آخر تحديث للموقع :

السبت 10 رمضان 1444هـ الموافق:1 أبريل 2023م 12:04:16 بتوقيت مكة

جديد الموقع

خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي رضي الله عنه والافتراءات المثارة حوله - د. سامي عطا حسن ..
الكاتب : د. سامي عطا حسن ..

خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي - رضي الله عنه –
والافتراءات المثارة حوله


 هو خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي، يكنى بأبي سليمان،  صحابي وقائد عسكري ، ولد سنة 580 م وقيل 592م في مكة ( [1] ) وينتهي نسبه إلى مرة بن كعب بن لؤي الجد السابع للنبي - صلى اللّه عليه وسلم -. تمتَّع  خالد بقوة جسدية مميزة؛ فقد ثبت عنه في غزوة مؤته أنه قال: لقد انقطعتْ في يدي يوم مؤتة تسعةُ أسيافٍ، فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية ( [2] )، كما كان هناك شبهٌ كبير بين صفات خالد الجسدية وصفات عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حتى إن بعض  الناس خلطوا بينهما كثيرًا، فكانوا يحدثون عمر وهم يظنونه خالدًا والعكس، وهذا يدل على تشابه في القامة، وفي المشية بين الرجلين - رضي الله عنهما-.( [3] ) كما عُرف عن خالد صفات أخلاقية حميدة، مع حُنْكَةٍ وحسن قيادة اشتهر بها منذ شبابه وقبل الإسلام، جعلتْه يتسنم مكانة خاصة في قريش منذ وقت مبكر، حتى قال عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - حين قدم للإسلام من مكة: (رمتْكم مكة بأفلاذ أكبادها) ( [4] )
 ومن صفاته المشهورة : الكرمُ العظيم؛ والشجاعة، قال عنه الذهبي:  ( سيف الله تعالى، وفارس الإسلام، وليث المشاهد، السيد الإمام، الأمير الكبير، قائد المجاهدين، أبو سليمان المخزومي المكي.....شهد الفتح وحُنينا، وتأمر في أيام النبي - صلى الله عليه وسلم -، جاهد في سبيل الله وحارب أهل الردة، ومسيلمة، وغزا العراق، وشهد حروب الشام)( [5] ).  حضر فتح بيت المقدس مع عمر- رضي الله عنهما -، وشهد على كتاب الصلح  ( العهدة العمرية ).  ويعد أحد قادة الجيوش القلائل في التاريخ الذين لم يهزموا في جاهلية أو إسلام.  أسلم بين الحديبية والفتح، وقيل :  قبل غزوة مؤتة بشهرين، وظل مجاهدا لإعلاء كلمة الله، إلى أن توفاه الله.
والده:  هو الوليد بن المغيرة، كان من كبار رجالات قريش في زمن البعثة، ممن لهم مكانة خاصة بين قريش، وأكسبه مركزًا قياديًّا بماله وولده، كان له دور في إعادة بناء الكعبة قبل البعثة.   ( [6] ) يقال للوليد: ريحانة قريش، كان له عدد كبير من الأولاد، أسلم منهم في أوقات متفرقة ثلاثة: خالد، وهشام، والوليد بن الوليد - رضي الله عنهم-.  وأمه  :  هي عصماء بنت الحارث بن حزن الهلالية - رضي الله عنها - ويقال لها: لبابة الكبرى، وهي أخت لميمونة بنت الحارث أم المؤمنين - رضي الله عنها - وأخت لأم الفضل بن العباس زوجة العباس بن عبدالمطلب - رضي الله عنه - وأم أبنائه( [7] ).أسلمتْ وحسُن إسلامها، وانتقلت إلى المدينة واستقرت بها، وكان خالد يتردد عليها في المدينة من وقت لآخر( [8] ).   وفاته:   من الثابت أن خالد بن الوليد - رضي الله عنه - توفي سنة إحدى وعشرين للهجرة، وكانت وفاته في حمص، وبها دُفن، وقد وردت روايات أخرى ضعيفة وواهية تفيد وفاته في المدينة، وقد ناقشها العلماء، وردُّوا عليها،  وأنكروها( [9] ).   وورد أن الصحابي الجليل أبا الدرداء حضر وفاة خالد في حمص ووصيته ( [10] ). كما وردت روايات مختلفة عن اللحظات الأخيرة في حياة خالد بن الوليد، منها تمنيه للشهادة، وأنه بكى ثم قال: ( لقد شهدت مئة زحف أو زهاءها، وما في بدني موضع شبر، إلا وفيه ضربة بسيف، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وها أنذا أموت على فراشي حتفَ أنفي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء) ( [11] )..
خالد بن الوليد وقتال أهل الردة:   تولى أبو بكر-  رضي الله عنه -  الخلافة بعد وفاة النبي -صلى الله عليه  وسلم -، وارتدت بعض  قبائل  العرب بإعلان خروجها  من الإسلام،  وبعضها  بالامتناع عن أداء  الزكاة، كما حرك اليهود حُلفاءهم من ذُؤبان العرب، ورعاع ([12]) القبائل، وعبيد المجتمع، وشجعوهم على الرِّدة، وبذلوا لهم الصفراء والبيضاء، وألمح إلى ذلك –سلام بن أبي الحقيق- أحد زعماء بني النضير عند طرده مع قومه من المدينة، وكان يرفع جِلدَ حَمَلٍ مملوءٍ حُلِياً وذهباً، وينادي بأعلى صوته : (هذا أعددناه لرفع الأرض وخفضها)([13]). وبالفعل ارتد بعض عرب الجزيرة، قبل وفاة الرسول – صلى الله عليه وسلم -  (واشرأبت اليهود والنصارى)([14]).  ومنهم من عاد إلى الوثنية، ومنهم من بقي على الإسلام، لكن جَحَدَ الزكاة بتأويل، وكانت هذه الفئة أول من أحدث بدعة التأويل المنحرف، ذلك أنهم تأولوا قول الله تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )( التوبة: 103. ) فرأوا أن دفع الزكاة خاص بالرسول - صلى الله عليه وسلم-  لأنه هو الذي كان يصلي عليهم ويطهرهم، وليس لغيره هذه الخاصِيَّة، ومن ثَمَّ فلا يدفعون الزكاة([15])، وبذلك كانوا الفاتحين لِبابِ تأويل النصوص القرآنية،  للتخلص من التكاليف الشرعية، وبدءوا بما هو راجع إلى الناحية الاقتصادية، أما من جاء بعدهم من السبئيين، فقد أوَّلوا نصوص العبادات وغيرها لرفض جميع التكاليف، وهدم كل المبادىء الإسلامية الصريحة المعلومة من الدين بالضرورة، والسبئيون ( أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي اليماني وذيوله  ) من أوائل من ابتدع التأويل المنحرف، ونلحظ ذلك في تفسير قتادة (ت 117هـ) لقوله تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ)( آل عمران: 7)  فقال: (إن لم يكونوا الحرورية([16]) والسبئية فلا أدري من هم)([17]).يقول الطبري: (أشتدت حركة الردة حيث تكثر العناصر اليهودية والنصرانية، كَوَّنَ المرتدون أحلافاَ ضمت قبائل عبس، وفزارة، وأسد، وطيء، وحمير، وهمذان، وعدة قبائل من ربيعة، أقواها بنو حنيفة( أتباع مسيلمة)، وقبيلة تميم،-  أتباع سجاح-"([18]).فكانت هذه الأحلاف في حقيقتها انتفاضةً يهودية تقنعت بحركة الردة. فأدرك أبو بكر خطة القوى السبئية المناهضة للإسلام، بمحاولة هدم أركانه ركناً ركناً، وقال قولته المشهورة (والله لو منعوني عقالاً - وفي رواية "عناقا" وهو الجدي الصغير-  كانوا يعطونه لرسول الله –صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم عليه، والله لأقاتلن من فَرَّقَ بين الصلاة والزكاة)([19]). ونَجَمَ النفاقُ، واشرأبت اليهودُ والنصارى، وأصبح المسلمون كالغنم في الليلة المطيرة الشاتية،  لفقد نبيهم - صلى الله عليه وسلم - وقِلَّتهم وكثرة عدوهم.. فَوَجَّهَ أبو بكر –رضي الله عنه- أحدَ عشرَ قائداً لمحاربة  المرتدين، و هؤلاء القادة هم : (  خالد بن الوليد، وعكرمة بن أبي جهل، وشرحبيل بن حَسَنة، والمهاجر بن أبي أمية، وعمرو بن العاص، وخالد بن سعيد بن العاص، وحذيفة بن محصن، وعرفجة بن هرثمة، وطريفة بن حاجز، وسويد بن مُقَرن، والعلاء بن الحضرمي، - رضي الله عنهم أجمعين -) ( [20] ).فقضوا على حركات المرتدين، ودفنوها في مزابل التاريخ، ولم يبق من آثارها إلا ما يتندر به الناس من خرافات زعمائها، وأسجاعهم التي زعموها وَحياً من الله..
  خالد  والمرتد طليحة بن خويلد الأسدي  :    سار الجيش الأول بقيادة خالد بن الوليد، وقصد طليحة الأسدي ( [21] ، وفي طريقه مر بقبيلة طيء، وكان أفراد منها قد انحازوا إلى طليحة عصبية له، ولكن خالدًا لم يبدأ بمهاجمتهم، وإنما أخذ بنصيحة الصِّديق، وأبطأ في مهاجمتهم، وقد طلب منه عدي بن حاتم أن يمهله ثلاثة أيام يراجعهم فيها ففعل، وماطلوه أولا وقالوا: لا نبايع أبا الفصيل أبدًا (يقصدون أبا بكر)، فقال عدي مهددًا إياهم: لقد أتاكم قوم ليبيحُن حريمكم، ولتكنُنه بالفحل الأكبر، فشأنكم به! فقالوا له: فاستقبِلِ الجيش فنهنهه عنا حتى نستخرج من لحق بالبزاخة (المكان الذي عسكر فيه طليحة) منا، فإنا إن خالفنا طليحة وهم في يديه قتلهم، أو ارتهنهم، فأجابهم إلى ذلك، ونجح في فصلهم عن طليحة، وعادوا مقرين بالإسلام، وبما أوجبه الله عليهم..وأراد خالد أن يقصد قبيلة (جديلة) بعد ذلك، فقال له عدي: إن طيئا كالطائر، وإن جديلة أحد جناحي طيء، فأجِّلني أيامًا لعل الله أن ينقذ جديلة كما أنقذ طيئًا، ففعل،  فأتاهم عدي فلم يزل بهم حتى بايعوه، فجاءه بإسلامهم، ولحق بالمسلمين منهم ألف راكب.. ثم صار خالد إلى (بُزاخة) فالتقى طليحة الأسدي ومن انحاز إليه من المرتدين، وكان معه عيينة بن حصن في سبعمائة من بني فزارة، فقاتل قتالا شديدًا حتى إذا أحس بوطئة الحرب ذهب إلى طليحة، فقال: هل جاءك جبريل؟ فقال: نعم، قال عيينة فماذا قال لك؟ فقال طليحة: قال لي: إن لك رحاً كرحاه، وحديثا لا تنساه، فقال عيينة: أظن أن قد علم الله أنه سيكون حديثا لا تنساه، يا بني فزارة انصرفوا فهذا والله كذاب، فانصرفوا، وانهزم باقي الناس فأتوا طليحة يقولون: ماذا تأمرنا، وقد كان أعد فرسه عنده، وهيأ بعيراً لامرأته، فوثب على فرسه، وحمل امرأته ثم نجا بها، وقال: من استطاع منكم أن يفعل مثل ما فعلت وينجو بأهله فليفعل، ثم تركهم للقتل وفر إلى الشام ( [22] ).. وهذا جزاء من يتبع كل ضال..فاجتمعت بعدَ فرارِه أسد وعامر وغطفان إلى خالد   وأعلنوا توبتهم، وليس هذا فقط، بل إن بني عامر وسائر القبائل من سليم وهوازن بعد أن رأوا هزيمتهم أقبلوا يقولون: ندخل فيما خرجنا منه، ونؤمن بالله ورسوله، ونسلم لحكمه في أموالنا وأنفسنا... فبايعهم خالد على الإسلام، بشرط أن يأتوه بالذين حَرَّقُوا ومثلوا وعَدَوْا على أهل الإسلام في حال ردتهم، فأتوه بهم فأوثقهم وأحرقهم بالنيران، ورضخهم بالحجارة، ورمى بهم من الجبال، ونكسهم في الآبار؛ جزاء وفاقًا لما فعلوه بالمسلمين من قبل ليكونوا عبرة لغيرهم.  
   خالد بن الوليد وقتال مانعي الزكاة  من أتباع مالك بن نويرة:
وبعد انتهاء خالد من بني أسد وأحلافهم،  اتجه بأمر من الخليفة إلى بني يربوع في تميم وعليهم مالك بن نويرة، وكان قد تحالف من قبل مع سجاح التغلبية على المسلمين، ولكنها تخلت عنه لما شعرت بقوة المسلمين، وعادت إلى موطنها ، فتحير بنو تميم الذين حالفوها من قبل، وندموا على ما كان منهم، ولم يلبثوا طويلاً حتى وصلت إليهم جيوش خالد بن الوليد، فعندما جيء برؤسائهم إلى خالد جادلهم، وشهد جماعة على بني يربوع أنهم لم يؤَذِّنوا فقتلهم، وقتل ضرار بن الأزور الذي كان على طليعة خالد.. مالك بن نويرة...وحدثت خلافات في قتله، وذكر عوام القصاص في ذلك الأعاجيب، من ذلك أن خالداً  قَتَلَهُ وخَلَفَهُ على امرأته دون أن تعتدّ، وأنه قطع رأسه وأوقد فيها النار حتى استوت عليها اللحم التي أعدها لطعامه..
ومن العجب أن من يُسمُّون أنفسهم بالتنويريين -  وهم المزورون  -  في عصرنا صاروا يَجمعون مثل تلك الروايات ليطعنوا بها في صحابة رسول الله، ولم يكلف الواحدُ منهم نفسَه ليُعمِل عقلَه في مثل تلك القصص، فأيُّ شَعرِ رأسٍ هذا الذي تُوضع عليه اللحومُ فينضجها مهما كان كثيفًا؟! إننا لو أحضرنا قنطارًا من الشعر وأشعلنا فيه النار لاحترق قبل أن تنضج اللحوم التي توضع عليه، فما بالنا بفروة رأس؟!..  وهكذا نجح  أبو بكر – رضي الله عنه - بسياسته الحازمة في أن يطهر الجزيرة العربية من كل رجس، وأن يجمعها على كلمة التوحيد، لينطلق بعدها أبناؤها إلى الأقطار الأخرى مخرجين الناس من الظلمات إلى النور، ومن الشرك إلى التوحيد، ومن جور الأديان إلى عدل وسماحة الإسلام، من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، فليكن لنا في مواقفه-  رضي الله عنه وأرضاه - الأسوة الحسنة.
من هو مالك بن نويرة  ؟  مالك بن نويرة يكنى أبا حنظلة، كان شاعرا وفارسا من فرسان بني يربوع، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستعمله على صدقات قومه. فلما مات  النبي - صلى الله عليه وسلم-، اضطرب فيها فلم يُحمَد أمره، وفرق ما في يديه من إبل الصدقة، فكلمه الأقرع ابن حابس،  والقعقاع بن معبد، فقالا له: إن لهذا الأمر قائما وطالبا،  فلا تعجل بتفرقة ما في يديك. فرد بشعر، منه:   وقلت خذوا أموالكم غير خائف، *** ولا ناظر فيما يجي من الغد . فإن قام بالأمر المُخوَف قائـــــم *** منعنا، وقلنا الدين دين محمد. قتله ضرار بن الأزور بأمر من  خالد بن الوليد- رضي الله عنهما -  في حروب أهل الردة، وتزوج خالد بعد ذلك زوجته ليلى بنت سنان، كما تذكر كتب التاريخ.  لماذا قتله خالد بن الوليد؟   إن اختلفت الروايات التاريخية لهذه القصة في ملابسات الحادث وبعض حيثياته، فإنها اتفقت في السبب وبعض تفاصيله، فقد ذكرت أكثر من رواية أن مالك بن نويرة امتنع عن أداء الزكاة وحبس إبل الصدقة، ومنع قومه من أدائها، مما حمل خالدا على قتله، من غير التفات إلى ما يُظهره من إسلام وصلاة. وقد تعرض هذا الصحابي الجليل لحملات من الطعن والتشويه قام عليها بعض المستشرقين الذين يتلقفون كل رواية من غير بحث ولا تدقيق لتشويه عظماء المسلمين ، ورددتها كذلك بعض مواقع وصحف  الشيعة  ( [23] ) حقدا وغيظا على  هذا القائد الصحابي الذي أبلى بلاء حسنا في تمزيق الفرس في العراق، ثم انتقل لتمزيق شمل الروم في بلاد الشام. 
افتراءات  مغرضة حول خالد بن الوليد – رضي الله عنه -
ومن تلك الافتراءات  :
1  -   القصة المشهورة في قتل مالك بن نويرة وتزوج خالد من امرأته ليلى بنت سنان.وقد اتفقت الروايات التاريخية على قدر مشترك  فيها ، وهو أن مالك بن نويرة قتله ضرار بن الأزور  بأمر من خالد بن الوليد، وأن خالدا تزوج بعد ذلك زوجته ليلى بنت سنان.وأما سبب قتل مالك بن نويرة  ، وذكر بعض ملابسات ذلك الحادث،  فقد تفاوتت الروايات في بيانه، إلا أن معظم قدامى المؤرخين الذين سجلوا تلك الحادثة، مثل الواقدي، وابن إسحاق، وسيف بن عمر،  وابن سعد، وخليفة بن خياط ، وغيرهم، ذكروا امتناع مالك بن نويرة من أداء الزكاة وحبسه إبل الصدقة  ومنعه قومه من أدائها، مما حمل خالدا على قتله، من غير التفات إلى ما يُظهره من إسلام وصلاة..  
  قال ابن سلام :( والمجمع عليه أن خالدا حاوره ورادَّه، وأن مالكا سمح بالصلاة ، والتوى  بالزكاة)([24] ). وقال الواقدي : ( ثم قدَّم خالدٌ مالكَ بن نويرة ليضرب عنقه، فقال مالك : أتقتلني وأنا مسلم أصلي للقبلة ؟! فقال له خالد : لو كنتَ مسلما لما منعت الزكاة، ولا أمرت قومك  بمنعها ) ( [25] )  .كما تواتر على ذكر ذلك من بعدهم من المؤرخين كالطبري،  وابن الأثير،  وابن كثير، والذهبي وغيرهم.وتتحدث بعض الروايات عن علاقة بين مالك بن نويرة وسجاح التي ادعت النبوة، وتشير أيضا إلى سوء خطابٍ صدر من مالك بن نويرة، يفهم منه الردة عن دين الإسلام، كما ذكر ذلك ابن كثير  فقال  : (ويقال : بل استدعى خالد مالك بن نويرة، فأنَّبَه على ما صدر منه من متابعة سجاح، وعلى منعه الزكاة، وقال : ألم تعلم أنها قرينة الصلاة ؟ فقال مالك : إن صاحبكم كان يزعم ذلك. فقال : أهو صاحبنا وليس بصاحبك ؟! يا ضرار اضرب عنقه، فضربت عنقه ) ( [26] )..  إذن فلماذا أنكر بعض الصحابة على خالد بن الوليد قتل مالك بن نويرة، كما فعل عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وأبو قتادة الأنصاري ؟
يمكن تلمس سبب ذلك من بعض الروايات، حيث يبدو أن مالك بن نويرة كان غامضا في بداية موقفه من الزكاة، فلم يصرح بإنكاره وجوبها، كما لم يقم بأدائها، فاشتبه أمره على هؤلاء الصحابة، إلا أن خالد بن الوليد أخذه بالتهمة فقتله، ولما كان مالك بن نويرة يظهر الإسلام والصلاة،  كان على خالد أن يتحرى ويتأنى في أمره، وينظر في حقيقة ما يؤول إليه رأي مالك بن نويرة في الزكاة، فأنكر عليه من أنكر من الصحابة   -  رضوان الله عليهم -.
جاء في : البداية والنهاية : ( فبث خالد السرايا في البطاح يدعون الناس، فاستقبله أمراء بني تميم بالسمع والطاعة، وبذلوا الزكوات، إلا ما كان من مالك بن نويرة، فكأنه متحير في أمره، متنح عن الناس، فجاءته السرايا فأسروه وأسروا معه أصحابه، واختلفت السرية فيهم، فشهد أبو قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري أنهم أقاموا الصلاة، وقال آخرون : إنهم لم يؤذنوا ولا صلوا.)( [27] ).
هذا غاية ما يمكن أن يقال في شأن قتل خالد بن الوليد مالك بن نويرة، أنه إما أن يكون أصاب فقتله لمنعه الزكاة وإنكاره وجوبها بعد وفاة النبي-  صلى الله عليه وسلم -، أو أنه تسرع في قتله وقد كان الأوجب أن يتحرى ويتثبت، وعلى كلا الحالين ليس في ذلك مطعن في خالد - رضي الله عنه -  .يقول ابن تيمية : (  غاية ما يقال في قصة مالك بن نويرة : إنه كان معصوم الدم، وأن خالداً قتله بتأويل، وهذا لا يبيح قتل خالد، كما أن أسامة بن زيد لما قتل الرجل الذي قال : لا إله إلا الله. وقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -  : " يا أسامة أقتلته بعد أن قال : لا إله إلا الله ؟ يا أسامة أقتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله ؟ يا أسامة أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله ؟ " فأنكر عليه قتله.، ولم يوجب قوداً ولا دية  ولا كفارة.) ( [28] )
أما اتهام خالد بن الوليد -  رضي الله عنه - بأنه قتل مالك بن نويرة من أجل أن يتزوج امرأته لهواه السابق بها، فيبدو أنها تهمة مبكرة رماه بها مالك نفسه وبعض أتباعه بها، وليس لهم عليها دليل ظاهر، إنما يبدو أنه أطلقها ليغطي بها السبب الحقيقي الذي قتل لأجله وهو منع الزكاة، يدل على ذلك : الحوار الذي نقله الواقدي بين خالد ومالك.قال الواقدي  : (" فالتفت مالك بن نويرة إلى امرأته، فنظر إليها ثم قال : يا خالد بهذا تقتلنيفقال خالد : بل لله أقتلك، برجوعك عن دين الإسلام، وجفلك – يعني منعك - لإبل الصدقة، وأمرك لقومك بحبس ما يجب عليهم من زكاة أموالهم. قال : ثم قدمه خالد فضرب عنقه.  فيقال إن خالد بن الوليد تزوج بامرأة مالك ودخل بها، وعلى ذلك أجمع أهل العلم.) ( [29] ). 
يقول الحافظ ابن حجر :  ( وروى ثابت بن قاسم في "الدلائل" أن خالدا رأى امرأة مالك  - وكانت فائقة في الجمال - فقال مالك بعد ذلك لامرأته : قتلتِني ! يعني : سأُقتل من أجلك.وهذا قاله ظنا، فوافق أنه قتل، ولم يكن قتله من أجل المرأة كما ظن.) ( [30] ) . 
ويقول ابن حجر الهيتمي: (  الحق عدم قتل خالد ؛ لأن مالكا ارتد ورد على قومه صدقاتهم لما بلغه وفاة رسول الله، كما فعل أهل الردة، وقد اعترف أخو مالك لعمر بذلك وتزوُّجُه امرأتَه : لعله لانقضاء عدتها بالوضع عقب موته، أو يحتمل أنها كانت محبوسة عنده بعد انقضاء عدتها عن الأزواج على عادة الجاهلية، وعلى كل حال فخالد أتقى لله من أن يظن به مثل هذه الرذالة التي لا تصدر من أدنى المؤمنين، فكيف بسيف الله المسلول على أعدائه، فالحق ما فعله أبو بكر، لا ما اعترض به عليه عمر ، ويؤيد ذلك أن عمر لما أفضت إليه الخلافة لم يتعرض لخالد، ولم يعاتبه، ولا تَنَقَّصَهُ بكلمة في هذا الأمر قط، فعلم أنه ظهر له أحقية ما فعله أبو بكر، فرجع عن اعتراضه، وإلا لم يتركه عند استقلاله بالأمر ؛ لأنه كان أتقى لله من أن يداهن في دين الله أحدا ) ( [31] ).   وكتب  الشيخ أحمد محمد  شاكر مقالا مطولا تحت عنوان :  (مقتل مالك بن نويرة وموقف خالد بن الوليد )( [32]) ، وكان المقال في الأصل للرد على ما كتبه الدكتور محمد باشا هيكل في كتابه :  ( الصديق أبو بكر )، وفند كثيرا من الشبهات التي أثارها هو  والمغرضون حول خالد بن الوليد.  وكان مما قاله :   [[  كان لنا على كتابه    ( الصديق أبو بكر ) هذا مآخذ، بعضها هَيِّن، وبعضها خطير، وأخطرها صنيعُهُ فيما كان بين خالد بن الوليد ومالك بن نويرة، فجاء بما لم يأت به الأوائل !!. فقد لخص المؤلف  - أو اقتبس – الروايات التي وردت في واقعة خالد ومالك، وذكر تضارب الأخبار فيها، ولكنه أتى في بعض الرواية بشيء لم نجد عليه دليلا، وما نظنه يصح، فلو أنه صح لم يكن لخالد عذر، ولم يكن أبو بكر ليعذره..ولوجب عليه أن يأخذه بدم مالك بن نويرة.. فقد قال المؤلف ( إلى هنا تتفق الروايات، ومن هنا يبدأ اختلافها، قال أبو قتادة : إن القوم أقروا بالزكاة وإيتائها، وقال غيره : بل أنكروها وأصروا على منعها ) ( [33]) ولم يكن شيء من هذا، فيما نعلم، فقد كان من عهد أبي بكر إلى جيوشه في حروب الردة :  ( إذا نزلتم مزلا فأذنوا وأقيموا، فإن أذن القوم وأقاموا فكفوا عنهم، وإن لم يفعلوا فلا شيء إلا الغارة، ثم تقتلوا كل قِتْلَة، الحرق فما سواه،وإن أجابوكم إلأى داعية الاسلام فسائلوهم،  فإن أقروا بالزكاة فاقبلوا منهم، وإن أبوها فلا شيء إلأا الغارة، ولا كلمة ). ( [34] )... فقد كان عمر يظن أن منع الزكاة ليس ردة، وأن إظهار الإسلام وإقام الصلاة كافيان في حقن الدماء، فأقام أبو بكر عليه الحجة، حتى اطمأن إلى أن أداء الزكاة  كإقام الصلاة شرط في صحة الاسلام، فقال عمر : ( فوالله ما هو إلا أن قد  شرح الله صدر أبي بكر ؟! ( أم صدر عمر ) فعرفت أنه الحق ). فلو أن أبا قتادة ومن معه الذين خالفوا على خالد، قبل مسيره إلى البُطاح  وبعده، وبعد أخذ مالك بن نويرة، شهدوا أن مالكا وقومه ( أقروا بالزكاة وإيتائها  لم يكن خالد ليأمر بقتل رئيسم مالك إن شاء الله، فإنما كان مسيره ليرجعهم إلى  الإسلام وليأخذ منهم الزكاة، فماذا بعد أن يعطوا ما سار إليهم من أجله ؟ لا شيء إلا العدوان وسفك الدم الحرام، ونعيذ بالله خالدا ومن معه من ذلك. فهذه رواية لم نرها في شيء مما بين أيدينا من المصادر، ولا تكون  صحيحة أبدا، فما ندري من أين جاء بها المؤلف !!
وقد ساق المؤلف مسير خالد هذا المساق : ( ثم إنه أزمع السير إلى البُطاح  يلقى فيها مالك بن نويرة ومن كان معه في مثل تردده، وعرف الأنصار هذا العزم منه فترددوا وقالوا : ما هذا بعهد الخليفة إلينا، إنما عهده إن نحن فرغنا من البزاخة واستبرأنا بلاد القوم أن نقيم حتى يكتب إلينا، وأجابهم خالد : إن يكن عهد إليكم هذا، فقد عهد إلي أن أمضي، وأنا الأمير وإلي تنتهي الأخبار، ولو أنه لم يأتني كتاب ولا أمر، ثم رأيت فرصة إن أعلنته بها فاتتني، لم أعلمه حتى أنتهزها، وكذلك إذا ابتلينا بأمر لم يعهد لنا فيه، لم ندع أن نرى أفضل ما يحضرنا ثم نعمل به، وهذا مالك بن نويرة بحيالنا، وأنا قاصد له بمن معي من المهاجرين والتابعين لهم بإحسان، ولست أكرهكم )([35] )
وهذا النص نقله المؤلف ( محمد هيكل ) من تاريخ الطبري ( [36] )، واختصره بعض الاختصار، وحرفه بعض التحريف،....ولكن في هذه الرواية شيئا من الشذوذ، تحتاج معه إلأى نقد وفحص، فليس من منطق الحروب ولا منطق الولايات أن يعهد الأمير الأكبر أو القائد الأعلى إلى من دونه من القواد والولاة بعهد ثم يعهد في الوقت نفسه إلى الجند أو إلى من دون القائد والوالي ممن يأتمرون بأمره بعهد آخر خاص بهم، بل المعروف في الدنيا كلها، وفي تاريخ الولايات في صدر الاسلام خاصة، أن الأ/ير أو القائد له الطاعة الكاملة على من هو في ولايتهخ من الجند والقواد، حتى لو كان أرفع درجة منه أو أقدم إسلاما وهجرة، والمُثل على ذلك حاضرة، يعرفها كل من قرأ شيئا من التاريخ. فهذ الرواية إما أن يكون فيها شيء من الخطأ من رواتها، وإما أن يكون أبو قتادة – رضي الله عنه – ومن معه من الأنصار سمعوا شيئا من أبي بكر، ظنوه عهدا خاصا إليهم، فأخطأوا سمعه أو فهمه، ثم أخطأوا فيما ذهبوا إليه من الخلاف على خالد، فلما استبانوا خطأهم، بعد ان سار وتركهم، أرسلوا وراءه من استمهله حتى أدركوها ندما على ما كان منهم، ودخلوا معه في أمره. ومما يدل على ضعف تلك الرواية أو بطلانها، أن أبا قتادة بعد أن عاد هو ومن معه إلى خالد، وبعد مقتل مالك بن نويرة، عاد إلى سخطه على خالد، فجادله في مقتل مالك بن نويرة يقول الطبري، وصاحب الأغاني : ( فزبره خالد، فغضب ومضى  حتى أتى أبا بكر، فغضب عليه أبو بكر، حتى كلمه عمر فيه، فلم يرض إلا أن يرجع إليه، فرجع إليه حتى قدم معه  المدينة )( [37] ). فهذا الخليفة، وهو القائد الأعلى إذ ذاك يغضب على أبي قتادة، على فضله وسابقته، أن خالف عن أمر أميره وقائده، وأن ترك الجيش ورجع إلى المدينة يشكو أميره، لم يقبل له عذرا، ولم  يسمع له شكوى، وأبى إلا أن يرجع إلى أميره يكون في طاعته، لم يمنعه من ذلك شفاعة عمر ، فأطاع وكان مع أميره حتى وردا المدينة معا، بعد تمام الغزو الذي خرجوا له.   أفرأيتم هذا يلائم تلك الرواية : أن أبا بكر عهد إلأى أبي قتادة ومن معه من الأنصار عهدا خاصا لا يعلمه أميرهم خالد ؟! وأين احتجاج أبي قتادة بأنه إنما صنع هذا طاعة للعهد الخاص به، وماذا يكون جواب أبي بكر إن حَجَّهُ  أبو قتادة  بما عهد إليه به. ؟! ولست أدري لماذا أعرض المؤلف ( هيكل ) عن هذا النص القاطع أيضا ؟ إلا أن يكون  يسوق الروايات والأخبار كما يحب ويرى !
 ثم قص المؤلف قصة مقتل مالك بن نويرة، وتزوج خالد أو تسرِّيه امرأة مالك بعد قتله، وحكى الروايات المتضاربة التي وردت في ذلك، ويطول القول لو أردنا أن نفصل ما فصله أو نجمله، ولكن الثابت من مجموع الروايات أن ( ضرار ابن الأزور الأسدي )  قتل مالكا، فبعضها يجعل هذا القتل عن خطأ في فهم اللغة !! تزعم الرواية أن خالدا أمر مناديا فنادى ( دافئوا أسراكم، وكان في لغة كنانة إذا قالوا : دافأنا الرجل، وأدفئوه، فذلك معنى اقتلوه، وفي لغة غيرهم أدفئوه من الدفء، فظن القوم أنه يريد القتل فقتلوه، فقتل ضرار بن الأزور مالكا ) ( [38] )  وهذه رواية باطلة..تشبه أن تكون من خيالات الأدباء وفكاهاتهم، وبطلانها ظاهر من أول سياقها. فإنها تبدأ بأن الخيل جاءت إلى خالد (بمالك بن نويرة وفيهم أبو قتادة، وكان ممن شهد أنهم أذنوا وأقاموا وصلوا، فلما اختلفوا في أمرهم بأن نفى آخرون هذا القول، أمر بحبسهم ) وقد بينا فيما مضى من قبل أن الأذان وإقام الصلاة، مع مَنْعِ الزكاة لا يحقن الدم، ولا يمنع من الحكم عليهم بحكم الردة.. فاختلاف السرية – في هذه الرواية – أو اتفاقها على أنهم  أذنوا وأقاموا وصلوا لا يقدم ولا يؤخر إذا كانوا مصرين على منع الزكاة..وتذهب الروايات غيرها إلى أن خالدا جادل مالكا وطاوَلَهُ، فلما استيقن من أمره أمر بقتله، وإن اختلفت ألفاظها فيما حكت من الحوار بينهما. ففي تاريخ الطبري : ( وكان خالد يعتذر في قتله أنه قال وهو يراجعه : ما إخال صاحكبم إلا وقد كان يقول كذا وكذا، قال : أو ما تعده لك صاحبا ؟!ثم قدمه وضرب عنقه وأعناق أصحابه. ) ( [39] ) وفي تاريخ  ابن كثير : ( ويقال بل استدعى خالد مالك بن نويرة فأنبه على ما صدر منه من متابعة سجاح – المتنبئة الكاذبة -، وعلى منعه الزكاة، وقال : ألم تعلم أنها قرينة الصلاة ؟ فقال مالك : إن صاحبكم كان يزعم ذلك ! فقال : أهو صاحبنا وليس بصاحبك ؟ يا ضرار اضرب عنقه..) ( [40] ). وفي ابن خلكان : ( فكلمه خالد في معناها   – يعني الز كاة  -، فقال مالك : إني آتي بالصلاة دون الزكاة، فقال له خالد : أما علمت أن الصلاة والزكاة معا.. لا تقبل واحدة دون أخرى ؟ فقال مالك : قد كان صاحبك يقول ذلك، قال خالد : وما تراه لك صاحبا ! والله لقد هممت أن أضرب عنقك. ثم تجاولا بالكلام طويلا، فقال له خالد : إني قاتلك، قال : أوَ بذلك أمرك صاحبك ! قال : وهذه بعد تلك، والله لأقتلنك ) ( [41] ) . وفي رواية لصاحب الخزانة من رسالة  لأبي رياش أحمد بن أبي هاشم القيسي، أن أبا بكر بعث خالد بن الوليد ( وأمره أن لا يأتي الناس إلا عند صلاة الغداة، فمن سمع فيهم مؤذنا كف عنهم، ومن لم يسمع فيهم مؤذنا استحلهم، وعزم عليه ليقتلن مالكا إن أخذه ) وإن خالدا لما أخذ مالكا قال له :  ( يا ابن نويرة  هلم إلى الإسلام. قال مالك : وتعطيني ماذا ؟ قال : ذمة الله وذمة رسوله وذمة أبي بكر وذمة خالد بن الوليد، فأقبل مالك وأعطاه بيديه، وعلى خالد تلك العومة من أبي بكر، قال : يا مالك إني قاتلك. قال : لا تقتلني. قال : لا أستطيع غير ذلك. قال :  فأت ما لا تسطيع إلا إياه. فقدمه إلى الناس فتهيبوا قتله، وقال المهاجرون : أتقتل رجلا مسلما ! غير ضرار بن الأزور الأسدي من بني كوز، فإنه قام فقتله )( [42] ) . فهذه الروايات وغيرها تدل على أن خالدا لم يقتل مالكا إلا بعد حوار وجدال وأنه  لم يقتل لخطأ في فهم الأمر بالدفء( دافئوا أسراكم )  كما تزعم الرواية الأولى، وإن كان في الرواية الأخيرة ما يفهم  منه أن خالدا أمن مالكا وأعطاه  الذمة، فيكون قتله بعد ذلك غدرا، ولكنه لا تدل هي ولا غيرها على أنه عاد إلى الإسلام وأقر بالزكاة. وهذه الرواية تساير ما روى ابن خلكان وغيره أن متمم بن نويرة جاء إلى أبي بكر يستعديه على خالد ويعتب على أبي بكر، قال ابن خلكان : ( فلما بلعه مقتل أخيه حضر إلى مسجد رسول الله – صلى الله عليه وسلم  - الصبح خلف أبي بكر الصديق، فلما فرغ من صلاته وانفتل في محرابه، قام متمم فوقف بحذائه واتكأ على سِيَةِ قوسه، ثم أنشد :
نعم القتيل إذا الرياح تناوجت...... خلف البيوت قتلت يا ابن الأزور.
أدعوته بالله ثم غدرته..... لو هو دعاك بذمةٍ لم يغدر.
وأومأ إلى أبي بكر، ققال : والله ما دعوته ولا غدرته ) ( [43] )
وأكثر الروايات وأرجحها تدل على أن خالدا كان موقنا من ردة مالك، وإصراره على منع الزكاة، ولم توجد رواية قط تثبت إثباتا قاطعا أن مالكا رجع عن ردته، وأعطى مقاده مخلصا للدين، وإنما أعطى مقاده مغلوبا على أمره، وكان يرجو أن يضع يده في يد أبي بكر لعله يجد عنده عطفا أو لينا، فلم يمكنه خالد من ذلك، وأخذه بالعزم وقتله.
وهذا متمم أخو مالك لم يدَّعِ قط أن أخاه قتل بعد توبة، إنما ادعى أن خالدا غدر به، بل هو يدعي في شعره أن الغدر كان من ضرار بن الأزور.... ولو أيقن متمم أن  تاب عن ردته، وأقر بالزكاة كما أقر بالصلاة، لكان له قول غير هذا القول، وشأن غير هذا الشأن.
وكذلك كان قوله حين قال له عمر – رضي الله عنه - : ( لوددت  أنك رثيت أخي زيدا بمثل ما رثيت به مالكا أخاك. فقال : يا أبا حفص، والله لوعلمت أن أخي صار بحيث صار أخوك ما رثيته، فقال عمر - رضي الله عنه -: ما عزاني أحد عن أخي بمثل تعزيته ) ( [44] )  فهذه الرواية تدل على أن متمما لم يكن يجزم بأن أخاه مات مسلما، إن لم تدل على معرفته بأنه قتل في ردته، لأن زيد  بن الخطاب -أخا عمر بن الخطاب – قتل شهيدا يوم اليمامة، فيشير متمم إلى هذا، أن زيدا صار إلى الجنة، إذ قتل شهيدا مسلما، ويشك – على الأقل – في أن مصير أخيه مالك كمصير زيد.  لم يك خالد متجنيا ولا عاديا، وإنما كان حازما سريع الفصل، يعرف ما يأتي وما يدع، ويرى الاسلام في خطر من دعاة الردة، ويرى الموقف على حقيقته بنظرة رجل الحرب، ويعرف عواقب التردد أو التهاون، ويعرف خصمه مالكا، ويعرف قوته وأثره في قومه، والشاهد يرى ما لا يراه الغائب، فلن يؤخذ على خالد – إن كان عليه فيما أتى مأخذ – إلا أنه تسرع، أو تأول فأخطأ، ولا حرج..وأما ما يرجف به المرجفون، من أنه إنما صنع هذا بمالك رغبة في امرأته ليلى بنت سنان، وأنه كان بينهما هوىً في الجاهلية، فما نظنه إلا من نسج الخيال، ومن أقوال الأعداء المغرضين، فالثابت أن خالدا أخذ ليلى سبيا بعد مقتل زوجها، وأنه بنى عليها ( تزوجها ) بعد انقضاء طُهرها،وبعض الرواة يعبر عن هذا بالزواج، ففي الطبري : ( وتزوج خالد أم تميم ابنة المنهال – هكذا سميت في هذه الرواية – وتركها لينقضي طهرها، وكانت العرب تكره النساء في الحرب  وتعايره ) ( [45] )  وهذا تعبير شاذ  يُذهب الثقة بهذه الرواية وأمثالها. فإن كراهة النساء في الحرب – إن صحت – لا تكون حجة في الاسلام، وهو تشريع أُنُف، لا يقر كثيرا من تقاليد العرب في الجاهلية، بل ينهاهم عن أكثر ما كانوا عليه وما كان عليه آباؤهم من قبل.
والظاهر من سياق الروايات في الوقعة وما دار حولها، أن خالدا سبى نساء القوم، أي أخذهن رقيقا غنيمة، كحكم الاسلام في حرب الكفار والمشركين، واصطفى لنفسه من السبي امرأة مالك، والاسلام يجيز ذلك، وأنه استبرأها بحيضة واحدة، ثم دخل بها، وهذا عمل مشروع جائز، لا مغمز فيه ولا مطعن، وأن أعداءه والمخالفين عليه رأوا في هذا العمل فرصتهم، فانتهزوا، وذهبوا يزعمون أن مالك بن نويرة مسلم، وأن خالد قتله من أجل امرأته، وذهبوا ينسجون حول هذا الأكاذيب... حتى بلغوا بذلك عمر، ولم تكن بينهما مودة، يقول صاحب الأغاني : ( فلما بلغ قتلهم عمر بن الخطاب تكلم فيه عند أبي بكر، وقال : عدو الله عدا على امرىءٍ مسلم فقتله ثم نزا على امرأته ) ( [46] )  وأكثر عمر في ذلك على أبي بكر حتى قال له : ( هبه يا عمر تأول فأخطأ، فارفع لسانك عن خالد ) وحمى أبو بكر قائده العظيم من الأراجيف، وقضى على الفتنة بأن أدى دية مالك، وكتب إلى خالد برد السبي ). ( [47] ) فهذا من أبي بكر سياسة واحتياط، فإن كان القوم قد تابوا ورجعوا  إلى الاسلام كما يزعم خصوم خالد والمخالفون عليه، فالدية للقتل الخطأ، والسبي يرد على أهله، وإن تكن الأخرى لم يكن بذلك بأس. وتجري بعض الروايات بأن أبا بكر أمر خالدا أن يفارق امرأة مالك ( [48] ) ولكني لا أظنها رواية ثابتة، فإن أكثر الروايات على أن أبا بكر حين جاءه خالد واعتذر إليه، عَذَرَهُ( وتجاوز عنه ما كان في حربه تلك ) (  [49] ) .  ويروي صاحب الخزانة عن رسالة أبي رياش :   ( وأخذ حالد بن الوليد بنت سنان امرأة مالك، وابنها:  جراد بن مالك فأقدمهما المدينة، ودخلها وقد غرز سهمين في عمامته، فكأن عمر غضب حين رأى السهمين، فقام فأتى عليا فقال : إن في حق الله أن يقاد هذا بمالك،قتل رجلا مسلما، ثم نزا على امرأته كما ينزو الحمار ! ثم قاما فأتيا طلحة، فتتابعوا على ذلك، فقال أبو بكر : سيف سله الله لا أكون أول من أغمده. أكل أمره إلى الله. فلما قام عمر بالأمر ( أي أصبح الخليفة ) وفد عليه متمم ( أخ مالك )فاستعداه على خالد، فقال : لا أرد شيئا صنعه أبو بكر. فقال متمم : قد كنت تزعم أن لو كنت مكان أبي بكر أقدته به ؟ فقال عمر : لوكنت ذلك اليوم بمكاني اليوم لفعلت، ولكني لا أرد شيئا أمضاه أبو بكر، ورد عليه ليلى وابنها جرادا. ) ( [50] ) ومجموع هذه الروايات وغيرها مما لم نذكر، يدل على أن امرأة مالك كانت سبيا، كغيرها من النساء اللائي غُنِمن في الحرب، وأن خالدا أخذها وابنها ملك يمين، لم يتزوجها بعد مقتل زوجها، كما يوهم ظاهر بعض الروايات، وحكم السبي والرقيق في الشريعة معروف، يخالف حكم الزوجة، فالزوجة إذا توفي عنها زوجها لا يحل زواجها إلا أن تنقضي عدتها، إن كانت حاملا بوضع حملها، وإن كانت غير حامل تربصت أربعة أشهر وعشرة أيام، لا يجوز غير ذلك. فإذا عقد عليها في حملها، أو قبل انقضاء الأربعة الأشهر والعشرة أيام كان العقد باطلا، وكان قربانها سفاحا حراما.
وأما السبي والرقيق فإنه يحل ملكها ملك يمسن وإن كانت حاملا، لأنه لا عدة عليها إذا سبيت، وإنما يحرم حرمة قطعية أن يقربها مالكها إن كانت حاملا قبل أن تضع حملها، وإن كانت غير حامل حتى تحيض حيضة واحدة...هذه أحكام بديهية في الشريعة، لا يُعذر أحد بجهلها، فلا أدري كيف خفيت على المؤلف العلامة الكبير ( يقصد محمد باشا هيكل ) حتى جزم في غير تردد ولا احتياط  بأن خالدا تزوج امرأة مالك، وأنه ( نزا عليها قبل انقضاء عدتها ).!!
ثم قال هيكل :  (  الرأي عندي في هذا الاختلاف - يقصد بين أبي بكر وعمر في شأن خالد - أنه كان اختلافا في السياسة، التي يجب أن تتبع في هذا الموقف، وهو [i]اختلاف يتفق وطبائع الرجلين. أما عمر، وكان مثال العدل الصارم، فكان يرى أن خالدا عدا على امرىءٍ مسلم ونزا على امرأته قبل انقضاء عدتها، فلا يصح بقاؤه في قيادة الجيش، حتى لا يعود لمثلها فيفسد أمر المسلمين، ويسيء إلى مكانتهم بين  العرب،  ولا يصح أن يترك بلا عقاب، على ما أثم مع ليلى، ولو صح أنه تأول فأخطأ في أمر مالك، وهذا ما لا يجيزه عمر، فحسبه ما صنع مع زوجته ليقام عليه الحد، وليس ينهض عذرا له أنه سيف الله، وأنه القائد الذي  يسير النصر في ركابه، فلو أن مثل هذا العذر نهض لأبيحت لخالد وأمثاله المحارم، ولكان ذلك أسوأ مثل يضرب للمسلمين في احترام كتاب الله، لذلك لم يفتأ عمر يعيد على أبي بكر ويلح حتى استدعى خالدا وعنفه على فعلته، أما أبو بكر فكان يرى الموقف أخطر من أن يقام فيه لمثل هذه الأمور وزن، وما قَتْلُ رجل أو طائفة من الرجال لخطأ في التأويل أو لغير خطأ، والخطر محيط بالدولة كلها، والثورة ناشبة في بلاد العرب من أقصاها إلى أقصاها، وهذا القائد الذي يُتهم بأنه أخطأ من أعظم القوى التي يُدفع بها البلاء، ويُتقى بها الخطر ! وما التزوج من امرأة على اختلاف تقاليد العرب، بل ما الدخول بها قبل أن يتم طهرها، إذا وقع من فاتح غزا فحق له بحكم الغزو أن تكون له سبايا يصبحن ملك  يمينه !!إن التزمت في تطبيق التشريع لا يجب أن يتناول النوابغ والعظماء من أمثال خالد،  وبخاصة إذا كان ذلك يُضر  بالدولة أو يُعرضها للخطر. ) ( [51] ) وبعد أن بين الأستاذ  أحمد محمد شاكر تهافت حجج (  هيكل ) ،وسوء تصويره للمشكلة،  وأنه أتى بما  لا يقره شرع ولا عدل، لا في دين الاسلام ولا في سائر الأديان، فقد أتى بما لم يأت به الأوائل !!!  قال : ( وسأزيد الأمر بيانا حتى لا يخفى على من لا يعرف شيئا من أحكام الاسلام، فقتل المرء المسلم عمدا جريمة من أكبر الكبائر، يجب فيها القصاص، لا يملك أحد العفو عنه إلا ولي الدم من عصبة القتيل وحده، لا يملكه خليفة ولا ملك ولا دولة، وتزوج المرأة في عدة زوجها بعد موت أو طلاق، زواج باطل  لا أثر له، وقربان المرأة بسببه زنا ليس فيه شبهة، ويجب فيه الحد، الرجم على المُحصن،  والجلد على غيره، لا يملك أحد أبدا  العفو عنه، لا صاحب العرض، ولا المأة، ولا الدولة، لا أحد قط.. وكذلك حكم قربان الأمة المسبية في الحرب إذا كانت ثيبا قبل استبرائها بحيضة واحدة، ثم هذه المحرمات القطعية البديهية التحريم إذا وقع فيها أحد إنما يجب عليه ما يجب فيها من الحد أو القصاص، إذا كان لا ينكر أنها حرام، أما إذا أنكر أنها حرام واستحلها فإن حكمه في الشريعة أن يكون مرتدا خارجا عن الاسلام، وحكم المرتد معروف، وكذلك يجري حكم الردة على من عرف وقوع ذلك وأقره ورآه هينا لا إثم فيه، أو فيه إثم قليل، لأنه ينكر أمرا معلوما من الدين بالضرورة..ثم هذا الدين في عهد أبي بكر وعمر، كان دينا فقط، لم تشبه شائبة السياسة، ولا شائبة الدنيا والغرور بها، وكان هؤلاء الناس إنما قاموا يقاتلون في سبيل الله، يقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا، يقاتلون لترسيخ قواعد الاسلام وأخلاقه وآدابه في العرب أولا، ثم في سائر الأمم من بعد، فإذا بدؤوا في أول أمرهم – كما يصورهم المؤلف هيكل _ بالتهاون في أدق شيء عند العربي، وهو العِرض وما يمس النساء، وفي كبيرتين من أكبر الكبائر : القتل، والزنا..فأنى يستقيم لهم الدين، وأنى يرجون من الله النصر ؟؟ ثم ممن يكون التهاون ؟؟ من أبي بكر ؟؟ حتى يرميه المؤلف ( هيكل ) بأنه ( كان يرى الموقف أخطر من أن يقام فيه لمثل هذه الأمور وزن ).. وأنه ( ما التزوج من امرأة على خلاف تقاليد العرب بل ما الدخول بها قبل أن يتم طهرها ) !! أتظنون أيها الناس أن يستطيع رجل من عامة المسلمين، فضلا عن أصحاب رسول الله، فضلا عن أبي بكر وعمر، أن يرى هذا الرأي، ثم يزعم أنه   مسلم ؟!  أبو بكر يقول لعمر : ( هبه يا عمر تأول فأخطأ، فارفع لسانك عن خالد ) وهذا  هو الحق، وتأول خالد واضح لمن فهم شرائع الاسلام وحقائقه، أيقن من ردة مالك بن نويرة، ولم يوقن من توبته إلا بما شهد له ناس أنهم سمعوا الأذان في ناحيته، وإلا قوله لخالد في بعض الروايات أنه مسلم، ولم يشهد أحد لمالك أنه أقرَّ بالزكاة، ولم يقل هو ذلك أيضا، بل قال لخالد : ( إني آتي الصلاة دون الزكاة ) ثم تفلت منه بعض كلمات تنبىء عن إصراره، فلا يرى خالد مناصا من قتله، فتكون نساؤه سبيا بحكم الشريعة، ثم نجد أخاه متمم بن نويرة لا يكاد يرثيه بكلمة تنبىء عن إسلامه، بل يدعي غدر خالد وغدر ضرار، ويصرح بالفرق بين استشهاد زيد أخي عمر ( بن الخطاب ) ومقتل مالك أخيه. أفلا يكون في كل هذا عذر ومُتَأّوَّلٌ  لخالد ؟؟!   ثم بعد هذا كله تبقى ليلى وابنها في يد خالد ملك يمين، مدة خلافة أبي بكر، وبعض خلافة عمر، حتى يأتي متمم بن نويرة، فيستعدي عمر على خالد، وقد صار الخليفة وولي الأمر، فلا يعديه عمر، ويأبى أن يغير حكم أبي بكر، ولكنه يرضيه بأن يرد عليه امرأة أخيه وابنها. ولسنا نفهم هذا الرد إلا بأن عمر طلب إلى خالد أن ينزل عنهما،  وهما ملك يمينه، فيرضى ولا يأبى استجابة لرغبة عمر، لا طاعة لحكمه، فليس  في سلطان أمير المؤمنين أن يأخذ أموال الناس كرها، ولم يكن من عملهم ولا من خُلقهم. أفيظن ظان أن الصدر الأول من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كانوا يقرون خالدا على استبقاء ليلى امرأة مالك وهم يعلمون أنها تعاشره بعقد باطل حرام، كما يصور المؤلف ( هيكل ) زواجه إياها قبل تمام طهرها ! اللهم غفرا..
أما قوله : ( إن التزمت في تطبيق التشريع لا يجب أن يتناول النوابغ والعلماء من أمثال خالد ) ؟ !! فهذا قول يهدم كل دين وكل خلق..  إن هذه النظرية، نظرية تبرير الجرائم والمنكرات، بعظمة العظماء، ونبوغ النوابغ، وارتفاع الزعماء، وآثار القادة والكبراء، نظرية خطيرة، لا تقوم معها للأمم قائمة تنحدر بها إلى مهاوي الشهوات، وتنتهي بها إلى الإباحية ثم إلى الإنحلال..كما انحلت فرنسا وغيرها من الأمم.. بما استرسل كبراؤهم وزعماؤهم في التبذل والترف.. ومعاذ الله أن نظن مثل ذلك بالصدر الأول من الصحابة والتابعين، عهد أبي بكر وعمر، وسيرهم معروفة، وآثارهم مشاهدة، وفضلهم على العالم كله لا يُنكر.
أما قسوة عمر في اتهام خالد عند أبي بكر، فإنها قسوة الرجل العادل الحازم، لم يشهد الأمر  بنفسه، ولم يك قاضيا فيه، إنما بلغه أمر، فكان لسان الاتهام يقر ما سمع ويعرضه على الخليفة ولي الأمر، والخليفة بما يملك من سلطة القضاء، سأل خالدا عما نسب إليه، ولم يجد في عمله موضعا للقصاص، ولا موجبا للحد. فكان حكما قاطعا، لا يجوز لعمر ولا لغيره أن يستأنف النظر فيه، ولذلك قال لمتمم ( ابن نويرة ) في خلافته : ( لا أرد شيئا صنعه أبو بكر . فقال متمم : قد كنت تزعم أن لو كنت مكان أبي بكر أقدته به. فقال عمر : لو كنت ذلك اليوم بمكاني اليوم لفعلت، ولكني لا أرد شيئا أمضاه أبو بكر.. ) وما نظن عمر يفعل ما كان يريد لو كان خليفة ذلك اليوم، إنما هو يبين عن رأيه في أمر قد نظر إليه من جانب واحد، هو جانب الاتهام، ولعله لو سمع الطرف الآخر – طرف الدفاع – ونظر إلى الأمر من الجانبين، كما نظر إليه أبو بكر، لانتهى إلى ما انتهى إليه حكم أبي بكر. وفي مثل هذا تختلف أنظار القضاة، ويختلف اجتهاد المجتهدين في وزن الأدلة، وتقدير البراهين.
فلن تكون كلمة عمر وحدها حجة على خالد، تثبت عليه إجراما لم يثبت عند الحاكم، وقد برأه الحاكم مما نسب إليه، ولن تكون كلمة عمر وحدها حجة على أبي بكر، حتى يُتَّهم بالتهاون في شأن جرم يوجب الحد أو القصاص، وبأنه كان يتزمت في تطبيق الشريعة على العامة  والدهماء، ولا يتزمت في تطبيقه على النوابغ والعظماء !! كفعل ساسة هذا العصر. ! ومع هذا كله فإن عمر رجع عن كل ما كان يظن بخالد  وينسبه إليه، فقد روى ابن سعد في الطبقات الكبير بإسناد من أصح الأسانيد أنه : ( لما مات خالد ابن الوليد قال عمر : يرحم الله أبا سليمان، لقد كنا نظن به أمورا ما كانت ) ( [52] ) وليس بعد هذه الشهادة شهادة، من رجل  كان من أشد الناس قسوة على خالد، وكان لسان الاتهام في هذه الوقعة بعينها، -  رضي الله عنهم جميعا..]] ( [53] )
2-  الافتراء الثاني :  قال أعداء الاسلام  إنَّ الصحابيَّ الجليل خالد بن الوليد -  رضي الله عنه - أشعل النار في رأس مالك بن نُوَيْرَةَ وطبخ اللحم على رأسه.!!وتلقَّفَ الضالون هذا الافتراء ونشروه...ثم رأيتُ على موقع ( منتديات يا حسين  وهو من منتديات الرافضة  )من يردد نفس الكلام دون تحقيق ولا تمحيص.!!
واستدلوا بما رواه الإمام الطبري قال:)  حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سلمة، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ مِنْ عَهْدِهِ إِلَى جُيُوشِهِ: أَنْ إِذَا غَشِيتُمْ دَارًا مِنْ دُورِ النَّاسِ فَسَمِعْتُمْ فِيهَا أَذَانًا لِلصَّلاةِ، فَأَمْسِكُوا عَنْ أَهْلِهَا حَتَّى تَسْأَلُوهُمْ مَا الَّذِي نَقَمُوا! وَإِنْ لَمْ تَسْمَعُوا أَذَانًا، فَشِنُّوا الْغَارَةَ، فَاقْتُلُوا، وَحَرِّقُوا وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ لِمَالِكٍ بِالإِسْلامِ أَبُو قَتَادَةَ الْحَارِثُ بْنُ رِبْعِيٍّ أَخُو بَنِي سَلَمَةَ، وَقَدْ كَانَ عَاهَدَ اللَّهَ أَلا يَشْهَدَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ حَرْبًا أَبَدًا بَعْدَهَا، وَكَانَ يُحَدِّثُ أَنَّهُمْ لَمَّا غَشُوا الْقَوْمَ رَاعُوهُمْ تَحْتَ اللَّيْلِ، فَأَخَذَ الْقَوْمُ السِّلاحَ قَالَ: فَقُلْنَا: إِنَّا الْمُسْلِمُونَ، فَقَالُوا: وَنَحْنُ الْمُسْلِمُونَ، قُلْنَا: فَمَـا بَالُ السِّلاحُ مَعَكُمْ! قَالُوا لَنَا: فَمَـا بَالُ السِّلاحُ مَعَكُمْ! قُلْنَا: فَإِنْ كُنْتُمْ كَمـَا تَقُولُونَ فَضَعُوا السِّلاحَ، قَالَ: فَوَضَعُوهَا، ثُمَّ صَلَّيْنَا وَصَلُوا وَكَانَ خَالِدٌ يَعْتَذِرُ فِي قَتْلِهِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ وَهُوَ يُرَاجِعُهُ: مَا أَخَالُ صَاحِبَكُمْ إِلا وَقَدْ كَانَ يقول كذا وكذا قال: أَوَ مَا تَعُدُّهُ لَكَ صَاحِبًا! ثُمَّ قَدَّمَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَأَعْنَاقَ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا بَلَغَ قَتْلَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، تَكَلَّمَ فِيهِ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ فَأَكْثَرَ، وقال: عدو الله عدا عَلَى امْرِئٍ مُسْلِمٍ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ نَزَا عَلَى امْرَأَتِهِ! وَأَقْبَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَافِلا حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَعَلَيْهِ قِبَاءٌ لَهُ عَلَيْهِ صَدَأُ الْحَدِيدِ، مُعْتَجِرًا بِعِمَامَةٍ لَهُ، قَدْ غَرَزَ فِي عِمَامَتِهِ أَسْهُمًـا، فَلَمَّـا أَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَانْتَزَعَ الأَسْهُمَ مِنْ رَأْسِهِ فَحَطَّمَهَا، ثم قال: ارئاء! قتلتَ امْرَأً مُسْلِمًـا، ثُمَّ نَزَوْتَ عَلَى امْرَأَتِهِ! وَاللَّهِ لأَرْجُمَنَّكَ بِأَحْجَارِكَ- وَلا يُكَلِّمُهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَلا يَظُنُّ إِلا أَنَّ رَأْيَ أَبِي بَكْرٍ عَلَى مِثْلِ رَأْيِ عُمَرَ فِيهِ- حَتَّى دَخَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّـا أَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ أَخْبَرَهُ الْـخَبَرَ، وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَعَذَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَتَجَاوَزَ عَنْهُ مَا كَانَ فِي حَرْبِهِ تِلْكَ قَالَ: فَخَرَجَ خَالِدٌ حِينَ رَضِيَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: هَلُمَّ إلى يا بن أُمِّ شَمْلَةَ! قَالَ: فَعَرَفَ عُمَرُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ رَضِيَ عَنْهُ فَلَمْ يُكَلِّمْهُ، وَدَخَلَ بَيْتَهُ. وَكَانَ الَّذِي قَتَلَ مَالِكَ بْنِ نُوَيْرَةَ عَبْدُ بْنُ الأَزْوَرِ الأَسَدِيُّ وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: الَّذِي قَتَلَ مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ ضِرَارُ بْنُ الأزور  ) ( [54] )
وللرد على هذا الافتراء أقول:
أولاً: الرواية غير صحيحة:
فالسندُ فيه كَذَّاب،  ومدلس،  وضعيف،  ثم انقطاع.والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً اجتمعت فيه شروط قبول الرواية فقط، بقسميه الصحيح والحسن, ويجب أن تنطبق على الحديث الصحيح شروط خمس وهي:1 - اتصال السند.2 - عدالة الرواة
.3 - ضبط الرواة.4 - انتفاء الشذوذ.5 - انتفاء العلة. قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح(  أَمَّا الْـحَدِيثُ الصَّحِيحُ: فَهُوَ الْـحَدِيثُ الْـمُسْنَدُ الَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ، وَلَا يَكُونُ شَاذّاً، وَلا مُعَلَّلاً ) ( [55] )
عِللُ الرواية:
العِلَّة الأولى: محمد بْنُ حميد الرازي كذاب.قال الإمام ابنُ حِبَّان:(كان ممن ينفرد عن الثقات بالأشياء المقلوبات.قال أبو زرعة ومحمد بن مسلم بن وَارَة: صَحَّ عندنا أَنَّهُ  يكذب )( [56] )
العلة الثانية: سلمة بن الفضل الأبرش كثير الخطأ.قال الإمامُ ابنُ حجر العسقلاني  :( صدوق كثير الخطأ )( [57]
العلة الثالثة: عنعنة محمد بن إسحاق.قال الإمامُ ابنُ حجر العسقلاني:
( صدوق مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجهولين )( [58]
العلة الرابعة: الإرسال... طلحة بن عبد الله لم يدرك أبا بكر الصديق ولم يعاصر هذه الواقعة، وحديثه عنه مرسل.والحديث المرسل من أقسام الحديث الضعيف.
قال الإمامُ أبو سعيد العلائي:( طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر عن جده الأعلى أبي بكر - رضي الله عنه -. قال أبو زرعة: مرسل، وهذا ظاهر  لا خفاء به )( [59] )  وعليه فالرواية سَاقِطَةُ الإِسْنَاد لا يـُحْتَجُّ بِهَا.
ثانياً: الرواية التي تسبقها من تاريخ الطبري:
( كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ: عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ خُزَيْمَةَ، عَنْ عُثْمَانَ، عَنْ سُوَيْدٍ، قَالَ: ” كَانَ مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ شَعْرًا، وَإِنَّ أَهْلَ الْعَسْكَرِ أَثَفُّوا بِرُءُوسِهِمْ الْقُدُورَ، فَمَا مِنْهُمْ رَأْسٌ إِلا وَصَلَتِ النَّارُ إِلَى بَشْرَتِهِ مَا خَلا مَالِكًا، فَإِنَّ الْقِدْرَ نَضَجَتْ وَمَا نَضَجَ رَأْسُهُ مِنْ كَثْرَةِ شَعْرِهِ، وَقَى الشَّعْرُ الْبَشْرَةَ حَرَّهَا أَنْ يَبْلُغَ مِنْهُ ذَلِكَ. وَأَنْشَدَهُ مُتَمِّمٌ وَذَكَرَ خَمْصَهُ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ رَآهُ مَقْدَمَهُ عَلَى النَّبِيِّ فَقَالَ: أَكَذَاكَ يَا مُتَمِّمُ كَانَ؟ قَالَ: أَمَّا ممَا أَعْنِي فَنَعَمْ )( [60] )  وهذا السند غير صحيح كسابقه.
وإليكم التفصيل:
العِلَّة الأولى: شعيب بن إبراهيم الكوفي ضعيف الحديث. قال الإمام ابن حجر العسقلاني:( راويةُ كتبِ سيفٍ عنه، فيه جهالة، انتهى....  ذكره ابن عدي وقال ليس  المعروف، وله أحاديث وأخبار، وفيه بعض النكارة، وفيها ما فيه تحامل  على السلف)( [61]
العلة الثانية: سيف بن عمر الضَّبِّيُّ.قال الإمامُ شمسُ الدين الذهبي: (  قال عباس عن يحيى: ضعيف، وروى مطين عن يحيى: فِلْسُ خير منه.وقال أبو داود: ليس بشيء.وقال أبو حاتم: متروك.  وقال ابن حبان: اتُّهِمَ بالزندقة: وقال ابن عدي: عامة حديثه منكر.
قال مكحول البيروتي :  سمعت جعفر بن أبان، سمعت ابن نمير يقول سيف الضبي تميمي كان يقول حدثني رجل من بني تميم، وكان سيف يضع الحديث. وقد اتُّهِمَ بالزندقة ) ( [62] )
العلة الثالثة: حزيمة بن ثابت العقفاني مجهول الحال.ولم أجد من ترجم له إلا ما قاله الإمام ابن ماكولا في الإكمال...ملحوظة: جاء في تاريخ الطبري اسمه خزيمة وهو تصحيف.  قال الإمامُ ابن ماكولا:( وأما حزيمة أوله حاء مهملة مفتوحة بعدها زاي مكسورة فهو حزيمة ابن شجرة العقفاني عن عثمان بن سويد عن سويد بن مثعبة الرياحي قال: قدم خالد بن الوليد البطاح حديث مالك بن نويرة روى عنه سيف بن عمر ) ( [63] ).
العلة الرابعة:   حزيمة بن ثابت وعثمان بن سويد كلاهما مجهول الحال، ورواية المجهول عندنا مردودة.فكل هذه العلل الكثيرة تمنعنا من قبول مثل هذه الرواية.
ثالثاً: القصة تخالف الروايات الصحيحة:
تقول الرواية أن أبا بكر الصديق قال للجيش:  (ولَمْ تَسْمَعُوا أَذَانًا، فَشنُّوا الْغَارَةَ، فَاقْتُلُوا، وَحَرِّقُوا).!
مع أن سيرة أبي بكر -  رضي الله عنه -  تقول غير ذلك....قال الإمامُ الطبري:(  قال أبو بكر للجيش المرسل للشام : يأيها الناس، قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني: لا تخونوا ولا تغلوا، ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة، ولا تعقروا نخلا ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة ؛ وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع ؛ فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له.. اندفعوا باسم الله..)( [64] )  فانظروا  إلى تناقض سيف بن عمر !!كيف يروي مرةً أمرَ أبي بكرٍ بالتحريق, ومرة يروي عنه أنه ينهى عن التحريق.!
وفاته : حزن المسلمون لموت خالد – سيف الله المسلول - أشد الحزن، وكان الخليفة عمر من أشدهم حزنًا، حتى أنه مر بنسوة من بني مخزوم يبكينه، فقيل له: ألا تنهاهن؟. فقال: وما على نساء قريش أن يبكين أبا سليمان، ما لم يكن نَقْعٌ أو لَقْلَقة.على مثله تبكي البواكي.([65] ) وهناك  روايات كثيرة تثبت مدى محبة الصحابة بعضهم لبعض، كما تثبت أن عزل عمر لخالد - رضي الله عنهما - كان اجتهاداً رأى فيه  عمر مصلحة الأمة، ولم يكن لهذا العزل تأثير على بقاء المحبة والألفة بينهما،  والله أعلم.( [66] )


[1]- الذهبي، "سير أعلام النبلاء"، ج1/ 367.

[2] - صحيح  البخاري،، باب غزوة مؤتة، ج5/86.

[3] - ابن عساكر، "تاريخ دمشق"، 5/536، وانظر إلى قصة مفصلة حول إحدى هذه الحوادث عند عمر بن شبة، "تاريخ المدينة"، ج3/794.

[4] - ابن العديم، "بغية الطلب"، 7/3135. 

[5] - سير أعلام النبلاء  : 1/366.

[6] - الصالحي الشامي، "سبل الهدى والرشاد"، ج1/229.

[7]- ابن عساكر، "تاريخ دمشق"، 5/533 - 556، ابن حجر، "الإصابة"، ج 4/398.  

[8]- ابن عساكر، "تاريخ دمشق"، 5/562.

[9] - ابن عساكر، "تاريخ دمشق"، ج5/568 انظر: ابن كثير، "البداية والنهاية"، ج7/115.

[10] - ابن عساكر، "تاريخ دمشق"، ج5/563.  

[11] - ابن كثير، "البداية والنهاية"، ج7/114.

 [12]  - الرعاع : الأحداث الطغام. مختار الصحاح، 247.

 [13]  -  الطبري 2/41.

 [14] -  الكامل 2/334.

[15] - انظر فتح الباري 12/233 وانظر شرح السنة للإمام البغوي 5/472، 488.

[16]  -  وهم الخوارج... وهم سبئيون كذلك كما سنرى.

[17] - تفسير الطبري جامع البيان 3/119.

[18] - تفسير الطبري 3/224.

[19] -  البداية والنهاية 6/311.

[20] - انظر الطريق إلى المدائن لأحمد عادل كمال، وأطلس التاريخ العربي لشوقي أبو خليل.  

[21] - كان طليحة يُعد بألف فارس لشجاعته وشدته.. إنه البطل الكرار صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-ومن يُضرب بشجاعته المثل، من بنى أسد إحدى القبائل التى كانت تسكن ما بين نجد إلى الفرات، جاء وفدهم إلى المدينة ومعهم طليحة ليعلنوا إسلامهم فى العام التاسع للهجرة...أسلم طليحة، ثم إرتد وظلم نفسه وإدعى النبوة وتمت له حروب مع المسلمين ثم إنهزم وخُذل ولحق بآل جفنة الغسانيين بالشام...قال الحافظ بن كثير عن طليحة-رضي الله عنه - : كان ممن شهد الخندق، من ناحية المشركين، ثم أسلم سنة تسع ووفد على الرسول -صلى الله عليه وسلم -إلى المدينة، ثم إرتد بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم -فى أيام الصّديق وادعى النبوة..

[22] - مضى طليحة إلى  قبيلة كلب فأسلم، وكان إسلامه هنالك حين بلغه أن أسدًا وغطفان وعامرًا قد أسلموا، ثم خرج نحو مكة معتمرًا في إمارة أبي بكر، ومر بجنبات المدينة فقيل لأبي بكر: هذا طليحة، فقال: ما أصنع به، خلوا عنه فقد هداه الله للإسلام، ومضى طليحة نحو مكة فقضى عمرته، ثم أتى عمر إلى البيعة حين استخلف، فقال له عمر: أنت قاتل عكاشة  وثابت، والله لا أحبك أبدًا، فقال يا أمير المؤمنين: ما تهم من رجلين أكرمهما الله بيدي، ولم يُهِنِّي بأيديهما، فبايعه عمر.. 

[23] - من عجيب روايات الشيعة، التي يضرب بها المثل في التناقض والاضطراب، أنها تذكر ردة مالك بن نويرة، ثم يأتي منهم من يشاغب،  ويدعي بحقد  وجهالة  أن خالد بن الوليد قَتَلَ  مسلما بريئا. قال المفيد في كتابه “الإفصاح في الإمامة” (ص41): ( ولو كانت الصحبة أيضا مانعة من الخطأ في الدين والآثام لكانت مانعة لمالك بن نويرة، وهو صاحب رسول الله - صلى الله عليه وآله -  على الصدقات، ومن تبعه من وجوه المسلمين من الردة عن الإسلام). وفي “بحار الأنوار” للمجلسي (جزء28 صفحة11 باب1-افتراق الامة بعد النبي -  صلى الله عليه  وآله وسلم- : أقول: قال السيد بن طاوس- ره-: ذكر العباس بن عبد الرحيم المروزي في تاريخه: لم يلبث الإسلام بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم-  في طوائف العرب إلا في أهل المدينة وأهل مكة وأهل الطائف، وارتد سائر الناس، ثم قال: ارتدت بنو تميم، والرباب، واجتمعوا على مالك بن نويرة ). إذن عند الشيعة مالك بن نويرة مرتد، ولكنا نجد بعض منتديات الشيعة وصحفهم  كصحيفة جعفر الخابوري الا سبوعيه، و منتديات نور العترة، وشبكة الحق الثقافية، وكذلك الشيخ الأزهري المرتد مصطفى راشد الذي  قال في  الحوار المتمدن – في 27/ 1 / 2015...وهي صحيفة إليكترونية متخصصة في نشر  المقالات التي تهاجم الاسلام، - خالد بن الوليد من أهل النار –، وقد  أوردت الصحيفة  النبأ التالي  : (  الدكتور مصطفى محمد راشد يعتنق المسيحية في لقاء مع نشرة الأخبار القبطية الدكتور مصطفى أستاذ الشريعة والقانون في جامعة الأزهر – حسب زعمه - والكاتب الصحفي الحائز على جائزة مبارك الدولية للسلام يروي قصة تحوله من الإسلام إلى المسيحية ؟! ) فلا غرابة أن يكتب ما كتبه  كل هؤلاء، ولا حجة لجهلة وحاقدي منتديات الشيعة ولا فيما يروجون من شبهات وجهالات  حول مقتله، يطعنون بها  في سيف الله المسلول.

[24] -  ابن سلام : طبقات فحول الشعراء:  172.

[25] - الواقدي: كتاب "الردة" : 107-108.

[26] - ابن كثير : البداية والنهاية :  6/322.

[27] - البداية والنهاية لابن كثير : 6/322.

[28] - ابن تيمية،  منهاج السنة :  5/518

[29] - الواقدي، كتاب الردة  :  107-108.

[30] - الحافظ ابن حجر، الإصابة : 5/755.

[31] - ابن حجر الهيتمي، الصواعق المحرقة" : 1/91.

[32] - ونشر  هذا المقال في مجلة المقتطف الجزء الثالث من المجلد 107، 7 اغسطس 1945م.ثم قام الاستاذ عبد الرحمن بن عبد العزيز بن حماد العقل بجمع مقالات العلامة أحمد شاكر في جزئين تحت عنوان : جمهرة مقالات العلامة أحمد محمد شاكر واستغرق هذا المقال ص ( 238- 259). وأوردت معظمه لقوة حجة العلامة أحمد محمد شاكر، لعلها تقنع أولئك الذين يلغون في دماء الصحابة – رضي الله عنهم أجمعين- .

[33] - انظر :  محمد هيكل : أبو بكر الصديق ص 145.

[34] - انظر : جمهرة مقالات العلامة الشيخ أحمد محمد شاكر، ص 240.

[35] - انظر:  محمد هيكل، أبو بكر الصديق، ص 143-144,

[36] -  انظر : تاريخ الطبري، ج3/  241. ط الحسينية

[37] - انظر : تاريخ الطبري: 3 / 242. والأغاني : 14 / 65. طبعة الساسي.

[38] - اظر : الأغاني : 14/ 65.. والطبري : 3/ 242.

[39] -  انظر : الطبري، تاريخ الطبري : ج3/ ص 243.

[40] - انظر : ابن كثير، تاريخ ابن كثير، ج6/ 322.

[41] - انظر :  ابن خلكان : وفيات الأعيان، 2/  227. طبعة بولاق.

[42] -  خزامة الأدب :  1/  237 طبعة بولاق.

[43] - انظر : جمهرة مقالات العلامة الشيخ أحمد محمد شاكر، ج1 / ص 246-247.

[44] - انظر ابن خلكان، وفيات الأعيان : 1/ 228. والأغاني، لأبي الفرج الأصفهاني 14/ 68.

[45] - الطبري  ، تاريخ الطبري، 3/ 242.

[46] - الأغاني : 14/ 66.

[47] - انظر الطبري  : 3/ 242.

[48] - الاصابة : 6/ 36-37.

[49] - انظر : الطبري : 3/ 243. والأغاني : 14/ 66.

[50] - انظر : خزانة الأدب، 1/ 238.

[51] - انظر : هيكل : أبو بكر الصديق، ص 151.

[52] - ابن سعد : الطبقات الكبير، (7 / 2 / 121)

[53] - انظر : مقتل مالك بن نويرة وموقف خالد بن الوليد، ونشر  هذا المقال في مجلة المقتطف الجزء الثالث من المجلد 107، 7 اغسطس 1945م. ولدي صورة عن المقال ثم قام الاستاذ عبد الرحمن بن عبد العزيز بن حماد العقل بجمع مقالات العلامة أحمد شاكر في جزئين تحت عنوان : جمهرة مقالات العلامة أحمد محمد شاكر واستغرق هذا المقال ص ( 238- 259).. الطبعة الأولى، 2005م.  ونقلت معظم المقال لتميزه في معالجة هذه القضية.

[54] - تاريخ الرسل والملوك للإمام محمد بن جرير الطبري ج3 ص279، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم.

[55] - علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11،، تحقيق: نور الدين عنتر

[56] - كتاب المجروحين من المحدثين للإمام أبي حاتم بن حبان ج2 ص321، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي.

[57] - تقريب التهذيب للإمام ابن حجر العسقلاني ص188، ط مؤسسة الرسالة – بيروت، تحقيق: عادل مرشد

[58] - طبقات المدلسين للإمام ابن حجر العسقلاني ص52:  تحقيق : عاصم عبد الله القريوتي.

[59] - جامع التحصيل في أحكام المراسيل للإمام العلائي ص201 تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي.

[60] - تاريخ الرسل والملوك للإمام محمد بن جرير الطبري ج3 ص279: محمد أبو الفضل إبراهيم.

[61] - لسان الميزان للإمام ابن حجر العسقلاني ج4 ص247، تحقيق: سلمان عبد الفتاح أبو غدة

[62] - ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام شمس الدين الذهبي ج3 ص353 ط دار الكتب العلمية – بيروت.

[63] - الإكمال للإمام علي بن هبة الله بن ماكولا ج3 ص140 تحقيق: عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني.

[64] - تاريخ الرسل والملوك للإمام محمد بن جرير الطبري ج3 ص226، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم.

[65] - والنقع : وضع التراب على الرؤوس، واللقلقة : رفع الصوت بالبكاء، انظر : ابن حجر الإصابة  13/112.و ابن عبد البر : الاستيعاب : 3/  169.  

[66] - انظر : ابراهيم بن محمد الحقيل- رئيس تحرير مجلة الجندي المسلم، ونشره في  مجلة البيان ـ العدد (‌ 198 ) صــ ‌ 102 صفر 1425 ـ أبريل 2004  


عدد مرات القراءة:
182
إرسال لصديق طباعة
 
اسمك :  
نص التعليق :