طلاسم ذوقية
قال المخالف: (ابن تيمية الصوفي ذوقاً و مشرباً، طَلاسِمْ لا يَفْهَمْهَا حَتَّى أَقْرَب النَاسِ إِلَيْه تَلْمِيذُه اِبْن قَيِّم الجَوْزِيَّة !! فقط لأنه لم يرتق ما ارتقاه شيخه من مقامات التصوّف !! طلاسم ذوقية عجيبة: "ما لي شيء .. ولا مني شيء .. ولا في شيء"
تواضع صُوفي يظن من يقرأه من الوهابية أنه تخريف!! "والله إني إلى الآن أجدد إسلامي كل وقت وما أسلمت بعد إسلاما جيدا").
ثم ساق من كلام ابن القيم في شيخه ابن تيمية ما نصه:
"ولقد شاهدت من شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه من ذلك أمرا لم أشاهده من غيره، وكان يقول كثيرا : ما لي شيء ولا مني شيء ولا في شيء وكان كثيرا ما يتمثل بهذا البيت
أنا المكدي وابن المكدي وهكذا كان أبي وجدي
وكان إذا أُثنيَ عليه في وجهه يقول: والله إني إلى الآن أجدد إسلامي كل وقت وما أسلمت بعد إسلاما جيدا".[1]
ثم قال المخالف بعد ذلك: (ولا ننس قول ابن قيّم الجوزية في حق شيخه : " قَدَّسَ اللهُ سِرَّهُ ". فما هو هذا السر الصوفي الذي لم يعرفه التلميذ ؟! هل هذا السر هو ما يقول عنه الصوفيّة علم الحقيقة ؟!)
رد الشبهة
ترى ما هي الطَلاسِمْ التي لم يَفْهَمْهَا أَقرب النَاسِ إِلَيْه تَلْمِيذُه اِبْن قَيِّم الجَوْزِيَّة !!
وهل عرف المخالف معنى الطلاسم، أم أنه يَهرف بما لا يَعرف، وهذه حقيقته فالرجل متعالم لا يعرف ما ينطق به وهذا منه، حيث جهل معنى الطلاسم.
والطلسم واحد الطلاسم، ومعنى الطلسم عقد لا ينحل، وهو علم باحث عن كيفية تركيب القوى السماوية الفعالة، مع القوى الأرضية المنفعلة في الأزمنة المناسبة للفعل، والتأثير المقصود مع بخورات مقوية جالبة لروحانية الطلسم، ليظهر من تلك الأمور في عالم الكون والفساد افعال غريبة، وهو قريب المأخذ بالنسبة الى السحر لكون مباديه واسبابه معلومة.[2]
وعلم الطلسمات متعلق باستخدام الجن وعبادتهم وتعظيمهم.[3] كما أن له تعلق بالسحر، قال القنوجي: "السحر لا يحتاج الساحر فيه إلى معين، وصاحب الطلسمات يستعين بروحانيات الكواكب وأسرار الأعداد وخواص الموجودات، وأوضاع الفلك المؤثرة في عالم العناصر كما يقوله المنجمون. ويقولون: السحر اتحاد روح بروح، والطلسم اتحاد روح بجسم، ومعناه عندهم ربط الطبائع العلوية السماوية بالطبائع السفلية، والطبائع العلوية هي روحانيات الكواكب، ولذلك يستعين صاحبه في غالب الأمر بالنجامة".[4]
وقال أيضا: "واما الشريعة فلم تفرق بين السحر والطلسمات، وجعلتهما بابا واحدا محظورا، لأن الأفعال إنما أباح لنا الشارع منها ما يهمنا في ديننا، الذي فيه صلاح آخرتنا أو في معاشنا الذي فيه صلاح دنيانا، وما لا يهمنا في شيء منهما، فإن كان فيه ضرر ونوع ضرر، كالسحر الحاصل ضرره بالوقوع، يلحق به الطلسمات لأن اثرهما واحد، وكالنجامة التي فيها نوع ضرر باعتقاد التأثير، فتفسد العقيدة الإيمانية برد الأمور إلى غير الله تعالى".[5]
فهل ما قاله ابن تيمية رحمه الله طلاسم كما زعم المتعالم المخالف، أم هو منتهى التواضع والسكون والخشوع والرضى لله عزوجل.
[1]) مدارج السالكين (1/ 524).
[2]) كشف الظنون (2/ 1114).
[3]) انظر مجموع الفتاوى (19/ 13)، والجواب الصحيح (6/ 14)، وآكام المرجان (ص 150).
[4]) أبجد العلوم (2/ 325).
[5]) أبجد العلوم (2/ 327).