آخر تحديث للموقع :

الجمعة 14 ربيع الأول 1445هـ الموافق:29 سبتمبر 2023م 09:09:39 بتوقيت مكة

جديد الموقع

يطلع عليكم من هذا الفجّ رجل يموت على غيرِ ملّتي ... فطلع معاوِية، فقال النبِي صلى الله عليه وآله وسلم: هو هذا ..

يطلع عليكم من هذا الفجّ رجل يموت على غيرِ ملّتي. فطلع معاوِية، فقال النبِي صلى الله عليه وآله وسلم: هو هذا

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّازِقِ بْنُ هَمَّامٍ ثقة حافظ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ بن راشد ثقة ثبت فاضل، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ ثقة، عَنْ أَبِيهِ "طاوس بن كيسانثقة إمام فاضل، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه، قَالَ : ( كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (( يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ رَجُلٌ يَمُوتُ عَلَى غَيْرِ مِلَّتِي ))؛ قَالَ: وَكُنْتُ تَرَكْتُ أَبِي قَدْ وُضِعَ لَهُ وَضُوءٌ، فَكُنْتُ كَحَابِسِ الْبَوْلِ مَخَافَةَ أَنْ يَجِيءَ؛ قَالَ : فَطَلَعَ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( هُوَ هَذَا))  )؛ رواه البلاذري في "أنساب العرب" ج1/ص: 126/ر:1518؛ بإسناد صحيح، على شرط مسلم؛ بتحقيق الحافظ الغماري في "الجؤنة" ج2/ص: 154/ر:427.

أقول وقبل النظر في علة السند، أقول أن هذا الحديث لا يصح متنا!، لأنه يخالف عظمة وسمو أخلاق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، المثبتة بأصدق الحديث وأعني كتاب الله، قبل السنة المشرفة.

فهو صلى الله عليه وآله وسلم، مبشر بالخير ومنذر من عذاب الوعيد، وليس فضاح البتة!!!.

عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال :( يـا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسـانِهِ وَلَم يُؤمِنْ بِقَلبِهِ لا تَغتـابُوا المُسلِمِينَ وِلا تَتَبِّعُوا عَوراتَهُم فَإِنَّ مَنْ تَتَبَّعَ عَورةَ أَخِيهِ يَتَتَبَّعُ اللهُ عَورَتَهُ حَتّى يَفْضَحَهُ فِي جَوفِ بَيتِهِ ) ، رواه أبو داود في "سننه" ج2/ص:686/ر:4880، بإسناد حسن صحيح، بتحقيق الألباني في "صحيح أبي داود" ر:4880، ورواه الإمام أحمد في "مسنده" ج5/ص: 579/ر:19277، بإسناد حسن، صحيح لغيره؛ بتحقيق شعيب الأرنئوط في "المسند" ج5/ص: 279؛ ورواه السيوطي في "الجامع الصغير" ر:4249، بإسناد حسن صحيح، بتحقيق الألباني في "صحيح الجامع" ر:7984، ورواه الهيثمي في "مجمع الزوائد" ج8/ص: 7/ر:13141، وقالرجاله رجال الصحيح غير ميمون بن عجلان وهو ثقة‏ ؛ وخلاصة حكمهحسن صحيح .

هذه توجيهه صلى الله عليه وآله وسلم لمن حدث أسلامه وضغف إيمانه، فكيف يكون سلوكه صلى الله عليه وآله وسلم، وهو صاحب الخلق العظيم{ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } القلم : 4، المرسل رحمة للعالمين!: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء : 107.

ألم يخفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أسماء المنافقين عن الصحابة الكرام، رضوان الله عليهم أجمعين، وأسر بها لمعاذ بن جبل رضي الله عنه، وأمره أن لا يفضحها، أو يفصح عنهم لأحد من بعده؟.
ألم يدافع عن مالك بن الدخيشن رغم مجاهرته بالنفاق؛ وقال فيه(  (( أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ ))؛ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَيَقُولُ ذَلِكَ وَمَا هُوَ فِي قَلْبِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( لَا يَشْهَدُ أَحَدٌ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَتَطْعَمَهُ النَّارُ، أَوْ تَمَسَّهُ النَّارُ ))  )؛ رواه الشيخان: البخاري في "صحيحة" ج1/ص: 146/ر:415؛ ومسلم في "صحيحة" ج5/ص: 162/ر:1495؛ ورواه الإمام أحمد في "مسنده" ج6/ص: 628/ر:23258، بإسناد صحيح، على شرط الشيخين؛ وحكمهمتفق عليه .

هذا إن كان معاوية رضي الله عنه، من المنافقين الفساق!، فكيف إن علمنا أنه ممن وجبت له المغفرة والرحمة والجنة، وفق بشارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فيما صح عند البخاري، برواية أم حرام، وذلك لأنه أول ما عزى في البحر، وأول من غزى وحاصر مدينة قيصر القسطنطينية.
ومن منا لا يشهد بعدالة الخليفة الراشدي السادس عمر بن العزيز رضي الله عنه، فقد سئل عن سبقه بالفضل على معاوية!، فيما صح سنده في "السنة" عند الخلال وغيره، بمتون وروايات عدة، ألحنها في القلب، قوله لسائله( ويحك أتشبهني لصحابي صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكتب وحيه، وجاهد معه؛ والذي نفسي بيده، لغبرة دخلت أنف فرس معاوية، خير مني )؛ أو كما قال رضي الله عنه

أما من ناحية علة السند:
فهذا الحديث تفرد به البلاذري، ولم يرد في كتب الصحاح الستة؛ أو باقي الصحاح التسعة؛ أو حتى عند من تعهد الصحيح واستدركه من الحفاظ!.

ورواه عبد الرزاق الصنعاني في غير مصنفه، وخرجه له إسحاق بن ابراهيم الدبري، وهذا الأخير روى عنه عندما غير حفظه وحافظته وعمي في آخره واتهم بالتشيع!، وفق تصريح ابن الكيال في "الكواكب النيرات" ج1/ص: 49/ت:34.

وقد أكد ذلك قول ابن عدي الجرجاني: ( قال إسحاق بن إبراهيم بن عباد أبو يعقوب الدبري الصنعاني استصغرني عبد الرزاق، أحضره أبوه عنده وهو صغير جداً فكان يقول: قرأنا على عبد الرزاق أي قرأ غيره وحضر صغيراً وحدث عنه بحديث منكر )؛ ورد في "الكامل" لابن عدي ج1/ص: 344/ت:177؛ وفي "السير" للذهبي ج13/ص: 417

ووثق ذلك نقل ابن رجب في "شرح علل الترمذي"، عن إبراهيم الحربي، قال( مات عبد الرزاق وللدبري ست سنين أو سبع سنين )؛ ورد في "علل الترمذي"لابن رجب ج2/ص: 581.

وقد استنكر الحفاظ والنقاد على الصنعاني هذه المفاريد التي تفرد بها، دون غيره ورويت خارج مصنفه في الفضائل والمثالب.

فهذا إمام المتقدمين بالجرح والتعديل، ابن معين يقول برواية: أبو بكر البرقاني قال: قرئ على أحمد بن جعفر بن حمدان وأنا اسمع حدثكم عبد الله بن أحمد بن حنبل قال(  قال يحيى بن معين قال لي عبد الرزاق اكتب عني ولو حديثا واحدا من غير كتاب، فقلتلا ولا حرف )؛ ورد في "أخلاق الراوي" للخطيب ج2/ص: 11/ر:1029.

وسأل أبا الحسن الدارقطني عنه أي: عبد الرزاق، فقال ( ثقة يخطئ على معمر في أحاديث لم تكن في الكتاب )؛ أخبرنا أبو بكر الشحامي أنا أحمد بن عبد الملك أنا علي بن محمد وعبد الرحمن بن محمد قالا نا محمد بن يعقوب نا عباس بن محمد قال سمعت يحيى بن معين يقول( قال لي أبو جعفر السويدي جاءوا إلى عبد الرزاق بأحاديث كتبوها ليست من حديثه! )؛ ورد في "تاريخ دمشق" لابن عساكر ج36/ص: 182، وفي "سير الأعلام" للذهبي ج9/ص: 568، وفي "الجرح والتعديل" للرزاي ج6/ص: 39.

وقول ابن معين هنا يشير أن له أحاديث مثل هذا الحديث قد يكون من وضع الرافضة بالمتن وتركيب السند!.

فقد قال الإمام الحافظ ابن تيمية في هذا الحديث(هذا الحديث من الكذب الموضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث، ولا يوجد في شيء من دواوين الحديث التي يرجع إليها في معرفة الحديث )؛ ورد في "منهاج السن’" لابن تيمية ج4/ص: 444.

عن عبد الرزاق قال( قال لي وكيع: أنت رجل عندك حديث وحفظك ليس بذاك، فإذا سئلت عن حديث فلا تقل ليس هو عندي ولكن قل لا أحفظه )؛ ورد في "سير الأعلام" للذهبي ج9/ص: 567؛ وفي "الكفاية" للخطيب ج1/ص: 232

يقول ابن عدي الجرجاني( ولعبد الرزاق بن همام أصناف وحديث كثير، وقد رحل اليه ثقات المسلمين وأئمتهم، وكتبوا عنه ولم يروا بحديثه بأسا، إلا أنهم نسبوه إلى التشيع، وقد روى أحاديث في الفضائل مما لا يوافقه عليها أحد من الثقات، فهذا أعظم ما رموه به من روايته لهذه الأحاديث ولما رواه في مثالب غيرهم، مما لم أذكره في كتابي هذا، وأما في باب الصدق فأرجو أنه لا بأس به، إلا أنه قد سبق منه أحاديث في فضائل أهل البيت ومثالب آخرين مناكير )؛ ورد في "الكامل في الضعفاء" لابن عدي ج5/ص: 315/ت:1948؛ وورد في "تهذيب الكمال" للمزي ج18/ص: 61

وقال فيه شيخ النقاد والحافظ الأكبر ابن حجر العسقلاني( ثقة حافظ مصنف شهير عمي في آخر عمره فتغير وكان يتشيع، وومرة: أحد الحفاظ الأثبات صاحب التصانيف وثقه الأئمة كلهم إلا العباس بن عبد العظيم العنبري وحده فتكلم بكلام أفرط فيه ولم يوافقه عليه أحد )؛ ورد في "فتح الباري" لابن حجر ج1/ص: 418.

وقال ابن رجب( وقد ذكر غير واحد أن عبد الرزاق حدث بأحاديث مناكير في فضل علي وأهل البيت فلعل تلك الأحاديث مما لقنها بعد أن عمي كما قال الإمام أحمد والله أعلم وبعضها مما رواه عنه الضعفاء ولا يصح) ؛ ورد في "علل الترمذي" لابن رجب ج2/ص: 580.

يقول النسائي( عبد الرزاق بن همام من لم يكتب عنه من كتاب ففيه نظر ومن كتب عنه بأخرة جاء عنه باحاديث مناكير )؛ ورد في "تاريخ دمشق" ج36/ص: 181.

خلاصة القول
نقول أن هذا الحديث من الآلئ المصنوعة بالسند والمتن، ومن وضع الوضعين الرافضة.

فإن نسب حقا للصنعاني عبد الرزاق صاحب المصنف الشهير، فإنه أولا لم يرد في مصنفه، ولم يرد في مصنفات تخريج الصحيح، أو إستدراكه، بل أنه لم يرد إلا في "الأنساب" وذكره الطبراني بلفظ قريب في معجمه الكبير.

وإن ثبت أنه من تخريج الصنعاني فقد خرجه عندما كبر واحتلف حفظه وعمي وتشيع

ولم يصححه إلا ابن الصديق الغماري، إلا أن الغماري، عمي عن الحق بهذا المجال، من شدة محبته لأهل البيت ربما لأنه منسوب إليهم، فغالا بالعداء لمن اشتبه أنه من الناصبة بعداءه لبني أمية.

وتصحيح الغماري كان على سنده المعلول موطن بحثنا، إن تجاهلنا أنه مصنوع على الصنعاني وليس من سنده حتى.

ولا يقبل منه هذا التحقيق لأن مبعثه الهوى لا الحق للأسف، ولكن لكل جواد كبوة فالغماري عالم في الحديث، أصابه شيء من فحوا قوله تعالى{ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } الجاثية : 23.

أي أن هواه في هذا الأمر غلب على عدالته وأمانته العلمية.

فأهل العلم يقولون ما لهم وما عليهم، ولا يركنون إلى هواهم

وصدق شيخ الإمام الشافعي "وكيع بن الجراح" رحمه الله تعالى، حين قال( أهل العلم يكتبون مالهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا مالهم )، رواه الدار قطني في "سننه" ج1/ص: 26، بإسناد صحيح 

عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ( حُبُّكَ الشَّيْءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ )؛ ورواه أبو داود في "سننه" ج2/ص: 755/ر:5130؛ ورواه الإمام أحمد في "مسنده" ج6/ص: 250/ر:21186، وقال شعيب الأرنئوط بتحقيقه في "المسند" ج5/ص: 194، في حكمهصحيح موقوفا؛ ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ج1/ص: 516/ر:49؛ ورواه السخاوي في "المقاصد الحسنة" ج1/ص: 549/ر:1002، بإسناد حسن؛ يتحقيق الزرقاني في "مختصر المقاصد" ج1/ص:356؛ ورواه القضاعي في "مسند الشهاب" ج1/ص: 157/ر:151، بإسناد حسن؛ بتحقيق السفاريني في "شرح الشهاب" ج1/ص:305؛ وحسنه ابن حجر في "تخريج المصابيح" ج4/ص: 406؛ وحسنه السيوطي في "الجامع الصغير" ر:3674؛ وحسنه النجم الغزي في "إتقان ما يحسن" ج1/ص: 219؛ وصححه أحمد شاكر في "عمدة التفسير" ج1/ص: 137؛ وحكمه:حسن 

فمهما بلغت منزلة الحافظ الغماري العلمية والدينية، وحتى لو كان من أهل البيت بالنسب، فلا يحق له أن ينقد صحابي جليل تحت أي عنوان، إلا بالبرهان القاطع، فعدالة الصحابة قطعية الثبوت، والطعن بعدالتهم ظن لا قطع به فإما يقال بهم الخير أو يلوذ بالصمت، لذا يقول الله تعالى{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ } الحجرات : 12.
 
ملحق بما قبل:
من ناحية أخرى فقد قوى الغماري، سند البلاذري بالمتن(( يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ رَجُلٌ يَمُوتُ عَلَى غَيْرِ مِلَّتِي ))؛ بأن أصله في "مسند أحمد"!.

حيث قال رحمه الله تعالى( رواه أحمد في "مسنده"، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال(( يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ رَجُلٌ يَمُوتُ يوم يموت عَلَى غَيْرِ مِلَّتِي )) ؛ قال: وكنت تركت أبي يلبس ليخرج، فخفت أن يطلع، فطلع فلان؛ هكذا ستر أحمد في المسند، على عادته؛ لكن البلاذري صرح به فطلع معاوية؛ ورواه أي: البلاذري من طرق كلها رجالها رجال البخاري ومسلم، وقد ذكرتها في "جؤنة العطار" )؛ ورد في "الجواب المفيد" للغماري ج1/ص: 57و58

نلاحظ من هذا الكلام محاولة للحافظ الغماري لتقوية إسناد البلاذري الشرطي، ببيان أن مصدر الرواية هو "مسند أحمد"، إلا أن المفاجأة أن هذه الروايةليست موجودة في "المسند"! .

وما نسب لرواية الإمام أحمد، هو:
حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ : ( كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ ذَهَبَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَلْبَسُ ثِيَابَهُ لِيَلْحَقَنِي، فَقَالَ وَنَحْنُ عِنْدَهُ: (( لَيَدْخُلَنَّ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ لَعِينٌ ))، فَوَاللَّهِ مَا زِلْتُ وَجِلًا، أَتَشَوَّفُ دَاخِلًا وَخَارِجًا، حَتَّى دَخَلَ فُلَانٌ، يَعْنِي الْحَكَمَ برواية البزار: الحكم بن أبي العاص )؛ رواه الإمام أحمد في "مسنده" ج2/ص: 347/ر:6484، بإسناد صحيح، على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عثمان بن حكيم فمن رجال مسلم ؛ بتحقيق شعيب الأرنئوط في "المسند" ج2/ص: 92؛ ورواه البزار في "مسنده البحر الزخار" ج6/ص: 344/ر:2352؛ ورواه الهيثمي في "مجمع الزوائد" ج1/ص: 307/ر:431، وقالرواه أحمد ورجاله رجال الصحيح؛ وحكمهصحيح .

فالأمر مركب ركب معاوية مكان الحكم فمن هو الحكم؟.

يقول الحافظ الذهبي( الحكم بن أبي العاص: ابن أمية الأموي، ابن عم أبي سفيان، يكنى أبا مروان، من مسلمة الفتح، وله أدنى نصيب من الصحبة. قيل: نفاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، لكونه حكاه في مشيته وفي بعض حركاته، فسبه وطرده، فنزل بوادي وج. ونقم جماعة على أمير المؤمنين عثمان كونه عطف على عمه الحكم، وآواه وأقدمه المدينة، ووصله بمئة ألف؛ ويروى في سبه أحاديث لم تصح!؛ وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مالي أريت بني الحكم ينزون على منبري نزو القردة ! رواه العلاء بن عبدالرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة،وفي الباب أحاديث؛ قال الشعبي: سمعت ابن الزبير يقول: ورب هذه الكعبة، إن الحكم ابن أبي العاص وولده ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم؛ وقد كان للحكم عشرون ابنا وثمانية بنات. وقيل: كان يفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبعده لذلك )؛ ورد في "السير" للذهبي ج2/ص: 107.
فإن افترضنا أن ما ذكره الغماري على أنه في "مسند أحمد" كان صحيح، فعندها لا يقوى المعلوم بالمجهول بالسند ففي سند أحمد تغيرت وجهة الحديث بتغير المضمون فالقول فلان أي أن الراوي الصحابي لم يصرح بإسمه!، وليس من أخفاء الإمام أحمد.

وهنا تلوح اللوائح عن منافق يموت على الكفر وليس صحابي جليل كما يحب أن يرجح الغماري غفر الله له.

فالستر كان من الراوي الصحابي وليس من الإمام أحمد، لأنها كانت لتسجل عليه واحدة على أنه مدلس!، وهنا المفضل عند الإمام أحمد ترك الرواية على التدليس في المتن، إضافة أن مصدر الحديث في السنة، كان حاكم الحديث الإمام أحمد فقد كان يحفظ ألف ألف حديث، وفق تصريح الحافظ أبو زرعة الرازي، ولم يصرح بفلان فمن أي مصدر أخذ البلاذري هذا التصريح؟!.

وناحية أخرى فإن الرواية المعضدة التي اعتمدها الغماري توجد في عدة ورايات في "المعجم الكبير" للطبراني وليست في "مسند أحمد"!.

1) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم(  (( ليطلعن رجل عليكم يبعث يوم القيامة على غير سنتي أو غير ملتي ))؛ وكنت تركت أبي في المنزل فخفت أن يكون هو فطلع غيره فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( هو هذا )) )؛ رواه الهيثمي في "مجمع الزوائد" ج1/ص: 307/ر:432، وقالرواه كله الطبراني وفيه محمد بن إسحاق بن راهويه وحديثه مستقيم وفيه ضعف غير مبين وبقية رجاله رجال الصحيح، إلا أن فيه رجلا لم يسم .

2) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (  (( يطلع عليكم رجل من هذا الفج من أهل النار ))؛ وكنت تركت أبي يتوضأ، فخشيت أن يكون هو!، فاطلع غيره فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (( هو هذا )) ) رواه الهيثمي في "مجمع الزوائد" ج1/ص: 307/ر:433، وقالرجاله رجال الصحيح .

3) وعن ابن الزبير قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم(  (( أول من يطلع من هذا الباب من أهل النار ))؛ فطلع فلان )؛ رواه الهيثمي في "مجمع الزوائد" ج1/ص: 307/ر:434، وقالرواه الطبراني في الكبير وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف .
ونلاحظ حتى أن الطبراني لم يصرح باسم الرجل!.


يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت على غير ملتي

دراسة مستفيضة للحديث.

قال البلاذري في « أنساب الأشراف » (126) بكر بن الهيثم قالا حدثنا عبدالرزاق بن همام أنبأنا معمر عن ابن طاووس عن أبيه بن كيسان عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : كنت جالساً عند رسول الله ? فقال : « يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت على غير ملتي » قال : وكنت تركت أبي قد وضع له وضوء فكنت كحابس البول مخافة أن يجيء. قال : فطلع معاوية، فقال النبي ? : « هذا هو ».
ورواه الطبراني بمعناه وليس فيه التصريح بمعاوية رضي الله عنه.
قال الهيثمي في « المجمع » (5/243) : « رواه كله الطبراني وحديثه مستقيم وفيه ضعف غير مبين وبقية رجاله رجال الصحيح ».

وهذا الحديث أعله الإمام أحمد بلفظ « يطلع عليكم رجل من أهل النار » وهو بمعنى الحديث الأول في « المنتخب من العلل » قال الخلال (228).
«
سألت احمد عن حديث شريك عن ليث عن طاوس عن عبدالله بن عمرو قال : قال رسول الله ? : « يطلع عليكم رجل من أهل النار » فطلع معاوية.
قال : إنما ابن طاوس عن أبيه عن عبدالله بن عمرو أو غيره شك فيه.
قال الخلال : رواه عبدالرزاق عن معمر عن ابن طاوس، قال : سمعت فرخاش يحدث هذا الحديث عن أبي عن عبدالله بن عمرو.
وأعله البخاري في « التاريخ الأوسط » (71) قال رحمه الله :
ويروى عن معمر عن بن طاوس عن أبيه عن رجل عن عبدالله بن عمرو رفعه في قصته وهذا منقطع لا يعتمد عليه.

وقال شيخ الإسلام في « منهاج السنة » (4/444) : « هذا الحديث من الكذب الموضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث» ا.هـ.
 ثم إن بكراً بن الهيثم شيخ البلاذري لم أجد له ترجمة

وقد تابعه إسحاق وهو إسحاق بن إبراهيم الدبري الصنعاني لا كما زعم المالكي أنه إسحاق بن إسرائيل فإن إسحاق بن إسرائيل وإن كان من شيوخ البلاذري إلا أنه لا يعرف بالرواية عن عبدالرزاق بخلاف إسحاق بن إبراهيم الدبري.

قال ابن عدي في « الكامل » (1/344) : « قال إسحاق بن إبراهيم بن عباد أبو يعقوب الدبري الصنعاني استصغرني عبدالرزاق، أحضره أبوه عنده وهو صغير جداً فكان يقول : قرأنا على عبدالرزاق أي قرأ غيره وحضر صغيراً وحدث عنه بحديث منكر »
 ونقل ابن رجب في « شرح علل الترمذي » (2/581) عن إبراهيم الحربي قال : « مات عبدالرزاق وللدبري ست سنين أو سبع سنين »
 
 أقول وعبدالرزاق الصنعاني : ثقة إمام إلا أنه قد تغير حفظه ورواية المتأخرين عنه دون رواية المتقدمين في الصحة.

والدبري إنما سمع منه بعد ما عمي وتغير حفظه.
وقد روى عبد الرزاق أحاديث منكرة في فضل آل البيت ومثالب معاوية.

قال ابن عدي في « الكامل » (1/344) عنه : « نسبوه للتشيع وروى أحاديث في الفضائل لا يوافق عليها فهذا أعظم ما ذموه به من روايته هذه الأحاديث ولما رواه في مثالب غيرهم مما لم أذكره وأما الصدق فإني أرجو أنه لا بأس به إلا أنه قد سبق منه أحاديث في أهل البيت، ومثالب آخرين مناكير » فنص ابن عدي رحمه الله على أن له أحاديث في الفضائل والمثالب مناكير.

وقال ابن رجب (2/580) : « وقد ذكر غير واحد أن عبدالرزاق حدث بأحاديث مناكير في فضل علي وأهل البيت فلعل تلك الأحاديث مما لقنها بعد أن عمي كما قال الإمام أحمد والله أعلم وبعضها مما رواه عنه الضعفاء ولا يصح ».

وقال الذهبي في « المغني في الضعفاء » (1/69) عن إسحاق بن إبراهيم الدبري : « قال ابن عدي استصغر في عبدالرزاق قلت سمع من عبدالرزاق كتبه وهو ابن سبع سنين أو نحوها وروى عنه أحاديث منكرة فوقع التردد فيها هل هي من قبل الدبري وانفرد به أو هي محفوظة مما انفرد به عبدالرزاق وقد احتج بالدبري جماعة من الحفاظ كأبي عوانة وغيره ».

وقال ابن الصلاح : « وجدت فيما روى الطبراني عن الدبري عنه أحاديث استنكرتها جدًا فأحلت أمرها على ذلك »

متابعات الحديث :

وللحديث متابعة رواها أبو نعيم في « تاريخ أصبهان » (2/77) من طريق الليث عن طاوس عن عبدالله بن عمرو أن النبي ? قال : « يطلع عليكم رجل من يثرب على غير ملتي فظننت أنه أبي وكنت تركته يتهيأ فاطلع فلان ».

والبلاذري في « أنساب الأشراف » (5/134) من طريق شريك عن الليث عن طاوس عن عبدالله بن عمرو بمعناه.

والمتابعة الأولى في سندها ليث بن أبي سليم بن زنيم القرشي مولاهم أبو بكر ويقال أبو بكر الكوفي.
قال عبدالله بن أحمد عن أبيه : مضطرب الحديث ولكن حدث عنه الناس
وقال ابن معين : ضعيف إلا أنه يكتب حديثه، وقال : كان يحيى بن سعيد لا يحدث به، وكان ابن عيينة يضعف ليث بن أبي سليم.
وقال ابن أبي حاتم : سمعت أبي وأبا زرعة يقولان : ليث لا يشتغل به، هو مضطرب الحديث قال : وقال أبو زرعة ليث بن أبي سليم لين الحديث لا تقوم به الحجة عند أهل العلم بالحديث.
وقال ابن عدي : له أحاديث صالحة، وقد روى عنه شعبة والثوري ومع الضعف الذي فيه يكتب حديثه

وقال البرقاني سألت الدارقطني عنه فقال صاحب سنة يخرج حديثه ثم قال إنما انكروا عليه لأنه جمع بين عطاء وطاووس و مجاهد حسب.
وقال ابن سعد : كان رجلاً صالحاً عابداً وكان ضعيفاً في الحديث يقال : كان يسأل عطاء وطاووساً ومجاهداً عن الشيء فيختلفون فيه فيروي أنهم اتفقوا من غير تعمد
وقال ابن حبان : اختلط في آخر عمره فكان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل ويأتي عن الثقات بما ليس من حديثهم تركه القطان وابن مهدي وابن معين وأحمد
وقال الترمذي كما في « العلل الكبير » : قال محمد كان أحمد يقول ليث لا يفرح بحديثه قال محمد وليث صدوق يهم وقال الحاكم أبو أحمد : ليس بالقوي عندهم.
وقال الحاكم أبو عبدالله : مجمع على سوء حفظه.
وقال الجوزجاني : يضعف حديث
 
 والمتابعة الثانية في سندها :
شريك بن عبدالله القاضي سبق الكلام عليه.
وكذلك الليث بن أبي سليم.

وللحديث شواهد :
فرواه نصر بن مزاحم (217) من طريق جعفر بن زياد الأحمر عن ليث عن مجاهد عن عبدالله بن عمر.
ورواه نصر بن مزاحم في كتاب صفين (219) من طريق شريك عن ليث عن طاووس عن عبدالله بن عمر مرفوعا بلفظ « رجل يموت حين يموت على غير سنتي ».
ورواه نصر بن مزاحم (217) من طريق جعفر بن زياد الأحمر عن ليث عن محارب بن دثار عن جابر مرفوعا بلفظ « يموت معاوية على غير ملتي ».

وكل هذه الشواهد من رواية نصر بن مزاحم رافضي متروك الحديث وقد مضى الكلام عليه والليث بن أبي سليم سيء الحفظ وسبق الكلام عليه قريباً.
والشاهد الثاني فيه أيضاً شريك القاضي سيء الحفظ فيما رواه من حفظه بعد توليه القضاء.

عدد مرات القراءة:
16684
إرسال لصديق طباعة
الأربعاء 15 محرم 1445هـ الموافق:2 أغسطس 2023م 01:08:54 بتوقيت مكة
رائد 
ماذا تقول في رجل حارب خليفة المسلمين و امام زمانه
و ماذا تقول في رجل سب احد اصحاب رسول الله ص
و ماذا تقول في رجل كان من المؤلفة قلوبهم
و ماذا تقول في رجل قتل العديد من اصحاب رسول الله ص
و ماذا تقول في رجل جعل من الخلافة ملك قيصرية
بغضكم لرسول الله ص و اهل بيته
يجعلكم تعظمون اعداءهم و تبررون لهم افعالهم و قبيح صفاتهم
جعلتم ممن حارب الله و رسوله صاحبة اجلاء و من اهل الجنة
فاذا كان من المبشرين بالجنة فلماذا لم تذكروه مع العشرة المبشرة
بالجنة كما تزعمون 00
الأحد 27 ذو الحجة 1444هـ الموافق:16 يوليو 2023م 09:07:04 بتوقيت مكة
عبدالله الشهري 
الروافض أخطر على الإسلام من اليهود والنصارى
وضعوا وحرفوا وهاهم في التعليقات يعززون لأجدادهم
السبت 26 ذو الحجة 1444هـ الموافق:15 يوليو 2023م 01:07:18 بتوقيت مكة
عمر 
اذن معاويه كافر و وصلوك وباغي وملعون؟
الأربعاء 9 ذو الحجة 1444هـ الموافق:28 يونيو 2023م 05:06:17 بتوقيت مكة
aziz 
والطرق الاخرى التي تقويه لماذا لا تتكلم عنها
الثلاثاء 10 ذو القعدة 1444هـ الموافق:30 مايو 2023م 03:05:17 بتوقيت مكة
عبد الله 
إلى راشد.
أما أن الحديث صحيح ومتصل السند فلا. فالسند معلول وإن كان ظاهره الصحة.
وقد تم اعلاله وذكر أن هناك رجل في السند يسمى فرخاش.
نعم يمكن الطعن في الأسانيد التي ظاهرها الصحة ببيان علل مثل وجود اضطراب من أحد الرواة أو وجود راوي تم اخفاؤه في سند معين. ولكن على اسس علمية وهذا يسمى بعلم العلل.

أما Achraf فأقول أن حديث (صعلوك لا مال له) ليس مذمة. فالرجل كان فقيرا وهذا ليس ذما له. وحديث (لا اشبع الله بطنك) ليس فيه مذمة دينية.
أما حديث الفئة الباغية فأسلم به. ولكن البغي ليس كفرا. والله تعالى أعلم وأحكم.
الجمعة 16 رمضان 1444هـ الموافق:7 أبريل 2023م 08:04:28 بتوقيت مكة
Achraf 
وحديث صعلوك لا مال له المتواتر وحديث الفئة الباغية التي قتلت عمار وجيش معاوية الذي قتله مارأيك تنكره ايضا وحديث لا اشبع الله بطنه اعندما رفض المجيء لرسول الله يصرف ابن عباس ويقول له بلغه اني آكل
الأربعاء 18 جمادى الآخرة 1444هـ الموافق:11 يناير 2023م 02:01:23 بتوقيت مكة
راشد ق 
المهم أن الحديث صحيح جدا ومتصل السند فإن طعنت فيه فنطعن في كل سند مشابه له
 
اسمك :  
نص التعليق :