُ شَيْئا ثمَّ يَأْخُذ فِي‎ ‎إِصْلَاحه وَإِلَّا كَانَ مَا يصلحه غير حريز وَلَا وثيق". ‏‏(السياسة/78). ما يهمنا في الوقت الحاضر هو ما يتعلق برأس السياسة الشرعية والذي يتمثل ‏بالحاكم، وأفضل من عبر عنها الطرطوشي" إذا جار السلطان انتشر الجور في البلاد وعم العباد، ‏فرقت أديانهم واضمحلت‎ ‎مروآتهم وفشت فيهم المعاصي وذهبت أماناتهم، وتضعضعت النفوس ‏وقنطت القلوب،‎ ‎فمنعوا الحقوق وتعاطوا الباطل، وبخسوا المكيال والميزان وجوزوا البهرج،‎ ‎فرفعت منهم البركة وأمسكت السماء غياثها، ولم تخرج الأرض زرعها أو نباتها،‎ ‎وقل في أيديهم ‏الحطام وقنطوا وأمسكوا الفضل الموجود، وتناجزوا على المفقود،‎ ‎فمنعوا الزكوات المفروضة ‏وبخلوا بالمواساة المسنونة، وقبضوا أيديهم عن‎ ‎المكارم وتنازعوا المقدار اللطيف وتجاحدوا القدر ‏الخسيس، ففشت فيهم الأيمان‎ ‎الكاذبة والحيل والبيع والخداع في المعاملة، والمكر والحيلة في ‏القضاء‎ ‎والاقتضاء، ولا يمنعهم من السرقة إلا العار ومن الزنا إلا الحياء، فيظل‎ ‎أحدهم عارياً عن ‏محاسن دينه متجرداً عن جلباب مروءته، وأكثر همته قوت دنياه‎ ‎وأعظم مسراته أكله من هذا ‏الحطام، ومن عاش كذلك فبطن الأرض خير له من‎ ‎ظهرها". ( سراج الملوك/45).‏ وحذر الماوردي من الآفات التي تعصف بكل منصب، فقال:‏ قيل فِي منثور الحكم‎ آفَة الْمُلُوك سوء السِّيرَة‎ وَآفَة الوزراء خبث السريرة‎ وَآفَة الْأُمَرَاء مُفَارقَة الطَّاعَة وَآفَة الْجند مُخَالفَة القادة‎ وَآفَة الرّعية ضعف السياسة‎ وَآفَة الْعلمَاء حب الرياسة‎ وَآفَة الْقُضَاة حب الطمع‎ وَآفَة الْعُدُول قلَّة الْوَرع‎ وَآفَة الْملك تضَاد الحماة‎ وَآفَة الْعدْل ميل الْوُلَاة‎ وَآفَة الجرئ إِضَاعَة الحزم‎ وَآفَة الْقوي استضعاف الْخصم‎ وَآفَة الْمجد عوائق الْقُضَاة‎ وَآفَة الْمُشَاورَة انْتِقَاض الارآء‎ وَآفَة الْمُنعم قبح الْمَنّ‎ وَآفَة المذنب سوء الظَّن وَآفَة الزعماء قلَّة السياسة ". (تسهيل النظر/235). وحذر ابن خلدون من حاشية السلطان واليوم ‏ندعوهم بالمستشارين. ويميل السلطان إلى هؤلاء المصطنعين الّذين لا يعتدّون بقديم ولا يذهبون ‏إلى دالّة‎ ‎ولا ترفّع. إنّما دأبهم الخضوع له والتّملّق والاعتمال في غرضه متى ذهب‎ ‎إليه فيتّسع ‏جاههم وتعلو منازلهم وتنصرف إليهم الوجوه والخواطر بما‎ ‎يحصل لهم من قبل السّلطان والمكانة ‏عنده ويبقى ناشئة الدّولة فيما‎ ‎هم فيه من التّرفّع والاعتداد بالقديم لا يزيدهم ذلك إلّا بعدا من السّلطان‎ ‎ومقتا وإيثارا لهؤلاء المصطنعين عليهم إلى أن تنقرض الدّولة". (تأريخ ابن خلدون/492). مما ‏ذكر ابن الجوزي عن المحسن التنوخي" بلغنا عن المعتضد بالله، أنّ خادما من خدمه جاء يوما،‎ ‎فأخبره أنّه كان قائما على شاطىء الدجلة، في دار الخليفة، فرأى صيادا، وقد‎ ‎طرح شبكته فثقلت ‏بشيء، فجذبها، فأخرجها، فإذا فيها جراب، وأنّه قدّره مالا،‎ ‎فأخذه، وفتحه، وإذا فيه آجر، وبين ‏الآجر، كفّ مخضوبة بحناء‎.‎‏ قال: فأحضر الجراب والكف والآجر‎.‎‏ فهال المعتضد ذلك، وقال: قل ‏للصياد يعاود طرح الشبكة، فوق الموضع، وأسفله، وما قاربه‎.‎‏ قال: ففعل، فخرج جراب آخر فيه ‏رجل‎.‎‏ قال: فطلبوا، فلم يخرج شيء آخر‎.‎‏ فاغتم المعتضد، وقال: معي في البلد من يقتل إنسانا ‏ويقطع أعضاءه، ويغرّقه، ولا أعرف به؟ ما هذا ملك‎.‎‏ قال: وأقام يومه كلّه، ما طعم طعاما". ‏‏(الأذكياء/43).‏ أمثال وأقوال مأثورة في السياسة الشرعية ـ ذكر الجبرتي" يقال شيئان إذا صلح أحدهما صلح الآخر السلطان والرعية". (عجائب ‏الآثار1/22).‏ ـ قال ابن عبد ربه " قيل لعبد الله بن الحسن: إنّ فلانا غيّرته الولاية. قال: من ولي ولاية‎ ‎يراها أكبر ‏منه تغيّر لها، ومن ولي ولاية يرى نفسه أكبر منها لم يتغيّر‎ ‎لها". (العقد الفريد1/75).‏ ـ قالت الحكماء: إمام عادل، خير من مطر وابل. وإمام غشوم، خير من فتنة تدوم. ولما يزع الله ‏بالسلطان أكثر مما يزع بالقرآن". (العقد الفريد1/9).‏ ـ قال ابن عبد ربه " قال المأمون: الملوك تتحمّل كل شيء إلا ثلاثة أشياء: القدح في الملك، وإفشاء ‏السر، والتعرّض للحرم". (العقد الفريد1/13).‏ ـ ذكر الجبرتي" قال وهب بن منبه: إذا هم الوالي بالجور أو عمل به ادخل الله النقص في أهل‎ ‎مملكته حتى في التجارات والزراعات وفي كل شيء وإذا هم بالخير أو عمل به‎ ‎ادخل الله البركة ‏على أهل مملكته حتى في التجارات والزراعات وفي كل شيء‎ ‎ويعم البلاد والعباد ". (عجائب ‏الآثار1/22).‏ ـ قال ابن جماعة" اتّفق حكماء الْعَرَب والعجم على هَذِه الْكَلِمَات وَهِي: الْملك بِنَاء‎ ‎أساسه الْجند، فَإِن ‏قوى الأساس دَامَ الْبناء، وَإِن ضعف الأساس سقط‎ ‎الْبناء. لَا سُلْطَان إِلَّا بجند، وَلَا جند إِلَّا بِمَال، وَلَا ‏مَال‎ ‎إِلَّا بعمارة وَلَا عمَارَة إِلَّا بِعدْل". (تحرير الأحكام/69).‏ ـ قال الثعالبي" ينبغي أن يكون الملك كالغيث يحيي إذا همى، والسيل يردي إذا طمى، والبدر يهدي ‏إذا سما، والدهر يصمي إذا رمى".(الظرف والظرفاء‏‎1‎‏/17).‏ ـ قال بن مسكويه" على مدير المدن أن يسوق كل إنسان نحو سعادته التي تخصه ثم يقسم عنايته‎ ‎بالناس ونظره لهم بقسمين: أحدهما في تسديد الناس وتقويمهم بالعلوم الفكرية‎. ‎والآخر في تسديدهم ‏نحو الصناعات والأعمال الحسية". (تهذيب الاخلاق/83) .‏ ـ روى المبرد"حدّثنى مبارك الطبرى قال: سمعت أبا عبيد الله يقول: سمعت المنصور يقول‎ ‎للمهدىّ: يا أبا عبد الله، الخليفة لا يصلحه إلّا التقوى، والسلطان لا‎ ‎يصلحه إلّا الطاعة، والرعية لا ‏يصلحها إلّا العدل، وأولى الناس بالعفو‎ ‎أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلا من ظلم من هو ‏دونه".(الفاضل/88).‏ للكلام جزء تابع.. بعون الله علي الكاش

السياسة الشرعية بين النظرية والتطبيق - ج2

     ذكر وكيع" قال إياس بْن معاوية: كل بنيان بني على أساس أعوج لم يستقم بنيانه". (أخبار ‏القضاة2/356).‏‎ ‎‏ وهذا ما يمكن الإستدلال عليه في تجارب العراق وايران وسوريا ولبنان ‏واليمن.‏ تنويه سيكون الجزء الثالث والأخير متعلقا بالسياسة الشرعية في العراق بعد عام 2003، وبيان ‏موقف الراعي العراقي من رعيته، فمن غير المألوف في السياسة الشرعية أن يقتل ويسرق ‏الراعي رعيته ولا أن يهجرهم ويسومهم العذاب، ولا ان يفرق بين رعيته حسب الدين ‏والمذهب والعنصر والجنس واللون، ولا ان ويخدم دولة أخرى وشعب آخر لا يمت له إلا بصلة ‏جوار، وتأريخ الجوار مبني على العداء والحقد والفوقية الفارغة. أما الدين فهو مختلف فدين ‏نظام الملالي المبني على ولاية الفقيه لا علاقة له بالإسلام، ولا يمت صلة به، الإسلام دين ‏مكارم الأخلاق والسلم والتآخي والتسامح والحب واحترام الجار، وهذه الصفات جميعها تفتقر ‏اليها ولاية الفقيه، وسنفصل الأمر لاحقا.‏ قال الزمخشري" القاضي تعمل فيه الرشوة، ما لم تعمل في الشارب النشوة، يسمى القاضي، ‏وهو السمّ القاضي". (أطواق الذهب/17). وقال ابن المعتز: الملك بالدين يبقى، والدين بالملك ‏يقوى. ( اللطائف والظرائف/28). قال الماوردي" حَكَى حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ عُزِلَ ‏عَنْ‎ ‎وِلَايَةٍ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: إنِّي وَجَدْتهَا حُلْوَةَ‎ ‎الرَّضَاعِ، مَرَّةَ الْفِطَامِ". (أدب الدنيا ‏والدين/244). وذكر العدوي الشيزري سَأَلَ ملك من مُلُوك الْفرس حكيما من حكمائهم فَقَالَ مَا ‏عز الْملك قَالَ‎ ‎الطَّاعَة. قَالَ: فَمَا سَبَب الطَّاعَة قَالَ التودد إِلَى الْخَاصَّة‎ ‎وَالْعدْل على الْعَامَّة. قَالَ: ‏فَمَا حصن الْملك قَالَ وزراؤه وأعوانه‎ ‎فَإِنَّهُم إِذا صلحوا صلح الْملك وَإِذا فسدوا فسد الْملك قَالَ فَمَا‏‎ ‎سَبَب صَلَاحهمْ قَالَ: الْبَذْل والإنعام وَالْإِحْسَان الشَّامِل قَالَ:‏‎ ‎فَأَي الْأُمُور أَحْمد للْملك قَالَ: الرِّفْق ‏بالرعية وَأخذ الْأَمْوَال‎ ‎مِنْهُم من غير مشقة وأداؤه إِلَيْهِم عِنْد أَوَانه وسد الثغور وَأمن‎ ‎السبل ‏وإنصاف الْمَظْلُوم من الظَّالِم وزجر الْقوي عَن الضَّعِيف قَالَ‎ ‎فَأَي خصْلَة تكون فِي الْملك أَنْفَع ‏قَالَ الصدْق فِي جَمِيع الْأَحْوَال‎ ‎وَأما الأساس للمملكة وأركانها فَهُوَ الدّين". (المنهج ‏المسلوك/237).‏ ـ قال التوحيدي" قالت الترك: ينبغي للقائد العظيم أن يكون فيه عشر خصال من ضروب ‏الحيوان‎ ‎سخاء الديك، وتحنّن الدجاجة، ونجدة الأسد، وحملة الخنزير، وروغان الثعلب،‎ ‎وصبر ‏الكلب، وحراسة الكركيّ، وحذر الغراب، وغارة الذئب، وسمن بعروا، (هي‎ ‎دابة بخراسان ‏تسمن على التعب والشقاء)". (الإمتاع والمؤانسة1/109).‏ ـ قال التوحيدي" قال بعض ندماء الإسكندر له: إن فلانا يسيء الثناء عليك، فقال: أنا أعلم أن‎ ‎فلانا ليس بشرّير، فينبغي أن ينظر هل ناله من ناحيتنا أمر دعاه إلى ذلك،‎ ‎فبحث عن حاله ‏فوجدها رثّة، فأمر له بصلة سنيّة، فبلغه بعد ذلك أنه يبسط‎ ‎لسانه بالثناء عليه في المحافل، فقال: ‏أما ترون أن الأمر إلينا أن يقال‎ ‎فينا خير أو شرّ". (الإمتاع والمؤانسة2/182)‏‎.‎ حكى اسبهبد مرزبان " لا بد للملوك من خمس خصال: الأولى اجتناب التبذير، الثانية مراعاة ‏النفس‎ ‎والتأمل في حالة الرضى والغضب، الثالثة تقديم مصالح رعيته على مصالح نفسه،‎ ‎الرابعة لا يمكن القوي من الضعيف، الخامسة لا يقدم أحدا على العلم والعلماء‎ ‎وليتق دعوة ‏المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب". (مرزبان نامة/226).‏ طاهر بن الحسين يضع أسس نظرية السياسة الشرعية ذكر ابن خلدون" من أحسن ما كتب في ذلك وأودع كتاب طاهر بن الحسين لابنه عبد الله بن ‏طاهر‎ ‎لمّا ولّاه المأمون الرّقّة ومصر وما بينهما فكتب إليه أبوه طاهر كتابه‎ ‎المشهور عهد إليه ‏فيه ووصّاه بجميع ما يحتاج إليه في دولته وسلطانه من‎ ‎الآداب الدّينيّة والخلقيّة والسّياسة ‏الشّرعيّة والملوكيّة، وحثّه على‎ ‎مكارم الأخلاق ومحاسن الشّيم بما لا يستغني عنه ملك ولا ‏سوقة. ونصّ الكتاب‎ (‎بسم الله الرحمن الرحيم) أمّا بعد فعليك بتقوى الله وحده لا شريك له‎ ‎وخشيته ومراقبته عزّ وجلّ ومزايلة سخطه واحفظ رعيّتك في اللّيل‎ ‎والنّهار والزم ما ألبسك الله ‏من العافية بالذّكر لمعادك وما أنت صائر إليه‎ ‎وموقوف عليه ومسئول عنه، والعمل في ذلك كلّه ‏بما يعصمك الله عزّ وجلّ‏‎ ‎وينجّيك يوم القيامة من عقابه وأليم عذابه فإنّ الله سبحانه قد أحسن ‏إليك‎ ‎وأوجب الرّأفة عليك بمن استرعاك أمرهم من عباده وألزمك العدل فيهم والقيام‎ ‎بحقّه ‏وحدوده عليهم والذبّ عنهم والدّفع عن حريمهم ومنصبهم والحقن لدمائهم‎ ‎والأمن لسربهم ‏وإدخال الرّاحة عليهم ومؤاخذك بما فرض عليك وموقفك عليه‎ ‎وسائلك عنه ومثيبك عليه بما ‏قدّمت وأخّرت ففرّغ لذلك فهمك وعقلك وبصرك ولا يشغلك عنه شاغل، وإنّه رأس أمرك ‏وملاك شأنك وأوّل ما‎ ‎يوقفك الله عليه وليكن أوّل ما تلزم به نفسك وتنسب إليه فعلك المواظبة ‏على‎ ‎ما فرض الله عزّ وجلّ عليك من الصّلوات الخمس والجماعة عليها بالنّاس قبلك‎ ‎وتوابعها ‏على سننها من إسباغ الوضوء لها وافتتاح ذكر الله عزّ وجلّ فيها‎ ‎ورتّل في قراءتك وتمكّن في ‏ركوعك وسجودك وتشهّدك ولتصرف فيه رأيك ونيّتك‎ ‎واحضض عليه جماعة ممّن معك وتحت ‏يدك وادأب عليها فإنّها كما قال الله عزّ‏‎ ‎وجلّ تنهى عن الفحشاء والمنكر ثمّ اتّبع ذلك بالأخذ بسنن ‏رسول الله صلّى‎ ‎الله عليه وسلّم والمثابرة على خلائقه واقتفاء أثر السّلف الصّالح من بعده،‎ ‎وإذا ‏ورد عليك أمر فاستعن عليه باستخارة الله عزّ وجلّ وتقواه وبلزوم ما‎ ‎أنزل الله عزّ وجلّ في ‏كتابه من أمره ونهيه وحلاله وحرامه وائتمام ما جاءت‎ ‎به الآثار عن رسول الله صلّى الله عليه ‏وسلّم ثمّ قم فيه بالحقّ للَّه عزّ‎ ‎وجلّ ولا تميلنّ عن العدل فيما أحببت أو كرهت لقريب من النّاس ‏أو لبعيد‎ ‎وآثر الفقه وأهله والدّين وحملته وكتاب الله عزّ وجلّ والعاملين به فإنّ أفضل ما يتزيّن ‏به المرء الفقه في صلّى الله عليه وسلّم ثمّ قم فيه بالحقّ للَّه عزّ وجلّ ولا تميلنّ عن‎ ‎العدل فيما ‏أحببت أو كرهت لقريب من النّاس أو لبعيد وآثر الفقه وأهله‎ ‎والدّين وحملته وكتاب الله عزّ ‏وجلّ والعاملين به فإنّ أفضل ما يتزيّن‎ ‎به المرء الفقه في الدّين والطّلب له والحثّ عليه ‏والمعرفة بما يتقرّب به‎ ‎إلى الله عزّ وجلّ فإنّه الدّليل على الخير كلّه والقائد إليه والآمر‎ ‎والنّاهي ‏عن المعاصي والموبقات كلّها ومع توفيق الله عزّ وجلّ يزداد المرء‎ ‎معرفة وإجلالا له ودركا ‏للدّرجات العلى في المعاد مع ما في ظهوره‎ ‎للنّاس من التّوقير لأمرك والهيبة لسلطانك والأنسة ‏بك والثّقة بعدلك وعليك‎ ‎بالاقتصاد في الأمور كلّها فليس شيء أبين نفعا ولا أخصّ أمنا ولا ‏أجمع فضلا‎ ‎منه. والقصد داعية إلى الرّشد والرّشد دليل على التّوفيق والتّوفيق قائد‎ ‎إلى السّعادة ‏وقوام الدّين والسّنن الهادية بالاقتصاد وكذا في دنياك كلّها‎. ‎ولا تقصّر في طلب الآخرة والأجر ‏والأعمال الصّالحة والسّنن المعروفة ومعالم الرّشد والإعانة‎ ‎والاستكثار من البرّ والسّعي له إذا ‏كان يطلب به وجه الله تعالى ومرضاته‎ ‎ومرافقة أولياء الله في دار كرامته أما تعلم أنّ القصد في ‏شأن الدّنيا يورث‎ ‎العزّ ويمحّص من الذّنوب وأنّك لن تحوط نفسك من قائل ولا تنصلح أمورك‎ ‎بأفضل منه فأته واهتد به تتمّ أمورك وتزد مقدرتك وتصلح عامّتك وخاصّتك‎ ‎وأحسن ظنّك باللَّه ‏عزّ وجلّ تستقم لك رعيّتك والتمس الوسيلة إليه في‎ ‎الأمور كلّها تستدم به النّعمة عليك ولا ‏تتهمنّ أحدا من النّاس فيما تولّيه‎ ‎من عملك قبل أن تكشف أمره فإنّ إيقاع التّهم بالبراء والظّنون ‏السّيئة بهم‎ ‎آثم إثم. فاجعل من شأنك حسن الظّنّ بأصحابك واطرد عنك سوء الظّنّ بهم،‎ ‎وارفضه ‏فيهم يعنك ذلك على استطاعتهم ورياضتهم. ولا يجدنّ عدوّ الله‎ ‎الشّيطان في أمرك مغمزا فإنّه ‏يكتفي بالقليل من وهنك ويدخل عليك من‎ ‎الغمّ بسوء الظّنّ بهم ما ينقص لذاذة عيشك. واعلم أنّك ‏تجد بحسن الظّنّ‎ ‎قوّة وراحة، وتكتفي به ما أحببت كفايته من أمورك وتدعو به النّاس إلى‎ ‎محبّتك والاستقامة في الأمور كلّها ولا يمنعك حسن الظّنّ بأصحابك والرّأفة برعيّتك أن تستعمل ‏المسألة والبحث عن أمورك والمباشرة‎ ‎لأمور الأولياء وحياطة الرّعيّة والنّظر في حوائجهم ‏وحمل مئوناتهم أيسر‎ ‎عندك ممّا سوى ذلك فإنّه أقوم للدّين وأحيا للسّنّة. وأخلص نيّتك في جميع‎ ‎هذا وتفرّد بتقويم نفسك تفرّد من يعلم أنّه مسئول عمّا صنع ومجزيّ بما أحسن‎ ‎ومؤاخذ بما أساء ‏فإنّ الله عزّ وجلّ جعل الدّين حرزا وعزّا ورفع من اتّبعه‎ ‎وعزّزه واسلك بمن تسوسه وترعاه ‏نهج الدّين وطريقة الهدى. وأقم حدود‎ ‎الله تعالى في أصحاب الجرائم على قدر منازلهم وما ‏استحقّوه ولا تعطّل ذلك‎ ‎ولا تتهاون به ولا تؤخّر عقوبة أهل العقوبة فإنّ في تفريطك في ذلك ما ‏يفسد‎ ‎عليك حسن ظنّك واعتزم على أمرك في ذلك بالسّنن المعروفة وجانب البدع‎ ‎والشّبهات ‏يسلم لك دينك وتقم. ك مروءتك. وإذا عاهدت عهدا فأوف به وإذا وعدت خيرا فأنجزه واقبل ‏الحسنة‎ ‎وادفع بها، واغمض عن عيب كلّ ذي عيب من رعيّتك، واشدد لسانك عن قول الكذب‎ ‎والزّور، وأبغض أهل النّميمة، فإنّ أوّل فساد أمورك في عاجلها وآجلها،‎ ‎تقريب الكذوب، ‏والجراءة على الكذب، لأنّ الكذب رأس المآثم، والزّور‎ ‎والنّميمة خاتمتها، لأنّ النّميمة لا يسلم ‏صاحبها وقائلها، لا يسلم له صاحب‎ ‎ولا يستقيم له أمر. وأحبب أهل الصّلاح. والصّدق، وأعزّ ‏الأشراف بالحقّ،‎ ‎وآس الضّعفاء، وصل الرّحم، وابتغ بذلك وجه الله تعالى وإعزاز أمره،‎ ‎والتمس فيه ثوابه والدّار الآخرة. واجتنب سوء الأهواء والجور، واصرف عنهما‎ ‎رأيك، وأظهر ‏براءتك من ذلك لرعيّتك وأنعم بالعدل في سياستهم وقم بالحقّ‎ ‎فيهم، وبالمعرفة الّتي تنتهي بك ‏إلى سبيل الهدى. وأملك نفسك عند الغضب،‎ ‎وآثر الحلم والوقار، وإيّاك والحدّة والطّيش ‏والغرور فيما أنت بسبيله‎. ‎وإيّاك أن تقول أنا مسلّط أفعل ما أشاء فإنّ ذلك سريع إلى نقص ‏الرّأي وقلّة‎ ‎اليقين باللَّه عزّ وجلّ وأخلص للَّه وحده النّيّة فيه واليقين به‎. ‎واعلم أنّ الملك للَّه ‏سبحانه وتعالى يؤتيه من يشاء وينزعه ممّن يشاء. ولن‎ ‎تجد تغيّر النّعمة وحلول النّقمة على أحد ‏أسرع منه إلى حملة النّعمة من‎ ‎أصحاب السّلطان والمبسوط لهم في الدّولة إذا كفروا نعم الله ‏وإحسانه‎ ‎واستطالوا بما أعطاهم الله عزّ وجلّ من فضله. ودع عنك شره نفسك ولتكن‎ ‎ذخائرك ‏وكنوزك الّتي تدّخر وتكنز البرّ والتّقوى واستصلاح الرّعيّة وعمارة‎ ‎بلادهم والتّفقّد لأمورهم ‏والحفظ لدمائهم والإغاثة لملهوفهم. واعلم أنّ الأموال‎ ‎إذا اكتنزت وادّخرت في الخزائن لا تنمو ‏وإذا كانت في صلاح الرّعيّة وإعطاء‎ ‎حقوقهم وكفّ الأذيّة عنهم نمت وزكت وصلحت بها ‏العامّة وترتّبت بها الولاية‎ ‎وطاب بها الزّمان واعتقد فيها العزّ والمنفعة. فليكن كنز خزائنك ‏تفريق. الأموال في عمارة الإسلام وأهله. ووفّر منه على أولياء أمير المؤمنين قبلك‎ ‎حقوقهم ‏وأوف من ذلك حصصهم وتعهّد ما يصلح أمورهم ومعاشهم فإنّك إذا فعلت‎ ‎ذلك قرّت النّعمة ‏عليك واستوجبت المزيد من الله تعالى وكنت بذلك على‏‎ ‎جباية خراجك وجمع أموال رعيّتك ‏وعملك أقدر، وكان الجميع لما شملهم من‎ ‎عدلك وإحسانك أسلس لطاعتك وأطيب أنفسا بكلّ ما ‏أردت وأجهد نفسك فيما‎ ‎حدّدت لك في هذا الباب وليعظم حقّك فيه وإنّما يبقى من المال ما أنفق ‏في‎ ‎سبيل الله واعرف للشّاكرين حقّهم وأثبهم عليه وإيّاك أن تنسيك الدّنيا‎ ‎وغرورها هول الآخرة ‏فتتهاون بما يحقّ عليك فإنّ التّهاون يورث التّفريط‎ ‎والتّفريط يورث البوار. وليكن عملك للَّه عزّ ‏وجلّ وارج الثّواب فيه‎ ‎فإنّ الله سبحانه قد أسبغ عليك فضله. واعتصم بالشكر وعليه فاعتمد ‏يزدك الله‎ ‎خيرا وإحسانا فإنّ الله عزّ وجلّ يثيب بقدر شكر الشّاكرين وإحسان‎ ‎المحسنين. ولا ‏تحقّرنّ ذنبا ولا تمالئنّ حاسدا ولا ترحمنّ فاجرا ولا تصلنّ‎ ‎كفورا ولا تداهننّ عدوا ولا تصدّقنّ ‏نمّاما ولا تأمننّ غدّارا ولا توالينّ‏‎ ‎فاسقا ولا تتّبعنّ غاويا ولا تحمدنّ مرائيا ولا تحقّرنّ إنسانا ولا ‏تردّنّ‎ ‎سائلا فقيرا ولا تحسننّ باطلا ولا تلاحظنّ مضحكا ولا تخلفنّ وعدا ولا‎ ‎تزهونّ فخرا ولا ‏تظهرنّ غضبا ولا تبايننّ رجاء ولا تمشينّ مرحا ولا تفرطنّ‏‎ ‎في طلب الآخرة ولا ترفع للنّمام ‏عينا ولا تغمضنّ عن ظالم رهبة منه أو‎ ‎محاباة ولا تطلبنّ ثواب الآخرة في الدّنيا. وأكثر ‏مشاورة الفقهاء واستعمل‎ ‎نفسك بالحلم وخذ عن أهل التّجارب وذوي العقل والرّأي والحكمة. ولا ‏تدخلنّ‎ ‎في مشورتك أهل الرّفه والبخل ولا تسمعنّ لهم قولا فإنّ ضررهم أكثر من نفعهم‎ ‎وليس ‏شيء أسرع فسادا لما استقبلت فيه أمر رعيّتك من الشّحّ. واعلم أنّك‎ ‎إذا كنت حريصا كنت كثير ‏الأخذ قليل العطيّة وإذا كنت كذلك لم يستقم لك أمرك إلّا قليلا‎ ‎فإنّ رعيّتك إنّما تعقد على محبّتك ‏بالكفّ عن أموالهم وترك الجور عليهم‎. ‎وابتدئ من صافاك من أوليائك بالإفضال عليهم وحسن ‏العطيّة لهم. واجتنب‎ ‎الشّحّ واعلم أنّه أوّل ما عصى الإنسان به ربّه وإنّ العاصي بمنزلة خزي‎ ‎وهو قول الله عزّ وجلّ «وَمن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ‎ ‎الْمُفْلِحُونَ 59: 9» فسهّل طريق الجود ‏بالحقّ واجعل للمسلمين كلّهم‎ ‎من فيئك حظّا ونصيبا وأيقن أنّ الجود أفضل أعمال العباد فأعدّه ‏لنفسك‎ ‎خلقا وارض به عملا ومذهبا. وتفقّد الجند في دواوينهم ومكانتهم وأدرّ‎ ‎عليهم أرزاقهم ‏ووسّع عليهم في معايشهم يذهب الله عزّ وجلّ بذلك فاقتهم‎ ‎فيقوى لك أمرهم وتزيد قلوبهم في ‏طاعتك وأمرك خلوصا وانشراحا. وحسب ذي‎ ‎السّلطان من السّعادة أن يكون على جنده ورعيّته ‏ذا رحمة في عدله وحيطته‎ ‎وإنصافه وعنايته وشفقته وبرّه وتوسعته فزايل مكروه أحد البابين ‏باستشعار‎ ‎فضيلة الباب الآخر ولزوم العمل به تلق إن شاء الله تعالى نجاحا وصلاحا‎ ‎وفلاحا. ‏واعلم أنّ القضاء من الله تعالى بالمكان الّذي ليس فوقه شيء من‎ ‎الأمور لأنّه ميزان الله الّذي ‏تعدّل عليه أحوال النّاس في الأرض. وبإقامة‏‎ ‎العدل في القضاء والعمل تصلح أحوال الرّعيّة ‏وتأمن السّبل وينتصف المظلوم‎ ‎وتأخذ النّاس حقوقهم وتحسن المعيشة ويؤدّى حقّ الطّاعة ‏ويرزق الله العافية‏‎ ‎والسّلامة ويقيم الدّين ويجري السّنن والشّرائع في مجاريها. واشتدّ في أمر‎ ‎الله ‏عزّ وجلّ وتورّع عن النّطف وامض لإقامة الحدود. وأقلّ العجلة وأبعد عن‎ ‎الضّجر والقلق ‏واقنع بالقسم وانتفع بتجربتك وانتبه في صمتك واسدد في منطقك‎ ‎وأنصف الخصم وقف عند ‏الشّبهة وأبلغ في الحجّة ولا يأخذك في أحد من رعيّتك‎ ‎محاباة ولا مجاملة ولا لومة لائم وتثبّت ‏وتأنّ وراقب وانظر وتنكّر وتدبّر‎ ‎واعتبر وتواضع لربّك وارفق بجميع الرّعيّة وسلّط الحقّ ‏على نفسك ولا تسرعنّ‎ ‎إلى سفك دم، فإنّ الدّماء من الله عزّ وجلّ بمكان عظيم انتهاكا لها بغير‎ ‎حقّها. وانظر هذا الخراج الّذي استقامت عليه الرّعيّة وجعله الله للإسلام‎ ‎عزّا ورفعة ولأهله ‏توسعة ومنعة ولعدوّه وعدوّهم كبتا وغيظا ولأهل الكفر‎ ‎من معاديهم ذلّا وصغارا فوزّعه بين ‏أصحابه بالحقّ والعدل والتّسوية‎ ‎والعموم ولا تدفعنّ شيئا منه عن شريف لشرفه ولا عن غني ‏لغناه ولا عن كاتب‎ ‎لك ولا عن أحد من خاصّتك ولا حاشيتك ولا تأخذنّ منه فوق الاحتمال له. ‏ولا‎ ‎تكلّف أمرا فيه شطط. واحمل النّاس كلّهم على أمر الحقّ فإنّ ذلك أجمع‎ ‎لأنفسهم وألزم ‏لرضاء العامّة. واعلم أنّك جعلت بولايتك خازنا وحافظا‎ ‎وراعيا وإنّما سمّي أهل عملك رعيّتك ‏لأنّك راعيهم وقيّمهم. فخذ منهم ما‎ ‎أعطوك من عفوهم ونفّذه في قوام أمرهم وصلاحهم وتقويم ‏أودهم. واستعمل عليهم‎ ‎أولي الرّأي والتّدبير والتّجربة والخبرة بالعلم والعمل بالسياسة‎ ‎والعفاف. ووسّع عليهم في الرّزق فإنّ ذلك من الحقوق اللّازمة لك فيما‎ ‎تقلّدت وأسند إليك فلا ‏يشغلك عنه شاغل ولا يصرفك عنه صارف فإنّك متى آثرته‎ ‎وقمت فيه بالواجب استدعيت به ‏زيادة النّعمة من ربّك وحسن الأحدوثة في عملك‎ ‎واجتررت به المحبّة من رعيّتك وأعنت على ‏الصّلاح فدرّت الخيرات ببلدك وفشت‎ ‎العمارة بناحيتك وظهر الخصب في كورك وكثر خراجك ‏وتوفّرت أموالك وقويت بذلك على ارتياض جندك وإرضاء العامّة بإفاضة العطاء فيهم من‎ ‎نفسك وكنت محمود السّياسة مرضيّ العدل في ذلك عند عدوّك وكنت في أمورك‎ ‎كلّها ذا عدل ‏وآلة وقوّة وعدّة. فنافس في ذلك ولا تقدّم عليه شيئا تحمد‎ ‎عاقبة أمرك إن شاء الله تعالى. واجعل ‏في كلّ كورة من عملك أمينا يخبرك‎ ‎أخبار عمّالك ويكتب إليك بسيرهم وأعمالهم حتّى كأنّك مع ‏كلّ عامل في‎ ‎عمله معاين لأموره كلّها. فإن أردت أن تأمرهم بأمر فانظر في عواقب ما أردت‎ ‎من ذلك فإن رأيت السّلامة فيه والعافية ورجوت فيه حسن الدّفاع والصّنع‎ ‎فأمضه وإلّا فتوقّف ‏عنه وراجع أهل البصر والعلم به ثمّ خذ فيه عدّته فإنّه‎ ‎ربّما نظر الرّجل في أمره وقدّره وأتاه ‏على ما يهوى فأغواه ذلك وأعجبه‎ ‎فإن لم ينظر في عواقبه أهلكه ونقص عليه أمره. فاستعمل ‏الحزم في كلّ ما أردت‎ ‎وباشره بعد عون الله عزّ وجلّ بالقوّة. وأكثر من استخارة ربّك في جميع‎ ‎أمورك. وافرغ من يومك ولا تؤخّره لغدك وأكثر مباشرته بنفسك فإنّ للغد‎ ‎أمورا وحوادث تلهيك ‏عن عمل يومك الّذي أخّرت. واعلم أنّ اليوم إذا مضى ذهب‎ ‎بما فيه وإذا أخّرت عمله اجتمع ‏عليك عمل يومين فيثقلك ذلك حتّى تمرض‎ ‎منه. وإذا أمضيت لكلّ يوم عمله أرحت بدنك ونفسك ‏وجمعت أمر سلطانك وانظر‎ ‎أحرار النّاس وذوي الفضل منهم ممّن بلوت صفاء طويّتهم ‏وشهدتّ مودّتهم لك‎ ‎ومظاهرتهم بالنّصح والمحافظة على أمرك فاستخلصهم وأحسن إليهم وتعاهد ‏أهل‎ ‎البيوتات ممّن قد دخلت عليهم الحاجة واحتمل مئونتهم وأصلح حالهم حتّى لا‎ ‎يجدوا لخلّتهم ‏مسّا وأفرد نفسك للنّظر في أمور الفقراء والمساكين‎ ‎ومن لا يقدر على رفع مظلمته إليك . ‏والمحتقر الّذي لا علم له بطلب حقّه فسل عنه أحفى مسألة ووكّل بأمثاله أهل‎ ‎الصّلاح من ‏رعيّتك ومرهم برفع حوائجهم وحالاتهم إليك لتنظر فيما يصلح‎ ‎الله به أمرهم وتعاهد ذوي ‏البأساء وأيتامهم وأراملهم واجعل لهم أرزاقا‎ ‎من بيت المال اقتداء بأمير المؤمنين أعزّه الله تعالى ‏في العطف عليهم‎ ‎والصّلة لهم ليصلح الله بذلك عيشهم ويرزقك به بركة وزيادة. وأجر للأضرّاء‎ ‎من بيت المال وقدّم حملة القرآن منهم والحافظين لأكثره في الجراية على‎ ‎غيرهم وانصب ‏لمرضى المسلمين دورا تأويهم وقوّاما يرفقون بهم وأطبّاء‎ ‎يعالجون أسقامهم وأسعفهم بشهواتهم ‏ما لم يؤدّ ذلك إلى إسراف في بيت‎ ‎المال. واعلم أنّ النّاس إذا أعطوا حقوقهم وأفضل أمانيّهم لم ‏يرضهم ذلك ولم‎ ‎تطب أنفسهم دون رفع حوائجهم إلى ولاتهم طمعا في نيل الزّيادة وفضل الرّفق‎ ‎منهم. وربّما تبرّم المتصفّح لأمور النّاس لكثرة ما يرد عليه ويشغل‎ ‎فكره وذهنه فيها ما يناله به ‏من مئونة ومشقّة. وليس من يرغب في العدل‎ ‎ويعرف محاسن أموره في العاجل وفضل ثواب ‏الآجل كالّذي يستقبل ما يقرّبه إلى‎ ‎الله تعالى ويلتمس رحمته وأكثر الإذن للنّاس عليك وأبرز ‏لهم وجهك‎ ‎وسكّن لهم حواسّك واخفض لهم جناحك وأظهر لهم بشرك ولن لهم في المسألة‎ ‎والنّطق واعطف عليهم بجودك وفضلك. وإذا أعطيت فأعط بسماحة وطيب نفس والتماس‎ ‎للصّنيعة والأجر من غير تكدير ولا امتنان فإنّ العطيّة على ذلك تجارة‎ ‎مربحة إن شاء الله ‏تعالى. واعتبر بما ترى من أمور الدّنيا ومن مضى قبلك من‎ ‎أهل السّلطان والرّئاسة في القرون ‏الخالية والأمم البائدة. ثمّ اعتصم في أحوالك كلّها باللَّه سبحانه وتعالى والوقوف عند‎ ‎محبّته ‏والعمل بشريعته وسنته وبإقامة دينه وكتابه واجتنب ما فارق ذلك‎ ‎وخالفه ودعا إلى سخط الله عزّ ‏وجلّ. واعرف ما يجمع عمّالك من الأموال وما‎ ‎ينفقون منها ولا تجمع حراما ولا تنفق إسرافا. ‏وأكثر مجالسة العلماء‎ ‎ومشاورتهم ومخالطتهم وليكن هواك اتّباع السّنن وإقامتها وإيثار مكارم‎ ‎الأخلاق ومعاليها وليكن أكرم دخلائك وخاصّتك عليك من إذا رأى عيبا فيك لم‎ ‎تمنعه هيبتك عن ‏إنهاء ذلك إليك في سرّك وإعلانك بما فيه من النّقص فإنّ‎ ‎أولئك أنصح أوليائك ومظاهرون لك ‏‏. وانظر عمّالك الّذين بحضرتك وكتّابك‎ ‎فوقّت لكلّ رجل منهم في كلّ يوم وقتا يدخل فيه عليك ‏بكتبه ومؤامراته وما‎ ‎عنده من حوائج عمّالك وأمور الدّولة ورعيّتك ثمّ فرّغ لما يورد عليك من ‏ذلك‎ ‎سمعك وبصرك وفهمك وعقلك وكرّر النّظر فيه والتّدبّر له فما كان موافقا‎ ‎للحقّ والحزم ‏فأمضه واستخر الله عزّ وجلّ فيه وما كان مخالفا لذلك فاصرفه‎ ‎إلى المسألة عنه والتّثبّت منه ولا ‏تمننّ على رعيّتك ولا غيرهم بمعروف‎ ‎تؤتيه إليهم. ولا تقبل من أحد إلّا الوفاء والاستقامة ‏والعون في أمور أمير ولا تضعنّ المعروف إلّا على ذلك. وتفهّم كتابي إليك وأنعم‎ ‎النّظر فيه ‏والعمل به واستعن باللَّه على جميع أمورك واستخره فإنّ الله عزّ‎ ‎وجلّ مع الصّلاح وأهله وليكن ‏أعظم سيرتك وأفضل رغبتك ما كان للَّه عزّ‎ ‎وجلّ رضى ولدينه نظاما ولأهله عزّا وتمكينا ‏وللملّة والذّمّة عدلا‎ ‎وصلاحا وأنا أسأل الله أن يحسن عونك وتوفيقك ورشدك وكلاءتك والسّلام. ‏وحدّث‎ ‎الأخباريّون أنّ هذا الكتاب لمّا ظهر وشاع أمره أعجب به النّاس واتّصل‎ ‎بالمأمون فلمّا ‏قرئ عليه قال ما أبقى أبو الطّيّب يعني طاهرا شيئا من أمور‎ ‎الدّنيا والدّين والتّدبير والرّأي ‏والسّياسة وصلاح الملك والرّعيّة وحفظ السّلطان وطاعة الخلفاء وتقويم الخلافة إلّا وقد أحكمه ‏وأوصى به ثمّ أمر‎ ‎المأمون فكتب به إلى جميع العمّال في النّواحي ليقتدوا به ويعملوا بما فيه‎ ‎هذا ‏أحسن ما وقفت عليه في هذه السّياسة والله أعلم".(تأريخ ابن خلدون/380ـ 388). لا أظن بعد ‏هذا العرض المشوق هناك حاجة للتعليق.‏

السياسة الشرعية بين النظرية والتطبيق - ج3

مقدمة قال علي بن أبي طالب (رض)" لا يصلح لكم يا أهل العراق إلّا من أخزاكم، وأخزاه الله". ( ربيع ‏الأبرار5/200).‏ من الأقوال والحكايات التي أوردناها في هذا المبحث، يمكن إستنتاج معنى السياسة الشرعية بكل ‏وضوح، فحقوق الإنسان وموقف الحاكم من مواطنيه هي لب السياسة الشرعية، والهدف الأسمى ‏لها، وقد وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وكذلك في أقوال الصحابة والتابعين ‏وكبار الحكماء المسلمين، بل وغير المسلمين أيضا، ولكننا سنقصر المبحث عن السياسة الشرعية ‏ضمن المنظور الإسلامي، وإلا لأحتاج المبحث الى كتابا مستقلا يضم المحاور الخاصة بالسياسة ‏الشرعية من كل الجوانب. ولاشك ان القضاء العادل هو الرقيب الرئيس على السياسة الشرعية في ‏البلد، فكلما قوي القضاء صَلحت السياسة الشرعية وكلما تراخى وكان في خدمة الحاكم وليس ‏الشعب ساءت السياسة الشرعية. القرآن الكريم هو دستور السياسة الشرعية في الإسلام، وتتبعه ‏السنة النبوية وسلوك الخلفاء من بعد النبي المصطفى، ومن المؤسف ان سيرة العديد من الخلفاء ‏تعرضت للتشويه المتعمد لأسباب دينية وطائفية وعنصرية، وقد تماشى معها الرواة الجهلة ومن ‏يبغض الإسلام وغالوا فيها، وربما أكثر من شمله التشويه في العهد الأموي ـ وهو العهد العربي ‏الأصيل الذي لم تدخل فيه العناصر الأجنبية وتتسلم مناصب عليا في الدولة ـ منهم كاتب النبي ‏‏(صلى الله عليه وسلم) معاوية بن أبي سفيان وإبنه يزيد وعبد الملك بن مروان والوليد، وفي الزمن ‏العباسي الأول أبو جعفر المنصور وهارون الرشيد، والأخيران بسبب موقفهما من الأعاجم ‏الخراسانيين (ابو مسلم الخراساني)، والبرامكة (نكبة البرامكة). ‏ كان الرواة الشيعة من ابرز الطعانيين في الإسلام، وقدموا خدمة كبيرة للمستشرقين في تشويه معالم ‏الدين الاسلامي من خلال إفترائهم على الصحابة والخلفاء، والطعن بالقرآن الكريم، مع ان أئمتهم ‏الذين لم يتمردوا على الخلفاء عاشوا بسلام وبحبوحة، ولم يتعرض لهم الخلفاء. والغريب في الأمر ‏هو توارث الحقد من جيل لآخر، ففي العراق مثلا طالب النواب الشيعة بتغيير إسم شارع الرشيد ‏ظنا منهم ان التسمية بالرشيد تعني الخليفة الرشيد مع ان الإسم يتعلق بسلطان عثماني، والبعض ‏طالب بردم نصب ابو جعفر المنصور مؤسس بغداد وبعدة محاولات، ويقف رجال الدين ‏والساسيون الطائفيون مثل نوري المالكي ومقتدى الصدر وجلال الصغير وعمار الحكيم وبهاء ‏الأعرجي وحازم الأعرجي وغيرهم وراء تأجيج هذه الكراهية، بل ان قيس الخزعلي زعيم ميليشيا ‏عصائب أهل الحق برأ أهل الكوفة من جريمة قتل الحسين بن علي ولصقها بأهل الموصل، وبهاء ‏الأعرجي اعتبر المؤامرة على الشيعة مستمرة من زمن أبي بكر ولغاية عهد احمد حسن البكر، ‏وهام جرا. ‏ مستلزمات نجاح السياسة الشرعية ‏ اولا. صلاح الحاكم من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ذكر الجبرتي" يقال شيئان إذا صلح أحدهما صلح ‏الآخر السلطان والرعية". (عجائب الآثار1/22). قال الثّوريّ: نعوذ بالله من فتنة العالم الفاجر، ‏وفتنة القائد الجاهل". (‏‎ ‎الامتاع والمؤانسه1/242).‏‎.‎‏ قال عمرو بن العاص" لأن يسقط ألف من ‏العلْيةِ، خير من أن يرتفع واحدُ من السفلة". (درر الحكم /42). حكى الطرطوشي" روي أن ‏المأمون أرق ذات ليلة، فاستدعى سميراً فحدثه بحديث. ‏ فقال السمير: يا أمير‏‎ ‎المؤمنين كان بالبصرة بومة، وبالموصل بومة، فخطبت بومة الموصل إلى ‏بومة‎ ‎البصرة بنتها لابنها. فقالت بومة البصرة: لا أنكحك ابنتي إلا أن تجعلي في‎ ‎صداقها مائة ‏ضيعة خراباً. ‏ فقالت بومة الموصل: لا أقدر عليها الآن، ولكن إن‎ ‎دام والينا سلمه الله علينا سنة واحدة، فعلت لك ‏ذلك! قال: فاستيقظ لها‎ ‎المأمون وجلس للمظالم، وأنصف الناس بعضهم من بعض وتفقد أمور ‏الولاة". ( سراج الملوك/123).‏ ثانيا. تحقيق الأمن وحماية الرعايا بلا إستثناء ‏ التعامل مع الناس بمساواة دون تغليب الأهواء والميول الشخصية والعنصر والدين والمذهب ‏والجنس. قيل لخريم المري ما النعمة؟ فقال: الأمن،‎ ‎فإنه ليس لخائف عيشٌ؛ والغنى، فإنه ليس لفقير ‏عيشٌ؛ والصحة، فإنه ليس لسقيم‎ ‎عيشٌ. قيل: ثم ماذا؟ قال: لا مزيد بعد هذا". (الكامل ‏للمبرد2/125). اللبيب يفهم المغزى. قيل لخريم المري ما النعمة؟ فقال: الأمن،‎ ‎فإنه ليس لخائف ‏عيشٌ؛ والغنى، فإنه ليس لفقير عيشٌ؛ والصحة، فإنه ليس لسقيم‎ ‎عيشٌ. قيل: ثم ماذا؟ قال: لا مزيد ‏بعد هذا". (الكامل للمبرد2/125). اللبيب يفهم المغزى.‏ ثالثا. منع الظلم ومحاسبة الظالمين بقسوة ذكر الصابي" قال لنا أبو الحسن بن الفرات، وقد جرى بحضرته ذكر رجل قد أسرف في الظّلم: ‏الظلم إذا زاد رفع نفسه". (الوزراء/238). ومما يحكى: نظر سقراط إِلَى امْرَأَة حِين أُرِيد قَتله، ‏وَهِي تبْكي، فَقَالَ لَهَا: مَا‎ ‎يبكيك؟ قَالَت: وَكَيف لَا أبْكِي وَأَنت تقتل ظلما؟ فَقَالَ لَهَا: فكأنك‎ ‎أردْت أَن ‏أقتل بِحَق". (نثر الدر في المحاضرات7/14). ذكر ابو الفداء" كثرت الحرامية في زمن الملك ‏الناصر، وكانوا يكبسون الدور، ومع ذلك إذا أحضر القاتل إلى بين يدي‎ ‎الملك الناصر المذكور ‏يقول: الحي خير من الميت، ويطلقه، فأدى ذلك إلى‎ ‎انقطاع الطرقات وانتشار الحرامية ‏والمفسدين". (المختصر في أخبار البشر3/212)‏ رابعا. دعم القضاء وابعاد تأثير القوى الحاكمة على أحكامه قال التنوخي" إذا اختلّ أمر القضاء في دولة، اختلّ حالها". (نشوار المحاضرة 1/231). ومحاسبة ‏الفاسدين. ذكر ابو الفداء" كثرت الحرامية في زمن الملك الناصر، وكانوا يكبسون الدور، ومع ذلك ‏إذا أحضر القاتل إلى بين يدي‎ ‎الملك الناصر المذكور يقول: الحي خير من الميت، ويطلقه، فأدى ‏ذلك إلى‎ ‎انقطاع الطرقات وانتشار الحرامية والمفسدين". (المختصر في أخبار البشر3/212)‏ خامسا. الصدق في القول وتجسيده بالفعل قال الأوزاعيّ" المؤمن يقلّ الكلام ويكثر العمل. والمنافق يكثر الكلام ويقلّ العمل". (‏‎ ‎الامتاع ‏والمؤانسه1/242). وقيل: سَمِعَ ابْنُ سِيرِينَ رَجُلًا يَقُولُ لِرَجُلٍ: فَعَلْتُ إلَيْك‎ ‎وَفَعَلْتُ. فَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: ‏اُسْكُتْ فَلَا خَيْرَ فِي‎ ‎الْمَعْرُوفِ إذَا أُحْصِيَ". (أدب الدنيا والدين/204). قال أبو جعفر بن سنانك ‏‏((جمال الرجل فى حسن مقاله؛ وكماله فى صدق فعاله". (طبقات الصوفية/96)‏ سادسا. التقرب من الناس وتفقد أحوالهم سرا وعلنا العمل على متابعة أحوالهم والإستماع الى مشاكلهم وحلها ما أمكن ذلك. ذكر الجبرتي" يقال شيئان ‏إذا صلح أحدهما صلح الآخر السلطان والرعية". (عجائب الآثار1/22). ويمكن للراعي ان يتنكر ‏بالزي ويخرج ليلا لإستطلاع أحوالهم، والنظر في ظلاماتهم.‏ سابعا. تقريب الحكماء وجعلهم مستشارين بمعنى العمل على إبعاد المنافقين والمتزلفين والمداحين والإهتمام بالأفعال وليس الأقوال، فالحكيم ‏يعطي الإستشارة الصحيحة وينور عقل الحاكم ويصوب قراراته، ويحذره من الوقوع بالخطأ. ‏وتجنب الجهلة ومدعين العلم، وتحديد مهام رجال الدين في مجال الشرع فقط، قال النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ ‏عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:أَهْلَكُ أُمَّتِي رَجُلَانِ: عَالِمٌ فَاجِرٌ وَجَاهِلٌ مُتَعَبِّدٌ". (أدب الدنيا والدين/81). كما قال ‏السيوطي" من الأمثال القديمة: كاد الحكيم ان يكون نبيا". (الكنز المدفون/27). قال أبو بكر ‏الوراق" قرأت في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وأربعين‎ ‎صحيفة في الحكمة، فمحصول ‏جميعها خلتان أحداهما اجلال أوامر الله تعالى‎ ‎ونواهيه والثانية الشفقة على خلق الله". (مفيد ‏العلوم/390).‏ ثامنا. الحث على طلب العلم وانهاء مظاهر الجهل والأمية قال تعالى في سورة الاعراف/179((لهُمْ قُلُوبٌ‎ ‎لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ ‏لا‎ ‎يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ)).‏ تاسعا. دعم الفقراء والتخفيف عنهم من خلال مساعدتهم قال سفيان الثوري للمهدي في وجهه" احذر من هؤلاء الأعوان، والمترددين إليك من الفقراء، فإن ‏هلاكك على أيديهم يأكلون طعامك، ويأخذون دراهمك، ويغشونك ويمدحونك بما ليس فيك". وقال ‏أبو سعد الآبي" قَالَ سعيد بن عبد الْعَزِيز: مَا ضرب الْعباد بِسَوْط أوجع من الْفقر". (نثر الدر في ‏المحاضرات4/135). قال المبرد" قيل لخريم المري ما النعمة؟ فقال: الأمن،‎ ‎فإنه ليس لخائف ‏عيشٌ؛ والغنى، فإنه ليس لفقير عيشٌ؛ والصحة، فإنه ليس لسقيم‎ ‎عيشٌ. قيل: ثم ماذا؟ قال: لا مزيد ‏بعد هذا". (الكامل2/125)‏ عاشرا. غلق باب الحاكم عن رجال الدين ‏ من المخاطر التي تهدد الدول تعاظم دور فقهاء السلطان، لذا لابد من منعهم من دس إنوفهم في ‏سياسة الرعية إلا في مجال النصح والوعظ. قال سفيان الثوري" إذا رأيتم العالم يلوذ بباب ‏السلطان، فاعلموا أنه لص، وإذا رأيتموه يلوذ بباب الأغنياء، فاعلموا أنه مراء". وقال علي بن أبي ‏طالب" قصم ظهري عالمُ متهتك، وجاهل متنسك؛ فالجاهل يغش الناس، والعالم يغريهم بتهتك". ( ‏إحياء علوم الدين للغزالي1/ 58).‏ احد عشر. وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ذكر وكيع" قال إياس بْن معاوية: كل بنيان بني على أساس أعوج لم يستقم بنيانه". (أخبار ‏القضاة2/356).‏ اثنى عشر: تنشئة الأجيال على حب الوطن، ومعالجة أوضاع المهجرين والمغتربين ‏ وذلك من خلال الإهتمام بها وتهيئة مستلزمات الحياة الكريمة لهم. قال ابو عبد اللّه الصبيحى" ‏الغريب هو البعيد عن وطنه، وهو مقيم فيه". (طبقات الصوفية/85).‏ الخاتمة مسؤولية الحاكم تجاه رعيته قال الإتليدي" لما رجع عمر (رض) من الشام إلى المدينة، انفرد عن الناس ليتعرف أخبار رعيته، ‏فمر بعجوز في خباء لها فقصدها‎.‎‏ فقالت: ما فعل عمر (رض)؟ قال: قد أقبل من الشام سالماً‎.‎‏ فقالت: ‏يا هذا! لا جزاه الله خيراً عني! قال: ولمَ؟ قالت: لأنه ما أنالني من عطائه منذ ولي أمر المسلمين ‏ديناراً ولا درهماً‎.‎‏ فقال:‏‎ ‎وما يدري عمر بحالك وأنت في هذا الموضع؟ فقالت: سبحان الله! والله ما ‏ظننت‎ ‎أن أحداً يلي على الناس، ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها‎.‎‏ فبكى عمر (رض)، وقال: وا ‏عمراه، كل أحد أفقه منك حتى العجائز يا عمر! ثم قال لها: يا أمة الله! بكم تبيعيني ظلامتك من ‏عمر، فإني أرحمه من النار؟ فقالت: لا تهزأ بنا، يرحمك الله‎.‎‏ فقال عمر: لست أهزأ بك‎.‎‏ ولم يزل ‏حتى اشترى ظلامتها بخمسة وعشرين ديناراً‎.‎ فبينما‎ ‎هو كذلك إذ أقبل علي بن أبي طالب (رض)، وعبد الله بن مسعود (رض)، فقالا: السلام عليك ‏يا أمير المؤمنين! فوضعت العجوز يدها على‎ ‎رأسها وقالت: وا سوأتاه! شتمت أمير المؤمنين في ‏وجهه؟ ‏ فقال لها عمر (رض): لا بأس عليك، يرحمك الله، ثم طلب قطعة جلد يكتب فيها فلم يجد،‎ ‎فقطع ‏قطعة من مرقعته وكتب فيها: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما اشترى عمر‎ ‎من فلانة ظلامتها منذ ‏ولي الخلافة إلى يوم كذا، بخمسة وعشرين ديناراً. فما‎ ‎تدعي عليه عند وقوفه في المحشر بين يدي ‏الله تعالى فعمر بريء منه، شهد على‎ ‎ذلك علي وابن مسعود‎.‎‏ ثم دفعها إلى ولده وقال له: إذا أنا مت ‏فاجعلها في كفني ألقى بها ربي". ( إعلام الناس/10).‏ علي الكاش مصادر المبحث ـ السياسة. الحسين بن علي بن الحسين، ابو القاسم المغربي (المتوفى:418هـ). تحقيق: د. فؤاد عبد ‏المنعم. مؤسسة شباب الجامعة. الاسكندرية. ط/1‏ ـ السياسة. الحسين بن عبد الله بن سينا (المتوفى:428هـ). تحقيق: د. فؤاد عبد المنعم. مؤسسة ‏شباب الجامعة. الاسكندرية. ط/1‏ ـ تسهيل النظر وتعجيل الظفر في أخلاق الملك. ابو الحسن علي بن محمد البغدادي المعروف ‏بالماوردي (المتوفى:450هـ). تحقيق: محي هلال وحسن الساعاتي. دار النهضة العربية. بيروت ‏‏1986‏ ـ المنهج المسلوك في سياسة الملوك. عبد الرحمن بن نصر، جلال الدين العدوي الشيزري ‏‏(المتوفى:590هـ). تحقيق: علي عبد الله الموسى. مكتبة المنار. الزرقاء ـ تحرير الأحكام في تدبير الإسلام. ابو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جماعة الكناني ‏‏(المتوفي:733هـ). تحقيق: د. فؤاد عبد المنعم أحمد. دار الثقافة. الدوحة 1988‏ ـ بدائع السلك في طبائع الملك. محمد بن علي الأندلسي، شمس الدين إبن الأزرق. (المتوفي: 965 ‏هـ). تحقيق: د. علي سالم النجار. وزارة الاعلام. بغداد (2) مجلد.‏ ـ العقد الفريد. شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه الاتدلسي (المتوفي:329 هـ). تحقيق: د. مفيد ‏محمد قبيحة. دار الكتب العلمية. بيروت. 1403 هـ.‏ ـ عجائب الآثار في التراجم والأخبار. عبد الرحمن بن حسن الجبرتي (المتوفي:123هـ). دار ‏الجيل. بيروت.‏

عدد مرات القراءة:
172
إرسال لصديق طباعة
 
اسمك :  
نص التعليق :