طعن الشيعة في أخلاق عثمان بن عفان رضي الله عنه
وجّه الشيعة العديد من المطاعن إلى أخلاق عثمان الخاصة، وأخلاقه مع الناس، ولم يأخذوا بالروايات الكثيرة التي دلّت على حُسن خلقه، وكريم شمائله. أما بالنسبة لمطاعنهم في أخلاقه الخاصة: فنجدهم يصفونه بأنه زان، مخنّث، يُلعب به، همـّه بطنه... إلخ. فقد ذكروا في سبب تسميته نعثلاً أقوالاً طعنوا من خلالها في أخلاقه رضي الله عنه. ومعنى نعثل في اللغة: الذكر من الضباع، أو الشيخ الأحمق، وقيل: هو اسم رجل من أهل مصر كان طويل اللحية[776]. هذا معناها في كتب اللغة عند أهل السنة، وقد ذكر من نقل هذه المعاني أن أعداء عثمان رضي الله عنه ومبغضيه كانوا يطلقون عليه هذا اللقب للانتقاص منه[777] والمراد: الرافضة الذين يسبون الصحابة؛ فإنهم قد أطلقوا عليه هذا اللقب، ولكن أولوه تأويلات طعنوا من خلالها في أخلاق عثمان. فقد ذكر البياضي أن عثمان رضي الله عنه إنما سمي نعثلاً للشبه الذي كان بينه وبين الضبع، وذكر وجه الشبه بينهما فقال: [إنما شبّه بالضبع؛ لأنه إذا صاد صيداً قاربه ثم أكله، وإنه -أي عثمان - أتي بامرأة لتحد فقاربها، ثم أمر برجمها][778]. وهذا اتهام صريح منهم لـ عثمان رضي الله عنه بالزنا. ولم يقف الأمر عند حد اتهامه بالزنا، بل تعداه إلى زعمهم أنه كان ممن يلعب به، وأنه كان مخنّثاً... إلخ[779]. وقد نسبوا إلى علي رضي الله عنه قوله عن عثمان: أنه كان همّه بطنه وفرجه؛ فقد روى الكليني بسنده عن علي بن أبي طالب أنه قال في إحدى خطبه: سبق الرجلان، وقام الثالث كالغراب، همّته بطنه وفرجه، يا ويحه! لو قص جناحاه وقطع رأسه لكان خيراً له[780]. وذكر المجلسي في شرحها أن المراد بالثالث عثمان بن عفان، وأن اللذين سبقاه هما أبو بكر وعمر رضي الله عنهما[781]. وذكروا أيضاً أن عثمان بن عفان رضي الله عنه لم يكن يبالي أحلالاً أكل أم حراماً؛ فقد أسند الكليني إلى جعفر الصادق قوله: [إن وليّ عثمان لا يبالي أحلالاً أكل أو حراماً؛ لأن صاحبه كان كذلك][782]ومرادهم بصاحبه عثمان رضي الله عنه-. إلى آخر ما أوردوه من مطاعن في أخلاق عثمان الخاصة. وهذه المطاعن التي وجهها الشيعة إلى أخلاق عثمان رضي الله عنه إنما وجهوها إلى من أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه أن الملائكة تستحي منه[783]، وإلى من أخبر عن نفسه أمام جمع كبير من الناس -كان يمكنهم أن يردوا عليه لو كان كاذباً- بأنه ما زنى قط في جاهلية أو إسلام[784] ثم الشيعة بعد هذا يزعمون أنه كان زانياً، ومخنثاً، ويلعب به و... و... إلخ ما أوردوه من الأكاذيب. أما ما نسبوه إلى علي من قوله عن عثمان: [همته بطنه وفرجه] فكذب كله، والثابت عنه رضي الله عنه مدح عثمان والثناء عليه؛ فقد قال عنه مرة: إنه كان خيرنا وأوصلنا[785]، وقال عنه أخرى: هو من الذين آمنوا ثم اتقوا، ثم آمنوا ثم اتقوا...[786]، وأقواله في مدحه والثناء عليه كثيرة، وكلها تفنّد ما نسبه الشيعة إليه من قوله عن عثمان: همه بطنه وفرجه.
[776] المحكم والمحيط الأعظم لابن سيد 2/325-326، والصحاح للجوهري 5/1832. [777] نفس المصدرين السابقين. [778] الصراط المستقيم للبياضي 3/30، وانظر: إحقاق الحق للتستري ص:306. [779] الصراط المستقيم للبياضي 3/30، وانظر: إحقاق الحق للتستري ص:306. [780] الروضة من الكافي للكليني ص:277-279 وانظر: الجمل للمفيد ص:62، والطرائف لابن طاوس ص:417. [781] مرآة العقول-شرح الروضة- للمجلسي 4/278-279. [782] الروضة من الكافي للكليني ص333. [783] سيأتي تخريجه ص:869. [784] روى أحمد وابن سعد وابن شبّه وغيرهم بأسانيد أكثرها صحيحة عن ابن عمر، وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن عثمان رضي الله عنه قال لما حاصره الغوغاء: وبم يقتلوني؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث؛ رجل كفر بعد إسلامه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفساً بغير نفس، فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام قط، ولا أحببت أن لي بديني بدلاً منذ هداني الله، ولا قتلت نفساً، فبم يقتلوني؟ مسند أحمد 1/61، 62، 65، وفضائل الصحابة له 1/464، 465، 466، 495، 496، 508 وطبقات ابن سعد 3/67، وتاريخ المدينة لابن شبّة 2/358. [785] فضائل الصحابة لأحمد 1/468. [786] فضائل الصحابة لأحمد 1/474. وقد صححه محقق الكتاب.
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video