آخر تحديث للموقع :

الجمعة 14 ربيع الأول 1445هـ الموافق:29 سبتمبر 2023م 09:09:39 بتوقيت مكة

جديد الموقع

الحُميراء ..
الكاتب : فيصل نور ..

 الحُميراء

     اسم يطلق على المرأة شديدة البياض وذلك لأن بياضها يختلط بحمرة خفيفة فى وجهها[1]. وقد أطلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذه التسمية على ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
     وقد ورد وصف عائشة بهذه الصفة في رواية النسائي من طريق أبي سلمة عن عائشة قالت: دخل الحبشة يلعبون فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم. فقلت: نعم. والحديث إسناده صحيح كما قال العراقي وابن حجر. والمراد بالتصغير هو التكريم والملاطفة كما قال أبو البقاء في كتاب الكليات.
     وأما حديث: خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء. فهو حديث موضوع كما قال الإمام الذهبي والمزي وابن كثير رحمهم الله جميعاً. وقال عنه السخاوي في المقاصد الحسنة: قال شيخنا -أي ابن حجر- في تخريج أحاديث ابن الحاجب من إملائه: لا أعرف له سنداً ولا رأيته في شيء من كتب الحديث إلا في النهاية لابن الأثير، وذكر الحافظ ابن كثير أنه سأل الحافظين المزي والذهبي عنه فلم يعرفاه.
     وليس مرادنا هنا الكلام في صحة كل الروايات التي جاءت فيها كلمة حميراء، انما المقصود هنا أن هذا اللقب إشتهرت به أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. وما جاء من طرق الشيعة فيما يتعلق به.
     الباقر عليه السلام : في قوله تعالى : (وَجَاء فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ [الحاقة : 9]) قال : يعني الثالث ، (ومن قبله) الأوليين (والمؤتفكات) أهل البصرة ، (بالخاطئة) الحميراء. وفي رواية عن أبي عبد الله عليه السلام : (وجاء فرعون) يعني الثالث (ومن قبله) يعني الأولين (بالخاطئة) يعني عائشة. قال شرف الدين في تفسيره تأويل الآيات : (وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة) في أقوالها وأفعالها ، وفي كل خطأ وقع فإنه منسوب إليها ، وكيف جاءا بها ، بمعنى أنهم وثبوها وسنوا لها الخلاف لمولاها ووزر ذلك عليهم وفعل من تابعها إلى يوم القيامة. وقوله : والمؤتفكات : أهل البصرة ، فقد جاء في كلام أمير المؤمنين عليه السلام لأهل البصرة يا أهل المؤتفكة ! ائتفكت بأهلها ثلاث مرات ، وعلى الله تمام الرابعة. ومعنى ائتفكت باهلها أي خسفت بهم. وقال المجلسي : فالمراد بمجئ الأولين والثالث بعائشة أنهم أسسوا لها بما فعلوا من الجور على أهل البيت عليه السلام أساسا به تيسر لها الخروج والاعتداء على أمير المؤمنين عليه السلام ، ولولا ما فعلوا لم تكن تجترئ على ما فعلت[2].
     وقال : أما لو قام قائمنا لقد ردت إليه الحميراء حتى يجلدها الحد وحتى ينتقم لابنة محمد فاطمة عليها السلام منها ، قيل : جعلت فداك ولم يجلدها الحد ؟ قال : لفريتها على أم إبراهيم ، قيل : فكيف آخره الله للقائم ؟ فقال : لان الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم رحمة وبعث القائم عليه السلام نقمة[3].
     وقال : يقول في قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [العنكبوت : 41]) قال : هي الحميراء. يقول شرف الدين النجفي معلقاً : إنما كني عنها بالعنكبوت لان العنكبوت حيوان ضعيف اتخذت بيتا ضعيفا أوهن البيوت وأضعفها لا يجدي نفعا ولا ينفي ضررا ، وكذلك الحميراء حيوان ضعيف لقلة حظها وعقلها ودينها ، اتخذت من رأيها الضعيف وعقلها السخيف - في مخالفتها وعداوتها لمولاها - بيتا مثل بيت العنكبوت في الوهن والضعف لا يجدي لها نفعا ، بل يجلب عليها ضررا في الدنيا والآخرة لأنها بنته (عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ [التوبة : 109]) بها في نار جهنم هي ومن أسس لها بنيانه وشد لها أركانه وعصى في ذلك ربه وأطاع شيطانه واستغوى لها جنوده وأعوانه ، فأوردهم حميم السعير ونيرانه ، وذلك جزاء الظالمين والحمد لله رب العالمين[4].
     الصادق عليه السلام : وقد دخل عليه يعقوب السراج وهو واقف على رأس أبي الحسن موسى وهو في المهد ، فجعل يساره طويلا ، فجلست حتى فرغ ، فقمت إليه فقال لي : ادن من مولاك فسلم ، فدنوت فسلمت عليه فرد علي السلام بلسان فصيح ، ثم قال لي. اذهب فغير أسم ابنتك التي سميتها أمس ، فإنه اسم يبغضه الله ، وكان ولدت لي ابنة سميتها بالحميراء ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : انته إلى أمره ترشد ، فغيرت اسمها[5].
     محمد باقر المجلسي (ت : 1111 هـ) : أن ما ذكره سبحانه في القرآن الكريم من القصص إنما هو لزجر هذه الأمة عن أشباه أعمالهم وتحذيرهم عن أمثال ما نزل بهم من العقوبات ، ولم يقع في الأمم السابقة شئ إلا وقد وقع نظيره في هذه الأمة ، كقصة هارون مع العجل والسامري ، وما وقع على أمير المؤمنين عليه السلام من أبي بكر وعمر ، وكقارون وعثمان ، وصفورا والحميراء[6].
     ياسر الحبيب (معاصر) : أن لفظة (الحميراء) هي أصلاً لفظة تحقير صدرت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة لعنها الله ومعناها : المِحياض التي لا تتحفظ عن النجاسة فتصطبغ ساقاها بحُمرة. فقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يقول لها : يا حميراء الساقين" وجاء في آثار اللغة : "شر النساء الحميراء المحياض[7].


[1] لسان العرب، لإبن منظور، 4/ 211

[2] بحار الأنوار ، للمجلسي ، 30/ 260 ، 31/ 639 ، 32/ 227 ، تأويل الآيات ، لشرف الدين الحسيني ، 2/ 714 ، مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار ، للعاملي ، 74 ، البرهان ، لهاشم البحراني ، 4/ 375

[3] المحاسن ، لأحمد بن محمد بن خالد البرقي ، 2/ 339 ، علل الشرائع ، للصدوق ، 2/ 580

[4] تأويل الآيات ، لشرف الدين الحسيني ، 1/ 430 ، أنظر أيضاً ، الجمل ، لضامن بن شدقم المدني ، 46 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 31/ 639 ، 32/ 286 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي الشاهرودي ، 7/ 458 ، 10/ 468

[5] الكافي ، للكليني ، 1/ 310 ، الإرشاد ، للمفيد ، 2/ 219 ، مناقب آل أبي طالب ، لابن شهر آشوب ، 3/ 407

[6] المصدر السابق ، 24/ 236

[7] موقع القطرة

عدد مرات القراءة:
2766
إرسال لصديق طباعة
 
اسمك :  
نص التعليق :