الكاتب : علي القضيبي ..
علي
علي القضيبي
الطبعة الأولى
2020م
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
صدر للمؤلف..
-
ثناء إبن تيمية على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأهل البيت رضي الله عنهم.
-
ربحت الصحابة ولم أخسر أهل البيت رضي الله عنهم.
-
حديث الثقلين.
-
زينة الرجال.
-
عباقرة ولكن.
-
خواطر مواطن بحراني.
المقدمة
علي إسم رجل من البحرين، يقر ويعترف وهو في كامل قواه العقلية أنه قام بعمل ثوري على نفسه بقصد إضافة مفهوم آخر إلى مفاهيمه السابقة.
ولأنه لا يحب الأغبياء فإنه لا يحب الثورات ولا الإنقلابات منذ أن قرأها، لأنها لا تجلب سوى الدمار والفقر لشعوبها.
يقول جلال الدين الرومي: بالأمس كنت ذكياً وأردت أن أغير العالم واليوم أنا حكيم ولذلك سأغير نفسي.
فعلم علي إن لم يقم هو بإنقاذ وهدم نفسه وبنائها من جديد فسوف يقوم أحدهم بتوظيفه لبناء نفسه وأحلامه.
يتمنى أن يفهمه القارىء، هو لم يصنف كتاباً لمهاجمة عقائد الآخرين، ولا يبحث عن شهرة وإهتمام، ولا يبغض أحداً، ولا يؤمن بما يؤمنون ولا مشاركتهم فيما يعتقدون، هو فقط لا يقبل أن يُحتل عقله.
يعلم أن الكمال لله... ولكن هل يُعقل أن يضع الأمل على شخص غائب كي يأتي ويخلصه مما هو فيه!؟
إن فكرة إنتظار المخلّص الغائب تحمل الناس على التواكل وترك العمل وتزكية النفس.
إنتظار المخلّص في الثقافات القديمة
تسللت فكرة المنقذ المخلص إلى عمق الحضارات القديمة، وهي وإن كانت اسم لشخصية محورية في الديانات الإبراهيمية، غالباً ما تترافق هذه الشخصية بصفة المخلّص للشعب أو الأمة. فهو يكون مخلّص "شعب الله المختار" بني إسرائيل) في اليهودية)، أو المخلّص من الخطايا وكلمة الله المتجسد عند (المسيحية)، أو مخلّص الناس من الظلم في آخر الدنيا كما في بعض الاعتقادات الإسلامية.
ولا تكاد تخلو طائفة أو شعب من فكرة "المخلّص"، ففي ديانات المصريين القدامى آمنوا بأن "أوزوريس" هو المخلّص.
وفي ديانة اليونان الإله "زيوس" الذي يعتبر أعلى آلهة الإغريق، حيث أدرك اليونانيون وجود إله محيط بكلّ شيء وبأنّ زيوس جامع الغيوم وإله المطر والسحاب والبرق وإله الزواج والمكمل والمنقذ/ ويصوِّر الشاعر اليوناني اسخيليوس (525-456ق.م) في ثلاثيته المسرحية -الأورستيا- على أنّ -زيوس- هو المنقذ، وإنّ -زيوس- هو محقّق الأمل.
والهندوس يؤمنون بأنّ فشنو - الإلَه بما هو حافظ - يتجسّد على شكل إنسان أو شكل خارق عندما تدعو الحاجة لإصلاح كلّ شيء والقضاء على الشرّ، يقول فشنو: -وعندما يتدهور النظام والعدالة سأنزل إلى الأرض.
وفي الديانة الجانتية آمن أتباعها أن يوماً ما سيتحقّق حلمهم على يد مصلحين كبيرين، وديانتين جديدتين: وهما مهاويرا مؤسّس الجينية أو الجانتية وبوذا مؤسّس البوذية.
وعند البوذية "النرفانا" هي درب الخلاص، وبوذا - الذي من معانيه المنقذ المنتظر هو المخلّص.
وعند الزرادشتيه سيظهر المنقذ "ساونشيان" الذي سيولد من عذراء ستظهر في بحيرة كاسنويا وإنّ التجديد النهائي سيحصل على الأثر من تضحية ساونشيان الذي سيأتي لتجديد الحياة في نهاية الحياة، وستمحى في زمانه جميع الشرور التي أثارها أهرمان.
وحتى في الفكر الفلسفي ظهرت "اليوتوبيا" حلم الجنس البشري بالسعادة واشتياقه الخفي للعصر الذهبي أو لجنّته المفقودة كما تصوّر البعض، واليوتوبيات التي جادت بها قريحة الفلاسفة وتأمّلاتهم عديدة جدّاً، بشّروا فيها بالمخلّص والخلاص على طريقتهم الخاصّة، ولكن أشهرها على الإطلاق -جمهورية أفلاطون-، و-المدينة الفاضلة- للفارابي، و-مدينة الله- للقديس أوغسطين، و-المدينة الخيالية- لتوماس مور، و-مدينة الشمس- لدومنيك كامبانيلا الإيطالي، و-أطلنطا الجديدة- لفرنسيس بيكون، حيث يمارس العلماء سلطتهم حتّى على الملك.
ثمَّ امتدت إلى الحضارة الحديثة، فأصبحت اليوم فكرة عالمية، وكل الشعوب تعتقد بظهور الرجل المنقذ في نهاية المطاف -وإن اختلفت تسمياته عند كلٍ منهم-.
بل وحتى مفكري وعلماء وأدباء الغرب أشاروا لظهور المصلح والمنقذ وأنه سيوحد العالم تحت علم واحد وشعار واحد وصنف واحد ومنهم: الفيلسوف اليوناني زيو، والمؤرخ والكاتب اليوناني بلوتاك، والفلكي المتنبئ الفرنسي نوستر اداموس حيث يقول: يسفك الدم العام بسبب الأفعال الجديدة، الحقيقة تقال إنهم سيكممون الأفواه ثم يأتي الشخص المنتظر في وقت الشدة متأخراً.، وأيضًا ذكرها الفيلسوف الإنكليزي الشهير برتراند راسل، والعالم إينشتاين ـ صاحب النظرية النسبية، والكاتب الفرنسي الشهير فيكتور هوغو فقد كتب العديد من المواضيع حول الجمهورية العالمية.
وكذلك الكاتب والمفكر وولتر ليمبيس في كتابهِ (الفلسفة الاجتماعيّة)، والمفكر جورج سارتون في كتابهِ (ماضي العلم)، والفيلسوف نيتشه، وبرنارد شو عالم الاجتماع الأمريكي حيثُ جاء في رسالته (نهضة المنقذ) وجود مثل هذا الاعتقاد حتى لدى زنوج أمريكا وقال: إن هذه العقيدة شائعة بين قبائل الزنوج الأمريكيين، أنه سيظهر يومًا ذلك الرجل ويدخلهم جنة الأرض.، وأيضًا الفيلسوف الإنكليزي الشهير برنادشو حيث بشّر بمجيء المصلح في كتابهِ (الإنسان والسوبرمان).
يقول الكاتب المصري المعروف عباس محمود العقاد في كتابهِ (برنادشو) معلقًا: يلوحُ لنـا أن سوبرمان شو ليسَ بالمستحيل وأن دعوتهُ إليه لا تخلو من حقيقة ثابتة.
والأمثلة في هذا الباب كثيرة وفيما أوردناه كفاية.
عليّ..
يسألون لماذا سميت كتابي بإسم "علي"؟
لو لم يكن إسمي علي لتمنيت لأن يكون إسمي علي. والداي أسموني "علي" حباً وتيمناً بالصحابي علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وشعارهم دائماً كان "نحن شيعة علي". الكل يحب الصحابي علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ويحب إسم علي، هذا الإسم منتشر في جميع الدول العربية والإسلامية.
علي إسم نحبه جميعاً. إسم علي مذكر عربي، معناه: مرتفع، شريف رفيع القدر، شديد قوي، من أسماء الله الحسنى[1]
ويقولون أن من صفات حامل إسم "علي" أن يكون عادةً شجاعاً، لا يخاف الصعاب، ولأني أنا مؤلف هذا الكتاب وإسمي "علي" فالتسمية لي مجرد فكرة قد راقت لي، وقد يعجب بها غيري.
ثمن التغيير
يمر الإنسان في مراحل أثناء التغيير، كالصراع مع النفس في رحلة البحث عن الحقيقة. ومقاومة النفس بعد معرفة الحقيقة لممارسة هذا للتغيير.
وأما أصعب مراحل التغيير فهي مرحلة مقاومة المخالفين له، فهو لا يعجبهم، وقد تصاحبه هذه المرحلة مدى الحياة، وقد تنتقل إلى حياة أبناءه لأن الإنسان لا يرغب بترك مكانه الذي ألفه واعتاده إلى مكان آخر مجهول، فيزداد الضغط النفسي عليه وخيار الإستسلام ليس من إيمانياته.
وجه التشابه بين الشعوب !
يقولون لا شىء أجمل من أن يخبرك أحدهم بأنك أحد الأسباب التي غيرت حياته للأجمل. إستنتجت بأن الشعوب يختلفون في كل شىء إلا أنهم متشابهين في فكرتين، أنهم كثيري الشكوى والتذمر وفكرة إنتظار المخلّص.
أعتقد أن الفكرتين مرتبطتين معاً، ولو لم تكن الأولى لما كانت للأخرى مكان!.
إذاً الرغبة في التغيير حاجة نفسية تمارس عند الشعور بأن هناك ما هو أفضل من الوضع الحالي، إلا أنه يخطىء في إستخدام أدوات التغيير، لذا يصبح الوضع أكثر سوءاً.
فمن تلك الأدوات أن يوهب المرء نفسه إلى دعاة التغيير والإصلاح من الأحزاب السياسية ليكتشف في نهاية المطاف أنه كان ضحية دجل من أناس كان همهم الإستيلاء على الحكم.
يقول الدكتور مصطفى محمود: "صدقني أن الإنسان لا يشكو لحاجة مادية، فهو اليوم أغنى وأكثر ترفاً من قرون الأمس، ولكنه يشكو لأنه ينظر إلى ما في أيدي الآخرين".
أنا شخصياً إستوعبت أن فكرة المخلّص فكرة اتكالية تتضمن اعتماد الشعوب على أمل وإنتظار "مخلّص" دون تخليص أنفسهم ذاتياً، وهذا أيضاً رأي غيري ممن كتب في هذه النظرية.
الحياة لم تفرض على أحداً نمطاً معيناً، فالحياة هي أن تختار أنت كيف تعيش. فتذمر الناس على أوضاعهم المعيشية وشعورهم بالظلم والحرمان إنما هو تذمر على قدر الله، والخلاص يكون بالرجوع إلى الله وبشرط! قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ..) [الرعد: 11].
فهناك شرط لتغيير الحال إلى أحسن، أو تغييرها إلى أسوء، فإذا كنا على طاعة وإستقامة، وغيّرنا إلى المعاصي غيّر الله حالنا من الطمانينة والسعادة واليسر والرخاء إلى غير ذلك، فمتى ما ابتعدنا عن طاعة الله فقد عرضنا أنفسنا إلى غضب الله. فنعمة الصحة تتحول إلى مرض، وبعد نعمة الأمن يحل علينا الخوف، وبعد نعمة الغنى سنعاني من الحاجة والفقر، وغيرها. وكل ذلك بسبب الذنوب والمعاصي، ومتى ما تغيّرنا ورجعنا إليه سبحانه واستقمنا على طاعته فسيغير ما بنا، وهذا مصداق قوله عزوجل: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الأنفال: 53].
لو توقفنا عن التذمر والشكوى لما كانت لفكرة المخلّص حاجة أو حتى وجود.
أليس من المفروض أن يكون المخلّص رجلاً صالحاً؟ لماذا إذاً لا نكون كذلك فنكسب الدنيا والآخرة على قدر أعمالنا؟
قدِّم الأولويّات
ذات مرة وقفت أمام لوحة فنية لرجل وسط جزيرة لم يكن فيها غير شجرة واحدة، وقد صنع هذا الرجل منها لنفسه تاجاً وكرسياً ليجلس عليه كالملوك، ومن ثم وقف ينظر إلى الجانب الآخر من الجزيرة حيث بر الأمان ينتظر من ينقذه.
من ينظر للوحة لا يجد سوى تعبيراً واحداً فقط وهو أن هذا الرجل كان بإمكانه مراعاة الأولويات ويقوم بصناعة قارب من الشجرة الوحيدة لإنقاذ نفسه والوصول بها إلى بر الأمان، لكنه فضّل أن يصنع لنفسه كرسياً وتاجاً للتباهي، ومن ثم أخذ في الإنتظار وهو متذمر ومتحسر على مصيبته، ويذكرني هذا الأمر بالكثير ممن حولنا، رغم إدعائهم ضيق الحال إلا أنهم لا يترددون عن إقتراض الأموال فقط من أجل التباهي بشراء سيارة فارهة أو سفرة صيفية إلى ربوع أوروبا.
هي طبيعة في كثير من الناس أنهم لا يحبون من ينصحهم، ولا يريدون الحلول لمشاكلهم، ودائماً يرمون سبب مشاكلهم وأخطائهم على الآخرين، أفراداً كانوا أو حكومات !
يُحبون الصالح ولا يُحبون المُصْلح
استشارني أحد الأصدقاء وكان يعمل أمين مخزن حول بقائه في وظيفته أو تركها، حيث كان يرى عدم إنسجامه مع الوضع الجديد بعد تقاعد مسؤوله الذي كان يقدره. وحسب طبيعة عمله فأنه لا يحق له صرف أي شىءٍ من المخزن دون تصريح موقع ومعتمد، إلا أن بعض الموظفين لم يكونوا يتقيدون بهذه التعليمات ، ولرفضه مجاراتهم في تجاوز القانون أصبح غير مرغوب به، وبدؤوا بمضايقته، فنصحته بالبقاء حتى ينتهي عقده أو أن يغيّر تخصصه الوظيفي لأنه لم يكن يملك دخل آخر، إلا أنه أبى وفضل الرحيل.
نفسياً، مهما كنت شخصاً صالحاً سيحكم عليك الناس بحسب مزاجهم وحاجاتهم! النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان معروفاً بين العرب قبل الإسلام بأنه رجل صالح، وكان يلقب بــ "الصادق الأمين"، وبعد نزول الوحي عليه وقيامه بدعوة الناس إلى الحق، لم يسلم من التهم والمضايقات، قالوا عنه مجنون، وساحر، وكذاب !!
وقبله رفض اليهود تصديق المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام، كونه المنتظر عندهم فناصبوه العداء واتهموه بالكذب، لأنهم كانوا ينتظرون ملكاً قوياً يقيم دولتهم، فوجدوه رجلاً مسالماً يدعو إلى الإصلاح والتطهر، ولا يؤمن بإستخدام القوة والعنف.
فمن يكون صديقي الذي استشارني أو أنا أو غيرنا أمام رسول مرسل من هذه التهم. قد تكون نظرية المخلّص الموعود هي نتاجات العقل الإنساني، وأن هذه العقيدة نشأت نتيجة ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، فيأمل بمجىء يوم يتخلص فيه من الظلم الذي يشعر به. فكل من يؤمن بالرجل المخلّص حاله حال الذين كانوا ينادون بالإبراهيمي الذين انقلبوا ضده لأنه لم يأتي بما تشتهي أنفسهم.
فكرةُ المخلّص ربما تكمن في الإنتظار لا في المجىء!
نحن نمشي على الأرض ونكلم أناس حقيقين، ليس مجرد خيالات، فأكبر نصيحة أقدمها إلى من أخالفه الرأي هو أن يجعل مهنته تماماً كمهنة الطبيب الذي يعمل جاهداً للقضاء على المرض لا المريض. وإذا كانت فكرة المهدي المنتظر حقيقة، فلماذا لم يأتي ذكرها في القرآن الكريم؟ ولماذا خلا منها صحيحي البخاري ومسلم؟ وماذا عمن أنكر المهدي؟ هذه تساؤلات قديمة حديثة وقف عندها البعض متأملاً، لذا ذهب البعض إلى التوقف في كفر منكره، لأن عند المنكر له إشكالات، والكلام في بيان هذا يطول ليس هنا محله.
ومتى ما تبين لصاحب الرأي فساد رأيه، فلزاماً عليه الرجوع إلى الحق، وهذا خيراً له.
فتعلمت أن ما نتركه بالدليل والمنطق لا يفترض أن نعود إليه بالعاطفة، ونقول رغم قدم فكرة المخلّص إلا أنها لم تتحقق وربما لن تتحقق أبداً، لذا يخطر في البال أن الفكرة تكمن في إنتظاره لا في مجيئه !!
الحياةُ فُرص
التوكل على الله لا يمنع من الأخذ بالأسباب، ولا يجب أن يهمل أي شخص إنتهاز الفرص التي تأتيه. اليوم أنت في حال وفي الغد تنقلب إلى حال آخر. فالعادات السيئة يجب أن نتخلى عنها لكي نعيش في حياة أقل تعاسةً.
لماذا لا نكون أنا وأنت هو التغيير الذي نريد أن نراه في العالم، فدائماً العباقرة يسعون لمنع المشكلة قبل أن تبدأ، عكس المثقفون الذين يأتون لحل المشكلة بعد وقوعها.
أنا الآن أملك شيئاً، إذاً أنا أفضل بكثير من أن لا أملك شيئاً.
كثيراً ما تسمع أن الحياة فرص، ولكن القليل من يعرف كيف يمارسها.
وجهت إعلامية لمليونير سؤالاً عن تجاربه الشخصية في نماء ثروته، فأجابها: أن الحياة فرص. ضحكت وقالت: هل تريد أن تقنع المشاهد بهذا الجواب؟ وفي وسط المقابلة فاجئها وأخرج شيكاً وطلب منها أن تضع الرقم التي تحتاجه هدية منه إليها. لكنها رفضت خجلاً منه، فما كان إلا أن قام بتقطيع الشيك قائلاً: ألم أقل لك أن الحياة فرص؟ كان بإمكانكِ أن تصبحي صاحبة ثروة ولكن رفضتي الفرصة، أما أنا فأستغل الفرص.
وفي القصص القديمة أن رجلاً كان يغرق في النهر فحاول آخر من قاربه أن ينقذه، فرفض بحجة أنه متوكل على الله لينقذه، وبعده جاء آخر ورمى إليه حبلاً ليجره إلى حافة النهر فرفض أيضاً حتى مات غرقاً.
إجتمع أقربائه يبكونه فتسائل بعضهم: ألم يكن من الصالحين؟ فلماذا لم ينقذه الرب؟
فرد عليه آخر: أن الله أوجد له أكثر من فرصه للنجاة، ولكن بحمقه فضل الموت !!
فأنا اليوم لدي وطن آمن وهو نعمة وفرصة من الله وأفضل من أن يكون لي وطن غير آمن، أو قد لا يكون لي وطن. وقد عجبني في حديث مواطنه مصرية بسيطة حول ما يسمى بثورات "الربيع العربي" كأنه موجهاً لنا نحن شعوب الخليج العربي، رغم تحفظي على مبدأ الخروج أصلاً، قولها معبرة عن إستغرابها ممن خرج مطالباً بتغيير الحكم، حيث قالت: لو كان عندنا ربع ما عندكم، لما قمنا بهذا الفعل.
أقول: في أفريقيا أيضاً يقولون: لو كان عندنا ربع ما عند أهل مصر، لما قمنا بثوراتنا السابقة.
أنظر لمن هو أقل منك لتعرف فضل الله عليك.
1 + 1 = 4
إجعل القراءة ضرورة لا هواية، فبالتالي تكون علاج لمشاكلك.
في القراءة وجدت أن إخواننا من أهل الشام إذا أرادوا مدح شخصاً قالوا عنه: مرتب. وهذه الكلمة تلخص مجموعة صفات جميلة يتحلى بها الشخص الممدوح.
معادلة حسابية بسيطة ومعروفة تقول أن: 1 +1 = 2، إلا أن هناك من البشر من لا يروق له هذه النتيجة، فإما أن يريده أقل أو يريده أكثر!، فتجده يرمي الأوساخ من نافذة سيارته من غير مبالاة، بينما الواجب عليه أن يرميها في سلة المهملات.
في علم النفس يقولون أن المكان المنظم المرتب والنظيف والهادىء سبب من أسباب السعادة.
هل تعلم أن هناك أنواع أخرى من التلوث غير التلوث البيئي، كالتلوث السمعي الضوضائي، والتلوث البصري وغيرهما؟
أحياناً تشعر بعدم الإرتياح للمكان وأنت تجهل الأسباب! أن فوضوية وعشوائية الأشياء لمجرد سماعها أو مشاهدتها تجلب التعاسة رغم كل ما تملك.
مدينة جديدة جميلة بسبب بيوتها ذات اللون الموحد مرتبة الشكل شوارعها منظمة هادئة، ما ان تدخلها حتى تشعر براحة وسعادة وتتمنى أنك أحد ساكنيها، فما أن يسكنها البشر حتى تنقلب رأساً على عقب بسبب عشوائية البناء الإضافي عليها، وتغيير الألوان الخارجية لمنازلها، فأصبحت المدينة الجميلة تلك في فوضى لا يطاق العيش فيها بسبب اليد البشرية والعناد الذي دمرتا كل ما هو جميل في هذه المدينة.
إرثُ الكبار
من يقرأ كثيراً يستطيع أن يرى الآخرين من داخلهم، لذا يصبح خداعه صعباً وقد يصل إلى حد المستحيل.
أخبرني بعض كبار السن أنني عندما كنت صغيراً كنت كثيراً ما أكسر ألعابي أو أتلفها، وبسبب عجزي عن إصلاحها كنت أجلس وأبكي في إنتظار من يصلحها أو من يشتري لي بديلاً. ولأن من طبيعة الأطفال كسر العابهم أو إتلافها، فقد جهل الكبار في تعويدنا على التخلص من هذه العادة السيئة، وأن لأمثال هذه السلوكيات السيئة عواقب على المدى البعيد. وقد كان عليهم أن لا يتسرعوا في تعويضنا بألعاب جديدة، بل كان يجب عليهم أن يتركونا نلعب بتلك التي كسرناها أو أتلفناها، لنتعلم الحذر فيما بعد.
في اعتقادي الشخصي أن الكبار كان في ظنهم، ومازال البعض على هذا الظن، أن سنوات العمر كفيلة بتعليم الطفل معنى أن يتغّير، وهذا خطأ لأن إرث العادات السيئة هي سبب مشاكلنا.
صناعة رجل
الجميع يعلم أن النظافة أفضل من الوساخة، ولكن قلة هم أولئك الذين يحبون أن ينظفوا، بل هم في إنتظار من ينظف أماكنهم.
لو كان الإهتمام بكيفية تنظيم حياتنا نتعلمها من مراحل حياتنا الدراسية الأولى حتى التخرج كما هو في اليابان، لما احتجنا لمن ينظف أماكننا بإستمرار.
وفي "مذكرات شرطي ألماني" ذكر أنه تعلم كيف يكون فرداً منظماً في حياته، وكيف أنه لامس الفرق الكبير بين المدنية والعسكرية، إذ يقول قبل ذلك كانت حياته غير منظمة بسبب عاداته السيئة التي أوقعته في الكثير من المتاعب، والأهم من ذلك هو أنه بعد الإنتهاء من فترة التدريب والذي يرجع للفرد نفسه في مسألة التمسك بالنظام والإستمرار على هذا التغيير أو الإنخراط في حياته المدنية السابقة، قد يفقد شيئاً مما تعلمه ومارسه من عادات حسنة إن لم يتمسك بما إكتسبه في فترة التدريب.
يقول تعلمت في المعكسر الفرق بين الإستغناء عن الأشياء غير الضرورية وإقتناء الأشياء المهمة، ليس بخلاً، بل نمط حياة يجب أن يكون عليه العاقل.
بدلات التدريب في المعسكر عددها ثلاث طوال فترة التدريب، بدلة ترتديها، وأخرى في المغسلة وثالثة في الخزانه، تنزع التي كنت ترتديها وتأخذها إلى المغسلة، وتسترجع التي كانت في المغسلة وتضعها في الخزانة، وترتدي التي كانت في الخزانة، وهكذا، عملية منظمة بشكل دروي.
في نظر الأطفال رجل الأمن هو الرجل الصالح الذي يقضي على الأشرار، لذا نجد أمنية كل طفل هو أن يصبح رجل أمن.
كم كنت أتمنى أن يتصف أطفالنا بصفات الشرطي التي تعلمها في المعسكر بدءً من المنزل حتى يكبر.
قال لي رجل أمن متقاعد ذات مرة أن أهل الباطل يفرون من مواجهة إثنين، الأول هم أهل البدع حيث يخشون من مواجهة صاحب العقيدة السليمة وصاحب التوحيد، وأما الثاني المجرم الذي يخشى من مواجهة رجل الأمن، لأن الإثنين يدافعون عن الحق، ويحاربون الشر.
لا تنتظر نتيجة مختلفة
شعوب تغلق أبواب كل أمل في وجه تغيير حالهم. يدّعون الفقر والجوع، ولكن تجد أن لديهم من المال ما يكفي لدفع سعر علبة سجائر وكأس شاي وشيشة في المقاهي ودفع سعر تذكرة مشاهدة فلم سينمائي كل يوم.
وقد تجد معظم أبنائهم خريجي جامعات ومعاهد، ويصل آبائهم إلى السبعين والثمانين من أعمارهم وما زالوا أحياء. لا أعرف ما هو مفهوم الفقر والجوع لدى هؤلاء؟
شوقاً مني كنت أبحث عن رفاقي الذين كانوا يوماً معي ثم فرقتنا الدنيا، آخر عهدي ببعضهم كان منذ زمن، وعندما التقيهم أحياناً أجدهم بحمد الله في أحسن حال.
لا أحد يتغير فجأة. عندما سأل أحد الصحفيين مسؤولاً يابانياً كبيراً عن سر نهضتهم؟ رد قائلاً: نحن لا نملك العقول الخارقة لكن لدينا معادلة تقول: علم + أخلاق + عمل = نهضة.
يقول أحد المشاهير: أعظم خطيئة بحق العقل البشري هي تصديق الأشياء بدون دليل.
بعضاً من الذين وجدتهم كانوا يشكون ضيق العيش، بينما كنت أراهم في أحسن حال. ويبدو أنهم من الذين ألفوا العيش على حساب الآخرين أو أنهم يصرفون ما لديهم ثم يسعون إلى الغير ليعيشوا على حسابه.
كنت أتسائل هل جرب رفاقي يوماً التخلص من تجربة سببت لهم الأذى؟
يقول ألبرت آينشتين: الغباء هو فعل نفس الشىء مرتين بنفس الإسلوب ونفس الخطوات وإنتظار نتائج مختلفة.!
من أحب شيئاً أخلص له
هناك مقولة شهيرة للمفكر الإنكليزي جورج برناردشو يقول فيها "غالباً الكلام الذي تخشى أن تقوله هو الكلام الذي ينبغي أن يُقال".
فأي تغيير فيه مضرة لا يُعد تغييراً بل تدمير. وإذا كان تغيير الواقع فائدة للبعض، فقد يراها آخرين خسارة لهم.
فالإكرامية مثلاً الذي تدفع لعمال بعض المهن تقودهم إلى عادة التسول والإبتزاز لإجبار العميل أو الزبون على الدفع وإلا حصل على خدمة سيئة، هذا رغم إستلامهم لرواتبهم كل شهر مقابل خدماتهم.
إن أصحاب الأفكار الخيرة لا يحتاجون إلى اللجوء لوسائل غير واقعية لإثبات ما يعتقدونه في نفوس الآخرين، لأن عدم القدرة يعني أنهم مخطئون فيما يدعون إليه فيحتاجون إلى اللجوء للكذب والدجل والخرافات التي توقعهم في الشرك، وربما العنف.
إن كلمة الإخلاص تدل على الصفاء والنقاء والتنزه عن الأخلاط، والشىء الصافي الذي ليس فيه شائبة، وسميت سورة الإخلاص بهذا الإسم لأنها خالصة في صفة الله تعالى، ومن عمل بها يكون قد أخلص التوحيد لله عزوجل، فالدعوة إلى توحيد الله وحده لا تكلف شيئاً، ومع ذلك فهي تعتبر مشكلة لدى البعض ويعدونها خسارة لهم، لأنهم يحصلون من وراء دعوتهم للخرافة والشرك نسبةً مما تجنيه تلك الصناديق من مال عند الأضرحة بإسم الكرامات، لذا فهم لا يحبذون التغيير ولا يريدونه.
"الحسين" إسم صغير لشخص عظيم
لم يختلف على حبه رضي الله عنه إثنين، إلا أن أهل الكوفة لم ينتظر منهم أحد حتى وقت مجىء مخلّصهم الذي ينتظرونه في آخر الزمان، فكثيراً من الناس على أصل من أصول الخوارج وهم لا يدرون! يتذمرون ويشكون بحجة ضيق الحال، منتقدين حكامهم وتنتقل هذه العدوى إلى عقول أبنائهم مما يشكل خطراً على افكارهم من دون قصد.
أنا لا أهتم بالتفاصيل التاريخية بقدر إهتمامي بالتصرف الأحمق الذي وقع فيه أهل الكوفة ودفع ثمنه ظلماً من لا ذنب له وهو الإمام الحسين بن علي وأهل بيته رضوان الله عليهم.
المعلوم أن التاريخ غير دقيق لأنه غير موثق بالصوت والصورة كما يحدث الآن مما يجعل الوصول إلى الحقيقة المطلقة أمراً مستحيلاً.
فالتحول السريع في نوايا أهل الكوفة آنذاك والعدول عن إدعاء ظلم الحاكم لهم، له تفسير واحد فقط وهو أنهم قد مُنعوا الدنيا، وليس الدين والعبادة، فهم كذّبوا بشأن ظلم الحاكم لهم، لقد توقفوا عن التذمر والشكوى وكأنهم لم يكتبوا للحسين رضي الله عنه يشكون حالهم ثم لما جائهم تركوه حتى قتل.
الخاتمة
أفراد عائلتي الكرام وأقربائي وأصدقائي وأحبائي وجميع البشر في العالم، إن كنتم فهمتوا من كلامي أنه تحريض لعمل ثورة على أنفسكم، فأقول أنتم أحرارفي ذلك.
اليوم قد لا يكون لكلامي معنى وقيمه عندكم، ولكن سيأتي عليكم يوماً ومع تراكم التجارب والنضج عندكم، ستعون فيه مقاصدي.
فهرس الكتاب
المقدمة................................................................... 004
إنتظار المخلّص في الثقافات القديمة ........................ 006
علي........................................................................ 012
ثمن التغيير ............................................................. 014
وجه التشابه بين الشعوب !.................................... 015
قدم الأولويّات..................................................... 019
يحبون الصالح ولا يحبون المصلح........................... 021
فكرة المخلّص ربما تكمن في الإنتظار لا في المجىء!.. 024
الحياة فرض.......................................................... 026
1 +1 = 4 .......................................................... 029
إرث الكبار.............................................................031
صناعة رجل.......................................................... 033
لا تنتظر نتيجة مختلفة............................................. 036
من أحب شيئاً أخلص له ..................................... 039
"الحسين" إسم صغير لشخص عظيم........................ 041
الخاتمة.................................................................... 043
فهرس الكتاب....................................................... 044
[1] - أنظر تعريف ومعنى "علي" في قاموس المعجم الوسيط ،اللغة العربية المعاصرة ،الرائد ،لسان العرب ،القاموس المحيط. قاموس عربي عربي.