آخر تحديث للموقع :

الأحد 11 رمضان 1444هـ الموافق:2 أبريل 2023م 12:04:34 بتوقيت مكة

جديد الموقع

المفوّضة ..
الكاتب : فيصل نور ..

     فرقة من غلاة الشيعة ظهرت زمن الإمام الصادق رحمه الله، ترى أن آل محمد موجودات فوق البشر، ذو علم مطلق يشمل علم الغيب، ولهم القدرة على التصرف في الكائنات، وتعتقد أن الله تعالى قد فوض إليهم أمور الكائنات من الخلق والرزق، وأعطاهم صلاحية التشريع، وبالتالي فإنهم بالناحية العملية يقومون بجميع الأعمال التي يفعلها الخالق.
     يقول المفيد : والمفوضة صنف من الغلاة ، وقولهم الذي فارقوا به من سواهم من الغلاة اعترافهم بحدوث الأئمة وخلقهم ونفي القدم عنهم وإضافة الخلق والرزق مع ذلك إليهم، ودعواهم أن الله سبحانه وتعالى تفرد بخلقهم خاصة ، وأنه فوض إليهم خلق العالم بما فيه وجميع الأفعال[1].
     ويقول المجلسي : وأما التفويض فيطلق على معان بعضها منفي عنهم عليهم السلام وبعضها مثبت لهم ، فالأول التفويض في الخلق والرزق والتربية والإماتة والاحياء ، فإن قوما قالوا : إن الله تعالى خلقهم وفوض إليهم أمر الخلق فهم يخلقون ويرزقون ويميتون ويحيون ، وهذا الكلام يحتمل وجهين :
     أحدهما أن يقال : إنهم يفعلون جميع ذلك بقدرتهم وإرادتهم وهم الفاعلون حقيقة ، وهذا كفر صريح دلت على استحالته الأدلة العقلية والنقلية ، ولا يستريب عاقل في كفر من قال به .
     وثانيهما : أن الله تعالى يفعل ذلك مقارنا لإرادتهم كشق القمر وإحياء الموتى وقلب العصا حية وغير ذلك من المعجزات ، فإن جميع ذلك إنما تحصل بقدرته تعالى مقارنا لإرادتهم لظهور صدقهم ، فلا يأبى العقل عن أن يكون الله تعالى خلقهم وأكملهم وألهمهم ما يصلح في نظام العالم ، ثم خلق كل شئ مقارنا لإرادتهم ومشيتهم .وهذا وإن كان العقل لا يعارضه كفاحا لكن الاخبار السالفة تمنع من القول به فيما عدا المعجزات ظاهرا بل صراحا ، مع أن القول به قول بما لا يعلم إذ لم يرد ذلك في الأخبار المعتبرة فيما نعلم[2].
 
     ومما جاء في ذمهم في كتب الشيعة:
     ما رواه شيخهم الصدوق عن أبي عبد الله عليه السلام أنه حكى لهما الاذان فقال : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، حي على خير العمل ، حي على خير العمل ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله ، والإقامة كذلك .ولا بأس أن يقال في صلاة الغداة على أثر حي على خير العمل " الصلاة خير من النوم " مرتين للتقية .وقال مصنف هذا الكتاب رحمه الله : هذا هو الاذان الصحيح لا يزاد فيه ولا ينقص منه ، والمفوضة لعنهم الله قد وضعوا أخبارا وزادوا في الاذان " محمد وآل محمد خير البرية " مرتين ، وفي بعض رواياتهم بعد أشهد أن محمدا رسول الله " أشهد أن عليا ولي الله " مرتين ، ومنهم من روى بدل ذلك " أشهد أن عليا أمير المؤمنين حقا " مرتين ولا شك في أن عليا ولي الله وأنه أمير المؤمنين حقا وأن محمدا وآله صلوات الله عليهم خير البرية ، ولكن ليس ذلك في أصل الاذان ، وإنما ذكرت ذلك ليعرف بهذه الزيادة المتهمون بالتفويض ، المدلسون أنفسهم في جملتنا[3].
     ولكن اليوم لا يخلو أذان شيعي في العالم من هذه الزيادة، فهو أصبح جل الشيعة مفوضة؟
     وعن زرارة أنه قال ، قلت للصادق عليه السلام : إن رجلا من ولد عبد الله بن سبأ يقول بالتفويض. قال عليه السلام : وما التفويض؟ قلت : يقول : إن الله عز وجل خلق محمدا صلى الله عليه وآله وسلم وعليا عليه السلام  ثم فوض الأمر إليهما ، فخلقا ، ورزقا ، وأحييا ، وأماتا .فقال : كذب عدو الله ، إذا رجعت إليه فاقرأ عليه الآية التي في سورة الرعد (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شئ وهو الواحد القهار). فانصرفت إلى رجل فأخبرته بما قال الصادق عليه السلام فكأنما ألقمته حجرا ، أو قال : فكأنما خرس[4] .
     وعن بريد عمير بن معاوية الشامي قال : دخلت على علي بن موسى الرضا بمرو فقلت له : يا بن رسول الله رروى لنا عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال : إنه لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين فما معناه ؟ قال : من زعم أن الله يفعل أفعالنا ثم يعذبنا عليها فقد قال بالجبر ومن زعم أن الله عز وجل فوض أمر الخلق والرزق إلى حججه عليهم السلام فقد قال بالتفويض والقائل بالجبر كافر والقائل بالتفويض مشرك[5].
 
     بل جعلوا في المسألة أبواباً في بعض مصنفاتهم كباب : نفى الغلو في النبي والأئمة صلوات الله عليه وعليهم ، وبيان معاني التفويض وما لا ينبغي أن ينسب إليهم منها وما ينبغي[6].    
     رغم هذا، تحوي كتب الشيعة على آلاف الروايات في الغلو. ولعل ذلك مصداق قول المامقاني إن القدماء  كانوا يعدون ما نعده اليوم من ضروريات مذهب الشيعة غلواً وارتفاعاً، وكانوا يرمون بذلك أوثق الرجال كما لا يخفى على من أحاط خبراً بكلماتهم. وقال في موضع آخر: إن ما يعتبر غلواً في الماضي أصبح اليوم من ضرورات المذهب[7]


[1] تصحيح اعتقادات الإمامية، للمفيد، 134

[2] بحار الأنوار، للمجلسي، 25/347

[3] من لا يحضره الفقيه، للصدوق، 1/290

[4] الإعتقادات في دين الإمامية، للصدوق، 100

[5] عيون أخبار الرضا ( ع ) - الشيخ الصدوق - ج 1 /114 ، بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 5 /12 ، 25 /329 ، مسند الإمام الرضا ( ع ) - الشيخ عزيز الله عطاردي - ج 1 /37

[6] بحار الأنوار، للمجلسي، 108/355

[7] تنقيح المقال، للمامقاني، 3/23 ، 240

عدد مرات القراءة:
4059
إرسال لصديق طباعة
 
اسمك :  
نص التعليق :