الكاتب : فيصل نور ..
النيابة العامة
النيابة العامة مقام عند الإمامية بمعنى استخلاف علماء الدين والمحدثين أوالفقهاء، إمامَهم المنتظر بعد غيبته التي امتنع فيها عن تنصيب نائب آخر له وذلك بوفاة الرابع والأخير من نوّابه الخاصين سنة 329 هـ، فانقطعت العلاقات المباشرة بين الناس والإمام فانتهى عصر الوكالة والنيابة الخاصة (أي المباشرة) عنه.
إن الروايات المنقولة حول عصر الغيبة عند الشيعة وفي ضمنها رواية مروية عن مهديهم المنتظر، تصرح بنيابة العلماء وبالتحديد رواة الحديث، حيث يوصي شيعته بالرجوع إليهم في أمورهم والحوادث الواقعة. وقَيدُ العام في النيابة العامة هو في مقابل الخاص، وبمعنى أنه بعد السفارة أو النيابة الخاصة للنواب الأربعة لن يكون لأحد أن ينوب عن الإمام بوجه خاص، بل أن المحدث والفقيه الجامع لشرائط معينة ومواصفات للنيابة العامة، هو من يأخذ أمر الإمام الحجة على عاتقه بوجه عام.
النيابة الخاصة والعامة :
لغة؛ عندما نقول نابَ عني فلان ينوب نوْباً ومناباً أَي قام مقامي؛ وناب عني في هذا الأمر نيابة إِذا قام مقامي. وناب الوكيل عني في كذا ينوب نيابةً فهو نائب.
إصطلاحاً؛ إن النيابة الخاصة في المقام هي استنابة الإمام شخصاً لإيصال أقواله وأوامره لأتباعه وأخذ الحقوق الشرعية كالخمس والزكاة. وبهذا المعنى ترادفها السفارة، كما وقد يكون إطلاق لفظ السفير على النواب الأربعة بهذا الإعتبار.
وأما النيابة العامة فهي استنابة كلُ من وجدت فيه صفات لمنصب القضاء والإفتاء ونحو ذلك، الإمامَ الغائب بالأخذ والاستنباط من كتاب الله والروايات المأثورة عن الأئمّة الإثني عشر وذلك بالأخذ الغير المباشر منه لوقوع الغيبة الكبرى.
الولاية والنيابة :
هناك من يفرّق بين الولاية والنيابة بمتعلقهما؛ إذ فيما يتعلق بالنيابة يرى المورد محدوداً ومقيّداً، أي إن النائب ينوب عن المنوب عنه في متعلق محدود معيّن، لكن فيما يتعلق بالولاية يعتبر المورد غير محدود وذا شؤون عديدة، وإذا اتّسعت الدائرة أكثر من ذلك فيقال: استخلف وقد جعل خليفة. ولو أن فريقاً من المفكرين اعتبر دائرة الولاية بأوسع ما يكون، ففسّرها بأنها عبارة عن الرئاسة على الناس في أمور دينهم ودنياهم ومعاشهم ومعادهم.
من هو النائب :
هناك أربعة أشخاص تقول الإمامية بإدراجهم ضمن النواب الخاصين للإمام طيلة الغيبة الصغرى، وكانت مدّة هذه الغيبة أربعاً وسبعين سنة، وهم :
-
أبو عمر عثمان بن سعيد العمري الذي كان باب للعسكريَين من قبل.
-
أبو جعفر محمد بن عثمان قام مقام أبيه بنصّ الإمام عليه.
-
أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي قام مقام أبي جعفر محمد بن عثمان بنصّه عليه.
-
أبو الحسن علي بن محمد السمري قام مقام ابن روح بنصّه عليه.
فإنما يطلق هذا العنوان - بالإضافة إلى هؤلاء الأربعة - على العلماء، على حد تعبيرهم ممن تفقهوا في الدين وتعلموا علومها واجتمعت فيهم شرائط معينة، كالعلم بالأحكام الشرعية من الكتاب والسُنّة وهي الروايات المعتبرة المأثورة عن الأئمة، والعدالة، والتقوى، وغيرها من الشروط والذي يعبّر عنه بالفقيه والمجتهد.
الأدلة الروائية للنيابة العامة :
أما الدليل الروائي للنيابة العامة هو أحاديث نقلتها المصادر الروائية من الأئمة حسب إعتقاد الشيعة.
في رواية منقولة عن الإمام الصادق صرّح : عندما لستم بحضورنا فراجعوا إلى رواة حديثنا لحل الخلافات الموجودة بينكم، والرواة هم الذين يعرفون حلالنا وحرامنا وأحكامنا بصورة عامة، وإذا راجعتم إلى أحد غيرهم ولو يحكم ذاك الشخص بحق، فليس هذا الحكم نافذاً.
وعن الإمام الصادق: "من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً" .
وعنه أيضاً: "من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً فإني قد جعلته عليكم حاكماً، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما استخف بحكم الله وعلينا ردَّ، والراد علينا كالراد على الله، وهو على حدّ الشرك بالله" .
حسب رواية درجت في نص إحدى التوقيعات عن الإمام المهدي عندهم، فيما يخصّ الحوادث الواقعة على المؤمنين، الرجوع إلى رواة أحاديث أهل البيت. إذ أكد الإمام : "بأنّهم (أي رواة الحديث) وحجج من جانبي عليكم وأنا حجة الله عليهم.
كذلك وردنا حديث من الإمام العاشر علي بن محمد النقي بأنه: "يدعوا فريق من العلماء بعد غيبة القائم، الناس إلى إمامته ويدافعون عن دينه بالحجج الربّانية ... فهم كالقباطين، يأخذون دِفّة السفينة .. "
وقول مهديهم: "فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلّدوه، وذلك لا يكون إلّا بعض فقهاء الشيعة لا كلّهم، فإن من ركب من القبائح والفواحش مراكب علماء العامة فلا تقبلوا منهم عنّا شيئاً، ولا كرامة".