آخر تحديث للموقع :

الجمعة 14 ربيع الأول 1445هـ الموافق:29 سبتمبر 2023م 09:09:39 بتوقيت مكة

جديد الموقع

أن معاوية كان كافراً منافقاً، ويموت على غير ملة الإسلام وأنه يخلد في النار يوم القيامة ..

رداً على شبهات المبتدعة بكفر أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه

إجابة سؤال:

دليل كفر معاوية وجواز لعنه عند (أهل السنة).

(السؤال:) ما رأيكم شيخنا بكلام الروافض السابق في سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه؟

الجواب:

معاوية بن أبي سفيان صحابي أسلم في العهد النبوي، واتخذه النبي صلى الله عليه وسلم كاتبًا للوحي، وبقي كذلك حتى مات النبي , ثم إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعثه أميرًا على المجاهدين، واستمر كذلك وشارك في الفتوحات في تلك البلاد، وأقره عثمان على ذلك، ولما قتل عثمان ظلمًا طالب بقتل من قتله، فانتصر ومكن الله تعالى له، وصدق على عثمان قول الله تعالى (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا)

قال ابن عباس: إن معاوية ولي عثمان، وإنه يطالب بقتل من قتله، ولابد أن الله ينصره على أولئك الظلمة، وأما الذين طعنوا فيه فإنهم كذبة خونة، فقد مكن الله تعالى له في عهد علي، حيث استولى على الشام ومصر وبلاد أفريقيا، ثم إن الحسن ابن علي رضي الله عنهما بايعه ورضي بخلافته، وكذلك اجتمع المسلمون عليه خليفة لمدة عشرين سنة والأمور مستقرة، وقد انقطعت الفتن، وتوجه المسلمون للفتوحات وقتال الكفار، وتوسعت رقعة الإسلام في هذه المدة، ودخل في ولايته الصحابة والتابعون وذرية علي رضي الله عنه، وبنو العباس، وآل جعفر، وبنو هاشم، وسائر أهل البيت، فدل على أنه خليفة عادل، وملك من ملوك الإسلام.

فأما قول الله تعالى (والشجرة الملعونة في القرآن) فإنها شجرة الزقوم فإن المشركين كذبوا بها وقالوا: إن النار تأكل الشجر فأنزل الله تعالى (انها شجرة تخرج في اصل الجحيم) وأما تلك الرؤيا أنه صلى الله عليه وسلم رأى بني أمية ينزون على منبره نزو القردة، فساءه ذلك فنزلت الآية، فهذا الحديث كذب صريح ما خرجه أهل الصحيحين،  ولا أهل السنن الأربعة، ولا أهل المسانيد، كمسند أحمد، والحميدي، وأبي يعلى، ونحوهم، وإنما كذبه الرافضة المتأخرون وركبوا له إسنادًا، فرواه الثعلبي وهو ليس من المحدثين، وإنما هو كحاطب الليل ينقل ما وجده، كما ذكر ذلك عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع من منهاج السنة، حيث أن الثعلبي في زمانه تمكن الرافضة ونشروا أحاديث مكذوبة، فرواها بإسناده والعهدة على رواتها، وقد لخص تفسيره الإمام البغوي وحذف تلك الأحاديث المكذوبة لمعرفته بطرق الأحاديث، وأما السيوطي فإنه من أهل السنة، وقد ترجم لمعاوية في تاريخ الخلفاء وأثنى عليه، ولكنه في التفسير أورد هذه الحكاية للاعتبار لا لتصديقها، وأما الرازي فإنه ليس من المتخصصين في الحديث، وإنما هو من أهل الكلام، فإيراده لهذا الحديث تقليدًا لغيره، ولا يدل ذلك على أن الحديث ثابت، فالمرجع في ذلك إلى رجال الإسناد،

والمرجع إلى كتب أهل السنة وأهل الحديث، الذين أعرضوا عن هذه الأحاديث الموضوعة، وعرفوا أن الآية نزلت في مكة قبل فتحها وقبل الهجرة، وفي ذلك الوقت قد أسلم من بني أمية عثمان بن عفان وغيره، وبقيتهم كغيرهم ممن أسلموا من أهل البيت، كالعباس وعقيل وأولاد أبي طالب غير عليّ، فلا يدل على أن الآية يراد بها بنو أمية، فلا يدخل فيهم أبو سفيان ولا معاوية ولا يزيد ولا مروان، وإنما الآية في شجرة الزقوم.

الآية الثانية: قول الله تعالى (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا ارحامكم اولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم)

هذه الآية خطاب لجميع الأمة، فكل من أفسد في الأرض وقطع الرحم فهو متوعد بهذا الوعيد، ومن ادعى أن معاوية أفسد حينما تولى فقد كذب وافترى، فإنه أصلح في الأرض وصار سيرة حسنة، فقد استقرت البلاد، وأمن العباد، وقام الجهاد، فالرافضة ليس عندهم دليل على أنه أفسد في الأرض فسادًا ظاهرًا، ولا أنه قطع رحمه أو قطع أرحام النبي  r،  ولكن قتاله لعليّ ولمن معه مطالبة بدم عثمان حيث أن أولئك القتلة كانوا في جيش عليّ، وظنًا منه أن عليًا قد رضي بفعلهم، حيث لم ينصر عثمان مع قدرته على ذلك، فلذلك قاتله في صفين وفي غيرها من الوقعات، ونطلب من الرافضة أن يذكروا فساد معاوية في الدين في كتب التاريخ المعتمدة، كتاريخ ابن كثير، وابن الجوزي، والذهبي، وابن عساكر، والطبري، وغيرهم، فما نوع الفساد في الدين؟

فإن الصلوات قائمة، والمساجد معمورة، والمسجد الحرام يؤمه الحجاج والمعتمرون، وقد وصل أرحام النبي  r  وأحسن إلى الحسن والحسين أولاد عليّ، ووصلهم وأجرى لهم جرايات، وكذلك لغيرهم كعبد الله بن جعفر، وآل العباس وغيرهم، فأين قطعه للرحم إن كانوا صادقين

وأما قوله تعالى (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة) فإنها عامة فيمن يؤذي ربنا بالكفر والفسوق والبدع والمعاصي، ويؤذي النبي صلى الله عليه وسلم كالمنافقين الذين سعوا في إيذائه، والكفار الذين قاتلوه وكفروا به وأنكروا رسالته، ولا تنطبق هذه الآية على الصحابة الذين أسلموا، ومنهم معاوية وأبوه وغيرهم، فإن أبا سفيان لما أسلم قال: يا رسول الله اجعلني أميرًا على قتال الكفار كما كنت أقاتل المسلمين قبل، فاستمر في الجهاد وفقعت عينه وهو يقاتل، ولم يرده ذلك عن القتال للكفار من فارس والروم، ثم فقعت عينه الأخرى في سبيل الله، وإن معاوية أرسله عمر بن الخطاب رضي الله عنه أميرًا على القتال بعد أن استشهد أخوه يزيد بن أبي سفيان، فرآه كفؤًا للقتال في سبيل الله، وقد ظهرت جدارته وكفاءته، ففتح الله على يديه بلادًا كثيرة في الشام وفي أفريقيا وفي بلاد الروم، ولما قتل عليًا رضي الله عنه بيد الخوارج وبويع لابنه الحسن رأى أن معاوية أولى بالخلافة منه، فتنازل عن الخلافة وبايع معاوية، وسميَّ ذلك العام عام الجماعة، وبايعه أيضًا الحسين وسائر الصحابة الموجودون والتابعون، وجميع المسلمين في زمانه، وأكرم الحسن والحسين ورفع مكانتهما خلافًا لما يدعيه الرافضة، والتاريخ يشهد بذلك.

وأما عمار بن ياسر فإنه قتل في وقعة صفين، وقد قتل فيها من أهل العراق وأهل الشام أكثر من سبعين ألفًا، وهو قتال فتنة، سببه قتلة عثمان، وتدعي الرافضة أنهم من شيعتهم، فيفتخرون بقولهم: إننا نحن الذين قتلنا عثمان، أي قتله شيعتهم، وقد سببت هذه الواقعة فتنًا كثيرة.

وأما حجر بن عدي فإنه كان من الموالين لعليّ وللحسن والحسين، ولما رأى أنه يجب عليه نصر أهل العراق توجه نحوهم وقتل في تلك الوقعة في قتال فتنة، وكذا يقال في عمر بن الحمق، ونسي الرافضة أن بقية الصحابة رضي الله عنهم قتلوا في هذه الفتن، كطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام وغيرهم من الصحابة والتابعين، وليس لمعاوية أدنى سبب في تلك الوقائع، وعليّ رضي الله عنه هو أمير المؤمنين بعد عثمان، اجتهد فرأى أن يقاتل من خرج عن بيعته، فكان ذلك من أسباب تلك الوقائع والفتن، وقد اعتزلها كثير من الصحابة، كسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر، وسلمة بن الأكوع، لما فيها من إراقة الدماء والإضرار بالمسلمين، ومع ذلك ما سبُّوا عليًا رضي الله عنه

وقالوا إنه هو الذي تسبب في وقعة الجمل ووقعة صفين، وكان الأولى أن يقيم بالمدينة وأن يترك أولئك القتلة حتى ينتقم منهم من يطالب بثأر عثمان، فلم يكن هناك إيذاء لعلي ولا لشبليه ريحانتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل قد ورد الحديث الصحيح في مدح الحسن بقوله صلى الله عليه وسلم " إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين " أو قال: " لعل الله أن يصلح به "

وقد حصل هذا الصلح العظيم رغم أنوف الرافضة الذي يدل على أن الحسن يزكي معاوية، ويرى عدالته.

وأما الصحابة الأخيار فإن الرافضة يكفرونهم، كالخلفاء الثلاثة وكل من بايعهم، ولا يستثنون إلا أفرادًا قليلين، يدعون أن الجيمع قد ارتدوا.

وأما الآيات التي فيها لعن الظالمين فلا تنطبق على معاوية وبني أمية، لأنها مكية، كقوله تعالى (يوم لاينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار)

وقد ذكر ان بعض الظالمين هم الكفار بقوله تعالى (والكافرون هم الظالمون)

وكذلك قوله تعالى (الا لعنة الله على الظالمين) فسر ذلك بقوله (الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالاخرة هم كافرون)، فلا يقال إنها تنبطق على معاوية، فلم يكن منه ظلم ظاهر وإنما قاتل في وقعة صفين للمطالبة بدم عثمان، وقد تقاتل معه علي وأهل العراق، فكيف يقال إنه هو الظالم وحده؟

فجميع أهل العلم والإنصاف من أهل السنة والجماعة يعذرونه فيما حصل من القتال في صفين، ولم يكن منه قتال عام بعد ذلك، وقد كان قتاله انتصارًا لعثمان الذي قتلته الشيعة كما يدعون في هذه الأزمنة، فكان وليه معاوية، وقد قال الله تعالى (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا)

وأما قتال معاوية، ففي وقعة الجمل جاء معاوية وأهل الشام يريدون قتلة عثمان الذي قتل مظلومًا، وقتل من أهل الشام خلق كثير بأيدي أهل العراق الذين هم مع عليّ، مع أنهم يؤمنون بالله واليوم الآخر، فلا يقال إن عليًا هو الذي قتل أولئك الأعداد، كما لا يقال إن معاوية هو الذي قتل أولئك الذين مع عليّ من أهل العراق، بل نقول: إن هذا قتال فتنة وخلاف، نكل أمرهم فيه إلى الله، ونقول إنهم مجتهدون، عليّ يطالب بالبيعة، ومعاوية يطالب بأخذ الثأر، ولكل مجتهد نصيب.

وأما ما ذكر عن موت الحسن بن عليّ، فالروايات التي تثبت أن معاوية دس السم بواسطة زوجة الحسن، فإن هذا كذب عليها وعلى معاوية، وموت الحسن بقضاء الله وقدره، وإذا كان مات بشرب السم فالذي قتلته زوجته والإثم عليها، وما روي من أن معاوية بعث إليها مالاً وأغراها بأن يزوجها لابنه يزيد فهذا كله من وضع الرافضة، فإنهم معروفون بالكذب على أئمة المسلمين، وكم أدخلوا في كتب التاريخ من الأكاذيب ما لا يحصى، وقد وثق بهم بعض المؤرخون ونقلوا أقوالهم، وعهدتها على نقالها، والغالب أنهم من الروافض أو من الشيعة، مثل أبي مخنف، وسيف بن عمر، فإنهم يميلون إلى التشيع، ولأجل ذلك بالغوا في قصة قتل الحسين، وافتروا فيه افتراءات وأقاويل كاذبة، لم يقولوا عشرها في قتل عثمان، الذي هو من الخلفاء الراشدين ومن المشهود لهم بالجنة، وهو زوج اثنتين من بنات النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لما غلا هؤلاء الرافضة في عليّ، جمعوا تلك الافتراءات والأكاذيب يقدحون بها في معاوية ويزيد.

وأما حجر بن عدي فإنه من جملة الذين توجهوا إلى الشام للأخذ بثأر الحسين، وتقاتلوا مع جملة من أهل الشام، وقتلوا في تلك الفتنة، ولو أقاموا في بيوتهم بالعراق ما حصلت هذه الفتنة، ولم يكن معاوية هو الذي قتلهم، وليس سبب ذلك امتناعهم من لعن عليّ والبراءة منه، فكل ذلك من أكاذيب الرافضة.

ومن أكاذيب الرافضة دعواهم أن معاوية دفن عبد الرحمن بن حسان حيًا، فهذا ونحوه من افتراءات هؤلاء الرافضة، الذين يدعون محبة عليّ، ويبالغون فيه، وذكر البيهقي وابن عساكر لهذه القصة لا يلزم منه صحتها، فإنهم جعلوا العهدة على رجال الإسناد، والغالب أنهم من الشيعة.

وأما قتل عمار بن ياسر في وقعة صفين، فإنه كما قتل غيره في تلك الواقعة، وهم عشرات الألوف من أهل الشام وأهل العراق، وقتالهم فتنة قدرها الله تعالى، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " تقتل عمار الفئة الباغية" صحيح، أي أنه يقتل في قتال بغي، وقد قال أصحاب معاوية: إن الذين جاؤوا به وأتوه تحت رماحنا هم الذين تسببوا في قتله، فالمعنى أنه قتل في قتال بغي، يمثل قول الله تعالى (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي) فسماهم مؤمنين، فكل الطائفتين أهل الشام وأهل العراق ما خرجوا من الإيمان، وإن كان عليّ ومن معه أقرب إلى الحق، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم " تمرق مارقة على حين فرقة من الناس يقتلهم أولى الطائفتين بالحق "

فكان عليًا هو الذي قتلهم، وهذه المارقة هم الخوارج، وجدوا على حين افتراق، حيث انفصل أهل الشام عن أهل العراق، وكونهم فئة باغية، أي خارجة عن طاعة الإمام لا يلزم كفرهم، ولا يسوغ لعنهم، لأن البغاة لهم تأويل.

وأما قتل مالك بن الأشتر، فلم يكن ذلك بأمر معاوية، وإنما كان بحيلة بعض الموالين لأهل الشام، سقوه سمًا فمات بسببه، وأمرهم إلى الله.

وأما محمد بن أبي بكر، فأبوه صديق هذه الأمة، ولكنه اشترك في قتل عثمان، وباشر ذلك، واشترك مع علي في وقعة الجمل، ولما تمكن منه الذين يريدون أن ينتقموا لعثمان قتلوه وأحرقوه، وليس لمعاوية سبب في ذلك.

وأما ما ذكر من أن معاوية يأمر بقتل شيعة عليّ وأنصار أهل بيت النبوة، فهذا كذب، فقد أكرم الحسن وأجرى له جراية، وأكرم ابن عباس وعبد الله بن جعفر، ومسلم بن عقيل، وكلهم من آل عبدالمطلب من أهل البيت، فالشيعة الذين هم الرافضة أخرجوا العباس وأولاده وآل جعفر وآل عقيل من أهل بيت النبوة.

وأما أنه كان يرسل الجيوش لابادة المؤمنين واستئصالهم ونهب أموالهم فكل هذا كذب، فقد حصل أمن البلاد لما تمت له الولاية، واختلط الناس بعضهم ببعض، وسمى عام بيعته عام الجماعة، وسار فيهم سيرة حسنة، وأحبه الناس لحلمه وكرمه، كما ذكر ذلك في سيرته، ولكن الرافضة قوم لا يعقلون.

وأما غارة بسر بن أرطاة، ففيها مبالغة وكذب وتغيير لها عن وضعها، ولهذا لم يذكرها المؤرخون المنصفون كابن الجوزي، والذهبي، وابن كثير، والذين ذكروها كابن خلكان، وابن عساكر والسمهودي ونحوهم هم من الذين يتوسعون ولا يميزون بين الصدق والكذب، ويجعلون العهدة على الرجال الذين ينقلون عنهم، وأصل القصة صحيح، وكانت في حياة علي لما صارت المنافسة بين علي ومعاوية، أراد معاوية أن ينتقم من علي بإرسال بسر بن أرطاة، ولكن ما ذكره ابن أبي الحديد الرافضي أكثره كذب، فلا يعتبر بما ذكره من كثرة القتلى، ولا من قصة ابني عبيدالله.

وأما ابن أبي حديد، فإنه رافضي يقر الكذب في حق أهل السنة ويبالغ فيه ، فلا يقبل النقل منه، ولا يقبل ما ذكر عن بسر بن أرطاة ووصفه له بأنه فظ، سفاك للدماء، قاسي القلب، وكذا ما ذكر عنه أن معاوية أمره بأن يبطش بمن لاقاه من أهل طاعة علي، كل هذا كذب، وكذلك ما ذكر من قتل ابني عبيد الله بن العباس، وما قالته أمهما من ذلك الشعر المكذوب، وما ذكر ابن أبي الحديد الرافضي من أن بسرًا قتل ثلاثين ألفًا وحرق ألفًا بالنار، كل هذا كذب، فلا يؤخذ منه طعن في معاوية ولا في بسر بن أرطاة، ومن استباح لعن معاوية رجع إليه لعنه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " إن اللعنة تصعد إلى السماء فتغلق دونها أبوابها فتذهب يمينًا وشمالاً ثم تذهب إلى الملعون، فإن كان يستحقها وإلا رجعت إلى قائلها".

فنقول: إن لعن هؤلاء الرافضة يرجع إليهم.

وما حصل من قتل حجر بن عدي كان ذلك في قتال الفتنة، وسببه أن معاوية أمَّر على العراق زياد ابن أبيه، فأنكر حجر بن عدي عليه، وأظهر سبه وسب معاوية، فرفع زياد الأمر إلى معاوية فأمر بإرسال حجر ومن معه، وقتلهم لخروجهم عليه وعلى أميره، فإن الملوك يقتلون من خرجوا عليهم، كما قتل زيد بن علي لما خرج على بني أمية، وكما قتل محمد بن عبد الله بن الحسن، وأخوه العباس لخروجهما على المنصور العباسي، وقولهم إن حجرًا كان من كبار صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ليس بصحيح، بل هو من صغار الصحابة، وقد اختلف في صحبته لصغر سنه.

وأما حديث: " من سبَّ عليًا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله " فهذا بهذا اللفظ كذب موضوع، وإنما الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه وغيره أن عليًا رضي الله عنه قال: " إنه لعهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق "، وهو مثل قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يحب الأنصار إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق "

ونقول كذلك أيضاً: لا يحب الخلفاء الراشدين إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق، وأما مجرد السب فإنه قد يحصل وإنما لا يصل إلى الكفر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ".

وأما من ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من آذى عليًا فقد آذاني ومن آذاني فعليه لعنه الله " هذا كذب لا أصل له، ومعناه صحيح إذا كان الأذى ظلمًا، وليس ذلك من خصائص علي، فمن آذى أبا بكر أو عمر أو العباس وأولاده أو آل جعفر أو عثمان فقد آذى النبي صلى الله عليه وسلم، لأنهم صحابته وأقاربه، فليس لعلي خصوصية في هذا.

وأما الحديث الذي ذكره ابن حجر في الصواعق فإنه خبر مكذوب، لفظه يدل على غرابته، وابن حجر الهيثمي معتزلي أشعري، قد طعن في شيخ الإسلام وعلم الهداة الأعلام ابن تيمية، وكذلك في علماء أهل السنة، وليس هو من المتخصصين في علم الحديث، فهو كحاطب ليل يأخذ ما وجده من غير تمحيص، ولاشك أن بني عبد المطلب فيهم كفار ماتوا على الكفر، كأبي طالب وأبي لهب وبعض أولادهما.

أما قوله: (أن يثبت قائمكم) فيريدون بالقائم المهدي المنتظر، وهو خيال لا حقيقة له، ولو كان الحديث ثابتًا لكان أول القائمين عليّ ثم الحسن ثم الحسين، ومع ذلك فلم يتم لهم الأمر، ولم ينتصروا على أهل زمانهم وعلى من خالفهم، بل تم الأمر لمعاوية، دخل الحسن والحسين في ولايته، وبايعه الحسن طوعًا واختيارًا.

-----

رداً على شبهات المبتدعة بكفر أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه

الله المستعان:

وأما حديث: " من سب أهل بيتي فإنما يرتد عن الله والإسلام " فهو أيضًا كذب لا حقيقة له، مع أن أهل بيته هم زوجاته وعمه العباس وبنو العباس وآل جعفر وآل علي وآل عقيل، ومن أسلم من آل أبي لهب، وبقية بني هاشم وبني المطلب، والرافضة يسبون العباس وأولاده، ولا يدينون بالخلافة لبني العباس، كالسفاح والمنصور والمهدي ومن بعدهم، وقولهم: " ومن آذاني في عترتي " غير صحيح، ولاشك أن من آذاه  r  في زوجاته وفي أعمامه بل وفي صحابته فإنه توعد بالعذاب لقوله تعالى (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة)

ولما أن ابن أبي كان من الذين قذفوا عائشة رضي الله عنها خطب النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال: " من يعذرني في رجل بلغني أذاه في أهلي وما علمت على أهلي إلا خيرًا " ويريد بأهله عائشة.

وقولهم: وورد: " من سب أهل بيتي فإنما يرتد عن الله والإسلام ومن آذاني في عترتي فعليه لعنه الله، ومن آذاني في عترتي فقد آذى الله، إن الله حرم الجنة على من ظلم أهل بيتي أو قاتلهم أو أعان عليهم أو سبهم "،

فالجواب

أن هذا لا يصح مرفوعًا بهذا اللفظ، ثم نقول: إن أهل بيته هم زوجاته وأعمامه وبنو عمه، كأولاد العباس وأولاد الحارث وأولاد أبي سفيان بن عبد المطلب، وأولاد أبي لهب، وغيرهم من بني هاشم، والرافضة تخص أهل البيت أو العترة بعلي واثنين من أولاده، مع أن أولاده أكثر من عشرة، ولاشك أن من آذى مسلمًا من أهل البيت أو من الصحابة أو من سائر المسلمين فقد آذى الله ورسوله، وقد قال الله تعالى (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير مااكتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا)

فالرافضة يؤذون الصحابة الذين هم أسبق إلى الإسلام وأكثر جهدًا في نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم وخدمة له، فيكفرونهم ويشتمونهم ويؤذون من أحبهم، وفيهم كثير من أهل البيت، كالعباس الذي هو عم النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال فيه لما لم يخرج زكاة ماله: " هي عليَّ ومثلها معها، فإن عم الرجل صنو أبيه ".

وأما ما رواه أحمد في المسند فلفظه: " من آذى عليًا فقد آذاني " وليس فيه: (بعث يوم القيامة يهوديًا أو نصرانيًا)، فإنه بهذا اللفظ غير ثابت، وهو في مسند الإمام أحمد برقم (15960)

عن عام بن شاس واسناده ضعيف، ولاشك أن من آذى عليًا فإنه قد آذى مؤمنًا تقيًا صحابيًا، ويقال كذلك في من آذى بقية الصحابة وبقية المسلمين.

وما ذكره ابن الأثير في الكامل أن معاوية كان يلعن عليًا والحسن والحسين وابن عباس ومالك بن الأشتر، فإن هذا إذا ثبت كان قبل أن يبايعه الحسن ويتنازل له عن الخلافة، حيث كان يعتقد أن عليًا اشترك في قتل عثمان وامتنع من تسليم قتلة عثمان، فهذه الأخبار المروية في كتب التاريخ منها ما هو كذب وأكثرها من وضع الرافضة، ولو كانت في كتب أهل السنة، ومنها ما قد غُير عن وضعه بزيادة أو نقصان، ولا يلزم منها أن يكون معاوية كافرًا، فإنه مجتهد في سبه لقتلة عثمان ولمن قاتل دونهم ونصرهم، وإن كان معاوية ومن معه ما سبوا الله ورسوله وإنما سبوا عليًا، فإنهم قد تابوا وتركوا السباب بعد أن تمت البيعة لهم، وإذا كان هذا السب باجتهاد سائغ، فإنه يكون معذورًا.

ونقول: الواجب تفويض أمر علي ومعاوية إلى الله تعالى.

وأما الحديث الذي فيه: " من سب عليًا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله "

فهو بهذا اللفظ غير صحيح، وقد ذكرنا أن لفظه عن مسلم قول علي رضى الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليَّ أنه لا يبغضني إلا منافق ولا يحبني إلا مؤمن " وأن ذلك لا يخص عليًا، فقد قال صلى الله عليه وسلم في الأنصار: " أنه لا يبغضهم إلا منافق ولا يحبهم إلا مؤمن "

ويقال كذلك في بقية الصحابة، بل في جميع المسلمين من، فينطبق على الرافضة

أنهم سبوا الله حيث سبوا أولياء الله وكفروهم، من سب مسلمًا مؤمنًا تقيًا ورماه بالكفر رجع ذلك عليه، فليس لعلي خصوصية، وأهل السنة يحبون عليًا وجميع أولاده وإخوته، وأعمامه، وأُسرته، وجميع أهل البيت، وجميع الصحابة، والرافضة يلعنونهم أو أكثرهم، فهكذا نعرف بذلك بُعد الرافضة عن الحق والقول الصحيح، حيث كفروا الصحابة ولم يقتصروا على معاوية، ومن كفر مسلمًا رجع كفره عليه.

وأما الحديث الذي رواه محمد بن يوسف الكندي فإنه ضعيف الإسناد، حيث لم ترو هذه القصة في كتب علماء السنة، ولو كانت ثابتة ما تركوها، فإنهم يحبون علي بن أبي طالب، وينهون عن شتمه وأذاه، وأما أهل الشام فقد يكون أولئك من الذين يظنون أن عليًا اشترك في قتل عثمان كما ظن ذلك معاوية، ولاشك أنهم أخطأوا في ذلك الظن. 

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يحب عليًا إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق " فقد رواه مسلم عن علي رضي الله عنه قال: " إنه لعهد لي من رسول الله  r  أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق "، وروى مسلم أيضًا أنه  r  قال: " آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار "

ولاشك أيضًا أن بقية الصحابة كذلك، فلا يحب الخلفاء إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق، وعلى ذلك أدلة كثيرة، ثم إن المراد ببغضهم إذا كان لأمر ديني بأن يعتقدوا كفره وخروجه من الإسلام، كاعتقاد الخوارج أنه قد ارتد وحبط عمله، أما إذا كان بغضه لأمر سياسي، أو سبب ظاهر فلا يدخل في البغض الذي هو نفاق وكفر، لأن النفاق هو الكفر في الباطن مع إظهار الإيمان، فالذين قاتلوا عليًا في وقعة الجمل لم يتهموه بالكفر، ولم يكونوا منافقين، وإنما ظنوا اشتراكه في قتل عثمان رضي الله عنه أو إيواءه للقاتلين الذين هم موجودون في جيشه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لعن الله من آوى محدثًا " رواه عليًا رضي الله عنه كما في صحيح مسلم،

وإذا كان لهم شبهة فلا يجوز الجزم بأنهم منافقون، وقد تراجعوا أو أكثرهم عن ذلك الظن وذلك البغض بعد حصول الصلح الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين "، فحصل ذلك لما تنازل الحسن عن الخلافة وزالت البغضاء، وأصبحوا بنعمة الله إخوانًا.

وأما الحديث الذي رواه الكندي في كفاية الطالب وأبو القاسم الدمشقي في تاريخه أن عليًا قال: (أنا قسيم النار أقول خذي ذا وذري ذا) فهو حديث موضوع مكذوب على عليّ أو على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أقر الكندي بأنه ضعيف، وإنما الصحيح: " لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق "، وكلام أحمد صحيح إذا ثبت عنه، فإن المؤمنين الصادقين في إيمانهم يحبون عليًا وأبا بكر وعمر وعثمان والعباس وأبا سفيان ومعاوية وسائر المؤمنين، فيرجى لهم بهذه المحبة الجنة، ويبغضون المنافقين والمشركين وسائر الكفار، ولا يستغفرون لهم ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم.

وقوله تعالى (إن المنافقين في الدرك الاسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا)

هذا هو النفاق الاعتقادي، وهم الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر، فأما النفاق العملي فلا يدخل في ذلك، ومعاوية وأصحابه لا يدخلون في مسمى النفاق الاعتقادي، فإن الأمة كلها اتفقت على خلافته لمدة عشرين سنة، وهو أمير المؤمنين بلا منازع، ودخل في ولايته وصحبته ونصرتهالحسن والحسين وزين العابدين ومحمد بن الحنفية وابن عباس ترجمان القرآن، ومن في عصره من بني العباس وبني هاشم، وبقية الصحابة كسعد بن أبي وقاص، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وأكثر أمهات المؤمنين، فهل يقال في هؤلاء أنهم كلهم منافقون؟! على حد تعبير هذا الرافضي الذي حكم بأن الأمة كلها بقوا على النفاق بعد قتل علي وإلى هذا الزمان ، إلا ما كان من الرافضة الذين حدثوا في وسط أو آخر القرن الأول مع قلتهم واستخفائهم، ولاشك أن من كفر الأمة الإسلامية في شرق الأرض وغربها في الصدر الأول فهو أولى بالكفر، وقد مدح النبي  r  القرون المفضلة بقوله: " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم"، فهذا الرافضي جعل ذلك القرن شر القرون، حيث كفر الخلفاء الثلاثة وخلافتهم مدة خمس وعشرين سنة، واستتثنى خلافة علي ومدتها خمس سنين، ثم كفر الناس بعده عندما تولى معاوية، حيث أنهم في زعمه دخلوا في ولاية كافر ومنافق، وسمعوا له وأطاعوا بما فيهم بنو هاشم، وبنو المطلب، وبنو عبد الدار، وبنو نوفل، وبنو قصي، وغيرهم من أقارب النبي صلى الله عليه وسلم وبما فيهم من الأنصار والمهاجرين والذين جاءوا من بعدهم يدعون لهم، يقول هذا الرافضي: (فمعاوية وأصحابه وأنصاره من أهل جهنم لا محالة)، فيكون قد حكم على أهل ذلك القرن الذين صحبوه وبايعوه أنهم من أهل جهنم، ولو كانوا من أهل البيت، ومن كفر المسلمين رجع كفره إليه.

وكلام الشيخ عبد السلام صحيح، فإن الصحابة جميعًا قد غفر الله لهم ووعدهم بالجنة في قوله تعالى (والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه واعد لهم جنات تجري تحتها الانهار خالدين فيها ابدا ذلك الفوز العظيم)

فيدخل في المهاجرين العشرة المبشرون بالجنة وسائر الصحاية الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله، ويدخل في الأنصار أهل المدينة من الأوس والخزرج، ويدخل في الذين جاءوا من بعدهم جميع الذين أسلموا بعد صلح الحديبية وبعد فتح مكة، ومنهم أبو سفيان وأولاده، فإنهم أسلموا وجاهدوا في سبيل الله، فأبو سفيان كان قائد الجيوش الإسلامية فقعت عينه في سبيل الله ولم يرده ذلك عن مواصلة القتال، حتى فقعت عينه الأخرى، وابنه يزيد بعثه عمر لجهاد الكفار من الروم ونحوهم، وقتل في سبيل الله، ثم بعث معاوية بعده واستمر في الجهاد، ودان له أهل الشام وأحبوه، وتأثروا لما قتل عثمان، الذي يدعي الرافضة أنهم قتلوه أو قتله شيعتهم، فكان هذا سببًا في نصرتهم له ومحبتهم له كما أحب أهل العراق عليًا وقاتلوا معه.

وأما قصة سفيان بن عوف فهي مكذوبة أو مغيرة عن وضعها، ولا عبرة بنقل ابن أبي الحديد فإنه رافضي يبالغ في نقل الأخبار المكذوبة، وإذا قدر أن سفيان بن عوف بعثه معاوية للقتال فإن أبلغ من ذلك قتالهم لعلي في وقعة صفين، وقتال علي لهم، وذلك لأنهم جميعًا اتهم بعضهم بعضًا، فأهل الشام يطلبون قتلة عثمان المتواجدين في العراق، وأهل العراق يطلبون البيعة لعلي، وما ذكره ابن أبي الحديد من قول سفيان بن عوف: (ما غزوت غزاة كانت أسلم ولا أقر للعيون ولا أسر للنفوس منها) هذا فيه مبالغة، ولعله مما لفقه الرافضة، فقد امتلأت كتبهم بالأكاذيب.

وأما قوله عن معاوية: (وليس لأحد من خلق الله عليك أمر دوني) فإنه كذب ظاهر، مع أن القصة كلها قد تكون ملفقة، وكذا ما نقله ابن أبي الحديد في قصة الضحاك بن قيس، فإنه صحابي مشهور، ولا يظن به أن يقتل المسلمين، ومنهم عمرو بن العميس، ولكن الرافضة لا يبالون بالكذب ولا يتورعون.

ثم إن هذا الرافضي صرح بلعن معاوية وأعوانه وعامله، ولعن كل من رضي بأفعالهم إلى قيام يوم الدين، وهذا اللعن يعود على هذا الرافضي ومن رضي بقوله، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن اللعنة تعود إلى قائلها إذا لم يكن الملعون مستحقًا لها.

وأما آية البقرة وهي قوله تعالى (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وانتم تعلمون)

فإنها تنطبق على الرافضة، حيث أنهم يعرضون عن الحق الظاهر في القرآن،

من مدح الصحابة والرضا عنهم، كما في آية سورة التوبة وهي قوله تعالى (والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه)

فقد دخل فيها كل المسلمين إلا الرافضة، فلم يتبعوهم بإحسان، وأما آية النساء وهي قوله تعالى (إن المنافقين في الدرك الاسفل من النار)

فإنها تنطبق على الرافضة الذين يستعملون التُقية ويجعلونها من دينهم وهي صفة المنافقين، قال تعالى (واذا لقوا الذين آمنوا قالوا امنا واذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم انما نحن مستهزؤن)

فالرافضة

إذا قابلوا أهل السنة قالوا إنا معكم، نؤمن بالقرآن، ونؤمن بالسنة، ونحب الصحابة، ونترضى عن الشيخين أبي بكر وعمر، وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا إنما نحن مستهزئون، فيكونون منافقين، فيدخلون في هذا الوعيد. والله الموفق والهادي إلى سواء السراط.

قاله وأملاه

عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين

شبكة الدفاع عن السنة

««توقيع حفيدة الحميراء»»


طعنهم في صدق إسلامه، وزعمهم أنه كان كافراً منافقاً، وأنه يخلد في النار يوم القيامة

يدعي الشيعة أن معاوية: لم يزل في الإشراك وعبادة الأصنام إلى أن أسلم بعد ظهور النبي صلى الله عليه وآله بمدة طويلة1، وكان تظاهره بالإسلام قبل موت النبي بخمسة أشهرولم يسلم إلا خوفاً من السيف3، لذلك لم يكن مسلماً إلا بالاسم4، إذ أنه بقي على جاهليته الأولى5. ولم يمت حتى علق الصليب في عنقهكما زعموا.

ويزعمون أنه كان شراً من إبليس
7، وأن زندقته أشهر من كفر إبليس8، وأنه كان رأساً من رؤوس الضلالة9، إماماً من أئمة الكفر،10 فرعون هذه الأمة11، طليقاً، منافقاً، معانداً لله ولرسوله وللمؤمنين12، من أعداء آل محمد، وخاصة علي بن أبي طالب منهم.13.

ويزعمون أنه كان يضع الحديث في فضائل الخلفاء الثلاثة، وفي ذم آل بيت النبي -ومنهم علي - ويأمر الناس بوضع الأحاديث في ذلك ويرغبهم بالعطايا الكثيرة، ويتهدد كل من روى حديثاً في فضل علي بن أبي طالب بإنزال أقسى العقوبة به
14.

ويدعون أنه إنما فعل ذلك -أي وضع الأحاديث، وأمر الناس بذلك، واستأجر أقواماً لوضع الحديث- كي يتسنى له النيل من علي بن أبي طالب، وانتقاص أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم
15.

قال ابن أبي الحديد: أول من اتخذ ناساً لوضع الحديث هو معاوية بن أبي سفيان
16.

وقال الكاشاني: (كان معاوية يبذل الأموال لمن كان موثوقاً به عند الناس من الصحابة ليضع حديثاً في فضل الخلفاء الثلاثة، وفي منقصة أمير المؤمنين (ع)، ثم يرويه عن النبي على المنبر بمشهد من الناس)
17.

وقال محمد علي الحسني: اشترى معاوية كثيراً من الناس الذين وضعوا له الأحاديث الكاذبة ونسبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
18.

وقال في موضع آخر: اعتمد الوضاعون في عهد معاوية بأمره على ثلاثة أمور: الأول: إخفاء فضائل علي ووضع أحاديث في مثالبه، والثاني: تحويل الآيات النازلة بحقه لغيره، والثالث: اختلاق فضائل لا أساس لها لغيره..
19.

وقال الخنيزي: أراد معاوية أن يستأجر قوماً لوضع الأحاديث المنتقصة من علي، فاختار بعضاً من الصحابة الذين لهم في نفوس العامة ثقة وقداسة خلعت عليهم لتكون عماد ما يرفعون من واهي البناء.. وممن عقد معه تلك الصفقة: أبو هريرة، وعمرو بن العاص، والزاني المغيرة بن شعبة، وعروة بن الزبير، وسمرة بن جندب.. فاختلقوا الأخبار القباح التي تحمل بين حروفها الطعن على علي عليه السلام بالبراءة منه...إلخ
20.

وهذه الأقوال التي أوردتها غيض من فيض مما في كتب القوم الذين أجمعوا على أن معاوية فعل ذلك بالتعاقد مع بعض الصحابة للانتقاص من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وفي مقدمتهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ويزعم الشيعة أن معاوية مات كافراً
21، لذلك فإنه يخلد في النار يوم القيامة.

واستدلوا على خلوده في النار بما أسندوه
22 إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم -زوراً وبهتاناً- أنه قال: «إن الله عز وجل عرض علي في المنام مني23 القيامة وأهولها، والجنة ونعيمها، والنار وما فيها وعذابها، فاطلعت في النار فإذا أنا بمعاوية وعمرو بن العاص قائمين في جمر جهنم، يرضخ رؤوسهما الزبانية بحجارة من جمر جهنم، يقولان لهما: هلا آمنتما بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام»24.

وأسند المفيد إلى جعفر الصادق قوله: (معاوية وعمرو بن العاص لا يطمعان في الخلاص من العذاب)
25.

ومعاوية عند الشيعة أحد أصحاب التوابيت التي في أسفل درك الجحيم- كما تقدم ذلك
26، ومعاوية -عند الشيعة - يعذب في النار منذ مات، وقد نسبوا إلى عدد من أئمتهم أنهم رأوه مغلولاً في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً في واد من أودية جهنم:
فقد أسندوا إلى أبي جعفر الباقر أنه قال: (كنت خلف أبي وهو على بغلته، فنفرت بغلته، فإذا هو شيخ في عنقه سلسلة ورجل يتبعه، فقال: يا علي بن الحسين اسقني؟ فقال الرجل: لا تسقه، لا سقاه الله، وكان الشيخ معاوية)
27.

وزعم الشيعة أن نفس الواقعة حصلت مع أبي عبد الله الصادق حين كان مع أبيه متوجهين إلى مكة؛ فقد أسندوا إلى الصادق قوله: (بينا أنا وأبي متوجهين إلى مكة في موضع يقال له ضجنان
28، إذ جاء رجل في عنقه سلسلة، فقال: اسقني، فسمعه أبي، فقال: لا تسقه لا سقاه الله، فإذا رجل يتبعه حتى جذب السلسلة وطرحه على وجهه، فغاب في أسفل درك من النار، فقال أبي: هذا الشامي لعنه الله)29.

وفي رواية ثالثة أسندوها إلى الباقر: ذكر الباقر فيها أن معاوية سأله أن يستغفر له، فقال له الباقر ثلاث مرات: (لا غفر الله لك)
30.

ولأن معاوية ممن محض الكفر محضاً
31، عند الشيعة فإنه يرجع إلى الدنيا قبل يوم القيامة، ويُنتقم منه أشد الانتقام -على حد زعم الشيعة -32.

مناقشة هذه المزاعم:
لا تصح مزاعم الشيعة في تأخر إسلام معاوية رضي الله عنه إلى ما قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر، بل الثابت أنه أسلم في عام الفتح في السنة الثامنة الهجرية؛ أي قبل موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو من ثلاث سنين، وعلى هذا القول جمهور علماء المغازي والسير
33)، وذكر بعضهم أنه أسلم قبل ذلك34.

وقد أسند ابن سعد إلى معاوية رضي الله عنه إخباره عن وقت إسلامه بقوله: (لقد أسلمت قبل عمرة القضية، ولكني كنت أخاف أن أخرج إلى المدينة؛ لأن أمي كانت تقول لي: إن خرجت قطعنا عنك القوت، ولقد دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في عمرة القضاء وإني لمصدق به، ثم لما دخل عام الفتح أظهرت إسلامي فجئته، فرحب بي)
35.

وقد ذكر البياضي -من الشيعة - أن معاوية أظهر إسلامه في عام الفتح، فقال: قد صحّ من التاريخ أنه أظهر الإسلام سنة ثمان من الهجرة
36.

فهذا شاهد منهم بنقل أنه قد صح إظهار معاوية لإسلامه في السنة الثامنة -عام الفتح- وقوله حجة على من زعم تأخر ذلك.

وأقل أحوال معاوية أن يكون من الطلقاء أو المؤلفة قلوبهم، وكونه منهم لا يقدح به؛ لأن أكثر الطلقاء والمؤلفة قلوبهم، حسُن إسلامهم وكان الرجل منهم يسلم أول النهار رغبة منه في الدنيا، فلا يجيء آخر النهار إلا والإسلام أحب إليه مما طلعت عليه الشمس
37، ومعاوية رضي الله عنه ممن حسن إسلامهم، ولذلك استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على كتابة الوحي، وهذا أمر مجمع عليه عند أهل السنة38.

وقد أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعا له بقوله: «اللهم اجعله هادياً مهدياً، واهد به»
39. وقوله: «اللهم علم معاوية الكتاب والحساب، وقه العذاب»40.

فرسول الله صلى الله عليه وسلم دعا ربه أن يهدي معاوية ويهدي به، وأن يقيه العذاب، ولكن الشيعة بالرغم من ذلك يزعمون أن معاوية كان كافراً، وأنه يخلد في النار دونما دليل صحيح، وإنما اتباعاً لأهوائهم وما تزينه لهم أنفسهم. أما عن زعم الشيعة أن معاوية رضي الله عنه كان يضع الحديث في مناقب الخلفاء الثلاثة، ومثالب علي، ويأمر الناس بوضعه، فهو من المزاعم الكاذبة، ولم يأتوا عليه بدليل واحد لا صادقاً ولا كاذباً، وأقل ما يقال فيه أنه بهتان مبين.

والأقوال التي نسبها بعض الشيعة في مصنفاتهم إلى معاوية في الثناء على علي، والترحم عليه، ورواية فضائله تدل على بطلان هذه الدعوى من أساسها:
فقد رووا بأسانيدهم إلى معاوية من أكثر من عشر طرق أنه قال لرجل سأله عن مسألة: «سل عنها علي بن أبي طالب عليه السلام فإنه أعلم، قال: يا معاوية! قولك فيها أحب إليّ من قول علي، قال: بئس ما قلت، ولؤم ما جئت به، كيف كرهت رجلاً كان رسول الله صلى الله عليه وآله يغره بالعلم غراً، ولقد قال له رسول الله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي، ولقد كان عمر بن الخطاب يسأله، فيأخذ عنه، ولقد شهدت عمر إذا أشكل عليه شيء قال: هاهنا علي، ثم قال للرجل: قم، لا أقام الله رجليك، ومحى اسمه من الديوان»
41.

ولقد ذكر علي في مجلس معاوية، فقال معاوية لمن ذكره: (ذكرت من لم ينكر فضله، رحم الله أبا حسن فلقد سبق من كان قبله، وأعجز من يأتي بعده.. هيهات، هيهات، عقمت النساء أن تلدن مثله)
42.

فهذا ذكر معاوية لعلي وفضائله، وحبه له، وترحمه عليه، فهل يعقل أن يضع -من كانت هذه حاله- أحاديث في مثالبه، وينهى عن رواية فضائله؟ اللهم لا.ولقد كان الصحابة اتقى لله من أن يكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سمعوا قوله عليه السلام: «من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار»
43(.

ولا يعلم بين فرق الناس فرقة غلت في وضع الحديث أكثر من الشيعة الذين وضعوا أحاديث كثيرة في مثالب الصحابة، والغلو في بعض القرابة، حتى قال الخليلي: وضعت الرافضة في فضائل علي وأهل بيته نحو ثلاثمائة ألف حديث
44.
عبدالقادر صوفي ..


1 منهاج الكرامة للحلي (ص:116.

2 منهاج الكرامة للحلي (ص:114)، وإحقاق الحق للتستري (ص:266)، وعقائد الإمامية الإثني عشرية للزنجاني (3/61(.
3 نفحات اللاهوت للكركي (ق14/ب-15/أ، 26/ب(.
4 في ظلال التشيع لمحمد علي الحسني (ص:286(.
5 مقدمة مرآة العقول لمرتضى العسكري (1/38(.
6 الصراط المستقيم للبياضي (3/50(.
7 منهاج الكرامة للحلي (ص:116(.
8 تنقيح المقال للمامقاني (3/222(.
9 شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (20/15(.
10 الشافي للمرتضى (ص:287)، وتلخيص الشافي للطوسي (ص:462(.
11 الإيضاح للفضل بن شاذان (ص:43)، والخصال للصدوق (2/457-460)، والملاحم لابن طاوس (ص:90)، وسعد السعود له (ص:133)، والصراط المستقيم للبياضي (3/50)، والكشكول لحيدر الآملي (ص:200)، وتفسير الصافي للكاشاني (2/740)، ومقدمة البرهان لأبي الحسن العاملي (ص:263، 341)، وأصل الشيعة وأصولها لكاشف الغطاء (ص:45-47(.
12 المصباح للكفعمي (ص:552)، والشيعة والحاكمون لمحمد جواد مغنية (ص:39)، وأبو طالب مؤمن قريش للخنيزي (ص:51(.
13 الجمل للمفيد (ص:49)، ومنهاج الكرامة للحلي (ص:116)، والكشكول للآملي (ص:160)، والشيعة في الميزان لمغنية (ص:255(.
14 السقيفة لسليم بن قيس (ص:202، 204-205)، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (1/258)، والألفين للحلي (ص:330)، وكشف المحجة لابن طاوس (ص:74)، والصراط المستقيم للبياضي (3/185)، ونفحات اللاهوت للكركي (ق40/أ)، وقرة العيون للكاشاني (ص:427-428)، وعلم اليقين له (2/706)، ومقدمة البرهان لأبي الحسن العاملي (ص:275)، والدرر النجفية ليوسف البحراني (ص:276-280)، وحق اليقين لشبر (1/220)، وعقائد الإمامية للزنجاني (3/25)، وفي ظلال التشيع لمحمد علي الحسني (ص:258-259، 261-262)، ومقدمة مرآة العقول لمرتضى العسكري (1/40-41)، وأبو طالب مؤمن قريش للخنيزي (ص:31-34(.
15 السقيفة لسليم بن قيس (ص:202، 204-205)، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (1/258)، والألفين للحلي (ص:330)، وكشف المحجة لابن طاوس (ص:74)، والصراط المستقيم للبياضي (3/185)، ونفحات اللاهوت للكركي (ق40/أ)، وقرة العيون للكاشاني (ص:427-428)، وعلم اليقين له (2/706)، ومقدمة البرهان لأبي الحسن العاملي (ص:275)، والدرر النجفية ليوسف البحراني (ص:276-280)، وحق اليقين لشبر (1/220)، وعقائد الإمامية للزنجاني (3/25)، وفي ظلال التشيع لمحمد علي الحسني (ص:258-259، 261-262)، ومقدمة مرآة العقول لمرتضى العسكري (1/40-41)، وأبو طالب مؤمن قريش للخنيزي (ص:31-34(.
16 شرح نهج البلاغة (1/258(.
17 قرة العيون للكاشاني (ص:427(.
18 في ظلال التشيع للحسني (ص:258(.
19 في ظلال التشيع للحسني (ص:259(.
20 أبو طالب مؤمن قريش للخنيزي (ص:33-34(.
21 تقدم أن من عقائد الشيعة الإثني عشرية: كفر كل من حارب علي بن أبي طالب، وتقدم استدلالهم على ذلك بما نسبوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: (حربك يا علي حربي)، وأدلة أخرى. وقد سبق نقل إجماع الشيعة على ذلك مع تفنيده (ص:1173(.
22 أسنده أحمد بن عبد الله المؤدب. ولم أقف على من ترجم له.
23 يريدون في منامه عليه السلام. والجملة تدل على جهل واضع الحديث باللغة العربية.
24 نقله البحراني في البرهان (4/477-478(.
25 الاختصاص للمفيد (ص:344(.
26 تقدم ذلك ص (1020(.
27 بصائر الدرجات الكبرى للصفار (ص:304-307)، والاختصاص للمفيد (ص:275-277(. وانظر: الخرايج والجرايح للراوندي (ق134)، ومختصر بصائر الدرجات للحلي (ص:111)، وتفسير الصافي للكاشاني (2/491، 740)، والإيقاظ من الهجعة للحر العاملي (ص:203-204)، وحق اليقين لشبر (2/89(.
28 ضجنان: جبل على بريد من مكة. (مراصد الاطلاع للبغدادي (2/865(. والشيعة زعموا أنه واد.
29 بصائر الدرجات الكبرى للصفار (ص:304-307)، والاختصاص للمفيد (ص:275-277(. وانظر: الخرايج والجرايح للراوندي ق134، ومختصر بصائر الدرجات للحلي (ص:111)، وتفسير الصافي للكاشاني (2/491، 740)، والإيقاظ من الهجعة للحر العاملي (ص:203-204)، وحق اليقين لشبر (2/89(.
30 بصائر الدرجات الكبرى للصفار (ص:304-307)، والاختصاص للمفيد (ص:275-277(. وانظر: الخرايج والجرايح للراوندي (ق134)، ومختصر بصائر الدرجات للحلي (ص:111)، وتفسير الصافي للكاشاني (2/491، 740)، والإيقاظ من الهجعة للحر العاملي (ص:203-204)، وحق اليقين لشبر (2/89(.
31 تقدم أن الرجعة عند الشيعة خاصة بمن محض الإيمان محضاً، أو محض الكفر محضاً. راجع (ص:910(.
32 مختصر بصائر الدرجات للحلي (ص:29)، والإيقاظ من الهجعة للحر العاملي (ص:363-364(.
33 انظر: الاستيعاب لابن عبد البر (3/395)، ومنهاج السنة النبوية لابن تيمية (4/428-429، 436-439)، والبداية والنهاية لابن كثير (8/118)، والإصابة لابن حجر العسقلاني (3/433)، وتطهير الجنان لابن حجر الهيثمي (ص:8-11(.
34 انظر: الاستيعاب لابن عبد البر (3/395)، ومنهاج السنة النبوية لابن تيمية (4/428-429، 436-439)، والبداية والنهاية لابن كثير (8/118)، والإصابة لابن حجر العسقلاني (3/433)، وتطهير الجنان لابن حجر الهيثمي (ص:8-11(..
35 نقله الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (8/118)، والحافظ ابن حجر في الإصابة (3/433(.
36 الصراط المستقيم للبياضي (3/46(.
37 منهاج السنة النبوية (4/384(.
38 راجع: تاريخ الطبري (6/179)، وتاريخ خليفة (1/77)، والوزراء والكتّاب للجهشياري (ص:12)، وتجارب الأمم لابن مسكويه (1/291)، والكامل في التاريخ لابن الأثير (4/385)، والبداية والنهاية لابن كثير (5/350)، والعجالة السنية للمناوي (ص:345)، وكُتاب النبي للأعظمي (ص:103-105(. وانظر من مصادر الشيعة: التنبيه والإشراف للمسعودي (ص:426)، وتاريخ اليعقوبي (2/80(.
39 أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن غريب. (جامع الترمذي (5/687)، كتاب المناقب، باب مناقب لمعاوية بن أبي سفيان. وانظر: البداية والنهاية لابن كثير (8/121-122(.
40 روي الحديث بأسانيد متعددة يعضد بعضها البعض، وتصل بالحديث إلى درجة الحسن لغيره- كما ذكر ذلك محقق كتاب فضائل الصحابة- (انظر: فضائل الصحابة لأحمد (2/913-915)، ومسند أحمد (4/127)، وتاريخ الفسوي (2/345)، والاستيعاب لابن عبد البر (3/401(.
41 المناقب لابن المغازلي (ص:34(. وانظر: الطرائف لابن طاوس (ص:52-53(.
42 الدرجات الرفيعة للشيرازي (ص:160(.
43 الحديث مروي عن عدد من الصحابة، منهم علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وأنس بن مالك، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة. انظر: صحيح البخاري (1/62-63)، كتاب العلم، باب إثم من كذب على النبي، وصحيح مسلم (4/2298-2299)، كتاب الزهد، باب: التثبت في الحديث.
44 تقدم في هذه الأطروحة الكثيرة من الأحاديث التي وضعها الشيعة كي يطعنوا من خلالها في خير الناس بعد الأنبياء والمرسلين؛ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.


 أن أمير المؤمنين معاوية عليه السلام من أهل النار !!!!

الرد بواسطة الشيخ البدري حفظه الله
 
إخواني أهل السنة والجماعة
السلام عليكم
ذكر احد الرافضة في موقع (يا حسين) هذه الشبهة على أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه ، انقل لكم أولا كلام الكاتب الرافضي هناك ثم اذكر لكم الرد على ذلك بعون الله تعالى

اقتباس:
--------------------------------------------------------------------------------

كاتب الرسالة الأصلية : مؤمن فعلي
إذا كان معاوية يدعو إلى النار فهل هو من أهل الجنة؟؟؟؟؟

عن أبي سعيد في بناء المسجد... كنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فينفض التراب عنه، ويقول: «ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم الى الجنة ويدعونه إلى النار»
قال: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن.

صحيح البخاري رقم 436، و صحيح مسلم 18: 39 وعن أُم سلمة أيضاً عن النبي(ص) 18: 41

بالله عليكم يا مسلمين ماذا تفهمون من الحديث؟؟؟هل معاوية من أهل الجنة ام من أهل النار؟؟

الجواب
كنت أود من كاتب الموضوع الأصلي بان يرجع إلى كتب أهل السنة التي اعتنت بشرح هذه الرواية فلن تكلفه وقتا طويلا في ذلك .
الرواية هي موجودة في صحيح البخاري وفي غيره ، ولكن الغريب أنني لم أجد هذه الرواية في صحيح مسلم كما ذكر ذلك الرافضي ، ربما لعجلة من أمري في البحث ولكن نكتفي بما في صحيح البخاري .
هذه الرواية وردت في صحيح البخاري (باب التعاون في بناء المسجد وقول الله عز وجل ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين(
 436
حدثنا مسدد قال حدثنا عبد العزيز بن مختار قال حدثنا خالد الحذاء عن عكرمة قال لي بن عباس ولابنه علي انطلقا إلى أبي سعيد فاسمعا من حديثه فانطلقنا فإذا هو يصلحه فأخذ رداءه فاحتبى ثم أنشأ يحدثنا حتى أتى ذكر بناء المسجد فقال ثم كنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فينفض التراب عنه ويقول ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار قال يقول عمار أعوذ بالله من الفتن

وسيكون الرد من ثلاث أمور :
الأول : رد الإمام الحافظ ابن حجر .
الثاني : رد المناوي في فيض القدير .
الثالث : الرد بذكر رواية وردت في كتاب مجمع الزوائد وهي تفسر الراوية الصحيحة في البخاري حسب علمي .

الأول : رد ابن حجر في الفتح (1/542 543)
 
قوله حدثنا مسدد هذا الإسناد كله بصري لأن بن عباس أقام على البصرة أميرا مدة ومعه مولاه عكرمة قوله انطلقا إلى أبي سعيد أي الخدري قوله فإذا هو زاد المصنف في الجهاد فأتيناه وهو وأخوه لهما قوله يصلحه قال في الجهاد يسقيانه والحائط البستان وهذا الأخ زعم بعض الشراح أنه قتادة بن النعمان وهو أخو أبي سعيد لأمه ولا يصح أن يكون هو فإن على بن عبد الله بن عباس ولد في أواخر خلافة على ومات قتادة بن النعمان قبل ذلك في أواخر خلافة عمر بن الخطاب وليس لأبي سعيد أخ شقيق ولا أخ من أبيه ولا من أمه إلا قتادة فيحتمل أن يكون المذكور أخاه من الرضاعة ولم صليت إلى الآن على اسمه وفي الحديث إشارة إلى أن العلم لا يحوى جميعه أحد لأن بن عباس مع سعة علمه أمر ابنه بالأخذ عن أبي سعيد فيحتمل أن يكون علم أن عنده ما ليس عنده ويحتمل أن يكون إرساله إليه لطلب علو الإسناد لأن أبا سعيد أقدم البغوي وأكثر سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم من بن عباس وفيه ما كان السلف عليه من التواضع وعدم التكبر وتعاهد أحوال المعاش بأنفسهم والاعتراف لأهل الفضل بفضلهم وإكرام طلبة العلم وتقديم حوائجهم على حوائج أنفسهم قوله فأخذ رداءه فاحتبى فيه التأهب لالقاء العلم وترك التحديث في حالة المهنة إعظاما للحديث قوله حتى أتى على ذكر بناء المسجد أي النبوي وفي رواية كريمة حتى إذا أتى قوله وعمار لبنتين زاد معمر في جامعه لبنة عنه ولبنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه جواز ارتكاب المشقة في عمل البر وتوقير الرئيس والقيام عنه بما يتعاطاه من المصالح وفضل بنيان المساجد قوله فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فينفض بصيغة المضارع في موضع الماضي مبالغة لاستحضار ذلك في نفس السامع كأنه يشاهد وفي رواية الكشميهني فجعل ينفض قوله التراب عنه زاد في الجهاد عن رأسه وكذا لمسلم وفيه إكرام العامل في سبيل الله والإحسان إليه بالفعل والقول قوله ويقول أي في تلك الحال ويح عمار هي كلمة رحمة وهي بفتح الحاء إذا أضيفت فإن لم تضف جاز الرفع والنصب مع التنوين فيهما قوله يدعوهم أعاد الضمير مذكور والمراد قتلته كما ثبت من وجه آخر تقتله الفئة الباغية يدعوهم الخ وسيأتي التنبيه عليه فإن قيل كان قتله بصفين وهو مع على والذين قتلوه مع معاوية وكان معه جماعة من الصحابة فكيف يجوز عليهم الدعاء إلى النار فالجواب أنهم كانوا ظانين أنهم يدعون إلى الجنة وهم مجتهدون لا لوم عليهم في أتباع ظنونهم فالمراد بالدعاء إلى الجنة الدعاء إلى سببها وهو طاعة الإمام وكذلك كان عمار يدعوهم إلى طاعة على وهو الإمام الواجب الطاعه إذ ذاك وكانوا هم يدعون إلى خلاف ذلك لكنهم معذورون للتأويل الذي ظهر لهم وقال بن بطال تبعا للمهلب إنما يصح هذا في الخوارج الذين بعث إليهم على عمارا يدعوهم إلى الجماعة ولا يصح في أحد من الصحابة وتابعه على هذا الكلام جماعة من الشراح وفيه نظر من أوجه أحدها أن الخوارج إنما خرجوا على على بعد قتل عمار بلا خلاف بين أهل العلم بذلك فإن ابتداء أمر الخوارج كان عقب التحكيم وكان التحكيم عقب انتهاء القتال بصفين وكان قتل عمار قبل ذلك قطعا فكيف يبعثه إليهم على بعد موته ثانيها أن الذين بعث إليهم على عمارا إنما هم أهل الكوفة بعثه يستنفرهم على قتال عائشة ومن معها قبل وقعة الجمل وكان فيهم من الصحابة جماعة كمن كان مع معاوية وأفضل وسيأتي التصريح بذلك ثم المصنف في كتاب الفتن فما فر منه المهلب وقع في مثله مع زيادة إطلاقه عليهم تسمية الخوارج وحاشاهم من ذلك ثالثها أنه شرح على ظاهر ما وقع في هذه الرواية الناقصة ويمكن حمله على أن المراد بالذين يدعونه إلى النار كفار قريش كما صرح به بعض الشراح لكن وقع في رواية بن الموطأ وكريمة وغيرهما وكذا ثبت في نسخة الصغاني التي ذكر أنه قابلها على نسخة الفربري التي بخطه زيادة توضح المراد وتفصح بان الضمير يعود على قتلته وهم أهل الشام ولفظه ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم الحديث وأعلم أن هذه الزيادة لم يذكرها الحميدي في الجمع وقال إن البخاري لم يذكرها أصلا وكذا قال أبو مسعود قال الحميدي ولعلها لم تقع العالمين أو وقعت فحذفها عمدا قال وقد أخرجها الإسماعيلي والبرقاني في هذا الحديث قلت ويظهر لي أن البخاري حذفها عمدا وذلك لنكتة خفية وهي أن أبا سعيد الخدري اعترف أنه لم يسمع هذه الزيادة من النبي صلى الله عليه وسلم فدل على أنها في هذه الرواية مدرجة والرواية التي بينت ذلك ليست على شرط البخاري وقد أخرجها البزار من طريق داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد فذكر الحديث في بناء المسجد وحملهم لبنة لبنة وفيه فقال أبو سعيد فحدثني أصحابي ولم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يا بن سمية تقتلك الفئة الباغية أه وابن سمية هو عمار وسمية اسم أمه وهذا الإسناد على شرط مسلم وقد عين أبو سعيد من حدثه بذلك ففي مسلم والنسائي من طريق أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال حدثني من هو خير مني أبو قتادة فذكره فاقتصر البخاري على القدر الذي سمعه أبو سعيد من النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره وهذا دال على دقة فهمه وتبحره في الاطلاع على علل الأحاديث وفي هذا الحديث زيادة أيضا لم تقع في رواية البخاري وهي ثم الإسماعيلي وأبي نعيم في المستخرج من طريق خالد الواسطي عن خالد الحذاء وهي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمار ألا تحمل كما يحمل أصحابك قال إني أريد من الله الأجر وقد تقدمت زيادة معمر فيه أيضا فائدة روى حديث تقتل عمارا الفئة الباغية جماعة من الصحابة منهم قتادة بن النعمان كما تقدم وأم سلمة ثم مسلم وأبو هريرة ثم الترمذي وعبد الله بن عمرو بن العاص ثم النسائي وعثمان بن عفان وحذيفة وأبو أيوب وأبو رافع وخزيمة بن ثابت ومعاوية وعمرو بن العاص وأبو اليسر وعمار نفسه وكلها ثم الطبراني وغيره وغالب طرقها صحيحة أو حسنة وفيه عن جماعة آخرين المطلوب عدهم وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة وفضيلة ظاهرة لعلي ولعمار ورد على النواصب الزاعمين أن عليا لم يكن مصيبا في حروبه قوله في آخر الحديث يقول عمار أعوذ بالله من الفتن فيه دليل على استحباب الاستعاذة من الفتن ولو علم المرء أنه متمسك فيها بالحق لأنها قد تفضي إلى وقوع من لا يرى وقوعه قال بن بطال وفيه رد للحديث الشائع لاتستعيذوا بالله من الفتن فإن فيها حصاد المنافقين قلت وقد سئل بن وهب قديما عنه فقال إنه باطل وسيأتي في كتاب الفتن ذكر كثير من احكامها وما ينبغي من العمل ثم وقوعها أعاذنا الله تعالى مما ظهر منها وما بطن)

الثاني : الرد من كتاب (فيض القدير شرح الجامع الصغير) لعبد الرؤوف المناوي (6/366)

)  .....ويح عمار بالجر على الإضافة وهو ابن ياسر تقتله الفئة الباغية قال القاضي في شرح المصابيح يريد به معاوية وقومه اه وهذا صريح في بغي طائفة معاوية الذين قتلوا عمارا في وقعة صفين وأن الحق مع علي وهو من الإخبار بالمغيبات يدعوهم أي عمار يدعو الفئة وهم أصحاب معاوية الذين قتلوه بوقعة صفين في الزمان المستقبل إلى الجنة أي إلى سببها وهو طاعة الإمام الحق ويدعونه إلى سبب النار وهو عصيانه ومقاتلته قالوا وقد وقع ذلك في يوم صفين دعاهم فيه إلى الإمام الحق ودعوه إلى النار وقتلوه فهو معجزة للمصطفى وعلم من أعلام نبوته ……) .

الثالث : هذا الرد فيه زيادة في التوضيح
 
حيث وردت هذه الرواية في كتاب مجمع الزوائد (7/241)وعن أبي غادية قال قتل عمار فأخبر عمرو بن العاصي فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن قاتله وسالبه في النار فقيل لعمرو فإنك هوذا تقاتله قال إنما قال قاتله وسالبه رواه أحمد والطبراني بنحوه إلا أنه قال عن عبد الله بن عمرو أن رجلين أتيا عمرو بن العاص يختصمان في دم عمار وسلبه فقال خليا عنه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن قاتل عمار وسالبه في النار ورجال أحمد ثقات


رفع الأستار عن بطلان حديث (معاوية كافر ومن أهل النار)

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين وتابعي التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد:

فهذا رد وجيز على دعوى الرافضي كفرَ صحابي النبي صلى الله عليه وآله وسلم معاوية رضي الله عنه، مستندا في ذلك على الخبر الذي رواه البلاذري في (أنساب الأشراف):
حدثني إسحاق وبكر بن الهيثم قالا حدثنا عبد الرزاق بن همام انبأنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: (كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت على غير ملتي، قال: وكنت تركت أبي قد وضع له وضوء، فكنت كحابس البول مخافة أن يجيء، قال: فطلع معاوية فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هو هذا(.

فنقول وبالله التوفيق:

إن هذا الخبر باطل رواية ودراية.

فأما بطلانه من جهة الرواية فلأمور:


منها: أنه لا يُفرح بمثل هذا الحديث وفي إسناده عبد الرزاق، فعبد الرزاق وإن كان قبِله الأئمة، واحتجوا به، إلا أنهم لم يوثقوه بإطلاق، بل سبروا حديثه، وعرفوا حاله، ونصوا على أنه لا يوثق به إلا فيما أملاه من الكتاب، لأن في حفظه شيئا، ولابد من التحوط والتثبت، فقد كان يُلقَّنُ فيتلقن، وربما أتِيَ بغير حديثه فأملاه، وكان ابن أخته كذابا يُدخل عليه ما ليس من مروياته، ولذلك اتهمه بعضهم بسرقة الحديث، وساء حفظه جدا عندما ذهب بصره بعد المائتين، وجاء بمناكير في فضائل آل البيت ومثالب غيرهم، حتى رمي لأجل ذلك بالكذب.

وأنا أورد لك هنا من النقول ما يبين غلط من يظن أن عبد الرزاق ثقة بإطلاق.

قال الحافظ رحمه الله تعالى في تهذيب التهذيب:
(وقال الأثرم: سمعت أحمد يسأل عن حديث (النار جبار (.
فقال: ومن يحدث به عن عبد الرزاق؟
قلت: حدثني أحمد عن شبويه.
قال: هؤلاء سمعوا بعدما عمي، كان يلقن فلُقِنه، وليس هو في كتبه، كان يلقنها بعد ما عمي.
وقال حنبل بن إسحاق عن أحمد نحو ذلك وزاد: من سمع من الكتب فهو أصح.
وقال أيضا (أي أبو زرعة): أخبرني أحمد: أنا عبد الرزاق قبل المائتين وهو صحيح البصر، مَن سمع منه بعدما ذهب بصره فهو ضعيف السماع.
وقال بن عدي: ولعبد الرزاق أصناف وحديث كثير، وقد رحل إليه ثقات المسلمين وأئمتهم وكتبوا عنه، إلا أنهم نسبوه إلى التشيع، وقد روى أحاديث في الفضائل لم يتابع عليها، فهذا أعظم ما ذموه من روايته لهذه الأحاديث ولما رواه في مثالب غيرهم، وأما في باب الصدق فأرجو أنه لا بأس به، (وتمامه من تهذيب الكمال: إلا أنه قد سبق منه أحاديث في فضائل أهل البيت ومثالب آخرين مناكير(.
قلت: قال النسائي فيه نظر لمن كتب عنه بآخره كتب عنه أحاديث مناكير.
وذكره بن حبان في الثقات وقال: كان ممن يخطىء إذا حدث من حفظه على تشيع فيه، وكان ممن جمع وصنف وحفظ وذاكر.
قال أبو داود وكان عبد الرزاق يعرض بمعاوية
وقال العجلي ثقة يتشيع وكذا قال البزار.
وقال العباس العنبري لما قدم من صنعاء: (لقد تجشمتُ إلى عبد الرزاق وأنه لكذاب والواقدي أصدق منه(.
قرأت بخط ذهبي عقب هذه الحكاية: هذا شيء ما وافق العباس عليه مُسلم.
قلت: وهذا إقدام على الإنكار بغير تثبت، فقد ذكر الإسماعيلي في المدخل عن الفرهياني أنه قال: حدثنا عباس العنبري عن زيد بن المبارك قال: (كان عبد الرزاق كذابا يسرق الحديث)، وعن زيد قال: (لم يخرج أحد من هؤلاء الكبار من ها هنا إلا وهو مجمع أن لا يحدث عنه) انتهى
وهذا وإن كان مردودا على قائله، فغرض من ذكره الإشارة إلى أن للعباس بن عبد العظيم موافقا.
ومما أنكر على عبد الرزاق روايته عن الثوري عن عاصم بن عبيد الله عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عمر ثوبا فقال أجديد هذا أم غسيل الحديث قال الطبراني في الدعاء رواه ثلاثة من الحفاظ عن عبد الرزاق وهو مما وهم فيه عن الثوري والصواب عن عمر عن الزهري عن سالم انتهى وقد قال النسائي ليس هذا من حديث الزهري من اسمه عبد السلام(.
انتهى محل الشاهد مختصرا من كلام الحافظ رحمه الله تعالى.

وعند ابن عساكر في (تاريخ دمشق)، في ترجمة عبد الرزاق، نقول كثيرة تنص على هذا المعنى:

أذكر منها:
قول عبد الله بن أحمد بن حنبل: (سمعت أبي يقول: كتب عبد الرزاق هي العلم(.

وقوله: (قال أبي: ما كتبنا عن عبد الرزاق من حفظه شئ إلا المجلس الأول؛ وذلك أنا دخلنا بالليل فوجدناه في موضع جالسا فأملى علينا سبعين حديثا، ثم التفت إلى القوم فقال: لولا هذا ما حدثتكم يعني أبي
وجالس عبدُ الرزاق معمرا تسع سنين وكان يكتب عنه كل شئ يقول.
قال عبد الله وكل من سمع من عبد الرزاق بعد المائتين فسماعه ضعيف وسمع منه أبي قديما(.

(عن زهير بن حرب قال: لما خرجت أنا وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين نريد عبد الرزاق، فلما وصلنا مكة كتب أصحاب الحديث إلى صنعاء إلى عبد الرزاق: قد أتاك حفاظ الحديث فانظر كيف يكون أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو خيثمة زهير بن حرب.
فلما قدمنا صنعاء غلق الباب عبد الرزاق ولم يفتحه لأحد إلا لأحمد بن حنبل لديانته، فدخل فحدثه بخمسة وعشرين حديثا ويحيى بن معين هذا جالس.
فلما خرج قال يحيى لأحمد: أرني ما حدثك، فنظر فيها فخطأ الشيخ في ثمانية عشر حديثا، فلما سمع أحمد بالخطأ رجع فأراه مواضع الخطأ، وأخرج عبد الرزاق الأصول فوجده كما قال يحيى.
ففتح الباب فقال: ادخلوا، وأخذ مفتاح بيت فسلمه إلى أحمد بن حنبل وقال: هذا البيت ما دخلته يد غيري منذ ثمانين سنة، أسلمه إليكم بأمانة الله على أنكم لا تقولوني ما لم أقل، ولا تدخلوا علي حديثا من حديث غيري.
ثم أومأ إلى أحمد فقال: أنت أمين الله على نفسك وعليهم.
قال: فأقاموا عنده حولا(.

(عن عبد الرزاق قال: قال لي وكيع: أنت رجل عندك حديث وحفظك ليس بذاك، فإذا سئلت عن حديث فلا تقل ليس هو عندي ولكن قل لا أحفظه(.

(قال يحيى بن معين : قال عبد الرزاق : اكتب عني ولو حديثا واحدا من غير كتاب!
فقلت : لا! ولا حرف!(.

(قال يحيى (ابن معين): أخبرني أبو جعفر السويدي أن قوما من الخراسانية من أصحاب الحديث جاءوا إلى عبد الرزاق بأحاديث للقاضي هشام بن يوسف، فتلقطوا أحاديث عن معمر من حديث هشام وابن ثور.
قال يحيى: وكان ابن ثور هذا ثقة، فجاءوا بها إلى عبد الرزاق فنظر فيها فقال: هذه بعضها سمعتها وبعضها لا أعرفها ولم أسمعها!
قال: فلم يفارقوه حتى قرأها ولم يقل لهم حدثنا ولا أخبرنا(.

وقال بن معين: ( رأيت عبد الرزاق بمكة يحدث، فقلت له: هذه الأحاديث سمعتها؟
فقال: وهذا عليك، بعضا سمعناه، بعضا عرضنا، وبعضا ذكره، وكل سماع.
قال لي يحيى: ما كتبت عن عبد الرزاق حديثا واحدا إلا من كتابه(.

(عبد الرحمن النسائي قال: عبد الرزاق بن همام فيه نظر لمن كتب عنه بأخره.
وفي رواية أخرى: عبد الرزاق بن همام من لم يكتب عنه من كتاب ففيه نظر، ومن كتب عنه بأخرة جاء عنه بأحاديث مناكير(.

(أبو محمد الحسن بن محمد بن أحمد بن جميع قال: هذا ما سأل ابن بكير أبا الحسن الدارقطني عليُ بن عمر عن أقوام أخرجهم البخاري ومسلم بن الحجاج في كتابيهما وأخرجهم النسائي في كتاب الضعفاء: (عبد الرزاق بن همام: فيه نظر لمن كتب عنه بآخره)!
سأل أبا الحسن الدارقطني عنه فقال: ثقة يخطئ على معمر في أحاديث لم تكن في الكتاب(.

(أبو عمرو بن السماك نا حنبل بن إسحاق قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول في حديث أبي هريرة: حديث عبد الرزاق يحدث به (النار جبار) ليس بشئ، لم يكن في الكتب، باطل ليس بصحيح)

(محمد بن هانئ قال: وسمعت أبا عبد الله يُسأل عن حديث (النار جبار) فقال: هذا باطل، ليس من هذا شئ.
ثم قال: ومن يحدث به عن عبد الرزاق؟
قلت: حدثني أحمد بن شبويه.
قال: هؤلاء سمعوا بعدما عمي، كان يلقن فلقنه، وليس هو في كتبه، وقد أسندوا عنه أحاديث ليست في كتبه كان يلقنها بعد ما عمي)، انتهى.

وقال الحافظ رحمه الله تعالى في (لسان الميزان):
(أحمد بن داود بن أخت عبد الرزاق.
قال بن معين: لم يكن بثقة.
وقال أحمد: كان من أكذب الناس.
وقال بن عدي: عامة أحاديثه مناكير وحديثه قليل انتهى
وأعاده الذهبي فيمن اسم أبيه عبد الله، ونقل عن بن حبان: كان يُدخل على عبد الرزاق الحديث، فكل ما وقع في حديث عبد الرزاق من مناكير فبليته منه) انتهى.

وهو كاف في بيان المطلوب، والله الموفق.

ومما ينبيك عن حال هذا الخبر: أن عبد الرزاق ذاته صان عنه مصنفه، فلم يورده فيه، مما يدل على أنه لم يصح عنده، وأنه كان مما يحدث به من حفظه، وقد عرفت ما فيه، أو كان مما يرويه عند تغيره واختلاطه بعد ذهاب بصره، أو مما لقنه الناس إياه، أو أدخِل عليه وليس من حديثه، وأنه من جملة المناكير التي خطأه فيها الحفاظ وأعرض عنها الأئمة.
فمن البعيد جدا أن يصح عنده مثل هذا الخبر ثم لا يورده في مصنفه، مع ما عُرف عنه من التشيع لعلي رضي الله عنه والانتصار له، والحط على معاوية رضي الله عنه والانتقاص منه، ولم يكن مستخفيا بذلك، بل كان يستعلن به ويظهره في مجالسه، حتى تجنبه لأجل ذلك بعض الناس وتركوا حديثه.

ومنها: أن إسحاق بن أبي إسرائيل، الراوي عن عبد الرزاق، لا يُعرف متى سمع هذا الحديث منه، هل كان ذلك قبل التغير والاختلاط أم بعده؟
وقد تقدم لك أن عرفت أن العبرة من حديث عبد الرزاق بما سُمع منه قبل تغيره، وأما ما كان بعد ذلك فلا يلتفت إليه.

ومنها: أن هذا الخبر قد وقع فيه اضطراب، فورد فيه تارة أن الرجل الذي طلع هو (الحكم)، كما عند أحمد في المسند والبزار والطبراني في الأوسط بسند رجاله رجال مسلم:
عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عبد الله بن عمرو قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذهب عمرو بن العاصي يلبس ثيابه ليلحقني، فقال ونحن عنده: (ليدخلن عليكم رجل لعين)، فوالله ما زلت وجلا أتشوف داخلا وخارجا حتى دخل فلان يعني الحكم(.

وتارة ورد بأن الطالع (معاوية)، كما عند البلاذري هنا، وكذا في الخبر الذي ذكره تحته.

وتارة ورد أن الطالع (غيره) أو (فلان) مبهما دون تعيين، كما ذكره صاحب الزوائد:
وعنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يطلع عليكم رجل من هذا الفج من أهل النار وكنت تركت أبي يتوضأ فخشيت أن يكون هو فأطلع غيره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو هذا(. ورجاله رجال الصحيح.

وهذا يدل على أن بعض رواة هذا الخبر لم يضبطه، ودخل عليه فيه الوهم، أو أن بعضهم كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقلب هذه المثلبة على معاوية رضي الله عنه بغضا فيه، ثم أدخلوه على عبد الرزاق وليس من حديثه، كما حمل حبُه وإغاظة ُ الرافضة قوما على أن وضعوا أحاديث في تبشيره بالجنة، فالله المستعان.

ومما يدل على سقوطه أيضا: ما قاله أرباب العلل؛ أطباء الأخبار وصيارفة الآثار؛ من أن (طاوس) كان يرويه :عن (عبد الله ين عمرو بن العاص)، أو عن (غيره)، على جهة الشك منه؛ هل سمعه من (عبد الله) أم من (رجل آخر غيره(.
ولعل البلية جاءت من ذلك الرجل الآخر.
وهذا وحده كاف في إسقاط الرواية.

فكيف إذا انضاف إليه أن عبد الرزاق كان يقول بأن (ابن طاوس) لم يسمع هذا الحديث من أبيه (طاوس) مباشرة، بل بينهما راو مجهول يدعى (فرخاش)؟

قال ابن قدامة في (المتخب من علل الخلال) (ج 1 / ص 32):
(136- وسألت أحمد، عن حديث شريك، عن ليث، عن طاوس، عن عبدالله بن عمرو، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "يطلع عليكم رجل من أهل النار"، فطلع معاوية.
قال: إنما ابن طاوس، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو أو غيره، شك فيه.
قال الخلال: رواه عبدالرزاق، عن معمر، عن ابن طاوس، قال: سمعت فرخاش يحدث هذا الحديث عن أبي، عن عبد الله ابن عمرو(.

ومنه يتبين لك أن هذا الخبر دخل عليه الخلل من جهتين:
من جهة تخليط عبد الرزاق فيه، فتارة صرح بالواسطة بين (ابن طاوس) وأبيه، وذكر بينهما (فرخاش(.
وتارة حذف الواسطة وجعله عن ابن طاوس عن أبيه.
ومن جهة أن (طاوس) نفسه كان يشك هل سمع هذا الخبر من عبد الله بن عمرو بن العاص أم من غيره!

والحاصل أن العلل التي ذكرناها كافية في الدلالة على بطلان الخبر من جهة الرواية.

وأما بطلانه من جهة الدراية فلأمور:


منها: أن مثل هذا الخبر لو صدر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبينه بيانا عاما، بحيث يحمله عنه من الرواة والنقلة العدد الجم الغفير الذي يحصل به المقصود الشرعي من هذا الحديث وأمثاله، لأنه مما لا يخص الرجل والرجلين، بل يهم الأمة الإسلامية عامة، والصحابة الكرام خاصة؛ ذلك أن لمعاوية رضي الله عنه أثر عظيم في التاريخ الإسلامي، ويكفي ما وقع بينه وبين علي رضي الله عنهما من الأهوال العظام، وحكمِه لأمة الإسلام نحوا من عشرين سنة والعهدُ بزمان النبوة قريب، فلو تعلق مقصود النبي صلى الله عليه وآله وسلم ببيان حال الرجل للأمة لكي يحذره المسلمون، فإن العارف بسنته صلى الله عليه وآله وسلم، يقطع بأن ذلك البيان لو وقع لكان عاما، إذ البيان النبوي لا يكون قاصرا عن الحاجة بل بقدرها، ويستحيل على الخبير أن يتصور أن يصدر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيان هذا الأمر بتلك الصفة القاصرة، بحيث لا يحمله عنه إلا الرجل والرجلان، لما يلزم من ذلك من تفريط في التبليغ، وتهاون في النصح للمسلمين، ونقص في الحكمة، واستهانة بما حقه أن يعظم ويفخم، وحاشا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ذلك.
ولو أن البيان النبوي وقع لذلك الأمر، لعرفه الناس، واشتهر بين الصحابة وغيرهم، لأنه يتعلق بأمر عظيم:
رجل يشهد فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه من أهل النار ثم هو يقوم مستعلنا بالإيمان، مستظهرا بالقرآن، على رأس طائفة عظيمة من المسلمين تسعى للقصاص من قتلة أمير المومنين ذي النورين، ، يرمون معه في ذلك بأموالهم ومهجهم وفلذات أكبادهم، ويظهرون معه من الثبات والانقياد ما لا يعرف نظيره في تلك الأزمان ولا بعدها، ويصالحه ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحسن بن علي ويسلم له الإمامة على أمة الإسلام!!!

لاشك أن أمرا كهذا، لو وقع، مما يكثر كلام الناس فيه، ويتحفزون لنقله، ويطول تعجبهم منه!
وحيث لا نجده يُروى إلا عن الرجل الواحد، دل ذلك على أن إسناده مختلق، ومتنه موضوع

ومنها: أن عمر بن الخطاب ولّى معاوية الشام عشر سنين، رضي الله عنهما، مع ما كان عليه عمر من شدة التحري في الرجال، والتفتيش عن أحوال العمال، ومشاورة الصحابة رضوان الله عليهم في ذلك، ومحال أن يكون الصحابة على علم بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن معاوية يموت على غير الملة ثم يقرون عمر على إعماله على قشر بصلة، فضلا عن توليته على أعناق أهل الإسلام، مع ما في طول المدة من مئنة انكشاف ما كان مستورا، ومعرفة ما كان مجهولا.

ومنها: أن الخارجين على عثمان والناقمبن عليه رضي الله عنه وأرضاه قد بلغوا جهدهم في الطعن في عماله، وتقصوا في ذلك ما لم يتقص غيرهم، حتى أفضوا إلى محض الظلم والتعدي، ولو كان معاوية قد صح فيه أنه من أهل النار وأنه يموت على غير الإسلام لجعلوا ذلك أعظم مطاعنهم، ولأبدوا فيه وأعادوا، وحيث لم يقع شيء من ذلك دل على أن هذا الخبر لم يكن له يومها وجود، وإنما هو مما اختلقه الكذابون بعد ُ.

ومما يدل أيضا على اختلاقه: أن أحق الناس ببيان ذلك وإعلانه علي بن أبي طالب رضوان الله عليه وطائفته، وقد كان كل من الفريقين يجهد لإثبات صحة مسلكه، وبطلان مسلك خصمه، ويتوسل إلى ذلك بكل طريق، ويركب إليه كل مركب، ولو ثبت عند علي هذا الخبر لما توانى عن إعلانه وإظهاره، فإن فيه من الحجة ما ليس في كثير مما كان علي يستدل به، وحيث لم يكن شيء من ذلك، دل على أن أهل ذلك الزمان لم يكن لهم عن هذا الحديث خبر، ولا سمعوا له بحس ولا وقفوا له على أثر، وإنما وضعه على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم المتأخرون من أهل العصبيات المذهبية.

وهذا كمن يحاول من النصارى الطعن في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشيء لم يطعن به كفار قريش فيه، ولا حاموا حوله، ولا خطر ببالهم، فيقال له: هذا الطعن لو كان ثابتا لكان كفار قريش أحق منك بأن يعرفوه ويطعنوا به، وقد علم القاصي والداني أنهم ما تركوا شيئا يمكنهم أن ينالوا به من النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا ورموه به، واجتهدوا في ذلك بما لا مزيد عليه، تمدهم شياطين الإنس والجن.

وهكذا يقال هنا للرافضي: إنه لو صح هذا الخبر المكذوب الذي تتعلق به، لكان خصوم معاوية في تلك الأزمان، علي وغيره، أولى منك بمعرفته والمخاصمة به وإشهاره في الخلق، فحيث لم يقع شيء من ذلك دل على أنه مما اخترعه الكذابون من بعد، فلم تزد يا مسكين على أن كشفت عن جهلك، وأبنت عن حمقك.

وهذا طريق قوي في معرفة كثير مما يكذب فيه الناس، والله الموفق.

ومنها: أن علي بن أبي طالب قبِل أن يدخل مع معاوية في أمر التحكيم، مع ما فيه من احتمال أن يفضي ذلك إلى عزله وتنصيب معاوية، ومَن تصور أن عليا يقبل أن يتولى أمرَ الأمة رجل من أهل النار يموت على غير الملة المحمدية وفيه عين تطرف فقد أزرى به وأعظم عليه الفرية، ولو كان معاوية عند شيعة علي بتلك الصفة ما قبلوا بذلك، ولا ألجؤوا الأمير إلى القبول بالتحكيم.
ثم إن عليا حاول أن يثني من دفعه من عساكره إلى قبول التحكيم بحجج ليس فيها من القوة عشر معشار ما في هذا الخبر المكذوب، ولو كان هذا الخبر حقا لسارع علي رضي الله عنه إلى إشهاره في وجوه أولئك، ولكان له عليهم من الحجة ما لا يجدون معه مقالا، وقد كان علي أحوج إلى ذلك من العطشان إلى الماء، ولكن هيهات هيهات، لم يكن من سبيل إلى ذلك إلا بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وحاشا أبا تراب من ذلك.
ثم إن الخوارج كانوا أغير عساكره على الدين، وخرجوا عليه ناقمين مجرد قبوله بالتحكيم، ولو كان عندهم علم بأن معاوية من أهل النار يموت على غير الملة، وهم أولى الناس بمعرفة ذلك، وأحوجهم إلى الاطلاع عليه، لجعلوا ذلك أعظم مطاعنهم في علي، ولخرج عليه أضعاف أضعاف من خرج منهم، وقد أرسل علي عبد بن عباس لينظر في مآخذهم عليه، ويناظرهم في ذلك، ومناظرته لهم ثابتة مشهورة لم يرد فيها قط وصف معاوية بما في ذلك الخبر الباطل، وحيث لم يقع شيء من ذلك دل على أن هذا الخبر لم يكن موجودا يومها، وإنما وضعه الوضاعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بعد.

ومنها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعل من مناقب الحسن مصالحته لمعاوية، رضي الله عنهما، وقال في الحديث المشهور: (إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين(.
والعاقل لا يشك بأنه لو كان رأس الطائفة التي ستتسلم الإمامة من ذلك الصلح من أهل النار، ويموت على غير الملة، لكان ذكره في هذا الموضع أولى لأمرين:
أولهما: لأن ذلك من أعظم مميزات الحادثة، وأهم ما يثير الانتباه في الواقعة، فيبعد جدا أن يترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكره بالتصريح أو التلميح، وهذا لا يماري فيه أحد.
والثاني:ما يقتضيه مقام المدح من المقابلة بين رأسي الطائفتين: هذا سيد من أولياء الله تعالى يُصلح الله به، وهذا لعين عدو لله ولرسوله وللمومنين، من أهل النار يموت على غير الملة، فإنه مما لاشك فيه أنه يتم بهذه المقابلة من مدح الحسين وإظهار فضله، والمقامُ مقامُ مدح، ما لا يتم بدونها.
ومنه يتبين لك أنه لو كان ذلك الخبر في معاوية ثابتا لبينه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثَم، فإنه محل ذلك، وحاجة السامع لحديث الصلح إلى معرفته أعظم حاجة.
فحيث لم يقع من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك كان دليلا على أنه لا يصح.

ومما يعلم به بطلان هذا الخبر: أن راويه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عبد الله بن عمرو بن العاص، كان كارها للدخول في الفتنة، عازفا عن الخروج إلى صفين، غير أن أباه عمرو بن العاص شدد عليه في طاعته في الخروج معه مستدلا بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعبد الله عندما شكاه إليه: (أطع أباك ما دام حيا ولا تعصه(.
وقد حاول عبد الله جهده تجنب الخروج، وحاج أباه بما أمكنه، ولم يُنقل قط من وجه صحيح أو ضعيف أنه حاجه بهذا الخبر، ولو كان سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا من ذلك لما سكت عنه، ولسارع إلى إظهاره؛
ليؤدي واجب البلاغ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حتى لا يدخل في وعيد: (من تعلم علما فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة(.
وليقطع به نزاع أبيه.
وليبَصّر أقربَ الناس إليه بموقع الحق في تلك الفتنة.
وليجنب نفسه وأباه، بل وغيره من المسلمين، معرة الخروج إلى قتال علي رضي الله عنه تحت راية رجل من أهل النار يموت على غير الملة المحمدية!!!

ولم يكن عبد الله ممن يهاب في إعلان ما يراه حقا معاوية َ أو غيره، ولم يكن يحابي في تبليغ سنة رسول الله أحدا من الناس، بل ويفتي بموجب ذلك دون مراعاة لغضب السلطان، فقد صح عند أبي داود وغيره عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة عن عبد الله بن عمرو: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا رقبة الآخر.
قلت: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: سمعته أذناي ووعاه قلبي.
قلت: هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نفعل ونفعل.
قال: أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله(.

بل كان يجابه معاوية في مجلسه في أحرج الظروف بما يكره، ويعلن المعارضة لما هو عليه، ويروي في ذلك ما معه من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حتى كان معاوية يتبرم منه غاية التبرم، ويقول لأبيه: (ألا تُغني عنا مجنونك يا عمرو؟(.

فهل يَتصور من له مسكة عقل أن يكتم عبد الله هذا الخبر في مثل ذلك الحال أحوجَ ما يكون هو وأبوه والمسلمون إليه، ثم يخص به بعدُ رجلا ليس به إليه من الحاجة عشر معشار ذلك؟؟؟!!!

اللهم لا!

ومما يدلك على أن هذا الحديث موضوع على لسان عبد الله بن عمرو: أنه ثبت في الأخبار أنه كان يدخل على معاوية، رضي الله عنهما، ويجلس على سريره، ويرافقه في أسفاره، ويرى شرعية بيعته ولزومها في أعناق المسلمين، ووجوب طاعته في غير معصية، بل كان يروي فضائله!

وإليك من الأخبار بعض ما يثبت ذلك:

فعند أبي شيبة في (المصنف):
37511 - حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي قيس عن الهيثم بن الأسود قال:
خرجت وافدا في زمان معاوية، فإذا معه على السرير رجل أحمر كثير غضون الوجه.
فقال لي معاوية: تدري من هذا؟
هذا عبد الله بن عمرو.
قال: فقال لي عبد الله: ممن أنت؟
فقلت: من أهل العراق.
قال: هل تعرف أرضا قبلكم كثير السباخ يقال لها كوثى؟
قال: قلت: نعم.
قال: منها يخرج الدجال.
قال: ثم قال: إن للأشرار بعد الأخيار عشرين ومائة سنة، لا يدري أحد من الناس متى يدخل أولها(.

وعند المروزي في (الفتن)، ومثله عند عبد الرزاق في (المصنف):
1808 - حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن محمد بن شبيب عن العريان بن الهيثم قال:
وفدت على معاوية، فبينا أنا عنده إذ جاء رجل عليه حلتان، فرحب به معاوية وأجلسه على السرير معه.
فقلت: من هذا يا أمير المؤمنين؟
قال: أما تعرفه؟! هذا عبد الله بن عمرو بن العاص!(.

وعند البخاري في (الصحيح):
5682 - حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن سليمان سمعت أبا وائل سمعت مسروقا قال: قال عبد الله بن عمرو ( ح ) . وحدثنا قتيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن شقيق بن سلمة عن مسروق قال: (دخلنا على عبد الله بن عمرو حين قدم مع معاوية إلى الكوفة، فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لم يكن فاحشا ولا متفحشا، وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أخيركم أحسنكم خلقا(.

وقد تقدم لك آنفا ما عند مسلم وأبي داود وغيرهما، واللفظ له:
4248 - حدثنا مسدد ثنا عيسى بن يونس ثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة عن عبد الله بن عمرو
عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة عن عبد الله بن عمرو: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا رقبة الآخر.
قلت: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: سمعته أذناي ووعاه قلبي.
قلت: هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نفعل ونفعل.
قال: أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله(.

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد:
15924 - وعن عبد الله بن عمرو أن معاوية كان يكتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه الطبراني وإسناده حسن.

فهل يُعقل من رجل في مثل صلاح عبد الله، وورعه، وزهده، وعلمه، وعقله، أن يسمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في معاوية ذلك الخبر الذي تهتز لهوله الجبال؛ أنه يموت على غير الملة المحمدية، وأنه رجل من أهل النار، ثم يخالطه، ويدخل عليه، ويكون في رفقة سفره، ويجلس على سرير ملكه، ويعطيه صفقة يده، ويأمر أهل الإسلام بلزوم طاعته، ويروي فضائله؟؟؟!!!

هل يقول عاقل بهذا؟!

لا والله!

فلو قدرنا أن رجلا من عوام أهل الإسلام في هذا الزمان حضر ذلك المجلس المهيب مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسمع منه في معاوية ما سمع منه عبد الله، ما وجد من نفسه تجاه معاوية إلا البغض، والنفرة، ولو رآه سالكا فجا لسلك فجا غير فجه.
وهذا الأمر معلوم بالمشاهدة، يجده الواحد من نفسه.
فكيف الظن بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟

وهذا من أوضح الطرق التي تدل العاقل على بطلان هذا الخبر وأمثاله، وهو ظاهر لا يجحده إلا من مَردَ على مكابرة البدهيات، وجحود الحقائق، وهَوّن عليه الحط ُ على صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتحاملُ عليهم أن يخلع جلباب الحياء، ويسلك مسالك الغوغاء.

وختاما: فقد أورد ابن الجوزي رحمه الله في (العلل المتناهية) جزء 1 - صفحة 280 أحاديث تبشير معاوية رضي الله عنه بالجنة، وحكم بردها قائلا:
(قال المؤلف: هذا حديث لا يصح من جميع طرقه، وقد ذكرنا في الذي قبله أن عبد الرحمن لا يحتج به، وأما عبد الله بن يحيى فمجهول، وإسماعيل بن عياش ضعيف، قال ابن حبان: كثير الخطأ في حديثه وهو لا يعلم فخرج عن حد الاحتجاج به(.
ثم أردف قائلا:
(وقد روى عنه (أنه من أهل النار)، وذلك محال أيضا(. انتهى.

فلله در أهل السنة من قوم منصفين، لا يميلون مع أهوائهم، ولا يحابون في دين الله أحدا كائنا من كان، فإذا ضعفوا خبرا أو صححوه فطلبا للحق وابتغاء وجه الله تعالى.



فالحاصل أن هذا الخبر المنكر باطل، مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إما عن عمد، أو عن وهم وغفلة، تضافرت شواهد الرواية والدراية على بطلانه، فلا يستدل به إلا من أفلس من الحجة، وهان عليه أن ينسب صحابة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ورضي عنهم إلى الكفر، ويحكم عليه بالنار، ويركب في ذلك الصعب والذلول، ولم يبال أن يستدل في ذلك بالأخبار التي تظهر نكارتها لمن كان له أدنى معرفة بالسنة النبوية الشريفة.

نسأل الله تعالى أن يحفظ قلوبنا من الضغينة على آل بيت رسول الله وصحابته، ويسلم ألسنتنا من الوقيعة فيهم، صلى الله على النبي الأمين، وعلى آله الطاهرين، ورضي عن الصحابة أجمعين، وجعلنا ممن قال فيهم في كتابه المبين:
(وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) الحشر/10

آمين.

والحمد لله رب العالمين.

كتبه: الفقير إلى رحمة ربه.


الإمام الحافظ علي بن الجعد وقوله مات معاوية على غير ملة الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد بن عبد الله وعلى أله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلي يوم الدين أما بعد / فإن من الطعونات التي أكثر بها الرافضة على الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهُ , ما روي عن علي بن الجعد الثقة الحافظ في طعنه في معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهُ ولعلنا نفصلُ في هذه الشبهة والرد عليها , ولذلك لا بد من معرفة سبب هذه الرواية وهل يقبل هذا القول من علي بن الجعد مع كونهُ من الثقات المعتبرين في الحديث , فمن باب الأولى بيانُ هذه الشبهة ذباً عن الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهُ و أرضاهُ , فما أكثر الناقلين لهذه الشبهة البالية نسأل الله تعالى العافية . 

قال ابن هانى: سمعت أبا عبد الله، وقال له دلويه: سمعت علي بن الجعد يقول: مات والله معاوية على غير الإسلام. (سؤالاته) (1866(.

وقال العقيلي: قلت لعبد الله بن أحمد بن حنبل: لم لم تكتب عن علي بن الجعد ؟ فقال: نهاني أبي أن أذهب إليه، فكان يبلغه عنه أنه تناول أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. (ضعفاء العقيلي) (1225(.

وقال زياد بن أيوب سأل رجل أحمد بن حنبل، عن علي بن الجعد، فقال الهيثم: ومثله يسأل عنه ؟ فقال أحمد: أسمك أبا عبد الله فذكره رجل بشيء، فقال أحمد: ويقع في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. (ضعفاء العقيلي) (1225(. قلتُ : فمن باب الأولى معرفة أن علي بن الجعد كان يقع في معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهُ , وهذا لا يقبل من علي بن الجعد وإن كان علي بن الجعد من الثقات فالله تعالى المستعان على ما يصفون .

وفي السنة لأبي بكر الخلال (2/191) : وأخبرني محمد ، قال : ثنا أبو بكر الأثرم ، قال : ثنا عبد الله بن عمر ، قال : ثنا أبو المحياة التيمي ، عن عمر بن بزيع ، قال : سمعت علي بن عبد الله بن عباس وأنا أريد أن أسب معاوية فقال لي : « مهلا ، لا تسبه ؛ فإنه صهر (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم » وقال أبي بكر الخلال في السنة بروايتهِ عن الإمام أبا عبد الله رحمه الله أنه قال في الرواية التي سنذكرها بإذن الله تعالى وفيها الفصال .

أخبرني أحمد بن محمد بن مطر ، قال : ثنا أبو طالب ، قال : سألت أبا عبد الله : يكتب عن الرجل ، إذا قال : معاوية مات على غير الإسلام أو كافر ؟ قال : « لا ، ثم قال : لا يكفر رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم » وفي هذه الرواية يثبتُ ان معاوية بريء من هذا , وقال أنه لا يكفر رجلٌ احد من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم فكيف يقول هذا . 

وقال الحافظ الذهبي في ترجمة يحيى بن عبد الحميد الحماني .
وقال أحمد بن محمد بن صدقة وأبو شيخ ، عن زياد بن أيوب دلويه ، سمعت يحيى بن عبد الحميد يقول : مات معاوية على غير ملة الإسلام . قال أبو شيخ : قال دلويه : كذب عدو الله . قلت : فليس من قال أن معاوية بن أبي سفيان مات على غير ملت الإسلام , علي بن الجعد وكما نرى فقد قال ذلك عبد الحميد الحماني , وقال كذب أبو الشيخ الأصفهاني والله تعالى أعلم .

وفي « السنة » للخلال (2/448) ورقم (693) أخبرني محمد بن موسى قال سمعت أبا بكر بن سندي قال : كنت أو حضرت أو سمعت أبا عبدالله وسأله رجل : يا أبا عبدالله لي خال ذكر أنه ينتقص معاوية وربما أكلت معه فقال أبو عبدالله مبادراً : لا تأكل معه . وسنده صحيح .

أما علي بن الجعد فقد تكلم في روايتهِ بعد الأئمة الأعلام كونهُ تناول الصحابة رضي الله عنهم , ولم يكن علي بن الجعد ممن يؤخذ قوله في مثل هذه المسائل العظيمة , ولهذا قد ضعف أمرهُ بعض الأئمة ولم يقبل روايتهُ في الحديث , ولم يقبل منه قولهُ في حق الصحابي معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهُ , وقد روي عن الحماني أنه قال أن معاوية مات على غير ملة الإسلام فيختلف من قائل هذا الكلام أهو الحماني أم الجعد . 

وفي السنة لأبي بكر الخلال : أخبرني أبو بكر المروذي ، قال : كتب إلينا علي بن خشرم قال : سمعت بشر بن الحارث ، يقول : سئل المعافى وأنا أسمع ، أو سألته : معاوية أفضل أو عمر بن عبد العزيز ؟ ، فقال : « كان معاوية أفضل من ستمائة مثل عمر بن عبد العزيز » . والخلاصة أن هذا لا يصح في حق معاوية رضي الله عنهُ , ولا يقبل من ابن الجعد . والله أعلم .

كتبه / 

أهل الحديث


معاوية يموت على غير الملة

فقد اخرج البلاذري بسند صحيح قال: عن بكر بن الهيثم واسحق بن أبى إسرائيل عن عبد الرزاق الصنعانى عن معمر بن راشد , , عن عبد الله بن طاووس , , عن طاووس بن كيسان عن عبد الله بن عمروبن العاص قال: (كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقال: يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت على غير ملتى قال: وكنت تركت ابى قد وضع له وضوء , فكنت كحابس البول مخافة ان يجىء قال: فطلع معاوية فقال النبى صلى الله عليه واله وسلم: هذا هو) 4.9
والحديث له متابعات وشواهد حسنة ولكن اكتفي بهذا السند.
وهل يصلح كاتب الوحي ان يموت على غير الملة؟

الرد

الرواية لا تصح أبدا لأن فيها علل كثيرة

اولها عبد الرزاق رحمه الله وهوثقة غالي في التشيع

ورواية عبد الرزاق باطلة هنا من وجوه:-

1 - انه غالي في التشيع والرواية تخدم بدعته فالرجل نقل عنه انه سب عمر رضي الله عنه فلا شك في افراطه في التشيع
2 - ان عبد الرزاق عمي في اخر عمره ووضعوا في كتبه روايات كاذبة لانه كان اعمى
فبما ان الرواية ليست موجودة في مصنفه الكبير (مصنف عبد الرزاق) فلا عبرة لها

ثانيها: فيها بكر بن الهيثم وهومجهول

واسحاق هنا متحد بين عدة رواة وهم (اسحاق بن راهويه (يستبعد ان يكون الراوي هنا) اسحاق الدبري -اسحاق الطبري-اسحاق الكوسج-اسحاق بن ابي اسرائيل-اسحاق السعدي)

واثنان منهم منكري الحديث واذا تطرق الاحتمال بطل الاستدلال

قلت: الظاهر ان اسحاق في السند هواسحاق بن ابراهيم الدبري

قال عنه الذهبي: صاحب عبد الرزاق .. لكن روى عن عبد الرزاق أحاديث منكرة (ميزان الاعتدال ج1 صفحة181)

قال ابن عدي: وحدث عنه بحديث منكر (الكامل ج1 ص561)

ثالثها: ان الحديث كذب مضطرب

فمرة يقول يخرج من هذا الفج رجل من اهل الجنة ومرة يقول على غير ملتي

فعلى هذا لا يصح الاحتجاج به ...


معاوية مات على غير الإسلام

  الجواب:
 
مما جاء في ترجمة علي بن الجعد في سير أعلام النبلاء للذهبي :

قال أحمد بن جعفر بن زياد السوسي : سمعت أبا جعفر النفيلي ، وذكر علي بن الجعد ، فقال : لا ينبغي أن يكتب عنه ، وضعف أمره جدا .

وقال أبو إسحاق الجوزجاني : علي بن الجعد متشبث بغير بدعة ، زائغ عن الحق .

وقال أبو يحيى الناقد : سمعت أبا غسان الدوري يقول : كنت عند علي بن الجعد ، فذكروا حديث ابن عمر : كنَّا نُفَاضِلُ عَلى عَهْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ، فنقُول : خيْرُ هذِه الأُمَّةِ بَعْدَ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- أبو بكر وعمرو عثمان ، فيبلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فلا يُنْكِرُهُ . فقال عليُّ : انظروا إلى هذا الصَّبِيِّ هو لَمْ يُحْسِنْ أنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ يقول : كنَّا نُفَاضِل وكنت عنده فذكروا حديث : إنَّ ابْنِي هَذا سَيِّدٌ قال : ما جعله الله سيدا .

قال أبو جعفر العقيلي : قلت لعبد الله بن أحمد : لم لم تكتب عن علي بن الجعد ؟ قال : نهاني أبي أن أذهب إليه ، وكان يبلغه عنه أنه يتناول الصحابة .

قال زياد بن أيوب : سأل رجل أحمد بن حنبل عن علي بن الجعد ، فقال الهيثم : ومثله يسأل عنه ؟! فقال أحمد : أمسك أبا عبد الله ، فذكره رجل بشر ، فقال أحمد : ويقع في أصحاب رسول الله ؟ فقال زياد بن أيوب : كنت عند علي بن الجعد ، فسألوه عن القرآن ، فقال : القرآن كلام الله ، ومن قال : مخلوق ، لم أعنفه ، فقال أحمد : بلغني عنه أشد من هذا .

وقال أبو زرعة : كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن علي بن الجعد ، ولا سعيد بن سليمان ، ورأيته في كتابه مضروبا عليهما .

عدد مرات القراءة:
3707
إرسال لصديق طباعة
الخميس 2 شعبان 1444هـ الموافق:23 فبراير 2023م 05:02:11 بتوقيت مكة
احمد عبد رحمن  
معاويقه منافق منحرف فاجر ظهر السلام وبطن كفرة هو اول من منع النداء التلبيه
 
اسمك :  
نص التعليق :