آخر تحديث للموقع :

الأربعاء 12 ربيع الأول 1445هـ الموافق:27 سبتمبر 2023م 06:09:26 بتوقيت مكة

جديد الموقع

نَّعْثَل ..
الكاتب : فيصل نور ..

نَّعْثَل

     قال الزبيدي: [ نعثل ] النَّعْثَل، كجَعْفَر الذِّيْخُ، وهو الذَّكَرُ من الضِّباعِ. وقال اللّيْث: النَّعْثَلُ: الشّيْخ الأحْمق. ونَعْثَلٌ: يَهُوديّ كان بالمَدينة، قيل: به شبه عثمان،رضي الله تعالى عنه، كما في التَّبْصِير. وقيل: نَعْثَلٌ رجل لِحيانيّ، أي: طويل اللِّحية من أهل مصر، كان يُشَبَّه به عثمان رضي الله تعالى عنه، إذا نيْل منه، لطول لِحيته، ولم يكوُوا يجدون فيه عَيْبًا غير هذا ؛ هذا قول أبي عُبَيْد. وفي حديث عائشة: " اقْتُلُوا نَعْثَلاً، قَتَلَ اللهُ نَعْثَلاً " يعني عثْمان، وكانَ هذا منها لما غاضبته وذهبَتْ إلى مكّة[1].
     وقال الفيروز آبادي: النعثل كجعفر: الذكر من الضباع والشيخ الأحمق ويهودي كان بالمدينة ورجل لحياني كان يشبه به عثمان رضي الله تعالى عنه إذا نيل منه[2].
     وقال ابن منظور: نعثل: النَّعْثَلُ: الشيخُ الأَحمقُ[3].
     وقال الطريحي: ( نعثل ) نعثل اسم رجل كان طويل اللحية. قال الجوهري: وكان عثمان إذا نيل منه وعيب شبه بذلك[4].
     أقول: أما ما نسب إلى عائشة رضي الله عنها كما ذكر الزبيدي، فلا يصح. فقد جاءت الرواية من طريق سيف بن عمر وهو ضعيف ومتروك الحديث ويروي الموضوعات ويضع الحديث وليس بشيء وحديثه منكر، وهذه مجمل أقوال علماء الرجال فيه كما هو مفصل في مظانه.
     وكذلك نصر بن مزاحم، حيث قالوا فيه أنه كان يذهب إلى التشيع وفي حديثه اضطراب وخطأ كثير، وهو رافضي جلد، تركوه، وكان كذاباً واهي الحديث، زائفاً عن الحق مائلاً، وكان يروي عن الضعفاء أحاديث مناكير، وغال في مذهبه.
     خلاصة القول أن تسمية عثمان بنعثل لم يُعرف إلا من السنة قتلته رضي الله عنه، كما في الطبري رحمه الله وغيره، ثم إنتشرت بين الثوار الذين خرجوا عليه. كل هذا وعائشة رضي الله عنها كانت تؤدي مناسك الحج، المر الذي يبرئها من هذه التهمة.
     أما عند الرافضة، فإطلاق هذه التسمية وإستخدامها منتشر بشكل كبير في مصنفاتهم، وهذه بعض رواياتهم المكذوبة وأقوالهم:
     نسبوا إلى علي رضي الله عنه أنه قال: إن في التابوت الأسفل ستة من الأولين وستة من الآخرين، فأما الستة من الأولين فابن آدم قاتل أخيه وفرعون الفراعنة والسامري والدجال كتابه في الأولين ويخرج في الآخرين، وهامان وقارون، والستة من الآخرين فنعثل ومعاوية وعمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري، ونسي المحدث اثنين. قال المجلسي: بيان: نعثل: كناية عن عثمان، والمنسيان الأعرابيان الأولان[5].
     الباقر عليه السلام: يا با حمزة إنما يعبد الله من عرف الله فاما من لا يعرف الله كأنما يعبد غيره هكذا ضالا قلت: أصلحك الله وما معرفة الله؟ قال: يصدق الله ويصدق محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في موالاة على والايتمام به، وبأئمة الهدى من بعده والبراءة إلى الله من عدوهم، وكذلك عرفان الله، قال: قلت: أصلحك الله أي شئ إذا عملته انا استكملت حقيقة الايمان؟ قال: توالي أولياء الله، وتعادى أعداء الله، وتكون مع الصادقين كما أمرك الله، قال: قلت: ومن أولياء الله ومن أعداء الله؟ فقال: أولياء الله محمد رسول الله وعلى والحسن والحسين وعلي بن الحسين، ثم انتهى الامر الينا ثم ابني جعفر، وأومأ إلى جعفر وهو جالس فمن والى هؤلاء فقد والى الله وكان مع الصادقين كما أمره الله، قلت: ومن أعداء الله أصلحك الله؟ قال: الأوثان الأربعة، قال: قلت من هم؟ قال: أبو الفصيل ورمع ونعثل ومعاوية ومن دان بدينهم[6].
     الباقر عليه السلام عن هذه الآية فقال: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) بنو أمية (أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء) والظمآن نعثل، فينطلق بهم فيقول: أوردكم الماء (حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ [النور: 39])[7].
     الصادق عليه السلام: في قوله تعالى: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ) فلان وفلان (فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ) يعنى نعثل (مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ) طلحة وزبير (ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ) معاوية ويزيد لعنهم الله وفتن بنى أمية[8].
     الصادق عليه السلام: في قوله تعالى: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ) فلان وفلان (فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ) يعنى نعثل (مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ)[9].
     سليم بن قيس (ت: 76هـ): قال أبو ذر: رحمة الله عليه: أنا أحدثكم بحديث قد سمعتموه أو من سمعه منكم قال: ألستم تشهدون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: شر الأولين والآخرين اثنا عشر ستة من الأولين وستة من الآخرين ثم سمى الستة من الأولين... وأما الستة من الآخرين: فالعجل وهو نعثل، وفرعون وهو معاوية، وهامان هذه الأمة زياد، وقارونها وهو سعد، والسامري وهو أبو موسى عبد الله بن قيس لأنه قال كما قال سامري قوم موسى: " لا مساس " أي لا قتال، والأبتر وهو عمرو بن العاص. قال المجلسي: لعل هذه التفسيرات من الرواة تقية وإلا فانطباق العجل على أبي بكر وفرعون على عمر وقارون على عثمان كما هو المصرح به في أخبار أخر[10].
     الصدوق (ت: 381هـ): واعتقادنا في البراءة أنها واجبة من الأوثان الأربعة ومن الأنداد الأربعة ومن جميع أشياعهم وأتباعهم، وأنهم شر خلق الله. وجاء في تفسير الأوثان الأربعة أنهم أبو الفصيل ورمع ونعثل ومعاوية. قال المجلسي: أبو الفصيل أبو بكر لان الفصيل والبكر متقاربان في المعنى، ورمع مقلوب عمر، ونعثل هو عثمان[11].
     المفيد (ت: 413هـ): لما اشتد بعثمان الحصار عمل بنو أمية على إخراجه ليلا إلى مكة وعرف الناس ذلك فجعلوا عليه حرسا، وكان على الحرس طلحة بن عبيد الله وهو أول من رمى بسهم في دار عثمان، قال: واطلع عثمان وقد اشتد به الحصار وظمي من العطش فنادى الناس ! أسقونا شربة من الماء وأطعمونا مما رزقكم الله، فناداه الزبير بن العوام يا نعثل ! لا والله، لا تذوقه[12].
     العاملي البياضي (ت: 877هـ): فكن من عتيق ومن غندر * أبيا بريئا ومن نعثل ** كلاب الجحيم خنازيرها * أعادي بني أحمد المرسل[13].
     أبو الحسن العاملي (ت: 1138هـ): قوله تعالى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى [النجم: 20]. أي نعثل - عثمان - ثالث الثلاثة[14].
     نجاح الطائي (معاصر): انتشرت الأحاديث والقصص في تفضيل الصحابة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأمثال هذه الأحاديث وضعت بعد زمن عمر، تمجيدا له وانتقاصا من النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ولقد أعطيت عائشة أم المؤمنين في زمن أبي بكر وعمر منصب المفتي والمرجع الديني فكانت تدعم الدولة بفتاواها. ولسوء رأيها في عثمان أقدمت على إصدار فتوى بإهدار دمه قائلة: اقتلوا نعثلا فقد كفر. وفعلا قال الرجل الأسود الذي ذبح عثمان: أنا قتلت نعثلا[15]. وقال: لقد وصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم عثمان بنعثل اليهودي لشدته وغلظته وعدم طاعته له[16]. وقال: بقي عثمان محباً لليهود. وكان معظم الصحابة في زمن عثمان يسمونه بنعثل اليهودي طبقاً لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه[17]. وقال: وبسبب مواقف عمر السلبية من عبد الرحمن بن أبي بكر، والصراع الدامي بين عثمان وعائشة، وفتواها بقتله: اقتلوا نعثلا فقد كفر فقد وقف عبد الرحمن وأخوه محمد بن أبي بكر في صفوف علي بن أبي طالب (عليه السلام) في معركة صفين[18].
     وغيرها.


[1] تاج العروس، للزبيدي، 15/ 745

[2] القاموس المحيط، للفيروز آبادي، 4/ 59

[3] لسان العرب، لابن منظور، 11/ 669

[4] مجمع البحرين، لفخر الدين الطريحي، 5/ 484

[5] الخصال، للصدوق، 485، بحار الأنوار، للمجلسي، 30/ 409، تعليقة على منهج المقال، للوحيد البهبهاني، 111، مرآة الأنوار، لأبي الحسن العاملي، 263

[6] تفسير العياشي، للعياشي، 2/ 116، بحار الأنوار، للمجلسي، 27/ 57

([7]) بحار الأنوار، للمجلسي، 23/ 324، تأويل الآيات، لشرف الدين الحسيني، 1/ 363

[8] تفسير القمي، للقمي، 2/ 106، بحار الأنوار، للمجلسي، 23/ 324، تفسير نور الثقلين، للحويزي، 3/ 612،

[9] تفسير القمي، للقمي، 2/ 106، بحار الأنوار، للمجلسي، 23/ 324

[10] كتاب سليم بن قيس، تحقيق محمد باقر الأنصاري 161، الخصال، للصدوق، 458، الاحتجاج، للطبرسي، 1/ 112، بحار الأنوار، للمجلسي، 30/ 207، 405، 37/ 342، مرآة الأنوار، لأبي الحسن العاملي، 280 (قال: يستفاد من بعض الأخبار أن نعثلاً - أي عثمان - كان بمنزلة قارون)

[11] الهداية، للصدوق، 45، الاعتقادات في دين الإمامية، للصدوق، 105، بحار الأنوار، للمجلسي، 8/ 366

[12] الجمل، للمفيد، 75

[13] الصراط المستقيم، لعلي بن يونس العاملي، 3/ 40

[14] مرآة الأنوار، للعاملي، 110

[15] نظريات الخليفتين، لنجاح الطائي، 2/ 316، يهود بثوب الإسلام، 75، لماذا لم يصل علي على الملوك الثلاث؟، لنجاح الطائي، 104

[16] المصدر السابق، 104

[17] المصدر السابق، 87

[18] نظريات الخليفتين، لنجاح الطائي، 2/ 113، إغتيال أبي بكر، لنجاح الطائي، 19

عدد مرات القراءة:
2869
إرسال لصديق طباعة
 
اسمك :  
نص التعليق :