مبايعة طلحة والزبير لعلي
إن الصحيح الثابت في بيعة علي رضي الله عنه ما قاله محمد بن الحنفية : كنت مع أبي حين قتل عثمان رضي الله عنه فقام فدخل منزله، فأتاه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن هذا الرجل قد قتل و لا بد للناس من إمام و لا نجد اليوم أحد أحق بهذا الأمر منك، لا أقدم سابقة و لا أقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لا تفعلوا، فإني أكون وزيراً خير من أن أكون أميراً، فقالوا : لا والله ! ما نحن بفاعلين حتى نبايعك، قال : ففي المسجد فإنَّ بيعتي لا تكون خفياً و لا تكون إلا عن رضا المسلمين، قال سالم بن أبي الجعد : فقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فلقد كرهت أن يأتي المسجد مخافة أن يُشغب عليه، و أبى هو إلا المسجد، فلما دخل المهاجرون و الأنصار فبايعوه ثم بايعه الناس. و هناك رواية ثانية عن أبي بشير العابدي يقول فيها : إن المهاجرين و الأنصار و فيهم طلحة و الزبير أتوا علياً فقالوا له : إنه لا يصلح الناس إلا بإمرة، و قد طال الأمر. فقال لهم : إنكم اختلفتم إليَّ و أتيتم و إني قائل لكم قولاً إن قبلتموه قبلت أمركم، و إلا فلا حاجة لي فيه. فقالوا : ما قلت من شيء قبلناه إن شاء الله. فبايعوه في المسجد. و رواية ثالثة أخرى تفيد أن طلحة و الزبير قالا : يا علي ابسط يدك، فبايعه طلحة و الزبير و هذا بعد مقتل عثمان لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجة - و المقصود من هذه البيعة هي البيعة العامة، لأن عثمان رضي الله عنه قتل يوم الثاني عشر من ذي الحجة، و كانت بيعة علي في نفس اليوم الذي قتل فيه عثمان -. و هناك رواية رابعة أخرى عن عوف بن أبي جميلة العبدي قال : أمّا أنا فأشهد أني سمعت محمد بن سيرين يقول : إن علياً جاء فقال لطلحة : ابسط يدك يا طلحة لأبايعك فقال طلحة : أنت أحق و أنت أمير المؤمنين فابسط يدك فبسط عليّ يده فبايعه. كلها عند الطبري في تاريخه ( 4/427-428) و (4/434). و كذلك في فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/573). و ذكر اليعقوبي في تاريخه : أن طلحة و الزبير بايعا علياً وكان أول من بايعه و صفق على يده يد طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه. تاريخ اليعقوبي (1/178). يقول الحافظ الذهبي في شأن البيعة : لما قتل عثمان سعى الناس إلى علي و قالوا : لابد للناس من إمام فحضر طلحة و الزبير و سعد بن أبي وقاص و الأعيان، و كان أول من بايعه طلحة ثم سائر الناس. دول الإسلام للذهبي (1/28 ). و أما الروايات المخالفة التي نقلها الإمام الطبري فمنها من يقول بأن طلحة و الزبير بايعا كرها، حيث روى من طريق الزهري قال : بايع الناس علي ابن أبي طالب فأرسل إلى الزبير و طلحة فدعاهما إلى البيعة فتلكّأ طلحة فقام الأشتر و سل سيفه و قال : والله لتبايعن أو لأضربن بهما بين عينيك فقال طلحة : و أين المهرب عنه ! فبايعه و بايعه الزبير و الناس. و هناك روايات أخرى تبين أنهما بايعا و السيف فوق عنقيهما. تاريخ الطبري (4/429) و (4/431) و (4/435). فهذه الروايات كلها لا تصح لأنها من روايات الواقدي و أبي مخنف الكذاب.
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video