طعنهم في نسبه، وزعمهم أنه ابن زنا
يطعن الشيعة في نسب معاوية رضي الله عنه، ويزعمون أنه اشترك فيه أربعة رجال هم: أبوه أبو سفيان، والعباس بن عبد المطلب، وعمارة بن الوليد المخزومي، ومسافر بن عمرو وزادوا الصباح -عسيف[1]، لـأبي سفيان -في قول[2]،ويزعمون أن أمه هند بنت عتبة كانت تعرف في مكة بفجور وعهر[3]، وكانت من المغيلمات[4]، وكان أحب الرجال إليها السودان، فكانت إذا ولدت أسود قتلته كي لا يفتضح أمرها[5]. ويزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بايع النساء بعد فتح مكة، وتلا عليهن قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ.. [الممتحنة:12] الآية، قالت هند: أو تزني الحرة؟ فتبسم عمر بن الخطاب لما جرى بينه وبينها في الجاهلية[6]. وليس الأمر قاصراً عند الشيعة على فجور أم معاوية -هند - بل يزعمون أن جدته لأبيه -أم أبي سفيان - كانت من ذوات الرايات المنصوبات للزنا[7] وهذه المزاعم قد نقلها الشيعة من كتاب المثالب لـهشام بن محمد بن السائب الكلبي -كما تقدم ذلك-. وهشام هذا يعده الشيعة منهم -كما تقدم[8] أما عن موقف أهل السنة منه: فإنهم يتبرؤون منه، وينسبه علماء الجرح والتعديل عندهم إلى الكذب، ولا يعتدون بقوله[9]. ومن كان كذلك فحري أن لا يقبل قوله، سيما إذا كان قاله نصرة لمذهبه. ولقد استنكرت هند بنت عتبة أن يقع الزنا من حرة، وذلك حين بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء -وهي معهن- عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ.. [الممتحنة:12]، فقالت: «يا رسول الله! وهل تزني الحرة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لا والله، ما تزني الحرة»[10]. ولقد اعتزت هند بنت عتبة بكونها من الحرائر، وبدا ذلك في وصيتها التي كتبتها إلى ابنها معاوية لما ولي الشام، ومما جاء فيها: ..والله يا بني إنه قل أن تلد حرة مثلك، وإن هذا الرجل -تقصد عمر - قد استنهضك في هذا الأمر، فاعمل بطاعته فيما أحببت وكرهت[11]فـهند كانت من الحرائر، ولم تكن من الزواني -كما زعم الشيعة - ولكن الشيعة -ومنهم هشام الكلبي - لا يعز عليهم أن يطلقوا الاتهامات جزافاً، وهم يروون كل ما هو غريب وعجيب فيما بتعلق بخصومهم، دون مبالاة منهم بمصدر الرواية ولا برجال إسنادها.
[1] أي: أجير. الصحاح للجوهري 4/ 1404. [2] الأغاني للأصفهاني 9/ 50-55، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1/ 336، والطرائف لابن طاوس ص:501، وإحقاق الحق للتستري ص:264، والأنوار النعمانية للجزائري 1/ 66، وعقائد الإمامية للزنجاني 3/ 59-60، وأحاديث أم المؤمنين لمرتضى العسكري 1/ 287، 288،- وقد نقلوا هذا الزعم عن كتاب المثالب لهشام بن محمد الكلبي كما ذكروا ذلك. [3 شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1/ 336. [4] الغُلمة -بالضم-: شهوة الضِراب: الجماع. الصحاح للجوهري 5/ 1997. [5] الطرائف لابن طاوس ص:503، والصراط المستقيم للبياضي 3/ 46، وأحاديث أم المؤمنين للعسكري 1/ 289.- وقد نقلوا هذه المزاعم أيضاً عن كتاب المثالب لهشام الكلبي. [6] مجمع البيان للفضل الطبرسي 5/ 276، وأحاديث أم المؤمنين لمرتضى العسكري 1/ 289،- وأيضاً ذكروا أنهم نقلوها عن كتاب المثالب لهشام الكلبي. [7] الطرائف لابن طاوس ص:501، والصراط المستقيم للبياضي 3/ 46، والدرجات الرفيعة للشيرازي ص:161، -، وأيضاً ذكروا أنهم نقلوا هذه المزاعم عن كتاب المثالب لهشام الكلبي. [8 تقدم ذلك ص:643. [9] تقدم ذلك ص:643. [10] جامع البيان للطبري 28/ 78. وانظر: مسند أحمد 6/ 409، 5/ 85 فقد أخرجه بلفظ مشابه- وانظر أيضاً: تفسير ابن كثير 4/ 354، والبداية والنهاية له 4/ 319. [11] البداية والنهاية لابن كثير 8/ 118.
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video