آخر تحديث للموقع :

الثلاثاء 6 رمضان 1444هـ الموافق:28 مارس 2023م 12:03:36 بتوقيت مكة

جديد الموقع

علي التميمي ..
الكاتب : علي التميمي ..

الإمامان  الحسن المثنى وابنه عبد الله  سيرة عطرة وتاريخ مشرق 
  إعداد
علي بن حمد بن محمد التميمي
الباحث فى مركز البحوث والدراسات بالمبرة
 

 
الفهرس

المقدمة .........................................................................

10

المبحث الأول :

 

الحسن المثنى سيرةً وتاريخاً ......................................................

11

الحسن المثنى اسمه وكنيته ونسبه وأسرته ........................................

11

إخوته  .........................................................................

13

زوجاته وأبناؤه  y  ...........................................................

15

شيء من رواياته رضي الله عنه ..................................................

18

دررٌ من أقوال الحسن المثنى   ....................................................

21

محنته رضي الله عنه   ............................................................

25

وفاته رضي الله عنه   ............................................................

29

بعض الأعلام من ذرية الحسن المثنى t .......................................

30

ذكر بعض أحفاده  ............................................................

31

المبحث الثاني :

 

عبد الله بن الحسن المثنى على منوال آبائه  ........................................

35

اسمه وكنيته ونسبه وأسرته   ....................................................

35

فضله وعلمه  ..................................................................

37

تابع الفهرس

روايته  t ... .................................................................       

39

مكانة أبي بكر وعمر وعثمان y عند عبد الله بن الحسن y .....................

41

حلمه t ومكارم أخلاقه   .....................................................     

44

مكانته فى المجتمع   .............................................................      

46

تقديره للعلماء  .................................................................

49

من درر أقواله t ..............................................................

51

من شعره t ..................................................................    

53

محنته t ووفاته ................................................................   

54

المبحث الثالث :

 

الحق أحق أن يتبع ..............................................................      

61

شبهات وردود     ..............................................................    

61

خاتمة  ..........................................................................      

85

 
 
المقدمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبأمره سار أمر الدنيا والآخرة، والصلاة والسلام على خير خلق الله، محمد صلى الله عليه وآله وصحابته وسلم .
أما بعد
فإن من أعظم ما تفخر به الأمة علماءها الفضلاء، الذين كانوا نبراساً للهدى ومناراً  للحق، ومنهم هذان الإمامان الجليلان الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابنه عبد الله، لما لهما من مكانة فى التاريخ عند أهل السنة وغيرهم، ولأنهما أيضاً إمامان من أئمة أهل البيت الذين أمرنا بحبهم ورعاية حقهم.
ولكن للأسف، نشأ هذا الجيل الجديد من الشباب الذي لا يكاد يعرف عنهما شيئاً فكانت سيرتهما وعلمهما، ودورهما فى المجتمع الإسلامي، إضافة إلى مكانتهما العلمية والأدبية والاجتماعية، وشيء من سيرة ذريتهما عبر القرون، ثم ختمنا برد جملة من الشبهات التي أثيرت حولهما – مع الأسف – مع ردود موجزة مدعمة بالأدلة الدامغة التي تظهر نصاعة سيرتهما، وفضلهما .
نسأل الله جل شأنه أن يتقبل عملنا بقبولٍ حسنٍ، وأن ينفعنا وينفع بنا، والله أعلى وأعلم .
المبحث الأول
الحسن المثني ... سيرة وتاريخاً
اسمه وكنيته ونسبة وأسرته :
هو السيد الشريف بن الحسن  ([2]) بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن هاشم القرشي الهاشمي ابن سبط رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم أبو محمد المدني.
أما جده فمحمد صلى الله عليه واله وسلم فخير البشر وسيد العالمين وأما أبوه فسيد شباب أهل الجنة، الحسن بن علي  ([3]) رضي الله عنهما وأما جده علي بن أبي طالب رضي الله عنه فاحد العشرة المبشرين بالجنة والخليفة الرابع الراشد .
وعمه الحسين بن علي الشهيد رضي الله عنهما، سيد شباب أهل الجنة([4]) وعم أبيه جعفر بن أبي طالب (الطيار)، السيد الشهيد .
وعم جده علي رضي الله عنه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه سيد الشهداء  ([5]) .
أما جدته أم أبيه فهي فاطمة بنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، سيدة نساء العالمين  ([6]) . وأمّها  خديجة بنت خويلد، سيدة نساء العالمين  ([7]).
فها أنت ترى أن المكارم اكتنفته والسؤدد أحاط به فلله هو، من أي أرومة خرج ومن أي عرين درج، رضي الله عنه وعن آبائه .
وما كـــان من خير أتوه فإنما                  تـــوارثه آبــــاء آبائهم قبل
هل ينبت الخطي إلا وشيجة                   وتغرس الا في منابتها النخل
أما أمّه فهي خوله بنت منظور الفزارية .
إخوته :
كان له رضي الله عنه عدد من الإخوة منهك " زيد، وطلحه، وأبو بكر وعبد الله وقد قتلوا مع عمهم الحسين الشهيد في كربلاء، رضي الله عنهم جميعاً، ونجا الحسن بن الحسن من تلك المعركة بواسطة ابن عم امه أسماء بن خارجة الفزاري انتزعه من بين الأسرى وقال : لا يوصل إلى ابن خوله أبداً فقال عمر بن سعد :
دعوا لأبي حسان ابن أخته([8]) .
ومن إخوته أيضاً : عمرو، وعبد الرحمن، والحسن، ومحمد، ويعقوب، وإسماعيل،وعمر،وحمزة .
وما بقي من عقب الحسن بن علي رضي الله عنهما إلا ما كان من ذرية الحسن المثنى وزيد بن الحسن([9]) .
ويظهر جلياً في تسمية الحسن بن علي رضي الله عنهما أبناءه بأسماء الصحابة أمثال: أبي بكر، وعمر، وطلحة، إلى ما كانوا يكنون لبعضهم من حبٍ وتقدير صادقٍ، ولو كان ما يفترى في بعض الكتب من عداوة وبغضاء بينهم صحيحاً لما سموا أبناءهم بأسماء أعدائهم، على حد زعمهم، إذ أن الإنسان لا يسمي أبناءه بأسماء أبغض الناس إليه.
وللحسن المثنى رضي الله عنه إخوة من أمه خولة بنت منظور الفزارية، وهم إبراهيم، وداود، وأم القاسم . أبناء محمد بن طلحة بن عبد الله رضي الله عنه الملقب باسم "محمد السجاد"، إذ أنه بعد أن استشهد في وقعة الجمل، خَلَفَ علي زوجته الحسن بن علي رضي الله عنهما  ([10]).
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
زوجاته وأبناؤه رضي الله عنه
الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ([11])
 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

ويظهر من الشكل السابق أنه تزوج بثلاثٍ من بنات عمه.
 
فاطمة بنت الحسين :
وزوجها إياه عمه الحسين الشهيد رضي الله عنه([12]).
وله منها ثلاثة ذكور وابنتين، عاشت نحواً من تسعين عاماً ولها رواية في كتب الحديث – وكانت ثقة([13]) – عن أبيها وعن عبد الله بن عباس وروى عنها أولاده وغيرهم تزوجها بعد الحسن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان وأنجبت منه محمداً الملقب بالديباج لجمال وجهه، ومن درر أقوالها وحصافة عقلها، ماروا عنها ابنها محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان قال : جمعتنا أمنا فاطمة بنت الحسين فقالت: يا بَنَّي إنه والله ما نال أحد من أهل السَّفَهِ بسفههم شيئاً  ولا أدركوا ما أدركوا من لَذاتهم إلا وقد ناله أهل المروءات . بمروءاتهم، فاستتروا بجميل ستر الله عز وجل" ([14]).
وهكذا المرأة النجيبة تربي جيلاً نجيباً، فقد سادَ أبناؤها عبد الله، وإبراهيم والحسن ومحمدٌ رضي الله عنهم جميعاً.
ثم انظر إلى المصاهرة بين أهل البيت وآل عثمان بن عفان رضي الله عنهم أجمعين.
ألا تدل على الحب والتواصل بينهم ؟!
توفيت رضي الله عنها سنة 110هـ وقيل 117هـ وهو الأرجح والأصوب والله تعالى أعلم وأعلم. ودفنت بالمدينة رضي الله عنها وأرضاها.
أم الفضل بنت محمد بن علي وأم موسى بنت عمر بن علي :
ابنتا عمه تزوجهما في ليلةٍ واحدة، فاحتار نساء بني هاشم أين يذهبن([15]) .
رملة بنت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوية :
أبوها أحد العشرة المبشرين بالجنة، الصحابي الجليل سعيد بن زيد t وُلد له منها محمد وبه كان يُكنّى، وفي هذا تظهر مصاهرة جديدة بين أهل البيت والصحابة وما في ذلك من دلالةٍ على المحبة والتواد.
أما حبيبة : فهي أم ولد رومية، له منها داود وجعفر .
شيء من رواياته رضي الله عنه
 
قال المزي : روى عن أبيه الحسن بن علي وعن عبد الله ابن جعفر رضي الله عنهما وعن زوجته فاطمة بنت الحسين  ([16])، وهكذا الإسلام يعطي المرأة حقها ودورها في الرواية والعلم، لا غضاضة على الزوج أن يتعلم من زوجته وأن يروي عنها، كما فعل الحسن المثنى رضي الله عنه .
روى له النسائي في السنن الكبرى حديثاً واحداً عن عبد الله بن جعفر في كلمات الفَرَج، عن أبي بكر بن حفص عن الحسن بن الحسن قال: زوّج عبد الله ابن جعفر ابنته من الحجاج فقال لها: إن نزل بك الموت أو أمر من أمور الدنيا فاستقبليه بأن تقولي :" لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين"، قال : فأتيت الحجاج وقُلُتها فقال :لقد جئتني وأنا أريد قتلك فأنت اليوم أحب إلي من كذا وكذا([17]) .
قال عنه الذهبي: وهو قليل الرواية والفتيا مع صدقة وجلالته  ([18]) روى عنه عبد الرزاق الصنعاني في المصَّنف ([19]) أنه رأى رجلاً واقفاً على البيت الذي فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ويصلي عليه فقال للرجل : لا تفعل فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : لا تتخذوا قبري عيداً ولا تجعلواً بيوتكم قبوراً، وصلّوا عليّ حيث ما كنتم فإن صلاتكم تبلغني .
ويظهر من هذا أمره بالمعروف برفق، والفتيا المقرونة بالدليل الشرعي وهما أمران نحن الآن بأمس الحاجة إليهما، ويظهر أنّ الرجل يدعو الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكن الإمام الحسن المثنى خشي عليه من الوقوع بالإثم لاتخاذه قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عيداً (أي يعتاد الاجتماع عنده للدعاء أو الصلاة) فكيف بمن يدعو النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ أو يستغيث بغير الله تعالى فليحذر المسلم أن يصرف حق الله الخالص بالدعاء والتضرع إلى غيره ولو كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  ([20]).
ومن روايته عند الطبراني في «المعجم الأوسط» أن عمر بن الخطاب خطب إلى عليّ رضي الله عنهما أم كلثوم فقال : إنها تصغر عن ذلك فقال عمر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " كل سببٍ ونسبٍ منقطع يوم القيامة إلى سببي ونسبي " ([21]) فأحببت أن يكون لي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبب ونسب .
والحديث ثابت بطرقه، وفيه المصاهرة بين عليّ وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما ويظهر فيه أيضاً معرفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لفضل أهل البيت رضي الله عنهم جميعاَ.
 
 
 
دررٌ من أقوال الحسن المثنى t
* قال لرجل ينصحه في التقية :
«ويلك ... التقية إنما هي باب رخصة للمسلم إذا اضطر إليها، وخاف من ذي سلطان أعطاه  غير ما في نفسه، يدرأ عن ذمة الله ما بلغ من التقية يجعل بها لعبدٍ من عباد الله أن يضل عباد الله» ([22]).  
وفيه فقه هذا الإمام، ونصحه للمسلمين إذ كيف تتعدي التقية من وسيلة لحفظ دم المسلم، أو دفع الضرر عنه إلى أن تكون فضيلة، ومطلب شرعي مما يؤدي لالتباس الأمر على المسلمين في دنيهم وإضلالهم في شريعتهم  .
وروى ابن عساكر عن الأصمعي، أنه قال : دخلت الطواف عند السحر ([23]).
 
فإذا أنا بغلام شاب حسن الوجه، حسن القامة علية شمله  ([24]) وله ذؤابتان([25]).
وهو متعلق بأستار الكعبة يقول :
ألا يا أيها المأمول فى كــل ساعـة            شكوت إليك الضر فارحم شكايتي
ألا يا رجائي أنت كاشف كربتي            وهب لي ذنوبي كلها واقض  حاجتي
فـــزادي قليل ومــا أراه مبلغي            أللزاد أبكي أم لبعــــد مســـافتي
أتيت  بأعمــال قبـــاح رديـــة             فَماَ فى الــورى خلــق جنـا كجنايتي
أتحرقني بالنـــار يا غـــاية المنى             فـــأين رجـــائي ثم أيــن مخــافتي
 
قال: فتقدمت إليه وكشفت عن وجهه، فإذا  الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، فقلت : يا سيدي، مثلك من يقول مثل هذه المقالة، وأنت من أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة؟ قال : هيهات يا أصمعي، إن الله خلق الجنة لمن أطاعه وإن كان عبداً حبشياً، وخلق النار لمن عصاه وإن كان ولد قريشاً، أما سمعت قول الله عز وجل:
} فإذا نفخ فى الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون{ [ المؤمنون :101] ([26]).
وهذا والله هو الفقه وحقيقة العبادة إذ أن " من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه"  ([27]) - كما فى الحديث الشريف -، وليس بين الخلق والخالق رابطة إلا التقوى، والعمل الصالح، وهذا ما فهمه وحققه هذا الإمام الفاضل، وهذا أيضاً ما أكده فى قوله لرجلٍ ( أحبونا، فإن عصينا الله فأبغضونا، فلو كان الله نافعاً أحداً بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بغير طاعة لنفع أباه وأمه ) ([28])
* ومما يدل أن الحسن المثنى كان يعتقد أن الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم جده عليَّ ، وأن الوصاية لعلي بالخلافة ليست بأمر صحيح ما جاء في تاريخ  دمشق  أن رجلاً كان يعتقد أن رسول الله صلي الله علية وسلم قد نص علي خلافة علي رضي الله عنه ويستدل بقول رسول الله صلي الله علية وآله وسلم (من كنت مولاه فعلي مولاه ) ([29]) فقال رضي الله عنه : أما والله إنّ رسول الله عليه وسلم لو كا يعني ذلك الإمرة والسلطان والقيام على الناس بعده، لأفصح لهم بذلك كما أفصح لهم الصلاة وصيام رمضان وحج البيت، ولقال لهم : إن هذا وليّ أمركم من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا فما كان من وراء هذا شيء، فإنّ أنصح الناس كان للمسلمين رسول الله صلى الله عليه  وآله وسلم  ([30]).
     والحديث كما بين الإمام الحسن المثنى ليس فيه حجة على فرض صحته وذلك لأن هذا الأمر العظيم (الخلافة) لو كان مقصوداً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبين ذلك بياناً كافياً وشافياً وليس بحديث محتمل مثل هذا، ثم إن المولى ضد العدو بخلاف الوالي بمعنى الحاكم فالحديث فيه مولاة وليس واليه فلم يقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( من كنت واليه فعليّ واليه ) .
وفي هذا دلالة على فطنة الإمام الحسن المثنى وفهمه وإنصافه، وأن فهم الحديث يكون بمعرفة الواقع لا بالهوى، وفيه إحسان الظن بالصحابة وبعليً رضي الله عنهم أجمعين.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
محنته رضي الله عنه
كان لهذا الإمام الفاضل نصيب عظيم من البلاء، قال جل ثناؤه }أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون{ [ العنكبوت :2 ]
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم "ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة فى نفسه، وولده، وماله حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة" ([31])  وقال صلى الله عليه وآله وسلم : "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضي، ومن سخط فله السخط"(2) .
أول ما ذكر من مِحَنِه : شهوده رضي الله عنه معركة الطف المأساوية ومقتل عمّه الحسين مع كوكبة شريفة من أهل البيت وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين وتقبلهم فى الشهداء (3)، ونجا رضي الله عنه، لأنه استُصْغر، وقيل كما سبق تدخّل خاله أسماء بن خارجة، وأطلق سراحه وعالجه من جراحه (4)، وقيل لمرضه .
ومن محَنِه رضي الله عنه ما جاء فى تاريخ الإسلام الذهبي. (كان الحسن وَصيّ أبيه ووليّ صدقة علي فقال له الحجاج يوماً وهو يسايره فى موكبه بالمدينة، إذ كان أمير المدينة : أدخل عمك عمر بن عليّ، قال : إذاً أدخله معك، فسافر على عبد الملك فرحب به ووصله وكتب له الحجاج كتاباً لا يجاوزه) ([32])، فأنجاه الله من بطش الحجاج وجبروته.
وكانت الصدقة عند عليّ والعباس رضي الله عنهما ثم كانت بيد الحسن رضي الله عنه ثم بيد الحسين رضي الله عنه ثم بيد علي بن الحسين والحسن بن الحسن ثم بيد زيد بن الحسن (2) وهذه الصدقة هي: فدك، وجزء من فيء بني قريظة، وجزء من خيبر وأراضٍ أخرى.
ومما تعرض له رضي الله عنه، ما ذكره ابن عساكر  فى تاريخ دمشق ( أنّ عبد الملك بن مروان كتب إلى عامله بالمدينة هشام بن إسماعيل أنه بلغني أن الحسن بن الحسن يكاتب أهل العراق، فإذا جاءك كتابي هذا فإبعث إليه. فليؤت به، قال : فجيء به إليه وشغله شيء، قال : فقام إليه علي بن الحسين فقال : يا ابن عم، قل: كلمات الفرج ( لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، قال: فخلا للآخر وجهه فنظر إليه فقال : أرى وجهاً قد قُشب([33]) بكذبة، خَلُّو سبيله وليراجع فيه أمير المؤمنين ) وهكذا أنجى الله هذا العبد الصالح بالدعاء المخلص لله رب العالمين، والإلتجاء إليه وحده لا شريك له . فإن ( الدعاء هو العبادة )([34]) وفيه العلاقة الحميمة بين عليّ بن الحسين والحسن المثنى، وكيف لا وهما أبناء عَّم واشتركا جميعاً فى معركة الطب، وهما من القلة التي نجت، وقد كانوا أصهاراً فعنده فاطمة أخت عليّ بن الحسين وعند علي بن الحسين أخت الحسن المثنى أم عبد الله .
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
وفاته رضي الله عنه
توفى رضي الله عنه سنة 97هـ على أصح الأقوال وله بضع وخمسون سنة([35]) ولما توفي الحسن بن الحسن أوصى إلى إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمي وهو أخوه لأمه خولة بنت منظور الفزازية كما سبق .
فلما حملت جنازته اعترض غرماؤه لسريره(2) فقال إبراهيم بن محمد بن طلحة: عليَّ دينه فحمله وهو أربعون ألفاً وهذا مشهد جديد يُظهِر ما بين أهل البيت وأبناء الصحابة من ألفة ومحبة حتى الممات(3) .
ونود أن ننبه هنا أن ما نسب إلى الوليد بن عبد الملك أنه سّم الحسن المثنى غير صحيح، لأن وفاة الحسن المثنى بعد وفاة الوليد بن عبد الملك، إذ كانت وفاته 96 هـ ووفاة الحسن 97 هـ وقد علمنا أن زينب بنت الحسن كانت زوجاً للوليد بن عبد الملك، رحم الله الحسن المثنى، ورزقنا حبه وحب المؤمنين أجمعين.
 
بعض الأعلام من ذرية الحسن المثنى رضي الله عنه
 
الحسن المثنى([36]).

 
 
 
 
 
 
 
 

ومن ذريته :
* الملوك بغانة من بلاد السودان بنو صالح بن موسى بن عبد الله الساقي .
*  بنو نمي بن سعد بن قتادة الملوك بمكة شرفها الله.
ذكر بعض أحفاده
لما كانت الجياد  تجري علي أعراقها:
أري كل عود نابتاً في أرومته                  أبي منبت العيدان أن يتغيرا          
 
وقال آخر :
شـرف تتابـع كابرآ عــن كابر          كالـرمـح أنبـوب على أنبوب
وأرى النجابة لا يكون تمامهـا          لنجيب قوم ليس بابن نجيب
 
فقد كان لهذا الجيل أبناء نجباء ذكرهم التاريخ بأسطر من نور هنا بعضهم، تذكرة للناسي ومعلومة للغافل .
- محمد بن جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن المثنى أبو الحسن العلوي يعرف بأبي قيراط كان نقيب الطالبين في بغداد.
- ومهنم الشريف الإدريسي صاحب  "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق " كتاب الجغرافيا الشهير .
- ومنهم الصالحيين ملوك غانة .
- علي بن حمود بن ميمون بن أحمد الإدريسي ملك قرطبة.
- محمد بن إسماعيل بن قاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن المثنى أبو عبد الله المدني، توفي في مصر، ويعرف بابن طباطبا العَلَوِي، وكانت له وجاهة عند الدولة والعامة .
وسمي جدهم إبراهيم (طباطبا) قيل لأنّ أمه كانت تُرقّصه وهو صغير فتقول طباطبا، وقيل بل كان إبراهيم يقول القاف شبه الطاء فطلب مرة قباء ([37])يلبسه أو غير ذلك فقيل له نحضر لك : فرجيه([38])فقال: لا طباطبا، أي قباء قباء .
- علي بن الحسين بن الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد بن عبد الله بن عبد الله بن الحسن المثنى ولد سنة 401هـ .
كان وحيد زمانه في الفضل والخلق، وهو من رواة الحديث، ملجأ لأصحاب الحديث في وقته، ومن أدباء عصره .
- قتادة صاحب مكة، الشريف أبو عزيز بن الأمير إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى بن حسين بن سليمان بن علي بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن المثنى، وهو جد بني (نمي).
- القاسم بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنى، كان أكبر أبناء إدريس، وفي ذريته معظم الأئمة من الأدارسة .
- ومنهم الشاعر القاسم بن محمد بن القاسم بن علي بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الملقب بـ (طباطبا) بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن المثنى .
 
 
 
 
 
 
 
 
ومن شعره :

حسودٌ مريضُ القلـبِ يخفي أنينَه

 

ويضحي كئيبَ البالِ يبدي حزينَهُ

يلوم عليّ أن رُحتُ في العلم راغباً 

 

أجَمَّعُ من عند الرواةِ فنونَهُ

وأعرفُ أيكاَر الكلامِ وعونَه

 

وأحفظ كما استفيد عيونَهُ

 ويزعم أن العلم لا يجلبَ الغنى
  

 

ويحسن بالجهل الذميم ظنونَهُ

  فيما لائمي دعني أغالي بقيمةٍ

 

فقيمة كل الناس ما يحسنونَهُ

 
-  عبد القادر بن أبي صالح عبد الله بن جيلي دوست وأرجع بعض الناس نسبة إلى موسى بن عبد الله بن الحسن([39])  وهو عبد القادر الجيلاني الإمام الزاهد العابد الفقيه الحنبلي الشهير.
- وقد جاء في تهذيب التهذيب (9/26) قال الحاكم في المناقب عن أبي بكر بن خزيمة يقول : كان يوسن بن عبد الأعلى يقول، أم الشافعي فاطمة بنت عبد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب .
المبحث الثاني
عبد الله بن الحسن المثنى ... على منوال آبائه
اسمه وكنيته ونسبه وأسرته:
هو السيد الشريف الفاضل عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي ابن سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبو محمد الهاشمي المدني الملقب بالمحض([40]) أبو محمد المدني :
    وهو على منوال آبائه الكرام وأرومته الفضلاء

إذا مات منا سيدٌ قام بعده

 

له خلف يكفي السيادة بارعُ

من أبنائه والعرق ينصل فرعه

 

على أصلِه والعرقُ للعرقِ نازعُ

   
وسبق في ترجمة أبيه بيان نسبه وأسرته فأغنى ذلك عن الإعادة
 
عبد الله بن الحسن
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

فضله وعلمه
 
قال الواحدي : كان من العُبَّاد وكان له شرف وعارضة وهيبة ولسنان([41]).
روى عن أمه فاطمة بنت الحسين، وأبي بكر بن حزم، وعبد الرحمن بن الأعرج وعكرمة وإبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله.
قال يحيى بن معين: عبد الله بن الحسن الذي يروي عنه أمه ثقة(2).
وفي تقريب التهذيب لابن حجر: ثقة جليل، مات أوائل خمس وأربعين ومائة وهو ابن خمس وسبعين سنة(3).
قال مصعب بن عبد الله: ما رأيت أحداً من علمائنا يكرمون أحداً ما يكرمون عبد الله بن الحسن بن الحسن (4).
روى ابن عساكر في تاريخ دمشق عن مصعب بن عثمان أن مالكاً سئل عن السدل([42]) فقال لا بأس به فقد رأيت من يوثق به يفعل ذلك، فلما قام الناس قلت من هو ؟ قال عبد الله بن الحسن(2) ومعلومٌ مكان الإمام مالك في نقد الرجال وتوثيقهم بل إن رواية مالك عن رجل تُعد عند كثير من المحدثين توثيقاً.
وروى ابن عساكر أيضاً ( أن عبد الله بن الحسن كان يكثر الجلوس إلى ربيعة (3) قالوا : فتذاكروا يوماً السنن فقال رجلٌ كان في المجلس : ليس العمل على هذا فقال عبد الله : أرأيت إن كَثُر الجهال حتى يكونوا هم الحكام، أَفَهُم حجة على السنة؟ قال ربيعة : أشهد أن هذا كلام أبناء الأنبياء )(4) .
 
روايته رضي الله عنه
وله رضي الله عنه رواية في كتب الحديث المعتمدة، ومن ذلك ما جاء في سنن ابن ماجة: عن فاطمة بنت الحسين عن فاطمة ابنة النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان إذا دخل المسجد يقول : بسم الله والسلام على رسول الله، اللهم أغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك ([43]).
وما في سنن النسائي عن عبد الله بن الحسن عن عكرمة عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قُتل دون ماله فهو شهيد (2).
ورواه عنه الترمذي عن عبد الله بن الحسن عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه (3)... الحديث .
وروى عنه الترمذي عن عبد الله بن الحسن عن أمه فاطمة بنت الحسين عن جدتها فاطمة الكبرى قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل المسجد صَلى على محمدٍ وسلََّم وقال ربّ اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج صلى على محمد وسلم وقال رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك ([44]).
    وبهذه الأمثلة يظهر جلياً أنّ عبد الله بن الحسن كان له مكانة في رواية الحديث النبوي الشريف، كما في دواوين السنة المطهرة، فرضي الله عنه وأرضاه.
 
 
 
 
 
مكانة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم
عند عبد الله بن الحسن رضي الله عنه
كان للخلفاء الراشدين والصحابة رضي الله عنهم عند عبد الله بن الحسن المكانة العظيمة كسائر أهل بيته رضي الله عنهم .
فمن ذلك مارواه الحافظ ابن عساكر عن أبي خالد الأحمر قال : سألت عبد الله بن الحسن عن أبي بكر وعمر فقال : صَلَّى الله عليهما ولا صَلَّى على من لم يصلَّ عليهما ([45]) (2) .
وأيضاً فيه أنه قال : " إنهما ليعرضان على قلبي فأدعو الله لهما، أتقرب به إلى الله عز وجل " (3).
وفيه أيضاً عن حفص بن عمر مولى عبد الله بن عبد الله بن حسن قال: رأيت عبد الله بن حسن توضأ، ومسح على خفيه قال : فقلت له تمسح؟ فقال : نعم، قد مسح عمر بن الخطاب ومن جعل عمر بينه وبين الله فقد استوثق ([46]).  
     وفي تاريخ دمشق أيضاً أن حفص بن قيس سأل عبد الله بن الحسن عن المسح على الخفين فقال : امسح، فقد مسح عمر بن الخطاب فقال : إنما أسألك أنت أتمسح ؟ فقال : ذلك أعجز لك حين أخبرك عن عمر وتسألني عن رأيي فعمر كان خيراً مني، ومن ملئ الأرض مثلي، قلت : يا أبا محمد إنّ ناساً يقولون إنّ هذا منكم تقية، فقال لي : ونحن بين القبر والمنبر : اللهم إن هذا قولي في السَّر والعلانيةَ فلا تسمعنَّ قول أحد بعدي ثم قال : هذا الذي يزعم أنّ علياً كان مقهوراً وأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمره بأمرٍ فلم يُنْفِذْهُ فكفى بهذا إزراءً على عليّ، ومنقصة أن يزعم قوم أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمره بأمرٍ لم يُنفِذهُ([47]).
     وجاء أيضاً في تاريخ دمشق عن محمد بن القاسم الأسدي أبو إبراهيم قال رأيت عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي ذكر قتل عثمان، فبكى حتى بلّ لحيته وثوبه ([48]).
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
حلمه رضي الله عنه ومكارم أخلاقه
كان هذا السيد المبجل على قدرٍ وافرٍ من الحلم، وهي من صفات السؤدد، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لأشجَّ بني عبد القيس (إن فيك لخصلتان يحبهما الله الحلم والأناة )([49]).
فما رواه الحافظ ابن عساكر أن رجلاً سبَّ عبد الله بن الحسن فأعرض عنه عبد الله، فقيل له لِمَ لا تجيبه؟ قول : لم أعرف مساوئه وكرهت بهته بما ليس فيه([50]).
وروى أيضاً عن يحيى بن معين، أن رجلاً شتم عبد الله بن الحسن فقال : ما أنت كفؤٌ لي فأسبَّ، ولا أنت عبدي فأشحّ([51]).
 
 
 
 
وقال في رجل سبّه :

أظنَّت سفاهاً من سفاهة رأيها

 

أن أهجو لما أن هجتني محاربُ

فلا وأبيها إنني بعشيرتي

 

هنالك عن ذاك المقام لراغبُ ([52])

 
ومن عجائب العفو، شفاعته في بني أمية عند  عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس ففي تاريخ دمشق عن الأصمعي أنه قال :( عزم عبد الله بن علي([53]) على قتل بني أمية بالحجاز، فقال له عبد الله بن الحسن بن الحسن : يا ابن عم ! إذا أسرعت في قتل أكفائك فمن تباهي بسلطانك؟ فاعف يَعف الله عنك، ففعل ) وهكذا والله العفو عند المقدرة من هذا السيد المبجل .
 
 
 
 
مكانته في المجتمع
 
أما عن مكانة الإمام فإنه كان ذا مكانة عند الخليفة سليمان بن عبد الملك وعند الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز معرفة منهما لحقه وفضله.
فقد روى أبن عساكر أن عمر بن عبد العزيز قال لعبد الله بن الحسن: إن رأيت أن لا تأتي إلا في الساعة التي ترى أنه يؤذن لك فيها فافعل، فإني أخاف أن تقف ببابي فلا يؤذن لك.
وقال أيضاً لعبد الله بن الحسن: إن أمير المؤمنين – يعني سليمان بن عبد الملك – قد بلغه أن في العسكر مطعوناً([54]) فالحق بأهلك، أضن بك([55]).
ومن مكانته في دولة السفاح العباسي أن السفاح جعل يطوف ببناية الأنبار ومعه عبد الله بن الحسن فجعل يريه ويطوف به فقال عبد الله بن الحسن : يا أمير المؤمنين

ألم تر حوشباً أمسى يبني

 

بيوتاً نفعها لبني نفيلة

يؤمل أن يعمر عمر نوح

 

وأمر الله يحدث كل ليلة

فقال له أبو العباس السفاح: ما أردت إلى هذا، قال : أردت أن أزهدك في هذا القليل الذي أريتنيه ([56]).
ويظهر في هذا الموقف صدقة وجرأته في النصح وقول كلمة الحق.
وروى المزي في " تهذيب الكمال " أن أبا العباس السفاح قد خص عبد الله (المحض) ابن الحسن بن الحسن بالمجالسة والمحادثة ومزيد من الإكرام ولكنه كان دائم السؤال له عن ابنيه محمداً وإبراهيم (وذلك لسعي الوشاة بأنهما يعزمان الخروج عليه) فقال له : ما خلفهما عني فلم يفدا علي مع من وفد عليّ من أهلهما وكان يعيد عليه المسألة دائما، فشكى ذلك عبد الله بن الحسن إلى أخيه الحسن بن الحسن (المثلث) فقال له : إن أعاد عليك المسألة عنهما، فقل له علمهما عند عمهما فلما سأله أبو العباس قال : علمهما يا أمير المؤمنين عند عمهما، فبعث أبو العباس إلى الحسن فسأله عنهما، فقال : يا أمير المؤمنين أكلمك على هيئة الخلافة  أو كما يكلم الرجل ابن عمه، فقال أبو العباس : بل كما يكلم الرجل عمه، فقال له الحسن : أنشدك الله يا أمير المؤمنين إن ق دَّر الله لمحمد وإبراهيم يليا من هذا الأمر شيئاً فجهدت، وجهد أهل الأرض معك أن تردوا ما قدر لهما أيردونه، قال: لا، قال : فما تنغيصك على هذا الشيخ النعمة التي أنعمت بها عليه فقال أبو العباس : لا أذكرها بعد اليوم، فما ذكرها حتى فرّق الموت بينهما ([57]) .
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
تقديره للعلماء
 
أهل الفضل أدرى بفضل أهله، لذا عرف هذا الحبر لأهل العلم قدرهم وحقهم، فمن ذلك تقديره للعالم الجليل التابعي طاوس بن كيسان، تلميذ أبن عباس رضي الله عنهما، كما جاء في تهذيب الكمال: "توفي طاوس بالمزدلفة أو بمنى فلما حُمِل أخذ عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بقائمة السرير فما زايله حتى بلغ القبر.
وعن أحمد بن حنبل قال حدثنا عبد الرزاق قال : قال أبي : مات طاوس بمكة فلم يصلوا عليه حتى بعث ابن هشام بالحرس، قال : فلقد رأيت عبد الله بن الحسن واضعاً السرير على كاهله، قال : فلقد سقطت قلنسوة كانت عليه، ومزق رداؤه من خلفه ([58]).
ومما يدل أيضاً على تعظيمه للعلماء ما أورد الحافظ ابن عساكر رحمه الله عن حماد بن زيد أنه قال : كنا مع أيوب السختياني بمكة جلوساً فسلم عليه رجل من خلفه، فالتفت إليه بجسده كله، فسلم عليه تسليماً خفيفاً، ثم التفت إليه وقد دمعت عيناه فلم يزل منكساً حتى قام، فلما قام قلتُ : يا أبا بكر، من الرجل الذي سلمت عليه ؟ قال : ابن النبي، ابن النبي، عبد الله بن الحسن([59]).
وفي هذا الأثر تعظيم عبد الله بن الحسن للعالم أيوب السختياني فيسلم على من خلفه تقديراً له .
وفيه حب هذا التابعي ( أيوب السختياني ) الجليل لأهل البيت رضي الله عنهم أجمعين .
وهكذا علماؤنا رحمهم الله يعرفون لأهل البيت حقهم ويرعون وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، رزقنا الله جميعاً حبهم والاقتداء بهم .
 
 
 
 
 
 
من درر أقواله رضي الله عنه
 
ومن درر أقواله رضي الله عنه التي يسمو بها، ويقتبسها من مشكاة النبوة قوله :
- إياك وعداوة الرجال، فإنك لا تأمن مكر الحليم ولا مبادأة اللئيم([60]).
- المراء يفسد الصداقة القديمة ويحل العُقَدَ الوثيقة، وأقل ما فيه أن تكون المغالبة، والمغالبة أمتن أسباب القطيعة (2).
- ومن كلامه رضي الله عنه وهو يصف رجلاً قوله : كان كثير الصواب قليل الإحالة، يحدثك بالحديث على مدارجه، يخبرك بالخبر على
مطاويه (3).
وقال لابنه محمد : يا بني، إني مؤد إلى الله حقه عليَّ في نصيحتك فأدّ إلى الله حقه عليك في الاستماع والقبول، يا بني، كف الأذى، وأفض الندى واستعن على السلامة بطول الصمت في المواطن التي تدعوك نفسك إلى الكلام فيها، فإن الصمت حسن على كل حال، وللمرء ساعات يضر فيهن خطؤه ولا ينفع صوابه، واعلم أن من أعظم الخطأ العجلة قبل الإمكان، والأناة بعد الفرصة . يا بني، احذر الجاهل، وإن كان لك ناصحاً، كما تحذر العاقل، وإنْ كان لك عدواً فيوشك أن يورطك بمشورته في بعض اغترارك، فيسبق إليك مكر العاقل وإياك ومعاداة الرجال، فإنها لا تعدم مكر حلم أو مبادأة جاهل([61]).
 
 
 
 
 
 
 
 
 
من شعره رضي الله عنه :
 
أجاب أبو العباس السفاح لما كتب له :

أريد حياته ويريد قتلي

 

عذيري من خليلي من مراد([62])

يعرض باختفاء ابنيه محمد وإبراهيم وأنهما يرديان به سوءاً فكتب إليه عبد الله بن الحسن :

وكيف تريد ذاك وأنت منه

 

بمترلة النياط من الفؤاد

وكيف تريد ذاك وأنت منه

 

وأنت لهاشم رأس وهاد

وكيف تريد ذاك وأنت منه

 

وزندك حين تقدح من زنادي([63])

 
ومما ورد له أيضاً :

لم يبق شيئاً يسامه أحد

 

إلا وقد سامناه أخوتنا

فوجدونا نخشى الذمار ونأبى

 

الضيم أن تستباححرمتنا

بذاك أوصى من قبل والدنا

 

وتلك غداً أيضاً وصيتنا(3)

محنته رضي الله ووفاته
 
لما كانت الدنيا دار ابتلاء وليست دار قرار، ولما كان العلماء ورثة الأنبياء كان لذا العالم الجليل نصيبه من الابتلاء، رفعة لدرجته إن شاء الله، وتكفيراً لخطاياه رضي الله عنه .
ابتدأت المحنة في عهد أبي العباس السفاح فغض الطرف، وسكت عن الأمر ولكن أبا جعفر المنصور، عامله الله بما يستحق، جرى على يديه سجن عبد الله الحسن والحسن المثلث وإبراهيم، لإجبار ابني عبد الله : محمد وإبراهيم اللذين أرادا الخروج على دولته، وسُجن مع عبد الله أخوه لأمه محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان الملقب بالديباج، وقد كانت وفاتهم سنة 145 هـ في السجن وكان عُمْرُ عبد الله إذ ذاك 75 سنة([64]) رضي الله عنه .
وها هو ابن كثير يسوق لنا القصة المأساوية }وَلَا تَحْسبنا لله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصارُ {    [إبراهيم : 42]
فقال رحمة الله :" ألًح المنصور على عبد الله في طلب ولديه فغضب عبد الله من ذلك وقال : والله لو كانا تحت قدمي ما دللتك عليهما، فغضب المنصور وأمر بسجنه، وأمر ببيع رقيقه وأمواله، فلبث في السجن ثلاث سنين، وأشاروا على المنصور بحبس بني حسن عن آخرهم فحبسهم، وًجًد في طلب إبراهيم ومحمد جداً، هذا وهما يحضران الحج، في غالب الأوقات، ولا يشعر بهما من ينم عليهما ولله الحمد، والمنصور يعزل نائبا عن المدينة ويولي عليها غيره، ويحرضه على إمساكهما والفحص عنهما، وبذل الأموال فى طلبهما، وتعجزه المقادير عنهما لما يريده الله عز وجل.
وقد واطأهما على أمرهما أمير من أمراء المنصور يقال له أبو العساكر خالد بن حسان، فعزموا فى بعض الحجات على الفتك بالمنصور بين الصفا والمروة فنهاهم عبد الله بن الحسن لشرف البقعة، وقد أطلع المنصور على ذلك وعلم بما مالأهما ذلك الأمير، فعذبه حتى أقر بما كانوا تمالؤوا عليه من الفتك به، فقال: وما الذي صرفكم عن ذلك فقال : عبد الله بن الحسن، نهانا عن ذلك فأمر به الخليفة فغيب فى الأرض فلم يظهر حتى الآن، وقد استشار المنصور من يعلم من أمرائه ووزرائه من ذوي الرأي فى أمر ابني عبد الله بن الحسن، وبعث الجواسيس والقصاد فى البلاد فلم يقع لهما على خبر، ولفا ظهر لهما على عين ولا أثر، والله غالب على أمره، وقد جاء محمد بن عبد الله بن حسن إلى أمه فقال : يا أمه إني قد شفقت على أبي وعمومتي، ولقد هممت أن أضع يدي فى يد هؤلاء، لأريح أهلي فذهبت أمه إلى السجن فعرضت عليهم ما قال ابنها فقالوا : لا ولا كرامة بل نصبر على أمره، فلعل الله يفتح على يديه خيرا، ونحن نصبر وفرجنا بيد الله إن شاء فرج عنا وإن شاء ضيق، وتمالؤوا كلهم على ذلك رضي الله عنهم.
ونقل آل حسن من حبس المدينة إلى حبس بالعراق، وفي أرجلهم القيود، وفي أعناقهم الأغلال، وكان ابتداء تقييدهم من الربذة بأمر أبي جعفر المنصور، وقد أشخص معهم محمد بن عبد الله العثماني، وكان أخا عبد الله بن حسن لأمه وكانت ابنته تحت إبراهيم بن عبد الله بن حسن وقد حملت قريبا فاستحضر الخليفة وقال قد حلفت بالعتاق والطلاق إنك لم تغشني وهذه ابنتك حامل فإن كان من زوجها فقد حبلت منه، وأنت تعلم به وإن كان من غيره فأنت ديوث، فأجابه العثماني بجواب أحفظه به فأمر به فجردت عنه ثيابه فإذا جسمه مثل الفضة النقية ثم ضربه بين يديه مائة وخمسون سوطا منها ثلاثون فوق رأسه أصاب أحدها عينه فسالت، ثم رده إلى السجن، وقد بقي كأنه عبد أسود رزقه الضرب وتراكم الدماء فوق جلده فأجلس إلى جانب أخيه لأمه عبد الله ابن الحسن فاستسقى ماء فما جسر أحد أن يسقيه حتى سقاه خراساني من جملة الجلاوزة الموكلين بهم ثم ركب المنصور هودجه وأركبوا أوليك في محامل ضيقة وعليه القيود والأغلال فاجتاز بهم المنصور وهو في هودجه فناداه عبد الله بن الحسن والله يا أبا جعفر ما هكذا صنعنا بأسراكم يوم بدر، فأخسأ ذلك المنصور وثقل عليه ونفر عنهم ولما انتهوا إلى العراق حبسوا بالهاشمية، وكان فيهم محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن وكان جميلا فتيا فكان الناس يذهبون، لينظروا إلى حسنه وجماله، وكان يقال له الديباج الأصغر فأحضره المنصور بين يديه وقال له : أما لأ قتلنك قتلة ما قتلتها أحدا ثم ألقاء بين اسطوانتين، وسد عليه حتى مات، فعلى المنصور من الله سبحان ما يستحقه "  ثم قال " وقد هلك كثير منهم في السجن حتى فرج عنهم بعد هلاك المنصور، فكان فيمن هلك في السجن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طلب وقد قيل والأظهر أنه قتل صبراً، وأخوه إبراهيم بن الحسن وغيرهم وقلً من خرج منهم من الحبس وقد جعلهم المنصور في سجن لا يسمعون فيه أذاناً، ولا يعرفون فيه وقت صلاة إلا بالتلاوة، ثم بعث أهل خراسان يشفعون في محمد بن عبد الله العثماني، فأمر به فضربت عنقه وأرسل براسه الى أهل خراسان لا جزاه الله خيراً، ورحم الله محمد بن عبد الله العثمانـي"([65]).
يروى لنا الخطيب البغدادي موقفاً مأساوياً آخر، لما وقفت فاطمة بنت عبد الله بن الحسين بطريق أبي جعفر المنصور – عاملة الله بما يستحقة – وهو في طريقه الي الحج فلما مربهما انشدت تقول:

ارحم كبيراً سنه متهدم   

 

في السجن بين سلاسل وقيود


 

وارحم صغار بني يزيد فإنهم 

 

يتموا لفقدك لالفقد يزيد

إن جدت بالرحم القريبة بيننا     

 

ما جدنا من جدكم ببعيد

فقال أبو جعفر : أذكرتنبه، ثم أمر فحدر إلى المطبق ([66]) وكلن آخر العهد به([67]) .
أما الديباج أخوهم، فهو محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان الأموي رضي الله عنه أبو عبد الله المدني المعروف بالديباج لحسن وجهة، وأمه فاطمه بنت الحسين بن علي، روى الحديث عن أبيه وأمه وخارجة بن زيد  وطاوس وأبي الزناد والزهري ونافع وغيرهم، وحدث عنه جماعة، ووثقه النسائي وابن حبان وكان أخا عبد الله بن الحسن لأمه، وكانت ابنته رقية زوجه ابن أخيه إبراهيم بن عبد الله، وكانت من أحسن النساء وبسببها قتله أبو جعفر المنصور فى هذه السنة، وكان كريماً جواداً  ممدحاً، قال الزبير بن بكار أنشدني سليمان بن عباس السعدي لأبي وجرة السعدي يمدحه:

وجدنا المحض الأبيض من قريش

 

فتى بين الخليفة والرسول
جج

أتاك المجد من هنا وهناك

 

وكنت له بمعتلج السيول

فما للمجد دونك من مبيت

 

وما للمجد دونك مقيل

فلا يمض وراءك يبتغيه

 

ولا هو قابل بك من بديل

 
وكان محمدٌ ( الديباج) باراً بأخيه ابن الحسن المثنى، فقد روى الخطيب البغدادي عن عبد الله بن الحسن المثنى أنه قال " أبغضت محمداً ابن عبد الله بن عمرو بن عثمان أيام وُلِدَ بغضاً ما أبغضته أحداً قط ثم كبر وبرَّني فأحببته حباً ما أحببته أحداً قط "([68]) .
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
المبحث الثالث
الحق أحق أن يتبع
 
شبهات وردود :
كأي علَمٍ من الأعلام لم يخل هذان السَّيدان الشريفان من القدح بهما أو الطعن عليهمَّا لحسد أو هوى أو جهل، ونبدأ أولاً بما أثير على الحسن المثنى ثم نثني بابنه عبد الله رحمهما الله .
اتهم الحسن المثنى ضي الله عنه بأمور منها :
1- أنه سب علي بن الحسين رضي الله عنهما، فهو مقدوح فى عدالته عندهم، كما زعموا !!
2- نُسب إلى جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه أنه قال عنه: أنّه أولى باليهودية، وأنه يشرب الخمر !! وأنه قال عنه : (لو توفى الحسن بن الحسن بالزنا وشرب الخمر والربا كان خيراً مما توفى عليه).
    هذا مجمل للاتهامات الموجهة زوراً وبهتاناً لهذا الامام الجليل، والجواب عن هذا أنّ الحادثة المروية فى الخلاف بينه وبين علي بن الحسين كما رواها المفيد وهو من علماء الإمامية كالتالي:
    أخبرني أبو محمد الحسن بن محمد  قال : حدثني جدي قال : حدثني محمد بن جعفر وغيره  قالوا : وقف على علي بن الحسين عليهما السلام رجل من أهل بيته فأسمعه وشتمه، فلم يكلمه، فلما انصر قال لجلسائه : ( قد سمعتم ما قال هذا الرجل، وأنا أحب أن تبلغوا معي إليه حتى تسمعوا ردي عليه ) قال : فقالوا له : نفعل، ولقد كنا نحب أن تقول له ونقول له، قال : فأخذ نعليه ومشى وهو يقول  ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) [ آل عمران : 134 ]
فعلمنا أنه لا يقول له شيئاً، قال : فخرج إلينا متوثباً للشر، وهو لا يشك أنه إنما جاءه مُكافئاً له على بعض ما كان منه، فقال له علي بن الحسين عليهما السلام: ( يا أخي إنك كنت قد وقفت علي آنفاً فقلت وقلت، لئن كنت قلت ما فَّي فأستغفر الله منه، وإن كنت قلت ما ليس فيَّ فغفر الله لك ) قال : فقبل الرجل ما بين عينيه وقال : بل قلتُ فيك ما ليس فيك، وأنا أحق به.
    قال الراوي للحديث : والرجل هو الحسن بن علي ([69]) ( يعني الحسن المثنى )
والجواب أن يقال : هب أنه ثمة خلاف بين عليّ بن الحسين وابن عمه الحسن المثنى أيستوجب ذلك إسقاط الرجل نهائياً ؟!
ثم إنّ الرواية المذكورة – على فرض صحتها – تذكر أنهما تصالحا وأنّ الحسن قد اعتذر من ابن عمه وقبّل ما بين عينيه – أيصح بعد هذا كله أن يُشنع عليه! بل ويُتَناسى ما بين الإمامين من قرابة إذ أنهما أبناء عمومة وأصهار ! كما أشرنا سابقاً ([70])، واشتركا جميعاً فى معركة الطَّف أفلأجل خصومة عارضه – على فرض وقوعها نسقط إماماً من أهل البيت، وعِلماً من النبلاء؟! إنّ مثل ذلك لا يليق بمنصف محبٍ للحق ولأهل الحق.
ونقل التستري عن صاحب الاحتجاج ( عن ابن أبي يعفور قال: لقيت أنا والمعلي بن خنيس الحسن بن الحسن فقال : يا يهودي فأخبرنا بما قال فينا جعفر بن محمد – عليهما السلام – فقال : هو والله أولى باليهودية منكما ! إن اليهودي من شرب الخمر .
وعنه – عليه السلام – قال:( لو توفي الحسن بن الحسن على الزنا والربا وشرب الخمر، كان خيراً مما توفي عليه ) انتهي النقل عن قاموس الرجال([71]).
 
ونَرُّد هذا بالقول أولاً :
فإن روايات الطبرسي في كتاب " الاحتجاج " وردت بلا أسناد كما صرح هو بنفسه في مقدمة كتاب، وأهمية الإسناد عند أمة الاسلام لا تخفى، فقد كان عبد الله بن المبارك يقول : ( الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ! ).
     وقال أبو علي الجياني :( خص الله تعالى هذه الأمة بثلاثة أشياء لم يعطها من قبلها : الإسناد والأنساب والإعراب ).
فلولا الإسناد لَدَرَسَ منار الإسلام ولتمكن الكائدون للدين من وضع الأحاديث، فإن الأخبار إذا تعرت عن وجود الأسانيد فيها كانت بتراء ولقال من شاء ما شاء ولنسب للفضلاء كل رزية وبلية، فكان بحمد الله من خصائص هذه الأمة .
هذا ونحن نعلم أن الحسن المثنى ثقة مأمون ([72])  فأين هذه الأوصاف من الورع والدين ؟
- ثم إنه من المعلوم بأن الإمام الحسن المثنى قد توفي سنة سبع وتسعين، واين ذلك من زمان الصادق الذي مبدؤه سنه 116 ؟ ([73]).  
- وأيضاً فإن جعفر الصادق رضي الله عنه ينزه عن أن ينسب رجلاً من أفاضل أهل البيت إلى اليهودية، أو القذف بشرب الخمر، أو ميتة السوء لمجرد  الاختلاف معه ([74]).
ورد التستري القول بشرب الخمر ( بأنه النبيذ الذي خمر عند أئمتنا عليهم السلام ويحله غيرهم الأكثر )([75]).
وسياتي مزيد رد لشبه شرب الخمر في الكلام علي الشبهات التي أثيرت على عبد الله بن الحسن، ولقد أجاد التستري في قاموس الرجال في الرد على بعض الشبه، لكنه جانب الصواب لما نسب هذه المساوئ إلى الحسن المثلث ابن الحسن المثنى، فهو أيضاً كان على جلالة وعلم وفضيلة، وسبق أنه توفي مع أخيه في الحبس وهو ابن 68 سنه، قال عنه ابن حبان في مشاهير علماء امصار : ( من قراء أهل البيت وعبادهم ) ([76]).
فالواجب حب أهل البيت أجمعين، رعاية لوصية رسول الله صلى الله صلى الله عليه وآله وسلم وحقه علينا، ولا يطعن بهؤلاء الكرام بالظنون والأوهام ومن ثبتت فضيلته بيقين لا تزول بمثل هذه الافتراءات والله أعلم .
أما الإمام عبد الله بن الحسن فكان له النصيب الأعظم من الطعون نلخصها فيما يلي :
التهمة الأولى :
- أنه يدعي أن سيف رسول الله عنده وأن جعفر الصادق رضي الله عنه كذّبه .
فقد روى الصفار في " بصائر الدرجات " عن سليمان بن هارون قال : قلت لأبي عبد الله  علية السلام : إن العجابية يزعمون أن عبد الله لقد كذب ! والله ما هو عنده ولا رآه أبوه إلا أن يكون رآه عند علي بن الحسين عليهما السلام وإن صاحبه لمحفوظ ولا يذهبن يميناً وشمالاً فإن الأمر واضح ([77]).  
التهمة الثانية :
- أنه يقول إن الإمامة تصلح في قريش وأن علياً لم يكن إماماً.
فقد روى الصفار في " بصائر الدرجات " عن محمد بن مسلم أن الإمام جعفر الصادق ذكر أن عبد الله بن الحسن كان يقول في أبيه علي بن طالب عليه السلام إنه لم يكن إماماً حتى خرج وأشهر سيفه . وإنما تصلح في قريش – يعني الإمامة ([78]).
وعن علي بن سعيد قال : كنت جالساً عند أبي عبد الله عليه السلام ومحمد بن عبد الله جالس، وفي المجلس عبد الملك بن أعين، محمد الطيار، وشهاب بن عبد ربه فقال رجل من أصحابنا : جعلت فداك، إن عبد الله بن الحسن يقول : ليس لنا في هذا الامر حق ليس لنا، فقال عليه السلام بعد كلام أما تعجبون لعبد الله يزعم أن أباه لم يك إماماً، ويقول : إنه ليس عندنا علم، وصدق والله، ما عنده علم ([79]).  
التهمة الثالثة : 
- خالف في بعض الأحكام الفقهية .
التهمة الرابعة :
- ثناؤه على عمر بن الخطاب t .
 
فنقول رداً على هذه التهم مستعينين بالله :
أما الروايات التي يطعن بها جعفر الصادق في ابن عمه عبد الله بن الحسن وابن عمتهم فاطمة  بنت الحسين فأمر مستبعد، وهم أجل من ذلك إن شاء الله ويدل في ذلك ما في بحار الانوار (إن أبا عبد الله جعفر بن محمد عيهما السلام كتب إلى عبد الله بن الحسن حين حمل هو وأهل بيته يعزيه عما صار إليه:
بسم الله الرحمن الرحيم، إلى الخلف الصالح والذرية الطيبة من أخيه وابن عمه .
     أما بعد : فلئن كنت قد تفردت أنت وأخل بيتك ممن حمل معك بما أصابكم ما انفردت بالحزن والغيظ والكآبة واليم وجع القلب دوني، ولقد نالني من ذلك من الجزع والقلق وحر المصيبة مثل ما نالك، ولكن رجعت إلى ما أمر الله عز وجل به المتقين من الصبر وحسن العزاء ....) ([80]).  
فترى هذه الرسالة تفيض بالود بينهم والمحبة والنصح الصادق، وفي رواية أخرى أنه بكى حتى علا صوته ([81]).  
ثم على فرض صحة الروايات، فالخلاف بينهما وارد، وهذا لا يسقط أياً منهما، بل كلٌ له فضيلة وقرابة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فينبغي أن نغض الطرف عن المثالب، هذا إذا ثبتت فكيف بها وهي غير ثابتة.
أما قول عبد الله بن الحسن أنّ الأمامة تصلح فى قريش، فهذا يؤيده حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( الأئمة من قريش ) ([82])  وحديث ( الناس تبع لقريش فى هذا الشأن ) ([83]) وغيرهما من الأحاديث التي نصت صراحة على أنّ الخلافة لقريش فأي عار على هذا الامام فى أن يتبع الأحاديث الصحيحة الصريحة فى أنّ الخلافة فى قريش، ولو كانت لبطن خاص من البطون لصرح النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا ولما احتاج أن يذكر اللفظ العام (قريش) ويترك اللفظ الخاص بغيرهم، ولكان هذا بعيداً عن الفصاحة بل عن تبليغ الرسالة، وحاشاه صلى الله عليه وآله وسلم من ذلك، أما إمامة علي بن أبي طالب t فمن المعلوم بأنها كانت ببيعة الناس له t . وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب t أهل للخلافة ولا ريب وخلافته معدودة كخلافة راشدة يُستهدى ويُستنار بقيمها الأخلاقية والسياسية.
وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب t  هو جد الامام عبد الله بن الحسن المثنى ولا يعقل أن ينتقص عبد الله بن الحسن جده.
كل ما طرحه الإمام عبد الله هو أنّ عليا t لم يكن منصوصاً عليه من الله تعالى، وإنما إمامته ثبتت ببيعة الناس له، وتمكنه من إقامة الجهاد والحدود والحج وأحكام الدين، وإلا فأيّ مصلحة فى إمامة من لا يقيم ذلك، وعليه إذاً فلا حرج على عبد الله بن الحسن بل الصواب ما قاله رضي الله عنه .
وأما مخالفاته الفقهية المزعومة فقد نقلها التستري عن الكافي فقال: عن الكلبي النسابة، قال : دخلت المدينة ولس أعرف شيئاً من هذا الأمر ( إلى أن قال ) فأتيت مترل عبد الله بن الحسن فاستأذنت، فخرج إليَّ رجل ظننت أنّه غلام فقلتُ له : استأذن لي على مولاك، فدخل ثم خرج فقال لي : ادخل ( إلى أن قال ) فقال : أَمَررت بابني محمد ؟ قلت : بدأت بك، فقال : سل.
فقلت : أخبرني عن رجل قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء؟ فقال:طلقت برأس الجوزاء والباقي وزر عليه وعقوبة، فقلت فى نفسي: واحدة.
فقلت: ما تقول في أكل الجرّي أحلال هو أم حرام؟ فقال : حلال – إلا أنّا أهل البيت لا نشربه . وقمت فخرجت من عنده وأنا أقول : هذه العصابة تكذب على أهل هذا البيت فدخلت المسجد فنظرت إلى جماعة من قريش وغيرهم من الناس فسلمت عليهم ثم قلت لهم : من أعلم أهل البيت؟ فقالوا عبد الله بن الحسن فقلت: قد أتيته فلم أجد عنده شيئاً ( إلى أن قال ) حتى صرت إلى منزل جعفر بن محمد – عليه السلام – فقرعت الباب، فخرج غلام فقال : ادخل يا أخا كلْبٍ ! فأدهشني الخبر([84]).
بل زاد التستري وللأسف فقال :
وقد روي عنه أمور منكرة فوق عدم استبصاره (2)، ففي خبر: أنه قال للصادق – عليه السلام – إنّ الحسين كان ينبغي له إذا عدل أن يجعلها فى الأسنّ من ولد الحسن.
وقال ابن قتيبة : رؤى عبد الله بن الحسن يوماً ويمسح على خفّيه، فقال مسح عمر، ومن جعله بينه وبين الله فقد استوثق. انتهى كلام التستري في قاموس الرجال.
 
فالجواب وبالله الاستعانة :
أولاً : أما الكلبي فليس بثقة، بل اتُّهم بالكذب، ففي "تهذيب الكمال "للمزي برقم (5863 ) محمد بن السائب الكَلبي عن البخاري : تركه يحيي بن سعيد وابن مهدي وعن ابن معين : ضعيف، وعن سفيان الثوري عجباً لمن يروي عن الكبلي، وغير ذلك فكيف يعتمد عليه في الرد على مثل ها الإمام الفاضل والشريف الكامل ؟!
ثانياً : هل الخلاف في مسألة فقهية محضة مثل شرب النبيذ([85]) أو المسح على الخفين أو إباحة سمك الجريّ أو وقوع الطلاق بالثلاث موجب لإسقاط مثل هذا الإمام ؟
ثم ما يضره أن يقول بجواز النبيذ غير المسكر، إذ من المستبعد جداً أن يبيح المسكر منه، لأنه خمر وهو أجل من أن يبيح الخمر، مع أنه في الرواية تورع عنها؟
وهل نقول أنّ الصادق رضي الله عنه أباح الخمر ؟ لما سأله الكلبي نفسهُ – كما في الاستبصار – عن النبيذ (فقال : حلال فقال : إنا ننبذه فنطرح فيه العكر ([86]) وما سوى ذلك، فقال : شه شه، الخمرة المنتنة ...) ([87]).
ففصّل الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه القول في النبيذ فجعل منه المسكر المحرم والحلال الطيب الذي لا يؤاخذ المرء على شربه فهل عليه وعلى ابن عمه عبد الله بن الحسن حرجٌ في ذلك.
 
أما المسح على الخفين : فقد وردت فيه أكثر من سبعين رواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فالحديث متواتر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وممن صرح بالتواتر الحافظ ابن عبد البر([88]) والحافظ ابن حجر([89]) والحافظ السخاوي([90])  والحافظ السيوطي([91]) .
بل قال أحمد بن حنبل: ليس في قلبي من المسح عن الخفين شيء، فيه أربعون حديثاً عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما رفعوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما وقفوا ([92]) .
ولعل الإمام أحمد يعني بذلك ما صح عنده أو ما بلغه من طرق الحديث والله أعلم.
ثم هل استشهاده بعمر بن الخطاب رضي الله عنه جريمة شنعاء توجب الطعن فيه، فقد أثنى جده عليّ رضي الله عنه على عمر، وجاهد معه وأقام الحدود بين يديه، ثم زوجه ابنته (أم كلثوم) وأطلق اسمه على أحد أبنائه، فهل عليه حرج بالاقتداء بجده عليّ رضي الله عنه؟
 
      وهذه العلاقة بين عليّ وعمر رضي الله عنهما لم تأت من فراغ، فقد سطرها التاريخ بأحرف من نور وجسدها عليّt بكلمات تكتب بماء الذهب حيث قال مخاطباً عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد أن استشاره في غزو الروم فيقول: " إنك متى سرت إلى هذا العدو بنفسك، فتلقم فتنكب لا تكن للمسلمين كانفة([93]) دون أقصى بلادهم ليس بعدك مرجع يرجعون إليه، فابعث إليهم رجلاً محرباً([94])، واحفز معه أهل البلاء([95]) والنصيحة فإن أظهر الله فذاك ما تُحب وإن تكن الأخرى، كنت ردءاً([96]) للناس ومثابة([97]) للمسلمين([98]) .
ويخاطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أيضاً فيقول له : "فكن قطباً واستدر الرحا بالعرب، واصلهم دونك نار الحرب، فإنك إن شخصتَ من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها، حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهم إليك مما بين يديك.
إنّ الأعاجم إن ينظروا إليك غداً يقولوا: هذا أصل العرب، فإذا اقتطعتموه استرحتم، فيكون ذلك أشد لِكَلَبهم عليك، وطمعهم فيك([99])".
ويمدح عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد موته قائلاً: " لله بلاء فلان([100]) فلقد قَوَّم الأود([101])، وداوى العمد([102])، وأقام السنة، وخلَّف الفتنة([103])! ذهب نقي الثوب، وقليل العيب أصاب خيرها، وسبق شرها أدّى إلى الله طاعته واتقاه بحقه . رحل وتركهم في طرق متشعبة، لا يهتدي بها الضال، ولا يستيقن المهتدي "  ([104])
يقول ابن أبي الحديد([105])  تعليقاً على هذا النص في شرحه لنهج البلاغة "ويروى (لله بلاء فلان) أي : لله ما صنع، وفلان المكنى عنه عمر بن الخطاب، وقد وجدت النسخة التي بخط الرضي أبي الحسن([106])  جامع نهج البلاغة وتحت فلان عمر، حدثني بذلك فخّار بن معد الموسوي الأودي الشاعر([107]) ".
وقد أثنى على بن أبي طالب رضي الله عنه على عمر رضي الله عنه أيضاً فقال: "ووليهم والٍ فأقام واستقام حتى ضرب الدين بجرانه".
 
يقول ابن أبي الحديد:"الجِران مقدم العنق، وهذا الوالي هو عمر بن الخطاب"([108])
أما سمك الجري أو الجريث (وهو سمك نهري لا قشر له) فأباحه عبد الله بن الحسن رضي الله عنه متبعاً كتاب الله، كما قال جل ذكره:
} أُحِلَّ لكُم صَيُدُ الْبُحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاَ لَكُمْ {  [المائدة :96].
فأي حرج على عبد الله بن الحسن لما أحلّ ما أحله الله ؟!
وعلى فرض أن في المسألة خلافاً، كيف يؤخذ عليه اختياره أحد القولين ويشنَّعَ عليه بلا حجة ولا دليل واضح.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: "عن عبد الرزاق عن الثوري عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس قال: لا بأس به إنما هو شيء كرهته اليهود وأخرجه ابن أبي شيبة عن وكيع عن الثوري به وقال في روايته سألت ابن عباس عن الجري فقال: لا بأس به إنما تحرمه اليهود ونحن نأكله وهذا على شرط الصحيح وأخرج عن علّي وطائفة نحوه([109]) ".
وقال الحافظ ابن عبد البر في التمهيد: (وروى عن عليّ بن أبي طالب أنه كره الطافي من السمك وروي عنه أنه كره أكل الجريّ من وجه لا يثبت وروي عنه أنه قال: لا بأس بأكل ذلك كله وهو أصح عنه) ([110]).
فهذا عليّ وابن عباس رضي الله عنهما يجيزان أكله، وهو الموافق للقرآن فأي ضيرٍ على هذا الإمام أن يوافق آباءه سادات أهل البيت.
بل قال الحليّ في مختلف الشيعة "وقد روى زرارة في الصحيح، عن الباقر –عليه السلام – قال: سألت عن الجريث، فقال: وما الجريث؟ فنعته له فقال:
} قُل لاَّ أَجِد في مَا أوْحِيَ إلَيَّ مُحَرماً عَلى طَاعِم يَطْعَمهُ إلاَّ أن يَكُونَ ... الآية{  [الأنعام:145] ثم قال : لم يحرم الله شيئاً من الحيوان في القرُان إلا الخنزير بعينه، ويكره كل شيء من البحر ليس له قشر – مثل : الورق- وليس بحرام إنما هو مكروه. وفي الصحيح عن محمد بن مسلم، عن الصادق – عليه السلام- قال: سألته عن الجري والمار ماهي والزمير وما ليس له قشر من السمك حرام هو ؟ فقال لي: يا محمد أقرأ هذه الآية التي في الأنعام } قُل لاَّ أَجِد في مَا أوْحِيَ إلَيَّ مُحَرماً {  [الأنعام:145] فقال: فقرأتها حتى فرغت منها، فقال: إنما الحرام ما حرم الله ورسوله في كتابه ولكنهم قد كانوا يعافون أشياء فنحن نعافها([111]) ".
هذا نص منهما أنهما يكرهان الجري إما كراهة شرعية لم تبلغ التحريم أو كراهة طبع لا علاقة لها بالتشريع فهل نهمل علم الإمامين ونطعن بهما كما طعنا بعبد الله بن الحسن لأنهما قالا مثل عبد الله بن الحسن (لكننا نعافه)؟

أحرامٌ على بلابله الدوح

 

حلالٌ للطير من كل جنسِ

 
أما الطلاق فإنّ الله تعالى أباح الطلاق ثلاث مرات متفرقات، قال تعالى: } الطَّلاَقُ مَرَتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْروفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإحْسَانٍ {  [البقرة:229]
ثم قال في الآية التي بعدها  } فَإن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكحَ زَوْجاً غَيْرَهًُ {  [البقرة:230]  فذهب جمع من العلماء إلى أنّ الطلاق بالثلاث مرة واحدة يقع واحدة وهو قول عطاء وطاوس وسعيد بن جبير وأبو الشعثاء وعمرو بن دينار وبعضهم ذهب بوقوعها بائنه، وهو مذهب الشافعي وأبي ثور وروي ذلك عن الحسن بن علي رضي الله عنهما وعبد الرحمن بن عوف وابن عباس وأبي هريرة وابن عمر وعبد الله بن عمر وابن مسعود وأنس رضي الله عنهم، وهو قول أكثر أهل العلم من التابعين والأئمة بعدهم([112]).
وهاك جملة من بعض أقوالهم : عن سعيد بن جبير ومجاهد عن ابن عباس أنه سئل عن رجل طلق امرأته عدد النجوم فقال أخطأ السنة حرمت عليه امرأته([113])  وعن ابن أبي شيبة (يكفيه من ذلك رأس الجوزاء )([114]).ولا شك أن الزيادة عما أمر الله به اعتداء فزيادة عدد النجوم اعتداء من المطلق .
بل إنّ علياً رضي الله عنه كما في "مستدرك الوسائل " للميرزا النوري ناقلاً عن "الجعفريات" (رُفع إلى أمير المؤمنين رجل قال لامرأته : أنت طالق عدد العرفج([115])  فقال علي رضي الله عنه ثلاث عرفجات يكفيك من ذلك، وفرّق بينه وبين امرأته) ([116]).
وعن الصادق أيضاً كما في "الاستبصار "للطوسي (عن محمد بن سعد الأموي قال سألت أبا عبد الله عن رجل طلق ثلاثاً في مقعد واحد فقال : أما أنا فأراه قد لزمه، وأما أبي فكان يرى ذلك واحدة) ([117]).
فهل أخطأ عليّ رضي الله عنه وحفيده الصادق مثل عبد الله بن الحسن؟! فأي حرج على عبدالله بن الحسن أن يختار قولاً سبقه إليه جملة من أهل البيت والصحابة؟!
أما كان من الجدير بهؤلاء الطاعنين أن يدركوا أنّ المسألة فيها خلاف تتسع له الشريعة الغراء وصدور العلماء والفضلاء؟!
على أننا لا نرى العصمة إلا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا حرج أن يُخَطأ هذا الإمام وغيره، ولكن إسقاط علمائنا بمثل هذه الأمور لا يرضي أحداً والله أعلم.
خاتمة
 
بعد هذا التصفح في سيرة هذين الإمامين الفاضلين الجليلين يظهر لنا جلياً نتيجة ليست بالجديدة، ولكنها تأكيد جديد على المودة الصادقة بين آل النبي الأخيار وصحابته الأطهار ومعرفتهم لفضل بعضهم وثنائهم على بعض برز ذلك هنا عن طريق الثناء والمصاهرة .
وظهر أيضاً رد هذين الإمامين للغلو، وبراءتهم من أهله كما جاء مسطوراً في ثنايا البحث.
وقد جاء الرد موجزاً، لكنه إن شاء الله كافياً في الذب عن هذين العَلمين الجليلين والرد على من من حاول أن ينقص من هذين الإمامين أو أن يطعن بهما نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يهدينا وإخواننا المسلمين سواء السبيل إنه ولي ذلك والقادر عليه .
 
 
 
 
المراجع
 

  1. الاحتجاج – الطبرسي- تحقيق محمد باقر الخراساني- دار النعمان النجف – ط 1386هـ (1966م).

  2. الاستبصار- محمد بن الحسن الطوسي- تحقيق حسن الموسوي- دار الكتب الإسلامية الطبعة الرابعة 1966م .

  3. الإرشاد – المفيد- سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد- دار المفيد – بيروت ط1414هـ 1993م.

  4. بحار الأنوار - محمد باقر المجلسي- دار إحياء التراث العربي بيروت 1403هـ 1983م الطبعة الثالثة.

  5. البداية والنهاية – ابن كثير – مكتبة المعارف – بيروت – الطبعة الثالثة -1416هـ (1996)م.

  6. تاريخ ابن خلدون – عبد الرحمن بن خلدون- دار ابن حزم- بيروت الطبعة الأولى 1424هـ(2003)م.

  7. تاريخ بغداد- الخطيب البغدادي – تحقيق بشار معروف- دار الغرب بيروت- الطبعة الأولى 1422هـ (2001)م.

  8. تاريخ دمشق- ابن عساكر –تحقيق علي عاشور – دار إحياء التراث العربي بيروت- الطبعة الأولى 1421هـ (2001)م

  9. تدريب الراوي – السيوطي – تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف- مكتبة الرياض الحديثة .

  10. تفسير الطبري- محمد بن جرير الطبري- د.ت

  11. تفسير القرطبي- أبو عبد الله القرطبي – د.ت

  12. تقريب التهذيب – ابن حجر العسقلاني – دار الأفكار الدولية عمان الطبعة الأولى – د.ب

  13. تهذيب التهذيب – ابن حجر العسقلاني – دار الفكر – بيروت 1404 هــ (1984)م .

  14. تهذيب الأحكام – محمد بن الحسن الطوسي –  تحقيق حسن الموسوي دار الكتب الإسلامية – طهران – الطبعة الرابعة 1365 هــ

  15. تهذيب الكمال – الكزي – تحقيق عمرو سيد شوكت – دار الكتب العلمية – الطبعة الأولى 1425 هـ (2004) م

  16. الجرح والتعديل – عبد الرحمن بن أبي حاتم – دار إحياء التراث العربي بيروت -  1372 هــ (1952 )م

  17. سنن أبي داود – أبو داود السجستاني – دار السلام – الرياض الطبعة الثانية 1421 هــ (2000 ) م

  18. سنن الترمذي – محمد بن عيسى بن سورة الترمذي – دار السلام   الرياض – الطبعة الثانية 1421 هــ (2000 ) م

  19.  سنن الدار قطني – علي بن عمر الدار قطني – دار المعرفة – بيروت 1386 هـ (1966) م

  20. سنن النسائي ( المجتبى ) – احمد بن شعيب النسائي – دار السلام – الرياض 1421 هـ (2000 )م

  21.  سنن النسائي الكبرى – احمد بن شعيب النسائي – دار الفكر – بيروت

  22. سير أعلام النبلاء – شمس الدين الذهبي – تحقيق شعيب الارناؤوط مؤسسة الرسالة – بيروت الطبعة الحادية عشر – 1422 هــ (2001)م

  23. شرح أصول الكافي – مولى محمد صالح المازنداني – د.ت

  24. شرح نهج البلاغة – ابن أبي الحديد – تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم دار إحياء التراث

  25. صحيح مسلم – الإمام مسلم بن الحجاج – دار السلام – الرياض 1421 هــ (2000) م

  26. الطبقات الكبرى – محمد بن سعد – دار صادر – بيروت – د.ب

  27. عمدة الطالب – جمال الدين بن هنة – مكتبة التوبة – الرياض الطبعة الأولي     1424 هــ (2003 ) م

  28. الغدير – الأميني – دار إحياء التراث العربي – بيروت – 1379هــ

  29. فتح الباري – ابن حجر العسقلاني – دار المعرفة – بيروت – 1379 هــ

  30. فتح القدير – الشوكاني

  31. فتح المغيث – السخاوي – دار الكتب العلمية – لبنان – 1403هــ

  32. قاموس الرجل – محمد تقي التستري – مؤسسة النشر الاسلامي 1420 هــ

  33. الكافي ( الأصول ) – الكليني – تحقيق علي أكبر غفاري – دار الكتب الإسلامية – الطبعة الثالثة 1488 هــ.

  34. الكامل في التاريخ – ابن الأثير – دار المعرفة – بيروت 2002 م الطبعة الأولى – تحقيق خليل مأمون شيحا .

  35. كتاب سليم بن قيس – سليم بن قيس الهلالي – تحقيق محمد باقر الزنجاني .

  36. كشف الغمة – علي بن عيسى الاربلي – دار الأضواء – بيروت – الطبعة الأولى 1421 هــ 2000 م .

  37. مختلف الشيعة – ابن المطهر الحلي – مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية إيران – 1381 هــ .

  38. المستدرك علي الصحيحين – الحاكم النيسايوري – دار الكتب العلمية – تحقيق مصطفي عبد القادر عطا – 1411هــ ( 1990 ) م .

  39. المسند – الإمام أحمد بن حنبل – مؤسسة قرطبة – تحقيق شعيب الأرناؤوط – القاهرة .

  40. مسند أبي يعلي – أبو يعلى الموصلي – دار المأمون – تحقيق حسين سليم أسد – دمشق – 1402 هــ ( 1984 ) م .

  41. معجم الطبراني الأوسط – أبو القاسم الطبراني – تحقيق طارق عوض الله – دار الحرمين – القاهرة – 1415 هــ.

  42. معجم الطبراني الكبير – أبو القاسم الطبراني – تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي – مكتبة العلوم والحكم – الموصل – الطبعة الثانية – 1404 هــ ( 1983 ) م .

  43. المغني – ابن قدامه المقدسي – عالم الكتب – الرياض .


([1]) حرفياً من واقع النظام الأساسي للمبرة الصادر بقرار وزير الشئون الاجتماعية والعمل

([2]) المثنى لأن اسمه الحسن بن الحسن

([3]) (3) رواه الترمذي فى باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما برقم (3868) وقال حسن صحيح.

 

([5]) رواه الحاكم فى المستدرك (4900) وصححه الألباني فى السلسة الصحيحة 374.

([6]) (3) لحديث أنس فى الترمذي وغيره فى باب فضل خديجة برقم (3878). " حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسيا إمرأة فرعون" وقال الترمذي : هذا

حديث صحيح.

([8]) انظر تهذيب التهذيب 2/230،  والارشاد للمفيد 2/25 وعمدة الطالب 167.

([9]) سير أعلام النبلاء 3/279.

([10]) تاريخ دمشق 15/55.

([11]) أفدتها من مشجرات الأستاذ أبي معاذ السيد بن أحمد الإسماعيلي حفظه الله مع بعض الزيادات وللمزيد من هذه المشجرات التي تعكس الأسماء والمصاهرات بين آل البيت والصحابة رضي الله عنهم أجمعين يمكن الرجوع إلى كتابه " الأسماء والمصاهرات بين آل البيت والصحابة " – الطبعة الثانية وهو من الاصدارات القادمة للمبرة قريباً إن شاء الله.

([12]) الإرشاد للمفيد 2/25 .

([13]) تقريب التهذيب 8652، والمقصود بالثقة فى مصطلح أهل الحديث : العدل فى دينه الضابط لما ينقله.

([14]) تاريخ بغداد 3/275.

([15]) الطبقات الكبرى لابن سعد 5/319 وفتح الباري 9/155.

([16]) تهذيب الكمال ( 1215) .

([17]) السنن الكبرى للنسائي باب ذكر الاختلاف على مسعر بن كدام، ط دار الفكر .

([18]) سير أعلام النبلاء 4/483

([19]) رواه أبو داود برقم (2042) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه

([20]) للإفاد والزيادات فى هذا الباب يمكن الرجوع إلى كتاب (الوصية الخالدة) للشيخ محمد سالم الخضر حفظه الله.

([21]) رواه الطبراني برقم (6609)، وصححه الألباني فى السلسة الصحيحة( 2036 ).

([22]) تاريخ دمشق 15/60

([23]) السحر: وقت قبل طلوع الفجر

([24]) الشملة: كساء يشتمل به

([25]) الذؤابة: الناصية فى مقدمة شعر الرأس

([26]) تاريخ دمشق 44/145.

([27]) صحيح مسلم كتاب الذكر والتوبة باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن والذكر برقم ( 2699)

([28]) تاريخ الإسلام للذهبي فى ترجمة الحسن بن الحسن بن علي رضي الله عنهم.

([29]) الحديث مختلف في صحته فقد ضعفه البخاري وإبراهيم الحربي وابن حزم، وحسنه أحمد بن حنبل والترمزذي كما قال ابن تيمية في المنهاج (7/320)، وسيأتي مزيد كلام على هذا الحدثي في الكتاب المختص بمرويات فضائل أهل البيت والصحابة رضي اله عنهم أجمعين في إصدار قادم للمبرة إن شاء الله.

([30]) تاريخ دمشق 15/60

([31]) رواه الترمزي برقم 2399 باب ما جاء في الصبر على البلاء، وصححه الألباني .
(2) رواه الترمزي برقم 2396 باب ما جاء في الصبر على البلاء، وصححه الألباني .
(3) الكامل في التاريخ 2/183 .
(4) الغدير للأميني 3/271
 

([32]) تراجم الطبقة العاشرة ص 328 برقم 236، والإرشاد  للمفيد 2/24 .
(2) فتح الباري كتاب فرض الخمس ( 3091 -3094) والإرشاد للمفيد 2/23 .
 

([33]) قشب : أي أفترى عليه .
(2) حديث رواه أبو داود برقم (1479)، كتاب سجود القآن، باب الدعاء، الترمذي كتاب تفسير القرآن باب سورة البقرة عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم برقم 2169 وللاستزاده من حث أهل البيت على التوحيد وإفراد الله بالدعاء يراجع ( الوصية الخالدة ) للشيخ محمد سالم الخضر حفظه الله .
 

 

([35]) انظر البداية والنهاية 9/170 وتاريخ الإسلام، أحداث سنة 97 هـ .
(2) أي خرجوا في جنازته مشيعين له .
 (3) تاريخ دمشق ( 13/71 ) و (7/151) .

([36]) مادة هذا التقسيم منتقاة من تاريخ ابن خلدون ص 1512

([37]) (2) أنواع من الثياب 
 

 

([39]) تاريخ الإسلام ترجمة عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه .
 

([40])  المحض بمعنى الخالص وقيل سمي بذلك لأن أباه وأمه هاشميان (ابن عنبة في عمدة الطالب ) ص173 وقيل يطلق على أبناء العم إذا تزوجا .
 

([41]) تاريخ الإسلام، حوادث (141-160) ص 191
(2) الجرح والتعديل 5/33، وانظر : تاريخ بغداد 11/91 وفيه (ثقة مأمون)
(3)  برقم (3274)
(4) تاريخ بغداد 11/90
 

([42]) السدل: أن يلتحف بثوبه ويجعل يديه في الداخل فير كع ويسجد وهو كذلك
(2) تاريخ دمشق 29/253
(3)  ربيعة بن أبي عبدالرحمن التيمي الشهير بربيعة الرأي مات سنة 136هـ روى عنه الأوزاعي والثوري ومالك قال عنه الزهري : ما ظننت أن بالمدينة مثل ربيعة الرأي .
(4) تاريخ دمشق 29/254
 

([43]) ابن ماجه (771) كتاب المساجد والجماعات، باب الدعاء عند دخول المسجد وفاطمة بنت الحسين لم تلق جدتها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رضي الله عنها فالحديث مرسل ولكنه يصبح بالطرق .
(2) سنن النسائي كتاب تحريم الدم، باب من قتل دون ماله (4087) وصححه الألباني .
(3)   سنن الترمزي (1419) كتاب الديات، باب من جاء فيمن قتل دون ماله فهو شهيد .
 

([44]) رواه الترمذي (314) أبواب الصلاة باب ما يقول عند دخول المسجد .
 

([45]) (3) تاريخ دمشق 29/255-256
(2) جاء في قوله تعالى (وصَلَّ عَلَيْهِمْ صَلَاتَكٌ سَكَنٌ لَّهُمْ ) التوبة 103، أي ادع لهم، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم "اللهم صل على آل أبي أوفى "صحيح البخاري، كتاب الزكاة باب صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة (63) وعن جابر بن عبد الله t أن امرأة قالت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم صل عليّ وعلى زوجي فقال صلى الله عليه وآله وسلم" صلى الله عليك وعلى زوجك " رواه أبو داود في كتاب سجود القرآن، باب الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإسناد صحيح.

([46])  (استوثق ) أي أن عمر رضي الله عنه ثقة في نقله عن الشريعة .

([47]) تاريخ دمشق 29/256
 

([48]) تاريخ دمشق 29/256
 

([49])  صحيح مسلم (25) كتاب الإيمان باب الأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله .

([50]) (3) تاريخ دمشق 29/258

 

([52])  تاريخ دمشق 29/258 .

([53])  عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس قائد من قواد الدولة العباسية قتل أيام أبي جعفر المنصور

([54])  مطعون : أي مصاب بالطاعون

([55])  أضن بك : أحرص عليك

([56])  تاريخ بغداد 9/421

([57])  تهذيب الكمال للمزي، ترجمة الحسن بن الحسن المثنى

([58])  تهذيب الكمال في ترجمة طاوس بن كيسان

([59])  تاريخ دمشق 29/254 .

([60])  (2) (3) تاريخ دمشق 29/259، وكشف الغمة 2/189

([61])  تاريخ دمشق 29/266 .

([62])  تهذيب الكمال (ترجمة عبد الله بن الحسن )

([63])  تاريخ دمشق 29/260
(3) تاريخ دمشق 29/259

([64])  تقريب التهذيب ترجمة (3274)

([65])  البداية والنهاية ( جزء 10 – 81 )

([66])  المطبق : السجن

([67])  تاريخ بغداد 9/433

([68])  تاريخ بغداد 3/276

([69])  الارشاد للمفيد 2/145-146

([70])  وسبق ذكر زواج الحسن المثني من أخت علي بن الحسين فاطمة وأم عبد الله أخت الحسن المثني تزوجها علي بن الحسين، فهما ابنا عم وصهران .

([71])  قاموس الرجال للنستري 3/214- 215

([72])  انظر الإرشاد للمفيد 2/23.

([73])  قاموس الرجال (3/215).

([74])  على أن الطبرسي نفسه معروف بالغلوم والتطرف، فلم يسلم كتاب الله تعالى من سهامه إذ هو أحد القائلين بوقوع التحريف في كتاب الله تعالى – عياذاً بالله .
ولم يسلم من سهامه صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا حتى مخالفيه من طوائف المسلمين فكيف يُمكن لمنصف أن يعد افرادات الطبرسي حُجة ؟!  فقد زعم الطبرسي أن الله تعالى عندما ذكر قصص= =الجرائم في القرآن الكريم صرح بأسماء مرتكبيها لكن الصحابة حذفوا هذه الأسماء فبقيت القصص مكناة . يقول : (( إنّ الكناية عن أسماء أصحاب الجرائر العظيمة من المنافقين في القرآن ليست من فعله تعالى، وإنها من فعل المغيرين والمبدلين الذين جعلوا القرآن عضين، واعتاضوا الدنيا من الدين)) الإحتجاج 1/371.
        ويقول في موضع آخر محذراً من الإفصاح عن التقية (( وليس يسوغ مع عموم التقية التصريح بأسماء المبدلين، ولا الزيادة في آياته على ما أثبتوه من تلقائهم في الكتاب، لما في ذلك من تقوية حجج أهل التعطيل، والكفر والملل المنحرفة عن قبلتنا وإبطال هذا العلم الظاهر، الذي استكان له الموافق والمخالف بوقوع الاصلاح على الائتمار لهم والرضا بهم، ولأن أهل الباطل في القديم والحديث أكثر عدداً من أهل الحق)) الإحتجاج 1/371 

(1)  قاموس الرجال 3/215 

([76])  مشاهير علماء الأمصار 1/62

([77])  بصائر الدرجات ص174 الجزء الرابع

([78])  المصدر نفسه ص155 الجزء الثالث

([79])  المصدر نفسه ص 153

([80])  بحار الأنوار 47/299

(1)  بحار الأنوار 47/302

([82])  مسند أحمد (19792) ومسند أبي برزة الأسلمي وصححه شعيب الأرناؤوط وفي مسند أبي يعلى عن أنس(3644)، وسنن النسائي الكبرى (5942) باب الأئمة من قريش وكتاب سليم بن قيس ص134 شرح أصول الكافي (12/483)، الاحتجاج للطبرسي (1/211).

([83])  رواه البخاري (3305) كتاب المناقب باب قوله تعالى : (إِنَّا خَلَقْنَاكُم مَّن ذَكَرٍ وَأُنثَى ) ومسلم (1820) كتاب الإمارة، باب الناس تبع لقريش، الاحتجاج للطبرسي 1/211، كمال الدين وإتمام النعمة 274، شرح أصول الكافي 12/32 .

([84])  قاموس الرجال 61/215
(2)ويظهر تعسف التستري مع مخالفي مذهبه، ولو كانوا من أهل البيت وهذا ينافي الإنصاف المفترض في كتب الرجال والتراجم.

([85])  النبيذ : هو منقوع التمر أو الزبيب أو غيرهما أي بالمفهوم المعاصر (عصير) ولكنه إذا كان مسكراً فهو خمر، وإن كان غير مسكر فهو حلال وإن كان مشكوكاً فيه فالورع تركه .

([86])  ما خثر من الزيت ورسب

([87])  الاستبصار للطوسي 1/66، شه شه : كلمة زجر مثل صه الا أنها بالضم .

([88])  التقييد والإيضاح 1/272

([89])  فتح الباري ج (1) باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

([90])  فتح المغيث 3/40

([91])  تدريب الرواي 2/179

([92])  فتح المغيث 3/40

([93])  عاصمة يلجؤون إليها .

([94])  رجل محرب أي صاحب حروب .

([95])  أهل المهارة في الحرب، والبلاء هو الإجادة في العمل وإحسانه .

([96])  الرِدء بالكسر هو الملجأ .

([97])  المثابة : المرجع .

([98])  نهج البلاغة خطبة رقم 132 " من كلام له رضي الله عنه وقد شاوره عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الخروج بنفسه لحرب الروم "

([99])  نهج البلاغة ص203 خطبة 144 "ومن كلام له رضي الله عنه وقد استشاره عمر بن الخطاب في الشخوص لقتال الفرس بنفسه  ".

([100])  أي الله ما فعل من الخير .

([101]) قوّم الاعوجاج .

([102]) العمد – بالتحريك - : العلة

([103]) أي تركها خلفه، لا هو أدركها ولا هي أدركته .

([104])نهج البلاغة ص 222 "من كلام له رضي الله عنه في الثناء على عمر بن الخطاب ".

([105])  أبن أبي الحديد : هو عز الدين عبد الحميد بن محمد بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد المدائني، أديب وشاعر له أكبر شرح لنهج البلاغة، والقصائد السبع العلويات مولده سنة 586 هـ ووفاته ببغداد سنة 655 هـ . ترجم له الشيخ عباس القمي ومدحه، الكنى والألقاب 1/192 .

([106]) الرضي أبو الحسن : هو محمد بن الحسين بن موسى بن إبراهيم بن موسى الكاظم عالم وأديب مولده سنة 359هـ ووفاته سنة 456هـ، ترجم له الشيخ عباس القمي في الكنى والألقاب 2/272 ومدحه وأثبت له جمعه لنهج البلاغة ورد على من أدعى خلاف ذلك .

([107])  شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3/12 
 

(1) المصدر نفسه 20/218 ..

([109])  فتح الباري ج9 / باب قوله تعالى : ( أحل لكم صيد البحر ... )

([110])  التمهيد 16/225 .

([111])  مختلف الشيعة 8/204 – 205 .

([112])  المغني لابن قدامه كتاب الطلاق

([113])  سنن الدارقطني 4/21

([114]) المصنف (17813) ورأس الجوزاء ثلاثة نجوم ويعني بذلك انه تطلق بالثلاث فقط والزيادة خلاف السنة .

([115])  نبات بري

([116])  مستدرك الوسائل 15/304

([117])  الاستبصار 3/286، تهذيب الأحكام ص53

عدد مرات القراءة:
1012
إرسال لصديق طباعة
 
اسمك :  
نص التعليق :