الكاتب : جاسم الجبوري ..
هل تحول العراق لدولة طائفية .. ظل هذا السؤال يسيطر على أذهان الكثير من المحللين السياسيين منذ اعتلاء إبراهيم الاشيقر الجعفري كرسي رئاسة الوزراء ، وقد سعى الاحتلال لمخاطبة ود كل طائفة دينية وعرقية على حساب الآخرين لضمان القبول به والتمكين له، وبالمقابل كان النفي هو الرد العلني المتكرر على هذا السؤال من جانب القوى العراقية كافة رغم المخاوف التي في الصدور.
فالقوى العراقية الوطنية ومنذ 8 كانون الأول 2004 تحديدا , عملت على كشف مخططات المحتلين الأمريكيين ومن عاونهم في تلك الفترة من البريطانيين ومن لحق بهم من دول العالم , هذه المخططات التي كان جوهرها زرع بذور الفتنة الطائفية والتقسيم ألاثني والعرقي , وبما يخدم مصالحها أولا وأخيرا , فبعد أن كان العراق موحدا من شماله إلى جنوبه , ومتماسك اجتماعيا , أصبح اليوم حاله متشرذما وفق مطالبة الائتلاف الشيعي لفدرالية الوسط والجنوب . والشعب الواحد المتصاهر قتل بعضه بعضا .
واخذ هذا الاتجاه بتخطيط مدبر لإعادة هيكلة كافة التشكيلات الأمنية بصورة خاصة , ومن ثم الوزارات والدوائر الحكومية , وبما يتلائم مع ما هو مخطط له , ومع إمكانية تطبيقه من خلال التقسيمات الطائفية والعرقية .
هذه المخططات امتدت لتشمل محاولات المحتلين ومن عاونهم ممن جاء على ظهر الدبابات , إلى سلخ العراق من جسده العربي وإضعاف انتمائه القومي للأمة العربية.
هذه المخططات التي رسمت بحرفية عالية وخطط لها سرا وعلنا في واشنطن ولندن وحتى في طهران , أعطت ثمارها , وكانت الثمرة الأولى هي باستمالة الشيعة والأكراد إليهم , وتقسيم مجلس الحكم وجعل أغلبية المقاعد للشيعة , وبعدهم الأكراد , ومن ثم أعطوا الفتات من المناصب إلى السنة لإشعارهم بالتهميش ومن ثم تبدأ مرحلة الانشقاق الداخلي ومن ثم الفتنة وبعدها التشبث بمفهوم الطائفية المقيتة وبعدها جاء الاقتتال الطائفي , وحرق مساجد السنة وقتل العلماء والخطاب والرجال والشباب ..
لقد بدا التخطيط لسلخ العراق من انتمائه العروبي بشكل خاص , ورميه في أحضان حكومة الملالي في طهران , وتقديمه على طبق من ذهب , في محاولة من المحتلين لإنهاء حركة المقاومة , التي هي بالأصل عربية سنية خالصة , فنرى إن الطائفية كانت بين العرب فقط ( سنة وشيعة ) وأبقى المحتلين بقية مكونات البلاد السكانية على الرف , فالأكراد لم تشملهم مخططات الحرب الطائفية من اجل أن يبقوا أقوياء في معادلة العراق المقسم ..
إن أولى خطوات تطبيق الواقع الطائفي في العراق بدأت كما قلنا مع إعلان تشكيلة مجلس الحكم , وما حمله من غبن لأهل السنة , وهو ما انعكس سلبا على مشاركتهم في انتخابات كانون الثاني 2004 , حيث قاطعها السنة العرب , وهو ما استغله المحتلين ومعاونيهم من القادة الشيعية وحتى الأكراد .
وبعد أن فاز الشيعة والاك رد بأغلبية المقاعد , وأعطوا مناصب شرفية لبعض المحسوبين على السنة لتجميل صورتهم , وإشعار دول العالم بان الانتخابات كانت نزيهة , بدأ الترويج لما يسمى بالأغلبية السكانية الشيعية , وان السنة هم الأقلية , وهذه الأفكار لها مدلولات خطيرة على المستوى القريب والبعيد .
الخطوة الثانية لتطبيق ما رسمه الاحتلال الأمريكي والبريطاني من جهة , وما رسمه حكومة الملالي لجعل العراق شيعيا قلبا وقالبا , كانت بانتخابات عام 2005 , وما رافقها من عمليات تزوير منظمة قام بها قادة الائتلاف الشيعي , طبعا بموافقة ومباركة من الأميركيين الذين غضوا الطرف عن عشرات الشاحنات التي دخلت من إيران والتي تحمل استمارات الانتخابات.
إن التزوير بالانتخابات دفع الائتلاف الشيعي لسدة الحكم , وجعل الأكراد ثانيا , والعرب السنة ثالثا , وكان الأمريكيون يقولون للسنة , هذا التطبيق الحرفي لما تم الاتفاق عليه في مؤتمر لندن للقوى المعارضة لنظام صدام حسين .
حيث أن هذا المؤتمر ضم الأحزاب الشيعية والكردية , وتم إبعاد السنة الممثلين بالحزب الإسلامي آنذاك
فالقضية اكبر من إنهاء نظام صدام حسين وتغييره , بل الأمر اكبر حتى من احتلال بلد , القضية هي قضية تفتيت بلد وتقسيمه إلى دويلات , كردية في الشمال , وسنية في الوسط , وشيعية في الجنوب .
إن تمكن الشيعة من حكم العراق له مدلولان قويان , أولهما يعني تزايد المد الشيعي الصفوي القادم من إيران باتجاه المنطقة العربية عموما والعراق بصفة خاصة , وتمثيله بحكومة صفوية تابعة لطهران , والثاني القضاء على أهل السنة في العراق , والانتقام منهم بعد ان أذاقوهم طعم الذل والخسران في حرب امتدت ثمان أعوام .
وكان لابد من إيجاد من ينفذ هذه المخططات , وبعد إن مهد الطريق لاعتلاء الشيعة كرسي الحكم , برز إلى الواجهة إبراهيم الاشيقر , الذي كان وبحسب مقربين له , يقرأ في (المأتم الحسينية) في لندن طوال إقامته هناك إلى جانب عمله في الطب , والذي يعتبر أشدهم كرها للعرب السنة , وأدقهم تنفيذا لمخططاتهم في تقسيم العراق وإشعال الحرب الفتنة الطائفية .
وصدقت تنبؤات المحتلين أولا وحكومة الملالي ثانيا , فلم يتجاوز الأشهر القليلة حتى فجر المرقدين العسكريين في سامراء , وبدأت معها أولى خطوات الحرب الطائفية المنظمة , فالقتل أصبح على الهوية , ومساجد أهل السنة تحرق على من فيها من المصلين , والشباب والرجال من أهل السنة يعذبون ويقتلون , خصوصا من كان اسمه عمر وبكر وفاروق وعثمان ومعاوية ومروان .. وغيرها من الأسماء ..
هنا برز دور إبراهيم الاشيقر , فالميليشيات المسعورة التي نفذت هذه المخططات , كان يلزمها الدعم المادي والمعنوي لتنفيذ ما رسم لها , وقد سخر لها ميزانية العراق بأكمله , من شراء الأسلحة التي يقتل بها أبناء السنة وعلمائهم وخطبائهم وحرق مساجدهم , وتزويدهم بأحدث السيارات التابعة لأجهزة الشرطة والجيش , وإعطائهم الصفة القانونية باعتبارهم من إفراد هذه الأجهزة .
الجعفري ... الطائفي عقيدة , الصفوي ولاءا
لقد بدأ مشروع القتل والتهجير والتعذيب والخطف في العراق في عهد إبراهيم الاشيقر ، والذي مارسته حكومته الطائفية في العراق، وبتعاون معلن مع إيران، وكذلك مع مخابرات دولية وإقليمية، قدّم العراق ومع سبق الإصرار على أنه النموذج السيئ والفاشل سياسيا، من خلال الإصرار على البرامج الفاشلة والمخزية، وتقديمه على أنه البلد الفاشل اجتماعيا من خلال إجبار أربعة ملايين عراقي على الهجرة، ومن خلال الأساليب الوحشية من خلال استخدام القوة والتخويف والرعب، ودس الآلاف من المجرمين والساقطين والساقطات أخلاقيا وعائليا كي يُقدم العراق والعراقيين على أنهم شعب بهذا المستوى الرديء.
لقد بدأت الطائفية في عهد الاشيقر ، وتفنن هو ومعاونيه الذي يقف في مقدمتهم بيان صولاغ وزير داخليته وسعدون الدليمي وزير دفاعه , ومن يقف خلفهم من الميليشيات المدعومة من إيران , ماديا ومعنويا , بل وحتى بالإفراد والمعدات , الذين تفننوا بتعذيب الشعب العراقي، وتفننوا باجتثاث الكفاءات العراقية من علماء وباحثين ،ومهندسين وأساتذة جامعات، وضباط وقادة وطيارين ورجال دين عرب عروبيين ووطنيين، وقادة سياسيين ووجهاء وطنيين، والهدف هو اجتثاث المنافسين ، واجتثاث الذين مهمتهم توعية الناس عن مخاطر هؤلاء الحكام، ومشاريعهم المستوردة.
لقد نفذ الاشيقر ووزرائه الأمنيين , المخططات الصفوية في العراق بكل حذافيرها , فلم يبق عالم وباحث وأكاديمي إلا وقتلوه أو حاولوا قتله , ولم يبق طيار من الذين شاركوا في الحرب العراقية الإيرانية إلى قتلوه , بل ذهبوا ابعد من ذلك ورتبوا لحادثة جسر الأئمة الشهير , ليزيد من الاحتقان الطائفي في بغداد خصوصا .
الحدث الأبرز الذي شهدته سياسة الجعفري وصولاغ الأمنية , تفجير المرقدين العسكريين في سامراء وما حصل بعدها من إشعال لنار الفتنة الطائفية التي راح ضحيتها مئات الآلاف من أبناء السنة المغدورين على أيدي ميليشيات مقتدى .
لقد عمل الجعفري وبكل دقة وحرفية على تنفيذ المخطط الصفوي في العراق , والمتمثل بقتل أهل السنة , من خلال جعل ميليشيات مقتدى القوة الأولى في الأجهزة الأمنية , وفسح المجال إمامهم في ارتكاب جرائمهم من قتل وتهجير وتشريد .
فالجعفري هو من أعطى لجيش مقتدى الأسلحة التي كان يشتريها بأموال النفط العراقي من إيران وأمدهم بالأموال وبسيارات الشرطة والجيش , وبكل الوسائل لكي يتيسر لهم قتل السنة .
ولا ننسى ما عمله مجرمو مقتدى في أهل السنة في مناطق الحرية والشعلة ومدينة الصدر المنورة. وبالحسينية وبمنطقة حي العامل والبياع والشرطة الرابعة والتراث وأبو دشير والقائمة تطول .
فقادة ميليشيات مقتدى كانوا صفويين تابعين لفيلق القدس , والأسلحة إيرانية , والقتلة المنفذين, والضحية من خيرة شباب أهل السنة ومن خير علمائها ورجالها وضباطها وطياريها وأئمتها وخطبائه.
لقد برز دور المحتل في هذه الفترة من خلال غض النظر عن الإعمال الإجرامية التي قامت بها ميليشيات مقتدى , بل وصل الأمر إلى مساعدتهم والاستعانة بهم وتقديم المساعدة لهم ماديا ومعنويا, ولم تشمل تغذية الفتنة الطائفية والعقائدية للميليشيات داخل الأحياء السكنية فقط , بل تجاوزه ليشمل حتى الوزارات ودوائر الدولة , وهناك مثلا بسيطا لما تم في جامعة بغداد , حيث إن اغلب الكفاءات العلمية السنية والتي كانت تتقلد مناصب الإدارة فيها , هربت خوفا من القتل على أيدي الميليشيات , ما أدى إلى بروز طبقة المدراء من السادة , فلم نعد نلحظ الدكتور الفلاني بل بتنا نلاحظ السيد الفلاني مديرا للأقسام والدوائر .
وهنا لابد من الإشارة إلى إن غياب سلطة الدولة العادلة في العراق في عهد الاشيقر, جعل العراق مرتعا خصبا لمخابرات الدول المجاورة وحتى الإقليمية , خصوصا فيلق القدس الإيراني والموساد الإسرائيلي , لتنفذ أجندتها ضد العلماء والمفكرين وضباط الجيش والطيارين وغيرهم كثير ,فالحصيلة تشير إلى قتل ألاف العلماء والمفكرين العراقيين وأساتذة الجامعات ومئات الضباط الذين شاركوا في الحرب العراقية الإيرانية ومئات أخرى من الطيارين.
إن الذي حصل في العراق في عهد إبراهيم الاشيقر , لم يحدث في تاريخ العراق منذ بدا الخليقة , حتى البرامكة والبويهيين على الرغم مما فعلوه بأهل السنة فانه لم يصل إلى ما وصل إليه الحال في عهد الاشيقر .
لقد عمل الاشيقر على جعل العراق دولة شيعية تابعة لحكومة الملالي في طهران , فكرا وعقيدة , قلبا وقالبا , فالوزارات الأمنية يديرها ضباط إيرانيين , مهمتهم الأولى هي القضاء على أهل السنة , وسجن ملجأ الجادرية ليس ببعيد .
لقد عمل الاشيقر خلال فترة ترأسه الحكومة العراقية , على إطلاق يد العناصر الإيرانية في الأجهزة الأمنية خصوصا , وبقية الوزارات الخدمية وحتى البحثية والتعليمية , وكيف لا وهو إيراني عقيدة وفكرا , والسنوات العشرين التي قضاها في أحضان حكومة الملالي أتت أكلها , وجاء اليوم الذي يرد فيه الدين لأسياده .
أولى خطوات الطائفية انتزاع منصب الرئيس من العرب
مع انتهاء فترة الحكم الدورية لأعضاء مجلس الحكم التسعة الذين حكموا العراق بصورة شهرية لشؤون العراق , تحت أنظار المحتلين طبعا , برزت أولى حكومة وسميت بالمؤقتة ترأسها إياد علاوي , وكان منصب الرئيس لغازي عجيل الياور , الياور وكما هو معروف سني من عشيرة شمر في محافظة نينوى .
إن اختيار الياور لرئاسة العراق , أثار حفيظة الشيعة في إيران أولا وتابعيهم في العراق ثانيا , وبدأت في هذه المرحلة عقد الاتفاقيات السرية والعلنية , بين الشيعة أنفسهم من جهة عندما ائتلفوا ضد السنة , والشيعة والأكراد من جهة أخرى , فالحكم السابق كان يمثله حسب رأيهم السنة , رغم ما عانوه السنة من حكم النظام السابق , متناسين إن ثلثا المطلوبين للأمريكيين من ضمن قائمة الخمسينات , هم من الشيعة ..
ومما ساعد في تنفيذ هذه المخططات ،عدم دخول السنة لانتخابات 2005 , وهو ما أدى إلى بروز الشيعة كأغلبية في العراق ومعهم الأكراد , وجعلهم يحصلون على الأغلبية في الجمعية الوطنية آنذاك , فتغير الياور بالرئيس جلال طالباني مع نائب أول شيعي هو عادل عبد المهدي , ونائب ثاني هو غازي الياور .
وذهب المنصب المهم وهو رئاسة الحكومة إلى الشيعة وبحسب ما هو مخطط له في طهران , وبرز هنا اسم إبراهيم الاشيقر الذي وصل إلى كرسي الرئاسة بصفقة مشبوهة مع التيار الصدري , وانكشفت هذه الصفقة بمجرد تولي الجعفري منصبه , مع سيطرة ميليشيات مقتدى على مفاصل الأجهزة الأمنية , وحتى مفاصل الوزارات الأخرى , وتاريخ وزارة الصحة الأسود ليس ببعيد عن هذا المقام .
في هذه الفترة عمل الشيعة على تجميل وجههم فأعطوا منصب رئاسة الجمعية الوطنية لحاجم الحسني , وهو تركماني سني , كان عضوا في الحزب الإسلامي العراقي , وعند ما طالبه الحزب بعدم قبول المنصب انسحب من الحزب .
وهو ما بقي عليه الحال فيما بعد من إن منصب رئاسة البرلمان قد آل إلى السنة , وهذا التقسيم يشبه تقسيم الحكم في لبنان .
كما إن التشكيلة الوزارية همشت دور السنة أيضا فأغلبية الوزارات ذهبت للشيعة , والأغلبية الأخرى إلى الأكراد , وفتات الوزارات ذهبت إلى من يحسبون إلى السنة , وخصوصا الوزارات الأمنية والسيادية .
هذه التقسيمات السياسية انعكست على المناصب الاقتصادية والقضائية والعسكرية التي ذهب أغلبها بالفعل لقادة عسكريين شيعة .
في هذه الإثناء برز دور المقاومة وخصوصا في المناطق السنية , على اعتبار إن الشيعة ليس لديهم رأي أو حجة أو دليل على وجوب الجهاد , وهو ما أكده في وقت لاحق فتوى السيستاني من عدم جواز مقاومة المحتلين.
وحسب ما هو معلوم إن المقاومة محسوبة على السنة , وهو من نعم الله , فقد أخذت حكومة الاشيقر عراقية الاسم , الإيرانية التبعية , بملاحقة رجال المقاومة والتنكيل بهم , من خلال مداهمة المناطق السنية واعتقال الشباب والرجال من لهم علاقة برجال المقاومة خصوصا والتنكيل بهم وتعذيبهم وقتلهم , فكان رد الفعل بالمثل ولتبدأ خطوات القتل المتبادل والحرب الطائفية تحت أقوى المسميات و أكبرها .
فيلق بدر وجيش المهدي اليد الضاربة للجعفري ضد السنة
لقد اعتمد الاشيقر في تثبيت أركان حكمه , والحيلولة دون استمرار المقاومة ضد الاحتلال , بأكبر فصيلين شيعيين كلاهما يمتاز عن الأخر , بمدى تبعيته لحكومة الملالي , الأول فيلق برئاسة هادي العامري , الذي تشكل في أحضان الخميني عام 1980 وتربى وكبر في أحضان خامنئي ورفسنجاني , وبقيادة باقر الحكيم و أخيه عبد العزيز .
وكان عماد هذا الفيلق الهاربين من الخدمة العسكرية أو المحكومين بتهمة التجسس لصالح حكومة الملالي , والأسرى العراقيين في الحرب مع إيران فيما بعد , واقصد فيما بعد لان باقر وعبد العزيز الحكيم عملا على ضم اكبر عدد ممكن من الأسرى العراقيين لفيلقهم بالقوة وبالتهديد بالقتل أو بالتعذيب , وهو ما أطلق عليهم بالتوابين .
هذا الفيلق تربى وكبر وشرب من مياه بلاد فارس الآسنة , والممتلئة حقدا على العرب عموما وعلى العراقيين السنة خصوصا , وعلى كل من قاتل ضد الإخوة الأعداء .
يروي لي احد الطيارين الذي كان في براثن الأسر في طهران , وهو ربيعي من أهالي الكوفة , يقول لي ذات يوم أتاني باقر الحكيم وطلب مني إن انضم إلى فيلق بدر من اجل تحرير العراق من البعثية ومن صدام حسين , فقال له إنا ارفض لأني أفكر في العودة إلى بلدي أولا والى أهلي وعائلتي وأولادي وزوجتي , فغضب منه باقر الحكيم وتوعد به شرا , فيقول مرت أكثر من عشرة أيام وأصدقائي في قاعة السجن يتناوبون على حمايتي خوفا من إن يرسل احد ما ليقتلني , بعدها علم باقر الحكيم بان أصدقائي يتناوبون على حراستي فتركني.
لقد اعتم الاشيقر على فيلق بدر في تصفية العلماء السنة و الأكاديميين وأساتذة الجامعات , والأطباء بمختلف الاختصاصات , وأئمة وخطباء المساجد وشباب أهل السنة ورجالها , وضباط الجيش والطيارين وكل ما يمت بصلة إلى أهل السنة أو من قاتل في الحرب العراقية الإيرانية .
أما الثاني فهو جيش المهدي أو جيش مقتدى , الذي نشأ في عام 2003 في مدينة النجف تحت شعارات واهية أعظمها انه جيش عقائدي سيبقى إلى أن يظهر مهديهم المنتظر الذي يغيب في سراديب سامراء .
ومع تفجير مرقدي العسكريين في سامراء , بدأت ميليشيات مقتدى تنفيذ ما هو مرسوم لها , وبمعاونة أجهزة وزارة الداخلية والدفاع , وبأسلحة وهويات وملابس رسمية وبتخطيط من ضباط فيلق القدس الصفوي , فبدأت أولا بحرق المساجد , وعندما تم الاحتجاج من أهل السنة , أجاب قادة الشيعة المتطرفين بأنها رد فعل شعبي .
خصوصا عبد العزيز الحكيم وهادي العامري وموفق الربيعي ومقتدى الصدر , ومن بعدهم أسيادهم الأمريكيين الذين فسحوا المجال لهم ..
رد فعل شعبي لحرق بيوت الله وقتل المصلين , مر عجيب حقا ..
بعدها استمر رد الفعل الشعبي , واخذ جيش المهدي بعرض مسلسله الدموي على أهل السنة , فالدماء استبيحت , والإعراض انتهكت , والشباب والرجال عذبوا وقتلوا , أبشع تعذيب وأشنع قتل , وليس بغريب ما قام به جيش المهدي ضد أهل السنة , فأجدادهم البويهيين عندما استحلوا العراق , فعلوا نفس الشيء , فالمساجد أغلقت وسب الصحابة أصبح امرأ واقعا ومعتادا , وقتلوا الأئمة والخطباء , وعذبوا أهل السنة وقتلوهم بأبشع طريقة , فكانوا يضعون أيدي الرجل على إذنيه بطريقة التكبير ويضربونه بمسمار من جهة اليسرى فيخرج من الجهة اليمنى , وهذا مثبت في كتب التاريخ . ومنعت صلاة الجمعة لعدة أشهر تجاوزت الله اعلم الستين جمعة
واستمرت ميليشيات مقتدى بالتنكيل بأهل السنة واشتركت بكل قوة مع القوات الحكومية والأمريكية المحتلة في مقاتلة المقاومة العراقية , أو حصارها للمدن سواء كان في الرمادي أو في ديالى أو في سمراء أو في تلعفر ,وهذا كله موثق وليس ببعيد تسجيل لمقتدى قائد جيش المهدي عندما أمر بإدخال عناصر ميليشياته إلى مدينة تلعفر وهم يرتدون ملابس الشرطة والجيش , أو داخل مدينة بغداد , في مناطق الدورة والغزالية والعامرية وحي العدل .
إن حكومة الاشيقر أثبتت وبكل فخر طائفيتها المقيتة , النابعة من الكره الأعمى لقادة الرافضة , ومن يدعمهم في حكومة الملالي .
الدور الإيراني المشبوه
بالعودة إلى القرار الذي اتخذه جورج بوش الابن , بشن الحرب على العراق وإسقاط نظام صدام حسين , فانه اعتمد وكما هو معلوم على ما قدمه خادمهم الأكبر احمد الجلبي الذي أعطى معلومات كاذبة وخاوية وملفقة عن ترسانة العراق النووية , والعسكرية وما يملكه من أسلحة متطورة .
وبصورة وأخرى ظنت قوات الاحتلال إن إطلاق يد الشيعة المدعومين ماديا ومعنويا من إيران , سينهي بطريقة وأخرى المقاومة العراقية, لكنه وكما يقال انقلب السحر على الساحر , حتى باتت حكومة الملالي هي المتحكم الأول والأخير بالملف الأمني في العراق , واكبر دليل المباحثات التي أجراها الجانبان في بغداد , من اجل بسط الأمن والاستقرار .. وهذا اعتراف ضمني بان يد الإيرانيين هي الطولى في اللعب بملف الأمن , ولا ننسى الخدمات الجليلة التي قدمتها حكومة الاشيقر في هذا المجال ..
هذا في الملف الأمني أما بخصوص الملف السياسي , فإننا نرى إن السياسة العراقية أصبحت استنساخ حي لكل قرارات حكومة الملالي , ولا يستطيع أي مسئول اتخاذ أي قرار إلا بعد السفر أو مخاطبة أسياده في طهران , وليس ببعيد عد الزيارات التي قام بها الجعفري لطهران , ولمواقفه لمشرفة مع الإيرانيين الذين قبض عليهم وهم يدخلون المتفجرات والمخدرات إلى داخل الأراضي العراقية , كما لا يفوتني إن اذكر في هذا المقام مطالبة رئيس الائتلاف وهو عبد العزيز الحكيم الذي طالب بدفع مئة مليار دولار لأسياده حكومة الملالي ثمن لخسائرهم في الحرب مع العراق التي استمرت ثمان سنوات .
لقد أيقن المحتلون الأمريكيون عظم الخطأ والخطر الكبيرين اللذين نجما عن تخطيطهما الفاشل وغير الدقيق , عندما اعتمدوا على الحكام الشيعة لمدعومين من إيران , لأنهم وبكل بساطة فقدوا السيطرة عليهم , وأضحت حكومة الملالي متحكمة بزمام الأمور , أما الاشيقر وحكومته فإنهم ليسوا سوى دما مرتبطة بخيوط تتحرك من طهران .
وزير الدفاع سني بعقيدة الرافضة .. والداخلية شيعي رافضي فكرا وعقيدة
كثيرة هي الأمور التي ذكرناها والتي كشفت عمق التخندق الطائفي الذي عمل عليه الاشيقر وحكومته , إلا إن الأمر الذي كان أكثر إيلاما لأهل السنة , هو ذلك الوزير الذي حسب عليهم ومنهم , إلا إن التاريخ يأبى إلا أن يفضحهم , فهم أهل الإجرام , والحقد الدفين .
وللحقيقة أقول إن وزير الدفاع سعدون الدليمي هو من رجال فيلق بدر , وانضم مع التوابيين في طهران , وزوجته إيرانية من أصول فارسية .
فالآمر أصبح سيان وزير دفاع سني اللقب , رافضي العقيدة والفكر , لا يختلف عن رئيس حكومته بشيء إلا الانتماء الأصلي للعرق الشيعي ..
وعمل وزير الدفاع ما خطط له بكل حذافيره , بل زاد في خدماته من اجل عيون أسياده في طهران التي احتضنته وغذته بروح الكراهية والحقد على أهل السنة .
الم تكن مدينة الحرية ضمن قاطع وزارته عندما قتل أهل السنة وحرقت مساجدهم وعذب الشباب قبل الرجال , ومثل بالأئمة وخطباء المنابر , الم يهجر الآلاف من أبناء السنة وغوائلهم في ليلة ظلماء , هل ينسى التاريخ ما فعله الدليمي والاشيقر بأبناء الحرية والشعلة وحي العامل والبياع .
ومما يثير الضحك تحذير الدليمي في تلك الفترة , حذر بصورة تشوبها الضبابية والشكوك , حذر بصورة نداء بعدم استهداف مساجد السنة أو حسينيات الشيعة، وقال إن الوزارة أصدرت أمرا وزاريا يقضي بمنع أي عنصر من الجيش من انتهاك أو اقتحام أي من دور العبادة بالعراق مستقبلا سواء كانت مساجد أو حسينيات أو كنائس , وهو ما لم ينفذ على ارض الواقع ..
وهو ما فتح المجال لميليشيا مقتدى وبدر من أن يجعلوا حسينياتهم محاكم لأهل السنة يتم فيها الاستجواب ومن ثم التعذيب والقتل .
بالمقابل يقف وزير الداخلية بيان صولاغ الرافضي المتطرف , حيث يغض طرفه عن عمليات جنوده ضد السنة فيما يشبه الانتقام منهم .
لقد ارتكبت الأجهزة الأمنية في عهد صولاغ مئات الآلاف من جرائم القتل والاختطاف والتعذيب وهم يرتدون زي الشرطة المفروض بأنهم حماة الشعب والوطن .
فكانوا يداهمون بيوت أبناء السنة ليلا , ويعتقلون الشباب والرجال , وفي الصباح يجدونهم ملقون على جنبات الطرق أو في المزابل .
بل كانوا يخطفونهم من الشوارع في حملات أمنية مبرمجة على الشوارع والتجمعات الرئيسية , ولا ننسى حادثة السنك واللجنة الاولمبية , ودائرة البعثات .
جرائم وزير الداخلية الرافضي المتطرف بيان صولاغ
لم يمر وزير داخلية على العراق طوال فترة حكمه من 1921 وحتى اليوم , وزير داخلية طائفي مثل بيان صولاغ .
فطريقته التي اعتمد من خلالها على الميليشيات الشيعة ، وعلى رأسها فيلق بدر وميليشيا مقتدى ، تمثلت بالاغتيال والتهديد والتهجير التي طالت أئمة المساجد والعلماء السنة والأطباء والأساتذة والطيارين ، وكل قوى الشعب العراقي الرافضة للغزو، وقد تم تهديد وتهجير مئات الغوائل السنية من مساكنهم في محافظات الجنوب.
وفتح الطريق لهذه المليشيات للسيطرة على وزارة الداخلية بكل مفاصلها , من اجل تنفيذ مخططات أسياده في طهران, وسرعان ما بدأت التنفيذ لحرب طائفية ضد أهل السنّة ومساجدهم ومصليهم.
إن وزارة الداخلية العراقية ضالعة في الإرهاب والتعذيب وقتل الأبرياء في ظل أجهزة صولاغ، ومليشيات العامري، وفي ظل حكومة الاشيقر المتستر على فضائح السجون السرية في ملجأ الجادرية وفي أرجاء العراق، وهو المسئول الأول عن الجرائم التي طالت أئمة المساجد والعلماء، من تعذيب وتمثيل وتثقيب للرؤوس بالمثقب الكهربائي بأساليب لم تشهد لها البشرية مثيلاً.
إن سيطرة ميليشيا فيلق بدر على وزارة الداخلية ابتداءً من 12 –5 – 2005م ، وهو اليوم الذي تسلّم فيه صولاغ مهام وزارة الداخلية، حيث قام بإصدار أوامر بضم منظمة بدر الشيعية إلى الوزارة؛ حتى تكون جرائمها تحت ستار ومظلة القانون، في الوقت الذي أبعد فيه الضباط والقادة السنّة عن وزارة الداخلية.
ولعل أبشع الفضائح التي واجهت وزير الداخلية المتطرف هي جرائم التعذيب الوحشية التي ارتكِبت في سجن الجادرية.
وليست هذه هي المرة الأولي التي تُتهم فيها حكومة الاشيقر ، وتحديداً وزارة الداخلية، بإساءة معاملة المعتقلين في سجونها. وما أن شاع خبر هذه الفضيحة حتى أسرع الاشيقر بتشكيل لجنة خاصة للتحقيق في الحادث, كما سارع صولاغ بتشكيل لجنة خاصة لمتابعة القضية , ثم خروجه بعد أيام على شاشات التلفزة ليكذب هذه الحقائق , ويشير إلى إن سبع حالات فقط تم تعذيبهم وإنهم من الشيعة .
السفير الأمريكي حذر من تولي أشخاص طائفيين لوزارتي الدفاع والداخلية
السفير الأمريكي في بغداد زلماي خليل زاد فإنه واجه حملة عدائية شرسة في ذلك الوقت , شنتها ضده قوى وشخصيات سياسية شيعية.
حتى إن بعض الإخوة في المنطقة الخضراء قالوا لي مرة بان الائتلاف الشيعي يدعوا خليل زادة بابو عمر , لأنه اقرب إلى السنة من الشيعة .
وسبب هذه الحملة هي تصريحات خليل زاد الشهيرة عن رفض تولي أشخاص طائفيين لحقيبتي وزارتي الداخلية والدفاع، وحديثه عن جرائم ترتكبها مليشيات تابعة للداخلية، التي يتولاها بيان صولاغ.
مسئول دولي يفضح ميليشيات الشيعة
التصريح الأبرز في ذلك الوقت والذي كشف مسؤولية أجهزة الأمن في حكومة الاشيقر على قتل أهل السنة , ما صرح به جون بيس الرئيس السابق لبعثة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في العراق، حيث اتهم وبالحقائق فيلقَ بدر وميليشا مقتدى بالوقوف وراء مئات حالات الإعدامات في البلاد, موضحًا أن ضحايا الإعدامات يمثلون ثلاثة أرباع الضحايا الذين تتسلم دائرة الطب العدلي جثثهم كل أسبوع.
جون بيس أكد للعالم أن جثث معظم الضحايا تحمل أيضًا آثار تعذيب، وحمّل بيس فيلق بدر وميليشيا مقتدى مسؤولية هذه الإعدامات، وقال إن الأغلبية العظمى للجثث ظهرت عليها علامات تعذيب وحشي وإعدام ، والكثيرون رُبطت أيديهم وراء ظهورهم ، وتظهر على البعض آثار التعذيب ، مع كسور في مفاصل السيقان والأذرع من جراء استخدام المثاقب الكهربائية.
هذا المسئول الدولي، الذي هو بكل تأكيد لا سني ولا شيعي ، أكد أيضاً أن السجلات، المدعومة بالصور لهذه الانتهاكات الخطيرة، جاءت من معهد بغداد للطب العدلي، والتي سُلّمت إلى الأمم المتّحدة , وقال إن مشرحة بغداد تسلّمت أكثر من سبعمائة جثة في الشهر. وبلغت الأرقام الذروة في يوليو/تموز 2005 حيث بلغت 1100 جثة، الكثير منها تحمل آثار التعذيب.
وكشف هذا المسئول الدولي عن فرار فائق بكر مدير مشرحة بغداد، هارباً من العراق؛ خوفًا على حياته بعد كتابته تقارير تؤكد بأنّ أكثر من 7.000 شخص قتلوا من قِبل فرق الموت الشيعية في الأشهر الأخيرة.
الجنرال الأميركي جوزيف بيترسون، وهو أحد المسئولين عن تدريب العسكريين العراقيين آنذاك ، أكد ما قاله جون بيس , حيث أكد هو الآخر لصحيفة شيكاغو تريبيون إن هناك فرقة موت داخل وزارة الداخلية ، وهي مسئولة عن الكثير من جرائم القتل التي ارتكِبت في إنحاء العراق .
وأضاف الجنرال الأمريكي إن 22 من أفراد شرطة النجدة يرتدون زي قوات المغاوير أوقفوا في نهاية كانون الثاني 2005 شمال بغداد، بينما كانوا في طريقهم لتنفيذ عملية قتل رجل سني، وأن الوزارة عزلت أربعة من قادة ألوية الشرطة الخاصة بعد نشر الكثير من التقارير عما تقوم به وحداتهم من إساءات.
بعد اغتيالات علماء السنة وإغلاق مساجدهم , الحرب الطائفية في العراق.. بدأت رسميا
في أعقاب الاحتلال الأمريكي للعراق بدأت تتدفق قوات كبيرة من "فيلق بدر" الشيعي التابع للمجلس الأعلى من إيران على مدن جنوب العراق, وما خلقه تشكيل جيش مقتدى فيما بعد ، وما رافقها من دخول عناصر من الاستخبارات الإيرانية أيضا لجنوب العراق لضمان موضع قدم لإيران في مستقبل العراق الجديد في ظل الحديث عن أغلبية سكانية شيعية سيكون لها الغلبة على الحكم.
ورغم سيطرة بعض العناصر التي تكره سنة العراق من هذه الميليشيات الشيعية -لأنها تعتبرهم ضمن حكام العراق السابقين- على أجهزة الأمن والشرطة العراقية والجيش التي شكلتها قوات الاحتلال الأمريكية وأشرفت على تدريبها، ثم قيامها بمعاونة قوات الاحتلال في غاراتها على رجال المقاومة العراقية ، واقتحام عدة مدن سنية مثل الفلوجة، وقيامها بممارسات طائفية تصل لحد اقتحام مساجد السنة والعبث بها وتعليق صور زعماء الشيعة فيها.. رغم كل ذلك فقد كان من الواضح أن هناك حرصا رسميا من جانب قادة سنة العراق على عدم التطرق لهذه الأمور لعدم فتح الباب لفتنة طائفية.
وقد كشف مسئولون سنة كبار من أنهم تلقوا الكثير من شكاوى المواطنين حول ممارسات طائفية ، ولكنها أبت إظهارها حرصا على الوحدة الوطنية , حيث تعرضت العائلات السنية في عدة قرى لـ"حملات التهجير أو الترحيل القسري التي تمارسها المليشيات الطائفية التابعة لبعض الأحزاب التي تتلقى أوامرها من إيران , وأن هناك أيضا سجونا ومعتقلات أنشأتها هذه الأحزاب في بعض المحافظات الجنوبية ، ومنها سجن الكوت في محافظة واسط الذي يوصف ببشاعته، وتشرف عليه عناصر مخابرات إيرانية ، ومعتقلات في بعض الحسينيات، ومنها حسينية الكاظمين في منطقة أبو دشير.
وكان لتصاعد حملة الاعتداءات من جانب قوات الجيش والشرطة التي تتكون غالبيتها من الميليشيات الشيعية التي عاشت في إيران، أو التي تدار من قبل إيران , على مدن السنة ومساجدهم وعلمائهم , لدرجة اعتقال علماء في وضح النهار، وإلقاء جثثهم على قارعة الطرق ليلا ، واقتحام مساجد السنة واعتقال أئمتها بصورة مستمرة.. دفع بالسنة لاتهام الشيعة في هذه الأجهزة الأمنية علنا بالوقوف وراء هذه الاعتداءات، والتحذير من فتنة طائفية ربما بهدف دفع قادة الشيعة للجم هؤلاء المتطرفين.
فلأول مرة منذ بداية الاعتداءات التي طالت قرابة 10 من كبار علماء المسلمين قتلوا , واعتقال آخرين وأهانتهم وتدنيس المساجد , شجع قوات الاحتلال الأمريكية على القيام بالمثل، فاتهمت القوى السنية الرئيسية بالعراق قوات "فيلق بدر" وجيش المهدي الشيعية بالوقوف وراء اغتيال أئمة مساجد السنة، وأعلنت إغلاق المساجد السنية ثلاثة أيام عقب صلاة الجمعة في (20-5-2005) وحتى يوم الثلاثاء (24-5-2005)؛ احتجاجا على انتهاك حرماتها وقتل عدد من أئمتها.
وجاءت الاتهامات من جانب القوى السنية الرئيسية بالعراق الممثلة في: "هيئة علماء المسلمين"، و"ديوان الوقف السني"، و"الحزب الإسلامي العراقي" خلال مؤتمر صحفي عقد يوم 18-5-2005 في مسجد أم القرى مقر هيئة علماء المسلمين سابقا في بغداد، حتى إن الشيخ حارث الضاري رئيس "هيئة علماء المسلمين" اتهم علنا "قوات بدر ومن يقف وراء قوات بدر" بالمسئولية، وقال: "إن السنة لن يسكتوا.. وليعلم العالم أننا متجهون نحو كارثة، وقد أعذر من أنذر"!!.
وقال بوضوح "إن هذه المجموعات والأحزاب مدعومة ومتسترة بستار رسمي من قوات الأمن المدعومة من قبل قوات الاحتلال ومن قبل قوى خارجية.. وهذه الأحزاب لا تعبر عن نبض الشارع العراقي بكل فئاته".
إن رسالة القيادات السنية بشأن اتهام قوات بدر وميليشيا مقتدى الشيعية علنا بقتل علماء سنة، وإغلاق مساجد السنة ثلاثة أيام احتجاجا.. كانت تبدو كرسالة واضحة للقيادات الشيعية، وعلى رأسها السيستاني، للتحرك لوقف هذه الهجمات على مساجد وعلماء السنة، وتعاوُن الطرفين لمنع اشتعال فتيل الفتنة الطائفية، ورد الفعل الشيعي الرسمي عليها سوف يحسم الكثير من الملفات أو يبرد أو يشعل الساحة.
وهي بدورها رسالة للعالم الخارجي كي تتحرك القوى الإقليمية العربية (السنية) لتحجيم التدخلات الخارجية (إيران) في شئون العراق، ورسالة تحذيرية لأمريكا والغرب.
ضرب السنة والفتنة الطائفية لصالح الاحتلال
في مقابلة أجريت عام 2006 مع احد القادة الأمريكيين , سأله الصحفي لماذا أصبح حال العراق هكذا , هل الأميركيون دخلوا العراق من غير خطط أو ترتيبات , فأجابه القائد لقد كانت هناك خطتان لما بعد احتلال العراق , أولهما خطة وزارة الخارجية الأمريكية والتي قادتها كونداليزا رايس والمتمثلة بنقل السلطة من القوات الأمريكية مباشرة إلى حكومة مؤقتة تستمر على الأقل سنتين , تستطيع من خلالها إدارة البلاد , وإجراء انتخابات عامة فيما بعد , وينظر للأمر من زاوية أن تعاظم قوة الشيعة في العراق معناه التقرب من إيران وتشكيل تحالف شيعي في المنطقة يتعارض مع المصالح الأمريكية.
والخطة الأخرى هي لوزارة الدفع الأمريكية والتي قادها دونالد رامسفيلد والتي اعتمدت على التغيير الشامل والكامل لكافة الملفات السياسية ولأمنية وحل الأجهزة الأمنية والجيش العراقي , وهذه الخطة شجعت مسألة التعامل مع الطائفية في عراق غير مستقر لتأمين المصالح الأمريكية بالمنطقة ككل، وهو بالتالي يعزز الطائفية والصراع بين السنة والشيعة.
وبرغبة من ديك تشيني , وما إدراك من هو ديك تشيني رجل الحرب الأول في العالم , لما له من شركات كبرى مرتبطة بمراحل ما بعد الاحتلال .
وبرغبة وبإصرار من تشيني على خطة رامسفيلد وافق بوش على اعتمادها , وهو ما حصل فعلا في العراق .
لقد اعتمد الجيش الأمريكي على مخططات الحرب الطائفية وضرب الشيعة بالسنة, أملا في أن يعطل ذلك هجمات المقاومة .
لقد ضربت قوات الاحتلال أهل السنة والمقاومة بالشيعة من اجل تفتيتهم , ومن ثم إمكانية السيطرة على الطرفين بكل سهولة , وشعارهم دائما كان فرق تسد .
ونجح المحتلون بخيار الحرب الطائفية , لكنهم خسروا الرهان على المقاومة العراقية البطلة لأنها لم تنتهي ولن تنتهي
إن كل ما حصل لأهل السنة على أيدي مجرمي حكومة الجعفري , سواء منهم الوزراء أو فرق الموت , لم تثنيهم عن الاستمرار في حياتهم ونهجهم ويبقى الأمل موصولا بالدعاء بان يحق الله سبحانه الحق ولو بعد حين ..
رأي الصحافة الغربية بالجعفري
بعض العراقيين وخصوصا الشيعة الذين يدينون بالولاء المطلق لإيران , كان يحدوهم أمل في أن تمثل الحكومة العراقية برئاسة إبراهيم الاشيقر ( الجعفري لاحقا ) بداية لمرحلة جديدة , يكون بناء العراق فيها أولى الأولويات , بالمطلقة والنسبية وبكافة القياسات الرياضية والنسب المئوية ..
نعم لبناء عراق جديد ومكافحة الفساد المستشري في البلاد ووضع حد للانهيار الذي تشهده البلاد سواء من الناحية الاقتصادية أو الأمنية ، غير أن بعض الصحف الأجنبية سارعت في اليوم التالي لاختيار الكتلة الشيعية لإبراهيم الجعفري رئيس الوزراء الانتقالي، لمنصب رئيس الحكومة الجديدة التي ستكون ولايتها كاملة من أربع سنوات، لتتنبأ بفشل هذا الرجل 'الضعيف' في إحداث أي تغيير مرجو في بلاد الرافدين.
صحيفة نيويورك تايمز كان لها افتتاحية هزت قرائها خصوصا في منطقة الشرق الأوسط , الأقرب جغرافيا وحتى في بعض الأحيان عقائديا . ففي افتتاحيتها بتاريخ 14/2/2005 أبرزت عنونها التالي 'الكتلة الشيعية في العراق – بانتخاب مرشحها إبراهيم الجعفري – لمنصب رئيس الوزراء لولاية ثانية، خانت آمال جميع هؤلاء الذين كانوا يريدون من أول حكومة عراقية منتخبة دستوريا، تدشين بداية جديدة لإعادة توحيد البلاد، وإعادة بناء الاقتصاد ووضع نهاية لضرب وتعذيب وقتل المدنيين من قبل عناصر الميلشيات الشيعية في القوات الأمنية الرسمية وخارجها.
الأبرز في افتتاحية الصحيفة ما اعتبرته أن دعم تيار الصدر كان 'حاسما' في فوز الجعفري بفارق صوت واحد على أكثر أعدائه الواعدين 'عادل المهدي'، الاقتصادي العلماني ونائب الرئيس العراقي , وهو ما أوضحه المتحدث باسم الصدر أن 'ثمن هذه الأصوات سيكون الدعم لبرنامج الصدر السياسي، الذي يتضمن التضامن مع حكومة إيران.
من جانبها قالت صحيفة الإندبندنت البريطانية تحت عنوان 'اختيار رئيس الوزراء الضعيف لقيادة الحكومة العراقية الجديدة' إن الجعفري أثبت ضعفه وعدم قدرته على الإمساك بمقاليد الحكم طوال الفترة التي شغل فيها منصب رئيس الوزراء, وذلك على الرغم من أنه كان في هذه الفترة لا يحظى بكم العداوة التي يواجّهها الآن من قبل العديد من الزعماء والقادة العراقيين.
ونقلت الصحيفة عن مراقبين تأكيدهم أنه طوال فترة حكم الجعفري السابقة لم يتحسن الوضع الأمني في العراق كما ازداد الوضع الاقتصادي سوءًا وفشلت العديد من مهام إعادة الأعمار.
وتحت عنوان 'اختيار العراق المتواضع' ، قالت صحيفة بوسطن جلوب الأمريكية أن هناك أسبابا تستدعي القلق من وراء اختيار الجعفري رئيسا للوزراء , وأوضحت أن من أهم إخفاقات الجعفري العجز عن تحسين الحالة الأمنية أو تحقيق تقدم على صعيد الخدمات الأساسية، إضافة إلى عدم التمكن من كبح المسئولين الشيعة في وزارة الداخلية عن اعتقال وتعذيب العرب السنة، تحت مزاعم انخراطهم في الإرهاب .
الخاتمة
إن الشعب العراقي والتاريخ لم ولن ينسوا ما فعله إبراهيم الاشيقر هو وجلازوته الذين يقف في مقدمتهم بيان صولاغ الأكثر تطرفا منه , ومن يقف معهم من قادة وأفراد المليشيات الشيعية , لن ينسوا ما فعلوه بأهل السنة , من تدمير وحرق لمساجدهم ومصاحفهم , وتعذيب وقتل لأبنائهم وعلمائهم وخطبائهم وأئمتهم وضباطهم وطياريهم , والقائمة تطول .
و سيأتي اليوم الذي سيقدم فيه المجرمون لينالوا جزائهم العادل , ويحاسبوا عن كل الجرائم لتي اقترفوها , حسبنا قول الله سبحانه ( فمهل الكافرين أمهلهم رويدا ).
________________________
المصدر: موسوعة الرشيد