آخر تحديث للموقع :

الثلاثاء 6 رمضان 1444هـ الموافق:28 مارس 2023م 12:03:36 بتوقيت مكة

جديد الموقع

غربان الخراب في وادي الرافدين - طه الدليمي ..
الكاتب : طه الدليمي ..

إلى متى: نحن نصنع التاريخ وهم يكتبونه ؟!! (1)

 

غربان الخراب
في وادي الرافدين
 
السجل المختصر بالوثائق والصور
لجرائم وحقيقة جيش المهدي والشيعة في العراق
 
 الدكتور
طه حامد الدليمي

 
الإهـداء
 
إلى..
المقاتلين دوماً نيابة عن الأمة
وإلى..
الأرواح البريئة التي أزهقت بلا ذنب في بلاد الرافدين
وإلى..
الشهيدة عائشة حميد التي قتلت - مع والديها - في يومها الأول ، و .. الأخير من عمرها
وإلى..
كل قارئ أصغى قلبه ، وفاضت عينه ، وتحركت غيرته
أُهدي كتابي هذا
تحية حب وعرفان وإجلال
وتسبيحة ذكر .. وإشراقة فكر
والتماعة بشر في ليالي الحزن
وزهرة أمل من بين ركام اليأس
 
د. طه الدليمي
1/2/2007
    
المقدمة
 
الحمد لك يا رب العالمين ! يا من خلقت فسويت.. وقدرت فهديت. أنت خلقتني.. و.. هديتني، وجعلتني من المسلمين، الذين يدينون لك باتباع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار. ولم تجعلني ممن شاقق الرسول؛ فرفض خيرة المؤمنين، واتبع غير سبيلهم، فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين.
والصلاة والسلام عليك يا رسول الله! لقد بلغت وأديت ونصحت وعلمت، فكنت أعظم رسول.. وخير هادٍ من البشر إلى سواء السبيل.
وبعد..
 
لا وعي قبل الحدث.. ولا وعي بعده 
فالقائد من أدرك الأمور ووعاها قبل حدوثها.
الوعي لدى القائد هو الذي يصنع الحدث، أو يوجهه، أو يتنبأ به ويتعامل معه على صورة من الصور. أما الجمهور فعادة ما يتكون وعيهم بعد ذلك. فيكون الحدث لديهم هو الذي يصنع الوعي، وليس العكس.
صعب عليّ جداً أن أقول: لقد ابتلينا في بلدنا بكثير من الـ(قادة) لا وعي لهم، لا قبل الحدث ولا بعده! فلا وعي يصنع الحدث، ولا حدث يصنع الوعي. متخلفين عن الجمهور الذي يسيرون به خلفهم. حتى إذا شاع الأمر، وصار تتحدث به العواتق في خدورها، وتشقشق به الأطيار في وكورها، ولم يعد من إمكانية للتأويل والتعطيل، إذا بهم ينبرون يتحدثون، حيث لا ينفع الحديث. ويقولون حيث لا مكان للقول.
نعم..! يحضرون إلى المحطة، ولكن - دائماً - بعد فوات القطار؟! فيهم وفي أمثالهم قال القائل: جاء الطبال، وقد ماتت العروس قبل أسبوع.
الحرب التي شنها دجال القرن العشرين على العراق. لقد كانت فرصة تاريخية وقفت بأبوابنا ثماني سنين. كان من الممكن استغلالها بحيث تتغير صفحة العراق، وتحاصر الشعوبية إلى حد الاختناق. من منهم فعلها؟ وما حصل أثناءها في ناحية (جبلة) التابعة لمحافظة بابل من تغيير فاق التوقعات! حجة على القاعدين. وهناك في الناصرية تجربة تحتاج إلى تقييم. وكذلك ما فعله شباب الدعوة والصحوة بجهودهم الفردية في بغداد، ولربما في بعض الأماكن الأخرى. لكنه لم يتحول إلى ظاهرة؛ لأن أولئك (القادة) سلمهم الله كانوا كأنهم (يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيد). ألم يكن بالإمكان تكرار التجربة في بقية النواحي والمحافظات؟ وقد كانت الظروف مواتية. لم يحصل هذا ولا ما هو دونه. بل سلمنا قضاء الزبير في الجنوب، وتلعفر في الشمال في الفترة نفسها تقريباً، وتركناهما يتلبطان في أحضان الشعوبية! ولا من مغيث.
قضية الأسرى العراقيين في الزنازين الفارسية، وهي (كارثة إنسانية) بكل ما تعنيه هذه الكلمة. هل تكلم عنها أحد؟ بل قل: هل أحس بها من أحد؟! وهذا على مدى ثلاثة وعشرين عاماً حتى احتلال العراق! وأرى مظاهرة - في الشهر الخامس من سنة 2005 - تنطلق من جامع (أم القرى)، وأقرأ على إحدى اللافتات (جلادو السجون الإيرانية بالأمس هم قادة الأمن في العراق اليوم)! وذهبت إلى مقر (هيئة علماء المسلمين)، وفي مكتب الاستعلامات وجدت أحد فضلاء المشائخ ينتقد إيران، ويرمي بحممه على عصابات بدر، وغيرها من زمر الغدر. فقلت له: (آلآنَ...)؟  ولقد كان عزيزاً عليّ أن أواجهه فأقول: تركتم الأسير العراقي هناك بيد هذه العصابات عشرين سنة يسومونه سوء العذاب، لم تتعطفوا عليه يوماً بجملتين مفيدتين تذكرون بهما مأساته! من الأسير؟ أليس هو أخي وأخاك؟ وابن عمي وابن خالك؟ أليس هو ابن بلدك، الذي دافع عن شرفك وعرضك ودينك؟ هذه عقوبة القدر أيها الشيخ! لقد سكتم، وتركتم واجبكم لتسلموا؛ فكانت العقوبة أن سلطهم الله عليكم لتنطقوا. ومن لم ينتفع بنور الوحي ساقه سوط القدر. أيها الشيخ!
لقد ذبحنا من الوريد إلى الوريد، واحتل بلدنا بحجة إنقاذ (الأغلبية الشيعية المضطهدة). ولم نسمع أحداً من (قادتنا) – إلا ما نشرته مجلة البيان قبيل الاحتلال بقليل - من تنبه إلى خطورة هذه الدعوى، ولا من سعى في دحضها، وبيان زيفها. وظلوا – حتى بعد وقوع كارثة الاحتلال – يتهربون من الحديث عن الحقيقة الساطعة في كون أهل السنة هم غالب أهل العراق.
وأما إيران.. فهي سياج مكهرب ، وحمى محرم، ليس من (الحكمة) أن يحوم أحد حوله أو قريباً منه! والجريء الجريء من أشار من بعيد - وعلى استحياء ابنة شعيب -فقال: (دول الجوار) أو (دول الإقليم).. هكذا بصيغة الجمع.
حتى إذا شنت أمريكا – ومعها بريطانيا - قبل بضعة أشهر حملتها الإعلامية على
إيران ، وصارت تتحدث عن تدخلها في شؤون العراق، إذا بأولئك الساكتين - وبقدرة قادر - تنطلق ألسنتهم، ويتجرأون على مس ذلك الاسم، والتقرب من حماه. بل ادعى أحد المشائخ - في منتصف آذار 2006 - أنه كان ينبه على خطر إيران وتدخلها من زمن بعيد. التفت إلى ضيوف كانوا عندي، قلت: هل سمعتم هذا الرجل يوماً من الأيام يذكر إيران بسوء؟ قالوا: لا. قلت: ولا أنا. اللهم إلا إذا كان يتحدث بهذا لزوجته في مطبخها، أو مع نفسه ربما! وعادت إلى ذاكرتي صورة ذلك الرجل، الذي تبجح يوماً في أحد الدواوين بأنه سبّ مدير الناحية وقال له على مرأى ومسمع الجماهير في قريته: (اليوم ألعن أمك مع أبيك). قال له بعض الحضور: أنت قلت هذا لمدير الناحية؟! قال: نعم.. في قلبي!
ثم بعد قليل تسكت أمريكا، أو تخف حملتها، فإذا بهم يسكتون، أو يخففون!
إذا سكت العالم، وكذب السياسي، فمن يقول الحق، أو ينطق بالحقيقة؟ فكيف إذا صار الكل – إلا من رحم – يكذبون؟
 
حديثنا قديم
لقد وفقنا الله تعالى - في السنين العشر التي سبقت الاحتلال – إلى فضح دور إيران ومخططاتها، ونفضنا الجراب عن العقائد والطقوس والأحقاد والنوايا والأهداف الشيعية، التي هي في الحقيقة عقائد وطقوس وأحقاد ونوايا وأهداف الفرس. وأنذرنا قومنا حتى كتبت كتابي (لا بد من لعن الظلام) باسم مستعار هو (نذير عريان البابلي)، مستعيراً إياه من وصف الرسول صلى الله عليه وسلم لنفسه في الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما مثلي ومثل ما بعثني الله كمثل رجل أتى قوماً فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعيني وإني أنا النذير العريان فالنجاءَ النجاءَ. فأطاعته طائفة من قومه فأدلجوا فانطلقوا على مهلهم فنجوا. وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم. فذلك مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به. ومثل من عصاني وكذب بما جئت به من الحق). فما كان موقف عامة النخبة أو أولئك (القادة) منا؟ لقد وقفوا لنا بالمرصاد، متذرعين بشتى الحجج. أقلها وأخفها مجانبتنا للحكمة في الدعوة! فماذا جنت علينا (حكمتهم)؟ ظلوا يراوحون في مكانهم، حتى صبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم!! أليست هذه هي الحقيقة؟ ويقول لي قبل بضعة أشهر واحد منهم أحترمه وأجله؛ لأنه من خيرتهم: أما زلت على أفكارك القديمة؟ قلت له: وماذا استفدتم من أفكاركم القديمة الجديدة غير الدمار والبوار؟ وهل حصدتم غير السراب والخراب؟
 
الشيعة: تعدد أدوار ووحدة هدف
قسم أصحابنا الشيعة إلى فسطاطين: فسطاط العملاء كعبد العزيز والجلبي وبحر العلوم وشاهبور والجعفري، ومن لفَّ لفّهم. وفسطاط الوطنيين كمقتدى وجواد الخالصي وأحمد البغدادي وربما السيستاني، ومن سفّ سفّهم. وحين قلنا لهم: يا قوم! هؤلاء يمشون على قاعدة (تعدد أدوار ووحدة هدف)؛ فلا فرق بينهم. وإن أبيضهم أخطرهم. وهؤلاء كاليهود لا يتخذون - لجبنهم وضعفهم - من الصراع الدائر موقفاً شريفاً واحداً. بل كانوا ينقسمون فريقين: فريقاً مع هؤلاء وفريقاً مع هؤلاء؛ ليضمنوا حصة من الفوز في جميع الحالات، وعلى كل الاحتمالات. فقال تعالى فيهم: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (البقرة:85،84). فالنجاء النجاء قبل فوات الأوان! لم يأخذوا بقولنا. والقريب منهم من قال: السياسة تقتضي هذا؛ حتى لا يقال عنا: أنتم طائفيون.
وتنطلق من هنا وهناك فرقعات وقرقعات، فاذا بأصحابنا ينطلقون معها يحمدون لأولئك المفرقعين المفرقين صنيعهم، ويمدحون لهم لغوهم وضجيجهم. فكتبت يومها كتابي (إلى متى نخدع؟ إلى متى نخادع؟) والألم يحتز نفسي، أحذر وأنذر. وأوصلت الكتاب إلى كثير منهم. ولكن دون جدوى. وقابلت من قابلت منهم. ولكن... !.
واستمرت الأيام والأحداث تترى. والأخبار تتواتر عن عصابات (جيش المهدي)، وكيف تغتال أهل السنة في بغداد وغيرها على الاسم والهوية. وتطارد المجاهدين منهم، وتكيد لهم، وتشوه سمعتهم. وبدأ الجمهور يستيقظ. وصار يهمس ويتململ. ثم ارتفعت نبرة الحديث حتى صارت صراخاً، وكأني بأولئك الأصحاب لا يسمعون..  نعم! وينادَون - ولا زالوا - من مكان بعيد!
 
أين نحن من الشرع ؟
ويحتد سوط القدر، وتشتد ضرباته حتى تهدم مساجد أهل السنة على رؤوسهم، وتمزق المصاحف أمام أعينهم، ويصير القتل في علمائهم وشبابهم بالجملة.
رأينا كيف تحرق مساجدنا، وتمزق مصاحفنا، ويقتل علماؤنا وتسحل جثثهم في الشوارع. وترمى على المزابل! وعلى أيدي عصابات المهدي نفسها! ومع كل هذا يجتمع مشائخنا ودعاتنا مع كبرائهم، ورؤوسهم. وفي مسجد أبي حنيفة النعمان، يضعون أيديهم بعضها ببعض، ويرفعونها إلى الأعلى علامة الأخوة. والله تعالى يقول: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (البقرة:114). وقد نزلت هذه الآية فيمن شكك بالقبلة، فمنع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، وسعى في خرابها معنوياً. فكيف بمن خربها حقيقة، وصرح بأنها مساجد ضرار يجب أن تحرق وتهدم؟! كيف يدخل هؤلاء مساجدنا معززين مكرمين، منتفشين متكبرين؟!
 من يقيم شرع الله ؟ ومن ينفذ حكمه؟ إذا كان علماء الدين هم أول من يتهرب عن معاني محكم آياته، ويتأول – لأي سبب - أحكامها!
 كيف يستقيم ما فعلوه  –  ويفعلون – مع قوله تعالى: (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الممتحنة:9)؟! إنهم – بدلاً وعوضاً – يكرمون قاتليهم ومخرجيهم من ديارهم، بل ويدخلونهم مساجدهم معززين مكرمين!!! وإذا كانوا عاجزين عن قول الحق وفعله، فلا أقل من السكوت عن قول الباطل والعمل به! والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) متفق عليه.
ويشتد سوط القدر أكثر وأكثر، وتملأ عصابات المهدي بملابسها السوداء المعهودة شوارع بغداد، وصارت تنطلق، وبلا تحفظ، من حسينياتها ومقراتها المعتادة. وجثث رجال أهل السنة - التي مثل بها، وتجرع أصحابها صنوف العذاب والغصص - بالأكوام! حتى إذا ثبتت الجريمة على أصحابها، ورأى الكل حيثياتها كما الميل في المكحلة، واستهل المولود صارخاً بيد القابلة المأذونة، وقد أخرجته من بطن (العذراء المحصنة)، وحيث لم يعد من مجال للتأويل والتعطيل.. إذا بأصحابنا يصمتون.
يصمتون.. ويطيلون الصمت. ثم.. إذا بهم ينطقون، وعلى استحياء..!
لا تعجل ودعني أكمل حديثي العجب. إن الصمت والنطق عن مقتدى فقط! أما الباقون... فهؤلاء لا زالوا على الجادة!!! وطنيين إلى الأذقان. وتذكرت قصة (خلالات العبد)! والخلالات - في لهجة أهل العراق – جمع خلالة وهي التمرة.
 
خلالات العبد
يحكى أن عبداً يعمل راعياً للغنم. يحمل على متنه خرجاً فيه بعض التمر، يأكل منه إذا جاع. وليس له في الدنيا - غير هذه التمرات أو (الخلالات) - من بلاغ ولا متاع. وفي يوم من الأيام حصل أن حضر دعوة عرس فيها ما لذ وطاب، من مأكل وشراب. وأحس لأول مرة في حياته بلذة الطعام؛ فأكل حتى امتلأ، وشرب حتى بلغ التمام. وحين قارن بين طعم التمر.. وهذا الذي أكله، استعظم الأمر! فما كان منه إلا أن كشف عن فرجه، وبال على خرجه! يلعن تلك (الخلالات)، التي أثقلت معدته طيلة الأعوام الماضيات. وفي اليوم التالي أحس بالجوع. وتلفت حوله فلم يجد إلا الخلالات، والخلالات قد بال عليهن. فماذا تراه يصنع؟ واشتد به الجوع، فأخرج الخلالات وصار ينتقي منهن كيفما اتفق وهو يقول: (هذه نجسانة) يدعها، و(هذه غير نجسانة) يأكلها. وفي اليوم التالي صنع كما صنع في المرة الأولى... حتى أتى على الخلالات جميعاً.
سألت يوماً أحد أصحابنا: ماذا استفدتم من ذهابكم المتكرر إلى النجف؟ فأجاب بصراحة: لم نستفد سوى أنهم استهانوا بنا! وفرحت لهذه النتيجة. قلت في نفسي: لقد وضعوا خطاهم على الطريق. قلت: المفروض أنكم تدركون هذه الحقيقة قبل خوض التجربة؛ فتجتنبون المرور بها. سيما وأننا لم نسمع أن أحداً من كبارهم جاء إليكم، على الأقل من باب رد الزيارة؟ قال: لا بأس؛ ففي ذلك حجة عليهم. كان ذلك في أواخر سنة 2003.
في آخر سنة 2005 - وبعد أن تكشفت الأمور، وظهر كل شيء - رأيت الرجل
نفسه، ودار بيني وبينه حوار وجدل طويل حول جدوى هذه العلاقة التي لم نجن منها سوى مزيد من الاستهانة بنا والإذلال لنا. وعجبت كيف قال لي: (أما زلت على أفكارك القديمة ؟!) قلت له: (إذا ثبت أن القديم هو الصحيح ، فالقدم ميزة للمتقدم . فماذا أثبتت الأحداث؟).
عجيب أمر الكثير من أصحابنا! كنا نظن أن الأحداث ستصهرهم، وتولد عندهم الوعي والإدراك الصائب للأشياء. لكن يظهر أنهم ليسوا فقط لا يجيدون قراءة الكتاب والواقع والتاريخ، وإنما لا يجيدون قراءة الأحداث - مهما كانت عاصفة – أيضاً!
 
التفكير الكونكريتي
ما هذا الجمود؟! وما هذا الفكر الكونكريتي؟! هل السبب في ذلك يعود حقاً إلى تأثير المنطق الأرسطي في منهجية تفكيرهم؟ ذلك العلم الذي تلقوه في بداية حياتهم العلمية، وأعجبوا به على أنه القانون الذي يعصم الذهن من الوقوع في الخطأ، كما خيل لهم مشائخهم. وكأن المسائل الحياتية من دين وسياسة واجتماع وغيره، تشبه المسائل الرياضية!
المنطق الأرسطي منطق استنباطي تجريدي، يتعامل مع الحقائق على صورتها الذهنية، بعيداً عن الواقع. معتمداً على مقدمة مفترضة، يعتبرها صحيحة أو بديهية. ثم يبني عليها سلسلة من الخطوات الفكرية تقصر أو تطول - أو لربما خطوة واحدة - ليستخلص في النهاية ما يسمونه بالنتيجة.
وفي مثل حالتنا ينطلق كثير من مشائخنا من مقدمة مفترضة، هي أن أهل السنة والشيعة إخوة، لا فرق بين سني وشيعي. وليس ثمة مشكلة فكرية أو اجتماعية عويصة بينهم، إلا ما يكون بين الإخوة في البيت الواحد. والاختلاف في الفروع وليس في الأصول. بل الاتفاق حاصل في أكثر من خمسة وتسعين بالمئة من هذه المسائل الخلافية. حتى قالوا: إن الاختلافات بين المذاهب السنية بعضها مع بعض أشد من الاختلافات الفقهية بين أهل السنة والشيعة. وبناء على هذه الخيالات الساذجة كانت حلولهم تقوم على أن يلتقي كبراء الطرفين – وكأنهم في مجلس عشائري – ليصدروا بيانات غزلية مشتركة، تقطر (حباً وأخوة وحناناً)، يؤكدون فيها على انطلاقهم من تلك المقدمة الكاذبة الخاطئة، ويستنكرون أعمال القتل والتهجير المتبادل. ثم في نهاية الحفل يصلون معاً، وقد يجلسون على مائدة واحدة، حسبما تقضي قوانين الكرم العراقي. ثم يمضي بعدها كل إلى غايته. وكأن شيئاً لم يكن، أو كأن الكارثة تمت معالجتها، وانتهى كل شيء!. أما المساجد التي أحرقت ودمرت.. أما المصاحف التي أهينت ومزقت.. أما العلماء والمشائخ والدعاة والمصلون والأبرياء الذين قتلوا وشردوا، وها هي جثثهم تملأ الشوارع ومشارح الطب العدلي، وتكدس بالجملة بعضها فوق بعض... فذلك كله – يا أخي! - من صنع أطراف خارجية.. الموساد والمخابرات الأمريكية والبريطانية لعنهم الله! لأنه لا يعقل أن العراقي يقتل العراقي، ولا الشيعي يقتل السني، ولا السني يقتل الشيعي! هل من المعقول أن الأخ يقتل أخاه؟! هذا ونظرة واحدة إلى الواقع والأحداث التي تجري فيه تظهر لك بطلان، بل بساطة هذا المنطق، وهذه المقدمات والنتائج والحلول، والمستوى القيادي الذي عليه هؤلاء المناطقة!
لقد قلناها منذ البداية: إن الشيعة – إلا القليل الذي لا تأثير له على ساحة الحدث – تبع لإيران. عقائدهم وطقوسهم وأزياؤهم ومعابدهم فارسية. قلوبهم وأهواؤهم وميولهم فارسية. وينفذون – بوعي أو غيره – مخططات، ويخدمون أهدافاً فارسية. شرارهم علماؤهم. يعلمون الحقيقة، ويكتمونها. لا نفرق بين أحد منهم ونحن لهم كارهون. تعددت أدوارهم، وتوحدت أهدافهم. يعبدون القوي، ويقدسون القوة ولا يفهمون غيرها. لا يعرفون الوسطية، ولا يؤمنون بالتعايش، ولا يحترمون حق الآخر في الوجود. لا شيء يحميك منهم سوى القوة. وأي بادرة تقارب أو لين تفهم على أنها ضعف يستدعي شهوتهم لأكل الآخر، والطمع في تدميره وإنهائه.
فماذا قال أصحابنا؟ (متشددون يبعثون الحقد، ويثيرون الفتنة، ويحدثون الفرقة، ويشقون صف المسلمين).
ووقعت الواقعة. فإذا بالمسلمين خارج الصف! بل لا صف أصلاً!
وتبين أن قوة الدولة كانت هي صمام الأمان، والغشاء الذي يغطي أسوأ أنواع الحقد والفتن والشقاق والتفرقة.
نعم ! كان ثمة تعايش. هذا صحيح..
ولكن حين كنا نحن الحاكمين، وكانوا هم المحكومين. فما إن انقلبت المعادلة حتى انقلب القانون. ولم يعد من فرصة للتعايش إلا بعودة المعادلة إلى حالها. وكان مثلنا ومثلهم
كما قال القائل:
 

ملكنا فكانَ العفوُ منا سجيةً
  

 

فلما ملكتمْ سال بالدم أبطُحُ

وحللتمو قتل الأُسارى وطالما

 

رجعنا على الأسرى نمنُّ ونصفحُ

فحسبكم هذا التفاوتُ بينَنا
 

 

وكلُّ إناءٍ بالذي فيهِ  ينضحُ

 
كذلك كانت المعادلة، وكان القانون في إيران قبل مجيء الصفويين وبعد مجيئهم.
وحين انكشفت الحقيقة بمجيء المحتل واصطفاف الشيعة وراءه – إلا من رحم - قلنا: الحمد لله ! ظهر الحق، وتبينت الحقيقة. لكن قصة (خلالات العبد) تكررت علينا بثوب جديد. قالوا: إلا مقتدى. خصوصاً حين حصلت المناوشات ووقع الاقتتال بينه وبين الأمريكان. وصار العلماء والعامة يكيلون له المدح والثناء، ويلقبونه وأتباعه بالمجاهدين، وقتلاه بالشهداء. ويقنتون له في صلواتهم([1])!
أما دعوى مشاركة أفراد من "جيش المهدي" في القتال مع أهل الفلوجة، فصار مشائخ أهل السنة يتبرعون بنشرها! وكأنهم يتلذذون بالتقرب لأمثال هؤلاء النكرات، ولو على حساب الصدق والحقيقة! في موسم الحج العام الماضي/1426 وقف شيخ عراقي مشهور في لقاء ضم الكثيرين من علماء ومشايخ وقادة العمل الإسلامي، ليقول: قدم التيار الصدري (300) شهيد في الفلوجة!!! وصار يشيد بوطنيته. وهذا قبل أحداث سامراء بأربعين يوماً. روى لي ذلك أكثر من واحد كانوا حضروا ذلك اللقاء.
رحمك الله يا أبا سارة([2])! أتلفّت فأرى مكانك خالياً. لقد كنت أصدق وأشجع حين قلت – وفي زحمة أحداث الفلوجة الأولى – وصرحت دونما تردد، حين سألك مقدم البرنامج على قناة الجزيرة – على ما أظن – عن مشاركة أتباع مقتدى في المعركة ؟
وكان جوابك: العراقيون معروفون بتوحد عواطفهم عند الأزمات. أما المشاركة بالقوة أو بالمقاتلين، فهذا غير صحيح.
 
لهذا كتبت كتابي
حينها – وفي تلك الأجواء المشحونة والمختلطة والفاتنة المفتونة- كتبت كتابي هذا (إلى متى نخدع ؟ إلى متى نُخادع ؟) ناصحاً ومحذراً . ومبيناً أن مقتدى لا يقل شراً عن الآخرين، إن لم يكن أخطرهم، وأكثرهم شراً، وأضلهم عن سواء السبيل.
ودللت على ما قلت بشواهد من الواقع، رأيتها – ولا زلت - كافية في التدليل؛ لأن المفترض أننا لا نحتاج إلى كثير شواهد على حقيقة هؤلاء. فعقائدهم وطقوسهم وتصرفاتهم، مع تاريخهم يكفي، خصوصاً حين يتعلق الأمر بالعلماء. لكنني حين صرت أقارن بين ما قيدته من شواهد، وبين ما حصل بعد ذلك من وقائع وكوارث، وأعمال وحشية لا يرتكبها إلا أكثر السفاحين سادية ودموية وتعطشاً للقتل والانتقام في التاريخ.. حين أقارن بين هذا وهذا، تبدو لي تلك الشواهد التي قيدتها يومذاك كأنها أدلة براءة أكثر منها أدلة إدانة للفرق الهائل في العدد والنوع بين ما قيدته يدي على صفحة الورق، وما قيدته أيدي أولئك المجرمين من أتباع مقتدى بعد ذلك على صفحة الواقع الأليم! حتى لقد صار الناس يترحمون على أيام (الحرس الوطني) وأياد علاوي. وحتى بدت عصابات (بدر) - عند القارنة - أقل لعنةً. أما الأمريكان فقد صاروا – وبلا مبالغة - هم... الرحمة عينها!!!
لقد اقترح بعض الأفاضل أن أطبع الكتاب، وطلبوا مني أن أهيئه للطبع. وحين عدت إليه لأراجعه شعرت – بعد كل الذي جرى ويجري لأهل السنة على يد عصابات المهدي - بالحرج من تلك الشواهد! إنها كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود! فقلت: لا بد من إعادة صياغة الكتاب في ضوء الأحداث الجارية. لكنني نظرت فوجدت أن للكتاب على ما هو عليه قيمة تاريخية، تشهد لرؤيتنا بالصحة، وتدلل على صواب المنهج الذي اتبعناه في رؤيتنا وتعاملنا مع هؤلاء. وبعد الكثير من أصحابنا عن الرؤية الصحيحة والمنهج الصائب؛ فرأيت أن أبقي مضمون الكتاب كما هو عليه في الأصل – سوى إضافة عدة صور مناسبة – لأجعل منه باباً مستقلاً. وأفرد ما ينبغي تقييده من إضافات مطلوبة في الباب الآخر من الكتاب([3]).
ولست بمعتذر – ما حييت - من أيٍّ.. ورم أنفه، وأزبد شدقه من لفح الحقيقة المرة؛ بل هم أولى بالاعتذار، والتواري عن الأنظار. والعاقل العاقل من يبتدي من حيث ينتهى العقلاء.
والله تعالى هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
دمشـق
    10/7/2006
 ملاحظة/ كلما مر زمان ترحمنا على الذي قبله، ووجدت أن ما كتبته من حوادث ومجازر سابقاً يتواضع أمام ما يحدث لاحقاً. وبما أنه لا يمكن ملاحقة الأحداث في كتاب لا بد له أن يغلق، وإلا ظل مفتوحاً غير قابل للانتهاء، لذا قررت إغلاق ملف الحوادث منذ فترة، مكتفياً بالتنويه بهذه الحقيقة عسى أن أكون قد نجحت في إيصال الصورة المناسبة للحقيقة البشعة التي عليها المجرمون!
 
1/4/2007 
 
الباب الأول
 
إلى متى نخدع ؟ إلى متى نُخادع ؟
 
مدخـــــــل
 
بينما كانت القوات الأمريكية تتهيأ لخوض معركة (الفلوجة) في بداية شهر نيسان/ 2004 كانت الأحداث تتسارع في مناطق أخرى لتؤدي في النهاية إلى وقوع معارك بينها وبين الشيعة من أتباع مقتدى الصدر: فقد أغلقت سلطات الاحتلال قبل بضعة أيام من ذلك صحيفة "الحوزة" الناطقة باسم مقتدى الصدر؛ فخرجت على أثر ذلك مظاهرات كبيرة تستنكر إغلاق الصحيفة. كما خرجت مظاهرات أخرى على إثر اعتقال السلطات الأمريكية الشيخ مصطفى اليعقوبي أحد أتباع مقتدى بتهمة الاشتراك في قتل الخائن عبد المجيد الخوئي. وخرجت كتائب "جيش المهدي" في استعراض عسكري طافت من خلاله شوارع بغداد عبرت فيه عن قوتها وهي تعلن - بلسان حالها - أن تيار الصدر موجود لا يمكن تجاهله.
وشيئاً فشيئاً جرّت هذه الممارسات وغيرها إلى احتكاك وتصادم بين الطرفين تطور آخر الأمر إلى قتال يحدث لأول مرة بين الشيعة وبين المحتلين منذ احتلال العراق قبل عام كامل تماماً !!
وقد تزامن هذا القتال مع معركة (الفلوجة) الشرسـة التي أدت إلى زيادة حدة القتال واشتداد ضراوته في جميع المناطق السنية الملتهبة من قبل. وتحول العراق كله تقريباً - ما عدا المحافظات الكردية الثلاث: أربيل والسليمانية ودهوك - إلى  ساحة  حرب  مشتعلة  ضد المحتلين. وبدا كأن توحداً  قد  حصل -  ولو في الظاهر - بين
أهل السنة والشيعة. وتعاطف العالم ووسائل إعلامه مع ما حدث.
في وسط هذه الأجواء المشحونة بالعاطفة والقلق والتوتر نسي أهل السنة كل شيء وانطلق الملأ منهم يهتفون باسم "مقتدى الصدر" ويرفعون صوره ويضفون عليه لقب "المجاهد"! بل منهم من استلف من خزين ذاكرته لقب (عمر المختار) رحمه الله : "شيخ المجاهدين" فتكرم به مجاناً عليه !!
(وانخرطت) المنابر في هذا الهتاف المحموم فكالت وعبت - وبلا حساب - من المدح والحمد. ووُزعت منشورات وعلقت ملصقات تمجد من كان قبل بضعة أيام محسوباً على فصيل العملاء !
بل انتشرت دعاية مُفادها أن أفراداً من "جيش المهدي" شاركوا في القتال مع أهل الفلوجة!
ولم تقتصر هذه التصورات والأوصاف على مقتـدى وأنصاره وإنما اتسعت عند الكثيرين لتشمل عموم الشيعة في العراق!
وكان الله في عون عامة الجماهير وهي ترى بين عشية وضحاها كيف تنقلب الموازين وتضطرب الأسماء وتختلط المفاهيم وتستبدل الأقنعة وتتغير الجلود! وكأن الأمر كما قد قيل: "ما بين المغرب والعشاء يفعل الله ما يشاء" !
وتتلفت متسائلاً هنا وهناك لتسمع من يقول: هذه سياسة!
نعم ! سياسة. ولكن ينبغي أن نسأل قبل ذلك: أية سياسة هذه؟ سياسة أهل الإسلام المبدئية ؟ أم هي سياسة أهل الدنيا المصلحية؟!
أيها القوم! إن سياستنا مقيدة بقيد الشرع فهي "سياسة شرعية" ، وليست هي - كسياسة أهل الدنيا - سياسة منفلتة من كل قيد شـرعي؛ فهي خاضعة للمصلحة على كل حال. وبهذا افترقنا عن غيرنا. وإلا فإن كثيراً من العلمانيين يصلون ويصومون، وهـم داخلون في عموم مسمى المسلمين. لكنهم في أمور الدنيا أو السياسة يحتكمون إلى المصلحة حسب ما تراه عقولهم - أو أهواؤهم في الغالب - دون الرجوع أو الاحتكام إلى مقررات الشريعة. ويسمون هذا سياسة. وهم لهذا يقولون: لا علاقة للدين بأمور السياسة .
فما الفرق بيننا وبينهـم إذا انسلخت سياستنا عن هذا القيد، وراحت تهيم في أودية المصالح بلا ضابط من الشرع الحكيم ؟! ولماذا نحن "إسلاميون" وغيرنا "علمانيون" إذا كنا في الواقع -أو عند التطبيق - على حد سواء ؟!
هل من السياسة الشرعية أن نقْلب الحقائق؟ ونتلاعب بالثوابت؟ ونزوّر الوقائع؟ ونُلغي الحقوق؟ ونجعل من الكفر إيماناً؟ ومن الإيمان كفراً؟ ومن العميل وطنياً؟ والخائن مجاهداً؟!
أو قل: هل مسموح لنا شرعاً أن نفعل ذلك كلما لاحت لنا مصلحة ولو كانت ظنية؟ ولم نكن مضطرين أو مكرهين ؟
ثم أي مصلحة تتحقق من وراء ذلك ؟!
إن هذا الذي نراه يحدث ليس من الشرع.. ولا من السياسة - أي سياسة - في شيء! وإليكم البيان :
 
الفصل الأول
 
مخالفــة الشــرع
 
أما مخالفة ما تفعلون لشرع الله تعالى: فأنتم - أيها الشيوخ! - تعرفونها – أو هكذا ينبغي - قبل غيركم :
1. تعرفون أن هؤلاء - بلا استثناء – يكفِّرونكم - وبلا استثناء -ويستحلون دماءكم وأموالكم.
2. بل يكفرون صحابة رسول الله e بلا استثناء، ويسبونهم ويشتمونهم ويسمونهم بالناكثين والمارقين. ويسمون الشيخين (رضي الله عنهما)  بـ"الجبت" و "الطاغوت".
3. ويشتمون أعراض أمهات المؤمنين (رضي الله  عنهن).
4. وينكرون السنة المنقولة عن الصحابة y .
5. بل لا يؤمنون بهذا القرآن الذي بين أيديكم، إنما يعتقدون تحريفه - كما يعتقدون تحريف السنة - على أيدي الصحابة.
ولست في مقام تعداد مخالفاتهم العقيدية. يكفيكم أن تتذكروا أن شعار أتباع الصدر: "انصرنا يا قائم آل محمد" ! وكم من مرة خرجوا على شاشات الفضائيات يستغيثون بالمهدي وعلي وأهل البيت ويستمدون منهم النصر على الأعداء !.
                  
ولا يجتمعون معنا في شيء
ولكن أريد فقط أن أذكِّر بأنهم لا يجتمعون معنا في شيء :
1. لا في مساجدنا، فلهم معابد خاصة بهم يسمونها "حسينيات". وإن صلوا معنا فإنما يصلون (تقيةً) صلاة يعيدونها إذا انصرفوا إلى أهليهم لواذاً. والفتوى التي أخرجها محمد صادق - والد مقتدى - في عام 1998 بجواز الصلاة في مساجد أهل السنة، إنما أخرجها لمقاصد سياسية خطيرة كفانا الله شرها، ولم تكن بدافع شرعي سليم[4].
2. ولا يجتمعون معنا في أذان، لا في مضمونه، ولا في توقيته! وها هي إذاعة وتلفزيون بغداد الاحتلال قسمت الأذان ما بيننا مناصفة: وقتان لهم ووقتان لنا! والحمد لله أن أذان الفجر يكون عنده الناس يغطون في نوم عميق فلا أذان ولا آذان! وإلا لتعرض اختلافنا - عفواً اتفاقنا! - إلى اختلاف.. سامح الله!.
3. ولا يجتمعون معنا في صيام ولا فطور ولا عيد ولا شعائر ولا مشاعر.. دع عنك الكتاب والسنة والأصحاب!
هذا ولا زال المخادع والمخدوع يقول: ليس بيننا من فرق: الدين واحد والرب واحد والنبي واحد والكتاب واحد والقبلة واحدة!.
وعجباً لقوم دينهم واحد، وربهم واحد، ونبيهم واحد، وكتابهم واحد، وقبلتهم واحدة، مختلفون بينهم إلى هذا الحد من الاختلاف!!!
 
أكثر المدن العراقية ابتهاجاً بالاحتلال "مدينة الثورة"
أنسينا أن مدينة الثورة - التي هي أكثر المدن تبعية لخط الصدر وسميت بعد الاحتلال باسمه - كانت أكثر المناطق ابتهاجاً بالاحتلال؟! لقد كانوا يرقصون طرباً، ويهتفون فرحاً به وترحيباً بمن (حررهم) يوم كنا نذرف أسخن الدموع وننفث أحر الآهات. ويوم أقعدتنا الصدمة، وشلنا الذهول، كان أهل "الثورة" – وبقية إخوانهم الذين (حررهم) الاحتلال - يتحركون بكل همة ونشاط، وصدور ملؤها البهجة والانشراح لينهبوا مدينة السلام ويخربوا بغداد الحبيبة ويحرقوا مؤسساتها ومتاحفها فعل المغول والتتر!! .. لعنهم الله ! أخزاهم الله !
ما رأينا واحداً منهم يوحي مظهره الضاحك المستبشر بأنه يمكن أن يكون في صدره ذرة من الهم، أو تظهر على تعابير وجهه - ولو مجاملة لنا - مسحة رقيقة من الحزن على ما حل بوطننا! لقد أسكرتهم الحال حتى فقدوا العقل وفقدوا الحياء.. وظنوا أنه يوم الخلاص والنعيم المقيم.
هكذا كانوا قبل عام ! عام واحد فقط [5]!!
أنسيتم ؟!!!
أم هل يمكن أن ينسى عراقي أصيل ذلك الغراب الإيراني الأسود، المدعو محمد بحر العلوم، وهو يضحك بملء فيه.. جالساً على أحد كراسي "مجلس الحكم"؟ ويضحك ويهتز حتى يرتج جسده كله من أعلى رأسه إلى أسفل مقعده! يوم لم نكن نملك قلوباً يجد إليها الضحك طريقاً.. لا والله !!
أما نحن فلنا معهم وقفة.. وحساب: هنا.. في الدنيا، وهناك.. يوم يقوم الناس لرب العالمين .
 
وأكثرهم شماتة بأهل السنة !
وكانوا يتلمظون شامتين بأهل السنة! وكأن الوطن الذي احتل هو وطن أهل السنة فقط وليس للشيعة من شراكة، أو نصيب فيه.
أجل! إن الوطن الذي احتُل هو وطن أهل السنة. أما وطنهم هم فلا أدري أين كان؟ أم أين يكون؟!
ترى !! ألهذا تركوه نهباً بيد الغاصبين؟ يستغيث ولا منهم من مغيث!!
أنسيتم ذلك؟ كيف؟!!
 
الانتماء الغريزي للوطن
والذي أراه - من خلال الرصد والتحليل - أن عامة الشيعة لا ينتمون إلى (الوطن) إلا انتماءاً غريزياً لا أكثر! أما الانتماء بمعنى الهوية، والكيان والوجود، والتأريخ والجذور، والدين والأمانة، والوفاء والحقوق فلم ألمس أو أحس أن له وجوداً في المشاعر المستبطنة لهؤلاء، ولا في حساباتهم الواعية. ولذلك تراهم إذا هدد (وطنهم) غازٍ أجنبي يتعاملون مع الحالة بحسابات الربح والخسارة! وهي حسابات وهمية على الدوام. لكن أصحابها لا يكتشفون خطأهم إلا بعد فوات الأوان. لتلبس الحالة الجديدة لباس الدين والوطنية! ويحمِّلوا الوطن وأهله منة منافحتهم عن أرباحهم الوهمية التي خسروها وهم يسرحون - عافاك الله - في متاهات أوهامهم!.
 وتستطيع أن تستحضر الحالة النفسية لهذا النموذج لو افترضت أنك قد عشت فترة طويلة في بلد أجنبي كألمانيا مثلاً. ما هو حقيقة انتمائك إلى هذا البلد ؟ وما هو شعورك بخصوص هذا الانتماء ؟ ولو حدث وأن تعرض للغزو من دولة أخرى ما هو موقفك؟ وكيف يكون حساب الأمور لديك ؟لا سيما إذا كنت تشعر بالظلم والاضطهاد من قبل مواطنيك؟
هكذا كان عموم شيعة العراق في موقفهم من الاحتلال !
وهكذا كان موقف شيعة لبنان من الاجتياح الإسرائيلي عام  1982 ! وسيأتي بيانه بعد قليل .
 
اغتصاب المساجد
ثم عاجوا على مساجدنا فاغتصبوا منها ما اغتصبوا.. وباءت كل المحاولات التي قامت بها "هيئة علماء المسلمين" لإعادتها بالفشل، ولم يحصلوا - في نهاية الأمر - إلا على وعود كاذبة خاطئة.
في إحدى تلك المحاولات قال مقتدى مستهزئاً يخاطب وفداً من علماء أهل السنة ذهب إليه بهذا الشأن: كم عدد المساجد التي استولى عليها الشيعة منكم ؟ قالوا: (40) مسجداً. فأجابهم: (40) فقط ؟! المفروض أن نقاسمكم المساجد مناصفة. علماً أن أكثر من تسعين بالمئة من المساجد اغتصبت من قبل أتباع مقتدى.
وفي خطبة الجمعة (30/4/2004) دعا مقتدى الصدر أهل السنة للصلاة في مساجد
الشيعة لأنه - كما يدعي - لا فرق بين السنة والشيعة. فإن كان صادقاً في دعواه فليرجع المساجد السنية المغتصبة إلى أهل السنة، أو - على الأقل - ليرجع جامع (الحمزة) في مركز محافظة النجف، والذي اغتصبه أتباعه قبل أن يتباكى على مصير البلد ووحدة المسلمين! .
مسلسل الاغتيالات!
هل نسيتم المشايخ والمصلين والعلماء والشخصيات السنية التي اغتيلت على أيدي زمر الخراب ؟! ناهيكم عمن قتل من رجال الدولة في العهد السابق بحجة كونهم من "أعوان النظام" ! وأنتم تعلمون علم اليقين أن هذا الذي جرى وعدد الذين قتلوا هو أقل مما كنتم تتوقعون منهم بكثير!
 
مسلسل الاختطاف
اختطف قبل أكثر من شهرين مؤذن جامع شهداء حطين[6]، من بيته الملحق بالجامع من قبل مجهولين. وفي الوقت نفسه كانت تجري محاولة اختطاف أخرى لواحد من أهل السنة[7] يعمل حلاقاً، أخطأوه فاختطفوا حلاقاً آخر، محله بجوار محله ظناً منهم أنه هو؛ فسلم صاحبنا وترك محله هارباً! كما هرب آخرون وتركوا مساكنهم في الديوانية خوفاً من الاختطاف. وحين تتبع  ذوو العلاقة  مصير المؤذن توصلوا إلى أنه معتقل لدى أتباع مقتدى في النجف ينتظر محاكمته من قبل "محكمة" تابعة لمقتدى بتهمة قتل مراجع شيعية قبل الاحتلال! وفي الوقت نفسه اختطف عدة  أشخاص في  الحلة[8] ، ولا زال مصيرهم مجهولاً !
من يطالب بحق هؤلاء؟ وعلى من تقع مسؤولية الحفاظ على دمائهم وأموالهم وحقهم
في العيش الآمن الكريم؟ أم إننا لا نجيد غير الهتاف ما دام أن الدور لم يصل إلينا؟
من يدري؟ لعل الكثيرين منا يتصورون أنهم بهذا الهتاف يوقفون زحف هذا الشر فلا يصل إليهم! مثلهم كمثل الضفدعة التي يعلو نقيقها في الليالي لعلها تطرد به أفعى تريد التسلل إليها، وهي لا تدري أن الأفعى يضرب في صممها المثل، حتى قيل: أصم من أفعى!
أوقاف البصرة
أم نسيتم استيلاء زمرة مقتدى على أوقاف أهـل السنة في البصرة، حتى أُخرجوا منها بالقوة ؟!
 
مسلسل التهجير
وكم من عوائل سنية هجرت ديارها؟! بسبب تهديد الشيعة لهم، من الصدريين وغيرهم، وملاحقتهم أمنياً وقضائياً بتهم مفتعلة على رأسها تهمة (الوهابية) القديمة الجديدة! أم إننا وهبنا ذاكرة نحسد عليها في قابلية النسيان ؟!! أم ماذا ؟!
وحتى لا ننسى، أو يقال: إن هذا كلام خصم متحامل أذكر هنا أسماء بعض الذين هجروا ديارهم في المناطق الشيعية خوفاً على أنفسهم من القتل. ولن أذكر إلا ما يرد اسمه عفواً على الخاطر لأن إحصاء الجميع يحتاج إلى جهد لست في مقام التصدي له. وسأقتصر على محافظتي القادسية وبابل لقربهما منا وسهولة العلم بما يجري فيهما مقارنة بالمحافظات الجنوبية البعيدة كميسان وذي قار والبصرة. ولأني لست بصدد القيام بإحصائية شاملة لن أتطرق إلى محافظات أخرى قريبة، وأكتفي بالإشارة إلى أستاذ جامعي، وشيخ دين سني[9] من محافظة كربلاء تعرض للاغتيال مرتين على أيدي الروافض: مرة في عام 1999 كاد فيها أن يفقد حياته إذ أصيب بعدة طعنات نافذة من سكين في صدره وإحدى رئتيه. ومرة في عام 2003 بعد الاحتلال، وقد ألقيت على الدار التي كان فيها ثلاث رمانات يدوية انفجرت جميعها لكن الله تعالى سلم سوى بعض الجروح البسيطة وتخريب طال الممتلكات؛ ما أدى به إلى أن يهجر منطقته، وينسحب إلى منطقة أكثر أمناً. ولا زالوا يلاحقونه!!
ولا أرى بأساً في التذكير بإمام وخطيب جامع الحسن في محافظة كربلاء الذي استولى
الروافض على جامعه وضربوه داخل الحرم وقد كادوا يقتلونه[10] لولا أن أنجاه الله تعالى
بتدخل أحد الخيرين منهم .
 
أولاً : محافظة القادسية
1. إمام مسجد الخلفاء، وخطيب جامع الرسول في المحافظة[11].
2. إمام وخطيب جامع الشروفي في بغداد[12].
3. خطيب مسجد جعفر الصادق في بغداد[13].
4. مؤذن مسجد الخلفاء في حي الوحدة في الديوانية[14].
5. مؤذن سابق في حسينية الخلفاء[15].
6. مؤذن جامع شهداء حطين السابق الذكر.
إضافة إلى شباب آخرين من أهل السنة[16].
قد تعجب من ذكر أسماء لشيوخ دين شيعة؛ فتقول: وما علاقة هؤلاء بموضوعنا؟! ولك الحق في ذلك وأنت لا تعلم أن هؤلاء من أتباع السيد محمد الياسري صاحب الدعوة التقريبية الوحيدة الصادقة في تاريخ الشيعة. وأقول: (صادقة)؛ لأنها بنيت على أساس صحيح، ومقصد صالح. وإنما حوربوا لدعوتهم الجادة هذه إلى التقريب المبني على الأسس الصحيحة، وليس المداهنات والمجاملات الزائفة، كما هو ديدن الآخرين كأحمد البغدادي وأمثاله، الذين يعيشون في مأمن من مكر قومهم. لكن الذي أريد أن أقوله هو: إذا كان هذا هو سلوكهم مع بني جنسهم، فكيف هي الحال مع أبناء السنة؟! علماً أن في الديوانية مسجدين لأهل السنة فقط هما: جامع الديوانية الكبير، وجامع شهداء حطين. كاد الشيعة أن يستولوا عليهما لولا ثبات بعض الشباب[17] الذين رابطوا فيهما بأسلحتهم الخفيفة.
 
ثانياً : محافظة بابل
1. إمام وخطيب جامع الحمزة الغربي في ناحية المدحتية[18].
2. إمام وخطيب جامع الدولة[19].
3. مؤذن جامع الهيتاويين[20].
4. أحد شيوخ عشيرة البو سلطان العربية[21].
5. بعض وجهاء أهل السنة في الحلة[22].
6. وآخرون كثيرون[23].
ولم تقتصر ملاحقة أهل السنة على القاطنين في مركز المحافظة فحسب، وإنما لاحقوهم في الأقضية والنواحي والقرى النائية[24].
وغيرهم، وغيرهم.
 
الاعتقالات والوشايات
هل تدرون كم من أهل السنة قد اعتقل ظلماً بالتهمة القديمة المتجددة: (الوهابية) ،
والتهمة الجديدة: (الإرهاب)؟
وسلوا كم من المعتقلين في سجن أبي غريب وغيره من السجون الذيـن ذاقوا ويذوقون هناك صنوف العذاب والهوان بسبب وشايات خونة الشيعة، وفي مقدمتهم مقتدى وأتباعه ؟!
 
دعاة الاحتلال
وبعد.. فهل نسيتم مَن دعا المحتلين وحثهم على غزو العراق بحجة التحرر من صدام حسين؟ وأغرى شرار الأرض وشذاذ الآفاق باحتلال بلادنا؟! ومهد لهم الطريق
وزودهم بالمعلومات الاستخبارية ودلهم على المنافذ والطرق والمعالم والأشخاص ؟
وقد ظهرت عمائمهم على السطح قبيل احتلال بغداد بأيام قلائل وهي توصي الناس وتدعوهم إلى عدم المقاومة. ودخل في الوقـت نفسه عميل بريطانيا المقبور عبد المجيد الخوئي مدينة النجف يُخذّل الناس ويدعوهم إلى الترحيب بـ(المحررين) وعدم مقاومتهم، ويكذّب فتوى السيستاني بالجهاد التي أخرجها من كيسه قبيل بدء المعركة، خوفاً من الحكومة، ويقول عنها: إنها مكذوبة عليه. ولم يرد السيستاني عليه دعواه! بل ظل ساكتاً! والسكوت في مثل هذه المواطن رضا.. والصمات إذن!
 
الترحيب بالمحتلين
أليس مقتدى بن محمد محمد صادق الصدر هو الذي كان يقول: (إن خيارنا هو إدارة صراع سلمي وقانوني وشعبي من أجل جدولة الاحتلال)؟ وهو الذي وجه في خطاب له في رمضان/1424 رسالة إلى المحتلين يكلمهم فيها بأعذب الكلام، ويخاطبهم بأطيب الكلم ويصفهم بأنهم ضيوف حلوا على أهل العراق، وأنهم ليسوا أعداءاً له فليس من عدو للعراق سوى صدام وأتباعه! جاء فيها: (إلى من هم في وطننا موجودون، إلى من قد حلوا في منـزلنا الكبير ضيوفاً، إلى محبي السلام كما نحن له محبون... إن الشعب العراقي لا يريد إلا خيراً بالأمريكيين؛ فليس عدو العراق إلا صدام وأتباعه وهم شرذمة قليلون، ونحن منهم براء إلى يوم يبعثون)[25].
فأي شرع - بعد هذا وغيره - يرضى بأن نزور الحق والحقيقة لنهتف عالياً باسم هؤلاء ونرفع منهم وقد وضعهم الله؟!
 
الحقد المتجذر على أهل السنة
ليس في نيتي أن أعقد بحثاً تحليلياً تفصيلياً عن الشيعة عموماً، أو مجموعة مقتدى الصدر خصوصاً. ومن منهم العميل؟ ومن منهم غير ذلك؟ وماذا فعلوا؟ وما هي حقيقتهم؟ بيد أني لا أريد أن أودع حديثي هذا قبل أن أنقل فقرات قليلة مما يصرح به علناً مقتدى وأتباعه ومن على شاكلته في جريدة "الحوزة الناطقة" باسمهم قبل إغلاقها علها تعطي انطباعاً عن حقيقة هؤلاء، وتكون دليلاً إضافياً على طائفيتهم وحقدهم الذي لا (ينطفي) على أهل السنة حتى لا نلدغ من هذا الجحر للمرة السبعين!!
تحت عنوان: "لو كان الله شيعياً لقاتلناه..!!" كتب أحدهم[26] ما يلي:
(حتى لو كان الله شيعياً لقاتلناه أو بالأحرى لجاهدناه، هذا هو المنطق الذي يعمل على أساسه العقل الجمعي لأبناء جلدتنا من أهل السنة.. نعم أبناء جلدتنا من سنة العراق الذين شاركناهم البأساء والضراء. أخوتنا الذين أردنا ونريد بكل صدق أن نعيش معهم بسلام وحب، أبناء جلدتنا الذين وبدل أن يستقبلونا بالأحضان مباركين لنا خروجنا من أعتى عملية تصفية جماعية تتعرض لها جماعة على مر التأريخ، وبدل أن يضعوا باقة ورد صغيرة على مقابرنا الجماعية، وجدنا أنهم يستنكرون علينا حتى مجرد بكاءنا (كذا) على من ابتلعتهم تلك المقابر).
ويستمر وهو يستهزئ بإسلام أهل السنة والجماعة قائلاً: (أهلاً بالإسلام على طريقة أهل السنة والجماعة، الطريقة التي تكشف فعلاً عن هشاشة هذا الذي فعله الإسلام فينا، ركة كل ما بناه هذا الشـرع فـي دواخلنا).
(منطق التصفية هذا - الذي يكنه المسلمين (كذا) السنة العراقيين للمسلمين الشيعة العراقيين كشف عن الكثير من الدلائل والإشارات، بدأ  من  صيحات  (بالروح  بالدم  نفديك  يا صدام) تلـك التي تلت سقوط الطاغية وانتهاءً بصيحات (لا للانتخابات).
إذ الصراخ بحياة الطاغية الجرذ[27]، لم تكن (كذا) بدافع أنه قطع أذن العراقي (الشيعي والسني)... إذاً فالهتاف بحياة صدام كان فقط حنيناً للمقابر الجماعية ، وطرباً
بالعويل الشيعي الذي تصنعه. ومع أن الحقد الذي كان يقف وراء تلك الهتافات كان واضحاً، إلا أننا مع ذلك تجاهلناه وقلنا إن الهتافين عبارة عن مجموعة من الصداميين الأشرار. نفس الأمر يقال عن استشهاد آية الله الحكيم، فمع أن اليد التي وقفت خلف ذلك الحادث المريع كانت معروفة ومعروفة جداً، إلا أننا مع ذلك كظمنا غيظنا واحتسبنا جراحنا عند الله وقلنا إن قتلة السيد الحكيم هم الماسونية وليس أحداً غيرهم. نعم نحن قلنا ذلك وفعلناه، وحتى عندما أخذ إخواننا من السنة يتظلمون منا ويشكون للآخرين الظلم والاضطهاد الشيعي لهم والذي كان فقط عبارة عن استرجاعنا[28]  لمسجد أو مسجدين من كل ذلك الكم الهائل من المساجد التي استولوا هم عليه (كذا) برعاية قائدهم الفذ، مع أن هذا التظلم بدأ مريضاً ومشوهاً ويتنفس حقداً وتظليلاً للواقع، إلا أننا قلنا مع ذلك أن مجلس الشورى لا يمثل بالضرورة كامل رأي أبناء جلدتنا. لكن ماذا سنفعل إذا كان مسلسل الحقد لا يريد أن ينتهي عند حد الرقص على الجراح، ولا عند قتل القادة والعلماء، ولا عند حد التظلم ولا حتى عند حد التهديد بالحرب الطائفية في جامع (ابن تيمية). ولا عند حد تجاهل كل الحقائق والإعلان بوقاحة عن أن الشيعة هم مجـرد أقلية في المجتمـع العراقي. وهو حتماً لن ينتهي عند حد رفض الانتخابات، التي يمكن لها أن تعطي الشيعة بعض (!!) ما يستحقون.
إذا كان ذلك المسلسل لن ينتهي عند تلك الحدود فليكن واضحاً عند الشيعة أن الخطاب المعتدل والحكيم، الخطاب الذي يضغط على الجراح من أجل الحفاظ على بيضة الدين ووحدة صف المسلمين، ما عاد مجدياً، وهو لن يؤدي إلى استيقاظ إخوتنا في الدين من سباتهم المريض، ولن يدفع بهم إلى احترام حقوقنا في الحياة الكريمة أبداً. ولذلك فقط أريد أن أقول: اللعنة الدائمة الأبدية على كل من يفرح لرائحة الموت وهي تفوح من أجساد إخوته في الدين والإنسانية. اللعنة الدائمة الأبدية على كـل من يريد أن يظل مسلسـل الظلم والاضطهاد مستمراً وأبدياً. اللعنة الدائمة الأبدية على كل من يعامل الآخر منطلقاً من منطلقات فوقية تمييزية مريضة وعفنة.)[29] .
 
مهما مددتم يد الأخوة صادقين فأنتم (كفرة كاذبون)
هذا غيض من فيض، أو قطرة من مستنقع ما تنشره الصحافة الشيعية – الصدرية وغير الصدرية؛ فملة الرفض واحدة - من طعن وتشهير بأهل السنة ولمزهم - بل التصريح - بوصمهم بالطائفية وظلم الشيعة وكونهم من أزلام النظام وأتباع صدام... وأنا لا أدري هل نسي الشيعة أم تناسوا أن 75 % من منتسبي جهاز حزب البعث كانوا منهم؟! والنسبة نفسها تنطبق على جهاز المخابرات!! ناهيك عن غيرهما من الأجهزة. وهذان الجهازان هما أخطر الأجهزة، وأكثرها فاعلية في التحكم في ميزان القوى في العراق. وأما أجهزة الإذاعة والتلفزيون والفن والصحافة والإعلام التي كانت تبوِِّق وتطبل للنظام فلا تقل نسبة الشيعة فيها عن 80 % !
أما صيحات (بالروح بالدم نفديك يا صدام) فنحن أبناء العراق لم نرَ ولم نسمع كالشيعة رددها وردد غيرها من الصيحات و(الهوسات) العربية التي لا يجيدها أحد كما يجيدها أهل الجنوب! لقد كانوا يرددونها لصدام وهم يرقصون ويغنون نساءً ورجالاً ! ومن كان من الرجال يلبس عقالاً فإنه يضع يده على رأسه ويظل يقفز وهو يتلفت يميناً وشمالاً ويدور كأنه شيطان!
من ينسى ذلك؟! سبحان الله!
وأما عدد فناني الجنوب وشعرائهم الذين تغنوا بأمجاد صدام وبطولاته بالحق وبالباطل - لا سيما في (قادسية صدام) تلك الغصة التي يتجرعها الشعوبيون ولا يكادون يُسيغونها وقد كان وقودها - في غالبه - منهم ومن إخوانهم الإيرانيين. إن ذلك العدد لا يمثل أمامه عدد الفنانين الآخرين ومن جميع الطوائف والمذاهب والأعراق شيئاً ذا بال. أم نسينا حسين نعمة وسعدون جابر وياس خضر وسعدية الزيدي وفلاح عسكر؟! وقائمة طويلة لا أحسن عدها. أم نسينا صناديق (العُقُل) التي أرسلتها عشائر الجنوب  إلى صدام في بغداد عهداً على الوفاء ورمزاً للشرف العربي الذي يجب الحفاظ عليه حتى الموت! ولا أدري ماذا كان مصيرها؟ لعلها احترقت بصاروخ توماهوك، أو قذيفة مدفع! فهل احترق معها العهد والشرف والنخوة العربية والوفاء بالوعد ومستحقات الانتساب إلى (الوطن)؟! وصدق من قال: رمتني بدائها وانسلت!!
فمن ذا الذي كان من (أتباع صدام) و(أزلام النظام)؟!
لا أريد الاسترسال كثيراً، غير أني أود أن أنقل (مختطفات) من أحد الأعداد الأخيرة من جريدة الحوزة الناطقة قبيل إغلاقها بقليل. فقد جاء في افتتاحية هذا العدد وفي مقال يعتبر من أخف المقالات وأكثرها اعتدالاً: (علينا أن نستكشف طريق المكاشفة مع الآخر، طريق محاورته بإنسانية جادة، علينا أن نتصارح بشأن الخلافات المذهبية التي بيننا، يقول كل منا للآخر وبصدق إنني أختلف معك تماماً، وإنني لا أرتضي الكثير مما تؤمن به، بل وأعتبره كفراً وجحوداً للملة، وخروجاً عن الدين. غير أنني بمقابل ذلك أؤمن بجدوى المشاركة في صنع المصير. ولو أننا - وبدل أن نتحاضن مع إخوتنا ونحن نتبادل تلك الابتسامات الماكرة والمضحكة - تواجهنا مع بعضنا البعض، وأعلن كل منا مخاوفه للآخر، ومقدار الشك والريبة به، ومدى الكره الذي يعمل في صدره تجاهه، لرأينا كيف أن الاحتقانات ستأخذ بالزوال شيئاً فشيئاً. من الحكمة أن نتحاسب، وأن يقدم كل منا أوراق مسؤوليته للآخر على مائدة الأخوة المتكافئة والصريحة. وليس من الحكمة أن نقدم لبعضنا البعض الكذب والدجل والأباطيل، مدعين أننا نسير حقاً على طريق الخلاص) [30].
وأنا أؤيد كاتب المقال في الأُسس التي استند إليها فيما خلص إليه من ضرورة الصراحة الكاملة بدلاً من اللف والدوران والضحك على الذقون المتبادل والمكشوف للطرفين، والذي لا يليق إلا بأهل النفاق! وأُحيي فيه صراحته ! ولكن أريد أن أتوجه إلى أهل السنة فأقول:
كفاكم مجاملة فإنها مكشوفة! وليس القوم أطفالاً أو مغفلين، بل ولا سليمي النية فهم فرسان مبدأ (التقية)، ومن طبع الإنسان عادة أن يرى الغير من خلال ما يراه في نفسه لا سيما المصابون بالأمراض والعقد النفسية. وتكفيكم هذه المصارحة: (إنهم لا يرتضون الكثير مما تؤمنون به بل ويعتبرونه كفراً وجحوداً للملة، وخروجاً عن الدين). وينظرون إليكم من خلال نافذتهم هذه فلا يعتقدون فيكم إلا أنكم تبادلونهم النظر نفسه ولو أقسمتم لهم ، وأشركتم بـ(الحرمين الشريفين) في كربلا ، وبالحوزة الناطقة
والصامتة، والصادقة أيضاً، بل وبـ(مدينة الصدر المنورة) !.
إنكم مهما ابتسمتم في وجوههم فابتساماتكم ماكرة لاتسـتحق منهم سوى الضحك عليها لا لها! هم يصرحون بها!
أتدرون لماذا؟ لأنهم مصابون بوباء اسمه عقدة الشك والتوهم وهذاء الاضطهاد (البارانويا Paranoia). وهو مرض معدٍ متفشٍّ في المجتمع الإيراني، ويصاب به كل المتشـيعين تشيعاً إيرانياً أو فارسياً. هذا هو السبب ، أو – بالأحرى - هذه هي العلة!
ولذلك هم (يخافون منا، ويشكّون فينا، ويرتابون من نوايانا)! لذلك (هم يكرهوننا كرهاً يملأ عليهم صدورهم). ولذلك فمهما صدقتم وتوهمتم فإنكم (لا تقدمون لهم - في توهمهم - سوى الأكاذيب والدجل والأباطيل) ! هم يصرحون بذلك !
 
قطرات أخرى من مستنقع الطائفية
وبعد.. فإن ما يكتب وينشر في الصحف الشيعية من الكتابات التي لا تنظر إلا بعين الطائفة، ولا يهمها إلا أمر الطائفة - لو أراد أحد أو مؤسسة عده لعجزت عن إحصاءه؛ لأن كثرته خارجة عن الحصر. ومع ذلك يصرخون ويتأوهون من التعصب الطائفي لدى الآخر، ويتباكون على الوحدة المضيعة بكل أشكالها!!
تأمل ما جاء في منشور لإحدى زمر الخراب الطائفية. ولا أريد منك سوى أن تعكس دعاواه ليعتدل الميزان:
 
سرايا المختار الثقفي
(إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) (المائدة 33). قال أبو عبد الله (ع): ما امتشطت فينا هاشمية ولا اختضبت حتى بعث إلينا المختار برؤوس الذين قتلوا الحسين صلوات الله عليه.        
بيــان
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلت مؤخراً تقارير أثبت تهيؤ خلايا القتل والتفجير (السلفية) المتعاونة مع  فضلات النظام المقبور لأجل تصعيد وتيرة الاعتداءات ضد الرموز والمصالح  الشيعية، في عموم بغداد.. مدعومة من قبل (المساجد) الوهابية التي أضحت أوكارا للجريمة والممولة من سماسرة الاغتيال والمخابرات الأجنبية ومن تجار امتلأت كروشهم بأموال السحت و أثمان جرائم القتل والتفجير.
إن هذه الخلايا التخريبية البائسة تمر مرحليا بحالة من النشوة الكاذبة بعد أن أنعشتهم الثمار العفنة لعام من الاغتيال والتخريب والتآمر توجها الاتفاق المخزي والمذل في (الفلوجة) بوساطة القزم الأردني والذي قدموا فيه للمحتل تنازلات خطيرة تضمنت وعودا بالتطبيع مع (إسرائيل) وإنشاء قواعد عسكرية ثابتة في العراق، ومنح الحصانة القضائية لجنود الاحتلال، فضلا عن امتيازات اقتصادية مهمة، كل ذلك في مقابل وعود أمريكية بموقع إضافي في السلطة.. ترى أي دين هذا الذي قد بيع في الفلوجة مقابل (السلطة والحكم)؟؟
أين ذهبت نداءات (الجهاد ) و(المقاومة) التي تسابقت في إطلاقها قياداتهم الذليلة الكاذبة، وروجت لها أبواقهم الإعلامية المسعورة ؟؟ لماذا سكتوا عن ذبح الشيعة في كربلاء والنجف؟ لماذا ذبحوا أبناءنا في فلوجة الغدر؟ أين شيطان الحزب السفياني ودجالهم المراوغ ابن عبد الحميد الذي لا زال يدير عمليات الاغتيال في الخضراء وما حولها ثم يذرف دموع التماسيح على ضحاياه؟ أين دجالو هياة (كذا) علماء المنافقين؟ لماذا لا يصفون (الرئيس الجديد) بالعمالة وهو يزور بوش ويمشي في جنازة (المؤمن ريغان) ويمتدح أداء القوات الأمريكية؟.. انه دين المخابرات الصدامية الذي حول جلاديها إلى أئمة للمساجد..
لقد انبثقت سرايا المجاهدين (سرايا المختار الثقفي) من رحم الأمة الإسلامية – بعد أن أضحت العلاج الناجح لاستئصال الوجود السرطاني المتمثل بأزلام النظام المقبور والخنازير المارقين من أتباع الوهابية – عملاء الأجنبي وخوارج القرن العشرين – الذين أسرفوا في الفساد بعد أن أعمت أعينهم دولارات الخليج وأحرقت قلوبهم نار الحقد
الأموية..
وإذ تبين قيادة (سرايا المختار) احترامها لخط المرجعية الدينية وتفهمها لمواقف الأحزاب الشريفة كافة وللمسيرة السياسية الهادفة إلى إنهاء الاحتلال بالطرق السلمية، إلا إننا نمتلك فهمنا الخاص لظرف المعركة مع الإرهاب والتطرف والحقد الطائفي البغيض، ومن خلاله ننطلق في رسم أبعاد تحركنا وفق مبدأ (الدفاع عن النفس والحرمات) بوجه عدو حاقد لئيم دموي ومتغطرس لا يرضخ إلا لمنطق القوة، يستهدف وجودنا وكرامتنا.. ولن نقف مكتوفي الأيدي إزاء صلفه وإجرامه .. لقد جاء سيف (المختار) ليحسم الموقف بكل صرامة ووفق رؤية شرعية وسياسية وأخلاقية غاية في الوضوح، يشخص من خلالها العدو الحقيقي ليتم استئصاله، حتى ينعم مجتمعنا بالأمن والاستقرار في أجواء من الاعتدال والاخوة الحقة. كما نعلن تكاتفنا مع الأخوة في أجهزة الأمن والشرطة العراقية، وسيكون دورنا مساندا لهم لسد الثغرات التي لا تطالها يد القانون، حتى تتهاوى رؤوس الإرهاب في العراق كما تهاوى اللعين (عبد العزيز المقرن) في السعودية.
وإذ نعلن مسؤولياتنا عن العمليات البطولية التي نفذت مؤخرا في أحياء الغزالية والخضراء والعامرية والشعلة – وآخرها في الدولعي بحق بعض رؤوس الإرهاب والتطرف التي ابتغت بذرة الفتنة بين المسلمين، من خلال قتل المؤمنين وتخريب المساجد... فإننا اليوم نعلن (النفير العام) لكل خلايانا الجهادية استعدادا للرد على حملة الاعتداءات المتوقعة التي يخطط لها جرذان الوهابية والبعثية. وسيكون أسلوب الرد حاسما وسريعا وسيطال ابرز شياطينهم وأوكارهم ضمن المحيط الأقرب لمنطقة الاعتداء أو شخص المعتدى عليه، مهتدين بقوله تعالى: ((ولا تهنوا في ابتغاء القوة ان تكونوا تالمون فانهم يالمون كما تالمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما)) (النساء 104). لذا ندعو الأخوة المؤمنين من الشيعة – ومن السـنة المعتدلين الشرفاء[31] - إلى المساهمة الفعالة في تطهير العراق من القتلة المأجورين.. من الشياطين المتسترة برداء الإسلام، المارقين وأصحاب اللحى الطويلة والجلابيب القصيرة – يهود الأمة[32] وشذاذ الآفاق وأعداء الله والإسلام والإنسانية... والمبادرة بالإبلاغ عن المشبوهين منهم وعن مجرمي البعث إلى الجهات المختصة التي تثقون بها – كما أمرت المرجعية العليا[33].. لا تأخذكم فيهم الرحمة كما لم يرحموا أبناءكم وإخوانكم.. لا تدعوهم أحياء طلقاء فيدفنوكم وأهليكم في مقابر جماعية جديدة.. ندعوكم إلى التكاتف والتعاون مع مجاهدينا لتفويت الفرصة على أولئك النفر الضال، وإلى الصبر والتلاحم وشدة البأس، وابشروا قريبا بعراق خال من التطرف الوهابي الأعمى ومن البعث[34]، عندما نرسل معكم تلك الرؤوس العفنة إلى الجحيم بإذن الله. ((أن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)) (محمد 7).
         سرايا المختار الثقفي
                                    القيادة المركزية
                                   5/ ج1/1425هـ
 
قطرة أخيرة من مستنقع مجاور
وأختم بهذه المقالة في صحيفة "البينة" الناطقة باسم (حركة حزب الله) في العراق تحت عنوان تهكمي مثير هو: (هل عودة الأشاوس في جمهورية الفلوجة تمهيد لعودة صدام ؟!!) جاء فيه:
(ما الذي تغير في العراق منذ أكثر من عام، ها هي النماذج الصدامية تعود من جديد نافخة كروشها ورافعة أكتافها بالبدلة الخاكية التي تذكرنا بالاضطهاد والحروب، هذه النماذج المفزعة المليئة بالحقد والتي عذبت العراقيين وأحتقرتهم، تعود بكامل قيافتها بتقاسيمها القديمة التي لا زالت في مخيلتنا: طريقة المشي التي يتميزون بها، الكرش المتدلي للأسفل، العلامات العسكرية القديمة، تقاسيم الوجه الذي ينم عن العنجهية والتكبر والقبلية، والشوارب المنتفخة والعيون التي تزرع الخوف في الآخرين. الضجيج المرافق للآلهة الجديدة هو الضجيج نفسه: الحماية تركض يمينا وشمالا تبعد الناس عن طريق الديمقراطيين الجدد بالهراوات الموروثة المخبأة لهذه المناسبة السعيدة، عودة الآلهة بعد تأهيلهم، نفس الأساليب التي أتقنوها في المدرسة الصدامية تمارس اليوم بشكل سافر.. صدقاً أقول إنني شعرت بالرعب حين شاهدتهم. ولا أدري لماذا راودني شعور بأن صدام قادم، بل ربما أدري لكنني لا أملك الجرأة للبوح بمرارتي.. لقد نقلت وسائل الإعلام المختلفة نبأ اجتماع الحاكم بريمر بقيادات البعث وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على العجز الواضح لكل القوى السياسية العراقية ولقوى الاحتلال أيضا. ولقد بدأت علائم عودة الأشاوس في الفلوجة، أو لنقل جمهورية الفلوجة، فتلك تنطبق أكثر من أي وقت مضى على هذه المدينة التي أبت إلا أن يحكمها البعثيون، ورجالات المخابرات الصـدامية، وحققوا ذلك رغما عن أنف امريكا. ولنعترف انهم أذكياء وأصحاب مبادئ ، ومع خسة هذه  المبادئ[35] إلا إنني أحترم فيهم هذا التمسك الشرس بها. ولو كانت القوى العراقية تمتلك القدرة نفسها لأصبح حالنا على غير ما نحن عليه الآن. وليس من الفراسة إن قلت إن هذه المدينة سوف تتولى مع الأمريكان، بعد الإتفاق معهم على تسليمهم الأجانب فيها والاحتفاظ فقط بالعناصر الصدامية المرغوب فيها أقول سوف تتولى هذه المدينة مهام العوجة سابقا وستكون اليد الضاربة للأمريكان في وجه جميع القوى العراقية الأخرى التي لا تنصاع للأجندة أو التي تشق عصا الطاعة، وستتأسس فيها المجموعات السرية الجديدة التي تعتمد على ممارسة أساليب المدرسة الصدامية القديمة لكن بشكل متحضر. وذلك ليس تفلسفا فارغا، إنما هو أمر واقعي اعتاد عليه العراق بل اعتاد عليه العرب أيضا، وهو إنهم اعتادوا منذ أمد بعيد جدا على أن تحكمهم مدينة أو قبيلة أو عائلة. أما أن يكون الجميع حاكمين و محكومين في الوقت ذاته فذلك وربي شئ بعيد. لقد كنا محتلين من قبل قرية صغيرة اسمها العوجة ونفر قليل هم آل المجيد، فلمَ لا تكون الفلوجة المدينة القادمة في سلسلة الإرث السلطوي، ولمَ لا يتم تأهيل البعثيين فيها أو في الناطق الأخرى لكي تعود الحياة إلى طبيعتها، (او يا دار ما دخلك شر) أو مادام الأمر كذلك فلم لا يتم تأهيل صدام حسين وذلك بأرساله الى دورة الى الأردن أو أمريكا ولا بأس لو ذهب معه الرفيق عزت فهو ينتظر ذلك في سوريا، وما دام بعض رموز صدام يعاملون من قبل الأمريكان أو من قبل بعض الدول العربية على أنهم أصحاب سلطة فلم لا يدخلوهم دورات تدريبية تعلمهم الدروس التي افتقدوها حين أضاعوا السلطة، وستبدي لنا الأيام ذلك حين نرى الصداميين الجدد يعتلون العرش من جديد مدعين الديمقراطية واللاطائفية، وسيبنون بيتا هنا وبيتا هناك على طريقة قناة الشرقية ثم يسمونها منجزات، وبعد ذلك يبدأ مسلسل الموت من جديد ويبدأ سحق المعارضين فتبدأ رحلة أخرى من الهجرة إلى منافي الله. قد أكون متشائما لكن الأمل المفرط يجر الكوارث والثقة العمياء تجعلك أول الضحايا، فضلا عن أن الأمل بدأ شيئا فشيئا بالتآكل، والأحلام بدأت بالذوبان. أعلم أن عددا لا بأس به من قراء مقالتي هذه سوف يتهمونني بالسوداوية أو بالطائفية أو بالتغاضي عن جرائم الاحتلال، ولعمري إن هذا ليس بالجديد، لكني أسأل أعظم المتفائلين عن سبب واحد يدعو للتفاؤل بعيدا عن التنظير الديني الذي يدعونا إلى التسليم لأمر السماء فأنا أعرف ذلك تماما لكن من منا يمتلك على أرض الواقع شيئا واحدا يمكن أن نطمئن إليه؟ هل ما نراه أمامنا من الملايين الهائمة على وجوهها تحمل القذائف يدعو للأمل؟ هل ما نراه أمامنا من ممارسات الساسة  العراقيين يدعو للأمل؟ هل ما نراه من ممارسات أمريكية غبية ولا تنم عن وعي دولة عظمى يدعو للأمل؟ هل قام عراقي واحد بزرع شتلة أو زرع نخلة أو نظف شارعا؟ ألم ينشغل العراقيون باستيراد السيارات والستيلايت بينما انشغل الأذكياء متصيدو السلطة باستيراد الوسائل التي تعيد لهم السلطة فآووا الإرهابيين والمرتزقة وكل المجرمين البعثيين؟ أي أمل يستطيع النهوض من هذا الدمار فيجعلنا متفائلين.. أرجو من المتفائلين أن يقنعوني أنا المتشائم بشيء واحد تفوح منه رائحة عراق يمكن أن نعيش فيه من دون أي اضطهاد أم (كذا) تكفير بعد أن عاد الأحبة البعثيون للحكم في الفلوجة، ثم سينتشرون كالسرطان في جسد العراق. صدقوني لا أمل يرجى ولذا فأنا أدعوكم للانضمام إلى تشاؤمي ولنترك للمتفائلين ناصية الأمر فهم أكثر منا قدرة على تحمل ما يجري والصبر عليه.. أما نحن فلن نجعل من الغراب رمزا بل سنجعل من البعثيين والوهابيين والطوطميين عبدة الجهال والطامحين إلى السلطة واللاهثين خلف دعاة الموت والتخلف بدعوى الدين رموزاً لنا.. وسيظل بلد حر آمن سعيد متعلم متحضر من وراء القصد . إ.هـ.
 
لهذا أقول لكم..
لذلك أقول لكم: (ليس من الحكمة ما تفعلون، وليس هو طريق الخلاص ما تسلكون). ولا أرى بعد ذلك من السياسة هذا الذي أنتم فيه من الهتافات والمجاملات ومحاولات التقريب والجمع بين النقائض لأن الحكمة في واد وأنتم - أو ما أنتم فيه - في واد !
ليس هذا فقط! ولو كان لهان الخطب!! بل الشرع - وباعترافكم وعلمكم - في واد!
هذا وأسأل الله تعالى مخلصاً أن لا يكون مثلنا كمثل من قال الله تعالى فيه: (وَلاتُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (الكهف:28) .
الفصل الثاني
 
خسارة على صعـيد السياســة أيضــاً
 
وأما لبيان مخالفة ماتفعلون لقواعد السياسة فأقول:
إن اللعبة السياسية تقوم على تحقيق الربح أو ما نسميه بـ"المصلحة". فيناقش الموضوع إذن على أساس حساب الأرباح في مقابل رأس المال المدفوع من أجل الحصول عليها.
إن من بديهيات العمل التجاري التي لا تحتاج إلى أدنى خبرة أو معرفة: أن الربح الذي يتحقق برأسمال معين لا داعي لأن نزيد في مقدار رأس المال المدفوع تحصيلاً له لأنه حاصل من دون هذه الزيادة.
من هنا.. من هذه القاعدة المتفق عليها ننطلق في حسابنا:
فنسأل: من أجل ماذا كان ذلك الهتاف؟
والجواب: من أجل أمرين عظيمين:
1/ جذب الشيعة إلى ميدان الصراع العسكري، لتقوية جبهـة المقاومة وتخفيف الضغط عن أهل السنة .
2/ وإبعاد شبح الفتنة الطائفية.
هذا هو جوابكم الذي سمعناه مرراً وتكراراً. ولم نسمع من جواب غيره.
فأقول.. وبالله وحده أستعين:
 
قانون "توازن الرعب"
أما شبح الفتنة الطائفية فإن قانون "توازن الرعب" كفيل بعلاجه. فلولا الخوف المتبادل بين الطرفين لكان ما كان من شر. وقد جرب الشيعة فابتدأوا تجربتهم بسلسلة من الاغتيالات في بغداد - كما حصل في مدينة الشعب والوشاش والحرية والرسالة وغيرها من الأماكن والمؤسسات - وفي البصرة وغيرها لم تتوقف أو تخف أخيراً إلا حينما رجع رد فعل المسلسل إلى ساحتهم؛ فأدرك من أدرك منهم أن لحم أهل السنة صعب
الازدراد !
فلا داعي لمخالفة الشرع وتحريف الحقائق وقلب الأمور والكذب والمدح الزائف من أجل تحصيل أمر حاصل! وليست هذه هي التي تدفع عنا شبح الاحتراب الطائفي.
وأما استدراج الشيعة إلى الميدان فكل مؤمن - بل كل عاقل خبر الناس وقرأ شيئاً من التأريخ - يدرك أن هذا واقع لا محالة، ولا يمكن أن لا يقع لأسباب كثيرة يجمعها اختلاف المصالح. والخلاف نراه يقع بين أهل الحق بسبب الجهل أو الهوى، فكيف به بين أهل الباطل؟!
وأوضح مثال على ذلك شيعة لبنان: لقد أغروا اليهود بغزو لبنان انتقاماً من الفلسطينيين.. السنة! وحينما دخل اليهود جنوب لبنان سنة 1982 استقبلوهم بالأرز والورود كما اعترف بذلك الشيخ صبحي الطفيلي الأمين العام السابق، والشيخ حسن نصر الله الأمين العام الحالي لما يسمى بـ "حزب الله" . ولكن لم يمر وقت طويل حتى اختلفت المصالح وتغيرت النوايا؛ فإذا بأصدقاء الأمس يصيرون أعداء اليوم !.
وكذلك أهل الباطل في كل زمان ومكان.
وقـد وقع القتال بين القوم قبل أن نهـتف لهم به،  فدعوهـم وما يصنعون.
ولن يزيدهم هتافنا شيئاً ولا ينقصهم. فإن كان ولا بد فبالحق يكون من دون تزوير أو تحوير. وليكن قصداً دون إسراف أو تصوير الأشياء على غير حقيقتها وحجمها.
بل إن هذا الهتاف - إن لم يكن متوازناً واضح المعالم لا تختلط فيه أو تميع الثوابت الشرعية بالمقاصد السياسية والمصالح الوطنية - فسينقلب خسارة كبيرة علينا من حيث أن الجمهور السني - الذي بدأ يصحو من نومه، ويستفيق من خدره على الكارثة التي أوقعه فيها أساطين التشيع - سيرجع مرة أخرى إلى كهفه وأحلامه؛ فنفقد دوره الميداني وتستمر العزلة بين النخبة القليلة الواعية وبين الجمهور المخدر الحالم؛ لأنه ما لم يتبين الحق من الباطل ويتأكد المسلم من هذا الفصل والتمييز لن تنطلق قواه وتظل كامنة أو مشلولة. وفي ذلك يقول تعالى: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) (الأنعام:55) ويقول: (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (الأنفال:37).
علماً أن الجمهور الشيعي يمتلك هذا الفصل والتمييز، ويعتقد - بلا لبس- أننا كفار لا نستحق منه غير السحق ! ولو على أيـدي الكفرة الغزاة أو تحت أرجلهم !.
من هنا ترى العالم والعامي يتواجدان معاً في الميدان الشيعي، على عكس الميدان السني. وهذا أحد الأسباب الكبرى التي جعلت الباطل الرافضي يستشري في دولة الرشيد. وهي قضية تستحق منا التوقف والدراسة. وتكشف لنا مدى الخسارة التي تجتاحنا فيما لو رجع جمهورنا مرة أخرى إلى قمقمه بسبب هذه الهتافات العاطفية الساذجة.
هل تعلمون أن قادة الرافضة وعلماءهم يفرحون لهذه المجاملات المخذلة المخدرة؟ ويحاولون إشاعتها بيننا ويحرصون عليها حرصهم على تثقيف جمهورهم بالأفكار المضادة نحونا. وهم – حين يصرحون بمثل ما نصرح به من كلمات التقريب - مطمئنون إلى عدم تأثر جمهورهم المحقون بجرعات مضادة من مصل "التقية" على عكس جمهورنا. 
 
وقفة في ظلال آية (الأنعام)
يقول الشهيد سيد قطب رحمه الله تعالى :
(أما ختام هذه الآية القصيرة : (( ولتستبين سبيل المجرمين )) فهو شأن عجيب!.. إنه يكشف عن خطة المنهج القرآني في العقيدة والحركة بهذه العقيدة ! إن هذا المنهج لا يعنى ببيان الحق وإظهاره حتى تستبين سبيل المؤمنين الصالحين فحسب. إنما يعنى كذلك ببيان الباطل وكشفه حتى تستبين سبيل الضالين المجرمين أيضاً.. إن استبانة سبيل المجرمين ضرورية لاستبانة سبيل المؤمنين . وذلك كالخط الفاصل يرسم عند مفرق الطريق !
إن هذا المنهج هو المنهج الذي قرره الله – سبحانه - ليتعامل مع النفوس البشرية.. ذلك أن الله سبحانه يعلم أن إنشاء اليقين الاعتقادي بالحق والخير يقتضي رؤية الجانب المضاد من الباطل والشر، والتأكد من أن هذا باطل ممحض وشر خالص، وأن ذلك حق ممحض وخير خالص ... (كما أن قوة الاندفاع بالحق لا تنشأ فقط من شعور صاحب الحق أنَّهُ على الحق ولكن كذلك من شعوره بأن الذي يحادده ويحاربه إنما هو على الباطل .. وأنه يسلك سبيل المجرمين، الذين يذكر الله في آية أخرى أنه جعل لكل نبي عدواً منهم ((وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين)) ليستقر في نفس النبي ونفوس المؤمنين أن الذين يعادونهم إنما هم المجرمون عن ثقة، وفي وضوح، وعن يقين.
إن سفور الكفر والشر والإجرام ضروري لوضوح الإيمان والخير والصلاح.
واستبانة سبيل المجرمين هدف من أهداف التفصيل الرباني للآيات.
ذلك أن أي غبش أو شبهة في موقف المجرمين وفي سبيلهم ترتد غبشاً وشبهة في موقف المؤمنين وفي سبيلهم . فهما صفحتان متقابلتان وطريقان مفترقان .. ولا بد من وضوح الألوان والخطوط .
ومن هنا يجب أن تبدأ كل حركة إسلامية ، بتحديد سبيل المؤمنين ومنهجهم وعلاماتهم ، وتحديد سبيل المجرمين ومنهجهم وعلاماتهم بحيث لا يختلط السبيلان ولا يتشابه العنوانان ولا تلتبس الملامح والسمات بين المؤمنين والمجرمين… وهذا التحديد كان قائماً وهذا الوضوح كان كاملاً يوم كان الإسلام يواجه المشركين في الجزيرة العربية فكانت سبيل المسلمين الصالحين هي سبيل الرسول r ومن معه. وكانت سبيل المشركين المجرمين هي سبيل من لم يدخل معهم في هذا الدين..
ولكن المشقة الكبرى التي تواجه حركات الإسلام الحقيقية اليوم ليست في شيء من هذا.. إنها تتمثل في وجود أقوام من الناس من سلالات المسلمين… تهجر الإسلام حقيقة وتعلنه اسماً وتتنكر لمقومات الإسلام اعتقاداً… وهذا أشق ما تواجهه حركات الإسلام الحقيقية في هذه الأوطان مع هؤلاء الأقوام !
أشق ما تعانيه هذه الحركات هو عدم استبانة طريق المسلمين الصالحين، وطريق المشركين المجرمين، واختلاط الشارات والعناوين ، والتباس الأسماء والصفات، والتيه الذي لا تتحدد فيه مفارق الطريق !
يعرف أعداء الحركات الإسلامية هذه الثغرة فيعكفون عليها توسيعاً وتمييعاً وتلبيساً وتخليطاً حتى يصبح الجهر بكلمة الفصل تهمة يؤخذ عليها بالنواصي والأقدام !
هذه هي المشقة الكبرى .. وهذه كذلك هي العقبة الأولى التي لا بد أن يجتازها أصحاب الدعوة إلى الله في كل جيل !
يجب أن تبدأ الدعوة إلى الله باستبانة سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين .. ويجب ألا تأخذ أصحاب الدعوة إلى الله في كلمة الحق والفصل هوادة ولا مداهنة. ولا تأخذهم فيها
خشية ولا خوف ولا تقعدهم عنها لومة لائم ولا صيحة صائح …
إن الإسـلام ليس بهذا التميع الذي يظنه المخدوعون!... (( وكذلك نفصل الآيات ، ولتستبين سبيل المجرمين )) ..
أجل يجب أن يجتاز أصحاب الدعوة إلى الله هذه العقبة ؛ وأن تتم في نفوسهم هذه الاستبانة ؛ كي تنطلق طاقاتهم كلها في سبيل الله لا تصدها شبهة ، ولا يعوقها غبش ، ولا يميعها لبس . فإن طاقاتهم لا تنطلق إلا إذا اعتقدوا في يقين أنهم هم (المسلمون) وأن الذين يقفون في طريقهم ويصدونهم ويصدون الناس عن سبيل الله هم (المجرمون) …(( وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين ))([36]).
 
التحجج  بالظرف
قد يقال : نحن في ظرف حرج قد ينـزلق بنا إلى الاقتتال الطائفي . وجواباً أقول - واسمعوا يا إخوتي ولو مرة واحدة نصيحة عارف مجرب مشفق عليكم - :
التشخيص صحيح إلا أن العلاج فاشل مِاْئة بالمِاْئة: فهو من ناحية مخالف للشرع النازل من السماء وهذا أول دلائل فشله (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الملك:14). ومن ناحية أخرى فإن كل مجرب عاش الواقع وعرف نفسية المقابل يعلم يقيناً أن المجاملات لا تزيد هذا المقابل - ودعوكم من القلة التي لا أثر لها والتي يتبرقع أغلبها بـ(التقية) - إلا غياً وصلفاً وغروراً؛ لأنه - بسبب الشعور بعقدة الضعف أو النقص المتأصلة في (الشخصية الفارسية) وكل من انسكن بها من أصحاب التشيع الفارسي - يرى أي مبادرة إحسان أو تقارب أو مجاملة من الآخر ما هي إلا علامة ضعف فيه! لأنه هو لا يفعل ذلك إلا حين يكون ضعيفاً؛ فيتوهم الكل كذلك! ولا يستطيع غير ذلك!!
ثم هل هذه المجاملات هي التي منعت الاحتراب الطائفي؟ وهي التي خففت مسلسل
الاغتيالات؟ أم اليقين بأن الآخر خصم لا يستهان به؟ وأن من أراد ابتلاعه غص به: أمريكا فما دونها من الأقزام والأذناب والأزلام ؟!
إذن فليرجعوا لكم مساجدكم ثمتاً لهذه المجاملات.
تخيل رجلاً قتلت ولده، وسلبت ماله، واعتديت على حرماته، ثم دعوته للصلح فإذا به يلبي دعوتك مسرعاً مسروراً دون أن يطالبك بدفع استحقاقاته من الصلح ؟! ماذا يمكن أن تقول عنه؟!
إنه واحد من اثنين لا ثالث لهما: إما أنه رجل قد بيّت لك الغدر، وإما أنه رجل وضيع لايستحق الاحترام!
وأعتقد أنهم يستهينون بنا أشد الاستهانة حين يسمعون هتافاتنا المجانية تملأ الفضاء الرحب تمجيداً لمن اغتصب مساجدنا - ثم يتهموننا بكل وقاحة أننا الذين اغتصبنا مساجدهم (برعاية قائدنا الفذ) - واغتال خيرة أبنائنا، بل استقدم الكافر الغازي إلى بلادنا قبل أن يدفعوا استحقاق هذا الهتاف فيعيدوا - على الأقل - مساجدنا المغتصبة. هذا على افتراض أنهم انخدعوا. وذلك مستحيل .
أيها القوم !
حقاً إنكم تهينوننا بهذا الصنيع.
حقاً إنكم تعزفون ألحانكم - التي لا يسمعها غيركم - على جراحنا وآلامنا وأوتار مشاعرنا المترعة بالإحساس بالذل والعار والهزيمة !
 
الدفاع عن الوطن لا فضل فيه لأحد على أحد
إن الموقف الشرعي الصحيح مما حدث - ويحدث - هو التأسي برسول الله e يوم عقد وثيقته مع اليهود والمشركين في المدينة يدعوهم فيها ويلزمهم بالدفاع عن دولتهم ووطنهم المصغر "المدينة". وجعل ذلك واجباً في أعناق الجميع يحاسبون على التفريط به أشد الحساب! ولم يحور e في تعاليم الشرع، ولم يزور – وحاشاه - فيسمي الأشياء بغير أسمائها كما هو ديدننا اليوم!
لم يقل لليهود أو المشركين: أنتم على الحق، وليس بيننا من فرق! ولم يسمِّ عملهم - وما كان له أن يسميه - جهاداً قط ! كل الذي قال لهم بلغتنا: إن الدفاع عن الوطن واجب على الجميع. فمن نكل عنه أو تآمر وخان فليس له إلا الموت جزاءا. وهكذا كان مع بني قريضة حين نقضوا العهد وتآمروا على الوطن.
فلنكن مسلمين حقاً؛ فنكون صرحاء نجهر بالحق من ربنا (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، ونمد يد المواطنة نحو الجميع، ونقول لهم: أدوا ما عليكم من واجب بغض النظر عن دينكم ومذهبكم. ولنتحد جميعاً ونجتمع على مصلحة الوطن فنحن فيه شركاء. فمن لبى النداء فواجبَه أدى، وله على الآخرين أن يقدروا له جهده، ويثنوا به عليه بما يستحق ضمن ضوابط الشرع وثوابت الدين. ومن نكل أو نكث فعلى نفسه، والله غني عنه، ولسنا في حاجة إليه.
أليس يقول الرب: (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة:249) ؟ أم إن حسابات الحقل غير حسابات البيدر؟ فهذه مفاهيم نتلقاها في مجالس العلم، وحلقات الذكر، حتى إذا خرجنا إلى ميدان الحياة تبخرت عند أول اختبار!
 
من تاب فلنفسه.. فدعونا من الضجيج
أيها السادة!
إن الذي طبل للاحتلال ، وأغرى الأمريكان بغزو العراق ، هم رؤوس الشيعـة - معممهم وعلمانيهم - ولكن بين مستخفٍ بالليل وساربٍ بالنهار. فإن عملوا على زوال ذلك فعن ذنبهم يكفِّرون.. ولسوء عملهم يصلحون.
ولو افترضنا أنهم أنجزوا هذه المهمة وحدهم دون غيرهم، لما عملوا سوى الواجب المفروض عليهم: فإن الاحتلال ليس سوى سيئة هم اجترحوها، وتركوا العراق الحبيب ينوء بها. فما بالنا ما إن طنت إطلاقة، ورنت حديدة حتى هتفنا غير مصدقين؟! وكأن العراق بلدنا نحن وحدنا، وليس بلدهم؛ فهم في ذلك علينا متفضلون!
ثم هل أنتم على دراية بالأسباب الدافعة ؟ وهل أنتم على اطلاع بما يدور في دهاليز السياسة وأروقة المؤامرات؟ وعلى علم بالأصابع الخفية التي تحرك (الدمى) من وراء ستار؟ ولا شك أنكم تعلمون أن (رجال الدين) الشيعة هم رجال سياسة قبل أن يكونوا رجال دين ، لأن التشيع في أصله مشكلة سياسية وليست دينية . ولا أظنكم
غافلين عن إيران ودورها في اللعبة .
فأين المصلحة في وسط هذه المعمعة ؟!
 
اتقوا الله..!  لا تضعوا دماء الفلوجة في حقيبة المتلاعبين
أيها السادة !
ألا فليعلم من تناسى كل هذا وأشاح بوجهه بعيداً عن جهة الحق والحقيقة، ليهتف لمقتدى ومن هو على خطه ونهجه أنه يقامر بدماء "الفلوجة". بل إنه يجمع تلك الدماء ليضعها في حقيبة أولئك هدية رخيصة على طبق من ذهب، وأنه لن يعود من وراء ذلك بشيء ذي بال. فأي خسارة كهذه ؟!
يقول تعالى: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) (الأنعام:55). فأي خسارة كخسارة أهل الحق، وربح كربح أهل الباطل حين تخلط الأوراق، وتلتبس سبيل المجرمين بسبيل المؤمنين ؟!


1 لم يقتصر الأمر على أهل العراق. بل تجاوزه إلى خارجه. تصور أن شيخاً مثل محمد المسفر القطري يصف مقتدى فيقول : (أمير المجاهدين مقتدى الصدر) !

2 الأخ والصديق ورفيق الدرب الشيخ المهندس الشهيد أياد أحمد العزي رحمه الله تعالى. لقد كان الوحيد - من بين جمع الإسلاميين في ذلك الوقت العصيب - الذي هاجم رموز الخيانة على رؤوس الأشهاد. وفي ذلك اللقاء قال: هناك من يتاجر في سوق العواطف، ويرقص على الآهات. لا حاجة لنا بمتاجرة رخيصة، لا من موفق الربيعي، ولا من غيره. وعندما سأله المقدم: هل تعتقد أن موفق يتاجر؟ كان جوابه واضحاً بيناً حين قال: نعم ، يتاجر. يريد أن يقطف ثماراً، إن كان هناك ثمار. 

(1) حين وصلت إلى هنا تركت القلم. وبعد قليل نقلت لنا الفضائيات خبر مجزرة بشعة في حي الجهاد على أيدي عصابات (جيش المهدي) أتباع (الوطني إلى حد العظم) مقتدى الصدر. راح ضحيتها أكثر من خمسين شخصاً من أهل السنة ما بين رجل وامرأة وطفل. منهم عوائل اقتحموا عليهم بيوتهم وأبادوهم داخلها، ومنهم من قتلوهم في الشوارع. هذا غير الذين قتلوا عند نقاط السيطرات الوهمية لمجرد اشتباههم بأنهم من أهل السنة. كما كانت هذه العصابات تحمل مكبرات الصوت وتنادي على أهل السنة أن اتركوا المنطقة وإلا فمصيركم القتل. هذا كله وغيره على مرأى ومسمع قوات الشرطة ومغاوير الداخلية وبقية الأجهزة الأمنية! وقد صرح شهود عيان من المنطقة منهم أئمة مساجد بأن القائمين على المجزرة هم أفراد (جيش المهدي)، الذين ينطلقون من حسينية الزهراء القريبة. ويعرفونهم بوجوههم؛ فالأمور أضحت ترتكب في العلن، ومن ملابسهم وشعاراتهم. الجديد في الأمر أن من كان يعتبر مقتدى مجاهداً ويدعو له في القنوت، وعلى أعواد منابر أهل السنة. و(جيش المهدي) وطنياً يقاوم المحتل، ويذود عن حياض الوطن. ويرفض أشد الرفض أن يقال له: إن هؤلاء أعدتهم إيران - ومفتيهم ومرجعهم رجل الدين الفارسي الشعوبي كاظم الحائري - لقتل أهل السنة، وتهجيرهم من بغداد وبقية مدن العراق، وإن (معركة بغداد) القادمة ستكون مع هؤلاء الأوغاد. ومن قد يوافقك في بعض ما تذهب إليه، لكنه يتطير من التصريح بالحقيقة، فإذا خرج على الملأ صار يمدح كاذباً ويتزلف ويظهر خلاف ما يعتقد. ويسمي ذلك سياسة. الجديد في الأمر أن هؤلاء صاروا يخالفون (مذهبهم الترضوي) هذه الأيام، أي صاروا – طبقاً لمذهبهم القديم – (طائفيين)، (يؤججون الفتنة "النائمة") ألا في الفتنة سقطوا، يصرحون بأن مقتدى وجيشه يستهدفون أهل السنة! ولكن "بعد أن احترقت الشعيبة" كما يقولون. الأدهى أن بعض كبار القوم لا زالوا يصرون – وإلى هذه اللحظة - على أن هؤلاء القتلة هم من الخارجين عن سيطرة مقتدى! فحتى متى...؟! الأحد 9/7/2006.

[4] من المفارقات المسلية التي حصلت حينها أن مجموعة من الشيعة من مقلدي محمد صادق الصدر حضروا لأداء صلاة الجمعة في جامع "فتاح باشا" في مدينة البياع في بغداد، وحين انتهت الخطبة قام بعضهم للصلاة مع المصلين وتخلف البعض الآخر مكتفياً بسماع الخطبة فخاطبهم واحد من الفريق الأول شيخ كبير - الظاهر أنه لكبر سنه لا يعي خطورة ما يقول - بصريح العبارة : أما قال لنا السيد: صلوا معهم ثم أعيدوا صلاتكم في بيوتكم ؟ (!!).

1 على موقع (فيصل نور) تجد المدعو معد، ابن المرجع الشيعي بشير الباكستاني، وهو يسرد القصة الكاملة لمقتل عبد المجيد الخوئي كيف يعبر عن فرحته بيوم سقوط بغداد تحت أقدام المحتل ويقول: (الأحداث جرت يوم العاشر من (نيسان) أبريل. وهو اليوم ذاته الذي سقطت فيه بغداد، وتهدمت فيه تماثيل صدام. اليوم الذي كنا ننتظره منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاماً). انظر كيف يربط بين سقوط بغداد، وتهديم التماثيل، ولا يذكر من أحداث اليوم الذي كان ينتظره طيلة هذا الوقت، غير هذين الأمرين!!! ثم انظر إلى فرحة الخوئي التي كانت تتطاير من عينيه، وتشغله حتى عن طعام الإفطار! يقول معد هذا: (كان الخوئي يبدو على عجلة من أمره في ذلك الصباح، حتى إنه قطع فطورنا الصباحي. وكانت علامات السعادة تتوهج في عينيه رغم التعب الذي كنا نعاني منه منذ أكثر من أسبوعين، وهو يقول: "ليس هناك وقت للفطور اليوم، يلله". وفي السيارة التي كان يقودها بنفسه كان يردد قائلاً "نحن في العراق، نحن في النجف، وصدام ولى بغير رجعة"). المهم أنه في النجف، وصدام ولى. أما العراق فليذهب إلى الجحيم. هذا لا يهم!!!

[6]اسمه عماد شامخ. علمت بعد الانتهاء من كتابة هذه الأوراق أن عماد قد أُطلق سراحه. وقد التقيته بعد أيام فأخبرني أن القوات الأسبانية كانت تطارد أتباع مقتدى الصدر، وقبل أن تصل إلى حي (الحنانة) في النجف، الذي يقع فيه المعتقل، وهو عبارة عن سرداب تحت الأرض، اضطر أتباع مقتدى قبل هروبهم تجنباً للفضيحة إلى فتح باب السجن وإخراج المعتقلين منه. وجلهم أو كلهم من أهل السنة الذين اختطفتهم زمر مقتدى من عدة محافظات في الجنوب.

2 اسمه فاضل.

3 منهم "أبو زينب محمد جاسم محمد" ، والعميد في الجيش العراقي السابق "نجم عبد الله السبتي".

1هو الدكتور عواد عباس الحردان.

[10] هو الشيخ سفر أحمد الحمداني.

[11] وهو الشيخ عداي موسى. من أصحاب خط "التشيع العربي" المعتدل. جماعة قام بتأسيسها الشهيد السيد محمد اسكندر الياسري رحمه الله الذي اغتاله الروافض عند توجهه لأداء صلاة الجمعة سـنة 2000 بسبب اعتداله ودعوته التصحيحية. وقد خلفه في المحافظة الشيخ عداي، لكنه اضطر إلى مغادرتها بعد الاحتلال حفاظاً على حياته التي تعرضت للخطر. واستولى الروافض الغلاة على الحسينية والجامع وأثاث بيته. والأسماء المذكورة بعده إما شيعة من خطه، وإما سنة كانوا شيعة فتسننوا. هذه جريمتهم !!   

[12] وهو الشيخ محمد عبد الخالدي، من سكنة الديوانية.

[13] وهو الشيخ علي ساجت، من سكنة الديوانية.

4 مهدي هادي.

5 رياض محمد. جرت له محاولة اغتيال سابقة في عام 1997 داخل الحسينية بعد أداء صلاة الفجر وخلو الحسينية من المصلين، نقل على أثرها إلى المستشفى، وعولج وشفي.

6مثل: رائد عبد العباس، وقد جرت له محاولة اغتيال نجا منها بطلقة في فخذه. وسلمان كويت وأخوته. وعباس علي عبيس.

1 بقيادة الشيخ خيري خضر إمام وخطيب الجامع الكبير. وقد استولت زمرة مقتدى على المسجدين بعد تفجير مرقدي سامراء يوم 22/2/2006 !

[18] هو الشيخ ستار حميد السعيدي. وكانوا قد تآمروا عليه في عهد النظام السابق فأدخل سجن "الحاكمية" التابع لجهاز المخابرات ومكث فيه تسعة أشهر بتهمة التهجم على الرئيس. ثم أفرج عنه بعد جهود ووساطات كثيرة.

3 الشيخ فالح إبراهيم التكريتي. وهو رجل ضرير. وقد حاولوا اختطافه مع شيخ آخر لأهل السنة في المحافظة هو محمد فاتح. لكنه سلم هارباً مع ابنه الذي كان يقوده في الأزقة والطرقات الملتوية. بينما أحاطوا بالشيخ الآخر ووضعوه في سيارة واقتادوه معصوب العين إلى مبنى المحافظة.

4 هو الأخ الفاضل إبراهيم عباس (أبو بلال).

[21] هو الشيخ حسن علوان السلطاني (أبو خالد). يسكن ناحية المدحتية (الحمزة الغربي) الواقعة على بعد 30 كم جنوبي شرقي الحلة. وهو رجل عروبي مشبع بالغيرة العربية الأصيلة. وقد هداه حبه الفطري للعرب إلى إدراك مؤامرات العجم، والربط بينهم وبين ما كان عليه من التشيع الفارسي فنبذ التشيع وصار سنياً يدعو في أوساط عشيرته إلى السنة. وممن تأثر بهم في تأريخ تحوله التلقائي من التشيع الفارسي إلى مذهب أهل السنة والجماعة عالم شيعي من أصحاب التشيع العربي يدعى السيد محمد حسن السعبري من خريجي الحوزة، وهو كذلك شاعر معروف. من أشعاره التي تدل على فهمه العميق للمؤامرة الفارسية قوله :
 

إنَّ في الطاقِ المُذَهَّبْ

 

وكذا الرأسِ المخضبْ

والثيابِ السـودِ حزناً
      

 

نُذُرَ الفرسِ ليعـربْ!

 
وقد فُقد هذا الرجل أيام الحركة الشيعية الغوغائية العميلة سنة 1991 في ظروف غامضة رحمه الله . والراجح أنه اغتيل من قبل الروافض ، كما اغتيل إبانها العديد من دعاة الحق و(الذين يأمرون بالقسط من الناس) .

1 مثل الأخ الفاضل الحاج عبد الغني عبود الخفاجي (أبو إحسان). وقد اعتقل مرتين. أطلقوا سراحه في المرة الأولى، ثم عادوا واعتقلوه بعد ثلاثة أيام فقط! خرج بعدها من المعتقل بأعجوبة ليغادر المنطقة في اليوم نفسه. وهم الآن يبحثون عنه جادين ليعيدوه إلى المعتقل بتهمة جديدة كما فعلوا معه في المرة السابقة. وقد اعتقلوا هذه المرة ابن أخته أملاً في أن يدلهم عليه. ولما يئسوا منه أطلقوه. كما حاولوا في السياق نفسه اعتقال شخص آخر قريب له لكنه أفلت منهم!! والمهزلة لم تنته بعد!!!

2 مثل الأخ الفاضل صلاح الدين مهدي وأخوته من حي الإمام، وقد فجروا محله بعبوة ناسفة. كما وضعوا عبوة لم تنفجر في مدخل دار الأخ العقيد يوسف الطرفة الربيعي، لكنه أصر على البقاء.

3 مثل الأخ الشهيد عصام عبد الأمير رحمه الله من قضاء (المحاويل). ومثل الأخ الفاضل الدكتور عبد الرزاق مرموص المعموري من قرية (الخاتونية) في قضاء (المحاويل). وهو طبيب عسكري. كان قد اعتقل عام 1997. وبقي في معتقل الاستخبارات العسكرية في الكاظمية في بغداد ستة أشهر بسبب مؤامرة شيعية. وقد اعتقله الحزبيون الشيعة بعد خروجه من بيتي في قرية (البوعلوان) المقابلة لقريته. وكان قد حضر ليلتها محاضرة لي في جامع (أهل البيت) الذي كنت إماماً وخطيباً فيه، ثم جلس عندي ساعة مع اثنين من أصدقائه. خرج بعدها، وقد أخذ شريط المحاضرة وبعض الكتب. فاعتقلهم أولئك الحزبيون بتهمة "الوهابية" وصادروا الكتب والشريط. وبعد الاحتلال صاروا يطارَدون من قبل جهاز الأمن الشيعي في المحافظة بالتهمة نفسها (الوهابية) !! وقد حدثني الدكتور عبد الرزاق أنه هوجم أكثر من مرة في المستشفى الذي يعمل فيه في الحلة من قبل أشخاص يحملون السكاكين وفي كل مرة يتخلص منهم بالهرب! ثم اضطر للانتقال للعمل في محافظة أخرى سنية! هذا وشعار (إخـوان سنة وشيعة - وهذا الوطن ما انبيعه) وشعار (السنة والشيعة إخوان - كالحسن والحسين) و (من الفلوجة للكوفة - هذا الوطن ما انعوفه) !! وغيرها من الشعارات، لا زالت ترنّ.. وتطنّ!!!

[25] وقد انتشر هذا الخطاب حينها في أوساطنا، وتداوله الناس فيما بينهم. ووصلتني نسخة منه. كما نشر على موقع مفكرة الإسلام. حسب ما جاء في مجلة البيان العدد196 ص66.

1يدعى سعدون محسن ضمد.

[27] إذا كان من استتر بسرداب أو حفرة بضعة أشهر يسمى في عرفكم (جرذاً) فماذا تسمون بربكم من لا زال مستتراً في حفرته وسردابه ألفاً ومائتي عام ولا من أحد يطلبه أو يبحث عنه لا أمريكا ولا غيرها ؟!.

[28] تأمل كلمة (استرجاعنا) تكشف لك الكثير من عقائدهم وخباياهم وأحكامهم الحاقدة فينا! ولا أدري متى استولينا على مساجدهم؟ وكيف؟ حتى تصح تلك الدعوى الكاذبة التي ادعاها! هذه هي أعراض الهُذاء الاضطهادي (البارانويا)، عافاك الله.

1جريدة الحوزة الناطقة ، العدد 35  ، 29 ذي القعدة 1424/ 22 كانون الثاني 2004.

[30] العدد الحادي والأربعون 19 محرم 1425 / 11 آذار 2004 .

[31] ماذا أبقيتم من (السنة المعتدلين الشرفاء)؟! وقد أخرجتم دوائرهم الجامعة الثلاث عن الخط: السلفيين (يهود الأمة على حد قولك)، والحزب الإسلامي الذي نعتموه بـ(الحزب السفياني)، وهيئة علماء المسلمين التي أسميتموها بـ(هياة علماء المنافقين)، يا منافقون !.

[32] لقد تآمر اليهود بالتعاون مع الفرس بقيادة ابن أختهم كورش على العراق فدمروا دولته عام 539 ق.م. ، وأعاد التأريخ نفسه عام 2003 ب.م. فتآمر اليهود مع الفرس من جديد على العراق فدمروا دولته ولكن بقيادة أمريكا. والآن هل تستطيع أن تجيب على هذا السؤال المحرج : من هم يا ترى يهود الأمة ؟

[33] هذا هو ديدنكم على الدوام. وهذا هو حكم القدر فيكم: جواسيس بفتوى من المرجعية! ولطالما امتهنتم هذا العمل الخسيس أيام النظام السابق.

[34] بل ابشر بما يسوؤك !! والأيام بيننا .

[35] أيليق هذا الكلام بتيجان رؤوس العرب ؟!
       

أولئكَ أعمامي فجئني بمثلِهمْ

 

إذا جمعتْنا يا خسيسُ المجامعُ !

([36]) في ظلال القرآن ص 1105 ـ 1107 سيد قطب / المجلد الثاني ـ الطبعة الشرعية السابعة عشرة 1412 هـ ـ 1992 م ـ دار الشروق.


بقية الكتاب مع الوثائق في المرفق ..

عدد مرات القراءة:
1060
إرسال لصديق طباعة
 
اسمك :  
نص التعليق :