آخر تحديث للموقع :

الجمعة 14 ربيع الأول 1445هـ الموافق:29 سبتمبر 2023م 09:09:39 بتوقيت مكة

جديد الموقع

ادعاء الشيعة أن طلحة والزبير رضي الله عنهما بقيا على عداوتهما لعلي رضي الله عنه، وماتا على ذلك ..
الكاتب : عبدالقادر صوفي ..
ادعاء الشيعة أن طلحة والزبير رضي الله عنهما بقيا على عداوتهما لعلي رضي الله عنه، وماتا على ذلك
زعم الشيعة أن طلحة والزبير رضي الله عنهما لم يتوبا من معاداة علي رضي الله عنه وبغضه، وأنهما ماتا على هذه الحال؛ قال المفيد: إن القوم؛ طلحة والزبير وأشكالهما مضوا مصرين على أعمالهم غير نادمين عليها ولا تائبين منها، وإنهم كانوا يتظاهرون إلى الله بالقربة والتدين بعداوتهم لأمير المؤمنين[1].

وقال الكاشاني: طلحة والزبير ماتا باغيين على علي[2].

وقال محمد علي الحسني: إن الزبير باع دينه بدنياه، واستباح كل شيء في سبيل أطماعه وشهواته، ولم يكن لكلمة رسول الله عنده من قيمة... وكانت نهايته مشئومة[3]. واستدلوا على مزاعمهم هذه بالأدلة التالية:
1- بالنسبة لـ طلحة:
ذكر المفيد والمرتضى أن أبا جعفر الباقر قال: مر علي ع بـ طلحة وهو صريع، فقال: أقعدوه، فأقعدوه فقال: لقد كانت لك سابقة، ولكن دخل الشيطان منخريك فأدخلك النار[4]وعقب الطوسي على هذه الرواية بقوله عن طلحة: إنه كان مصراً على عداوة علي، فاستحق دخول النار[5].

وهذا الذي ذكره المرتضى والطوسي عن علي رضي الله عنه مكذوب عليه، والثابت عنه أنه لما رأى طلحة مقتولاً: نزل عن دابته، وأجلسه، وجعل يمسح التراب عن وجهه ولحيته وهو يترحم عليه، ويقول: عزيز عليّ أبا محمد أن أراك مجدلاً تحت نجوم السماء، ثم قال: إلى الله أشكو عجري وبجري[6]، وبكى عليه هو وأصحابه، وقال: ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة[7]. وعند الحاكم أنه قال: هذا والله كما قال الشاعر:
فتى كان يدنيه الغنى من صديقه                           إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر
كأن الثريا علقت في جبينه                                وفي خده الشعرى وفي الآخر البدر[8].

2- وبالنسبة للزبير:
أ- يستدلون بما ذكره المفيد من قول علي لما مر على الزبير وهو مرمي: قد كان لك صحبة، لكن دخل الشيطان منخريك فأوردك النار[9].

وهذا أيضاً من الأمور المكذوبة على علي رضي الله عنه؛ فإن الزبير لم يُقتل في المعركة حتى يمر عليه علي وهو بين القتلى، بل قتل في مكان بعيد عن أرض المعركة يقال له: وادي السباع[10]، وقد قتله ابن جرموز غدراً، ثم ذهب إلى علي يريد أن يبشره بقتله، فمنعه من الدخول عليه، وقال لمن حوله: «ليدخل قاتل ابن صفية النار، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن لكل نبي حوارياً وحواريّ الزبير»[11].

وهذا القول من علي رضي الله عنه يدل على حبه للزبير، وعلى إظهاره لمكانته وفضله، ويناقض ما نسبه الشيعة إليه آنفاً. لكن الشيعة مع اعترافهم بأن علياً دعا على قاتل الزبير وبشره بالنار، إلا أنهم يرون أن هذا لا مدح فيه للزبير ولا دلالة فيه على كونه مات مؤمناً، بل السبب في مقولة علي تلك: أن ابن جرموز غدر بـ الزبير بعدما أعطاه الأمان، والغدر عاقبته النار؛ قال المفيد: إن ابن جرموز كان يوم الجمل مع عائشة في نفر من بني سعد، فقتل من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام جماعة، فلما رأى الدائرة على أصحاب الجمل لحق بـ الأحنف بن قيس...، ثم ذكر غدره بـ الزبير بعدما أعطاه الأمان، وقال: إنه قد استحق النار بأمانه له وقتله له بعد الأمان، ثم باغتياله أيضاً، مع أن ابن جرموز خرج على أمير المؤمنين عليه السلام مع الخوارج، وكان أحد أركانهم، فقتله الله على يد أمير المؤمنين عليه السلام، وأورده بقتله إياه النار، فكان ذلك الخبر الذي رووه عن عاقبته لئلا يلتبس أمره بقتل الزبير فيظن أن ذلك عاصم له عن استحقاق العقاب[12].

ويقال للشيعة: إن الخوارج كانوا من البغاة، وقد عاملهم علي رضي الله عنه معاملة البغاة، وقال عنهم: هم إخواننا بغوا علينا- كما نقل ذلك عنه الأشعث الكوفي الشيعي[13]، وكون ابن جرموز صار منهم بعد ذلك كما يدعون لا يستدعي الحكم له بالنار، فيلزم أن سبب مقولة علي تلك هي قتله الزبير رضي الله عنه، وقد أكد علي رضي الله عنه هذا السبب ببيان فضل الزبير رضي الله عنه وإظهار مكانته، فنقل قول رسول الله فيه: «إن لكل نبي حوارياً، وإن حواريَّ الزبير»، ولم يحكم علي رضي الله عنه على قاتل الزبير بالنار من عند نفسه، فإنه كان أتقى لله من أن يفعل ذلك، فلا بد أنه سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاله.

ب- واستدلوا على موت الزبير على عداوة علي بما ذكره المفيد في كتاب الجمل من قول علي لما رأى رأس الزبير بعد مقتله: لقد كان لك برسول الله صلى الله عليه وآله صحبة، ومنه قرابة، ولكن دخل الشيطان منخرك فأوردك هذا المورد، وقال لما رأى سيفه: سيف طالما جلى الكرب عن وجه رسول الله، ولكن الحِيْن ومصارع السوء[14].

ونقل المرتضى والطوسي هذه المقالة، وعقبا عليها بقولهما: قول علي: مصارع السوء. لا يدل على توبة الزبير، ولو كان تائباً لما كان مصرع سوء[15].

وهذه الأقوال مكذوبة على علي رضي الله عنه، ولم يثبت عنه حين رأى سيف الزبير إلا قوله: سيف طالما جلى الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم[16]، وفي هذا مدح للزبير رضي الله عنه وإشادة بفضائله.

ج- واستدلوا بأنه لم يرجع عن حرب علي رغم تذكير الأخير له بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تقاتله وأنت ظالم له»، وقالوا: إنه ظل يقاتل حتى انهزم الجيش، ففر مع من فر؛ قال المرتضى: إن الزبير بعد ما ذكَّره علي بقول الرسول في قتاله رجع، ولكن ابنه عبد الله وعائشة أرغماه على النكوص مرة أخرى، فكفّر عن عهده بعتق عبده، ثم عاد فقاتل القوم... -إلى أن قال -إن انصرافه لم يكن عقيب التذكير، وإنما كان بعد اليأس من الظفر وخوف الأسر والقتل[17].

واستدل الشيعة على هذا بما أسنده العياشي إلى زرارة[18]، يروي عن أحدهما[19] قال: قلت: الزبير شهد بدراً؟ قال: نعم، ولكنه فر يوم الجمل، فإن كان قاتل المؤمنين فقد هلك بقتاله إياهم، وإن كان قاتل كفاراً فقد باء بغضب من الله حين ولاهم دبره[20].

وزعم بعضهم أنه كان شاكاً متردداً، وأن رجوعه لا يدل على توبته[21].

وهذه القصة التي أوردها الشيعة في سبب انصراف الزبير عن حرب علي تعارض الثابت المشهور في ذلك؛ فقد روى الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي أن علياً ذكر الزبير بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم له: «تقاتله وأنت ظالم له»[22]، فتذكر، ورجع عن حربه، وقال لابنه عبد الله: إن هذا يوم ليقتلن فيه ظالم أو مظلوم، والله لئن قُتلت لأقتلن مظلوماً، والله ما فعلت ولا فعلت ثم ترك أرض المعركة وانصرف مؤثراً الابتعاد عن الفتنة التي جرت عن غير اختيار منه، ولا من طلحة، ولا من علي، وإنما أثارها المفسدون بغير اختيار السابقين[23]. فلحقه ابن جرموز وقتله غدراً[24].

أما دعواهم أنه لم يتب، فقد تقدم أنه ومن معه كانوا مجتهدين، فإن كانوا مصيبين في اجتهادهم فلهم أجران، وإن كانوا مخطئين فخطأ اجتهادهم مغفور لهم، وهم مثابون على الاجتهاد، وفي صحبتهم لرسول الله وتفانيهم في سبيل نشر دعوة الله ما يذهب هذه الأخطاء إن وجدت، قال تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود:114].

د- واستدلوا أيضاً بما ذكره الحسن العسكري عند تفسيره لقوله تعالى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ [الأعراف:175-176]، قال بعدما ذكر قصة صاحب هذا المثل: كذلك الزبير منَّ الله عليه أن عرف حق من أوجب عليه حقه[25]، فكان يقاتل دون بيعته[26]، ثم استغواه ابنه[27] وطلحة، فانسلخ منها، فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين، ولو شاء الله لرفعه بولاية من أوجب الله ولايته، ولكنه أخلد إلى الأرض فطلب الأثرة[28] ولم يرض الأسوة، فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث، ذكر له ما حذره رسول الله صلى الله عليه وآله: «لتقاتلنه وأنت ظالم»، كان كما كان ناسي قولاً من الصغير[29]، لم ينصر من أوجب الله نصره... إلخ][30].

وهذا الافتراء على الزبير أساسه دعوى ولاية علي التي ينادي بها الشيعة، وهي من الدعاوي الباطلة، وقد تقدم تفنيدها[31].

ولا ريب أن طلحة والزبير رضي الله عنهما من أهل الجنة، لإخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، وقد شهد لهم علي رضي الله عنه بأن رسول الله أخبر أنهما من أهل الجنة كما نقل ذلك ابن أبي الحديد الشيعي عنه[32].

[1] الجمل للمفيد ص:225.
[2] قرة العيون للكاشاني ص:427.
[3] في ظلال التشيع لمحمد علي الحسني ص:112-113.
[4] الفصول المختارة من العيون والمحاسن للمفيد ص:105، والشافي للمرتضى ص:290. وانظر: الاقتصاد للطوسي ص:361.
[5] تلخيص الشافي للطوسي ص:464.
[6] عجري وبجري: أي همومي وأحزاني، وما ألم بي من المصائب والأمور العظيمة. الصحاح للجوهري 2/ 584-585.
[7] أسد الغابة لابن الأثير 3/ 88-89، والكامل له 3/ 131. وانظر: الرياض النظرة للمحب الطبري 2/ 267.
[8] المستدرك للحاكم 3/ 373. وانظر: الكامل في التاريخ لابن الأثير 3/ 131.
[9] الفصول المختارة من العيون والمحاسن للمفيد ص:108. وانظر: الصراط المستقيم للبياضي 3/ 171-173.
[10] واد بين البصرة ومكة. مراصد الاطلاع للبغدادي 3/ 1417. وقد نص على أن الزبير قتل بوادي السباع كل من: ابن سعد في الطبقات 3/ 60، 78، والبلاذري في أنساب الأشراف 2/ 254، 258، وابن قتيبة في المعارف ص:97، والمسعودي في مروج الذهب 2/ 365، والذهبي في السير، وغيرهم.
[11] المستدرك للحاكم 3/ 367، ورواه بعدة أسانيد، وقال: هذه الأحاديث صحيحة عن أمير المؤمنين علي عليه السلام، ومثله قال الذهبي، وفضائل الصحابة لأحمد 2/ 736-737 - بعدة أسانيد كلها حسان-، وطبقات ابن سعد 3/ 105.
[12] الفصول المختارة للمفيد ص:107-108. وانظر: الجمل للمفيد ص:208-209، والاختصاص له ص:95، والشافي للمرتضى ص:291، وتلخيص الشافي للطوسي 463-464.
[13] الأشعثيات ص:234.
[14] الجمل للمفيد ص:209 وانظر: الصراط المستقيم للبياضي 3/ 173.
[15] الشافي للمرتضى ص:287، وتلخيص الشافي للطوسي ص:462.
[16] تاريخ الطبري 5/ 219.
[17] الشافي للمرتضى ص:288 وانظر: تلخيص الشافي للطوسي ص:463، والصراط المستقيم للبياضي 3/ 171-173، ونفحات اللاهوت للكركي ق:81/ أ، وعلم اليقين للكاشاني 2/ 221، وسيرة الأئمة الاثني عشر لهاشم الحسيني 1/ 455.
[18] ابن أعين. أحد رجال الشيعة الملعونين على لسان الأئمة.
[19] جعفر الصادق، وأبوه الباقر.
[20] تفسير العياشي 2/ 51 وانظر: البرهان للبحراني 2/ 69، وبحار الأنوار للمجلسي 6/ 473.
[21] الشافي للمرتضى ص:287، وتلخيص الشافي للطوسي ص:462.
[22] المستدرك للحاكم 3/ 366، 365، وانظر: الاستيعاب لابن عبد البر 1/ 584، والإصابة لابن حجر 1/ 546.
[23] شرح العقيدة الطحاوية ص:546.
[24] المستدرك للحاكم 3/ 366، 365، وانظر: الاستيعاب لابن عبد البر 1/ 584، والإصابة لابن حجر 1/ 546.
[25] وعقيدتهم فيه أنه أحد الأربعة الذين استجابوا لعلي لما دعا الناس إلى الوفاء ببيعته، بله أشدهم بصيرة في نصر علي كما ذكر ذلك صاحب السقيفة. انظر: السقيفة لسليم بن قيس ص:82-83، 89، والأنوار النعمانية للجزائري 1/ 106.
[26] والشيعة ترى أن الزبير لما بويع للصديق رضي الله عنه بالخلافة أنكر عليه، وسل سيفه، وقال: [لا أرضى بخلافة أبي بكر؛ فقد أسند العياشي إلى جعفر الصادق في تفسير قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ [الأنعام:98] قوله: لقد مشى الزبير في وضوء الإيمان ونوره حين قبض رسول الله صلى الله عليه وآله حتى مشى بالسيف وهو يقول: لا نبايع إلا علياً]. تفسير العياشي 1/ 371. وانظر: الجمل للمفيد ص:56، وتفسير الصافي للكاشاني 1/ 534، والبرهان للبحراني 1/ 544، وإحقاق الحق للتستري ص:221، وبحار الأنوار للمجلسي 15/ 277.
[27] أسند الصدوق إلى جعفر الصادق قوله: ما زال الزبير منا أهل البيت حتى أدرك فرخه فنهاه عن رأيه. الخصال للصدوق 1/ 157. وانظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 20/ 102، 104.
[28] يريدون بذلك أنه رجع عن ولاية علي. قال ابن أبي الحديد: كان الزبير من القائلين بتفضيل علي في بدء الأمر، ثم رجع. شرح نهج البلاغة 20/ 222، وانظر: في ظلال التشيع لمحمد علي الحسني ص:113.
[29] جملة غير مفهومة.
[30] نقله عنه النوري الطبرسي في فصل الخطاب ص:65-66.
[31 تقدم تفنيد ذلك ص:252.
[32 راجع شرح نهج البلاغة 20/ 34.
عدد مرات القراءة:
901
إرسال لصديق طباعة
الأربعاء 29 شعبان 1444هـ الموافق:22 مارس 2023م 02:03:33 بتوقيت مكة
ابوعيسى 
هل يكف الرافضة عن الطعن في الزبير وطلحة.

في تهذيب الأحكام - الشيخ الطوسي - ج ١ - الصفحة مقدمة الكتاب ٨
والارشاد للمفيد ص٦

فما تقول في حرب طلحة والزبير في يوم الجمل؟ فقال: إنهما تابا، فقلت أما خبر الجمل دراية وأما خبر التوبة فرواية.
 
اسمك :  
نص التعليق :