آخر تحديث للموقع :

الأربعاء 12 ربيع الأول 1445هـ الموافق:27 سبتمبر 2023م 06:09:26 بتوقيت مكة

جديد الموقع

الأنزع البطين ..
الكاتب : فيصل نور ..

الأنزع البطين

     من أوصاف علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وفي هذا يقول الشاعر الشيعي طلائع بن رزيك، الملقب بالملك الصالح:
متجنبا لولائه إلا دعي *** ما حاد عن حب البطين النزع ...
الدنيا أشرت إلى البطين الانزع *** لو قيل بعد المصطفى من صفوة
     وكلمة الأنزع لغةً يُوصف بها من انحسر الشعر عن جانبي جبهته، أي لم يكن على جانبي جبهته شعر. والبطين ُتطلق على أكثر من معنى، منها وصف للرجل العريض البطن وأن لم يكن منتفخ البطن.
     وكان رضي الله عنه أنزع الشعر وبطينًا. وجاء في بعض تأويلات الشيعة بأن معنى الأنزع البطين هو أنه رضي الله عنه منزوع من الشرك بطين من العلم. ووضعوا في ذلك رواية نسبوها إلى الرضا رحمه الله أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي إن الله قد غفر لك ولأهلك ولشيعتك ومحبي شيعتك ومحبي محبي شيعتك فأبشر فإنك الأنزع البطين منزوع من الشرك ، بطين من العلم[1].
     وهو قول لا يستقيم، فلا يعرف أن للبطن علاقة بالعلم، إنما هو العقل والقلب، قال تعالى: فكتاب الله  َمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ ..الآية [الأنعام : 25]. وقوله تعالى : أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد : 24]. وغيرها كثير.
     وكذلك لا يقبل الشيعة أن يكون علي رضي الله عنه أصلا مشركاً حتى ينزع الشرك منه. ولعل واضع هذه الرواية رأى في هذه الأوصاف مذمه فأراد صرفها عن ظاهرها. رغم أن هذه الصفات ليس فيها ما يعيب، فقد أورد الشيعة في كتبهم عن الصادق رحمه الله أنه قال : تبع قوم أمير المؤمنين عليه السلام فالتفت إليهم فقال : من أنتم ؟ قالوا : شيعتك يا أمير المؤمنين ، قال : ما لي لا أرى عليكم سيماء الشيعة ؟ فقالوا : وما سيماء الشيعة ؟ قال : خمص البطون[2].
     فالإمام علي رضي الله عنه بطين، ولكن ليس بالمعنى المذموم أي منتفخ البطن من كثرة الأكل، إنما عظيم البطن أي عريض. يقول ابن منظور وابن الأثير : وفي صفة علي، عليه السلام: البَطِينُ الأَنْزَعُ أَي العظيم البطن[3].
     أما الأنزع فليس فيه ما يعيب ، بل هو مدح. قال ابن منظور في مادة « نزع » : في صفة علي عليه السلام : البطين الأنزع . والعرب تحب النزع ، وتتيمن بالأنزع ، وتذم الغمم ( والغمم : أن يسيل الشعر ، حتى يضيق الوجه والقفا ) وتتشاءم بالأغم . وتزعم : أن الأغم القفا والجبين لا يكون إلا لئيماً[4].
     وكذلك لو كان ذماً لما ذكره البعض في مواطن العزة والفخار، من ذلك قول عمر بن سعد يوم كربلاء كما يروي الشيعة : الويل لكم أتدرون من تقاتلون ؟ هذا ابن الأنزع البطين ، هذا ابن قتال العرب[5].


[1]  عيون أخبار الرضا ( ع ) - الشيخ الصدوق - ج 2 /52 : الأمالي - الشيخ الطوسي 293  ، بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 27 /79 ، بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 35 /52 ، بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 40 /78 ، بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 65 /101

[2]  أنظر : نهج البلاغة - خطب الإمام علي ( ع ) - ج 1 /235 ، الكافي - الشيخ الكليني - ج 2 /233 ، صفات الشيعة - الشيخ الصدوق 10 ، 29 ، الإرشاد - الشيخ المفيد - ج 1 /237 ، الأمالي - الشيخ الطوسي 216 ، بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 27 /144 ، 41 /4 ، 64 /248 ، 65 /151

[3]  النهاية في غريب الحديث والأثر - مجد الدين ابن الأثير - ج 1 /137 ، لسان العرب - ابن منظور - ج 13 /53

[4]  لسان العرب - ابن منظور - ج 8 /352 ، تاج العروس - الزبيدي - ج 11 /475

[5]  مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج 3 /258 ، بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 45 /50 ، العوالم ، الإمام الحسين ( ع ) - الشيخ عبد الله البحراني 293 ، موسوعة كلمات الإمام الحسين ( ع ) - لجنة الحديث في معهد باقر العلوم ( ع ) 607

عدد مرات القراءة:
3179
إرسال لصديق طباعة
 
اسمك :  
نص التعليق :