إن كنتم تأخذون بظواهر النصوص على حقيقتها فماذا تفعلون بمثل قوله تعالى: (أأمنتم من في السماء)؟
قال الزرقاني )) إن كنتم تأخذون بظواهر النصوص على حقيقتها فماذا تفعلون بمثل قوله تعالى(أأمنتم من في السماء))]الملك16[ مع قوله تعالى((وهو الله في السماء وفي الأرض))]الأنعام3[ أتقولون :أنه في السماء حقيقة؟ أم على الأرض حقيقة؟ أم فيهما معا حقيقة؟ وإذا كان في الأرض وحدها حقيقة فكيف تكون له جهة فوق ولا يقال :له جهة تحت ؟ولماذا يشار إليه فوق ولا يشار إليه تحت؟))(1) إن هذا الكلام أشبه بكلام أهل الجهل والضلال, ومن لا يدري ما يخرج منه من مقال ,من كلام أهل العقل والعلم والبيان, وهو أشبه بكلام جهال القصاص والمغالطين, من كلام العلماء المجادلين بالحق(2) فهو يحاول إثبات التناقض في آيات القرآن ليدعم بتعطيله وإنكاره لصفة العلو لله عز وجل, وإلا فالجواب واضح ولا تناقض ولا اضطراب في كلام الله تعالى, لأننا نقول :إنه لا شك أن الله تعالى في السماء, أي على السماء, ولا نقول :إنه في الأرض ,كما لا نقول :إنه فيهما. ولا نقول أيضا :أنه يشار إليه إلى التحت, كما لا نقول :أنه يشار إليه إلى التحت والفوق جميعا .بل نقول :إنه فوق العالم عال على خلقه ,ويشار إليه إلى جهة الفوق سبحانه وتعالى. ولا يناقض ذلك قوله تعالى(( وهو الله في السماء وفي الأرض)) ]الأنعام3[.فإن معنى الآية كما قال الإمام أحمد رحمه الله : هو إله من في السماء وإله من في الأرض ,وهو على العرش وقد أحاط علمه بما دون العرش ,ولا يخلو من علم الله مكان .ولا يكون علم الله في مكان دون مكان, فذلك قوله تعالى(( ليعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما))]الطلاق12[(3) قال الآجري رحمه الله : ومما يلبسون به على من لا علم معه احتجوا بقوله عز وجل((وهو الله في السماء وفي الأرض)) وبقوله((وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله)) وهذا كله إنما يطلبون الفتنة ,كما قال الله تعالى((فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله)) وعند أهل العلم من أهل الحق((وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون)) فهو كما قال العلم مما جاءت به السنن:إن الله عز وجل على عرشه وعلمه محيط بجميع خلقه يعلم ما تسرون وما تعلنون ,يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون. وقوله عز وجل((وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله)) فمعناه :أنه جل ذكره إله من في السموات وإله من في الأرض ,إله يعبد في السماء وإله يعبد في الأرض هكذا فسره العلماء))(4) ((فقوله سبحانه: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} فيها الدلالة على أن المدعو الله في السماوات وفي الأرض، ويعبده ويوحده ويقر له بالإلهية من في السماوات ومن في الأرض، ويسمونه الله ويدعونه رغباً ورهباً إلا من كفر من الجن والإنس، وفيها الدلالة على سعة علم الله سبحانه واطلاعه على عباده وإحاطته بما يعملونه سواء كان سراً أو جهراً، فالسر والجهر عنده سواء سبحانه وتعالى، فهو يحصي على العباد جميع أعمالهم خيرها وشرها. وقوله سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} معناها: أنه سبحانه هو إله من في السماء وإله من في الأرض يعبده أهلهما وكلهم خاضعون له أذلاء بين يديه إلا من غلبت عليه الشقاوة فكفر بالله ولم يؤمن به، وهو الحكيم في شرعه وقدره العليم بجميع أعمال عباده سبحانه.))(5) قال الجوهري "ألّه بالفتح إلاهة أي: عبده عبادة، قال: ومنه قولنا: الله. وأصله: إلاه، على فِعَال، بمعنى: مفعول. بمعنى معبود، كقولنا: إمام: فِعَال بمعنى: مفعول لأنه مؤتم به. والتأليهك التعبيد والتأله: التنسك والتعبد(6) ولذلك لم يقل الله تعالى (إله السماوات والأرض) وإنما قال {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}. -------- (1)مناهل العرفان (2 /316)طبعة دار الكتب العلمية-الطبعةالأولى. (2)تلبيس الجهمية (1 /329-370). (3)الرد على الجهمية ص39 المطبعة السلفية القاهرة-الطبعة الأولى- (4) الشريعة ص 1072-1105) (5) إجابة عن أسئلة في العقيدة للشيخ ابن باز رحمه الله نقلا عن موقعه الإلكتروني . (6) مختار الصحاح 22. المصدر: الألوكة
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video