أن عثمان رضي الله عنه أخرج أبا الدرداء من بلاد الشام
ومما نقموا به على عثمان رضي الله عنه: أنه أخرج أبا الدرداء من بلاد الشام[661]. والرد على هذا: أنه وقع بين أبي الدرداء ومعاوية كلام، وكان أبو الدرداء زاهداً فاضلاً قاضياً -في دمشق[662]- فلما اشتد في الحق، وأخرج طريقة عمر في قوم لم يحتملوها عزل عن القضاء، فتوجه إلى المدينة، وهذه كلها مصالح لا تقدح في الدين ولا تؤثر في منزلة أحد من المسلمين بحال، وأبو الدرداء وأبو ذر بريئان من كل نقص وعيب، وعثمان بريء أعظم براءة وأكثر نزاهة، فمن روى أنه نفى وروى سبباً فهو كله باطل[663]، فلا حجة للرافضة في طعنهم على عثمان رضي الله عنه بقصة أبي الدرداء، فإنه رضي الله عنه أراد أن يحمل الناس على التزام سيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ ولكنهم لا طاقة لهم عليها، وهذا اجتهاد منه وهو مأجور عليه، ولقد حاول معاوية أن يسير على طريقة عمر رضي الله عنه فسار على ذلك عامين، ثم لم يستطع بعد. فقد نقل الحافظ ابن كثير عن محمد بن سعد أنه قال: حدثنا عارم حدثنا حماد بن يزيد عن معمر عن الزهري: أن معاوية عمل سنتين عمل عمر ما يخرم فيه، ثم أنه بعد عن ذلك[664]. فـ أبو الدرداء رضي الله عنه أراد أن يحمل قوماً على السير على طريقة عمر وهم غير مطيقين لذلك فعزل من ولاية القضاء لمصلحة أدركها عثمان رضي الله عنه وعزله لا يقدح في الدين ولا يؤثر في مكانته ولا مكانة أحد من المسلمين.
[661] ذكر هذا ابن العربي في العواصم من القواصم، ص:62. [662] انظر الإصابة: 3/46. [663] العواصم من القواصم، ص:77. [664] البداية والنهاية: 8/142.
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video