آخر تحديث للموقع :

السبت 10 رمضان 1444هـ الموافق:1 أبريل 2023م 12:04:16 بتوقيت مكة

جديد الموقع

بلاغة الكناية في القرآن الكريم - سورة البقرة أنموذجاً - د. سامي عطا حسن ..
الكاتب : د. سامي عطا حسن ..

بلاغة الكناية في القرآن الكريم
سورة البقرة أنموذجاً

د. سامي عطا حسن- جامعة آل البيت
المفرق المملكة الأردنية الهاشمية


ملخص
تهدف هذه الدراسة إلى إلقاء الضوء على بلاغة الكناية في القرآن الكريم ، وإحكامها المُعجز ، إذ يُظهِرُ القرآنُ دِقةً وإحكاماً لا يستطيع أحدٌ أن يحاكيها ، ناهيك عن أن يتفوق عليها . وقد كثرت الكنايات في النظم القرآني الكريم ، فجاءت فيه الكناية عن الندم والتحسر بالعض على اليدين ، وتفليب الكفين ( [1] ) في صُوَر كثيرة ، والكناية عن الكَرب وشدة أهوال يوم القيامة ([2] )، والاستكبار والإعراض ( [3] )، والكناية عما يُستَقبَح ذِكره ، كالبول وقضاء الحاجة([4]) ، وعما يُستَحيى التصريح به كالجماع( [5] ) ، إلى غير ذلك من الكنايات القرآنية . وهناك العديد من الدراسات السابقة ، والأبحاث التي غاصت في بحر هذا الموضوع ،  وكُلٌ منها عادَ بلؤلؤةٍ كريمة ، أو عِقدٍ نَظيم ، وبقيت ثَمَّةَ خزائن تفوق الحَصر ، ومفتاحُها تدبره والنَّظر فيه.
Rhetoric of allegory In Qur'an
Surat AL-Bakara as a sample
Dr. SAMI ATA HASSAN
Al-ALBAYT University
Al-MAFRAQ – THE HASHEMTE KINGDOM OF JORDAN
Abstract
This study aims to clarify the rhetoric of allegory in Surat Al- Bakara of Holy Qur'an , and its miraculous accuracy, since the holy Qur'an shows a kind of accuracy which can not be imitated, not to mention that can be surpassed .There are lots of allegories in Holy Qur'an , it uses an allegory of remorse and sorrow by picturing the act of biting the hands and overturning the palms of hands in lots of pictures, it uses also allegories of suffering and the terribleness of doomsday , arrogance, abandonment , and also an allegory of what is avoided to be mentioned , such as urine and excrement , and allegory of what avoided to be mentioned directly like sexual intercourse, in addition to other kinds of allegories in Holy Qur'an any previous studies and research discussed this subject deeply, each of them achieved gems of knowledge or a novel result, but there are still numerous treasuries, which can be obviously drawn out by deep study and exploration of the Holy Qur'an.
 
 
مقدمة
لا مِراءَ في أنَّ البيان القرآني المُعجز لم يخرج في تأدية مضامينه ، وتصوير معانيه عن نسق العربية ومذاهبها في التعبير ، بل لقد كانت تلك الحقيقة - التي لم يجادل فيها أعداء القرآن من فصحاء تلك اللغة - هي وجهُ تحدِّيهم به ، إذ لا يجوز التحدي – كما قيل – بما هو خارج عن عُرفِ الخطاب . ومن ثَمَّ كان عَجزهم عن الإتيان بسورة واحدة من مثله ، هوَ آيةُ إِعجازه البلاغي لهم من جهة ، والحجةُ الدَّاحضة لمفترياتهم حول القرآن ، ونبوة من أنزل عليه – صلى الله عليه وسلم – من جهة أخرى .
وصورة الكناية في القرآن الكريم هي إحدى تلك السنن التعبيرية التي سلكها بيانُه المُحكم، وكان مناطَ إعجازه فيها ، هو أنه مع سَيرِهِ في طرائقها المسلوكة ، وَجَريِه في مضاميرها التي تسابق فيها ذوو الفصاحة واللَّسَن قبل نزوله ، قد حقق فيها الغاية التي لا تُدرَك ، وبَلَغَ بها الذروة الفنية التي تفاصرت همم سالكيها والمبرزين فيها من البشر
ومع أن لفظة الكناية لم تَرِد في القرآن الكريم ، مع كَثرةِ وُرودِ هذا الأسلوب البلاغي الجميل فيه ، الذي يُوَضِّح الصورة ، ويُنَسِّق الأسلوب ، ويُبعده عن الابتذال والفُحش ، ففي اللغة معانٍ وألفاظ لا تستسيغها الأذواق ، وتنبو عنها الأسماع ، فجاءت الكناية في القرآن الكريم لتبرز جماله ، وإعجازه ، بصورها البليغة ، واستعمالاتها الدقيقة
ولما كان البحث متشعباً لا يتسع له بحث محدود الصفحات ، حددته بإبراز صور الكناية في سورة البقرة ، وجعلته في مقدمة ، ومبحثين ، ضمنت كل مبحث عدة مطالب ، وخاتمة ، على النحو التالي :
المبحث الأول : التعريف بسورة البقرة ، وضمنته المطالب التالية :
المطلب الأول : سورة البقرة ، أغراضها ومقاصدها ، وأسماؤها ، وسبب التسمية بكل اسم .  المطلب الثاني : تاريخ نزول سورة البقرة .

المطلب الثالث : ترتيب السور القرآنية - ومنها سورة البقرة - في المصحف .

المطلب الرابع : عدد آيات سورة البقرة .وفضلها

 
المبحث الثاني :  وضمنته المطالب التالية : الممطلب الأول : معنى الكناية لغة ،  واصطلاحا .
المطلب الثاني : الكناية بين الحقيقة والمجاز . أي : هل تحمل الكناية على الحقيقة أو المجاز .
المطلب الثالث :  ذكرت أقسام الكناية – باعتبار المُكَنّى - .
المطلب الرابع  : إقحام بعض البلاغيين بعض الألفاظ أو العبارات غير الكنائية
في حيز الكناية وهي ليست منها ، وذكرت أمثلة لذلك .
المطلب الخامس  : ذكرت فيه  بعض الكنايات الواردة في سورة البقرة ، وبينت دلالاتها .
المطلب السادس :  الخصائص البيانية لأسلوب الكناية في القرآن الكريم
وختمت البحث بخاتمة ذكرت فيها أهم ما توصلت إليه .
وفي الهوامش  ذكرت أهم المراجع التي استعنت بها في كتابة هذا البحث .
والله أسأل أن يكون في هذا البحث المتواضع ما يخدم لغة وأسلوب القرآن العظيم ، ويسلط الأضواء على بلاغته وإعجازه .
 
 
المبحث الأول : التعريف بسورة البقرة.
المطلب الأول : أغراض سورة البقرة ، مقاصدها ، وأسماؤها :
سورة البقرة من أطول سور القرآن على الاطلاق ، وهي من السور المدنية التي اعتنت بجانب التشريع ، وقد اشتملت على عدة أغراض ومقاصد ، من أهمها :
أولا : بيان صدق القرآن ، وأن دعوته حق لا ريب فيه .
ثانيا : بيان أصناف الناس أمام هداية القرآن ، وَذَكَرَت أنهم أصناف ثلاثة : ( المؤمنون ،والكافرون، والمنافقون )
ثالثا : تناولت السورة بإسهاب أهل الكتاب ، وناقشت اليهود في عقيدتهم ، وذكَّرَتهم بنعم الله على أسلافهم ، ونبهت المؤمنين إلى خبثهم ومكرهم .
رابعا : تناول النصف الأخير من السورة جانب التشريع ، لأن الدولة الاسلامية كانت في طور التكوين ، وفي أمس الحاجة للتشريعات التي تنظم حياة المجتمع الوليد ، فذكرت السورة أحكام الصوم ، والحج ، والعمرة ، وأحكام الجهاد ، والإنفاق في سبيل الله ، وشئون الاسرة ، والقصاص ، وذكرت أحكام البيع والربا .
خامسا : خُتمت السورة بتوجيه المؤمنين إلى التوبة والإنابة ، والتضرع إلى الله ، وطلب النصر على الكفار.([6]
أسماؤها التوقيفية :
الاسم الأول : سورة البقرة :  ثبت هذا الاسم في المروي عن النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو الاسم المشهورة به ، ومن هذه المرويات : ما ورد في الصحيحين عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال : قال النبي – صلى الله عليه  وسلم - : ( من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة كفتاه ..) ([7]).
وسميت السورة بهذا الاسم لقصة البقرة الواردة فيها، حيث قتل في بني إسرائيل قتيل، فأمرهم الله تعالى على لسان موسى – صلى الله عليه وسلم - أن يذبحوا بقرة، وبعد كثير من المماطلة والتلكؤ ذبحوها، فأمروا أن يضربوا جسم القتيل ببعض البقرة، فأحياه الله تعالى، وأخبر عن قاتله . ([8])
الاسم الثاني : الزهراء : ففي الصحيح عن أبي أمامة الباهلي([9]) - رضي الله عنه -  قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: ( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ )([10]). 
 وأصل الزهر: الحُسن والضياء والصفاء . والزهرة: النجم المعروف، والأزهر: القمر، وزهرت النار: بمعنى أضاءت([11])، والزهراوان:" النيّرتان، مأخوذ من الزهر والزهرة: فإما لهدايتهما قارئهما بما يزهر له من
أنوارهما، أي من معانيهما، وإما لما يترتب على قراءتهما من النور التام يوم القيامة"([12])، والغيايتان والغمامتان: كل ما أظل الإنسان من فوق رأسه من سحابة وغبرة وغيرهما، والمراد أن ثوابهما يأتي كغمامتين([13]).
أسماؤها الاجتهادية :
الاسم الأول : سنام القرآن : عن ابن مسعود([14])، رضي الله عنه، عن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: ( إنَّ لكلِّ شيءٍ سناماً، وسنامُ القرآنِ سورةُ البقرةِ، وإنَّ الشيطانَ إذا سمعَ سورةَ البقرةِ تُقرأُ خرجَ منَ البيتِ الذي يُقرأُ فيهِ سورةُ البقرة)([15]).وسنام كل شيء أعلاه([16])، وسورة البقرة سنام القرآن" إما لطولها واحتوائها على أحكام كثيرة، أو لما فيها من الأمر بالجهاد، وبه الرفعة الكبيرة"([17]).
الاسم الثاني : - فسطاط القرآن:  كما كان يسميها خالد بن معدان([18])،" وذلك لعظمها ولما جمع فيها من الأحكام التي لم تذكر في غيرها"([19])، والفسطاط: البيت من الشَّعر([20]).  
المطلب الثاني : تاريخ نزول سورة البقرة :
نزلت سورة البقرة بعد سورة المطففين ، وهي السورة السادسة والثمانون، وهي كذلك أول سورة نزلت بالمدينة المنورة بعد الهجرة. وقد نزل قبلها في مكة خمس وثمانون سورة، كما ذكر الزركشي في كتاب البرهان([21]). وقال أبو عمرو الداني([22])، بعدما أورد السور التي أنزلت بمكة :  (  فذلك ما أنزل عليه – صلى الله عليه وسلم - بمكة، خمس وثمانون سورة ... وأنزل عليه بعدما قدم المدينة سورة البقرة، ثم آل عمران، ثم الأنفال..)([23]) وقد نقل السيوطي هذا القول، وقول من قال أنه قد نزل بعد البقرة سورة الأنفال ثم آل عمران([24]). وهو أولى بالصواب ، لأن الأنفال نزلت في غزوة بدر، وآل عمران تحدثت عن أُحد، وبدرحدثت قبل  أُحد.
وإذا كانت الروايات في عمومها تفيد أن سورة البقرة نزلت بعد الهجرة، فإن هناك حديثاً يستثني خواتيم سورة البقرة، ويؤكد أنها نزلت ليلة الإسراء والمعراج؛ أي في العهد المكي وفق المشهور من أقوال العلماء([25]).حيث روى ابن مسعود - رضي الله عنه - : ( لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم - انْتُهِيَ بِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَهِيَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ إِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُعْرَجُ بِهِ مِنْ الأَرْضِ فَيُقْبَضُ مِنْهَا وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُهْبَطُ بِهِ مِنْ فَوْقِهَا فَيُقْبَضُ مِنْهَا، قَالَ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى، قَالَ فَرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ فَأُعْطِيَ رَسُولُ اللَّهِ  -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -ثَلاثًا أُعْطِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَأُعْطِيَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَغُفِرَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ مِنْ أُمَّتِهِ شَيْئًا الْمُقْحِمَاتُ)([26]).
وقال أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن بن حبيب (ت 406هـ):

[ أول ما نزل من القرآن بمكة :-

(اقرأ باسم ربك الذي خلق) ثم (ن والقلم) ثم (يا أيها المزمل) ثم (يا أيها المدثر) ثم (تبت يدا أبي لهب) ثم (إذا الشمس كورت) ثم (سبح اسم ربك الأعلى) ثم (والليل إذا يغشى) ثم (والفجر) ثم (والضحى) ثم (ألم نشرح) ثم (والعصر) ثم (والعاديات) ثم (إنا أعطيناك) ثم (ألهاكم) ثم (أرأيت) ثم (قل يا أيها الكافرون) ثم (ألم تر كيف فعل ربك) ثم (سورة الناس) ثم (سورة الفلق) ثم (قل هو الله أحد) ثم (والنجم) ثم (عبس وتولى) ثم (إنا أنزلناه) ثم (والشمس) ثم (والسماء ذات البروج) ثم (والتين والزيتون) ثم (لإيلاف قريش) ثم (القارعة) ثم (لا أقسم بيوم القيامة) ثم (الهمزة) ثم (المرسلات) ثم (ق والقرآن) ثم (لا أقسم بهذا البلد) ثم (الطارق) ثم (اقتربت الساعة) ثم (ص والقرآن) ثم (سورة الأعراف) ثم (سورة الجن) ثم (سورة يس) ثم (الفرقان) ثم (الملائكة) ثم (سورة مريم) ثم (طه) ثم (الواقعة) ثم (الشعراء) ثم (النمل) ثم (القصص) ثم (بني إسرائيل) ثم (يونس) ثم (هود) ثم (يوسف) ثم (الحجر) ثم ( سورة الأنعام) ثم (والصافات) ثم (لقمان) ثم (سبأ) ثم (الزمر) ثم (حم المؤمن) ثم (سورة غافر) ثم (حم السجدة) ثم (حم عسق) ثم (الشورى) ثم (حم الزخرف) ثم (الدخان) ثم (حم الجاثية) ثم (حم الأحقاف) ثم (والذاريات) ثم (الغاشية) ثم (الكهف) ثم (النحل) ثم (نوح) ثم (إبراهيم) ثم (الأنبياء) ثم (المؤمنون) ثم (ألم تنزيل) ثم (السجدة) ثم (الطور) ثم (الحاقة) ثم (الملك) ثم (سأل سائل) ثم (المعارج) ثم (عم يتساءلون) ثم (والنازعات) ثم (إذا السماء انفطرت) ثم (إذا السماء انشقت) ثم (الروم) ثم (العنكبوت) .
واختلفوا في آخر ما نزل بمكة .
قال ابن عباس: سورة العنكبوت .
وقال الضحاك وعطاء : المؤمنون .
وقال مجاهد : ويل للمطففين .
فهذا ترتيب ما نزل من القرآن الكريم بمكة وعليه استقرت الروايات ، وهو: خمس وثمانون سورة .
وأما ما نزل في المدينة :- فتسع وعشرون سورة :-
البقرة ثم سورة الأنفال ثم سورة آل عمران ثم سورة الأحزاب – وفيها اختلاف  - ، ثم الممتحنة ثم سورة النساء ثم إذا زلزلت الأرض ثم سورة الحديد ثم سورة محمد ثم سورة الرعد ثم سورة الرحمن ثم هل أتى على الإنسان ثم الطلاق ثم لم يكن ثم الحشر ثم إذا جاء نصر الله ثم النور ثم الحج ثم المنافقون ثم المجادلة ثم الحجرات ثم التحريم ثم الصف ثم الجمعة ثم التغابن ثم الفتح ثم التوبة ثم المائدة ومنهم من يقدم سورة المائدة على التوبة، وقرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- سورة المائدة يوم حجة الوداع وقال : يا أيها الناس، إن آخر القرآن نزولاً سورة المائدة ، فأحلوا حلالها وحرموا حرامها . فهذا ترتيب ما نزل بالمدينة . ([27] ) .
أما ما اختلفوا فيه :-
ففاتحة الكتاب : قال ابن عباس والضحاك ومقاتل:- إنها مكية ، وقال مجاهد : إنها مدنية. ([28]
واختلفوا في (ويل للمطففين) قال ابن عباس : هي مدنية ، وقال عطاء : هي آخر ما نزل بمكة
وقال قتادة : سورة المزمل مدنية وقال الباقون : مكية. فجميع ما نزل بمكة خمس وثمانون سورة ، وجميع ما نزل بالمدينة تسع وعشرون سورة على اختلاف الروايات ([29]) .]
وصفوة القول أن سورة البقرة هي أول ما نزل بعد الهجرة، واستمر نزولها حتى نهاية العهد المدني، ورجح شيخنا فضيلة  الشيخ عبد الوهاب غزلان – رحمه الله – أن آية الربا ، وآية ( واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله ..) وآية الدين ..هي آخر القرآن نزولا ، وقد سلك السيوطي مسلك الجمع بينها فقال : ( ولا منافاة عندي بين هذه الروايات في آية الربا ، وآية الدين، لأن الظاهر أنها نزلت دفعة واحدة كترتيبها في المصحف ولأنها في قصة واحدة )([30]) . فيما تقدمت خواتيم السورة سائرها فنزلت قبيل الهجرة، لكن غالب آيات السورة قد نزل في بدايات الهجرة. 
المطلب الثالث :  ترتيب الآيات والسور - ومنها سورة البقرة - في القرآن الكريم .
سورة البقرة هي السورة الثانية في المصحف العثماني،وترتيبها في المصحف بعد الفاتحة وقبل آل عمران... وقد نزل القرآن مُنجماً في ثلاث وعشرين سنة تقريباً ( [31] ) ، وكان نزوله ملائماً للوقائع والأحوال التي مرت فيها الدعوة الاسلامية ، ومراعياً ما يتطلبه الزمن الذي نزل فيه ، لذا يختلف ترتيب القرآن الكريم في النزول ، عن ترتيبه في المصحف اختلافاً كبيراً ، ومنشأ هذا الاختلاف هو اختلاف الهدف المقصود من كلا الترتيبين .( فهو في تريبه النزولي منهج لتأسيس دعوة ، وأسلوب إقناعٍ بعقيدة ، وطريقة تبشير وإنذار ، ودحض كامل لمنطق الإلحاد المريض ، وهو في ترتيبه المصحفي أسلوب حياة ، وبناء حضارة ، ودستور للعالم كله ، محيط بكل صغيرة وكبيرة من حاجاته ومطالبه ، وأحكمَ ترتيبه من هذه الوجهة ، ليكون هداية للمؤمنين .)( [32] ). ثم إن التسلسل الزماني وإن ضم موضوعات متقاربة أحيانا ، فإنه كثيراً ما يحمل ما اختلف من الموضوعات التي يصعب أن يربطها ناظم ، لذا راعى القرآن في تسلسل نصوصه أن يقارب بين أفرادها ، فحصل فيه التناسب من أصغر وحداته إلى أكبرها ولو أنه جُمِعَ وَرُتِّبَ على حسب ترتيب نزوله ، ( لفهم بعض الناس أن آياته خاصة بحوادثها ، أو أنه حلول وقتية للمشكلات التي كانت على عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم - فحسب ، والله تعالى يريد كتابه عاماً خالداً لا يختص بعصرٍ دون عصر ، ولا بقومٍ دون قوم ، لذلك اقتضت الحكمة أن يرتب ترتيباً يحقق هذا العموم ، وهذا الخلود ، ويبتعد عن الترتيب الزمني الذي نزل به ، لحكمة كانت مناسبة حين نزوله ).( [33] )
فالقرآن كان معنياً بتأسيس دين جديد ، بين قوم لا يدينون بالدين الحق ، وآية ذلك أن الفترة المكية على طولها ، كانت الدعوة فيها متجهة إلى بناء العقيدة ، وترسيخها في أعماق الوجدان ، وما ذاك إلا لأنها هي قوة الدفع للإنسان المؤمن ، نحو الطاعة المطلقة لله – عز وجل – ، في الأمر والنهي . وهذا التفريق في النزول ، يدل دلالة واضحة على أن القرآن الكريم كلام الله العزبز الحكيم ، وليس كلام بشر على الإطلاق ، وأن عقلاً بشرياً مهما أوتي من القوة والحفظ والإحكام ، لا يستطيع أن يذكر موضع فقرة من كلام سابق مضى عليه سنوات ، فيضعها في مكانها، بحيث تلتحم وتتواءم مع سابقاتها ، ولاحقاتها في اللفظ ، والمعنى والسياق ، ولا يتأتى ذلك لو لم يكن ترتيب السور توقيفياً ، كما هو الحال في ترتيب الآيات .
أ - آراء العلماء في ترتيب الآيات :
ترتيب الآيات في سورها توقيفي ثابت بالوحي ، وبأمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، وكانت الآيات تتنزل عليه ، ويأمر كتاب الوحي بوضعها في مكانها من السور بتبليغ من جبريل - عليه السلام - . وقد ترادفت النصوص على كون ترتيب الآيات توقيفيا ([34] ) ، ونقل الإجماع على ذلك غير واحد من العلماء منهم : الزركشي ، حيث قال : ( فأما الآيات في كل سورة ، ووضع البسملة في أوائلها ، فترتيبها توقيفي بلا
 شك ، ولا خلاف فيه . وقال مكي : ترتيب الآيات في السور ، ووضع البسملة في الأوائل ، هو من النبي صلى الله عليه وسلم - ، ولما لم يأمر بذلك في أول براءة ، تركت بلا بسملة .
 وقال القاضي أبو بكر الباقلاني :- ترتيب الآيات أمر واجب ، وحكم لازم ، فقد كان جبريل يقول : ضعوا آية كذا في موضع كذا .) ([35]
ب : - آراء العلماء في ترتيب السور القرآنية :
إذا كان الإجماع قد تحقق حول ترتيب الآيات ، فهو لم يتحقق حول ترتيب سور القرآن على ما هي عليه في المصحف الآن ، واختلفت أقوال العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال هي :-
القول الأول :- إن ترتيب السور على ما هو عليه الآن في المصحف ،كان باجتهاد من الصحابة . وهو قول جمهور العلماء ، ومنهم الإمام مالك ، والقاضي أبو بكر بن الطيب في أحد قوليه ، ، ويستدلون على مذهبهم هذا بترتيب مصاحف بعض الصحابة ، على خلاف ترتيب مصحف عثمان رضي الله عنه - ، كمصحف الإمام علي ، وعبد الله بن مسعود ، وأبي بن كعب ،- رضي الله عنهم أجمعين – ([36])
القول الثاني : - إن ترتيب السور كان بعضه بالتوقيف ، وبعضه الآخر باجتهاد من الصحابة . قال أبو الحسين أحمد بن فارس: ( جمع القرآن على ضربين : أحدهما : تأليف السور ، كتقديم السبع الطوال ، وتعقيبها بالمئين ،فهذا الضرب هو الذي تولاه الصحابة رضوان الله عليهم - ، وأما الجمع الآخر : فضم الآي بعضها إلى بعض ، وتعقيب القصة بالقصة ، فذلك شيء تولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم - ،كما أخبر به جبريل عن أمر ربه -عز وجل- ) ( [37] ). ..ومال ابن عطية إلى هذا الرأي ( [38] ) .
وذهب البيهقي في المدخل( [39] )، إلى أن القرآن كان على عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – توقيفي إلا الأنفال ، وبراءة ، فإن ترتيبهما باجتهاد من عثمان – رضي الله عنه - ، ووافقه عليه الصحابة ، وقد استدل على استثناء هاتين السورتين بما أخرجه أحمد ، وغيره ، عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال :  ( قلت لعثمان بن عفان : ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني ، وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ، ولم تكتبوا بينهما سطر – بسم الله الرحمن الرحيم – ووضعتموها في السبع الطوال ..؟ ما حملكم على ذلك ..؟ قال عثمان : إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان مما يأتي عليه من الزمان ، ينزل عليه من السور ذوات العدد ، وكان إذا أنزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده ويقول : ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ، وتنزل عليه الآية فيقول : ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ، وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة ، وبراءة من آخر القرآن ، فكانت قصتها شبيهة بقصتها ، فقبض رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولم يبين لنا أنها منها ، وظننت أنها منها ، فمن أجل قرنت بينهما ، ولم أكتب بينهما سطر- بسم الله الرحمن الرحيم – ووضعتهما في السبع الطوال .)( [40] )
وتابعه السيوطي على ذلك فقال : ( والذي ينشرح إليه الصدر ، ما ذهب إليه البيهقي ، وهو : أن كل السور توقيفية سوى الأنفال وبراءة ..)( [41]
القول الثالث : - وذهب إليه غير الجمهور : وهو أن ترتيب السور توقيفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - ، وأن الصحابة حينما خافوا ذهاب بعض القرآن باستشهاد حفظته ، جمعوه ، وكتبوه ، كما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يقدموا أو يؤخروا شيئا ، واقتصر عملهم على جمع القرآن في موضع واحد ، دون التعرض لترتيب سوره ، إلا وفق ما سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم - على هذا النسق والترتيب ( [42] ) ..وروى الإمام القرطبي ، عن ابن وهب ، قال : ( سمعت سليمان بن بلال ،يقول : سمعت ربيعة يسأل : لم قدمت البقرة وآل عمران ، وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة ،وإنما نزلتا بالمدينة ..؟ فقال ربيعة : قد قدمتا ، وألف القرآن على علم مما ألفه )( [43] ) ،وبمثل ذلك قال أبو جعفر النحاس ، ومحمد بن حمزة بن نصر الكرماني .( [44] )
والمختار من هذه الأقوال : أن تأليف السور على هذا الترتيب الذي عليه المصحف توقيفي ، لا مجال للاجتهاد فيه ، وذلك للأمور التالية :
1- إن استدلال أصحاب القول الأول باختلاف مصاحف الصحابة ، يمكن رده : بأن مصحف عثمان – رضي الله عنه وأرضاه – لو كان اجتهادياً لما وافقوه على ذلك ، لأنه ليس لمجتهد أن يقلد مجتهدا آخر ، كما هو مقرر عند الأصوليين . ثم إن مصاحف الصحابة كانت خاصة بهم ، جمعت إلى القرآن بعض مسائل العلم ، وبعض المأثورات ، فهي إلى كتب العلم أقرب منها إلى المصاحف المجردة ، ومن هنا وجدنا الذين استنسخوا المصاحف العثمانية ، لم يعتمدوا عليها ، بل اعتمدوا على جمع أبي بكر ، الذي اعتمد على ما جمع بين يدي النبي – صلى الله عليه وسلم - ، ومن هنا فقد عدلوا جميعا عن هذه المصاحف ، وساروا على ما سار عليه الصحابة جميعا ، ووافقوا على مصاحف عثمان ، وما فيها من لفظ وترتيب ، وترك ما سواها ، فلو كان الترتيب بالاجتهاد لظلوا على اجتهادهم ، وبهذا ظهر بطلان هذا القول ، ويؤكد الألوسي ذلك بقوله : ( وبالجملة بعد إجماع الأمة على هذا المصحف ، لا ينبغي أن يُصاخَ إلى آحاد الأخبار ، ولا يُشرأب إلى تطلع غرائب الآثار ) ( [45] ) أما ما ذهب إليه البيهقي ، والسيوطي ، بأن ترتيب السور توقيفي ، باستثناء سورتي الأنفال ، وبراءة ، فيرد عليه من وجهين : -
أولا : - إن هذا الحديث غير صحيح ، لقول الترمذي فيه : (حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عوف عن يزيد الفارسي،عن ابن عباس، ويزيد هذا مجهول الحال )( [46] )
وقال الذهبي : ( عوف الأعرابي : قيل : كان يتشيع ، وقد وثقه جماعة ، وجَرَّحَهُ جماعة ، وكان داود بن أبي هند يضربه ويقول : ويلك ياقدري .وقال بندار : والله لقد كان عوف قدريا ، رافضيا ، شيطانا .
وأما يزيد فقد اختلفوا فيه ، هل هو ابن هرمز أو غيره ..؟ وقد ذكره البخاري في كتاب الضعفاء ، باسم : يزيد الفارسي ، لاشتباهه فيه ، وحيث أنه قد انفرد بهذا الحديث ، فلا يحتج به في شأن القرآن ، الذي يطلب فيه التواتر . وقال الذهبي : - قال فيه النسائي وغيره : متروك ، وقال الدارقطني ، وغيره : ضعيف ، وقال أحمد : كان منكر الحديث ..
 فإذا كان الحديث بهذه المكانة من الضعف ، ولم يرتضيه إلا القليل الذين قوموه ، ولم يخرجوه عن أقل درجات القبول ، فكيف نقبله وأمر القرآن الذي هو في أعلى درجات القمة نقلا ، ونظما ، وترتيبا.؟)( [47]
وثانيا :- على فرض صحة هذه الرواية ، [ فقوله في الحديث : ( إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان مما يأتي عليه من الزمان ) يدل في الجملة على التوقيف .
وقوله : ( فقبض رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولم يبين لنا أنها منها ) بعيد ، إذ الأنفال نزلت في السنة الثانية عقب غزوة بدر ، والتوبة نزلت في أواخر السنة التاسعة بعد غزوة تبوك ، وبعد خروج أبي بكر للحج على رأس المسلمين ، فكيف يعقل أن يظل الرسول – صلى الله عليه وسلم – زهاء خمسة عشر شهرا ولا يبين للناس أنها منها ، أو من غيرها ..؟ إنه يكون بذلك قد تأخر عن البيان وقت الحاجة إليه ، بل انتقل إلى الرفيق الأعلى قبل البيان ، وحاشاه – صلى الله عليه وسلم –أن يفعل ذلك ، مع ورود الأحاديث الصحاح بأنه كان يعرض القرآن كله في رمضان من كل عام على حبريل ، وعرضه في العام الذي توفي فيه مرتين ، وحينئذ فأين كان يضع هاتين السورتين في قراءته حينما كان يعرضهما على حبريل ..؟ ] ([48] )
ثم ( إن إطلاق الاسم على كل منهما ، واختلافه فيهما ، مما يعين أن هذه غير تلك ، وقد سمى رسول الله
– صلى الله عليه وسلم – كلا منهما )( [49] ) . أما قوله ( فمن ثم قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر : بسم الله الرحمن الرحيم ) فإن البسملة لا تخضع لهوى الكتاب إثباتا وحذفا ، أخرج أبو داود والحاكم ، وصححاه عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : [ ( كان النبي – صلى الله عليه وسلم – لا يعلم ختم السورة حتى ينزل : بسم الله الرحمن الرحيم ) .وفي رواية : ( فإذا نزلت :بسم الله الرحمن الرحيم  ، علم أن السورة قد انقضت ) . قال الحافظ أبو شامة : هذا حديث حسن .]( [50] )  
وأما ما قاله المفسرون في أسباب عدم ذكر البسملة في أول سورة براءة ، فهو التماس للحكمة ، ومن ذلك ما ذكره ابن عربي ، عن سر حذف البسملة من بداية سورة التوبة ، حيث يقول : ( وأما سورة التوبة عند من لم يجعلها من سورة الأنفال ، فيجعل لها اسم التوبة ، وهي الرجعة الإلهية على العباد بالرحمة ، والعطف فقام اسم التوبة مقام البسملة ، فإن الرجعة على عباده تعالى لا تكون إلا بالرحمة ..والله أعلم ) ( [51] )  
 هذا وقد قام الإجماع على أن سورة الأنفال سورة برأسها غير سورة التوبة ، ولذا قال الزركشي : ( إن سور القرآن مائة وأربع عشرة سورة بإجماع أهل الحل والعقد )( [52] )
 فالقرآن الكريم كله آية آية ، وسورة سورة ، مرتب من الله تعالى ، وقد بلغه عنه رسوله الأمين – صلى الله عليه وسلم – ، لصحابته الكرام ، فرتبوه كما سمعوه .

  1. إن هناك سوراً متحدةً في المطلع رُتِّبت وَلاءً ، كالحواميم و الطواسين ، ولم ترتب المسبحات تباعاً ، بل فُصِل بينهما بالمجادلة ،والممتحنة ،والمنافقون ، وأفردت الاسراء في النصف الأول ، وفصل بين الشعراء والقصص ، وهما يبدءان بـ(طسم )، و بـ (طس النمل )مع أنها أقصر منهما ، ولو كان الترتيب اجتهاديا لذكرت المسبحات ولاء ، وأخرت ( طس) عن القصص ، أما وأنه قد حصل الفصل بين المتماثلات والمتقاربات من السور ، مع عدم مراعاة التناسب في الطول والقصر ، فهذا يدل على أن الترتيب توقيفي ([53] ) .

3- إن الذي قام بمهمة النسخ للمصاحف، مع النفر القرشيين في عهد عثمان رضي الله عنه وأرضاه - ، هو زيد بن ثابت ، وهو نفسه أشرف على جمع القرآن في الصحف التي نسخت منها المصاحف ، على عهد أبي بكر رضي الله عنه - ، وهو كذلك أحد كتاب الوحي ، وشهد العرضة الأخيرة للقرآن ، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن على هذا الترتيب ، وإلا على أي ترتيب كان الرسول صلى الله عليه وسلم - يقرأ القرآن ..؟ وقد جعل ابن الزبير الغرناطي هذا الخلاف بين العلماء لفظيا ، فقال :
( إن كان بتوقيف منه صلى الله عليه وسلم فلا مجال للخصم ، وإن كان مما فوض فيه الأمر إلى الأمة بعده ، فقد أعمل الكل من الصحابة جهده ، وهم الأعلياء بعلمه ، والمسلم لهم في وعيه وفهمه .)( [54]
وإذا كانت العلماء قد تباينت آراؤهم ظاهرياً ، فإن الرأي الراجح أن ترتيبها كان توقيفياً ، وذلك لتظافر النصوص على أن الأغلب من سور القرآن معلومة الترتيب وقت نزول الوحي ، وأن جبريل عليه السلام كان يعرضه على النبي - صلى الله عليه وسلم - في العام مرة ، وعرضه عليه في العام الذي قُبِضَ فيه مرتين ، كما ( أن هذا الترتيب يقوي الوحدة المعنوية بين سور الكتاب المبين ، ويقطع الطريق أمام المشككين والطاعنين . أضف إلى ذلك : إجماع الأمة بدءا من عصر الصحابة على هذا الترتيب ، فصار الإلتزام به أمر لا بد منه . ( [55] )  
وقد زعم بعض المستشرقين أن القرآن لم يكن مرتباً ، وأنه كان مختلطاً في عهد الرسول   صلى الله عليه وسلم - ، وقد رتبه أبو بكر رضي الله عنه - ، لذا استحلوا لأنفسهم أن يجعلوا له ترتيباً خاصاً ، يختلف عن ترتيب المصحف الحالي في كثير من السور ، معتمدين على الأسلوب ، ومحتويات السورة . والذي ينظر فيما حاوله المستشرقون بترتيبهم غير المسبوق ، يجده عبثاً لا يليق بقدسية القرآن الكريم .وقد ظهرت أصوات متأثرة بالدراسات الإستشراقية ، تنادي بإعادة ترتيب سور القرآن حسب نزولها ، ثم أخفت الله هذه الأصوات ، واطمأن المسلمون على ما أجمع عليه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين - ([56] )
المطلب الرابع :  عدد آيات سورة البقرة ، وفضلها .
سورة البقرة مدنية إلا خمس آيات: ([57])
قوله تعالى: ( فاعفوا واصفحوا ) (البقرة  : 109)
وقوله تعالى ( ليس عليك هداهم الآية) (البقرة: 272 ) نزلتا بمكة وآخرها نزل يوم فتح مكة.
وهي : مائتان وسبع أو ست أو خمس وثمانون آية على الخلاف
وكلماتها : ست آلاف ومائة وإحدى وعشرون.
وحروفها: خمسة وعشرون ألفا وخمسمائة.([58])
ويجدر التنويه إلى أن الخلاف في العدّ ليس زيادة أو نقصاً في نصوص الآيات؛ فإن من أسبابه الخلاف في احتساب البسملة آية أو عدم احتسابها، وكذا الخلاف في حروف الفواتح أيُّها آية ، وأيها بعض آية، كما قد تقسم آية طويلة إلى آيتين، أو تدمج آيتان قصيرتان وتحسبان آية، حيث كان الرسول– صلى الله عليه وسلم -  يقف غالباً على رؤوس الآي، لكنه ربما وقف قبل آخر الآية ، فيظن الصحابي أن موضع وقوفه – صلى الله عليه وسلم -  رأس آية.
أما فضلها : فقد وردت عدة أحاديث وآثار، في فضل سورة البقرة، وخواتيمها ، منها:
1ـ عن النواس بن سمعان([59]) قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول : ( يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلُ عِمْرَانَ ...الحديث .)([60]).
2ـ وعن أبي بن كعب([61])؛ أن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: ( يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ قُلْتُ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ قَالَ فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ)([62]).
3ـ وعن أبي مسعود البدري([63]): قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ( الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ)([64]).
 
المبحث الثاني
المطلب الأول : بيان معنى الكناية لغة واصطلاحا
الكناية فن من فنون البيان ، وطريق من طرق التصوير ، ومسلك من مسالك الخيال في البلاغة العربية ، به يستطيع الأديب أن يصور المعنى المجرد تصويراً يدركه المتلقي عن طريق الحواس والوجدان ، فيترك في نفسه تأثيراً عظيماً .
أ - الكناية في اللغة : تدور المادة المعجمية للكناية (ك - ن – ن) حول معنى الستر والإخفاء ، يقال كنيت الشيء إذا سترته، وكنى عن الشيء إذا أخفاه ولم يصرح به، وبهذا المعنى وردت قوله تعالى :( وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ ) ( البقرة ( 235: إذا سترتم طلبكم وأضمرتموه في قلوبكم ، فلم تذكروه بألسنتكم لا مصرحين ولا معرضين ([65]). قال الجوهري : ( تـ 398هـ ) : والكُنيةُ والكِنيةُ أيضا واحدة الكُنَى ، واكتنى فلان بكذا ، والكناية : أن تتكلم بشيء وتريد غبره ، وكنى عن الأمر بغيره يكني كناية ، يعني : إذا تكلم بغيره مما يستدل عليه ، نحو : الرفث ، والغائط ونحوه . ( [66] ) . ويقول ابن منظور  : ( تـ 711هـ )(  الكناية أن تتكلم بشيء وتريد غيره، وكنى عن الأمر بغيره يكني كناية، إذا تكلم بغيره مما يستدل عليه).([67]) وهي مأخوذة من الستر والتغطية ، يقال : كنيت الشيء إذا سترته ، وسُمِيَت بهذا الاسم : لأنها تَستُر معنىً ، وتُظهِر غيره .( [68] ) ومنه الكُنية ، وذلك أن فيها ستراً للاسم ، وإظهاراً لشيءٍ آخر وهي الكُنية.( [69] ) ويعيد ابن منظور الأصل اللغوي " كنى " إلى " الكنية " ويجعلها في ثلاثة أوجه :
 أحدها : أن يُكنَى عن الشيء الذي يُستَفحَشُ ذِكرُه .  والثاني : أن يكنَى الرجُلُ باسم توقيراً وتعظيماً . والثالث :أن تقوم الكُنية مقام الاسم ، فيُعرَفُ صاحبها بها ، كما يُعرَفُ باسمه ، كأبي لهب ، اسمه : عبد العُزَّى ، عُرِفَ بكنيته فسماه الله بها .( [70] ) وقد ورد مصطلح الكنية والكنى في الشعر الجاهلي ، في بيت من قصيدة للشاعر : " عبيد بن الأبرص " قاله " للنعمان بن المنذر " : هيَ الخَمرُ بالهزلِ تُكنَى الطَّلا ........... كما الذئبُ يُكنَى أبا جَعدةِ .( [71] ) ولم ترد لفظة الكناية أو الكنية في القرآن الكريم ، مع كثرة ورود هذا الأسلوب البلاغي الجميل فيه ، الذي يُوَضح الصورة ، وَيُنسق الأسلوب ، ويُبعده عن الابتذال ، ففي اللغة معانٍ وألفاظ لا تستسيغها الأذواق، وتنبو عنها الأسماع، فجاءت الكناية في القرآن الكريم لتبرز جماله وإعجازه، بصورها البليغة،واستعمالاتها الدقيقة .  ب - الكناية في الاصطلاح : وضع عبد القاهر الجرجاني (تـ 471 هـ) للكناية حداً اصطلاحياً وبُعداً بيانياً قائلا  : ( المراد بالكناية  هاهنا: أن يريد المتكلم إثبات معنى من المعاني، فلا يذكره باللفظ الموضوع له في اللغة، ولكن يجيء إلى معنى هو تاليه وردفه في الوجود فيومىء به إليه ويجعله دليلا عليه ) .([72]) ويدلل عبد القاهر على صحة هذا الرأي من خلال الأمثلة التي ساقها ، مثال ذلك قولهم: ( هو طويل النجاد) يريدون طويل القامة ، و(كثير رماد القِدر) يعنون كثرة القِرى ، وفي المرأة (نؤوم الضحى) والمراد أنها مترفة مخدومة، لها من يكفيها  أمرها، فقد أرادوا في هذا كله ، كما ترى ، معنى ، ثم لم يذكروه بلفظه الخاص  به ، ولكنهم توصلوا إليه بذكر معنى آخر من شأنه أن يردفه في الوجود ، وأن يكون إذا كان . أغلا ترى أن القامة إذا طالت طال النجاد .؟ و‘ذا كثر القرى كثر رماد القدر .؟ وإذا كانت المرأة مترفة، لها من يكفيها أمرها ، رَدِفَ ذلك أن تنام إلى الضحى) ([73]) . وحديث عبد القاهر الجرجاني عن المعنى الذي يردف المعنى المذكور، يشير إلى ما ذكره قدامة ابن جعفر ( تـ 337هـ)([74]) عن الكناية  ، التي لم يتحدث عنها من خلال هذا المصطلح، بل ذكرها في أنواع ائتلاف اللفظ بالمعنى ، وأطلق عليها اسم : (الإرداف) وعرفه بقوله: ( هو أن يريد الشاعر دلالة على معنى من المعاني، فلا يأتي باللفظ الدال على ذلك المعنى، بل بلفظ يدل على معنى هو ردفه وتابع له، فإذا دل على التابع أبان عن المتبوع بمنزلة قول عمر بن أبي ربيعة ( [75] ) : بَعيدَةُ مَهوى القُرطِ إِمّا لِنَوفَلٍ ........ أَبوها وَإِمّا عَبدُ شَمسٍ فهاشِمُ فإنما أراد الشاعر أن يصف هذه المرأة بطول العنق ، فلو عبر عن ذلك باللفظ الموضوع له لقال : طويلة العنق ، فعدل عن ذلك وأتى بلفظ يدل عليه ، وليس هو الموضوع له ، فقال : بعيدة مهوى القُرط .. فدل ببعد مهوى قرطها على طول حيدها ، وفي ذلك من المبالغة ما ليس في قوله : طويلة العنق .. لأن بُعدَ مهوى القرط يدل على طول أكثر من الطول الذي يدل عليه – طويلة العنق - لأن كل بعيدة مهوى القرط طويلة العنق ، وليس كل طويلة العنق بعيدة مهوى القرط ، إذا كان الطول في عنقها يسيراً . ( [76] ) وهذا التعريف لا يميز الكناية من المجاز، إذ ميز البلاغيون بينهما ، وقالوا : إن الكناية يجوز فيها إرادة المعنيين: (الحقيقي ، ولازمه المجازي) ، خلافا للمجاز المشترط فيه عندهم القرينة المتصفه بمنع إرادة المعنى  الحقيقي ([77]) . ومن ثَمَّ عرفها المتأخرون منهم بأنها : ( لفظ أُطلق وأريد به لازم معناه، مع قرينة لا تمنع من  إرادة المعنى الحقيقي ) ([78]) .
المطلب الثاني : الكناية بين الحقيقة والمجاز
يرىبعض البيانيين أن الكناية مجاز ، بل هي ركن من أركانه ، ومنهم : العلوي ( [79] ) ، الذي اعتمد على المعنى المراد من الكناية ، فهو ليس المعنى الأصلي لِلّفظ ، وإلا لما كان هناك داع للكناية ، وطالما كان المقصود ليس هو المعنى الأصلي ، فيجب القول إذن بمجازيتها ، لأن حقيقة المجاز عنده ، ما دل على معنى خلاف ما دل عليه بأصل وضعه ، وكما أنها تساوي الاستعارة في الدلالة على معنى يخالف المعنى الأصلي ، ولما كانت الاستعارة نوعا من أنواع المجاز ، فكذلك تكون الكناية نوعا من أنواع المجاز ( [80] ) .
وهؤلاء لا يشترطون في قرينة المجاز أن تكون مانعة من إرادة المعنى الحقيقي .
وبعضهم يرى أنها حقيقة ، لأن اللفظ مستعمل فيما وضع له ، لكن لا لذاته ، بل لينتقل منه إلى المعنى الكنائي . ومنهم : الفخر الرازي ، الذي عقد مبحثا في أن الكناية ليست من المجاز . ( [81] )  وكذلك فعل العز بن عبد السلام . ( [82] ) .
وذهبت طائفة ثالثة منهم : القزويني ( [83] ) ، إلى أن الكناية واسطة بين الحقيقة والمجاز ، أي : لا حقيقة ولا مجاز ، فهي ليست حقيقة لعم استعمالها في المعنى الأصلي ، وليست مجازا ، لأن قرينتها غير مانعة من إرادة المعنى الأول .
وذهبت طائفة رابعة إلى أنها حقيقة ومجاز معاً .. ومنهم ابن الأثير ، حيث يرى أن الأسلوب الكنائي يتجاذبه جانبان هما : جانب الحقيقة وهو الدلالة القريبة المباشرة. ، وجانب المجاز: وهو الدلالة البعيدة غير المباشرة. يقول ابن الأثير معرفا الكناية:( كل لفظة دلت على معنى يجوز حمله على جانبي الحقيقة والمجاز، بوصف جامع بين الحقيقة والمجاز) ([84] ) فالفرق بينهما وبين المجاز هو في نوع القرينة، لأن القرينة في المجاز تمنع من إرادة المعنى الأصلي ، على حين لا تمنع القرينة هذا المعنى الأصلي في الكناية، فلو نظرنا إلى قوله تعالى  :  (  يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ ( ( البقرة : 19 ) وهو مجاز مرسل علاقته الكلية، لوجدنا أن المعنى الحقيقي تمتنع إرادته، إذ لا يمكن تحققه لاستحالة وضع كل الأصابع في الأذن ، ومن ثم حمل لفظ (الأصابع) على دلالة مجازية، وأصبح المقصود بها الأنامل . أما الكناية فإنها تختلف عن المجاز في أن قرينتها لا تمنع من إرادة المعنى الأصلي مع المعنى المجازي فيها، إذ لا مانع عقلا وعادة من أن يريد المتكلم بالأسلوب الكنائي معنييه معا، ففي قول امرئ القيس: وَتُضحي فَتيتُ المِسكِ فَوقَ فِراشِها .......... نَؤومُ الضُحى لَم تَنتَطِق عَن تَفَضُّلِ  فقد كان امرؤ القيس يريد أن يتحدث عن النعمة والرفاه التي تعيش فيهما هذه المرأة، وأنها نشأت في أحضان  الغنى ، فالرائحة الطيبة تلازم فراشها، ولديها من يقوم بالخدمة عنها، ولذلك فهي تنام الضحى، على غير ما جرت عليه عادة نساء العرب من السعي على الرزق وقت البكور. ولكنه لم يعبر عن ذلك بالألفاظ الدالة عليها دلالة مباشرة، ولجأ إلى معنى آخر (نؤوم الضحى) من شأنه أن يستلزم المعنى السابق، فالقرينة تدل عليه، ولكن هذه القرينة لا تمنع في الوقت نفسه أن يراد حقيقة أنها مع ترفها ونعيمها تنام كثيرا ً في وقت الضحى ، أو يتأخر وقت نومها إلى هذا الوقت، وفي هذا يقول السكاكي: ( الفرق بين المجاز والكنايةأن الكناية لا تتنافى وإرادة الحقيقة بلفظها، فلا يمتنع في قولك ) : فلان طويل النجاد) أن تريد طول نجاده من غير ارتكاب تأول.. والمجاز ينافي ذلك، فلا يصح في نحو  : (  رعينا الغيث) أن تريد معنى الغيث، وفي نحو قولك :( في الحمام أسد ) أن تريد معناه من غير تأويل) ( [85]
المطلب الثالث  : أقسام الكناية
تبلورت جهود البلاغيين عن تفريع الأسلوب الكنائي  - باعتبار المُكَنّى - إلى ثلاثة أقسام  :
1  -الكناية عن صفة  ( أي الكناية المطلوب بأسلوبها الصفة ) :  وهي التي يطلب بها نفس الصفة ، والمراد بالصفة الصفة المعنوية، كالجود والكرم والإباء والشجاعة، وأمثال ذلك، لا النعت المعبر عنه بالصفة في اصطلاح النحويين، والكناية عن الصفة تتمثل في كل أسلوب يراد به إلصاق صفة ما بموصوف ما، ولكن المتكلم لا يعمد في أسلوبه إلى ذكر الصفة مباشرة ، وإنما يلجأ إلى ذكر أمر بينه وبين تلك الصفة تلازم. ومن ذلك كثير من الكنايات ، كما في قوله تعالى: ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً }(الفرقان : 27 ) ، فقوله تعالى (يعض الظالم على يديه) كناية عن صفة هي (الندم والحسرة). ونجد في هذا التعبير موصوفا هو "الظالم" ، وصفة مباشرة نسبت إليه وهي (عضه على يديه ) وقد توصلت الآية الكريمة بذكر الصفة المباشرة ، وهي (عض اليد) ، إلى الصفة المرادة من التعبير (وهي الندم والحسرة) ، لما بين الصفتين من تلازم عرفي. 
وكقوله تعالى : ( وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42) ) ( الكهف: 42) . فتقليب الكفين صفة ، كناية عن الندم والحزن ، لأن النادم والحزين يعملان ذلك عادة .  2  - الكناية عن موصوف  ( أي الكناية التي يطلب بأسلوبها الموصوف ) : وذلك إذا أريد التعبير عن موصوف ما، فلا يصرح المتكلم بذكر هذا الموصوف، ولكن يذكر صفات بينها وبين الموصوف ملازمة لاختصاصه بها، كقوله تعالى : (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18) ) ( الزخرف : 18) .. إن الذي ينشأ في الحلية هي : البنت .. لأن أهلها يجملونها بالحلية ، وأنواع الزينة منذ نشأتها . أي : أو جعلوا لله البنات ، وهن اللاتي يربين في ازوينة ، ولا يقدرن على الإبانة حين الخصام والجدال .
وكقول النبي – صلى الله عليه وسلم – ( من بايع إماماً فأعطاه صفقة يده .... فليطعه ما استطاع ) ( [86] ).
وفي قوله – صلى الله عليه وسلم – ( صفقة يده ) ، كناية ، لأن صفقة اليد ، ضم إحدى يدي المُعاهِدِ بيد المُعاهَد . وليس هذا مراداً وحده ، وإنما المراد إعطاء العهد . ولما كان من عادة العرب عند التعاهد والتعاقد والبيع ، وضع اليد في اليد ، كَنّى بذلك النبي – صلى الله عليه وسلم – عن العهد ، كأنه يقول : من بايع إماماً فأعطاه عهده ، وبيعته ، فليطعه ما استطاع .
وكقول حافظ إبراهيم :  
وَبُناةُ الأَهرامِ في سالِفِ الدهر ......... كَفَوني الكَلامَ عِندَ التَحَدّي . فقد كنى الشاعر عن (المصريين القدماء) بقوله (بناة الأهرام) ، فهو لم يصرح بالمصريين القدماء ، وإنما ذكر صفةً ملازمة لهم، وهي أنهم من بنوا الأهرام. 3  - الكناية عن نسبة  ( أي الكناية المطلوب بأسلوبها نسبة الصفة إلى الموصوف ) : ويراد بها إثبات أمر لأمر ، أو نفيه عنه . وبها يذكر الصفة والموصوف ، ولا يصرح بالنسبةالموجودة ، مع أنها هي المقصودة . كقوله تعالى : (أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ )( المائدة : 60)
( إثبات الشرارة لمكان الشيء ، كناية عن إثباتها لهم ، وهي أبلغ في الدلالة على شرهم ....  فكأن شرهم أثر في مكانهم ، أو عظم حتى صار مجسما ً ) . ( [87] ) . وكقوله تعالى : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ . ) ( الرعد: 33) أي بشركاء مستحقين للعبادة  لا يعلمهم سبحانه وتعالى  ، والمراد نفيها بنفي لازمها على طريق الكناية ، لأنه سبحانه إذا كان لا يعلمها وهو الذي لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، فهي لا حقيقة لها أصلا  . ( [88] )
وكقول زياد الأعجم: إِنَّ السَّماحَةَ وَالمُروءَةَ وَالنَّدى  .......... في قُبَّةٍ ضُرِبَت عَلى ابنِ الحَشرَجِ ( [89] ) فقد صرح الشاعر في البيت بصفات (السماحة والمروءة والندى) كما صرح بموصوف هو (ابن الحشرج) وأراد الشاعر أن ينسب هذه الصفات إلى ممدوحه ، وأن يجعلها من خواص صفاته، ولكنه لم يلجأ إلى التصريح، بل نسب هذه الصفات إلى القبة المضروبة على الموصوف، كناية عن نسبتها إلى الموصوف ذاته. وقد يلجأ الشاعر إلى محاولة نسبة صفة إلى موصوف، عن طريق نفي صفة أخرى قبيحة، عن شيء له علاقة بالموصوف، كما في قول الشنفرى :  
يبيت بِمَنجاةٍ عن اللؤم بيتُها ........ إذا ما بيوت بالمَلامةِ حَلَّتِ . ( [90] )
ففي هذا البيت كنايتان :
ففي الأولى : ذكر الشاعر الصفة ، وهي المَنجاة من اللؤم . وذكر الموصوف وهو المرأة . ولكنه لم ينسب العفة والشرف إليها ، بل إلى بيتها ، فدل ذلك على أنها هي المقصودة بالصفة .
أي : أن الشاعر هنا يريد نسبة صفة العفاف إلى هذه المرأة وقد لجأفي تحقيق ذلك – إلى نفي صفة اللؤم عن بيتها، فبيتها طاهر عفيف لا لؤم فيه، وهذا إيحاء بنسبة صفة العفة والطهارة إلى صاحبته، لأن البيت نفسه( بوصفه مبنى ) لا يوصف بأنه لئيم أو غير طاهر.
وفي الثانية : ذكر الشاعر الصفة ، وهي حلول الملامة ، وأشار إلى الموصوف ، وهو البعض ، غير تلك المرأة ، ولكنه لم ينف الشرف عنهم ، بل عن بيوتهم ، فدل ذلك على نسبة تلك الصفات الذميمة إليهم .
المطلب الرابع :
إقحام بعض الألفاظ أو العبارات غير الكنائية في حيز الكناية :
حين عُنِيَ بعض البلاغيـين بحصر فوائد التعبير بالكناية ، كان من أبرز هذه الفوائد وأكثرها شيوعاً على ألسنتهم : التعبير بألفاظ مستحسنة  ، لا تعافها الأذواق عما يستحيا من ذكره ، أو يقبح التصريح به من المعاني , أو على حد تعبير المبرد ( الرغبة عن اللفظ الخسيس المفحش إلى ما يدل على معناه من غيره ) ([91])
في ظل شيوع هذا القول توطدت علاقة الكناية في تراثنا بتلك المعاني , بل إنها كانت تقتصر عليها في بعض المواقف , نجد ذلك واضحاً على سبيل المثال في ترجيح بعضهم للقول بأن التعبير بالإفضاء في قوله عز وجل : ( وقد أفضى بعضكم إلى بعض ) [ النساء:21] هو كناية عن الجماع لا عن الخلوة الصحيحة , وذلك لأن العرب إنما تستعمل الكناية فيما يُستحيا من ذكره , والخلوة لا يستحيا من ذكرها فلا تحتاج إلى كناية([92]).
ولا يعنينا الآن مناقشة القول بوجوب الكناية أو انحصارها فيما يُستحيا من ذكره , وإنما الذي يعنينا هو الإشارة إلى أن شيوع هذا القول في تراثنا ،  كان له أثر في بروز تلك الظاهرة التي نحن بصددها الآن ، وذلك أننا حين نتأمل معاني تلك الألفاظ أو العبارات التي أريد إقحامها في حيز الكناية ، يتبين لنا  أنها تدور في الأعم الأغلب حول ما يُستحيا من ذكره , كالوطء , أو الفرج , أو قضاء الحاجة .. أو ما إلى ما ذلك من المعاني التي تردد القول في تراثنا بوجوب الكناية أو حسنها عنها .
وفيما يلي نود أن نتوقف إزاء بعض تلك الألفاظ أو العبارات التي سلك بعض البلاغيين معها هذا المسلك المتعسف في التأويل فلنتأمل على سبيل المثال :
1 - قوله تبارك وتعالى :( وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍْ قَديِِراً(27))[الأحزاب: 27]
لقد ردد بعض البلاغيين القول بأن قوله عز وجل في تلك الآية (وأرضا لم تطئوها) هو كناية عن فروج النساء ونكاحهن ، وقد استحسن يحيى بن حمزة العلوي هذه الكناية قائلاً : ( وهذا من جيد الكناية ونادرها لمطابقتها لقوله تعالى : ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ) [البقرة :223] والحرث إنما يكون في الأرض ، فلهذا ازدادت رشاقة وحسنا ) ( [93] ).
ولعلنا نحس بما ينطوى عليه هذا الرأى من تعسف ولي لعنق اللفظ عن معناه المتبادر منه في وضوح فلفظة الأرض في التعبير القرآني لا تدل على غير معناها الأصلي، وهذا المعنى هو ما فهمه كثير من المفسرين الذين اختلفوا حول تحديد الأرض المعنية بهذا التعبير ، ( فقال السدي : هى خيبر ، وقال قتادة : كنا نحدث أنها مكة ، وقال الحسن : هي أرض الروم وفارس ، وقال ابن جزى الكلبى : ويحتمل عندي أنه يريد أرض بنى قريظة ؛ لأنه قال أورثكم بالفعل الماضي، وهي التى كانت أخذوها حينئذ ، وأما غيرها من الأرضين فإنما أخذوها بعد ذلك ، فلو أرادها لقال
 يورثكم ) ( [94] ) . قال في الكشاف : (ومن بدع التفاسير: أنه أراد نساءهم. ..) ([95])
وقال ابن عاشور : (وقوله { وأرضاً لم تطؤوها } أي: تنزلوا بها غزاةً وهي أرض أُخرى غير أرض قريظة وصفت بجملة { لم تَطَؤُوها } أي: لم تمشوا فيها. فقيل: إن الله بشرهم بأرض أخرى يرثونها من بعد. قال قتادة: كنا نحدث أنها مكة. وقال مقاتل وابن رومان: هي خيبر، وقيل: أرض فارس والروم. وعلى هذه التفاسير يتعين أن يكون فعل { أورثكم } مستعملاً في حقيقته ومجازه؛ فأما في حقيقته فبالنسبة إلى مفعوله وهو ( أرضهم وديارهم وأموالهم ) ، وأما استعماله في مجازه فبالنسبة إلى تعديته إلى { أرضاً لم تطؤوها } ، أي: أن يورثكم أرضاً أخرى لم تطؤوها، من باب: (  أتى أمر الله ) [النحل: 1] أو يُؤوَّل فعل ( أورثكم ) بمعنى: قَدَّر أن يُوَرِّثكم. وأظهر هذه الأقوال أنها أرض خيبر فإن المسلمين فتحوها بعد غزوة قريظة بعام وشهر. ولعلّ المخاطبين بضمير ( أورثكم ) هم الذين فتحوا خيبر لم ينقص منهم أحد أو فقد منه القليل ولأن خيبر من أرض أهل الكتاب وهم ممن ظاهروا المشركين فيكون قصدُها من قوله : ( وأرضاً ) مناسباً تمام المناسبة.وفي التذييل بقوله ( وكان الله على كل شيء قديراً ) إيماء إلى البشارة بفتح عظيم يأتي من بعده.) ( [96] )
إن إغفال هذا المعنى الحقيقي للفظة الأرض ، وجعلها كناية عن النساء ، أو عن فروجهن فهو ضرب من ضروب التكلف الذي لا يقره العقل ولا يقبله السياق ، ولعلنا نتساءل : كيف ساغ لهؤلاء أن يذهبوا بدلالة لفظة الأرض هذا المذهب البعيد ، مع أن هذه اللفظة في صدر الآية الكريمة ذاتها لا تدل إلا على معناها الأصلي .. ؟ بل كيف يستحسن صاحب الطراز دلالة الأرض كنائياً على النساء لمطابقتها لقوله تعالى في آية أخرى : ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثُ لَّكُمْ ) غافلاً عن مطابقة معناها الأصلي للسياق الذى ورردت فيه ..؟ إذ إن الآية الكريمة تخبرنا عن إيراث أورثه الله سبحانه للمسلمين ، وبدهي أن الأرض الحقيقية _ لا النساء _ هى التى تورث ..!! ولعلنا نتساءل _ أخيراًً _ لو كانت الأرض فى هذا التعبير كما ذهب هؤلاء كناية عن الفروج ، وكان الغرض من تلك الكناية هو ستر ما يستحيا من ذكره ، فلماذا صرحت الآية _ إذن _ بلفظة ( تطئوها ) مع أنها أكثر دلالة - بناء على هذا التأويل البعيد للتعبير القرآني - على ما يستحيا من التصريح به..؟! ([97])
2 - وقوله عز وجل : ( وَقـَاُلوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهـِدتـُّمْ عَلَيْنَا قَـَاُلوا أنطَقَنَا اللهُ الَّذِي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون ) [فصلت : 21 ] .
قال ابن عاشور : ( ومن غريب التفسير قول من زعموا أن الجلود أريد بها الفروج ونسب هذا للسدي والفراء، وهو تعنت في محمل الآية لا داعي إليه بحال، وعلى هذا التفسير بنى أحمد الجرجاني في كتاب «كنايات الأدباء» فعدَّ الجلود من الكنايات عن الفُروج وعزاه لأهل التفسير فجازف في التعبير.) ([98])
قال الزمخشري - بصيغة التمريض - : (وقيل: هي كناية عن الفروج ..) ([99])
لقد وردت لفظ الجلود في الآية السابقة على تلك الآية ( حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم ) ، وفي الآية اللاحقة لها:(وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ) ، وقد ردد بعض البلاغيـين والمفسرين القول بأن لفظة (جلودهم) هي كناية عن الفروج .. وهذا الرأي لا مسوغ له ، لأن العرف لم يجر على استخدام الجلد في الدلالة على الفرج .
 كما أن لفظة الجلود قد وردت في القرآن الكريم في أربعة مواضع غير هذا الموضع ، تكررت مرتين في اثنين منهما هي آيات [النساء: 56] ,[النحل :80 ] , [الحج :20 ] , ودلت في تلك المواضع الأربعة أو المرات الست على معناها الأصلي , وهذا ما يدعو إلى التساؤل عن وجه صرفها عن هذا المعنى والزعم بأنها كناية عن الفروج في هذا الموضع بخصوصه ...؟! ولعل مما يعمق الإحساس بهذا التساؤل في النفس ، أن البيان القرآني قد صرح بالفروج - ولم يُكَنِّ عنها - في كثير من المواضع منها قوله عز وجل : ( والحافظين فروجهم والحافظات )[الاحزاب :35], وقوله : (والذين هم لفروجهم حافظون )[المؤمنون :5] و[المعارج :29] ؟!
ثم إن  المعنى الأصلي للفظة الجلود ملائم للسياق الذي وردت فيه في سورة فصلت , فلقد وردت الآيات الثلاثة في سياق الإخبار عن حشر أعداء الله يوم القيامة إلى النار ,والجلود بالمعنى الحقيقي لها هي مركز حاسة اللمس التي يدرك بها الإنسان حرارة النار , ومن ثم كان تعذيب هؤلاء الكفار بتبديل جلودهم بعد إحراقها كما يخبرنا عز وجل بذلك في قوله : (إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودًا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزاً حكيماً ) [النساء :56] .([100] )
3- قوله سبحانه : ( وما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام ..) [المائدة :75]. لقد ذهب غير واحد من البلاغيـين إلى أن أكل الطعام في الآية الكريمة هو كناية عن قضاء الحاجة , يقول الزركشي في ذلك :(فكنى بأكل الطعام عن البول والغائط , لأنهما منه مسببان , إذ لابد للآكل منهما لكن استقبح في المخاطب ذكر الغائط فكنى به عنه ) ( [101] ).
وهذا الرأي على غرابته وتسعف مسلكه في توجيه دلالة التعبير القرآني ، هو الرأي المشهور في تراثنا البلاغي . لقد وردت الآية الكريمة لاِثبات بشرية المسيح وأمه , وذلك لدحض مزاعم النصارى في إلهيته – عليه السلام - ، ويكفي في هذا الإثبات إجراء أكل الطعام على معناه الحقيقي دون تمحل لأي معنى آخر , وهذا ما أشار إليه غير واحد من البلاغيين والمفسرين في إنكارهم لكون هذا التعبير من قبيل الكناية ، ونكيرهم على من قال بذلك .
قال ابن عاشور : (وقوله: { كانا يأكلان الطّعام } جملة واقعة موقع الاستدلال على مفهوم القصر الّذي هو نفي إلهيّة المسيح وأمّه، ولذلك فصلت عن الّتي قبلها لأن الدّليل بمنزله البيان، وقد استدلّ على بشريتهما بإثبات صفة من صفات البشر، وهي أكل الطّعام.) ([102])
 وقال الجاحظ في ذلك : (بل الكلام على ظاهره, ويكفي في الدلالة على عدم الإلهية نفس أكل الطعام ؛لأن الإله هو الذي لا يحتاج إلى شئ يأكله ؛ولأنه كما لا يجوز أن يكون المعبود محدثاً كذلك لايكون طاعما)([103]) .  وقال الزمخشري : (قوله: { كَانَا يَأْكُلاَنِ ٱلطَّعَامَ } لأنّ من احتاج إلى الاغتذاء بالطعام وما يتبعه من الهضم والنفض لم يكن إلا جسماً مركباً من عظم ولحم وعروق وأعصاب وأخلاط وأمزجة مع شهوة وقرم وغير ذلك مما يدل على أنه مصنوع مؤلف مدبر كغيره من الأجسام ) ([104])
4 - قوله تبارك وتعالى في قصة تحاكم الخصمين إلى داود : (إٍنَّ هَذَاَ أَخِي لَهُ تِسْعٌ وِتَسْعُونَ نَعْجَةًًًًً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فََقَالَ أَكْفِلْنِيِهَا وَعَزَّنِيِ فِي الْخطَاَبِ (23))[ص:23].
لقد ردد كثير من البلاغيين والمفسرين القول بأن لفظة (نعجة) التي تكررت مرتين في الآية الكريمة هي كناية عن المرأة : يقول الزركشي في ذلك :(فكنى بالمرأة عن النعجة [ هكذا .. والصواب بالنعجة عن المرأة ] كعادة العرب أنها تكنى بها عن المرأة , ويقول ابن الأثير : (فإنه أراد الإشارة إلى النساء فوضع لفظ لمعنى آخر وهو النعاج ,ثم مثل به النساء, وهكذا يجري الحكم في جميع ما يأتي من الكنايات ) . ويقول البيضاوي في تفسيره :(النعجة هي الأنثى من الضأن , وقد يكنى بها عن المرأة , والكناية والتمثيل فيها يساق للتعريض أبلغ في المقصود ).
إن دلالة لفظة النعجة عن المرأة في الآية الكريمة ليست على هذا النحو من الوضوح الذي لاحظنا أنه من خصائص الكناية في القرآن الكريم , وعندي أن هؤلاء الذين قالوا بتلك الدلالة لم يفهموها من النص القرآني ذاته ,ولعلهم ـ فيما نرجح ـقد اجتلبوها اجتلابا من تلك القصة التي رددتها كتب التفسير ـ عند تناولها لتلك الآية ـ عن زواج داود عليه السلام من امرأة أوريا ,والتي شاع فيها القول بأنه كان له - عليه السلام - تسع وتسعون امرأة قبل زواجه من تلك المرأة , لعل هؤلاء قد فهموا من انطباق العدد في تلك القصة على العدد في الاية الكريمة أن لفظة النعجة فيها تعني المرأة كناية عنها . ولعل من العجيب حقا أن  يفهم هؤلاء البلاغيون النعجة بهذا المعنى الكنائى ، مع أن نبي الله داود -عليه السلام - لم يفهمها الا بمعناها الحقيقي !!
إذ بتأمل السيلق يتجلى لنا أنه  - عليه السلام - عند سماعه لهذا القول من أحد الخصمين تصور _في البداية-  أنه أمام دعوى حقيقية ،  أو تخاصم حقيقي حول نعاج  ،  ومن ثم بادر بابداء حكمه أو فصله فيها كما تخبرنا الآية التالية لتلك الآية :  } قال  لقد ظلمك بسؤال نعجتك الى نعاجه { ثم تنبه في النهايه إلى أنها تمثيل لما كان من أمره ، فبادر بالإنابة والاستغفار .([105])
المطلب الخامس  :
ذكر بعض الكنايات الواردة في سورة البقرة ، وبيان دلالاتها .
وردت الكناية في القرآن الكريم لأغراض عدة ، أبرزها : التأدب في الخطاب ، والابتعاد عما يفحش ذِكرُهُ ، وهذا أدب قرآني فريد يضاف إلى آدابه الكثيرة ، والغرض منه تهذيب نفوس الناس بتعليمهم هذا الأسلوب البلاغي ، وانتقاء الألفاظ للتعبير عن ( اللفظ القبيح المستهجن ، أو الذي لا ترتاح الأذن إلى سماعه بالجميل المألوف الذي تتفتح له الذن وتنصت إليه ، وتنشرح له الصدور وتقبل عليه . ) ([106])
وقد عقبرت الكناية في سورة البقرة عن عدة معان ومواضيع بألوان متنوعة ، منها :
1- قوله تعالى : ( .... وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16)) ( البقرة : 16) .
قال الآلوسي ( 1270هـ) : (وقد جعله غير واحد كناية عن إضاعة رأس المال فإن من لم يهتد بطرق التجارة تكثر الآفات على أمواله، واختير طريق الكناية نكاية لهم بتجهيلهم وتسفيههم .. ) ([107])
وقال ابن عاشور ( 1393هـ) : (ومعنى نفي الاهتداء كناية عن إضاعة القصد ، أي إنهم أضاعوا ما سعوا له ، ولم يعرفوا ما يوصل لخير الآخر ، ولا ما يضر المسلمين. وهذا نداء عليهم بسفه الرأي والخَرَق ، وهو يجري مجرى العلة لعدم ربح التجارة، فشبه سوء تصرفهم حتى في كفرهم بسوء تصرف من يريد الربح، فيقع في الخسران. فقوله: { وما كانوا مهتدين } تمثيلية ويصح أن يؤخذ منها كناية عن الخسران وإضاعة كل شيء لأن من لم يكن مهتدياً أضاع الربح وأضاع رأس المال بسوء سلوكه.) ([108]) . وباستخدام أسلوب الكناية نلاحظ الإيجاز في هذا السياق ، إذ عبر عن جميع هذه المعاني بقوله (وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ. )
2- قوله تعالى : (وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ) (41).( البقرة: 41) لقد أراد الله سبحانه الخير لهؤلاء القوم ، فلم يعبر عن ذلك صراحة ، وإنما اختار أسلوب الكناية ، وقد لعبت الكناية في هذا السياق دورها في اتجاهين : توبيخهم على تأخرهم في اتباع الاسلام من جهة ، ودعوتهم ليكونوا أول المؤمنين من جهة أخرى . ([109])
وليس المقصود بالنهي الأول أن يباح لهم أن يكونوا ثاني الكافرين أو ثالثهم ، أو أي ترتيب آخر ، ولكن المقصود به أن لا يكفروا ، وفيه تعريض بمن يسارعون إلى الكفر ، ليكونوا أول الكافرين ..
وليس المقصود في الثاني أنه يباح لهم أن يشتروا بآيات الله ثمناً كثيراً ، وإنما المقصود ألا يشتروا بآيات الله أي ثمن قليلاً كان أو كثيراً ،( [110] ) وفيه تنبيه على أن كل ثمن لا بد أن يكون قليلا بجانب آيات الله تعالى ، وفيه أيضا تعريض بمن يسارع بشؤاء الثمن القليل بآيات الله تعالى ..
قال ابن عاشور : (والمقصود من النهي توبيخهم على تأخرهم في اتباع دعوة الإسلام فيكون هذا المركب قد كني به عن معنيين من ملزوماته، هما معنى المبادرة إلى الإسلام ومعنى التوبيخ المكنى عنه بالنهي، فيكون معنى النهي مراداً ولازمه وهو الأمر بالمبادرة بالإيمان مراداً وهو المقصود فيكون الكلام كناية اجتمع فيها الملزوم واللازم معاً، فباعتبار اللازم يكون النهي في معنى الأمر فيتأكد به الأمر الذي قبله كأنه قيل: " وآمنوا بما أنزلت " وكونوا أول المؤمنين، وباعتبار الملزوم يكون نهياً عن الكفر بعد الأمر بالإيمان . ) ([111])
3- قوله تعالى : ( ...وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ )( البقرة:49)
والاستحياء استفعال يدل على الطلب للحياة ، أي يبقونهن أحياء ، أو يطلبون حياتهن. ووجه ذكره هنا في معرض التذكير بما نالهم من المصائب ، أن هذا الاستحياء للإناث كان المقصد منه خبيثاً ، وهو أن يعتدوا على أعراضهن ، ولا يَجدن بداً من الإجابة بحكم الأسر والاسترقاق فيكون قوله: ( يستحيون نساءكم ) كناية عن استحياء خاص ، ولذلك أدخل في الإشارة في قوله: ( وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ) ولو كان المراد من الاستحياء ظاهره ، لما كان وجهٌ لعطفه على تلك المصيبة.)([112])
والغرض من استخدام الكناية : هو التأدب في الخطاب ، والبعد عن الفحش في القول ، حفاظاً على نسائهم ، وفيها تذكير لبنى إسرائيل بنعمة من أجل نعم الله عليهم، حيث أنجاهم - سبحانه - ممن أراد لهم السوء، وعمل على قتلهم وإبادتهم واستئصال شأفتهم، وفى ذلك ما يدعوهم إلى الاجتهاد فى شكر الله - عز وجل - لو كانوا ممن يحسنون شكر النعم.( [113] )
4- قوله تعالى : (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ) ( البقرة: 67) . أي : ألتجئ إلى الله وأبرأ إليه من أن أكون من السفهاء الذين يروون عنه الكذب والباطل، وفى هذا الجواب تبرؤ وتنزه عن الهزء، وهو المزاح الذى يخالطه احتقاره واستخفاف بالممازح معه - لأنه لا يليق بعقلاء الناس فضلا عن رسل الله - عليهم السلام - كما أن فيه - أيضاً - رداً لهم - عن طريق التعريض بهم - إلى جادة الأدب الواجب فى جانب الخالق، حيث بين لهم أن ما ظنوه به لا يليق إلا بمن يجهل عظمة الله - تعالى –. .([114] ).
 فالغرض من الكناية : نفي الجهالة والاستهزاء عن نفسه ، وإثباتها لهم بطريق الكناية .  
قال ابن عاشور : ( وقول موسى: ( أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ) تبرؤٌ وتنزه عن الهزء لأنه لا يليق بالعقلاء الأفاضل فإنه أخص من المزح لأن في الهزؤِ مزحاً مع استخفاف ، واحتقار للمزوح معه ، على أن المزح لا يليق في المجامع العامة ، على أنه لا يليق بمقام الرسول ولذا تبرأ منه موسى – عليه السلام - ،بأنه نفى أن يكون من الجاهلين ، كناية عن نفي المزح بنفي ملزومه، وبالغ في التنزه بقوله { أعوذ بالله } أي منه، لأن العياذ بالله أبلغ كلمات النفي ، فإن المرء لا يعوذ بالله إلا إذا أراد التغلب على أمر عظيم لا يغلبه إلا الله تعالى.)([115])
5- قوله تعالى : (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ) ( البقرة : 120)
فقوله : (حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) : كناية أدت في الآية غرضاً بلاغياً وهو الإيجاز ، وتعبر عن تحدي الكفار للرسول – صلى الله عليه وسلم -، وتؤكد استحالة اتباع اليهود والنصارى للدين الإسلامي ، وذلك يتضمن التيئيس للرسول – صلى الله عليه وسلم –من اتباعهم دينه .
قال الدكتور محمد سيد طنطاوي : (ومعنى الغاية فى قوله: ( حتى تتبع ملتهم ) الكناية عن اليأس من اتباع أهل الكتاب لشريعة الإِسلام، لأنهم لما كانوا لا يرضون إلا باتباعه - صلى الله عليه وسلم - ملتهم ، وكان اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - لملتهم مستحيلاً، فقد صار رضاهم عنه كذلك مستحيلاً، فالجملة الكريمة مبالغة فى الإِقناط من إسلامهم، وتنبيه على أنه لا يرضيهم إلا ما لا يجوز وقوعه منه ) ([116]) .
وقال ابن عاشور : (ومعنى الغاية في { حتى تتبع ملتهم } الكناية عن اليأس من اتباع اليهود والنصارى لشريعة الإسلام يومئذ لأنهم إذا كانوا لا يرضون إلا باتباعه ملتهم فهم لا يتبعون ملته، ولما كان اتباع النبي ملتهم مستحيلاً كان رضاهم عنه كذلك على حد { حتى يلج الجمل في سم الخياط }[الأعراف: 40] ( [117] ) .
6- قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) )( )
يذكر الله في هذه الآية أحوال علماء يهود وأحبارهم مع القرآن الكريم ، مبينا موقفهم منه من كتمان وإخفاء ما جاء فيه من البينات والهدى ، مقابل رشوة يأخذونها ، وفي هذا مزيد ذم لهم ، واحتقار .
وقد جاء الخبر مؤكدا بـ ( إن ) ، لتقرير مضمون ذلك الخبر ، وتأكيد له .
 وجاء بالفعل المضارع ( يكتمون ) للدلالة على تجدد هذا الفعل منهم .
والثمن القليل : هو عرض الدنيا من الأموال التي كانوا يأخذونها مقابل كتمانهم لما أنزل الله من البينات والهدى . وليس المقصود أنه يباح لهم أن يشتروا بآيات الله ثمنا كثيرا ، وإنما المقصود ألا يشتروا بآيات الله أي ثمن ، قليلا كان أو كثيرا . وفيه تنبيه على أن كل ثمن لا بد أن يكون قليلا بجانب آيات الله ، وفيه أيضا تعريض بمن يسارع بشراء الثمن القليل بآيات الله . ( [118] ) .
وفي تنكير لفظة ( ثمناً) دلالة على حقارته ومهانته . ووصف بالقلة : إما لأنه حقير في ذاته ، أو أنه قليل لانقضائه ونفاده. وفي الإشارة إليهم باسم الإشارة للبعيد ، دلالة على بعدهم عن رحمة الله .
وفي قوله : (مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ ) عدة لطائف بلاغية ، ونكات بيانية ، منها :
 عبر - سبحانه - عن انتفاع أولئك الأقوام بما يأتيهم من المال الحرام بالأكل ، لكون الأكل من أعظم المنافع التي تُصرَف فيه الأموال . ومعلوم أن الأكل لا يكون إلا في البطن ، فذُكِرَت البطون هنا لرفع توهم المجاز ، إذ يقال : أكل فلان ماله إذا ضيعه وأهدره ، وإن لم يأكله .
 ففي ذكر البطون إذن : إشارة إلى حقيقة معنى الأكل ، وفي ذلك ذَمٌّ وتنقيض لهم إذ باعوا آخرتهم بما يملأ بطونهم ، وفي ذلك دلالة على شدة شرههم . وجعل – سبحانه – هذا المأكول ناراً ، وهذا التعبير مجاز مرسل علاقته المسببية ، فقد أطلق المُسَبب وأريد به السبب . أي : أن الذي يأكلونه يعذبون به ، أي : بسببه ، فكأنهم إنما يأكلون النار ، وذلك أنه هو الذي أفضى بهم إلى النار .( [119] ) . وقوله سبحانه : (وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) كناية عن شدة غضبه عليهم ، وإعراضه عنهم ، وتكمن بلاغة الكناية في هذه الآية ، وفي هذا السياق ، أن فيها دلالة على عِظَم الجُرم الذي أقدم عليه هؤلاء ،كما أن في هذه الكناية إشارة إلى انحطاط قدرهم ومنزلنهم ، فلا كرامة لهم ولا شأن ، فهم والعدم سواء ، جزاء ما اقترفوه ، وأقدموا عليه . وفي تقديم الجار والمجرور ( َلَهُمَْ ) على ( عَذَابٌ أَلِيمٌ ) دلالة على اختصاص هؤلاء بهذا العذاب ، واستحقاقهم إياه ، وفي تنكير لفظة (عَذَابٌ) دلالة على فظاعة هذا العذاب وشدته ، وأنه لا طاقة لهم به ، ولا بتحمل الصبر عليه .  وفي تعظيم العذاب : دلالة على عظم جرمهم ، وشناعة صنيعهم ، كما أن فيه دلالة من طرفٍ خَفِيٍّ على عِظَم القرآن ، وعُلُو منزلته ، وجلالة قدره ، فالجزاء من جنس العمل . ووصفه بقوله (أَلِيمٌ) : للدلالة على أنه عذاب موجع ، متمكن منهم ، يشعرون بشدته ووجعه في كل موضع من جسدهم . ( [120] )
7 - قوله تعالى : (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ................. (184)) ( البقرة: 184).
وقوله :  { أياماً معدودات } كناية عن قلتها ، وهي جمع قلة أيضا تهويناً لأمر الصيام على المكلفين ،
وترغيباً للمؤمنين أداء هذه الفريضة . قال ابن عاشور : (والمراد بالأيام من قوله: { أياماً معدودات } شهر رمضان عند جمهور المفسرين، وإنما عبر عن رمضان بأيام ، وهي جمع قلة ، ووصف بمعدودات ، وهي جمع قلة أيضاً؛ تهويناً لأمره على المكلفين، والمعدودات كناية عن القلة؛ لأن الشيء القليل يُعَدُّ عَداً ؛ ولذلك يقولون: الكثير لا يعد.)([121]).
8 - قوله تعالى : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206))  ( البقرة: 206) فال ابن عاشور : (فـ (أَل) في (العزة) للعهد ، أي : العزة المعروفة لأهل الجاهلية التي تمنع صاحبها من قبول اللوم أو التغيير عليه، لأن العزة تقتضي معنى المنعة ، فأخذ العزة له : كناية عن عدم إصغائه لنصح الناصحين.) ([122]) .
9- قوله تعالى : ( فاعتزلوا النساء في المحيض ..)( البقرة: 222 )  فَعَبَّرَ عن الجماع بقوله ( فاعتزلوا ) أي : لا تنكحوهن أثناء المحيض ، واستخدام الكناية هنا بالبعد عما يفحش ذِكرُه ، يلائم الحديث عن هذه العلاقة الإنسانية المقدسة . قال في التفسير الوسيط :
(والاعتزال: التباعد، وهو هنا كناية عن ترك الجماع والمباشرة، كما أن النهى عن قربهن ، كناية عن النهي عن جِماعهن، يقال: قَرُبَ الرجل امرأته إذا جامعها.) ([123] ).
وقال ابن عاشور : (وقوله: { فاعتزلوا النساء في المحيض } تفريع الحكم على العلة، والاعتزال التباعد بمعزل وهو هنا كناية عن ترك مجامعتهن ..) ( [124] )
10- قوله تعالى : ( ولكن لا تواعدوهن سرا ...)  ( البقرة: 235 ) . والسرّ : وقع كناية عن النكاح  ، فكنى عن الجماع بالسر ، وفيه لطيفة أخرى : لأنه يكون من الآدميين في السر غالبا . ([125])
وقال الزمخشري : وقوله : ( ولكن لا تواعدوهنّ سرًا ) الوطء، لأنه مما يثسَرّ. قال الأعشى:  
 وَلاَ تَقْرَبَنْ مِنْ جَارَةٍ إنَّ سِرَّهَا ........... عَلَيْكَ حَرَامٌ فَانْكِحَنْ أوْ تَأَبَّدَا
ثم عبر به عن النكاح الذي هو العقد لأنه سبب فيه كما فعل بالنكاح { إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا } وهو أن تعرّضوا ولا تصرحوا.) ( [126] )
11- قوله تعالى : (  وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ) ( البقرة : 270 ) . قال ابن عاشور : قوله تعالى : ( تذييل للكلام السابق المسوقِ للأمر بالإنفاق وصفاته المقبولَة والتحذير من المثبّطات عنه ابتداءً من قوله: (  يأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيّبات ما كسبتم وَمَآ أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُهُ ) [البقرة: 267].
والمقصود من هذا التذييل التذكير بأنّ الله لا يخفى عليه شيء من النفقات وصفاتها، وَأدْمج النذر مع الإنفاق ، فكان الكلام جديراً بأن يكون تذييلاً.  وقوله: ( فإن الله يعلمه  )  كناية عن الجزاء عليه لأنّ علم الله بالكائنات لا يَشُك فيه السامعون، فأريد لازم معناه، وإنّما كان لازماً له لأنّ القادر لا يصدّه عن الجزاء إلاّ عدم العلم بما يفعله المحسن أو المسيء. وقوله : ( وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ) : هذا وعيد قُوبل به الوعد الذي كنّي عنه بقوله: ( فإن الله يعلمه ) ، والمراد بالظالمين : المشركون علنا والمنافقون، لأنّهم إن منعوا الصدقات الواجبة فقد ظلموا مصارفها في حقّهم في المال ، وظلموا أنفسهم بإلقائها في تبعات المنع، وإن منعوا صدقة التطوُّع : فقد ظلموا أنفسهم بحرمانها من فضائل الصدقات ، وثوابها في الآخرة.
والأنصار جمع نصير، ونفي الأنصار كناية عن نفي النصر والغوث في الآخرة وهو ظاهر، وفي الدنيا لأنّهم لما بخلوا بنصرهم الفقير بأموالهم فإنّ الله يعدمهم النصير في المضائق، ويقسي عليهم قلوب عباده، ويلقي عليهم الكراهية من الناس. ( [127] ) وقد كشفت الكناية فيما أوردناه من آيات عن الكثير من المعاني الموجزة ، والمهذبة ، التي تبتعد عما يفحش ذكره ، وينبو عن الأسماع . وتبدو بلاغة الكناية كذلك في أنها تضع لك المعاني في صورة المحسوسات ، فإن المصور إذا رسم لك صورة للأمل أو لليأس ، بهرك وجعلك ترى ما كنت تعجز عن التعبير عنه واضحاً ملموساً([128])
المطلب السادس : الخصائص البيانية لأسلوب الكناية في القرآن الكريم
الكناية صورة من صور التعبير ، ومظهر من مظاهر البلاغة ، وأسلوب من أساليب البيان ، وغاية لا يقوى على الوصول إليها إلا بليغ متمرس لَطُفَ طَبعه ، وصفت قريحته . ولها عند البلاغيين منزلة عالية ، ومكانة مرموقة ، وبلاغة ( لا يكمل لها إلا الشاعر المفلق ، والخطيب المصقع ..) ([129])
أو كما يصفها الزمخشري: ( ولا ترى بابا في علم البيان أدق ، ولا أرق ، ولا ألطف من هذا الباب .)([130]
ومن يتأمل أسلوب الكناية في القرآن – وكان ممن يتذوق الفصاحة والبيان – يدرك ما تنطوي عليه من لطائف وأسرار ، ويجد أنها قد اشتملت على كثير من الخصائص والمزايا التي تحقق الغاية منها ، والهدف من ورائها ، ومن هذه الخصائص :
1- تجسيد المعاني وإظهارها في صورة المحسوسات ، فتزداد الكناية تعريفاً وتوضيحاً ، ورسوخاً في النفس ، انظر إلى قوله تعالى : (وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ) ( نوح: 7) وازن بينه وبين المعنى الأصلي( كلما دعوتهم أعرضوا عن الاستماع ، ولم ينظروا إليَّ نفوراً وكراهية ) ، تجد أن الكناية فد رسمت للمعنوي وهو ( عدم الاستماع وعدم النظر ) صورة حية رائعة ، هي صورة القوم ، يولون مدبرين ، وأصابعهم في آذانهم ، وثيابهم تغطي وجوههم ، ويحاول كل منهم وضع أصابعه كلها في أذنه لا أصبعاً واحداً . وفي قوله تعالى : ( وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ) تنبيه وتأكيد على هلاك المنافقين الذين يتخبطون ، فلا يدرون أي طريق يسلكون ، فتصورهم في صورة قوم يسيرون في الظلام ، وقد نزل بهم مطر شديد ، صحبه رعد وبرق ، فهم لا يرون طريقهم ، ولا يهتدون إلى غايتهم ، ونُكِّرَت( صيب ) ، لأنه أريد نوع من المطر شديد هائل ، كما نكرت ( ظلمات ، ورعد ، وبرق ) ونُونت : للتفخيم والتهويل ، ووضع لفظ ( الكافرين ) موضع ضميرهم ، إشعاراً باستحقاقهم العذاب لكفرهم .  وفي قوله : (يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ) إشعار بشدة عنايتهم لسد آذانهم ، ومبالغتهم في إدخال أناملهم فيها ، كأن كل واحد منهم يحاول بما دهمه من الخوف أن يغرس أصابعه كلها في أذنيه ، حتى لا يكون للصوت منفذ إلى سمعه ، فجاء قوله تعالى (وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ) ليؤكد أنه لا نجاة لهم ولا مهرب ، فقد أحاط بهم الهلاك من كل ناحية . ([131])
2- قوة التأكيد والمبالغة في إثبات المعنى المراد بيانه وتقريره . وتتجلى هذه الخاصية حينما نتأمل قوله تعالى : (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (72)) ( الحج: 72)  ، فنجد أن الله –سبحانه – كَنَّى بقوله : ( تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ ) عن شدة عداوة أولئك الكفرة للقرآن الكريم ، ومدى حقدهم عليه ، وهذا المعنى الذي ذكره القرآن وبينه ، لم يأت غُفلاً من البينات والدلائل التي تؤكده ، فقد جاء مصحوباً بما يدل عليه ، والبرهان الذي يشير إليه ويؤكده ، وهو أن هؤلاء القوم قد بلغ بهم الحقد والبغض أمراً عظيماً ، حتى أنك ترى ملامح ذلك في وجوههم ، وانفعالاتهم ، وتصرفاتهم .
3- الإيجاز :  وهذه الخاصية وإن كانت تتجلى في كثير من الأساليب القرآنية ، إلا أن للكناية منه نصيباً وافراً . وتتجلى هذه الخاصية في قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) ) ( البقرة : 23-24) . فكنى بهذه الآية (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا...) عن ترك العناد والمكابرة ، عند ظهور المعجزة لهم ، والعجز عن الإتيان بمثل القرآن . يقول الدكتور محمد شيخون : ( هذه الآية كناية عن عدم العناد عند ظهور المعجزة ،أي لا تعاندوا عند ظهور المعجزة ، فتمسكم هذه النار العظيمة ، تأمل هذه الكناية ومدى ما فيها من جمال التعبير ، وروعة التصوير ، ولطافة الإيجاز ...) ( [132] ) تبهرك بجمالها ، وتأسرك بسحرها وبيانها ، وتعجز عن محاكاتها .
4- تأتي الكناية لتهجين الشيء والتنفير منه :  وأمثلة ذلك كثيرة في القرآن الكريم ، منها ، قوله تعالى : (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) )( الإسراء : 29) فالآية كناية عن صفة الاعتدال والتوسط ، بين البخل والإسراف ، فاليد التي تُغَلّ إلى العنق ، لا تستطيع أن تمتد ، كيد البخيل التي لا تمتد بالعطاء والبذل ، واليد التي تنبسط لا يبقى لا يبقى فيها شيء ، كالمبذر الذي لا يبقي من ماله شيئا ، والتوازن هو القاعدة الكبرى في المنهج الإسلامي ، والغلو كالتفريط يخل بالتوازن . والتعبير هنا يجري على طريقة التصوير أيضا ، فيرسم البخل يدا مغلولة إلى العنق ، ويرسم الإسراف يدأ مبسوطة كل البسط ، لا تمسك شيئا ، ويرسم نهاية البخل ، ونهاية الإسراف قعدة ً كقعدة الملوم المحسور .. وقدم البخل في تلك الصورة المذمومة ، ليجعلها بغيضة إلى النفس . ([133]).
5- التأدب في الخطاب والبعد عن الفحش في القول : وأمثلة ذلك أيضا كثيرة في القرآن ، منها : قوله تعالى : (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بلاء مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49)) ( البقرة : 49) والخطاب هنا لبني إسرائيل ، إذ يذكرهم سبحانه بما كانوا يلاقونه على أيدي فرعون وجنوده ، ليتعظوا ويعتبروا ، وقوله (وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ) كناية عن استحياء خاص ، ( المقصد منه خبيث ، وهو أن يعتدوا على أعراضهن ، ولا يجدن بُدّاً من الإجابة بحكم الأسر والاسترقاق ، ولذلك أدخل في الإشارة في قوله (وَفِي ذَلِكُمْ بلاء مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) ، ولو كان المراد من الاستحياء ظاهرا لما كان وجه لعطفه على تلك المصيبة . ) . والغرض من استخدام الكناية : التأدب في الخطاب ، والبعد عن الفحش في القول .. ( [134] )

الخاتمة
الهوامش
________________________________

  1. - انظر الآيات في سور: الفرقان : 27 . والكهف : 42.

  2. - انظر : سورة الحج: 1، 2.

  3. - انظر الآيات في سور : المنافقون : 5 . والإسراء: 51. ولقمان : 18.

  4. - انظر : روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني ، الآلوسي ، شهاب الدين السيد محمود (تـ 1270هـ): دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان ، ط4، 1985م .: ج30: 227.

 و الجامع لأحكام القرآن : محمد بن أحمد الانصاري القرطبي ، (ت 671هـ) ، كتاب الشعب  القاهرة : ج5: 143.

  1. - انظر : الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل: جار الله محمود ابن عمرالزمخشري ( تـ 852هـ) دار المعرفة ، بيروت ، لبنان : ج1: ص 338.

  2. - انظر : أهداف كل سورة ومقاصدها في القرآن الكريم : د. عبد الله شحاتة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، ط2، 1986م. : ج1: ص 13.

  3. - فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، ابن حجر العسقلاني ، أحمد بن علي( ت852هـ) : المطبعة السلفية ومكتبتها ، القاهرة ، كتاب فضائل القرآن ، باب فضل سورة البقرة ، رقم ( 5009) ج6: ص 422. وانظر: أسماء سور القرآن : د. منيرة محمد ناصر الدوسري : دار ابن الجوزي ، الدمام ، السعودية ، ط1، 1426هـ : ص 150.

  4. - انظر الآيات : 67-74 في سورة البقرة . وتفسير الأجزاء العشرة الأولى من القرآن الكريم ، محمود شلتوت ، دار الشروق ، بيروت ، لبنان ، ط7، 1979م : ص 81.

  5. - صديّ بن عجلان بن وهب الباهلي،(ت 81هـ)، صحابي شهد مع الرسول جميع الغزوات سوى بدر، آخر من مات من الصحابة بالشام، له في الصحيحين 250 حديثاً.

انظر : - أسد الغابة في معرفة الصحابة : عز الدين ابن الأثير علي بن محمد الجوزي  ( تـ 630هـ)دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ط1، 1994م. ج4: 375، الأعلام، 3/303.

  1. - صحيح مسلم ، رقم: ( 804، 805)،  ج1: ص 554 .

  2. - معجم مقاييس اللغة : أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا ( تـ 395هـ ) ، حققه عبد السلام محمد هارون ، مكتبة مصطفى البابي الحلبي ، مصر ، ط2، 1971م: ص462- 463 .

  3. - القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج4/5 .

  4. - النووي، شرح صحيح مسلم، ج 6/90 .

  5. عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب( 32هـ)، أبو عبد الرحمن الهذلي الإمام الحبر فقيه الأمة، من السابقين الأولين، أول من جهر بالقرآن، هاجر الهجرتين، وشهد بدراً وجميع الغزوات. انظر:أسد الغابة في معرفة الصحابة : ج 3/74 .

  6. - رواه الحاكم في كتاب فضائل القرآن، (1: 561)، والبيهقي في شعب الإيمان( 2: 452)، رقم ( 3277)، وذكره الألباني،سلسلة الأحاديث الصحيحة (2: 135)، حديث رقم(588)،.

  7. - ابن منظور الإفريقي، لسان العرب: مادة سنم( ج 12: 306-308) .

  8. _ - تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي:  محمد بن عبد الرحمن المباركفوري ، المكتبة السلفية، المدينة المنورة، ط2، 1406هـ - 1986م. ج8: ص 181 .

  9. _ خالد بن معدان بن أبي كرب الكلاعي( ت104هـ)، تابعي، ثقة، أصله من اليمن، وإقامته في حمص، تولى شرطة يزيد بن معاوية . انظر : الأعلام : خير الدين الزركلي ، دار العلم للملايين ، بيروت ، لبنان ، ط6، 1984م. ج 2: 299.

  10. - الإتقان في علوم القرآن : السيوطي ، عبد الرحمن بن أبي بكر : ( تـ 911هـ)

تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم ، مكتبة دار التراث ، القاهرة . : ج1: ص 119.

  1. - مختار الصحاح : محمد ابن أبي بكر بن عبد القادر الرازي( تـ666هـ ) ، دار عمار، عمان، ط1، 1417هـ- 1996م :  ص249 .

  2. - البرهان في علوم القرآن : محمد بن عبد الله الزركشي ، ( ت794هـ): علق عليه :د. مصطفى عبد القادر عطا دار الكتب العلمية ، بيروت. ج1: 250ـ 251.

  3. - هو أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عمر الأموي القرطبي( تـ 444هـ)، والداني نسبة إلى دانية في الأندلس، كان إماماً في علم القراءات، والتفسير وإعراب القرآن وطرقه، وله معرفة بالحديث ورجاله، من تصانيفه: "جامع البيان " في القراءات السبع، و" المقنع في رسم الصاحف ونقطها"، و " الاهتدا في الوقف والابتدا". انظر :  طبقات المفسرين : شمس الدين محمد بن علي بن أحمد الداودي  ( تـ 945هـ) ط3 ، 1983م دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان: ج 1 : ص 373 -376.

  4. - البيان في عد آي القرآن : أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني  الداني ( تـ 444هـ) ، تحقيق الدكتور غانم قدوري حمد، منشورات مركز المخطوطات والتراث والوثائق، الكويت، ط1، 1994م. ص 136 .

  5. - السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج 1/20 .

  6. - السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري ، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، ط 5، 1413هـ - 1993م : ج 1 : ص188-189 .

  7. - صحيح مسلم ، كتاب الإيمان، حديث رقم : 173.

  8. - انظر رسالة :  - التنبيه على فضل علوم القران - لأبي القاسم الحسن بن محمد بن حبيب  - مخطوط بالمكتبة الظاهرية - رقم " 26/عام/ 3763 " .صـ (1-2) .وانظر :  المستدرك على الصحيحين : الحاكم النيسابوري ، محمد بن عبد الله( ت 405هـ) : دراسة وتحقيق مصطفى عبد القادر عطا ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1990م : ص 2 : ج311 .

  9. - والصواب أنها مكية لسببين :  الأول : وردت الإشارة إليها في سورة الحجر المكية في قوله تعالى ( ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم ) - ( الحجر : 87 ) - . وقد فسرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفاتحة - فدل ذلك على نزول الفاتحة قبل الحجر ولا يكون ذلك إلا بمكة . بل لقد قيل أنها أول ما نزل من القران .

 الثاني :- فرضت الصلاة في مكة - اتفاقا - ليلة الإسراء والمعراج ، ولم يحفظ أنه كان في الإسلام صلاة بغير فاتحة ، فدل ذلك على مكيتها . انظر مباحث في علوم القران - محمد محمد العسال ، المكتبة الآزهرية ، القاهرة .  صـ 18 .

  1. - انظر رسالة  التنبيه على فضل علوم القران ، ورقة 2-3 ،  وانظر الإتقان: ج1/38-47 .

  2. - انظر : هامش البيان في مباحث من علوم القرآن ، لشيخنا فضيلة الشيخ عبد الوهاب عبد المجيد غزلان . مطبعة دار التأليف ، القاهرة ، 1965م : ص 84. وانظر الإتقان : 1: 77 .

  3. - المدة بالتحديد هي : اثنتين وعشرين سنة وخمسة أشهر وأربعة عشر يوماً. انظر : المدخل لدراسة القرآن الكريم. ص : 55- 56.

  4. - تناسق الدررفي تناسب الآيات والسور : السيوطي ، عبد الرحمن بن أبي بكر : ( تـ 911هـ) تحقيق : د. عبد القادر أحمد عطا ، مقدمة التحقيق ، دار الكتب العلمية ، بيروت : ص 13-14.

  5. - انظر: المجتمع المثالي كما تنظمه سورة النساء : الشيخ محمد محمد المدني : المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، القاهرة : ص 20.

  6. - انظر : فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، ابن حجر العسقلاني ، أحمد بن علي( ت852هـ) : المطبعة السلفية ومكتبتها ، القاهرة :  ج8: ص125 . و ج9 / ص 32 . وانظر السيوطي : الإتقان في علوم القرآن : ج1: ص 173.

  7. - الزركشي ، : البرهان في علوم القرآن : ج1: ص323 . وانظر السيوطي : : الإتقان ج1/ ص 172 و إتقان البرهان في علوم القرآن ، د. فضل حسن عباس : دار الفرقان ، ط1 ، عمان

 ج1 : ص429-455.

  1. - البرهان في علوم القرآن : محمد بن عبد الله الزركشي ، ( ت794هـ): علق عليه :د. مصطفى عبد القادر عطا دار الكتب العلمية ، بيروت. ج1: ص324- 325 .

  2. - الزركشي : البرهان ، ج1: ص327 .

  3. - الزركشي : البرهان ، ج1: ص325 .

  4. - انظر : السيوطي : الاتقان ، ج1 : ص 177 .

  5. - أخرجه ابن حنبل : المسند : أحمد بن محمد بن حنبل ( ت241هـ) : شرح أحمد محمد شاكر ، ط دار المعارف ، القاهرة : ج1: ص 69 . والفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني: محمد عبد الرحمن البنا ، دار إحياء التراث العربي ط1، 1377هـ: ج8 : ص154-155.

  6. - السيوطي : الإ تقان في علوم القرآن : ج1: ص 179 .

  7. - انظر الزركشي : البرهان في علوم القرآن ، ج1 ص326-327 .

  8. - القرطبي : الجامع لأحكام القرآن ،كتاب الشعب ، القاهرة ج1: ص59، 60

  9. -  الزركشي : البرهان في علوم القرآن ، ج1 / ص 326 - 327 .

  10. - الآلوسي ، : روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني ، دار الفكر ، بيروت ، ج1 : ص 27 .

  11. - المباركفوري : : تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي ، ج8/ ص480 .

  12. - منهج الفرقان في علوم القرآن ، محمد علي سلامة : مطبعة شبرا ، 1937م :  ص 136،  و المدخل لدراسة القرآن الكريم : محمد بن محمد أبو شهبة ، دار الجيل ، بيروت 1992م. ص 37 . وانظر : ميزان الاعتدال : الذهبي ، محمد بن أحمد  ( ت 748هـ) : ، تحقيق على محمد البجاوي ، دار إحياء الكتب العربية ، ط1 ، القاهرة :  ج3: ص308 - 309 . والفتح الرباني: 8 : ص 154-156 .

  13. - تفسيرالقرآن الحكيم ( الشهير بالمنار ) : محمد رشيد رضا ( ت1354هـ) : ط2، دار المعرفة ، بيروت :  ج9: ص585 .

  14. - الآلوسي : روح المعاني ، ج10/ ص40-41 .

  15. - انظر : ابن حجر: فتح الباري ، ج10: ص 410 .

  16. - اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الاكابر : الشعراني ، عبد الوهاب بن أحمد بن علي الأنصاري.  ( تـ 973هـ) : مطبعة مصطفى البابي الحلبي ، القاهرة ( وبهامشه الكبريت الأحمر لابن عربي ). فالبسملة فيها رحمة ، وكذلك التوبة وقبولها نتيجة الرحمة .

  17. - الزركشي : البرهان ، ج1: ص317 .

  18. - انظر : السيوطي : الإتقان ، ج1/ ص 179.

  19. - البرهان في ترتيب سور القرآن : لأبي جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الغرناطي (تـ1308هـ) دراسة وتحقيق الاستاذ محمد شعباني ، المملكة المغربية ، وزارة الأوقاف ، 1990م.  ص 183 .

  20. - الطوير ، حسن مسعود: المنهج البلاغي لتفسير القرآن الكريم ،ط1، بيروت .  ص 142 .

  21. - انظر : آراء المستشرقين حول القرآن وتفسيره : عمر ابن إبراهيم : ، دار طيبة للنشر ، الرياض : ج2 / ص 492 - 507 وصاحب هذه الدعوة هو المدعو : ( يوسف راشد ) الذي قدم بحثاً تحت عنوان ( رتبوا القرآن كما أنزله الله) ، وقد كتب الشيخ عبد الله دراز تقريراً مُفَنِّداً لهذا البحث ، ورفعه إلى إدارة الأزهر ونُشِرَ في مجلة ( كنوز القرآن ) عدد اكتوبرونوفمبر 1951م.

  22. - وقيل : السورة مدنية إلا قوله تعالى :(واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله.. الآية ) فإنها نزلت بمنى في حجة الوداع. والراجح أنها مدنية .أسباب النزول ، الواحدي : أبو الحسن علي بن أحمد( تـ 468هـ) تحقيق : كمال بسيوني زغلول ، ط1، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ، 1991 م : ص21.

  23.  _ أختلف عدد آيات القرآن على حسب اختلاف العادين، والعدد منسوب إلى خمسة بلدان.وهي مكة - والمدينة - والكوفة - والبصرة والشام .

فعدد المكي: منسوب إلى ( عبد الله بن كثير ) أحد القراء السبعة. وهو يروي ذلك عن مجاهد عن ابن عباس عن أبي بن كعب .
وعدد المدني على ضربين : عدد المدني الأول وعدد المدني الأخير، فعدد المدني غير منسوب إلى أحد بعينه وإنما نقله أهل الكوفة عن أهل المدينة مرسلا ، ولم يسموا في ذلك أحدا.
وعدد المدني الأخير منسوب إلى أبي جعفر بن أبي كثير الأنصاري، بواسطة سليمان بن جماز.
وعدد الكوفي منسوب إلى أبي عبد الرحمن السلمي، قال حمزة بن حبيب أحد السبعة: اخبرنا بهذا العدد ابن أبي ليلى عن عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب.
وعدد البصري: منسوب إلى عاصم بن العجاج الحجدري وعطاء بن يسار، ومداره على عاصم ،وينسبهُ أهل البصرة بعد عاصم إلى أيوب بن المتوكل وعليه مصاحفهم .
وعدد الشامي إلى عبد الله بن عامر اليحصبي. قال يحي بن الحارث الذماري: هذا العدد الذي نعده عدد أهل الشام، مما رواه لنا المشيخة عن الصحابة ، ورواه عبد الله بن عامر اليحصبي وغيره لنا عن أبي الدرداء. هذه هي الأعداد المشهورة في ذلك ،وهي ستة، واشهرها العدد الكوفي، والظاهر أن كل واحد من أئمة القراء كان يعتبر العدد المنسوب إلى بلده. أ هـ أنظر ص 170-171 من كتاب التبيان.
وآيات سورة البقرة: مائتان وخمس وثمانون آية في عدد المكي والمدني والشامي، وست في عدد الكوفي، وسبع في عدد البصري .
وقد اختلفوا في أحد عشر موضعا:
1- ألم …. عدد الكوفي.
2- ولهم عذاب اليم.. عده الشامي.
3- إنما نحن مصلحون…. عده غير الشامي.
4- يدخلوها إلا خائفين… عده البصري,
5 -واتقون يا أولي الألباب .. عده غير المكي والمدني الأول.
6- وماله في الآخرة من خلاق….. عده غير المدني الأخير.
7- ويسألونك ماذا ينفقون …. عده المكي والمدني الأول.
 8- لعلكم تتفكرون …. عده المدني الأخير والكوفي والشامي.
9- إلا أن تقولوا قولا معروفا ….. عده البصري.
 10- الحي القيوم ….. عده المكي والمدني الأخير
11- يخرجهم من الظلمات إلى النور… عده المدني الأول.
-  انظر : الداني، أبو عمرو، البيان في عد آي القرآن، ( ص 140)و مرعي بن يوسف الكرمي ، قلائد المرجان في الناسخ والمنسوخ من القرآن : ص 128 . دراسة وتحقيق د. سامي عطا حسن .طبع دار غراس –الكويت ، 2008م .

  1. - النواس بن سمعان بن صعصعة العامري، له ولأبيه صحبة، سكن الشام : الإصابة في معرفة الصحابة أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (تـ 852هـ)تحقيق د. طه محمد الزيني، مكتبة ابن تيمية ، القاهرة ، 1991م. ج6 : ص 478، وتهذيب التهذيب : للحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ( تـ 582هـ)دار الفكر ، بيروت ، ط1، 1984م:ج 4/544 .

  2. - صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين، رقم 804، 805 .

  3. - أبي بن كعب بن قيس الخزرجي الأنصاري،( ت22هـ) من كتاب الوحي، شهد بدراً والمشاهد كلها، من اللجنة التي كلفها عثمان بنسخ القرآن [ أسد الغابة : 1/57-58، الأعلام1/82].

  4. - صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين، حديث رقم: (810).

  5. - هو عقبة بن عمرو بن ثعلبة، أبو مسعود الأنصاري البدري( ت40هـ)، سكن بدراً، وشهد موقعتها كما قال البخاري، أقام في الكوفة، واستخلفه عليّ عليها لما سار إلى صفين.انظر: أسد الغابة : 7/318، وفتح الباري 9/55.

  6. - البخاري، الجامع الصحيح، كتاب المغازي رقم:( 4008)، وكتاب فضائل القرآن رقم: ( 5008، 5040، 5051)، وصحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين، رقم ( 807، 808).

  7. - انظر : التحقيق في كلمات القرآن الكريم : حسن المصطفوي :ط1، 1371هـ ، إيران . ( 14 جزءاً) : المجلد العاشر : ص 122

  8. – انظر : مختار الصحاح : للرازي : ص 581.

  9. - انظر : لسان العرب : ابن منظور الإفريقي،أبو الفضل جمال الدين بن محمد( تـ 711هـ) ، دار صادر، ط3، بيروت، 1414هـ.- 1994م. مادة كنى . مجلد 12: ص174

  10. - انظر :  الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز ، يحيى بن حمزة بن علي العلوي ( تـ 749هـ): دار الكتب العلمية ، بيروت ـ لبنان ، 1980م : ج1: ص 366.

  11. - انظر : الإكسير فى قواعدالتفسير : سليمان بن عبدالقوي بن عبدالكريم الطوفى الصرصرى  ( تـ: 716 هـ) ، تحقيق د. عبد القادر حسين ، دار الأوزاعي ، بيروت ، لبنان ،  1989م :  ص 118.

  12. - انظر : ابن منظور ، لسان العرب : مادة كنى . مجلد 12: ص174

  13. - انظر : – ديوان عبيد بن الأبرص : تحقيق د. حسين نصار ، ط1، مطبعة البابي الحلبي ، القاهرة .

: ص : 62.

  1. - انظر : دلائل الإعجاز : لأبي بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني ( تـ 471هـ ) : تعليق محمود محمد شاكر ، مكتبة الخانجي ، القاهرة  : ص 66

  2. - انظر الجرجاني : دلائل الإعجاز : 66

  3. - انظر : - نقد الشعر  :أبو الفرج قدامة بن جعفر ( تـ 377هـ ) ، تحقيق محمد عبد المنعم خفاجي ، دار الكتب العلمية ، بيروت : ص  157- 158

  4. - هو عمر بن عبد الله بن أبي رليعة المخزومي ، القرشي ، عرف بتشبيبه بالنساء . انظر : الشعر والشعراء لابن قتيبة : ج2: ص 553. وانظر : ديوان عمر بن أبي ربيعة : ص 182.

  5. - انظر : ابن سنان الخفاجي ، سر الفصاحة ، ص : 221.

  6. -انظر: شرح عقود الجمان في علمي المعاني والبيان: السيوطي ، عبد الرحمن بن أبي بكر : ( تـ 911هـ)  ، مطبعة عيسى الحلبي : ص101 .

  7. -  انظر : الإيضاح : جلال الدين محمد بن عبد الرحمن القزويني الخطيب ( تـ 739هـ ) : ط6، تعليق د. محمد عبد المنعم خفاجي ، دار الكتاب اللبناني ، بيروت . : ج2: ص 252 .  

  8. - العلوي : الطراز ، ج1: ص 246.

  9. - انظر : محمد الحسن علي الأمين ، الكناية في أساليبها ومواقعها في الشعر الجاهلي : ص 87 .

  10. - انظر : نهاية الإيجازفي دراية الإعجاز : فخر الدين الرازي ، محمد بن عمر التميمي ( تـ 606هـ) تحقيق د. بكري شيخ أمين ، دار العلم للملايين ، بيروت ، 1985م : ص 272.

  11. - الإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز : عز الدين بن عبد السلام ( تـ 660هـ) دار الفكر ، دمشق. ص : 85.

  12. - القزويني : الإيضاح : ج2: ص 319.

  13. - انظر " المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر : ضياء الدين أبو الفتح نصر الله بن محمد ابن الأثير

( تـ 637هـ ) : تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، المكتبة العصرية ، صيدا ، 1990م: ج2: ص 182  

  1. - انظر : مفتاح العلوم : السكاكي ، أبو يعقوب يوسف بن أبي بكر محمد بن علي ( تـ 626هـ) دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1، 1983م : ص:170 .

  2. - رواه مسلم : حديث رقم 1844.

  3. - الآلوسي : روح المعاني : ج6: ص 177.

  4. - الآلوسي : روح المعاني : ج13 : ص 161.

  5. - الأغاني : لأبي الفرج علي بن الحسين الأصفهاني : (تـ 356هـ) تحقيق عبد الستار أحمد فراج ، 1959م، دار الثقافة ، بيروت .  ج15: ص 386.

  6. - الجرجاني : دلائل الإعجاز : ص 310 .

  7. - المبرد : الكامل في اللغة والأدب : ج3: ص 6.

  8. - انظر : الآلوسي : روح المعاني : ج4: ص 244. وابن سنان : سر الفصاحة : ص 193-195.

  9. - يحيى بن حمزة العلوي : كتاب الطراز ، المجلدالأول : ص406 .

  10. - انظر : مفحمات الأقران في إعجاز القرآن : السيوطي ، عبد الرحمن بن أبي بكر : ( تـ 911هـ) تحقيق علي محمد البجاوي ، القاهرة ، 1973م : ص 86. . والزمخشري : الكشاف : ج3: 233. والتسهيل لعلوم التنزيل : محمد بن أحمد بن جزي الكلبي ( تـ 741هـ) دار الفكر للطباعة والنشر ، بيروت .  ج3: ص 136. وَ أنوار التنزيل وأسرار التأويل : : البيضاوي ، ناصر الدين عبد الله بن عمربن محمد الشيرازي ( تـ791هـ ) ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ط1، 1988م. : ج4: ص 162. وإرشاد العقل السليم مزايا القرآن الكريم : أبو السعود ، محمد بن محمد العمادي ( تـ 951هـ) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت  : ج7: ص 100.

  11. - الزمخشري : الكشاف : مجلد3: ص 258.

  12. - ابن عاشور : تفسير التحرير والتنوير : ج21: ص 313.

  13. - انظر : د. حسن طبل : حول الإعجاز البلاغي للقرآن : ص 178-179.

  14. - ابن عاشور : تفسير التحرير والتنوير ، ج24: ص 267.

  15. -الزمخشري : الكشاف : مجلد 3 : ص 450.

  16. - انظر : د. حسن طبل : حول الإعجاز البلاغي للقرآن : ص 180 – 181. بتصرف

  17. - الزركشي: البرهان في علوم القرآن : ج2: ص 304. والمبرد : الكامل : ج2: ص 6.

  18. - ابن عاشور : تفسير التحرير والتنوير : ج6: ص 286.

  19. - الزركشي : البرهان : ج2: ص 304-305.

  20. - الزمخشري : الكشاف : مجلد 1 : ص 635.

  21. - انظر : – حول الإعجاز البلاغي للقرآن : د. حسن طبل ، مكتبة الإيمان بالمنصورة ، ط1، 1999م :  ص 183.

  22. - الثعالبي : المنتحب من كنايات الأدباء ، للقاضي أحمد بن محمد الجرجاني ( تـ 482هـ) ويليه : الكناية والتعريض : للثعالبي ، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل ( تـ 429هـ) _ ط1، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان . 1984م : ص 46 .

  23. - الآلوسي : روح المعاني : ج1: ص 162.

  24. - ابن عاشور : تفسير التحرير والتنوير ، ج1:ص 301.

  25. - انظر : عبير فايز مسعد : مستويات الخطاب البلاغي في سورة البقرة : ص 119.

  26. - انظر : أمالي الشريف المرتضى ، غرر الفوائد ودرر القلائد : لأبي القاسم علي بن الطاهربن أحمد الحسين بن موسى ( تـ 436هـ) : ط البابي الحلبي ، مصر ، 1325هـ .

ج1: 231. وقال أبو حيان : (والنهي عن أن يكونوا أول كافر به ، لا يدل ذلك على إباحة الكفر لهم ثانيا أو آخرا ، فمفهوم الصفة هنا غير مرادة ) انظر : البحر المحيط : محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي ( تـ 754هـ) ، المكتبة التجارية ، مصطفى أحمد الباز ، مكة المكرمة : ج1: ص 177 . وانظر البرهان في علوم القرآن : ج2:ص 379.

  1. - ابن عاشور : تفسير التحرير والتنوير : ج1 : ص 460 .

  2. - ابن عاشور : تفسير التحرير والتنوير : ج1: ص 493.

  3. - التفسير الوسيط للقرآن الكريم : د. محمد سيد طنطاوي( شيخ الأزهر الحالي )

 : مطبعة السعادة ، القاهرة ، 1985م : المجلد الأول : ص 156- 157.

  1. - د. محمد سيد طنطاوي : التفسير الوسيط : المجلد الأول : ص 210 .

  2. - ابن عاشور : تفسير التحرير والتنوير :ج1: ص 548 .

  3. د. محمد سيد طنطاوي : التفسير الوسيط . المجلد الأول : ص 336.

  4. ابن عاشور : تفسير التحرير والتنوير : ج1 : ص 693.

  5. انظر : الشريف المرتضى : أمالي المرتضى : ج1: ص 231. وجامع البيان : 2/89. والمحرر الوجيز: 1: 241 : وإرشاد العقل السليم : 1: 66.

  6. انظر : البحر المحيط : محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي ( تـ 754هـ) ، المكتبة التجارية ، مصطفى أحمد الباز ، مكة المكرمة :  ج1: ص 677. . و المحرر الوجيز في الكتاب العزيز : لأبي محمد عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي ( تـ 546هـ) ، تحقيق عبد السلام عبد الشافي ، دار الكتب العلمية ، بيروت . ط1، 1993م : ج1: ص 241.

  7. انظر : جامع البيان عن تأويل آي القرآن : أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ( تـ 310هـ) دار المعرفة ، بيروت ، 1983م. : 2: 90. و التفسير الكبير : الفخر الرازي ، محمد بن عمر التميمي  ( تـ 606هـ) المطبعة البهية ، 1938م مصر : 5: 27. و تفسير المراغي : أحمد مصطفى  المراغي ، ( تـ1952م )ط3، 1974م، دار إحياء التراث العربي ، بيروت:ج 2: 51.

  8. ابن عاشور ، تفسير التحرير والتنوير : ج2: ص 224.

  9. ابن عاشور ، تفسير التحرير والتنوير : ج2 : ص 271.

  10. د. محمد سيد طنطاوي : التفسير الوسيط : المجلد الأول : ص 651.

  11. ابن عاشور : تفسير التحرير والتنوير : ج2 : ص 366.

  12. الزركشي : البرهان في علوم القرآن : ج2: ص 303.

  13. الزمخشري : الكشاف : المجلد الأول : ص : 373.

  14. انظر : ابن عاشور : تفسير التحرير والتنوير : ج3 : ص 65.

  15. انظر : - جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع : أحمد الهاشمي : مطبعة الاعتماد ، القاهرة . : ص 354. وانظر : مستويات الخطاب البلاغي في سورة البقرة ، عبير محمد فايز مسعد . رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة النجاح ، فلسطين المحتلة ، 2001م. : ص 125.

  16. عبد القاهر الجرجاني : دلائل الإعجاز : ص 216.

  17. الزمخشري ، الكشاف : ج3: ص 365.

  18. انظر : حاشية الشهاب المسماة : عناية القاضي وكفاية الراضي : احمد بن محمد بن عمر قاضي القضاة الملقب بشهاب الدين الخفاجي : ( تـ 1096هـ ) دار صادر ، بيروت :ج1/ ص 402 . وأبو حيان : تفسير البحر المحيط . ج1/ ص 87 . و د. محمد السيد الطنطاوي : التفسير الوسيط . ج1/ ص 85 . وابن عاشور : تفسير التحرير والتنوير ، ج1/ ص 319- 321 .

  19. الإعجاز في نظم القرآن : د. محمود السيد شيخون ، مكتبة الكليات الأزهرية ، ط1، 1398هـ.: ص 109. وانظر : التصوير البياني في حديث القرآن عن القرآن : د. عبد العزيز بن صالح العمار : جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم: الطبعة الأولى  2007م :  ص 142.

  20. انظر : أساليب البيان في القرآن : سيد جعفر الحسيني : وزارة التقافة والإرشاد الاسلامي ، ط1، طهران ، 1413هـ : ص 750.

  21. ابن عاشور : تفسير التحرير والتنوير : ج1: ص 493 .

عدد مرات القراءة:
849
إرسال لصديق طباعة
 
اسمك :  
نص التعليق :