آخر تحديث للموقع :

الأحد 9 ربيع الأول 1445هـ الموافق:24 سبتمبر 2023م 12:09:03 بتوقيت مكة

جديد الموقع

ذكر بعض الآيات التي زعم الشيعة الإثنا عشرية أنها نزلت في معاوية ..
الكاتب : عبدالقادر صوفي ..

ذكر بعض الآيات التي زعم الشيعة الإثنا عشرية أنها نزلت في معاوية

يزعم الشيعة أن آيات عديدة نزلت في معاوية ترشد إلى كفره ونفاقه، وهذه الآيات التي زعموا أنها نزلت فيه إنما نزلت في الكفار والمشركين من أهل الكتاب وغيرهم، ومن هذه الآيات:
أولاً: قوله تعالى: ((وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمْ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ)) [الأنعام:93]. فقد ذكر القمي وغيره أنها نزلت في معاوية رضي الله عنه([1])، ولا يصح ما زعموه من أنها نزلت في معاوية؛ لأن الآية عامة في كل ظالم يعدل بربه الآلهة والأنداد، وينكر أن يكون الله أنزل الكتب أو أرسل الرسل، ويفتري على الله الكذب،ويزعم أن الله أوحى إليه، بينما سبحانه لم يوح شيئاً، ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله..([2]).

ولم يقل أحد أنها نزلت في معاوية رضي الله عنه.

ثانياً: قوله تعالى: ((وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ)) [الأنفال:58].

قال القمي: نزلت في معاوية لما خان أمير المؤمنين (ع)([3]).

ولا يصح زعمه هذا: فعلى أي شيء ائتمن علي معاوية فخانه، أو أي عهد كان بينهما فنقضه.

وليس معنى هذه الآية كما زعم القمي، وإنما هي إرشاد من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم أنه إذا عاهد قوماً، ثم خشي منهم نقضاً لهذا العهد وأراد أن ينقض هو عهدهم أن يعلمهم أنه لا عهد بينه وبينهم، حتى يستوي علمه وعلمهم في ذلك([4]).

وروى أبو داود والترمذي، وأحمد بأسانيدهم، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح -أنه كان بين معاوية وبين أهل الروم عهد، وكان يسير في بلادهم، حتى إذا انقضى العهد أغار عليهم، فإذا رجل على دابة أو على فرس وهو يقول: الله أكبر وفاء لا غدر. وإذا هو عمرو بن عبسة([4715)، فسأله معاوية عن ذلك، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كان بينه وبين قوم عهد، فلا يحلن عهده ولا يشدنه حتى يمضي أمده، أو ينبذ إليهم على سواء، قال: فرجع معاوية بالناس([6]).

وهذا الحديث يؤيد تفسير الآية المذكورة آنفاً، من حيث كون الآية عامة، وليست خاصة كما زعم الشيعة.

وما ورد في هذه القصة يدل على فضل معاوية، ورجوعه إلى الحق إذا سمعه؛ بدليل تركه غزو الروم الذين لم ينبذ إليهم عهدهم بمجرد سماعه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عن ذلك.

ثالثاً: قوله تعالى: ((قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً)) [الكهف:103إلى قوله تعالى: ((ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً)) [الكهف:106].

قال الإربلي: نزلت هذه الآيات في معاوية وعمرو بن العاص([7]).

وهذه الآيات عامة -لا كما زعم الإربلي في تخصيصها- وهي تشمل كل من عبد الله على غير طريقة مرضيّة يحسب أنه مصيب فيها وأن عمله مقبول، بينما الواقع أنه مخطئ وعمله مردود، كما قال تعالى: ((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً)) [الغاشية:2-4]، وقال: ((وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً)) [الفرقان:23]، وقال: ((وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً)) [النور:39]، وغير ذلك من الآيات([8]).

وقد روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال عن المعنيين في هذه الآية: (هم الرهبان الذين حبسوا أنفسهم في الصوامع)([9])، وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنهم اليهود والنصارى([10]).
رابعاً: قوله تعالى: ((وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ)) [الحاقة:25] إلى قوله تعالى: ((لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخَاطِئُونَ)) [الحاقة:37].

قال القمي وغيره: نزلت في معاوية([11]).

ولا يسلم لهم هذا الزعم؛ لأن هذه الآية عامة في جميع الأشقياء، وفيها يخبر الله تعالى عن حالهم إذا أعطي أحدهم كتابه في العرصات بشماله، فحينئذ يندم غاية الندم، ويقول ما حكى الله تعالى عنه في هذه الآيات([12]).

خامساً: قوله تعالى يحكي عن الجن: ((وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً)) [الجن:10].

أسند القمي إلى جعفر الصادق قوله في تفسير هذه الآية: (لا. بل والله شر أريد بهم حين بايعوا معاوية..)([13]) وهذا التفسير مكذوب على الصادق، وهو أشبه ما يكون بتفاسير الباطنية.

والصحيح في تفسير هذه الآية أنها إخبار من الله تعالى عن حال الجن وقت بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين طُردت الشياطين عن مقاعدها التي تعقد فيها قبل ذلك، وحفظت السماء من سائر أرجائها، فتعجب الجن من ذلك، وقال بعضهم لبعض: إن السماء لم تحرس قط إلا لأحد أمرين: إما لعذاب يريد الله أن ينزله على أهل الأرض بغتة، وإما لهدى يريده الله بهم بأن يبعث منهم رسولاً مرشداً يدلهم على الحق، وعلى هذا إجماع المفسرين، ولم يخالف أحد منهم في ذلك([14]).

سادساً: قوله تعالى: ((فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى * أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى)) [القيامة:31-34].

ذكر الشيعة في سبب نزولها: أن رسول الله صلى الله عليه وآله دعا إلى بيعة علي يوم غدير خم، فلما بلغ الناس وأخبرهم في علي ما أراد الله أن يخبر، رجع الناس، فاتكأ معاوية على المغيرة بن شعبة وأبي موسى الأشعري، ثم أقبل يتمطى نحو أهله، ويقول: ما نقر لـعلي بالخلافة أبداً، ولا نصدق محمداً مقالته فيه.. فأنزل الله هذه الآيات([15]).

ويرد على الشيعة: بأن هذه الآيات، بل السورة كلها مكية([16])، وهي عامة تشمل الكفار جميعاً الذين لم يؤمنوا لا ظاهراً ولا باطناً، ويخبر الله تعالى فيها عن حالهم في دار الدنيا؛ كيف كانوا مكذبين للحق بقلوبهم، ومتولين عن العمل بقالبهم، فلا خير فيهم باطناً ولا ظاهراً.

ثم وصف الله تعالى حالة دخولهم على أهليهم في الدنيا: كيف كانوا يدخلون جذلين، أشرين، بطرين، كسالى، لا همة لهم ولا عمل([17]).

وقد ذكر جمهور المفسرين([18]) أن هذه الآيات نزلت في أبي جهل عمرو بن هشام، وأسند بعضهم إلى ابن عباس وغيره «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد أبي جهل، وقال له: ((أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى)) [القيامة:33-34] فقال أبو جهل: يا محمد! ما تستطيع أنت وربك فيّ شيئاً، إني لأعز من مشى بين جبليها، فلما كان يوم بدر أشرف عليهم، فقال: لا يعبد الله بعد هذا اليوم فضرب الله عنقه، وقتله شر قتلة»([19])، وليست الآية خاصة بـأبي جهل، بل هي عامة في كل كافر كانت تلك حاله.

وزعم الشيعة أنها نزلت في معاوية بسبب تكبره عن قبول بيعة علي من أكذب الكذب، وقد تقدم أن السورة مكية، وبيعة علي -كما يزعم الشيعة - تمت في السنة العاشرة.


([1]) تفسير القمي (1/ 311)، والبرهان للبحراني (1/ 542)، ومقدمة البرهان لأبي الحسن العاملي (ص:203).
([2]) جامع البيان للطبري (7/ 274-275)، وتفسير ابن كثير (2/ 157-158)، وفتح القدير للشوكاني (2/ 140-141).
([3]) تفسير القمي (1/ 279). وانظر البرهان للبحراني (2/ 91).
([4]) جامع البيان للطبري (10/ 26-28)، وتفسير ابن كثير (2/ 320)، وفتح القدير للشوكاني (2/ 319-320).
([5]) ابن خالد بن عامر، أبو نجيح السلمي. صحابي، أسلم قديماً، ومات بحمص. الإصابة لابن حجر (36).
([6]) سنن أبي داود (3/ 190-191)، كتاب الجهاد، باب في الإمام يكون بينه وبين العدو عهد فيسير إليه، وجامع الترمذي (4/ 143)، كتاب السير، باب ما جاء في الغدر، ومسند أحمد (4/ 386)، ورواه أيضاً أبو داود الطيالسي في سنده (ص:157)، وابن أبي شيبة في مصنفه (12/ 459)، وابن حبان في صحيحه (7/ 182)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 231).
([7]) كشف الغمة للإربلي (1/ 263).
([8]) راجع: جامع البيان للطبري (16/ 32-35)، وتفسير ابن كثير (3/ 107)، وفتح القدير للشوكاني (3/ 315-316).
([9]) راجع: جامع البيان للطبري (16/ 32-35)، وتفسير ابن كثير (3/ 107)، وفتح القدير للشوكاني (3/ 315-316).
([10]) صحيح البخاري (6/ 171-172)، كتاب التفسير، باب قوله تعالى: (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً).
([11]) تفسير القمي (2/ 384)، وتفسير الصافي للكاشاني (2/ 739)، والبرهان للبحراني (4/ 379).
([12]) جامع البيان للطبري (29/ 62-64)، وتفسير ابن كثير (4/ 416)،وفتح القدير للشوكاني (5/ 284-285).
([13]) تفسير القمي (2/ 391)، وانظر البرهان للبحراني (4/ 392).
([14]) جامع البيان للطبري (29/ 111)، وتفسير ابن كثير (4/ 429)، وفتح القدير للشوكاني (5/ 309).
([15]) تفسير فرات الكوفي (ص:195)، وتفسير القمي (2/ 397)، وانظر: الصراط المستقيم للبياضي (1/ 314)، والبرهان للبحراني (4/ 409)، ومقدمة البرهان للعاملي (ص:338).
([16) جامع البيان للطبري (29/ 199-201)، وتفسير ابن كثير (4/ 451-452)، وفتح القدير للشوكاني (5/ 341-342).
([17]) جامع البيان للطبري (29/ 199-201)، وتفسير ابن كثير (4/ 451-452)، وفتح القدير للشوكاني (5/ 341-342).
([18]) مثل ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد، وغيرهم.
([19]) جامع البيان للطبري (29/ 199-201)، وتفسير ابن كثير (4/ 451-452)، وفتح القدير للشوكاني (5/ 341-342).

عدد مرات القراءة:
1006
إرسال لصديق طباعة
السبت 1 صفر 1442هـ الموافق:19 سبتمبر 2020م 09:09:32 بتوقيت مكة
انا سني 
والله لستم الا نواصب تقللون من شأن أهل بيت النبوة و تعظمون شأن الأمويين. معاوية فاجر ظالم باغي. و إبنه يزيد أميركم ملعون. هداكم الله تعالى. و إن لم تكونوا لتهتدوا فعليكم من الله ما تستحقون.
 
اسمك :  
نص التعليق :