يا ابن آكلة الأكباد
سـؤال عن صحة هذا الأثر: كان لعبد الله بن الزبير مزرعة بمكة بجوار مزرعة لمعاوية، وكان عمال معاوية يدخلونها، فكتب ابن الزبير إلى معاوية خطابًا كتب فيه: من عبد الله بن الزبير ابن ذات النطاقين وابن حواري الرسول صلى الله عليه وسلم إلى معاوية بن هند بنت آكلة الأكباد، إن عمالك يدخلون مزرعتي، فإن لم تنههم ليكونَنَّ بيني وبينك شأن. والسلام. فلما وصل الخطاب إلى معاوية كتب له خطابًا ذكر فيه: من معاوية بن هند بنت آكلة الأكباد إلى ابن الزبير ابن ذات النطاقين وابن حواري الرسول صلى الله عليه وسلم، لو كانت الدنيا لي فسألتها لأعطيتكها، ولكن إذا وصلك خطابي هذا فضُم مزرعتي إلى مزرعتك، وعمالي إلى عمالك، فهي لك. والسلام. فلما قرأها بلَّها بالدموع، وركب من مكة إلى معاوية في الشام، وقبَّل رأسه، وقال له: لا أعدمك الله عقلاً أنزلك هذه المنزلة؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا نعلم لهذه القصة أصلاً ـ فيما اطلعنا عليه ـ وعوماً، فإن معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنه ـ قد اشتهر بحلمه وأناته وحسن سيرته، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وكان معاوية من أحلم الناس.
وقال: وفضائل معاوية في حسن السيرة والعدل والإحسان كثيرة.
ولمزيد من الفائدة على فضائل معاوية، راجع في الفتويين رقم: 62933، ورقم: 3845.
والله أعلم.
جواب آخر
تنتشر في مواقع النت والصحف المحلية قصص بعد عرضها على ميزان البحث العلمي الدقيق لا تجدها ثابتة من جهة السند إن وجد لها سند، وحتى من جهة متنها لا تخلو من ركاكة في السياق، بل جملة من التناقضات، وللأسف تجد رواجا سريعا بمجرد نشرها بحسن نية لما قد يوجد فيها من معانٍ سامية، وأخلاق رفيعة بمقابل ما فيها من دس للسم في العسل ! .
ومن آخر ذلك قصة نشرها كاتب في صحيفة محلية واسعة الانتشار تتحدث عن قصة بين الصحابيين الجليليين معاوية بن أبي سفيان وعبدالله بن الزبير رضي الله عنهما ليستنبط منها جملة من الفوائد لا شك أنها موجودة في سياقها ولكن كما قيل: ثبّت العرش ثم انقش.
تقول القصة: كان لعبدالله بن الزبيـر مزرعة في المدينة مجاورة لمزرعة يملكها معاويـة بن أبي سفيان خليفة المسلمين في دمشق (رضى الله عنهما).. وفي ذات يوم دخل عمال مزرعة معاوية إلى مزرعة ابن الزبيـر.. وقد تكرر منهم ذلك في أيام سابقة.. فغضب ابن الزبيـر وكتب لمعاوية في دمشق، وقد كان بينهما عداوة، قائلا في كتابه: من عبدالله ابن الزبيـر إلى معاوية ابن هند آكلة الأكباد، أما بعد.. فإن عمالك دخلوا إلى مزرعتي فمرهم بالخروج منها أو فوالذي لا إله إلا هو ليكونن لي معك شأن.. فوصلت الرسالة لمعاوية وكان من أحلم الناس، فقـرأها ثم قال لابنه يزيد ما رأيك في ابن الزبيـر أرسل إلي يهددني.. فقال له ابنه يزيد أرسل له جيشا أوله عنده وآخره عندك يأتيك برأسه.. فقال له معاوية: بل خيـر من ذلك.. فكتب رسالة إلى عبدالله بن الزبيـر يقول فيها: من معاوية بن أبي سفيان إلى عبدالله بن الزبيـر (ابن أسماء ذات النطاقين)، أما بعد .. فوالله لو كانت الدنيا بيني وبينك لسلمتها إليك، ولو كانت مزرعتي من المدينة إلى دمشق لدفعتها إليك.. فإذا وصلك كتابي هذا فخذ مزرعتي إلى مزرعتك وعمالي إلى عمالك.. فإن جنة الله عرضها السموات والأرض.فلما قرأ ابن الزبيـر الرسالة بكى حتى بل لحيته بالدموع.. وسافر إلى معاوية في دمشق وقبل رأسه وقال له: لا أعدمك الله حلما أحلك في قريش هذا المحل.
وأقف معها في النقاط التالية:
أولا: القصةُ لا أصل لها في كتب الحديث أو السير أو التاريخ بمعنى لا يوجد لها إسناد معتبر، فينبغي على المسلم الحذر من الاغترار بمثلها من القصص، فانتشارها في المنتديات والمواقع للإلكترونية ليس دليلا على صحتها.
ثانيا: القصة فيها تعيير الزبير بن العوام لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم بأمه هند بنت عتبة رضي الله عنها بـ"آكلة الأكباد"، وهذا ليس خلق الصحابة فيما بينهم وهم الذين تربوا في مدرسة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فكيف يعيره بأمه وقد قال أبو ذر رضي الله عنه لبلال: يا ابن السوداء، فكان ردّ النبي صلى الله عليه وسلم: أعيرته بأمه، إنك امرؤ فيك جاهلية (متفق عليه) .
ثالثا: لفظة "آكلة الأكباد" غمزٌ ولمزٌ واضح لمعاوية رضي الله عنه من الحاقدين عليه، ومحاولة يائسة بائسة في إسقاط كل سابقة له في الإسلام بل وجدت في "تويتر" من يعير أهل السنة بها، وللتأكد بإمكان القارىء الكريم الدخول على "تويتر" ووضع العبارة لتخرج لها النتائج.
رابعا: رمي هند بنت عتبة رضي الله عنهما بـ"آكلة الأكباد" فيه إلصاق نسبة أمر قتل وحشي لحمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنهما، وأكلها لكبده في معركة أحد، وهي بريئة منها، بل روى وحشي نفسه كما في صحيح البخاري (4072) "كتاب المغازي – باب قتل حمزة بن عبدالمطلب" أن من أمره بقتل حمزة مولاه جبير بن مطعم قبل إسلامهما في مقابل أن يكون حرا.
وأجزم أن هذه الفرية على هند بنت عتبة رضي الله عنها راجت على الناس بسبب فلم "الرسالة".
ختاما: نخلص إلى عدم ثبوت القصة، وواضح في سياقها النيل من معاوية رضي الله عنه وأمه هند بنت عتبة رضي الله عنها، فلا يلتفت إليها.
عبدالله بن محمد زقيل
لفظة ابن آكلة الأكباد
قال الطبراني في المعجم الكبير : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ح وحدثنا عبد الرحمن بن سلم الرازي ، قالا : حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي ، حدثنا علي بن عابس ، عن بدر بن الخليل أبي الخليل ، عن أبي كبير ، قال : كنت جالسا عند الحسن بن علي رضي الله تعالى عنه ، فجاءه رجل ، فقال : لقد سب عند معاوية عليا رضي الله تعالى عنهما سبا قبيحا رجل يقال له : معاوية ، يعني ابن حديج ، تعرفه ؟ قال : نعم ، قال : إذا رأيته فائتني به ، قال : فرآه عند دار عمرو بن حريث ، فأراه إياه ، قال : أنت معاوية بن حديج ؟ فسكت فلم يجبه ثلاثا ، ثم قال : " أنت السباب عليا عند ابن آكلة الأكباد ، أما لئن وردت عليه الحوض ، وما أراك ترده ، لتجدنه مشمرا حاسرا ذراعيه يذود الكفار والمنافقين عن حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما تذاد غريبة الإبل عن صاحبها ، قول الصادق المصدوق أبي القاسم صلى الله عليه وسلم ".
قال الهيثمي في مجمع الزوائد :وعن أبي كثير قال : كنت جالسا عند الحسن بن علي فجاءه رجل فقال : لقد سب عند معاوية عليا سبا قبيحا رجل يقال له : معاوية بن حديج فلم يعرفه قال : إذا رأيته فائتني به . قال : فرآه عند دار عمرو بن حريث فأراه إياه قال : أنت معاوية بن حديج ؟ فسكت فلم يجبه ثلاثا ثم قال : أنت الساب عليا عند ابن آكلة الأكباد ؟ أما لئن وردت عليه الحوض - وما أراك ترده - لتجدنه مشمرا حاسرا عن ذراعيه يذود الكفار والمنافقين عن حوض رسول الله صلى الله عليه و سلم قول الصادق المصدوق محمد صلى الله عليه و سلم وفي رواية : عن علي بن أبي طلحة مولى بني أمية قال : حج معاوية بن أبي سفيان وحج معه معاوية بن حديج - وكان من أسب الناس لعلي بن أبي طالب - فمر في المدينة في مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم والحسن بن علي جالس - فذكر نحوه إلا أنه زاد : { وقد خاب من افترى }
رواه الطبراني بإسنادين في أحدهما علي بن أبي طلحة مولى بني أمية ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات والآخر ضعيف
أخبرنا محمد بن إسما عيل بن أبي فديك المديني عن بن أبي ذئب أن أمامة بنت أبي العاص قالت للمغيرة بن نوفل بن الحارث إن معاوية قد خطبني فقال لها تزوجين بن آكلة الأكباد فلو جعلت ذلك إلي قالت نعم قال قد تزوجتك قال بن أبي ذئب فجاز نكاحه.