يجوز قول: اللهم صل على محمد طِب القلوب ودوائها وعافية الأبدان وشفائها ونور الأبصار وضيائها
والوهابية : ابن باز يقول شرك
الجواب:
-
وقد قرأت في كتاب عنوانه ( في مدرسة النبوة ) للأخ أحمد محمد جمال قال فيه : ولقد عجبت للأخ ( محمد جميل زينو ) حين كتب في جريدة الندوة يوم 26/4/1411هـ يستنكر صيغة للصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم اعتاد بعض المسلمين ترديدها ، وهي تقول : ( اللهم صل على محمد طب القلوب ودوائها وعافية الأبدان وشفائها ونور الأبصار وضيائها ) وقال : إن الشافي والمعافي للأبدان والقلوب والعيون هو الله وحده ، والرسول لا يملك النفع لنفسه ولا لغيره .. إلخ ، وأود للأخ محمد زينو أن يعلم أن لهذه الصيغة مفهومين صحيحين :
وصلاة الله على العباد هي الرحمة والبركة والعافية والشفاء.
(( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )) . " سورة الأنبياء آية 107 "
وهو كذلك نور وضياء ، ـ كما وصفه القرآن في قوله عز وجل: (( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً ، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً )). " الأحزاب آية 45-46 "
وفي روايات متعددة يصف الرسول نفسه بأنه رحمة مهداة إلى الإنسانية ليخرجها من الظلمات إلى النور ، ويشفي قلوبها وأبصارها ، وأبدانها من الأسقام الحسية والمعنوية معاً .
يقول صلى الله عليه وسلم : ( إنما أنا رحمة مهداة ) .
" أخرجه ابن عساكر "
( إني رحمة بعثني الله ) . " رواه الطبراني "
( إني لم أبعث طعاناً ، وإنما بعثت رحمة ). " رواه مسلم "
-
أقول : إن الصيغة السابقة التي قال عنها المؤلف اعتاد الناس ترديدها . لا تجوز لأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عبادة ، والعبادة مبناها على التوقف حتى يأتي الدليل ، ولا دليل على هذه الصيغة ، ولا سيما أنها تخالف جميع الروايات التي وردت عن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته ، والسلف الصالح ، بالإضافة إلى أن فيها غلواً وإطراء لا يرضاه الله والرسول صلى الله عليه وسلم . فهل يجوز لمسلم أن يترك الصيغة التي عملها الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ويأخذ بصيغة من أقوال الناس ، والتي تخالف الصيغ المشروعة ؟
-
لقد بتر المؤلف من كلامي شيئاً مهماً ، وهو استشهادي بقول الله تعالى : (( قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله )).
" سورة يونس"
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ) . " رواه البخاري "
-
وأما قول المؤلف : وصلاة الله على العباد هي الرحمة والبركة والعافية والشفاء ، قال ابن كثير :
الصلاة من الله تعالى على عبده ثناؤه عند الملائكة .
وقال غيره : الصلاة من الله عز وجل الرحمة " حكاه البخاري "
" تفسير ابن كثير جـ3/495 "
هذا التفسير الصحيح يبطل تفسير المؤلف ( أحمد محمد جمال ) الذي لا دليل عليه .
-
وأما استشهاده بقول الله تعالى : (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)) " الأنبياء آية 107 "
فإني أنقل للقاريء ما قاله العلامة محمد أمين الشنقيطي في تفسيرها : وما ذكره الله جل وعلا في هذه الآية : من أنه ما أرسله إلا رحمة للعالمين يدل على أنه جاء بالرحمة للخلق فيما تضمنه هذا القرآن العظيم ، وهذا المعنى جاء موضحاً في مواضع من كتاب الله :
أ- كقوله تعالى : (( أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون )). " العنكبوت آية 51 "
ب- وقوله تعالى : (( وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك )) . " سورة القصص آية 86 "
ج- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قيل يا رسول الله ، أدع على المشركين ، قال : ( إني لم أبعث لعاناً ، وإنما بعثت رحمة ) . " رواه مسلم "
" انظر أضواء البيان للشنقيطي 4/694 "
وأما الطبري فقال ما خلاصته : أرسل الله محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة لجميع العالم مؤمنهم وكافرهم ، فأما مؤمنهم فإن الله هداه به وأدخله ـ بالإيمان به وبما جاء من عند الله ـ الجنة ، وأما كافرهم فقد دفع عنه عاجل البلاء الذي كان ينزل بالأمم المكذبة لرسلها من قبله .
-
وأما قول المؤلف : وهو ( أي الرسول ) نور وضياء كما وصفه القرآن في قوله عز وجل : (( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً )) .
" الأحزاب آية 45-46 "
فإني أنقل للقاريء ما قاله المفسرون :
يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً على أمتك ، ومبشراً بالجنة ونذيراً من النار ، وداعياً إلى شهادة أن لا إله إلا الله بإذنه وسراجاً منيراً بالقرآن .
فقوله تعالى : (( شاهداً )) أي لله بالوحدانية ، وأن لا إله غيره، وعلى الناس بأعمالهم يوم القيامة .
(( وجئنا بك على هؤلاء شهيداً )) " النساء "
وقوله عز وجل : (( ومبشراً ونذيراً )) أي بشيراً للمؤمنين بجزيل الثواب ، ونذيراً للكافرين من ويل العقاب .
وقوله جلت عظمته : (( وداعياً إلى الله بإذنه )) أي داعياً للخلق إلى عباده ربهم عن أمره لك بذلك .
وقوله تعال : (( وسراجاً منيراً )) أي وأمرك ظاهر فيما جئت به من الحق كالشمس في إشراقها وإضاءتها لا يجحدها إلا معاند . " انظر تفسير ابن كثير جـ3/497 "
(( وسراجاً منيراً )) أي أنت لمن اتبعك ( سراجاً ) أي كالسراج المضيء في الظلمة يهتدى به . " جـ 6/400 "
ج- وقال الطبري في تفسيره : (( وسراجاً منيراً )) ضياء لخلقه بالنور الذي أتيتهم به من عند الله وإنما يعني بذلك أنه يهدي به من اتبعه من أمته . " نقلاً عن الطبري باختصار "
-
وقال المؤلف في كتابه ( في مدرسة النبوة ) :
وفي روايات متعددة يصف الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه بأنه: " رحمة مهداة " إلى الإنسانية ليخرجها من الظلمات إلى النور ، ويشفي قلوبها ، وأبصارها من الأسقام الحسية والمعنوية معاً .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما أنا رحمة مهداة ) .
" أخرجه ابن عساكر "
( إني رحمة بعثني الله ) . " رواه الطبراني "
( إني لم أبعث لعاناً ، وإنما بعثت رحمة ) . " رواه مسلم "
أقول : إن كلام المؤلف ( أحمد محمد جمال ) عليه ملاحظات :
-
لم يذكر المؤلف دليلاً على كلامه سوى ما أورده من حديث : ( إنما أنا رحمة مهداة ) وقد تقدم تفسير الرحمة في الآية للعلامة الشنقيطي، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء بالرحمة للخلق فيما تضمنه هذا القرآن العظيم .
-
وأما قول المؤلف : ( ليخرج الإنسانية من الظلمات إلى النور .. ) فليته رجع إلى تفسير ابن كثير حيث قال فيها :
(( ليخرج الناس من الظلمات إلى النور )) . " سورة إبراهيم آية 1 "
أي إنما بعثناك يا محمد بهذا الكتاب لتخرج الناس مما هم فيه من الضلال والغي إلى الهدى والرشد ، قال الله تعالى :
(( هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور )) . " الحديد آية 9 "
فالآيات صريحة بأنه أخرج الناس من الظلمات إلى النور بالقرآن المنزل عليه .
ج- وأما قول المؤلف : ( ويشفي قلوبها وأبصارها من الأسقام الحسية والمعنوية معاً ) ويقصد النبي صلى الله عليه وسلم !
فلم يأت بدليل صريح على ذلك ، علماً بأن الشافي للأمراض هو الله وحده ، قال الله تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام :
(( إذا مرضت فهو يشفين )) " الشعراء "
أكد بالضمير المنفصل ، ليؤكد على أن الشافي هو الله وحده ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( اللهم رب الناس أذهب البأس اشف أنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً ) . " أخرجه البخاري "
وقصة الغلام والأعمى التي وردت في الحديث تدل على أن الشافي هو الله وحده : فورد فيها أن الأعمى أتى الغلام بهدايا كثيرة وقال له سأهبها لك أجمع إن أنت شفيتني ، فقال : إني لا أشفي أحداً ، إنما يشفي الله فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك .
" فآمن بالله فدعا الله له فشفاه الله " . " القصة رواها مسلم 4/3005 "
فالآية السابقة والأحاديث المتقدمة تدل على أن الشافي هو الله وحده، ولم يذكر المؤلف ( أحمد محمد جمال ) مثالاً واحداً على أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصف نفسه بأنه ( يشفي ) كما زعم ، وهذا أمر خطير جداً ، لقوله صلى الله عليه وسلم :
( من قال عليّ ما لم أقل ، فليتبوأ مقعده من النار ) . " حسن رواه أحمد "
وقد سألت سماحة الشيخ ابن باز مفتي السعودية عن كلام ( أحمد محمد جمال ) فقال : إنه شرك .
قصده بالشرك اللي هو قوله ان النبي صلى الله عليه وسلم هو الشافي