أن سعد بن أبي وقاص يرجع إلى الدنيا، ويحارب علي بن أبي طالب زمن الرجعة
زعمهم أن سعد بن أبي وقاص يرجع إلى الدنيا، ويحارب علي بن أبي طالب زمن الرجعة؛ فقد أولوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا دعوات سعد»[1] بأنه يرجع إلى الدنيا فيقاتل علياً، ونقلوا عن جعفر الصادق أنه سئل عن معنى حديث: اتقوا دعوة سعد، فأجاب: إن سعداً يَكُرّ[2]، حتى يقاتل أمير المؤمنين عليه السلام[3]. ويعللون سبب قتاله لـ علي بعدائه له؛ فهو من أعداء أمير المؤمنين[4]، ومن أعداء آل محمد[5] -على حد زعمهم-. ويقال للشيعة: ليس في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا دعوة سعد» ما يفهم منه أنه يرجع للدنيا -كما زعمتم- بل الحديث يبين أن سعداً رضي الله عنه كان مجاب الدعوة، حتى إنه كما قيل: كان لا تخطئ له دعوة[6]، وقد صَدَّق الواقع هذه المقالة؛ ففي الصحيحين: أن عمر لما أرسل إلى الكوفة من يسأل عن سعد، فكان الناس يثنون عليه خيراً، إلا رجلاً من بني عبس قال: أما إذ نشدتنا، فإن سعداً كان لا يسير بالسرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية، قال سعد: أما والله لأدعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذباً قام رياء وسمعة فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه بالفتن، قال: فكان يرى وهو شيخ كبير، تدلى حاجباه من الكبر، يتعرض للجواري يغمزهن في الطرقات، وكان إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون أصابتني دعوة سعد[7]. أما ما زعموه من كون سعد عدواً لـ علي ولآل محمد، فهو زعم باطل يرده ما ورد في كتبهم؛ فقد رووا في كتبهم أن سعداً كان يمتنع عن سب علي بن أبي طالب إذا طلب منه أن يفعل ذلك، بل وكان ينهى عن ذلك ويترحم على علي[8] ويذكر فضائله للناس[9]، وكان إذا رأى الحسن أو الحسين يترجل عن راحلته إجلالاً لهما[10] فهل يقال عمن يفعل هذا: إنه عدو لـ علي، أو لآل محمد كما زعم الشيعة.
[1] هذا الحديث مرسل، إلا أن رجاله ثقات. انظر: فضائل الصحابة لأحمد 2/ 752. ويوجد حديث آخر صحيح أخرجه الترمذي والحاكم وغيرهما، يفيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لسعد فقال: اللهم استجب لسعد إذا دعاك جامع الترمذي 5/ 649، ك. المناقب، باب مناقب سعد، وفضائل الصحابة لأحمد 2/ 750، والمستدرك للحاكم 3/ 499، 500، وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. [2] أي يرجع إلى الدنيا. [3] مختصر بصائر الدرجات للحلي ص:30، والإيقاظ من الهجعة للحر العاملي ص:364. [4] إحقاق الحق للتستري ص:234. [5] الكشكول لحيدر الآملي ص:160. [6] منهاج السنة النبوية لابن تيمية 8/ 154. [7] صحيح البخاري 1/ 301-302، أبواب صفة الصلاة، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها، وصحيح مسلم 1/ 334-335، ك. الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر. [8] كشف الغمة للإربلي 1/ 150، وعقائد الإمامية الإثني عشرية للزنجاني 1/ 97. [9] الأمالي للمفيد ص:55-58، وكفاية الأثر للخزاز ص:135. [10] إعلام الورى للفضل بن الحسن الطبرسي ص:210.
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video